العــنف ضد المــرأة في المــجتمع الـعراقي
العنف ضد المرأة هو سلوك أو فعل موجّه إلى المرأة يقوم على القوة والشّدة والإكراه، ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والإضطهاد والقهر والعدوانية، ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع والأسرة على السواء، والذي يتخذ أشكالاً نفسية وجسدية متنوعة في الأضرار.
ويتنوع العنف ضد المرأة بين ما هو فردي (العنف الأنوي) ويتجسد بالإيذاء المباشر وغير المباشر للمرأة باليد أو اللسان أو الفعل أياً كان، وبين ما هو جماعي (العنف الجمعي) الذي تقوم به مجموعة بشرية بسبب عرقي أو طائفي أو ثقافي والذي يأخذ صفة التحقير أو الإقصاء أو التصفيات، وبين ما هو رسمي (عنف السلطة) والذي يتجسد بالعنف السياسي ضد المعارضة وعموم فئات المجتمع. وحينما تقع المرأة ضحية الاضرار المعتمد جرّاء منهج العنف فإنها تفقد إنسانيتها التي هي هبة الله، وبفقدانها لإنسانيتها ينتفي أي دور بنّاءٍ لها في حركة الحياة. إنَّ من حق كل إنسان ألا يتعرض للعنف وأن يُعامل على قدم المواساة مع غيره من بني البشر باعتبار ذلك من حقوق الإنسان الأساسية التي تمثل حقيقة الوجود الإنساني وجوهره الذي به ومن خلاله يتكامل ويرقى، وعندما تُهدر هذه الحقوق فإنَّ الدور الإنساني سيؤول إلى السقوط والاضمحلال، والمرأة صنو الرجل في بناء الحياة وإتحافها بالإعمار والتقدم، ولن تستقيم الحياة وتُؤتي أُكلها فيما لو تم التضحية بحقوق المرأة الأساسية وفي الطليعة حقها بالحياة والأمن والكرامة، والعنف أو التهديد به يقتل الإبداع من خلال خلقه لمناخات الخوف والرعب الذي يُلاحق المرأة في كل مكان. إنَّ العنف على تنوع مصاديقه كالعنف الشخصي والمنزلي وعنف العادات والتقاليد الخاطئة وعنف السلطة وعنف الحروب.. يتطلب تشريعات قانونية وثقافة مجتمعية تحول دون استمراريته لضمان تطور المجتمع بما في ذلك الحق في اللجوء لسبل الإنصاف والتعويض القانوني، والحصول على التعليم والرعاية الصحية، والحماية من الدولة ومؤسسات المجتمع المدني. لقد خصص دستور العراق النافذ في المادة (29) منه للأسرة :
(اولاًـ أـ الاسرة اساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية.
ب ـ تكفل الدولة حماية الامومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشئ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
ثانياًـ للأولاد حقٌ على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حق على اولادهم في الاحترام والرعاية، ولاسيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة.
ثالثاًـ يحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصورهِ كافة، وتتخذ الدولة الاجراء الكفيل بحمايتهم.
رابعاًـ تُمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع.)
وانطلاقا من نص المادة (29) من الدستور يثار التساؤل الاتي : أين حقوق المرأة والطفل داخل الأسرة العراقية ؟
واما جهة القانون، نجد أن المادة 41/1 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، قد نصت على ان : لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق : (1- تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الاولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً او قانوناً او عرفاً).
أي أن افعال الضرب والعنف التي يمارسها الزوج تجاه زوجته والاباء تجاه أبنائهم استناداً للمادة المذكورة تعد من قبيل استعمال الحق والذي يعد بدوره سببا من أسباب الإباحة ، والتي بمقتضاها لا يمكن مساءلة الزوج أو الأبوين جزائياً ولا مدنيا عما يقع من اعتداء مادام قد استخدموا حقهم المنصوص عليه قانونا بموجب المادة سابقة الذكر. واشتراط ان يكون التأديب في حدود المقرر عرفا وشرعاً وقانوناً، وهذا يعني انه اذا اطلقنا حدود السماح العرفي طبقا للمادة القانونية يعد التصرف العشائري ضمن حدود العرف .
وعليه ومما تقدم ندعو المشرع العراقي باستعراض وتقييم وتنقيح للقانون الجنائي العراقي والقانون المدني ، كي يضمن تحريم جميع أفعال العنف المرتكبة ضد المرأة، أو لاعتماد تدابير لهذا الغرض إن لم يتيسر القيام بذلك؛ كما ندعو البرلمان العراقي بضرورة الاسراع بتشريع قانون لمناهضة العنف الاسري .