الآية الثلاثون : قوله تعالى حاكيا عن المشركين (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (1) عن منتخب البصائر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت ويجري في القيامة ، فبعدا للقوم الظالمين (2). عن البحار عن الرضا عليهالسلام والله ما هذه الآية إلّا في الكرّة (3).
الآية الحادية والثلاثون : قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) (4) الآية سيأتي تفسيرها في سورة الشمس إن شاء الله.
الآية الثانية والثلاثون : قوله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) ـ إلى ـ (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) (5) عن القمّي قال : ذلك إذا أخرجوا في الرجعة من القبر يغشى الناس كلّهم الظلمة فيقولون : (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) فقال الله ردّا عليهم : (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى) في ذلك اليوم (وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) أي رسول قد بيّن لهم (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) قال : قالوا ذلك لمّا نزل الوحي على رسول الله وأخذه الغشي فقالوا هو مجنون ، ثمّ قال : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) يعني إلى القيامة ولو كان قوله : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) في القيامة لم يقل انّكم عائدون لأنّه ليس بعد القيامة والآخرة حالة يعودون إليها ، ثمّ قال : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) يعني في القيامة انّا منتقمون (6).
الآية الثالثة والثلاثون : قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) (7) عن كتاب تأويل الآيات عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : الأيّام المرجوة ثلاثة يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم القيامة (
.
الآية الرابعة والثلاثون : قوله تعالى : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (9) عن تفسير القمّي قال : ينادي المنادي باسم القائم (عج) واسم أبيه وقوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : صيحة
__________________
(1) سورة غافر : 11.
(2) مختصر البصائر : 195.
(3) البحار : 53 / 144 ح 162.
(4) سورة فصلت : 17.
(5) سورة الدخان : 10 إلى 16.
(6) تفسير القمي : 2 / 290.
(7) سورة الجاثية : 14.
(
تأويل الآيات : 2 / 576.
(9) سورة ق : 41 ـ 42.
القائم من السماء (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) هي الرجعة (1).
الآية الخامسة والثلاثون : قوله تعالى : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً) (2) عن القمّي قال : في الرجعة (3).
الآية السادسة والثلاثون : قوله تعالى : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (4) في منتخب البصائر عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : يكسرون في الكرّة كما يكسر الذهب حتّى يرجع كلّ شيء إلى شبهه يعني إلى حقيقته (5).
الآية السابعة والثلاثون : قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (6) عن القمّي المطر ينزل من السماء فيخرج به أقوات العالم من الأرض وما توعدون من أخبار الرجعة والقيامة والأخبار التي في السماء ثمّ أقسم عزوجل بنفسه فقال : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (7) يعني ما وعدتكم (
.
الآية الثامنة والثلاثون : قوله تعالى : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (9) عن القمّي والبحار والعوالم وانّ الذين ظلموا آل محمّد حقّهم عذابا دون ذلك قال : عذاب الرجعة بالسيف (10).
الآية التاسعة والثلاثون : قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) (11) عن القمي : المؤتفكة البصرة والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليهالسلام : يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة يا جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فانهزمتم (12) ماؤكم زعاق وأحلامكم وفاق (13) وفيكم ختم النفاق ولعنتم على لسان سبعين نبيّا ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبرني أن جبرئيل أخبره أنّه طوى له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين إلى الماء وأبعدها من السماء وفيها تسعة أعشار الشرّ والداء العضال المقيم فيها بذنب والخارج منها [متدارك] برحمة وقد ائتفكت
__________________
(1) تفسير القمّي : 2 / 327.
(2) سورة ق : 44.
(3) تفسير القمي : 2 / 327.
(4) سورة الذاريات : 13.
(5) مختصر البصائر : 28.
(6) سورة الذاريات : 22.
(7) سورة الذاريات : 23.
(
تفسير القمي : 2 / 330.
(9) سورة الطور : 47.
(10) تفسير القمي : 2 / 170.
(11) سورة النجم : 53.
(12) في المصدر : فهربتم.
(13) في البحار دقاق ، وفي المصدر : رقاق.
بأهلها مرّتين وعلى الله تمام الثالثة ، وتمام الثالثة في الرجعة (1).
الآية الأربعون : قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (2) الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام : هو العدل بعد الجور (3). في تأويل الآيات والإكمال باختلاف يسير عن أبي جعفر عليهالسلام : يعني بموتها كفر أهلها والكافر ميّت فيحييها الله بالقائم (عج) فيعدل فيها فتحيا الأرض ويحيا أهلها بعد موتهم (4).
الآية الحادية والأربعون : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (5) في الدمعة عن تفسير كنز الدقائق في الآية (قَوْماً غَضِبَ اللهُ) يعني عامة الكفّار وقيل اليهود ؛ لأنّها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود بأخبار المسلمين ليصيبوا من ثمارهم (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ) لكفرهم بها أو لعلمهم بأنه لا حظّ لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيّد بالمعجزات (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) أن يبعثوا ويثابوا وينالهم خير منهم ، وعلى الأوّل وضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على أنّ الكفر آيسهم (6).
الآية الثانية والأربعون : قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (7) في البحار قال : أي الثاني (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي أكاذيب الأوّلين (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) قال : في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين عليهالسلام ويرجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخراطيم الانف والشفتان (
.
الآية الثالثة والأربعون : قوله تعالى : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) (9) في تفسير البرهان وتأويل الآيات عن أبي عبد الله عليهالسلام : يعني خروج القائم (عج) (10). وهذا ممّا يدلّ على الرجعة في أيامه عليه وعلى آبائه أفضل صلوات ربّه وسلامه.
__________________
(1) تفسير القمي : 2 / 316 والمؤتفكات : الرياح تختلف مهابها ، ورغا البعير : صوّت ، وزعاق : مالح.
(2) سورة الحديد : 17.
(3) الكافي : 8 / 267 ح 390.
(4) كمال الدين : 668 ح 13 باب 58.
(5) سورة الممتحنة : 13.
(6) تفسير الصافي : 5 / 167.
(7) سورة القلم : 15 ـ 16.
(
البحار : 53 / 103 ح 128.
(9) سورة المعارج : 44.
(10) تأويل الآيات : 2 / 726 ح 7 وتفسير البرهان : 4 / 386 ح 1.
الآية الرابعة والأربعون : قوله تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (1) في البحار سئل أبو عبد الله عن اليوم قال : هي كرّة رسول الله فيكون ملكه في كرّته خمسين ألف سنة ويملك أمير المؤمنين عليهالسلام في كرّته أربعة وأربعين ألف سنة (2).
الآية الخامسة والأربعون : قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) إلى قوله عزوجل (رَصَداً) (3) عن القمّي (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) قال القائم وأمير المؤمنين عليهالسلام في الرجعة (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) قال : هو قول أمير المؤمنين لزفر : والله يا ابن الصهّاك لو لا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا وأقلّ عددا ، قال : فلمّا أخبرهم رسول الله ما يكون من الرجعة قالوا : متى يكون هذا؟
قال الله : قل يا محمد (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) ، وقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) الله (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) ، قال : يخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم والرجعة والقيامة (4).
الآية السادسة والأربعون : قوله تعالى : (قُمْ فَأَنْذِرْ) (5) في البحار قال : قيامه في الرجعة ينذر فيها (6).
الآية السابعة والأربعون : قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (7) عن منتخب البصائر سئل أبو عبد الله عن الرجعة أحقّ هي؟
قال : نعم ، وساق الحديث فيما يدلّ على رجعة الحسين كما سيأتي إن شاء الله في محلّه ، إلى أن قال : قلت : ومعه الناس كلّهم؟
قال : لا بدّ ، كما ذكر الله تعالى في كتابه : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) قوما بعد قوم (
.
__________________
(1) سورة المعارج : 4.
(2) البحار : 53 / 103 ح 130.
(3) سورة الجن : 24 ـ 27.
(4) تفسير القمي : 2 / 391.
(5) سورة المدّثر : 2.
(6) تفسير القمي : 2 / 393.
(7) سورة النبأ : 18.
(
مختصر البصائر : 48.
الآية الثامنة والأربعون : قوله تعالى : (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) (1) في تفسير البرهان وعن منتخب البصائر قيل لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول في الكرة قال : أقول فيها ما قال الله عزوجل وذلك أنّ تفسيرها صار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل أن يأتي هذا الحرف بخمسة وعشرين ليلة ، قول الله عزوجل : (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) إذا رجعوا إلى الدنيا ولم يقضوا دخولهم فقيل له : يقول الله عزوجل : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) أي شيء أراد بهذا؟ فقال : إذا انتقم منهم وماتت الأبدان بقيت الأرواح ساهرة لا تنام ولا تموت (2).
الآية التاسعة والأربعون : قوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (3) قال : هو أمير المؤمنين قال : ما أكفره أي ما ذا فعل وأذنب حتّى قتلوه ، ثمّ قال : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) قال : يسّر له طريق الخبر (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) قال : في الرجعة (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) (4) أي لم يقض أمير المؤمنين ما قد أمره وسيرجع حتّى يقضي ما أمره (5).
الآية الخمسون : قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (6) عن القمّي عن أبي بصير في قوله : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) ، قال : ما له قوّة يقوى بها على خالقه ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا ، قلت : انّهم يكيدون كيدا قال : كادوا رسول الله وكادوا عليا وكادوا فاطمة فقال الله : يا محمّد انّهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين يا محمّد أمهلهم رويدا لو قد بعث القائم فينتقم لي من الجبّارين والطواغيت من قريش وبني اميّة وسائر الناس (7).
الآية الحادية والخمسون : قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) إلى قوله عزوجل : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها وَلا يَخافُ عُقْباها) (
عن تأويل الآيات عن أبي عبد الله عليهالسلام في خبر في قوله عزوجل : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) قال : ثمود رهط من الشيعة قال الله
__________________
(1) سورة النازعات : 12 ـ 14.
(2) مختصر البصائر : 28.
(3) سورة عبس : 17.
(4) سورة عبس : 18 ـ 23.
(5) البرهان : 8 / 213.
(6) سورة الطارق : 15 ـ 17.
(7) تفسير القمي : 2 / 416.
(
سورة الشمس : 11 ـ 15.
سبحانه : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) (1) وهو السيف إذا قام القائم وقوله : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) وهو النبي (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) قال : الناقة الإمام الذي فهم عن الله وفهمهم عن الله ، وسقياها أي عند سقي القلم: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) قال : في الرجعة (وَلا يَخافُ عُقْباها) (2) قال : لا يخاف من مثلها إذا رجع. ذكر في توجيه الخبر ، ثمود رهط من الشيعة وهم البلد الخبيث الذي لا يخرج نباته إلّا نكدا وهم الزيدية وما في فرق الشيعة ، وقوله ناقة الله يعني أمير المؤمنين والأئمّة عليهمالسلام من بعده. وقد جاء في الزيارة الجامعة أنّهم الناقة المرسلة وقوله : فكذّبوه أي رسول الله فعقروها أي الناقة يعني قتلوا أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة بالسيف والسهم فدمدم عليهم ربّهم أي أهلكهم بعذاب الاستئصال في الدنيا والآخرة (3).
الآية الثالثة والخمسون : قوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (4) عن تأويل الآيات عن أبي عبد الله عليهالسلام قوله عزوجل : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يعني مرّة في الكرّة ومرّة اخرى يوم القيامة (5).
__________________
(1) سورة فصّلت : 17.
(2) سورة الشمس : 13 ـ 15.
(3) تأويل الآيات : 2 / 805 ح 2.
(4) سورة التكاثر : 3 ـ 4.
(5) تأويل الآيات : 2 / 850 والبرهان : 4 / 501 ح 2.
الفرع الرابع
في الأخبار الواردة في خصوص رجعة الأئمّة
في البحار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ لعلي في الأرض كرّة مع الحسين ابنه صلوات الله عليهما ، يقبل برايته حتّى ينتقم له من بني اميّة ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه ثمّ يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفا ومن سائر الناس سبعين ألفا فيلقاهم بصفّين مثل المرّة الاولى فيقتلهم (1) ولا يبقي منهم مخبرا ثمّ يبعثهم الله عزوجل فيدخلهم أشدّ عذابه مع فرعون وآل فرعون ، ثمّ كرّة اخرى مع رسول الله حتّى يكون خليفة في الأرض وتكون الأئمّة عمّاله وحتّى يبعثه الله علانية فتكون عبادته علانية في الأرض كما عبد الله سرّا ثمّ قال : إي والله وأضعاف ذلك ثمّ عقد بيده أضعافا يعطي الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ملك جميع أهل الدنيا منذ يوم خلق الله (2) الناس إلى يوم يفنيها حتّى ينجز له موعوده في كتابه كما قال : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(3) (4).
وفيه قال الصادق عليهالسلام : ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا ويستحلّ متعتنا (5).
وفي زيارة الجامعة المنسوبة إلى أبي الحسن الثالث : وجعلني ممّن يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكرّ في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكّن في أيّامكم وتقرّ عينه غدا برؤيتكم. وفي زيارة الوداع : ومكّنني في دولتكم وأحياني في رجعتكم. وعن الصادق عليهالسلام في زيارة الأربعين : وأشهد أنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي (6).
في الكافي والبحار عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي
__________________
(1) في بعض النسخ : حتّى يقتلهم.
(2) في بعض النسخ : الدنيا.
(3) سورة التوبة : 33.
(4) مختصر البصائر : 29 ، والبحار : 53 / 74 ح 75.
(5) من لا يحضره الفقيه : 3 / 458 ح 4583.
(6) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : 1 / 308.
الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) (1) قتل علي بن أبي طالب عليهالسلام وطعن الحسن ، (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) قتل الحسين عليهالسلام ، (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) إذا جاء نصر دم الحسين عليهالسلام (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمّد إلّا قتلوه (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) خروج القائم (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) خروج الحسين عليهالسلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهبة لكلّ بيضة وجهان ، المؤدّون إلى الناس أنّ هذا الحسين قد خرج حتّى لا يشكّ المؤمنون فيه وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان ، والحجّة القائم بين أظهرهم فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين جاء الحجّة الموت فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حضرته الحسين بن علي عليهماالسلام ولا يلي الوصي إلّا وصي ، وعن الصادق عليهالسلام برواية صفوان في زيارة مولانا الحسين عليهالسلام المعروفة بالوارث : واشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي (2).
وأيضا في زيارة العبّاس عليهالسلام : إنّي بكم وبإيابكم من الموقنين ، وفي الزيارة الرجبية عن الناحية المقدّسة : ويرجعني من حضرتكم خير مرجع إلى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة ومهل إلى حين الأجل وخير مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل ودوام الأكل وشرب الرحيق والسلسبيل وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحيّاته حتّى العود إلى حضرتكم والفوز في كرّتكم (3).
والدعاء الوارد في يوم تولّد الحسين عليهالسلام عن أبي القاسم بن العلاء وكيل أبي محمّد عليهالسلام إلى قوله : وسيّد الأسرة ، الممدود بالنصرة يوم الكرّة ، المعوض من قتله أنّ الأئمّة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتّى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبّار ويكونوا خير أنصار إلى قوله : فنحن عائذون بقبره نشهد تربته وننتظر أوبته آمين ربّ العالمين. وفي زيارة القائم (عج) في السرداب : ووفّقني يا ربّ للقيام بطاعته والمثوبة في خدمته والمكث في دولته واجتناب معصيته فإن توفيتني اللهمّ قبل ذلك فاجعلني يا ربّ فيمن يكرّ في رجعته ويملك في دولته ويتمكّن في أيّامه ويستظلّ
__________________
(1) سورة الإسراء : 4.
(2) مزار المشهدي : 516.
(3) إقبال الاعمال : 3 / 184.
تحت أعلامه ويحشر في زمرته وتقرّ عينه برؤيته. وفي زيارة اخرى له : وإن أدركني الموت قبل ظهورك فأتوسّل بك إلى الله سبحانه أن يصلّي على محمّد وآل محمّد وأن يجعل لي كرّة في ظهورك ورجعة في أيّامك لأبلغ من طاعتك مرادي وأشفي من أعدائك فؤادي. وفي زيارة اخرى : اللهمّ أرنا وجه وليّك الميمون في حياتنا وبعد المنون ، اللهمّ إنّي أدين لك بالرجعة بين يدي صاحب هذه البقعة (1).
وفيه عن الصادق عليهالسلام في زيارة النبي والأئمّة من بعيد فليقل وساق الزيارة إلى قوله : إنّي من القائلين بفضلكم مقرّ برجعتكم لا أنكر لله قدرة ولا أزعم إلّا ما شاء الله (2).
وفيه عن أبي عبد الله : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أنا الفاروق الأكبر وصاحب الميسم وأنا صاحب النشر الأوّل والنشر الآخر وصاحب الكرّات ودولة الدول وعلى يدي يتمّ موعد الله وتكمل كلمته وبي يكمل الدين ... إلى آخر كلامه عليهالسلام.
وفي زيارة الحسين المروية عن أبي حمزة عن الصادق عليهالسلام : ونصرتي لكم معدة حتّى يحييكم الله بدينه ويبعثكم وأشهد أنّكم الحجّة وبكم ترجى الرحمة فمعكم معكم لا مع عدوّكم إنّي بكم من المؤمنين ولا أنكر لله قدرة ولا أكذّب منه بمشيئة ، ثم قال : اللهمّ صلّ على أمير المؤمنين عبدك وأخي رسولك إلى أن قال : اللهمّ أتمم به كلماتك وأنجز به وعدك وأهلك به عدوّك واكتبنا في أوليائه وأحبّائه ، اللهمّ اجعلنا شيعته وأنصارا وأعوانا على طاعتك وطاعة رسولك وما وكّلته به واستخلفته عليه يا ربّ العالمين. وعن أبي عبد الله عليهالسلام : إذا أتيت عند قبر الحسين ويجزيك عند قبر كلّ إمام وساق [الزيارة] إلى قوله : اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر ابن نبيك وابعثه مقاما محمودا تنتصر به لدينك وتقتل به عدوّك فإنّك وعدته وأنت الربّ الذي لا تخلف الميعاد (3). وفي دعاء يوم دحو الأرض : وابعثنا في كرّته حتّى نكون في زمانه من أعوانه (4).
وفي تفسير (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (5) قال : هو أمير المؤمنين قال ما أكفره أي ما ذا فعل وأذنب حتّى قتلوه (6). إلى آخر ما ذكرنا في الآية التاسعة والأربعين المؤوّلة بالرجعة المطلقة
__________________
(1) الكافي : 8 / 206 ح 250 والبحار
(2) جمال الاسبوع 154 ، والبحار : 53 / 97 ح 112.
(3) كامل الزيارات : 526.
(4) البحار : 53 / 98 ـ 99 ح 118.
(5) سورة عبس : 17.
(6) تفسير القمي : 2 / 405.
قبيل هذا (1).
وفيه عن أبي جعفر عليهالسلام قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لقد أعطيت الست : علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول وإنّي لصاحب العصا والميسم والدابة التي تكلّم الناس (2).
وفيه عن أبي عبد الله عليهالسلام : والله لا تذهب الأيّام والليالي حتّى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء ويردّ الحقّ إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه. إلى آخر الحديث (3).
وفيه في تفسير القمّي : انّ للذين ظلموا آل محمّد حقّهم عذابا دون ذلك قال : عذاب الرجعة بالسيف.
وفي تفسير (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ) أي الثاني (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (4) كما ذكرنا آنفا (5).
وفيه عن أحمد بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله سئل عن الرجعة أحقّ هي؟
قال : نعم ، فقيل له : من أوّل من يخرج؟ قال : الحسين يخرج على أثر القائم ، قلت : ومعه الناس كلّهم؟ قال : لا ، بل كما ذكر الله في كتابه (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (6) قوم بعد قوم ، وعنه : ويقبل الحسين عليهالسلام في أصحابه الذين قتلوا معه ومعه سبعون نبيّا كما بعثوا مع موسى بن عمران فيدفع إليه القائم الخاتم فيكون الحسين هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته (7).
وفيه عن أبي جعفر عليهالسلام : والله ليملكنّ منّا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا ، قلت : متى يكون ذلك؟ قال : بعد القائم ، قلت : وكم يقوم القائم في عالمه؟
قال : تسع عشرة سنة ثمّ يخرج المنتصر إلى الدنيا وهو الحسين عليهالسلام فيطلب بدمه ودم أصحابه فيقتل ويسبي حتّى يخرج السفّاح وهو أمير المؤمنين (
.
وفيه عن أبي جعفر عليهالسلام : إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى أمير المؤمنين عليهالسلام(9).
__________________
(1) مختصر البصائر : 48.
(2) بصائر الدرجات : 220 ، والبحار : 25 / 354 ح 3.
(3) تهذيب الاحكام : 4 / 97 ح 274.
(4) سورة القلم : 14 ـ 16.
(5) مختصر البصائر : 46 وتفسير القمي : 2 / 170.
(6) سورة النبأ : 18.
(7) مختصر البصائر : 48.
(
مختصر البصائر : 49 وغيبة النعماني : 332.
(9) مختصر البصائر : 47.
وفيه عن أبي جعفر عليهالسلام : إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صدّيق فيكونون في النصارة (1).
طريفة : كانت لمؤمن الطاق مع أبي حنيفة حكايات كثيرة فمنها أنّه قال له يوما : يا أبا جعفر تقول بالرجعة؟ فقال : نعم ، فقال له : أقرضني من كيسك هذا خمسمائة دينار وإذا عدت أنا وأنت رددتها إليك فقال له في الحال : أريد ضمينا يضمن لك أنّك تعود إنسانا وإنّي أخاف أن تعود قردا فلا أتمكّن من استرجاع ما أخذت (2).
وفي البحار عن محمد بن مسلم قال : سمعت حمران بن أعين وأبا الخطّاب سمعا أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أوّل من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهالسلام وإنّ الرجعة ليست بعامّة وهي خاصّة لا يرجع إلّا من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا (3).
وفيه عن أبي عبد الله عليهالسلام : إنّ إبليس قال : أنذرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه فقال : إنّك من المنذرين إلى يوم الوقت المعلوم ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرّة يكرّها أمير المؤمنين ، فقلت : وإنّها لكرّات؟
قال : نعم إنّها لكرّات وكرّات ما من إمام في قرن إلّا ويكرّ معه البرّ والفاجر في دهره حتّى يديل الله المؤمن [من] الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كرّ أمير المؤمنين عليهالسلام في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ، يكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له الروحاء قريب من كوفتكم فيقتتلون قتالا لم يقتل مثله منذ خلق الله عزوجل العالمين ، فكأنّي أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين عليهالسلام قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى مائة قدم ، وكأنّي أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات فعند ذلك يهبط الجبّار عزوجل (4) في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر برسول الله أمامه بيده حربة من نور فإذا نظر إليه إبليس يرجع القهقرى ناكصا على عقبيه فيقول له أصحابه : أين تريد وقد ظفرت؟ فيقول : إنّي أرى ما لا ترون انّي أخاف الله ربّ العالمين ، فيلحقه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيطعنه طعنة بين كتفيه فيكون هلاكه
__________________
(1) البحار : 52 / 390 ح 212 عن غيبة السيد علي.
(2) فهرست النجاشي : 53 / 107.
(3) تصحيح الاعتقاد : 215.
(4) هبوط الجبّار تعالى كناية عن نزول آيات عذابه كما في البحار.
وهلاك جميع أشياعه ، فعند ذلك يعبد الله عزوجل ولا يشرك به شيئا ويملك أمير المؤمنين عليهالسلام أربعا وأربعين ألف سنة حتّى يلد الرجل من شيعة علي ألف ولد من صلبه ذكرا ، وعند ذلك تظهر الجنّتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله تعالى (1).
في البحار عن الباقر عليهالسلام قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إنّ الله تبارك وتعالى أحد واحد تفرّد في وحدانيته ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نورا ثمّ خلق من ذلك النور محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلقني وذريّتي ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحا فأسكنه الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا فنحن روح الله وكلماته فبنا احتجّ على خلقه ، فما زلنا في ظلّة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطرف نعبده ونقدّسه ونسبّحه وذلك قبل أن يخلق الخلق وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا ، وذلك قوله عزوجل (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) (2) يعني لتؤمنن بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ولتنصرن وصيّه وسينصرونه جميعا وإنّ الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنصرة بعضنا لبعض فقد نصرت محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وجاهدت بين يديه وقتلت عدوّه ووفيت لله بما أخذ علي من الميثاق والنصرة لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله وذلك لما قبضهم الله إليه وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها وليبعثنّ الله أحياء من آدم إلى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّ نبي مرسل يضربون بين يديّ بالسيف الأموات والأحياء والثقلين جميعا ، فيا عجبا وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء يلبّون زمرة بالتلبية : لبيك لبيك يا داعي الله ، قد تخلّلوا بسكك الكوفة قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأوّلين والآخرين حتّى ينجزهم الله ما وعدهم في قوله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (3) أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا في عبادي ، ليس عندهم تقيّة ، وإن لي الكرة بعد الكرّة والرجعة بعد الرجعة وأنا صاحب الرجعات والكرّات
__________________
(1) مختصر البصائر : 27 ، والبحار : 53 / 42 ح 12.
(2) سورة آل عمران : 81.
(3) سورة النور : 55.
وصاحب الصولات والنقمات والدولات العجيبات وأنا قرن من حديد وأنا عبد الله وأخو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أمين الله وخازنه وعيبة سرّه وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه وأنا الحاشر إلى الله وأنا كلمته التي يجمع بها المفترق ويفرّق بها المجتمع وأنا أسماء الله الحسنى وأمثاله العليا وآياته الكبرى وأنا صاحب الجنّة والنار ، أسكن أهل الجنّة الجنّة وأسكن أهل النار النار وإليّ تزويج أهل الجنّة وإليّ عذاب أهل النار وإليّ إياب الخلق جميعا وأنا الاياب الذي يئوب إليه كلّ شيء بعد القضاء وإليّ حساب الخلق جميعا ...» إلى آخر الخطبة (1).
وفيه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد أسرى بي ربّي عزوجل فأوحى إليّ من وراء حجاب ما أوحى وكلّمني بما كلّم به وكان ممّا كلّمني به أن قال : يا محمّد إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم. إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر سبحان الله عمّا يشركون. إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا الخالق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنى يسبّح له من في السماوات والأرض وأنا العزيز الحكيم. يا محمّد إني أنا الله لا إله إلّا أنا الأوّل فلا شيء قبلي وأنا الآخر فلا شيء بعدي وأنا الظاهر فلا شيء فوقي وأنا الباطن فلا شيء دوني وأنا الله لا إله إلّا أنا بكلّ شيء عليم.
يا محمّد علي أوّل من آخذ ميثاقه من الأئمّة ، يا محمّد علي آخر من أقبض روحه من الأئمّة وهو الدابة التي تكلّمهم ، يا محمّد علي أظهره على جميع ما أوحيه إليك ليس لك أن تكتم منه شيئا. يا محمّد أبطنه الذي أسررته إليك فليس ما بيني سرّ دونه. يا محمّد علي على ما خلقت من حلال وحرام ، علي عليم به (2).
وفيه بإسناده إلى حمران بن أعين : الدنيا مائة ألف سنة ، لسائر الناس عشرون ألف سنة ولآل محمّد ثمانون ألف سنة (3).
وفيه عن مفضل عن أبي عبد الله عليهالسلام : كأني بسرير من نور قد وضع وقد ضربت عليه قبّة من ياقوتة حمراء مكلّلة بالجوهر وكأنّي بالحسين جاث على ذلك السرير وحوله تسعون ألف قبّة خضراء وكأنّي بالمؤمنين يزورونه ويسلّمون عليه فيقول الله عزوجل : أوليائي
__________________
(1) مختصر البصائر : 34 ، والبحار : 53 : 47 ح 20.
(2) مختصر البصائر : 36 ومدينة المعاجز : 5 / 45.
(3) مختصر البصائر : 212 ، والبحار : 53 / 116 ح 138.
سلوني فطال ما أوذيتم وذللتم واضطهدتم فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلّا قضيتها لكم ، فيكون أكلهم وشربهم من الجنّة ، فهذه والله الكرامة [التي لا انقضاء لها ولا يدرك منتهاها] (1). ولا يخفى أنّ سؤال الحوائج يدلّ على أنّ هذا في الرجعة إذ هي لا تسأل في الآخرة(2).
زهرة : قد ذكرنا في أوّل الكتاب في الغصن الأوّل في باب أنّ الأرض لا تخلو من إمام عن أبي عبد الله عليهالسلام : لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام. وعن أبي جعفر عليهالسلام : لو بقيت الأرض يوما بلا إمام منّا لساخت بأهلها ولعذّبهم الله بأشدّ عذابه (3). وحديث قيام القائم بعد المهدي بأربعين يوما ونظير هذه الأخبار كثير.
إن قيل : ما التوفيق بين هذه الأخبار وأخبار رجعة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسائر الأئمّة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين؟
قلنا : روي عن أبي حمزة عن أبي بصير قلت للصادق عليهالسلام : يا ابن رسول الله سمعت من أبيك أنّه قال : يكون بعد القائم اثنا عشر إماما فقال : قد قال : اثنا عشر مهديا ولم يقل : اثنا عشر إماما (4). وفي رواية بعد المهدي يرجع الخلفاء الاثنا عشر وظهور القيامة بعد المهدي بعد رجوعه في الدنيا في المرّة الثانية (5).
وفي العوالم عن تفسير العيّاشي عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : والله ليملكن رجل منّا أهل البيت الأرض بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا قال : قلت فمتى ذلك؟ قال : بعد موت القائم ، قال : قلت : وكم يقوم القائم في عالمه حتّى يموت؟ قال : تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى موته ، قال : قلت : فيكون بعد موته هرج؟
قال : نعم ، خمسين سنة ، قال : ثمّ يخرج المنصور إلى الدنيا فيطلب دمه ودم أصحابه فيقتل ويسبي حتّى يقال : لو كان هذا من ذرية الأنبياء ما قتل الناس كلّ هذا القتل ، فيجتمع الناس عليه أبيضهم وأسودهم فيكثرون عليه حتّى يلجئونه إلى حرم الله فإذا اشتد البلاء
__________________
(1) كامل الزيارات : 259 ح 390 باب 50 وما بين المعكوفين منه.
(2) البحار : 53 / 116 ح 140.
(3) كمال الدين : 118 ط. القديمة واصول الكافي : 1 / 180 ح 3.
(4) كمال الدين : 358 ح 56 ط. جامعة المدرسين.
(5) راجع معجم أحاديث الإمام المهدي : 2 / 245 وما بعدها.
عليه مات المنتصر وخرج السفّاح إلى الدنيا غضبا للمنتصر فيقتل كلّ عدوّ لنا يا جابر ويملك الأرض كلّها ويصلح الله له أمره ويعيش ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا ، ثم قال أبو جعفر : يا جابر هل تدري من المنتصر والسفّاح؟ يا جابر المنتصر الحسين عليهالسلام والسفّاح أمير المؤمنين عليهالسلام (1).
زهرة اخرى : عن السيّد ابن طاوس رحمهالله في الطرائف عن مسلم في صحيحه سمعت جابرا يقول : عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر محمد الباقر عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تركوها كلّها ، ثمّ ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمد بن عمر الرازي قال : سمعت حريز يقول : لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنه كان يؤمن بالرجعة (2).
انظر رحمك الله كيف حرموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيّهم برواية أبي جعفر عليهالسلام الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسّك بهم. ثمّ وإنّ أكثر المسلمين أو كلّهم قد رووا إحياء الأموات في الدنيا وحديث إحياء الله الأموات في القبور للمسألة وروايتهم عن أصحاب الكهف ، وهذا كتابهم يتضمّن (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) (3) والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة مع موسى وحديث العزير ومن أحياه عيسى ابن مريم ، وصافي الكشاف من الزمخشري ، وحديث ذي القرنين وسأل ابن الكوّاء أملك أم نبي؟ فقال : ليس بملك ولا نبي لكن كان عبدا صالحا ضرب على قرنه [الأيمن] في طاعة الله فمات ثمّ بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمّي ذا القرنين (4).
أقول : بعد ما أوردنا من طرق الفريقين (5) في إثبات الرجعة ووقوعها للامم السابقة وهذه الامّة لا يكاد يتيسّر إنكارها لأحد ، بل إنكارها يكون من المكابرات الصرفة والعناد المحض
__________________
(1) تفسير العياشي : 2 / 353.
(2) الطرائف : 1 / 275 ط. الأعلمي بتحقيقنا وصحيح مسلم بشرح النووي : 1 / 60 ح 52.
(3) سورة البقرة : 243.
(4) كتاب السنّة : 583 ح 1318 وسعد السعود : 65.
(5) أقول : من الذين كانوا يؤمنون بالرجعة الصحابي واثلة كما ذكر ابن قتيبة في المعارف : 192 ط. مصر ذكر من تأخّر موته من الصحابة. وجابر الجعفي : لوامع الأنوار : 2 / 147 ، وكثير عزة ، راجع عيون الأخبار لابن قتيبة : 2 / 144 ، والمنتخب : 122 ـ 123 ، وأبو حمزة الثمالي كما ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث : 137 ذكر يزيد بن هارون.
في الدين والجحود لما جاء به سيّد المرسلين من وقوعها في هذه الامّة ، أجارنا الله من ذلك وسائر المؤمنين ، كيف لا وقد ورد في الصحيح عن خاتم النبيّين أنّه قال : كلّ ما جرى في امم الأنبياء قبلي شيء سيجري في أمّتي مثله (1). والأخبار في ذلك قد تجاوزت حدّ التواتر المعنوي.
__________________
(1) أقول : قد فصّل ذلك المقريزي في ذيل كتابه النزاع والتخاصم : 157 ـ 158.
فاكهة
هذه قصيدة نظمها بعض علماء دار السلام استغرب الناظم لها اختفاءه ولم يعلم أنّ له أسوة بالأنبياء والمرسلين ، واستبعد إلى هذه الأيّام بقاءه وغفل عن قدرة ربّ العالمين. وقد أجابه علّامة زمانه وفريدة عصره الفاضل المحدّث النوري بأجوبة شافية كافية وسمّاها : كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار ذكرت هذه القصيدة مع القصيدة التي نظمها في جوابها العالم الخبير والفاضل النحرير الذي عجز عن وصف مدائحه المادحون وسطعت من أقلام حكمته أنوار اليقين الشيخ محمد حسين لا زال مؤيّدا ومسدّدا برفع شبه الجاهلين خلف علّامة البشر والأستاذ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدّس الله سرّه ألحقتها بكتابي هذا : إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب ، وجعلتها فاكهة من ثمار هذا الكتاب الذي هو شجرة مباركة من أشجار كتابنا حدائق الجنان والله ولي التوفيق والغفران.
قال الناظم هداه الله ووفّقه للخير :
أيا علماء العصر يا من له الخبر
بكل دقيق حار من دونه (1) الفكر
لقد حار منّي الفكر بالقائم الذي
تنازع فيه الناس واشتبه الأمر
فمن قائل في القشر لبّ وجوده
ومن قائل قد ذبّ عن لبّه القشر
وأوّل هذين للذين تقررا
به العقل يقضي والعيان ولا نكر
وكيف وهذا الوقت ذاع لمثله
ففيه توالى الظلم وانتشر الشرّ
وما هو إلّا ناشر العدل والهدى
فلو كان موجودا لما وجد الجور
وإن قيل من خوف الطغاة قد اختفى
فذاك لعمري لا يجوّزه الحجر
ولا النقل كلا إذ تيقّن أنّه
إلى وقت عيسى يستطيل له العمر
وإن ليس بين الناس من هو قادر
على قتله وهو المؤيّد والنصر
وإن جميع الأرض ترجع ملكه
ويملأها قسطا ويرتفع المكر
__________________
(1) في الذريعة : في مثله.
وإن قيل من خوف الأذاة قد اختفى
فذلك قول عن معايب يفترّ
فهلّا بدا بين الورى متحمّلا
مشقّة نصح الخلق من دأبه الصبر
ومن عيب هذا القول لا شكّ أنّه
يؤول إلى جبن الإمام وينجرّ
وحاشاه من جبن ولكن هو الذي
غدا يختشيه من حوى البر والبحر
على أنّ هذا القول غير مسلّم
ولا يرتضيه العبد كلا ولا الحرّ
ففي الهند أبدى المهدوية كاذب
وما ناله قتل ولا ناله ضرّ
وإن قيل هذا الاختفاء بأمر من
له الأمر في الأكوان والحمد والشكر
فذلك أدهى الداهيات ولم يقل
به أحد إلّا أخو السفه الغرّ
أيعجز ربّ الخلق عن نصر حزبه
على غيرهم كلّا فهذا هو الكفر
فتحى م هذا الاختفاء وقد مضى
من الدهر آلاف وذاك له ذكر
وما أسعد السرداب في سرّ من رأى
له الفضل من أمّ القرى وله فخر
فيا للأعاجيب التي من عجيبها
أن اتخذ السرداب برجا له البدر (1)
فأجاب المجيب الموفّق دامت بركاته وتوفيقاته :
بنفسي بعيد الدار قرّبه الفكر
وأدناه من عشّاقه الشوق والذكر
تستّر لكن قد تجلّى بنوره
فلا حجب تخفيه عنهم ولا ستر
ولاح لهم في كلّ شيء تجليا
فلا يشتكي منه البعاد ولا البحر
بمرآه تسقى العين خسرا وخيبة
ويسعد في أنواره القلب والصدر
ألا طل وإن عذبت يا ليل بعده
فمن بعد طول الليل يستعذب الفجر
وأقصر أطلت اللوم يا عاذلي به
فلا مفصل إلّا على حبّه قصر
عداك السنا من هذه الجذوة التي
بأكباد أهل الحبّ شب لها جمر
وما الحب إلّا منتهى السدرة التي
لهم من جناها لبّه ولك القشر
حبيبي بك الأشياء قامت فما الذي
يقيم على إثباتك الجاهل الغرّ
حبيبي أسارى في وجودك ضلّة
ولولاك للإيجاد ما انتظم الأمر
بفيك جرى عين الحياة ومذ دنا
ليشرب منها عمّر الشارب الخضر
__________________
(1) راجع الذريعة : 1 / 475 رقم 2346 و 3 / 91 رقم 288.
ولي فيك سرّ لو أبوح ببعضه
لقلت من الإيجاز هذا هو السرّ
فيا بأبي لح للبرية أو تغب
وليس على علياك من غيبة ضرّ
فشمس الضحى والبدر نوراهما هما
وإن غربت أو غيّب الشمس والبدر
ولا نكر أن لاحت ولم ير ضوءها
أخو نظر لكن على عينه النكر
ولا بأس ممّن جاء يسأل قائلا
أيا علماء العصر يا من له الخبر
لقد حار منّي الفكر بالقائم الذي
تحيّر فيه الناس والتبس الأمر
عثرت ألا يا سائلا حار فكره
على من له في كلّ مسألة خبر
أعرني منك اليوم أذنا سميعة
إذا ما قرأت الحقّ لم يعرها وقر
وقلبا ذكيا في التخاصم يعتدى
لطائرة الإنصاف عنك به وكر
وخذ عندها من نظم فكري لئالئا
بهنّ إليك الخبر يقذف لا البحر
مضامينها الغرّ الصحيحة صادر
بها مصدر العلم الإلهيّ والصدر
إمام الهدى النوري من نور علمه
أنارت به في الافق أنجمه الزهر
يقول ولا تنفكّ أعلام فضله
على أرؤس الأعلام في طيّها نشر
ألا إنّ ما استغربت منّا مقالة
به قال منكم معشر ما لهم حصر
وكلّهم أضحوا لديكم أئمّة
عنى لعلاهم من حوى البر والبحر
موثقة أسماؤهم في رجالكم
ففي كلّ سطر من فضائلهم شطر
فمنهم كمال الدين كما في مطالب السئول
ل طوى سؤلا به حتى انكشف الستر
وذا الحافظ الكنجي كم في بيانه
بيان براهين يبين بها الأمر
وكم لابن صباغ فصول مهمّة
تفصّل ما قد أجمل الكتب والسفر
فإنّ بشمس الدين تذكرة لمن
يريد خواصا طبقها النص والذكر
وحسبي بمحيي الدين نقضا فإنّ في
الفتوح عليك الفتح قد جاء والنصر
وكم في يواقيت الجواهر جوهر
به عاد شعرانيكم وله الفخر
لواقح أنوار له انظر فان للعرا
قي فيه قصة عودها نضر
وصدقه فيه الخواص عليّ من
كراماته لا يستطاع لها ذكر
ذوو القدر ها هم عينوا قدر عمره
فما ذا يقول اليوم من ما له قدر
وشاهدهم فيما ادعوه شواهد
النبوّة فالجاميّ ممّن له خبر
وفصل الخطاب الخاجه بارسا قد احتوى
تفاصيل فيها يثلج القلب والصدر
وهذا أبو الفتح احتوت أربعينه
أحاديث فيها جل أصحابكم قروا
وكم للبخاري الدهلوي رسائل
بهن مع المهدي آباؤه الغرّ
وفي روضة الأحباب للحق روضة
بعرف عطاء الله ضاع لها نشر
وهذا البلاذري سل سلسلاتهم
تجده روى عنه شفاها ولا نكر