باب وجوب الارزاق والاجمال في الطلب
97 ـ عن عبدالله بن سنان ، عن جعفر بن محمّد 8 قال : ما سدّ الله على مؤمن رزقاً يأتيه من وجه إلاّ فتح له من وجه آخر فأتاه وإن لم يكن له في حساب (1).
98 ـ عن جابر قال : قال الحسن بن علي 8 لرجل : يا هذا لا تجاهد الطلب جهاد العدوّ ، ولا تتّكل على القدر اتّكال المستسلم ، فإنّ إنشاء الفضل من السنّة ، والإجمال في الطلب من العفّة ، وليست العفّة بدافعة رزقاً ، ولا الحرص بجالب فضلاً ، فإنّ الرزق مقسوم ، واستعمال الحرص استعمال المآثم (2).
99 ـ عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله 7 أنّه قال : إنّ من صحة يقين المرء المسلم ألاّ يرضي الناس بسخط الله ، ولا يحمدهم على ما رزق الله ، و لا يلومهم على ما لم يؤته الله ، فإنّ رزق الله لا يسوقه حرص حريص ولا يردّه كره كاره ، ولو أنّ أحدكم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه قبل موته كما يدركه الموت (3).
100 ـ عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر 7 قال : قال رسول الله 9 في حجّة الوداع :
ألا إنّ الروح الأمين نفث في روعي أنّه : لا تموت نفس حتّى تستكمل
__________________
(1) عنه في البحار : 103 / 34 ح 65.
(2) عنه في البحار : 103 / 35 ح 66 وفي المستدرك 2 / 420 ح 8 عنه وعن البحار : 103 / 27 ح 41 عن أعلام الدين للديلمي ( مخطوط ) : ص 264 عن الحسين (ع) ، وأخرجه في البحار : 78 / 106 ح 4 عن تحف العقول : ص 233 مرسلاً باختلاف يسير.
(3) عنه في البحار : 103 / 35 ح 67.
رزقها ، فاتّقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية الله ، فإنّ الله لا ينال ما عنده إلاّ بطاعته ، قد قسّم الأرزاق بين خلقه [ حلالاً ، ولم يقسّمها حراماً ،
فمن اتّقى الله عزّوجلّ وصبر آتاه الله برزقه ( من ) ظ حلّه ].
ومن هتك حجاب الستر وعجّل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة (1).
101 ـ عن سهل بن زياد ( رفعه ) قال : قال أمير المؤمنين 7 : كم من متعب نفسه ، مقتر عليه ، ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير (2).
102 ـ عن عبدالله بن سليمان قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : إنّ الله وسّع في أرزاق الحمقى ليعتبر العقلاء ، ويعلموا أنّ الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل ولا حيلة (3).
103 ـ عن أبي عبدالله 7 قال : لو كان العبد في جحرٍ لأتاه رزقه ، فأجملوا في الطلب (4).
104 ـ عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله 7 قال : أبى الله أن يجعل أرزاق المؤمنين إلاّ من حيث لا يحتسبون (5).
105 ـ عن علي بن السندي قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : إنّ الله جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون ، وذلك أنّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه (6).
106 ـ عن أبي جعفر 7 قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
__________________
(1) عنه في البحار : 103 / 35 ح 68 والمستدرك : 2 / 418 ح 4 وما بين المعقوفين سقط من نسخة ( ج ) والبحار والمستدرك.
(2) عنه في البحار : 103 / 35 ح 69.
(3) عنه في البحار : 103 / 35 ح 70.
(4) عنه في البحار : 103 / 35 ح 71 ، وفي نسخة ـ أ ـ في حجرة.
(5) عنه في البحار : 103 / 35 ح 72.
(6) عنه في البحار : 103 / 36 ح 73.
آله : الدنيا دول ، فما كان لك منها أتاك على ضعفك ، وما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك ومن انقطع رجاؤه ممّا فات استراح بدنه ، ومن رضي بما رزقه الله قرّت عينه (1).
107 ـ عن ابن فضال ( رفعه ) عن أبي عبدالله 7 قال : ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيّع ودون طلب الحريص ، الراضي بدنياه ، المطمئن إليها ، وأنزل نفسك من ذلك بمنزلة المنصف المتعفّف ، ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف ، وتكتسب ما لابدّ للمؤمن منه ، إنّ الّذين اُعطوا المال ثمّ لم يشكروا لا مال لهم (2).
__________________
(1) عنه في البحار : 103 / 36 ح 74.
(2) عنه في البحار : 103 / 36 ح 75.
(7)
باب حسن اختيار الله للمؤمنين ونظره لهم وإن كانوا كارهين
108 ـ عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله 7 قال : أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران : ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ من عبدي المؤمن ، إنّي إنّما أبتليه لما هو خير له ، وأزوي عنه لما هو خير له ، واُعطيه لما هو خير له وأنا أعلم بما يصلح عليه حال عبدي المؤمن ، فليرض بقضائي ، وليشكر نعمائي ، وليصبر على بلائي ، أكتبه في الصدّيقين إذا عمل برضائي ، وأطاع لأمري (1).
109 ـ عن أبي الحسن 7 قال : المؤمن بعرض (2) كلّ خير لو قطّع أنملة أنملة كان خيراً له ، ولو ولّي شرقها وغربها كان خيراً له (3).
110 ـ عن عيسى بن أبي منصور قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : إنّ الله يذود المؤمن عما يشتهيه كما يذود أحدكم الغريب عن إبله ، ليس منها (4).
111 ـ عن سفيان بن السمط ، عن أبي عبدالله 7 قال : إنّ الله
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 94 ح 49 وأخرجه في الوسائل : 2 / 900 ح 9 والبحار : 72 / 331 ح 14 عن الكافي : 2 / 61 ح 7 وفي البحار : 71 / 139 ح 30 وج 13 / 348 ح 36 عن أمالي ابن الشيخ : 1 / 243 مثله وفي البحار : 67 / 235 ح 52 وج 82 / 130 ح 10 عن أمالي المفيد : ص 63 باختلاف يسير بأسانيدهم عن داود بن فرقد ، والبحار : 71 / 160 ح 77 عن المؤمن : ح 9 مرسلاً مثله ، ورواه في التوحيد : ص 405 ح 13 بإسناده عن داود بن فرقد ، وفي عدّة الداعي : ص 31 مرسلاً مثله ، وفيهم : واعافيه بدل واعطيه.
(2) هكذا في البحار ، ومعناها : بمعرض كل خير ، وفي النسختين ( أ ـ ج ) : يعرض.
(3) عنه في البحار : 67 / 242 ح 79.
(4) عنه في البحار : 67 / 243 ح 80 وأورد في المؤمن : ح 25 مرسلاً مثله ، ونحوه في مشكاة الأنوار : ص 289.
إذا أحبّ عبداً ابتلاه وتعهّده بالبلاء ، كما يتعهد المريض أهله بالطرف ووكّل به ملكين فقال لهما : إسقما بدنه وضيّقا معيشته وعوّقا عليه مطلبه حتّى يدعوني فإنّي اُحبّ صوته ، فإذا دعا قال : اُكتبا لعبدي ثواب ما سألني فضاعفاه له حتّى يأتيني ، وما عندي خير له.
وإذا أبغض عبداً وكّل به ملكين فقال : أصحّا بدنه ، ووسّعا عليه في رزقه ، وسهّلا له مطلبه وأنسياه ذكري فإنّي أبغض صوته حتّى يأتيني وما عندي شيء له (1).
112 ـ عن الفضيل ، عن أبي عبدالله 7 أنّه قال في مرضة له لم يبق منه إلاّ رأسه : يا فضيل إنني كثيراً ما أقول : ما على من عرّفه الله هذا الأمر لو كان على قلّة الجبل [ حتّى يأتيه الموت ، يا فضيل بن يسار ] إنّ الناس أخذوا يميناً وشمالاً وإنّا وشيعتنا هدينا الصراط المستقيم ،
يا فضيل : إنّ المؤمن لو أصبح له ملك ما بين المشرق والمغرب كان ذلك خيراً له ، ولو أصبح وقد قطّعت أعضاؤه كان ذلك خيراً له ، إنّ الله عزّوجلّ لا يصنع بالمؤمن إلاّ ما هو خير له ،
[ يا فضيل بن يسار : لو عدل الدنيا عند الله جناح بعوضة ما سقى عدوّه منها شربة ماء ] ،
يا فضيل : أنّه من يكن همّه همّاً واحداً كفاه الله ما أهمّه ومن كان همّه في كلّ واد لم يبال الله بأيّ واد هلك (2).
113 ـ عن جابر ، عن أبي جعفر 7 قال : قال رسول الله 9 : إنّ العبد المؤمن ليطلب الإمارة والتجارة ، حتّى إذا أشرف من ذلك على ما كان يهوى بعث الله ملكاً ، وقال له : عق عبدي وصدّه عن أمر لو استمكن منه أدخله النار ، فَيُقْبل الملك فيصدّه بلطف الله فيصبح وهو يقول : لقد دهيت ومن دهاني فعل
__________________
(1) عنه في البحار : 93 / 371 ح 13.
(2) عنه في البحار : 67 / 150 ح 11 وعن الكافي : 2 / 246 ح 5 بإسناده عن الفضيل بن يسار مع اختلاف يسير ،
وما بين المعقوفين زيادة من البحار والكافي وليس في الأصل.
الله به ، وقال : ما يدري أن الله الناظر له في ذلك ولو ظفر به أدخله النار (1).
114 ـ عن سعيد به الحسن قال : قال أبو جعفر 7 : ما اُبالي أصبحت فقيراً أو مريضاً أو غنياً ، لأنّ الله يقول : لا أفعل بالمؤمن إلاّ ما هو خير له (2).
115 ـ عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر 7 قال : قال رسول الله 9 : قال الله عزوجل :
إنّ من عبادي المؤمنين لعباداً لا يصلح لهم أمر دينهم إلاّ بالغنى والسعة والصحة في البدن فأبلوهم بالغنى والسعة وصحة البدن ، فيصلح لهم عليه اُمور دينهم.
وإنّ من عبادي المؤمنين لعباداً لا يصلح أمر دينهم إلاّ بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم فيصلح لهم عليه أمر دينهم قال : و قال الله تعالى : وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي.
وإنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتجهد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة واللّيلتين نظراً منّي له وابقاء عليه فينام حتّى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها ، ولو اُخلّي بينه و بين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله ، فيتأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ، ورضاه عن نفسه عند حدّ التقصير حتّى يظن أنّه فاق العابدين ، وجاز في عبادته حد التقصير ، فيتباعد مني عند ذلك وهو يظنّ أنّه يتقرّب إليّ ، فلا يتّكل العاملون ( المؤمنون / خ ) على أعمالهم التي يعملونها لثوابي ،
فإنّهم لو اجتهدوا وأتبعوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي ، والنعيم في جناني ، و لكن برحمتي فليثقوا ولفضلي فليرجوا والى حسن الظنّ بي فليطمئنّوا ، فإنّ رحمتي عند ذلك تداركهم ، ومنّي يبلغهم رضواني ، ومغفرتي تلبسهم عفوي ، فإنّي إنّا الله الرحمن الرحيم بذلك تسمّيت (3).
__________________
(1) عنه في البحار : 67 / 243 ح 81 ورواه في مشكاة الأنوار : ص 297 عن الباقر (ع) عن علي ابن الحسين (ع) عن رسول الله 9 مرسلاً باختلاف يسير.
(2) عنه في البحار : 71 / 151 ح 52.
(3) عنه في البحار : 71 / 151 ح 53.
116 ـ عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر 7 قال : قال رسول الله 9 : عجباً للمؤمن لا يقضي الله قضاء إلاّ كان خيراً له ـ سرّه أو ساءه ـ وان ابتلاه كان كفّارة لذنبه ، وإن أعطاه وأكرمه كان قد حباه (1).
117 ـ عن أبي عبدالله 7 قال : كم من نعمة الله على عبده في غير أمله وكم من مؤمّل أملاً الخيار (2) في غيره ، وكم من ساع في حتفه وهو مبطئ عن حظّه (3).
118 ـ عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر 7 يقول : في قضاء الله كل خير للمؤمن (4).
119 ـ عن ظريف ، عن أبي عبدالله 7 قال : إن العبد الولي لله يدعو في الأمر ينوبه (5) فيقول الله للملك الموكّل بذلك الأمر : إقض حاجة عبدي و لا تعجّلها ، فإنّي أشتهي أن أسمع صوته ودعاءه ،
وإنّ العبد المخالف ليدعو في الأمر يريده فيقول الله للملك الموكّل بذلك الأمر : إقض حاجته وعجّلها ، فإنّي أبغض أن أسمع نداءه وصوته.
قال : فيقول الناس : ما أعطي هذا حاجته وحرم هذا إلاّ لكرامة هذا على الله ، وهَوان هذا عليه (6).
120 ـ عن أبي عبدالله 7 قال : إنّ العبد المؤمن ليكون له عند الله الدرجة ـ لا يبلغها بعمله ـ فيبتليه الله في جسده ، أو يصاب بماله ، أو يصاب في ولده ، فإن هو صبر بلّغه الله إياها (7).
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 152 ح 54.
(2) خيار الشيء : أفضله.
(3) عنه في البحار : 71 / 152 ح 55 وأخرج في البحار : 78 / 191 ح 4 عن قرب الاسناد : ص 19 وأمالي الشيخ : 1 / 132 بإسنادهما عن بكر بن محمّد الازدي مثله.
(4) عنه في البحار : 71 / 152 ح 56 عن أبي عبدالله (ع) بدل أبي جعفر (ع).
(5) ينوب إلى الأمر : يرجع إليه ، وفي المستدرك : يريده ، وفي الوسائل : ينويه ، وفي هامش الكافي : في بعض النسخ : ينويه.
(6) عنه في البحار : 71 / 152 ذح 56 والمستدرك 1 / 365 ح 5 ، وأخرجه في الوسائل : 4 / 1112 ح 4 عن الكافي : 2 / 490 ح 7 بإسناده عن أبي عبدالله (ع).
(7) عنه في البحار : 17 / 94 ح 50.
(
باب مدح الصبر وترك الشكوى واليقين والرضى بالبلوى
121 ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله 7 قال : ما من مؤمن إلاّ وهو مبتلى ببلاء ، منتظر به ما هو أشدّ منه ، فإن صبر على البليّة التي هو فيها عافاه الله من البلاء الذي ينتظر به ، وإن لم يصبر وجزع نزل من البلاء المنتظر أبداً حتّى يحسن صبره وعزاؤه (1).
122 ـ عن محمّد بن سنان ، عن أبي الحسن 7 قال : من اغتمّ (2) كان للغمّ أهلاً ، فينبغي للمؤمن أن يكون بالله وبما صنع راضياً (3).
123 ـ عن أبي خليفة ، عن أبي عبدالله 7 قال : ما قضى الله لمؤمن قضاء ، فرضي به إلاّ جعل الله له الخيرة فيما يقضي (4).
124 ـ عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله 7 قال : إنّ الله ـ بعدله وحكمته وعلمه ـ جعل الروح والفرح في اليقين والرضا عن الله وجعل الهمّ والحزن في الشكّ والسخط فارضوا عن الله ، وسلّموا لأمره (5).
125 ـ عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبدالله 7 قال : من ابتلي من شيعتنا فصبر عليه كان له أجر ألف شهيد (6).
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 94 ح 51 والمستدرك : 1 / 139 ح 12.
(2) ( من غم ، ما أغم / خ ).
(3) عنه في البحار : 71 / 152 ح 57 والمستدرك : 1 / 138 ح 15.
(4) عنه في البحار : 71 / 152 ح 58 وص 158 عن المؤمن : ح 24 عن يزيد بن خليفة مع اختلاف يسير ، وروى في مشكاة الأنوار : ص 33 مرسلاً مثله.
(5) ( فأسلموا / خ ) ، عنه في البحار : 71 / 152 ح 59.
(6) عنه في البحار : 71 / 94 ح 52 وأخرجه في الوسائل 2 / 902 ح 1 والبحار : 71 / 78 ح 14
126 ـ عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله 7 قال : لا تعدّن مصيبة اُعطيت عليها الصبر واستوجبت عليها من الله ثوابا بمصيبة ، إنّما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها إذا لم يصبر عند نزولها (1).
127 ـ روى أحمد بن محمّد البرقي في كتابه الكبير ، عن أبي عبد لله 7 قال : قد عجز من لم يعدّ لكلّ بلاء صبراً ، ولكلّ نعمة شكراً ، ولكلّ عسر يسراً ، أصبر نفسك عند كل بليّة ورزيّة ـ في ولد أو في مال ـ فإنّ الله إنّما يفيض جاريته ( يقيض عاريته / خ ) وهبته ليبلو شكرك وصبرك (2).
128 ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله 7 قال : إنّ الله أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالاً ، وابتلى قوماً بالمصائب فصبروا ، فصارت عليهم نعمة (3).
129 ـ وعنه 7 أنّه قال : لم يستزد في محبوب بمثل الشكر ولم يستنقص من مكروه بمثل بالصبر (4).
130 ـ عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله 7 قال : إنّ أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله (5).
131 ـ وقال علي بن الحسين زين العابدين 7 : الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين (6).
132 ـ وقال 7 : من صبر ورضي الله فيما قضى عليه فيما
__________________
عن الكافي : 2 / 92 ح 17 بإسناده عن أبي حمزة الثمالي ، وفي البحار : 71 / 93 عن جامع الأخبار : ص 26 مرسلاً عن النبي 9 مثله ، وفيها : المؤمنين بدل شيعتنا ، وفيها : مثل أجر ألف شهيد.
(1) عنه في البحار : 71 / 94 ح 53 والمستدرك : 1 / 139 ح 13.
(2) عنه في البحار : 71 / 94 ح 54 والمستدرك : 1 / 139 ح 14.
(3) عنه في البحار : 71 / 94 ح 55 وص 41 ح 31 عن أمالي الصدوق : ص 249 ح 4 ، وص 81 ح 18 والوسائل : 2 / 905 ح 18 عن الكافي : 2 / 92 ح 18 بإسنادهما عن سماعة عنه (ع) ، وأورد في روضة الواعظين : ص 545 ومشكاة الأنوار : ص 26 مرسلاً مثله.
(4) عنه في البحار : 71 / 94 ذ ح 55.
(5) أخرج في البحار : 71 / 158 عن مشكاة الأنوار : ص 33 مرسلاً مثله.
(6) عنه في البحار : 71 / 152 ح 60 ، وفيه عن ابن مسكان عن أبي عبدالله (ع) والظاهر أنّه اشتباه نتج عن سقط في نسخة المجلسي (ره) المتن ح 130 وسند ح 131.
أحبّ وكره ، لم يقض الله عليه فيما أحبّ أو كره إلاّ ما هو خير له (1).
133 ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله 7 قال : ما من شيء إلاّ وله حدّ (2) ، قلت : فما حدّ اليقين ؟ قال : إلاّ يخاف شيئاً (3).
134 ـ عن يونس بن عمّار قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : أيّما مؤمن شكا حاجته وضرّه إلى كافر أو [ إلى من ] (4) يخافه على دينه فإنّما شكا ( الله / خ ) إلى عدوّ من أعداء الله ، وأيّما مؤمن شكا حاجته وضرّه وحاله إلى مؤمن مثله وكانت شكواه إلى الله عزّوجلّ (5).
135 ـ عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله 7 قال : قال رسول الله 9 : كفى باليقين غنى ، وبالعبادة شغلاً (6).
136 ـ عن أمير المؤمنين 7 ، أنّه قال : أيّها الناس سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية ، فإن أجل النعم العافية ، وخير مادام في القلب اليقين ، و المغبون من غبن دينه ، والمغبوط من حسن يقينه (7).
137 ـ عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا ، عن أبيه عن آبائه : أنّه قال : رفع إلى رسول الله 9 قوم في بعض غزواته فقال : من القوم ؟ قالوا : مؤمنون يا رسول الله ، قال : ما بلغ من إيمانكم ؟ قالوا : الصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء والرضا بالقضاء.
فقال ( رسول الله 9 ) (
: حلماء ، علماء ، كادوا من الفقه أن
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 153 ذ ح 60.
(2) هنا في الكافي : قال : قلت : جعلت فداك فما حد التوكل ؟ قال : اليقين ...
(3) عنه في البحار : 70 / 180 ح 46 وفي ص 182 عن مشكاة الأنوار : ص 13 مرسلاً وأخرج في الوسائل : 11 / 158 ح 4 والبحار : 70 / 142 ح 6 عن الكافي : 2 / 57 ح 1 بإسناده عن أبي بصير ، نحوه ، وفيه : إلاّ تخاف مع الله شيئا.
(4) ليس في النسخة ـ أ ـ.
(5) عنه في البحار : 72 / 327 ح 10 والمستدرك : 1 / 82 ح 2.
(6) عنه في البحار : 70 / 176 ح 32 وعن المحاسن : 1 / 247 ح 251 وأخرج في المستدرك : 2 / 284 ح 1 عن المحاسن بإسناده عن عبدالله بن سنان مثله.
(7) عنه في البحار : 70 / 176 ح 33 وعن المحاسن : 1 / 248 ح 254 عن أبيه مرفوعاً ، وأخرج في المستدرك : 2 / 284 ح 2 عن المحاسن مثله ، وفيه : غبط يقينه بدل حسن يقينه.
(
( ويقول الله / خ ).
يكونوا أنبياء ، إن كنتم كما تقولون فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا ما لا تأكلون و اتّقوا الله الذي إليه ترجعون (1).
138 ـ عن جابر الجعفي ، عن أبي عبدالله 7 ، أنّه قال : يا أخا جعفي ، إنّ اليقين أفضل من الإيمان ، وما من شيء أعزّ من اليقين (2).
139 ـ وعن أمير المؤمنين 7 ، أنّه قال : لا يجد رجل طعم الإيمان حتّى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه (3).
140 ـ عن علي بن سويد ، عن أبي الحسن الاول 7 قال : سألته عن قول الله : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُه ) (4).
فقال : التوكّل على الله درجات ، فمنها أن تثق به في اُمورك كلّها ، فما فعل بك كنت عنه راضياً ، تعلم أنّه لم يؤتك إلاّ خيراً وفضلاً ، وتعلم أنّ الحكم في ذلك له ، فتوكّلت على الله بتفويض ذلك إليه ، ووثقت به فيها وفي غيرها (5).
141 ـ وعن أبي جعفر 7 قال : أحقّ من خَلَق الله بالتسليم (6) لما قضى الله من عرف الله ، ومن رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وعظم عليه أجره ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط الله أجره (7).
142 ـ عن صفوان الجمال ، عن أبي الحسن الأول 7 قال :
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 153 ح 61 وج 22 / 144 ح 132 وأخرج في البحار : 67 / 286 ح 8 عن الكافي : 2 / 52 ح 1 والتوحيد : ص 371 ح 12 ومعاني الأخبار : ص 187 ح 6 والخصال : 1 / 146 ح 175 وعن مشكاة الأنوار : ص 19 نقلا عن المحاسن : 1 / 226 ح 151 بأسانيدهم عن محمّد بن عذافر نحوه.
(2) عنه في المستدرك : 2 / 284 ح 11.
(3) عنه في البحار : 70 / 180 ح 47 عن جابر الجعفي عن أبي عبدالله (ع) ، والظاهر أنّه اشتباه نتج عن سقط في نسخة المجلسي ـ ره ـ لمتن ح 138 وسند ح 139 وعن مشكاة الأنوار ص 12 مرسلاً عن أبي جعفر (ع) عن علي (ع) مثله ، وأخرج في البحار : 70 / 147 ح 9 عن الكافي : 2 / 57 ح 4 مثله وص 154 ح 12 والوسائل : 11 / 157 ح 1 عن الكافي : 2 / 58 ح 7 مثله مع زيادة وفيهما عن أبي عبدالله (ع) عن أمير المؤمنين (ع).
(4) سورة الطلاق : آية 3.
(5) عنه في البحار : 71 / 153 ح 62 وأخرج في الوسائل : 11 / 166 ح 3 والبحار : 71 / 129 ح 5 عن الكافي : 2 / 65 ح 5 بإسناده عن علي بن سويد نحوه ، وفي البحار : 78 / 336 ح 18 عن تحف العقول : ص 443 مرسلاً نحوه زيادة ، وأورد في مشكاة الأنوار : ص 16 مرسلاً نحوه. (6) ( للتسليم / خ ).
(7) عنه في البحار : 71 / 153 ح 63 ، وعن مشكاة الأنوار : ص 17 مثله.
ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه ، ولا يتّهمه في قضائه (1).
143 ـ عن جابر قال : قلت لأبي جعفر 7 : ما الصبر الجميل ؟ قال : ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى أحد من الناس.
إنّ إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان ، عابد من العبّاد في حاجة ، فلمّا رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه ، ثمّ قال له : مرحباً بخليل الرحمن ، فقال له يعقوب : إنّي لست بخليل الرحمن ، ولكن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، قال له الراهب : فما الذي بلغ بك ما أرى من الكبر ؟ قال : الهمّ والحزن والسقم ، قال : فما جاز عتبة الباب حتى أوحى الله إليه : يا يعقوب شكوتني إلى العباد ؟! فخرّ ساجداً عند عتبه الباب يقول :
ربّ لا أعود ، فأوحى الله إليه : إنّي قد غفرت لك فلا تعد إلى مثلها ، فما شكا شيئاً ممّا أصابه من نوائب الدنيا إلاّ أنّه قال يوماً : ( إنَّما أشْكُو بَثّي وَحُزْني إلى اللهِ وأعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُون ) (2).
144 ـ عن ربعي بن عبدالله ، عن أبي عبدالله 7 قال : إنّ الصبر والبلاء ليستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو صبور ، وإنّ الجزع والبلاء ليستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع (3).
145 ـ عن يونس قال : سألت أبا الحسن الرضا 7 عن الإيمان والاسلام ، فقال : قال أبو جعفر : إنّما هو الإسلام والإيمان فوقه بدرجة ، والتقوي فوق الإيمان بدرجة ، واليقين فوق التقوى بدرجة ، ولم يقسم بين الناس شيء أقل من اليقين ، قال : قلت : فأيّ شيء اليقين ؟ قال : التوكّل على الله والتسليم لله ، والرضى بقضاء الله ، والتفويض إلى الله ، قلت : ما تفسير ذلك ؟ قال : هكذا قال أبو جعفر
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 154 ح 64.
(2) سورة يوسف : آية 86 ، عنه في البحار : 71 / 93 ح 47 وعن سعد السعود : ص 120 عن تفسير ابن عقدة عن عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر مع اختلاف يسير ، وأخرجه في البحار : 12 / 310 ح 123 عن العياشي : 2 / 188 ح 57 عن جابر مع اختلاف يسير ، وفي البحار : 71 / 93 ح 47 عن سعد السعود : ص 20 بإسناده عن جابر عن أبي عبدالله (ع) باختلاف يسير.
(3) عنه في البحار : 71 / 95 ح 56.
7 (1).
146 ـ عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : الإيمان في القلب : واليقين خطرات (2).
147 ـ وقال أمير المؤمنين 7 : إنّ للنكبات غايات لابدّ أن تنتهي إليها ، فإذا اُحكم على أحدكم لها فليطأطئ لها (3) ويصبر حتّى تجوز ، فإن إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها (4).
148 ـ وكان يقول : الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فمن لا صبر له لا إيمان له (5).
149 ـ وكان يقول : الصبر ثلاثة : الصبر على المصيبة ، والصبر على الطاعة ، والصبر على المعصية (6).
150 ـ وقال أبو عبدالله 7 : الصبر صبران : الصبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل منه الصبر على المحارم (7).
151 ـ عن سيف بن عميرة ، قال : قال أبو عبدالله 7 : اتّقوا الله و اصبروا ، فإنّه من لم يصبر أهلكه الجزع ، وإنّما ( أما / خ ) هلاكه في الجزع أنّه إذا جزع لم يؤجر (
.
__________________
(1) عنه في البحار : 70 / 180 ح 48 وأخرج في البحار : 70 / 138 ح 4 عن الكافي : 2 / 52 ح 5 بإسناده عن يونس مثله وروى في مشكاة الأنوار : ص 11 عن يونس بن عبد الرحمن مثله.
(2) عنه في البحار : 70 / 180 ح 49 وأخرج في البحار : 70 / 178 ح 38 عن المحاسن : 1 / 249 ح 260 بإسناده عن عبدالله بن سنان مثله
(3) في البحار : فإذا حكم على أحدكم بها فليتطأطأ لها. وفي النسخة ـ أ ـ فليطأ حالها.
(4) عنه في البحار : 71 / 95 ح 57.
(5) عنه في البحار : 71 / 95 ذ ح 57.
(6) ( عن المعصية / خ ) ، عنه في البحار : 71 / 95 ذ ح 57 وأخرجه في الوسائل : 11 / 187 صدر ح 6 والبحار : 71 / 77 ح 12 عن الكافي : 2 / 91 ح 15 بإسناده عن عمرو بن شمر اليماني مرفوعا عن علي (ع) وفي البحار : 71 / 92 عن جامع الأخبار : ص 135 مرسلاً عن أمير المؤمنين (ع) عن النبي 9 مثله.
(7) عنه في البحار : 71 / 95 ذ ح 57.
(
عنه في البحار : 71 / 95 ح 58.
152 ـ عن ميمون القداح ، عن أبي عبدالله 7 ، قال : قال عليّ صلوات الله عليه : ما اُحبّ أنّ لي بالرضا في موضع القضاء حمر النعم (1).
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 154 ح 65.
(9)
باب في أخلاق المؤمنين وعلامات الموحّدين
153 ـ عن جابر بن عبدالله ، أنّ أميرالمؤمنين 7 قال : من كنوز الجنّة البرّ ، وإخفاء العمل ، والصبر على الرزايا ، وكتمان المصائب (1).
154 ـ عن أبي عبدالله 7 قال : ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقور عند الهزاهز ، صبور عند البلاء ، شكور عند الرخاء ، قانع بما رزقه الله ، لا يظلم الأعداء ، ولا يتحامل الأصدقاء (2) ، بدنه منه في تعب ، والناس منه في راحة ، إنّ العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللّين والده (3).
155 ـ عن عباد بن صهيب (4) قال : سمعت أبا عبدالله 7 يقول : لا يجمع الله المنافق ولا لفاسق حسن السمت والفقر وحسن الخلق أبدا (5).
156 ـ عن عبدالله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله 7 ، قال : إنّ شيعة علي 7 كانوا خمص البطون ، ذبل الشفاء ، أهل رأفة و ( علم وحلم ) (6) يعرفون بالرهبانيّة ، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد والصبر (7).
__________________
(1) عنه في البحار : 71 / 95 ح 59 وفي البحار : 70 / 251 ح 3 وعن صحيفة الرضا : ص 21 مرسلاً وأورد في العيون : 2 / 37 ح 105 بأسانيده الثلاثة مثله.
(2) في الفقيه : على الأصدقاء.
(3) أخرجه في البحار : 67 / 268 ح 1 عنه وعن الكافي : 2 ص 47 ح 1 وص 230 ح 2 والخصال : ص 406 ح 1 وأمالي الصدوق : 474 ح 17 وفي الوسائل : 11 / 143 ح 9 عن الكافي وأمالي الصدوق مثله والفقيه : 4 / 354 نحوه كل بأسانيدهم عنه (ع) وفي البحار والوسائل والكافي : العقل بدل الصبر ، والبرّ بدل اللّين.
(4) ( وهب / خ ).
(5) عنه في البحار : 72 / 176 ح 5.
(6) ( رحمة / خ ).
(7) عنه في البحار : 68 / 188 ح 63 وعن الكافي : 2 / 233 ح 10 بإسناده عن ابن أبي يعفور ، وعن صفات الشيعة : 51 ح 18 بإسناده عن أحمد بن محمّد مرفوعا عنه (ع) وأخرجه في
157 ـ عن أبي جعفر 7 ، عن أمير المؤمنين 7 قال : ما ابتلي المؤمن بشيء هو أشدّ عليه من خصال ثلاث يحرمهنّ ، قيل : وما هنّ ؟
قال : المواساة في ذات يده ، والإنصاف من نفسه ، وذكر الله كثيراً ، أما إنّي لا أقول لكم : سبحان الله والحمد الله ، ولكن ذكر الله عندما أحلّ له ، وذكر الله عندما حرّم عليه (1).
158 ـ وعن أمير المؤمنين 7 قال : قال رسول الله 9 : أربع من كنّ فيه اكمل إيمانه وإنْ كان من قرنه إلى قدمه خطايا :
الصدق ، وأداء الأمانة ، والحياء والحسن الخلق (2).
159 ـ عن أبي الحسن الرضا 7 قال : لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون فيه ثلاث خصال : سنّة من ربّه ، وسنّة من نبيّه ، وسنّة من وليّه ،
فأمّا سنّة من ربّه : فكتمان السرّ ،
وأما السنّة من نبيّه : فمداراة الناس ،
وأما السنّة من وليّه : فالصبر في البأساء والضرّاء (3).
160 ـ عن الحذّاء ، عن أبي جعفر 7 قال : سمعته يقول : أما والله إنّ أحبّ أصحابي إليّ أورعهم وأكتمهم لحديثنا وإنّ أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم إليّ الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروي عنّا ، فلم يعقله ولم يقبله قلبه ، اشمأزّ منه وجحده وكفر بمن دان به ، وهو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا (4).
161 ـ عن أبي بصير عن أبي عبدالله 7 قال : قال عليّ عليه
__________________
الوسائل : 11 / 147 ح 16 وج 1 / 64 ح 8 عن الكافي ، وروى صدره في مشكاة الأنوار : ص 62 مرسلاً مثله.
(1) أخرجه في البحار : 93 / 151 ح 5 عن الخصال : 1 / 128 ح 13 ومعاني الأخبار : ص 192 ح 1 وفي البحار : 75 / 35 ح 30 عن الكافي : 2 / 145 ح 9 وفي الوسائل : 11 / 202 ح 9 عن المعاني والكافي بأسانيدهما عن أبي عبدالله (ع) باختلاف يسير ، وفي البحار : 93 / 164 عن مشكاة الأنوار : ص 57 عن أبي عبدالله (ع).
(2) عنه في البحار : 67 / 295 ح 19 وعن أمالي ابن الشيخ : 1 / 43 والكافي : 2 / 99 ح 3 مسنداً عن أبي عبدالله (ع) وأخرجه في البحار : 71 / 374 ح 3 والوسائل : 8 / 503 ح 2 عن الكافي ، وفي الوسائل : 13 / 220 ح 9 عن التهذيب : 6 / 350 ح 11 مسندا عن أبي عبدالله (ع) مثله.
(3) عنه في المستدرك : 1 / 139 ح 20 وج 2 / 92 ح 5.
(4) عنه في البحار : 68 / 176 ح 33 والمستدرك
السلام : إنّ لأهل الدين علامات يعرفون بها : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والوفاء بالعهد ، وصلة للأرحام ، ورحمة للضعفاء ، وقلة موافاة (1) النساء ، وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الحلم ، واتباع العلم ، وما يقرب إلى الله زلفي ، وطوبى لهم وحسن مآب (2).
162 ـ عن ابن بكير (3) ، عن أبي عبدالله 7 قال : إنّا لنحبّ من كان عاقلاً ، فهماً ، فقيهاً حليماً ، مدارياً ، صبوراً ، صدوقاً ، وفيّاً.
إنّ الله خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق ، فمن كان فيه فليحمد الله على ذلك ومن لم يكن فيه فليفزع (4) إلى الله ، وليسأله إيّاها.
قال : قلت : جعلت فداك ما هي ؟ قال : الورع والقناعة والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة وصدق الحديث والبرّ وأداء الأمانة (5).
163 ـ عن أبي عبدالله 7 ، قيل له : من أكرم الخلق على الله ؟ قال : من إذا اُعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر (6).
164 ـ وعن أبي عبدالله 7 قال : لا يصلح المؤمن إلاّ على ثلاث خصال : التفقّة في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة (7).
165 ـ وعن أبي عبدالله 7 قال : المؤمن لا يغلبه فرجه ، ولا يفضحه بطنه (
.
166 ـ عن الحلبي قال : قلت لأبي عبدالله 7 : أيّ الخصال بالبرّ (9)
__________________
: 1 / 6 ح 10.
(1) ( مواتاة / خ ) ، وفي جميع المصادر الاُخرى : وصلة الأرحام ( أو الرحم ) ورحمة الضعفاء.
(2) أخرج في البحار : 67 / 289 ح 11 و 12 عن أمالي الصدوق : ص 183 ح 7 مثله والخصال : 483 ح 56 وعن مشكاة الأنوار : ص 45 نحوه وفي البحار : 69 / 364 ح 1 عن الكافي : 2 / 239 ح 30 والبحار : 103 / 223 ح 2 عن أمالي الصدوق والوسائل : 11 / 148 ح 21 عن الكافي وصفات الشيعة : ص 88 ح 66 كل بأسانيدهم عن أبي بصير مثله وفي البحار : 70 / 282 ح 2 عن روضة الواعظين : ص 500 والعياشي : 2 / 213 ح 5 عن أبي بصير مثله.
(3) ( أبي بكير / خ ).
(4) ( فليتضرع / خ ).
(5) عنه في البحار : 69 / 397 ح 86 وعن أمالي المفيد : ص 121 بإسناده عن بكير مثله.
(6) عنه في البحار : 71 / 53 ح 82 وأورد في مشكاة الأنوار : ص 22 مرسلاً مثله.
(7) عنه في المستدرك : 2 / 283 ح 8 وأخرج في البحار : 1 / 221 ح 62 عن كتاب حسين بن عثمان : ص 108 عمن ذكره وغير واحد عنه (ع) مثله.
(
عنه في البحار : 67 / 310 ح 44.
(9) في بقيّة المصادر : بالمرء أجمل.
أكمل ، قال : وقار بلا مهابة ، وسماحة بلا طلب مكافاة ، وتشاغل بغير متاع الدينا. (1)
167 ـ عن المفضّل (2) ، عن أبي عبدالله 7 قال : قال الله عزّوجلّ : إفترضت على عبادي عشرة (3) فرائض ، إذا عرفوها أسكنتهم ملكوتي وأبحتهم جناني ، أوّلها : معرفتي ، والثانية : معرفة رسولي إلى خلفي ، والإقرار به ، والتصديق له ، والثالثة : معرفة أوليائي وأنّهم الحجج على خلقي ، من والاهم فقد والاني ، ومن عاداهم فقد عاداني ، وهم العلم فيما بيني وبين خلقي ، ومن أنكرهم أصليته ( أدخلته / خ ) ناري وضاعفت عليه عذابي.
والرابعة : معرفة الأشخاص الّذين اقيموا من ضياء قدسي ، وهم قوام قسطي.
والخامسة : معرفة القوّام بفضلهم والتصديق لهم.
والسادسة : معرفة عدوّي إبليس وما كان من ذاته وأعوانه.
والسابعة : قبول أمري والتصديق لرسلي.
والثامنة : كتمان سرّي وسرّ أوليائي.
والتاسعة : تعظيم أهل صفوتي والقبول عنهم والردّ إليهم فيما اختلفتم فيه حتّى يخرج الشرع (4) منهم.
والعاشرة : أن يكون هو وأخوه في الدين شرعاً سواء ، فإذا كانوا كذلك أدخلتهم ملكوتي وآمنتهم من الفزع الأكبر وكانوا عندي (5) في علّيين (6).
168 ـ عن أبي المقدام قال : قال أبو جعفر 7 : يا أبا المقدام إنّما شيعة على المنازلون ( المتباذلون / خ ) في ولايتنا ، المتحابّون في مودّتنا ، المتزاورون لإحياء أمرنا ، الّذين إذا غضبوا لم يظلموا ، وإذا رضوا لم يسرفوا ، بركة على من جاوروا ، سلم لمن خالطوا (7).
__________________
(1) عنه في البحار : 69 / 369 ح 7 وعن أمالي الصدوق : ص 238 ح 8 والخصال : ص 92 ح 36 بإسناده عن أحمد بن عمر الحلبي عنه (ع) وعن فقه الرضا : ص 48 مرسلاً وفي ص 367 ح 2 عن الكافي : 2 / 240 ح 33 بإسناده عن يحيى بن عمران الحلبي ، وأخرج في البحار : 71 / 337 ح 1 عن أمالي الصدوق والخصال مثله.
(2) ( الفضل / خ ). (3) هكذا في جميع النسخ والمصادر والظاهر أنّه : عشر.
(4) ( الشرع / خ ). (5) ( عبيدي / خ ). (6) عنه في البحار : 69 / 13 ح 13.
(7) أخرج في البحار : 68 / 190 ح 46 عن الكافي : 2 / 236 ح 24 والخصال : ص 397 ح 104 بإسنادهما عن أبي المقدام ومشكاة الأنوار : ص 61 مرسلاً مثله وفي الوسائل : 11 / 147 ح 19 عن الكافي باختلاف يسير.
169 ـ وعن مهزم الأسدي ، عن أبي عبدالله 7 قال : إنّ من شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ولا ( شحمة اُذنه ) (1) ولا يمتدح بنا معلناً ، ولا يواصل لنا مبغضاً ، ولا يخاصم لنا وليّا ، ولا يجالس لنا عائباً ، قال : قلت : فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعة ؟ قال : فيهم التمحيص وفيهم التمييز وفيهم التبديل ، تأتي (2) عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبدّدهم.
شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل وإن مات جوعاً ، قلت : وأين أطلب هؤلاء ؟ قال : اُطلبهم في أطراف الأرض ، أولئك الخفيض (3) عيشهم ، المنتقل دارهم ، إذا شهدوا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا (4) ، وإن خطبوا لم يزوّجوا ، وإن رأوا منكراً ينكروا ، وإن يخاطبهم جاهل سلّموا ، وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموا ، وعند الموت هم لا يحزنون ، وفي القبور يتزاورون ، لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلف بهم البلدان (5).
170 ـ وروي أنّ صاحباً لأمير المؤمنين 7 يقال له همام وكان رجلاً عابداً ، فقام إليه وقال له : يا أمير المؤمنين صف لي المتّقين كأنّي أنظر إليهم. فتثاقل (6) 7 عن جوابه ، ثمّ قال :
يا همام اتّق الله وأحسن ، فإنّ الله مع الّذين اتّقوا والذين هم محسنون ، فلم يقنع همام بذلك القول حتّى عزم عليه ، فقال له : أسألك بالذي أكرمك وخصّك وحباك وفضّلك بما آتاك لما وصفتهم لي.
فقام أمير المؤمنين : فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي 9 ، ثمّ قال :
أمّا بعد فإن الله سبحانه خلق الخلق حين خلقهم غنيّاً عن طاعتهم ، آمنا عن (7) معصيتهم ، لأنّه لا يضرّه معصية من عصاه منهم ، ولا ينفعه طاعة من أطاعه منهم ، فقسّم
__________________
(1) ( سحناءة يديه / خ ).
(2) ( التنزيل مالي / خ ).
(3) ( الحضيض ، الخفي / خ ).
(4) ( يعودوا / خ ) ، وفي البحار : يعادوا.
(5) عنه في البحار : 69 / 402 ح 104 وفي 68 / 180 ح 39 عن الكافي : 2 / 239 ح 27 وفي ص 179 ح 37 عن المشكاة ص 61 نحوه.
(6) ( فتشاغل / خ ).
(7) ( من / خ ).
بينهم معيشتهم ، ووضعهم في الدنيا مواضعهم ، فالمتقون فيها هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الإقتصاد ، ومشيهم التواضع ، خَصّوا الله عزّوجلّ بالطاعة فخُصّوا ، غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عليهم ، واقفين أسماعهم على العلم النافع لهم ، نُزّلت أنفسهم منهم في البلاء كالّذي نُزّل في الرخاء ، رضا عن الله بالقضاء [ و ] (1) لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى الثواب وخوفاً من العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنّة كمن قد رآها فهم فيها منعّمون ، وهم والنّار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة ، وحوائجهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، ومعونتهم في الإسلام عظيمة ، صبروا أيّاماً قصيرة ، أعقبتهم راحةً طويلةً ، وتجارة مربحة يسّرها لهم ربّ كريم ، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها ، وطلبتهم فأعجزوها ، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها.
أمّا الليل فصافّون أقدامهم تالين (2) لاجزاء القرآن يرتّلون (3) به ترتيلاً ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون (4) به دواء دائهم ويهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع (5) كلوم حوائجهم (6) ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلّعت إليها أنفسهم شوقاً ، و ظنّوا أنها نصب أعينهم ، وإذ مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم ، واقشعرّت منها جلودهم ، ووجلت منا قلوبهم ، وظنّوا أن صهيل جهنّم وزفيرها وشهيقها في اصول آذانهم ، فهم حانون (7) على أوساطهم ، يمجدون جباراً عظيماً ، مفترشون جباههم وأكفّهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم.
وأمّا النهار فحلماء علماء بررة أتقياء ، قد براهم الخوف بري القداح ، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ، ويقول : قد خولطوا ، ولقد خالطهم أمر عظيم إذا هم ذكروا عظمة الله وشدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال
__________________
(1) هكذا في نهج البلاغة.
(2) قارين / خ.
(3) ( يرتلونه / خ ).
(4) ( يسترون ، يستبشرون / خ ).
(5) ورجع / خ.
(6) ( جرائحهم / خ ).
(7) ( حافون ، حافظون / خ ).
القيامة ، فوضح ذلك قلوبهم ، وط