أسلحة الجيوش القديمة من الفؤوس الحجرية إلى عصر البارود والمدافع
إتصفت وسائل القتال في المجتمعات القديمة، بالبدائية والبساطة وبعد تجارب طويلة تطــوّرت صناعــة الأســلحة التي اســتخدمتها الجيوش عبر العصور.
الأدوات الحجرية والعربات
مثّلت صناعة الفؤوس اليدوية الجهد الإنساني الأول خلال العصر الحجري القديم، حيث استخدمت المادة الحجرية لصناعة الأسلحة والأدوات المختلفة. وكانت الأسلحة أدوات حجرية متنوعة دقيقة وحادة، صغيرة الحجم وقاطعة.
كما شهدت هذه المرحلة صناعة الأسلحة من مواد اخرى كالخشب والعاج والعظم.
من جهتهم، أجاد السومريون والأكاديون صناعة السهام والحراب وعربات القتال التي تجرّها الحيوانات، واستخدموها في أعمالهم العسكرية بين العامين 2800 و2000 ق.م.
أما الأشوريون فقد أنشأوا أقوى جيش في الشرق الأدنى القديم، وتميزوا عن غيرهم بقدراتهم العسكرية وبراعتهم بفن الحرب، وأجادوا صناعة ادوات الرمي كالخنجر والرمح والسهم والترس والسيف والحربة والدرع. ومدوا الجسور وحاصروا المدن واقتحموا الحصون (1900- 612 ق.م.).
وأتقن الأشوريون فن الحصار باستخدامهم ابراجًا متحركة يرمون منها نبالهم وكوم من التراب على الاعداء المحاصرين للسيطرة عليهم. وتميزوا بفن الفروسية وطوّروا المعدات الحربية وخطط القتال واستعملوا العجلات الحربية التي يمتطيها المحاربون وتجرّها الأحصنة. وقد اصبحت فرق الخيالة الثقيلة والعجلات الحربية من أهم عناصر الجيش الأشوري الهجومية.
الرومان اقتبسوا عن شعوب أخرى
كذلك، تميز الرومان في التنظيم العسكري القوي، والخطط الحربية الجديدة، والابتكارات، والاصلاحات التي ادخلوها على التسلّح، حيث اقتبسوا الأسلحة عن عدة شعوب ونذكر من بينهم:
- الغالييون: اقتبس الجيش الروماني عنهم الترس المحدب.
- الإغريق والقرطاجيون: اقتبس الرومان عنهم الآلات الحربية الثقيلة، واقتبسوا عن الاغريق أيضًا الرمح ذي الحدين المعدنيين والدرع والترس المتين.
- الايبيرييون: اقتبس الرومان عنهم الخنجر القصير.
- السمنيون: اقتبس الرومان عنهم «البيلوم» وهو قطعة حديد خفيفة الوزن مثبتة في ساق من الخشب، وكان الجندي يحملها بيده ويلقيها على جيش الأعداء.
سلاح «الجندي المثالي»
عرف التنظيم العسكري اليوناني فرق «الهوبليت» المشاة التي ضمت جنودًا من طبقة المالكين الصغار الذين كانوا يحرثون اراضيهم بأنفسهم. وزوّد «الهوبليت»، أو «الجندي المثالي» في جيش المشاة، بعدّة حربية قوامها: الرمح والسيف والخوذة والدرع والترس، مما جعلها ثقيلة الوزن، لذلك عيّن لكل جندي خادم شخصي يعاونه في حمل السلاح اثناء المسير وفي تحضير وجبات طعامه.
الدبابة الخشبية
استعمل العرب في الجاهلية وسائل قتال بدائية وبسيطة وأخرى أكثر تطورًا. ومن هذه الوسائل والأدوات:
- الأدوات الجارحة وأدوات الرمي كالسيف، والخنجر، والمدية، والرمح، والقوس، والنبل، والسهم، والترس أو المجن، والبيضة أو الخوذة، والدبوس، والفأس.
- المنجنيق (آلة ترمى بها الحجارة).
- العرّادة (آلة أصغر من المنجنيق، ترمي بالحجارة إلى مسافات بعيدة).
- الدبابة أو الضبر وهي عبارة عن صندوق خشبي أشبه ببرج مربع مسقوف لا أرض له يسير على عجلات، يركبه الرجال ويقتربون بواستطه من سور الأعداء لينقبوه. وسميّت الدبابة كذلك «كبشًا» لأن في رأسها آلة أشبه برأس الكبش تستخدم لهدم الأسوار.
- سلم الحصار، وهو سلم من حبال مجدولة بشكل درجات تنتهي بأنشوطة يرميها المقاتل على أعلى السور لتعلق به ثم يتسلق السور بواسطة السلم بعد تثبيته.
- الحسك الشائك، وهو في البدء كان أداة خشبية، ثم أصبح أداة حديدية ذات شعب ثلاث أو أكثر يغرز قسم منها في بطن الارض وتبقى الاخرى على ظاهرها لتعيق تقدم المهاجمين من خيالة ومشاة. وكانت هذه الأدوات تزرع حول الخنادق وفي الأماكن الضيّقة والممرات الإجبارية.
- التحصينات، وتتضمن الحصار والدفاع، والحصون والأسوار، والثغور...
اكتسب عرب الجاهلية الخبرة في صناعة الاسلحة والوسائل الحربية من الامم التي يتعاملون معها، كالفرس والروم، وقد تطورت صناعة هذه الآلات تطورًا ملحوظًا خلال الفتوح العربية.
البنادق والبارود والمدافع
تجهّز المغول بأحسن أنواع الأسلحة خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر وامتلكوا البنادق والبارود وآلات الحصار، والسيوف الحادة والدروع والمنجنيق والنبال ذات الأطراف الفولاذية أو العظمية. واستخدموا جعبًا من الجلد يمكن نفخها للاستعانة بها لاجتياز الأنهار. وكانوا يضعون في هذه الجعب أسلحتهم وأمتعتهم، ومن بين هذه الأخيرة عدد كبير من الأوتار ومعها إبرة وشمع لإصلاح الجعبة، ومبرد لسن أطراف النبال.
واستخدم العثمانيون الأسلحة الفردية والنارية في حروبهم، وخصوصًا المدافع التي تميّزت عن تلك التي ملكتها أي دولة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وألّف الوالي العثماني في مصر محمد علي باشا جيوشًا منظمة وكبيرة وأسطولاً ضخمًا محاربًا، وأنشأ مصانع لآلات القتال والطبنجات والسيوف والرماح والبنادق والبارود والثياب العسكرية، كما أنشأ مصنعًا للمدافع وذلك في القرن التاسع عشر.