يقول الرسول صلى الله عليه واله وسلم (فاطمة بضعةٌ مِنّي من أغضبها فقد أغضبني، ومن آذاها فقد آذاني)
«بضعةٌ منّي»،
فما معنى أن يكون إنسان ما قطعةً من رسول الله (ص)؟ معناه أنه يرتبط برسول الله ارتباطاً عضويّاً كما لو كان جزءاً حيّاً في جسده، وعندما يكون شخص قطعةً من رسول الله، فإنّ عقله يختزن بعضاً من عقل رسول الله، وإنّ روحه تختزن بعضاً من روح الله (ص)، وإنّ حياته تختزن الطهر والنقاء والصفاء والروحانيّة والصدق والأمانة من كل حياة رسول الله (ص)، وعندما يقول رسول الله (ص): «من أغضبها فقد أغضبني، ومن آذاها فقد آذاني»، فإنّ أصحاب الرسالات لا ينفعلون عاطفياً عندما يُغضِب الناس أولادهم بالحق، فإذا كنت أباً صالحاً وأغضب الناس ولدك لأنه أساء ولأنه أذنب، فهل يجوز لك بأن تتحدث عن أن من يُغضب ولدك يُغضبك؟ لا يمكن ذلك.
إذاً فمعنى ذلك أن فاطمة (ع) هي المرأة التي لا يمكن أن تسيء إلى أحد، ولا يمكن أن تسيء في قول أو في عمل، حتى يكون للناس الحق في إيذائها، وحتى يكون للناس الحق في إغضابها، بل هي الإنسانة التي لا يملك أحد أن يُغضبها من خلال ما تثيره من غضب على أساس الانحراف _ تقدَّست عن ذلك _، ومعنى ذلك أنّ فاطمة (ع) هي الإنسانة التي لا تسيء، والإنسانة التي لا تذنب ولا تنحرف، ولذلك فمن أغضبها فإنه يُغِضب الحقّ ويُغضِب الخطّ المستقيم.
هكذا نفهم كلام رسول الله (ص): «من أغضبها فقد أغضبني، ومن آذاها فقد آذاني»، وهي لا تتأذّى إلاّ عندما يُعصى الله، ولا تتأذى إلاّ عندما ينحرف الناس عن طريق الله، ولذلك يتأذّى رسول الله بأذاها، وإلاّ كيف يمكن أن يتأذّى رسول الله بأذاها إذا كان أذاها ليس مبرّراً من جانب الحق أو من جانب الرسالة؟!