الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» أقوال الحكماء والفلاسفة
كتاب الفرقه الناجيه Emptyاليوم في 10:01 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال وحكم رائعة
كتاب الفرقه الناجيه Emptyاليوم في 9:55 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أحاديث / شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا) شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا)
كتاب الفرقه الناجيه Emptyاليوم في 9:50 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أحاديث عن التواضع
كتاب الفرقه الناجيه Emptyاليوم في 9:48 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» حكم عن البساطة
كتاب الفرقه الناجيه Emptyاليوم في 9:45 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أقوال في التواضع
كتاب الفرقه الناجيه Emptyاليوم في 9:42 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» أجمل ما قيل عن التواضع
كتاب الفرقه الناجيه Emptyاليوم في 9:40 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» تعبير عن التواضع
كتاب الفرقه الناجيه Emptyأمس في 2:32 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  آيات قرآنية عن التواضع
كتاب الفرقه الناجيه Emptyأمس في 2:30 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     كتاب الفرقه الناجيه

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:16 pm

    هذه السلسلة
    ليس من المبالغة في شيء إذا قلنا بأن الحضارة الإسلامية كانت من أهم الحضارات التي اهتمت بالنشاط الفكري والعلمي ، وساهمت بفاعلية في تقدم البشرية وتطورها الروحي والفكري. نجد مصداق ذلك في هذا التراث الفكري الضخم ، المتوزع في أغلب مناطق العالم الاسلامي ، حيث تنتشر المكتبات الخاصة والعامة. محتفظة بكم هائل من المخطوطات التي استطاعت أن تقاوم الزمن والتحديات الطبيعية والإنسانية.
    فرغم الحروب السياسية والطائفية التي أتت على قسم كبير من هذا التراث المكتوب في الماضي ، والانتباه المبكر للاستعمار الغربي للقيمة المعرفية والعلمية التي يتضمنها هذا التراث المخطوط ، ومن ثم الشروع في عملية نهب واسعة النطاق ، اسفرت عن نقل وتجميع آلاف المخطوطات الاسلامية ، ونقلها الى مراكز البحث في الغرب ، لتتم الاستفادة منها. وفعلا قد تمت الاستفادة من هذا المخزون المعرفي في جميع المجالات ، سواء اعترف الغرب بذلك أم لم يعترف. لكن تحقيق بعض المخطوطات العلمية ، المهمة وطباعتها لم يترك مجالا للشك بأن الاستفادة قد تمت بشكل واضح وكبير. ليس فقط على مستوى الحقائق العلمية ، ولكن على مستوى النظريات والآراء والمذاهب الفلسفية كذلك.
    وحركة النهب الاستعماري لتراث الأمة الاسلامية لا تحتاج الى مزيد من الادلة ، لأنه يندر ألا يوجد داخل أية مكتبة مهمة في الحواضر الغربية قسم للمخطوطات العربية والاسلامية.

    ففي المكتبة الأهلية بباريس توجد (6853) مخطوطة اسلامية حسب فهرس جورج وجده ، الذي وضعه للمخطوطات الاسلامية العربية سنة 1956 م ، نفس الكلام يمكن أن يقال عن مكتبات ومراكز البحث في ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وايطاليا واسبانيا.
    وهذه المخطوطات التي أصبحت من ممتلكات الحضارة الغربية المعاصرة تشمل جميع المجالات العلمية والثقافية واللغوية والأدبية والفكرية العامة ، وتنتمي من حيث المصدر الجغرافي والمذهبي للعالم الإسلامي بكل فرقه الدينية والسياسية ، وتياراته الفكرية والمعرفية. اما مساحة الزمن التي تحيط بها هذه المخطوطات فتبتدئ من ظهور الاسلام والى بدايات الطباعة العصرية الحديثة.
    ان حجم التراث الإسلامي المخطوط ، والذي اصبح بحوزة الغرب ليس قليلا ، لكن البعض يجد العزاء في اهتمام الدارسين والمستشرقين بهذا التراث ، وعدم اهماله وتضييعه. بل تمت معالجة عدد لا بأس به من المخطوطات بالتحقيق والإخراج والطباعة. وعولج القسم الآخر بتقنيات المحافظة المتقدمة ، والتي انتشلته من يد الاندثار والضياع المحتوم.
    وإذا أضفنا الكمّ الهائل من المخطوطات التي هي بحوزة المكتبات الوطنية الى ما تحتويه مكتبات الغرب ، فإن الكم والحجم سيكون ضخما جدا ، قد يصل الى أربعة ملايين مخطوط ، على أن هذا الرقم ليس جردا دقيقا أو شاملا ، وانما «هو هذا المعروف» كما يقول الدكتور عبد الحميد الرفاعي خبير المخطوطات والمصورات في دار الكتب الوطنية (ابو ظبي).
    وهذه الاشارة من الدكتور الرفاعي لها أهميتها البالغة ، وذلك لأن المؤسسات الثقافية الوطنية التي اتخذت على عاتقها جمع التراث الإسلامي المخطوط والاهتمام به ، لم تكن لديها الخطة الشاملة المتكاملة لجمع التراث الإسلامي والاحاطة بكل اتجاهاته وتياراته المعرفية والدينية ، وانما كان الاهتمام منصبا على المعروف ، مثل مكتبات بعض العلماء المشهورين الذين سلمت مكتباتهم بعد وفاتهم. أو محتويات

    بعض المكتبات القديمة المتواجدة في المساجد أو الزوايا وبعض دور العبادة الخاصة. وهذا التراث المخطوط يكاد يستوعب مجمل التراث الفكري والديني لمذاهب أهل السنة والجماعة بالخصوص ، على اعتبار التواؤم السياسي المستمر منذ قرون خلت بين أصحاب هذه المذاهب وبين السلطات المتعاقبة على الحكم في العالم الإسلامي بشكل عام. لذلك يمكن الحديث عن تراث منسي لم يلتفت إليه الا نزرا ، أو بالصدفة دون قصد أو تخطيط. هذا التراث هو الانتاج الفكري العام لباقي الفرق الاسلامية ، وعلى رأسها فرقة الشيعة الامامية الاثني عشرية.
    طبعا ظهرت عدة محاولات قام بها مستشرقون وكذلك باحثون مختصون ينتمون لهذه الفرق للاهتمام بتراثهم الفكري والديني المخطوط ، ومحاولة البحث عنه واخراجه الى النور. لكن هذه المحاولات ظلت محدودة مقارنة بالحجم والكم الهائل الذي ما زال ينتظر دوره ، خصوصا تراث الشيعة الإمامية. لأن نتاج هذه الفرقة الاسلامية جاء متميزا من حيث الكم والمضمون.
    على أن الحصار الذي كان مضروبا على المجتمعات الشيعية الصغيرة ساهم في الحيلولة دون التعرف على هذا التراث أو الاهتمام به ، خصوصا في المناطق ذات النفوذ السياسي السني.
    في هذا الإطار يأتي الكلام حول التراث الفكري الامامي المخطوط في الجزيرة العربية ، وبالخصوص داخل المنطقة الشرقية ، حيث يتمركز المجتمع الشيعي الإمامي منذ قرون والحديث عن مخطوطات الامامية في المنطقة الشرقية حديث ذو شجون ، وذلك للاهمال الكبير الذي تعرضت له هذه المنطقة التي اعتبرت في الماضي منطقة حيوية جدا ، ليس فقط كتقاطع طرقي تجاري ، ولكن كمركز تلاق حضاري استقطب الكثير من النشاطات الفكرية والعلمية ، كان لعلماء الامامية النصيب الاكبر فيها. لكن المنطقة تعرضت للإهمال والاقصاء بسبب بعض الصراعات التي افرزتها مراحل معينة من التاريخ نجم عنها اضطهاد فكري ديني عز نظيره في تاريخ الإسلام. لذا لم يتسن لاصحابه المحافظة عليه الى حد ما.

    لذلك لم تعرف المنطقة ظهور مؤسسة رسمية مثلا تهتم بجمع التراث الشيعي ، ضمن الاساليب العلمية والمكتبية المتعارف عليه في باقي الدول. وانما غاية ما استطاع المجتمع الامامي فعله هو قيام بعض الأفراد والأسر بمجهودات شخصية محدودة ، كان الغرض منها التخفيف من حجم هذا الاهمال ، الذي بدأ ينذر بالكارثة.
    فعلى سبيل المثال قامت (دار المكارم لاحياء التراث) وهي دار متخصصة بإحياء تراث أسرة أبي المكارم ، إحدى أبرز الأسر العلمية في منطقة القطيف ، بتجميع وتحقيق عدد لا بأس به من مخطوطات علماء هذه الأسرة. وقد صدر مؤخرا كتاب «ارصاد الأدلة في معرفة الوقت والقبلة» للشيخ جعفر أبو المكارم (1281 ـ 1344 ه‍) تحقيق عبد الأمير المؤمن ، ومراجعة محمد أمين أبو المكارم.
    أما (مؤسسة أم القرى لإحياء التراث) والتي أخذت على عاتقها إحياء تراث الشيعة في الجزيرة العربية ، فقد قامت بتحقيق جملة من المخطوطات وطباعتها. إلا أن جهود هذه المؤسسة تجاوزت المنطقة ، وذلك عند ما اهتمت بالتراث الشيعي بشكل عام. وهذا العمل وإن كان مفيدا لكنه قلص الجهود التي من الواجب تخصيصها لتراث الشيعة داخل الجزيرة العربية. ومن الكتب التي قامت هذه المؤسسة بتحقيقها : «زاد المسافرين في أصول الدين» و «كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال» ، للشيخ محمد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي المتوفى أوائل القرن العاشر ، وحققهما أحمد الكناني ، وطبعا في ايران سنة 1414 ه‍. و «قصيدة خير الوصية» في الوعظ والارشاد والنصيحة ، للشيخ محمد بن عبد الله بن رمضان الأحسائي المتوفى سنة 1240 ه‍ ، تحقيق السيد هاشم بن السيد محمد الشخص.
    يمكن الكلام كذلك عن مؤسسة (الهداية للطباعة والنشر) التي تقوم حاليا بتحقيق كتاب «هدى العقول في شرح أحاديث الاصول ـ خمسة عشر مجلدا مخطوطا) للشيخ محمد بن عبد علي آل عبد الجبار القطيفي المتوفّى حدود سنة 1260 ه‍ ، ويعد هذا الكتاب من أفضل الشروح وأكبرها على «أصول الكافي». وقد تهيأ للطبع وبلغ عدد أجزائه عشرين جزءا تقريبا.

    كما قامت [دار المصطفى (ص) لإحياء التراث (قم ـ ايران)] بتحقيق عدة مخطوطات من بينها : الصحيفة الصادقية ، للشيخ أحمد آل طعان (طبع في قم سنة 1419 ه‍) ، وشرح تردّدات المختصر النافع ، للشيخ علي بن الشيخ ابراهيم القطيفي (طبع في قم سنة 1419 ه‍) ، وغيرها من المخطوطات.
    الى جانب هذه الجهود المؤسساتية هناك جهود فردية ، نذكر على سبيل المثال ما قام به الشيخ عبد الله الخنيزي من جهد لتحقيق تراث اسرته العلمي خصوصا كتب ومخطوطات والده الإمام أبي الحسن الخنيزي.
    فقد قام بالتحقيق والتعليق على كتاب «تراث لب الألباب في إبطال شبه أهل الكتاب» للحجة المقدس الشيخ علي آل عبد الجبار (1200 ـ 1287 ه‍) وقد طبع في بيروت سنة 1408 م.
    كما حقق وعلّق على كتاب «دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام» [دورة فقهية] لوالده الشيخ علي أبو الحسن بن حسن الخنيزي (1291 ـ 1363 ه‍) ، وطبعت بعض أجزائه المحققة في النجف الاشرف.
    كذلك يمكن التنويه بالجهود المهمة التي قامت بها اسرة آل أبي خمسين في الأحساء ، وهي من الأسر العلمية المهمة ، لتحقيق تراث هذه الأسرة ، وقد تم تحقيق مجموعة من المخطوطات وإخراجها الى عالم الطباعة ، ومن بينها : تبصرة المهتدي والنص الجلي في إمامة أبي الحسن عليه‌السلام ، لآية الله الشيخ موسى بوخمسين (1296 ـ 1353 ه‍) ، تحقيق حفيده الشيخ حسن بن الشيخ باقر بوخمسين (طبع في بيروت سنة 1414 ه‍ ـ 1994 م)
    ومن الجهود الفردية أيضا ما قام به بعض رجال العلم بتحقيق بعض المخطوطات ، نذكر على سبيل المثال «بداية الهداية في التجويد» للشيخ عبد المحسن اللويمي المتوفى في حدود 1250 ه‍ ، وقد حققه وعلق عليه الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي وطبع في لبنان سنة 1402 ه‍. و «ديوان شاعر الخليج الشيخ أبي البحر جعفر الخطي المتوفى عام 1209 ه‍» قدم له وحققه وعلق عليه الأديب الشاعر عدنان السيد محمد

    العوامي ، وثلاث رسائل وهي «الخلسة الملكوتية في أحاديث الطينية» و «غاية المراد في تحقيق المعاد» و «الرسالة الرضاعية» تأليف الشيخ محمد بن الشيخ عبد علي آل عبد الجبار القطيفي المتوفى حدود سنة 1260 ه‍ ، تحقيق الشيخ حلمي بن عبد الرءوف السنان ، وطبعوا في ايران (قم) سنة 1416 ه‍ ، وكتاب «زاد المجتهدين في شرح بلغة المحدثين ـ جزءان» تأليف الشيخ أحمد بن الشيخ صالح آل طعان القديحي (1251 ـ 1315 ه‍) تحقيق الشيخ ضياء بدر آل سنبل ، طبع في ايران (قم) سنة 1414 ه‍.
    وكتاب بشرى المذنبين وانذار الصديقين للشيخ ناصر بن محمد الجارودي المتوفى سنة 1164 ه‍ ، تحقيق الشيخ مهدي العوازم ، طبع في ايران (قم) سنة 1417 ه‍.
    كذلك قام المحقق العراقي الكبير الأستاذ شاكر هادي شكر بتحقيق «أنوار الربيع في أنواع البديع» للسيد علي خان المدني (1052 ـ 1120 ه‍) وقد طبع بمطبعة النعمان في النجف الأشرف سنة 1388 ه‍. وهو في سبعة أجزاء.
    بالإضافة الى مجموعة أخرى من المخطوطات المهمة التي أدركتها يد العناية فعرفت طريقها نحو التحقيق والطباعة. لكن ومهما يقال عن حجم المخطوطات التي اعتني بها ، فان الكمّ الهائل للتراث الشيعي الامامي داخل الجزيرة العربية ما زال ينتظر الجهود المضاعفة ، ليس لتحقيقه فقط ، بل لجمعه أولا ، ووضعه في المكان المناسب الذي يحفظه من الاندثار ويسهل عملية التعرف عليه ثانيا ، ومن ثم يتشجع الباحثون والدارسون لمعالجة كنوزه وذخائره.
    فما زال الكمّ الهائل من المخطوطات تتوزعه المكتبات الشخصية ، مثل مكتبة الشيخ سعيد أبو المكارم ، ومكتبة الحاج عبد الكريم الشيخ ، ومكتبة الملا عبد المهدي الجشي ، ومكتبة الشيخ علي المرهون ، ومكتبة الاديب الحاج جواد الرمضان. فضلا عما نقل الى مكتبات ايران. فقد ذكر الشيخ مهدي العوازم القطيفي عددا كبيرا من المخطوطات التي عرفت طريقها الى مكتبات ايران الرسمية والأهلية. انظر «من المخطوطات القطيفية والأحسائية في مكتبات ايران» مقال منشور في مجلة الموسم العدد 9 ـ 10 سنة 1991 م ـ 1411 ه‍.

    إن قضية جمع التراث الشيعي الامامي داخل الجزيرة العربية ليس بالأمر الهين ، لكن تضافر الجهود واخلاص العزم لخدمة هذا التراث المعرفي كفيلان بتحقيق النتائج المرجوة.
    إن مهمة التحقيق والطباعة غاية في الصعوبة ، لأن الباحث المختص بالتحقيق يقوم بوظيفتين في نفس الوقت. البحث عن المخطوط في أنحاء البلاد ، ثم الاشتغال بعد ذلك بتحقيقه. لذلك فقيام المؤسسات المختصة أو دور النشر التي لديها اهتمام بالتراث بجمع المخطوطات والبحث عنها يسهل مهمة المحقق والدارس. وبذلك تتكاثف الجهود وتثمر.
    فالحديث عن تحقيق التراث كما يقول الدكتور مرزوق ـ الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الاسلامية بالقاهرة : «ذو صلة وثيقة بتأصيل وجود ، لأنه في زمن التحولات المعاصرة التي تلف العالم وتطيح بكثير من الهويات التي كانت لكثير من الشعوب ، يصبح من أبرز موجبات الحفاظ على هويتنا العربية والاسلامية أن نربط واقعنا بجذورنا وأن نحافظ على هذا التراث الذي نثبت به أصالتنا».
    وعليه فكل مخطوط يحقق ويطبع ويخرج للوجود هو دليل على أصالتنا ، وتعميق لهويتنا الحضارية. وتعريف بالمستوى الفكري والعلمي الذي كان عليه آباؤنا وأجدادنا. ولعمري إن الشيعة الامامية في أمس الحاجة أكثر من غيرهم لهكذا عمل. لأنهم تعرضوا على طول التاريخ لموجات متتالية من الافتراء والتشويه وتحريف الحقائق.
    فليس هناك من وسيلة لرد هذه الادعاءات والأكاذيب سوى اخراج تراث الشيعة وانتاج علمائهم للوجود ، وتعريف العالم به لكي تتضح الصورة وينجلي الظلام عن فرقة وتراث ساهما مساهمة فعالة ونشطة في رفد الحضارة الاسلامية بكل مفيد وجديد.
    على أن هذا التراث الذي ندعو للاهتمام به واخراجه للعالم ليس لغرض ان نقف عنده وان نسد علينا أبواب المعرفة المختلفة ، مكتفين بما سطّره الأجداد وما توصلوا إليه

    من حقائق ، وانما الهدف من اخراج هذا التراث والتعرف عليه ، هو لتأصيل جميع مناحي النشاطات المعرفية لدينا ، كي لا نضيع في زحمة التفوق وعقدة النقص التي تواجهنا بها هذه الحضارة الغربية المعاصرة. أو تجذبنا ببريقها الأخاذ فنتنكر لأصولنا وتراثنا ولمساهمة حضارتنا في كل ما توصلت إليه البشرية اليوم من فتوحات علمية ومعرفية. فمعرفتنا بتراثنا لا تعني سوى تشبثنا بأصالتنا الحضارية ، دون أن نغض الطرف عن الواقع الحاضر والمتحرك من حولنا ، بل نستفيد منه وننتخب أفضل ما ينتجه من معرفة وتقدم.
    فلا يشك أحد بأن الحضارة الغربية المعاصرة انما انطلقت عند ما توجه مفكروها الى تراثهم وتراث الإنسانية قبلهم ، فانكبوا عليه بالدرس والمعالجة والاستفادة. فما كان مفيدا استوعبوه وزادوا عليه ، وما كان غير مفيد بنظرهم زهدوا فيه ووضعوه جانبا ، لكن بعد المعرفة والاطلاع والتمحيص.
    وهذا ما ندعو إليه نحن بخصوص تراثنا المعرفي المخطوط. لا بدّ من جمعه ومعرفة حجمه ، ومن ثم ننكب على معرفة ذخائره ومحتوياته للاستفادة منها ، وتقديمها للإنسانية كشواهد حية على تميز الحضارة الاسلامية ، وكشهادة للإسلام كدين يدعو للعلم ويحث أصحابه على المعرفة.
    لذلك يقول الشيخ حسن الصفار : اننا نوجه الدعوة الصادقة لأبناء أمتنا الاسلامية لكي يهتموا بتدوين تاريخهم وحفظ تراثهم وتجديد نهضتهم العلمية والأدبية ، مذكرين هنا بالملاحظات التالية :
    1 ـ كل من بحوزته شيء من المخطوطات أو المعلومات أو الآثار فليهتم بالمحافظة عليها وتكرار نسخها وخاصة بالنسبة للمخطوطات لأن أي مخطوطة قد تتعرض للتلف ، فإذا لم يكن هناك نسخة أخرى لها فستفقد نهائيا.
    2 ـ إرسال نسخ من المخطوطات أو تقارير عنها وعن الآثار الموجودة الى المؤسسات المهتمة بذلك في العالم كالمتاحف والمكتبات العامة المشهورة.
    3 ـ تحقيق المخطوطات واعدادها للطبع والنشر بمساعدة الأثرياء وأهل الخير

    المتمكنين ، واعادة طبع ما يستحق من الكتب المطبوعة.
    لذلك ومساهمة منا في تحقيق ما ألمحنا إليه ، أخذت (مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية) منذ تأسيسها ، على عاتقها القيام بهذه المهمة ، مهمة جمع التراث وتحقيق ابداعاته قدر المستطاع ، وضمن الامكانات المتوفرة. وقد شرعنا في اصدار سلسلة تحت عنوان «مخطوطات الشيعة الامامية في الجزيرة العربية». ومنهجنا هو اختيار بعض المخطوطات المختارة ثم عرضها على بعض المختصين لتحقيقها ومعالجتها ومن ثم تتولى المؤسسة طباعتها ونشرها كي تتم الاستفادة منها.
    وفي هذا الاطار يأتي مخطوط [الفرقة الناجية] الذي تحتضنه يد القارئ اليوم كخامس انتاج ضمن هذه السلسلة التي سنبذل قصارى جهدنا كي تستمر وأن تمد القارئ المتلهف لمعرفة تراث هذه المنطقة بكل جديد ومفيد. ونحن بصدد تحقيق مخطوط جديد لأحد أعلام المنطقة ، نرجو من الله أن يعيننا على اتمامه واخراجه بالصورة المطلوبة. كل ذلك مساهمة منا في احياء تراث الشيعة الامامية داخل هذه المنطقة التي يعاني تراثها الإهمال والتقصير من طرف أصحابه أولا وباقي المهتمين بتراث الإسلام ثانيا.
    ومحاولة منا للتعريف بمدى مساهمة رجالات هذه المنطقة في إغناء الفكر الشيعي خصوصا والإسلامي بشكل عام ، مما يساعد على كشف الكثير من المغالطات التاريخية والدينية التي التفّت حول الشيعة الإمامية في هذه المنطقة بالذات ، مجتمعا وفكرا وعقيدة.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
    حبيب آل جميع
    المدير العام لمؤسسة البقيع
    لاحياء التراث في الجزيرة العربية
    بيروت ـ لبنان



    مقدمة المحقق
    انفجر الاختلاف بين المسلمين مباشرة بعد وفاة النبي (ص) ، عند ما اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، والتحق بهم عدد من المهاجرين من قريش ، وذلك للبحث في خلافة الرسول (ص) ومن سيتولى القيادة بعده ، وإذا كان المهاجرون يتقدمهم أبو بكر وعمر قد استطاعا أن يقنعا ويتغلّبا على من حضر مؤتمر السقيفة بالتأكيد على ضرورة أن تكون الخلافة في قريش دون غيرهم ، ومن ثم بايع القوم أبا بكر وانطلقوا يمهدون له سبيل البيعة العامة ، فإن المهاجرين لن يتمكنوا من اقناع الإمام علي (ع) وأتباعه الذين لم يشاركوا في مؤتمر السقيفة لانشغالهم بتجهيز الرسول (ص) ودفنه ، فالإمام كان يعتبر نفسه الخليفة الشرعي المنصوص عليه من طرف الله ورسوله (ص) ، لذلك ما إن انتهى إليه أمر البيعة التي وقعت ، حتى انطلق في محاججات متعددة لإقناع الخليفة الجديد وأتباعه بخطإ اجتهادهم وما دبّروه ، لأن الأمر محسوم بالنص الإلهي ، مذكرا إياهم بعدد من المواقف والأحاديث التي تؤكد ما يدعيه وما يطلبه من أمر الخلافة ، مثل حديث واقعة غدير خم بعد حجة الوداع. لكن الأحداث وملابساتها وانفجار مشكلة الردّة وتظاهر المنافقين على الإسلام ، كل ذلك لم يكن في صالح الإمام علي (ع) ، الذي سيجد نفسه مضطرا للخضوع والرضوخ للأمر الواقع ، حفاظا على بيضة الإسلام ، لكن دون الإيمان ما وقع هو الحقيقة ، بل استمرت احتجاجاته واحتجاجات أصحابه على خصومهم ممن يدعم موقف الخلفاء الجدد.
    وعليه يمكن أن نؤكد بأن مؤتمر السقيفة ، يعتبر المحطة الأولى التي انطلق منها

    الاختلاف بين المسلمين ، لأن نتائجه أسفرت عن ظهور تيارين مختلفين ، تيار مدرسة الخلافة ، وتيار مدرسة الإمامة وأهل البيت عليهم‌السلام ، وبعد التوسع الذي وقع نتيجة دخول الأمم الأخرى ومن تبقى من العرب الى الإسلام ، وانتشار حركة الفتوحات الإسلامية ، ستظهر على الساحة الإسلامية تيارات مختلفة ، تتصارع بينها ، مختلفة ومتناقضة حول الأصول والفروع. وبالتالي فلم يكد القرن الهجري الأول يلفظ أنفاسه حتى ظهرت ملامح الفرقة والاختلاف الذي سيتوسع ويتعمّق ، مع ظهور مدارس كلامية وفقهية وفلسفية وعرفانية ، وكل فرقة تدّعي أنها على حق وأن فهمها والتزامها هو الإسلام المحمدي الأصيل ، وتراشق القوم وتبادلوا التكفير والتضليل ، وسفّهت كل فرقة أحلام الفرقة الأخرى.
    ولقد احتدم الصراع واشتد مع اكتشاف وتداول مجموعة من الأحاديث النبوية التي تحدثت عن الاختلاف ، وتنبأت بأن الأمة الإسلامية ستسقط فيما سقطت فيه الأمم التي سبقتها ، وحذرت من الفرقة والافتراق ، معتبرة أن غالبية الفرق التي ستظهر في الواقع الإسلامي منحرفة عن الصراط المستقيم ، ومن ثم فهي فرق ضالة لا نصيب لها من الحقيقة ، وأن مأواها جهنم غدا يوم القيامة. وهذا المصير الذي تنبأت به الأحاديث هو الذي جعل كل فرقة من هذه الفرق تهرع للبحث عن الأدلة العقلية والنقلية للتأكيد على أنها هي الفرقة التي تعتنق الحقيقة وتلتزم بها ، وأنها بالتالي هي الفرقة الناجية.
    والمخطوط الذي بين أيدينا ، هو بحث كلامي حديثي ، يصب في هذا المنحى ، أي تحقيق وبحث وعرض للأدلة التي تؤكد وتثبت بالدليلين النقلي والعقلي بأن الفرقة الناجية والحقة والملتزمة بالصراط المستقيم هي الفرقة الإمامية ، التي شايعت وآمنت بالنص على إمامة الإمامة علي (ع) واعتبرته هو الإمام الشرعي بعد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم).
    لن نستعرض ما قدمه المؤلف من أدلة حول تعيينه للفرقة الناجية ، لأننا سنترك

    القارئ يطلع على النص مباشرة لمعرفة محتواه ، لكننا نشير هنا في عجالة الى قضية سقطت فيها جل الكتابات الفرقية القديمة التي انطلقت من حديث أو مجموعة الأحاديث التي رويت عن الرسول ، والتي تقول بأن الأمة الإسلامية ستفترق على ثلاثة وسبعين فرقة ، معظم المؤرخين اعتبروا أن رقم (73) هو السقف النهائي الذي ستعرفه الساحة الإسلامية ، ومن ثم نجدهم يبحثون هذا المجموع العددي في زمنهم ليخرجوا منه فرقة واحدة هي الناجية ، وهي الفرقة التي ينتمي إليها المؤرخ أو المؤلف ، وباقي الفرق ضالة ومخالفة. لذلك ظهرت أخطاء كثيرة عند التعريف بالفرق الأخرى ، وتساهل المؤرخ المنتمي الى فرقة ما في نقل الأخبار عن خصومه ، فلم يتحرّ الموضوعية العلمية ، لذلك نجد البعض منهم يروي الأساطير الواضحة وينسبها الى الفرق المخالفة دون تمحيص.
    إن العدد (73) هو اشارة للكثرة وليس سقفا نهائيا ، لأن الفرق ما زالت تتناسل وتظهر الى يومنا هذا وكل واحدة منها لها موضوعها ، قربا أو بعدا من الحقيقة الإسلامية.
    حبيب آل جميع
    10 / محرم / 1420 ه‍
    القطيف ـ السعودية



    منهج العمل في تحقيق هذه الرسالة
    1 ـ ضبط النص ، حسب النسخة الموجودة لدينا ، وتصحيح الأخطاء ، وضبط الآيات القرآنية.
    2 ـ تقطيع النص بشكل تبدو قوة بناء الجملة فيه ، ويبدو نسق مطالبه المعروضة وفق القانون المنطقي.
    3 ـ تصحيح ما بدا غير صحيح من عباراته ، إما بتعديل النص مباشرة ، ثم الإشارة إلى ما كان في النسخة في الهوامش ، أو يوضع ما أضفناه للنص بين معقوفتين.
    4 ـ عمدت إلى تخريج الآيات والروايات والأخبار وبعض التراجم التي أشار إليها المؤلف من خلال صفحات الكتاب.
    وصف النسخة المحققة :
    هي نسخة (مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية). مصورة من مكتبة الإمام الرضا (ع) في مشهد باسم (رسالة في تحقيق الفرقة الناجية) ، وقد كتبت بخط ممتاز وواضح جدا وحالتها جيدة ، إذ لم يقرط منها شيء أو يتلف أو يتآكل ، كما يبدو من صورتها ، وهي برقم (2020) ، وبلغ عدد صفحاتها (134) صفحة ، يوجد في كل صفحة من صفحاتها (16) سطرا ، وفي كل سطر تقريبا ـ 12 كلمة ـ وكلماتها غير مشكولة ، وحروفها منقطة ، وقياس الصفحة 5 ، 8X 5 ، 15 سم وقد ورد الاختلاف في اسمها لأن مؤلفها ـ رحمه‌الله ـ لم يطلق على رسالته اسما

    خاصا ظاهرا ، غير أنه ورد في بعض النسخ الخطية وبعض فهارس المكتبات تسميتها ب (الفرقة الناجية) كما وردت تسميتها في مراجع مختلفة ، مثل الذريعة ج 12 / 178 ، وروضات الجنات 1 / 27 ، وأعيان الشيعة 2 / 143 ، والكنى والألقاب 3 / 76 ، والفوائد الرضوية ص 6 ب : (الفرقة الناجية) ، ومن هنا اخترنا نحن أيضا اثبات هذا الاسم.
    غير أن العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني (قدس‌سره) عند عرضه لهذه الرسالة والتعريف بها في الذريعة أوردها في ثلاثة مواضع بثلاث تسميات مختلفة حيث ذكر :
    أ ـ اثبات الفرقة الناجية ، للشيخ إبراهيم .. ذكره في روضات الجنات وقال : إن عندنا منه نسخة. [الذريعة 1 / 98].
    ب ـ الفرقة الناجية ، للشيخ إبراهيم .. قال : المحدث الحر : هو كتاب حسن ، وذكره في (كشف الحجب) ، فرغ منه في 5 / صفر / 945 ه‍ بمدينة الجزائر ، وهي بخط الشيخ علي بن فسيح الله رضا ، فرغ من الكتابة 10 شعبان / 1006 ه‍ في مجموعة كلها بخطه. [الذريعة 16 / 178].
    ج ـ الوافية في تعيين الفرقة الناجية ، للشيخ إبراهيم .. وقد فرغ من بعض تصانيفه سنة 945 ه‍ ، ونقل في (مجلس المؤمنين) في ذيل ترجمة أبي بكر الحضرمي في أواسط المجلس الخامس ، ثلاثة أحاديث من الثمانية عشر التي أوردها الشيخ إبراهيم لهذا في آخر (الوافية). [الذريعة 25 / 18].
    وقد ابتدأت الرسالة بالبسملة ثم : «يا من جعل عليا العلي الهادي إلى دين مختاره من الحاضر والبادي ، بل ممن خلق ويخلق إلى يوم التناد ـ إلى قول ـ فهذه نفثة مصدور في تحقيق أن الفرقة الناجية عند الله هم الشيعة الإمامية الاثني عشرية ..» فرغ منه في 5 صفر سنة 45 ه‍ بمدينة الجزائر ، وبعد تمام الكتاب باتمام خاتمته قال : «ولنختم رسالتنا هذه بثلاث فوائد» ، وبعد تمام الفوائد ، حمد الله وقال : «قد أحببت

    تتميم ما أسلفته بأحاديث حسنة لا يكاد يظفر بها مجتمعة ، إلا قليل من العلماء ، وهي مؤكدة لما تقدم من أن الحق إنما هو كون الفرقة الناجية شيعة علي (ع) ..» ، ثم أورد ثمانية عشر حديثا وبها تتم النسخة.
    هذا والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا ومولانا خاتم النبيين ، وآله الطاهرين ، ولا سيما وصيه وخليفته من بعده أمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، علي عليه أفضل صلوات المصلين.
    * * *


    ترجمة المؤلف
    هو الشيخ أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان القطيفي الخطي ثم الغروي ثم الحلي.
    اعتني بترجمته طائفة من العلماء الأعلام فدونوا سيرته في كتبهم ، وأثنوا عليه الثناء الجميل ، ووصفوه الوصف البليغ وأطروه الإطراء العجيب .. ، قال صاحب الحدائق [نقلا عن الكشكول 1 / 290] في وصفه : الإمام الفقيه الفاضل ، العالم الكامل ، المحقق المدقق .. ، وكان رحمه‌الله زاهدا ، عابدا ، ورعا ، مشهورا ، تاركا للدنيا برمتها.
    ووصفه صاحب الأمل الشيخ الحر العاملي : بأنه فاضل ، عالم فقيه ، محدث (1) ووصفه تلميذه الشيخ حسين بن محمد بن عبد النبي البحراني بالشيخ السعيد والمولى الرشيد ذو التقوى والصلاح ، الذي ليس عليهما مزيد (2) ، وعن البحار : أنه كان في غاية الفضل (3).
    وفي رياض العلماء للشيخ الميرزا عبد الله أفندي الأصفهاني : الإمام الفقيه العالم الفاضل الكامل ، المحقق المدقق ، كان زاهدا ، عابدا ، تاركا الدنيا برمتها (4).
    وفي اللؤلؤة : فاضل ورع (5). وعن تاريخ العلماء : كان عالما ، فاضلا ، ورعا ،
    __________________
    (1) أمل الآمل ، ج 2 ، ص 8.
    (2) طبقات أعلام الشيعة ـ الكواكب المنتشرة.
    (3) البحار ، ج 105 ، ص 116.
    (4) رياض العلماء ، ج 1 ، ص 15.
    (5) لؤلؤة البحرين ، ص 160.

    صالحا ، من كبار المجتهدين ، وأعلام الفقهاء والمحدثين (1).
    ووصفه صاحب الأعلام بأنه فاضل من فقهاء الإمامية (2).
    وفي معجم رجال الفكر والأدب في النجف الأشرف ، للأميني : عالم فقيه ، متكلم ، قطن النجف وكان من كبار علمائها (3).
    وفي روضات الجنات ما لفظه : الإمام النبيل ، كان عالما ، فاضلا ، ورعا ، من أكابر المجتهدين ، وأعلام الفقهاء والمحدثين (4). وقال البلادي : العالم العامل المشهور ، صاحب المصنفات الكثيرة ، انتقل من القطيف وقطن النجف ، وكان أكبر علمائها ، ثم انتقل إلى الحلة [الأنوار ص 228] ، ونقل أنه هاجر من الحلة إلى النجف لا العكس ، وعد من الذين تعهدوا الحركة العلمية في النجف بعد انقراضها من الحلة ، [راجع معجم رجال الفكر والأدب في النجف 2 / 982] ، فانظر إلى هذه العبارات ، تجدها شهادة ثمينة على علمه وفضله وورعه وصلاحه ، وحصوله على الملكة القدسية ، ملكة الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية.
    مولده ومسقط رأسه :
    جاء في [الأزهار 4 ـ 197] : كان مسكنه ومسقط رأسه (القلعة) من القطيف ؛ وهي مواطن آبائه وأجداده ، ومنزله في فريق الخان ، اللصيق بالمسجد المتصل ببيت نصر الله بن مهدي بن نصر الله آل أبي السعود ، كذا سمعت من العلامة الشيخ علي القديحي صاحب (أنوار البدرين). وقد رأيت رجلا اسمه الحاج سلمان بن أسعد يقال : أن أمه من ذرية الشيخ إبراهيم القطيفي ، وكان هذا الرجل نازلا في المنزل المذكور.
    __________________
    (1) تاريخ العلماء عبر العصور ، ص 26.
    (2) الأعلام ، م 1 ، ص 41.
    (3) معجم رجال الفكر والأدب في النجف ، ص 159.
    (4) روضات الجنات ، ج 1 ، ص 25.

    وجاء في [الأزهار 11 / 187] ما يلي : إن الفاضل الشيخ أحمد ابن الحاج عبد الله آل سنان (1390 ـ 1313 ه‍) كان يقيم صلاة الجماعة صبحا في مسجد الشيخ ابراهيم بن سليمان القطيفي الشهير المعاصر للكركي ، وكان هذا المسجد ملاصقا لمنزل الشيخ ابراهيم المذكور ، ومنزل الحاج عبد الله بن نصر الله المتوفى صبيحة يوم السبت 17 / 12 / 1374 ه‍ ، ولا يزال المسجد موجودا في القطيف يعرف باسمه.
    هجرته :
    لم نجد مصدرا يتحدث عن نشأته العلمية في القطيف ، علما أن الشواهد تؤكد بأنه هاجر إلى العراق عالما كبيرا ، كما أن المصادر لا تتحدث عن عودته إلى القطيف بعد هجرته منها.
    قال في [أنوار البدرين ص 282] : انتقل من القطيف ، وقطن النجف الأشرف ، وكان أكبر علمائها ، ثم انتقل منها إلى الحلة فلهذا نسب إلى كل منهما. وقال في [لؤلؤة البحرين ص 166] نقلا عن الرسالة الحائرية للشيخ إبراهيم القطيفي نفسه : إن مبدأ مقدمه للعراق كان في أواخر جمادى الثانية سنة 913 ه‍ ـ 1507 م.
    وقد أجاز بعض العلماء بعد قدومه الى النجف بسنتين ، بينما إجازات علماء العراق له مؤرخة بتواريخ متأخرة عن ذلك ، وهذا يعني أنه قدم العراق في تلك السنة عالما مجازا. كما أن رسالة الكركي (قاطعة اللجاج) مؤرخة بعام 916 ه‍ ، وقد ألفها بعد نزاع دام بينه وبين القطيفي وغيره من العلماء ، وهذا يعني أن الحوار الذي جرى بينهما سابق للرد الكتبي.
    ما نريد قوله مما سبق ، ان القطيفي هاجر من القطيف عالما كبيرا محلا للاستجازة وبما أنه كان مجتهدا عام 915 ه‍ (1) وان كنا نرى اجتهاده سابق لهذا التاريخ ، إذ
    __________________
    (1) هي سنة اعطائه الإجازة لشمس الدين بن ترك ، وقد ذكر فيها هو (ره) ان الاجازة إما ان تكون من مجتهد أو منتهية عليه ، وفيه اشارة الى أنه يرى في نفسه ذلك كما لا يخفى (راجع البحار ، 105 / 93).

    لا بدّ أنه كان أعلى من كونه مجرد مجتهد اثناء رحلته الى ايران ، وتصديه للموقف ، وقصده من قبل المسئولين وصمت العلماء الكبار الآخرين عنه يدل على ذلك ، فان مولده على تقدير كون عمره حينها في الخامسة والثلاثين يكون في حدود 885 ه‍ ، أو ما قبلها.
    وما نستطيع أن نؤكده هو أن ميلاده كان في أواخر القرن التاسع ، ولعله في العقد السابع أو الثامن منه ، والله العالم [مجلة الواحة ، العدد السابع ـ ص 175].
    كرامته برؤيته الإمام الحجة :
    قال في [لؤلؤة البحرين] ما نصه : قال بعض الفضلاء : وقد رأيت بخط بعض الفضلاء ، أنه حكى عن بعض أهل البحرين في حق الشيخ هذا أنه قد دخل عليه الإمام الحجة (عج) في صورة رجل يعرفه ، فسأله أي الآيات من القرآن في المواعظ أعظم؟ فقال : الشيخ : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (1).
    فقال عليه‌السلام : صدقت يا شيخ ، ثم خرج ، فسأل أهل البيت : خرج فلان؟
    فقالوا : ما رأينا أحدا داخلا ولا خارجا (2).
    أساتذته :
    1 ـ الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي المتوفى سنة 1231 ه‍ (3).
    __________________
    (1) سورة فصلت ، آية 41.
    (2) لؤلؤة البحرين ، ص 160.
    (3) هو الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله بن علي بن الحسن أحمد بن يوسف بن عمار الماحوزي الشهير ب «المحقق البحراني» صاحب المؤلفات الكثيرة في العقائد والأصول والفقه والرجال والمنطق والفلسفة وغيرها من العلوم العقلية والنقلية ، وقد وصلت مؤلفاته الى ما يربو على 77 عنوانا وقد طبع بعضها ، ولد (طاب ثراه) سنة 1075 ه‍ بقرية (الماحوز) وتوفي بها سنة 1121 ه‍ 1709 م ، وقد تقلد المهام الدينية في بلاده ، قال : صاحب ال (لؤلؤة) : انتهت إليه ـ

    2 ـ الشيخ علي بن هلال الجزائري الكركي (1) ، قال في [رياض العلماء 1 / 15] : كان هو (أي القطيفي) ، والشيخ عز الدين الآملي ، والشيخ علي الكركي (اي المحقق) ، شركاء الدرس عند الشيخ علي بن هلال الجزائري على ما قيل ، لكن الذي يظهر من إجازة الشيخ إبراهيم (أي القطيفي) ، لمولى شمس الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي ، انه يروي عن الشيخ علي بن هلال المذكور بالواسطة الواحدة وقال فيها : إن عدة من الفضلاء أجازوه ولكن أوثقهم الشيخ إبراهيم بن الحسن الشهير بالوراق عن الشيخ علي بن هلال الجزائري المذكور والله أعلم.
    وأكد في [احياء الداثر ص 138] ان عز الدين الآملي كان شريك الدروس مع المحقق الكركي وابراهيم القطيفي عند علي بن هلال الجزائري ، والظاهر عدم التعارض بين دراسة القطيفي عند الجزائري ، وروايته عنه بالواسطة الواحدة مرتين عبر المحقق الكركي وعبر الشيخ إبراهيم بن الحسن الوارق. وأخرى بالواسطتين مرة واحدة عبر الشيخ علي بن جعفر بن أبي سميط عن الشيخ إبراهيم بن الحسن الوراق عن الجزائري. كما أشرنا إليه في (المجيزون له) وذكرنا مصادره هنالك ، وقد أشار إلى عدم المنافاة بين دراسته عنده وروايته عنه بالواسطة ، السيد محسن الأمين في كتابه [أعيان الشيعة ، ج 2 ، ص 142].
    المجيزون له :
    1 ـ الشيخ علي الكركي (2) ، الذي كانت له مع الشيخ إبراهيم معارضات
    __________________
    ـ رئاسة البحرين في وقته ، وقال : خير الدين الزركلي في (الأعلام) : فقيه إمامي من الخطباء الشعراء من أهل الماحوز برع في الحديث والتاريخ.
    (1) كان فاضلا متكلما عالما (ت : 993 ه‍ / 1585 م) له كتاب الدر الفريد في التوحيد ، يروي عن الشيخ العلامة الأوحد جمال الدين أبو العباس أحمد محمد بن فهد الحلي ، ويروي عنه تلميذه الشيخ علي بن عبد العال الكركي وقد أثنى عليه في بعض اجازته ثناء بليغا من جملته أنه قال : شيخ الإسلام فقيه أهل البيت في زمانه.
    (2) هو الشيخ علي بن عبد العالي الكركي درس على فقهاء وطنه : محمد بن خاتون

    ومناظرات ، فقد روى الشيخ القطيفي عن الشيخ علي بن عبد العالي الكركي عن الإمام الشيخ نور الدين علي بن هلال الجزائري ، والشيخ المجد والفاضل المسدد قدوة العلماء الراسخين ، وفخر الحكماء والمتكلمين ، الشيخ محمد الزاهد الكامل أبي الحسن الشيخ علي بن الفاضل حسام الدين إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي صاحب غوالي اللئالي (1).
    2 ـ إبراهيم بن الحسن (الدراق) الوراق (2) ، كما صرح به الشيخ القطيفي في إجازته لشاه محمود ، وكما صرح به في إجازته للمولى محمد أمين الأسترابادي أيضا. والوراق هذا هو أحد طرق القطيفي في الرواية عن علي بن هلال الجزائري (3).
    3 ـ علي بن جعفر بن أبي سميط ، يقول صاحب إحياء الداثر إنه من أوثق مشايخ القطيفي ، كما أنه طريق لروايته عن إبراهيم بن الحسن الوراق (4).
    __________________
    الذي أجازه بتاريخ 19 ذي الحجة سنة 900 ه‍ / 15 أيلول 1295 م ، وشمس الدين محمد الجزيني ، وشمس الدين محمد بن أحمد الصهيوني ، وكذلك على الشيخ علي بن هلال الجزائري ، الفقيه العراقي الكبير ، الذي انتقل الى كرك نوح وأقام بها ، ثم هاجر الى دمشق وبيت المقدس والخليل وأخذ عن فقهائها ومحدثيها. وأقام في مصر زمنا ، حيث قرأ على اثنين من أشهر فقهائها هما : أبي يحيى زكريا الأنصاري (ت : 926 ه‍ / 1519 م) ، وكمال الدين أبي عبد الله بن ابراهيم بن محمد بن أبي شريف القدسي (ت : 923 ه‍ / 1517 م) ، وتوفي في النجف بتاريخ 18 ذي الحجة 940 ه‍ / تموز 1534 م. (راجع : روضات الجنات 1 ـ 25 ، الفوائد الرضوية 6).
    (1) روضات الجنات 1 ـ 26.
    (2) بحار الأنوار ج 105 ، ص 85 وص 108 ، والوراق من أهل أوائل المائة العاشرة من مشايخ الاجازة للشيخ ابراهيم القطيفي ، قال القطيفي في اجازته للمولى شمس الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي وتاريخ سنة 920 في حقه : الشيخ الفقيه النبيه على الاطلاق ابراهيم بن حسن الوراق ، وقال : انه أوثق مشايخه الذين روى عنهم ، يروي القطيفي عنه عن علي بن هلال الجزائري.
    (3) أعيان الشيعة ، 2 / 127.
    (4) إحياء الداثر ص 3 ، وص 153 ، وعلي بن جعفر بن أبي سميط من مشايخ ابراهيم القطيفي

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:19 pm

    4 ـ الشيخ محمد بن زاهد النجفي (1).
    تلامذته :
    1 ـ الشيخ حسن بن محمد عبد النبي البلادي البحراني صاحب (معراج الكمال) ، كما في كتاب [طبقات أعلام الشيعة ـ الكواكب المنتشرة] (2).
    2 ـ معز الدين محمد بن تقي الدين الحسيني الأصفهاني (المير محمد الأصفهاني) [إحياء الداثر ص 208] كان صدرا في العشر الخامس من القرن العاشر للحكومة الصفوية في العاصمة قزوين ، وقاضي أصفهان في عصر الشاه عباس الأول ، عالم نحرير فاضل جليل متكلم فقيه يروي عنه المجلسي الأول ويروي هو عن المحقق الكركي ، ويعلم من كتاب نامه دنشوران في ذيل ترجمة الشيخ إبراهيم القطيفي ، أنه سيد حسيني وأنه له إجازة من الشيخ إبراهيم والظاهر أنه والد السيد محمد باقر الحسيني الرضوي.
    3 ـ الأمير (المير) السيد نعمة الله الحلي (3) [أنظر : إحياء الداثر ص 208].
    __________________
    ويروي عن ابراهيم بن الحسن الوراق مشافهة وبلا واسطة فذكر روايته عنه بالواسطة وقال : «وعن جماعة أوثقهم الشيخ علي بن جعفر» فيظهر منه أنه أوثق من سائر مشايخه.
    (1) أعيان الشيعة 2 / 143.
    (2) قال السيد الأمين في (اعيان الشيعة 6 / 156) : عالم فاضل مؤلف معاصر للشيخ أحمد الجزائري النجفي صاحب آيات الأحكام المتوفى سنة 1151 ه‍ ، يروي عنه السيد عبد العزيز بن أحمد الصادقي النجفي وله سند اجازة بتاريخ 15 ذي الحجة سنة 1167 ه‍ ، له من المؤلفات : منهاج الأعمال في أصول الدين ، ومعراج الكمال في العبادات ذكرهما في اجازته السيد عبد العزيز المذكور ، فقال عن منهاج الأعمال : وهو وان كان مختصرا لكن فوائده كثيرة ، ومعراج الكمال وهو صغير الحجم واف بالفوائد مذكورة فيه الدلائل وقد ذكر في الاجازة المذكورة مشايخه وهم : الشيخ ابراهيم القطيفي ، والشيخ عبد الله بن علي البلادي ، والشيخ حسين الماحوزي ، والمولى محمد رفيع الجيلاني ، والمولى محمد باقر المكي.
    (3) قال السيد الأمين في (أعيان الشيعة 10 / 225) : الأمير نعمة الله الحلي السيد الصدر الكبير المتوفى في 28 ذي الحجة سنة 940 ه‍ ، في حبيب السير : من جملة السادات والعلماء

    4 ـ السيد شريف الدين الحسيني المرعشي التستري والد القاضي نور الله (نور الدين) الشهيد (1) ، قال القطيفي في إجازته له : إن في أيام اشتغاله علينا كانت استفادتنا منه أكثر من إفادتنا له.
    5 ـ كريم الدين الشيرازي ، [أنظر : إحياء الداثر ص 193].
    6 ـ عبد الله المحفوظ بن الحسن بن علي بن محفوظ الحسيني العلوي النسابة الصادقي الشهير بآل الجبلي (2) ، قال في [إحياء الداثر ، ص 133] : إنه تلميذ
    __________________
    بالحلة جاءت سنة 929 الى هرات وكان يصحب الشيخ زين الدين علي فيها مده ثم سافرا معا الى بلاد الغري. وقال في الرياض : صار في زمن الشاه طهماسب شريكا في الصدارة مع السيد الصدر الأمير قوام الدين حسين ثم شاركه غياث الدين منصور ثم عزل لمنازعة بينه وبين الكركي وافق فيها الشيخ ابراهيم القطيفي عدو الشيخ علي الكركي. وفي أحسن التواريخ لحسن بك روملو أنه من جملة السادات المجتهدين وادعى هو ذلك لكن لم يذعن له العلماء وله حدة ذهن وفهم وذكاء وفطرة عالية بحيث تغلب بذلك على كل من ناظره وباحثه من العلماء حتى في بعض العلوم التي لا شأن له فيها ، وقد انبرى لمخاصمة الكركي ومعاندته وحاول عقد مجلس لمناظرته في مسألة صلاة الجمعة التي يرى الكركي صحتها في زمن الغيبة مع وجود المجتهد الجامع لشرائط الفتوى وحمل السيد نعمة الله جماعة من العلماء والصدور خصوم الكركي على موافقته مثل القاضي مسافر والمولى حسن الأردبيلي ومحمود بك ابدار وملك آمل الخوئي وغيرهم ولكن لم يتهيأ له ذلك ووقع له في شأن الكركي غير ذلك حتى نفاه الشاه طهماسب الى بغداد.
    (1) هو السيد شرف الدين ابن جمال الدين نور الله بن شمس الدين محمد شاه بن مبارز الدين ما نده بن جمال الدين حسين بن المير نجم الدين محمود المرعشي الآملي التستري والد القاضي نور الله الشهيد في سنة 1019 ه‍ والمجاز عن ابراهيم القطيفي باجازة توجد صورتها في اجازات البحار ص 77 ، تاريخها 11 / ج 1 / 944 ه‍.
    (2) وقبلا ببني تمام ، من نسل الحسن ضوحه ابن محمد بن اسماعيل بن الامام جعفر الصادق له ذيل عمدة الطالب ، فرغ منه سنة 793 ه‍ «ومشجرة آل المريخ» و «مشجرة الملوك المرعشية في بلاد طبرستان» ومن آثاره الباقية مجموعة دونها بخطه فيها عدة رسائل منها قطعة من حاشية إرشاد الاذهان لابراهيم القطيفي كتبها وصححها وقابلها في حياة المؤلف حيث دعا له ب «سلمه الله من جميع الآفات والعاهات في سنة 973 ه‍» فيظهر من كيفية دعائه له أنه

    القطيفي.
    7 ـ نعمة الله بن قريش الرضوي المشهدي ، عالم فاضل ، احتمل في [إحياء الداثر ، ص 267] أنه تلميذ القطيفي ، حيث كتب (السراج الوهاج في حرمة الخراج) للقطيفي في النجف سنة 931 ه‍ ، ومدح الكاتب القطيفي بما يظهر أنه أستاذه.
    المجازون منه :
    1 ـ شمس الدين محمد بن (ترك) تركي ، تاريخ إجازة الشيخ القطيفي له سادس محرم سنة 915 ه‍ ، بعد سنتين من ورود القطيفي إلى العراق ، وهي إجازة كبيرة ذات فوائد جمة وتحقيقات مهمة ، وصفه فيها بأوصاف كثيرة ك «الشيخ الفاضل العالم الورع النقي».
    2 ـ الشيخ منصور بن الشيخ محمد بن تركي ، وقد أجازه بذيل إجازة والده ، ذكرها في [البحار ، ج 105 ، ص 107] واصفا له ب «الشيخ الأجل الركن الأظل».
    إلى قوله بعد عدة أوصاف : «الفاضل العالم العامل الشيخ منصور بن الشيخ الأجل شمس الدين محمد بن تركي».
    3 ـ الفاضل الجليل شاه محمود الخليفة الشيرازي الأنجولي (1) ، وهي إجازة كبيرة موجودة في [البحار ، ج 015 ، ص 85] وصفه فيها بقوله : «البارع الأمجد الكامل الأسعد العالي الأنجد الخليفة شاه محمود ، كتبت له هذه الإجازة في النجف وكان وروده إلى العراق سنة 913 ه‍». والإجازة ناقصة لا يعلم تأريخها ، إلا أنها صدرت بعد التاريخ المذكور ، أو أن كونه بالنجف كما صرح فيها.
    4 ـ معز الدين محمد بن تقي الدين الحسيني الأصفهاني المعروف ب (مير محمد
    __________________
    كان من تلاميذه المستفيدين منه (احياء الداثر 133 ـ 134).
    (1) والد المير أبو الولي ابن شاه محمد الأنجولي الحسيني الشيرازي الذي يروي عنه الحسين بن حيدر الكركي في 1005 ه‍.

    الأصفهاني) المتوفى سنة 952 ه‍ / 1454 م (1) ، تاريخها 928 ه‍ في المشهد الغروي ، أنظر : [اللؤلؤة ، ص 165] و [إحياء الداثر ، ص 208].
    5 ـ المولى محمد أمين الأسترآبادي (2) ، تاريخها سنة 920 ه‍ ، في أيام مجاورته للروضة الغروية ، [البحار ، ج 105 ، ص 108].
    6 ـ السيد الشريف جمال الدين بن نور الله بن السيد شمس الدين محمد شاه الحسيني التستري والد (أو جدّ) القاضي الشهيد نور الله التستري ، تأريخ صدورها من القطيفي له 11 جمادي الأولى سنة 944 ه‍ ، ذكرها في [البحار ، ج 105 ، ص 11] وأوردها بتمامها.
    7 ـ الشيخ حسين بن عبد الحميد (3) أنظر : [إحياء الداثر ، ص 67].
    8 ـ علي بن أحمد المنشار بن محمد بن هلال الكركي (4) ، أنظر : [إحياء الداثر ،
    __________________
    (1) الصادر في العشر الخامس من القرن العاشر للحكومة الصفوية في العاصمة قزوين ، له رسالة في عدم انفعال الماء القليل رد عليها بعده القاضي نور الله التستري الشهير برسالة في اثبات انفعاله ، وصفه صاحب الرياض بقوله «السيد الأجل الحسيب الفاضل النقيب المير معز الدين محمد الصدر الأصفهاني» ، نصب مكان غياث الدين منصور الدشتكي في الصدارة فبقي ثمان سنين حتى عزل بتحريك الحكيم الكازروني ونصب مكانه المير أسد الله المرعشي الشوشتري كما فصّله في (عالم آراى عباسي ص 144).
    (2) هو المولى محمد أمين بن محمد بن شريف الأسترآبادي الأخباري ، فاضل محقق ماهر متكلم فقيه محدث ثقة جليل ، له كتب منها الفوائد المدنية طبع في ايران سنة 1321 ه‍ في 295 صفحة ، وذكر فيها أنه شرع في شرح أصول الكافي وشرح تهذيب الحديث وكتاب في رد ما أحدثه الفاضلان الملا جلال ومير صدر الدين في حواشي الشرح الجديد للتجريد ، جاور بالمدينة المنورة ومكة المشرفة وتوفي بمكة سنة 1033 ه‍.
    (3) حسين بن عبد الحميد المجاز من ابراهيم بن سليمان القطيفي ، ويروي عنه شجاع الدين محمود بن علي ، استاذ الحسين بن حيدر الكركي كما ذكره في مشيخته في آخر كتاب البحار.
    (4) هو الشيخ علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن هلال الكركي ، قرأ على شيوخ كلهم من جبل عامل ، هم : تاج الدين الحسن بن جعفر الأطراوي ، وأحمد البيضاوي

    ص 9 و 164].
    9 ـ الشيخ محمد الحرفوشي ، أنظر : [روضات الجنات ، ج 1 / ص 27] (1).
    10 ـ كريم الدين الشيرازي ، أنظر : [إحياء الداثر ، ص 5 و 193]. وهو ممن يروي عن شجاع الدين محمود بن علي المرعشي جد سلطان العلماء ، كما ذكره الحسين بن حيدر بن قمر الكركي في مشيخته [ذ : قم 600] و [البحار ، ج 109 ص 16 ـ 176] عند روايته عن شجاع الدين.
    11 ـ السيد الميرزا نعمة الله الحلي ، أنظر : [رياض العلماء ، 1 / 15].
    شعره :
    من خلال قراءتنا لكتبه وإجازاته ، تبين لنا أن الشيخ القطيفي كان مهتما بالشعر ، وكان يكثر من الاستشهاد بالأبيات الشعرية في جميع المواضيع ، وهذا غير
    __________________
    النباطي وأحمد بن خاتون العيناثي وفي 18 شعبان 934 ه‍ / 2 حزيران 1527 م ، كان في النجف حيث تلقى اجازة من بلدية الكركي ، عين في منصب شيخ الاسلام في عهد الشاه طهماسب بعد الشيخ علي الكركي وكان له كمال الاستقلال في تنظيم المعاملات الدينية والدنيوية للشاه طهماسب ، وله في رفع تسلط المعتدين أياد بيضاء ، وظل في منصبه الكبير حتى وفاته في سنة 993 ه‍ / 1585 م على الأرجح.
    (1) هو الشيخ محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي الشامي ، كان عالما فاضلا أديبا ماهرا محققا مدققا شاعرا منشئا حافظا ، أعرف أهل عصره بعلوم العربية ، قرأ على السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي في مكة جملة من كتب الفقه والحديث ، وقرأ على جماعة من فضلاء عصره من الخاصة والعامة ، له كتب كثيرة الفوائد ، منها : كتاب اللآلي السنية [مجلدان] ، وكتاب مختلف النجاة [لم يتم] ، وشرح الزبدة ، وشرح التهذيب في النحو ، وشرح الصمدية في النحو ، وشرح القطر للفاكهي ، وشرح الكافي على قواعد الأعراب وغيره ، هاجر وسكن اصفهان بسبب السعي به عند الحكام في دمشق لقتله ، وهو صاحب البيت السائد :
    ما كل ما يتمنى المرء يدركه
    تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

    أنظر : [أمل الآمل 1 / 62].

    مستغرب ، لأن القطيفي عاش في العراق فكان ينهل من أوساطها الشعرية المزدهرة ، ومما لا شك فيه أن له مساهمات وإبداعات شعرية متميزة ، إلا أنني لم أقف إلا على أبيات معدودة من نظمه ، وذلك لعدم توفر المصادر الأدبية ومعاجم شعراء العراق لدي أثناء إنجاز هذه الدراسة.
    ومن شعره هذه الأبيات التي قدم لها بقوله : فامتثلت قائلا من قريحتي الفاترة على البديهة الحاضرة :
    فشمّرت عن ساق الحمية معربا
    لتمزيقها تمزيق أيدي بني سبا

    وتفريقها تفريق غيم تقيّضت
    له ريح خسف صيّرت جمعه هبا

    أبى الله أن يبقي ملاذا لغافل
    كذاك الذي لله يفعل قد أبى (1)

    وقال : قلت من قريحتي الفاترة :
    ولو أن زيدا سالم الناس سالموا
    وكانوا له إخوان صدق مدى الدهر

    ولكنّه أوذي فجوزي بعض ما
    جناه نكالا والتقاضي الى الحشر (2)

    مؤلفاته :
    ترك الشيخ إبراهيم القطيفي ثروة علمية تنم عن مدى النبوغ العلمي والتفوق الفقهي ، الذين وصل إليهما ، فقد كان له اليد الطولي في سبر أغوار مختلف علوم الدين ، وكشف أسرار غوامض المعرفة ، وقد أثرت نتاجاته العلمية والدينية المكتبة الإسلامية ، كما ساهمت في تذليل العقبات أمام طلاب الشريعة في الارتواء من منابع العلم ومصافي الحكمة ، بسهولة ويسر. ونعرض هنا مؤلفات الشيخ إبراهيم :
    1 ـ السراج الوهاج لدفع عجاج (لجاج) قاطعة اللجاج في حل الخراج ، تعرف أيضا بالخراجية ، فرغ منها في 26 شعبان سنة 924 ه‍ ، وألفها في الرد على رسالة
    __________________
    (1) السراج الوهاج في مسألة الخراج ، ضمن مجموعة كلمات المحققين ، ص 241.
    (2) المصدر نفسه ، ص 312 ، وقد ذكرهما السيد الأمين في الأعيان ج 8 / ص 212 ـ 213 ، في ترجمة المحقق الكركي.

    [قاطعة اللجاج في حل الخراج] للمحقق الكركي ، فقد كان يرى حلّيته والقطيفي يرى حرمته ، النسخة موجودة في مكتبة المرعشي النجفي برقم 5151. وفي مكتبة مجلس الشورى الاسلامي رقم : 2 [ص 426 ـ 732] و [ص 379 ـ 316 دفتر]. ونسخة في مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية (مطبوعة طبعة حجرية) عدد صفحاتها 54 كاملة وبحالة جيدة مجلدة تجليدا فنيا حديثا بني اللون.
    2 ـ رسالة في حرمة صلاة الجمعة زمان الغيبة مطلقا ، ألفها في الرد على رسالة الكركي القائلة بوجوب الجمعة بشرط الفقيه الجامع للشرائط.
    3 ـ رسالة في القول بالمنزلة في الرضاع ، تعرف أيضا بالرضاعية ، ألفها في الرد على رسالة [كشف القناع عن صريح الدليل في الرد على من قال : في الرضاع بالتنزيل] للمحقق الكركي ، وإبطال دعواه الإجماع حوله ، النسخة موجودة في مكتبة استان قدس رضوي في مشهد رقم (24448 ـ 238) ، ونسخة في مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية (طبعة حجرية) عدد صفحاتها 48 كاملة وبحالة جيدة مجلدة تجليدا فنيا حديثا بني اللون.
    4 ـ الرسالة الحائرية في تحقيق المسألة السفرية ، نقل فيها وجوه الخلاف بينه وبين الكركي ، وهي في مسألة وجوب أو عدم وجوب توالي العشرة القاطعة للسفر.
    5 ـ نفحات الفوائد ومفردات الزوائد ، كتاب عبارة عن أسئلة وأجوبة : «إن سأل سائل بكذا فالجواب كذا» ، في الفلسفة الدينية ، فرغ منه 13 شوال سنة 945 ه‍. قال فيه : «دعاني حب الوحدانية وعزة الجبروتية وسطوة الألوهية وقدرة الفردانية مما لا تحيط به القوة الإمكانية إلا بما لا يلهمه اللطف الرحمانية من قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا). فانهما مما تحير فيه عقول أولي الألباب وكثر فيه القيل والقال بين حملة الكتاب ، مشاورات العلم عن الحق والصواب ، فإنهم الراسخون فيه والعالمون بتأويل المتشابه ورده إلى المحكم من الخطاب. حتى أن بعض الأفاضل زعم أن الدليل فيها إقناعي ، وهو تهجم عظيم على الحضرة الربوبية. كيف وهو المحيط

    بحقيقة كل علم والبعيد من وجوده على كل ذي فهم وها أنا أسطر ما سنح لي ..» [الذريعة 24 / 249].
    6 ـ شرح أسماء الله الحسنى ، فرغ منه في سنة 934 ه‍.
    7 ـ رسالة في شرح عدد (محرمات الذبيحة) ، لطيفة مختصرة.
    8 ـ الامالي ، ذكره في [ريحانة الأدب 4 / 480] و [الذريعة 2 / 307] ولعله (نوادر الأخبار الطريفة) الآتي ، ينقل عنه الأمير محمد أشرف تلميذ العلامة المجلسي في كتابه فضائل السادات المطبوع ، توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الحسين في النجف الأشرف.
    9 ـ الأربعون حديثا مشروحا ، ذكر في [ريحانة الأدب 4 / 480] ينقل منه العلامة المجلسي في البحار [الذريعة 1 / 410].
    10 ـ نوادر الأخبار الطريفة ، ولعله الأمالي المذكور ، [الذريعة 20 / 108 و 24 / 344].
    11 ـ الثمانية عشر حديثا ، هو ذيل لكتاب الفرقة الناجية لتكون مؤكدة بكون الفرقة الناجية هم الشيعة ، دونها مستقلة بعض الأصحاب [الذريعة 11 ـ 5].
    12 ـ رسالة في النية ، قال في [الذريعة 24 / 439] : أولها نية الوضوء توجد في (الرضوية) ناقصة الآخر ، وأخرى بخط الشيخ أحمد بن صالح آل طعان (1) وهي إلى
    __________________
    (1) هو العلامة الحجة الشيخ أحمد بن الشيخ صالح بن طعان بن ناصر بن علي الستري البحراني ولد سنة 1251 ه‍ ، وتلقى دروسه العلمية في البحرين ثم أكمل دراسته في النجف الأشرف وحينما حدثت بعض الظروف السياسية في البحرين هاجر الى القطيف سنة 1286 ه‍ ، ثم صار يتردد بينها وبين البحرين حتى توفي ليلة عيد الفطر سنة 1315 ه‍ في البحرين. له مصنفات كثيرة منها (زاد المجتهدين في شرح بلغة المحدثين) مطبوع في مجلدين ، (رسالة قرة العين في الجهر بالبسملة والتسبيح في الأخيرتين) ، (ازالة السجف عن موانع الصرف) ، (الصحيفة الصادقية) مطبوع ، ديوان شعر مطبوع باسم (الديوان الأحمدي) وغيره ، ترجم له في أنوار البدرين ص 252.

    آخر نية المعاملات ، رأيتها عند سبطه الشيخ حسين القديحي (1) عدد صفحاتها 57 ، مخطوطة موجودة في مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية ، ناقصة الآخر ، وبحالة جيدة مجلدة تجليدا حديثا بني اللون.
    13 ـ طرق رواية الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي ، مختصر ، قال في الذريعة : وجد بخطه في 135 صفحة وأورده في الجزء الأول من [مستدرك الإجازات].
    14 ـ الرسالة الصومية ، نسبها إليه الفاضل الأردبيلي (2) ، في بحث الصوم ضمن كتابه (شرح الإرشاد) ، ونقل عنه بعض الفتاوى ، كما نقل عن القطيفي من هذه الرسالة في (مجمع الفائدة) ، وهذه الرسالة الصومية في واجبات الصوم أولها «يا ولي
    __________________
    (1) هو العلامة الشيخ حسين ، ولد بتاريخ 18 شعبان 1302 ه‍ ، درس على يد ابيه وثلة من أفاضل علماء بلده ثم هاجر الى النجف وبعد تلقيه العلم رجع الى بلاده القديح وله عدة مؤلفات طبع بعضها ، منها : رياض المدح والرثاء ، منية الأديب وبغية الأريب ، غاية المطلوب لترويح القلوب ، مجمع الفوائد ، كنز الدرر ومجمع الغرر ، وغيرها. وقد توفي ليلة الاثنين 13 ذي القعدة 1387 ه‍ ، ودفن في مقبرة القديح. وله شعر كثير في أهل البيت عليهم‌السلام.
    (2) هو المولى الأجل الأكمل أحمد بن محمد الأردبيلي كان عالما فاضلا مدققا عابدا ثقة ورعا عظيم الشأن جليل القدر معاصرا لشيخنا البهائي ، له عدة كتب ، منها شرح الإرشاد كبير لم يتم ، وتفسير الأحكام ، وحديقة الشيعة ، والخراجية نصر فيه الشيخ ابراهيم القطيفي في الحكم بالتحريم وطبع ضمن مجموعة الخراجيات وفي هامش درر الفوائد أيضا ، وانه لما عرف به من ورع وتقوى ، كتب الى الشاه طهماسب الأول ، الذي يعد واحدا من أطول الملوك حكما (930 ـ 984 ه‍ / 1524 ـ 1576 م) رسالة فأمر الشاه بحفظ الرسالة كي توضع في كفنه ، لأن الشيخ خاطبه فيها ب «أيها الأخ» وفي مناسبة أخرى كتب الى الشاه عباس الكبير (966 ـ 1038 ه‍ / 1587 ـ 1629 م) ، وقدم الرسالة بقوله : بأني ملك عاريه ، أي بأني الملك المستعار ، أو الذي لا يدوم ، وفي الجواب وقع الشاه كلب مقام علي ، والأردبيلي صورة نقية للفقيه. يحكى أنه كان في عام شدة وغلاء يقاسم الفقراء ما عنده ، فلا يصيبه الا نصيب واحد منهم ، وظل على الرغم من مكانته الكبيرة ملتزما بمظهر متواضع جدا ، رافضا توسلات الشاه عباس أن ينتقل الى ايران مؤثرا البقاء في النجف الأشرف ، متفرغا للعبادة والبحث والتدريس. راجع أمل الآمل 2 / 23 ، لؤلؤة البحرين 148 ـ 150 ، أعيان الشيعة : 3 ـ 80 ـ 83 ـ 198.

    العناية اجعلنا من أهل عنايتك» ، عدد صفحاتها 108 ، موجودة في مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية ، كاملة وبحالة جيدة مجلدة تجليدا فنيا حديثا بني اللون ، وفي مكتبة استان قدس رضوي بمشهد رقم (2437 ـ 227). [الذريعة 11 / 204 و 25 / 2].
    15 ـ شرح الجعفرية ، النسخة موجودة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ، رقم (63197). أنظر كذلك [مجلة الموسم ، م 3 ، ع 8 ـ 9 ، ص 456].
    16 ـ رسالة في طلب الرزق ، توجد منها نسخة مخطوطة في القطيف بخط والد الشيخ علي البلادي القديحي صاحب أنوار البدرين ، انظر [أنوار البدرين ، ص 28].
    17 ـ أدعية طلب (سعة) الرزق وقضاء الدين ، في مجموعة مختصرة ، انظر [الذريعة ، 1 / 398 و 11 / 47].
    18 ـ الهادي إلى الرشاد في شرح الإرشاد ، خرج منه الطهارة وقليل من الصلاة ، موجود في (الرضوية) وعند محمد علي الروضاتي بأصفهان. قال في الرياض : رأيته عند الفاضل الهندي وهو من أفضل الشروح ، والنسخة عتيقة ، [الذريعة ، 1 / 511 و 13 / 74 و 25 / 150].
    19 ـ حاشية (تعليقة) على الإرشاد ، نسبه إليه القاضي نور الله في مجالس المؤمنين ولعله غير سابقه ، [الذريعة ، 6 / 14].
    20 ـ إيضاح النافع في شرح مختصر الشرائع ، ينقل عن الشيخ العلامة الأنصاري في كتابه المكاسب في مسألة بيع الوقف ، وفي مسألة القدرة على التسليم ، [الذريعة ، 2 / 502].
    21 ـ حاشية على المختصر النافع ، في مجلد توجد منها نسخة خطية في مكتبة السيد مرتضى الكشميري في النجف الأشرف بالعراق ، [الذريعة ، 6 / 193].
    22 ـ حاشية (أو تعليقات) على الشرائع ، لعله غير سابقيه ، [الذريعة ، 6 / 106].

    23 ـ شرح الألفية الشهيدية في الفقه ، صرح بكونها له عز الدين حسين العاملي (1) ، كتبه برسم الشيخ الأجل محمد بن أحمد البرمكي ، وقد فرغ منه نهار الأحد 16 محرم سنة 939 ه‍ ، كما في [الذريعة ، 2 / 296 و 13 / 108]. والنسخة موجودة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي رقم : (63197) ، وتوجد نسخة أخرى منه في مكتبة المولى محمد علي الخونساري في النجف وهي بخط تاج الدين بن عبد الله كما في [الذريعة ، 13 / 108].
    24 ـ حاشية على ألفية الشهيد الأول (2) ، موجودة في مكتبة السيد حسين
    __________________
    (1) كان عالما جليلا أصوليا متكلما فقيها محدثا شاعرا ماهرا في صنعة اللغز وله الألغاز المشهورة التي خاطب بها ولده البهائي وأجابه بأحسن منها ، وكان معظما عند السلطان شاه طهماسب الصفوي بعد المحقق الكركي حيث دخل بلاط الشاه طهماسب في أواخر ذي القعدة سنة 968 ه‍ / تشرين الثاني 1560 م ، وقد أمضى في اصفهان ثلاث سنين ، فعينه الشاه طهماسب أثناء زيارته الى أصفهان شيخا للاسلام في قزوين وخلال أربعة عشرة سنة أقام مددا متفاوتة في قزوين ومشهد وهراة وفي السنة 983 ه‍ / 1575 م ترك ايران مظهرا أنه يريد الحج ، لكنه كان يكتم أمرا ، فلم يعد بعدها أبدا ، بل انه بعد أن أتم مناسك حجه ، غير وجهته صوب البحرين وأقام فيها حتى وفاته سنة 984 ه‍ / 1576 م ، كان من القائلين بوجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة عينا والمواظبين على اقامتها في ديار العجم لا سيما في خراسان ، كان من أجلّ تلاميذه الشهيد الثاني الشيخ زين الدين المقتول على يد العثمانيين في سنة 965 ه‍ / 1557 م.
    (2) هو الشهيد الأول محمد بن مكي بن محمد بن حامد الجزيني ولد بعد السنة 720 ه‍ / 1320 م وقبل السنة 729 ه‍ / 1328 م في قرية جزين ، ترك وطنه حوالي سنة 750 ه‍ / 1349 م وشد رحاله الى الحلة وفيها قرأ على تلامذة العلامة الحلي ، على رأسهم ابنه محمد وابن محمد بن القاسم الحسيني (ت : 776 ه‍ / 1374 م) وابن الحسن بن أحمد فضلا عن ثلاثة شيوخ آخرين ، استجازهم ولا نعرف على وجه التأكيد أنه كان قد قرأ عليهم ، هم : السيد شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي (ت : 769 ه‍ / 1367 م) وعميد الدين عبد المطلب بن محمد بن الأعرج الحسيني (681 ـ 754 ه‍ / 1282 ـ 1352 م) وزين الدين علي بن طراد المطارآبادي. وبتاريخ (6 شوال 756 ه‍ / 8 تشرين الأول 1355 م) تلقى اجازته من شيخه الأكبر فخر المحققين. توفي الشهيد مقتولا سنة 786 ه‍ ـ 1384 م.

    الحسيني البحراني المتوفى سنة 1393 ه‍ بالنجف الأشرف في العراق ، ضمن عدة رسائل في 239 ص ، بحجم الربع 5 ، 14X 02 سم ، كاغد أسمر ، كل صفحة 15 سطر طوله 9 سم ، بخط محمد بن علوان الجزائري بتاريخ 23 رمضان 1070 ه‍ ، وعليها كدمات مشوهة ، أنظر [الموسم / م 2 / ع 8 : ص 1493].
    25 ـ الرسالة النجفية في مسائل العبادات الشرعية ، لعمل المقلدين ، أذن في بعض إجازاته بالعمل بخلافيات هذه الرسالة ، ما دام حيا [أعيان الشيعة ، 2 / 143] مخطوطة ، وهي موجودة في مكتبة السيد حسين الحسيني الهمداني ، المتوفى سنة 1393 ه‍ بالنجف الأشرف في العراق ، ضمن عدة رسائل في 239 ص ، بحجم الربع 5 ، 14X 02 سم ، كاغد أسمر ، كل صفحة 15 سطر طوله 5 سم ، بخط محمد بن علوان الجزائري بتاريخ 23 رمضان 1070 ه‍ ، وعليها كدمات مشوهة ، أنظر [الموسم ، م 2 / ع 8 : ص 1493].
    26 ـ الخلافيات ، قال في [الذريعة ، 2 / 238] هي رسالة عملية فتوائية ، صرح في بعض إجازاته بالإذن في العمل بمسائل خلافياته. هذا وأقول الخلافيات ليست هي الرسالة الفتوائية ، بل هذا الوصف لرسالته النجفية التي مر ذكرها ، والخلافيات هي خلافيات هذه الرسالة النجفية.
    27 ـ الرسالة النجفية في سهو وشك الصلاة اليومية ، قرأها عليه بعض تلاميذه فكتب الإنهاء بخطه عليها في 14 جمادى الأولى سنة 927 ه‍ ، فتأليفها إذن قبل ذلك ، أولها : الحمد لله الذي اصطفى محمدا على سائر الأنبياء. أقول لعل هذا القسم في الشك والسهو جزء من رسالته النجفية في مسائل العبادات الشرعية ، ولم يلتفت صاحب الذريعة الذي نقل العنوان لذلك. والنسخة موجودة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي رقم دفتر (62303) وفي مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية ، نسخة مطبوعة طبعة حجرية ، عدد صفحاتها (55) كاملة وبحالة جيدة مجلدة تجليدا حديثا بني اللون.

    28 ـ رسالة في الشكيات (أحكام السهو والشكوك) ، أولها «الحمد لله الذي فطر السموات والأرض فاستوتا ..» وآخرها «إنه ولي القدرة ومقيل العثرة» ، أقول هي غير سابقتها من حيث الابتداء والاختتام كما ترى [الذريعة ، 12 / 266].
    29 ـ الوافية في تعين الفرقة الناجية ، ويسمى أيضا ، بيان ، أو إثبات ، أو تعيين (الفرقة الناجية) قال في [الذريعة ، 16 / 178] فرغ منه خامس صفر سنة 945 ه‍ في مدينة الجزائر ، عدد صفحاتها 134 مخطوطة موجودة في مؤسسة البقيع لإحياء التراث في الجزيرة العربية ، كاملة وبحالة جيدة ، مجلدة تجليدا حديثا أزرق اللون.
    30 ـ رسالة في صلاة القصر ، مخطوطة ، موجودة في مكتبة السيد حسين الحسيني الهمداني بالنجف الأشرف في العراق المتوفى سنة 1393 ه‍ ، ضمن عدة رسائل في 239 ص ، بحجم الربع 5 ، 14X 02 سم ، كاغد أسمر ، كل صفحة 5 أسطر بطول 9 سم ، بخط محمد بن علوان الجزائري بتاريخ 23 رمضان 1070 ه‍ ، وعليها كدمات مشوهة ، أنظر [الموسم ، م 2 / ع 8 : ص 1493].
    31 ـ كشف الفوائد في شرح القواعد للعلامة ، توجد منه نسخة في مكتبة الشورى الإسلامي رقم (ص 128 ـ 170 دفتر) و (ص 212 ـ 230 دفتر) و (ص 128 ـ 187 دفتر) و (ص 261 ـ 234 دفتر). انظر [الموسم ، م 3 / ع 9 ـ 10 : ص 457].
    32 ـ الإجازات الكثيرة ، وهي مجموعة إجازاته لتلاميذه وتصل إلى عشر إجازات ، أنظر [أعيان الشيعة ، 2 / 142] و [الذريعة ، 1 / 134].
    33 ـ رسالة في حرمة السجود على التربة المشوية (المطبوخة) ، فرغ منه في سنة 933 ه‍ ، وقد رد عليها الكركي ، ذكرت عند ذكر رد الكركي عليها [الذريعة ، 11 / 204].

    وفاته :
    أختلف المؤرخون الذين ترجموا له في تاريخ وفاته ومكانها ، حيث جاء في [رياض العلماء ، 1 / 18] : أن وفاته كانت في مدينة الجزائر.
    أما في [اعيان الشيعة ، 2 / 141] فقال : توفي في النجف ولم اقف على تاريخ وفاته ، لكنه كان حيا حتى سنة 944 ه‍ ، أما في [لؤلؤة البحرين ، ص 160] فقال : كان حيا سنة 951 ه‍ ، وهي السنة التي فرغ منها من تأليفه الفرقة الناجية كما كتب في آخره ، وتوجد نسخته المخطوطة عندنا بخط فرج الله بن سالم الجزائري ، وعلى هذا تكون وفاته بعد هذه السنة.
    وفي [إحياء الداثر ، ص 4] : توفي بعد 945 ه‍ ، كما يظهر من بعض اجازاته وتصانيفه ، كما اختار هذا الرأي الشيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة ، اما الشيخ فرج العمران ، فقال في تعليقته على منظومة ماضي القطيف وحاضرها للمرحوم الملا علي الرمضان : كان موجودا في النجف الأشرف الى نهاية عام 945 ه‍.
    والصحيح ما اختاره الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤته ، وعليه فقد توفي أواخر القرن العاشر الهجري.
    ذريته :
    ذكر العلامة الشيخ فرج العمران : «أن رجلا اسمه الحاج سلمان بن اسعد ، يقال : إن أمه من ذرية الشيخ (إبراهيم القطيفي) وكان هذا الرجل نازلا في منزل الشيخ في القلعة» (1).
    وتشير بعض كتب السير والتراجم ان الشيخ إبراهيم القطيفي تزوج من كريمة أستاذه الشيخ علي بن هلال الجزائري ، حيث ذكر في اجازاته للاصفهاني ان الأخير عمه ، وليس معلوما إن كان هذا زواجه الوحيد أم انه كان متزوجا في القطيف قبل
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:20 pm

    __________________
    (1) الأزهار الأرجية ، 4 / 197.

    هجرته. وله ولد فقيه يدعى الشيخ علي ، لعله سبط الشيخ علي بن هلال الجزائري ولذلك سماه القطيفي باسم جده تيمنا.
    والشيخ علي ، من علماء القرن العاشر الهجري ، وفضلائه المشهورين ، له كتاب [شرح ترددات (1) المختصر النافع في مختصر الشرائع] ، أوله : «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والشكر لله الذي بشكره تندفع المحذورات». قال الشيخ آغا بزرك الطهراني في [الذريعة] : «ان نسخة منه في (مكتبة الشيخ محمد السماوي) في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة مع (المقتصر) ، وهو شرح على المختصر النافع ، صغير مختصر للشيخ احمد بن فهد الحلي (783 ـ 841 ه‍ / 1381 ـ 1437 م) ، وهي بخط تلميذ المؤلف السيد محمد علي بن السلطان محمد العريضي الحسيني الجزي ، فرغ من نسخها في شهر صفر سنة 995 ه‍ في حياة أستاذه المؤلف على ما يظهر من آخرها ، وقد أطرى الثناء عليه كثيرا ، وما انضم إليها في المجموعة بخط هذا السيد أيضا (2).
    توجد منه نسخة في مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف ، وهي عين النسخة التي وصفها في [الذريعة] عدد صفحاتها : 32 صفحة ، ونسخة أخرى منه مخطوطة في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي في قم المقدسة رقم : 5657 ، وعدد صفحاتها 16 صفحة (3).
    وقد طبع مؤخرا في قم المقدسة عام 1419 ه‍ ، تحقيق ونشر دار المصطفى (ص) لإحياء التراث ، عدد صفحاته 112 صفحة ، قياس وسط.
    ويوجد في مكتبة الإمام الحكيم العامة ، في النجف الأشرف أربعة أجزاء مخطوطة من كتاب [تذكرة الفقهاء] رقمها (1617) للعلامة الحلي ، بخط الشيخ علي بن إبراهيم القطيفي ، وتاريخ فراغه منه سنة 978 ه‍ ، قال في آخر كتاب الصلاة منه :
    __________________
    (1) المراد من التردد ما تعارض فيه الدليلان من غير حصول مرجّح.
    (2) الذريعة ، 13 / 145 و 14 / 60.
    (3) مجلة الموسم ، العددان (9 ـ 10) م 3 / ص 456.

    «وكان الفراغ من كتابته عصر السبت ، الحادي عشر من شهر ذي القعدة ، أحد شهور سنة ثمان وسبعين وتسع مائة ، على يد أقل العباد : علي بن إبراهيم بن (كذا) علي القطيفي مولدا ، والغروي مسكنا ، على ساكنه أفضل الصلاة والسلام ، والحمد لله رب العالمين».
    ويستفاد من هذا أنه من مواليد القطيف ، لكنه ساكن في النجف الأشرف ، كما هو شأن الشيخ إبراهيم القطيفي.
    وأن آخر تاريخ كان حيا فيه هو سنة 995 ه‍ ، كما يظهر من خاتمة النسخة الموجودة من الكتاب في مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف ، وقد ورد في آخرها :
    «فهذا آخر ترددات (المختصر النافع) من مؤلفات الشيخ التقي المرضي ، العالم بالمسائل الشرعية ، والماهر في العلوم العربية ، المخصوص بالعناية الربانية ، أدام الله فوائده على الأنام بمحمد وآله الكرام ، الفاضل الكامل العامل ، مبين المهمات والمشاكل ، منحه الله الآمال في الحال والمآل ، المخصوص بعناية الملك الديان : الشيخ علي بن إبراهيم ابن سليمان» (1).
    المترجمون له :
    وردت ترجمته والثناء عليه في العديد من كتب التراجم والأدب نذكر منهم :
    1 ـ أعيان الشيعة ، للسيد محسن الأمين ـ المجلد الثاني ـ ص 141.
    2 ـ الأزهار الأرجية ، للعلامة المرحوم الشيخ فرج العمران ـ الجزء الرابع ، ص 187.
    3 ـ أمل الآمل ، للشيخ محمد بن حسن الحر العاملي ، الجزء الثاني ، ص 8.
    4 ـ روضات الجنات ، للعلامة الميرزا محمد باقر الخوانساري ، الجزء الأول ،
    __________________
    (1) شرح ترددات المختصر النافع ، طبع وتحقيق دار المصطفى ـ قم ـ 1419 ه‍ ، ص 96.

    ص 25.
    5 ـ طبقات أعلام الشيعة ، إحياء الداثر من القرن العاشر للشيخ آغا بزرك الطهراني ، ص 4 ـ 5.
    6 ـ طبقات أعلام الشيعة ، الكواكب المنتشرة ، مخطوط.
    7 ـ رياض العلماء ، للميرزا عبد الله افندي الأصفهاني ، الجزء الأول ، ص 15.
    8 ـ ريحانة الأدب ، لمحمد علي مدرس ، المجلد الرابع ، ص 480.
    9 ـ الفوائد الرضوية ، للشيخ عباس القمي ، ص 6.
    10 ـ الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي ، الجزء الثالث ، ص 76.
    11 ـ معجم رجال الفكر والأدب ، للأميني ، ص 159.
    12 ـ كشكول البهائي ، الجزء الأول ، ص 289.
    13 ـ دائرة معارف الأعلمي ، الجزء الثاني ، ص 326.
    14 ـ معجم المؤلفين ، لعمر رضا كحالة ، الجزء الأول ، ص 35.
    15 ـ الأعلام للزركلي ، المجلد الأول ، ص 41.
    16 ـ تاريخ العلماء عبر العصور ، للخطيب الشيخ محمد رضا الحكيمي ، ص 26.
    17 ـ واحة على ضفاف الخليج (القطيف) ، للأستاذ محمد سعيد المسلم ، ص 338.
    18 ـ أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين ، للشيخ علي البلادي القديحي ، ص 282.
    19 ـ لؤلؤة البحرين ، للشيخ يوسف البحرياني ، ص 159.
    20 ـ هداية العارفين ، لإسماعيل باشا البغدادي ، الجزء الأول ، ص 26.
    21 ـ الفهرست المفيد في تراجم أعلام الخليج ، ج 1 / ص 5 ، للاستاذ عبد الله

    الشمري.
    22 ـ مجلة الموسم (لبنان) ، العددان (9 ـ 10) م 3 / ص 423 ، بقلم السيد سعيد الشريف.
    23 ـ مجلة الواحة (لبنان) ، العدد السابع ، 1417 ه‍ ، ص 172 ، بقلم محمد أمين أبو المكارم.
    24 ـ مجلة التراث (قم) ، العدد الأول ، شوال 1418 ه‍ ، ص 30 ، بقلم الشيخ محسن المعلم.
    مصادر الدراسة :
    1 ـ أنوار البدرين ، ص 282.
    2 ـ الأزهار الأرجية ، 1 / 131 ، 4 / 187.
    3 ـ كشكول البحراني ، 1 / 155 و 289.
    4 ـ لؤلؤة البحرين ، 154 و 159 و 160.
    5 ـ أعيان الشيعة ، 2 / 141 ، وج 8 / 451.
    6 ـ أمل الآمل ، 2 ـ 8.
    7 ـ بحار الأنوار ، ج 105 / 85 ، 89 ، 107 ، 108 ، 116.
    8 ـ روضات الجنات ، 1 / 25 ، 4 / 370.
    9 ـ طبقات أعلام الشيعة ، إحياء الداثر ، 3 ، 4 ، 9 ، 100 ، 123 ، 161 ، 254 ، 267.
    10 ـ طبقات أعلام الشيعة ، الكواكب المنتثرة ، مخطوط.
    11 ـ رياض العلماء ، 1 / 15 ، 3 / 452 ، 4 / 281.
    12 ـ عالم آراي عباسي ، ص 143.

    13 ـ ريحانة الأدب ، 4 / 480.
    14 ـ الفوائد الرضوية ، 6 / 382.
    15 ـ الكنى والألقاب ، 3 / 76.
    16 ـ كشكول البهائي ، 1 / 389.
    17 ـ دائرة معارف الأعلمي ، 2 / 326.
    18 ـ معجم رجال الفكر والأدب ، ص 159.
    19 ـ معجم المؤلفين ، 1 / 36.
    20 ـ الأعلام ، م 1 : 41.
    21 ـ هداية العارفين ، 1 / 26.
    22 ـ هداية العارفين ، 1 / 26.
    23 ـ تكملة أمل الآمل ، ص 316.
    24 ـ الذريعة ، ج 1 : 89 ، 398 ، 410 ، 511. وج 2 : 66 ، 396 ، 307 ، 502. وج 5 : 11. وج 6 : 4 ، 14 ، 22 ، 106 ، 193. وج 7 : 144 ، 238 ، 247. وج 12 : 164 ، 266. وج 13 : 74 ، 88 ، 107. وج 14 : 210. وج 15 : 62 ، 163. وج 16 : 177. وج 20 : 108 ، 149. وج 24 : 68 ، 249 ، 439. وج 20 : 2 ، 18 ، 160.
    25 ـ الأدب في الخليج العربي : 17 ، 19.
    26 ـ واحة على ضفاف الخليج (القطيف) ، محمد سعيد المسلم ، ص 338.
    27 ـ أحسن التواريخ ، حسن روملو ، أوفست عن نشرة تشارلي نارمن ، بارودا ، 1931 ط. طهران 1345 ه‍ / 1947 م ، ص 254.
    28 ـ حبيب السير في أخبار أفراد البشر ، ط ـ طهران ، بدون تاريخ ، خواند أمير غياث الدين بن همام الدين ، المجلد الرابع ، ص 610.


    الفرقة الناجية






    بسم الله الرحمن الرحيم
    يا من جعل عليا ، العلي ، الهادي إلى دين مختاره من الحاضر والبادئ. يا من خلق ويخلق إلى يوم التناد ، محمد مرجع الحمد في المقام المحمود يوم المعاد ، هو مدينة العلم وعلي الباب ، حفظا ودخولا وخروجا منه بلا ارتياب ، صلى الله عليهما وعلى آلهما خيرة الأحباب ، وصفوتك من المعصومين الأنجاب ، وكما جعلت من شيعته إبراهيم ، فثبته على دينك واهده صراطك المستقيم. أما بعد :
    فهذه نفثة برزت عن فكر ، بعد الاستخارة لله تعالى في تحقيق أن الفرقة الناجية عند الله هم الشيعة الإمامية الاثنا عشرية. المتبعون لأولياء الله ، الواقفون عند ما أمر الله ، على وجه لا يستطيع المتصف بالعقل السليم رده ، والموسوم بصحة النظرة جحده ، وضعتها لله تعالى رب العباد ، وادخرتها زادا لي عند يوم المعاد ، وإياه أسأل الإمداد ، ومنه أطلب القبول ، فإنه في كل أمر المرجو والمأمول ، رتبتها على مقدمة ، وفصول ، وخاتمة. أما المقدمة ففيها بحثان :
    البحث الأول :
    ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : ستفترق أمتي ثلاثا وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قلت : وإنما لم يذكر إسناده لأنه مما اتفق على نقله بين علماء الإسلام. لا يختلف فيه رواة الشيعة وأهل السنة. وما هو بهذه المثابة ، لا حاجة

    إلى ذكره سنده ، إن قلت : الذي رواه أهل السنة ، وذكره الترمذي في صحيحه (1) ، اشتمل على زيادة هي قبل.
    ومنهم من قال : هم الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي ، قلت : مسلم ، إن الترمذي ذكر ذلك تتمة للحديث ، إلا أنا اقتصرنا على ما اتفق على نقله بين الفريقين الشيعة والسنة. فإن الشيعة روته على حالة أخرى. يشتمل على زيادة ، هكذا رووا أنه عليه‌السلام قال : افترقت أمة موسى عليه‌السلام على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهي التي اتبعت وصيه يوشع عليه‌السلام. وافترقت أمة عيسى عليه‌السلام على اثنين وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، وهي التي اتبعت وصيه شمعون عليه‌السلام. وستتفرق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار ، إلا واحدة وهي التي تتبع وصيي عليا (2). فلما لم تكن هذه الزيادة مروية عن طريق أهل السنة ، حذفناها. واقتصرنا على ما اتفق الفريقان على نقله ، على أني أقول ما لا يخالف بين الروايتين مع الزيادتين لأنهما عند التأمل يرجعان إلى معنى واحد ، فإن عليا عليه‌السلام سيد الآل والصحابة ، فهو أول صحابي وما هو عليه ، هو الذي عليه الصحابة ، المشار إليهم في الحديث بلا شبهة.
    فالمتبع له متبع لما عليه النبي عليه‌السلام وأصحابه ، وهو (ع) ممن ثبت إيمانه ، وأنه على الحق ، ما يغير عنه ، ولا زلت قدمه ، وذلك باتفاق المسلمين بخلاف غيره ، فإن من الصحابة من كان منافقا كما يشهد به آي الكتاب العزيز. قال تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) (3) ، وقوله تعالى :
    __________________
    (1) صحيح الترمذي 5 / 25 رقم الحديث 2640 ، كنز العمال 1 / 183 ، سنن ابن ماجة ـ كتاب الفتن ج 2 رقم الحديث 2992 ، مسند أحمد 3 / 120. سنن الترمذي في كتاب الإيمان.
    (2) الاحتجاج ص 263 ، أمالي الشيخ المفيد ص 213 ، ينابيع المودة ص 109.
    (3) سورة محمد ، آية 30.

    (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (1) ، قوله تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (2) ... إلى غير ذلك. ومنهم من تغير عن الحق وزلت قدمه. ومن المعلوم أنه عليه‌السلام ما أراد إلا من خلا من النفاق من الصحابة ، ومن لم يتغير ، ولم تزل قدمه. وأمير المؤمنين عليه‌السلام ممن خلا من الأمرين بإجماع الأمة ، بما دل عليه الكتاب والسنة ، وطريقه هو الذي عليه النبي عليه‌السلام أو صحبه المتقون. فاتباعه يقتضي العمل بالحديث على الزيادتين بخلاف اتباع غيره ، لأن اتباعهم ، إنما ينجي حيث يكونون على ما عليه النبي عليه‌السلام. فإذا تغيروا وحادوا عنه أو كانوا منافقين ، لم يكن اتباعهم منجيا وذلك ظاهر. فإن قال قائل : قد أتيت بدعوتين إحداهما : أن من الصحابة من كان منافقا ، ومنهم من تغير وحاد ، وثانيهما : أن عليا عليه‌السلام لم يزل على الحق من غير تغيير ولا انحراف ، فبين لنا كل من الدعوتين ، بدليل يقبله الخصم ويرتضيه.
    قلنا أما الأول : فبيانه من طريق الشيعة لا يحتاج إلى إظهار لوضوحه ، ومنه الخبر المشهور عن النبي عليه‌السلام في وصيته لابن عباس ، ولعمار رضي الله عنهما حيث أخبره بوقوع الفتنة وإختلاف الآراء بعده ، وأوصاه بسلوك وادي علي عليه‌السلام ، وإن انفرد به وسلك الناس جميعا غيره (3). وفيه دلالة على الدعوتين معا ، وأما بيانه من طريق أهل السنة ، فما رواه الحميدي في الجمع بن الصحيحين ، وفي الحديث الأول من أفراد مسلم من مسند حذيفة بن اليمان العسي رضي الله عنه إلى أن قال : ولكن حذيفة أخبرني عن رسول الله قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : في أصحابي اثنا عشر منافقا منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، وأربعة
    __________________
    (1) سورة التوبة ، آية 101.
    (2) سورة التوبة ، آية 127.
    (3) كشف الغمة 1 / 143 ، ينابيع المودة للقندوري الحنفي 128 ، فرائد السمطين 1 / 178 ، منتخب الأثر للصافي 99.

    لا أحفظ ما قال شعبة فيهم ... الخ (1).
    وروى مسلم في الصحيح بحذف الإسناد قال : حدثنا أبو الطفيل قال : كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس ، فقال : أنشدك الله لو كان أصحاب العقبة ، قال : فقال له القوم : أخبره إذا سألك قال : كنا نخبر أنهم أربعة عشر فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، وعددنا ثلاثة قالوا : ما سمعنا منادي رسول الله ولا علمنا بما أراد القوم. وقد كان في حرة فمشى فقال : إن الماء قليل ، فلا يسبقني إليه أحد. فوجد قوما سبقوه فلعنهم (2).
    وما رواه الثعلبي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد ، أخبرنا احمد بن محمد بن الحسن ، قال : حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي ، فيجلون عن الحوض ، فأقول يا رب أصحابي أصحابي ، فيقال : إنك لا علم لك بما أحدثوا ، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري (3). ورواه مسلم والبخاري في صحيحيهما أيضا عن أبي هريرة ، وروياه أيضا بطريق آخر عنه عليه‌السلام ، قال : قال ليردن أناس من أصحابي عن الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول : أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (4) ، وروى أبو هريرة أيضا قال : قال رسول الله صلى الله
    __________________
    (1) الجمع بين الصحيحين للحميدي ، الحديث 267. وصحيح مسلم ج 7 ص 122 و 123. ومسند أحمد بن حنبل 5 / 290.
    (2) صحيح مسلم ج 1 ص 58 ، مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 391 ، وهذا الحديث مشهور مستفيض بين المسلمين كافة.
    (3) اضواء على السنة المحمدية ط 5 ـ مصر ، ص 354 وفيه روايات أخرى أيضا ، دلائل الصدق ج 3 ق 11 / 2.
    (4) صحيح البخاري 3 / 32 ، 4 / 94 و 156 ، 7 / 209. وصحيح مسلم 7 / 66 حديث الحوض.

    عليه وآله : بينما أنا قائم وإذا زمرة من أصحابي حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم وقال : هلم (1) فقلت : إلى أين؟ فقال : إلى النار ، فقلت : وما شأنهم؟ ، فقال : إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري (2).
    ومن مناقب الفقيه ابن المغازلي الشافعي في تفسير قوله تعالى (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) (3) ، قال : أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني قال : حدثنا هلال بن محمد الحفار ، قال : حدثنا إسماعيل بن علي قال : حدثنا أبي علي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي موسى ، قال : حدثني أبي جعفر ، قال : حدثني أبي محمد بن علي الباقر عن جابر ابن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإني لأدناهم في حجة الوداع بمنى. حتى قال : لألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفوني في الكتيبة التي تضاربكم ، ثم التفت إلى خلفه فقال : أو علي أو علي ثلاثا. فرأينا أن جبرئيل غمره وأنزل الله سبحانه على إثر ذلك (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) (بعلي بن أبي طالب) (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) ، ثم نزلت (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ
    __________________
    (1) هلم في لغة أهل الحجاز يستوي فيه المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث ، فتقول : هلم يا زيد ، وهلم يا زيدان ، وهلم يا زيدون وهلم يا هند ، وهلم يا هندات ، فهي اسم فاعل وفاعله ضمير مستتر تقديره في هذا الحديث (أنتم) لأن المخاطبين بها أنهم هم الزمرة.
    (2) صحيح البخاري باب الحوض وفي آخر كتاب الرقاق 4 / 94 و 156 ، ومسند أحمد بن حنبل 5 / 48 ، الفتح الكبير للنبهاني 1 / 455 ، أقول : والحديث متفق عليه. وحول عدالة الصحابة قاطبة أو في الجملة ، راجع : أضواء على السنة المحمدية ، فصل عدالة الصحابة ص 339 ـ ط دار المعارف بمصر. شيخ المضيرة أبي هريرة ص 288 ـ ط 3 ، وكلا الكتابين تأليف الشيخ محمد أبو ريّة المصري. دلائل الصدق ج 3 ق 2 / 4 ، ودراسات في الحديث لهاشم معروف الحسني ص 71 ط دار التعارف بيروت ، وصحيح البخاري 1 / 17 ، 3 / 156 ، 4 / 61 و 179 ، 5 / 66 ، 6 / 68 ، 7 / 96 رقم 4.
    (3) راجع الآية 41 ـ 44 سورة الزخرف.

    الظَّالِمِينَ) ، ثم نزلت : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) (من أمر علي) (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وإن عليا لعلم للساعة وأنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون عن علي بن أبي طالب (1).
    قلت : أشار بقوله من أمر علي إلى ما أوحي إليه بمكة من نصبه إماما لأمته (2) ، فنصبه عليه‌السلام في غدير خم (3).
    والثاني : فباتفاق المسلمين كافة على أنه عليه‌السلام لم يزل على الحق إلى أن لقي الله تعالى ، ثابت القدم كامل الإيمان ، أما عند شيعته فلأنه معصوم عندهم (4). وأما
    __________________
    (1) مناقب الامام علي للمغازلي الشافعي 275 ، مسند أحمد بن حنبل 2 / 85 ، مجمع الزوائد 3 / 265 ـ 274 ، صحيح مسلم كتاب الايمان رقم 118 ـ 120 ص 82 ، صحيح البخاري كتاب العلم ج 1 حديث رقم 43.
    (2) عرف السيد علي أكبر ناصري الامامة بأنها : الرئاسة العامة الالهية خلافة عن رسول الله (ص) ، في أمور الدين والدنيا .. وحفظ حوزة الله بحيث يجب اتباعه على كافة الامة فالمراد بالإمامة هنا تولي السلطة التي كانت للنبي دون استثناء ولذا تسمى بخلافة النبي ، وتجب طاعة الامام على الأمة كافة ، كما تجب طاعة النبي كذلك. حسن عباس حسن ، الصياغة المنطقية ص 355.
    (3) لما نزل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [المائدة 67] أخذ رسول الله (ص) بيد علي (ع) ، وقال : أيها الناس ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله وادر الحق معه كيف دار ، والمولى يراد به : الأولى بالتصرف لتقدم ألست ، ولعدم صلاحية غيره هاهنا ، وقد روى الحديث ونقله الجمهور وأخرجوا ذلك متواترا ، وأن رسول الله قال ذلك بمحضر ألف أو يزيدون ، ونقلوا احتجاج أهل البيت ، وكثير من الصحابة فنقتصر على ذكر أقل القليل من كتبهم منها : شواهد التنزيل 1 / 187 ، والدر المنثور 2 / 298 ، وفتح القدير 3 / 57 ، وروح المعاني 6 / 186 ، والمنار 6 / 463 ، وتفسير الطبري 6 / 198.
    (4) العصمة عند الشيعة : عبارة عن قول العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا على المعاصي محلها كجائز الخطأ ، وليس معنى العصمة أن الله يجبره على ترك المعصية ، بل يفعل به ألطافا يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها. حسن عباس حسن ، الصياغة المنطقية ـ م. س ، ص 371.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:21 pm

    عند غيرهم فلصريح الأحاديث من السنة التي لا معارض لها ، وإنما لم يذكر الكتاب وإن كانت الدلائل فيه على ذلك لا تحصى كثرة لأن الحديث من طرفهم لا احتمال فيه. فمن ذلك ما رواه رزين إمام الحرمين في كتاب الجمع بين الصحاح الستة ، ومنه الجزء الثالث من مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، من صحيح البخاري بإسناده ، قال : عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث ما دار الحق (1). قلت : لا يخفي أنه عليه‌السلام ، إنما طلب أنه لا يفارق الحق إذ لو دار عن الحق لم يدر الحق معه ، فهو بدعوته عليه‌السلام ، ملازم للحق والحق ملازم له لا ينفكان ولا يفترقان .. وسيأتي في الفصل الأول ما يؤكد ذلك ويوضحه إن شاء الله.
    ومن مناقب الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الحسن بن عبد الرحمن العلوي ، فيما كتب به إلي قال : حدثني أبو الطيب محمد بن الحسن السلمي البزار ، قال : حدثني علي بن الحسين السلوني ، قال : حدثني صالح بن أبي الأسود عن أبي المطهر الرازي عن سلام الجعفي عن أبي جعفر عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن الله تعالى عهد إلي في علي عهدا ، فقلت : يا رب سمّه لي ، فقال الله عزوجل : اسمع ، قلت : سمعت فقال : إن عليا راية الهدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين. من أحبه أحبني ، ومن أطاعه أطاعني ، فبشره بذلك ، قال : فبشرته. قال : فقال : علي عليه‌السلام ، يا نبي الله أنا عبد الله وفي قبضته ، فإن يعذبني يهديني ولم يظلمني ، وإن يتم الذي بشرتني به فالله أولى به قال : فقال اللهم اجعل قلبه واجعل ربيعه الإيمان بك. فقال : الله عزوجل ،
    __________________
    (1) الجمع بين الصحاح ج 3 مخطوط ، صحيح الترمذي 5 / 297 ح 3798 ، المستدرك على الصحيحين للنيسابوري 3 / 124 ، تاريخ دمشق لابن عساكر 3 / 117 ح 11159 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 / 572 أوفست بيروت على ط مصر ، الفتح الكبير للنبهاني 2 / 131 ، جامع الأصول لابن الأثير 9 / 420 ، صحيح البخاري 3 ، مناقب الامام علي ، كتاب فضائل الصحابة.

    قد فعلت ذلك. ثم إن الله تعالى عهد إلي أن استخصه من البلاء ما لا أخص به أحدا من أصحابك ، فقلت : يا ربي أخي وصاحبي ، فقال الله تعالى : إن هذا أمر قد سبق أنه مبتلى ومبتلى به (1).
    ومن الكتاب المذكور بإسناده ، قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد ابن سهل النحوي إذنا ، أن أبا طاهر إبراهيم بن محمد بن عمر بن يحيى العلوي ، حدثهم قال : أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني ، قال : حدثنا محمد بن محمود ابن بنت الأشج الكندي الكوفي نزيل أسوان سنة ثماني عشرة وثلاثمائة ، قال : حدثنا إسحاق بن يزيد ، قال : حدثنا محمد بن عنبس ابن هشام الناشري (2). قال : حدثني عبد المؤمن بن القاسم عن صالح بن ميثم ابن يريم بن العلاء عن أبي ذر ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل علي فيكم ، أو قال في هذه الأمة ، كمثل الكعبة المسورة ، أو قال : المشهورة ، النظر إليها عبادة والحج إليها فريضة (3) ، ومنه قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ، قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد الحفار ، قال : حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن زرين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن يزيد ابن ورقاء الخزاعي ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدي ، قال : حدثنا إسماعيل ابن موسى السدي ، قال : حدثنا أبو فضيل ، قال : حدثنا يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس ، قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي يوم القيامة على الحوض لا يدخل الجنة يوم القيامة إلا من جاء بجوار من علي بن أبي طالب عليه‌السلام (4).
    أقول : ولا يخفي دلالة هذه الأحاديث على المطلوب ، بل لا يخفي على المتأمل ما
    __________________
    (1) المناقب للمغازلي ص 46 ـ 47 ، حلية الأولياء 1 / 66.
    (2) في تحرير المشتبه 121 : محمد بن عبيس (مصغرا) ، وفي ذيل الصفحة نقلا عن المشتبه والتاج للزبيدي كما في الصلب قال : وفي الاكمال عبيس ..
    (3) المناقب للمغازلي ص 106 ـ 107.
    (4) المصدر السابق ، ص 119.

    فيها من النكت الغريبة والإشارات العجيبة ، ولو لا خوف الإطالة لأوردنا أحاديث كثير من طرقهم في هذا المعنى (1) ، وفيما ذكرناه كفاية وافية وسيأتي في الفصول ما يؤكده إن شاء الله.
    البحث الثاني :
    في معنى الحديث ولا اشتباه في قوله عليه‌السلام (ستفترق) ، لأن السين يجوز حملها على معناها الحقيقي ، لأن الاختلاف تراخ عن حيويته (ع) ، ويجوز حملها على التأكيد ، فإن ما هو متحقق الوقوع قريب ، كقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (2) ، ولا في العدد لإخباره عليه‌السلام به ، وما يتوهم من أنه إن حمل على أصول المذاهب ، فهي أقل من هذا العدد ، وإن حمل على ما يشمل الفروع ، فهي أكثر منه ، توهم لا سند له. يجوز كون الأصول التي بينها مخالفة مفيدة لهذا العدد. وقد يقال : لعلهم في وقت من الأوقات بلغوا هذا العدد ، وإن زادوا أو نقصوا في أكثر الأوقات كذا ذكره الفاضل الدواني (3) ، فذكرنا بلفظه وهو حسن ، إلا أنه يمكن تفصيل ذلك لك على وجه لا يزيد ولا ينقص ، لكنه لا يليق هنا.
    نعم الاشتباه في قوله كلها في النار إلا واحدة ، قال الفاضل المذكور : من حيث
    __________________
    (1) حول الأحاديث التي من طرقهم في هذا المعنى راجع : الصواعق المحرقة 75 ، ينابيع المودة 2 / 153 ، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، باب فضائل أهل البيت ص 18 ، مستدرك الحاكم على الصحيحين 3 / 135 ، وراجع أيضا مخطوط كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للشيخ أبي عبد الله البلخي الشافعي ص 5 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 4 ، وكتاب المناقب للخوارزمي الحنفي.
    (2) سورة الضحى ، آية 5.
    (3) هو محمد بن أسعد الصديقي الدواني ، قاض ، باحث ، يعد من الفلاسفة ، ولد في دوان (من بلاد كازرون) وسكن شيراز وولي قضاء فارس وتوفي فيها. له انموذج العلوم ، وتعريف العلم ، وشرح القصائد ، حاشية على شرح القوشجي لتجريد الكلام ولد سنة 830 ه‍ وتوفي سنة 918 ه‍. [الأعلام للزركلي 6 / 257].

    الاعتقاد فلا يرد أنه لو أريد الخلود فيها فهو خلاف الإجماع ، فإن المؤمنين لا يخلدون فيها ، وإن أريد مجرد الدخول فهو مشترك بين الفرق ، إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة ، والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد جدا ، ولا يبعد أن يكون المراد استقلال مكثهم في النار بالنسبة إلى سائر الفرق ترغيبا في تصحيح الاعتقاد ، أقول : كلامه هنا بأجمعه ليس شيء منه بصحيح ولا تام ، وذلك لأنه فسره بكونهم في النار من حيث الاعتقاد ، وغرضه من ذلك أن المراد العذاب عليه بها في الجملة لا الخلود ، معللا بأنه خلاف الإجماع ، لأن المؤمنين لا يخلدون ، وفيه نظر ، لأن كون ذلك من حيث الاعتقاد وغير مسلم بجواز أن يكون منه ، ومن العمل مما قال تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (1). سلمنا لكن نفيه الخلود غير مسلم والإجماع الذي نقل ممنوع ، فان جماعة من العلماء ذهبوا إلى أن غير الطائفة المحققة كفار وأنهم مخلدون في النار ، وقوله : لأن المؤمنين لا يخلدون مسلم لكن الحذف في المؤمنين ، فالشيعة تزعم أن الإيمان إنما يصدق على معتقد الحق من الأصول الخمسة ، ومنها عندهم إمامة الاثني عشر (2) ، وقوله ان يجري الدخول مشترك .. إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة مسلم ، إلا أن قوله والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد ممتنع أشد المنع ، بل الظاهر ذلك استبعاده ، بل بعيد فان ظاهر الخبر ينقضه ، وقوله لا يبعد أن يكون المراد إلى كفره أشد بعدا ، لأنه خلاف ما يتبادر إليه الفهم من الحديث.
    والحق أن معنى الحديث إن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا ، وغيرها في النار إما
    __________________
    (1) سورة البقرة ، آية 80 ـ 81.
    (2) أنظر : المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين ، والنص والاجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين ، وحق اليقين في معرفة أصول الدين للسيد عبد الله شبر ، وكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد للعلامة الحلي.

    خلودا أو مكثا من غير خلود في الجميع ، أو في بعض بالخلود وفي بعض بالمكث من غير خلود وهو ظاهر الخبر من غير تكلف ، ولقولنا إن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا شاهد من الحديث. روى أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني في كتاب التمحيص (1) ، قال : وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ما من شيعتنا أحد
    __________________
    (1) ان العلماء المحققين الكبار اختلفوا في نسبة الكتاب على قسمين ، فمن جعله لابن شعبة : الكاتب الاسكافي ، شيخ اصحابنا ومتقدمهم ، له منزلة عظيمة ، كثير الحديث ، من مؤلفاته كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة ، وكان مولده يوم الاثنين لست خلون من ذي الحجة ، سنة ثمان وخمسون ومائتين ، وتوفي في يوم الخميس لإحدى عشر ليلة بقيت من جمادى الآخر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ، نقلا عن كتاب التمحيص ، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي (عج) بالحوزة العلمية ـ قم ط 1 / 1404 ه‍ ، ص 10 ـ 14.
    1 ـ الشيخ القطيفي (المعاصر للمحقق الكركي) وأرسله ارسال المسلمات بلا ذكر دليل ، واعتمد الآخرون عليه.
    2 ـ القاضي نور الله التستري ، أخذ منه.
    3 ـ الشيخ الحر العاملي ، نقل عن المجالس للقاضي التستري.
    4 ـ الشيخ المولى عبد الله صاحب الرياض يؤكد النسبة اعتمادا على القطيفي أيضا.
    5 ـ السيد حسن الصدر ، يتبع سابقيه في النسبة لابن شعبة اعتمادا على القطيفي ويمنعه لغيره.
    6 ـ السيد محسن الأمين ، يجزم بلا ريب أنه لابن شعبة كما صرح به القطيفي وغيره.
    وأما من شكك في هذه النسب ، ورجع القول لابن همام :
    1 ـ الشيخ المجلسي.
    2 ـ السيد الخونساري ، بل عنده من دون شك أنه من مصنفات ابن همام دون غيره.
    3 ـ الميرزا النوري ، وقد مرت ملاحظته على الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل.
    ولو راجعنا أقوال الطائفة الأولى الذين نسبوا التمحيص لابن شعبة نرى أدلة بعضهم باختصار كما يلي :
    أ ـ قدم زمان القطيفي على زمان المجلسي.
    ب ـ أعلميته بهذا الفن من المجلس وانه أعرف.
    ج ـ عدم ذكر الكتاب ضمن ترجمة ابن همام في كتب الرجال مع قربهم منه.
    د ـ شهادة مجموعة من العلماء بذلك. ولكن لو راجعنا هذه الأدلة ودققنا النظر فيها

    __________________
    لرأيناها لا ترفع شكا ، ولا تورث يقينا بموجب ما يلي :
    أ ـ اما الأول : ففراغ الشيخ ابراهيم القطيفي من تأليف كتابه الوافية في الفرقة الناجية كان سنة 945 ه‍ [الذريعة 16 / 117] ، وكانت وفاة العلامة المجلسي في سنة 1111 ه‍ كما في مقدمة البحار ، بينما كانت وفاة ابن همام سنة 336 ه‍ [رجال النجاشي ص 294] ، وابن شعبة من طبقته كما هو مشهور ، فهذا المقدار من القدم بين القطيفي والمجلسي مع بعدهما كثيرا عن ابن همام وابن شعبة لا ينفع في هذا المقام ولا يورث اطمئنانا ، ان لم يكن هناك دليل آخر.
    ب ـ وأما الثاني ، فمع تبحّر الشيخ ابراهيم القطيفي وتعمقه ، لم يثبت أنه أعلم وأعرف من المجلسي في هذا المضمار كما ذكره الميرزا النوري.
    ج ـ وأما عدم ذكر الكتاب ضمن ترجمته في كتاب الرجال ، فمردود بأن أرباب التراجم نفسهم لم يذكروه كذلك من مؤلفات ابن شعبة ، ثم إن عدم ذكر كتاب لشخص ما في كتب التراجم لا يدل على نفيه عنه ، وفي كتب التراجم أمثلة كثيرة على ذلك ، منها ما أحصاه الشيخ فضل الله الزنجاني [الاختصاص ، ص 19] لأربعة عشر كتابا ورسالة للشيخ المفيد فات عن الشيخين النجاشي والطوسي وحتى ابن شهرآشوب ومن تبعهم أن يذكروها في فهارسهم.
    د ـ وأما شهادة العلماء فالمقصود بهم رجال الطائفة الأولى ، فلو راجعناها لوجدناها تنتهي الى الشيخ القطيفي ، ولم يسبقه غيره حسب ما اطلعنا عليه من المصادر والمراجع التي بين أيدينا ، ولم يذكر الشيخ القطيفي الدليل الذي تفرد به ، وأما التابعون له : فإما قد نقلوا عنه دون تعليق بسلب أو ايجاب ، ولما اعتمدوا عليه وساروا على خطاه مؤكدين هذه النسبة. وربما اعتمد القطيفي في هذه النسبة على ما ذكر ـ كما هو رأي المتأخرين ـ في مقدمة كتاب تحف العقول لابن شعبة انه رواه عن ابن همام بعد ما وجد في كتاب التمحيص أنه قال : حدثني ابو علي محمد بن همام ، فاعتبر الكتاب أيضا لابن شعبة.
    اما الطائفة الثانية التي رجحت الكتاب لابن همام ، أو أكدته له ، كالمجلسي والخوانساري والنوري فقد اعتمدوا في أدلتهم على ما يلي :
    1 ـ ان طريقة التأليف عند المشايخ في تلك العصور كانت تنسب الكتاب لنفس المؤلف فيجعل المؤلف نفسه بمنزلة المحدّث ، فربما يقع اللبس حينئذ في نسبة الكتاب للمحدث أو لمن أملى عليه من تلامذته الذين ينقلون عنه كما وقع في كتاب «التمحيص». وهذه الطريقة تجدها في كثير من كتب الكليني والصدوق والشيخ المفيد وغيرهم ، ولو راجعت كتاب كامل الزيارات لابن قولويه لوجدت نفس هذا النسق ، فيقول : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي الفقيه [كامل الزيارات ص 10] علما بأن ابن قولويه ومحمد

    يقاذف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلي بلية يمحص بها ذنوبه ، إما في مال أو في ولده ، وإما في نفسه حتى يلقى الله وما له ذنب ، وإنه ليبقى عليه شيء من ذنوبه فيشدد عليه عند موته فتمحص ذنوبه (1). ومنه أيضا عن عمر السابري ، قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام ، إني لأرى من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة ، فقال لي : يا عمر لا تشنع على أولياء الله ، إن ولينا ليرتكب ذنوبا يستحق بها من الله العذاب فيبتليه الله في بدنه بالسقم حتى يمحص عنه الذنوب ، فإن عافاه في بدنه ابتلاه في ماله ، فإن عافاه في ماله ابتلاه في أهله ، فإن عافاه في أهله ابتلاه بجار سوء يؤذيه ، فإن عافاه من بوائق الدهر شدد عليه خروج نفسه حتى يلقى الله حين يلقاه ، وهو عنه راض ، قد أوجب له الجنة (2).
    __________________
    بن همام من عصر واحد ، بل إن ابن همام من مشايخ ابن قولويه [المصدر نفسه].
    2 ـ عدم تحقق طبقة صاحب (تحف العقول) لديهم حتى يستظهروا ملاءمتها الرواية عن أبي علي محمد بن همام أو عدمها [راجع ملاحظة الميرزا النوري في المستدرك 3 / 326] وحقا فقد راجعنا كتب الرجال في تحقيق ما قالوا ، ولم يتحقق لنا ما نعتمد عليه. نعم ، ان الشيخ علي بن الحسين بن صادق البحراني ذكر في مسألة في الاخلاق أن الشيخ المفيد نقل عنه ، إلا أنه لم يحدد الكتاب الذي كان فيه النقل ، ومن هذه العبارة استفادة الشيخ الطهراني فعدّه من مشايخ الشيخ المفيد اعتمادا على رسالة الأخلاق ، وقد راجعنا مشايخ الشيخ المفيد في كتب الرجال فلم نجد لابن شعبة ذكرا ولا خبرا ، في الوقت الحاضر.
    3 ـ ومن أدلة الطائفة الثانية في ترجيح كتاب التمحيص لابن همام دون ابن شعبة ، انتهاء أقوال العلماء الى الشيخ القطيفي ، وقد مرت هذه الملاحظة في جوابنا لشهادة العلماء وان عهد القطيفي متأخر بقرون كثيرة عن عصر ابن همام او ابن شعبة ، فلا ينفع قوله في المقام.
    ثم ان حقيقة البحث ليس في أن روايات الكتاب لابن شعبة أو لابن همام حتى يقال بأن كليهما ثقتان كما صرح بعضهم ، بل في ان الكتاب ـ تأليفا واملاء ـ لأبي علي محمد بن همام أو كان تأليفا لغيره مثل ابن شعبة بروايته عن ابن همام. وعلى أي حال فالاصل في كتاب التمحيص انه لأبي علي محمد بن همام بن سهيل .. الكاتب الإسكافي.
    (1) كتاب التمحيص ، ص 38 ، بحار الأنوار 73 / 350 ، الخصال 2 / 435.
    (2) البحار 17 / 9 ، 68 / 200 ح 6 ، وعن رياض الجنان باسناده عن عمر السابري مثله ، وكتاب التمحيص ص 39.

    وعن فرات ابن أحنف ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، إذ دخل عليه من هؤلاء (....) شخص فقال : والله لأسوأنه في شيعته ، فقال : يا أبا عبد الله أقبل إلي فلم يقبل إليه ، فأعاد ثانية فلم يقبل إليه ، ثم أعاد الثالثة ، فقال : ها أنا ذا مقبل ، فقل ولن تقول خيرا ، فقال : له إن شيعتك يشربون النبيذ ، فقال وما بأس بالنبيذ ، أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، أن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا يشربون النبيذ ، فقال : ليس أعنيك النبيذ ، إنما أعنيك المسكر ، فقال : شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس (1) ، وإن فعل ذلك المخذول منهم فيجد ربا رءوفا ونبيا بالاستغفار له عطوفا ، ووليا له عند الحوض ولوفا وتكون وأصحابك ببرهوت (2) ملهوفا ، فأفحم الرجل وسكت. ثم قال : ليس أعنيك المسكر ، إنما أعنيك الخمر ، فقال : أبو عبد الله عليه‌السلام : سلبك الله لسانك ، ما لك تؤذينا في شيعتنا (منذ اليوم؟) (3) ثم قال : له أيضا أخبرني أبي عن علي بن الحسين عليه‌السلام ، عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله ، عن رسول الله ، عن جبرئيل ، عن الله تعالى ، أنه قال : تعلم يا محمد ، أني حظرت الفردوس على جميع النبيين ، حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما ، إلا من اقترف منهم كبيرة ، فإني أبلوه في ماله ، أو بخوف من سلطانه ، حتى يلقاه الملائكة بالروح والريحان ، وأنا عليه غير غضبان ، فيكون ذلك جزاء لما كان منه ، فهل عند أصحابك هؤلاء شيء من هذا ، فلم (4) أو دع (5). وعن أبي الصباح الكناني قال : كنت أنا وزرارة عند أبي عبد الله عليه
    __________________
    (1) الرسيس : من الرس ، أول مس الحمى.
    (2) اسم واد باليمن ، قيل : هو بقرب حضرموت ، جاء أن فيه أرواح الكفار ، وقيل بئر بحضرموت ، وقيل : هو اسم البلدة التي فيها البئر ، رائحتها منتنة فظيعة جدا ، المراصد : 1 / 190.
    (3) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (4) ف (لم) : فعل أمر من لام يلوم.
    (5) كتاب التمحيص 39 ـ 40 ، البحار : 68 / 144 ح 92 ، عن رياض الجنان ، وفي البحار : 47 / 381 ح 102 و 79 / 153 ح 66 عنه وعن مشارق الأنوار : ص 182 عن أبي الحسن الثاني (ع) مثله.

    السلام ، فقال : لا تطعم النار أحدا وصف هذا الأمر ، فقال : زرارة إن ممن يصف هذا الأمر يعمل بالكبائر؟! فقال : عليه‌السلام ، أو ما تدري ما كان يقول (1) أبي في ذلك ، إنه كان يقول إذا ما أصاب المؤمن من تلك الموبقات شيئا ابتلاه الله ببلية في جسد أو بخوف يدخله الله عليه حتى يخرج من الدنيا ، وقد خرج من ذنوبه (2). وروى ابن عباس زيادة على الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله علي وآله منها ، قال ابن عباس ، فقلت : يا رسول الله أوصني ، فقال : عليك بمودة علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، والذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عنده حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وهو تعالى أعلم ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه ، وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شيء ، ثم أمر به إلى النار (3).
    والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وفيما ذكرناه كفاية في تأييد المعنى الذي ذكرناه في الخبر المشهور عنه عليه‌السلام ، بقي هنا شيء ، هو أن الله تعالى خاطب في كتابه وأمر بصيغة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وليس الإيمان الا الإقرار بالشهادتين مع التصديق والإذعان بالقلب (4). فكيف قال من قال : إن الإيمان مركب من ذلك ومن غيره ، مع أن غيره متأخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هذا وأمير المؤمنين عليه‌السلام قد صرح إنه يخف ميزان وضع فيه الشهادتان ، ولا يثقل ميزان لم يوضعا فيه (5) ، نقول في إيضاح هذا إن من المعلوم أن الشهادتين بمجردها غير كافيتين ، إلا مع الالتزام بحكم الكتاب والسنة واعتقاد ما يبين فيهما ، ولم يقل عليه‌السلام ، من مشرك الشهادتين. الا مع ذلك ، ولا شك أن المنكر لما علم فيهما ، أو في أحدهما
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : قبول ولعله تصحيف.
    (2) كتاب التمحيص ، 40 ـ 41 ، عنه في البحار : 68 / 146 ح 93.
    (3) البخاري ، مناقب علي (ع) 2 / 299 ، ينابيع المودة 1 / الباب الأول ص 10.
    (4) أنظر : كتاب معرفة اليقين في اصول الدين للسيد عبد الله شبر ص 224 (البحث السادس بيان معنى الايمان والاسلام).
    (5) سفينة البحار ، ج 2 (مادة) وزن.

    ليس بمؤمن بل ولا مسلم ، فإن الغلاة والخوارج (1) ، وإن كانا من فرق المسلمين نظرا إلى الإقرار بالشهادتين ، فهما من قبل الكافرين نظرا إلى جحودهما ما علم من الدين ، وكيف لا ومن شرائط الإسلام والإيمان القرار بالمعاد فإن منكره كافر (2) ، وإن أقر بالشهادتين وكون الميزان الذي يوضعان فيه لا يخف مسلم ، لكن المراد إذا كانتا مقبولتين أي مخلصا بهما بشرائطهما وذلك ظاهر ويؤيده من الحديث.
    أما من طرقنا فالخبر المشهور عن علي الرضا عليه‌السلام ، حيث روى عن أبيه عن جده معنعنا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، ثم سكت قليلا ، وقال : بشروطها ، وأنا من شروطها (3). ومن طريق الجمهور ما سبق من حديث القهقري وردت بعض الصحابة (4) ، ومن المعلوم إنهم لم ينكروا الشهادتين ولا إحداهما ، ويزيد ذلك بيانا لما رواه الشافعي ابن المغازلي ، رفعه عن ابن عباس
    __________________
    (1) الغلو : التشدد في الشيء ومجاوزة الحد فيه ، ومنه حديث رسول الله (ص) : إياكم والغلوّ في الدين [النهاية 3 / 382] ، وقد غلا جماعة في أمير المؤمنين (ع) وألّهوه.
    قال ابن أبي الحديد : وبمقتضى ما شاهد الناس من معجزاته وأحواله المنافية لقوى البشر غلا فيه من غلا بحلول الجوهر الالهي فيه ، وقد أخبره النبي بذلك ، فقال : يهلك فيك رجلان محب غال ومبغض قال. والخوارج : فئة خرجت على إرادة أمير المؤمنين (ع) يوم صفين (صفر عام 37 ه‍ / يوليه عام 657 م) عند رفع المصاحف وألجأته الى التحكيم ثم كفرته فحاربها أمير المؤمنين يوم النهروان (9 صفر 38 ه‍ / 17 يوليه 65 م) وكان استشهاده على يد واحد منهم وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادي.
    (2) أجمع المسلمون قاطبة على ضرورة المعاد من دينهم ، وهو يوم الحساب ، ولهذا يجب التصديق والاعتقاد به على الوجه الذي ذكره الأنبياء (ع) ، وهو أمر معلوم الثبوت بالضرورة من دين رسول الله (ص) وصريح القرآن دل عليه في كثير من آياته ، وضرورة العقل القاطع يقضي بلزومه لذا فإن منكره كافر بإجماع المسلمين قاطبة.
    (3) التوحيد ، ص 25 ، ح 23 ، ميزان الحكمة 2 / 94 ، ح 2541.
    (4) حول ارتداد الصحابة انظر : صحيح البخاري 2 / 122 ، صحيح مسلم في باب صلح الحديبية ج 2 ، السيرة الحلبية 2 / 706 ، مسند الامام أحمد 1 / 355 و 5 / 116 ، تاريخ الطبري 3 / 193 ، تاريخ ابن الأثير 2 / 320 ، طبقات ابن سعد 2 / 190 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 106 ، فتوح البلدان 437 ، شرح ابن أبي الحديد 8 / 111.

    رضى الله عنه قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام غضبان ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أغضبك؟ فقال : آذوني (1) فيك بنو عمك ، فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مغضبا ، فقال : أيها الناس من آذى عليا فقد آذاني ، ان عليا أولكم ايمانا وأوفاكم بعهد الله ، أيها الناس من آذى عليا بعثه يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا ، فقال جابر بن عبد الله الأنصاري : يا رسول الله وإن شهد لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله؟ فقال يا جابر : كلمة يحتجزون بها عن أن لا تسفك دماؤهم (2) وأن لا تستباح أموالهم وأن لا يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (3). قلت : وفي هذا الحديث نكتة لطيفة ، هي أن إخلاص الشهادتين تقتضي عدم الإيذاء لأنه من لوازمها فليتأمل. وما رواه الفقيه الشافعي أيضا بحذف الإسناد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لاك يا علي ما عرف المؤمنون بعدي (4). والأحاديث في ذلك كثيرة والنظر السليم والعقل المستقيم يساعدها والله الموفق.
    * * *
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : آذاني.
    (2) في نسخة الأصل وردت العبارة هكذا : عن سفك دمائهم وأموالهم وأن تعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
    (3) مناقب الامام علي للمغازلي ص 52 ، أخرجه بهذا اللفظ والسند ابن حسنويه جمال الدين في در بحر المناقب ص 46 (مخطوط) ، وأما قوله (ص) من آذى عليا فقد آذاني فهو متواتر أخرجه الحفاظ الأثبات ، راجع : مسند الإمام أحمد 3 / 483 ، المستدرك للحاكم 3 / 122 ، تاريخ الإسلام 2 / 196 ، الإصابة لابن حجر 2 / 534 ، الجامع الصغير للسيوطي 2 / 473.
    (4) مناقب الإمام للمغازلي ، ص 70.


    الفصل الأول
    فيما يتعلق بأمير المؤمنين عليه‌السلام خاصة ، وفيه ثلاثة مطالب
    المطلب الأول :
    في أنه وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخليفته ، وهو من المشاهير ، بل من المتواتر ، وقد رواه المؤالف والمخالف ، وذكره الوفاد والشعراء في نثرهم وقصائدهم ، والأثر من الحديث به كثير (1) ، فأما من طريقنا فأشهر من أن يذكر ، فمن ذلك ما رواه محمد بن الحسن الصفار رحمه‌الله في كتاب بصائر الدرجات ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ابن عمرو بن يزيد بياع السابري ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس إذ أتاه رجل طويل كأنه نخلة فسلم فرد عليه‌السلام ، وقال : يشبه الجن في كلامهم ، فمن أنت يا عبد الله؟ فقال : أنا إلهام بن الهيم بن لاميسن بن إبليس ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بينك وبين إبليس إلا أبوين ، فقال : نعم يا رسول الله ، قال : فكم أتى لك ، فقال : أكلت عمر الدنيا إلا أقله ، أنا أيام قتل قابيل هابيل ، غلام أفهم الكلام ، وأنهى عن الاعتصام ، وأطوف الآجام ، وآمر بقطيعة الأرحام ، وأفسد الطعام ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس سيرة الشيخ
    __________________
    (1) ينابيع المودة ، ص 125 ، أرجح المطالب 544 ، من ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 2 / 488 ، المناقب للخوارزمي 1 / 68 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5 / 33.

    المتأمل والغلام المقبل ، فقال : يا رسول الله إني تائب. قال له عليه‌السلام : على يد من جرت توبتك من الأنبياء ، فقال : على يد نوح عليه‌السلام ، وكنت معه في سفينته ، وعاتبته على دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني ، وقال : لا جرم إني على ذلك من النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، «ثم كنت مع هود في مسجده ، مع الذين آمنوا معه فعاتبته على دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني ، وقال : لا جرم إني على ذلك من النادمين وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) (1) ، ثم كنت مع إبراهيم عليه‌السلام ، حين كاده قومه ، فألقوه في النار فجعلها الله بردا وسلاما ، ثم كنت مع يوسف عليه‌السلام حين حسده أخوته (2) ، فالقوه في قعر الجب فوضعته وضعا رفيقا ، ثم كنت معه في السجن أؤنسه فيه حتى أخرجه الله منه ، ثم كنت مع موسى عليه‌السلام ، وعلمني سفرا من التوراة وقال : إذا أدركت عيسى فاقرأه مني السلام ، فلقيته وأقرأته من موسى السلام ، وعلمني من الإنجيل سفرا ، وقال : إن أدركت محمدا فاقرأه مني السلام ، فعيسى يا رسول الله يقرأ عليك السلام ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وعلى عيسى روح الله وكلمته (وجميع أنبياء الله ورسله) (3) ما دامت السموات والأرض السلام عليك يا هام بما بلغت السلام ، فارفع إلينا حوائجك قال : حاجتي أن يبقيك الله لأمتك ، ويصلحهم لك ويرزقهم الاستقامة لوصيك من بعدك ، فإن الأمم السالفة إنما هلكت بعصيان الأوصياء ، وحاجتي يا رسول الله أن تعلمني سورا من القرآن أصلي بها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي علّم هام وارفق به ، فقال إلهام : يا رسول الله من هذا الذي ضمنتني إليه ، فإنا معاشر الجن قد أمرنا أن لا نكلم إلا نبيا أو وصي نبي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا هام من وجدتم في الكتاب وصي آدم ، قال : شيث بن آدم ، قال : فمن كان وصي نوح ، قال : سام بن نوح ، قال : فمن كان وصي هود ، قال : يوحنا بن حنان ابن عم هود ،
    __________________
    (1) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (2) في نسخة الأصل : أخذه أخوه.
    (3) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

    قال : فمن كان وصي إبراهيم عليه‌السلام ، قال : إسحاق بن إبراهيم ، قال : فمن كان وصي موسى عليه‌السلام ، قال : يوشع بن نون ، قال : فمن كان وصي عيسى عليه‌السلام ، قال : شمعون بن حمون الصفا ابن عم مريم ، قال : فمن وجدتم في الكتاب وصي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : في التوراة إليا ، قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إليا هذا علي وصيي ، قال : إلهام يا رسول الله فله اسم غيرها قال : نعم هو حيدرة ، فلم تسألني عن ذلك؟ قال : إنا وجدنا في كتاب الأنبياء إنه في الإنجيل هيدار ، قال : هو حيدرة ، قال : فعلمه علي عليه‌السلام سورا من القرآن ، فقال هام : يا علي يا وصي محمد اكتفي بما علمتني من القرآن ، قال : نعم يا هام قليل القرآن كثير ، ثم قام هام إلى النبي عليه‌السلام فودعه فلم يعد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله (1). وإنما اخترنا إيراد هذا الخبر مع طوله لاشتماله على لطائف ونكت لا تخفى ، وعليه اقتصرنا عن باقي الأحاديث في هذا الباب من طرقنا (2).
    ومن طريق أهل السنة ، من مسند أحمد بن حنبل قال : حدثنا هيثم بن خلف ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمر الدودي ، قال : حدثنا شاذان ، قال : حدثنا جعفر بن زياد عن مطر عن أنس يعني بن مالك ، قال : قلنا لسلمان اسأل النبي عليه‌السلام من وصيه ، فقال له سلمان : يا رسول الله من وصيك؟ فقال : يا سلمان من كان وصي موسى؟ فقال : يوشع بن نون ، قال : فقال وصيي ووارثي يقضى ديني وينجز موعدي
    __________________
    (1) بصائر الدرجات للصفار ج 2 / ص 118 ـ 119 ، ح 8 ، ط مؤسسة الأعلمي بطهران سنة 1404 ه‍.
    (2) حول الأحاديث التي من طرقنا في هذا الباب انظر : الكافي 1 / 234 ، بحار الأنوار 22 / 456 ح 3 وح 31 ، أمالي الشيخ الصدوق ص 13 و 34 و 110 ، وأما التي من طرق السنة فراجع : تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي 1 / 5 ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 42 ، الميزان للذهبي 2 / 273 ، الرياض النضرة للطبري الشافعي 2 / 234 ط 2 ، كنوز الحقائق للمناوي الشافعي ص 130 ، ذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 71.

    علي بن أبي طالب عليه‌السلام (1). ومن ذلك ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب والثعلبي في تفسيره عن أنس بن مالك ، قال : أهدي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بساط من بهدف (2). فقال : إلي يا أنس أبسطه ، فبسطه فقال : ادع العشرة ، فدعوتهم فلما دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط ، ثم دعا عليا فناجاه طويلا ، ثم رجع علي فجلس على البساط ، ثم قال : يا ريح احملينا فحملنا الريح فاذا البساط يذف ذفا ، ثم قال : يا ريح ضعينا ، ثم قال : أتدرون في أي مكان أنتم ، قلنا لا ، قال : هذا موضع الكهف الرقيم ، قوموا فسلموا على اخوانكم ، قال فقمنا رجلا رجلا فسلمنا عليهم ، فلم يردوا علينا ، فقام علي عليه‌السلام فقال : السلام عليكم يا معشر الصديقين والشهداء ، قال : فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، فقال : فقلت ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا ، فقال : لهم ما بالكم لم تردوا على إخواني ، فقالوا : إنا معشر الصديقين والشهداء لا نكلم بعد الموت إلا نبيا أو وصيا (3).
    ومن ذلك ما ذكره الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (4) ، قال فيه أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدثنا موسى بن محمد ، قال : حدثنا الحر بن علي بن شعيب المغربي ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء ، قال : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ، جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس ، فأمر
    __________________
    (1) مسند أحمد بن حنبل ج 5 / 32 ، كنز العمال ج 6 / 154 ح 2570 ط 1.
    (2) كذا ضبطه في المراصد وقال : بلد في آخر النهروان بين درايا وواسط من أعمال كسكر. وفي أصل النسخة خندق وهو تصحيف ، فان السيد ابن طاوس نقل الحديث في (سعد السعود 115) بلفظه ، وفيه أهدي لرسول الله بساط من قرية يقال : لها بهدف.
    (3) المناقب للمغازلي ص 231 ، تفسير الثعلبي (خبر البساط) ويسمى ب «تفسير الكشف والبيان في تفسير القرآن» لأبي اسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم النيشابوري الثعلبي توجد نسخته في مكتبة آية الله المرعشي بقم المقدسة خطيّة قديمة ورقمها (908).
    (4) سورة الشعراء ، آية 214.

    عليا أن يدخل شاة فأدمها ، ثم قال : ادنوا بسم الله ، فدعا القوم عشرة عشرة ، فاكلوا حتى صدوا ، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ، ثم قال : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتى رووا فبدرهم (1) أبو لهب ، فقال : هذا سحركم به الرجل ، فسكت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ ولم يتكلم. ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ، ثم أنذرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا بني عبد المطلب أنا النذير إليكم من الله عزوجل والمبشر بما لم يجئ به أحد منكم بالدنيا والآخرة ، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ، فمن هو أخي ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي ويقضي ديني؟ فسكت القوم ، وقال علي : أنا ، فقال : أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك (2).
    قلت : ولهذا الحديث شأن عجيب يعرفه من عرف حكم أبي بكر لعلي عليه‌السلام على العباس يوم اختصامهما إليه ، حيث أتيا إلى أبي بكر فقال : أبو بكر كفاكم القصير والطويل ، وقال للعباس : لا تنازع عليا فان الحق معه وقد نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن منازعته ، وقال : للعباس ألم تحضر يوم الدار إذ أوصى النبي به يوم كنا فيها ونهى عن منازعته ، فقال له العباس : ألم تك أنت حاضرا أيضا فلم نازعته الخلافة ، فأفحم وخرجا عنه (3).
    __________________
    (1) فبدرهم ، من بادر ، المبادرة.
    (2) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، ولقد سجل المؤرخون والمفسرون هذه القضية التاريخية الخالدة في كتبهم وتفاسيرهم وصحاحهم وأليك اسماء بعضها : تفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي 2 / 118 ط 3 مصطفى الحلبي ، وتفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي 3 / 371 و 390 ط مصر ، تفسير الطبري (ط بولاق) 19 / 74 ، تاريخ الطبري 2 / 216 ، الكامل لابن الأثير 2 / 22 ، مسند أحمد بن حنبل 1 / 11 / 159 و 331 في ضمن حديث ابن عباس ، مستدرك الصحيحين للحاكم 3 / 132 ، ولشهرة هذا الحديث ذكره عدة من الافرنج في كتبهم الفرنسية والانكليزية والألمانية واختصره توماس كاوليل في كتابه : الأبطال كما في المراجعات للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين.
    (3) الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 / 73.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:23 pm

    ومن ذلك ما رواه الفقيه المغازلي الشافعي الواسطي في تفسير قوله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (1). قال : فيه أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان ، قال : أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية الحراز إذنا ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي ادهان المعروف بأخي حماد (2) ، قال : حدثنا علي بن محمد بن خليل بن هارون البصري ، قال : حدثنا محمد بن الخليل الجهني ، قال : حدثنا هيثم عن أبي بشير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ نقض كوكب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي ، فقام فتية من بني هاشم فنظروا واذا الكوكب قد انقض في منزل علي عليه‌السلام ، فقالوا : يا رسول الله قد غويت في حب علي فأنزل الله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) (3).
    ومن ذلك ما ذكره ابن عباس رضى الله عنه في حديث طويل من مسند أحمد بن حنبل رواه عن عمر بن ميمون إلى أن قال : وخرج بالناس في غزوة تبوك ، فقال : علي عليه‌السلام اخرج معك ، قال : فقال له نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ، فبكى علي عليه‌السلام ، فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك ليس بنبي ، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ، قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة (4).
    __________________
    (1) سورة النجم ، آية 1 ـ 4.
    (2) في نسخة الاصل : حماده ولعله تصحيف.
    (3) مناقب المغازلي ص 310 ـ ح 353.
    (4) هذا الحديث من الأحاديث المتواترة ، ويوجد في : مسند أحمد بن حنبل ج 3 / 50 ح 1490 بسند صحيح ، وص 88 ح 1583 بسند صحيح وص 94 ح 1600 بسند حسن ، وص 97 ح 1608 بسند صحيح ، وج 5 / 25 ح 3063 بسند صحيح ، ط دار المعارف بمصر.

    ومن ذلك ما رواه الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ، وهو حجة عند المذاهب الأربعة ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد السري عن يحيى التميمي (1) ، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر قال : حدثنا أبي عن عمي الحسين بن (يوسف بن) (2) سعيد بن أبي الجهم قال : حدثنا أبي عن إبان بن تغلب عن علي بن محمد المنكدر (3) ، عن أم سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت ألطف نسائه به وأشدهن له حبا ، قال : وكان لها مولى خصها (4) ورباها وكان لا يصلي صلاة إلا سب عليا وشتمه ، فقالت له أم سلمة : يا أبة ما حملك على سب علي عليه‌السلام؟ قال : لأنه قتل عثمان ، وشرك في دمه. قالت له : لو لا أنك مولاي وربيتني وأنك عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن اجلس حتى أحدثك عن علي وما رأيته ، قد أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يومي وإنما كان يصيبني في تسعة أيام يوم واحد ، فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متخلل أصابعه في أصابع علي واضعا يده عليه ، فقال : يا أم سلمة أخرجي من البيت وأخليه لنا ، فخرجت وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام وما أدري ما يقولان حتى إذا قلت : قد انتصف النهار ، أقبلت فقلت : السلام عليكم أألج؟. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تلجي وارجعي مكانك ، ثم تناجيا طويلا ، فقام عمود الظهر ، فقلت : ذهب يومي وشغل عني علي عليه‌السلام ، فاقبلت أمشي حتى وقفت على الباب فقلت : السلام عليكم أألج؟. فقال : صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تلجي. فرجعت وجلست ، حتى إذا قلت : قد زالت الشمس الآن يخرج إلى الصلاة فيذهب يومي ولم أر قط أطول منه ، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب ، فقلت : السلام عليكم ، أألج؟. (فقال Smile (5) النبي صلى
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : أحمد التميمي.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) في نسخة الأصل : المنذر.
    (4) في نسخة الأصل : يخصها.
    (5) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

    الله عليه وآله : نعم ، فالجي فدخلت وعلي واضع يده على ركبتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على إذن علي يتشاوران ، وعلي يقول : أفأمضي وأفعل ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : نعم. فدخلت وعلي معرض وجهة (1) عني ، حتى دخلت وخرج ، فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاقعدني في حجره فأصاب مني ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار ، ثم قال : يا أم سلمة لا تلوميني ، فإن جبرئيل عليه‌السلام أتاني من الله بما هو كائن بعدي وأمرني أن أوصي به عليا عليه‌السلام من بعدي ، وكنت بين جبرئيل وبين علي ، وجبرئيل عن يميني وعلي عن شمالي فأمرني جبرئيل أن آمر عليا بما هو كائن بعدي ، إلى يوم القيامة فاعذريني ولا تلوميني يا أم سلمة ، إن الله اختار من كل أمة نبيا ، واختار لكل نبي وصيا ، فأنا نبي هذه الأمة ، وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي ، فهذا ما شهدت من علي عليه‌السلام. فالآن يا أبتاه فسبه أو دعه. فأقبل مولاها يناجي الليل والنهار ويقول اللهم اغفر لي ما جهلت من أمر علي ، فان ولي علي وليي وعدو علي عدوي ، وتاب توبة نصوحا ، وأقبل فيما بقى من دهره يدعو الله أن يغفر له (2).
    ومن ذلك ما رواه الفقيه الشافعي (أبو الحسن المغازلي) في كتاب (المناقب) له قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الأخباري ، قال : حدثنا علي بن محمد العدوي الشمالي (3) ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا ، قال : حدثنا أحمد بن المقدام العجلي ، قال : حدثنا الفضيل بن عياض عن نور بن يزيد عن خالد بن معدان عن زاذان عن سليمان (4) قال : سمعت حبيبي محمدا (5) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :
    __________________
    (1) وردت وجهة ، ولعلها وجهه.
    (2) المناقب للحافظ ابن مردويه (مخطوط) ، المناقب للخوارزمي ص 88 ـ 90.
    (3) في نسخة الأصل : الشمشاني ولعله تصحيف.
    (4) في نسخة الأصل : عن شاذان عن سليمان.
    (5) في نسخة الأصل : محمد.

    كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عزوجل يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بألف عام ، فلما خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه ، فلم يزل في شيء واحد ، حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الخلافة (1).
    ومن الكتاب المذكور باسناده إلى أبي ذر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : كنت أنا وعلي نورا عن يمين العرش يسبح الله ذلك النور ، ويقدسه قبل ان يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلم أزل أنا وعلي في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب (2).
    ومنه بإسناده إلى جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله عزوجل أنزل قطعة من نور فأسكنها في صلب آدم ، فساقها حتى قسمها جزءين في صلب عبد الله وجزءا في صلب أبي طالب فأخرجني نبيا وأخرج عليا وصيا (3).
    ومن مناقب الفقيه المذكور أيضا قال : أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ، قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد ، قال : حدثني إسماعيل بن علي ، قال حدثني عبد الغفار بن جعفر ، قال : حدثني جرير عن الأعمش عن إبراهيم التميمي عن أبيه عن أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ناصب عليا الخلافة من بعدي فهو كافر ، وقد حارب الله ورسوله ، ومن شك في علي عليه‌السلام فهو كافر (4).
    ومن ذلك ما رواه ابن شبرويه الديلمي في باب الخاء بإسناده عن سلمان الفارسي ، قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففي النبوة وفي علي
    __________________
    (1) المناقب للمغازلي ص 87 ـ 88 ح 130 ، ميزان الاعتدال 1 / 235.
    (2) المصدر نفسه 98 ، ح 131.
    (3) في نسخة الأصل : وليا. المناقب للمغازلي ص 98 ح 132.
    (4) المناقب للمغازلي ص 45 و 46 ح 86.

    الخلافة (1) ، أقول : الأحاديث في هذا كثيرة (2) ، وفيما ذكرناه كفاية.
    والغرض أنه إذا أثبت أنه وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخليفته وشقيقه في النور ، وعديله عن النبوة بالولاية ، وأنه ولي كل مؤمن بعد النبي ومؤمنة. فالمتبعون له ، والمقتفون لأثره والآخذون بقوله ، والمعتصمون بحبله ، هم الفرقة الناجية بلا شبهة.
    والإمامية هم الموصوفون بذلك ، حتى صار اسمهم أنهم شيعته ، علما لهم من بين سائر الفرق الإسلامية. والنزاع في هذا مكابرة. على أن فيما يأتي من الفصول والمطالب ما يدفع النزاع والاحتمال ، والغرض الأهم من هذا المطلب إثبات ما أثبتناه من كونه وصيا ووليا ، وخليفة ومولى للمؤمنين والمؤمنات ، على الوجه الذي يفهم من ظاهر الأحاديث ، أعني ثبوت ذلك له بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مطلقا ، فإن الطالب للحق والنجاة لا يخفى عليه ذلك إذا أنصف من نفسه والله الموفق.
    المطلب الثاني :
    في أنه عليه‌السلام باب مدينة علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله، والعلم بذلك من المشهور ، بل المتواتر أيضا ، والأحاديث في ذلك كثيرة من طرقنا وطرق أهل السنة ، فمن ذلك :
    ما رواه الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمرو الجعابي ، قال : حدثنا أحمد بن عيسى أبو جعفر العجلي ، قال : حدثنا إسماعيل بن خالد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
    __________________
    (1) فردوس الأخبار للديلمي باب الخاء ج 2 / ص 305 ، ح 2776 ، غاية المرام ص 66.
    (2) أنظر : كفاية الطالب الباب 87 ـ ص 315 ، ميزان الاعتدال 1 / 235 ، ابن حجر العسقلاني في لسانه 2 / 229 ، تذكرة خواص الأمة لابن الجوزي 52 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 / 450 ، ينابيع المودة 10 ، مناقب الخوارزمي 46 ، نزهة المجالس 2 / 230.

    وآله يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليقتبسه من علي (1).
    وبحذف الإسناد عن عبد الله بن مسعود ، قال : استدعى رسول الله عليا فخلا به ، فلما خرج سألناه ما الذي عهد إليك ، فقال : علمني ألف باب من العلم فتح لي من كل باب ألف باب (2).
    ومن ذلك من كتاب ابن المغازلي الواسطي الفقيه الشافعي ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الحسن بن شاذان البزاز إذنا ، قال : حدثنا محمد بن حميد اللخمي (3) ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عمار بن عطية ، قال : حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ، قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب (4).
    ومن الكتاب المذكور بحذف الإسناد عن حذيفة (5) عن علي عليه‌السلام ، قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ولا تأتي البيوت إلا من أبوابها (6).
    ومنه أيضا بحذف الإسناد عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ، قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب (7).
    ومنه بحذف الإسناد عن عبد الله بن عثمان بن عبد الرحمن قال : سمعت جابر
    __________________
    (1) الارشاد للشيخ المفيد ص 22 ، فصل في فضله (ع) على الكافة في العلم.
    (2) المصدر نفسه ، ص 23.
    (3) في نسخة الأصل : النجمي ولعله تصحيف.
    (4) المناقب للمغازلي ، ص 81 ـ ح 121.
    (5) في المناقب للمغازلي ط بيروت (عن جرير) وفي عمدة ابن بطريق 153 نقلا عن ابن المغازلي (حذيفة).
    (6) المصدر السابق ، ص 81 ـ ح 123.
    (7) المصدر السابق ، ص 82 ـ ح 123.

    بن عبد الله الأنصاري ، يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : في يوم الحديبية وهو آخذ بإصبع علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وقال : هذا أمير البررة وقاتل الفجرة (1) ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، ثم مدّ بها صوته ، وقال : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب (2).
    ومنه بطريق آخر عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ، قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا دار الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب (3).
    والأخبار في ذلك كثيرة (4) ، وفي هذا كفاية إذا عرفت هذا ، فاعلم أن المراد بالباب في هذه الأخبار الكناية عن الحافظ للشيء الذي لا يسند عنه شيء ولا يخرج منه ولا يدخل إليه إلا به. وإذا أثبت أنه عليه‌السلام الحافظ لعلوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وحكمته وثبت الأمر بالتوصل به إلى العلم والحكمة وجب اتباعه والأخذ عنه ، وكان الآخذون عنه والمتبعون له هم الفرقة الناجية بلا شبهة ولا ريب ، ولا شك انهم الإمامية الاثني عشرية المعتقدون لولايته وفرض طاعته وطاعة عترته الوارثين لما ورثه عليه‌السلام والحافظين لما حفظه ، وهم شيعته حقا ، وسنوضح عن قريب ذلك من الأخبار إن شاء الله تعالى.
    * * *
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : إمام البررة وقاتل الكفرة.
    (2) المصدر السابق ، ص 184 ـ ح 124.
    (3) المصدر السابق ، ص 186 ـ ح 128.
    (4) هذا الحديث من الأحاديث المتواترة الصحيحة المعتبرة ، والمصادر التي ذكرت هذا الحديث بمختلف الأسانيد كثيرة جدا وأليك أسماء بعضها : ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 2 / 464 ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي 1 / 234 ح 459 ، المستدرك للحاكم 3 / 126 وصححه ، أسد الغابة 4 / 22 ، المناقب للخوارزمي ص 40 ، كنز العمال 15 / 129 ح 378 ط 2 ، صحيح الترمذي 5 / 301 ح 3807 ، ولمزيد من المصادر راجع المراجعات (تحقيق الشيخ حسين الراضي) ص 144 ـ 146 ، رقم 588 ـ 560.

    المطلب الثالث :
    في أنه عليه‌السلام المنصوص عليه بالإمامة ووجوب الإتباع ، وثبوت ما كان للنبي عليه‌السلام من الأولية والطاعة والمحل ، وهو من المشهورات والمتواترات في الحديث.
    أما عند الإمامية فأظهر من أن يذكر ، رواه كل من ينسب إليه العلم منهم ، ولا حاجة لنا إلى ذكر شيء من أحاديثهم في هذا الباب ، لأن ذلك من الضروريات عندهم وهو مروي عندهم بما لا يحصى كثرة (1).
    ومن مجمله بحذف الإسناد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قضى مناسكه في حجة الوداع دخل مكة فأقام بها يوما واحدا فهبط الأمين جبرئيل عليه‌السلام عليه بأول آية العنكبوت (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (2) ، فسأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جبرئيل : ما هذه الفتنة؟ فقال : العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول لك ما بعثت نبيا من أنبيائي إلا أمر انه عند انقضاء أجله أن سيخلف على أمته من يقوم مقامه ، والمطيعون له فيما أمرهم به ، الصادقون والمخالفون عن أمره هم الكاذبون. وقد آن لك يا محمد أن تسير إلى ربك وهو يقول لك أنصب لأمتك من بعدك علي بن أبي طالب ، أما فهو الوصي المهيمن على أمتك ، القائم فيهم بأمرك إن أطاعوك ، وهي الفتنة التي ذكرت لك ، وإن الله يأمرك أن تعلمه جميع ما علمك من العلوم وتودعه جميع ما استودعك من أسرار النبوة وشرائع الدين ، وأن تسلم إليه جميع ما معك من آثار الأنبياء والسلاح والألوية والرايات ، فإنه الأمين على ذلك. ويقول لك
    __________________
    (1) أنظر : تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي من أهل القرن الثالث ص 12 ط الحيدرية ، الكافي لثقة الاسلام الكليني 4 / 148 ح 1 وص 149 ح 3 ط الجديدة بطهران ، بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 37 ط الجديدة ، أمالي الصدوق ص 111 ، الخصال للشيخ الصدوق ص 240 ، ثواب الأعمال للصدوق ص 74.
    (2) سورة العنكبوت ، آية 1 ـ 3.

    إني نظرت إلى عبادي فاخترتك رسولا ونبيا ، واخترت لك علي بن أبي طالب وصيا وخليفة ، فاستمهله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن يصل إلى المدينة في النصب والاستخلاف ، وخلا بعلي يومه وليلته وعلّمه العلوم واستودعه الأسرار وسلّم إليه ما معه من آثار الأنبياء السالفة وأعلمه ما أتاه جبرئيل عليه‌السلام وارتحل من مكة قاصدا إلى المدينة عازما على أن ينصبه إذا وصل إليها ، فلما بلغ غدير خم قبل الحجفة (1) بثلاثة أميال ، نزل عليه جبرئيل وهو على خمس ساعات من النهار بقوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (2) فاستمهل جبرئيل إلى المدينة ، فأجابه : إن الله سبحانه وتعالى يأمرك أن تفرض ولايته في منزلك هذا قبل أن يتفرق هؤلاء إلى بلدانهم وقراهم ، فنادى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنزول ، وأمر برد من تقدم ، ونزل في غير منزل لعدم الكلأ والماء في مكان غير صالح للنزول ، ووقت غير صالح له لشدة الحر ، وأمر الرجال بنصب الأقتاب شبه المنبر ، وخطب وبالغ ونص عليه بعد أن دفع بعضده ، حتى صارت رجليه مع ركبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وظهر بياض إبطيهما وقال في خطبته : ألست أولى بكم من أنفسكم ، قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال وهو رافع باصبع علي : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ،
    __________________
    (1) الجحفة بالضم ثم السكون ، والفاء : كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل ، وهي ميقات أهل مصر والشام ان لم يمروا على المدينة ، وكان اسمها مهيعة وإنما سميت الجحفة لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الأعوام وهي الآن خراب ، وبينها وبين ساحل البحر نحو ثلاث مراحل ، وبينها وبين المدينة ست مراحل ، وبينها وبين غدير خم ميلان ، وقال السكري : الجحفة على ثلاث مراحل من مكة في طريق المدينة. معجم البلدان 2 / 111.
    (2) سورة المائدة آية 67 ، نزلت يوم 18 من ذي الحجة في غدير خم حينما نصب الرسول (ص) عليا (ع) علما للناس ، وخليفة من بعده ، وذلك يوم الخميس فقد نزل بها عن جبرئيل بعد مضي خمس ساعات من النهار ، فقال : يا محمد ان الله يقرؤك السلام ويقول لك : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل أليك .. الخ ، نزول هذه الآية في يوم الغدير.

    وأدر الحق معه حيث ما دار ، ألا فليبلّغ منكم الشاهد الغائب والوالد الولد (1).
    وما يقوله بعض أهل السنة من التأويلات تدفعه قرائن الأحوال والمقدمات ، فإنها بغير نصب الخلافة لا تليق. كيف وقد فهم ذلك من النبي عليه‌السلام جميع الحاضرين (2). وعمر بن الخطاب قال له : بخ بخ (3) لك يا علي بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (4). وعن طريق أهل السنة ، فمن ذلك ما مر في آخر المطلب الأول ، من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ناصب عليا الخلافة من بعدي فهو كافر ، ومن شك في علي فهو كافر (5).
    ومن ذلك ما ذكر في كتاب شواهد التنزيل بإسناده إلى ابن عباس في تأويل قوله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (6) ، قال : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي (7).
    ومن مسند أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا زيد بن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب ، قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت شجرتين ، فصلى الظهر فأخذ بيد علي علي السلام ، فقال : ألستم
    __________________
    (1) بحار الأنوار ج 37 ط الجديدة ، أمالي الصدوق ص 111.
    (2) لمزيد من الاطلاع على تأويل حديث الغدير ، راجع : المراجعات ص 275 ـ 284 ، تحقيق الشيخ حسين الراضي.
    (3) بخ : كلمة فخر ، وبخبخ الرجل قال : بخ بخ والعرب تقول للشيء تمدحه : بخ بخ وبه وبه بمعنى واحد. لسان العرب 3 / 605.
    (4) ترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر 2 / 50 ح 548 ، مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 281 ط الميمنية ، تفسير الفخر الرازي 3 / 63 الدار العامرة بمصر ، فضائل الخمسة 1 / 350 ، الحاوي للفتاوي للسيوطي 1 / 122.
    (5) ينابيع المودة ص 181.
    (6) سورة الأنفال ، آية 25.
    (7) شواهد التنزيل 1 / 187.

    تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، فأخذ بيد علي عليه‌السلام ، فقال لهم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال : فلقيه عمر ، فقال له : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (1).
    وبطريق آخر من المسند المذكور قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا أبو أعوان عن المغيرة ، قال : حدثنا أبو عبيدة عن ابن ميمون بن عبد الله ، قال : قال زيد بن أرقم وأنا أسمع ، نزلنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بواد يقال له خم ، فأمر بالصلاة فصلاها ، قال : فخطبنا وظلل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سوت على شجرة عن الشمس ، فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أولستم تعلمون! ، أولستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ، قالوا : بلى ، قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (2).
    ومن ذلك أيضا ، قال : حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم ، قال : حدثنا مطر عن أبي الطفيل ، قال : جمع علي عليه‌السلام الناس في الرحبة ، ثم قال : انشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم ما سمع لمّا قام ، قال : فقام ثلاثون رجلا من الناس ، وقال : أبو نعيم فقام أناس كثيرة فشهدوا حين أخذ بيده فقال : للناس أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (3).
    ومن المسند المذكور ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء وهو ابن عازب ، قال : أقبلنا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع حتى كنا بغدير خم ، فنودي فينا إلى الصلاة جامعة وكسح لرسول الله
    __________________
    (1) مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 281 ، فضائل الخمسة 1 / 350 ، الحاوي للفتاوي السيوطي 1 / 122 ، كنز العمال 15 / 117 ج 335 ط 2.
    (2) مسند أحمد بن حنبل 4 / 370 ، كنز العمال ج 15 / 91 ح 255 ، الغدير للأميني 1 / 30.
    (3) المصدر نفسه ، 1 / 119 و 4 / 372.

    صلى‌الله‌عليه‌وآله بين شجرتين فأخذ بيد علي عليه‌السلام ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : هذا مولى من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، فلقيه عمر وقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة (1).
    ومن تفسير الثعلبي بإسناده إلى البراء أيضا مثل الحديث المتقدم بلا فصل ، إلا أنه لم يذكر عن عمر لفظ وأمسيت بل اقتصر على (أصبحت) (2).
    ومن التفسير المذكور في قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (3). الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبلغ فيه ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي عليه‌السلام ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (4).
    ومن التفسير المذكور في تفسير قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (5) ، قال : وسأل سفيان بن عتيبة عن قوله الله عزوجل ، (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) فيمن نزلت ، فقال : لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك ، حدثني جعفر بن محمد عن آبائه ، قال : لما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي عليه‌السلام ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقته حتى أتى الأبطح فنزل عن ناقته فأناخها ، ثم أتى النبي صلى الله
    __________________
    (1) مسند أحمد بن حنبل ج 4 ، و (واقعة الغدير) تعتبر من أشهر الوقائع الاسلامية وقد سجّلها المؤرخون في كتبهم. انظر [الغدير للأميني ، الجزء الأول ، فقيه ما يروي القليل] ص 281.
    (2) تفسير الثعلبي (مخطوط).
    (3) سورة المائدة آية 67.
    (4) تفسير الثعلبي (مخطوط).
    (5) سورة المعارج ، آية 1.

    عليه وآله وهو في ملأ من أصحابه ، فقال : يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه ، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه ، وأمرتنا أن نحج البيت فقبلناه ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت باصبعي ابن عمك ففضلته علينا ، وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وهذا شيء منك أو من الله ، فقال : والذي لا إله إلا هو إنه من أمر الله ، فولى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو آتينا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله ، وأنزل الله تعالى (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) (1).
    ومن مناقب الفقيه أبي الحسن علي بن المغازلي الشافعي الواسطي ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن طاوان ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد الحسين ابن السماك ، قال : حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي (2) ، قال : حدثني علي بن قتيبة الرملي ، قال : حدثني حمزة بن ربيعة القرشي عن أبي شوذب (3) عن مطر (4) الوراق عن شمر بن حوشب عن أبي هريرة ، قال : من صام يوم ثامن عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : ألست أولى بالمؤمنين؟ ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، قال فأنزل الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (5) (6).
    __________________
    (1) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، ص 35 الصحفة الأولى من الورقة 203 ، والغدير 1 / 240 ح 3.
    (2) في نسخة الأصل : الخلودي.
    (3) في نسخة الأصل : شوذن ، ولعله تصحيف.
    (4) في نسخة الاصل : بطر ، ولعله تصحيف.
    (5) سورة المائدة ، آية 3.
    (6) المناقب ص 18 ـ 19 ح 24 ، فضائل الخمسة 1 / 350.

    أقول : والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصى كثرة بالأسانيد المعتبرة ، فهو من المتواترات اليقينية (1). وقد ذكر محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ خبر يوم الغدير وطرقه من خمسة وسبعين طريقا ، وأفرد له كتابا سمّاه كتاب (الولاية) (2). وأفرد أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة ، وهو ثقة عند أرباب المذاهب الأخبار ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، وأفرد له كتابا سمّاه (حديث الولاية) ، وطرقه مائة وخمسون طريقا (3). وغيرهما من العلماء والرواة (4) ، كابن المغازلي فإنه ذكر اثني عشر طريقا بالخبر (5) ، ولو لا خوف الإطالة لأوردنا الأخبار وأسماء الرجال وكلهم من الصحابة العشرة (6) وغيرهم. فصار مما لا شك فيه ولا ارتياب ، ومما يدل أيضا على ظهور النص واشتهاره ما ذكره جماعة من أصحاب التواريخ والعلماء ؛ أن المأمون العباسي جمع أربعين رجلا من علماء السنة وناظرهم بعد أن بسطهم ووثقهم من الإنصاف ، وأثبت عليهم الحجة بأن علي
    __________________
    (1) هذه الواقعة (واقعة الغدير) تعتبر من أشهر الوقائع الاسلامية وقد سجلها المؤرخون في كتبهم ومن الصعب جدا إحصاء جميع تلك المصادر ولهذا نذكر اسماء بعضها : تفسير الرازي 3 / 636 ، تفسير ابن كثير 2 / 14 ، تفسير النيسابوري 6 / 194 ، تفسير السيوطي 2 / 259 ، تفسير الآلوسي 2 / 350 ، تفسير الطبري 3 / 428 ، سنن ابن ماجة 1 / 28 ، سنن البيهقي 2 / 119 ، تاريخ بغداد 8 / 290 ، وغيرها من عشرات المصادر ، وللمزيد راجع الجزء الأول من الغدير للأميني ففيه ما يروي الغليل.
    (2) محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ ، المتوفى 310 ه‍ ، له كتاب الولاية في طريق حديث الغدير رواه فيه بخمس وسبعين طريقا وقيل بخمسة وتسعين طريقا.
    (3) ابو العباس أحمد بن عقده ، المتوفى 333 ه‍ ، له كتاب الولاية في طرق حديث الغدير رواه فيه بمائة وخمس طرق وقيل بمائة وخمسين طريقا من الصحابة.
    (4) لمزيد من المعلومات عن المؤلفين في حديث الغدير من علماء السنة والشيعة ، أنظر المراجعات / ت / الشيخ حسين الراضي 193 ـ 196 ، حيث ذكر سبعة أسماء وعشرين مؤلفا.
    (5) مناقب الامام علي (ع) لابن المغازلي 16 ـ 27.
    (6) حول رواة حديث الغدير من الصحابة والتابعين أنظر : المراجعات / ت / الشيخ حسين الراضي 196 ـ 209.

    بن أبي طالب وصي رسول الله والمستحق للقيام مقامه في أمته ، وأورد نصوصا كثيرة قد نقلها المسلمون وتفصيلها في مناظرته (1) ، فاعترف الأربعون أن عليا هو المنصوص عليه بالخلافة ، وللمأمون في ذلك أبيات كثيرة منها :
    ألام على حب الوصي أبي الحسن
    وذلك عندي من عجائب ذا الزمن

    خليفة خير الناس والأول الذي
    أعان رسول الله في السر والعلن (2)

    ومقدمو غير علي عليه‌السلام لا سبيل لهم إلى رد الأخبار لظهروها ونقل أرباب الحديث الثقات لها ، وليس لهم من المسالك التي يلجئون إليها إلا أمور نحن ذاكروها ، والجواب عنها على وجه موجز حسن إن شاء الله تعالى.
    فمنها إن الخبر ورد على سبب خاص ، فيتخصص به وليس بشيء أصلا لأنه على تقدير التسليم لا تتخصص به فإن خصوص السبب لا يخصص ، إذ الاعتبار إنما هو بعموم الكتاب والسنة وأكثر أوامرهما ونواهيهما وردت على أسباب خاصة ، وقد حقق ذلك أهل الأصول من الشيعة وأهل السنة (3). ثم أنه يحسب عنه من وجوه :
    الأول : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكره واستدل به على استحقاق الخلافة واستشهد من كان حاضرا يومئذ ممن شهد مجلسه ذلك فشهد ثلاثون رجلا (4) بذلك ، ولو كان مخصوصا بسبب لم يحسن منه الاستدلال به ، ولكان أنكر فأيده استدلاله من الصحابة من حضره ، وهذا واضح مع أنه استدل به غير مرة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويوم الشورى (5) منها فلم ينكر
    __________________
    (1) عن مناظرة المأمون أنظر : الغدير 1 / 210 و 3 / 236 ، العقد الفريد 3 / 43.
    (2) راجع : كتاب في رحاب أئمة أهل البيت (ع) م 3 / ص 111 ، وقد أثبتت القصيدة بكاملها.
    (3) راجع : أصول الفقه للشيخ المظفر 1 / 129 ، فوائد الأصول للعلامة الخراساني 1 / 60 ، كفاية الأصول (مبحث الخاص والعام).
    (4) وأنت تعلم أن تواطؤ الثلاثين صحابيا على الكذب يمنعه العقل ، محصول التواتر بمجرد شهادتهم اذن قطعي لا ريب فيه : راجع المراجعات ص 268 ، تحقيق الشيخ حسين الراضي.
    (5) حول يوم الشورى ، راجع : صحيح مسلم 2 / 15 ، كتاب الوصية ، وصحيح البخاري طبع دمشق 1 / 54 كتاب الجهاد ، الباب 172 ، الحديث 2888.

    عليه أحد.
    الثاني : إن عمر بن الخطاب مع كونه من الصحابة المهاجرين والعارفين بمدلولات لكلام العربي وبمقاصد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لكثرة معاشرته إياه ، ولقرائن لأحوال قال بعد ذلك : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، ولو كان خاصا أو تحمل الخصوص لما قال ذلك ، على أنه لو كان وهما لم يقره عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنه سمع كلامه وعرفه ، ولم ينكره ، وكذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام أقره (1) ورضى به ، وهذا واضح أيضا في أن المراد لعموم.
    الثالث : أن أهل العربية الذين أنزل القرآن على لغتهم ويفهمون دقائقه بطبعهم ، فهموا العموم وعرفوه حتى قصد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله النعمان بن الحارث الفهري ، وقال له : ما قال وهو عليه‌السلام في ملأ من أصحابه ، فأجابه بالقسم لعظيم ، إنه من الله وقد علم عليه‌السلام أن كلامه كلام منكر ومستكبر من ذلك. ولو كان المراد به أمرا خاصا لأجابه به ، فإقراره على ما فهم ، منضما الى فهمه وسؤاله لي ملأ من الأصحاب ، دليل صريح على أن المراد العموم ، وهذا أيضا واضح.
    ومنها تأويل المولى فإن لفظ المولى مشترك ، فقد لا يراد به الأولى والسيد المطاع ، بل أحد معانيه المشتركة ، وليس شيء أيضا ، لأن العمدة في معاني المولى في العربية (2) ، وهو الأولى لأنه أكثر استعمالا حتى إن الإطلاق ينصرف إليه إذا لم تقم قرينة على غيره لكثرة استعماله ، ثم إنا نجيب عن ذلك من وجوه الأول والثاني والثالث ما ذكرناه في الجواب عن احتمال إرادة الخصوص ، فإنها صالحة للجواب عن هذا كما لا يخفى ، كيف لا وقد قال عمر بن الخطاب : هنيئا لك يا بن أبي
    __________________
    (1) تقدمت الهاء على الواو في الأصل فوردت أقروه والأصل ما أثبتناه.
    (2) صرح اللغويون بأن كل من ولي أمر واحد فهو وليه ، فيكون المعنى : أن الذي يلي أموركم فيكون أولى بها منكم ، إنما هو الله ورسوله وعلي. راجع مادة (ولي) من الصحاح أو من مختار الصحاح. أو غيرهما من معاجم اللغة.

    طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
    الرابع : إن معاني المولى عشرة : الأولى (1) ، والإمام ، والسيد المطاع ، ومالك الرق ، والمعتق ، وابن العم ، وناصر ، وضامن الجريرة ، والجار ، والحليف ، ولا يصح حمل قوله عليه‌السلام من كنت مولاه فعلي مولاه إلا على أحد الأولين. كما لا يخفى إذ لا اشتباه في غير الناصر ، ومعلوم أن مثل ذلك المقام ، لا يقتضي ولا تحمل ذلك على أن نصرة النبي عليه‌السلام في الحقيقة إنما هي إقامة الدين ، والحجج ، والهداية ، وحفظ الشريعة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وغير ذلك من وظائفه عليه‌السلام ، وبثبوتها لأمير المؤمنين عليه‌السلام يقتضي المطلوب.
    الخامس : إن نزوله في غير محل النزول وفي غير وقته ، وندائه بالاجتماع وقيامه خطيبا وذكر مقدمة الحديث بقول : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ، ألست أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه وأتباعه؟ ، ذلك بعد قول المسلمين : بلى ، بقوله : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، يدفع كل احتمال غير الأولى والسيد المطاع. وهذا واضح لا يرده إلا مكابر مقتضى عقله ويزيده بيانا. ويدفع الريب ما ذكره الثعلبي في تفسيره ؛ أن سبب نزوله وخطبته ونصه إنزال قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (2) ، ومما يدع احتمال الوهم ما أورده حسان بن ثابت (3) شاعر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأنصار ، بعد قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستئذانه أن يقول شعرا ، فقام على نشر من الأرض والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يسمع وجماعة المسلمين ، فقال :
    __________________
    (1) المولى بمعنى الأولى راجع الغدير للأميني 1 / 340 ـ 385 ، التبيان للشيخ الطوسي 2 / 55 ط النجف ، المراجعات ، / ت / الشيخ حسين الراضي ص 227 ـ 232.
    (2) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، وشواهد التنزيل 1 / 188 ، وتفسير النيسابوري (غرائب القرآن ورغائب الفرقان) ، هامش تفسير الطبري 6 / 194 ـ 195.
    (3) هو حسان بن ثابت بن المنذر الذي قال فيه الرسول (ص) لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك (ت 54 ه‍ / 674 م) ، الزركلي : الأعلام 2 / 188 ، الغدير 2 / 34.


    يناديهم يوم الغدير نبيهم
    بخم وأسمع بالنبي مناديا

    وقد جاءه جبريل من عند ربه
    بأنك معصوم فلا تك وانيا

    وبلغهم ما أنزل الله ربهم
    إليك ولا تخش هناك الأعاديا

    فقام به إذ ذاك رافع كفه
    بكف علي معلن الصوت عاليا

    فقال : فمن مولاكم ووليكم
    فقالوا : ولم يبدوا هناك التعاميا

    إلهك مولانا وأنت ولينا
    ولم تلق منا في الولاية عاصيا

    فقال له : قم يا علي فإنني
    رضيتك من بعدي إماما وهاديا

    فمن كنت مولاه فهذا وليه
    فكونوا له أنصار صدق مواليا

    هناك دعا اللهم وال وليه
    وكن للذي عادى عليا معاديا

    ويا رب فانصر ناصريه لنصرهم
    إمام هدى كالبدر يجلو الدياجيا

    فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك (1) ، قلت : وقد روى أبو بكر بن مردويه الحافظ بإسناد إلى أبي سعيد الخدري أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم دعا الناس في غدير خم ، أمر بما كان تحت الشجرة من شوك فقمّ وذلك يوم الخميس ، ثم دعا الناس إلى ولاية علي عليه‌السلام فأخذ بإصبعيه فرفعهما حتى نظر الناس بياض إبط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يفترقا حتى نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (2) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله أكبر على كمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي عليه‌السلام ، ثم قال : من كنت مولاه فعلي ، مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، فقال حسان بن ثابت : يا رسول الله ائذن لي أن أقول أبياتا ، فقال : قل على بركة الله ، فقال حسان : يا معشر قريش اسمعوا شهادة رسول الله ،
    __________________
    (1) الغدير 2 / 39.
    (2) سورة المائدة ، آية 3.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:24 pm

    وقال : يناديهم يوم الغدير نبيهم (1).
    قلت : ألا ترى إلى فهمه ما أراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من المولى وذكره في شعره بمعناه بكونه إماما وهاديا وإلى عدم إنكار أحد عليه ، وإلى تقريره صلى‌الله‌عليه‌وآله له على ذلك ، ودعائه له بأنه مؤيد بروح القدس. ولو لا خوف التطويل لأوردت غير ذلك من أشعار العرب يوم الغدير وبعده (2) ، وفي هذا كفاية لمن أراد الهداية والله الهادي ، ومما يؤيد أن المراد بالمولى الولي ، ما تظافرت به الروايات ، بقوله : صلى‌الله‌عليه‌وآله من كنت وليه فعلي وليه (3). وقوله : هو وليكم بعدي (4). وقوله : هو أولى الناس بكم بعدي (5).
    روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن بريده عن أبيه ، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثتين (إلى اليمن) (6) ، على أحدهما علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وعلى الآخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا التقيتم فعلي على الناس (7)
    __________________
    (1) المناقب لابن مردويه (مخطوط) ، المناقب للخوارزمي ص 80 ، تفسير ابن كثير الشافعي 2 / 14 / ط 1 بمصر ، الغدير 1 / 230 ، شواهد التنزيل 1 / 157 ح 211 ـ 215 ، ط 1 بيروت.
    (2) لمزيد من المعلومات عن الشعراء الذين نظموا في الغدير راجع الغدير ج 2 / 3 / 4 ، والملحمة العلوية للشيخ جعفر الهلالي 28 ـ 35.
    (3) مسند أحمد بن حنبل 5 / 25 / ح 3062 بسند صحيح ، ط دار المعارف بمصر ، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الاصابة 3 / 28 ، المستدرك للحاكم 3 / 134 ، تاريخ ابن عساكر 1 / 384 ح 490.
    (4) خصائص أمير المؤمنين للشافعي ص 24 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5 / 35 ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4 / 339.
    (5) كنز العمال 5 / 115 ح 333 ط 2 حيدر أباد ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 34 ، أنساب الأشراف للبلاذري 2 / 106 ح 43 ، فضائل الخمسة 1 / 328 ح 255.
    (6) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (7) ما أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدا على علي مدة حياته ، بل كانت له الإمرة على غيره ، وكان حامل لوائه في كل زحف بخلاف غيره ، فإن أبا بكر وعمر كانا من أجناد أسامة وتحت لوائه الذي عقده له رسول الله حين أمّره في غزوة مؤتة ، وعبأهما بنفسه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في ذلك الجيش بإجماع أهل الأخبار ، وقد جعلهما أيضا من أجناد

    وإن (1) افترقتم فكل واحد منكما على جنده (2) ، قال : فلقينا بني زيد من أهل (3) اليمن فاقتتلنا وظهر المسلمون على المشركين فقاتلنا (4) وسبينا الذرية ، فاصطفى علي عليه‌السلام من السبي امرأة لنفسه ، قال يريده : فكتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره بذلك ، فلما أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دفعت الكتاب إليه ، فقرأ عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت : يا رسول الله هذا مكان العائذ (5) ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه فقد بلغت ما أرسلت به ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تشنّع (6) في علي ، فإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي.
    وفي كتاب (المناقب) تأليف أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، وهو من رؤساء السنة ، روى هذا الحديث من عدة طرق ، وفي رواية بريدة له زيادة ، وهي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبريدة : إنه عنك يا بريدة ، فقد أكثرت الوقوع بعلي ، فو الله إنك لتقع برجل أولى الناس بكم من بعدي ، وزيادة أخرى ؛ إن بريدة قال : يا رسول الله استغفر لي ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : حتى يأتي علي عليه‌السلام ، فلما جاء علي عليه‌السلام طلب بريدة ان يستغفر له ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي
    __________________
    ابن العاص في غزوة ذات السلاسل ولهما قضية في تلك الغزوة مع أميرهما عمرو بن العاص ، أخرجها الحاكم في ص 43 من الجزء 3 من المستدرك ، وأوردها الذهبي في تلخيصه مصرحا بصحة ذلك الحديث ، أما علي (ع) فلم يكن مأمورا ولا تابعا لغير النبي منذ بعث الى أن قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 369 ط 1.
    (1) في نسخة الأصل : واذا.
    (2) في نسخة الأصل : جند ، ولعله تصحيف.
    (3) أهل : زيادة على نسخة الأصل.
    (4) في نسخة الأصل : فقتلنا.
    (5) في نسخة الأصل : العابد ولعله تصحيف.
    (6) مسند أحمد بن حنبل 5 / 356 ، مجمع الزوائد 9 / 17 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي 1 / 369 ح 466 و 467 و 468 ط بمصر ، وج 9 / 170 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل.

    عليه‌السلام : إن تستغفر له استغفر له. ، فاستغفر له (1).
    السادس : ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي ، أن في ذلك اليوم وتلك الساعة بعد أن قال عمر بن الخطاب بما قال ، أنزل الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (2). وقد روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الحمد لله على كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب بولايتك يا علي.
    قلت : ومن المعلوم أن أمرا ينزل فيه من الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (3) ولا يكون المراد منه غير ما ذكرنا ، وهذا واضح لمن تأمله. وقد روى مسلم في الصحيح في المجلد الثالث عن طارق (4) بن شهاب قال : قالت اليهود لعمر : لو علينا معشر اليهود نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ، فبعلم اليوم الذي أنزلت فيه لاتخاذنا ذلك اليوم عيدا (5). قلت : وقد سبق في رواية أبي هريرة أن من صام يوم الغدير كتب له صيام ستين شهرا (6) ، ومن المعلوم أن فضيلته ليس إلا من حيث نصب علي عليه‌السلام للإمامة ، فلا يحتمل المولى غير الأولى ، وهذا مما لا سترة به ولا عليه.
    ومنها أن عليا عليه‌السلام لما كان خليفة رابعا ، أمكن تنزيل النصوص والأوامر على ذلك. أقول وهذا لا يحتاج إلى بيان طويل ، بل هو بالإعراض عنه حقيق ، فإن الناس اختلفوا أن الخلافة والإمامة منصوص عليها من النبي عن الله تعالى أم لا ، بل
    __________________
    (1) المناقب لابن مردويه مخطوط ، فضائل الخمسة 1 / 341 ، فرائد السمطين 1 / 298 ح 236.
    (2) المناقب لابن المغازلي ص 19 ج 24.
    (3) شواهد التنزيل 1 / 157 ، الدر المنثور 2 / 259 ، فرائد السمطين 1 / 72.
    (4) في الأصل طاوس ، ولعله تصحيف.
    (5) صحيح مسلم ج 3 من الطبعة القديمة ، كتاب التفاسير وفي الجزء الخامس ص 517 ـ 518 ط 1 ـ 1987 بيروت / مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر.
    (6) تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 / 75 ح 575 و 576 و 577 ، شواهد التنزيل 1 / 158 ح 10 م و 213 ، الغدير 1 / 402 ، تاريخ بغداد 8 / 290 ، وفي بعض الروايات بدل ستين (شهرا) ستين (سنة) كما في فرائد السمطين للحمويني 1 / 77 ب 13.

    هي بالبيعة ، فمن قال بالأول وثبت عنده النص قال بها لعلي عليه‌السلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل للنص ، ومن لم يقل قال بخلافة أبي بكر بالبيعة ، فإذا علم النص لا يمكن أن يقال : إن عليا عليه‌السلام الخليفة الرابع ، فإنه لا قابل من الأمة به ، ولو قيل فهو غير محتمل ، على أنا بحسب عن ذلك بعد ما تقدم ، فإن الوجوه السابقة أكثرها بل كلها تصلح جوابا عن هذا. كما لا يخفى بأن عليا عليه‌السلام مع الاتفاق على فضله وعلمه وايداع النبي عليه‌السلام علومه ، وله بما ثبت من الأحاديث السابقة لا يخفى عليه مثل ذلك ، لو كان هو المراد قطعا ، ولو كان كذلك ، لما طلب لنفسه ذلك بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل بيعته لأبي بكر ولما احتج لنفسه على ما ذكره بحديث الغدير ، فإنه لما بويع لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة (1) ، وأتى المسجد وطلبوا من علي عليه‌السلام البيعة والدخول فيما دخل فيه أهل السقيفة من المهاجرين والأنصار فامتنع عليه‌السلام ، واحتج عليهم بالحجج الواضحة ، والدالة بل الراجحة أنه الخليفة وأنه أولى بالأمر من غيره ، فقام بشير بن سعد الأنصاري سيد الأوس الذي وطأ الأمر لأبي بكر وقال : والله يا أبا الحسن لو أن هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر لما اختلف عليه اثنان منهم ، ولسارعوا إلى مبايعتك ، فقال لهم عليه‌السلام : يا هؤلاء ما كنت بالذي أخلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مسجى لا أواريه وأخرج أنازع في سلطانه؟ وقد أوصاني وقال : يا أخي لا تفارقني حتى تؤتيني في رمسي (2). وأيم الله ما كنت أظن أن أحدا
    __________________
    (1) حول حادث السقيفة والنزاع في داخلها للفوز بالخلافة وتجاهل (الصحابة) الحضور (النص) على الإمام أمير المؤمنين (ع) ، انظر : مروج الذهب 2 / 307 ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 / 19 ـ 20 ، تاريخ الفداء 1 / 156 ، الكامل في التاريخ 2 / 219 ، تاريخ الخميس 2 / 167 ، تاريخ الطبري 3 / 200.
    (2) حول اختصاص الامام أمير المؤمنين (ع) بوصية رسول الله (ص) وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه انظر : خصائص النسائي 127 الحديث 154 ، ابن الوردي 1 / 209 ، طبقات ابن سعد ج 2 ، ق 2 / 61 ليدن 1330 ه‍ ، المستدرك للحاكم 1 / 362 ، السيرة النبوية لابن هشام 4 / 229.

    يسابقني على الخلافة ، وينازعنا أهل البيت فيها ، ولا علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ترك يوم غدير خم لأحد حجة ، ولا لقائل مقالا ، فأنشد الله كم (1) رجلا سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم يقول : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، أن يشهد اليوم بما سمع ، فقام جماعة كثيرة فشهدوا بذلك ، حتى كثر الكلام وارتفعت الأصوات وكثر الرهج إلى آخر الخبر (2) ، إلى غير ذلك من احتجاجاته عليه‌السلام. وسيأتي عن قريب ما يوضح عن هذا أيضا ، وفي هذا كفاية لمن أنصف من نفسه ، وطلب النجاة ورضى ربه والله الهادي.
    ومنها معارضة ذلك كله بالإجماع ، وحسن الظن بالصحابة الممدوحين في الكتاب العزيز ، فإنهم أجمعوا على خلافة أبي بكر ، ولو علموا استحقاق علي لها لما غصبوه مقامه ولما باعوا دينهم بالدنيا.
    أقول : هذا ما يتقدح في القلوب الساذجة والأنفس الخالية من معرفة الحق واليقين بالنصوص الواضحة والدلائل الراجحة وبمزايا الأمور وبقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلهم في النار إلا واحدة ، فإنه دلّ على أن الناجي قليل بل نادر بالنسبة إلى الكثير من السالكين وأهل المال والآراء ، والحق تعالى قد كرر ذلك في كتابه العزيز بقوله : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) (3) ، (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (4) ، (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (5) ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (6) ، إلى غير ذلك.
    __________________
    (1) (كم) زيادة على نسخة الأصل.
    (2) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 28 ـ باب 4 ـ ص 186 وما بعدها ، ط الجديدة ، الاحتجاج للطبرسي ج 1 وج 2 ـ ط النجف.
    (3) سورة ص ، آية 24.
    (4) سورة سبأ ، آية 13.
    (5) سورة الأنعام ، آية 116.
    (6) سورة هود ، آية 17 ، سورة الرعد ، آية 1.

    أما من عرف ذلك فلا يزيده ذلك إلا إيمانا وتصديقا بالحق وثباتا على الهدى ، ثم إنا نجيب عنه أولا ، بأن الاستدلال بالإجماع لا يكاد يتحقق ، لأن معرفته على الوجه الذي يتحقق حجته غير ممكنة عادة ، كما أشار إليه الإمام في كتاب (المحصول في الأصول) وما ذكر من استثناء زمن الصحابة قلت : هذا غير مسلّم لقيام ما ذكره فيه من الاحتمال بعينه وقد حققناه في الأصول ، هذا بالنسبة إلى المسائل الشرعية الظنية فكيف بالمسائل التي هي أصول من عمد الأديان وعلامة الإيمان (1).
    وثانيا : بأن الإجماع ممنوع (2) بل محقق العدم ، لأنهم إن أرادوا به حصول الاتفاق بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل ، أو في زمن قليل ، فهو معلوم البطلان بالاتفاق ، وإن أرادوا بعده تطويل المدة ، فهو وإن كان ممنوعا أيضا إلا أنه لا يقوم حجة إلا إذا دخل الباقون طوعا. أما إذا استظهر الأكثر ، وخاف الأقل ، ودخل فيما دخل فيه الأكثر خوفا وكرها ، ولا شك أن الحال كان كذلك ، فإن بني هاشم لم يبايعوا ثم قهروا فبايعوا وامتنع علي عليه‌السلام ، ولزم بيته ولم يخرج إليهم في جمعة ولا جماعة (3) الى أن وقع ما وقع مما نقله أهل الأخبار والأحاديث واشتهر كالشمس
    __________________
    (1) المحصول في الأصول للإمام الفخر الرازي ، باب الإجماع.
    (2) الإجماع ممنوع لعدة أسباب أن أبا بكر صرح بأن بيعته لم تكن عن مشورة ولا عن روية ، وذلك حيث خطب الناس في أوائل خلافته معتذرا إليهم ، فقال : إن بيعتي فلتة وقى الله شرها ، وخشيت الفتنة. راجع الخطبة في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 / 47 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل ، وعمر يشهد بذلك على رءوس الأشهاد في خطبة خطبها على المنبر النبوي يوم الجمعة في أواخر خلافته وقد طارت كل مطير ، أنظر الخطبة في صحيح البخاري كتاب الحدود ـ باب رجم الحبلى من الزنا اذا أحصنت ج 8 / 208 ط محمد علي صبيح ، الكامل لابن الأثير 2 / 327 ، الغدير 5 / 370.
    (3) المتخلفون عن بيعة أبي بكر هم : العباس بن عبد المطلب ، عتبة بن أبي لهب ، سلمان الفارسي ، أبو ذر الغفاري ، عمار بن ياسر ، المقداد ، البراء بن عازب ، أبي بن كعب ، سعد بن أبي وقاص ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام ، خزيمة بن ثابت ، فروة بن عمرو الأنصاري ، خالد بن سعيد بن العاص الأموي ، سعد بن عبادة الأنصاري لم يبايع حتى توفي بالشام في خلافة عمر ، الفضل بن عباس.

    في رابعة النهار ، حتى أن معاوية بعث إلى علي عليه‌السلام في كتاب كتبه إليه يقول فيه : إنك كنت تقاد كما يقاد الجمل المخشوش ، حتى تبايع بغيره ويومه ، إنه لم يبايع طوعا ولا رضى بيعة أبي بكر حتى استكره عليها خاضعا ذليلا كالجمل اذا لم يعبر على قنطرة وشبهها فإنه يكره ونخش (1) بالرماح وغيرها ليعبر كرها (2).
    فكتب إليه علي عليه‌السلام في الجواب عن هذا ما ذكره في نهج البلاغة المتواتر نقله عنه عليه‌السلام من خطبه وكتبه وكلامه ما هذا لفظه : وقلت إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش (3) حتى أبايع ، ولعمري والله لقد أردت أن تذم فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت ، وما على المسلم من غضاضة (4) في أن يكون مظلوما ، ما لم يكن شاكا في دينه ولا (5) مرتابا بيقينه وهذه حجتي إلى غيرك قصدها ، ولكني أطلعت لك منها بقدر ما سنح (6) من ذكرها (7).
    __________________
    وفي مقدمة هؤلاء أمير المؤمنين (ع) وبنو هاشم ، راجع في ذلك : العقد الفريد 4 / 159 ـ 160 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 131 ـ 134 ط 1 مصر ، الغدير 5 / 370 ، مروج الذهب 2 / 301 ، السيرة الحلبية 3 / 356 ، صحيح البخاري ج 4 / كتاب المغازي ـ باب غزوة خيبر 5 / 82 ط دار الفكر ، صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير 5 / 152 ط محمد علي صبيح.
    (1) نخش الدابة ، ساقها شديدا.
    (2) مصادر نهج البلاغة وأسانيده 3 / 273 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15 / 184 ، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة للمحقق الكبير المحمودي 4 / 186.
    (3) المخشوش : الذي جعل في أنفه الخشاش ـ ككتاب ـ وهو خشبة توضع في أنف الفحل ليسهل قياده.
    (4) الغضاضة : النقص ، وأراد معاوية الغض من الإمام بقوده الى البيعة يوم السقيفة ، فقلبه الإمام عليه لعدم تفريقه بين ما يمدح به ويذم. وفي قوله عليه‌السلام : ما لم يكن شاكا في دينه .. إلخ تعريض بمعاوية كما لا يخفى.
    (5) في نسخة الأصل : أو.
    (6) أي أن حجتي هذه على كوني مظلوما في أخذي لبيعة غيري فان المقصود بها غيرك ، إذ لست في هذا الأمر بشيء فتخاطب فيه ، و (سنح) بمعنى عرض.
    (7) نهج البلاغة ص 387 رقم الكتاب 28 ، وقال الشريف الرضي : وهو من محاسن كتبه ، مصادر نهج البلاغة وأسانيده 35 / 270 ، نهج السعادة في مستدرك نهج

    قلت : وفي هذا وأشباهه حجة واضحة على نفي احتمال إرادة أن يكون خليفة رابعا كما لا يخفى ، هذا وكون علي عليه‌السلام وخواصه من بني هاشم وسائر الناس لم يرضوا بيعة أبي بكر اختيارا (1) مما لا يحتاج إلى بيان لمن نظر الحديث والتواريخ والأخبار ، كيف وعلي عليه‌السلام لم يزل شاكيا ومتعرضا على من تقدمه بالخلافة ، فمن ذلك خطبته في نهج البلاغة الموسومة (بالشقشقية) وهي مشهورة (2). وخطبته التي خطبها بعد مبايعة الناس له وهي مشهورة (3) ، رواها أهل التواريخ والعلماء ، وذكرها ابن عبد ربه في الجزء الرابع من كتاب (العقد) (4) ، وأبو هلال العسكري في كتاب (الأوائل) وغير ذلك (5).
    ومما يوضح ذلك ويزيده بيانا ، ويذهب الشك عنه ، ويحقق أن بيعة علي عليه
    __________________
    البلاغة 4 / 197 ، شرح النهج لابن أبي الحديد 15 / ط 1 مصر.
    (1) عن استخدام القوة في بيعة أبي بكر ، راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 / 219 وج 6 و 9 و 11 و 19 و 40 و 47 ـ 49 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وج 1 / 74 وج 2 ص 14 ـ 19.
    (2) الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين (ع) ، سميت بذلك لقوله (ع) لابن عباس حين سأله أن يسترسل في خطبته بعد أن توقف بسبب مناولته كتابا من قبل بعض الحاضرين ، فأقبل ينظر إليه ، قال علي : «كلا إنها شقشقة هدرت ثم قرّت» ، والشقشقة شيء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج وصوت البعير عند إخراجه هدير. وأول الخطبة : أما والله ، لقد تقمصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا. راجع شرح النهج لابن ابي الحديد (1 / 151 الى 160) وفيه ذكر الخطبة وشرحها ، نهج البلاغة للإمام علي الخطبة الثالثة ، الغدير 7 / 2 / 85 فانه ذكر 28 مصدرا لها.
    (3) مصادر نهج البلاغة وأسانيده 1 / 351 ، وابن عبد ربه في العقد الفريد 2 / 162 ، وشرح النهج لابن ميثم البحراني 1 / 297 ، قال : ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة 1 / 375 : هذه الخطبة من جلائل خطبه ومن مشهوراتها رواه الناس كلهم.
    (4) العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي المتوفى سنة 328 ه‍ ، كما ذكره في البحار ج 8 ص 161 ط قديم الكمباني ، ثم جاءت الأيدي «الأمينة» على ودائع العلم فحذفتها عند النسخ أو عند الطبع وكم لهم من أمثالها.
    (5) الأوائل لأبي هلال العسكري ص 138 ، وما هو نهج البلاغة للسيد الشهرستاني

    السلام كانت كرها ، ما رواه الحميد في سادس حديث من المتفق عليه من صحيح البخاري ومسلم من مسند أبي بكر ، قال : ومكثت فاطمة عليها‌السلام بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر ثم توفيت ، قالت عائشة : وكان لعلي وجه بين الناس في حياة فاطمة فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي عليه‌السلام (1). وفي حديث عروة فلما رأى علي انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر فقال رجل للزهري : فلم يبايعه على ستة أشهر ، فقال : لا والله ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي عليه‌السلام (2). وذكر الواقدي أن عمر جاء إلى علي عليه‌السلام في عصابة فيهم أسيد بن الحضير وسلمة بن أسلم الأشهلي فقال : أخرجوا أو لنحرقنها عليكم (3).
    وذكر ابن خيرانة في غرره قال زيد بن أسلم : كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة ، فقال عمر لفاطمة عليها‌السلام : أخرجي من البيت وإلا أحرقته ومن فيه ، قال : وفي البيت علي والحسن والحسين عليهم‌السلام وجماعة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت فاطمة عليها‌السلام ، فتحرق علي وولدي ، قال : إي والله أو ليخرجن وليبايعن (4).
    __________________
    ص 34 ، وتذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص 124 ، ومدارك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 237 ، ومعاني الأخبار للصدوق 2 / 343 ، وعلل الشرائع 1 / 150 باب 122 ت رقم 12 ، الاحتجاج للطبرسي 1 / 281 ، وأو عزت للخطبة الشقشقية كتب معاجم اللغة : لسان العرب 12 / 53 ، النهاية لابن الأثير 2 / 490 ، القاموس للفيروزآبادي 3 / 251.
    (1) صحيح البخاري 3 / 39 ط الشرفية ، وصحيح مسلم 5 / 153 ط المكتبة التجارية (كتاب الجهاد والسير).
    (2) المصدر السابق ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 74.
    (3) المغازي للواقدي ص 230 ، الامامة والسياسة لابن قتيبة 1 / 19 ـ 20 ، العقد الفريد 4 / 259 ، الملل والنحل للشهرستاني 1 / 57 ، الغدير 7 / 77.
    (4) نهج الحق وكشف الصدق ص 271 ط بيروت ، تاريخ اليعقوبي 2 / 105 ، وتاريخ ابن شحنة بهامش الكامل 7 / 164 ، تاريخ أبي الفداء 1 / 156 ، أعلام النساء 3 / 1207 ، أنساب الأشراف للبلاذري 1 / 586.

    وروى ابن عبد ربه وهو رجل مغربي من أعيان أهل السنة في الجزء الرابع من كتاب (العقد) عن الذين تخلفوا عن بيعة ابي بكر قال : فأما علي والعباس فقعدا في بيت فاطمة حتى بعث إليهما أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهما من بيت فاطمة عليها‌السلام ، وقال له : إن أبيا فقاتلهما ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهما النار (1) ، فلقيته فاطمة عليها‌السلام فقالت : يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا (2) ، قال : نعم (3). وفي هذا كفاية شافية ودلالة واضحة وافية. وإذ قد تحقق أن عليا عليه‌السلام هو المنصوص عليه بالإمامة والخلافة بما لا شبهة فيه ولا رد له ، فالفرقة التابعة له هم الناجون بلا شبهة وهم من ذكرنا ، أعنى الإمامية ، لما ذكرنا غير مرة أنهم المعروفون به واسمهم شيعته وشعارهم اقتفاء أثره والله الهادي.
    وروى أبو بكر بن مردويه بإسناد له عن مسلم قال : سمعت أبا ذر والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي قالوا : كنا قعودا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما معنا غيرنا ، إذ أقبل ثلاثة رهط من المهاجرين البدريين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق ؛ فرقة أهل حق لا يشوبونه بباطل ، مثلهم كمثل الذهب كلما فتنته بالنار ازداد جودة وطيبا وإمامهم هذا أحد الثلاثة وهو الذي أمر الله به في كتابه إماما ورحمة ، وفرقة أهل باطل لا يشوبونه بحق ، مثلهم كمثل خبث الحديد كلما فتنته بالنار ازداد خبثا ، وإمامهم هذا أحد الثلاثة ، وفرقة أهل ضلالة مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، وإمامهم هذا أحد الثلاثة قال : فسألتهم عن أهل الحق وإمامهم ، فقالوا : هذا علي بن أبي طالب عليه‌السلام إمام المتقين ، وأمسك عن الاثنين فجهدت أن يسميهما فلم يفعل. وروى هذا الحديث أيضا خطيب خوارزم موفق بن أحمد ، ورواه أيضا أبو الفرج المعافى ابن زكريا ، وهو شيخ
    __________________
    (1) في نسخة الفريد : الدار بدل النار.
    (2) في نسخة الأصل : ديارنا.
    (3) العقد الفريد 4 / 259 ـ 260 ط لجنة التأليف والترجمة والنشر.

    البخاري (1) ، ثم قال الله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (2) ، دلّت الآية الكريمة على النص على أمير المؤمنين عليه‌السلام بثبوت الولاية التي لله ولرسوله ، بعدهما إن قلت : الآية محتملة ، فمن أين دلالتها بل الظاهر عدم الدلالة لأنه تعالى عبر بالذين آمنوا ، قلت : الاحتمال نظرا إلى الآية مسلّم ، إلا أن أهل التفسير ورواة الحديث (3) أثبتوا اختصاصها به عليه‌السلام ، ويكون قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا) للتعظيم ، كقوله تعالى في سورة التوبة (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ
    __________________
    (1) المناقب لابن مردويه (مخطوط) ، والمناقب للحافظ الموفق أحمد الحنفي المعروف بأخطب خوارزم ص 97 ، وأبو الفرح المعافا ابن زكريا شيخ البخاري في الجليس الأنيس (مخطوط) توجد نسخة منه في كتابخانه في تركيا ج 4 / 224.
    (2) سورة المائدة ، آية 55.
    (3) راجع : الدر المنثور للسيوطي 2 / 293 ، الكشاف للزمخشري 1 / 649 ، تفسير الطبري 6 / 288 ، زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي الحنبلي 2 / 383 ، تفسير القرطبي 6 / 219 ـ 220 ، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي 1 / 120 ، فتح البيان في مقاصد القرآن 3 / 51 ، فرائد السمطين 1 / 11 ، الغدير 2 / 52 ، 3 / 156 ، تفسير الفخر الرازي 12 / 26 ، تفسير ابن كثير 2 / 71 ، تفسير النسفي 1 / 289 ، شواهد التنزيل 1 / 161 ، فتح الغدير للشوكاني 2 / 53 على أن نزول آية الولاية في علي (ع) مما أجمع المعروف عليه ، وقد نقل إجماعهم هذا غير واحد من أعلام أهل السنة كالإمام القوشجي في مبحث الإمامة من شرح التجريد المطبوع في ايران. وابن شهرآشوب في مناقبه 3 / 2 حيث قال : اجتمعت الأمة أن هذه الآية نزلت في علي (ع) لما تصدق بخاتمه وهو راكع لا خلاف بين المفسرين في ذلك ، ذكره الثعلبي والماوردي والقشيري والقزويني والرازي والنيسابوري والفلكي والطوسي والطبري وغيرهم ، وأورد لخزيمة بن ثابت قول (ص 6) :
    أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي
    وكل بطيء في الهدى ومسارع

    أيذهب مدح من محبك ضائعا
    وما المدح في حب الإله بضائع

    فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا
    علي فدتك النفس يا خير راكع

    فأنزل فيك الله خير ولاية
    وبيّنها في محكمات الشرائع



    اللهِ) (1) فإنها لأمير المؤمنين عليه‌السلام وحديثها مشهورا ، فمن المفسرين الثعلبي والسدي وعتبة وغالب بن عبد الله (2) قالوا جميعا : وإنما عني بذلك علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، لأنه مر به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه. والأثر بذلك كثير ما رواه الثعلبي في تفسيره قال : بحذف الإسناد عن عباية الربعي قال : حدثني عبد الله بن عباس رضى الله عنه ، وهو جالس على شفير (3) زمزم يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذ أقبل رجل معتم بعمامة ، فجعل ابن عباس لا يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إلا وقال الرجل قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ابن عباس سألتك بالله من أنت؟ قال : فكشف العمامة عن وجهه وقال : يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بهاتين وإلا صمتا ، ورأيته بهاتين وإلا فعميتا ، يقول : علي قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله ، أما إني صليت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد ، فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهم اشهد إني سألت في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يعطني أحد شيئا ، وكان علي عليه‌السلام راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى ، وكان يتختم بها فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ،
    __________________
    (1) سورة التوبة ، آية 20.
    (2) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، وتفسير السدي لأبي محمد إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة القرشي التابعي الكوفي المعروف بالسدي المتوفى سنة 127 ه‍ ، والتذكرة ص 24 لأبي المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى سنة 654 ه‍ ، تفسير الرازي 3 / 431 عن السدي وعتبة وغالب بن عبد الله ، تفسير القرطبي 6 / 221 ، تفسير النسفي 1 / 496 ، تفسير علاء الدين الخازن البغدادي 1 / 496 ، تفسير البحر المحيط لأبين حيان الأندلسي المتوفى سنة 754 ه‍ 3 / 514 ، تفسير التسهيل لعلوم التنزيل 181 ، تفسير الآلوسي 2 / 329 ، تفسير محيي الدين بن عربي 1 / 334.
    (3) في نسخة الأصل : شفين ولعله تصحيف.

    فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إن موسى سألك فقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (1) ، فأنزلت عليه قرآنا ناطقا (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) ، اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك ، اللهم فاشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري ، قال : أبو ذر فما استتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الكلمة حتى تنزل جبرئيل عليه‌السلام من عند الله تعالى فقال : «يا محمد اقرأ ، قال : وما أقرأ؟ قال : اقرأ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)» (2).
    وروى الفقيه الشافعي ابن المغازلي بحذف الإسناد عن ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ) .. الآية ، قال : نزلت في علي عليه‌السلام (3) والأحاديث في ذلك كثيرة (4) ، فمنها بحذف الإسناد من رواية الشافعي المذكور. قال : حدثنا علي بن عباس قال : دخلت أنا وأبو مريم على عبد الله بن عطاء فقال : أبو مريم حدثني علي بالحديث الذي حدثني عن أبي جعفر ، قال : كنت عند أبي جعفر
    __________________
    (1) سورة طه ، آية 25 ـ 32.
    (2) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، تفسير الميزان الجزء السادس في تفسير سورة المائدة ص 21 نقلا عن تفسير الثعلبي ، والغدير كذلك في الجزء الثاني ص 52.
    (3) المناقب لابن المغازلي الشافعي ص 311 ، ح 354.
    (4) انظر : شواهد التنظير للحسكاني الحنفي 1 / 161 ـ 184 ، ترجمة الامام علي (ع) من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي 2 / 409 ح 908 ، أسباب النزول للواحدي ص 113 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 228 و 250 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص 311 ح 345 ـ 358 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 115 ، المناقب للخوارزمي ص 187 ، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 39 ط المحمدية ، أنساب الأشراف للبلاذري 2 / 150 ، كنز العمال 15 / 146 ، ح 416 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5 / 38 ، فرائد السمطين 1 / 11 ح 150.

    عليه‌السلام جالسا إذ مر عليه ابن عبد الله بن سلام ، فقلت : جعلني الله فداك هذا ابن الذي عنده علم (من) الكتاب (1) قال : لا ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عزوجل (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (2) (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (3). و (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (4) ، لا يقال : قلتم الذين آمنوا ، أعني به أمير المؤمنين عليه‌السلام للتعظيم ، فلم قلتم إن الخاتم الذي دفعه من الزكاة ، مع إنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقت وجوبها ، ولا دفعها في أثناء الصلاة ، لأن ذلك بينا فيها ، لأنا نقول لا معنى للإيراد بعد تفسير المفسرين ونقل الحديث بما لا يحتمل ذلك. لكن بحسب عنه تفصيلا ، أما عن تأخير الزكاة فلأنها لا تجب على الفور بحيث لا يجوز الدخول في الصلاة إلا مع أدائها لأنه ورد جواز التأخير الشهر والشهرين بل الثلاثة للبسط وغيره ، وجاز أن يكون التأخير من هذا القبيل ، سلمنا لكن ذلك في الواجبة لا في المندوبة وجاز أن يكون ذلك من الزكاة المندوبة ، وأما دفعها في أثناء الصلاة فلا مانع منه ، لأن المنافي لها الفعل الكثير الخارج عن أفعال الصلاة ، وليس هناك كذلك ، لأن الفعل ليس إلا مد الخنصر ، والرفع من السائل ، هذا ويجوز أن يكون الحق تعالى عبر عن صدقته بإيتاء الزكاة تعظيما لعطية السائل في أثناء الصلاة من حيث المساواة في الثواب ، وإنما أوردنا الآية ، والحديث الدال عليها ، لأنها في الحقيقة كالمفسر للنص في قوله عليه‌السلام : «من كنت مولاه فعلي مولاه» فإنه أثبت له ما كان لنفسه ، كما أثبت الله تعالى له ما كان له ولرسوله ، والله الهادي.
    __________________
    (1) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (2) سورة الرعد ، آية 43.
    (3) سورة هود ، آية 17.
    (4) المناقب لابن المغازلي ص 313 ـ 314 ح 358.


    الفصل الثاني
    فيما جاء في عترة النبي وأهل بيته عليهم‌السلام ، وفيه مطلبان :
    المطلب الأول :
    في تطهرهم من الرجس والذنوب والفواحش ما ظهر منها وما بطن قال الله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (1).
    أراد به تعالى وهو أعلم عليا وزوجته وذريتهما المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين دون غيرهم (2) ، لا يقال : ظاهر الكتاب يدل أن المراد نساؤه عليه‌السلام ، لأن ما قبل الآية وما بعدها فيهن ، لأنا نقول ما قبل الآية وما بعدها في النساء بالصيغة الموضوعة لهن. أعني قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، ثم عدل تعالى عنهن إلى أهل البيت عليهم‌السلام كقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ)
    __________________
    (1) سورة الأحزاب ، آية 33.
    (2) هذه الآية نزلت في خمسة وهم : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، راجع : صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أهل بيت النبي 2 / 368 ، ط عيسى الحلبي ، صحيح الترمذي 5 / 30 ح 3258 و 5 / 328 ح 3875 ط دار الفكر ، مسند أحمد بن حنبل 1 / 330 ط الميمنية 2 / 11 ، أسد الغابة في معرفة الصحابة 2 / 12 ، الدر المنثور 5 / 198 ، الكشاف للزمخشري 1 / 193 ، أحكام القرآن لابن عربي 2 / 166 ، ولمزيد من ذلك انظر : المراجعات / ت / الشيخ حسين الراضي ص 36 ـ 43.

    الآية ، ولو أراد النساء لقال : عنكم ثم رجع إليهن بقوله (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَ) ، وهذا صريح أنه لا يريدهن ، وفيه دقيقة هي أن النساء في محل البيت في محل آخر عنده ، نعم ربما أمكن أن يقال : بدخولهن في الآية ، ولاشتمالها على المذكر والمؤنث عبر بصيغة المذكر ، لكن في الحديث ما ينفي ذلك وسنسمعه عن قريب ، فنقول روى أحمد بن حنبل في مسنده ، قال : حدثنا محمد بن مصعب ، وهو القرقساني ، قال : حدثنا الأوزاعي عن شداد بن أبي عمار (1) ، قال : دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليا عليه‌السلام ، فشتموه ، فشتمته معهم ، فلما قاموا قال لي : لم شتمت هذا الرجل ، فقال : رأيت القوم يشتمونه فشتمته معهم ، فقال : ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : بلى. قال : أتيت فاطمة أسألها عن علي عليه‌السلام ، فقالت : توجه إلى رسول الله ، فجلست أنتظره ، حتى جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس ومعه علي والحسن والحسين عليهم‌السلام ، أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل ، فنادى عليا وفاطمة فأجلسها بين يديه وأجلس الحسن والحسين عليهما‌السلام ، كل واحد منهما على فخذه ، ثم لف عليهم ثوبه ، أو قال : كساء ، ثم تلى هذه الآية : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق (2) ، ومن المسند المذكور قال : حدثنا نمير ، قال : حدثنا عبد الملك ، قال : حدثنا عطا ابن أبي رياح ، قال : حدثنا من سمع أم سلمة (3) تذكر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : غماره ولعله تصحيف.
    (2) مسند أحمد بن حنبل ج 4 / ص 107 ط دار صادر ببيروت.
    (3) هي رملة ، أو هند بنت أبي أمية سهل بن المغيرة المخزومية ، القرشية أم المؤمنين ، من خيرة أزواج النبي (ص) ثبتت على طريقة رسول الله (ص) وأمره وإطاعته في حياة النبي (ص) وبعد وفاته ، وصفها المؤرخون بالعقل البالغ والرأي الصائب ، حفظت وصايا النبي (ص) في ذريته وأهل بيته من بعده ، لها الكثير من الأحاديث روتها عن النبي (ص) وعن علي (ع) ، وآخرين من الصحابة ، روى عنها العديد من الصحابة والتابعين ، نقلت أحاديث عديدة في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خاصة ، وفضائل أهل البيت عامة ، ماتت عام (62)

    في بيتها ، فأتته فاطمة عليها‌السلام ببرمة (1) فيها جزيرة ، فدخلت بها عليه فقال : ادعي لي زوجك وابنيك ، قالت : فجاء علي والحسن والحسين عليهم‌السلام فدخلوا ، فجلسوا يأكلون من الجزيرة (2) وهو وهم على مقام لهم على دكان تحته (ومعه) (3) كساء خيبري ، قالت : وأنا في الحجرة أصلي فأنزل الله تعالى هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت : فأخذ فضل الكساء وكساهم به ، ثم أخرج يده فألقى بها إلى السماء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وقالت : فأدخلت رأسي البيت وقلت : وأنا معكم يا رسول الله ، قال : إنك إلى خير إنك إلى خير.
    قال عبد الملك وحدثتني بها أم سلمة (4) مثل حديث عطا سواء قال : عبد الله ، وحدثني داود بن الحجاف عن شهر بن حوشب عن أم سلمة بمثل سواء.
    ومن الكتاب المذكور أيضا قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال :
    حدثنا علي بن زيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة : ائتيني بزوجك ، فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكيا ، قالت : ثم وضع يده عليهم وقال : اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد إنك حميد مجيد ، قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذب من يدي ، وقال : إنك إلى خير (5). إلى غير ذلك من الأخبار التي ذكرها في
    __________________
    للهجرة ، ذكرها وترجم لها العديد من المؤرخين ، وأصحاب الرجال والسيرة منهم ، محمد بن سعد في الطبقات الكبرى 8 / 60 ، الأعلام للزركلي 9 / 104 ، صفوة الصفوة لابن الجوزي 1 / 56.
    (1) البرمة ، بضم الباء ، القدر من الجمزة.
    (2) الجزيرة : شبه عصيدة بلحم وبلا لحم عصيدة ، وقيل : مرقة من بلاله النخالة (أقرب الموارد).
    (3) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (4) مسند أحمد بن حنبل 6 / 292 ط دار صادر.
    (5) مسند أحمد بن حنبل 6 / 323 ط دار صادر.

    المسند المذكور وفيها دلالة ظاهرة على عدم دخول النساء فيه (1).
    ومن صحيح مسلم والبخاري معا رفعاه إلى مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت عائشة : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غداة وعليه (2) مرط مرحّل (3) من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي عليه‌السلام فأدخله ، وقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (4).
    ومن تفسير الثعلبي ، قال : في تفسير قوله تعالى (طه) قال : جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام : طه طهارة أهل بيت محمد عليهم‌السلام (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (5).
    ومنه أيضا قال : أخبرني محمد بن عقيل الجرجاني بحذف الإسناد عن أبي سعيد الخدري قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نزلت هذه الآية في خمسة ؛ في علي وفي الحسن والحسين وفاطمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (6).
    __________________
    (1) مسند أحمد بن حنبل ج 3 / 259 و 285 وج 4 / 107 وج 6 / 292 و 296 و 298 و 304 و 306 ، ط الميمنية بمصر.
    (2) في نسخة الأصل : وعنده.
    (3) مرط مرحل : المرط كساء المرحل : هو الموشّى المنقوش عليه صور رحال الإبل.
    (4) صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل أهل بيت النبي 2 / 368 ، ط عيسى الحلبي ، وج 5 / ص 37 ، ط عز الدين البيروتية المحققة ، ح رقم 61. وصحيح البخاري ، كتاب فضائل أهل بيت النبي 3 / 352 ، التاريخ الكبير للبخاري ج 1 / ق 2 ص 69 ، تحت رقم 1719 و 2174 ، ط سنة 1382 ه‍.
    (5) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، شواهد التنزيل وهامشه ح 1 ص 381 ، تفسير القرطبي 14 / 182 ، ط 1 بالقاهرة.
    (6) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي 1 / 183 ، تفسير الطبري 22 / 806 ، تفسير ابن كثير 3 / 383.

    قلت : وفيه دلالة صريحة على عدم دخول النساء ، لأنه خصها بخمسة. ومنه أيضا رفعه إلى عطاء بن أبي رياح ، وذكر الحديث الذي ذكرناه في مسند أحمد بن حنبل. إلا أنه زاد عند ذكر أم سلمة رضى الله عنها ، وأبدل في قولها فدخلت بها عليه ثالثة ولم يكرر قوله : (إنك إلى خير) قالها مرة واحدة ، وأورد قول أم سلمة : وأنا معكم (بغير واو) (1).
    ومنه أيضا رفعه إلى مجمع من بني الحرث بن تيم الله قال : دخلت مع أمي على عائشة فسألتها أمي قالت : أرأيت خروجك يوم الجمل؟ قالت : إنه كان قدرا من الله تعالى ، فسألتها عن علي عليه‌السلام ، قالت : سألتني عن أحب الناس كان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لقد رأيت عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وقد جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بصوف عليهم ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، قالت : قلت يا رسول الله أنا من أهلك ، قال : تنحي أنت إلى خير (2).
    ومنه دفعه إلى إسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيار ، عن أبيه قال : لما نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلى الرحمة هابطة من السماء قال : من يدعو مرتين ، قالت زينب : أنا يا رسول الله ، قال : ادعي لي عليا عليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، قالت فجعل الحسن عن يمينه والحسين عن شماله وعليا وفاطمة بجانبه ثم غشاهم كساء خيبريا ثم قال : اللهم إن لكل نبي أهلا وهؤلاء أهل بيتي فأنزل الله عزوجل (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، فقالت زينب : يا رسول الله ألا أدخل معكم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : مكانك إنك إلى خير (3).
    __________________
    (1) تفسير الثعلبي (مخطوط).
    (2) المصدر السابق ، شواهد التنزيل 2 / 33 حديث 67 ، المستدرك للحاكم 3 / 47 وصححه ، الدر المنثور للسيوطي 5 / 198.
    (3) تفسير الثعلبي ، مصدر سابق.

    ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي ، رفعه إلى عائشة ، وذكر الحديث الذي قدمناه عن صفية بنت شيبة عن عائشة بعنعنته وروى هذا الحديث بعنعنته (1) ، وروى هذا الحديث نفسه أيضا أبو الحسن زرين بن معاوية العبدي السرقوسطي الأندلسي في الجمع بين الصحاح الستة (2) ، وموطأ مالك بن أنس (3) ، وصحيحي مسلم والبخاري (4) ، وسنن أبي داود السجستاني (5) ، وصحيح الترمذي (6) ، والنسخة الكبيرة من صحيح النسائي (7). والأحاديث في ذلك كثيرة (Cool. وفيما ذكرناه منها كفاية ، أقول لا خفاء أن الآية الكريمة دلت على معتقد الإمامية من عصمة العترة ، لأن نفي الرجس عنهم وإثبات التطهير يقتضي ذلك. وكيف ينتفي الرجس ويثبت التطهير لمن يعصي خالقه فيما أمره به ، أو يرتكب ما نهاه عنه. ومن العجب نفي بعض الأمة العصمة مع إثباتهم معناها بالآية ، وهي ظاهرة فيها لغة وعرفا.
    قال أحمد بن فارس (9) اللغوي (10) في كتاب المجمل : التطهر : التنزه عن الإثم ،
    __________________
    (1) الجمع بين الصحيحين للحميدي ، ص 30.
    (2) الجمع بين الصحاح الستة (مخطوط).
    (3) موطأ الامام مالك ص 233.
    (4) صحيح مسلم ج 2 / 368 ، ط عيسى الحلبي ، وصحيح البخاري ج 3 ص 153 دار الفكر.
    (5) سنن أبي داود ج 1 / 198.
    (6) صحيح الترمذي ج 5 / 351 ح 3205 ط المكتبة الاسلامية.
    (7) صحيح النسائي ص 72 ـ 76 ، وخصائص الإمام النسائي ص 49.
    (Cool راجع : مستدرك الحاكم 3 / 123 ، خصائص الإمام النسائي 49 ، تلخيص الذهبي 2 / 150 ، معجم الطبراني 1 / 65 ، الاصابة لابن حجر 2 / 502 ، تفسير الرازي 2 / 700 ، السيرة الحلبية 3 / 212 ، تفسير الكشاف للزمخشري 1 / 193 ، أسباب النزول للواحدي 203.
    (9) في نسخة الأصل : فارمن ولعله تصحيف.
    (10) هو الإمام العلامة اللغوي أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني المعروف بالرازي ، ولد على الأرجح في العقد الأول من القرن الرابع الهجري وكان مسقط رأسه في قرية دكوسف وجياناباذ ، تتلمذ على أبي القاسم الطبراني وأبي بكر أحمد بن الحسن الخطيب ، وأحمد بن طاهر بن النجم ، توفي على الأرجح في سنة 395 ه‍

    وكل قبيح (1). قلت : فهم المعصومون الهادون فاتباعهم هو النجاة لأنهم يهدون إلى الحق ، وبه يعدلون ، فالفرقة المتبعة لهم المنسوبة إليهم هي الفرقة الناجية بلا شك ولا شبهة. ومما يوضح ما ذكرناه ، ويزيده شأنا ؛ ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وقال : من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة (2) ، ومن المعلوم أن من حبه يوجب الدرجة التي فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يكون ممن يرتكب الفواحش والآثام ، ونحو ذلك ما رواه ابن المغازلي الشافعي في كتابه بإسناده إلى جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم بعرفات ، وعلي عليه‌السلام تجاهه ، إذ قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أدن مني يا علي ، خلقت أنا وأنت من شجرة ، فأنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها ، فمن تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنة (3).
    __________________
    بالري ، ودفن مقابل مشهد القاضي عبد العزيز الجرجاني. كتابه (مجمل اللغة) طبع جزء منه بمصر سنة 1914 ، ثم قام الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد بضبط هذا الجزء وتصحيحه وطبعه سنة 1947 ولم يذكر في مقدمته سوى ذلك. ثم قام الأستاذ زهير عبد المحسن سلطان بتحقيقه كاملا على أربع نسخ خطية تخيرها من نحو سبع نسخ وطبع في أربعة أجزاء تقع في مجلدين كبيرين وناشره هو مؤسسة الرسالة في بيروت سنة 1404 ه‍ ـ 1984 م. وفي سنة 1405 ه‍ ـ 1985 م صدرت طبعة محققة بعناية الشيخ هادي حسن حمودي تقع في خمسة أجزاء عن معهد المخطوطات العربية بالكويت واعتمد على خمس نسخ مخطوطة. واشترك المحققان الفاضلان في ثلاث نسخ مخطوطة ، وانفرد الأول بواحدة وانفرد الثاني باثنتين ولكل طبعة من الطبعتين الكاملتين ميزات تميزها ، وقد ألحق كل محقق طبعته بالفهارس الفنية التي تكشف معاليق الكتاب. (راجع ترجمته في معجم الأدباء 4 / 80).
    (1) مجمل اللغة لأحمد بن فارس ، تحقيق الشيخ هادي حسن حمودي ، ج 4 / ص 325 ، مادة (طهر) ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس ج 3 / 428 مادة (طهر).
    (2) مسند أحمد بن حنبل 1 / 77 ، فضائل الصحابة 2 / 60 ، والمناقب لابن المغازلي الشافعي 237 حديث 417.
    (3) المناقب لابن المغازلي ، ص 90 حديث 133 ، ص 297 حديث 340.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:26 pm

    وما رواه أيضا بإسناده إلى عبد الله بن عباس ، قال : سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه؟ قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب عليه (1). وما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده إلى سعيد بن حسين عن ابن عباس قال : لما نزل قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (2) قالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت مودتهم؟ قال : علي وفاطمة والحسن والحسين وأبناؤه (3).
    والأحاديث في هذا المعنى كثيرة (4) ، فمن جعل الله تعالى مودتهم أجر الرسالة ، جعلهم قسما لبكر فطرته في التوبة ، كيف يتطرق إليهم المعصية واحتمالها مما كشف عن ذلك أن أعداهم من حرصهم على أن لا يكونوا في الأرض ، بل مع قتلهم لهم وسبي ذراريهم ، ما استطاعوا أن ينسبوا إليهم رذيلة ولا منقصة ولا معصية ، وهذا أدلّ دليل على عصمتهم وطهارتهم ، ولما بعث الحسين عليه‌السلام الكتاب المشهور (5) إلى معاوية ، وأغلظ عليه القول فيه ، وذكر ابنه يزيد بمعايبه القبيحة من شرب الخمر ، واللعب بالكلاب اطلع معاوية يزيد عليه فأشار عليه أن يكتب له جوابا ويسبه فيه وينقض حرمته ، فقال له معاوية : اني إذا كتبت ذلك عرف بين المهاجرين والأنصار ،
    __________________
    (1) المصدر السابق ، ص 63 حديث 98.
    (2) سورة الشورى ، آية 23.
    (3) مسند أحمد بن حنبل 1 / 415.
    (4) راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي 2 / 30 / ح 822 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص 307 ح 352 ، ذخائر العقبى للطبري ص 25 ، تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن 4 / 94 ، تفسير الكلبي 4 / 35 ، التفسير الحديث 2 / 127 ، التفسير الواضح 25 / 19 ، تنوير المقياس ص 310 ، كفاية الطالب ص 91 ، مجمع الزوائد 9 / 168 ، شرح المواهب الدينية 7 / 21 ، تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 393 ، فرائد السمطين 1 / 21 ، فضائل الخمسة 1 / 259 ، وغيرهم كثير.
    (5) قال الإمام الحسين (ع) : إنا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله ، وبنا يختم ، ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، وقاتل النفس المحرمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله. تاريخ ابن الأثير 3 / 252.

    ولا يليق مني أن أقول كذبا يشتهر بينهم وليس في الحسين عليه‌السلام موضع عيب أعيبه فيه يكون صدقا ، فأعرض عن جوابه (1) لذلك ، قلت : حسن في ذلك التمثيل بقول الشاعر (والفضل ما شهدت به الأعداء).
    على أنه قد ورد في مناقب فاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام مما رواه الشيعة والسنة مما يقتضي الجزم بما قاله الشيعة من عصمتهم ، ولو لا خوف الإطالة لأوردناه مفصلا ، وفيما ذكرناه كفاية ، ويزيده بيانا ما رواه البخاري في صحيحه في باب مناقب فاطمة عليها‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة (2).
    وما رواه أيضا قال : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني (3).
    ومن صحيح مسلم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فاطمة بضعة مني يؤذيني من آذاها (4) إلى غير ذلك (5).
    أقول وجعل إيذاءه عليه‌السلام وغضبه منوطا بإيذائها وغضبها ، دليل على عصمتها ، إذ لو فعلت منكرا أو اقترفت ذنبا جاز ايذاؤها قطعا ، ولا يجوز أن يؤذي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويعصيه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويكشف عن هذا ومن عصمة أهل البيت ما نقله أهل الحديث أن عليا عليه‌السلام سأل رجلا من
    __________________
    (1) حياة الإمام الحسين للقرشي ، 2 / 236.
    (2) صحيح البخاري ، الجزء الرابع ، كتاب بدء الخلق ، باب مناقب قرابة رسول الله (ص) ، وهو من الأحاديث المشهورة المستفيضة.
    (3) المصدر السابق.
    (4) صحيح مسلم ، الجزء الخامس ، ص 54 ، باب فضائل فاطمة.
    (5) كشف الغمة في باب فضائل فاطمة ، ورواه عنه في البحار في باب مناقبها ، وفي الوسائل في كتاب النكاح باب استحباب حبس المرأة في بيتها ، وكنز العمال في كتاب فضائل الخمسة في فضائل فاطمة 7 / 111 ، ومعاني الأخبار باب معنى الشحنة ، البحار 36 / ح 146 ، 110 ، مستدرك الصحيحين 3 / 153 ، أسد الغابة 5 / 552 ، الإصابة 8 / 159 ، تهذيب التهذيب 12 / 441 ، وميزان الاعتدال 2 / 73 ، ذخائر العقبى 39.

    الصحابة ، فقال له : لو أن شهودا شهدوا على فاطمة بفاحشة ما كنت تفعل بها؟ فقال : كنت أقيم عليها الحد كما أقيمه على غيرها ، فقال له عليا عليه‌السلام : إذا تكون من الكافرين ، قال : ولم ذلك ، قال : لأن الله قد شهد لها بالتطهير ، فتصديق الشهود عليها بالفاحشة تكذيب لله تعالى وتصديق للشهود وهو كفر. فاعترف بذلك ولم ينكر على علي أحد من الصحابة في ذلك (1).
    ومن المتفق عليه بين الأمة قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (2) رواه المؤالف والمخالف. وأما الإمام علي عليه‌السلام فعصمته أظهر من أن تذكر ، وكفى بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الحق معه حيث ما دار ، فلا نجاة إلا باتباعه ، ولا هلاك معه. لا يبقى مدعاكم أن الفرقة الناجية هم الإمامية الاثنا عشرية وإنما استدللتم على اتباع علي والحسن والحسين عليهم‌السلام من الرجال ، فأين التسعة لأنا نقول الغرض هنا هو بيان وجوب اتباع من ذكرناه ، وأن المتبع لهم هم الفرقة الناجية ، وسنبين اتباع ذريتهم التسعة المعصومين ، على أنه قد مر ما فيه دلالة على العموم كقوله (وأبناؤهما) وهو جمع. وأيضا فمن اعتقد ما ذكرناه ، فهو معتقد لإمامة ذريتهم التسعة. إذ لا قائل بعصمة علي والحسين خاصة ، نعم ربما وقف بعض من يسمى بالشيعة (3) دون إكمال الأئمة ، ولا يعتقد بمذهبه لأن من
    __________________
    (1) ذخائر العقبى ص 34 ، والمناقب لابن شهرآشوب 3 / 362.
    (2) صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة (باب مناقب الحسن والحسين) 3 / 1369 ، الطبعة الأخيرة ، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة (باب فضائل الحسن والحسين). مستدرك الحاكم 3 / 167 ، صحيح الترمذي 2 / 306 ، مسند أحمد بن حنبل 3 / 3 ، تاريخ البغدادي 1 / 140.
    (3) هي الفرقة الإسماعيلية وهي التي زعمت أن الإمام بعد جعفر بن محمد الصادق هو ابنه اسماعيل (101 ـ 139 ه‍) وقالوا : ان الأمر كان لإسماعيل في حياة أبيه فلما توفي قبل أبيه جعفر بن محمد عهد الأمر لابنه محمد بن اسماعيل ، وكان الحق له ، ولا يجوز غير ذلك لأن الإمامة لا تنتقل من أخ الى أخ بعد الحسن والحسين (فرق الشيعة للنوبختي ، ص 68 ، ط دار الأضواء).

    اعتقد عصمته قال : من انكر واحدا منا يعني من الاثني عشر ، كان كمن أنكر جميعنا ، وكذا من جحد واحدا منا كان كمن جحدنا جميعا (1).
    المطلب الثاني :
    في أن أهل بيته عليه‌السلام يجب لهم من الطاعة والتمسك ما يجب لكتاب الله تعالى.
    قلت : ودليل هذا مما اتفق على نقله المؤالف والمخالف ، ومما تكرر من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أيام حياته إلى حين وفاته.
    روى أحمد بن حنبل في مسنده قال : حدثنا ابن نمير قال : حدثنا عبد الملك ابن أبي سنان عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ؛ الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، قال : ابن نمير قال بعض أصحابنا عن الأعمش قال : انظروا كيف تخلفوني فيهما (2).
    ومنه حدثنا أسود بن عامر قال : حدثنا شريك عن الركين عن القسم بن عنان عن زيد بن ثابت ، قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء وما بين الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (3).
    ومن تفسير الثعلبي رفعه إلى أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إن أخذتم بهما لن تضلوا من بعدي
    __________________
    (1) أصول الكافي ، ج 1 (باب من جحد الأئمة أو بعضهم) ص 373.
    (2) مسند أحمد بن حنبل ، 3 / 17.
    (3) مسند أحمد بن حنبل 3 / 26 ، وقد ورد فيه بألفاظ مختلفة ومتعددة فراجع ج 3 / 59 وج 4 / 366 و 371 ، وج 5 ص 181 ، ط الميمنية بمصر.

    أحدهما أكبر من الآخر ؛ كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ، أو قال : إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (1).
    ومن مناقب الفقيه الشافعي ابن المغازلي رفعه بطريق آخر إلى أبي سعيد الخدري أيضا ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إني أوشك أن ادعى فأجيب ، فإني قد تركت فيكم الثقلين ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما (2).
    ومن الجمع بين الصحاح الستة بحذف الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أحدهما أعظم من الآخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (3).
    أقول : هذا الخبر الذي اشترك في نقله الثقات من أهل الحديث (4) ، قد اشتمل على لطائف لا تخفى ، منها أن التمسك بالعترة يقتضي عدم الضلالة ، ولا تعني النجاة إلا
    __________________
    (1) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، كنز العمال 1 / 165 ح 945 ، الطبقات الكبرى لابن سعد 2 / 194 ، فرائد السمطين 2 / 272 ح 538.
    (2) مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ، ص 235 ح 238 ، ط 1 بطهران.
    (3) الجمع بين الصحاح الستة لرزين (مخطوط) ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 21 ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 93 ، الغدير 1 / 30 ، كنز العمال 1 / 167 ح 954 وج 15 ص 91 ح 255.
    (4) حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة : أخرجه المحدثون من الفريقين السنة والشيعة. وأورده في مسانيدهم وفي صحاحهم عن طريق ما يزيد على ثلاثين صحابيا ، راجع : صحيح مسلم كتاب فضائل علي بن أبي طالب 7 / 122 ، صحيح الترمذي 5 / 328 ، الإمام النسائي في خصائصه 21 ، مستدرك الحاكم 3 / 109 ، كنز العمال 1 / 154 ، الطبقات الكبرى لابن سعد 2 / 194 ، الجامع الصغير للسيوطي 1 / 353 ، جامع الأصول لابن الأثير 1 / 187 ، الفتح الكبير للنبهاني 1 / 451 ، مجمع الزوائد للهيثمي 9 / 163 ، أسد الغابة 2 / 12 ، تاريخ ابن عساكر 5 / 436 ، تفسير ابن كثير 4 / 113 ، التاج الجامع للأصول 3 / 308.

    سلوك طريق لا ضلالة فيه. قال : العلامة التفتازاني (1) في شرح المقاصد : فإن قيل قال عليه‌السلام : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي الخ .. ، وقال : إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره ، قلت : نعم ، لاتصافهم بالعلم والتقوى مع شرف النسب ، إلا يرى أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قرنهم بكتاب الله في كون التمسك بهم منقذا من الضلالة ، ولا معنى التمسك بالكتاب إلا أخذ بما فيه والهداية فكذا في العترة (2).
    ومنها أن العترة معصومة لأنه أخبره بأنها لا تفترق عن القرآن ، ومن المعلوم أن من ترك واجبا أو فعل حراما فقد فارق القرآن وسلك غير طريقه ، وإذا كان التمسك بهم تمسك بالقرآن كانوا معصومين ومنها اطلاعهم على ما تحتاج إليه الأمة من العلوم على الوجه الذي يعلم الله تعالى أنه الحق ، وإلا لم يكن التمسك بهم مانعا من الضلال ، ومنها أنهم باقون ما بقي التكليف ، لاتصالهم بالكتاب وهو كذلك ، ولأن الخطاب للأمة وتكليفها متصل ما بقى التكليف ، وإليه أشار بقوله حتى يردا علي الحوض ، ومنها أن الخلافة والإمامة منصوصة ، لأن هذا نص صريح على اتباع العترة وعلى إمامتهم ، إذ لا يراد بالإمام إلا من يجب اتباعه وامتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه ، وكون ذلك يقتضي عدم الضلالة والجميع يعني مذهب الإمامية الاثني عشرية ، فهم الفرقة الناجية لاتباعهم من لا يضل من اتبعه والله الهادي ، ويؤيد هذا ويزيده بيانا ما رواه الفقيه الشافعي رفعه إلى ابن عباس قال : قال عليه‌السلام : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخر عنها هلك (3).
    __________________
    (1) هو مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني (712 ـ 793 ه‍) من أئمة العربية والبيان والمنطق ، ولد بتفتازان من بلاد خراسان وأقام بسرخس ، وأبعده تيمور لنك الى سمرقند ، فتوفى فيها ودفن في سرخس ، له العديد من المؤلفات منها تهذيب المنطق ، المطول ، المختصر ، شرح الشمسية وغيرها.
    (2) شرح المقاصد للتفتازاني ، ج 5 ص 302 ـ 303.
    (3) مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ، ص 123 ح 173 و 176.

    وعن ابن الأكوع عن أبيه قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق (1).
    وعن أبي ذر قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق (2). وعن ابن عباس بطريق آخر قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق (3). إلى غير ذلك من الأحاديث بهذا اللفظ وما يشابهه (4).
    قلت : فالمتمسكون بأهل بيته هم الفرقة الناجية بلا شبهة ، كيف لا وأهل بيته قدوة النجاة ، والأئمة الهداة ، لا يقال : قد علمنا أن العترة متمسك أهل النجاة وكذا أهل البيت وآل محمد عليهم‌السلام ، فمن أين علمت أنهم اثنا عشر إماما؟ قلت : علمت من طريق الشيعة بما لا يحتاج إلى البيان ، ومن طريق أهل السنة بما دل عليه ما نقلوه من الأحاديث ، فإن فيها دلالة على ذلك كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حبلان ممدودان لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فإنه دال على بقائهم ببقاء التكليف ، وكل من قال بذلك قال إنهم اثنا عشر. ومنه ما رواه عن المسمى فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري بإسناده قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فاطمة بهجة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي ، حبل ممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم به نجا ومن تخلف عنه هوى (5). قلت : والأئمة من ولدها بعد ابنيها غير التسعة من ولد الحسين عليه‌السلام بالاتفاق ، وأعلم
    __________________
    (1) ينابيع المودة للقندوري الحنفي ص 30 ، فرائد السمطين 2 / 246 ح 519.
    (2) مجمع الزوائد للهيثمي الشافعي 9 / 168 ، كفاية الطالب ص 378.
    (3) منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 5 / 92 ، الفتح الكبير للنبهاني 3 / 133.
    (4) حديث السفينة من الاحاديث المتواترة عند المسلمين فراجع : المعجم الصغير للطبراني 1 / 139 ، المستدرك للحاكم 2 / 343 ، 3 / 150 ، نظم درر السمطين ص 235 ، مجمع الزوائد 9 / 168 ، عيون الأخبار لابن قتيبة 1 / 211 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 73 ، فرائد السمطين 2 / 244 ، وغيرها.
    (5) فرائد السمطين ، ح 3 / 66.

    أن من لا يعتقد مذهبا لا يفطن بمزايا الأخبار المثبتة له ، وإنما يعرفها من دان به واعتقده ، ألا ترى أن المرتضى علم الهدى رضى الله عنه أثبت من موانع التواتر سبق الشبهة ، قال : فإنها تمنع من معرفته لعدم توفر دواعي أهلها إلى النقل (1) وهو حسن.
    ومن ذلك ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي بإسناده إلى الحسن قال : قال سألت عن قول الله عزوجل (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) قال : المشكاة فاطمة والمصباح الحسن والحسين والزجاجة كأنها كوكب دري ، قال : كانت فاطمة كوكبا دريا من نساء العالمين ، توقد من شجرة مباركة ، الشجرة المباركة إبراهيم عليه‌السلام لا شرقية ولا غربية ، لا يهودية ولا نصرانية ، يكاد زيتها يضيء ، يكاد العلم أن ينطق منها ، ولو لم تمسسه نار ، نور على نور ، قال : منها إمام بعد إمام يهدي الله لنوره من يشاء ، قال : يهدى الله لولايتهم من يشاء (2) ، قلت : وهذا أيضا كالصريح في الأئمة التسعة من ذرية الحسين عليه‌السلام ، إذ لا إمام بعد إمام من ذريتها بعد الحسن والحسين إلّا هم ، وستسمع ما يزول معه الشك والوهم والاحتمال في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.
    تذنيب : الاثنا عشر الذين هم معتقد الفرقة المحقة الناجية ممن اتفق على فضلهم وعلمهم وزهدهم بين الأمة ، وشاع ذلك في جميع أقطار الإسلام ، ونسب أهل العلوم والطريق علومهم وطريقهم إليهم ، ولم يقصروا عن جواب أبدا ولا استشكلوا في مسألة سئلوا عنها ، ولا احتاجوا فيها إلى مراجعة ، وامتحنهم جميع أهل الأديان فأثبتوا الحجج عليهم ، مع أن أحدا منهم لا يجلس بين يدي عالم يتعلم منه ، ولا ذي فضل ليقتبس من فضله ، بل علومهم وكمال فضلهم وراثة من النبي عليه‌السلام ، يرثه واحدا بعد واحد ، حتى إن أكابر العلماء امتحنت أصغرهم ومن لم يبلغوا الحلم ، بالنسبة إلى السن منهم فأجابوهم ، فتحيروا في علومهم وجبورهم في مسائلهم ، كما اتفق للإمام الجواد ابن الرضا عليهم‌السلام ، مع قاضي القضاة وشيخ الإسلام يومئذ
    __________________
    (1) الشافي في الإمامة الجزء الأول / 138 وج 3 / 136.
    (2) المناقب لابن المغازلي ، ص 316 ـ 317 ، ح 360.

    يحيى بن أكثم (1) في حضرة المأمون ، وذلك بعد أن لامه بنو العباس على تعرضه وتعظيمه ، وقالوا انه صبي لا علم له ، فأجابهم إن هؤلاء أهل بيت النبوة وعلوهم لدنية وراثة من آبائهم عن جدهم عليه‌السلام ، وخبره مشهور (2).
    وفيما وقع في مجلس المأمون بين الرضا عليه‌السلام وبين أرباب الأديان من اليهود والنصارى والصابئين والملحدين ، ما يحير العقول ، حيث احتج على أهل التوراة بالتوراة ، وعلى أهل الإنجيل بالإنجيل ، يقرأ عليهم الأسفار حتى تعجبوا من قراءته لها ، وأقام حجج الله وبيناته وخبره مشهور (3). وأخبار الباقر عليه‌السلام وابنه الصادق أشهر من أن تذكر ، وكذلك الكاظم عليه‌السلام ، وغيرهم إلى الإمام المهدي عليه‌السلام ، حتى أن العسكري عليه‌السلام أخرجه طفلا رضيعا يحمله على ذراعه إلى شيعته فقال لهم : هذا وليكم وهو صاحب العصر ، فاستأذنه أحدهم أن يسأله فأذن له ، فسأل فأجابه من غير تردد عما سأله ، واستدل له بالكتاب العزيز ، وخبره مشهور (4) ولو لا خوف الخروج عن المقصود ، لأوردت لكل إمام ما تخصه من الكرامات التي هي في الحقيقة كالمعجزات.
    إن قلت : ما تذكره ، إنما هو مشهور عندكم ولا حجة على غيركم ، قلت : ما ذكرته من علمهم ورجوع العلماء واحتياجهم إليهم واستغنائهم عنهم مما لا خلاف فيه بين الفريقين ، حتى أن أكابر علماء الشافعية ، صنفوا كتبا منفردة في فضائلهم ، كل واحد على انفراد وهو مشهور مثل الفصول المهمة في فضائل الأئمة (5) ، ومثل كتاب
    __________________
    (1) هو يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي الأسيدي المروزي أبو محمد ، قاضي رفيع القدر ، عالي الشهرة. من نبلاء الفقهاء ولد بمرو سنة 159 ه‍ ـ 775 م ، واتصل بالمأمون أيام مقامه بها فولاه قضاء البصرة سنة 202 ه‍ ، ثم قاضي القضاة ببغداد ، توفي بالربذة من قرى المدينة سنة 242 ه‍ ـ 857 م. الأعلام 9 / 167.
    (2) الاحتجاج للطبرسي ، 2 / 433 ـ 446.
    (3) المصدر نفسه ، 2 / 415 ـ 425.
    (4) المصدر السابق ، 2 / 416.
    (5) لابن الصباغ المالكي ، ط الحيدرية في النجف الأشرف.

    الخوارزمي (1) ، وغيرهما مثل كتاب أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عباس المسمى بمقتضب الأثر في إمامة الاثني عشر وغيره من المصنفات (2) ، وذكروا أنا وإن لم نقل بمعتقد الشيعة ، فإنا لا ننكر ما كان لأئمتهم الاثني عشر من الفضائل فإنهم أهل بيت النبوة ، وآل محمد (ص) ، ومن وقف على الكتب الثلاثة وغيرها من كتب الجماعة ، عرف أن الحق بيد الإمامية الدائنين بدينهم والقائلين بعصمتهم ، إذا كان مثل هذا الأمر حجة فهذه كتب الأخبار الصحاح مشحونة بفضائل الصحابة ، بما لا نزيد عليه ، لأنا نقول نحن إنما احتججنا بكلام من لم يعتقد إمامتهم ، فإن ائتم بمثله ممن لم يعتقد في الصحابة فقد تمت المعارضة ، وإلا فلا ، هذا والاعتماد في إمامتهم على الأدلة القطعية التي ذكرناها ونذكرها من الأحاديث ، وإنما ذكرنا من ذكرنا سندا ومؤيدا لها لأن مثل الذي ذكر عنهم لا يتفق لغير الإمام المؤيد من الله تعالى الحافظ للدين بإرثه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ابن الفارض (3) في قصيدته بعد أن ذكر الأول والثاني والثالث بما ذكر قال في حق علي عليه‌السلام :
    وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا
    علي بعلم ناله بالوصية (4)

    وإنما قال : ذلك لأن مثل علومهم عليهم‌السلام مما لا ينال إلا بذلك ، ومن عظيم
    __________________
    (1) المناقب للحافظ الموفق بن أحمد الحنفي المعروف بأخطب خوارزم المتوفى سنة 568 ه‍.
    (2) راجع على سبيل المثال لا الحصر : فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين لإبراهيم الجويني ، ط في بيروت تحقيق المحمودي. شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت ، للحاكم الحسكاني الحنفي ، ط 1 بيروت تحقيق المحمودي. ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ، الثغور الباسمة في مناقب سيدتنا فاطمة ، ط 1 بيروت ، تحقيق محمد سعيد الطريحي. ذخائر العقبى للطبري. فضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروزآبادي. كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للكنجي الشافعي ، وغيرها.
    (3) هو عمر بن علي بن مرشد بن علي ، شرف الدين ابن الفارض ، أشعر المتصوفين ، يلقب سلطان العاشقين ولما شب اشتغل بفقه الشافعية ، وأخذ الحديث عن ابن عساكر ، ولد (576 ـ 632 ه‍) (1181 ـ 1235 م) ، له ديوان شعر مطبوع جمع سبطه علي وشرحه الكثيرون. الأعلام 5 / 216.
    (4) الغدير 6 / 66 ، ديوان ابن الفارض ، ص 64 ط دار القلم العربي بحلب 1988 م.

    قهر الله تعالى للعباد للحجة عليهم ، اقترانهم بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالصلاة عليهم ، حيث يقال في الصلاة وغيرها : اللهم صل على محمد وآل محمد وقد روى أهل الحديث من أهل السنة عنه عليه‌السلام كيفية الصلاة عليه من طرق شتى ، فمن ذلك ما رواه الثعلبي بإسناده في تفسير قوله تعالى (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (1) قال : لما نزلت قلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك قال : قولوا اللهم صلى على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (2).
    وروى نحوه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحه (3) وغيرهما (4) إن قلت : الأول يشملهم وغيرهم قلت : هذا قول من لا تحصيل له ، فإن الآل هم الأهل الذين أمر بالتمسك بهم مع الكتاب العزيز ، وليس إلا ، وقد سبق ما يدل على ذلك ، فإن النبي عليه‌السلام مع خصوصية أزواجه وقربهم منه بالمباشرة والمعاشرة ما رضى أن يكون أحدا منهم داخلا في أهل بيته ، بل قال : لعائشة وأم سلمة وزينب تنحى إنك إلى خير. ولقائل من أين عرفت أن الآل هم الأهل ، لأنا نقول من كلام أئمة العربية الذي هو مقتضى أصولها ، قال : رزين قال : أبو عبد الله البخاري ويقال : آل يعقوب
    __________________
    (1) سورة الأحزاب ، آية 56.
    (2) تفسير الثعلبي (مخطوط) ، تفسير الطبري 2 / 43 ، تفسير القرطبي 14 / 223 ، تفسير ابن كثير 3 / 507 ، تفسير الفخر الرازي 5 / 226 ، الدر المنثور للسيوطي 5 / 215 ط مصر ، أحكام القرآن لابن عربي 1570.
    (3) صحيح البخاري ، كتاب التفاسير باب قوله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي 6 / 120 ط دار الفكرة ، وكتاب بدء الخلق ، باب يزفون النسلان في المشي 4 / 118 ط دار الفكر ، وكتاب الدعوات باب الصلاة على النبي (ص) 7 / 157 ط دار الفكر ، صحيح مسلم كتاب الصلاة ، باب الصلاة على النبي (ص) 1 / 173 ط عيسى الحلبي.
    (4) راجع : صحيح الترمذي 1 / 301 ح 481 و 5 / 38 ط دار الفكر ، سنن النسائي 3 / 45 ـ 49 ، سنن ابن ماجه 1 / 292 ح 903 و 904 و 906 ، سنن أبي داود 1 / 257 ح 976 و 977 ، مسند أحمد بن حنبل 2 / 47 ، موطأ مالك مع شرحه تنوير الحوالك 1 / 179 ، والمستدرك للحاكم 1 / 268 ، السنن الكبرى 2 / 3778 ، فضائل الخمسة 1 / 208 وغيرها.

    إذا صغر الآل ردّه إلى الأصل وقالوا : أهيل (1).
    وقال مكي القبسي النحوي (2) في مشكل إعراب القرآن ، وهو أعلم من صنف في المشكل كتابا : إن آل محمد هم أهل محمد ، لأن أصل آل أهل ، ثم أبدل من الهاء همزة فصارت أأل ، ثم أبدل الهمزة ألفا لانفتاح ما قبلها وسكونها ، فإذا أصغر آل رد إلى أصله فقيل أهيل (3).
    قلت : ومن المعلوم أن من اقترن أسمه باسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وشاركه في الصلاة المأمور بها عبادة ، لا يكون أحد أعلى منه مرتبة ولا أكبر مزية ، فالمسلمون عامة قائلون بأفضليتهم ، وجاعلون ما دلّ عليها في صلاتهم من حيث لا يشعر من لم يوفق لولايتهم ومن قهر الله تعالى عباده لهم ما من به عليهم من زيارة قبورهم ، والعبادة وطلب الحوائج إليه عندنا ، حتى أن الرضا عليه‌السلام مع بعد داره عن دار الهجرة الموجب لخفاء اسمه يتوجه إليه في المواسم خصوصا شهر رجب ما ربما كان أكثر من الحجيج إلى البيت الحرام ، وليس ما ذكرناه مختصا بمن يعتقد إمامته وعصمته ، بل الأكثر من غيرهم ، فهذا من جذب الله تعالى أنفس العباد إلى أوليائه بلا شبهة ، وهذا الكلام أشار إليه المرتضى علم الهدى رحمه‌الله (4).
    __________________
    (1) صحيح البخاري ج 3 ، كتاب التفاسير ، آية 6 من سورة يوسف ومريم.
    (2) هو مكي بن أبي طالب مموش بن محمد بن مختار الأندلسي القيسي مقرئ ، عالم بالتفسير والعربية ، ولد في القيروان سنة 55 ه‍ ـ 966 م ، ثم سكن قرطبة سنة 393 ه‍ ، وخطب وقرأ بجامعها ، وتوفي فيها سنة 437 ه‍ ـ 1045 ، له كتب كثيرة منها : مشكل إعراب القرآن ، طبع عدة طبعات منها طبعة بإشراف مجمع اللغة بدمشق ، تحقيق الاستاذ د. ياسين محمد العراس ، ونشرته دار المأمون في دمشق أيضا تحقيق السواس ، ودار الرسالة تحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن ، يقع في مجلدين.
    (3) مشكل إعراب القرآن 2 / 637 ، ومفردات ألفاظ القرآن للراغب الاصفهاني ص 98 ط دار القلم ، تحقيق صفوان دوودي.
    (4) الشافي في الإمامة 3 / 138.


    الفصل الثالث
    في أن الأئمة اثنا عشر إماما ، وفيه مطلبان :
    المطلب الأول :
    في أنهم اثنا عشر على الإجمال ، فمن ذلك ما رواه البخاري في الصحيح قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا غندر قال : حدثنا شعبة عن عبد الملك قال : سمعت جابر بن سمرة قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يكون بعدي اثنا عشر أميرا (1) ، ومنه أيضا يرفعه إلى ابن عتبة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا (2) ، قلت : أراد أن بعد المهدي عليه‌السلام ينقطع التكليف ، لأنه محل قيام الساعة ، فعبر عنه بأن أمر الناس يكون ماضيا ما دام لأن بعده لا يمضى لهم أمر يعتد به. ويؤيد ما قلناه ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : النجوم أمان لأهل السماء ، فاذا ذهبت النجوم ذهبوا وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فاذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض (3).
    __________________
    (1) صحيح البخاري 6 / 2640 ، كتاب الأحكام ، باب الاستخلاف ، حديث 6796 ط الهندي ، تحقيق د. مصطفى البغا.
    (2) صحيح البخاري 8 / 127 ، كنز العمال 12 / 32 ـ 33 ، ح 33848 ، 33749 ، 33802 ، 38853 ، صحيح مسلم 4 / 100 ح 1821 هامش (2) ط مؤسسة عز الدين ـ بيروت.
    (3) مسند الإمام أحمد بن حنبل 5 / 92 ، ذخائر العقبى 17 ، الجامع الصغير للسيوطي 2 / 161 والمستدرك للحاكم 2 / 448 ، فرائد السمطين 1 / 45.

    ومن صحيح مسلم حدثني رفاعة بن الهيثم الواسطي حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال : دخلت مع أبي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته يقول إن هذا الدين لا ينقضي حتى يمضي فيه اثنا عشر خليفة (1).
    قلت : ومن هذا الحديث يعرف ما ذكرناه آنفا بعد الحد الثاني ، لأن قوله لا ينقضي حتى ، يدل على أنه بعد مضي الاثني عشر ينقضي الدين ، أي يسقط التكليف ، وهو ظاهر ، ومنه أيضا قال : حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا (2) ، وقال فيه أيضا : حدثنا قتيبة بن سعيد أبو عوان عن سماك عن جابر بن سمرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لهذا الحديث ولم يذكر لي لا يزال أمر الناس ماضيا (3).
    ومنه أيضا قال : حدثنا هذاب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا يزال الإسلام إلى اثني عشر خليفة (4).
    ومنه أيضا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن داود عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة (5).
    ومنه أيضا : وحدثنا أحمد بن عثمان النوفلي حدثنا أزهر حدثنا أحمد بن عون بن عثمان عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال : انطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه
    __________________
    (1) صحيح مسلم 4 / 100 ح 1281 ، ط مؤسسة عز الدين ـ بيروت.
    (2) صحيح مسلم ج 4 / 100 ح 1821 ، ط مؤسسة عز الدين ـ بيروت.
    (3) المصدر نفسه ج 4 / 100 ، حديث رقم 1821.
    (4) المصدر نفسه ج 4 / 101 ، حديث رقم 1821.
    (5) المصدر نفسه ج 4 / 101 ، حديث رقم 1821.

    وآله فسمعته يقول : لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة (1).
    ومنه أيضا قال : حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم وهو ابن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : كتبت إلى ابن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكتب إلي : إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول : لا يزال هذا الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خلفة (2).
    أقول : هذا الحديث صريح ، لا يحتمل غير ما ذهب إليه الإمامية من أن الخلفاء والأئمة بعده اثنا عشر ، وأن الثاني عشر ذو عمر طويل ، يمتد ببقاء التكليف ، إذ لا يمكن أن يكون الدين قائما إلى قيام الساعة ، وأن الخلفاء اثنا عشر إلا على ذلك التقدير. وهذا واضح لمن تأمله ، وأنصف من نفسه وترك التعسفات وغيرها من التكلفات والميل إلى تقليد الغير في دينه من غير بصيرة ، والأخبار في هذا من طرقهم كثيرة ذكرها الحميدي في الجمع بين الصحيحين (3). وأبو داود السجستاني في صحيحه كتاب السنن (4) وغيرهم من المحدثين (5).
    قلت : وإذا أثبت أن الخلفاء بعده اثنا عشر لا يزال الدين بهم مستقيما إلى أن تقوم الساعة فقد ثبت مذهب الإمامية ، وأنهم الفرقة الناجية ، لتمسكهم بمن يكون الدين به ظاهرا ، ومنصورا وعزيزا ، ومنيعا ومسددا ، وأقول أيضا هذه الأخبار في معنى شرح ما مضى من الأمر بالتمسك بالعترة ، وأنها مع الكتاب حبل ممدود ولا يفترق عنه ،
    __________________
    (1) المصدر نفسه ج 4 / 101 حديث رقم 1821.
    (2) صحيح مسلم 4 / 101 ، ح 1822 ، ط عز الدين.
    (3) الجمع بين الصحيحين للحميدي ، ص 34.
    (4) سنن أبي داود ج 4 ص 471 ، كتاب المهدي.
    (5) كنز العمال 10 / 32 ، 33 ، 34 ، ينابيع المودة 3 / 99.

    إلى أن يردا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحوض. ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق» فصارت الأخبار كلها متضافرة مؤيدا بعضها لبعض.
    المطلب الثاني :
    في أن الأئمة اثنا عشر إماما على التفصيل. فمن ذلك الأحاديث التي ذكرها محمد بن عبد الله بن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، من رواية رجال المذاهب الأربعة ، كما رواه المسمى عندهم صدر الأئمة أخطب خوارزم موفق أحمد المكي في كتابه قال : حدثنا فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسن محمد البغدادي فيما كتب إلى من همدان قال : أتينا الإمام الشريف نور الهدى أبا طالب الحسن بن محمد الزيني قال : أخبرنا إمام الأئمة محمد بن أحمد بن شاذان قال : حدثنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال : حدثنا علي بن سنان الموصلى عن أحمد بن محمد بن صالح عن سلمان بن محمد عن زياد بن مسلم عن عبد الرحمن بن زيد عن جابر عن سلان عن أبي سلمى (1) راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) (2) ، فقلت : والمؤمنون ، قال : صدقت يا محمد من خلفت في أمتك؟ قلت : خيرها ، قال : علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قلت : نعم يا رب ، قال : يا محمد إني أطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسما من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت ثانية (3) فاخترت عليا (وشققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي) (4). يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : سلمان ولعله تصحيف.
    (2) سورة البقرة ، آية 285.
    (3) في نسخة الأصل : الثانية.
    (4) ما بين القوسين زيادة على الأصل.

    من ولده من نور من نوري ، وعرضت ولايتكم عن أهل السموات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين ، يا محمد ، لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع ، أو يصير كالشن البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له ، حتى يقر بولايتكم ، يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت : نعم يا رب ، فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفت فإذا بعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والمهدي في ضحضاح من نور قياما (1) يصلون وهو في وسطهم ، يعني المهدي ، كأنه كوكب درّي ، وقال : يا محمد ، هؤلاء الحجج وهذا (2) الثائر من عترتك ، وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي (3).
    بالإسناد عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان قال : حدثنا محمد بن علي بن الفضل عن محمد بن القاسم عن عباد بن يعقوب عن موسى بن عثمان عن الأعمش قال : حدثني أبو إسحاق عن الحارث (4) وسعيد بن قيس (5) (عن) (6) علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا واردكم (على الحوض) (7) وأنت يا علي الساقي ، والحسن الذائد ، والحسين الآمر ، وعلي بن الحسين الفارط (Cool ومحمد بن علي الناشر ، وجعفر بن محمد السائق ، وموسى بن
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : قيام ولعله تصحيف.
    (2) في نسخة الأصل : وهو.
    (3) مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 95 ، فرائد السمطين 2 / آخر المجلد ، ينابيع المودة ص 486 ، المناقب المائة لابن شاذان ، المنقبة السابعة عشرة ص 11 ـ 12.
    (4) في نسخة الأصل : الحرث.
    (5) في نسخة الأصل : بشير.
    (6) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (7) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (Cool الفارط : أي السابق الى الماء (انظر الصحاح ، فرط 3 : 1148).

    جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين ، وعلي بن موسى زين المؤمنين ، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم ، وعلي بن محمد خطيب شيعته ومن يزوجهم الحور العين ، والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به ، والمهدي (1) شفيعهم يوم القيامة ، حيث لا يأذن إلا لمن يشاء ويرضى (2).
    وبالإسناد السابق في الإشارة إليهم ، عن أبي شاذان قال : حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العلوي الطبري عن أحمد بن عبد الله حدثني جدي أحمد بن محمد عن أبيه عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة قال : حدثنا أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان المحمدي قال : دخلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإذا الحسين على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول : أنت السيد ابن السيد أبو السادة ، أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة ، أنت الحجة ابن الحجة أبو الحجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم (3). والأخبار بل المصنفات عن أكابرهم ومحدثهم في هذا المعنى كثيرة يعرفها من نظر في كتبهم خصوصا المفردة في الأئمة الاثني عشر (4).
    وهذه الأخبار أيضا موافقة ومؤازرة لما مضى من ذكر الاثني عشر على الإجمال ، وكلاهما مؤيدان الروايات الدالة على التمسك بالعترة والأهل الأول وأن المتمسك بهم هو الناجي ، وأخبار المهدي على الإجمال في كتبهم كثيرة ، وما ذكرناه ونذكره يدل على تعيينه ، أنه ابن الحسن العسكري عليهما وعلى آبائهما السلام ، فصارت
    __________________
    (1) في نسخة المائة منقبة لابن شاذان : القائم.
    (2) مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ولده (ع) لابن شاذان تحقيق نبيل رضا علوان ، ط 1 الدار الإسلامية 1988 ص 417 ـ 48 (المنقبة الخامسة). فرائد السمطين 2 / 312 ح 572. مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 94. ينابيع المودة ص 265. المناقب لابن شهرآشوب 1 / 292.
    (3) المصدر السابق ، ص 117 ـ 118 (المنقبة الثامنة والخمسون).
    (4) راجع على سبيل المثال لا الحصر : مقتل الإمام الحسين للخوارزمي 1 / 145 ، والشيخ الكراجكي في كتابه الاستبصار ص 9 ، والقندوري في ينابيع المودة ص 168 ، وكشف الغمة 3 / 298 ، والحمويني في فرائد السمطين 2 / 231 ح 572.

    الأخبار كلها في معنى الخبر الواحد الدال على المراد من دين الإمامية ومعتقدهم ، وأنهم الفرقة الناجية ، وأقول إن بعض فضلاء الرواة ونقلة الأخبار صنف كتابا مفردا (1) في نقل الصحابة النص من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الأئمة الاثني عشر بأعيانهم وأفرد لكل راو منهم بابا ذكر فيه ما ورد عنه متصلا بالنبي عليه‌السلام من الأحاديث في ذلك ، ثم أعقب ذلك بذكر ما ورد عن الأئمة عليهم‌السلام مما وافق نقل الصحابة. وأنا اقتصر من ذلك على حديث أو اثنين من كل باب ، وأعقبه بما يتيسر مما أعقبه ، لئلا ينتهي إلى الإنكار والإطناب.
    فأقول وبالله التوفيق : المروي عنه من الصحابة من الرجال عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن سمرة ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأنس بن مالك ، وأبو هريرة ، وعمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت ، وزيد بن أرقم ، وأبو أمامة وائله بن الأسقع ، وأبو أيوب الأنصاري ، وعمار بن ياسر ، وحذيفة بن أسيد ، وعمران بن الحصين ، وسعد بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، وأبو قتادة الأنصاري ، وعلي بن أبي طالب ، والحسن والحسين ، ومن النساء أم سلمة ، وعائشة ، وفاطمة ، فالذي نختاره من رواته عبد الله بن عباس حديث اليهودي قال : أخبرني أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال : حدثنا أحمد بن مطرق (2) بن سوار بن الحسين (3) ، القاضي الحسني (4) بمكة قال : حدثني أبو حاتم المهلبي المغيرة بن محمد بن مهلب قال : حدثنا عبد الغفار (بن) (5) كثير الكوفي عن إبراهيم (6) بن حميد عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن
    __________________
    (1) كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ، لأبي القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي ، من أهل أواسط القرن الرابع من تلامذة الصدوق.
    (2) في نسخة الأصل : مطرف ، وفي نسخة أخرى مطوق.
    (3) في نسخة الأصل : سوار أبو الحسين.
    (4) في نسخة أخرى : البستي.
    (5) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (6) في نسخة الأصل : هيثم.

    عباس ، قال : قدم يهودي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقال له نعثل ، فقال : يا محمد إني أسألك عن أشياء تلجلج (1) في صدري من حين ، فإن أنت أجبتني عنها أسلمت على يديك ، قال : سل يا أبا عمارة ، فلم يزل يسأله ويجيبه ، وهو يقول صدقت يا محمد ، إلى أن قال : فأخبرني عن وصيك من هو ، فما من نبي إلا وله وصي ، وإن نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون فقال : نعم إن وصيي والخليفة من بعدي علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين (2) ويتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار ، قال : يا محمد فسمهم لي ، قال : نعم إذا مضى الحسين فابنه علي ، فإذا مضى عليه فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه جعفر فإذا مضى جعفر فابنه موسى فإذا مضى موسى فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه الحسن بن علي فإذا مضى الحسن فبعده ابنه الحجة بن الحسن بن علي (ع) (3) فهذه اثنا عشر (إماما على) (4) عدد نقباء بني اسرائيل ، قال : فأين مكانهم في الجنة؟ قال : معي في درجتي ، قال : أشهد ان لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأشهد أنهم الأوصياء بعدك ، ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدمة ، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران عليه‌السلام : إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له أحمد خاتم الأنبياء لا نبي بعده ، يخرج من صلبه أئمة أبرار عدد الأسباط .. ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (5).
    وحديث آخر رواه محمد بن علي رضى الله عنه ، قال : حدثني محمد بن موسى المتوكل ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النجفي عن عمه الحسين بن زيد النوفلي ، عن الحسن بن علي بن سالم عن أبيه عن
    __________________
    (1) قال في المصباح : تلجلج في صدره شيء : تردد.
    (2) في نسخة الأصل الحسن ثم الحسين يتلوه.
    (3) في نسخة الأصل : ثم المهدي.
    (4) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (5) راجع الحديث في كفاية الأثر ص 11 ـ 16.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:28 pm

    أبي حمزة عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله تبارك وتعالى ، أطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني منها فجعلني نبيا ، ثم أطلع ثانية فاختار منها عليا ، فجعله إماما ثم أمرني أن أتخذه أخا ووصيا وخليفة ووزيرا ، فعلي مني وأنا من علي وهو زوج ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين عليهم‌السلام ، ألا وإن الله تعالى جعلني وإياهم حججا على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون (1) بأمري ، ويحفظون وصيتي ، التاسع منهم قائم أهل بيتي (ومهدي أمتي) (2) ، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله ليظهر (3) بعد غيبة طويلة وحيرة مظلة ، فيعلن أمر الله ويظهر دين الحق (4) ويؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (5).
    ومن رواية عبد الله بن مسعود أخبرنا أبو المفضل قال : إلى آخر الإسناد عن عبد الله مسعود قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : الأئمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين والتاسع مهديهم (6). ومن رواية أبي سعيد الخدري بحذف الإسناد قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : الأئمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين ، والتاسع قائمهم ، فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم (7).
    وحدثنا علي بن الحسين (ابن محمد) (Cool بن مبدة بحذف الإسناد ، عن أبي سعيد الخدري قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الأولى ، ثم أقبل بوجهه
    __________________
    (1) وفي نسخة الأصل : ليوصون ، ونسخة أخرى : يقولون.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) في نسخة الأصل : يظهر.
    (4) في نسخة الأصل : الله.
    (5) كفاية الأثر ، ص 10 ـ 11.
    (6) المصدر نفسه ، ص 23.
    (7) المصدر نفسه ، ص 30.
    (Cool ما بين القوسين زيادة على الأصل.

    الكريم علينا فقال : معاشر أصحابي إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل فتمسكوا بأهل بيتي بعدي ، والأئمة الراشدين من ذريتي ، فإنكم لن تضلوا أبدا فقيل يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟ قال : اثنا عشر من أهل بيتي ، أو قال : من عترتي (1) ، ومن رواية أبي ذر الغفاري بحذف الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأئمة بعدي اثنا عشر ؛ تسعة من صلب الحسين (ع) ، تاسعهم قائمهم ثم قال : ألا إن مثلهم فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها هلك ومثل باب حطة (في) (2) بني إسرائيل (3).
    ومن رواية سلمان الفارسي بحذف الإسناد قال : خطبنا رسول الله (ص) فقال : معاشر الناس إني راحل عن قريب ومنطلق إلى المغيب أوصيكم في عترتي خيرا وإياكم والبدع فإن كل بدعة ضلالة ، والظلالة وأهلها في النار ، معاشر الناس ، من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر ، ومن فقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، فإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة (4) بعدي ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، قال : فلم يزل حتى دخل بيت عائشة فدخلت إليه وقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمعتك تقول (5) إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر ، فما الشمس وما القمر وما الفرقدان (6) وما النجوم الزاهرة؟ فقال : أنا الشمس وعلي القمر فإذا افتقدتموني فتمسكوا بعلي وأما الفرقدان فالحسن والحسين ، إذا افتقدتم القمر فتمسكوا بهما ، وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين والتاسع مهديهم ، ثم قال : (ع) إنهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي (7) ، أئمة أبرار عدد أسباط يعقوب وحواريي
    __________________
    (1) كفاية الأثر ، ص 33 ـ 34.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) كفاية الأثر ، ص 38 ـ 39.
    (4) في نسخة الأصل : الزهر.
    (5) في نسخة الأصل : يقول ولعله تصحيف.
    (6) في نسخة الأصل : الفرقدين.
    (7) في نسخة الأصل : بعد ولعل الياء ساقطة.

    عيسى ، فقلت : فسمهم لي يا رسول الله ، قال : أولهم وسيدهم علي بن أبي طالب وسبطاه ، وبعدهما علي زين العابدين ، وبعده محمد بن علي باقر علم النبيين ، والصادق جعفر بن محمد ، وابنه الكاظم سمي موسى بن عمران والذي يقتل بأرض الغربة ، وابنه علي ثم ابنه محمد والصادقان علي والحسن ، والحجة القائم المنتظر في غيبته ، فإنهم عترتي من لحمي ودمي ، علمهم علمي ، وحكمهم حكمي ، من آذاني فيهم فلا أناله الله شفاعتي (1).
    ومن رواية جابر بن عبد الله الأنصاري بحذف الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للحسين بن علي عليهما‌السلام : يا حسين يخرج من صلبك تسعة من الأئمة منهم مهدي هذه الأمة ، فإذا استشهد أبوك فالحسن بعده ، فإذا سمّ الحسن فأنت ، فإذا استشهدت فعلي ابنك ، فإذا مضى فمحمد ابنه ، فإذا مضى محمد فجعفر ابنه ، فإذا مضى جعفر فموسى ابنه ، فإذا مضى موسى فعلي ابنه ، فإذا مضى علي فمحمد ابنه ، فإذا مضى محمد فعلي ابنه ، فإذا مضى علي فالحسن ابنه ، ثم الحجة بعد الحسن محمد بن الحسن يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (2).
    ومن رواية أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة الفجر ثم أقبل علينا فقال : معاشر أصحابي ، من أحبنا أهل البيت حشر معنا ، ومن استمسك بأوصيائي (3) من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى ، فقام إليه أبو ذر فقال : يا رسول الله كم (4) الأئمة بعدك؟ قال : عدد نقباء بني اسرائيل ، فقال : كلهم من أهل بيتك؟ فقال : كلهم من أهل بيتي تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم (5). ومن رواية أبي هريرة بحذف الإسناد قال : قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن
    __________________
    (1) كفاية الأثر ص 40 ـ 42.
    (2) المصدر نفسه ، 61.
    (3) في نسخة الأصل : بالأوصياء.
    (4) في نسخة الأصل : فكم.
    (5) كفاية الأثر ، ص 74.

    لكل نبي وصيا وسبطين (1) فمن وصيك وسبطيك؟ فسكت ولم يرد الجواب (2) ، فانصرفت حزينا فلما حان (3) الظهر قال : «ادن يا أبا هريرة (4) فجعلت ادنوا وأقول أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، ثم قال : إن الله بعث أربعة وعشرين ألف (5) نبي وكان لهم أربعة وعشرين ألف وصي وثمانية وعشرين ألف سبط ، فوالذي نفسي بيده لأنا خير النبيين (6) ووصيي خير الوصيين وإن سبطي خير الأسباط ، ثم قال : «(ع) سبطي خير الأسباط» (7) الحسن والحسين من هذه الأمة ، وان الأسباط كانوا من ولد يعقوب وكانوا اثني عشر رجلا ، وأن الأئمة بعدي اثني عشر من أهل بيتي ، علي أولهم وأوسطهم محمد وآخرهم محمد وهو مهدي هذه الأمة الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه ، ألا إن من تمسك بهم بعدي فقد تمسك بحبل الله ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله (Cool.
    ومن رواية عثمان بن عفان (9) بحذف الإسناد قال : إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول الأئمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين منهم مهدي هذه الأمة ، من تمسك من بعدي بهم فقد استمسك بحبل الله ، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله (10).
    ومن رواية زيد بن ثابت بحذف الإسناد ، قال : مرض الحسن والحسين عليهما
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : وسطير ، ولعله تصحيف.
    (2) في نسخة الأصل : عليّ جوابا.
    (3) في نسخة الأصل : كان.
    (4) في نسخة الأصل : ادن يا أبا هريرة مني.
    (5) في نسخة الأصل : أربعة آلاف.
    (6) في نسخة الأصل : الأنبياء.
    (7) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (Cool كفاية الأثر ، ص 80.
    (9) في نسخة الأصل : عمر بن الخطاب.
    (10) كفاية الأثر ، ص 94.

    السلام فعادهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاخذهما وقبلهما (1) ، ثم رفع يده إلى السماء وقال : اللهم رب السموات (السبع) (2) وما أظلت ، ورب الرياح وما ذرت ، اللهم رب كل شيء وإله كل شيء ، أنت الأول فلا شيء قبلك وأنت الباطن فلا شيء دونك ، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وآل إبراهيم واسحاق ويعقوب ، أسألك أن تمن عليهما بعافيتك ، وتجعلهما تحت كنفك وحرزك وأن تصرف عنهما السوء والمحذور برحمتك ، ثم وضع يده على كتف الحسن (ع) فقال : أنت الإمام ابن ولي الله ، ووضع يده على صلب الحسين وقال : أنت الإمام وأبو الأئمة ، تسعة من صلبك أئمة أبرار والتاسع قائمهم ، من تمسّك بكم (3) وبالأئمة من ذريتكم (4) كان معنا يوم القيامة وكان معنا في الجنة في درجتنا فبرءا من علتهما بدعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (5).
    ومن رواية أبي أمامة أسعد بن زرارة قال بحذف الإسناد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي إلى السماء رأيت مكتوبا على ساق العرش بالنور لا إله إلا الله أيدته بعلي ونصرته به ثم بعده الحسن والحسين ورأيت عليا عليا عليا ثلاث مرات ، ورأيت محمدا محمدا مرتين ، وجعفرا وموسى والحسن والحجة اثنا عشر اسما مكتوبا بالنور ، فقلت : يا رب أسامي من هؤلاء الذين قد قربتهم بي ، فنوديت يا محمد ، الأئمة بعدك والأخيار من ذريتك (6).
    وحدثنا محمد بن وهبان بن محمد الهمامي (7) بحذف الإسناد عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم الحق
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : فقبلهما.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) في نسخة الأصل : بهم.
    (4) في نسخة الأصل : ذريتك.
    (5) كفاية الأثر ، ص 95 ـ 96.
    (6) المصدر نفسه ، ص 105 ـ 106.
    (7) في نسخة الأصل : الهمداني.

    منا وذلك حين يأذن الله عزوجل له ، فمن تبعه نجا ومن تخلّف عنه هلك فالله الله عباد الله ائتوه ولو على الثلج فإنه خليفة الله ، قلنا : يا رسول الله متى يقوم قائمكم؟ قال : إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا ، وهو التاسع من صلب الحسين (1).
    ومن رواية وائلة بن الأسقع بحذف الإسناد قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لما عرج بين إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ناداني ربي جل جلاله فقال : يا محمد ، قلت : لبيك سيدي ، قال : إني ما أرسلت نبيا فانقضت أيامه إلا قام بالأمر من بعده وصيه فاجعل علي بن أبي طالب الإمام الوصي (من) بعدك (2) ، فإني خلقتكما من نور واحد وخلقت (الأئمة) (3) الراشدين من أنوار كما ، أتحب أن تراهم يا محمد؟ قلت : نعم يا ربي ، قال : ارفع رأسك ، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار الأئمة بعدي اثنا عشر نورا ، قلت : يا ربي أنوار من هي؟ قال : أنوار الأئمة بعدك (أمناء معصومون) (4) (5).
    ومن رواية أبي أيوب خالد بن يزيد الأنصاري أخبر أبو المفضل الشباني قال : حدثني .. إلخ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول أنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء ، وسبطاي خير الأسباط ، ومنا الأئمة المعصومون من صلب الحسين ، ومنا مهدي هذه الأمة ، فقام إليه أعرابي فقال : يا رسول الله كم الأئمة (6) بعدك؟ قال : عدد الأسباط وحواريي عيسى ونقباء بني اسرائيل (7).
    ومن رواية عمار بن ياسر بحذف الإسناد قال : لما حضرت رسول الله صلى الله
    __________________
    (1) كفاية الأثر ، ص 106 ـ 107.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (4) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (5) كفاية الأثر ، ص 110 ـ 111.
    (6) في نسخة الأصل : القائم.
    (7) كفاية الأثر ، ص 113 ـ 114.

    عليه وآله الوفاة دعا بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام فسارّه طويلا ، ثم قال : يا علي أنت وصيي ووارثي ، قد أعطاك الله علمي وفهمي ، فإذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قومي وبغضب على حقد (1) فبكت فاطمة عليها‌السلام وبكى الحسن والحسين عليها‌السلام ، فقال لفاطمة عليها‌السلام : يا سيدة النسوان ، مم بكاؤك؟ قالت : يا أبة أخشى الضيعة بعدك ، قال : أبشري يا فاطمة فإنك أول من يلحقني من أهل بيتي فلا تبكي ولا تحزني ، فإنك سيدة نساء أهل الجنة ، وأباك سيد الآباء وابن عمك خير الأوصياء ، وابنيك سيدا شباب أهل الجنة ، ومن صلب الحسين يخرج الله الأئمة التسعة مطهرون معصومون ، ومنا مهدي هذه الأمة (2).
    ومن رواية حذيفة بن أسيد بحذف الإسناد قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول على منبره : معاشر الناس ، إني فرطكم وأنكم واردون علي الحوض (3) ، أعرض ما بين بصرى وصنعاء فيه (4) عدد النجوم قدحانا (5) من فضة ، وأنا (6) سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لن تضلوا ولا تبدّلوا في (7) عترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (...) (Cool أنتظر من يرد على منكم وسيؤخذ أناس دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي ، فيقال : يا محمد ، هل شعرت بما عملوا؟ إنهم ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم ، ثم قال : أوصيكم في عترتي خيرا ثلاثا ، أو قال : في أهل
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : وغصبت على حقك.
    (2) كفاية الأثر ، ص 124 ـ 125.
    (3) في نسخة الأصل : عوض أعرض وحذفنا عوض لعدم استقامة المقصد.
    (4) في نسخة الأصل : قدحان وهي زائدة.
    (5) في نسخة الاصل : قدحان.
    (6) في نسخة الأصل : واني.
    (7) في نسخة الأصل : وعترتي.
    (Cool «معاشر الناس كأني على الحوض» زيادة في نسخة الأصل حذفناها.

    بيتي ، فقام إليه سلمان فقال : يا رسول الله ألا تخبرني عن الأئمة بعدك أما هم (1) من عترتك؟ فقال : نعم ، الأئمة بعدي من عترتي عدد نقباء بني اسرائيل تسعة من صلب الحسين ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، فلا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم ، واتبعوهم فإنهم مع الحق والحق معهم (2).
    ومن رواية عمران بن الحصين بحذف الإسناد قال : خطبنا (3) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : معاشر الناس ، إني راحل عن قريب ومنطلق إلى المغيب ، أوصيكم في عترتي خيرا ، فقام إليه سلمان فقال : يا رسول الله أليس الأئمة بعدك من عترتك؟ قال : نعم ، الأئمة بعدي من عترتي ، عدد نقباء بني إسرائيل ، تسعة من صلب الحسين ومنهم مهدي هذه الأمة ، فمن تمسك بهم فقد تمسك بحبل الله ، لا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم واتبعوهم فإنهم مع الحق والحق معهم حتى يردوا علي الحوض (4).
    ومن رواية سعد بن مالك بحذف الإسناد قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، علي يقضي ديني وينجز عدتي ويقاتل بعدي على التأويل ، كما قاتلت على التنزيل ، يا علي حبك إيمان وبغضك نفاق ، ولقد نبأني اللطيف الخبير أنه يخرج من صلب الحسين تسعة من الأئمة معصومون مطهرون ومنهم مهدي هذه الأمة ، الذي يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت في أوله (5).
    ومن رواية حذيفة بن اليمان قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم أقبل بوجهه الكريم علينا ، فقال : معاشر أصحابي ، أوصيكم بتقوى الله والعمل
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : أهم؟.
    (2) كفاية الأثر ، ص 128 ـ 129.
    (3) في نسخة الأصل : خطب بنا.
    (4) كفاية الأثر ، ص 131 ـ 132.
    (5) المصدر نفسه ، ص 135.

    بطاعته ، فمن عمل بها فاز وغنم ، ومن أحجم (1) وتركها حلّت به الندامة ، فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة ، فكأني (2) ادعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، ومن تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلّف عنهم كان من الهالكين. فقلت : يا رسول الله على من تخلّفنا؟ قال : على من خلّف موسى بن عمران قومه؟ قال : على وصيه يوشع بن نون ، قال : وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قائد البررة وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، قلت : يا رسول الله فكم (3) يكون الأئمة من بعدك؟ ، قال : عدد نقباء بني إسرائيل ، تسعة من صلب الحسين أعطاهم الله علمي ، وهم خزّان علم الله ومعادن وحيه ، قلت : يا رسول الله فما لأولاد الحسن؟ قال : إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين ، وذلك قول الله عزوجل (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) (4) ، (قلت : أفلا تسميهم لي يا رسول الله؟) (5) ، قال : (نعم) (6) ، إنه لما عرج بي إلى السماء ، ونظرت إلى ساق العرش ، فرأيت مكتوبا بالنور لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته به ، ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة ، ورأيت في ثلاثة (7) مواضع عليا عليا عليا ومحمدا ومحمدا وموسى وجعفرا (Cool والحسن والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب درّي ، فقلت : يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك؟ قال : يا محمد هم الأوصياء والأئمة بعدك ، خلقتهم من طينتك ، فطوبى لمن أحبهم ، والويل
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : والحج ومن تركها ، والعبارة فيها تصحيف.
    (2) في نسخة الأصل : كأني.
    (3) في نسخة الاصل : كم.
    (4) سورة الزخرف ، آية 28.
    (5) ما بين القوسين زيادة على نسخة الاصل.
    (6) ما بين القوسين زيادة على نسخة الاصل.
    (7) في نسخة الأصل : ثلاث.
    (Cool في نسخة الأصل : وجعفر.

    لمن أبغضهم ، فبهم أنزل الغيث ، وبهم أثيب (1) وأعاقب (2).
    ومن رواية أبي قتادة بن الحارث (3) بن ربعي بحذف الإسناد قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : الأئمة من بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل وحواري عيسى (4).
    قلت : ليس هذا من الباب لأنه لم تعين فيهن فهو بالباب الأول أليق ، ومن رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، حدثنا محمد بن علي بن الحسن بحذف الإسناد عنه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله ، قال : من علم أن لا إله إلا أنا وحدي وأن محمدا عبدي ورسولي وأن علي بن أبي طالب خليفتي ، وأن الأئمة من ولده حجتي ، أدخلته جنتي (5) برحمتي ، ونجيته من النار بعفوي ، وأبحت له جواري ، وأوجبت له كرامتي ، وأتممت عليه نعمتي ، وجعلته (من) (6) خاصتي وخالصتي ، إن ناداني لبيته (7) ، وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت ابتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرّ مني دعوته ، وإن رجع (Cool إلي قبلته ، وإن (9) قرع بابي فتحته ، ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي ، أو شهد لذلك ولم يشهد (أن لا إله إلا أنا وحدي أو شهد بذلك ولم يشهد) (10) أن محمدا عبدي ورسولي ، أو شهد بذلك ولم يشهد
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : أثيب لهم.
    (2) كفاية الأثر ، ص 137.
    (3) في نسخة الأصل : قتادة الحرث.
    (4) المصدر السابق ، ص 139.
    (5) في نسخة الأصل : ادخلت الجنة.
    (6) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (7) في نسخة الأصل : أتيته.
    (Cool في نسخة الأصل : رفع.
    (9) في نسخة الأصل : ومن.
    (10) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

    أن علي بن أبي طالب عليه‌السلام خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي (1) ، فقد جحد نعمتي ، وصغر عظمتي ، وكفر بآياتي (وكتبي) ورسلي (2) ، إن قصدني حجبته ، وإن سألني حرمته ، وإن ناداني لم أسمع نداءه ، وإن دعاني لم استجب نداءه ودعاءه ، وإن رجاني خيبته ، وذلك جزاؤه مني ، وما أنا بظلام للعبيد ، فقام جابر فقال : يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه يا جابر ، فإذا أدركته فأقرأه مني السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ، ثم الرضا علي بن موسى ، ثم التقي محمد بن علي ، ثم النقي علي بن محمد ، ثم الزكي الحسن بن علي ، ثم ابنه القائم بالحق ، مهدي أمتي ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها (3).
    ومن رواية الحسن بن علي عليهما‌السلام بحذف الإسناد ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام : أنت وارث علمي ومعدن حكمي ، والإمام بعدي ، فإذا استشهدت فابنك الحسن ، فإذا استشهد ابنك الحسن فابنك الحسين ، فإذا استشهد الحسين فابنه علي ، يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار أطهار ، فقلت : يا رسول الله فما أسماؤهم قال : علي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي من صلب الحسين ، يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (4).
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : حجتي.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) كفاية الأثر ، ص 143.
    (4) المصدر نفسه ، ص 167.

    ومن رواية الحسين بن علي عليهما‌السلام بحذف الإسناد ، قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أخبرني جبرئيل عليه‌السلام ، لما ثبت (1) الله تبارك وتعالى اسم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على (2) ساق العرش ، قلت : يا رب بحق هذا الاسم المكتوب في سرادق (3) ، العرش أرني أعز خلقك عليك ، قال : فأراه الله عزوجل اثني عشر أشباحا لا أرواح ، بين السماء والأرض ، فقال : يا رب بحقهم عليك إلا أخبرتني من هم ، قال : هذا نور علي بن أبي طالب ، وهذا نور الحسن والحسين ، وهذا نور علي بن الحسين ، وهذا نور محمد بن علي ، وهذا نور جعفر بن محمد ، وهذا نور موسى بن جعفر ، وهذا نور علي بن موسى ، وهذا نور محمد بن علي ، وهذا نور علي بن محمد ، وهذا نور الحسن بن علي ، وهذا نور الحجة القائم المنتظر ، قال : فكان (4) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ما من أحد (5) يتقرّب إلى الله عزوجل بهؤلاء القوم إلا أعتق الله رقبته من النار (6).
    ومن رواية أم سلمة بحذف الإسناد ، قالت : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء ، نظرت وإذا مكتوب على العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ، ونصرته بعلي ، ورأيت أنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ، ورأيت نور الحجة يتلألأ من بينهم كأنه وفاطمة ، وهذا نور سبطيك الحسن والحسين ، وهذه أنوار الأئمة من بعدك من ولد
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : أثبت.
    (2) في نسخة الأصل : في.
    (3) في نسخة الأصل : ساق.
    (4) في نسخة الأصل : وكان.
    (5) في نسخة الأصل : عبد.
    (6) كفاية الأثر ، ص 169 ـ 170.

    الحسين ، مطهرون معصومون ، وهذا الحجة (1) ، يملأ الدنيا قسطا وعدلا (2).
    ومن رواية عائشة بحذف الإسناد ، قالت : كان لنا (3) مشربة ، وكان (4) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد لقاء (5) جبرئيل (ع) لقيه فيها ، فلقيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرّة فيها ، وأمرني أن لا يصعد إليه أحد ، فدخل الحسين بن علي عليه‌السلام (...) (6) ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : من هذا؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ابني (7) ، فأخذه النبي فأجلسه (Cool على فخذه ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : أما إنه سيقتل ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن يقتله؟ قال : (أمتك) (9) تقتله ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أمتي تقتله؟ ، قال : نعم ، إن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل بها وأشار (10) جبرئيل إلى الطف بالعراق ، وأخذ منه تربة حمراء فأراه إياها (11) ، وقال (12) : هذه من تربة مصرعه ، فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له جبرئيل عليه‌السلام : يا رسول الله لا تبك ، فسوف ينتقم الله منهم بقائمكم أهل البيت ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حبيبي جبرئيل ومن قائمنا أهل البيت؟ قال : هو التاسع من ولد الحسين ، كذا أخبرني ربي جل جلاله ، إنه سيخلف من صلب الحسين ولدا وسمّاه
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : وهذا الحجة الذي.
    (2) كفاية الأثر ، ص 185.
    (3) في نسخة الأصل : كان لرسول الله.
    (4) في نسخة الأصل : اذا جاء.
    (5) في نسخة الأصل : اذا جاء.
    (6) «ولم يعلن حتى غشيهما» زيادة في نسخة الأصل حذفناها.
    (7) في نسخة الأصل : بني.
    (Cool في نسخة الأصل : فجلّسه.
    (9) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (10) في نسخة الأصل : فأشار.
    (11) في نسخة الأصل : إياه.
    (12) في نسخة الأصل : فقال.

    عنده عليا خاضعا لله خاشعا (1) ، ثم يخرج من صلب علي ابنه وسمّاه عنده موسى واثق بالله محب في الله ، ويخرج الله من صلبه ابنه وسمّاه عنده عليا الراضي بالله والداعي إلى الله عزوجل ، ويخرج من صلبه ابنه وسمّاه عنده محمدا المرغّب في الله والذاب عن حريم الله ، ويخرج من صلبه ابنه وسمّاه عنده عليا المكتفي (2) بالله والولي لله ، ثم يخرج من صلب ابنه وسمّاه الحسن (3) مؤمن بالله مرشد إلى الله ، ويخرج من صلبه (4) كلمة الحق ولسان الصدق ومظهر الحق حجة الله على بريته ، له غيبة طويلة يظهر الله به الإسلام وأهله ، ويخسف به الكفر وأهله. قال ابو المفضل : قال موسى بن محمد بن إبراهيم حدثني أبي أنه قال لي أبو سلمة : إني دخلت على عائشة وهي حزينة ، فقلت لها : ما يحزنك يا أم المؤمنين؟ قالت : فقد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتظاهر الحسكات ، ثم قالت : يا سمرة (5) آتني بالكتاب ، فحملت الجارية إليها كتابا ففتحته ونظرت فيه طويلا ، ثم قالت : صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلت : يا أم المؤمنين (6) قلت : أخبار وقصص (..) (7) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلت : فهلا (Cool تحدثيني بشيء (9) من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالت : نعم ، حدثني حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : من أحسن فيما بقي من عمره غفر الله له ما مضى وما بقى ، ومن أساء فيما بقى من عمره أخذ فيما
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : خاضع لله خاشع.
    (2) في نسخة الأصل : التقي.
    (3) في نسخة الأصل : وسماه عنده حسنا.
    (4) في نسخة الأصل : من صلب ابنه.
    (5) في نسخة الأصل : يا سمراء.
    (6) في نسخة الأصل : قلت : ما ذا.
    (7) في نسخة الأصل : «كتبته» حذفناها.
    (Cool في نسخة الأصل : هل.
    (9) في نسخة الأصل : بما.

    مضى وفيما بقى ، ثم قلت : يا أم المؤمنين هل عهد (نبيكم) (1) كم يكون (من) (2) بعده من الخلفاء؟ قالت (3) : يا أبا سلمة كانت لنا مشربة ، وذكرت الحديث ، فأخرجت البياض وكتبت هذا الخبر ، فأملت علي حفظا ولفظا ، ثم قالت : أكتم علي يا أبا سلمة ما دمت حيّة فكتمت عليها ، فلما كان بعد مضيها دعاني علي عليه‌السلام وقال : (أرني) (4) الخبر الذي أملت (5) عليك عائشة ، قلت : وما الخبر يا أمير المؤمنين؟ قال : الذي فيه أسماء الأوصياء من بعدي فأخرجته إليه (6).
    ومن رواية فاطمة عليها‌السلام بحذف الإسناد ، عن أبي يوسف الحسن (بن سهيل) (7) بن سعد الأنصاري ، قال : سألت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الأئمة ، فقالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام : أنت الإمام والخليفة من بعدي ، وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى الحسن فابنك الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى الحسين فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى محمد فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى الحسن فابنه القائم المهدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، يفتح الله (تعالى على يديه مشارق الأرض
    __________________
    (1) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) في نسخة الأصل : قال.
    (4) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (5) في نسخة الأصل : أملأت.
    (6) كفاية الأثر ، ص 187 ـ 190.
    (7) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.

    ومغاربها ، هم أئمة الحق) (1) وألسنة الصدق ، منصور من نصرهم ، مخذول من خذلهم (2).
    أقول قد اقتصرنا على ما أوردنا ، وفيه كفاية لمن تدبّر وعقل ، ثم أقول الناظر بعين الرضا والبصيرة يرى جميع ما ورد من طرق الشيعة والسنة متفقا غير مختلف ، بل يراه كالخبر الواحد ، ويرى الآيات الكريمة الواردة في هذا الباب كالآية الواحدة ، وذلك لأن الأخبار إذا وردت مصدقة بعضها لبعض ومؤيدة له فهي في المعنى كالخبر الواحد ، وكذلك الآيات ، ولا يخفى أن الآيات الكريمة كآية التطهير والولاية والأمر بالتبليغ وغيرها من الآيات ، متفقة على مدح وتقديم آل محمد وأهل بيته ، والروايات مثل رواية التمسك بالثقلين والتشبيه بسفينة نوح وغيرهما دال على ذلك ، وروايات النص على الاثني عشر وعلمهم وإفحام جميع علماء عصرهم يؤيد الجميع ، فكان المتفق عليه المروي من الفريقين بل من فرق الإسلام هو الموافق لكتاب الله وهو شرف الآل والأهل ، وفضلهم وإمامتهم ، ووجوب التمسّك بحبلهم ، وأن من تمسك به فهو ناج. وليس لأحد من علماء المذاهب وأهل المقالات من تمكنه أن يثبت فضله والحث عليه وعلى التمسك به نقلا ، وعن فرق الإسلام الموافقة له وغير القائل بإمامته غير علماء أهل البيت في أهل البيت ، فكان في الحقيقة وعند التأمل القول بإمامتهم ، ووجوب التمسك بهم ونجاة من تمسك بحبلهم أولى بأن يدعى عليه الإجماع ، لدلالة الكتاب العزيز عليه المعضدة بما لا سبيل إلى رفعه والرد عليه من الأحاديث الصحيحة من المذاهب الأربعة وغيرهم. فقد صح أن الفرقة الناجية هم الإمامية الاثني عشرية ، وفي تضاعيف الروايات ما دلّ عليه بما لا شبهة تتطرق إليه.
    وأما ما ورد عن الإمامية عليهم‌السلام فكثير أيضا ، لكنا نورد عن كل واحد منهم شيئا ، فما ورد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ما رواه علي بن الحسين بن مندة بحذف الإسناد عن علقمة ، قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام على منبر الكوفة
    __________________
    (1) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (2) كفاية الأثر ، ص 195.

    خطبة اللؤلؤة (1) ، إلى أن قال : فقام إليه رجل يقال له عامر بن كثير فقال : يا أمير المؤمنين «لقد أخبرتنا عن أئمة الكفر وخلفاء الباطل» (2) فأخبرنا عن أئمة الحق وألسنة الصدق بعدك ، قال (3) : نعم إنه بعهد (4) عهده إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن هذا الأمر تملكه اثنا عشر إماما تسعة من صلب الحسين. ولقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بي إلى السماء ، نظرت الى ساق العرش ، فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ونصرته بعلي. ورأيت اثني عشر نورا ، فقلت : يا رب أنوار من هذه؟ فنوديت يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتك ، قلت : يا رسول الله أفلا تسميهم لي ، قال : نعم أنت الإمام والخليفة بعدي ، تقضي ديني وتنجز وعدي ، وبعدك ابناك (5) الحسن والحسين ، وبعد الحسن والحسين ابنه علي بن الحسين زين العابدين ، وبعد علي ابنه محمدا يدعى الباقر ، وبعد محمد ابنه جعفر يدعى بالصادق ، وبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم ، وبعد موسى ابنه علي يدعى بالرضا ، وبعد الرضا ابنه محمد يدعى بالزكي ، وبعد محمد ابنه علي يدعى بالنقي ، وبعده ابنه الحسن يدعى بالأمين ، والقائم من ولد الحسين سميي وأشبه الناس بي ، يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (6).
    وعن الحسن عليه‌السلام ، بحذف الإسناد ، عن الأصبغ قال : سمعت الحسن بن علي عليه‌السلام يقول الأئمة بعد رسول الله اثنا عشر تسعة من صلب (أخي) (7) الحسين ومنهم مهدي هذه الأمة (Cool.
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : اللؤلؤ.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) في نسخة الأصل : فقال :.
    (4) في نسخة الأصل : لعهد.
    (5) في نسخة الأصل : أبناؤك.
    (6) كفاية الأثر ، ص 213 ـ 218.
    (7) ما بين القوسين زيادة على الأصل.
    (Cool كفاية الأثر ص 223.

    وعن الحسن عليه‌السلام عن يحيى بن يعمن (1) قال : كنت عند الحسين عليه‌السلام إذ (2) دخل رجل من العرب متلثما أسمر شديد السمرة ، فسلم ورد (3) الحسين عليه‌السلام ، فقال : يا بن رسول الله مسألة ، قال هات إلي ، قال : أخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : اثنا عشر ، عدد نقباء بني إسرائيل ، قال : فسمّهم لي؟ قال : فأطرق الحسين عليه‌السلام مليا ثم رفع رأسه فقال : نعم أخبرك يا أخا العرب إن الإمام والخليفة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه بن أبي طالب عليه‌السلام والحسن وأنا (4) ، وتسعة من ولدي ، علي ابني ، وبعده محمد ابنه ، وبعده جعفر ابنه ، وبعده موسى ابنه ، وبعده علي ابنه ، وبعده محمد ابنه ، وبعده علي ابنه ، وبعده الحسن ابنه ، وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان (5).
    وعن علي بن الحسين بحذف الإسناد عن (أبي) (6) ، خالد الكابلي قال : دخلت على علي بن الحسين عليه‌السلام وهو جالس في محرابه (فجلست) (7) حتى انثنى (Cool وأقبل علي بوجهه ، يمسح بيده (9) على لحيته ، فقلت : يا موالي أخبرني كم يكون الأئمة بعدك؟ قال : ثمانية ، قلت : وكيف ذاك (10) ، قال : لأن الأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اثنا عشر ؛ عدد الأسباط ، ثلاثة من الماضين وأنا الرابع وثمانية
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : نعيم ، وفي أخرى نعمان ، وفي ثالثة يعمر.
    (2) في نسخة الأصل : اذا.
    (3) في نسخة الأصل : فردّ.
    (4) في نسخة الأصل : والحسين.
    (5) كفاية الأثر ، 232 ـ 234.
    (6) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (7) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (Cool يقال : انثنى الشيء انثناء أي انعطف.
    (9) في نسخة الأصل : يده.
    (10) في نسخة الأصل : ذلك.

    من ولدي ؛ أئمة أبرار ، من أحبنا وعمل بأمرنا كان معنا في السنام (1) الأعلى ، ومن أبغضنا وردّنا (2) أو ردّ (3) واحدا منا فهو كافر بالله وبآياته (4).
    وعن الباقر عليه‌السلام ، بحذف الإسناد ، عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي بن الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن الأئمة ، قال : والله عهد عهده إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن الأئمة بعده اثنا عشر ؛ تسعة من صلب الحسين ، ومنا المهدي الذي يقيم (5) بالدين في آخر الزمان ، من أحبنا حشر من حفرته معنا ، ومن أبغضنا أو ردّنا أو ردّ واحدا منا حشر من حفرته الى النار وقد خاب من افترى (6).
    وعن الصادق عليه‌السلام بحذف الإسناد عن (علقمة) (7) محمد الحضرمي عنه عليه‌السلام ، قال : الأئمة اثنا عشر ، قلت : يا بن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسمّهم لي ، قال : من الماضين علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ثم أنا ، قلت : فمن بعدك يا بن رسول الله ، قال : إني أوصيت الى ولدي موسى ، وهو الإمام بعدي ، قلت : فمن بعد موسى؟ قال : علي ابنه يدعى بالرضا يدفن في أرض الغربة (Cool من خراسان ، ثم بعد علي ابنه محمد ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي الحسن ابنه ، والمهدي من ولد الحسن عليهم‌السلام (9).
    __________________
    (1) السنام بفتح ال سين وأحد اسنمة الإبل وهو كالألية للغنم ، لن أعش أكن معكم في السنام الأعلى ، أي في الدرجة الرفيعة العالية (مجمع البحرين).
    (2) في نسخة الأصل : أوردنا.
    (3) في نسخة الأصل : أو ردوا.
    (4) كفاية الأثر ، ص 236.
    (5) في نسخة الأصل : يقوم.
    (6) كفاية الأثر ، ص 245.
    (7) ما بين القوسين زيادة على نسخة الاصل.
    (Cool في نسخة الأصل : الغرفة ولعله تصحيف.
    (9) كفاية الأثر ، ص 262.

    وعن الكاظم عليه‌السلام (1) عن يونس بن عبد الرحمن قال : دخلت على موسى بن جعفر عليه‌السلام ، فقلت : يا بن رسول الله أنت القائم بالحق (قال : أنا القائم بالحق) (2) ، ولكن (3) القائم الذي يطهّر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما هو (4) الخامس من ولدي ، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه (5).
    وعن الرضا عليه‌السلام عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : سمعت دعبل الخزاعي (6) يقول : لما أنشدت مولاي الرضا عليه‌السلام قصيدتي التي أولها :
    مدارس آيات خلت من تلاوة
    ومنزل وحي مقفر العرصات (7)

    فلما انتهيت الى قولي :
    خروج إمام لا محالة خارج
    يقوم على اسم الله والبركات

    يميز فينا كل حق وباطل
    ويجزي على النعماء والنقمات (Cool

    __________________
    (1) في نسخة الأصل : وعن.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) في نسخة الأصل : قال : لا ولكن.
    (4) في نسخة الأصل : وهو.
    (5) كفاية الأثر ، ص 265.
    (6) هو دعبل بن علي الخزاعي من شعراء أهل البيت (ع) المجاهرين بمدحهم ولد سنة 148 ه‍ ، توفي سنة 246 ه‍ ، بقرية نواحي السوس ودفن بها ، وأما القصيدة فكان يتردد صداها في مختلف الأمكنة والأزمنة : ولعله في مقدمة الذين نهضوا بالجانب التصويري ال سياسي المؤثر في هذه التائية ، وفي مقدمة الذين قارعوا بهذا النوع في سبيل الخلافة العلوية ، وكانت تعد من أشهر قصائده وأبقاها على الزمن وآخرها بالخلود ، وأنها من أحسن الشعر مفاخر المدائح المقولة في أهل البيت (ع) كما يقول أبو الفرج الاصبهاني في الأغاني في 18 / 29.
    (7) راجع القصيدة في ديوان دعبل الخزاعي ، جمع عبد الصاحب الدجيلي ص 124 ـ 145.
    (Cool النعماء : النعمة ، والنقمة : العقاب ، والجمع نقمات ، وفي تنقيح المقال : أن دعبلا لما وصل الى نهاية هذا لا بيت وضع الرضا يده على رأسه وتواضع قائما ودعا له بالفرج. تنقيح المقال : المامقاني ص 418.

    بكى الرضا عليه‌السلام بكاء شديدا ، ثم رفع رأسه إليّ وقال : (1) يا خزاعي (2) نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، وهل تدري من هذا الإمام؟ ومن يقوم؟ قلت : لا يا مولاي ، إلّا إني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملأها عدلا ، فقال : يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ، وإن لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل (3) له ذلك حتى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جورا (4).
    وعن محمد الجواد عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : دخلت على سيدي محمد بن علي عليه‌السلام وأنا (5) أريد أن أسأله عن القائم وهو المهدي أو غيره فابتدأني فقال : يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي (6).
    لم يذكر في هذه الأحاديث إلا الأئمة دون الماضين فيقول ثبوت الأئمة الغابرين الذين ذكرنا مما لم نقل به إلا من قال بالماضين وهو ظاهر.
    وعن الهادي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : دخلت على سيدي علي
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : فقال.
    (2) الخزاعة من خزع الشيء أي قطعه ، وهو القطعة تقطع من الشيء ، ويقال : لي من الأزد لا نقاطعهم عن قومهم وتفرقوا بمكة ورئيسهم عمر بن ربيعة بن حارثة ورئيس جرهم عمر بن الحارث الجرهمي ولما بلغت جرهم بمكة واستحلوا حرمتها بعث الله عليهم الزعاف والنمل فأفناهم وسلط عليهم خزاعة فهزموهم فخرج من بقي من جرهم ، ومنهم دعبل بن علي الخزاعي أبو علي الشاعر مشهور من أصحابنا (المجمع في لغة خزع والنجاشي ص 116).
    (3) في نسخة الأصل : طول.
    (4) كفاية الأثر ، ص 271.
    (5) في نسخة الأصل : وان.
    (6) كفاية الأثر ، ص 276.

    بن محمد عليه‌السلام فلما بصرني (1) قال لي : مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقا ، قال : فقلت له يا ابن رسول الله إني أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضيا أثبت عليه (2) حتى ألقى الله عزوجل ، فقال : هات يا أبا القاسم ، قلت : إني أقول .. الخ ، إلى أن قال : وأقول ان الإمام والخليفة وولي الأمر ، بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت ، فقال عليه‌السلام : ومن بعدي ابني الحسن فكيف (3) للناس للخلف (4) من بعده ، قال فقلت : وكيف ذلك يا مولاي قال : لا يرى (5) شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (6).
    وعن الحسين بن علي ما حدّث به أبو الفضل عن أبي همام (7) قال : سمعت محمد بن عثمان العمري يقول سمعت أبي يقول : سأل أبو محمد عليه‌السلام وأنا عنده الخبر الذي روي عن آبائه عليهم‌السلام ؛ أن الأرض لا تخلو (Cool من حجة لله (9) على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، فقال : إن هذا حق كما أن النهار (10) حق ، فقيل له : يا ابن رسول الله صلى الله عليه
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : أبصرني.
    (2) في نسخة الأصل : ثبت.
    (3) في نسخة الأصل : وكيف.
    (4) في نسخة الأصل : بالخلف.
    (5) في نسخة الأصل : لأنه لا يرى.
    (6) كفاية الأثر ، ص 282.
    (7) في نسخة الأصل : أبو علي بن همام.
    (Cool في نسخة الأصل : لا يخلو ، ولعله تصحيف.
    (9) في نسخة الأصل : من حجة الله.
    (10) في نسخة الأصل : القرآن.

    وآله ، فمن الحجة والإمام بعدك؟ قال : ابني محمد هو الإمام والحجة بعدي ، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية ، أما أن له غيبة طويلة ، يحار فيها الجاهلون ، ويهلك المبطلون ، ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج ، وكأني أنظر الى الأعلام البيض تخفق (1) رأسه بنجف الكوفة (2).
    أقول ، فهذا ما اخترناه من أخبار أهل البيت عليهم‌السلام وفيه كفاية ، وأقول أيضا من العجب أن جميع أهل الإسلام يقرون بفضل أهل البيت المذكورين وعلمهم وفضلهم وزكاة وحسن ظريفهم ، ولم يصفوا أحدا فيهم بمنقصة ، ولا نسب إليهم عيبا ومع ذلك يجحد بعضهم ما قالوه ورووه واتفقوا عليه من إمامة الاثني عشر بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن كان ذلك لاعتقادهم أنهم كذبوا على جدهم ، ورووا أحاديث عنه لم يروها سلفهم لخلفهم فهذا خلاف ما ظهر عنهم وما يجب اعتقاده فيهم ، كيف وهم المعصومون بالمدح المتفق عليها من جميع المذاهب ، وإن كان لظنهم أن شيعتهم كذبوا عليهم ورووا عنهم أحاديث اختلقوها لا أصل لها ، فهو مما لا يقبله أحد لأن شيعتهم غير محصورين ولا مخصوصين ببلد ، ومنهم من اتفق أهل السنة على تعديله وصحة خبره ، فلا يمكن أن يتفق مثل هؤلاء على الكذب والتزوير ، مع أنهم يعتقدون أن أئمتهم معصومون واجبو الطاعة ، فلا يليق أن يكذبوا عليهم مع أن فرض ذلك كالمحال بل هو محال ، لعدم إمكان تواطؤ مثلهم على الكذب مع أن رجلا من الشافعية أو الحنفية لو نقل على إمام مذهبه قولا جاز عندهم الاعتماد عليه لعلمه بمذهبه ونقله عنه ، فكيف لا يقبل ما نقله من لا يمكن تواطؤهم عن أئمتهم من مذهبهم.
    وقد أنصف القاضي العضد في شرحه لمختصر الأصول لما ذكر القياس واحتجاج الشيعة على منعه بإجماع العترة على عدم حجته وعلى المنع من الاستدلال به ، وأورد اعتراضا بمخالفتهم بمنع الإجماع من العترة ، حيث قال ما هذا معناه : ان مثل هذا
    __________________
    (1) قال : في المجمع : خفق قلب الرجل إذا اضطرب ومنه خفقت الراية.
    (2) كفاية الأثر ، ص 292.

    المنع غير مسموع لأنهم أعلم بمذهب أئمتهم ونقلهم عنهم مقبول بل إن وجب فيمنع حجيته إجماع العترة .. الخ (1).
    قلت : على أن منع الأخبار وتكذيبها لو احتمل ، فكيف يحتمل منع ما رووه مما سند الى المشاهدة ؛ كرؤية الحجة عليه‌السلام وإقامته وكيلا عنه يقبض حق الخمس ويجيب عما يسأل عنه ، بعد عرضه عليه ، أقام الأمر على ذلك نحوا من ثلاثمائة سنة حتى انقطعت الأخبار وتحققت الغيبة الحقيقية ، والأثر والحديث والأخبار بذلك لا يحصى كثرته. وكذا ما صنّف وألّف فيها. وفي هذا القدر كفاية لمن أراد الآخرة والنجاة من النار ، بالدخول في حزب آل محمد عليهم‌السلام ، أعني الفرقة الناجية. والله الموفق للهداية.
    * * *
    __________________
    (1) شرح المختصر للقاضي العضد المتوفى سنة 756 ه‍ ، ج 2 / ص 36 ، مراجعة وتصحيح د. شعبان محمد إسماعيل ، مكتبة الكليات الأزهرية ـ مصر / 1406 ه‍ 1986 م.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:32 pm

    الخاتمة
    وأما الخاتمة ففيها تذنيبان :
    الأول : في الأخبار التي وردت بنجاة الشيعة على الخصوص ، وهي كثيرة من طريق الشيعة وأهل السنة ، فأما من طريق الشيعة ؛ فمنها ما تقدم في المقدمة ، وقد كان فيه كفاية لكن لا بدّ من إيراد زيادة ، فمنها ما رواه الحسن بن علي عليه‌السلام ، بحذف الإسناد ، عن أم سلمة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «يا علي إن الله تبارك وتعالى وهب لك حب المساكين والمستضعفين في الأرض ، فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما فطوبى لك ومن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، يا علي أنا مدينة العلم (1) وأنت بابها وما تؤتى (2) المدينة إلا من الباب (3) ، يا علي أهل مودتك كل أوّاب حفيظ ، وأهل ولايتك كل أشعث ذي طمرين لو أقسم على الله عزوجل لأبر قسمه ، يا علي إخوانك يفرحون بك في ثلاث مواطن ، عند خروج أنفسهم وأنا وأنت شاهدهم وعند المسائلة في قبورهم ، وعند العرض ، وعند الصراط ، يا علي حربك حربي ، وحربي حرب الله ، من سالمك فقد سالمني ، ومن سالمني فقد سالم الله ، يا علي بشّر شيعتك أن الله قد رضي عنهم ورضيك لهم قائدا ورضوا بك وليا ، يا علي أنت أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ، وأنت أبو سبطيّ وأبو الأئمة التسعة من صلب الحسين ، منا مهدي هذه الأمة ، يا علي
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : أنا المدينة.
    (2) في نسخة الأصل : ولا تؤتى.
    (3) في نسخة الأصل : بابها.

    شيعتك المنتجبون ، ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين» (1).
    ومنه ما رواه المعافى بن زكريا ، بحذف الإسناد ، عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت الوصي ، إلى أن قال : وإن محبيك وشيعتك ومحبي أولادك الأئمة بعدي يحشرون معك وأنت معي في الدرجات العلى (2).
    ومنها ما رواه أبو عبيد الله ، بحذف الإسناد ، عن محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ، قال : سألت أم سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن عليا وشيعته هم الفائزون (3).
    ومنها ما رواه أبو عبيد الله بحذف الإسناد عن علي عليه‌السلام ، قال : شكوت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حسد الناس إياي ، فقال : يا علي إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين ، وذريتنا خلف ظهورنا وأحباؤنا خلف ذريتنا وأشياعنا عن أيماننا وشمائلنا (4).
    ومنها ما رواه الحسن بن علي بحذف الإسناد عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الناس رجلان ؛ عالم ومتعلّم وسائر الناس غثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون ، وسائر الناس غثاء (5).
    والأحاديث في ذلك كثيرة ، وأما من طريق أهل السنة فكثير أيضا ، وقد مرّ منها في تضاعيف الفصول ما فيه كفاية ، لكن لا بد من إيراد زيادة ، فمنها ما ذكره الثعلبي في تفسيره قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (6) ، قالوا :
    __________________
    (1) كفاية الأثر ، ص 184.
    (2) المصدر نفسه ، ص 151.
    (3) المصدر نفسه ، ص 185.
    (4) المصدر نفسه ، ص 220.
    (5) المصدر نفسه ، ص 254.
    (6) سورة الشورى ، آية 23.

    يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال : علي وفاطمة وأبناؤهما (1) ، قال : ودليل هذا التأويل ما حدثنا أبو منصور بحذف الإسناد عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : شكوت الى رسول الله حسد الناس فيّ ، فقال : أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذريتنا خلف أزواجنا وشيعتنا خلف ذريتنا (2).
    ومنها ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي في مناقبه ، بحذف الإسناد ، عن أنس بن مالك قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهم ، ثم التفت إلى علي عليه‌السلام ، فقال : هم شيعتك وأنت إمامهم (3).
    ومنه أيضا قال : أخبرنا القاضي أبو تمام ، بحذف الإسناد ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : حدثني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : أتاني جبرئيل عليه‌السلام آنفا ، فقال : تختموا بالعقيق فإنه أول حجر شهد له بالوحدانية ولي بالنبوة ولعلي بالوصية ولولده بالإمامة ، ولشيعته بالجنة ، قال : فاستدار الناس بوجوههم نحوه ، فقيل له : تذكر (4) قوما فنعلم من لا يعلم ، فقال : الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب والباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام والسجاد علي بن الحسين والشهيد الحسين بن علي والوصي وهو النقي علي بن أبي طالب عليه‌السلام (5).
    وفي هذا القدر كفاية لمن أراد الهداية والله الهادي من الضلالة والعماية.
    __________________
    (1) تفسير الثعلبي (مخطوط) في تفسير سورة الشورى ، وتفسير النسفي ح 4 / ص 94 ، مناقب الخوارزمي ص 39 ، ومقتل الخوارزمي 1 / 27 ، تفسير الكلبي 4 / 35 ، التفسير الحديث 2 / 127 ، شواهد التنزيل 2 / 130 ح 822 ، تفسير الكشاف 3 / 402 ، تفسير الفخر الرازي 27 / 166 ، تفسير ابن كثير 4 / 112 ، تفسير البيضاوي 4 / 123.
    (2) كفاية الأثر ، ص 220.
    (3) المناقب لابن المغازلي ص 293 ـ ح 335.
    (4) في نسخة الأصل : تذكره ، ولعله تصحيف.
    (5) المناقب لابن المغازلي ، ص 281 ـ 282 ، ح 326.

    التذنيب الثاني :
    في معتقد الفرقة الناجية ، أقول وبالله التوفيق لاعتقادهم أن الله تعالى موجود واجب الوجود ، ونعني بالموجود الواجب الوجود الكائن لا عن سبق عدم ولا احتياج الى غيره في وجوده ، لا أول لوجوده ولا مبدأ ، لكونه سبق الأوقات ، كونه العدم وجوده والابتداء أزله. كامل بذاته ليس على شيء ولا في شيء ، ولا يشبهه شيء ، ولا يماثله شيء ، مع كل شيء لا يقارنه ، وغير كل شيء ، لا بمزايلة ليس في الأشياء بوالج ، ولا عنها بخارج لا يشمل بحد ولا يحسب بعدّ ، لا تجري عليه حركة ولا سكون ، ولا يدرك بنظر العيون ، لا يلحقه شيء بعد أن لم يكن عليه ، ولا يتطرق احتمال النقص إليه ، لا يحول ، ولا يزول ، ولا يحين عليه الأفول ، لا تناله الأوهام فتقدره ، ولا تتوهمه الفطن فتصوره ، ولا تدركه الحواس فتحسه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسه ، لا يتغير بحال ، ولا يتبدل بحال ، ولا يتبدل في الأحوال ، لا تليه الليالي والأيام ، ولا يغيره الضياء والظلام ، ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيرية ولا يعاض ، ولا يقال : له حد ، ولا انقطاع ، ولا غاية ، هو كما وصف نفسه «هو الله الواحد الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» ، وفوق وصف كل واصف سواه ، وفهم كل فاهم ، من وصفه ما عناه ، لا يعلم حقيقته إلا هو ، ولا يعرفه بنفسه غيره.
    وإنه أبدع الكائنات واخترعها على غير مثال ولا تردد فكرة وروية واحتمال ، بل أنشأها بعد أن لم تكن من غير أصول أزلية ولا أشباح أولية ، بل بعد تخلل العدم بينها وبين كونها ، أنشأها بقدرته ، وبرأها بفطرته ، فلا قديم سواه ، ولا أزلي غيره ، وانه تعالى موصوف بصفات الكمال من القدرة التي لا يشوبها عجز ، وأنها شاملة لجميع الممكنات ، والعلم الذي لا يشوبه جهل ، وإنه شامل لجميع المعقولات ، وإن قدرته وعلمه وسائر صفاته عين ذاته ، على معنى أن ذاته قامت مقام موصوف وصفه بالنسبة إلى صفاته ، فهو قدرة وعلم وقادر وعالم ، وإن علمه بجميع الأشياء علم واحد ،

    لا يختلف ولا يتغير ولا يحدث له علم لم يكن عالما به ، ولا يتغير بحدوث معلومة ما كان عالما به ، لا يختلف في ذلك ما سبق على وجود الموجودات ، ولا يتفاوت بعد تجدد الحادثات ، وكذا كل صفاته من الإرادة والكرامة والحياة والقيومية والمشيئة والسمع والبصر والإدراك ، وإن الإرادة وما بعدها راجع الى العلم وشعبه منه ، وإنه متكلم بكلام حادث ، قدرته عليه قديمة في عين ذاته وهو من أفعاله.
    قال باب مدينة العلم عليه‌السلام : وأما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله لم يكن قبل ذلك كائنا ولو كان قديما كان إلها ثانيا ، وإنه تعالى واحد لا شريك له في إلهيته ولا صفاته ولا أفعاله ولا تدبيره ، فلا ملك لأحد غيره مثقال ذرة فما دونها ، ولا شريك له في ملكه ، ولا ظهير له من خلقه ، ولا شفاعة عنده إلا بإذنه ، وإن الحسن والقبح بمعنى اقتضاء المدح والذم مما يستقل العقل به وإنه جعل لكل مكلف قدرة وإرادة من شأنهما التأثير منضمتين بحسب دواعيه وقصده يفعل بهما الطاعات باختياره والمعاصي كذلك ويتركهما كذلك ، وإنه تعالى كلف تخيرا ونهى تحذيرا فيثيب على فعل الطاعة وترك المعصية ، ويعاقب على تركها وفعل المعصية إن شاء بعدله وحكمته وحجته البالغة ، وإنه تعالى قسم الأرزاق حلالا ولم يقسمها حراما وإنه تعالى عادل حكيم لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب وإنه لطيف بعباده فمن لطفه وجب في حكمته التكليف والأمر والنهي والترغيب والترهيب والزجر والموعظة ، وإنه يجب عليه في الحكمة نصب الفائدة لتوقف اختيار المكلفين عليها ولأنها من اللطف الواجب في الحكمة ولأن العقول بمجردها لا تكفي في الهداية الى الصراط المستقيم من دون تسديد أوليائه من الأنبياء والمرسلين والأوصياء المطهرين ، وأن الرسل والأنبياء والأوصياء يجب أن يكونوا معصومين مستودعين لجميع ما يحتاج إليه من العلوم العقلية والشرعية وإنه تعالى لم يخل الأرض من حجة أبدا إما قائم مشهور أو غائب مستور ، وأن نبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد المرسلين لا نبي بعده وأن جميع الأنبياء والرسل قبله على الحق ، وأن شريعته باقية ببقاء التكليف ، وأن الخليفة بعده بلا فصل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه

    السلام ، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم الحجة الخلف الصالح من آل محمد بن الحسن.
    وأنه حي موجود يظهر في آخر الزمان حيث يؤذن له ، وأن غيبته بالحق لا حجة فيها للرعية ، كلهم أئمة هدى مرضيون منصوص عليهم بأعيانهم معصومون ، وأن المعاد الجسماني بعد الموت والنشور حق وأن الجنة والنار المحسوسين حق ، وإن ما أتى به الصادق الأمين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سؤال القبر وأحوال القيامة من الصراط والميزان وإنطاق الجوارح وتطاير الكتب وغير ذلك حق لا ريب فيه ، وأن الساعة آتيه لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأن شفاعة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله حق في إسقاط العقاب وزيادة الثواب ، وأن التوبة باب مفتوح ما دامت الحياة ، وما لم تظهر أشراط الساعة ، وأن قبولها على الله تعالى واجب في الحكمة وأن الله رءوف رحيم غفار الذنوب ستار العيوب كشاف الكروب مجيب الدعاء ، وأن الثقلين الكتاب العزيز والعترة الطاهرة يجب التمسك بهما ، وأن المتمسك بهما غير ضال ولا مضل وأن النجاة بالتمسك بهما لا نجاة في غيرهما ، وأن الفرقة المتمسكة بهما هي الفرقة الناجية. والحمد لله رب العالمين.
    ولنختم رسالتنا هذه بفوائد :
    الأولى : روي أن الحجاج لما ولي بعث الى أربعة من أكابر العلماء متفرقين في البلاد يسأل كل واحد منهم سؤالا واحدا وهو القضاء والقدر ، يقول : أخبرني عما صح عندك في القضاء والقدر ، فكتب إليه أحدهم ؛ أحسن ما صح عندي في القضاء والقدر ما رواه فلان عن فلان إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه سئل عن القضاء والقدر ، فقال : أيدلّك على الطريق ويسد عليك المضيق إن هذا بالفعل لا يليق ، وكتب الآخر أحسن ما صح عندي في القضاء والقدر ما رويته عن فلان بن فلان إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه سئل عن القضاء والقدر ، فقال : أتظن أن الذي نهاك دهاك

    إنما دهاك أسفلك وأعلاك والله بريء من ذاك ، وكتب الثالث : أحسن ما صح عندي في القضاء والقدر ما رويته عن فلان بن فلان متصلا إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أنه سئل عن القضاء والقدر فقال : كلما أحمدت الله عليه فهو منه ، وما استغفرت الله منه فهو منك ، وكتب الرابع : أحسن ما صح عندي في القضاء والقدر ما رويته عن فلان بن فلان متصلا إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه سئل عن القضاء والقدر ، قال : لو كان القدر محتوما لكان الموتور مظلوما ، فلما نظر إليها ، قال : لقد أخذوها من عين صافية (1) ، نعني أنها لم تختلف معنى وان اختلفت لفظا ، قلت : وهذا معتقد الفرقة الناجية أخذوه عن باب المدينة. وخبره المشهور عند سؤال السائل له أكان مسيرنا الى الشام بقضاء وقدر .. الخ (2). يؤيد ذلك وهو صريح لا يقبل التأويل.
    الثانية : بحذف الإسناد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع ، قال : يا أيها الناس ما أعلم عملا يقربكم الى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد نبأتكم به وحثثتكم على العمل به ، وما من عمل يقربكم الى النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد حذرتكموه ونهيتكم عنه ، ألا وإن الروح الأمين نفث (3) في روعي أنه لن تموت (4) نفس حتى تستكمل رزقها فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بمعصية الله إن الله قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله عزوجل وصبر أتاه رزق الله ، من هتك حجاب الستر وعجل فأخذه من غير حله (قصّ به) (5) من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة (6) ، قلت : وهذا معتقد
    __________________
    (1) الكامل في التاريخ 5 / 336.
    (2) أمير محمد القزويني : أصول المعارف ، ص 53 ، وأيضا الكليني : الكافي 1 / 216 ـ 217 ، وأيضا السيد أمير علي : روح الإسلام 2 / ص 297 ـ 298 ، وأيضا المجلسي : بحار الأنوار 5 / 95 ـ 96.
    (3) النفث : الإلقاء والإلهام. والروع بالفتح : الفزع ، وبالفم موضع الفزع أي القلب.
    (4) في نسخة الأصل : لا تموت.
    (5) غير واضحة واثبتناها لاستقامة المقصد.
    (6) تحف العقول ص 34 ، والتمحيص ص 52 ـ 53 ، ح 100.

    الفرقة الناجية بعينه أخذوه عن نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وروى الفقيه الشافعي بن المغازلي ، بحذف الإسناد ، أتى عمر رجلان فسألاه (1) عن طلاق العبد فانتهى الى حلقة فيها رجل أصلع فقال : يا أصلع كم طلاق العبد؟ فقال : باصبعيه هكذا وحرك السبابة والتي يليها فالتفت إليه (2) فقال : اثنين ، فقال : أحدهما سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك فجئت الى رجل والله ما كلمك ، قال : (3) ويلك ، تدري من هذا؟ هذا علي بن أبي طالب عليه‌السلام سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لو أن السموات والارض وضعتا في كفة ووضع إيمان علي في كفة لرجح ايمان علي (4).
    وقد أحببت أن أتبع ما اسلفته بأحاديث لا يكاد يظفر بها مجتمع إلا قليل من العلماء وهي مؤكدة لما تقدم من الحق ، هو كون الفرقة الناجية شيعة علي عليه‌السلام مع اتصافهم باعتقاد الأصول الخمسة غير مبدعين ولا منكرين ما علم ثبوته ضرورة من الدين ، ولا مثبتين ما علم نفيه منه أيضا ، وأنهم الفائزون بثواب رب العالمين ومجاورة سيد المرسلين ، وأن أحدا منهم لا تمسه الجحيم ولا العذاب يوم الدين ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، وفي تضاعيف الأحاديث ما يدل على أنهم أولياء الله وأنهم يسمون شيعة له عليه‌السلام ولأمير المؤمنين عليه‌السلام ولآل النبي عليهم‌السلام وإن كانوا من أهل الكبائر ، وفيها أيضا أن من قدّم على عليّ غيره في الإمامة يكون ناصبيا ، وغير ذلك من الأوصاف المحمودة للشيعة عليهم الرضوان ..
    الحديث الأول :
    ما رواه الشيخ العالم الفاضل العامل الفقيه النبيه أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني (قدس الله روحه الزكية) في كتابه المسمى (بالتمحيص)
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : يسألاه.
    (2) في نسخة الأصل : إليهما.
    (3) في نسخة الأصل : فقال :.
    (4) المناقب لابن المغازلي ، ص 289 ح 330.

    عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : ما من شيعتنا أحد يفارق أمر نهيناه عنه فيموت حتى يبتليه الله يمحص بها ذنوبه ، إما في مال أو ولد ، وإما في نفسه حتى يلقى الله مخبتا وما له من ذنب وأنه ليبقى عليه شيء من ذنوبه فيشدد عليه عند موته فيمحص ذنوبه (1).
    الحديث الثاني :
    ما رواه عن عمر السابري قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني لأرى من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة ، فقال : يا عمر لا تشنع على أولياء الله إن ولينا ليرتكب ذنوبا يستحق بها من الله العذاب فيبتليه الله في بدنه بالسقم حتى يمحص عنه الذنوب فإن عافاه في بدنه ابتلاه «في ماله ، فإن عافاه في ماله ابتلاه في ولده ، فإن عافاه في ولده ابتلاه» (2) في أهله فإن عافاه في أهله ابتلاه بجار سوء يؤذيه فإن عافاه من بوائق الدهور (3) شدد عليه خروج نفسه حتى «يلقى الله حين» (4) يلقاه عنه راض قد أوجب له الجنة (5).
    الحديث الثالث :
    ما رواه عن فرات بن أحنف ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من هؤلاء [....] فقال : والله لأسوءنّه من شيعته (6) ، فقال : يا أبا عبد الله أقبل إلي فلم يقبل إليه فأعاد فلم يقبل ثم أعاد الثلاثة فقال : ها أنا ذا مقبل فقل ولن تقول خيرا ، فقال : إن شيعتك يشربون النبيذ ، فقال : وما بأس بالنبيذ أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله أن اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا يشربون النبيذ ،
    __________________
    (1) التمحيص ، ص 38 ، ح 34.
    (2) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (3) في نسخة الأصل : الدهر.
    (4) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (5) التمحيص : ص 39 ، ح 38.
    (6) في نسخة الأصل : في.

    قال : ليس أعنيك النبيذ إنما (1) أعنيك المسكر ، فقال : شيعتنا أزكى وأطهر أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس (2) ، وإن فعل ذلك المخذول منهم فيجد ربا رءوفا ونبيا بالاستغفار عطوفا ووليا له عند الحوض ولوفا وتكون أنت وأصحابك ببرهوت (3) ملهوفا (4) ، فأفحم الرجل وسكت ، ثم قال : ليس أعنيك المسكر إنما أعنيك الخمر ، فقال أبو عبد الله : سلبك الله لسانك ما لك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم ، أخبرني أبي عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جبرئيل عن الله أنه قال : يا محمد إنني حظرت الفردوس على جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما إلا من اقترف منهم كبيرة فإني أبلوه في ماله أو بخوف من سلطان حتى تلقاه الملائكة بالروح والريحان وأنا عليه غير غضبان فيكون ذلك حلا لما كان منه فهل عند اصحابك هؤلاء شيء من هذا فلم أو دع (5).
    الحديث الرابع :
    ما رواه عن أبي الصباح الكناني قال : كنت أنا وزرارة عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال : لا تطعم النار أحدا وصف هذا الأمر فقال : زرارة إن ممن يصف هذا الأمر يعمل بالكبائر؟! فقال : أو ما تدري ما كان أبي يقول في ذلك؟! إنه كان يقول إذا ما اصاب المؤمن من تلك الموجبات (6) شيئا ابتلاه الله ببلية في جسده أو بخوف يدخله الله عليه حتى يخرج من الدنيا وقد خرج من ذنوبه (7) ..
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : وإنما.
    (2) الرسيس : من الرس أول مس الحمى (مجمل اللغة 2 / 358).
    (3) اسم واد باليمن ، قيل : هو بقرب حضرموت ، جاء أن فيه أرواح الكفار ، وقيل بئر بحضرموت ، وقيل هو اسم البلد الذي فيه البئر ، رائحتها منتنة جدا ، المراصد 1 / 190.
    (4) في نسخة الأصل : عكوفا.
    (5) التمحيص ، ص 39 ـ 40 ، ح 40.
    (6) في نسخة البحار : الموبقات.
    (7) التمحيص ص 40 ، ح 41 ، البحار 68 / ص 146 ، ح 93.

    الحديث الخامس :
    ما رواه عن زكريا بن آدم قال : دخلت على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : يا زكريا بن آدم شيعة علي عليه‌السلام رفع عنهم القلم ، قلت : جعلت فداك فما العلة في ذلك؟ قال : لأنهم أخروا في دولة الباطل يخافون على أنفسهم ويحذرون على إمامهم ، يا زكريا بن آدم ما أحد من شيعة علي أصبح صحبة أتى سيئة أو ارتكب ذنبا ، إلا أمسى وقد ناله غمّ حط عنه سيئة فكيف يجري عليه القلم (1).
    الحديث السادس :
    ما رواه الشيخ الجليل الحر النبيل الفقيه النبيه العالم الفاضل العامل الكامل أبو عبد الله محمد بن الحسن الصفار (قدس الله روحه الزكية) في كتابه المسمى بصائر الدرجات ، عن الحسن بن علي عن العباس بن عامر عن سيف بن عميرة عن عثمان بن شمر عن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الناس رجلان عالم ومتعلّم وسائر الناس غثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلّمون وسائر الناس غثاء (2).
    الحديث السابع :
    ما رواه عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب ، قال : حدثني شيخ من أهل المدائن يسمى بشر بن أبي عقبة (3) عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، قال : إن الله خلق محمدا من طينة من جوهرة تحت (4) العرش وأنه كان لطينته نضح فجبل طينة أمير المؤمنين عليه‌السلام من نضح طينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان (5) لطينة أمير المؤمنين عليه‌السلام وكانت لطينتنا نضح فجبل طينة شيعتنا من
    __________________
    (1) التمحيص ص 41 ، ح 42.
    (2) بصائر الدرجات ، ص 28 ، ح 2.
    (3) في نسخة الأصل : بشر بن عقبة.
    (4) في نسخة الأصل : من تحت.
    (5) في نسخة الأصل : وكانت.

    نضح طينتنا فقلوبهم نحن إلينا ، وقلوبنا تعطف عليهم كعطف (1) الوالد على الولد ونحن (خير لهم وهم خير لنا) (2) ، ورسول الله لنا خير ونحن له (3) الخير.
    الحديث الثامن :
    ما رواه محمد بن عيسى [...] (4) عن أبي الحجاج قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا أبا الحجاج إن الله خلق محمدا وآل محمد من طينة (5) عليين وخلق قلوبهم من «طينة» (6) فوق ذلك وخلق شيعتنا من طينة (7) دون عليين ، وخلق قلوبهم من طينة (Cool عليين فقلوب شيعتنا من أبدان آل محمد وأن الله تعالى خلق عدو آل محمد من طين سجين وخلق قلوبهم «من طين» (9) أخبث من ذلك وخلق شيعتهم من طين دون (10) طين سجين ، وخلق قلوبهم من أبدان أولئك وكل قلب يجر الى بدنه (11).
    الحديث التاسع :
    ما رواه (أحمد بن محمد) (12) عن محمد بن خالد عن أبي نهشل قال : حدثني محمد بن اسماعيل عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت أبا عبد الله (13) عليه
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : تعطف.
    (2) في نسخة الأصل : «لهم خير منهم».
    (3) في نسخة الأصل : لهم. وقد ورد الحديث في بصائر الدرجات ص 34 ، ح 1.
    (4) «عن عثمان بن عيسى» وردت في الأصل حذفناها.
    (5) في نسخة الأصل : طين.
    (6) ما بين القوسين زيادة على نسخة الأصل.
    (7) في نسخة الأصل : طين.
    (Cool في نسخة الأصل : طين.
    (9) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (10) في نسخة الأصل : من دون.
    (11) بصائر الدرجات ، ص 34 ح 2.
    (12) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (13) في نسخة الأصل : أبا جعفر.

    السلام يقول إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه ، وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا هذه الآية (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (1) ، وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك ، فقلوبهم تهوى إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ) (2) (3).
    الحديث العاشر :
    ما رواه عن أحمد بن الحسين عن أحمد بن علي بن الهيثم الرازي عن إدريس عن محمد بن سنان العبدي (4) عن جابر الجعفي ، قال : كنت مع محمد بن علي عليه‌السلام ، فقال : يا جابر خلقنا نحن ومحبينا من طينة واحدة بيضاء نقية من أعلى عليين فخلقنا نحن من علاها وخلق محبونا من دونها فإذا كان يوم القيامة التقت العليا بالسفلى فضربنا بأيدينا الى حجزة نبينا وضرب شيعتنا بأيديهم الى حجزتنا فأين ترى يصير الله نبيه وذريته واين ترى يصير ذرية محبها فضرب جابر بن يزيد على يده وقال : دخلناها ورب الكعبة (ثلاثا) (5).
    الحديث الحادي عشر :
    ما رواه عن عمران بن موسى (عن موسى) (6) بن جعفر عن علي بن معبد عن ابراهيم بن إسحاق عن الحسن بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عليهم
    __________________
    (1) سورة المطففين من آية 18 ـ 21.
    (2) سورة المطففين من آية 7 ـ 9.
    (3) بصائر الدرجات ، ص 35 ، ح 3.
    (4) في نسخة الأصل : العندي ، ولعله تصحيف.
    (5) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل. وقد ورد الحديث في بصائر الدرجات ، ص 35 ـ 36 ، ح 6.
    (6) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.

    السلام ، قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : إن الله بعث جبرئيل الى الجنة فأتاه بطينة من طينتها (1) ، وبعث ملك الموت الى الأرض فجاء بطينة من طينتها فجمع الطينتين ثم قسمها نصفين فجعلنا من خير القسمين وجعل شيعتنا من طينتنا فما كان في شيعتنا مما يرغب بهم عنه (2) من الأعمال القبيحة فذاك مما خالطهم الطينة الخبيثة ومصيرهم (3) الى الجنة وما كان (في) (4) عدونا من بر وصلاة وصوم (ومن) (5) أعمال حسنة فذاك لما (6) خالطهم من طينتنا الطيبة ومصيرهم (7) الى النار (Cool ..
    الحديث الثاني عشر :
    ما رواه عن الحسن بن موسى الخشاب عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل تبارك وتعالى (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) (9) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أصلها وعلي فرعها والأئمة أغصانها علمنا ثمرها (10) وشيعتنا ورقها ، يا أبا حمزة فهل ترى فيها فضلا ، فقلت : لا والله لا أرى (11) فيها فضلا ، فقال : يا أبا حمزة إن المولود (12) يولد من شيعتنا فتورق ورقة منها ويموت (13) فتسقط
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : طينها.
    (2) نرجح أن يكون الأصل : «انه مما يرغب به عنهم».
    (3) في نسخة الأصل : مصيرها.
    (4) زيادة على نسخة الأصل.
    (5) في نسخة الأصل : والأعمال الحسنة ز
    (6) في نسخة الأصل : مما.
    (7) في نسخة الأصل : مصيرها.
    (Cool بصائر الدرجات ، ص 37 ، ح 10.
    (9) سورة ابراهيم ، آية 24.
    (10) في نسخة الأصل : وعلماؤنا ثمرتها.
    (11) في نسخة الأصل : ما ارى.
    (12) في نسخة الأصل : ليولد.
    (13) في نسخة الأصل : ليموت.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2899
    نقاط : 4538
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    كتاب الفرقه الناجيه Empty
    مُساهمةموضوع: رد: كتاب الفرقه الناجيه   كتاب الفرقه الناجيه Emptyالخميس أكتوبر 17, 2024 10:34 pm


    ورقته منها (1).
    الحديث الثالث عشر :
    ما رواه الفقيه ابن بابويه عن أبيه ومحمد بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن القاسم (2) بن يحيى (عن جده) (3) الحسين راشد عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (4) قال : حدثني أبي عن جده عن آبائه عليهم‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : في المجلس الذي علم أصحابه فيه أربعمائة كلمة (5) مما يصلح المسلم في دينه ودنياه فمن ذلك أنه قال : إن الله اطّلع الى الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا (6) ويفرحون لفرحنا (7) ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا وإلينا ، ما من الشيعة عبد (Cool يفارق أمرا نهيناه عنه فيموت (9) حتى يبتلى ببلية يمحص بها ذنوبه إما في ماله وإما (10) في ولده وإما في (11) نفسه حتى يلقى الله تعالى [...] (12) وما له ذنب إنه ليبقى عليه (الشيء) (13) من ذنوبه فيشدد به عليه عند موته.
    __________________
    (1) بصائر الدرجات ، ص 78 ، ح 1.
    (2) في نسخة الأصل : القسم.
    (3) زيادة على نسخة الأصل.
    (4) في نسخة الأصل : عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما‌السلام.
    (5) في نسخة الأصل : باب.
    (6) في نسخة الأصل : ينصرونا.
    (7) في نسخة الأصل : بفرحنا.
    (Cool في نسخة الأصل : أحد.
    (9) في نسخة الأصل : لا يموت.
    (10) في نسخة الأصل : أو.
    (11) في نسخة الأصل : أو نفسه.
    (12) في نسخة الأصل : «محبنا» حذفناها.
    (13) ما بين القوسين زيادة على نسخة الاصل.

    الميت من شيعتنا صديق شهيد ، صدق بأمرنا وأحب فينا وأبغض فينا يريد بذلك (الله عزوجل) (1) مؤمنا بالله وبرسله قال الله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) (2).
    افترقت بنو اسرائيل على اثنين وسبعين فرقة وستفترق (3) هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة (4).
    الحديث الرابع عشر :
    ما رواه العلامة الطبرسي عن الصادق عليه‌السلام في تفسير قوله (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (5) ، قال الصادق عليه‌السلام : ألا تحمدون الله إذا كان يوم القيامة فدعي كل قوم الى من يتولونه وفرغنا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفرغتم إلينا فإلى اين ترون نذهب بكم الى الجنة ورب الكعبة إلى الجنة ورب الكعبة الى الجنة ورب الكعبة (6).
    الحديث الخامس عشر :
    ما رواه الأصبغ بن نباتة قال : إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس (7) إن شيعتنا من طينة مخزونة قبل أن يخلق الله تعالى آدم بألف سنة لا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل ، وإني لأعرفهم حينما أنظر إليهم (Cool ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما تفل في عيني وأنا أرمد ،
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : يريد الله بذلك.
    (2) سورة الحديد ، آية 19.
    (3) في نسخة الأصل : وتفترق.
    (4) بحار الأنوار ج 10 ، ص 144 ، الباب السابع.
    (5) سورة الإسراء ، آية 71.
    (6) بحار الأنوار 8 / ص 9 ، الباب التاسع عشر.
    (7) في نسخة الأصل : ايها.
    (Cool في نسخة الأصل : حين أنظر.

    قال : اللهم اذهب عنه الحر والقر (والبرد) (1) وبصّره صديقه من عدوه ، فلم يصبني رمد بعد ولا حر ولا برد ولأني (2) لأعرف صديقي من عدوي فقام رجل من الملأ فسلم ثم قال : والله يا أمير المؤمنين إني أدين (3) الله بولايتك وإني لأحبك في السر كما أظهر (4) في العلانية ، فقال له علي عليه‌السلام كذبت فوالله ما أعرف (5) اسمك في الأسماء ولا وجهك في الوجوه وإن طينتك من غير تلك الطينة (قال) : (6) فجلس الرجل وقد فضحه الله وظهر (7) عليه ثم قام آخر فقال : يا أمير المؤمنين إني لأدين الله بولايتك وإني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية ، فقال له : صدقت طينتك من تلك الطينة وعلى ولايتنا أخذ ميثاقك وأن روحك من أرواح المؤمنين فاتخذ (Cool للفقر جلبابا فوالذي نفسي في يده لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن الفقر الى محبينا (9) أسرع من السيل من أعلى الوادي الى أسفله (10).
    الحديث السادس عشر :
    ما رواه الشيخ الطوسي رحمه‌الله بحذف الإسناد عن عبد الله بن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول أعطاني الله خمسا وأعطى عليا خمسا ؛ أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليه جوامع (العلم) (11) وجعلني نبيا وجعله وصيا ، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل ، وأعطاني الوحي وأعطاه الإلهام ، وأسرى بي إليه
    __________________
    (1) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (2) في نسخة الأصل : واني.
    (3) في نسخة الأصل : دين.
    (4) في نسخة الأصل : أظهر لك.
    (5) في نسخة الأصل : لا أعرف.
    (6) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (7) في نسخة الأصل : فظهر.
    (Cool في نسخة الأصل : فأعدّ.
    (9) في نسخة الأصل : شيعتنا.
    (10) بصائر الدرجات ، ص 210 ، الباب الثامن ، ح 1.
    (11) ما بين القوس زيادة على الأصل.

    وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي فنظرت (1) إليه قال : ثم بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت له : ما (2) يبكيك فداك أبي وأمي ، فقال : يا بن عباس إن أول ما كلمني به ربي أن قال : يا محمد انظر ما تحتك فنظرت الى الحجب قد (3) انحرفت وإلى أبواب السماء قد فتحت ونظرت (4) الى علي وهو رافع رأسه إلي فكلمني وكلمته وكلمني ربي عزوجل.
    فقلت : يا رسول الله بم (5) كلمك ربك؟ فقال لي : يا محمد إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فأعلمه فها هو يسمع كلامك ، فأعلمت وأنا بين يدي ربي عزوجل فقال (لي) (6) : قد قبلت وأطعت فأمر (الله) (7) الملائكة أن تسلم عليه ففعلت فرد عليه‌السلام ، ورأيت الملائكة يتباشرون به وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنئوني ، وقالوا : يا محمد والذي بعثك بالحق نبيا لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عزوجل (لك) (Cool ابن عمك ، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رءوسهم الى الأرض ، فقلت : يا جبرئيل لم نكس (9) حملة العرش رءوسهم إلى الأرض؟ فقال : يا محمد ما مر ملك من الملائكة إلا وقد نظر الى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش فإنهم استأذنوا الله عزوجل في هذه الساعة فأذن لهم (أن) (10) ينظروا الى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فنظروا
    __________________
    (1) في نسخة الأصل : ونظرت.
    (2) في نسخة الأصل : فقلت : وما.
    (3) في نسخة الأصل : وقد.
    (4) في نسخة الأصل : فنظرت.
    (5) في نسخة الأصل : بما.
    (6) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (7) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (Cool ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (9) في نسخة الأصل : نكسوا.
    (10) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.

    إليه ، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به (فعلمت أني) (1) لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام عنه حتى نظر إليه.
    قال ابن عباس فقلت : يا رسول الله أوصني ، فقال : عليك بمودة علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فوالذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب وهو تعالى أعلم ، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه (2) وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شيء ثم أمر به إلى النار ، يا ابن عباس والذي بعثني بالحق نبيا إن النار لأشد (3) غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا ، يا ابن عباس لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين (4) اجتمعوا على بغضه ولن يفعلوا لعذبهم الله بالنار ، قلت (5) : يا رسول الله وهل يبغضه أحد؟ قال : يا ابن عباس نعم يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبا ، يا ابن عباس إن من علامة بغضهم له تفضيلهم من هو دونه عليه ، والذي بعثني بالحق نبيا ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي.
    قال ابن عباس : فلم أزل كما أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصاني بمودّته وأنه لأكبر عملي عندي.
    قال ابن عباس : ثم مضى من الزمان ما مضى وحضرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة ، حضرته (6) فقلت له : فداك أبي وأمي يا رسول الله قد دنا أجلك فما تأمرني ، فقال : يا ابن عباس خالف من خالف عليا ولا تكونن لهم ظهيرا ولا وليا (7) ،
    __________________
    (1) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (2) في نسخة الأصل : فيه.
    (3) في نسخة الأصل : اشد.
    (4) في نسخة الأصل : والمرسلين.
    (5) في نسخة الأصل : فقلت :.
    (6) في نسخة الأصل : وحضرته.
    (7) في نسخة الأصل : ولأوليائك.

    قلت : يا رسول الله فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته ، قال : فبكى عليه‌السلام حتى أغمي عليه ، ثم قال : يا ابن عباس (قد) (1) سبق فيهم علم (2) والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله ما به من نعمة.
    يا ابن عباس إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راض فاسلك طريقة علي بن أبي طالب ومل معه حيث مال وارض به إماما وعاد من عاداه ووال من والاه.
    يا بن عباس احذر أن يدخلك شك فيه فإن الشك في علي كفر بالله تعالى (3).
    الحديث السابع عشر :
    بحذف الإسناد قال دخل سماعة بن مهران على الصادق عليه‌السلام فقال له : يا سماعة من شر الناس (عند الناس) (4) ، قال : نحن يا بن رسول الله ، قال (5) : فغضب حتى احمرّت وجنتاه ، ثم استوى جالسا وكان متكئا ، فقال : يا سماعة من شر الناس عند الناس؟ فقلت : والله ما كذبتك يا ابن رسول الله نحن شر الناس عند الناس لأنهم سمونا كفارا ورافضة فنظر الي ثم قال : كيف بكم إذا سيق بكم الى الجنة ، وسيق بهم الى النار فينظرون إليكم فيقولون ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار ، يا سماعة بن مهران إنه والله من أساء منكم إساءة مشينا الى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفّع (6) ، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال والله لا يدخل النار منكم رجل واحد ، فتنافسوا في الدرجات واكمدوا (7) أعداءكم
    __________________
    (1) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (2) في نسخة الأصل : على.
    (3) أمالي الشيخ الطوسي ، ص 102 ـ 105 ، الجزء الرابع ، ط 2 ، مؤسسة الوفاء 1401 ه‍.
    (4) ما بين القوس زيادة على نسخة الأصل.
    (5) في نسخة الأصل : قلت :.
    (6) في نسخة الأصل : فيشفع فيه فيشفع.
    (7) الكمد : تغير اللون والحزن الشديد ، ومرض القلب منه. مجمل اللغة 4 / 200.

    بالورع (1).
    الحديث الثامن عشر :
    بحذف الإسناد ، عن جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام في معنى قوله تعالى (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (2) فقال : من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا ، ثم قال : للسائل فهلّا أزيدك (3) حرفا فيها ، خير لك من الدنيا وما فيها ، قلت : بلى جعلت فداك ، قال : قوله فك رقبة ، ثم قال : الناس كلهم مماليك (4) النار غيرك وغير أصحابك فإن الله فك رقابهم من النار بولايتنا أهل البيت (5).
    وفي هذا كفاية شافية وبشارة وافية لمحبي علي وشيعته فهنيئا لهم بما أعطاهم الله تعالى من التوفيق لما أحبه واختاره من دينه وبما ضمن لهم من جوار أصفيائه وأهل بعثته ، إن قلت : قد وردت أخبار شتى بإزاء هذه الأخبار تدل على ان الشيعي من كان عاملا بالتقوى مرتديا الورع ، وأنه لا يكون شيعيا إلا إذا كان تقيا ورعا عابدا زاهدا ذاكرا صائما قائما غير ذلك ، قلت : حيث ورد ما ذكرنا تفصيله وورد ما ذكر إجماله فلا بد من الجمع بينهما لعدم جواز التناقض في كلامهم عليهم‌السلام ، فيحمل ما ذكر من اشتراط التقوى والورع وغيرهما على التشيع الكامل ، وما تقدم على التشيع غير الكامل وذلك من المعلوم الذي لا بد من الحمل عليه ، كما قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (6) ، فان هذا للمؤمن الكاملين لا شبهة إذ لا يشترط في الإيمان
    __________________
    (1) أمالي الشيخ الطوسي ص 301 ـ 302 ، الجزء الحادي عشر ، بحار الأنوار ج 24 / 259 ح 10 ، كنز الفوائد ص 266.
    (2) سورة البلد ، آية 11.
    (3) في نسخة الأصل : أفيدك.
    (4) في نسخة الأصل : عبيد.
    (5) المجلسي ، بحار الأنوار ، ج 24 ص 281 ، باب تأويل سورة البلد فيهم عليهم‌السلام.
    (6) سورة الأنفال ، آية 2.

    ذلك قطعا من مذهب البساطة والتركيب إذ العمل الصالح المشترط في الإيمان على تقدير التركيب لا يصل المرتبة المذكورة في الآية.
    ويؤيد ذلك ويكشف عنه ما ورد في كتاب البشارة لشيعة عليه عليه‌السلام بحذف الإسناد ، قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على علي عليه‌السلام ، فقال : ما رأيتك أقبلت على مثل هذه ، فقال : جئت أبشرك اعلم أن في هذه الساعة نزل علي جبرئيل ، وقال : إن الحق يقرؤك السلام ويقول بشر علي بن أبي طالب وشيعته أن الطائع والعاصي منهم من أهل الجنة فلما سمع مقالته خر لله ساجدا ، ثم رفع يديه الى السماء ، وقال : شهد الله علي أني وهبت لشيعتي نصف حسناتي. فقالت فاطمة عليها‌السلام : شهد الله على أنى وهبت لشيعة علي عليه‌السلام نصف حسناتي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أأنتم أكرم مني ، شهد الله علي أني وهبت لشيعة علي نصف حسناتي فأوحى الله عزوجل الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أنتم بأكرم مني ، إني قد غفرت لشيعة علي عليه‌السلام ومحبيه ذنوبهم (1). والله الموفق والهادي.
    قد فرغ من تسويد الصحيفة الشريفة في تاريخ شهر شعبان المعظم سنة 1090.
    * * *
    __________________
    (1) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، ص 14.

    مراجع ومصادر التحقيق
    1 ـ أسباب النزول ، أبو الحسن بن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري ، دراسة وتحقيق الدكتور السيد الجميلي. دار الكتاب العربي ـ 1414 ه‍ ـ 1994 م.
    2 ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ابن الأثير الجزري علي بن محمد عز الدين (555 ـ 630 ه‍). جمعية المعارف ـ مصر ـ 1280 ه‍.
    3 ـ أصول الكافي ، أبو جعفر محمد بن الحسين بن بابويه القمي ، بيروت ، دار التعارف ـ 1389 ه‍.
    4 ـ أضواء على السنة المحمدية ، محمود أبو رية ، القاهرة ـ دار المعارف ـ 1980 م.
    5 ـ الأعلام ، خير الدين الزركلي (ت 1396 ه‍) دار العلم للملايين ـ ط 6 ـ بيروت ـ 1984 م.
    6 ـ الأمالي. الشيخ الطوسي محمد بن الحسن بن أبي جعفر (ت 460 ه‍) مطبعة النعمان ـ النجف ـ 1384 ه‍.
    7 ـ بحار الأنوار. العلامة المجلسي محمد باقر بن محمد تقي الأصبهاني (ت 1110 ه‍). المطبعة الإسلامية ـ طهران ـ 1385 ه‍.
    8 ـ بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، محمد بن أبي القاسم أبي جعفر الطبري ، المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ 1383 ه‍.
    9 ـ بصائر الدرجات ، أبو جعفر محمد بن الحسن بن فرّوخ الصفار ، منشورات الأعلمي ـ طهران.

    10 ـ تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام علي (ع). ابن عساكر علي بن الحسن ابن هبة الله الشافعي (ت 571 ه‍) تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ، مؤسسة المحمودي ـ بيروت ـ ط 2 ـ 1398 ه‍.
    11 ـ التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية من الفرق الهالكين ، أبو المظفر الأسفراييني ، مكتبة الخانجي بمصر ـ 1955 م.
    12 ـ التمحيص. محمد بن همام بن سهيل الاسكافي ، ط 1 ـ قم 1404 ه‍ ، تحقيق ونشر مدرسة الامام المهدي (عج) ـ قم.
    13 ـ الخصال ، الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي ابن بابويه القمي (ت 381 ه‍) بيروت ـ دار المعارف ـ 1389 ه‍.
    14 ـ دلائل النبوة ، أحمد بن الحسين البيهقي (384 ـ 458 ه‍) تحقيق عبد المعطي قلعجي ، ط 1 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1405 ه‍.
    15 ـ ذخائر العقبى في معرفة ذوي القربى ، الحافظ أحمد بن عبد الله الطبري ، مؤسسة الوفاء ـ بيروت ـ 1410 ه‍ ـ 1981 م.
    16 ـ سنن ابن ماجة ، محمد بن يزيد القزويني (207 ـ 275 ه‍) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار الفكر ـ بيروت ـ 1397 ه‍.
    17 ـ سنن أبي داود ، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي (202 ـ 275 ه‍) ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، دار الفكر ـ بيروت ـ 1398 ه‍.
    18 ـ سنن الترمذي (الجامع الصحيح) ، محمد بن عيسى بن سورة (209 ـ 297 ه‍) ، تحقيق أحمد بن محمد شاكر ، دار احياء ال تراث العربي ـ بيروت ـ 1395 ه‍.
    19 ـ السنن الكبرى ، احمد بن الحسين البيهقي (384 ـ 458 ه‍) دار المعرفة ـ بيروت ـ 1398 ه‍.

    20 ـ سنن النسائي ، أحمد بن شعيب النسائي (215 ـ 303 ه‍) ط 1 ـ المطبعة المصرية بالأزهر ـ 1346 ه‍.
    21 ـ الشافي في الإمامة. السيد الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (ت 436 ه‍) ، تحقيق السيد عبد الزهراء الخطيب ، مؤسسة الصادق للطباعة والنشر ـ طهران ـ 1410 ه‍.
    22 ـ شرح المختصر ، القاضي العضد ، مراجعة وتصحيح د. شعبان محمد اسماعيل مكتبة الكليات الأزهرية ـ مصر ـ 1406 ه‍.
    23 ـ صحيح البخاري ، محمد اسماعيل الجعفي البخاري (194 ـ 256 ه‍) ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ 1410 ه‍.
    24 ـ صحيح مسلم ، مسلم بن الحاج النيسابوري (206 ـ 261 ه‍) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار الفكر ـ بيروت ـ 1398 ه‍.
    25 ـ الصواعق المحرقة في الرد على أتابع أهل البدع والزندقة ، أحمد بن حجر الهيثمي المكي ، ط 2 ـ القاهرة ـ شركة الطباعة الفنية المتحدة ـ 1385 ه‍ ـ 1965 م.
    26 ـ العقد الفريد ، أحمد بن محمد بن عبد ربه الاندلسي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ 1401 ه‍.
    27 ـ الغدير ، الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني ، بيروت ـ دار الكتاب العربي ـ 1403 ه‍ ـ 1983 م ـ ط 5.
    28 ـ فرائد السمطين ، ابراهيم بن محمد الحموي (ت 730 ه‍) ، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ـ بيروت.
    29 ـ فرق الشيعة ، أبو محمد الحسن النوبختي (ق 3 ه‍) تصحيح السيد محمد صادق بحر العلوم ، المكتبة الرضوية ـ النجف الأشرف ـ 1355 ه‍.
    30 ـ فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي ،

    دار الكتب الاسلامية ـ طهران ـ 1408 ه‍.
    31 ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر العلامة الحلي ، ط 1 ـ بيروت ـ مؤسسة الأعلمي 1979 م.
    32 ـ الكشف والبيان في تفسير القرآن. أبو اسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي ـ مخطوط ـ توجد منه نسخة في مكتبة المرعشي النجفي في قم المقدسة ، رقمها (908).
    33 ـ كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ، الشيخ المحدث الخزّار علي بن محمد القمي الرازي (ق 4 ه‍) مكتبة بيدار ـ قم ـ 1401 ه‍.
    34 ـ كفاية الطالب لمناقب علي بن أبي طالب (ع). محمد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت 658 ه‍) تحقيق محمد هادي الأميني ، المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ 1390 ه‍.
    35 ـ كنز العمال من سنن الأقوال والأفعال ، علي بن حسام المتقي الهندي (975 ه‍) مطبعة جمعية دائرة المعارف العثمانية ـ حيدرآباد ـ الهند ـ ط 2 ـ 1369 ه‍ ـ 1950 م.
    36 ـ لسان العرب. ابن منظور ، دار صادر ـ بيروت ـ 1981 م.
    37 ـ مجمل اللغة ، أحمد بن فارس ، تحقيق الشيخ هادي حسن حمودي ، منشورات معهد المخطوطات العربية ـ الكويت ـ ط 1 ـ 1405 ه‍ ـ 1985 م.
    38 ـ المراجعات ، عبد الحسين شرف الدين ، تحقيق الشيخ حسين الراضي ، الجمعية الإسلامية ـ بيروت ـ 1982 م.
    39 ـ المستدرك على الصحيحين ، محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405 ه‍) طبعة حيدرآباد ـ الهند ، أعادته دار الفكر ـ بيروت ـ 1398 ه‍.
    40 ـ مسند أحمد بن حنبل ، دار الفكر ـ بيروت ـ 1397 ه‍.

    41 ـ مشكل اعراب القرآن ، مكي بن أبي طالب حموش ، تحقيق حاتم الضامن.
    بغداد ـ وزارة الإعلام 1975 م ، وتحقيق ياسين محمد السواس ، دمشق ـ مجمع اللغة العربية ـ 1974 م.
    42 ـ مناقب الإمام علي (ع) ، ابن المغازلي علي بن محمد الشافعي الواسطي (ت 483 ه‍) ، تحقيق محمد باقر البهبودي ، دار الأضواء ـ بيروت ـ 1403 ه‍ (مصوّرة على طبعة المكتبة الإسلامية بطهران سنة 1394 ه‍).
    43 ـ المناقب ، الخوارزمي الموفق ابن أحمد المكي (ت 568 ه‍) المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ 1385 ه‍.
    44 ـ الموطأ ، مالك بن أنس ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار احياء التراث العربي ـ بيروت ـ 1305 ه‍.
    45 ـ ميزان الاعتدال ، محمد بن أحمد التركماني الذهبي (ت 748 ه‍) تحقيق البجاوي ـ مطبعة الحلبي ـ القاهرة ـ 1382 ه‍.
    46 ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ، ابن الأثير ، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي ، بيروت ـ المكتبة الإسلامية ـ 1389 ه‍.
    47 ـ نهج البلاغة (المختار من كلام الإمام علي «ع») ، جمع الشريف الرضي ، شرح محمد عبده ، تحقيق محمد أحمد عاشور ومحمد ابراهيم البنا ، القاهرة ـ دار مطابع الشعب ـ ط 1 ـ 1960 م.
    48 ـ ينابيع المودة ، الشيخ سليمان البلخي القندوزي ، ط 2 ـ صيدا ـ مطبعة العرفان ـ بدون تاريخ.
    * * *


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    كتاب الفرقه الناجيه
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » كتاب الزهد
    » كتاب اللمراجعات للإمام شرف الدين (قدس سرّه)
    »  أفضل كتاب في علم التداوي بالاعشاب
    » الجزء الخامس من كتاب صفين
    »  الجزء السادس من كتاب صفين

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: -27- الكتب الاسلاميه-
    انتقل الى: