الأرض «تخذل» حزب الله.. هذا ما فعله يوم مقتل نصر الله
هل خذلت حسابات الأرض حزب الله لدرجة إدراكه أنه لا مفر من إسقاط «وحدة الساحات» من أجل البقاء فقبل سرا بما كان يرفضه علنا؟
تفاصيل تخرج تباعا من الغرف المظلمة لتبوح بالتحولات والتغيرات، والأهم أنها تكشف ما حدث في الساعات الأخيرة قبل مقتل حسن نصر الله.
واليوم الأربعاء، أفاد مصدر حكومي لبناني بأن حزب الله أبلغ السلطات اللبنانية موافقته على وقف لإطلاق النار مع إسرائيل في اليوم الذي قتل فيه زعيمه حسن نصرالله بغارات إسرائيلية.
ومنذ مقتل نصرالله، لم تجر الحكومة "أي اتصالات مع حزب الله"، وفق المصدر الذي تحفّظ عن كشف هويته.
وقال المصدر الحكومي، إن "حزب الله أبلغ رسميا الحكومة اللبنانية عبر رئيس البرلمان نبيه بري في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، موافقته على المبادرة الدولية من أجل وقف إطلاق النار".
هل سقط المبدأ؟
لطالما كرّر حزب الله على لسان أمينه العام حسن نصر الله قبل مقتله أن الجبهة التي فتحها مقاتلوه من جنوب لبنان ضد إسرائيل "إسنادا" لغزة، لن تتوقف قبل وقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وحتى اليوم، لا يزال الموقف الرسمي المعلن للحزب يربط بين الساحتين، لكن مؤشرات متنامية تكشف أن سير الأمور على غير ما يشتهيه الحزب تدفعه للبحث عن هدنة في لبنان.
وفي 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، دعت الولايات المتحدة وفرنسا، في بيان وقعته أيضا دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، وقطر واليابان، إلى "وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوما عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية لإفساح المجال أمام الدبلوماسية".
وأبلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في اليوم اللاحق أثناء وجوده في الأمم المتحدة محاوريه الدوليين بموافقة حزب الله.
إعلان
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكّد في ذلك اليوم، في خطابه في الأمم المتحدة، عزم بلاده على مواصلة قصف حزب الله في لبنان.
وشنّت إسرائيل بعد ساعات من ذلك غارات جوية مدمّرة على حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، أسفرت عن مقتل نصر الله مع آخرين.
تغيرت البوصلة
في موقف لافت الثلاثاء، قال نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في كلمة متلفزة: "نؤيد الحراك السياسي الذي يقوم به الرئيس (مجلس النواب) بري وبعنوانه الأساسي وهو وقف إطلاق النار"، من دون أن يربطه مباشرة بوقف لإطلاق النار في غزة.
ويعدّ بري الذي يرأس حركة أمل الشيعية، حليفا وثيقا لحزب الله. وهو يقود منذ أيام مع نجيب ميقاتي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، حراكا دبلوماسيا للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في لبنان بمعزل عن الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.
ومؤخرا، كثّفت إسرائيل غاراتها الجوية على أهداف مختلفة لحزب الله في لبنان تسبّبت بدمار وتهجير كبيرين، وأعلنت بدء عمليات برية عند الحدود في جنوب لبنان.