الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» مقاتل الطالبيّين مقاتل الطالبيّين المؤلف :أبي الفرج الاصفهاني
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 22:42 من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج1
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 21:27 من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج2
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 20:59 من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج3
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 20:34 من طرف الشيخ شوقي البديري

»  كلام جميل عن التسامح
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 19:57 من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مفهوم التسامح مع الذات
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 19:48 من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال الحكماء والفلاسفة
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 9:01 من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال وحكم رائعة
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 8:55 من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أحاديث / شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا) شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا)
  الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyاليوم في 8:50 من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

      الجزء السادس من كتاب صفين

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

      الجزء السادس  من كتاب صفين Empty
    مُساهمةموضوع: الجزء السادس من كتاب صفين     الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyالأحد 20 أكتوبر 2024 - 9:27

    لنصر بن مزاحم
    رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز
    رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد
    رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت
    رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري
    رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي
    رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي
    سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم ـ غفر الله له


    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخبرنا الشيخ الثقة شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي ، قال : أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن أحمد الصيرفي بقراءتي عليه ، قال أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد ابن جعفر : قال أبو الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي : قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عقبة : قال أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز : قال أبو الفضل نصر بن مزاحم.
    عمرو بن شمر ، عن السدي عن عبد الخير الهمداني قال : قال هاشم بن عتبة : أيها الناس ، إني رجل ضخم ، فلا يهولنكم مسقطي إن أنا سقطت ، فإنه لا يفرغ مني أقل من نحر جزور حتى يفرغ الجزار من جزرها. ثم حمل فصرع ، فمر عليه رجل وهو صريع بين القتلى فقال له : اقرأ [ علي ] أمير المؤمنين السلام ورحمة الله ، وقل له : أنشدك بالله إلا أصبحت وقد ربطت مقاود خيلك بأرجل القتلى ، فإن الدبرة تصبح غدا (1) لمن غلب على القتلى. فأخبر الرجل عليا بذلك ، فسار علي في بعض الليل حتى جعل القتلى خلف ظهره ، وكانت الدبرة له عليهم.
    نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن رجل (2) ، عن أبي سلمة ، أن هاشم بن
    __________________
    (1) الدبرة ، بالفتح : العاقبة. في الأصل : « تصبح عندك » صوابه في ح ( 2 : 278 ).
    (2) ح : « نصر وحدثنا عمر بن سعد عن الشعبي ».

    عتبة دعا في الناس عند المساء : « ألا من كان يريد الله والدار الآخرة فليقبل ». فأقبل إليه ناس ، فشد في عصابة من أصحابه على أهل الشام مرارا ، فليس من وجه يحمل عليه (1) إلا صبروا له وقوتل فيه قتالا شديدا ، فقال لأصحابه : « لا يهولنكم ما ترون من صبرهم ، فو الله ما ترون منهم إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها ، وإنهم لعلى الضلال وإنكم لعلى الحق. يا قوم اصبروا وصابروا واجتمعوا ، وامشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا. ثم تآسوا وتصابروا واذكروا الله ، ولا يسلم رجل أخاه ، ولا تكثروا الالتفات ، واصمدوا صمدهم ، وجالدوهم محتسبين ، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ». فقال أبو سلمة : فمضى في عصابة من القراء فقاتل قتالا شديدا هو وأصحابه ، حتى رأى بعض ما يسرون به ، إذ خرج عليهم فتى شاب يقول :
    أنا ابن أرباب الملوك غسان
    والدائن اليوم بدين غسان

    أنبأنا أقوامنا بما كان (2)
    أن عليا قتل ابن عفان

    ثم شد فلا ينثني يضرب بسيفه ، ثم [ جعل ] يلعن [ عليا ] ويشتمه ويسهب في ذمه (3) ، فقال له هاشم بن عتبة : « إن هذا الكلام بعده الخصام ، وإن هذا القتال بعده الحساب. فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فسائلك عن هذا الموقف وما أردت به (4) ». قال : فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي كما ذكر لي ، وأنكم لا تصلون ، وأقاتلكم أن صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم وازرتموه على قتله. فقال له هاشم : « وما أنت وابن عفان؟ إنما قتله أصحاب محمد وقراء الناس ، حين أحدث أحداثا وخالف حكم الكتاب ،
    __________________
    (1) في الأصل : « عليهم » صوابه في ح.
    (2) ح ( 2 : 278 ) : « أنبأنا قراؤنا ».
    (3) في الأصل : « ويشتم ويكثر الكلام » وأثبت ما في ح.
    (4) ح : « وعن هذا المقال ».

    وأصحاب محمد هم أصحاب الدين ، وأولى بالنظر في أمور المسلمين. وما أظن أن أمر هذه الأمة ولا أمر هذا الدين عناك طرفة عين قط ». قال الفتى : أجل أجل ، والله لا أكذب فإن الكذب يضر ولا ينفع ، ويشين ولا يزين. فقال له هاشم : « إن هذا الأمر لا علم لك به ، فخله وأهل العلم به » قال : أظنك والله قد نصحتني. وقال له هاشم : وأما قولك إن صاحبنا لا يصلى فهو أول من صلى مع رسول الله ، وأفقهه في دين الله ، وأولاه برسول الله. وأما من ترى معه فكلهم قارئ الكتاب ، لا ينامون الليل تهجدا. فلا يغررك عن دينك الأشقياء المغرورون ». قال الفتى : يا عبد الله ، إني لأظنك امرأ صالحا ، [ وأظنني مخطئا آثما ] ، أخبرني هل تجدلي من توبة؟ قال : « نعم ، تب إلى الله يتب عليك ؛ فإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، ويحب التوابين ويحب المتطهرين ». قال : فذهب الفتى بين الناس راجعا ، فقال له رجل من أهل الشام : خدعك العراقي! قال : لا ، ولكن نصحني العراقي! وقاتل هاشم هو وأصحابه قتالا شديدا حتى أتت كتيبة لتنوخ فشدوا على الناس ، فقاتلهم وهو يقول :
    أعور يبغي أهله محلا
    لابد أن يفل أو يفلا (1)

    قد عالج الحياة حتى ملا
    حتى قتل تسعة نفر أو عشرة ، وحمل عليه الحارث بن المنذر التنوخي فطعنه فسقط ، وبعث إليه علي : أن قدم لواءك. فقال للرسول : انظر إلي بطني. فإذا هو قد انشق. فأخذ الراية رجل من بكر بن وائل ، ورفع هاشم رأسه فإذا هو بعبيد الله بن عمر بن الخطاب قتيلا إلى جانبه ، فحبا (2) حتى دنا منه ،
    __________________
    (1) في الأصل : « يغل أو يغلا » صوابه مما سبق ص 327.
    (2) في الأصل : « فجثا » والوجه ما أثبت.

    فعض على ثديه حتى نيبت فيه أنيابه (1). ثم مات هاشم وهو على صدر عبيد الله بن عمر ، وضرب البكري فوقع ، فرفع رأسه فأبصر عبيد الله بن عمر قريبا منه ، فحبا إليه (2) حتى عض على ثديه الآخر حتى نيبت (3) أنيابه فيه ، ومات أيضا ، فوجدا جميعا على صدر عبيد الله بن عمر ، هاشم والبكري قد ماتا جميعا.
    ولما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعا شديدا ، وأصيب معه عصابة من أسلم من القراء ، فمر عليهم على وهم قتلى حول أصحابه الذين قتلوا معه فقال :
    جزى الله خيرا عصبة أسلمية
    صباح الوجوه صرعوا حول هاشم

    يزيد وعبد الله بشر ومعبد
    وسفيان وابنـا هاشم ذي المكارم (4)

    وعروة لا يبعد ثناه وذكره
    إذا اخترطت يوما خفاف الصوارم (5)

    ثم قال عبد الله بن هاشم وأخذ الراية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « يأيها الناس ، إن هاشما كان عبدا من عباد الله الذين قدر أرزاقهم ، وكتب آثارهم ، وأحصى أعمالهم ، وقضى آجالهم ؛ فدعاه ربه الذي لا يعصى فأجابه ، وسلم الأمر لله وجاهد في طاعة ابن عم رسول الله ، وأول من آمن به ، وأفقههم في دين الله ، المخالف لأعداء الله المستحلين ما حرم الله ، الذين عملوا في البلاد بالجور والفساد ، واستحوذ عليهم الشيطان فزين لهم الإثم والعدوان. فحق عليكم جهاد من خالف سنة رسول الله ، وعطل حدود الله ، وخالف أولياء الله. فجودوا
    __________________
    (1) نيبت أنيابه : نشبت. وفي الأصل : « تبينت » وليس بشيء.
    (2) في الأصل : « فجثا إليه » والصواب ما أثبت. ولم أعثر على هذا الخبر في ح.
    (3) في الأصل : « تبينت » والوجه ما أثبت. وانظر ما سبق في التنبيه الأول.
    (4) ح : « يزيد وسعدان وبشر ومعبد * وسفيان وابنا معبد ».
    (5) ثناه ، أجدر بها أن تكون : « نثاه » بتقديم النون ، وهو ما أخبرت به عن الرجل من خير أو شر. اخترط السيف : استله.

    يمهج أنفسكم في طاعة الله في هذه الدنيا ، تصيبوا الآخرة والمنزل الأعلى ، والملك الذي لا يبلى. فلو لم يكن ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ، لكان القتال مع علي أفضل من القتال مع معاوية ابن أكالة الأكباد. فكيف وأنتم ترجون ما ترجون.
    وقالت امرأة من أهل الشام :
    لا تعدموا قوما أذاقوا ابن ياسر
    شعوبا ولم يعطوكم بالخزائم

    فنحن قتلنا اليثربي بن محصن
    خطيبكم وابني بديل وهاشم

    وقال رجل من بني عذرة :
    لقد رأيت أمـورا كلها عجب
    وما رأيت كأيام بصفينـا

    لما غـدوا وغدونا كلنا حنق
    ما رأيت الجمال الجلة الجونا

    خيل تجول وخيل في أعنتها
    وآخرون على غيظ يرامونا

    ثم ابتذلنا سيوفا في جماجمهم
    وما نساقيهم من ذاك يجزونا

    كأنها في أكف القوم لامعة
    سلاسل البرق يجد عن العرانينا

    ثم انصرفنا كأشلاء مقطعة
    وكلنا عند قتلاهم يصلونا

    وقال عبد الله بن أبي معقل بن نهيك بن يساف الأنصاري. قال : وفي حديث عمرو بن شمر : قال النجاشي يبكي أبا عمرة بن عمرو بن محصن (1) وقتل بصفين :
    لنعم فتى الحيين عمرو بن محصن
    إذا صائح الحي المصبح ثوبا (2)

    __________________
    (1) هو بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري. ترجمته في 185.
    (2) صدر البيت يشهد بأن اسمه « عمرو » وهو أحد الأقوال التي قيلت في اسمه ، وفي الإصابة : « وقال ابن الكلبي : اسمه عمرو بن مخصن ». المصبح : الذي صبحته الغارة. وفي الأصل : « المصيح » صوابه في ح ( 2 : 278 ). والتثويب : الاستصراخ ، وأصله أن يلوح المستصرخ بثوبه ليرى ويشتهر. ح : « إذا ما صارخ الحي ».


    إذا الخيل جالت ، بينها قصـد القنا
    يثرن عجاجا ساطعا متنصبا

    لقد فجع الأنصار طرا بسيـد
    أخي ثقة في الصالحين مجربا

    فيارب خير قـد أفـدت وجفنة
    ملأت وقرن قد تـركت مخيبا (1)

    ويا رب خصم قـد رددت بغيظـه
    فآب ذليلا بعد مـا كان مغضبا

    وراية مجد قد حمـلـت وغزوة
    شهدت إذا النكـس الجبـان تهيبا

    حووطا على جل العشيرة مـاجـدا
    ولم يك في الأنصار نكسـا مؤنبـا (2)

    طويل عمود المجد رحبـا فناؤه
    خصيبا إذا ما رائد الحي أجدبا (3)

    عظيم رماد النار لم يك فاحشـا
    ولا فشلا يوم القتال مغلبا

    وكنت ربيعا ينفع الناس سيبـه
    وسيفا جرازا باتك الحد مقضبا

    فمن يك مسرورا بقتل ابن محصن
    فعاش شقيا ثم مات معذبا

    وغودر منكبا لفيه ووجهه
    يعالج رمحا ذا سنان وثعلبا

    فإن تقتلوا الحر الكريم ابن محصـن
    فنحن قتلنا ذا الكـلاع وحوشبا

    وإن تقتلوا ابني بديل وهاشمـا
    فنحن تركنا منكم القرن أعضبا

    ونحن تركنا حميرا في صفوفكم
    لدى الموت صرعى كالنخيل مشذبا

    وأفلتنا تحت الأسنة مرثد
    وكان قديما في الفـرار مجربا

    ونحن تركنا عند مختلـف القنا
    أخاكم عبيد الله لحما ملحبا

    بصفين لما ارفض عنه صفوفكـم
    ووجه ابن عتاب تركناه ملغبا (4)

    __________________
    (1) ح : « مسلبا ».
    (2) ح : « حويطا ». في الأصل : « عضبا مشيبا » وأثبت ما في ح.
    (3) في الأصل : « حصينا » وصوابه في ح.
    (4) ح : « عنه رجالكم ». وألغبه : أنصبه.


    وطلحة من بعد الزبير ولم ندع
    لضبة في الهيجا عريفا ومنكبا (1)

    ونحن أحطنا بالبعير وأهله
    ونحن سقيناكم سماما مقشبا (2)

    نصر : وكان ابن محصن من أعلام أصحاب علي 7 ، قتل في المعركة ، وجزع علي 7 لقتله.
    قال : وفي قتل هاشم بن عتبة يقول أبو الطفيل عامر بن واثلة ، وهو من الصحابة ، وقيل إنه آخر من بقي من صحب رسول الله صلى الله عليه ، وشهد مع علي 7 صفين ، وكان من مخلصي الشيعة (3) :
    يا هاشم الخير جزيت الجنة
    قاتلت في الله عدو السنه

    والتاركي الحق وأهل الظنه
    أعظم بما فزت به من منه

    صيرني الدهر كأني شنه
    ياليت أهلي قد علوني رنه (4)

    من حوبة وعمة وكنه (5)
    نصر : والحوبة القرابة ، يقال لي في بني فلان حوبة أي قربي.
    نصر ، عن عمرو بن شمر بإسناده قال : قال رجل يومئذ لعدي بن حاتم ـ وكان من جلة (6) أصحاب علي 7 ـ : يا أبا طريف ، ألم أسمعك
    __________________
    (1) العريف : النقيب ، وهو دون الرئيس. والمنكب ، كمجلس : عون العريف ، وقال الليث : رأس العرفاء.
    (2) البعير ، يعني جمل عائشة الذي نسبت إليه الوقعة. والمقشب : المخلوط.
    (3) ترجمته سبقت في ص 309.
    (4) الرنة : صيحة النياحة. وفي ح ( 2 : 279 ) :
    * وسوف تعلو حول قبري رنه *
    (5) الحوبة ، جاء في تفسيرها عن أبي عبيد : « وبعض أهل العلم يتأوله على الأ؟؟ خاصة. قال : وهي عندي كل حرمة تضيع إن تركها ، من أم أو أخت أو ابنة أو غيرها. والكنة ، بالفتح : امرأة الابن وامرأة الأخ.
    (6) ح : « جملة ».

    تقول يوم الدار : « والله لا تحبق فيها عناق حولية (1)! » ، وقد رأيت كان فيها (2)؟ ـ وقد كانت فقئت عين عدي وقتل بنوه (3) ـ قال : بلى والله لقد حبقت (4) فيه العناق والتيس الأعظم.
    وبعث علي خيلا ليحبسوا عن معاوية مادة ، فعبث معاوية الضحاك ابن قيس الفهري في خيل إلى تلك الخيل فأزالوها ، وجاءت عيون علي فأخبرته بما قد كان ، فقال علي لأصحابه : فما ترون فيما هاهنا؟ فقال بعضهم : نرى كذا. وقال بعضهم : نرى كذا. فلما رأى ذلك الاختلاف أمرهم بالغدو إلى القوم ، فغاداهم إلى القتال قتال صفين ، فانهزم أهل الشام وقد غلب أهل العراق على قتلى أهل حمص ، وغلب أهل الشام على قتلى أهل العالية ، وانهزم عتبة بن أبي سفيان عشرين فرسخا عن موضع المعركة حتى أتى الشام. فقال النجاشي من قصيدة أولها :
    لقد أمعنت يا عتب الفرارا
    وأورثك الوغى خزيا وعارا

    فلا يحمد خصاك سوى طمر
    إذا أجريته انهمر انهمارا

    وقال كعب بن جعيل ، [ وهو شاعر أهل الشام ، بعد رفع المصاحف يذكر أيام صفين ويخرض معاوية ] :
    معاوي لا تنهض بغير وثيقة
    فإنك بعد اليوم بالذل عارف

    __________________
    (1) الحبق : ضراط المعز. وفي الأصل : « لا تخنق » صوابه في ح. والعناق ، بالفتح : الأنثى من ولد المعز. والحولية : التي أتى عليها حول. ويروى أيضا : « لا تحبق في هذا الأمر عناق حولية » قال الميداني : « يضرب المثل في أمر لا يعبأ به ولا غير له ، أي لا يدرك فيه ثأر ». وأول من قال هذا المثل عدي حين قتل عثمان. فيها : أي في هذه الحادثة.
    (2) أي من وقعتي الجمل وصفين ، إذ طولب فيهما بدم عثمان.
    (3) عند الميداني : « فلما كان يوم الجمل فقئت عين عدي وقتل ابنه بصفين ».
    (4) في الأصل : « خنقت » صوابه في ح وأمثال الميداني.


    تركتم عبيد الله بالقـاع مسندا
    يمج نجيعا والعروق نـوازف

    ألا إنما تبكي العيون لفارس
    بصفين أجلت خيله وهو واقف

    ينوء وتعلوه شآبيب من دم
    كما لاح في جيب القميص اللفائف

    يحللن عنـه زر درع حصينة
    ويبدين عنه بعدهـن معارف (1)

    تبدل من أسماء أسيـاف وائل
    وكان فتى لو أخطأته المتالـف (2)

    الا إن شر الناس في الناس كلهـم
    بنو أسد ، إني لما قلت عارف

    وفرت تميم سعدها وربابها
    وخالفت الجعراء فيمن يخالف (3)

    فرد عليه أبو جهمة الأسدي فقال :
    تعرفت والعراف تمج أمـه
    فإن كنت عرافا فلست تقائف (4)

    أغرتم علينا تسرقون بناتنا
    وليس لنا في قاع صفين قائف

    يجالد من دون ابن عم محمد
    من الناس شهبـاء المناكب شارف

    فما برحوا حتى رأى الله صبرهم
    وحتى أتيحت بالأكف المصاحف (5)

    __________________
    (1) ح ( 1 : 498 ) : « وأنكر منه بعد ذاك معارف ».
    (2) أسماء هذه هي بنت عطارد بن حاجب بن زرارة ، زوج عبيد الله بن عمر ، كان قد أخرجها مع زوجة الأخرى بحرية بنت هانئ بن قبيصة الشيباني ، لينظرا إلى قتاله ، كما في ح ( 1 : 499 ).
    (3) في الأصل : « وجالت تميم » وأثبت ما في ح ( 2 : 279 ). والجعراء : لقب بني العنبر بن عمرو بن تميم. انظر القاموس « جعر ». وفي الأصل : « الجعداء » صوابه ما أثبت من ح. وقد سبق بعض أبيات هذه القصيدة في ص 298 ـ 299. وقال ابن أبي الحديد في ( 1 : 498 ) : « قلت : هذا الشعر نظمه كعب بن جعيل بعد رفع المصاحف وتحكيم الحكمين يذكر فيه ما مضى لهم من الحرب على عادة شعراء العرب ».
    (4) تمج أمه ، كذا وردت في الأصل.
    (5) هذا البيت وسابقه يرويان في شعر كعب بن جعيل ، كما سبق في 299. وهذا البيت أيضا يروى للحصين بن الحمام المري ، كما في اللسان ( 6 : 69 ).

    وقال أبو جهمة الأسدي :
    أنا أبو جهمة في جلد الأسد
    علي منه لبد فوق لبد

    أهجو بني تغلب ما ينجي النقد (1)
    أقود من شئت وصعب لم يقد

    وقال عتبة يهجو كعب بن جعيل مجيبا له (2) :
    سميت كعبا بشر العظام
    وكان أبوك سمى الجعل (3)

    وكان مكانك (4) مـن وائل
    مكان القراد من است الجمل

    وقال كعب مجيبا له :
    * سميت عتابا ولست بمعتب *
    ئثم إن عليا أمر مناديه فنادى في الناس : أن اخرجوا إلى مصافكم. فخرج الناس إلى مصافهم ، واقتتل الناس ، وأقبل أبو الأعور السلمي يقال :
    أضربهم ولا أرى عليـا
    كفى بهذا حزنـا عليا

    وأقبل عبد الرحمن بن خالد وهو يقول :
    أنا عبد الرحمن وابن خالد
    أضرب كل قدم وساعد

    نصر : ثم كانت بين الفريقين الواقعة المعروفة ب‍ « وقعة الخميس » ، حدثنا
    __________________
    (1) النقد ، بالتحريك : جنس من الغنم قباح الوجوه صغار الأرجل ، يقال فيها : « أذل من نقد ».
    (2) ح ( 2 : 280 : « وهجا كعب بن جعيل عتبة بن أبي سفيان وعيره بالفرار ، وكان كعب من شيعة معاوية لكنه هجا عتبة تحريضا له ». على أن البيتين يرويان للأخطل ، نظر ديوانه 335 ، وشرح الحيوان ( 5 : 441 ) حيث تخريج الشعر.
    (3) ح : « يسمى الجعل ».
    (4) ح : « وإن مكانك ». وفي الحيوان : « وأنت مكانك » ويروى : « وإن محلك ».

    بها عمر بن سعد ، عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم الهجري (1) قال : حدثنا القعقاع بن الأبرد الطهوي قال : والله إني لواقف قريبا من علي بصفين يوم وقعة الخميس [ و ] قد التقت مذحج ـ وكانوا في ميمنة علي ـ وعك وجذام ولخم والأشعرون ، وكانوا مستبصرين في قتال علي. ولقد والله رأيت ذلك اليوم من قتالهم ، وسمعت من وقع السيوف على الرؤوس ، وخبط الخيول بحوافرها في الأرض وفي القتلى ، ما الجبال تهد (2) ولا الصواعق تصعق بأعظم هولا في الصدور من ذلك الصوت. نظرت إلى علي وهو قائم فدنوت منه ، فسمعته يقول : « لا حول ولا قوة إلا بالله (3) ، والمستعان الله ». ثم نهض حين قام قائم الظهيرة وهو يقول : ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين (4) ) : وحمل على الناس بنفسه ، وسيفه مجرد بيده ، فلا والله ما حجز بيننا إلا الله رب العالمين ، في قريب من ثلث الليل ، وقتلت يومئذ أعلام العرب. وكان في رأس علي ثلاث ضربات ، وفي وجهه ضربتان.
    نصر : وقد قيل إن عليا لم يجرح قط.
    وقتل في هذا اليوم خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (5) ، وقتل من أهل
    __________________
    (1) هو إبراهيم بن مسلم العبدي ، أبو إسحاق الهجري ، قال ابن حجر : « لين الحديث ، رفع موقوفات. من الخامسة » تقريب التهذيب. وفي ح : « إبراهيم النخغي » تحريف.
    (2) الهدة : صوت تسمعه من سقوط ركن أو حائط أو ناحية جبل ، تقول منه : هد يهد ، بالكسر ، هديدا.
    (3) بعده في ح : « اللهم إليك الشكوى وأنت المستعان ».
    (4) من الآية 89 في سورة الأعراف.
    (5) هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري ، شهد بدرا وما بعدها ، وسمى ذا الشهادتين لأنه شهد للنبي على يهودي في دين قضاه 7 فقال : « كيف تشهد ولم تحضره ولم تعلمه »؟ قال : يا رسول الله نحن نصدقك على الوحي من السماء فكيف لا نصدقك على أنك قضيته؟ فأنفذ 7 شهادته وسماه « ذا الشهادتين » ، لأنه صير شهادته شهادة رجلين. الإصابة 2247 وجني الجنتين 160.

    الشام عبد الله بن ذي الكلاع الحميري ، فقال معقل بن نهيك بن يساف الأنصاري
    يا لهف نفسي ومن يشفي حزازتها
    إذا أفلت الفاسق الضليل منطلقا

    وأفلت الخيل عمـرو وهـي شاحبة
    جنح الظلام يحث الركض والعنقا (1)

    وافت منية عبد الله إذ لحقت
    قب البطون به ، أعجز بمن لحقا

    وانساب مروان في الظلماء مستترا
    تحت الدجى كلما خاف الردى أرقا

    قال : وقال مالك الأشتر :
    نحن قتلنا حوشبا
    لما غدا قد أعلما

    وذا الكلاع قبلـه
    ومعبدا إذ أقدما

    إن تقتلوا منا أبا الـ‍
    يقظان شيخا مسلمـا

    فقد قتلنا منكـم
    سبعين رأسا مجرما

    أضحوا بصفين وقـد
    لاقوا نكالا مؤثمـا

    وقال عامر بن الأمين السلمي :
    كيف الحياة ولا أراك حزينا
    وغبرت في فتن كذاك سنينا

    ونسيت تلذاذ الحياة وعشيها
    وركبت من تلك الأمور فنونا

    ورجعت قد أبصرت أمري كله
    وعرفت ديني إذ رأيت يقينـا

    أبلغ معاوية السفيه بأنني
    في عصبة ليسوا لديك قطينا

    لا يغضبون لغير ابن نبيهم
    يرجون فوزا ، إن لقوك ، ثمينـا

    وقال عبد الله بن يزيد بن عاصم الأنصاري يرثي من قتل من أصحابه :
    يا عين جودي على قتلى بصفينا
    أضحوا رفاتا وقد كانوا عرانينا

    __________________
    (1) ح : « تحت العجاج تحث ».


    أني لهم صرف دهـر قد أضربنا
    تبا لقاتلهـم في اليوم مدفونا (1)

    كانوا أعزة قومي قد عرفتهـم
    مأوى الضعـاف وهم يعطون ماعونا

    أعزز بمصرعهم تبا لقاتلهـم
    على النبي وطـوبى للمصابينا

    وقال النضر بن عجلان الأنصاري :
    قد كنت عن صفين فيما قـد خلا
    وجنود صفين لعمري غـافلا

    قد كنت حقا لا أحاذر فتنـة
    ولقـد أكـون بذاك حقا جاهـلا

    فرأيت في جمهـور ذلك معظما
    ولقيت من لهوات ذاك عياطلا (2)

    كيف التفرق والوصي إمامنا
    لا كيف إلا حيرة وتخاذلا

    لا تعتبن عقولكم لا خير في
    من لم يكن عند البلابل عاقـلا

    وذروا معاوية الغوى وتابعوا
    دين الوصي تصادفوه عاجلا

    وقالت أمينة الأنصارية ترثي مالكا :
    منع اليوم أن أذوق رقـادا
    مالك إذ مضى وكان عمادا

    يا أبا الهيثم بن تيهان إنـي
    صرت للهم معدنا ووسادا

    إذ غدا الفاسق الكفور عليهم
    إنه كان مثلها معتادا

    أصبحوا مثل من ثوى يوم أحد
    يرحم الله تلكم الأجسـادا

    وقالت ضبيعة بنة خزيمة بن ثابت ترثي أباها (3) صاحب الشهادتين :
    عين جودي على خزيمـة بالدم‍
    ـع قتيل الأحزاب يوم الفرات

    قتلوا ذا الشهادتين عتـوا
    أدرك الله منهم بالترات

    قتلوه في فتية غير عـزل
    يسرعون الركوب للدعوات

    __________________
    (1) أني يأني : حان وقته. وفي الأصل : « أنالهم » تحريف.
    (2) يقال هضبة عيطل : طويلة.
    (3) في الأصل : « في خزيمة أباها » صوابه في ح ( 2 : 280 ).


    نصروا السيد (1) الموفق ذا العد
    ل ودانوا بذاك حتـى الممات

    لعن الله معشرا قتلوه
    ورماهم بالخزي والآفات

    نصر : حدثنا عمر بن سعد ، عن الأعمش قال ، كتب معاوية إلى أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري (2) صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وكان سيدا معظما من سادات الأنصار ، وكان من شيعة علي 7 ـ كتابا ، وكتب إلى زياد بن سمية ـ وكان عاملا لعلي 7 على بعض فارس ـ كتابا. فأما كتابه إلى أبي أيوب فكان سطرا واحدا : « لا تنسى شيباء أبا عذرتها ، ولا قاتل بكرها ». فلم يدر أبو أيوب ما هو؟ فأتى به عليا وقال : يا أمير المؤمنين ، إن معاوية ابن أكالة الأكباد ، وكهف المنافقين ، كتب إلى بكتاب لا أدري ما هو؟ فقال له علي : وأين الكتاب؟ فدفعه إليه فقرأه وقال : نعم ، هذا مثل ضربه لك ، يقول : ما أنسى الذي لا تنسى الشيباء ، لا تنسى أبا عذرتها. والشيباء : المرأة البكر ليلة افتضاضها (3) ، لا تنسى بعلها الذي افترعها أبدا ، ولا تنسى قاتل بكرها وهو أول ولدها. كذلك لا أنسى أنا قتل عثمان.
    وأما الكتاب الذي كتب إلى زياد فإنه كان وعيدا وتهددا ، فقال زياد : « ويلي على معاوية ابن أكالة الأكباد ، وكهف المنافقين وبقية الأحزاب ، يتهددني ويوعدني وبيني وبينه ابن عم محمد ، ومعه سبعون ألفا طوائع (4) ،
    __________________
    (1) في الأصل : « نصروا أحمد » والوجه ما أثبت من ح.
    (2) هو خالد بن زيد بن كليب الأنصاري ، نزل عليه النبي صلى الله عليه لما قدم المدينة فأقام عنده حتى بني بيوته ومسجده. وتوفى في غزاة القسطنطينية سنة 52. الأصابة 2159. وفي الأصل : « خالد بن أيوب » صوابه في ح والإصابة.
    (3) قيل ياء « شيباء » بدل من واو ، لأن ماء الرجل شاب ماء المرأة؟ ولم يسمع الأصل ، جعلوه بدلا لازما ، كعيد وأعياد من العودة.
    (4) طوائع : جعله جمعا لطائع والقياس طائعون. وفي ح ( 2 : 281 ) : « سبعون ألفا سيوفهم على عواتقهم ، يطيعونه في جميع ما يأمرهم ».

    سيوفهم عند أذقانهم ، لا يلتفت رجل منهم وراءه حتى يموت. أما والله لئن خلص الأمر إلى ليجدني أحمر ضرابا بالسيف ». والأحمر يعني أنه مولى ، فلما ادعاه معاوية صار عريبا [ منافيا (1) ].
    [ قال نصر ] : و [ روى عمرو بن شمر ، أن معاوية ] كتب في أسفل كتاب أبي أيوب :
    أبلغ لديك أبا أيوب مالكة
    أنا وقومك مثل الذئب والنقد

    إما قتلتم أمير المؤمنين فلا
    ترجوا الهوادة عندي آخر الأبد (2)

    إن الذي نلتموه ظالمين لـه
    أبقت حرارته صدعا على كبدي

    إني حلفت يمينا غير كاذبة
    لقد قتلتم إماما غير ذي أود

    لا تحسبوا أنني أنسى مصيبتـه
    وفي البلاد من الأنصار من أحد (3)

    أعزز علي بأمر لست نائله
    واجهد علينا فلسنا بيضة البلد

    قد أبدل الله منكم خير ذي كلـع
    واليحصبيين أهل الحق في الجنـد (4)

    إن العراق لنا فقع بقرقـرة
    أو شحمة بزها شاو ولم يكد (5)

    والشام ينزلها الأبرار ، بلدتهـا
    أمن ، وحومتها عريسة الأسـد (6)

    فلما قرأ الكتاب على علي 7 قال : لشد ما شحذكم معاوية (7)
    __________________
    (1) منافيا : منسوبا إلى عبد مناف.
    (2) ح : « منا آخر الأبد ».
    (3) في الأصل : « مصابته » ولم يقولوا في المصيبة إلا « المصاب » بالتذكير. وأثبت ما في ح.
    (4) ينو يحصب : بطن من حمير ، وحاؤه مثلثة. والجند بالتحريك : مدينة باليمن بينها وبين صنعاء ثمانية وخمسون فرسخا. ح : « أهل الخوف والجند ».
    (5) الفقع ، بالفتح : ضرب من أردأ الكمأة. والقرقرة : أرض مطمئنة لينة.
    (6) ح : « وبيضتها عريسة الأسد ».
    (7) في الأصل : « لأشد » صوابه في ح ( 2 : 281 ).

    يا معشر الأنصار ، أجيبوا الرجل. فقال أبو أيوب : يا أمير المؤمنين : ما أشاء أن أقول شيئا من الشعر يعيا به الرجال (1) إلا قلته. قال : فأنت إذا أنت.
    فكتب أبو أيوب إلى معاوية : « [ أما بعد فإنك كتبت إلى ] : لا تنسى الشيباء (2) ـ وقال في هذا الحديث : الشيباء : الشمطاء ـ ثكل ولدها ، ولا أبا عذرتها فضربتها مثلا بقتل عثمان. وما نحن (3) وقتل عثمان؟! إن الذي تربص بعثمان وثبط يزيد بن أسد (4) وأهل الشام في نصرته لأنت ، وإن الذين قتلوه لغير الأنصار! ». وكتب في آخر كتابه :
    لا توعدنا ابن حرب إننا بشر
    لا نبتغي ود ذي البغضاء من أحد

    فاسعوا جميعا بني الأحزاب كلكم
    لسنا نريد ولاكم آخر الأبـد (5)

    نحن الذين ضربنا الناس كلهـم
    حتي استقاموا وكانـوا عرضة الأود

    والعام قصرك منا أن أقمت لنـا
    ضربا يزيل بين الروح والجسد

    أما علي فإنا لن نفارقه
    ما رقرق الآل في الدوايه الجرد

    إما تبدلت منا بعد نصرتنـا
    دين الرسول أناسا ساكني الجنـد

    لا يعرفون أضل الله سعيهـم
    إلا اتباعكم ، يا راعي النقد

    فقد بغى الحق هضما شر ذي كلع
    واليحصبيون طرا بيضة البلـد

    __________________
    (1) يعيا به : يعجز عنه. وفي الأصل : « يعبأ به » وفي ح : « يعتا به ».
    (2) في الأصل : « أنت لا تنسى الشيباء » وكلمه « أنت » محرفه عن « كتبت » التي في التكملة السابقة.
    (3) في الأصل : « وما أنا » وأثبت ما في ح.
    (4) هو يزيد بن أسد ، جد خالد بن عبد الله القسري. وكان مطاعا في أهل اليمن عظيم الشأن ، وجهه معاوية لنصر عثمان في أربعة آلاف ، فجاء إلى المدينة فوجد عثمان قد قتل ، فلم يحدث شيئا. انظر الإصابة 9229.
    (5) ولاكم : أي ولاءكم. وفي ح : « رضاكم ».


    ألا ندافع كفا دون صاحبها
    حد الشقاق ولا أم ولا ولد (1)

    فلما أتى معاوية بكتاب أبي أيوب كسره.
    نصر ، قال : وذكر عمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن أبي سليمان الحضرمي ـ وكان حضرها أبو سليمان مع علي ـ : أن الفيلقين التقيا بصفين ، واضطربوا بالسيوف ليس معهم غيرها إلى نصف الليل.
    نصر ، قال عمر : وحدثني مجالد ، عن الشعبي ، عن زياد بن النضر الحارثي وكان على مقدمة علي ، قال : شهدت مع علي بصفين ، فاقتتلنا ثلاثة أيام وثلاث ليال ، حتى تكسرت الرماح ، ونفدت السهام ، ثم صرنا إلى المسايفة (2) فاجتلدنا بها إلى نصف الليل ، حتى صرنا نحن وأهل الشام في اليوم الثالث يعانق بعضنا بعضا ، وقد قاتلت ليلتئذ بجميع السلاح ، فلم يبق شيء من السلاح إلا قاتلت به ، حتى تحاثينا بالتراب ، وتكادمنا [ بالأفواه ] ، حتى صرنا قياما ينظر بعضنا إلى بعض (3) ما يستطيع واحد من الفريقين ينهض إلى صاحبه ولا يقاتل. فلما كان نصف الليل من الليلة الثالثة انحاز معاوية وخيله من الصف ، وغلب علي 7 على القتلى في تلك الليلة ، وأقبل على أصحاب محمد صلى الله عليه وأصحابه فدفنهم ، وقد قتل كثير منهم ، وقتل من أصحاب معاوية أكثر ، وقتل فيهم تلك الليلة شمر بن أبرهة ، وقتل عامة من أصحاب علي يومئذ ، فقال عمارة :
    قالت أمامة : ما للونك شاحبا
    والحرب تشحـب ذا الحديد الباسل

    أني يكون أبوك أبيض صافيا
    بين السمائم فوق متن السائل

    __________________
    (1) كذا ورد هذا البيت.
    (2) في الأصل : « صارت إلى المسايفة » وأثبت ما في ح ( 2 : 281 ).
    (3) بعدها في الأصل : « حتى صرنا قياما » وهي عبارة مكررة.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

      الجزء السادس  من كتاب صفين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السادس من كتاب صفين     الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyالأحد 20 أكتوبر 2024 - 9:28


    تغدو الكتائب حوله ويسوقهم
    مثل الاسود بكـل لدن ذابـل

    خزر العيون من الوفود لدى الوغى
    بالبيض تلمع كالشرار الطاسـل (1)

    قالوا معاوية بن حـرب بايعوا
    والحرب شائلة كظهـر البازل

    فخرجت مخترما أجر فضولها
    حتى خلصت إلى مقام القاتل (2)

    وقال عمرو بن العاص :
    إذا تحازرت وما بي مـن خـزر (3)
    ثم خبأت العين من غير عور (4)

    ألفيتني ألـوى بعيد المستمر (5)
    ذا صولة في المصمئلات الكبر

    أحمل ما حلمت من خير وشـر
    كالحية الصمـاء في أصل الصخر

    وقال محمد بن عمرو بن العاص :
    لو شهدت جمل مقامي وموقفي
    بصفين يوما شاب منها الذوائب

    غداة غدا أهل العراق كأنهم
    من البحر موج لجـه متراكب

    وجئناهم نمشي صفوفا كأننا
    سحاب خريف صفقته الجنائب

    فطار إلينا بالرمـاح كماتهم
    وطرنا إليهم والسيوف قواضب

    فدارات رحانا واستدارت رحاهم
    سراة النهار ما تولى المناكب

    __________________
    (1) الطاسل : الجاري المضطرب ، من قولهم طسل السراب : اضطرب.
    (2) مخترما : يخترم الأقران ، أي يستأصلهم. وفي الأصل : « محترما ». فضولها : أي فضول الدرع السابغة. مقام القاتل ، يعني نفسه. وبعده في الأصل : « ويقرقعونه كقرن الحائل » ، ولعلها رواية محرفة لعجز أحد الأبيات السابقة.
    (3) التخازر : إظهار الخزر ، وهو ضيق العين وصغرها.
    (4) ح ( 2 : 281 ) : « ثم كسرت العين ».
    (5) الألوى : الشديد الخصومة.


    إذا قلت يوما قد ونوا برزت لنا
    كتائب حمر وارجحنت كتـائب (1)

    فقالوا : نرى من رأينا أن تبايعـوا
    عليا فقلنا بل نرى أن تضاربوا

    فأبنا وقد نالوا سراة رجالنا
    وليس لما لاقوا سوى الله حاسب

    فلم أر يوما كان أكثر باكيا
    ولا عارضا منهم كميا يكالـب

    كأن تلالي البيض فينا وفيهـم
    تلألؤ برق في تهامة ثاقب (2)

    فرد عليه محمد بن علي بن أبي طالب :
    لو شهدت جمل مقامك أبصـرت
    مقام لئيم وسط تلك الكتائـب

    أتذكر يوما لم يكن لك فخره
    وقد ظهرت فيها عليـك الجلائب (3)

    وأعطيتمونا ما نقمتـم أذلة
    على غير تقوى الله والدين واصب (4)

    وروى : « خوف العواقب »
    نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن تميم قال : والله إني مع علي حين أتاه علقمة بن زهير الأنصاري فقال : يا أمير المؤمنين ، إن عمرو بن العاص ينادي ثم :
    أنا الغلام القرشي المؤتمن
    الماجد الأبلج ليث كالشطن

    يرضى به الشام إلى أرض عدن
    يا قادة الكوفة من أهل الفتـن

    يأيها الأشراف من أهل اليمن
    أضربكم ولا أرى أبا حسن

    __________________
    (1) في الأصل : « إذا قلت قد استهزموا » وأثبت ما في ح. كتائب حمر ، لما علاها من صدأ الحديد. ح : « كتائب منهم ».
    (2) تلالي ، مصدر من تلالا المسهلة ، كما تقول : تراضى تراضيا.
    (3) الجلائب : العبيد يجلبون من بلد إلى غيره.
    (4) واصب ، أي طاعته دائمة واجبة أبدا. وفي الكتاب : ( وله الدين واصبا ).


    أعني عليا وابن عم المؤتمن
    كفى بهذا حزنا من الحـزن

    فضحك علي ثم قال : أما والله لقد حاد عدى الله عني ، وإنه بمكاني لعالم ، كما قال العربي : « غير الوهي ترقعين وأنت مبصرة (1) » ، ويحكم ، أروني مكانه لله أبوكم ، وخلا كم ذم.
    وقال النجاشي يمدح عليا :
    إني إخال عليا غير مرتدع
    حتى يؤدى كتاب الله والذمم (2)

    حتى ترى النقع معصوبا بلمته
    نقع القبائل ، في عرنينه شمـم (3)

    غضبان يحرق نابيه بحرتـه
    كما يغظ الفنيق المصعـب القطم (4)

    حتى يزيل ابن حرب عن إمارته
    كما تنكب تيس الحبلـة الحلـم (5)

    أو أن تروه كمثل الصقر مرتبئا
    يخفقن من حـوله العقبان والرخـم

    وقال النجاشي أيضا يمدح عليا ويهجو معاوية وقد بلغه أنه يتهدده (6) :
    يأيها الرجل المبدي عداوته
    رو لنفسك أي الأمر تأتمـر

    __________________
    (1) في الأصل : « عين الوهي » صوابه في ح ( 2 : 282 ). والوهي ، بالفتح : الشق في الشيء.
    (2) في الأصل : « غير منتهى » وهي من ضرورة الشعر ، لكن كتب بجوارها « ن : مرتدع » أي إنها كذلك في نسخة أخرى ، وهذه الأخيرة رواية ح.
    (3) في الأصل : « حتى ترى النقع » وفي ح : « أما ترى النقع ».
    (4) حرق نابيه يحرقهما ، بالضم والكسر : سحقهما حتى سمع لهما صريف. المصعب : الفحل. والقطم : المشتهي للضراب. وفي الأصل : « المغضب القطم » والوجه ما أثبت من ح.
    (5) الحبلة ، بالضم : ثمر عامة العضاه. وهم ينسبون التيس أيضا فيقولون : « تيس الربل » وهو ضروب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تفطرت بورق أخضر. انظر الحيوان ( 4 : 134 / 6 : 123 ). وفي الأصل : « الجلة » وفي ح : « الخلة » ولا وجه لهما.
    (6) ح : « قال نصر : » وحدثنا عمر بن سعد عن الشعبي قال : « بلغ النجاشي أن معاوية تهدده فقال ».


    لا تحسبني كأقوام ملكتهم
    طوع الأعنة لما ترشح العـذر

    وما علمت بما أضمرت من حنق
    حتى أتتني به الركبان والنـذر

    فإن نفست على الأمجـاد مجدهم
    فابسط يديك فإن الخيـر مبتـدر

    واعلم بأن على الخير من نفـر
    مثل الأهلة لا يعلوهم بشر

    لا يرتقي الحاسد الغضبان مجدهم (1)
    ما دام بالحزن من صمائها حجر

    بئس الفتى أنت إلا أن بينكما
    كما تفاضل ضوء الشمس والقمر

    ولا إخالك إلا لست منتهيا
    حتى يمسك من أظفاره ظفر

    لا تحمدن أمرأ حتى تجربـه
    ولا تذمن من لم يبله الخبر

    إني امرؤ قلما أثني على أحد
    حتى أرى بعض ما يأتي وما يذر

    إني إذا معشر كانت عداوتهم
    في الصدر أو كان في أبصارهم خزر

    جمعت صبرا جراميزي بقافيـة (2)
    لا يبرح الدهر منها فيهم أثر

    فلما بلغ هذا الشعر معاوية قال : « ما أراه إلا قد قارب ».
    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الملك بن عبد الله ، عن ابن أبي شقيق ، أن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين كان يحمل على الخيل بصفين ، إذا جاء رجل من خزيمة فقال : هل من فرس؟ قال : نعم ، خذ أي الخليل شئت. فلما ولى قال ابن جعفر : إن يصب أفضل الخيل يقتل. قال : فما عتم أن أخذ أفضل الخيل فركبه ، وحمل على الذي دعاه إلى البراز ، فقتله الشامي.
    وحمل غلامان من الأنصار جميعا أخوان ، حتى انتهيا إلى سرادق معاوية
    __________________
    (1) ح : « لا يجحد الحاسد الغضبان فضلهم ».
    (2) جمع جراميزه ، إذا تجمع ليثب. في الأصل : « بعافية » صوابه في ح. وأراد بالقافية الشعر يقوله في الهجو.

    فقتلا عنده ، وأقبلت الكتائب بعضها نحو بعض ، فاقتتلت قياما في الركب لا يسمع السامع إلا وقع السيوف على البيض والدرق.
    وقال عمرو بن العاص :
    أجئتم إلينـا تسفكون دماءنا
    وما رمتم وعر من الأمر أعسـر

    لعمري لما فيه يكون حجاجنا (1)
    إلى الله أدهى لو عقلتم وأنكر

    تعاورتم ضربا بكل مهند
    إذا شد وردان تقدم قنبر (2)

    كتائبكم طورا تشد وتارة
    كتائبنا فيها القنا والسنور (3)

    إذا ما التقوا يوما تدارك بينهـم
    طعان وموت في المعارك أحمـر (4)

    وقال مرة بن جنادة العليمي :
    لله در عصابة في مأقط
    شهدوا مجـال الخيل تحت قتامهـا

    شهدوا ليوثا ليس يدرك مثلهـم
    عنـد الهياج تذب عن آجامهـا (5)

    خزر العيـون ، إذا أردت قتالهـم
    برزوا سماحـا كلهـم بحمـامهـا (6)

    لا ينكلون إذا تقوض صفهـم
    جزعا على الإخوان عند جلامها

    فوق البراح من السوابح بالقنـا
    يرديـن مهيعة الطريق بهـامهـا (7)

    __________________
    (1) في الأصل : « حجامنا » صوابه في ح.
    (2) وردان : غلام عمرو بن العاص. انظر ص 35 ، 36. وقنبر ، بوزن جعفر : مولى علي. انظر الحاشية الرابعة من ص 43.
    (3) السنور : جملة السلاح ، وخص به بعضهم الدروع.
    (4) في الأصل : « إذا ما التقوا حربا » و : « في المبارك » صوابهما في ح.
    (5) الأجمة : الشجر الكثير الملتف. في الأصل : « يذب عند إجامها » والصواب ما أثبت. وهذه المقطوعة لم ترد في ل.
    (6) السماح : جمع سمح ، وهو الجواد. بحمامها ، بحمام النفوس أي موتها المقدر لها.
    (7) السوابح : الخيل تسبح في جريها. يردين من الرديان ، وهو ضرب من السير.

    وقال العليمي :
    يا كلب ذبوا عن حريم نسائكـم
    كما ذب فحل الشول بين عشارهـا

    ولا تجزعوا إن الحروب لمرة
    إذا ذيق منها الطعم عند زيارها

    فإن عليا قد أتاكم بفتية
    محددة أنيابها مـع شفارها

    إذا ندبوا للحرب سارع منهم
    فوارس حـرب كالأسـود ابتكارها

    يخفون دون الروع في جمع قومهم
    بكل قضـوب مقصـل في حذارهـا (1)

    وقال سماك (2) بن خرشة الجعفي ، من خيل علي :
    لقد علمت غسان عند اعتزامها
    بأنا لدي الهيجاء مثل السعائـر

    مقاويل أيسار لهاميم سادة
    إذا سال بالجريال شعـر البياطر

    مساعير لم يوجد لهم يوم نبوة
    مطاعين أبطال غداة التناحر

    ترانا إذا ما الحرب درت وأنشبـت
    رواسيها ، في الحرب مثـل الضباطر (3)

    فلم نر حيا دافعوا مثل دفعنا
    غداة قتلنا مكنفـا وابن عـامـر

    أكر وأحمى عند وقع سيوفها
    إذا سـافت العقبان تحـت الحوافر

    هم ناوشونا عن حريم ديارهـم
    غـداة التقينا بالسيـوف البواتر

    وقال رجل من كلب مع معاوية ، يهجو أهل العراق ويوبخهم :
    لقد ضلت معاشر من نـزار
    إذا انقادوا لمثل أبي تراب

    وإنهم وبيعتهم عليا
    كواشمـة التغضن بالخضاب (4)

    __________________
    (1) القضوب : القاطع ، يعني السيف. وفي الأصل : « صعوب ». وهذه المقطوعة لم ترد في ح.
    (2) سماك ، بوزن كتاب ، كما في القاموس والإصابة. وخرشة ، بالتحريك. وهما صحابيان يقال لكل منهما سماك بن خرشة ، ويفرق بينهما بالكنية. أما أحدهما وهو أبو دجانة فلم يشهد صفين ، وشهدها الآخر. انظر الإصابة 3458.
    (3) الضباطر : جمع ضبطر ، وهو الأسد الماضي الشديد. وفي الأصل : « الصياخر ».
    (4) التغضن : تكسر الجلد وتثنيه. في الأصل : « تغضر » صوابه في ح.


    تزين من سفاهتها يديها
    وتحسر باليدين عن النقاب

    فإياكم وداهية نؤودا
    تسير إليكم تحت العقاب (1)

    إذا هشـوا سمعت لحافتيهم
    دويا مثـل تصفيق السحاب (2)

    يجيبون الصريخ إذا دعاهم
    إلى طعن الفـوارس بالحراب

    عليهم كل سابغة دلاص
    وأبيض صارم مثل الشهاب

    وقال الأحمر ـ وقتل مع علي :
    قد علمت غسان مع جذام
    إني كريم ثبت المقام (3)

    أحمى إذا ما زيل بالأقدام
    والتقت الجريال بالأهـدام

    إني ورب البيت والإحـرام
    لست أحـامي عورة القمقام

    وقال الشيخ بن بشر الجذامي :
    يا لهف نفسي على جذام وقـد
    هزت صدور الرماح والخـرق

    كانوا لدى الحرب في مواطنهـم
    أسدا إذا انساب سائـل العلـق

    فاليوم لا يدفعون إن دهمـوا
    ولا يـردون شامة الغلق (4)

    فاليوم لا ينصفون إخوتهـم
    عند وقوع الحروب بالحـق

    وقال الأشتر :
    وسار ابن حرب بالغواية يبتغي
    قتال علي والجيوش مع الحفل

    __________________
    (1) النؤود : الداهية. وفي الأصل : « تروها » صوابه في ح ( 2 : 283 ). والعقاب : راية معاوية ، كما سيأتي في قول النجاشي :
    رأيت اللواء لواء العقاب
    يقحمه الشانئ الأخزر

    (2) في ح : « إذا ساروا ».
    (3) الثبت ، بالفتح : الذي لا يبرح. وحرك الباء للشعر.
    (4) الشامة : الناقة السوداء. والغلق : الجاني ، والأسير. وفي الأصل : « العلق ».


    فسرنا إليهم جهرة في بلادهم
    فصلنا عليهم بالسيوف وبالنبل

    فأهلكهم ربي وفرق جمعهم
    وكان لنا عونا وذاقوا ردى الخبل

    ثم إن معاوية أرسل عمرو بن العاص في خيل عظيمة ، فلقيه حمزة بن عتبة بن أبي وقاص ، فقاتله حمزة ، وجعل حمزة يطعن بالرمح ويقول :
    ماذا يرجى من رئيس ملا
    لست بفرار ولا زميلا (1)

    في قومه مستبدلا مدلا
    قد سئم الحيـاة واستملا

    وكل أغراض له تملا (2)
    وذلك عند غروب الشمس. وقال حمزة :
    دعاني عمرو للقاء فلم أقل
    وأي جواد لا يقال لـه هنى (3)

    وولي على طرف يجول بشكة
    مقلصة أحشاؤه ليس ينثنى (4)

    فلو أدركته البيض تحت لوائه
    لغودر مجدولا تعـاوره القنى (5)

    عليه نجيع من دمـاء تنوشـه
    قشاعم شهب في السباسب تجتنـى

    فرجع عمرو إلى معاوية فحدثه فقال : لقد لقيت اليوم رجلا [ هو (6) ] خليق أن تدرسه الخيل بسنابكها ، أو تذريه في مداركها ، كدوس الحصرم ،
    __________________
    (1) الزميل : الضعيف الجبان الرذل. وفي الأصل : « زملا » تحريف.
    (2) تملي العيش : استمتع به طويلا.
    (3) هني ، أي ياهني. أراد أن كل جواد يستدعي ويطلب. وفي الأصل : « وإني جواد ». ونحوه في الأسلوب قول ليلي الأخيلية :
    تعيرنا داء بأمك مثله
    وأي حصان لا يقال لها هلا

    الحصان ، بالفتح : المرأة العفيفة. وهلا بمعنى أسرعي.
    (4) الطرف : الفرس الكريم الطرفين ، أي الأبوين. ويجول ، من الجولة في الحرب. وفي الأصل : « يجوب ». والشكة : السلاح.
    (5) مجدولا : صريعا. وفي الأصل : « مخذولا ». والقنى ، على وزن فعول : الرماح ، واحدها قناة.
    (6) ليست في الأصل. والخبر لم يرو في مظنه من ح.

    وهو ضعيف الكبد ، شديد البطش ، يتلمظ تلمظ الشمطاء المفجعة ، فأتاه غمر ـ فقال ـ إذ به عندنا والله ضرب كضرب القدار (1) ، مرن الشراسيف ، بالشفار الواقع ، تشمص له النشوز في سراعيف الخيل ، فحمل عليه فدخل تحت. بطن فرسه فطعنه حتى جدله عن فرسه ، وجاء أصحابه فحملوه فعاش ثلاثة أيام ثم مات (2).
    وهو الذي جعل معاوية ابنه على عطائه. وقتل حمزة يوم التليل المنفرد. وقال حمزة :
    بلغا عني السكون وهل لي
    من رسول إليهم غير آن

    لم أصد السنان عن سبق الخيل
    ولم أتقي هذام السنان (3)

    حين ضج الشعاع من ندب الخيـ‍
    ل لحرب وهر الكماة وقع اللـدان (4)

    ومشى القوم بالسيوف إلى القو
    م كمشى الجمال بين الإران

    وقال عمرو بن العاص :
    أن لو شهدت فوارسا في قومنا
    يوم القوارع مر مر الأجهل

    لرأيت مأسدة شوارع بالقنا
    جون الجلود من الحديد المرسـل (5)

    __________________
    (1) القدار ، بالضم : الجزار. وفي الأصل : « القداد » تحريف. قال مهلهل :
    إنا لنضرب بالصوارم هامها
    ضرب القدار نقيعة القدام

    (2) في هذا الكلام تحريف لم أجد مرجعا لتحقيقه.
    (3) سنان هذام : حديد قاطع.
    (4) الشعاع ، بالفتح : ما تفرق وانتشر من الدم إثر الطعنة. والندب. آثار الجراحات. والدان : جمع لدن ، وهو اللين من الرماح. وفي الأصل : « الجبان » ولا وجه له.
    قال المفضل بن المهلب :
    ومن هر أطراف القنا خشية الردى
    فليس لمجد صالح بكسوب

    وقال عنترة :
    حلفنا لهم والخيل تردي بنا معا
    نزايلكم حتى تهروا العواليا

    (5) أي اسودت جلودهم من لبس الحديد والسلاح. والجون بالضم : جمع جون ، بالفتح ، وهو الأسود. وفي الأصل : « دون » تحريف.


    متسربليـن سوابغا عادية
    ادفوا الملوك بكل عضب مقصل (1)

    يمشون في عنت الطريق كأنهم
    أسد تقلقل في غريف الحسكل

    يحمون إذ دهموا وذاك فعـالهم
    عند البديهة في عجاج القسطل

    النازلون أمام كل كريهـة
    تخشى عوائدها غداة الفيصل

    والخيل غائرة العيون كأنما
    كحلت مآقيهـا بزرق الكعطل (2)

    يعدون إذ ضج المنادي فيهـم
    نحو المنادي بذخة في القنبل (3)

    ودنا الكماة من الكماة وأعملت
    زرقا تعم سراتهم كالمشعـل (4)

    وقال الأحمر :
    كل امرئ لابد يوما ميـت
    والموت حق فاعرفن وصيـه

    وجاء عدي بن حاتم يلتمس عليا ، ما يطأ إلا على إنسان ميت أو قدم أو ساعد ، فوجده تحت رايات بكر بن وائل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ألا نقوم حتى نموت؟ فقال علي : ادنه. فدنا حتى وضع أذنه عند أنفه فقال : ويحك ، إن عامة من معي يعصيني ، وإن معاوية فيمن يطيعه ولا يعصيه.
    وقال أبو حبة بن غزية الأنصاري ، واسمه عمرو (5) ، وهو الذي عقر الجمل ، فقال بصفين :
    سائل حليلة معبد عن فعلنا
    وحليلة اللخمي وابن كلاع

    __________________
    (1) ادفوا ، كذا وردت. والمقصل : القطاع.
    (2) كذا ورد هذا اللفظ.
    (3) البذخة : المرة من البذخ وهو الكبر. والقنبل ، بالفتح : الطائفة من الناس ومن الخيل.
    (4) الزرق : الأسنة. في الأصل : « وأهملت زرقا » والوجه ما أثبت.
    (5) هو عمرو بن غزية ، بفتح العين وكسر الزاي وتشديد الياء ، بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري ، ترجم له ابن حجر في الإصابة 5922.


    واسأل عبيد الله عن أرماحنا
    لما ثوى متجـدلا بـالقاع

    وأسأل معاوية المـولى هاربا
    والخيل تعدو وهي جـد سراع (1)

    ماذا يخبرك المخبر منهم
    عنا وعنهم عند كل وقـاع (2)

    إن يصدقوك يخبـروك بأننا
    أهل الندى قدمـا مجيبو الداعي (3)

    ندعو إلى التقوى ونرعى أهلها
    برعاية المأمون لا المضياع

    إن يصدقوك يخبروك بأننا
    نحمى الحقيقة عند كل مصـاع

    ونسن للأعداء كل مثقف
    لدن وكل مشطب قطاع

    وقال عدي بن حاتم بصفين :
    أقول لما أن رأيت المعمعه
    واجتمع الجندان وسط البلقعه

    هذا علي والهدى حقا معه
    يا رب فاحفظه ولا تضيعـه

    فإنه يخشاك ربي فارفعـه
    ومن أراد عيبه فضعضعـه (4)

    وقال النعمان بن عجلان الأنصاري (5) يوم صفين :
    سائل بصفين عنا عند وقعتنا
    وكيف كنا غداة المحك نبتدر (6)

    واسأل غداة لقينا الأزد قاطبة
    يوم البصيرة لما استجمعت مضر

    __________________
    (1) ح ( 2 : 283 ) : « والخيل تمعج ».
    (2) الوقاع : المواقعة في الحرب. وفي الأصل : « دفاع » وأثبت ما في ح.
    (3) في الأصل : « مستسمعون الداعي » صوابه في ح.
    (4) في الأصل : « ومن أراد غيه » صوابه في ح.
    (5) هو النعمان بن عجلان بن النعمان بن عامر بن زريق الأنصاري ، كان لسان الأنصار وشاعرهم. وذكر المبرد أن عليا استعمله على البحرين فجعل يعطى كل من جاءه من بني زريق ، فقال فيه الشاعر ، وهو أبو الأسود الدئلي :
    أري فتنة قد ألهت الناس عنكم
    فندلا زريق المال ندل الثعالب

    فإن ابن عجلان الذي قد علمتم
    يبدد مال الله فعل المناهب

    انظر الإصابة 8747. ح : « بن جعلان » تحريف.
    (6) ح : « أم كيف كنا إلى العلياء ».


    لولا الإله وقوم قد عرفتهم
    فيهم عفاف ، وما يأتي به القدر (1).

    لما تداعت لهم بالمصر داعية
    إلا الكلاب ، وإلا الشاء والحمر (2)

    كم مقعص قد تركناه بمقفـرة
    تعوي السباع لديه وهـو منعفر

    وما إن تراه ولا يبكي علانية
    إلى القيامة حتى تنفخ الصـور (3)

    وقال عمرو بن الحمق الخزاعي :
    تقول عرسي لمـا أن رأت أرقي
    ماذا يهيجك من أصحاب صفينا

    ألست في عصبة يهدي الإله بهم
    لا يظلمون (4) ولا بغيا يريدونا

    فقلت إني على ما كان من سدر
    أخشى عواقب أمر سوف يأتينا (5)

    إدالة القوم في أمر يراد بنا
    فاقني حياء وكفي ما تقولينا

    وقال حجر بن عدي الكندي :
    يا ربنا سلم لنا عليا
    سلم لنا المهـذب النقيا

    المؤمن المسترشد المرضيا
    واجعله هادي أمة مهديـا

    لا أخطل الرأي ولا غبيا (6)
    واحفظه ربي حفظك النبيا

    فإنه كـان له وليا
    ثم ارتضاه بعده وصيا

    وقال معقل بن قيس التميمي :
    __________________ (1) ح :
    « وعفو من أبي حسن
    عنهم وما زال منه العفو ينتظر »

    (2) ح ( 2 : 284 ) : « ما إن يؤوب ولا ترجوه أسرته ».
    (3) الصور ، بضم ففتح : جمع صورة ، وبها قرأ الحسن في كل موضع من الكتاب جاء فيه لفظ « الصور » بالضم. انظر إتحاف فضلاء البشر ص 211. على أن بعض من قرأ « الصور » بالضم جعله أيضا جمعا لصورة كصوف وصوفة ، وثوم وثومة. انظر اللسان ( 6 : 146 ).
    (4) في الأصل : « أهل الكتاب » وأثبت ما في ح.
    (5) السدر ، بالتحريك : الحيرة. وفي ح : « رشد ».
    (6) في الأصل : « بغيا » ولا وجه له ، وقال اللحياني : « لا يقال رجل بغي ».


    يأيها السائل عن أصحابي
    إن كنت تبغي خبر الصواب

    أخبر عنهم غير ما تكذاب
    بأنهم أوعية الكتاب

    صبر لدى الهيجاء والضراب (1)
    وسل جمـوع الأزد والرباب

    وسل بذاك معشر الأحزاب
    وقال أبو شريح الخزاعي :
    يا رب قاتل كل من يريدنا
    وكد إلهي كل من يكيدنا

    حتى يرى معتدلا عمودنا
    إن عليا للذي يقودنـا

    وهو الذي بفقهه يؤودنا (2)
    عن قحم الفتنة إذ تريدنا

    وقال عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمي :
    ألا أبلغ معاوية بن حرب
    أمالك لا تنيب إلى الصواب

    أكل الدهر مرجوس لغير
    تحارب من يقوم لدي الكتاب

    فإن تسلم وتبقي الدهر يومـا
    نزرك بجحفل شبه الهضاب

    يقودهم الوصي إليك حتى
    يردك عن عوائك (3) وارتياب

    وإلا فالتـي جربت منا
    لكم ضـرب المهند بالذؤاب

    وقال أبو واقد الحارث بن عوف الخشني :
    سائل بنا يوم لقينا الأزدا
    والخيل تعدو شقـرا ووردا (4)

    لما قطعنا كفهم والزندا
    واستبدلوا بغيا وباعوا الرشدا

    __________________
    (1) في الأضل : « صبرا » وهذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
    (2) آده : عطفه وثناه.
    (3) من العواء اشتق اسم « معاوية » ، فإن المعاوية الكلبة تعاوي الكلاب. وفي الأصل : « غواتك » تحريف.
    (4) شقرا : جمع أشقر وشقراء ، وهو الأحمر ، وهن أكرم الخيل. والورد ، بالضم : جمع ورد ، بالفتح ، وهو ما لونه أحمر يضرب إلى صفرة حسنة. وفي الأصل : « تفدو سفرا ووردا » وإنما هما من العدو والشقرة. وهذه المقطوعة ترد في مظنها من ح.


    وضيعوا فيما أرادوا القصدا
    سحقا لهم في رأيهم وبعدا (1)

    وقال همام بن الأغفل الثقفي :
    قد قرت العين مـن الفساق (2)
    ومن رءوس الكفر والنفاق

    إذ ظهرت كتائب العراق
    نحن قتلنـا صاحب المـراق (3)

    وقائـد البغاة والشقاق
    عثمان يوم الدار والإحراق (4)

    لما لففنا ساقهـم بساق
    بـالطعن والضرب مع العناق

    وسل بصفين لدي التلاقي
    تنبأ بتبيان مع المصداق (5)

    أن قد لقوا بالمارق الممراق (6)
    ضربا يدمي عقر الأعناق (7)

    وقال محمد بن أبي سبرة بن أبي زهير القرشي :
    نحن قتلنا نعثلا بالسيرة (Cool
    إذ صد عن أعلامنا المنيرة

    يحكم بالجور على العشيـره
    نحن قتلنا قبلـه المغيره

    نالته أرماح لنا موتـوره
    إنا أنـاس ثابتو البصيره

    إن عليا عالم بالسيرة
    وقال حويرثة بن سمي العبدي :
    سائل بنا يوم التقينا الفجـرة
    والخيل تغدو في قتـام الغبره

    __________________ (1) سحقا ، بالضم : بعدا. وفي الكتاب : ( فسحقا لأصحاب السعير ).
    (2) في الأصل : « المساق ) وهذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
    (3) المراق : جمع مارق. وفي الأصل : « المراقي » تحريف.
    (4) يشير إلى ما كان من إحراق باب دار عثمان في أثناء حصاره. انظر الطبري ( 5 : 131 ).
    (5) في الأصل : « ثبنا بتبيان ».
    (6) المارق : السهم يمرق من الرمية ، أي ينفذ ، وقد عني به السيف.
    (7) عقر الأعناق : أصلها ، وهو بضم العين ، وضم القاف للعشر. وفي الأصل : « عكر » تحريف.
    (Cool نعثل : نبز لعثمان بن عفان. انظر ما سبق في ص 229.


    تنبأ بأنا أهل حـق نعمره (1)
    كم من قتيل قـد قتلنا تخبره

    ومن أسير قد فككنا مأسـره
    بالقاع من صفين يوم عسكـره

    وقال عمرو :
    لعمري لقد لاقت بصفين خيلنـا
    سميرا فلم يعدلن عنه تخوفا

    قصدت له في وائـل فسقيتـه
    سمام زعاف يترك اللون أكلفا

    فما جبنت بكر عـن ابن معمر
    ولكن رجا عود الهوادة فانكفا

    وخاف الذي لاقى الهجيمي قبله
    تفرق عنه جمعه فتخطفا

    ونحن قتلنا هاشما وابن ياسـر
    ونحن قتلنا ابني بديل تعسفا

    وهذا سمير ، ابن الحارث العجلي. وقال عرفجة بن أبرد الخشني :
    ألا سألت بنا والخيل شاحبة (2)
    تحت العجاجة والفرسان تطرد

    وخيل كلب ولخم قـد أضربهـا
    وقاعنا (3) إذ غدوا للموت واجتلدوا

    من كان أصبر فيها عنـد أرْمتها
    إذ الدماء على أبدنها جسد (4)

    وقال أيضا :
    سائل بنا عكا وسائل كلبا
    والحميريين وسائل شعبـا (5)

    __________________
    (1) في الأصل : « ثبنا بأنا » والوجه ما أثبت. وفي هذا البيت وتاليه إقواء.
    (2) الشحوب : التغير من هزال أو عمل أو جوع أو سفر. وفي الأصل : « ساجية ». وهذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
    (3) الوقاع ، بالكسر : المقاتلة. وفي الأصل : « في قاعنا ».
    (4) الجسد : جمع جساد ، وهو بالكسر : الزعفران. وفي الأصل : « جسدوا » تحريف.
    (5) أي أهل شعب ، وهو جبل باليمن نزله حسان بن عمرو والحميري ، فمن كان منهم بالكوفة يقال لهم شعبيون ، منهم الشعبي الفقيه ، ومن كان منهم بالشام يقال لهم الشعبانيون ، ومن كان باليمن يقال لهم آل ذي شعبين ، ومن كان بمصر يقال لهم الأشعوب. وقالوا في قوله : * جارية من شعب ذي رعين * : ليس يراد به الموضع ، بل القبيلة.


    كيف رأونا إذ أرادوا الضربا
    ألم نكن عند اللقاء غلبا (1)

    لما ثوي معبدهم منكبا
    وقال المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب :
    يا شرطة الموت صبرا لا يهولكم
    دين ابن حرب فإن الحق قد ظهرا

    وقاتلوا كل من يبغي غوائلكم
    فإنما النصر في الضرا لمن صبرا

    سيفوا الجوارح حد السيف واحتسبوا (2)
    في ذلك الخير وارجوا الله والظفرا

    وأيقنوا أن من أضحى يخالفكم
    أضحى شقيا وأضحى نفسـه خسرا

    فيكم وصي رسول الله قائدكم
    وأهله وكتاب الله قد نشرا

    ولا تخافوا ضلالا لا أبا لكم
    سيحفظ الدين والتقوى لمـن صبرا

    وكتب علي إلى معاوية : أما بعد فإنك قد ذقت ضراء الحرب وأذقتها ، وإني عارض عليكم ما عرض المخارق على بني فالج (3) :
    أيا راكبا إما عرضت فبلغن
    بني فالج حيث استقر قرارها (4)

    هلموا إلينا لا تكونوا كأنكـم
    بلاقع أرض طار عنهـا غبارها

    سليم بن منصور أناس بحـرة
    وأرضهم أرض كثير وبارها (5)

    __________________
    (1) الأغلب : الأسد الغليظ الرقبة.
    (2) سافه يسيفه : ضربه بالسيف. حد السيف ، أي بحد السيف ، فنزع الخافض.
    (3) في الأصل : « فاتح » تحريف. وانظر الحيوان ( 6 : 369 ).
    (4) في الأصل : « بني فاتح » وانظر التنبيه السابق.
    (5) الحرة ، بالفتح : أرض ذات حجارة سود نخرة كأنما أحرقت بالنار. وفي معجم البلدان : « حرة سليم ، هو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان. قال أبو منصور : حرة النار لبني سليم ، وتسمى أم صبار ». وفي الأصل : « تجرة » صوابها ما أثبت. وانظر الحيوان ( 4 : 71 ). والوبار : جمع وبر ، بالفتح : دويبة كالسنور.

    فأجابه معاوية : من معاوية إلى علي : أما بعد ـ عافانا الله وإياك ـ فإني إنما قاتلت على دم عثمان ، وكرهت التوهين (1) في أمره وإسلام حقه ، فإن أدرك به فبها ، وإلا فإن الموت على الحق أجمل من الحياة على الضيم. وإنما مثلي ومثل عثمان كما قال المخارق :
    متى تسلي عن نصرتي السيد لا يجد
    لك السيد بيت السيد عندي مسلما (2)

    إذا حل بيتي عند جاري لم يخف
    غوائل ما يسري إذا الليل أظلما

    وقلت له في الرحب وجهك إنني
    سأمسك عنك الدار أن يتهدما (3)

    فكتب إليه علي بن أبي طالب : أما بعد فإنك وما ترى كما قال أوس ابن حجر :
    وكائن يرى من عاجز متضعف
    جنى الحرب يوما ثم لم يغن ما يجني

    ألم يعلم المهدي الوعيـد بأنني
    سريع إلى ما لا يسر له قرني

    وإن مكاني للمريدين بارز
    وإن برزوني ، ذو كؤود وذو حضن (4)

    فكتب إليه معاوية : عافانا الله وإياك. إنا لم نزل للحرب قادة وأبناء. لم تصب مثلنا ومثلك ، ولكن مثلنا كما قال أوس :
    __________________
    (1) التوهين : الإضعاف. وفي الأصل : « التدهين ».
    (2) السيد ، بالكسر : قبيلة من قبائلهم ، من بني ضبة.
    (3) وجهك : أي الجهة التي تنتويها في السفر. والدار مؤنثة ، وقد تذكر.
    (4) الكؤود : العقبة الشاقة المصعد ، الصعبة المرتقى.


    إذا الحرب حلت ساحة القوم أخرجت
    عيوب رجال يعجبونك في الأمر

    وللحرب يجنيها رجال ومنهم
    إذا ما جناها من يعيد ولا يغني

    وقال الأحنف بن قيس التميمي بصفين وهو مع علي : هلكت العرب! فقال له أصحابه : وإن غلبنا أبا بحر؟ قال : نعم. قالوا : وإن غلبنا؟ قال : نعم. قالوا : والله ما جعلت لنا مخرجا. قال الأحنف : إن غلبنا لم نترك بها رئيسا إلا ضربنا عنقه ، وإن غلبنا لم يعرج [ بعدها ] رئيس عن معصية الله أبدا.
    نصر : وحدثنا عمر بن سعد ، عن الشعبي قال : ذكر معاوية يوما صفين بعد عام الجماعة وتسليم الحسن 7 الأمر إليه ، فقال للوليد بن عقبة : أي بني عمك كان أفضل يوم صفين يا وليد ، عن وقدان الحرب واستشاطة لظاها ، حين قاتلت الرجال على الأحساب؟ قال : « كلهم قد وصل كنفتها (1) ، عند انتشار وقعتها ، حتى ابتلت أثباج الرجال ، من الجريال ، بكل لدن عسال ، وكل عضب قصال ». ثم قال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد : « أما والله لقد رأيتنا (2) يوما من الأيام وقد غشينا ثعبان مثل الطود الأرعن قد أثار قسطلا حال بيننا وبين الأفق ، وهو على أدهم شائل ، يضربهم بسيفه ضرب غرائب الإبل ، كاشرا عن أنيابه ، كشر المخدر الحرب. فقال معاوية : والله إنه كان يجالد ويقاتل عن ترة له وعليه. أراه يعني عليا (3).
    نصر : وحدثنا عمر بن سعد ، عن الشعبي قال : أرسل علي إلى معاوية : ان ابرز لي وأعف الفريقين من القتال ، فأينا قتل صاحبه كان الأمر له. قال
    __________________
    (1) الكنف والكنفة : جانب الشئ. ح ( 2 : 284 ) : « كنفيها ».
    (2) في الأصل : « رأيت » وأثبت ما في ح.
    (3) هذه العبارة ليست في ح.

    عمرو : لقد أنصفك الرجل. فقال معاوية : إني لا كره أن أبارز الأهوج الشجاع (1) ، لعلك طمعت فيها يا عمرو. [ فلما لم يجب ] قال علي : « وانفساه ، أيطاع معاوية وأعصى؟ ما قاتلت أمة قط أهل بيت نبيها وهي مقرة بنبيها إلا هذه الأمة ».
    ثم إن عليا أمر الناس أن يحملوا على أهل الشام ، فحملت خيل علي على صفوف أهل الشام ، فقوضت صفوفهم. قال عمرو يومئذ : على من هذا الرهج الساطع؟ فقيل : على ابنيك عبد الله ومحمد. فقال عمرو : يا وردان ، قدم لواءك. فتقدم فأرسل إليه معاوية : « إنه ليس على ابنيك بأس ، فلا تنقض الصف والزم موقعك ». فقال عمرو : هيهات هيهات!
    الليث يحمي شبليه
    ما خيره بعد ابنيـه

    فتقدم [ باللواء ] فلقى الناس وهو يحمل ، فأدركه رسول معاوية فقال : إنه ليس على ابنيك بأس فلا تحملن. فقال له عمرو : قل له : إنك لم تلدهما ، وإني أنا ولدتهما. وبلغ مقدم الصفوف فقال له الناس : مكانك ، إنه ليس على ابنيك بأس ، إنهما في مكان حريز. فقال : أسمعوني أصواتهما حتى أعلم أحيان هما أم قتيلان؟ ونادى : يا وردان ، قدم لواءك قدر قيس قوسي (2) ، ولك فلانة ـ جارية له ـ فتقدم بلوائه.
    فأرسلي علي إلى أهل الكوفة : أن أحملوا. وإلى أهل البصرة : أن احملوا. فحمل الناس من كل جانب فاقتتلوا قتالا شديدا ، فخرج رجل من أهل الشام فقال : من يبارز؟ فخرج إليه رجل من أصحاب علي فاقتتلا ساعة ، ثم إن العراقي
    __________________
    (1) ح : « الشجاع الأخرق ».
    (2) القيس ، بالكسر ، هو القدر. ونحو هذه الإضافة : دار الآخرة ، وحق اليقين ، وحبل الوريد ، وحب الحصيد. وفي ح : « قيس قوس ».

    ضرب رجل الشامي فقطعها ، فقاتل ولم يسقط إلى الأرض ، ثم ضرب يده فقطعها ، فرمى الشامي بسيفه بيده اليسرى إلى أهل الشام ثم قال : يا أهل الشام ، دونكم سيفي هذا فاستعينوا به على عدوكم. فأخذوه ، فاشترى معاوية ذلك السيف من أولياء المقتول بعشرة آلاف.
    وقال أبو زبيد الطائي يمدح عليا ويذكر بأسه :
    إن عليا ساد بالتكرم
    والحلم عند غاية التحلم

    هداه ربي للصراط الأقوم
    بأخذه الحل وترك المحرم

    كالليث عند اللبوات الضيغم (1)
    يرضعن أشبالا ولما تفطم

    فهو يحمي غيرة ويحتمـي
    عبل الذراعين كريـه شدقم (2)

    مجوف الجوف نبيل المحزم
    نهد كعادي البناء المبهم

    يزدجر الوحي بصوت أعجم
    تسمع بعد الزبر والتقحم

    منه إذا حش له ترمرم (3)
    مندلق الوقع جرى المقدم (4)

    ليث الليوث في الصـدام مصدم
    وكهمس الليل مصك ملـدم (5)

    عفروس آجام عقار الأقـدم (6)
    كروس الذفرى أغم مكدم (7)

    __________________
    (1) في الأصل : « عنده الليوث ».
    (2) شدقم : واسع الشدق. وفي الأصل : « كريه الشدقم » تحريف.
    (3) كذا ورد هذا البيت.
    (4) الاندلاق : الهجوم والتقدم. وفي الأصل : « مندلف » تحريف.
    (5) الكهمس : اسم من أسماء الأسد.
    (6) العفروس ، من أسماء الأسد ، واشتقاقه من العفرسة وهو الصرع والغلبة ، ولم يذكر هذه اللغة ـ صاحب اللسان. وفي القاموس : « العفرس : بالكسر ، والعفريس والعفراس والعفروس والمفرنس كسفرجل : الأسد ». والعقار ، بالضم : القاتل ، وهو من قولهم : كلأ عقار ، أي قاتل للماشية. وفي الأصل : « عفار ». والأقدم ، بفتح الدال : الأسد.
    (7) الكروس : الضخم. والذفري ، بالكسر : عظم شاخص خلف الأذن. والأغم : الذي سال شعره فضاق وجهه وقفاه. والمكدم : الغليظ الشديد. وفي الأصل : « كروس الذفرين عم المكرم ».

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

      الجزء السادس  من كتاب صفين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السادس من كتاب صفين     الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyالأحد 20 أكتوبر 2024 - 9:30


    ذو جبهة غرا وأنف أخثم
    يكنى من البأس أبا محطم (1)

    قسورة النطر صفى شجعم (2)
    صم صمات صلخد صلدم (3)

    مصمت الصم صموت سرطم (4)
    إذا رأته الأسد لم ترمرم (5)

    من هيبة الموت ولم تجمجـم
    رهبة مرهوب اللقاء ضيغم

    مجرمز شـان ضرار شيظم
    عند العراك كالفنيق الأعلم (6)

    يفري الكمـي بالسلاح المعلم
    منه بأنياب ولما تقضم

    ركن مما ضيغ بلحي سلجم (7)
    حامي الذمار وهو لما يكدم

    ترى من الفرس به نضح الدم
    بالنحر والشدقين لون العندم

    أغلب ما رضى (Cool الأنوف الرغم
    إذا الأسود أحجمت لم يحجم

    إذا تناجي النفس قالت صمم
    غمغمة في جوفها المغمغم

    أغضف رئبال خدب فدغم (9)
    منتشر العرف هضيم هيصـم (10)

    قالها أبو زبيد لعلي. وقال علي :
    أنا الذي سمتن أمي حيدره
    رئبال آجام كريه المنظره

    __________________
    (1) البأس : الشدة. وفي الأصل : « من الناس ».
    (2) القسورة : الشجاع. والنطر ، كذا وردت.
    (3) الصم ، بالكسر ، والصمة : من أسماء الأسد لشجاعته. والصلخد : الشديد الماضي. وفي الأصل : « مصلخد » ، ولا يستقيم به الوزن.
    (4) السرطم : الواسع الحلق السريع البلع.
    (5) أي لم تترمرم. أي سكنت ولم تتحرك. وفي الأصل : « ألم ترترم » تحريف.
    (6) الأعلم : المشقوق الشفة العليا. وفي الأصل : « المعلم » تحريف.
    (7) ركن ، كذا وردت. والمماضيغ : الأضراس : وفي الأصل : « مما ضع ». ولحي سلجم : شديد. انظر اللسان ( سلجم ).
    (Cool كذا وردت هذه الكلمة.
    (9) الفدغم : اللحيم الجسيم الطويل في عظم. وفي الأصل : « فدعم » تحريف.
    (10) الهضيم ، بالضاد المعجمة : اللطيف الكشحين. والهيصم ، بالمهملة : الغليظ الشديد الصلب. وهذه الأرجورة لم أجد لها مصدرا أعتمد عليه في تحقيقها.


    عبل الذراعيـن شديد القسوره
    أكيلهم بالصاع كيل السندره

    نصر قال : وحدثني رجل عن مالك الجهني ، عن زيد بن وهب ، أن عليا مر على جماعة من أهل الشام بصفين ، فيهم الوليد بن عقبة وهم يشتمونه ويقصبونه (1) فأخبروه بذلك ، فوقف في ناس من أصحابه فقال : « انهدوا إليهم وعليكم السكينة وسيما الصالحين ووقار الإسلام ، والله لاقرب قوم من الجهل بالله عز وجل قوم قائدهم ومؤدبهم (2) معاوية ، وابن النابغة (3) ، وأبو الأعور السلمي ، وابن أبي معيط ، شارب الحرام ، والمجلود حدا في الإسلام وهم أولاء يقومون فيقصبونني ، ويشتمونني ، وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني ، وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام. فالحمد لله ولا إله إلا الله ، وقديما ما عاداني الفاسقون. إن هذا هو الخطب الجليل. إن فساقا كانوا عندنا غير مرضيين ، وعلى الإسلام وأهله متخوفين ، أصبحوا وقد خدعوا (4) شطر هذه الأمة فأشربوا قلوبهم حب الفتنة ، فاستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان ، وقد نصبوا لنا الحرب ، وجدوا في إطفاء نور الله ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ). اللهم فإنهم قد ردوا الحق فافضض جمعهم ، وشتت كلمتهم ، وأبسلهم بخطاياهم (5) ؛ فإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ».
    نصر ، عن نمير بن وعلة ، عن عامر الشعبي ، أن علي بن طالب مر بأهل راية فرآهم لا يزولون عن موقفهم ، فحرض الناس على قتالهم ـ وذكر
    __________________
    (1) القصب : العيب والشتم ، ومثله التقصيب.
    (2) ح ( 2 : 285 ) : « أقرب بقوم من الجهل قائدهم ومؤدبهم ».
    (3) يعني عمرو بن العاص. واسم أمه « النابغة » وهي من بني عنزة ، كما في أول ترجمته من الإصابة 5877.
    (4) في الأصل : « حتى خدعوا » وأثبت ما في ح ( 2 : 285 ).
    (5) الإبسال : الإهلاك. وفي الكتاب : ( أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا ).

    أنهم غسان ـ فقال : « إن هؤلاء القوم لن يزولوا عن موقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم (1) ، وضرب يفلق الهام ، ويطيح العظام وتسقط منه المعاصم والأكف ، حتى تصدع جباههم وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان. أين أهل الصبر وطلاب الخير؟ أين من يشري وجهه لله عز وجل؟ ». فثابت إليه عصابة من المسلمين فدعا ابنه محمدا فقال له : امش نحو هذه الراية مشيا رويدا على هينتك ، حتى إذا أشرعت في صدورهم الرماح فأمسك يدك حتى يأتيك أمري ورأيي (2). ففعل ، وأعد علي 7 مثلهم مع الأشتر ، فلما دنا منهم وأشرع الرماح في صدورهم ، أمر علي الذين أعدوا فشدوا عليهم ، ونهض محمد في وجوههم ، فزالوا عن مواقفهم ، وأصابوا منهم رجالا ، واقتتل الناس بعد المغرب قتالا شديدا ، فما صلى كثير من الناس إلا إيماء.
    وقال العديل بن نائل العجلي (3) :
    لست أنسى مقام غسان بالت‍ـ
    ل ولو عشت ، ما أظل شمام

    سادة قادة إذا اعصوصب القو
    م ليوم القراع عند الكدام (4)

    ولهم أنديات ناد كرام
    فهم الغر في ذرى الأعلام

    ناوشونا غداة سرنا إليهم
    بالعوالي وبالسيوف الدوامي

    فتولوا ولم يصيبوا حميا
    عند وقع السيوف يوم اللغامي (5)

    __________________
    (1) النسيم : الروح ، كالنسم. قال الأغلب :
    ضرب القدار نقيعة القديم
    يفرق بين النفس والنسيم

    (2) في الأصل : « ورايتي ».
    (3) لم أعثر له على ترجمة. وفي شعرائهم : « العديل بن الفرخ العجلي ».
    (4) اعصوصب القوم : اجتمعوا وصاروا عصابة واحدة. والكدام : شدة القتال ، وفي اللسان : « والكدم والمكدم : الشديد القتال ». وفي الأصل : « الكهام » ولا وجه له.
    (5) كذا وردت هذه الكلمة.


    ورضينا بكل كهل كريم
    ثابت أسه من القمقام (1)

    نصر ، عن رجل ، عن محمد بن عتبة الكندي قال : حدثني شيخ من حضر موت شهد مع علي صفين فقال : كان منا رجل يدعى بهانئ بن نمر (2) ، وكان هو الليث النهد ، فخرج إليه رجل من أهل الشام يدعو إلى المبارزة ، فلم يخرج إليه أحد فقال : سبحان الله ، ما يمنعكم أن يخرج منكم رجل إلى هذا؟ فلولا أني موعوك وأني أجد لذلك ضعفا [ شديدا ] لخرجت إليه. فما رد عليه رجل من أصحابه شيئا ، فوثب (3) فقال أصحابه : سبحان الله تخرج وأنت موعوك؟! قال : والله لأخرجن إليه ولو قتلني. فلما رآه عرفه ، وإذا الرجل من قومه يقال له يعمر بن أسيد (4) الحضرمي ، وبينهما قرابة من قبل النساء ، فقال له : يا هانئ ارجع ، فإنه أن يخرج إلى غيرك أحب إلى ، إني لست أريد قتلك. قال له هانئ : ما خرجت إلا وأنا موطن نفسي على القتل ، [ لا والله ، لأقاتلن اليوم حتى أقتل ] ، ما أبالي قتلتني أنت أو غيرك. ثم مشى نحوه فقال : اللهم في سبيلك وسبيل رسولك ، ونصرا لابن عم نبيك. ثم اختلفا ضربتين ، فقتل هانئ صاحبه ، وشد أصحابه نحوه ، وشد أصحاب هانئ نحوه ، ثم اقتتلوا وانفرجوا عن اثنين وثلاثين قتيلا. ثم إن عليا أرسل إلى الناس : أن احملوا. فحمل الناس على راياتهم كل قوم بحيالهم (5) ، فتجالدوا بالسيوف وعمد الحديد ، لا يسمع إلا صوت ضرب الهامات كوقع المطارق على السنادين (6). ومرت الصلوات كلها ولم يصلوا إلا تكبيرا
    __________________
    (1) القمقام : العدد الكثير. قال ركاض بن أباق :
    * من نوفل في الحسب القمقام *
    (2) ح ( 2 : 285 ) : « بن فهد ».
    (3) في ح : « فقام وشد عليه سلاحه ليخرج ».
    (4) ح : « بن أسد ».
    (5) ح ( 2 : 286 ) : « كل منهم يحمل على من بإزائه ».
    (6) في الأصل : « لا يسمع إلا صوت السنادين » وأثبت ما في ح.

    عند مواقيت الصلاة ، حتى تفانوا ورق الناس ، فخرج رجل بين الصفين لا يعلم من هو ، فقال : أخرج فيكم المحلقون؟ قلنا : لا. قال : إنهم سيخرجون ، ألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم أمر من الصبر ، لهم حمة كحمة الحيات. ثم غاب الرجل ولم يعلم من هو.
    نصر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي يحيى ، عن عبد الرحمن ابن حاطب (1) قال : خرجت ألتمس أخي في القتلى بصفين ، سويدا ، فإذا برجل قد أخذ بثوبي ، صريع في القتلى ، فالتفت فإذا بعبد الرحمن بن كلدة ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هل لك في الماء؟ قال : لا حاجة لي في الماء قد أنفذ في السلاح وخرقني ، ولست أقدر على الشرب ، هل أنت مبلغ عني أمير المؤمنين رسالة فأرسلك بها؟ قلت : نعم. قال : فإذا رأيته فاقرأ عليه مني السلام ، وقل : « يا أمير المؤمنين ، أحمل جرحاك إلى عسكرك ، حتى تجعلهم من وراء القتلى ، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ». ثم لم أبرح حتى مات ، فخرجت حتى أتيت عليا ، فدخلت عليه فقلت : إن عبد الرحمن بن كلدة يقرأ عليك السلام. قال : وعليه ، أين هو؟ قلت : قد والله يا أمير المؤمنين أنفذه السلاح وخرقه فلم أبرح حتى توفي. فاسترجع. قلت : قد أرسلني إليك برسالة. قال : وما هي؟ قلت : قال : « يا أمير المؤمنين ، احمل جرحاك إلى عسكرك حتى تجعلهم من وراء القتلى ، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ». قال : صدق والذي نفسي بيده. فنادى منادي العسكر : أن احملوا جرحاكم إلى عسكركم. ففعلوا ذلك ، فلما أصبح نظر إلى أهل الشام وقد ملوا من الحرب. وأصبح علي فرحل الناس وهو يريد أن ينزل على أهل الشام في عسكرهم ، فقال معاوية : فأخذت معرفة
    __________________
    (1) هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي ، وهو ممن ولد زمن الرسول صلى الله عليه ، وكان ثقة قليل الحديث ، توفي سنة 68 ، وقيل قتل يوم الحرة ، وهذه كانت سنة 63 في أيام يزيد بن معاوية. انظر الإصابة 6196 ومعجم البلدان ( حرة واقم ).

    فرسي (1) ، ووضعت رجلي في الركاب (2) حتى ذكرت أبيات عمرو بن الإطنابة :
    أبت لي عفتي وأبي بلائي
    وأخذي الحمد بالثمن الربيح

    وإجشامي على المكروه نفسي
    وضربي هامة البطل المشيح (3)

    وقولي كلما جشأت وجاشـت
    مكانك تحمدي أو تستريحـي

    فعدت إلى مقعدي فأصبت خير الدنيا.
    وكان على إذا اراد القتال هلل وكبر ثم قال :
    من أي يومي من الموت أفـر
    أيوم ما قدر أم يوم قـدر

    وأقبل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، ومعه لواء معاوية الأعظم ، وهو يقول :
    أنا ابن سيف الله ذاكم خالد
    أضرب كل قدم وساعد

    بصارم مثل الشهاب الواقد
    أنصر عمى إن عمي والدي

    بالجهد ، لابل فوق جهد الجاهد
    ما أنا فيما نابني براقـد

    فاستقبله جارية بن قدامة السعدي وهو يقول :
    اثبت لصدر الرمح يـا ابن خالد
    اثبت لليث ذي فلول حارد

    __________________
    (1) معرفة الفرس : لحمه الذي ينبت عليه العرف ، وهي بفتح الميم والراء.
    (2) في أمالي القالي ( 1 : 258 ) : « في الركاب يوم صفين غير مرة ». وانظر القصة في الكامل 753 وعيون الأخبار ( 1 : 126 ) ومجالس ثعلب 83 ومعجم المرزباني 204 وديوان المعاني ( 1 : 114 ). ورواية الأبيات في حماسة البحتري ( وهي أول مقطوعة فيها ) ولباب الآداب 223 ـ 224.
    (3) في الأصل : « وإعظامي » وأثبت أقرب رواية إليها من المصادر المتقدمة ، وهي رواية المبرد. وفي عيون الأخبار ولباب الآداب واللسان ( 3 : 331 ) : « وإقدامي » وفي معجم المرزباني : « وإكراهي ». وفي الأمالي : « وإعطائي على الإعدام مالي » والبحتري : « على المعسور مالي » وديوان المعاني : « على المكروه مالي ».


    من أسد خفان شديد الساعـد
    ينصر خير راكع وساجد

    من حقه عندي كحق الوالـد
    ذاكم علي كـاشف الأوابـد

    واطعنا مليا ، ومضى عبد الرحمن وانصرف جارية ، وعبد الرحمن لا يأتي على شيء إلا أهمده ، وهو يقول :
    إني إذا ما الحرب فرت عن كبر
    تخالنـي أخزر من غير خزر

    أقحم والخطى في النقع كشر
    كالحية الصماء في رأس الحجـر

    * أحمل ما حملت من خير وشر *
    فغم ذلك عليا ، وأقبل عمرو بن العاص في خيل من بعده فقال : أقحم يا ابن سيف الله فإنه الظفر! وأقبل الناس على الأشتر فقالوا : يوم من أيامك الأول ، وقد بلغ لواء معاوية حيث ترى. فأخذ الأشتر لواءه ثم حمل وهو يقول :
    إني أنا الاشتر معروف الشتر (1)
    إني انا الأفعى العراقي الذكر

    لست من الحي ربيع أو مضر (2)
    لكنني من مذحج الغر الغرر

    فضارب القوم حتى ردهم على أعقابهم ، فرجعت خيل عمرو.
    وقال النجاشي في ذلك :
    رأيت اللواء لواء العقـاب (3)
    يقحمه الشاني الأخزر

    كليث العرين خلال العجاج
    وأقبل في خيله الأبتـر

    دعونا لها الكبش كبش العراق
    وقد خالط العسكر العسكـر (4)

    __________________
    (1) الشتر : انقلاب جفن العين من أعلى وأسفل وتشنجه.
    (2) ربيع : مرخم ربيعة لغير نداء. وفي الأصل : « ربيعة ومضر » ولا يستقيم به الوزن. والصواب ما أثبت من مروج الذهب ( 2 : 21 ).
    (3) ح ( 2 : 285 ) : « ولما رأينا اللواء العقاب ».
    (4) ح : « وقد أضمر الفشل العسكر ».


    فرد اللواء على عقبه
    وفاز بحظوتها الأشتر

    كما كان يفعل في مثلها
    إذا ناب معصوصب منكـر (1)

    فإن يدفع الله عن نفسه
    فحظ العراق بها الأوفـر (2)

    إذا الأشتر الخير خلى العراق
    فقد ذهب العرف والمنكر

    وتلك العراق ومن قـد عرفت
    كفقع تنبته القرقر (3)

    وذكروا أنه لما رد لواء معاوية ورجعت خيل عمرو اشرأب (4) لعلي همام بن قبيصة ، وكان من أشتم الناس لعلي ، وكان معه لواء هوازن ، فقصد لمذحج وهو يقول :
    قد علمت حـوراء كالتمثال (5)
    أني إذا ما دعيت نزل

    أقدم إقدام الهزبر الغالي
    أهل العراق إنكم من بالي

    كل تلادي وطريف مالي
    حتى أنال فيكم المعالي

    أو أطعم الموت وتلكم حالـي
    في نصر عثمان ولا أبالي

    فقال عدي بن حاتم لصاحب لوائه : ادن مني. فأخذه وحمل وهو يقول :
    يا صاحب الصوت الرفيع العالي
    إن كنت تبغي في الوغى نزالي

    __________________
    (1) ناب : نزل ، والنوائب : النوازل. وفي الأصل : « ثاب » صوابه في ح.
    (2) بها ، أي بنفسه ، أو بتلك الفعلة. وفي ح : « به » أي بشخصه.
    (3) الفقع : البيضاء الرخوة من الكمأة. والقرقر : الأرض المطمئنة اللينة. يقال : « أذل من فقع بقرقر » ، لأن الدواب تنجله بأرجلها. وتنبته : نماه وغذاه ، ولم أجد تفسير هذه الكلمة إلا في شرح الشنتمري للبيت الذي أنشده سيبويه في ( 1 : 368 ) ، وهو :
    إلا كناشرة الذي كلفتم
    كالغصن في غلوائه المتنبت

    وفي ح : « تضمنه القرقر ».
    (4) اشرأب : ارتفع وعلا. وفي الأصل : « أشدب » تحريف.
    (5) في الأصل : « قد علمت الخود » ولا يستقيم بها الوزن. ولم ترد المقطوعة في مظنها من ح.


    فادن فإني كاشف عن حالي
    تفدي عليا مهجتي ومالي

    * وأسرتي يتبعها عيالـي *
    فضربه وسلب لواءه ، فقال ابن حطان وهو شامت به :
    أهمام لا تذكـر مدى الدهـر فارسـا
    وعض على ما جئته بالأباهم

    سما لك يوما في العجاجة فـارس
    شديد القفيز ذو شجـا وغماغم (1)

    فوليته لما سمعت نداءه
    تقول له خذ يا عدي بـن حاتم

    فأصبحت مسلوب اللواء مذبذبا
    وأعظم بهذا مـن شتيمة شاتم

    ثم حمل خزيمة بن ثابت وهو يقول :
    قد مر يومـان وهذا الثالث
    هـذا الذي يلهث فيه اللاهث

    هذا الذي يبحث فيـه الباحث
    كم ذا يرجى أن يعيش الماكث

    النـاس موروث ومنهم وارث
    هذا علي من عصاه ناكث

    فقتل. ثم خرج خالد بن خالد الأنصاري وهو يقول :
    هذا علي والهدى أمامه
    هذا لوا نبينـا قدامه

    يقحمه في بقعة إقدامه
    لا جبنه نخشى ولا أثامه

    * منه غداه وبه إدامه *
    فطعن ساعة ثم رجع. ثم حمل جندب بن زهير وهو يقول :
    هذا علي والهدى حقا معه
    يا رب فاحفظه ولا تضيعه

    فإنه يخشاك ربي فارفعـه
    نحن نصرناه على مـن نازعه

    صهر النبي المصطفى قد طاوعه
    أول من بايعه وتـابعه

    __________________
    (1) القفيز ، كذا في الأصل ، ولعلها : « القصيري » وهي أسفل الأضلاع. وأنشد في اللسان :
    لا تعدليني بظرب جعد
    كز القصيري مقرف المعد


    وأقبل الأشتر يضرب بسيفه وهو يقول :
    أضربهم ولا أرى معاويه
    الأخزر العين العظيم الحاوية

    هوت به في النار أم هاويه
    جاوره فيها كلاب عاويه

    أغوى طغاما لا هدته هاديه
    قال : وذكروا أن عمرو بن العاص لما رأى الشر استقبل ، فقال له معاوية : ائت ببني أبيك فقاتل بهم ، فإنه إن يك عند أحد خير فعندهم. فأتى جماعة أهل اليمن فقال : أنتم اليوم الناس وغدا لكم الشان ، هذا يوم له ما بعده من الأمر ، حملوا معي على هذا الجمع. قالوا : نعم. فحملوا وحمل عمرو وهو يقول :
    أكرم بجمع طيـب يمان
    جدوا تكونوا أولياء عثمـان

    إني أتاني خبر فأشجان(1)
    أن عليا قتـل ابن عفان (2)

    خليفة الله على تبيان
    ردوا علينا شيخنا كما كـان (3)

    فرد على عمرو :
    أبت شيوخ مذحج وهمدان
    بأن نرد نعثلا كمـا كان

    خلقـا جديدا مثل خلق الرحمن (4)
    فقال عمرو بن الحمق : دعوني والرجل ، فإن القوم قومي. فقال ابن بديل : دع الجمع يلقى بعضهم بعضا. فأبي عليه ، وحمل وهو يقول :
    __________________
    (1) في الأصل : « فجان » صوابه مما سبق ص 228.
    (2) في الأصل : « نال من عفان » صوابه مما سبق ص 228.
    (3) في الأصل : « مكاني » صوابه مما سبق ص 228.
    (4) في الأصل : « بعد خلق الرحمن » صوابه مما سبق ص 228.


    بؤسا لجند ضائع يمان
    مستوسقيـن كاتسـاق الضان (1)

    تهوى إلى راع لها وسنان
    أقحمها عمـرو إلى الهوان

    يا ليت كفي عدمت بناني
    وأنكم بالشحر من عمان

    مثل الذي أفناكم أبكانـي
    ثم طعن في صدره فقتله ، وولت الخيل ، وزال (2) القوم عن مراكزهم. ثم إن حوشبا ذا ظليم ، وهو يومئذ سيد أهل اليمن ، أقبل في جمعه وصاحب لوائه يقول :
    نحن اليمانون ومنا حوشب
    أذا ظليم أين منا المهرب (3)

    فينا الصفيـح والقنا المعلـب (4)
    والخيل أمثال الوشيج شزب (5)

    إن العراق حبلـها مذبذب
    إن عـليـا فيكم محبب

    في قتل عثمان وكل مذنب
    فحمل عليه سليمان (6) بن صرد الخزاعي وهو يقول :
    يالك يوما كاسفا عصبصبـا (7)
    يالك يومـا لا يـواري كوكبا (Cool

    يأيها الحي الذي تذبذبا
    لسنا نخاف ذا ظليم حوشبا

    __________________
    (1) الاستيساق والاتساق : الاجتماع. وفي اللسان ( 12 : 260 ) : « واتسقت الإبل واستوسقت : اجتمعت».
    (2) في الأصل : « وأزال ».
    (3) أي يا ذا ظليم. وفي الأصل : « أنا ظليم » تحريف.
    (4) علب السيف والسكين والرمح ، فهو معلوب ، وعلبه تعليبا : حزم مقبضه بعلباء البعير ، والعلباء ، بالكسر : عصب العنق. وفي الأصل : « مغلب » بالغين المعجمة ، تحريف.
    (5) الوشيج : الرماح. شزب : ضوامر ، جمع شازب. وفي الأصل : « شذب » بالذال ، تحريف.
    (6) في الأصل : « سليم » ، تحريف.
    (7) الكاسف : العبوس. وفي الأصل : « كاشفا » تحريف.
    (Cool كأن نجومه ظاهرة لشدة ظلامه واحتجاب شمسه ، لما ثار من الغبار.


    لأن فينا بطلا مجربا
    ابن بديل كالهزبر مغضبـا

    أمسى علي عندنا محببا
    نفديه بالأم ولا نبقي أبا

    فطعنه وقتله ، واستدار القوم ، وقتل حوشب وابن بديل ، وصبر بعضهم لبعض ، وفرح أهل الشام بمقتل هاشم.
    وقال جريش السكوني مع علي :
    معاوي ما أفـلت إلا بجرعة
    من الموت رعبا تحسب الشمس كوكبا

    نجوت وقد أدميت بالسوط بطنه
    أزوما على فأس اللجام مشذبـا (1)

    فلا تكفرنه واعلمن أن مثلها
    إلى جنبها ما دارك الجـرى أو كبا (2)

    فإن تفخروا بابني بديل وهاشم
    فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا

    وإنهما ممن قتلتم على الهدى
    ثواء فكفوا القـول ننسى التحوبـا (3)

    فلما رأينا الأمر قد جد جـده
    وقد كان مما يترك الطفل أشيبا

    صبرنا لهم تحت العجاج سيوفنا
    وكان خلاف الصبـر جدعـا موعبـا

    فلـم نلف فيها خاشعيـن أذلـة
    ولم يك فيها حبلنا متذبذبا

    __________________
    (1) الأزوم : الشديد العض. وفي اللسان : « وأزم الفرس على فاس اللجام : قبض ». وفي الأصل : « لزوما » تحريف. والمشذب : الفرس الطويل ليس بكثير اللحم.
    (2) دارك الجرى : تابعه. وفي الأصل : « مالا بك الجرى ».
    (3) الثواء : الإقامة. والتحوب : التغيظ والتوجع.


    كسرنا القنـا حتى إذا ذهـب القنا
    صبرنا وفللنا الصفيح المجربا (1)

    فلم نر في الجمعين صادف خده
    ولا ثانيا من رهبة الموت منكبا (2)

    ولم نر إلا قحـف رأس وهامة
    وساقـا طنونـا أو ذراعا مخضبـا (3)

    واختلط أمرهم حتى ترك أهل الرايات مراكزهم ، وأقحم أهل الشام من آخر النهار ، وتفرق الناس عن على ، فأتى ربيعة [ ليلا فكان (4) فيهم ، وأقبل عدي ابن حاتم يطلب عليا في موضعه الذي تركه فيه فلم يجده ، فطاف يطلبه ] ، فأصابه في مصاف ربيعة فقال : « يا أمير المؤمنين : أما إذ كنت حيا فالأمر أمم (5) ، ما مشيت إليك إلا على قتيل ، وما أبقت هذه الوقعة لنا ولهم عميدا ، فقاتل حتى يفتح الله عليك ؛ فإن في القوم بقية بعد ». وأقبل الأشعث يلهث جزعا ، فلما رأى عليا هلل وكبر وقال : يا أمير المؤمنين خيل كخيل ، ورجال كرجال ، ولنا الفضل [ عليهم ] إلى ساعتنا هذه ، فعد إلى مقامك الذي كنت [ فيه ] ، فإن الناس إنما يظنونك حيث تركوك ». وأرسل سعيد بن قيس [ الهمداني إلى علي 7 ] : « إنا مشتغلون (6) بأمرنا [ مع القوم ] وفينا فضل ، فإن أردت أن نمد أحدا أمددناه ».
    وأقبل علي على ربيعة فقال : « أنتم درعي ورمحي » ـ [ قال : فربيعة تفخر بهذا الكلام إلى اليوم ] ـ فقال عدي بن حاتم : « يا أمير المؤمنين ، إن قوما أنست [ بهم ] وكنت فيهم في هذه الجولة ، لعظيم حقهم علينا.
    __________________
    (1) الصفيح ، عني به السيوف. والمجرب ، لعلها « المحرب » وهو المحدد المذرب.
    (2) صدف خده : أعرض به. وفي الأصل : « صارف حده ».
    (3) الطنون : التي أطنها الضارب ، أي أسرع قطعها فطنت. وهذا الوصف لم تذكره المعاجم. وفي الأصل : « ظنونا » ووجهه ضعيف.
    (4) في الأصل : « وكان ».
    (5) أمم ، أي قريب. وفي ح ( 2 : 286 ) : « أهم » تحريف.
    (6) في الأصل : « مستقبلون » وأثبت ما في ح.

    والله إنهم لصبر عند الموت ، أشداء عند القتال ».
    وركب علي 7 فرسه الذي كان لرسول الله ، وكان يقال له « المرتجز » ، [ فركبه ] ثم تقدم (1) [ أمام الصفوف ثم قال : بل البغلة بل البغلة. فقدمت له ] بغلة رسول الله صلي الله عليه « الشهباء » ، فركبها ثم تعصب بعمامة رسول الله السوداء ثم نادي : أيها الناس ، من يشر نفسه لله يربح. هذا يوم له ما بعده. إن عدوكم قد مسه القرح كما مسكم (2) ».
    فانتدب له ما بين عشرة آلاف (3) إلى اثنى عشر ألفا [ قد ] وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، وتقدمهم علي منقطعا على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول :
    دبوا دبيب النمل لا تقوتوا
    وأصبحوا بحربكم (4) وبيتوا

    حتى تنالوا الثأر أو تموتوا
    أولا فإني طالما عصيت

    قد قلتم لو جئتنا ، فجيـت
    ليس لكم ما شئتـم وشيت

    بل ما يريد المحيى المميت
    وتبعه ابن عدي بن حاتم بلوائه وهو يقول :
    أبعد عمار وبعد هاشم
    وابن بديل فارس الملاحم

    نرجو البقاء مثل حكم الحالم
    وقد عضضنا أمس بالأباهم

    فاليوم لا نقرع سن نادم
    ليس امرؤ من يومه (5) بسالم

    __________________
    (1) في الأصل : « ثم قدم علي » صوابه من ح.
    (2) القرح ، بالضم : ألم الجراح ، وبالفتح : الجراح بأعيانها. وبهما قرئ قوله تعالى : ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ). انظر اللسان ( 3 : 392 ).
    (3) في الأصل : « بين العشرة الآف » صوابه من ح.
    (4) ح : « حربكم ».
    (5) ح : « من حتفه ».

    وتقدم الأشتر وهو يقول :
    حرب بأسباب الردى تأجج
    يهلك فيها البطل المدجج

    يكفيكها همدانها ومذحج
    قوم إذا ما أحمشوها أنضجوا (1)

    روحوا إلى الله ولا تعرجوا
    دين قويم وسبيل منهـج

    وحمل الناس حملة واحدة فلم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض ، وأهمدوا ما أتوا عليه (2) حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية (3) ، وعلي يضربهم بسيفه ويقول :
    أضربهم ولا أرى معاويه
    الأخزر العين العظيم الحاويه

    * هوت به في النار أم هاويه *
    فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه ، فلما وضع رجله في الركاب تمثل بأبيات عمرو بن الإطنابة (4) :
    أبت لي عفتي وأبى بلائي
    وأخذي الحمد بالثمن الربيح

    وإجشامي (5) على المكروه نفسي
    وضربي هامة البطل المشيح

    وقولي كلما جشأت وجاشت
    مكانك تحمدي أو تستريحي

    لأدفع عـن مآثر صالحات
    وأحمى بعد عن عرض صحيح

    بذي شطب كلون الملح صـاف
    ونفس ما تقر على القبيـح

    وقال : « يا ابن العاص ، اليوم صبر ، وغدا فخر ». صدقت ، إنا وما نحن
    __________________
    (1) في الأصل : « انقبجوا ». والمقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
    (2) ح ( 2 : 286 ) : « وأهمد أهل العراق ما أتوا عليه ».
    (3) المضرب ، بكسر الميم : فسطاط الملك.
    (4) سبق إنشاد الأبيات في ص 395.
    (5) في الأصل : « وإعظامي على المكروه » وانظر ما سبق في ص 395.

    فيه كما قال ابن أبي الأقلح (1) :
    ما علني وأنا رام نابل (2)
    والقوس فيها وتر عنابل (3)

    تزل عن صفحتها المعابل(4)
    الموت حق والحياة باطل

    فثثى معاوية رجله من الركاب ونزل واستصرخ بعك والأشعريين ، فوقفوا دونه (5) وجالدوا عنه ، حتى كره كل من الفريقين صاحبه وتحاجز الناس. قال الشني في ذلك :
    أتانا أمير المؤمنين فحسبنا
    على الناس طرا أجمعين بها فضلا

    على حين أن زلت بنا النعل زلة
    ولم تترك الحرب العوان لنا فحلا

    وقد أكلت منا ومنهم فوارسا
    كما تأكل النيران ذا الحطـب الجزلا

    وكنا له في ذلك اليوم جنة
    وكنا له من دون أنفسنـا نعلا

    فأثني ثناء لم ير الناس مثله
    على قومنا طرا وكنا لـه أهـلا

    ورغبه فينا عـدي بن حاتم
    بأمر جميل صدق القـول والفعلا

    فإن يك أهل الشام أودوا بهاشـم
    وأودوا بعمار وأبقوا لنا ثكلا

    __________________
    (1) ح ( 2 : 287 ) : « كقول القائل ». وفي الأصل : « ابن الأفلح » وهو نقص وتحريف. وابن أبي الأقلح ، بالقاف ، كما في الإصابة 4340 والقاموس « قلح ». وهو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قيس بن عصمة الأنصاري. وهو صحابي جليل ، وكان المشركون قد أرادوه بأذى ، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته منهم ، وسمي لذلك : « حمى الدبر ».
    (2) في اللسان ( عنبل ) : « وأنا طب خاتل ».
    (3) الوتر العنابل ، بضم العين : الغليظ الصلب المتين.
    (4) المعابل : جمع معبلة ، وهي النصل الطويل العريض. وفي اللسان : « صفحته » أي صفحة الوتر. لكن في اللسان ( 13 : 448 ص 11 ) : « عن صفحتي » ، وإخال هذه محرفة.
    (5) في الأصل : « فرفعوا دونه » وأثبت ما في ح ( 2 : 287 ).


    وبابني بديل فارسي كل بهمة
    وغيث خزاعي به ندفع المحلا (1)

    فهذا عبيد الله والمرء حوشب
    وذو كلع أمسـوا بساحتهم قتلى

    ثم إن معاوية لما أسرع أهل العراق في أهل الشام قال : « هذا يوم تمحيص. إن القوم قد أسرع فيهم كما أسرع فيكم. اصبروا يومكم هذا وخلاكم ذم ». وحضض علي أصحابه ، فقام إليه الأصبغ بن نباتة التميمي فقال : يا أمير المؤمنين إنك جعلتني على شرطة الخميس ، وقدمتني في الثقة دون الناس ، وإنك اليوم لا تفقد لي صبرا ولا نصرا. وأما أهل الشام فقد هدهم ما أصبنا منهم ، ونحن ففينا (2) بعض البقية ، فاطلب بنا أمرك وأذن لي في التقدم. فقال له علي : « تقدم باسم الله ». وأقبل الأحنف بن قيس السعدي فقال : يا أهل العراق ، والله لا تصيبون هذا الأمر أذل عنقا منه اليوم ، قد كشف القوم عنكم قناع الحياء وما يقاتلون على دين ، وما يصبرون إلا حياء (3) ، فتقدموا. فقالوا : إنا إن تقدمنا اليوم فقد تقدمنا أمس فما تقول يا أمير المؤمنين؟ قال : « تقدموا في موضع التقدم ، وتأخروا في موضع التأخر. تقدموا من قبل أن يتقدموا إليكم ».
    وحمل أهل العراق وتلقاهم أهل الشام فاجتلدوا ، وحمل عمرو بن العاص معلما وهو يقول :
    شدوا على شكتى لا تنكشف
    بعد طليح والزبير فأتلف

    يوم لهمدان ويوم للصـدف (4)
    وفي تميـم نخوة لا تنحرف

    __________________
    (1) يقال فلان فارس بهمة ، كما يقال ليث غابة ، والبهمة ، بالضم : الجيش.
    (2) في الأصل : « نفينا ».
    (3) لعلها : « إلا حبا في الدنيا ».
    (4) الصدف ، بكسر الدال : لقب عمرو بن مالك بن أشرس بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان ، انظر نهاية الأرب ( 2 : 304 ثم 303 ). والنسبة إليه « صدفي » بالتحريك.


    أضربها بالسيف حتى تنصرف
    إذا مشيت مشية العود الصلف

    ومثلها لحمير ، أو تنحرف
    والربعيون لهم يوم عصف (1)

    فاعترضه علي وهو يقول :
    قد علمت ذات القـرون الميل
    والخصر والأنامـل الطفول (2)

    إني بنصل السيـف خنشليل (3)
    أحمى وأرمى أول الرعيل

    بصارم ليس بذي فلول
    ثم طعنه فصرعه واتقاه عمرو برجله ، فبدت عورته ، فصرف علي وجهه عنه وارتث ، فقال القوم : أفلت الرجل يا أمير المؤمنين. قال : وهل تدرون من هو؟ قالوا : لا قال : فإنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهي عنه.
    ورجع عمرو إلى معاوية فقال له : ما صنعت يا عمرو؟ قال : لقيني علي فصرعني. قال : احمد الله وعورتك ، أما والله أن لو عرفته ما أقحمت عليه. وقال معاوية في ذلك :
    ألا لله من هفوات عمرو
    يعاتبني على تركي برازي

    فقد لاقى أبا حسن عليـا
    فآب الوائلي مـآب خازي

    فلو لم يبد عورته للاقـى
    به ليثا يذلل كل نازي

    له كف كأن براحتيهـا
    منايا القوم يخطف خطف بازي

    __________________
    (1) المقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
    (2) الطفول : جمع طفل. بالفتح ، وهو الرخص الناعم ، قال ابن هرمة :
    متى ما يغفل الواشون تومئ
    بأطراف منعمة طفول

    (3) في البيت إقواء ، وأنشد في اللسان بدون نسبة :
    قد علمت جارية عطبول
    أني بنصل السيف خنشليل

    والخشليل : الجيد الضرب بالسيف ، ومثله الخنشل.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

      الجزء السادس  من كتاب صفين Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السادس من كتاب صفين     الجزء السادس  من كتاب صفين Emptyالأحد 20 أكتوبر 2024 - 9:32

    فإن تكن المنايا أخطأته
    فقد غنى بها أهل الحجـاز

    فغضب عمرو وقال : ما أشد تغبيطك عليا في أمري هذا (1) ، هل هو إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه ، أفترى السماء قاطرة لذلك دما؟! قال : ولكنها معقبة لك خزيا (2).
    قال : وتقدم جندب بن زهير برايته وراية قومه وهو يقول : والله لا أنتهى حتى أخضبها! فخضبها مرارا إذ اعترضه رجل من أهل الشام فطعنه ، فمشى إلى صاحبه في الرمح حتى ضربه بالسيف فقتله.
    ثم إن معاوية دعا أخاه عتبة بن أبي سفيان فقال : الق الأشعث بن قيس ، فإنه إن رضي رضيت العامة. وكان عتبة لا يطاق لسانه (3). فخرج عتبة فنادى الأشعث بن قيس ، فقال الناس : يا أبا محمد ، هذا الرجل يدعوك. فقال الأشعث : كما يكون الرجل فسلوه من هو. فقال : أنا عتبة بن أبي سفيان. فقال الأشعث بن قيس : غلام مترف ولا بد من لقائه. [ فخرج إليه ] فقال : ما عندك يا عتبة؟ فقال : أيها الرجل ، إن معاوية لو كان لاقيا رجلا غير علي للقيك ، إنك رأس أهل العراق ، وسيد أهل اليمن ، وقد سلف من عثمان إليك ما سلف من الصهر والعمل ، ولست كأصحابك. أما الأشتر فقتل عثمان ، وأما عدي فحرض عليه ، وأما سعيد فقلد عليا ديته (4) ، وأما شريح وزحر ابن قيس فلا يعرفان غير الهوى ، وإنك حاميت عن أهل العراق تكرما ، ثم حاربت أهل الشام حمية ، وقد بلغنا والله منك وبلغت منا ما أردت ،
    __________________
    (1) التغبيط ، هو كما ورد في الحديث « أنه جاء وهم يصلون في جماعة فجعل يغبطهم ». قال ابن الأثير : « هكذا روى بالتشديد ، أي يحملهم على الغبط ويجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه ». وفي الأصل : « تعظيمك عليا في كسرى هذا » وأثبت ما في ح.
    (2) في الأصل : « تعقبك جبنا » وأثبت ما في ح.
    (3) ح : « وكان عتبة فصيحا ».
    (4) في الأصل : « دينه » والوجه ما أثبت من ح.

    وإنا لا ندعوك إلى ترك علي ونصر معاوية ، ولكنا ندعوك إلى البقية (1) التي فيها صلاحك وصلاحنا.
    فتكلم الأشعث فقال : يا عتبة ، أما قولك إن معاوية لا يلقى إلا عليا فإن لقيني والله لما عظم عني ولا صغرت عنه ، فإن أحب أن أجمع بينه وبين علي فعلت. وأما قولك إني رأس أهل العراق وسيد أهل اليمن فإن الرأس المتبع والسيد المطاع هو علي بن أبي طالب 7. وأما ما سلف من عثمان إلى فوالله ما زادني صهره شرفا ، ولا عمله عزا. وأما عيبك أصحابي فإن هذا لا يقربك مني ولا يباعدني عنهم. وأما محاماتي عن أهل العراق فمن نزل بيتا حماه. وأما البقية فلستم بأحوج إليها منا ، وسنرى رأينا فيها إن شاء الله.
    فلما بلغ معاوية كلام الأشعث قال : « يا عتبة ، لا تلقه بعدها ، فإن الرجل عظيم عند نفسه ، وإن كان قد جنح للسلم ». وشاع في أهل العراق ما قاله عتبة للأشعث وما رده الأشعث عليه :
    وقال النجاشي يمدحه :
    يا ابن قيس وحارث ويزيد
    أنت والله رأس أهل العراق

    أنت والله حية تنفث السم
    قليل فيها غناء الراقي

    أنت كالشمس والرجال نجوم
    لا يرى ضوؤها مـع الإشراق

    قد حميت العراقي بالأسل السم‍
    ر وبالبيض كالبروق ، الرقاق

    وأجبناك إذ دعوت إلـى الشا
    م على القب كالسحـوق العتاق (2)

    __________________
    (1) البقية : الإبقاء. والعرب تقول للعدو إذا غلب : « البقية » أي أبقوا علينا ولا تستأصلونا. قال الأعشى :
    * قالوا البقية والخطى يأخذهم *
    (2) القب : الخيل الضامرة. والسحوق ، بالفتح : النخلة الطويلة.


    وسعرت القتال في الشام بالبي‍
    ض المواضي وبالرماح الدقاق (1)

    لا نرى غير أذرع وأكف
    ورؤوس بهامهـا ، أفـلاق (2)

    كلما قلت قد تصرمت الهي‍
    جاء سقيتهم بكـأس دهـاق (3)

    قد قضيت الذي عليك مـن الحق
    وسارت بـه القلاص المناقي (4)

    وبقي حقك العظيم على النـا
    س وحـق المليك صعب المراقي

    أنت حلو لمن تقرب بالود
    وللشانئين مر المذاق

    لابس تاج جده وأبيه
    لو وقـاه ردى المنية واق (5)

    بئس مـا ظنه ابن هند ومن مث‍ـ
    لك للناس عنـد ضيق الخناق

    قال : وإن معاوية لما يئس من جهة الأشعث قال لعمرو بن العاص : إن رأس الناس بعد علي هو عبد الله بن عباس ، فلو ألقيت إليك كتابا لعلك ترققه به (6) ؛ فإنه إن قال شيئا لم يخرج علي منه ، وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل [ إلى ] العراق إلا بهلاك أهل الشام. قال له عمرو : إن ابن عباس لا يخدع ، ولو طمعت فيه [ ل‍ ] طمعت في علي. فقال معاوية : على ذلك ، فاكتب إليه.
    فكتب إليه عمرو : « أما بعد فإن الذي نحن وأنتم فيه ليس بأول أمر (7)
    __________________
    (1) في الأصل :
    وأدرنا كأس المنية في الفت‍
    نة بالضرب والطعان الدقاق

    وقد أشير في هامش الأصل إلى هذه الرواية التي أثبتها من ح.
    (2) أفلاق : جمع فلق ، بالكسر ، وهو المفلوق.
    (3) كذا في ح وهامش الأصل عن نسخة. وفي الأصل :
    كلما قلت قد تصرمت الحر
    ب سقانا ردى المنية ساق

    (4) المناقي : جمع منقية ، كمحسنة ، وهي الناقة ذات الشحم.
    (5) في الأصل : « لدى المنية ».
    (6) في الأصل : « ترفقه به » وأثبت وجهه من ح ( 2 : 288 ).
    (7) في الأصل. « ليس بأمر » وأثبت ما في ح.

    قاده البلاء ، وساقته العافية (1) ، وأنت رأس هذا الجمع (2) بعد علي ، فانظر فيما بقي ودع ما مضى ، فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولكم حياة (3) ولا صبرا. واعلموا أن الشام لا تملك إلا بهلاك العراق ، وأن العراق لا تملك إلا بهلاك الشام ، وما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم ، وما خيركم بعد هلاك أعدادكم منا. ولسنا نقول ليت الحرب غارت (4) ، ولكنا نقول ليتها لم تكن ، وإن فينا من يكره القتال كما أن فيكم من يكرهه ، وإنما هو أمير مطاع أو مأمور مطيع ، أو مؤتمن مشاور ، وهو أنت. وأما الأشتر الغليظ الطبع ، القاسي [ القلب ] ، فليس بأهل أن يدعى في الشورى ولا في خواص أهل النجوى ».
    وكتب في أسفل الكتاب :
    طال البلاء وما يرجـى له آس
    بعد الإله سوى رفق ابـن عباس

    قولا له قول مـن يرضـى بحظوته (5)
    لا تنس حظك إن الخاسر الناسي

    يا ابن الذي زمزم سقيا الحجيج له
    أعظم بذلك من فخر على الناس

    كل لصاحبه قرن يساوره
    أسد العرين أسود بين أخياس (6)

    __________________
    (1) هذه الجملة ليست في ح.
    (2) في الأصل : « أهل الجمع » وأثبت ما في ح.
    (3) في الأصل : « حياء ».
    (4) في الأصل وح : « عادت ».
    (5) ح : « قول من يرجو مودته ».
    (6) يساوره : يواثبه. وفي الأصل : « يشاوره » تحريف. والبيت لم يرو في ح. والأخياس : جمع خيس ، بالكسر ، وهو الشجر الكثير الملتف.


    لو قيس بينهم في العرب لا عتدلوا
    العجز بالعجز ثم الراس بالـراس

    انظر فدىً لك نفسِى قَبْلَ قاصمةٍ
    للظهر ليس لها راق ولا آسى

    إن العراق وأهل الشام لن يجـدوا
    طعم الحياة مع المستغلق القاسي

    بسر وأصحاب بسـر والذين هم
    داء العراق رجال أهل وسواس

    قوم عراة من الخيرات كلهم
    فما يساوي به أصحـابه كاسي

    إني أرى الخير في سلم الشآم لكـم
    والله يعلم ، ما بالسلم من باس

    فيها التقى وأمور ليـس يجهلها
    إلا الجهول وما النوكى كأكياس

    قال : فلما فرغ من شعره عرضه على معاوية فقال معاوية : « لا أرى كتابك على رقة شعرك ». فلما قرأ ابن عباس الكتاب أتى به عليا فأقرأه شعره فضحك وقال : « قاتل الله ابن العاص ، ما أغراه بك يا ابن العباس ، أجبه وليرد عليه شعره الفضل بن العباس ، فإنه شاعر ». فكتب ابن عباس إلى عمرو :
    « أما بعد فإني لا أعلم رجلا من العرب أقل حياء منك ، إنه مال بك معاوية إلى الهوى ، وبعته دينك بالثمن اليسير ، ثم خبطت بالناس في عشوة

    طمعا في الملك (1) ، فلما لم تر شيئا أعظمت الدنيا إعظام أهل الذنوب (2) ، وأظهرت فيها نزاهة أهل الورع (3) ، فإن كنت ترضى الله بذلك فدع مصر وارجع إلى بيتك وهذه الحرب ليس فيها معاوية كعلي ، ابتدأها علي بالحق وانتهى فيها إلى العذر ، وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف ، وليس أهل العراق فيها كأهل الشام ، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم ، وبايع معاوية أهل الشام وهم خير منه. ولست أنا وأنت فيها بسواء ، أردت الله وأردت أنت مصر. وقد عرفت الشيء الذي باعدك مني ، ولا أرى (4) الشيء الذي قربك من معاوية. فإن ترد شرا لا نسبقك به ، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه. [ والسلام ] ».
    ثم دعا [ أخاه ] الفضل بن العباس فقال له : يا ابن أم ، أجب عمرا. فقال الفضل :
    يا عمرو حسبك من خدع ووسواس
    فاذهب فليس لداء الجهل من آسى

    إلا تواتر طعن في نحوركم
    يشجي النفوس ويشفي نخوة الراس

    هذا الدواء الذي يشفي جماعتكم
    حتى تطيعوا عليا وابن عباس

    أما علي فإن الله فضله
    بفضل ذي شرف عال على الناس

    إن تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة
    أو تبعثوها فإنا غير أنكاس

    قد كان منا ومنكم في عجاجتهـا
    ما لا يرد وكل عرضة البـاس

    قتلى العراق بقتلى الشام ذاهبة
    هذا بهذا وما بالحق من بـاس

    __________________
    (1) ح ( 1 : 288 ) : « في الدنيا ».
    (2) بدل هذه العبارة في ح : « فاعظمتها إعظام أهل الذنيا ».
    (3) النزاهة : التباعد عن السوء كالتنزه. وفي الأصل : « النزهة ». وفي ح : « ثم تزعم أنك تتنزه عنها تنزه أهل الورع ».
    (4) ح : « ولا أعرف ».


    لا بارك الله في مصر لقد جلبت
    شرا وحظك منها حسوة الكـاس

    يا عمرو إنك عار من مغارمهـا
    والراقصات ومن يوم الجزا كاسي

    ثم عرض الشعر والكتاب على علي فقال : « لا أراه يجيبك بشيء بعدها إن كان يعقل ، ولعله يعود فتعود عليه ». فلما انتهى الكتاب إلى عمرو أتى به معاوية فقال : « أنت دعوتني إلى هذا ، ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب ». فقال : « إن قلب ابن عباس وقلب علي قلب واحد ، كلاهما ولد عبد المطلب ، وإن كان قد خشن فلقد لان ، وإن كان قد تعظم أو عظم صاحبه فلقد قارب وجنح إلى السلم ». وإن معاوية كان يكاتب ابن عباس وكان يجيبه بقول لين ، وذلك قبل أن يعظم الحرب ، فلما قتل أهل الشام قال معاوية : « إن ابن عباس رجل من قريش ، وأنا كاتب إليه في عداوة بني هاشم لنا ، وأخوفه عواقب هذه الحرب لعله يكف عنا ». فكتب إليه : « أما بعد فإنكم يا معشر بني هاشم لستم إلى أحد أسرع بالمساءة منكم إلى أنصار عثمان بن عفان ، حتى إنكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما دمه ، واستعظامهما ما نيل منه ، فإن يكن ذلك لسلطان بني أمية فقد وليها عدي وتيم ، [ فلم تنافسوهم ] وأظهرتم لهم الطاعة. وقد وقع من الأمر ما قد ترى ، وأكلت هذه الحروب بعضها من بعض حتى استوينا فيها ، فما أطمعكم فينا أطمعنا فيكم ، وما آيسكم منا آيسنا منكم. وقد رجونا غير الذي كان ، وخشينا دون ما وقع ، ولستم بملاقينا اليوم بأحد من حد أمس ، ولا غدا بأحد من حد اليوم ، وقد قنعنا بما كان في أيدينا من ملك الشام فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق ، وأبقوا على قريش ؛ فإنما بقى من رجالها ستة ، رجلان بالشام ، ورجلان بالعراق ، ورجلان بالحجاز. فأما اللذان بالشام فأنا وعمرو ، وأما اللذان بالعراق فأنت وعلي ، وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر ، واثنان من الستة ناصبان لك ،

    واثنان واقفان [ فيك ] ، وأنت رأس هذا الجمع اليوم. ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلى علي » في كلام كثير كتب إليه.
    فلما انتهى الكتاب إلى ابن عباس أسخطه ثم قال : حتى متى يخطب [ ابن هند ] إلى عقلي ، وحتى متى أجمجم على ما في نفسي؟! فكتب إليه :
    « أما بعد [ فقد أتاني كتابك وقرأته ] ، فأما ما ذكرت من سرعتنا [ إليك ] بالمساءة في أنصار ابن عفان ، وكراهيتنا لسلطان بني أمية ، فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره ، حتى صرت إلى ما صرت إليه ، وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان الوليد بن عقبة (1). وأما طلحة والزبير [ فإنهما أجلبا عليه ، وضيقا خناقه ، ثم خرجا ] ينقضان البيعة ويطلبان الملك (2) ، فقاتلناهما على النكث وقاتلناك على البغي. وأما قولك إنه لم يبق من قريش غير ستة ، فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها ، [ و ] قد قاتلك من خيارها من قاتلك ، لم يخذلنا إلا من خذلك.
    وأما إغراؤك إيانا بعدي وتيم فأبو بكر وعمر خير من عثمان ، كما أن عثمان خير منك : وقد بقي لك منا يوم ينسيك (3) ما قبله ويخاف ما بعده (4). وأما قولك إنه لو بايع الناس لي لاستقامت لي (5) ، فقد بايع الناس عليا وهو خير مني فلم يستقيموا له. وإنما الخلافة لمن كانت له في المشورة. وما أنت يا معاوية والخلافة وأنت طليق وابن طليق ، [ والخلافة للمهاجرين الأولين ، وليس الطلقاء منها في شيء. والسلام ] ».
    __________________
    (1) هو أخوه لأمه كما سبق في حواشي 247.
    (2) في الأصل : « فنقضا البيعة وطلبا الملك » وأثبت ما في ح.
    (3) ح ( 2 : 289 ) : « ما ينسيك ».
    (4) ح : « وتخاف ما بعده ».
    (5) بدلها في ح : « لاستقاموا ».

    فلما انتهى الكتاب إلى معاوية قال : هذا عملي بنفسي. لا والله لا أكتب إليه كتابا سنة [ كاملة ]. وقال معاوية في ذلك :
    دعوت ابن عباس إلى حد خطة
    وكان امرأ أهدي إليه رسائلـي

    فأخلف ظني والحوادث جمة
    ولم يك فيما قال منـي بواصل

    وما كان فيما جاء ما يستحقه
    وما زاد أن أغلى عليه مراجلي

    فقل لابن عباس تراك مفرقا
    بقولك من حولي وأنك آكلي

    وقل لابن عباس تراك مخوفـا
    بجهلك حلمي إنني غير غافل

    فأبرق وأرعد ما استطعت فإنني
    إليك بما يشجيك سبط الأنامل

    فلما قرأ ابن عباس الشعر قال : « لن أشتمك بعدها ».
    وقال الفضل بن عباس :
    ألا يا ابن هند إنني غير غافل
    وإنك ما تسعى له غيـر نائل

    لأن الذي اجتبت إلى الحرب نابها
    عليك وألقت بركها بالكلا كل (1)

    فأصبح أهل الشام ضربين خيـرة
    وفقعة قاع أو شحيمة آكل (2)

    وأيقنت أنا أهل حق وإنما
    دعوت لأمر كان أبطل باطل

    دعوت ابن عباس إلى السلم خدعة
    وليس لها حتى تديـن بقابل

    فلا سلم حتى تشجر الخليل بالقنـا
    وتضرب هامات الرجال الأماثل

    وآليت : لا أهدي إليـه رسالـة
    إلى أن يحول الحول من رأس قابل

    أردت به قطع الجواب وإنما
    رماك فلم يخطئ بنـات المقاتل

    وقلت له لو بايعـوك تبعتهم
    فهذا علـي خير حاف وناعـل

    وصي رسول الله من دون أهلـه
    وفارسه إن قيل هل من منازل

    __________________
    (1) كذا ورد صدر هذا البيت. والمقطوعة لم تزد في مظنها من ح.
    (2) انظر ص 367.


    فدونكه إن كنت تبغي مهاجرا
    أشم كنصل السيف عير حلاحل (1)

    فعرض شعره على علي فقال : « أنت أشعر قريش ». فضرب بها الناس إلى معاوية.
    وذكروا أنه اجتمع عند معاوية تلك الليلة عتبة بن أبي سفيان والوليد ابن عقبة ، ومروان بن الحكم ، وعبد الله بن عامر ، وابن طلحة الطلحات ، فقال عتبة : إن أمرنا وأمر علي لعجب ، ليس منا إلا موتور محاج. أما أنا فقتل جدي ، واشترك في دم عمومتي يوم بدر. وأما أنت يا وليد فقتل أباك يوم الجمل ، وأيتم إخوتك. وأما أنت يا مروان فكما قال الأول (2) :
    وأفلتهن علباء جريضا
    ولو أدركنه صفر الوطاب (3)

    قال معاوية : هذا الإقرار فأين الغير (4)؟ قال مروان : أي غير تريد؟ قال : أريد أن يشجر بالرماح. فقال : والله إنك لهازل ، ولقد ثقلنا عليك. فقال الوليد بن عقبة في ذلك :
    يقول لنا معاوية بن حرب
    أما فيكم لواتركم طلـوب

    يشد على أبي حسن علي
    بأسمر لا تهجنه الكعـوب

    فيهتك مجمـع اللبات منه
    ونقع القوم مطرد يثوب

    فقلت له أتلعب يا ابـن هند
    كأنك وسطنا رجل غريب

    أتأمرنا بحية بطن واد
    إذا نهشت فليس لها طبيب

    __________________
    (1) عير القوم : سيدهم. والحلاحل ، بفتح أوله : جمع الحلاحل بضمه ، وهو السيد في عشيرته ، الشجاع ، الركين في مجلسه. وفي الأصل : « بنعل السيف غير حلاحل » تحريف.
    (2) هو امرؤ القيس ، من أبيات له في ديوانه ص 160.
    (3) علباء هذا هو قاتل والد امرئ القيس ، وهو علباء بن حارث الكاهلي. والجريض : الذي يأخذ بريقه. صفر وطابه : قتل.
    (4) الغير : جمع غيور ، والغيرة : الحمية والأنفة.


    وما ضبع يدب ببطـن واد
    أتيح له به أسد مهيب

    بأضعف حيلة منا إذا ما
    لقيناه وذا منا عجيب

    دعا للقاه فـي الهيجاء لاق
    فأخطأ نفسه الأجـل القريب

    سوى عمرو وقتـه خصيتاه
    نجا ولقلبه منهـا وجيب

    كأن القوم لما عاينوه
    خلال النقع ليس لهـم قلوب

    لعمر أبي معاوية بن حرب
    وما ظني بملقحة العيوب (1)

    لقد ناداه فـي الهيجا علي
    فأسمعه ولكن لا يجيـب

    فغضب عمرو وقال : إن كان الوليد صادقا فليلق عليا ، أو ليقف حيث يسمع صوته.
    وقال عمرو :
    يذكرني الوليد دعا علـي
    وبطن المرء يملؤه الوعيد

    متى يذكر مشاهده قريش
    يطر من خوفه القلب الشديـد

    فأما في اللقاء فأين منه
    معاوية بـن حرب والوليد

    وعيرني الوليد لقاء ليث
    إذا ما زار هابته الأسود (2)

    لقيت ولست أجهله عليا
    وقد بلت من العلق الكبـود

    فأطعنه ويطعنني خلاسا
    وماذا بعد طعنته أريد

    فرمها منه يابن أبي معيـط
    وأنت الفارس البطـل النجيـد

    فإقسم لو سمعت ندا علي
    لطار القلب وانتفخ الوريد

    ولو لاقيته شقت جيوب
    عليك ولطمت فيك الخدود

    __________________
    (1) كذا ورد هذا العجز.
    (2) زار : زأر وصاح.

    آخر الجزء السادس ويتلوه في السابع : « ثم إنهم التقوا بصفين واقتتلوا أشد القتال حتى كادوا أن يتفانوا » : والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما يا إله العالمين آمين رب العالمين.
    وجدت في الجزء العاشر من نسخة عبد الوهاب بخطه : « سمع جميعه من الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار ، الأجل السيد الأوحد الإمام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني وابناه القاضيان [ أبو عبد الله محمد (1) ] وأبو الحسين أحمد ، وأبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي ، والشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسيني ، وأبو منصور محمد بن محمد بن [ قرمي ، بقراءة (2) ] عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي. وذلك في شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة ».
    __________________
    (1) ليست في الأصل ، وإكمالها مما سلف في نظائرها.
    (2) موضعها بياض في الأصل ، وتكملتها مما مضى في أشباهها.


    الجزء السابع
    من كتاب صفين
    لنصر بن مزاحم
    رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز
    رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد
    رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت
    رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري
    رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي
    رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي
    سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم ـ غفر الله له


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    الجزء السادس من كتاب صفين
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » الجزء الخامس من كتاب صفين
    » الجزء السابع من كتاب صفين
    » الجزء الاوّل من كتاب الجامع لمفردات الادوية والاغذية
    »  وقعة صفين
    » نافذه على الفلسفه

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 34- منتدى الاحداث التي وقعة في خلافة الامام علي عليه السلام-
    انتقل الى: