الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» نثر الدر المكنون
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyاليوم في 6:12 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» مقاتل الطالبيّين مقاتل الطالبيّين المؤلف :أبي الفرج الاصفهاني
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 11:42 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج1
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 10:27 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج2
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 9:59 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج3
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 9:34 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  كلام جميل عن التسامح
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 8:57 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مفهوم التسامح مع الذات
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 8:48 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال الحكماء والفلاسفة
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 10:01 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال وحكم رائعة
امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyأمس في 9:55 am من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     امراء الكوفه وحكامها

    اذهب الى الأسفل 
    انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:09 am

    قصيدته (التائية) كان خير ما قيل في رثائهم ، نقتطف منها الأبيات التالية (1) :
    ديار عليّ والحسين وجعفر
    ومنزل وحي مقفر العرصات

    ديار لعبد الله والفضل تلوه
    نجي رسول الله في الخلوات

    ديار عفاها جور كلّ منابذ
    ولم تعف بالأيّام والسنوات

    قبور بكوفان وأخرى بطيبة
    وأخرى بفخ يا لها صلوات

    وقبر بأرض الجوزجان محله
    وقبر بباخمرى لدى الغربات

    وقبر ببغداد لنفس زكيّة
    تضمنها الرحمن في العرصات

    وقبر بطوس يا لها من مصيبة
    تردد بين الصدر والحجبات

    نفوس لدى النهرين من بطن كربلا
    معرّسهم منها بشط فرات

    خلا أنّ منهم بالمدينة عصبة
    مدى الدهر انضياء من الأزمات

    أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي
    نجوم سموات بأرض فلات

    إلى آخر القصيدة (2) ، وعدد أبياتها (61) بيتا.
    وفي سنة (158) للهجرة مات أبو جعفر المنصور ، وقيل ذهب المنصور في هذه السنة إلى مكّة وعند وصوله إلى الكوفة مرض ، ولمّا وصل إلى بئر ميمون ازداد به المرض فمات ليلة السبت في السادس من شهر ذي الحجّة من هذه السنة ، فصلّى عليه عيسى (3) بن موسى ، وقيل صلّى عليه إبراهيم (4) ابن يحيى بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، ودفن في (ثنية المصلاة).
    وكانت مدّة خلافته (22) سنة إلّا ستة أيّام ، وعمره (63) سنة ، وقيل
    __________________
    (1) جواد شبر ـ أدب الطف. ج 1 / 295.
    (2) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 309 وتاريخ الطبري. ج 8 / 107 وبروكلمان ـ تاريخ الشعوب الإسلامية. ص 183.
    (3) محمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج 1 / 85.
    (4) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 5 / 114. وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 204.

    مات يوم الأحد من الشهر المذكور (1).
    وقيل إنّ أبا جعفر المنصور ، لمّا وصل إلى بئر ميمون رآى مكتوب على حائط الدار الّذي نزل فيه (2) :
    أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت
    سنوك ، وأمر الله لا شك واقع

    أبا جعفر هل كاهن أو منجم
    لك اليوم من حرّ المنيّة مانع

    6 ـ محمّد بن سليمان :
    هو : محمّد بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب وكنيته أبو عبد الله. ولّاه أبو جعفر المنصور ، إمارة الكوفة سنة (147) (3) للهجرة ، وذلك بعد عزل عيسى بن موسى عنها ، وقيل سنة (146) للهجرة.
    ثمّ عزله أبو جعفر المنصور عن إمارة الكوفة سنة (155) للهجرة (4) ، وعيّن مكانه عمرو بن زهير الضبي ، ثمّ أعاده المهدي إلى إمارة الكوفة سنة (167) للهجرة.
    ومحمّد بن سليمان هذا ، كان زعيم أهله ، جليل القدر عندهم ، فقد تولى إمارة البصرة في خلافة (المهدي) ثمّ ذهب إلى بغداد عند ما آلت الخلافة إلى هارون الرشيد ، فأكرمه الرشيد ، وعمل له ما لم يعمل لأحد ، إذ أضاف إليه كور دجلة ، والبحرين واليمامة وكور الأهواز ، وكور فارس ، إضافة إلى إمارة
    __________________
    (1) تاريخ ابن خلدون. ج 3 / 204.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 107.
    (3) المصدر السابق. ج 8 / 25 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 175 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 201 وتاريخ ابن خياط. ج 2 / 636.
    (4) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 432 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 184 و288 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 7 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 202 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 232.

    البصرة (1). وقد تاقت نفس محمّد بن سليمان إلى الخلافة ، إلّا أنّ قوّة وحنكة المهدي والرشيد حالتا دون الجهر بها (2).
    وقد أعطى أبو جعفر المنصور لمحمد بن سليمان عشرين ألف درهم ، وأعطى لأخيه جعفر بن سليمان عشرة آلاف درهم. فقال جعفر : يا أمير المؤمنين ، أتفضله عليّ ، وأنا أكبر منه؟! فقال له المنصور : إنّ منزلنا مليء بهدايا محمّد ، ولا نلتفت إلى ناحية من نواحيه ، إلّا وجدنا بقية من هداياه ، وأنت لم تفعل من هذا شيئا) (3).
    ولقد أثرى محمّد بن سليمان ثراءا فاحشا ، عند ما كان أميرا على البصرة ، وعلى الأماكن الّتي ذكرناها ، حتّى قيل : إن وارداته في اليوم الواحد مائة ألف درهم (4).
    وبنى له قصرا في البصرة ، لم يكن له مثيل آنذاك ، ودخل عليه عبد الصمد بن شبيب بن شبه ، فقال له محمّد بن سليمان : ما رأيك في قصري؟
    قال عبد الصمد : (بنيت أجلّ بناء ، بأطيب فناء ، واوسع فضاء ، وأرقّ هواء ، على أحسن ماء ، بين حواري وحسان وضباء) (5).
    فقال له محمّد : بناء كلامك أحسن من بناء قصري وقال ابن أبي عينيه (العيناء) يصف ذلك القصر (6) :
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 234 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 62 والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 5 / 291.
    (2) الزركلي ـ الأعلام. ج 6 / 149.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 177.
    (4) الآبي ـ نثر الدر. ج 1 / 448.
    (5) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 338.
    (6) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 2 / 144 والمسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 349 ويحيى شامي ـ موسوعة شعراء العرب. ص 15.


    زر وادي القصر نعم القصر والوادي
    لا بدّ من زورة من غير ميعاد

    زره فليس له شبه يقاربه
    من منزل حاضر إن شئت أو باد

    ترقى قراريه والعيس واقفة
    والضب والنون والملاح والحادي

    ودخل الشاعر محمّد بن ذويب العماني على محمّد بن سليمان ، وقد تغدّى معه ، فكان أوّل ما قدّم اليهم من الطعام (فرنية) (1) ليس عليها سكر ، ثمّ تتابع الطعام ، فقال محمّد بن سليمان للشاعر العماني : صف لنا كلّ ما أكلته شعرا فقال (2) :
    جاءوا بفرني لهم ملبون
    بات يسقى خالص السمّون

    مصومع أكوم ذي غصون
    قد حشت بالسكر المطحون

    ولوّنوا ما شئت من تلوين
    من بارد الطعام والسخين

    ومن شراسيف (3) ومن طردين (4)
    ومن هلام (5) ومصوص (6) جون

    ومن أوز فائق سمين
    ومن دجاج قت بالعجين

    فالشحم في الظهور والبطون
    وأتبعوا ذلك بالجوزين

    وبالخبيص الرطب واللوزين
    وفكهوا بعنب وتين

    والرطب الأزاذ (7) والهيرون (Cool
    محمّد يا سيد النبيين

    وابن عمّ المصطفى الأمين
    الصادق المبارك الميمون

    __________________
    (1) الفرنية : الخبز المستدير.
    (2) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 18 / 317.
    (3) الشرسوف : وهو مسقط الضلع ، وهو الطرف المشرف على البطن.
    (4) الطردين : طعام للأكراد.
    (5) الهلام : طعام من لحم عجله بجلدها.
    (6) المصوص : طعام يطبخ ، وينقع في الخل ، أو من لحم الطير خاصة.
    (7) الأزاذ : نوع جيد من التمر.
    (Cool الهيرون : البسرى من التمر والرطب.


    وابن ولاة البيت والحجون
    اسمع لنعت غير ذي تفنين

    يخرج من فن إلى فنون
    إن الحديث فيك ذو شجون

    وخرج محمّد بن سليمان من قصره (في البصرة) في عشية من عشايا الصيف ، وكان الحرّ شديدا ، فقال : رشّوا هذا المكان ، فخرج من قصره خمسمائة عبد ، ومعهم خمسمائة قربة مملوءة بالماء ، فرشّوا الشارع ، حتّى أصبح كالبحيرة (1).
    وقيل إنّه كان يدعو في السحر ويقول : (اللهم أوسع عليّ ، فإنّه لا يسعني إلّا الكثير) (2).
    وقيل إنّه قال ذات يوم : (أشتهي والله ، أن يصفو لي يوم ، لا يعارض سروري فيه هم) (3). فقال له أخوه جعفر : (لا تمتحن هذا ، فقلّ من امتحنه إلّا أمتحن فيه).
    وجلس محمّد بن سليمان في قصره مرّة ، وأحضر جميع من يحبّه ، ويأنس به ، فبينما هو على أهدأ بال ، وأسرّ حال ، إذا سمع صراخا ، فسأل عنه ، فلم يخبروه بالحقيقة ، ثمّ ألحّ عن معرفة سبب الصراخ ، فأخبروه بأنّ ابنته سقطت من الدرج فماتت. وكانت ابنته هذه هي الوحيدة عنده ، إذ ليس له أولاد غيرها ، وبذلك انقطع نسله ، فكان محمّد بن سليمان يردد هذين البيتين دوما (4) :
    تفردت بالكمال وبالعزّ والجلال
    وملك بلا نفاذ نراه ولا زوال

    __________________
    (1) الآبي ـ نثر الدرر. ج 1 / 448 و449.
    (2) الطبري المصدر السابق
    (3) نفس المصدر السابق
    (4) نفس المصدر اعلاه.

    وخرج محمّد بن سليمان راكبا بغلته ، ومعه سوّار القاضي ، فاعترضهما مجنون كان بالبصرة يعرف (برأس النعجة) فقال يا محمّد : أمن العدل والإنصاف أن تكون وارداتك في اليوم مائة ألف درهم؟ وأنا أطلب نصف درهم فلا أحصل عليه؟! فأعطاه مائة درهم.
    ولمّا أراد محمّد بن سليمان الذهاب ، وقف (رأس النعجة) أمام بغلته وقال (لقد كرّم الله منصبك ، وشرّف أبوتك ، وحسّن وجهك ، وعظّم قدرك ، وأرجو أن يكون ذلك لخير يريده الله بك ، ولئن يجمع الله لك الدارين) (1).
    فدنا منه سوّار وقال له : يا خبيث ، لم لم تقل هكذا في البداية؟ فقال له رأس النعجة : (سألتك بالله ، وبحق الأمير عليك ، إلّا ما أخبرتني : في أي سورة هذه الآية : (فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) قال سوار : في سورة براءة. فقال المجنون : صدقت ، فبرئ الله ورسوله منك. فضحك محمّد بن سليمان ، وكاد أن يسقط عن دابته.
    وكان محمّد بن سليمان يخطب في المسجد كلّ يوم جمعة ، ويعيد خطبته تلك في كلّ جمعة (حيث لا خطبة غيرها) حتّى حفظها الناس وهي : (الحمد لله ، أحمده وأستعينه ، وأستغفره ، وأؤمن به ، وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحقّ ، ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون (2).
    من اعتصم بالله ورسوله ، فقد اعتصم بالعروة الوثقى ، وسعد في الآخرة والأولى ، ومن لم يعتصم بالله ورسوله ، فقد ضلّ ضلالا بعيدا ، وخسر خسرانا مبينا ، أسأل الله أن يجعلنا وإيّاكم ممّن يطيعه ، ويطيع رسوله ، ويتّبع رضوانه ويجتنب سخطه. أوصيكم عباد الله ، بتقوى الله ، وأحثكم على
    __________________
    (1) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 337.
    (2) سورة التوبة ـ الآية : 33.

    طاعته ، وأرض لكم ما عند الله ، فاتقوا الله أفضل ما تحاثّ عليه الصالحون ، وتداعوا إليه ، وتواصوا به ، واتقوا الله ما استطعتم ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون) (1).
    وقال بشار بن برد لمحمد بن سليمان ، وكان جالسا في مجلسه : ركبت حماري فسقط في الطريق ميتا ، ولم أعرف سبب موته ، حتّى رأيته البارحة في المنام فسألته فقال (2) :
    سيدي خذ بي أتانا
    عند باب الأصبهاني

    سحرتني برقاها
    وثناياها الحسان

    وجيد الشيفران
    وبخدين أسيلين

    ولها أذن ذراع
    بذراع الشاهمان

    فبها متّ ولو عشت
    طال هواني

    فضحك محمّد بن سليمان ، وقال له : وما هما الشيفران يا أبا معاذ؟ فقال بشار : ومن يعرف غريب الحمار؟ فأمر له بحمار.
    وقد ذكر صاحب الأغاني (3) هذه القصة بالشكل الآتي :
    جاء بشار بن برد يوما مغتّما ، فقيل له : ما بالك مغتّما؟ فقال : مات حماري ، فرأيته في منامي ، فقلت له : لم متّ؟ ألم أكن إليك محسنا؟ فقال :
    سيدي خذ بي أتانا
    عند باب الأصبهاني

    يتمتني ببنان
    وبدلّ قد شجاني

    يتمتني يوم رحنا
    بثناياها الحسان

    وبغنج ودلال
    سلّ جسمي وبراني

    __________________
    (1) الآبي ـ نثر الدرر. ج 1 / 448 وأحمد زكي ـ جمهرة الخطب. ج 3 / 54.
    (2) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 406.
    (3) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 3 / 231.


    ولها خد أسيل
    مثل خد الشيفران

    فلذا متّ ولو عش
    ت إذا طال هواني

    فقال له أحدهم : وما هما الشيفران؟ فقال بشار : وما يدريني ، هذا من غريب الحمار ، فإذا لقيته فأسأله.
    وكان هارون الرشيد ، قد زوج محمّد بن سليمان من أخته العباسة (1) سنة (172) للهجرة. وكان فارق السن بينهما كبيرا ، ثمّ مات عنها سنة (173) للهجرة.
    وكان محمّد بن سليمان ، قد أرسل أبا العرجاء ليتجسس على الحسين ابن عليّ (صاحب فخ) (2) ولمّا رجع أبو العرجاء أخبره قائلا : (فما رأيت إلّا
    __________________
    (1) العباسة : هي ابنة الخليفة (المهدي) بن أبي جعفر المنصور ، وعمة الخليفة (الأمين) وكانت على غاية من الجمال والأدب ، وقد تزوجت عدة أزواج فماتوا عنها ، فقد تزوجت محمد بن سليمان بن علي فمات عنها ، ثم تزوجت إبراهيم بن صالح العباسي فمات عنها أيضا ، ثم تزوجت محمد بن علي بن داود بن علي العباسي فمات عنها أيضا ، ثم أراد عيسى بن جعفر العباسي أن يخطبها ، فأرسل الشاعر الذائع الصيت (أبو نؤاس) إلى الخليفة (الأمين) بالأبيات الآتية : (الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1064).
    ألا قل لأمين الله
    وابن السادة الساسه

    إذا ما ناكث سرّك
    أن تفقده رأسه

    فلا تقتله بالسيف
    وزوجه بعباسه

    فلما سمع عيسى بن جعفر بهذه الأبيات ، أعرض عنها ، وكذلك خاف الآخرون الزواج منها إلى أن ماتت.
    وكان هارون الرشيد يحبها كثيرا ، ولا يقدر على فراقها ، وفراق جعفر بن يحيى البرمكي ، فقال الرشيد لجعفر ، أزوجك العباسة ، ليحل لك النظر اليها ، ولكن لا تقترب منها ، فوافق جعفر على ذلك ، فكانت العباسة وجعفر يحضران عنده ، ثم يقوم عنهما ، ويتركهما سوية.
    وقيل أن العباسة قد ولدت غلاما أو غلامين من جعفر البرمكي ، فخافت من أخيها الرشيد ، فأرسلته إلى مكة مع حاضنة له ، ثم حصل خلاف بين العباسة وبين جارية لها ، فذهبت هذه الجارية إلى الرشيد فأخبرته بذلك ، وذهب الرشيد في تلك السنة إلى الحج ، وتحقق بنفسه ، فتبين صحة ما أخبرته الجارية ، عندها قتل جعفر البرمكي ، وكان سبب نكبته بالبرامكة. (الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 3 / 23).
    (2) صاحب فخ : هو الحسين بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ،

    مصلّيا ، أو مبتهلا ، أو ناظرا في مصحف ، أو معدّا للسلاح) (1). ثمّ قال : وما أظن القوم إلّا منتصرين.
    فبكى محمّد بن سليمان وقال : (هم والله ، أكرم خلق الله ، وأحقّ بما في أيدينا منا ، ولكنّ الملك عقيم ، ولو أنّ صاحب (2) هذا القبر نازعنا الملك لضربنا خيشومه بالسيف).
    وعزل محمّد بن سليمان عن إمارة الكوفة سنة (155) للهجرة ، عزله أبو جعفر المنصور (كما ذكر سابقا) وكان سبب عزله ، أنه قتل عبد الكريم (3) ابن أبي العوجاء ، ثمّ صلبه بالكناسة وقيل عزله لأسباب أخرى ، قد بلغت عنه إلى المنصور. (4)
    مات محمّد بن سليمان بالبصرة سنة (173) (5) للهجرة ، وعمره (51) سنة. وقيل إنّه قال عند موته : (يا ليت أمّي لم تلدني ، ويا ليتني كنت حمّالا) (6). وقال أيضا :
    ألا ليت أمّي لم تلدني ولم أكن
    شهدت حسينا يوم فخ ولا الحسن

    __________________
    المعروف ب (صاحب فخ) ثار بالمدينة سنة (169) للهجرة فاستولى عليها ، ثمّ ذهب إلى مكّة لأداء فريضة الحجّ ، ولمّا وصل إلى (فخ) لقيته الجيوش العباسيّة بقيادة موسى بن عيسى ، ومعه محمّد بن سليمان ابن عليّ وأخيه جعفر ، فكانت معركة بين الطرفين قتل خلالها الحسين بن عليّ ، وقتل معه الكثير من آل أبي طالب وخاصة من أولاد الإمام الحسن بن عليّ عليه‌السلام.
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 453.
    (2) صاحب هذا القبر : يقصد به النبيّ الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقيل إنّ الّذي قال ذلك هو موسى بن عيسى.
    (3) عبد الكريم : ابن أخت معن بن زائدة الشيباني.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 47.
    (5) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 8 / 241 والبغدادي. ج 5 / 292 والآبي ـ نثر الدرر. ج 1 / 448 وتاريخ ابن خياط. ج 2 / 713 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 350 والبراقي ـ تاريخ الكوفة ص 232.
    (6) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 8 / 241.

    وبعد ما مات محمّد بن سليمان ، أمر هارون الرشيد بمصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة ، وكانت عظيمة جدا ، وكانت المبالغ الّتي وجدوها في خزائنه ستون ألف ألف درهم. (1)
    7 ـ عمرو بن زهير الضبيّ :
    هو : عمرو بن زهير بن جميل بن حسّان الأعرج بن ربيعة بن مسعود ابن منقذ بن كوز بن كعب بن بجاله بن هل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبّة (2).
    ولّاه أبو جعفر المنصور إمارة الكوفة سنة (155) (3) للهجرة وذلك بعد عزل محمّد بن سليمان عنها ، وبقي أميرا على الكوفة إلى أن مات أبو جعفر المنصور ، ولمّا جاء (المهدي) إلى الخلافة عزله ، وولّى مكانه عيسى بن لقمان ابن حاطب الجمحي في سنة (158) (4) للهجرة.
    وعمرو بن زهير الضبي هذا هو : أخو المسيب بن زهير الضبي ، الّذي كان رئيسا لشرطة أبي جعفر المنصور ، وكان المسيب قد تسبب في قتل إبان ابن بشير الكاتب حيث ضربه بالسياط حتّى مات ، وكان إبان هذا شريك عمرو بن زهير في ولاية الكوفة وخراجها ، مما جعل المنصور يعزل المسيب ، ويأمر بحبسه ، ثمّ توسّط (المهدي) عند أبيه (المنصور) بشأن المسيب ، فعفا عنه بعد أن حبسه عدّة أيّام ، ثمّ أعاده إلى الشرطة ، وقد تولى المسيب رئاسة شرطة بغداد في خلافة المنصور والمهدي والرشيد وولي إمارة خراسان في
    __________________
    (1) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 8 / 240 والبغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 5 / 292.
    (2) تاريخ ابن خياط. ج 1 / 432 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 7 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (3) تاريخ ابن خياط. ج 1 / 432 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 7 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (4) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 440.

    خلافة المهدي (1). وكان عمرو بن زهير الضبي أميرا على الكوفة للسنوات : (155 ، 156 ، 157 ، 158). (2)
    8 ـ إسماعيل بن أبي إسماعيل الثقفي :
    وفي سنة (158) للهجرة ، وهي السنة الّتي مات فيها أبو جعفر المنصور ، كان الأمير على الكوفة إسماعيل بن أبي إسماعيل الثقفي ، وقيل عمرو بن زهير الضبي (أخو المسيب بن زهير) (3). وفي سنة (159) للهجرة ، عزل إسماعيل بن أبي إسماعيل عن الكوفة وأحداثها ، عزله الخليفة (المهدي) وولّى مكانه إسحاق بن الصباح الكندي (4).
    وذكر ابن خلدون في تاريخه ، بأنّ إسماعيل بن أبي إسماعيل قد ولّاه الخليفة (المهدي) إمارة الكوفة سنة (159) للهجرة ، ثمّ عزله في نفس السنة ، وولّى مكانه إسحاق بن الصباح الكندي (5). وذكر صاحب وفيات الأعيان : بأنّ الخليفة المهدي عزله عن إمارة الكوفة سنة (160) للهجرة ، وجعل مكانه عثمان بن لقمان الجمحي ، وقيل غيره (6).
    9 ـ أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي :
    ولّاه الخليفة المهدي إمارة الكوفة سنة (159) (7) للهجرة ، وذلك بعد
    __________________
    (1) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 12 / 137.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 36.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 115 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 36.
    (4) الطيري ج 8 / 120 والكامل ج 6 /؟
    (5) تارخ ابن خلدون. ج 3 / 207.
    (6) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 2 / 35.
    (7) تاريخ الطبري. ج 8 / 120.

    عزل إسماعيل بن أبي إسماعيل الثقفي عنها بمشورة من شريك بن عبد الله (قاضي الكوفة) ، وقيل إنّ الّذي ولي الإمارة بعد إسماعيل هو إسحاق بن الصباح الكندي ، وقيل إنّ الّذي ولّاه المهدي على إمارة الكوفة هو عيسى بن لقمان (1). ثمّ ثار أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي بالكوفة في الليلة الّتي هرب بها أبو السرايا من الكوفة (في أواخر سنة 199 للهجرة). ثمّ دعا هرثمة بن أعين لدخول الكوفة ، فدخلها هرثمة ومعه المنصور بن المهدي في بداية سنة (200) (2) للهجرة.
    10 ـ إسماعيل بن عليّ :
    هو : إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف وهو عم السفّاح والمنصور ، وكنيته : أبو الحسن. وكان إسماعيل في (الحميمة) وخرج مع السفّاح والمنصور حين خرجوا لطلب الخلافة وذهبوا إلى الكوفة (3).
    ولّاه الخليفة (المهدي) إمارة الكوفة سنة (159) للهجرة ، ثمّ عزله في نفس السنة ، وولى مكانه إسحاق بن الصباح الكندي (4). وقد ولّاه أبو العبّاس السفّاح إمارة فارس سنة (132) (5) للهجرة ، وكذلك سنة (133) (6) للهجرة ثمّ ولي إمارة الحجّ سنة (137) (7) للهجرة في خلافة أبي جعفر
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 120.
    (2) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 547.
    (3) عبد القادر بدران ـ تهذيب تاريخ دمشق. ج 3 / 39.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 36 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 207.
    (5) الحائري ـ مقتبس الأثر. ج 6 / 283.
    (6) الطبري. ج 7 / 459 وابن الأثير ـ الكامل. ج 5 / 443 و448.
    (7) تاريخ خليفة بن خياط. ص 417 وعبد القادر بدران ـ تهذيب تاريخ دمشق. ج 3 / 39.

    المنصور ، وكذلك حجّ بالناس سنة (142) (1) للهجرة.
    وكان أبو جعفر المنصور يحترم عمّه إسماعيل ويقدّره كثيرا (2) ، ولمّا جاء إسماعيل من واسط إلى بغداد أنزله المنصور في قصره ثمّ تحدّث معه في جعل ولاية العهد لابنة (المهدي) وخلع عيسى بن موسى على أن تكون ولاية العهد لعيسى بعد المهدي ، فوافق إسماعيل على ذلك وبايعه.
    ثمّ إنّ أبا جعفر المنصور قد غضب (بعد ذلك) على عمّه إسماعيل وعلى أخيه العبّاس بن محمّد ، فعزل أخاه عن إمارة الجزيرة ، ثمّ غرّمه مالا كثيرا ، فقال عيسى بن موسى للمنصور : (يا أمير المؤمنين ، أرى آل عليّ بن عبد الله وإن كانت نعمك عليه سابغة ، فإنّهم يرجعون إلى الحسد لنا ، فمن ذلك إنّك غضبت على إسماعيل بن عليّ منذ أيّام ، فضيقوا عليك حتّى رضيت عنه ، وأنت غضبان على أخيك العبّاس منذ كذا وكذا فما كلّمك فيه أحد منهم) (3).
    فرضي عنه.
    وعند ما كان إسماعيل بن عليّ أميرا على الموصل حجّ بالناس سنة (137) للهجرة ، وكان أمير المدينة آنذاك زياد بن عبد الله المدان الحارثي ، وعلى إمارة مكّة العبّاس بن عبد الله بن معبد ، وبعد انقضاء موسم الحجّ مات العبّاس ، فضمّ إسماعيل بن عليّ إمارة مكّة إلى زياد الحارثي ، فأقرّه المنصور على ذلك (4). ثمّ عزل المنصور عمّه إسماعيل عن إمارة الموصل ، وولّى مكانه مالك بن الهيثم الخزاعي (جدّ أحمد بن نصير الخزاعي الّذي
    __________________
    (1) تاريخ خليفة بن خياط. ص 450 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 3 / 39.
    (2) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 9 / 70.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 31.
    (4) المصدر السابق. ج 5 / 483.

    قتله الواثق) (1).
    وكان القاضي سوار بن عبد الله (قاضي البصرة) قد أمر بإحضار زينب بنت سليمان بن عليّ لشكوى تقدّم بها نبطي ضدّها ، فامتنعت عن الحضور ، فكتب سوار إلى أمير البصرة (الهيثم بن معاوية) يطلب فيه إحضار زينب لمجلس القضاء فقيل له : (إنّها بنت سليمان بن عليّ) فقال سوار : (فهي أولى من أعطى الحقّ من نفسه ، إذا كانت بهذا الموضع الرفيع).
    وعند ما ولي إسماعيل بن عليّ إمارة البصرة سنة (143) (2) للهجرة ، ذهب إليه سوار القاضي للسلام عليه ، فعظّمه إسماعيل وقرّبه منه ، وأجلسه مكانا رفيعا ، فدخل في تلك الساعة جعفر بن سليمان (أخو زينب) فرأى سوارا بتلك المنزلة العالية ، قال لإسماعيل : (أتعظّم وتقدّر ابن التركيّة ، وقد أراد إثبات أختك على كذا وكذا؟!!
    فالتفت سوار إلى إسماعيل وقال له : (أصلح الله الأمير ، إنّه ذكر أمّي ، وقال (ابن التركية) ، وإنّا معشر العرب قدمنا من هذه البادية وفي أبداننا نحف وقلّة ، فنظرنا إلى هذه الأعاجم فإذا هي أمدّنا أجساما وأشدّ منا بياضا وأظهر منّا حالا فرغبنا فيهم ، فاتخذ منهم : السنديّة والهنديّة والخراسانيّة والبربريّة ، فولدن فينا ، فمددن في أجسامنا ، وبيضنا من ألواننا وحسّن من وجوهنا). ثمّ قام سوار وخرج ، فقال إسماعيل لجعفر : (هل رضيت بذلك؟ والله قد ذكر أمي ، وأم أبيك ، وأم أمير المؤمنين) (3). مات إسماعيل بن عليّ بالكوفة سنة (146) (4) للهجرة ودفن بها ، وقيل مات سنة
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 5 / 443 و448.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 37 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 9 / 70.
    (3) وكيع ـ أخبار القضاة. ج 2 / 61.
    (4) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج 4 / 370 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 97.

    (147) (1) للهجرة.
    11 ـ عيسى بن لقمان الجمحي :
    هو : عيسى بن لقمان بن محمّد بن حاطب الجمحي ، وهو من أهل الشام (2). في سنة (159) (3) للهجرة ، عزل إسماعيل بن أبي إسماعيل الثقفي عن الكوفة عزله الخليفة (المهدي) وعيّن مكانه (إسحاق بن الصباح الكندي) وقيل عيسى بن لقمان بن محمّد بن حاطب الجمحي. وقيل ولّاه الخليفة (المهدي) إمارة الكوفة سنة (159) (4) للهجرة ، وذلك بعد عزل عمرو بن زهير الضبي ، ثمّ عزله وولّى مكانه شريك بن عبد الله النخعي.
    ويقال أيضا : إنّ شريك النخعي كان على الصلاة والقضاء فقط ، وكان عيسى بن لقمان على الأحداث ، ثمّ جعلت إمارة الكوفة لشريك القاضي النخعي فقط ، وعلى شرطة الكوفة إسحاق بن الصباح الكندي (5). ثمّ ولّاه الخليفة (المهدي) إمارة مصر ، فوصل اليها يوم الأثنين في السابع عشر من شهر ذي الحجّة من سنة (161) للهجرة. وقال عيسى بن لقمان الجمحي بأنّ الخليفة (المهدي) قال له حين أرسله إلى مصر : (قد وليتك عمل عبد العزيز ابن مروان وصالح بن عليّ) (6).
    ولمّا وصل عيسى بن لقمان إلى مصر ، سكن في المعسكر (على عادة أمراء مصر السابقين) ولم يبق في مصر سوى مدّة يسيرة ، عزله بعدها
    __________________
    (1) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 9 / 70 وعبد القادر بدران ـ تهذيب تاريخ دمشق. ج 9 / 39.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 228 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 40.
    (3) النتظم. ج 8 / 228 والكامل. ج 6 / 40.
    (4) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 695.
    (5) تاريخ الطبري. ج 8 / 120.
    (6) الكندي ـ الولاة في مصر. ص 143.

    (المهدي) في الثامن عشر من شهر جمادي من سنة (162) للهجرة ، وكانت ولايته على مصر حوالي خمسة أشهر (1).
    ثمّ أعيد عيسى بن لقمان إلى إمارة مصر في شهر محرم من سنة (162) (2) للهجرة ، ثمّ عزل عنها في شهر جمادي الأخرة من نفس السنة ، وعيّن مكانه (واضح مولى المهدي) ، وقيل أيضا بأنّ عيسى بن لقمان سبق وتولّى إمارة مصر سنة (159) (3) للهجرة ، وذلك بعد عزل أميرها السابق موسى بن عليّ بن رياح اللخمي من قبل الخليفة (المهدي ثمّ عزله في نفس السنة.
    مات عيسى بن لقمان الجمحي سنة (162) (4) للهجرة.
    12 ـ شريك بن عبد الله النخعي :
    هو : شريك بن عبد الله بن شريك وهو الحارث بن أوس بن الحارث ابن وهل بن هبيل (5). وهو من النخع ، وكنيته : أبو عبد الله.
    ولّاه الخليفة (المهدي) إمارة الكوفة سنة (159) (6) للهجرة ، وذلك بعد عزل أميرها السابق عيسى بن لقمان الجمحي ، ثمّ عزله وولى مكانه ابن الصباح (أسحاق بن الصباح الكندي) (7).
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 143 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 58 وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 37 والزركلي. ج 5 / 107.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 58.
    (3) البكري الصديق ـ النزهة الزاهية. ص 89.
    (4) الزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 199.
    (5) الحافظ جمال الدين (المزي) ـ تهذيب الكمال. ج 9 / 108 والقرطبي ـ التعريف في الأنساب. ص 206.
    (6) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 695 وتاريخ الطبري. ج 8 / 120.
    (7) تاريخ ابن خياط. ج 1 / 440 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 212.

    وشريك بن عبد الله ، هو كوفي الأصل ولد في بخارى سنة (90) للهجرة ومات سنة (187) وقيل سنة (157) بالكوفة ، وعمره (82) (1) سنة وقيل مات سنة (177) وقيل سنة (197) للهجرة. وتولى القضاء في مدينة (واسط) سنة (155) (2) للهجرة ، ثمّ تولّى القضاء بعدها في الكوفة سنين عديدة. وقيل : عند ما عيّن شريك القاضي أميرا على الكوفة ، عيّن إسحاق ابن الصباح الكندى رئيسا لشرطة الكوفة ، فقال بعض الشعراء (3) :
    لست بأن تكون ولو نل
    ت سهيلا ضيعة لشريك

    وقيل أيضا : بأنّ إسحاق الكندي لم يشكر شريك على تعيينه رئيسا لشرطته ، فقال شريك (4) :
    صلّى وصام لدنيا كان يأملها
    فقد أصاب ولا صلّى ولا صاما

    وشريك القاضي ، عالم بالحديث ، فقيهه ، اشتهر بقوة ذكائه ، وسرعة بديهيته ، استقضاه أبو جعفر المنصور على القضاء في الكوفة سنة (153) للهجرة ، ثمّ عزله وأعاده الخليفة (المهدي) فعزله (الهادي) وكان عادلا في قضائه (5).
    وقيل لشريك القاضي : إنّ معاوية بن أبي سفيان كان حليما. فقال : (لو كان حليما ما سفه الحقّ ، ولا قاتل عليا ، ولو كان حليما ، ما حمل أبناء العبيد على حرمه ، ولا أنكح إلّا الأكفّاء) (6).
    ودخل شريك يوما على الخليفة المهدي ، فقال له المهدي : لابدّ أن
    __________________
    (1) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 718 والقلقشندي ـ نهاية الإرب. ص 396.
    (2) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج 2 / 253.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 120.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) الزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 163 وحسن مغنيه ـ قضاء العرب. ص 111.
    (6) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج 3 / 258.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:10 am

    تجيبني إلى واحد من ثلاث. فقال شريك : وما هي يا أمير المؤمنين؟
    قال المهدي : إمّا أن تتولّى القضاء ، أو تحدّث اولادي وتعلمهم ، أو تأكل عندي أكلة. فقال شريك : الأكلة أخفهن على نفسي ، ولمّا أحضر الطعام أكل شريك حتّى شبع ، فقال الطّباخ : (يا أمير المؤمنين لا يصلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبدا). فقال الفضل بن الربيع : (فحدّثهم والله شريك بعد ذلك ، وعلّم أولادهم وولي القضاء لهم) (1). وقيل إنّ شريك قد أكره على القضاء.
    وقيل : عند ما كان شريك على قضاء الكوفة ، خرج يستقبل الخيزران (2) في قرية (شاهي) (3) فتأخّرت الخيزران ، فانتظرها شريك ثلاثة أيّام ، فيبس خبزه ، فأخذ يبلله بالماء فيأكله ، فقال العلاء بن المنهال الغنوي في ذلك (4) :
    فإن كان الّذي قد قلت حقّا
    بأن قد أكرهوك على القضاء

    فما لك موضعا في كلّ يوم
    تلقّى من يحجّ من النساء

    مقيم في قرى شاهي ثلاثا
    بلا زاد سوى كسر وماء

    وقال شريك لأحد أصدقاءه : إنّي أكرهت على القضاء. فقال له صاحبه : (وهل أكرهوك على أخذ الورق) (5)؟
    وقال شريك القاضي لإسحاق بن الصباح الكندي (أمير الكوفة) :
    __________________
    (1) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 310.
    (2) الخيزران : هي ابنة عطاء ، اشتراها الخليفة المهدي من أحد النخاسين فأعتقها ثمّ تزوجها ، فولدت له موسى الهادي وهارون الرشيد ، وكانت الخيزران بارعة الجمال ، وكانت تتدخل في شؤون الدولة.
    (3) شاهي : قرية قريبة من الكوفة والقادسيّة.
    (4) وكيع ـ أخبار القضاة. ج 3 / 152 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 31 والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 8 / 205.
    (5) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 8 / 205.

    (القضاء لي بحذافيره ، وإنّما انتم على المحارم) (1).
    وخرج شريك ذات يوم فيما بين الكوفة والحيرة ، ومعه أبو بكر بن عباس ، وسفيان الثوري ، فشاهدوا شيخا ، أبيض اللّحية ، حسن الصورة فضنوه من رجال الحديث فقال له سفيان الثوري : هل عندك شيء من الحديث يا شيخ؟ فقال الرجل : (أما حديث فلا ، ولكن عتيق سنين) (2) فتبّين أنه خمّار.
    وكان شريك لا يجلس للقضاء حتّى يتغدّى ، ثمّ يخرج ورقة من جيبه ، فينظر فيها ثمّ يأمر بتقديم الخصوم. وقد تمكّن أحد أصدقائه من معرفة ما في تلك الورقة فإذا فيها مكتوب : (يا شريك بن عبد الله ، اذكر الصراط وحدّته ، يا شريك بن عبد الله اذكر الموقف بين يدي الله عزوجل) (3).
    وشهد رجل أمام القاضي شريك ، فقال المدّعى عليه : إنّ الشاهد يا حضرة القاضي يشرب النبيذ ، فسأله شريك : أتشربه؟ فقال الشاهد : نعم.
    وأنا الّذي أقول (4) :
    وإذا المعدة جاشت
    فارمها بالمنجنيق

    بثلاث من نبيذ
    ليس بالحلو الرقيق

    يهضم المطعم هضما
    ثمّ يجري في العروق

    وفي أحد الأيّام قدّمت امرأة شكوى إلى القاضي شريك على موسى ابن عيسى (أمير الكوفة) فأرسل موسى رئيس شرطته بدلا عنه ، فأمر
    __________________
    (1) وكيع ـ أخبار القضاة. ج 3 / 171.
    (2) الحميري ـ الروض المعطار. ص 209.
    (3) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1019.
    (4) وكيع ـ أخبار القضاة. ج 3 / 171 والزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 64 والجاحظ ـ البيان والتبيين. ج 4 / 64.

    شريك بحبسه ، ولمّا سمع موسى بذلك أرسل حاجبه ، فأمر شريك بحبس الحاجب أيضا ، ولمّا علم موسى بن عيسى بذلك أرسل إسحاق بن الصباح الكندي مع جماعة من وجوه أهل الكوفة ومن أصدقاء شريك وطلب منهم أن يخبروا شريك بأنّ الأمير يقول : (إنّي لست كالعامة).
    فلمّا جاءوا إلى شريك ، أمر بحبسهم جميعا فغضب موسى بن عيسى ، وذهب إلى السجن ليلا وأطلقهم جميعا. وعند الصباح جاء السجّان وأخبر شريك بذلك ، فقال شريك : (فو الله ما طلبنا هذا الأمر منهم : ولكن اكرهونا عليه ، ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه إذا تقلدناه) (1).
    ثمّ خرج شريك من الكوفة ، قاصدا بغداد ، ولمّا وصل شريك إلى قنطرة الكوفة ، سمع به موسى بن عيسى ، فلحق به إلى هناك ، وطلب منه العودة إلى قضائه ، فقال شريك : (لا أرجع حتّى يردوا جميعا إلى الحبس ، أو أذهب إلى أمير المؤمنين ، وأطلب منه إعفائي من القضاء). فأعاد موسى بن عيسى جميع من أطلق سراحهم إلى الحبس) (2).
    هذا وقد ذمّ بعضهم شريك القاضي ، ونسب إليه شرب الخمر ، وقيل عنه : بأنّه كذّاب ، وأنّه يخطئ في الحديث كثيرا ، وأنّه قد تغيّر كثيرا عند ما ولّي قضاء الكوفة.
    وقال عبد الله بن المبارك يهجو شريك القاضي (3) :
    يا جاعل الدين له مأربا
    يصطاد أموال المساكين

    لا تبع الدين بدنيا كما
    يفعل ضلال الرهابين

    احتلت للدنيا ولذاتها
    بحيلة تذهب بالدين

    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 33.
    (2) نفس المصدر السابق.
    (3) الحميري ـ الروض المعطار. ص / 209.


    فصرت مجنونا بها بعد ما
    كنت دواء للمجانين

    تقول أكرهت وما ذا الّذي
    زلّ حمار العلم في الطين

    وهجاه أحدهم فقال (1) :
    وهلّا فررت وهلّا اغتربت
    إلى بلدة أرضها المحشر

    كما فرّ سليمان من قومه
    إلى بلد الله والمشعر

    فلاذ بربّ له مانعا
    ومن يحفظ الله لا يخفر

    أراك ركنت إلى الأزرقي
    ولبس العمامة والممطر

    وقد طرحوا حولك حتّى لقطت
    كما لقط الطير الأندر

    وقال العلاء بن منهال في شريك القاضي (2) :
    فليت أبا شريك كان حيّا
    فيقصر عن مقالته شريكا

    ويترك من تدرئه علينا
    إذا قلنا له هذا أبوكا

    وذهب هارون الرشيد إلى الكوفة ، وكان إميرها أنذاك موسى بن عيسى ، فعزل شريك (قاضي الكوفة) عن القضاء. فقال موسى بن عيسى لشريك (يا عبد الله ، عزلوك عن القضاء؟ ما رأينا قاضيا يعزل؟ (3) فقال له شريك : هم الملوك يعزلون ويخلعون) (4).
    مات شريك القاضي بالكوفة يوم السبت في أوّل شهر ذي القعدة من سنة (177) (5) للهجرة وكان عمره (82) سنة.
    __________________
    (1) وكيع ـ أخبار القضاة. ج 3 / 152.
    (2) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج 3 / 227.
    (3) الشريف المرتضى ـ غرر الفوائد. ج 1 / 297.
    (4) يخلعون : يقصد بها : أن أباك (عيسى بن موسى) قد خلعوه من الخلافة عدة مرات ، فلما ذا تشمت بي؟!.
    (5) طبقات خليفة بن خياط. ص 169 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 34 والذهبي ـ تذكرة الحفاظ. ج 1 / 232 والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 8 / 211 ومحمّد شاكر الكثبي ـ عيون التواريخ. ص 58

    13 ـ إسحاق بن الصباح الكندي :
    هو : إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن الأشعث بن قيس (1). وكنيته أبو يعقوب. ولّاه شريك بن عبد الله النخعي (القاضي) على أحداث الكوفة ، ثمّ عزل شريك بن عبد الله عن إمارة الكوفة عزله الخليفة (المهدي) وعيّن مكانه إسحق بن الصباح الكندي ثمّ عزله وولّى مكانه هاشم بن سعيد بن منصور (ابن خال الخليفة) (2).
    وقيل إنّ الخليفة (المهدي) ولّاه إمارة الكوفة سنة (159) (3) للهجرة ، وذلك بعد عزل إسماعيل بن أبي إسماعيل عنها. ولمّا مات (المهدي) أقرّه الرشيد على إمارة الكوفة. وقيل إنّ الّذي أشار على (المهدي) بتولية إسحاق الكندي إمارة الكوفة ، هو شريك بن عبد الله (قاضي الكوفة) وإنّ إسحاق هذا لم يشكر شريك على إحسانه له بتولية الإمارة ، فقال شريك (4) :
    صلّى وصام لدنيا كان يأملها
    فقد أصاب ولا صلّى ولا صاما

    وإسحاق بن الصباح الكندي ، كان شاعرا ، ومتكلّما ، ومرجّئا.
    وكان إسحاق بن الصباح أميرا على الكوفة للسنوات من (160 ـ 165) (5) للهجرة ثمّ ولّاه هارون الرشيد إمارة الكوفة وذلك بعد
    __________________
    والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1033 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 163 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 217 وحسن مغنيه ـ قضاء العرب. ص 117.
    (1) ابن حزم الأندلسي ـ جمهرة أنساب العرب. ص / 147.
    (2) تاريخ ابن خياط. ج 1 / 440 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 212.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 120 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 228 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 40 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 246.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 120.
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 251 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 67.

    عزل العبّاس بن موسى بن عيسى وبقي أميرا على الكوفة لمدة ثلاثة أشهر ثمّ عزله وولّى مكانه جعفر بن جعفر بن أبي جعفر المنصور (1).
    وجاء نصيب الأصغر من الحجاز إلى الكوفة ، فدخل على إسحاق بن الصباح (وكان صديقا له) وكان عند إسحاق جماعة يوزع عليهم برّا وتمرا ، فيحملونه على إبلهم وأعطى لنصيب جارية حسناء ، يقال لها (مسرورة) فأردفها خلفه ومضى وهو يقول (2) :
    إذا احتقبوا برّا فأنت حقيبتي
    من البشريّات الثقال الحقائب

    ظفرت بها من أشعثي مهذّب
    أغرّ طويل الباع جمّ المواهب

    فدى لك يا إسحاق كلّ مبخل
    ضجور إذا عضت شداد النوائب

    إذا ما بخيل القوم غيّب ماله
    فما لك عدّ حاضر غير غائب

    إذا اكتسب القوم الثراء فإنّما
    ترى الحمد غنما من كريم المكاسب

    وقال أيضا يمدح إسحاق بن الصباح (3) :
    كأن ابن الصباح وكندة حوله
    إذا ما بدا بدر توسّط أنجما

    على أنّ في البدر المحاق وأنّه
    تمام فما يزداد إلّا تتما

    مات إسحاق بن الصباح الكندي سنة (؟) للهجرة في مصر (4).
    وقيل ولدت لإسحاق بن الصباح بنت فتألم كثيرا ، وامتنع عن الطعام والشراب ، فدخل عليه (البهلول) (5) وقال له : (أيّها الأمير ، ما هذا الحزن والجزع؟ جزعت لخلق سوي ، وهبه الملك العليّ ، أيسرك أن يكون مكانها
    __________________
    (1) تاريخ خليفة ابن خياط. ج 1 / 462.
    (2) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 23 / 17.
    (3) الجاحظ ـ الحيوان. ج 5 / 388 ويحيى الشامي ـ موسوعة شعراء العرب. ص 59.
    (4) البراقي ـ تاريخ الكوفة.
    (5) البهلول : هذا لقبه ، وكنيته أبو وهيب الصير في الكوفي ، من ألمع الزهاد في العصر العباسي الأول ، تظاهر بالبلاهة فسمي البهلول ، مات سنة (190) للهجرة.

    إبن وإنه مثلي؟) (1). فضحك إسحاق ، ودعا بالطعام والشراب ، وأذن للناس بالدخول عليه للتهنئة.
    14 ـ إسحاق بن منصور :
    وفي سنة (161) للهجرة كان على أحداث الكوفة إسحاق بن منصور وعلى سوادها كان يزيد بن منصور (2) ، هذا ولم اعثر له على ترجمة وافيه.
    15 ـ يزيد بن منصور :
    هو : يزيد بن منصور بن عبد الله بن يزيد بن شهر بن مثوب وهو من ولد ذي الجناح الحميري ، وكنيته : أبو خالد ، وهو خال الخليفة المهدي (3).
    وكان بنو العبّاس يحترمونه ويجلونه ، وكان من المقربين في دولتهم ، فقد ولّاه أبو جعفر المنصور إمارة البصرة سنة (152) للهجرة ، ثمّ عزله وولّاه اليمن سنة (154) للهجرة ، وذلك بعد عزل الفرات بن سالم ، فبقي في اليمن إلى أن مات المنصور ، ولمّا جاء المهدي إلى الخلافة عزله عن اليمن بعد سنة من خلافته وولّاها رجاء بن روح (4).
    وفي سنة (161) للهجرة كان يزيد بن منصور على سواد الكوفه ، وعلى أحداثها أخوه إسحاق بن منصور (5). وكان يزيد بن منصور قد حجّ بالناس سنة (159) للهجرة (6).
    __________________
    (1) الوطواط ـ غرر الخصائص الواضحة. ص 127.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 56.
    (3) الكامل. ج 6 / 68 والزركلي ـ الأعلام. ج 8 / 189.
    (4) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 6 / 190.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 56.
    (6) المصدر السابق. ج 6 / 41.

    وفي سنة (160) للهجرة حجّ بالناس الخليفة المهدي ، واستخلف على بغداد ابنه موسى وخاله يزيد بن منصور (1).
    وفي سنة (164) للهجرة ، ولّي يزيد بن منصور إمارة اليمن (ثانية) من قبل الخليفة المهدي (2). وقد هجاه الشاعر بشار بن برد فقال (3) :
    أبا خالد قد كنت سبّاح غمرة
    صغيرا فلما شبت خيمت بالشاطي

    وكنت جوادا سابقا ثمّ لم تزل
    تأخّر حتّى جئت تخطو مع الخاطي

    فأنت بما تزداد من طول رمعة
    وتنقص من مجد كذاك بإفراط

    كسنّور عبد الله بيع بدرهم
    صغيرا ، فلمّا شبّ بيع بقيراط

    مات يزيد بن منصور سنة (165) (4) وقيل سنة (166) (5) للهجرة.
    16 ـ هاشم بن سعيد بن منصور :
    ولّاه الخليفة (المهدي) إمارة الكوفة سنة (164) للهجرة (6). وفي سنة (166) (7) كان على الكوفة هاشم بن سعيد ، وقد ولّاه الخليفة المهدي (Cool.
    وفي سنة (166) كان عامل الكوفة على الصلاة وأحداثها هاشم بن سعيد (9).
    وذكر خليفة بن خياط في تاريخه وكذلك ابن خلدون في تاريخه بأن
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 48.
    (2) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 977.
    (3) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 6 / 190.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 165 وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 6 / 190.
    (5) الزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 199.
    (6) تاريخ الطبري. ج 8 / 151.
    (7) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 74.
    (Cool البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (9) تاريخ الطبري. ج 8 / 163.

    هاشم بن سعيد قد ولّاه الخليفة المهدي إمارة الكوفة ، وذلك بعد عزل إسحاق بن الصباح الكندي (1).
    وفي سنة (169) للهجرة عيّنه الخليفة (المهدي) أميرا على الموصل ، فأساء السيرة والتصرّف في أهلها ، فعزله الخليفة (الهادي) وعيّن مكانه عبد الملك بن صالح الهاشمي (2).
    17 ـ صالح بن داود بن عليّ :
    في سنة (164) (3) للهجرة ، كان على صلاة الكوفة وأحداثها ، وكور دجلة والبحرين وعمان ، وكور الأهواز وفارس هو : صالح بن داود بن عليّ.
    وكذلك كان صالح بن داود أميرا على الكوفة سنة (165) (4) للهجرة. وذكر الترمانيني بأن الخليفة المهدي قد ولّى صالح بن داود على إمارة البصرة سنة (164) للهجرة ، ثمّ عزله سنة (166) ، وعين مكانه روح بن حاتم المهلبي ، ثمّ عزله وعيّن بدله محمّد بن سليمان (5). وذكر ابن الأثير بأنّ الخليفة المهدي قد عيّن صالح بن داود بن عليّ على إمارة البصرة سنة (164) للهجرة ، وذلك بعد عزل أميرها السابق محمّد بن سليمان (6). وكذلك كان أميرا على البصرة سنة (165) (7).
    __________________
    (1) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 440 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 212.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 95.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 271.
    (4) المصدر السابق. ج 8 / 278.
    (5) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 985.
    (6) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 63.
    (7) المصدر السابق. ج 6 / 67.

    ولمّا ولّي صالح بن داود إمارة البصرة ، هجاه بشار بن برد فقال (1) :
    هم حملوا فوق المنابر صالحا
    أخاك فضجّت من أخيك المنابر

    ولمّا سمع (يعقوب) أخو صالح بهذا الشعر ذهب إلى الخليفة (المهدي) وقال له : إنّ هذا الأعمى ، المشرك ، قد هجا أمير المؤمنين. فقال له : وما ذا قال؟! فطلب من الخليفة إعفائه ، لعدم تمكّنه مما قال بشار ، إلّا أنّ الخليفة أبى أن يعفيه ، فأنشده (2) :
    خليفة يزني بعماته
    يلعب بالدبّوق والصولجان

    أبدلنا الله به غيره
    ودسّ موسى في حرّ الخيزران

    18 ـ روح بن حاتم :
    هو : روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي (3) ، كنيته : أبو حاتم ، وقيل : أبو خلف.
    ولّاه الخليفة محمّد (المهدي) بن جعفر المنصور إمارة الكوفة سنة (167) (4) للهجرة وذلك بعد عزل هاشم بن سعيد عنها.
    وروح بن حاتم ، من الأجواد الممدوحين ، ومن وجوه دولة المنصور ، وكان موصوفا بالعلم والشجاعة والحزم (5). وكان حاجبا للمنصور.
    ولّي روح الإمارة لخمسة خلفاء هم : (1) أبو العبّاس السفّاح. (2) أبو جعفر المنصور. (3) محمّد (المهدي). (4) موسى (الهادي). (5) هارون
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 86.
    (2) نفس المصدر السابق.
    (3) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج 8 / 339.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 166 والقرطبي ـ بهجة المجالس. ج 10 / 75 والمنتظم ـ ابن الجوزي. ج 8 / 288 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233 و246.
    (5) الزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 34.

    الرشيد.
    ولم يتّفق مثل هذا لأيّ أمير ، إلّا لأبي موسى الأشعري ، فقد عمل : للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولأبي بكر الصديق ، ولعمر بن الخطاب ، ولعثمان بن عفان ، وللإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.
    وخطب روح بن حاتم ذات يوم ، ولمّا رأى كثرة الناس تلعثم ، ولا يدري ما ذا يقول : فقال : نكسوا رؤوسكم ، وغضوا أبصاركم ، فإن المنبر ، مركب صعب ، وإذا يسّر الله فتح قفل تيسر (1).
    وجيء بلص إلى روح بن حاتم ، فأمر بقتله. فقال اللصّ : يا أمير ، لي عندك يد بيضاء. فقال روح : وما هي؟ قال اللصّ : إنّك جئت يوما إلى مجمع موالينا بني نهشل ، والمجلس محتفل فلم تجد مكانا لتجلس فيه ، فقمت لك من مكاني حتّى جلست فيه ، ولو لا كرمك وشرفك ، ما ذكّرتك هذه عند مثل هذا. فقال روح : صدق وأمر بإطلاقه ، ثمّ ولّاه تلك الناحية ، وضمنه إيّاها (2).
    وكان بشار بن برد ، قد هجا روح بن حاتم ، فلما سمع روح بذلك هدده وتوعّده وحينما سمع بشار ذلك قال (3) :
    تهدّدني أبو خلف
    وعن أوتاره ناما

    بسيف لأبي صفر
    ة لا يقطع إبهاما

    كأنّ الورس يعلوه
    إذا ما صدره قاما

    وعند سماعه بهذه الآبيات ، قال روح : كلّ مالي صدقة ، إن وقعت
    __________________
    (1) ابن قتيبة ـ عيون الأخبار. ج 2 / 258 والقرطبي ـ بهجة المجالس. ج 10 / 75 والجاحظ ـ البيان والتبيين. ص 249.
    (2) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 2 / 172.
    (3) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 3 / 216.

    عيني عليه لأضربنّه ضربة بالسيف ، ولو كان بين يدي الخليفة.
    فلمّا سمع بشار بذلك ، ذهب إلى الخليفة (المهدي) واستجار به ، فأجاره ، ثمّ أرسل المهدي إلى روح فجيء به في الحال ، فقال له المهدي : يا روح إنّي بعثت إليك في حاجة. فقال روح : أنا عبدك يا أمير المؤمنين ، فقل ما شئت ما عدا بشار فإنّي قد حلفت في أمره يمينا قاطعا.
    عندها أمر المهدي بإحضار القضاة والفقهاء ، فاتفقوا على أن يضربه بعرض السيف ، ثمّ استلّ روح سيفه ، وضرب بشار بعرض سيفه ، فقال بشار : (أوّه بإسم الله) فضحك المهدي وقال له : (ويلك يا هذا ، فقد ضربك بعرضه فكيف بك لو ضربك بحدّه).
    ورأى رجل روح بن حاتم ، وهو واقف في الشمس على باب المنصور فقال له : (قد طال وقوفك في الشمس؟) فقال له روح : (ليطول وقوفي في الظلّ) (1).
    وعند ما كان روح بن حاتم أميرا على البصرة ، ذهب لمحاربة الجيوش الخراسانية ، ومعه أبو دلامة ، فخرج مبارز من صفوف العدّو ، وطلب مبارزته ، فخرج إليه جماعة من أصحاب روح فقتلهم ذلك المبارز تباعا ، عندها طلب روح من أبي دلامة أن يخرج لمبارزته ، فامتنع أبو دلامة ، ولكن روح أمره أن يخرج لمبارزته فقال أبو دلامة (2) :
    إنّي أعوذ بروح أن يقدّمني
    إلى قتال فيخزي بي بنو أسد

    آل المهلّب حبّ الموت أورثكم
    ولم أرث أنا حبّ الموت من أحد

    إن الدنو إلى الأعداء أعلمه
    مما يفرّق بين الروح والجسد

    __________________
    (1) ابن قتيبة ـ عيون الأخبار. ج 1 / 235 والمبرد ـ الكامل. ج 1 / 212.
    (2) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 10 / 244 وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 2 / 323 وعبد القادر بدران ـ تهذيب تاريخ ابن عساكر. ص 339.

    فلم يقتنع روح بما قاله أبو دلامة ، وأقسم بأن يخرج إلى المبارز ، عندها طلب أبو دلامة من روح أن يأتيه بدجاجة وخبز ، ولحم وشراب ، لعلمه بأنّ هذا آخر يوم من حياته ، فأمر له روح بما أراد.
    ثمّ خرج أبو دلامة ، راكبا فرسه ، متقلّدا سيفه ، وأخذ يصول ويجول حتى وصل إلى المبارز فلمّا رآه المبارز ، شهر سيفه وتقدّم نحو أبي دلامة ، فما كان من أبي دلامة إلّا أن أغمد سيفه وقال للمبارز : لا تعجل يا صاحبي ، واسمع منّي : فهل تعرفني؟ قال المبارز : لا.
    فقال له : أنا أبو دلامة ، وإنّني لم أخرج لقتالك ، وإنّما سمعت عن شهامتك ، وحسن أخلاقك ، فأحببت أن تكون لي صديقا ، ثمّ دعاه إلى الطعام والشراب ، فأكلا وشربا حتّى اكتفيا ، وتمكّن أخيرا أبو دلامة من إقناع المبارز من ترك أصحابه والالتحاق بجيش روح.
    وعند ما رجع أبو دلامة إلى روح ، قال له روح : ما ذا فعلت يا أبا دلامة؟ فقال له : جئتك به أسيرا ، ثمّ انخرط ذلك المبارز في صفوف جيش روح وأصبح صديقا لروح.
    وكان روح بن حاتم يذهب إلى منزل ابن رابين في الكوفة ، وكان يختلف إلى الزرقاء وكانت الزرقاء تحبّ محمّد بن جميل ، ويحبّها هو أيضا ، فاحتالا عليه ، حيث بات عندهم ليلة من الليالي ، فأخذت الزرقاء سراويله فغسلتها ، وفي الصباح سأل عنها فقالت له الزرقاء : قد غسلناها ، فتصوّر روح أنّه أحدث فيها ، فاستحيا من ذلك ، فخلا الجو لها ولأبن جميل (1).
    ومن طرائف روح انه قال : بينما كنت أطوف بالبيت الحرام سمعت رجلا يدعو ويقول : اللهم (اغفر لي ولوالدي) فقلت له : يا هذا قل اللهم
    __________________
    (1) النويري ـ نهاية الأرب. ج 5 / 77.

    أغفر لي ولوالديّ. فقال : إن أمّي من بني تميم ، وأنا أحبّ أن لا يغفر لها.
    وكانت حميدة بنت النعمان بن بشير الأنصاري ، قد تزوجت من الحارث بن خالد المخزومي وقيل المهاجر بن عبد الله بن خالد فطلّقها ثمّ زوّجها أخوها من روح بن حاتم الجذامي فهجته وخاطبت أخاها الّذي زوّجها من روح فقالت (1) :
    أضلّ الله حلمك من غلام
    متى كانت مناكحنا جذام؟

    أترضى بالأكارع والذنابي
    وقد كنّا يقر لنا السنام؟

    فطلّقها روح ، وقال لها : سلط الله عليك زوجا يشرب الخمر ، ويتقيّأ في حجرك فتزوجت بالفيض بن أبي عقيل الثقفي ، فكان هذا يسكر ويتقيأ في حجرها وكانت حميدة تقول : (أجيبت دعوة روح فيّ).
    وفي بداية سنة (171) للهجرة ، كان روح بن حاتم أميرا على أفريقية ، ولّاه إيّاها هارون الرشيد مكان أخيه (يزيد بن حاتم) وبقي روح أميرا على أفريقيه إلى سنة (174) للهجرة ، وقيل سنة (175) وقيل سنة (176). فمات ودفن مع أخيه (يزيد) في قبر واحد ، فتعجب الناس في حينه وكيف جمع بين اثنين أحدهما في المشرق والآخر في المغرب ودفن في مدينه القيروان (2).
    19 ـ محمّد بن سليمان : (3)
    ولّاه الخليفة (المهدي) إمارة الكوفة سنة (167 ـ 169) (4) للهجرة.
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 16 / 53.
    (2) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج 8 / 339 وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 2 / 306 والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 7 / 441 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 227 وعبد القادر بدران ـ تهذيب تاريخ ابن عساكر. ص 339 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 34 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (3) وردت ترجمته في ص 503.
    (4) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 288 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 985.

    وهذه للمرّة الثانية.
    20 ـ موسى بن عيسى :
    هو : موسى بن عيسى بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب ، ولّاه الخليفة موسى (الهادي) إمارة الكوفة سنة (167) (1) للهجرة ، وذلك بعد عزل روح بن حاتم.
    وقيل ولّاه الخليفة محمّد (المهدي) إمارة الكوفة بعد عزل هاشم بن سعيد ، وبقي موسى بن عيسى أميرا على الكوفة حتّى مات (المهدي) (2). ثمّ جاء الخليفة موسى (الهادي) فأقرّه على إمارته ، وبقي موسى أميرا حتّى مات الخليفة الهادي ، ثمّ جاء هارون الرشيد إلى الخلافة فعزله ، وأرسله أميرا على مصر ، وولّى ابنه (العبّاس بن موسى بن عيسى) على إمارة الكوفة (3) ، ثمّ أعاده هارون الرشيد إلى إمارة الكوفة بعد عزل يحيى بن بشر ابن جحوان الحارثي ثمّ عزله ، وولى ابنه العبّاس بن موسى لمدة شهرين ثمّ عزله (4).
    ثمّ أعاده هارون الرشيد إلى إمارة الكوفة (أيضا) وذلك بعد عزل منصور بن عطاء الخراساني ، وبقي أميرا حتّى مات (5).
    وكان هارون الرشيد قد ولّاه إمارة مصر سنة (171) للهجرة بعد عزل أميرها عليّ بن سليمان ، فقام موسى في مصر بأعمال غير مرضية ، إذ
    __________________
    (1) تاريخ اليعقوبي. ج 3 / 132 وتاريخ الطبري. ج 8 / 164.
    (2) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 440 و446 و462.
    (3) المصدر السابق.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) نفس المصدر اعلاه.

    أمر ببناء الكنائس الّتي هدمها عليّ بن سليمان (1).
    وقيل إنّ موسى بن عيسى جلس ذات يوم في ميدان مصر ، وأخذ يطيل النظر في نهر النيل ، فقيل له : ما ذا يرى الأمير؟
    فقال : (أرى ميدان رهان ، وجنان نخل ، وبستان شجر ، ومنازل سكنى ، ودور خيل وجبّان أموات ، ونهر أعجاج ، وأرض زرع ، ومرعى ماشية ، ومرتع خيل ، ومصايد بحر ، وقانص وحش ، وملّاح سفينة ، وحادي إبل ، ومفازة رمل ، وسهلا ، وجبلا من أقلّ ميل في ميل) (2).
    ثمّ عزل موسى بن عيسى عن مصر في السادس عشر من شهر رمضان من سنة (172) للهجرة ، فكانت ولايته على مصر سنة واحدة وخمسة أشهر وخمسة عشر يوما.
    ثمّ أعاده هارون الرشيد إلى إمارة الكوفة ، لمدة قصيرة ثمّ عزله وولّاه (دمشق) فأقام بها مدّة ، ثمّ عزله سنة (176) للهجرة ، وذلك عند ما هاجت القبلية بين النزارية واليمانية في الشام ، وعيّن مكانه موسى بن يحيى بن خالد البرمكي ، فتمكّن من إخماد الفتنة ، وإيقاع الصلح بين الطرفين ، فقال الشاعر يمدح موسى بن يحيى بقصيدة نقتطف منها الأبيات التالية (3) :
    قد هاجت الشام هيجا
    يشيب رأس وليده

    فصبّ موسى عليها
    بخيله وجنوده

    فدانت الشام لمّا
    أتى نسيج وحيده

    ثمّ أعاده إلى إمارة مصر ، ثمّ عزله سنة (176) (4) للهجرة ، ثمّ أعاده إلى
    __________________
    (1) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 66.
    (2) المصدر السابق.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 252.
    (4) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 67 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1023.

    مصر سنة (179) (1) ثمّ عزله سنة (180) ، وكان أميرا على أرمينية سنة (178) للهجرة.
    وكان موسى بن عيسى توّاقا إلى الخلافة ، وكان يشعر بأحقيته بها ، حيث أنّ أباه (عيسى بن موسى) كان ولي عهد الخليفة أبو العبّاس السفّاح ، ثمّ ولّي العهد لأبي جعفر المنصور ، ثمّ نقضا العهود والمواثيق ، فخلعاه من الخلافة (كما ذكرنا سابقا).
    ولم يخف على هارون الرشيد على ما كان يدور في رأس موسى بن عيسى ، لذلك نراه (أي الرشيد) قد أكثر من تولية وعزل موسى بن عيسى عن إمارة الكوفة وإمارة مصر ليحطّ من قدره ومعنوياته ، وليكون بعيدا عن مركز الخلافة ، ثمّ بعد ذلك أعاده الرشيد إلى بغداد ، ليكون بالقرب منه ، فتسهل عليه مراقبته.
    وفي سنة (169) (2) للهجرة ، ثار بالمدينة الحسين بن عليّ بن الحسن ابن الحسن بن الحسن بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام المعروف ب (صاحب فخ) فاستولى على المدينة ، ثمّ ذهب إلى مكّة لأداء فريضة الحجّ ، ولمّا وصل إلى (فخ) (3) لقيته الجيوش العباسيّة بقيادة موسى بن عيسى ومعه محمّد بن سليمان بن عليّ (أمير الكوفة الأسبق) وأخيه جعفر ، فدارت معركة بين الطرفين قتل فيها الحسين بن عليّ ، وقتل معه الكثير من آل أبي طالب ، وخاصة من أولاد الإمام الحسن بن عليّ عليهما‌السلام.
    ولمّا جيء بالرؤوس إلى موسى بن عيسى ، وكان عنده جماعة من اولاد الحسن والحسين (عليهما‌السلام) فلم يتكلم أحد منهم بشيء ، وكان
    __________________
    (1) النجوم الزاهره. ج 2 / 98 والمستشرق زامباور ـ الأسرات الحاكمة. ص 285.
    (2) الحميري ـ الروض المعطار. ص 437 وعبد الرزاق كمونة ـ مشاهد العترة الطاهرة. ص 152.
    (3) فخ : بئر قرب مكّة.

    من جملتهم الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام فقال له موسى بن عيسى : هذا رأس الحسين. فقال الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام : (إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى والله مسلما ، صالحا ، صوّاما ، قائما ، آمرا بالمعروف ، ناهيا عن المنكر ، ما كان في أهل بيته مثله) (1). فسكتوا ، ولم يجيبوه بشيء ، ثمّ أرسلوا الأسرى إلى الخليفة موسى (الهادي).
    وبعد قتل الحسين (صاحب فخ) جلس موسى بن عيسى بالمدينة ، للتهنئة بالنصر وأمر الناس بالوقيعة على آل أبي طالب ، فأخذ الناس يوقعون عليهم ، حتّى لم يبق أحد منهم ، فقال موسى : هل بقي أحد منهم؟
    فقيل له : نعم ، بقي موسى بن عبد الله بن الحسن (أخو النفس الزكيّة) فذهب عبد الله إلى موسى بن عيسى ، وكان السري بن عبد الله من اولاد الحرث بن العبّاس بن عبد المطلب جالسا إلى جانب موسى بن عيسى ، فقال السري لموسى : (دعني أعرّفه بآله وبنفسه) (2) ، فأذن له موسى ، فقال السري : كيف رأيت مصارع البغي ، الّذي لا تدعونه لبني عمّكم ، المنعمين عليكم)؟.
    فقال موسى : أقول في ذلك :
    بني عمّنا ردوا فضول دمائنا
    ينم ليلكم أو لا يكلّمنا اللوائم

    إنّا وإيّاكم وما كان بيننا
    كذي الدّين يقضي دينه وهو راغم

    فقال السري : (والله ما يزيدكم البغي ، إلّا ذلّة ، ولو كنتم مثل بني (3) عمكم لسلمتم وكنتم مثله ، فقد عرف حقّ بني عمّه ، وفضّلهم عليه ، فهو لا
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 453 و454.
    (2) نفس المصدر السابق.
    (3) بني عمكم : المقصود به الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:12 am

    يطلب ما ليس له) (1).
    فقال له موسى بن عبد الله :
    فإنّ الأولى تثني عليهم تعيبني
    أولاك بنو عمّي وعمّهم عمّي

    فإنّك إن تمدحهم بمديحة
    تصدق ، وإن تمدح أباك تكذب

    وقيل إنّ موسى (2) بن عيسى قد طلب من أبي العرجاء الجمال أنّه يذهب إلى معسكر الحسين (صاحب فخ) ويأتيه بالخبر ، ولمّا رجع أبو العرجاء قال لموسى بن عيسى : (ما أظن القوم إلّا منصورين). فقال له موسى : وكيف ذاك يا بن الفاعلة :؟
    فقال : (ما رأيت إلّا مصليا ، أو مبتهلا ، أو ناظرا في مصحف ، أو معدّا للسلاح) (3).
    فعند ذلك ضرب موسى بن عيسى يدا بيد ، وقال : (هم والله ، أكرم عند الله ، وأحقّ بما في أيدينا منّا ، ولكن الملك عقيم ، ولو أنّ صاحب (4) هذا القبر نازعنا الملك لضربنا خيشومه) يا غلام إضرب طبلك.
    وقيل إنّ الخليفة (الهادي) غضب على موسى بن عيسى لقتله الحسين ابن عليّ (صاحب فخ) لأنّه لم يخبره بذلك قبل قتله ليقرّر مصيره بنفسه ، ولمّا جيء برأسه مستبشرين بكى (الهادي) ثمّ قال : (أتيتموني مستبشرين ، كأنّكم أتيتموني برأس رجل من الترك أو الديلم إنّه رجل من عترة رسول
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 454.
    (2) وقيل إنّ الّذي طلب من أبي العرجاء الذهاب إلى معسكر صاحب فخ هو محمّد بن سليمان (كما ذكرنا في ص 509 و510) من هذا الكتاب.
    (3) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 241 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 350.
    (4) صاحب هذا القبر : يقصد به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقيل إنّ الّذي قال ذلك هو محمّد بن سليمان. (لاحظ ص 510 و511) من هذا الكتاب.

    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يعطهم شيئا ، وأمر بمصادرة أموال موسى بن عيسى (1).
    وقيل في رثاء من قتل في (فخ) من آل الحسن (2) :
    يا عين إبكي بدمع منك منهمر
    فقد رأيت الّذي لاقى بنو الحسن

    صرعى بفخ تجرّ الريح فوقهم
    أذيالها وغوادي الدلج المزن

    حتّى أعفت أعظم لو كان شاهدها
    محمّد ذبّ عنها ثمّ لم تهن

    ما ذا يقولون والماضون قبلهم
    على العداوة والبغضاء والأحن

    ما ذا يقولون إن قال النبيّ لهم
    ما ذا صنعتم بنا في سالف الزمن

    لا الناس من مضر حاموا ولا غضبوا
    ولا ربيعة والأحياء من يمن

    يا ويحهم كيف لم يرعوا لهم حرما
    وقد رعى الفيل حقّ البيت ذي الركن

    وكان موسى بن عيسى قد تزّوج من (علية) (3) وكان فارق السن
    __________________
    (1) الحميري ـ الروض المعطار. ص 437.
    (2) نفس المصدر السابق.
    (3) علية : هي بنت الخليفة (المهدي) وأخت الخليفة هارون الرشيد ، كانت شاعرة ، تجيد الشعر ، ومغنيه تغني من شعرها وتلحينها ، وخاصة إذا اجتمعت مع أخيها (إبراهيم) الّذي لا يقل عنها في الغناء ، وإجادة الشعر. وكانت عليه من أجمل النساء ، وأكملهن عقلا ونزاهة وأدبا. أحبت علية خادما من خدام أخيها (هارون الرشيد) اسمه (طل) فكانت تراسله شعرا وتكلمه على حذر ، ثمّ علم الرشيد بذلك ، فأقسم عليها يمينا ، بأن لا تكلم (طلا) ولا تسميه بأسمه واستمع اليها الرشيد ذات يوم ، وهي تقرأ القرآن في آخر سورة البقرة ، ولمّا وصلت إلى قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ) ، وأرادت أن تقول : (فطل) إلّا أنها تذكرت يمينها لأخيها الرشيد فقالت : (فالذي نهانا عنه أمير المؤمنين) ، فدخل عليها الرشيد ، وقبّل رأسها وقال لها : (قد وهبت لك (طلا) ولا أمنعك بعد هذا من شيء تريدينه). الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1210.
    ومن شعرها أنها قالت :
    أوقعت قلبي في الهوى
    ونجوت منه سالمه

    وبدأتني بالوصل ثمّ
    قطعت وصلي ظالمه

    ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 231.
    ومن شعرها أيضا :

    بينهما كثيرا جدا.
    مات موسى بن عيسى في بغداد سنة (183) (1) للهجرة ، وقيل مات في مصر (303) ، وعمره (55) سنة.
    21 ـ العبّاس بن موسى بن عيسى :
    هو : العبّاس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب (2).
    استخلفه أبوه (موسى بن عيسى) على إمارة الكوفة سنة (170) (3) للهجرة في خلافة هارون الرشيد. ثمّ ولّاه الأمين بن هارون الرشيد إمارة الكوفة سنة (195) (4) للهجرة. وقيل ولّاه هارون الرشيد إمارة الكوفة بعد عزل أبيه عنها ، ثمّ عزله وولّى إسحاق بن الصباح الكندي (5).
    وفي سنة (196) للهجرة حجّ بالناس (العبّاس بن موسى بن عيسى) من قبل طاهر بن الحسين ودعا للمأمون بالخلافة في مكّة والمدينة ، وهو
    __________________
    ليس يستحسن في وصف الهوى
    عاشق يحسن تأليف الحجج

    بنى الحب على الجور فلو
    أنصف المعشوق فيه لسمج

    لا تعيبا من محب ذلة
    ذلة العاشق مفتاح الفرج

    وماتت عليه بعد عمر دام خمسين سنة. الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1210.
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 165 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (2) القلقشندي ـ صبح الأعشى. ج 3 / 422.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 214.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 346.
    (5) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 462. وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 215. والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 246.

    موسم يدعى فيه بالخلافة للمأمون (1).
    وفي سنة (197) للهجرة حجّ بالناس أيضا العبّاس بن موسى ، وبأمر من الخليفة المأمون (2) ، وبتوجيه من طاهر بن الحسين ، وكذلك حجّ بالناس سنة (198). وسبق للعباس بن موسى إنّه حجّ بالناس أيضا سنة (189) (3) للهجرة. وفي سنة (198) ولّاه المأمون إمارة مصر ، فأرسل ابنه عبد الله بن العبّاس نائبا عنه ، ولمّا وصل عبد الله إلى مصر ، أساء معاملة أهلها ، مما تسبب في ثورتهم عليه ، فطردوه وأعادوا أميرهم السابق (المطلب بن عبد الله).
    ولمّا سمع (العبّاس بن موسى) بما فعله أهل مصر بابنه عبد الله ، ذهب إلى مصر وحارب المطلب بن عبد الله. فمرض العبّاس (وهو يقاتل) في مدينة (بلبيس) سنة (199) (4). وعند ما وصلت جيوش طاهر بن الحسين إلى واسط ، فهرب عنها عاملها الّذي قال : (طاهر ، ولا عار في الهرب من طاهر) فلقى طاهر البيعة للمأمون من العبّاس بن موسى (أمير الكوفة) (5).
    وفي سنة (196) للهجرة ، ذهب داود بن عيسى إلى المأمون (في خراسان) ثمّ رجع إلى مكّة ليقيم موسم الحجّ ، وكان معه العبّاس بن موسى ، فمرا بالعراق على طاهر بن الحسين ، فأكرمهما طاهر ، وأرسل معهما يزيد بن جرير بن يزيد بن خالد القسري ، وأقام الموسم (العبّاس بن موسى) (6) كما
    __________________
    (1) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 467 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 237.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 471 و527 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 39 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 239.
    (3) تاريخ خليفة بن خياط. ج؟ / 458 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 163.
    (4) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 162 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 267.
    (5) أحمد شلبي ـ تاريخ الإسلام. ج 3 / 317.
    (6) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 44.

    ذكرت آنفا.
    وعند ما طلب الأمين من أخيه المأمون التنازل عن الخلافة لأبنه (موسى) كان من ضمن الذين أرسلهم ، هو العبّاس بن موسى ، ولمّا دخل العبّاس على المأمون قال له : (أيّها الأمير ، إن أخاك قد تحمّل في الخلافة ثقلا عظيما ، ومن النظر في أمور الناس عبئا جليلا ، وقد صدقت نيته في الخير ، فأعوزه الوزراء والأعيان ، والكفاة في العدل ، وقليل ما يأنس بأهل بيته ، وأنت أخوه ، وقد فزع إليك في أموره ، وأمّلك للمؤازرة ، ولسنا نستبطئك في برّه ، اتهامك لنصرك له ، ولا نحضك على طاعته ، تخوفك لخلافك عليه ، وفي قدومك عليه ، أنس عظيم ، وصلاح لدولته وسلطانه ، فأجب أيّها الأمير دعوة أخيك وآثر طاعته وأعنه على ما استعانك عليه في أمره ، فإنّه في ذلك قضاء الحقّ ، وصلة الرحم ، وصلاح الدولة ، وعزّ الخلافة عزم الله للأمير على الرشد في أموره ، وجعل له الخيرة والصلاح في عواقب رأيه (1). فكتب المأمون إلى أخيه ، يسأله أن يعفيه من المجيء إليه ، وأن يقرّه على عمله إذ يرى ذلك أعظم غناء على المسلمين (2).
    وقيل إنّ المأمون رفض التنازل عن الخلافة ، فقال له العبّاس بن موسى : (وما عليك أيّها الأمير من ذلك ، فهذا جدّي عيسى بن موسى قد خلع فما ضرّه ذلك). فأجابه الفضل بن سهل (وكان جالسا عند المأمون) : (أسكت فإنّ جدّك كان أسيرا في أيديهم ، وهذا بين أخواله وشيعته) (3). ثمّ ذهب الفضل بن سهل بعد ذلك إلى العبّاس بن موسى ، وقال له : (لك عندي إمارة الموسم ، وأنت تعلم بأنّ إمارة الموسم ، لا إمارة أشرف منها ، ولك ما
    __________________
    (1) أحمد زكي صفوت ـ جمهرة خطب العرب. ج 3 / 101.
    (2) المصدر السابق. ج 3 / 104.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 376 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 230.

    تشاء من الأعمال في مصر ، ثمّ تمكّن الفضل بن سهل من إقناع العبّاس بن موسى بمبايعة المأمون. ولمّا رجع العبّاس بن موسى إلى بغداد ، كان يكاتب المأمون (سرا) ويشير عليه بالرأي ويخبره بكلّ ما يدور حول الأمين (1).
    وعند ما حوصر الأمين في بغداد من قبل عبد الله بن طاهر ، ذهب العبّاس بن موسى إلى قصر أبي جعفر المنصور ، فأخرج منه (الأمين) وأمّه (الستّ زبيدة) واسمعها بكلمات نابية ، ثمّ حبسهم. وقيل إنّه ضرب الستّ زبيدة بالعصى وشتمها (2).
    وأخيرا قتل الأمين ، وتمّت البيعة للمأمون في بغداد وخراسان ، وخرج أهل خراسان بتلك البيعة ، فخطب الخطباء ، وأنشد الشعراء ، وفي ذلك قال شاعر من أهل خراسان (3):
    أصبحت الأمّة في غبطة
    من أمر دنياها ومن دينها

    إذ حفظت عهد إمام الهدى
    خير بني حواء مأمونها

    قامت بحق الله إذ زبرت
    في ولده كتب دواوينها

    ألا تراها كيف بعد الردى
    وفّقها الله لتزيينها

    مات العبّاس بن موسى بن عيسى في مدينة (بليبس) في مصر في السابع عشر من شهر جمادي الآخر من سنة (199) للهجرة ، ويقال إنّ المطلب بن عبد الله دسّ له سمّا في طعامه ، فمات منه (4).
    __________________
    (1) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 225.
    (2) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 39 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 236.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 411.
    (4) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 162 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 267 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 203.

    22 ـ محمّد بن إبراهيم :
    هو : محمّد بن إبراهيم (الإمام) بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ابن عبد المطلب (1). ولّاه هارون الرشيد إمارة الكوفة سنة (170) (2) للهجرة.
    ومحمّد بن إبراهيم ، أمير عباسي ، هاشمي ، كان مقيما في بغداد وكان كبير القدر معظّما ، وكان يجلس لولده وأحفاده في كلّ يوم خميس فيعظهم ويحدّثهم. وقد روى العلم عن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام (3).
    ولّي إمارة دمشق من قبل الخليفة المهدي ، وكذلك ولّيها من قبل هارون الرشيد (4). وولّي إمارة الحجّ في خلافة أبي جعفر المنصور عدّة سنين ، ثمّ عزله الخليفة المهدي ، ثمّ ولّي إمارة مكّة سنة (178) (5) للهجرة ، من قبل هارون الرشيد ، ثمّ تولّاها من بعده ولداه عبيد الله والعبّاس وحجّ بالناس أيضا.
    مات محمّد بن إبراهيم في بغداد سنة (185) (6) للهجرة ، وصلّى عليه (الأمين) وكان ولي العهد لأبيه هارون ، ودفن في (المقبرة العباسيّة) في باب الميدان.
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 11.
    (2) شاكر مصطفى ـ موسوعة دول العالم. ج 1 / 267.
    (3) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 1 / 384 والزركلي ـ الأعلام. ج 5 / 293 ط 5.
    (4) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 12 / 355 وابن العماد ـ الشذرات. ج 1 / 309.
    (5) تاريخ الطبري. ج 8 / 260 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 145 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 36.
    (6) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 171 والخطيب البغدادي. ج 1 / 267.

    23 ـ عبيد الله بن محمّد بن إبراهيم (1) :
    ولّاه إمارة الكوفة هارون الرشيد بعد أبيه (2). وتولّى كذلك إمارة مكّة بعد أبيه (3). وتولّى كذلك إمارة مصر سنة (189) (4) للهجرة.
    24 ـ يعقوب بن أبي جعفر المنصور :
    ولّاه الخليفة هارون الرشيد إمارة الكوفة ، وذلك بعد عزل العبّاس بن موسى بن عيسى ولكنه لم يذهب إلى الكوفة (5). مات أبو جعفر المنصور وترك من الأولادهم (6) :
    1 ـ المهدي : وأسمه (محمّد) وأمّه أروى بنت منصور الحميري.
    2 ـ جعفر الأكبر : وأمّه أروى بنت منصور الحميري ، مات في زمن أبيه المنصور ، ودفن في مقابر قريش.
    3 ، 4 ، 5 ـ سليمان ، وعيسى ، ويعقوب : وأمهم فاطمة بنت محمّد من اولاد طلحة بن عبيد الله.
    6 ـ جعفر الأصغر : وأمّه أمّ ولد (كرديّة) كان المنصور قد اشتراها ، ولذلك يقال لأبنها جعفر ابن الكرديّة.
    __________________
    (1) إن كافة الأمراء الذين كانوا في الكوفة في خلافة هارون الرشيد لم تذكر سني تعيينهم أو عزلهم ، وإنّما جاءت بالأسماء فقط ، وقد ترجمتهم حسب التسلسل المذكور ، هذا ما وجدته في المصادر المشهورة كالطبري وابن الأثير وخليفة بن خياط والبراقي وغيرهم ، عسى أن نوفق إلى معرفة ذلك مستقبلا إن شاء الله.
    (2) شاكر مصطفى ـ موسوعة دول العالم. ج 1 / 267 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 215 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (3) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1039.
    (4) المصدر السابق. ج 2 / 1094.
    (5) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 744 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (6) تاريخ الطبري. ج 8 / 102.

    7 ـ صالح المسكين : وأمّه أمّ ولد ، روميّة.
    8 ـ القاسم : وأمّه أمّ ولد ، تعرف (بأمّ القاسم) ومات هذا في زمن أبيه (المنصور) وعمره عشر سنين.
    وكان يعقوب بن أبي جعفر المنصور ضمن ولاة الكوفة في خلافة هارون الرشيد (1). وفي سنة (172) للهجرة ، حجّ بالناس يعقوب بن أبي جعفر المنصور (2).
    25 ـ يحيى بن بشر بن جحوان الحارثيّ :
    ولّاه هارون الرشيد إمارة الكوفة ، وذلك بعد عزل يعقوب بن أبي جعفر المنصور ، ثمّ عزله ، وولّى مكانه موسى بن عيسى (3).
    26 ـ محمّد بن بشر بن جحوان الأسديّ :
    كان أحد أمراء الكوفة (4). كان محمّد بن الأشعث (5) ، ملازما لأبن
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 215.
    (2) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 712 وتاريخ الطبري. ج 8 / 346.
    (3) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 744.
    (4) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 15 / 59.
    (5) محمّد بن الأشعث : بن فجوة القرشي ، الزهري ، من فتيان أهل الكوفة وظرفائهم ، وكان حسن الوجه ، يقول الشعر ، ويتغنى به.
    ومن شعره في سحيقه : الأغاني. ج 15 / 59.
    سحيقة أنت واحدة القيان
    فمالك مشبّه فيهن ثاني

    فضلت على القيان بفضل حذق
    فحزت على المدى قصب الرهان

    سجدن لك القيان مكفرّات
    كما سجد المجوس لمرزبان

    ولا سيما إذا غنيت صوتا
    وحرّكت المثالث (1) والمثاني (2)

    شربت الخمر حتّى خلت أني
    أبو قابوس (3) أو عبد (4) المدان

    فإعمال اليسار على الملاوي (5)
    ومن يمناك ترجمة البيان

    (1) ، (2) ـ المثالث والمثاني : من أوتار العود
    (3) أبو قابوس : كنية النعمان بن المنذر ،
    (4) عبد المدان : سيد من سادات مذحج
    (5) الملاوي : ملاوي العود الّتي تشد بها الأوتار.

    رامين (1) ولجاريته سلامة الزرقاء (2) ، حتّى شاع خبره في الكوفة ، فلامه أصحابه ، ونصحوه ، ولكنّه لم يسمع منهم ، حتّى رأى بعض ما كره في منزل ابن رامين ، فتحول (ذهب) إلى (سحيقة) جارية زريق (3) بن منيح (مولى عيسى بن موسى).
    وحاول ابن رامين أن يقنع محمّد بن الأشعث بالعودة إليه في داره إلّا أنّه لم يفلح ، ثمّ لم يدع ابن رامين شريفا بالكوفة ، إلّا وذهب إليه ، لإقناع محمّد بن الأشعث برجوعة إلى حضوره في داره فلم يقنع ، وأخيرا ذهب ابن رامين إلى (محمّد بن بشر بن جحوان الأسدي) وكان يومئذ على الكوفة (4) ، فكلّمه ابن بشر ، فعاد ابن الأشعث إلى بيت ابن رامين.
    27 ـ العبّاس بن موسى بن عيسى (5) :
    أعاده هارون الرشيد على إمارة الكوفة بعد عزل أبيه موسى بن
    __________________
    (1) ابن رامين : وأسمه عبد الملك بن رامين ، مولى عبد الملك بن بشر بن مروان ، وكان عنده قيان في الكوفة.
    (2) سلامة الزرقاء : وهي جارية ابن رامين ، وكانت مغنية ، وجميلة جدا وقال فيها محمّد بن الأشعث :
    أمسى لسلامة الزرقاء في كبدي
    صدع مقيم طوال الدهر والأبد

    لا يستطيع صناع القوم يشعبه
    وكيف يشعب صدع الحبّ في الكبد؟

    إلّا بوصل الّتي من حبها انصدعت
    تلك الصدوع من الأسقام والكمد

    (3) زريق : بن منيح : وهو مولى عيسى بن موسى ، وكان شيخا ، سخيا ، نبيلا ، يجتمع عنده أشراف الكوفة من كافة أحيائها.
    (4) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 15 / 59.
    (5) تكلمنا عنه في ص 533 و539.

    عيسى عنها ، فبقي العبّاس بن موسى على إمارة الكوفة لمدة شهرين فقط ، ثمّ عزله الرشيد وعيّن مكانه إسحاق بن الصباح الكندي (1).
    28 ـ إسحاق بن الصباح الكندي (2) :
    ولّاه هارون الرشيد إمارة الكوفة وذلك بعد عزل العبّاس بن موسى ابن عيسى وبقي أميرا على الكوفة ثلاثة أشهر فقط ، ثمّ عزله الرشيد وعيّن مكانه جعفر بن أبي جعفر المنصور.
    29 ـ موسى بن عيسى (3) :
    أعاده هارون الرشيد على إمارة الكوفة للمرة الثانية وذلك بعد عزل يحيى بن بشر بن جحوان الحارثي ، ثمّ عزله وعيّن مكانه أبنه خليفته (العبّاس بن موسى بن عيسى) (4).
    30 ـ جعفر بن أبي جعفر المنصور :
    هو : جعفر (الأصغر) بن أبي جعفر المنصور ، وكنيته : ابن الكرديه ، (أبو الفضل) (5). كان لأبي جعفر المنصور : عدّة أولاد ، من عدة نساء منهم :
    1 ـ جعفر الأكبر : وأمّه : أروى بنت منصور الحميري ، وقد مات في زمن أبيه المنصور سنة (150) للهجرة (6).
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 120. وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 40.
    (2) قدمنا ترجمته في ص 516.
    (3) تكلمنا عنه في ص 533.
    (4) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 744.
    (5) تاريخ الطبري. ج 8 / 102.
    (6) ابن الأثير ـ الكامل. ج 5 / 593.

    2 ـ جعفر الأصغر : وأمّه : أمّ ولد كرديّة ، ولذلك يقال لابنها (ابن الكرديّة).
    وقيل إنّ الّذي مات هو جعفر الأصغر ، وليس جعفر الأكبر (1).
    ولّي جعفر بن أبي جعفر المنصور إمارة الكوفة ، ولّاه إيّاها الخليفة هارون الرشيد غير أنّه لم يذهب اليها ، فعزله ، وولّى مكانه منصور بن عطاء الخراساني (2).
    وفي سنة (182) للهجرة ، أخذ هارون الرشيد البيعة لابنه (المأمون) بعد أخيه الأمين في (الرقة) بعد انصرافه من مكّة ، ثمّ أرسل ابنه المأمون إلى بغداد ، ومعه أهل بيته : جعفر بن أبي جعفر المنصور ، وعبد الملك بن صالح ، ومن القادة : عليّ بن عيسى بن ماهان ، ولمّا وصلوا إلى بغداد ، تمّت البيعة فيها أيضا للمأمون ، ثمّ ولّاه أبوه خراسان ، وما يتصل بها إلى همدان (3).
    وفي سنة (443) للهجرة ، حدثت فتنة في بغداد ، حرق أثنائها ضريحي الإمامين موسى بن جعفر ومحمّد الجواد (عليهما‌السلام) وكذلك احترق ما يقابلها من قبور ملوك آل بويه : (معزّ الدولة) و (جلال الدولة) وكذلك حرقت قبور الوزراء والرؤساء وكذلك حرق قبر جعفر بن أبي جعفر المنصور ، وقبر الأمين بن هارون الرشيد وقبر الست (زبيدة) (4).
    وكان جعفر بن الكرديّة ، يحبّ مطيع بن إياس ، ويحترمه كثيرا ، وكان حماد الراوية صديقا لمطيع بن إيّاس ، وأراد مطيع أن يعمل معروفا لصديقه حماد الراوية فذهب مطيع إلى جعفر بن الكرديّة ، وقال له : بأن حماد الراوية ،
    __________________
    (1) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 7 / 150.
    (2) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 462 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 269.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 577.

    من الذين ينشدون أشعار الأقدمين ، ويحفظ عنهم روايات كثيرة ، فقال له جعفر : آتنا به لنراه ، فذهب مطيع إلى حماد (فرحا) وأخبره بأن الأمير جعفر قد طلبه لسماع ما عنده من أشعار ، فقال له حماد : (دعني يا أخي ، فإنّ دولتي كانت مع بني أميّة ، ومالي عند هؤلاء خير). فألح عليه مطيع حتّى وافق.
    فذهب حماد الراوية ، واستعار سوادا ، وسيفا ، ثمّ ذهبا سوية إلى جعفر ، فلما دخل عليه حماد ، فسلّم عليه ، ثمّ أمره جعفر بالجلوس ، فجلس. فقال جعفر : يا حماد أنشدني. فقال حماد : لمن أيّها الأمير؟ ألشاعر معيّن؟ أو بدون تعيين؟ فقال جعفر : بل أنشدني لجرير. فقال حماد (1) :
    بان الخليط برامتين (2) فودعوا
    أو كلّما اعتزموا لبين تجزع

    إلى أن وصل إلى قول جرير :
    وتقول بوزع قد دببت على العصا
    هلا هزئت بغيرنا يا بوزع

    فسأله جعفر : (ما معنى بوزع)؟ فقال له حماد : إنّه اسم امرأة. فقال له جعفر : (امرأة أسمها بوزع)؟ هو بريء من الله ورسوله ، ونفى من العبّاس بن عبد المطلب ، إن كانت بوزع ، إلّا غولا من الغيلان ، تركتني والله يا هذا لا أنام هذه الليلة من فزع بوزع ، يا غلمان عليكم بالعصى ، فضربوه بالعصي على ظهره ، حتّى أغمي عليه ، ثمّ جرّوه من رجله وأخرجوه ، وقد تمزق السواد وانكسر السيف. ثمّ ذهب إليه مطيع يواسيه لما حلّ به ، فقال له حمّاد : ألم أخبرك بأنّي لا أصيب منهم خيرا ، وأنّ حضي قد مضى مع بني أميّة.
    وحجّ بالناس جعفر سنة (148) (3) للهجرة.
    مات جعفر بن أبي جعفر المنصور سنة (186) للهجرة ، عند هرثمة بن
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 7 / 82.
    (2) رامه : أسم مكان على طريق البصرة ـ مكة ، وقيل : هي هضبة أو جبل لبني دارم.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 275 والذهبي ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 12 / 19.

    أعين (1).
    31 ـ منصور بن عطاء الخراساني :
    ولّاه هارون الرشيد إمارة الكوفة ، وذلك بعد عزل جعفر بن أبي جعفر المنصور ، ثمّ عزله وولّى مكانه موسى بن عيسى (2).
    32 ـ موسى بن عيسى (3) :
    أعاده هارون الرشيد على إمارة الكوفة ، وذلك بعد عزل منصور بن عطاء الخراساني (4).
    33 ـ محمّد (الأمين) بن هارون الرشيد :
    استخلفه أبوه هارون الرشيد على بغداد سنة (180) (5) للهجرة ، وولّاه (العراقين) وذلك عند ذهابه (أي الرشيد) الى الرقة ، وولّاه الشام إلى آخر المغرب.
    أمّه : الستّ زبيدة إبنة جعفر (الأكبر) بن أبي جعفر المنصور ، وكنيته : أبو عبيدة. وكان الأمين : شديد البطش والقوّة ، إلّا أنّه ضعيف الإرادة ، قليل التدبير ، غير مفكّر بعواقب الأمور ، انشغل بالترف والملذّات ، وترك الأمر بيد الفضل بن الربيع.
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 110.
    (2) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 744.
    (3) قدمنا ترجمته في ص 533.
    (4) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 744.
    (5) تاريخ الطبري. ج 8 / 267 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 48 وابن الأثير ـ الكامل. ج 173. و221.

    وعند ما ذهب الرشيد إلى مكّة سنة (186) للهجرة ، عهد بالخلافة إلى أولاده الثلاثة : محمّد (الأمين) وعبد الله (المأمون) والقاسم (المؤتمن) تباعا ، وكتب العهد ووضع داخل البيت الحرام (الكعبة) وأشهد القضاة بذلك (1).
    وكان الرشيد قد أعطى ولاية العهد لأبنه (الأمين) قبل أخيه (المأمون) (2) بتأثير من زوجته (الستّ زبيدة) وبتأثير آخر من جانب حاشيته ، ذلك لأن (الأمين) من أصل عربيّ ، والمأمون كانت أمّه من أسرة أعجمية. فالأمين كان يسيطر بأصله العربي على الإمارات الّتي يعيش فيها العرب ، والمأمون بأصله الفارسي كان يسيطر على الإمارات الفارسيّة.
    ووقف وراء الأمين رجل مهم ذلك هو الفضل بن الربيع (وكان وزيرا للرشيد) ، ووقف خلف المأمون رجل آخر ، لا يقل أهميّة عن مثيله ، ألا وهو الفضل بن سهل (3).
    وقال هارون الرشيد في أبنيه الأمين والمأمون : (إنّي لأتعرّف في عبد الله حزم المنصور ، ونسك المهدي ، وعزّة نفس الهادي ، فلو أشأ أن أنسبه الرابعة فيّ لنسبته ، وإنّي لأرضى سيرته ، وأحمد طريقته ، وأستحسن سياسته ، وأرى قوته وذهنه ، وأمن ضعفه ووهنه ، وإنّي لأقدّم (محمّد) عليه ، وأعلم أنّه منقاد لهواه ، متصرّف في طريقه ، مبذّر لمّا حوته يده ، مشارك للنساء والإماء في رأيه ، ولو لا (أمّ جعفر) (4) وميل بني هاشم إليه لقدمت عبد الله عليه) (5).
    وقيل إنّ هارون الرشيد قد ندم على توليته (الأمين) قبل أخيه (المأمون)
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 285.
    (2) المأمون : كان أكبر من أخيه الأمين سنا.
    (3) عبد الحكيم ـ موسوعة (1000) حدث إسلامي. ص 109.
    (4) أم جعفر : هي الست زبيدة ، وكنيتها : أم جعفر.
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 9.

    وقال (1) :
    لقد بان وجه الرأي لي غير أنّني
    غلبت على الأمر الّذي كان أحزما

    فكيف يرد الدّر (2) في الضرع بعد ما
    توزّع حتّى صار نهبا مقسما

    أخاف التواء الأمر بعد استوائه
    وأن ينقض الحبل الّذي كان أبرما

    وفي سنة (193) (3) للهجرة مات هارون الرشيد ، وبويع للأمين بالخلافة في يوم وفاة أبيه.
    وقيل إنّ الأمين بعد مبايعته بالخلافة بيوم واحد ، أمر ببناء ميدان حول قصر المنصور للصولجان واللعب ، فقال الشاعر (4) :
    بنى أمين الله ميدانا
    وصيّر الساحة ميدانا

    وكانت الغزلان فيه بانا
    يهدى إليه فيه غزلانا

    وعند ما جاء الأمين للخلافة ، اشترى الخصيان ، وجعلهم لخلوته ، في ليله ونهاره ، وأمره ونهيه ، وطعامه وشرابه ، وترك النساء ، والحرائر ، والإماء ، وفي ذلك قال الشاعر (5) :
    لهم من عمره شطر وشطر
    يعاقر فيه شرب الخندريس

    وما للغانيات لديه حظّ
    سوى التقطّب بالوجه العبوس

    إذا كان الرئيس كذا سقيما
    فكيف صلاحنا بعد الرئيس

    فلو علم المقيم (6) بدار طوس
    لعزّ على المقيم بدار طوس

    وقيل صنعت للأمين خمسة سفن ، تمرّ في نهر دجلة ، إحداها على
    __________________
    (1) الحصري ـ زهر الآداب. ج 2 / 406.
    (2) الدّر : اللبن (الحليب).
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 365 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 221.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 625.
    (5) أحمد أمين ـ ضحى الإسلام. ج 1 / 116.
    (6) المقيم بدار طوس : هو هارون الرشيد ، حيث قبره هناك.

    شكل أسد ، والثانية بصورة فيل ، والثالثة على شكل عقاب ، والرابعة بهيأة حيّة ، والخامسة على شكل فرس ، وقد أنفق عليها أموالا طائلة ، وفيها قال أبو نؤاس (1) :
    سخّر الله للأمين المطايا
    لم تسخر لصاحب المحراب

    فإذا ما ركابه سرن برّا
    سار في الماء راكبا ليث غاب

    عجب الناس إذ رأوك على صو
    رة ليث تمرّ مرّ السحاب

    ذات زور ومنسر وجناحي
    ن تشقّ العباب بعد العباب

    تسبق الطير في السماء إذا ما
    استعجلوها بجيئة وذهاب

    ولم تمض سنة واحدة على خلافة الأمين حتّى دبّ الخلاف بينه وبين أخيه المأمون بتحريض من الفضل بن الربيع ، وعليّ بن عيسى بن ماهان ، وأشارا عليه بخلع أخيه المأمون ، والعهد لأبنه (موسى) (2) بالخلافة ، فأمر الأمين بالدعاء لأبنه على المنابر بالأمرة ، وسماه (الناطق بالحقّ) وكتب إلى أخيه المأمون التنازل عن الخلافة إلى أبنه (موسى). فقال رجل أعمى من أهل بغداد في ذلك الوقت (3) :
    أضاع الخلافة غش الوزير
    وفسق الإمام ورأي المشير

    وما ذاك إلّا طريق الغرور
    وشرّ المسالك طرق الغرور

    فعال الخليفة أعجوبة
    وأعجب منها فعال الوزير

    وأعجب من ذا وذا إنّنا
    نبايع للطفل الصغير

    وما ذاك إلّا بباغ وعاد
    يريدان نقض الكتاب المنير

    وهذا لو لا انقلاب الزمان
    أفي العير هذان أم في النفير!؟

    __________________
    (1) جرجي زيدان ـ تاريخ التمدن الإسلامي. ج 2 / 128.
    (2) ابنه موسى : كان طفلا صغيرا.
    (3) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 397.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:13 am

    وتألم المأمون كثيرا لمّا أقدم عليه أخوه الأمين ، فدعا الفضل بن سهل وأخاه الحسن بن سهل ، والخاصّة من الرؤساء والأعلام ، وشاورهم في الأمر ، فأشاروا عليه بالرفض ، ودعوة الناس إلى مبايعته بالخلافة في خراسان ، وخلع أخيه الأمين.
    ثمّ جرت بعد ذلك بين الأخوين مكاتبات ، أعقبتها تهيأة الجيوش والاستعداد للحرب ، ثمّ دارت معارك ضارية بين أنصار الأخوين ، واستمرّت سنين عديدة (1).
    وقيل : عند ما أرسل الأمين جيشه لمحاربة أخيه المأمون بقيادة عليّ بن عيسى بن ماهان ، قالت الست (زبيدة) لعلي بن عيسى : (إن أمير المؤمنين وإن كان ولدي ، واليه تناهت شفتي ، وعليه تكامل جذري ، فإنّي على عبد الله مشفقة لمّا يحدث عليه من مكروه وأذى ، وإنّما إبني ملك نافس أخاه في سلطانه ، وغاراه على ما في يده ، والكريم يؤكل لحمه ، ويميته غيره ، فأعرف لعبد الله حق والده وأخوته ، ولا تجببه بالكلام ، فإنك لست نظيره ، ولا تقتسره اقتسار العبيد ، ولا ترهقه بقيد ، ولا غل ، ولا تمنع منه جارية ولا خادما وتعنف عليه في السير ، ولا تساوره في المسير ، ولا تركب قبله ، ولا تستقل دابتك حتّى تأخذ بركابه ، وإن شتمك ، فاحتمل منه ، وإن سفه عليك فلا تراده) (2). ثمّ أعطته قيدا من فضة وقالت له : (إن صار في يدك فقيده بهذا القيد).
    وفي سنة (197) (3) للهجرة ، حوصر الأمين ببغداد من قبل قادة المأمون ، ونصبت المجانيق ، وحفرت الخنادق والمتاريس ، وأخذ (زهير بن
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 428.
    (2) أحمد زكي ـ جمهرة الخطب. ج 3 / 104.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 36.

    المسيب الضبي) يلقي النيران على بغداد ، بلا رحمة وهوادة ، ويقتل الناس دون تمييز ، كما وكان أصحاب الأمين ، يقتلون الرائح والغادي بالنيران والمجانيق ، وفي ذلك قال عمرو بن عبد الملك العتري الوراق (1) :
    لا تقرب المنجنيق والحجرا
    فقد رأيت القتيل إذ قبرا

    ما ذا به من نشاط ومن
    صحة جسم به إذا ابتكرا

    أراد ألّا يقال كان له
    أمر فلم يدر من به أمرا

    يا صاحب المنجنيق ما فعلت
    كفّاك ، لم تبق ولم تذرا

    كان هواه سوى الّذي قدرا
    هيهات ، لن يغلب الهوى القدرا

    فكثر الخراب والدمار في بغداد ، وتغيرت محاسنها ، فقال العتري أيضا :
    يا رماة المنجنيق
    كلّكم غير شفيق

    ما تبالون صديقا
    كان أو غير صديق

    ويلكم تدرون ما تر
    مون مرّار الطريق

    ربّ خود ذات دل
    وهي كالغصن الوريق

    أخرجت من جوف دنيا
    ها ومن عيش أنيق

    لم تجد من ذاك بدا
    أبرزت يوم الحريق

    ثمّ اشتدّ القتال ضراوة بين الطرفين ، وخرّجت الديار ، وغلت الأسعار ، وقاتل الأخ أخاه ، والابن أباه ، فقال الأعمى في ذلك (2) :
    تقطعت الأرحام بين العشائر
    وأسلمهم أهل التقى والبصائر

    فذاك انتقام الله من خلقه بهم
    لم اجترموه من ركوب الكبائر

    فلا نحن أظهرنا من الذنب توبة
    ولا نحن أصلحنا فساد السرائر

    إلى آخر القصيدة.
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 445.
    (2) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 401.

    وقيل : كان عند الأمين خادما أسمه (كوثر) يحبّه كثيرا ، فخرج كوثر هذا أثناء حصار الأمين ليرى المعارك ، فأصابته رجمة في وجهه ، فأخذ يبكي ، من شدّة الألم ، فأخذ الأمين يمسح الدم عن وجهه وقال (1) :
    ضربوا قرة عيني
    ومن أجلي ضربوه

    أخذ الله لقلبي
    من أناس أحرقوه

    وعجز الأمين عن إتمام شعره ، لكثرة حزنه وألمه على خادمه (كوثر) فطلب من عبد الله بن أيّوب التيمي الشاعر ، أن يكمل فقال (2) :
    ما لمن أهوى شبيه
    فبه الدنيا تتيه

    وصله حلو ولكن
    هجره مر كريه

    من رأى الناس له الفض
    ل عليهم حسدوه

    مثل ما قد حسد القا
    ئم بالملك أخوه

    ثمّ اشتدّ الحصار على الأمين ، وقتل أكثر أصحابه ، وانهزم بالباقون ، فقرّر الهروب ، وعند هروبه إلى معسكر هرثمة بن أعين ليلا ، ألقي القبض عليه ، فقتلوه ، وذبحوه كما تذبح الشاة ، وبعثوا برأسه إلى أخيه المأمون في خراسان ، وذلك سنة (198) (3) للهجرة.
    وقال طاهر بن الحسين حين قتل الأمين (4) :
    ملكت الناس قسرا واقتدارا
    وقتلت الجبابرة الكبارا

    ووجهت الخلافة نحو مرو (5)
    إلى المأمون تبدر ابتدارا

    __________________
    (1) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 160.
    (2) المصدر السابق. ج 2 / 161.
    (3) تاريخ الطبري. ج 2 / 488.
    (4) المصدر السابق. ج 2 / 499. المصدر السابق المصدر السابق المصدر السابق المصدر السابق
    (5) مرو : عاصمة خراسان.

    وقال الحسين بن الضحاك يرثي الأمين ويهجو المأمون (1) :
    أطل حزنا وابك الإمام محمّدا
    بحزن وإن خفت الحسام المهندا

    فلا تمّت الأشياء بعد محمّد
    ولا زال شمل الملك منها مبددا

    ولا فرح المأمون بالملك بعده
    ولا زال في الدنيا طريدا مشردا

    وقالت لبانة ابنة عليّ بن المهدي (2) :
    أبكيك لا للنعيم والأنس
    بل للمعالي والرمح والترس

    أبكي على سيّد فجعت به
    أرملني قبل ليلة العرس

    وقال خزيمة بن الحسن على لسان الستّ (زبيدة) أمّ الأمين يرثيه (3) :
    أتى طاهر لا طهّر الله طاهرا
    فما طاهر فيما أتى بمطهّر

    فأخرجني مكشوفة الوجه حاسرا
    وأنهب أموالي وأضرب أدؤري

    يعز على هارون ما قد لقيته
    وما مرّ بي من ناقص الخلق أعور

    وقيل : عند ما قتل الأمين جرت جثته بحبل ، وسحل في الشوارع ، فلّما رآه إبراهيم بن المهدي بكى طويلا وقال (4) :
    عوجا بمغنى طلل دائرا
    بالخلد ذات الصخر والآجر

    وأبلغا عني مقالا إلى ال
    مولى عن المأمور والآمر

    قولا له : يا ابن ولي الهدى
    طهّر بلاد الله من طاهر

    لم يكفه إن جزّ أوداجه
    ذبح الهدايا بمدى الجازر

    حتّى أتى تسحب أوصاله
    في شطن يغني به السائر

    وذهب المأمون إلى الستّ (زبيدة) يعزيها بولدها (الأمين) فبكيا
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 7 / 150.
    (2) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 401.
    (3) السيوطي ـ تاريخ الخلفاء. ص 405.
    (4) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 63.

    طويلا ، وتبرأ من قتله ، وقيل إنّه قال لها : (يا ستّاه ، لا تأسفي عليه ، فإنّي عوضه لك). فقالت زبيدة : يا أمير المؤمنين ، كيف لا آسف على ولد خلّف أخا مثلك) (1).
    ولمّا أراد الانصراف ، أقسمت عليه (زبيدة) بتناول الغداء سويّة ، ولمّا فرغا من الغداء ، جاءت جارية من جواري الأمين ، فغنت له من شعر الوليد ابن عقبة (2) :
    هم قتلوه كي يكونوا مكانه
    كما غدرت يوما بكسرى مرازبه

    فألا يكونوا قاتليه فإنّه
    سواء علينا ممسكاه وضاربه

    قتل الأمين في شهر ربيع الأول من سنة (198) (3) للهجرة ، وعمره (28) سنة ، وقيل في شهر محرم من سنة (198) وكان عمره (27) (4) سنة.
    وقيل كان عمره (29) سنة وثلاثة أشهر وبضعة أيّام ، ومدّة حكمه أربع سنوات وثمانية أشهر وثمانية عشر يوما (5).
    34 ـ العبّاس بن موسى الهادي :
    هو العبّاس بن الخليفة موسى (الهادي) بن محمّد (المهدي) بن أبو جعفر المنصور بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب.
    كان على إمارة الكوفة سنة (195) (6) للهجرة ، من قبل (الأمين) بن هارون الرشيد.
    __________________
    (1) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 214.
    (2) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 3 / 368.
    (3) حسن إبراهيم حسن ـ تاريخ الأعلام. ج 2 / 65.
    (4) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 9 / 339.
    (5) محمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 229.
    (6) تاريخ الطبري. ج 8 / 417 و435 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 250.

    وعند ما أخذت جيوش طاهر بن الحسين تتقدّم ، وتتوالى انتصاراتها حتّى وصلت إلى الأهواز ، ومنها إلى واسط ، فهرب السندي بن يحيى الحرشي (الأمير عليها آنذاك) وقال كلمته المشهورة : (فإنّه طاهر ولا عار علينا إذا هربنا منه). ثمّ أرسل طاهر بن الحسين أحد قادته وهو (أحمد بن المهلّب) إلى الكوفة ، وكان عليها حينذاك (العبّاس بن موسى الهادي) وقيل (الفضل بن العبّاس بن موسى بن عيسى). فلمّا سمع العبّاس بمجيء أحمد بن المهلّب ، خلع (الأمين) وأعلن بيعته (للمأمون) (1) ، كان ذلك في شهر رجب من سنة (196) (2) للهجرة ، وعندها أقرّه طاهر بن الحسين على إمارة الكوفة (3).
    وفي سنة (183) (4) للهجرة ، حجّ بالناس العبّاس بن موسى الهادي ، وكذلك حجّ بالناس سنة (189) (5) للهجرة.
    وفي سنة (202) للهجرة ، تمّت البيعة لإبراهيم بن المهدي ، وتمّت سيطرته على الكوفة والسواد بأكمله ، ثمّ عسكر بالمدائن ، فولّى الجانب الشرقيّ من بغداد إلى العبّاس بن موسى الهادي والجانب الغربيّ منها إلى أخيه إسحاق بن موسى الهادي.
    وقال إبراهيم بن المهدي (6) :
    ألم تعلموا يا آل فهر بأنّني
    شريت بنفسي دونكم في المهالك

    وكتب طاهر بن الحسين إلى العبّاس بن موسى الهادي ، عند ما تأخر
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 417 و435 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 250.
    (2) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 42.
    (3) المصدر السابق. ج 13 / 43.
    (4) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 84 وصالح خريسات ـ تهذيب تاريخ الطبري. ص 489.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 193.
    (6) الذهبى ـ تاريخ الاسلام. ج 13 / 42.

    العبّاس عن إرسال الخراج إليه فقال (1) :
    وليس أخو الحاجات من بات نائما
    ولكن أخوها من يبيت على رحل

    35 ـ الفضل بن العبّاس بن موسى بن عيسى :
    وعند ما سمع الأمين بأن العبّاس بن موسى الهادي (أمير الكوفة) قد بايع للمأمون ، عزله وأرسل مكانه (الفضل بن موسى بن عيسى) وأرسل معه جيشا كبيرا ، ولمّا سمع طاهر بن الحسين بذلك أرسل محمّد (2) بن العلاء لملاقاة (الفضل) فتلاقيا بقرية الأعراب ، فأرسل إليه (الفضل) يخبره بأنّه سامع ومطيع ، وأنّ خروجه كان كيدا للأمين. فقال محمّد بن العلاء : (لست أعرف ما تقول ، فإن أردت طاهرا فارجع وراءك فهو أسهل الطريق).
    فرجع (الفضل) فقال ابن العلاء لأصحابه : كونوا على حذر ، فإنّي لا آمن مكره وخداعه ، وفعلا رجع الفضل بن موسى إلى ابن العلاء ، وهو يظنّ أنه غير مستعد للقتال ، فرآه متيقظا ، حذرا ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، انهزم خلال القتال الفضل بن موسى ومن معه ، كان ذلك سنة (196) (3) للهجرة. وقد قتل في تلك المعركة الكثير من أصحاب الفضل ، كما وأسّر الكثير منهم أيضا ، وكان من جملة الأسرى إسماعيل بن محمّد القرشي وجمهور النجاري (4).
    وذكر الطبري في تاريخه : بأن الفضل بن العبّاس بن موسى قد بايع للمأمون سنة (196) للهجرة ، وذلك عند دخول طاهر بن الحسين إلى الكوفة (5).
    __________________
    (1) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 4 / 222.
    (2) محمّد بن العلا : أحد قادة طاهر بن الحسين.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 265.
    (4) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 43.
    (5) تاريخ الطبري. ج 8 / 437.

    ثمّ ذهب الفضل بن العبّاس مع داود بن عيسى إلى مكّة ، حيث أنّ المأمون قد جعل داود بن عيسى أميرا على موسم الحجّ ، ودعا داود في مكّة بالخلافة للمأمون ، وكان هذا أوّل موسم دعي فيه للمأمون بالخلافة في مكة والمدينة (1).
    وعند ما كان الفضل بن العبّاس أميرا على المدينة سنة (269) (2) للهجرة ، أعطى قلنسوة لشاعر فقال الشاعر :
    كساك فضل بن عبّاس قلنسوة
    هذا السخاء الّذي قد شاع في الناس

    لو كان ضمّ اليها الجوربين معا
    كفى إذا كسوة الرجلين والرأس

    36 ـ طاهر بن الحسين :
    هو : طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق الخزاعي ، وكنيته : أبو طلحة وأبو الطيّب.
    وطاهر بن الحسين ، هو من كبار الوزراء والقادة ، أدبا ، وحكمة ، وشجاعة ، وهو الّذي وطّد الحكم للمأمون ، وقضى على أخيه الأمين (3).
    ولد طاهر بن الحسين في (بوسنج) في خراسان ، ثمّ سكن بغداد ، فاتصل بالمأمون في صباه ، وكانت لأبيه منزلة جيدة عند هارون الرشيد ، وقد لقبه المأمون (بذي اليمينين) (4) لأنّه تولّى إمارة العراق وإمارة خراسان.
    وقيل لأنه ضرب رجلا فقطعه إلى نصفين ، وكان طاهر أعورا ، فقال فيه
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 444.
    (2) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 16.
    (3) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 5 / 41.
    (4) الزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 221.

    عمرو بن بانه : (1)
    يا ذا اليمينين وعين واحدة
    نقصان عين ويمين زائدة

    وعند ما كان طاهر بن الحسين صغيرا ، رأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يا طاهر ، إنّك ستبلغ من الدنيا أمرا عظيما ، فاتّق الله واحفظني في ولدي ، فإنك لا تزال محفوظا ما حفظتني في ولدي) (2). فكان طاهر لا يتعرض لعلوي طيلة حياته.
    وفي سنة (196) عاد طاهر بن الحسين من خراسان إلى واسط ، فأرسل أحمد بن المهلّب إلى الكوفة ، وكان أميرها آنذاك (العبّاس بن موسى الهادي) من قبل الخليفة (الأمين) ، فلما سمع العبّاس بن موسى بمجيء أحمد ابن المهلب خلع الأمين وبايع المأمون ، عندها أقرّه طاهر بن الحسين على إمارة الكوفة (3). فتمّ لطاهر ما بين واسط إلى الكوفة.
    ولمّا مات الرشيد ، وجاء من بعده ابنه (الأمين) فخلع الأمين أخاه المأمون من ولاية العهد (وكان المأمون حينذاك في خراسان) فانتدب المأمون إليه طاهر بن الحسين ، للزحف إلى بغداد ، فحاصرها حوالي السنة ، فضجر الأهالي ، وملوا من طول الحصار ، ومن شراسة الحرب بين الطرفين ، وأخيرا انهزم الأمين فألقوا القبض عليه ، ثمّ قتلوه ، وجيء برأسه و (الخاتم والقضيب والبردة) إلى المأمون في خراسان ، وقيل أرسل رأس الأمين بيد محمّد بن الحسين بن مصعب (أخو طاهر) وقال له : (أذهب إلى أمير
    __________________
    (1) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1192.
    (2) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 2 / 241.
    (3) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 42 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 264 ومحمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج 1 / 167.
    ـ الخاتم والقضيب والبرده : هي من مقومات الخلافة.

    المؤمنين بهذا الرأس والبرده وقل له : وجهت إليك الدنيا والآخرة) (1). ثمّ بعث كتابا إلى المأمون جاء فيه : (أما بعد ، فإنّ المخلوع ، وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللّحمة ، لقد فرق الله بينهما في الولاية والحرمة ، لمفارقته عصمة الدين ، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين قال الله عزوجل : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)(2) ، ولا حيلة لأحد في معصية الله ، ولا قطيعة في ذات الله ، وقتل المخلوع ، ورده الله رداء نكبه ، وأحمد لأمير المؤمنين بنعمته ، والراجع إليه بمعلوم حقّه ، والكائد له ممّن ختر عهده ، ونكث وعده ، حتّى ردّ الألفة بعد تفريقها ، وأحيا الأحلام بعد درس أثرها ومكّن له الأرض بعد شتات الأهل) (3).
    وبعد ما قتل الأمين ، وتمّت البيعة للمأمون في العراق ، تولى طاهر بن الحسين رئاسة شرطة بغداد ، ثمّ ولّاه المأمون : الجزيرة والشام والمغرب ثمّ الموصل ، وذلك سنة (198) للهجرة (4).
    وفي شهر محرم من سنة (205) للهجرة ، تولّى طاهر بن الحسين من مدينة بغداد إلى أقصى عمل المشرق (ومعنى هذا أنّ بضمنها مدينة الكوفة) ولّاه إيّاها المأمون ثمّ أعطاه عشرة آلاف ألف درهم (5).
    وعند ما كان طاهر بن الحسين في (الرّقة) وكان راكبا جواده ، ومعه
    __________________
    (1) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 2 / 250.
    (2) سورة هود : الآية 46.
    (3) النويري ـ نهاية الأرب. ج 5 / 147.
    (4) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 141 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 221.
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 141 وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 178 ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 237.

    بعض قادته فقال (1) :
    عليكم بداري ، فاهدموها ، فإنّها
    تراث كريم لا يخاف العواقبا

    إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه
    وأعرض عن ذكر العواقب جانبا

    سأدحض عني العار بالسيف جانبا
    على قضاء الله ما كان جالبا

    ثمّ رجع إلى مجلسه ، فوجد أوراقا ، يطلب فيها أصحابه (المساعدة) فوقع عليها ، فكان مجموع مبالغها : ألف ألف وسبعمائة درهم. ثمّ نظر إلى أحد أصدقائه وقال له : (ما ذا تقول في هذا المجلس)؟ فقال القائد : (ما رأيت أنبل من هذا المجلس ، ولا أحسن منه ، ولكنه ، أصلح الله الأمير ، إنّه سرف). فقال طاهر :السرف من الشرف.
    وقيل إنّ بعض الشعراء ، وقف على باب طاهر بن الحسين ثلاث سنين ، ولم يتمكن من الوصول إليه ، فقيل له : إنّ يوم غد سيكون الأمير في الميدان للّعب بالصولجان ، فذهب الشاعر إلى الميدان ، وكان محاطا بالحرس ، فألقى بنفسه أمام طاهر ، فقال له طاهر : من أنت؟ قال : لي بيتين من الشعر.
    قال طاهر : هاتهما ، فقال الشاعر (2) :
    أصبحت بين خصاصة وتجمّل
    والحرّ بينهما يموت تجمّلا

    فامدد اليّ يدا تعوّد بطنها
    بذل النوال وظهرها التقبيلا

    فأعطاه عشرين ألف درهم.
    وكتب الشاعر إسماعيل بن جرير البجلي إلى طاهر بن الحسين
    __________________
    (1) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 9 / 353.
    (2) المصدر السابق 2. ج 9 / 354.

    الأبيات التاليّة (1) :
    رأيتك لا ترى إلّا بعين
    وعينك لا ترى إلّا قليلا

    فأما إذا أصبت بفرد عين
    فخذ من عينك الأخرى كفيلا

    فقد أيقنت أنّك من قليل
    بظهر الكفّ تلتمس السبيلا

    فلمّا قرأ طاهر الأبيات مزّقها ، ثمّ أمر بإكرامه.
    ومن شعر طاهر بن الحسين أنّه قال (2) :
    إعمل صوابا تنل بالحزم مأثرة
    فلن يذّم لأهل الحزم تدبير

    فإن هلكت مصيبا أو ظفرت به
    فأنت عند ذوي الألباب معذور

    وإن ظهرت على جهل وفزت به
    قالوا : جهول أعانته المقادير

    أنكد بدنيا ينال المخطئون به
    حظّ المصيبين والمقدور مقدور

    ومن شعره أيضا (3) :
    لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة
    فليس يذهبها التبذير والسرف

    فإن تولّت فأحرى أن تجود بها
    فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف

    وقد مدحه مقدّس بن صيفي الخلوقي الشاعر بثلاث أبيات هي (4) :
    عجبت لحرّاقة ابن الحسين
    لا غرقت كيف لا تغرق

    وبحران من فوقها واحد
    وآخر من تحتها مطبق

    وأعجب من ذاك أعوادها
    وقد مسّها كيف لا تورق؟!

    فأعطاه ألف دينار ، وقال له : زد حتّى نزيدك.
    __________________
    (1) يحيى شامي ـ موسوعة شعراء العرب. ص 121.
    (2) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 3 / 147.
    (3) حسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج 5 / 80.
    (4) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 10 / 108.

    وقال محمّد بن عليّ الصيني يمدح طاهر بن الحسين (1) :
    كأنّك مطلع في القلوب
    إذا ما تناجت أسرارها

    فكسرات طرفك ممتدّة
    إليك بغامض أخبارها

    ودخل طاهر بن الحسين على المأمون ذات يوم ، فلما رآه المأمون ، ترقرقت عيناه بالدموع ، فقال طاهر : (يا أمير المؤمنين ، لم تبك ، لا أبكى الله عينيك ، والله لقد دانت لك البلاد ، وأذعن لك العباد ، وصرت إلى المحبة في كلّ أمرك)؟ (2).
    فقال المأمون : (أبكي لأمر ، ذكره ، ذلّ ، وستره حزن ، ولن يخلو أحد من شجن) (3). فلما خرج طاهر من عند المأمون ، أعطى لكاتب المأمون مائة ألف درهم وأعطى لخادمه (حسين) مائتي ألف درهم ، وطلب منه أن يسأل المأمون عن سبب بكائه (4).
    وبعد ما تغدّى المأمون ، طلب من خادمه (حسين) أن يسقيه ، فقال الخادم : لا والله لا أسقيك حتّى تقول لي : لم بكيت حينما دخل عليك طاهر؟
    فقال له المأمون : وما ذا يعنيك من أمر ذلك؟
    فقال الخادم : لغمّي عليك وتأثري.
    فقال المأمون : (إنّي ذكرت محمّدا (أخي) وما أصابه من الذلّ ، فخنقتني العبرة ، فاسترحت إلى الإفاضة ، ولن يفوت طاهرا منّي ما يكره) (5).
    ثمّ تمكّن طاهر بن الحسين ، وبذكائه الحاد ، أن يأخذ موافقة المأمون
    __________________
    (1) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 2 / 806.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 360 و361.
    (3) المصدر السابق.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) نفس المصدر اعلاه.

    على توليته إمارة خراسان ، هربا منه ، فوافق المأمون على ذلك.
    ولمّا استقرّ طاهر في خراسان ، خلع المأمون من الخلافة (يوم الجمعة) وقطع له الدعاء ، وقال في خطبته : (اللهم أصلح أمّة محمّد بما أصلحت به أوليائك ، واكفها مؤونة من بغى عليها) (1). ولم يزد على ذلك شيئا ، مما تعارف عليه بالخطبة من الثناء على الخليفة ، والدعاء له بطول البقاء. ثمّ خلع طاهر (السواد) وهو شعار العباسيين ، فعرض له عارض فمات في ليلته ، وقيل قتله أحد غلمانه في تلك الليلة ، وقيل مات مسموما.
    وعند ما سمع المأمون بموت طاهر قال : (لليدين وللفم ، الحمد لله الّذي قدّمه وأخرنا). وقيل إنّه قال : (وكفى الله المأمون مؤونته) (2).
    مات طاهر بن الحسين في شهر جمادي الأولى من سنة (207) (3) للهجرة.
    وقال بعضهم يرثي طاهر بن الحسين (4) :
    فلئن كان للمنيّة رهن
    إنّ أفعاله لرهن الحياة

    ولقد أوجب الزكاة على قو
    م وقد كان عيشهم بالزكاة

    37 ـ الحسن بن سهل :
    هو : الحسن بن سهل بن عبد الله السرخسي ، وكنيته : أبو محمّد.
    والحسن بن سهل من بيت حشمة من المجوس ، أسلم أبوه في زمن البرامكة
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 382 وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 183.
    (2) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 183.
    (3) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 9 / 355 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 160 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 381 والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 10 / 109 وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 183 ومحمد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 239 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1190 وتاريخ الطبري. ج 8 / 593.
    (4) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 9 / 355.

    وكان قهرمانا ليحيى البرمكي.
    ونشأ الفضل (1) بن سهل مع المأمون ، وأصبح وزيرا له ، ثمّ قتل الفضل فأستوزر المأمون أخاه الحسن بن سهل من بعده.
    ولّاه المأمون في سنة (198) للهجرة ، على المشرق كلّه وعلى الجزيرة والشام والحجاز واليمن ، وعلى جميع البلاد الّتي افتتحها طاهر بن الحسين من كور الجبال ، والكوفة والبصرة ، والأهواز (2) ، فأرسل الحسن بن سهل نوابا عنه إلى تلك الأقاليم. وقد تزوج المأمون من ابنته (بوران) (3) في (فم الصلح) (4) وأعطى المأمون للحسن على زواج ابنته (بوران) ثمانية وثلاثين ألف ألف درهم (5).
    وقال الشاعر محمّد بن حازم الباهلي في زواج المأمون من بوران (6) :
    بارك الله للحسن
    ولبوران في الختن

    يابن هارون قد ظفر
    ت ولكن ببنت من؟

    ولمّا سمع المأمون بذلك قال : (والله ما ندري : هل هجانا أم مدحنا)؟!.
    وقال إبراهيم (7) بن العبّاس مهنئا للحسن بن سهل بزواج ابنته بوران من المأمون (Cool :
    __________________
    (1) محمّد شاكر الكتبي ـ عيون التواريخ. ص 242.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 527 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 52 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 297 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 67 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1134.
    (3) بوران : أسمها : خديجة.
    (4) فم الصلح : المنطقة الّتي سكنها الحسن بن سهل ، وفيها نهر يسمى بنفس الإسم ، وهي مقاطعة كبيرة في ميسان.
    (5) الحميري ـ الروض المعطار. ص 359.
    (6) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 444.
    (7) إبراهيم بن العبّاس بن صول : أصله تركي ، تسلم عدة وظائف ، من جملتها ديوان الضياع والثقات.
    (Cool أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 10 / 60.


    ليهنئك أصهار أذلّت بعزّها
    خدودا وجدعت الأنوف الرواغما

    جمعت بها الشملين من آل هاشم
    وحزت بها للأكرمين الأكارما

    وقال محمّد (1) بن وهيب يمدح المأمون والحسن بن سهل (2) :
    اليوم جددت النعماء والمنن
    فالحمد لله حلّ العقدة الزمن

    اليوم أظهرت الدنيا محاسنها
    للناس لمّا التقى المأمون والحسن

    وفي سنة (199) (3) للهجرة ، جاء الحسن بن سهل إلى بغداد (ومعه حميد بن عبد الحميد وكثير من القادة) نائبا عن المأمون ، وأسند إليه الخراج والحرب ، فعيّن عماله في البلاد.
    وعند ما ثار محمّد بن إسماعيل بن طباطبا بالكوفة في هذه السنة أي سنة (199) وانظم إليه أبو السرايا ، واستوليا على الكوفة ، أرسل طاهر بن الحسين إلى الكوفة زهير بن المسيب الضبي ، فانهزم زهير ورجع إلى بغداد ، ثمّ أرسل الحسن بن سهل إلى الكوفة عبدوس بن محمّد بن أبي خالد لمحاربة أبي السرايا ، فوقعت معركة بين الطرفين أسفرت عن مقتل (عبدوس) وأكثر أصحابه ، ثمّ ذهب أهل الكوفة إلى نهر (صرصر) واستولوا على واسط والبصرة ، عندها أرسل الحسن بن سهل إلى السندي بن شاهك ، ليخبر هرثمة بن أعين لمواجهته ، ولمّا جاء هرثمة ، أمره الحسن بن سهل أن يذهب إلى أهل الكوفة لمحاربتهم ، ولمّا وصل هرثمة إلى نهر (صرصر) فلحق بأهل الكوفة عند قصر ابن هبيرة ، فقتل منهم خلقا كثيرا ، فانهزموا إلى الكوفة (4).
    __________________
    (1) محمّد بن وهيب : الحميري ، أصله من البصرة وسكن بغداد ، وهو من شعراء الدولة العباسيّة.
    (2) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ص 436.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 73 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 297 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 69 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 244 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1146.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 302.

    وتبعهم هرثمة إلى هناك ، فكاتبه أهل الكوفة ، عندها هرب أبو السرايا ومحمّد بن محمّد من الكوفة ، فدخلها هرثمة بن أعين ، وأقام بها أيّاما (1) ، ثمّ استخلف عليها (غسان بن أبو الفرج) ثمّ رجع إلى بغداد ، ومنها ذهب إلى خراسان (2).
    وحارب أهل بغداد الحسن بن سهل ، ورئيسهم محمّد بن أبي خالد المروزي وأولاده (عيسى ، وهارون ، وأبو زنبيل). وكان الحسن بن سهل آنذاك في المدائن ، فأصبحت بغداد فوضى لا أمير لها ، ثمّ بايع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي ، عندها ذهب إبراهيم إلى محاربة الحسن بن سهل في المدائن ، إلّا أنّ الحسن قد غادرها ، وذهب إلى واسط ، عند ذلك أقام إبراهيم ابن المهدي في المدائن (3).
    وفي سنة (201) (4) للهجرة ، عهد المأمون بالخلافة من بعده إلى الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه‌السلام) وسماّه (الرضيّ من آل محمّد) وأمر جنده بخلع السواد ، ولبس الخضرة ، وكتب إلى الحسن بن سهل يعلمه بذلك.
    ولمّا سمع أهل بغداد ، وآل بني العبّاس ، غضبوا على المأمون فخلعوه ، وبايعوا إبراهيم بن المهدي بالخلافة.
    ثمّ إنّ الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه‌السلام) أخبر المأمون وقال له : (بأنّ الناس في فتنة وقتال منذ قتل أخوه (الأمين) ، وأنّ أهل بغداد قد طردوا الحسن بن سهل منها ، وولّوا عليهم خليفة ، وما عليك إلّا أن تتدبّر الأمر.
    __________________
    (1) الكامل. ج 6 / 306.
    (2) المصدر السابق. ج 6 / 309.
    (3) المصدر اعلاه. ج 6 / 341.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 554.

    عندها قرر المأمون الذهاب إلى بغداد ، ولمّا خرج من (مرو) (1) هجم جماعة على الفضل بن سهل فقتلوه في الحمام ، ولمّا علم المأمون بذلك ، أمر بقتل قاتليه ، وإرسال رؤوسهم إلى أخيه الحسن بن سهل في واسط ، وأخبره بأنّه قد أصبح في مكان أخيه (2).
    وكان الحسن بن سهل كثير العطايا للشعراء وغيرهم ، وقد قال فيه الشاعر (3) :
    وكأنّ آدم كان قبل وفاته
    أوصاك وهو يجود بالحوباء

    ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم
    وكفيت آدم عيلة الأمناء

    وقال فيه أحد الشعراء أيضا (4) :
    تقول خليلتي لمّا رأتني
    أشدّ مطيتي من بعد حل

    أبعد الفضل ترتحل المطايا
    فقلت : نعم إلى الحسن بن سهل؟

    وذهب عليّ بن عبيدة إلى الحسن بن سهل في (فم الصلح) فبقي ثلاثة أشهر على بابه ، ولم يسمح له بالدخول عليه ، فكتب إليه هذه الأبيات (5) :
    مدحت ابن سهل ذي الأيادي وماله
    بذاك يد عندي ولا قدم

    وما ذنبه والناس إلّا أقلّهم
    عيال له إن كان لم يك لي جدّ

    سأحمده للناس حتّى إذا بدا
    له فيّ رأي عاد لي ذلك الحمد

    فكتب إليه الحسن بن سهل : (باب السلطان يحتاج إلى ثلاث خلال :عقل ، وصبر ، ومال). فكتب إليه عليّ بن عبيده : (لو كان لي مال ، لأغناني عن الطلب إليك ، أو صبر ، لصبرت عن الذلّ ببابك ، أو عقل ، لاستدللت به
    __________________
    (1) مرو : عاصمة خراسان.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 348.
    (3) الحصري ـ زهر الآداب. ج 6 / 226.
    (4) محمّد بن شاكر الكتبي ـ عيون التواريخ. ص / 241.
    (5) الحصري ـ زهر الآداب. ج 1 / 354.

    على النزاهة عن رفدك). فأعطاه الحسن بن سهل ثلاثين ألف درهم.
    وقيل للحسن بن سهل : إنّ الدواب ، قد أصابها مرض ، فقال : اقتلوا الكلاب ، فقال أبو العواذل (1) :
    له يومان من خير وشرّ
    يسلّ السيف فيه من القراب

    فأمّا الجود منه فللنصارى
    وأما شرّه فعلى الكلاب

    ثمّ تماهل الناس في قتل الكلاب ، وبعد أن أكلت الكلاب من لحوم الدواب ، استكلبت على الناس وأخذت تعضهم وتنهشهم ، فاضطروا بعد ذلك إلى قتلها ، وعرفوا صحة ما قال الحسن بن سهل.
    وقيل أراد الحسن بن سهل مرّة أن يكتب لسقّاء بألف درهم ، فكتب له : ألف ألف درهم. فقال له الخازن : هل صحيح ما كتبته؟. قال : نعم ، ولن أرجع عما كتبته ، ثمّ تمكّنوا من مصالحة السقاء على مبلغ يرضيه.
    ولمّا مات أخوه (الفضل بن سهل) حزن عليه حزنا شديدا ، حتّى مرض ، وأصابه الصرع ، فلم يتمكّن بعد ذلك من مزاولة أعماله ، فحبس في بيته ، بعد أن قيدوه بالحديد ، فاستوزر المأمون بعده (أحمد بن أبي خالد) وعين دينار بن عبد الله القائد الأعلى لجيشه (2).
    ومن أقوال الحسن بن سهل : (من أحبّ الازدياد من النعم فليشكر ، ومن أحبّ المنزلة عند السلطان فليعظه ، ومن أحبّ عزّه فليتواضع ، ومن أحبّ السلامة فليدم الحذر) (3).
    مات الحسن بن سهل في مدينة سرخس سنة (226) (4) للهجرة.
    __________________
    (1) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 436.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 115 ومحمّد شاكر الكتبي ـ عيون التواريخ ص / 242.
    (3) تاريخ الطبري. ج 9 / 184 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 115.
    (4) ابن منقذ ـ لباب الألباب. ج؟ /؟

    38 ـ سليمان بن أبي جعفر المنصور :
    هو : سليمان بن عبد الله (المنصور) بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ، وكنيته : أبو أيّوب الهاشمي. ولّاه الحسن ابن سهل (وزير المأمون) إمارة الكوفة (1).
    وكان سليمان قد ولّي قبل ذلك إمارة دمشق من قبل هارون الرشيد ، ثمّ ولّيت للأمين مرتين ، وولّي البصرة مرتين أيضا (2). وكان أميرا على طبرستان.
    وعند ما بويع (الأمين) بالخلافة سنة (193) للهجرة ، وبايعه أهل بيته فوكّل (الأمين) لسليمان بن أبي جعفر المنصور بأخذ البيعة له على القادة وغيرهم (3).
    وعند ما حوصر (الأمين) من قبل طاهر بن الحسين ، وأراد الأمين أن يهرب إلى الشام ، كتب طاهر بن الحسين إلى سليمان بن أبي جعفر المنصور والى محمّد بن عيسى بن نهيك والسندي بن شاهك أن يمنعوه من الهرب ، وإلّا فستصادر كافّة ممتلكاتهم ، وسيكونون هم المسئولون عن هروبه (4). ثمّ اجتمع طاهر بن الحسين ، وهرثمة بن أعين ، والقادة ، وحضر الاجتماع سليمان ابن أبي جعفر المنصور ، وقرروا في اجتماعهم : بأنّه إذا التجأ الأمين إلى هرثمة فعليه أن يدفع (الخاتم والبردة ومتطلبات الخلافة) إلى طاهر ، إلّا إنّ الأمين خرج ليلا للالتحاق بهرثمة ، فشعر به جند طاهر بن الحسين فقتلوه ، وكان ينادي : (أنا ابن عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنا ابن هارون ، أنا أخو المأمون ، الله
    __________________
    (1) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج 10 / 165 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 234.
    (2) الزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 190 والمستشرق زامباور ـ الأسرات الحاكمة. ص 285.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 365 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 221.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 478 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 283.

    الله في دمي). ثمّ ذبحوه من قفاه ، وقطعوا رأسه ، وأرسلوه إلى طاهر بن الحسين (1) ، ثمّ أرسله طاهر إلى المأمون.
    وعند ما ثار الحسين بن عليّ بن الحسن (صاحب فخ) سنة (169) للهجرة ، حاربه كافة أهل بيت الخليفة العباسي ، ما عدا سليمان بن أبي جعفر المنصور ، لم يشارك في المعركة ، لأنّه كان مريضا (2).
    وعند ما ثار أهل دمشق ، كتب سليمان بن أبي جعفر المنصور إلى هارون الرشيد يخبره بثورة أهل دمشق ، فكتب إليه الرشيد : (إستحييت لشيخ ولده المنصور ، أن يهرب عمّن ولدته كنده وطيء ، فهلّا قابلتهم بوجهك ، وأبديت لهم صفحتك ، وكنت كمروان عمّك إذ خرج مصلتا سيفه ، متمثلا ببيت الجحّاف بن حكيم :
    متقلّدين صفائحا هندّية
    يتركن من ضربوا كمن لم يولد

    فجالد به حتّى قتل ، لله أمّ ولدته ، وأب أنهضه) (3).
    وقيل ثار بالشام السفياني عليّ بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان سنة (195) للهجرة ، فطرد عنها سليمان بن أبي جعفر المنصور (4).
    وعند ما ثار محمّد بن إبراهيم بن طباطبا بالكوفة سنة (199) للهجرة ، كان سليمان أميرا على الكوفة من قبل الحسن بن سهل ، ولمّا سمع الحسن بن سهل بثورة ابن طباطبا غضب على سليمان ، وقلّل من قيمته وتقديره ، ثمّ أرسل زهير بن المسيب الضبي في عشرة آلاف مقاتل لإخماد ثورة ابن
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 488 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 284.
    (2) الطبرى. ج 8 / 197.
    (3) ابن عبد ربّه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 4 / 214.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 415.

    طباطبا ، فوقعت معركة بين الطرفين في قرية (شاهي) القريبة من الكوفة ، أسفرت عن انهزام الضبي ، والاستيلاء على ما كان في جيشه من سلاح ودوابّ وغير ذلك (1).
    ودخل سليمان بن المنصور يوما على الخليفة (الأمين) وطلب منه أن يقتل أبا نؤاس ، لأنّه زنديق ، حيث قال (2) :
    أهدي الثناء إلى الأمين
    ما بعده بتجارة متربّص

    صدق الثناء على الأمين محمّد
    ومن الثناء تكذّب وتخرص

    قد ينقص القمر المنير إذا استوى
    هذا ونور محمّد لا ينقص

    وإذا بنو المنصور عدّ حصباؤهم
    محمّد ياقوتها المتخلص

    ثمّ غضب سليمان وقال : لو شكوت من عبد الله ما شكوت من هذا الكافر لوجب أن تعاقبه ، فكيف بهذا يا عمّ؟ وأنّه يقول أيضا :
    قد أصبح الملك بالمنى ظفرا
    كأنّما كان عاشقا قدرا

    حسبك وجه الأمين من قمر
    إذا طوى الليل دونك القمرا

    خليفة يعتني بأمّته
    وإن أتته ذنوبها غمرا

    حتّى لو استطاع من تحنتّه
    دافع عنها القضاء والقدرا

    ثمّ أخذ سليمان يقرأ أشعارا أخرى لأبي نؤاس ظنا منه أن يوغر الأمين عليه ولكن الأمين لم يتخذ أيّ شيء اتّجاه أبي نؤاس ، مما دعا سليمان إلى عدم الذهاب إلى الأمين ، فانقطع عنه.
    ثمّ إنّ الأمين أمر بحبس أبي نؤاس ، ولمّا طال حبس أبي نؤاس كتب إلى الأمين أبياتا نذكر منها (3) :
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 529.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 17.
    (3) المصدر السابق.


    تذكر أمين الله والعهد يذكر
    مقامي وأشاديك والناس حضّر

    ونثري عليك الدرّ يا درّ هاشم
    فيا من رآى درّا على الدرّ ينثر

    ومنها :
    مضت لي شهور قد حبست ثلاثة
    كأنّي قد أذنبت ما ليس يغفر

    فإن لم أذنبت فيم عقوبتي
    وإن كنت ذا ذنب فعفوك أكبر

    فلما قرأ الأمين هذه الأبيات قال : (أخرجوه ، وأجيزوه ، ولو غضب أبناء المنصور كلّهم) (1).
    وعند ما ذهب سليمان إلى دمشق ، التقى بإبراهيم بن المهدي ، فقال له سليمان : (خلا لك الجوّ فبيضي واصفري) (2). فقال له إبراهيم : (لك والله خلا الجوّ ، لأنّك تقعد في صدر المجلس ، وتأكل إذا اشتهيت ، ليس مثل من هو في السماط ، يأكل على شبع ، ويكف عن جوع ويخدم في وقت كسل) (3).
    ودخل هارون الرشيد ذات يوم على سليمان بن المنصور ، فرأى عنده جارية في غاية الحسن والكمال تسمّى (ضعيفة) فأحبّها الرشيد ، وطلبها من سليمان ، فوهبها له.
    ولمّا أخذها الرشيد مرض سليمان من شده حبه لها وقال :
    أشكو إلى ذي العرش ما
    لاقيت من أمر الخليفة

    يسع البرّية عدله
    ويريد ظلمي في ضعيفة

    علق الفؤاد بحبّها
    كالحبر يعلق بالصحيفة

    ولمّا سمع الرشيد بذلك أعادها إليه.
    ومات ابن لسليمان بن أبي جعفر المنصور ، فعزّاه موسى بن المهدي
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 18.
    (2) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج 10 / 165.
    (3) نفس المصدر السابق. ج 10 / 165.

    قائلا : (أيسرّك وهو بلية وفتنة؟ ويحزنك وهو صلاة ورحمة)؟ (1)
    وكان هارون الرشيد ذات يوم وعنده سليمان بن أبي جعفر المنصور ، وعيسى بن جعفر ، وعبد الملك بن صالح ، فقال الرشيد لعبد الملك : كيف أرض كذا؟ فقال : (هضاب حمر ، وبراث غبر). قال الرشيد فأرض كذا؟
    قال : (فيافي فاسحة ، وجبال متنادحة). قال الرشيد فأرض كذا؟ قال : (تربة حمراء ، وشجرة خضراء ، وسبيكة صفراء). قال الرشيد : فأرض كذا؟ قال : (مسافي ريح ، ومنابت شيح).
    فقال عيسى لسليمان : (ما ينبغي أن نرضا لأنفسنا بالدون من الكلام) (2).
    وفي سنة (176) كان سليمان بن أبي جعفر المنصور قد حجّ بالناس ومعه الستّ (زبيدة) زوجة هارون الرشيد (3).
    مات سليمان بن أبي جعفر المنصور سنة (199) (4) للهجرة.
    39 ـ خالد بن محجل الضبي :
    استخلفه سليمان بن أبي جعفر المنصور على إمارة الكوفة سنة (199) (5) للهجرة.
    __________________
    (1) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 184.
    (2) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج 6 / 119.
    (3) تاريخ ابن خياط. ج 1 / 448 وتاريخ الطبري. ج 8 / 254.
    (4) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 448 والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 9 / 24 وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 164 وعبد القادر بدران ـ تهذيب تاريخ دمشق. ج 6 / 281 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 213.
    (5) تاريخ الطبري. ج 8 / 529.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:15 am

    وعند ما ثار محمّد بن طباطبا بالكوفة سنة (199) (1) للهجرة ، كان الأمير عليها حينذاك (خالد بن محجل الضبي) الّذي استخلفه عليها سليمان بن أبي جعفر المنصور فطرده ابن طباطبا عن الكوفة. ولمّا سمع الحسن بذلك غضب على سليمان ووبّخه على إهماله.
    ثمّ أرسل الحسن بن سهل جيشا تعداده عشرة آلاف فارس وراجل إلى الكوفة بقيادة زهير بن المسيّب الضبي ، ولمّا وصل زهير الضبي إلى قرية (شاهي) القريبة من الكوفة ، كانت معركة عنيفة بين الطرفين ، انهزم منها زهير الضبي وانتصر جيش خالد بن محجل الضبي ، واستباح أهل الكوفة عسكر زهير ، وأخذوا كلّ ما فيه من مال وسلاح ودوابّ ، ثمّ رجع زهير الضبي إلى قصر ابن هبيرة (2).
    40 ـ محمّد بن إبراهيم بن طباطبا :
    هو : محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وكنيته : أبو عبد الله (3).
    ومحمّد بن طباطبا ، ثائر علوي ، ومن أئمة الزيدية ، كان يسكن المدينة المنوّرة وذهب إلى الحجّ سنة (196) للهجرة ، والحرب قائمة بين الأخوين (الأمين والمأمون) ، فأقبل الناس عليه في مكّة ، وكثر ترددهم عليه ، فخاف الفتنة فاستتر (4).
    وكان من حجاج تلك السنة رجل من كبار الشيعة يدعى (نصر بن
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 302.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 529.
    (3) جمال الدين الحسني ـ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب. ص 172.
    (4) الزركلي ـ الأعلام. ج 6 / 182.

    حبيب) فاجتمع مع ابن طباطبا ، وعرض عليه الثورة على بني العبّاس ، فوعده باستشارة أنصاره في الكوفة.
    ولمّا استقرت الأوضاع بالعراق سنة (198) للهجرة (أي بعد مقتل الأمين) أخذ الناس يتحدّثون بأن الفضل بن سهل ، قد سيطر على المأمون ، واستبدّ بإدارة شؤون البلاد (1).
    ثمّ ذهب نصر بن حبيب في هذه سنة (أعني سنة 198 للهجرة) إلى مكّة وزار محمّد بن طباطبا في بيته بالمدينة ، وحرّضه على الثورة وأخبره بأن أهل الكوفة سيوفا حداد ، وسواعد شداد ، تنتظر قدومه.
    فذهب محمّد بن طباطبا إلى الكوفة ، وكتم أمر دخوله فبايعه (120) رجلا ، ثمّ ذهب ابن طباطبا إلى الجزيرة ، فأستقبله نصر بن حبيب أو (شبيب) وقد أختلف أصحابه ، وفترت عزيمة (نصر) فقرر ابن طباطبا العودة إلى المدينة.
    وأثناء عودته إلى المدينة ، لقيه في الطريق أبو السرايا (2) فبايعه أبو السرايا فعاد ابن طباطبا إلى الكوفة.
    ثمّ ثار محمّد بن إبراهيم بالكوفة في شهر جمادي الأول من سنة (199) (3) للهجرة ، يدعو إلى الرضا من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والعمل بالكتاب
    __________________
    (1) الزركلي ـ الأعلام. ج 6 / 182.
    (2) أبو السرايا ـ وأسمه : السري بن منصور ، وهو من الثائرين على بني العبّاس وكان القيم بأمر ابن طباطبا في الحرب وتدبيرها ، وقيادة الجيش.
    (3) تاريخ خليفة بن خياط. ج 1 / 469 وابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج 8 / 312 وتاريخ الطبري. ج 8 / 528 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 73 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 302 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 70 وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 164 وعارف ـ الجوهر الشفاف. ج 1 / 17 والزركلي ـ الأعلام. ج 6 / 182 ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 231 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 244.

    والسنّة.
    ثمّ أخذ الناس من الكوفة والأعراب وغيرهم يأتون إلى ابن طباطبا فيبايعونه (1) ، وحينما سمع محمّد بن طباطبا بأنّ أبا السرايا ، قد نهب قصر العبّاس بن موسى بن عيسى خطب في الناس فقال : (أما بعد ، فإنّه لا يزال يبلغني : أنّ القائل منكم يقول : إنّ بني العبّاس فيء لنا نخوض في دمائهم ، ونرتع في أموالهم ، ويقبل قولنا فيهم ، وتصدق دعوانا عليهم ، حكم بلا علم ، وعزم بلا رويّة ، عجبا لمن أطلق بذلك لسانه ، أو حدّث به نفسه ، أبكتاب الله حكم؟ أم سنّة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتّبع؟ أو بسط يدي له بالجور أمل؟ هيهات ، هيهات ، فاز ذو الحقّ بما نوى ، وأخطأ طالب ما تمنّى ، حقّ ذي حقّ بيده ، وكلّ مدّع على حجّته ، ويل لمن اغتصب حقّا ، وادّعى باطلا ، فلح من رضى بحكم الله ، وخاب من أرغم الحقّ أنفه ، العدل أولى بالأثرة ، وإن رغم الجاهلون ، حقّ لمن أمر بالمعروف ، أن يجتنب المنكر ، ولمن يسلك سبيل العدل أن يصبر على مرارة الجور ، كلّ نفس سمو إلى همّتها ، ونعم الصاحب القناعة.
    أيّها الناس ، إنّ أكرم العبادة الورع ، وأفضل الزاد التقوى) (2) إلى آخر الخطبة.
    ثمّ خطب محمّد بن إبراهيم ذات يوم بالناس فقال : (عباد الله ، إنّ عين الشتات تلاحظ الشمل بالبتات (3) ، وإنّ يد الفناء تقطع مدّة البقاء ، فلا يكبحنّكم الركون إلى زهرتها عن التزود لمقرّكم منها ، فإنّ ما فيها من نعيم بائد ، والراحل عنها غير عائد ، وما بعدها إلّا جنّة
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 529.
    (2) الآبي ـ نثر الدر. ج 1 / 376.
    (3) البتات ـ الهلاك.

    تزدلف (1) للمتقين ، أو نار تبرز للغاوين (2). (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ، وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(3).
    ولمّا سمع الحسن بن سهل بثورة ابن طباطبا ، أرسل جيشا قوامه عشرة آلاف فارس وراجل إلى الكوفة ، فوقعت معركة بين الطرفين ، انهزم فيها زهير بن المسيب الضبي (قائد الجيش) واستولي على جميع ما في عسكره من مال وسلاح ودواب وغير ذلك (4).
    ثمّ أرسل الحسن بن سهل جيشا آخر مؤلفا من ألف فارس وثلاثة آلاف راجل بقيادة (عبدوس عبد الصمد) وقال الحسن بن سهل : (أريد أن ترفع رأسك في هذه المعركة) (5). فحلف (عبدوس) : بأنّه سوف يستبيح الكوفة ، وسوف يقتل أهلها ، ويسبي ذراريرها ، وسوف ، وسوف.
    ولمّا جاء عبدوس ، قسّم أبو السرايا جيشه إلى ثلاث فرق ، وقال لهم : أريد منكم أن تحملوا على عسكر عبدوس حملة واحدة ، وعند التقاء الجيوش ، حدثت مقتله عظيمة بين الطرفين ، حتّى أخذت جيوش عبدوس تلقي بأنفسها في نهر الفرات طلبا للنجاة فغرق أكثرهم.
    ثمّ وجد عبدوس في الجامع فقتله أبو السرايا ، ولم ينج من عسكر عبدوس أحد ، إذ وقعوا جميعا ما بين قتيل وجريح وأسير (6).
    وأثناء هذه الحروب مرض محمّد بن طباطبا ، مرضا شديدا ، فدعا (أبا السرايا) وأوصاه قائلا :
    __________________
    (1) تزدلف : تقرب.
    (2) الآبي ـ نثر الدر. ج 1 / 381.
    (3) سورة فصلت / الآية : 46.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 529.
    (5) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 530.
    (6) تاريخ الطبري. ج 8 / 530.

    (أوصيك بتقوى الله ، والمقام على الذبّ عن دينك ، ونصرة أهل بيت نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّ أنفسهم موصولة بنفسك ، وولّي الناس على الخيرة فيمن يقوم مقامي من آل عليّ ، فإن اختلفوا فأمر إلى عليّ بن عبيد الله فإنّي قد بلوت طريقه ، ورضيت دينه) (1).
    ولمّا ازداد مرض ابن طبا طبا ، قال له أبو السرايا : أوصني يابن رسول الله ، فقال : (الحمد لله ربّ العالمين ، وصلى الله على محمّد وآله الطيبين ، أوصيك بتقوى الله ، فإنّها أحصن جنّة وأمنع عصمة ، والصبر فإنّه أفضل منزل ، وأحمد معول ، وأن تستتم الغضب لربّك وتدوم على منع دينك .. ولا تقدم إقدام مشهور ، واكفف عن الإسراف في الدماء ما لم يدهن لك دينا ، ويصدك عن صواب ، وارفق بالضعفاء ، وإيّاك والعجلة فإن معها الهلكة .. الخ) (2).
    مات محمّد بن إبراهيم بن طباطبا بالكوفة سنة (199) (3) للهجرة ، وقيل إنّه أرسل إلى المأمون أسيرا فقتله (4) ، وقيل إنّ أبا السرايا دس له سما فمات ، مات في أوّل شهر رجب من هذه السنة ، وكان عمره (26) سنة ، وكانت مدّة ثورته شهرين تقريبا.
    ثمّ جعل أبو السرايا بعده : محمّد بن محمّد بن يحيى بن زيد بن عليّ على الكوفة (5).
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 531 والآبي ـ نثر الدرر. ج 1 / 377.
    (2) الآبي ـ نثر الدر. ج 1 / 377.
    (3) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 760 والمسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 439 وعارف ـ الجوهر الشفاف. ج 1 / 17 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 214 وأحمد زكي صفوت ـ جمهرة الخطب. ج 3 / 124.
    (4) تاريخ أبن خياط. ج 2 / 760.
    (5) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 439 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 164.

    وقال الهيثم بن عبد الله الخثعمي في رثاء ابن طباطبا ، وما أصاب العلويين (1) :
    خانهم الدهر بعد عزّهم
    والدهر بالناس خائن ختل

    باتوا فظلّت عيون شيعتهم
    عليهم لا تزال تنهمل

    واستبدلوا بعدهم عدوهم
    فبئس لعمري بالمبدل البدل

    شدّوا على عترة الرسول ولم
    تثنهم رهبة ولا وجل

    فما رعوا حقّه وحرمته
    ولا استرابوا في نفس من قتلوا

    41 ـ السري بن منصور أبو السرايا :
    واسمه : السري بن منصور بن هاني بن مسعود بن عامر بن عمرو بن أبي ربيعة الشيباني (2).
    وكان أبو السرايا ، أوّل أمره يكري الحمير ، ثمّ قوي حاله ، فجمع عصابة لقطع الطريق ثمّ التحق بيزيد بن مزيد الشيباني في أرمينيه ، ومعه ثلاثون فارسا ، فضمه يزيد إلى قادته فأشتهر بشجاعته بينهم (3).
    وعند ما نشبت الحرب بين الأخوين (الأمين) و (المأمون) أنتقل أبو السرايا إلى جيش هرثمة بن أعين ، وقد بلغ تعداد جيشه حوالي ألفي مقاتل ، ثمّ خوطب بالأمير.
    وبعد ما قتل الأمين ، أنقص هرثمة أرزاق (4) أبي السرايا وجنوده ، عندها انفصل أبو السرايا عن عسكر هرثمة بن أعين ، وذهب إلى (عين التمر) ومعه
    __________________
    (1) قحطان رشيد ـ اتجاهات الهجاء في القرن الثالث الهجري. ص 138.
    (2) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 3 / 439 وابن عتبة ـ عمدة الطالب. ص 300.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 302.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 529.

    مائتا فارس فحاصر أميرها ، ثمّ استولى على ما معه من أموال ، فوزعها بين أصحابه ، ثمّ ذهب إلى الأنبار فاستولى عليها ، ثمّ ذهب إلى (الرقّة) وقد كثر أصحابه ، فلقيه محد بن إبراهيم بن طباطبا ، وكان هذا قد ثار على بني العبّاس ، فبايعه أبو السرايا ، وتولّى قيادة جيشه ، واستوليا على الكوفة (1).
    ثمّ إنّ أبا السرايا بعث بجيوشه إلى البصرة ونواحيها ، واستولّى على واسط والمدائن ، ثمّ أرسل (العمال) إلى اليمن والحجاز وواسط والأهواز.
    وحينما علم الحسن بن سهل باستيلاء أبو السرايا وابن طباطبا على الكوفة ، أرسل اليهما جيشا بقيادة زهير بن المسيب الضبي (كما ذكرت في ص 569) ، ثمّ أرسل جيشا آخر بقيادة عبدوس بن عبد الصمد ، فقتل عبدوس وأخوه هارون ، وقضي على جميع عسكره ما بين قتيل وجريح وأسير (2).
    وفي اليوم الثاني للمعركة مات محمّد بن إبراهيم بن طباطبا فجأة ، قيل إنّ أبا السرايا دسّ له السمّ فمات ، وذلك لأنّ ابن طباطبا ، لم يعطه شيئا من الأموال الّتي حصلوا عليها من معسكر زهير بن المسيب الضبي ، كما أنّ أهل الكوفة ، أخذوا يطيعون ابن طباطبا ، فظنّ أبو السرايا بأن لا مكان له بوجود ابن طباطبا فقتله بالسمّ.
    ثمّ جعل أبو السرايا على الكوفة (بعد موت ابن طباطبا) شابا ، يافعا ، ذلك هو محمّد بن محمّد بن زيد بن عليّ ، وكان أبو السرايا ، هو الّذي ينفّذ الأمور فيولي من يشاء ويعزل من يشاء (3).
    ثمّ انتشر الطالبيّون في البلاد ، وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة ،
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 529.
    (2) المصدر السابق. ج 8 / 530.
    (3) المصدر اعلاه. ج 8 / 529.

    ونقش عليها : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)(1). ثمّ ذهب أبو السرايا بجيشه إلى قصر ابن هبيره ، وذلك بعد أن تركه ابن المسيب الضبي الّذي عاد إلى بغداد. ولمّا رآى الحسن بن سهل ، أنّ أبا السرايا ، ومن معه ، لا يلاقون جيشا إلّا هزموه ولا يذهبون إلى أيّ بلد إلّا دخلوه ، ولم يجد فيمن معه من القادة من يكفيه حربه ، فاضطرّ إلى الاستعانة بهرثمة بن أعين (كان آنذاك في خراسان) فكتب إليه ، لكن هرثمة لم يجبه على طلبه بادي الأمر ، إلّا أنّه أجابه بعد أن كتب إليه الحسن ثانية (2).
    فذهب هرثمة بن أعين بجيشه إلى قصر ابن هبيرة ، فوقعت معركة بينه وبين أبي السرايا ، قتل خلالها جماعة كبيرة من أصحاب أبي السرايا ، فرجع أبو السرايا إلى الكوفة ، فتبعه هرثمة ونزل في قرية (شاهي) فكانت معركة بين الطرفين انهزم جيش هرثمة في أوّل النهار ، لكن هرثمة استعاد قوته ، وشنّ حملاته في آخر النهار ، فكانت الهزيمة لأصحاب أبي السرايا.
    وقيل إنّ جيش أبي السرايا قد توقف عن قتال هرثمة بن أعين ، فخطب فيهم أبو السرايا وقال : (يا قتلة عليّ ، ويا خذلة الحسين ، إنّ المعتزّ بكم لمغرور ، وإنّ المعتمد على نصركم لمخذول ، وأن الذليل لمن اعتززتموه ...
    الخ). ثمّ قال (3) :
    ومارست أقطار البلاد فلم أجد
    لكم شبها فيما وطئت من الأرض

    خلافا وجهلا وانتشار عزيمة
    ووهنا وعجزا في الشدائد والخفض

    لقد سبقت فيكم إلى الحشر دعوة
    فلا عنكم راض ولا فيكم مرض

    سأبعد داري من قلى عن دياركم
    فذوقوا إذا وليت عاقبة البغض

    __________________
    (1) سورة الصف : الآية / 4.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 534 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344 والذهبي ـ تاريخ الأعلام. ج 13 / 76.
    (3) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 546.

    وبقي هرثمة بن أعين في قرية (شاهي) إلى أن جاء (منصور بن المهدي) بجيشه ، وبقي حتّى انقضت سنة (199) للهجرة. وفي السادس عشر من شهر محرم من سنة (200) للهجرة ، هرب أبو السرايا من الكوفة (ليلا) إلى القادسيّة (1) ، عندها دخل هرثمة بن أعين ومنصور بن المهدي إلى الكوفة في اليوم الّذي هرب فيه أبو السرايا ، فبقيا في الكوفة إلى العصر ، ثمّ رجعا إلى معسكرهما ، وخلّفا على الكوفة (غسان بن أبي الفرج) (2).
    ثمّ خرج أبو السرايا من القادسيّة ، وذهب إلى واسط ، فدارت معركة بينه وبين الحسن بن عليّ الباذغيس المعروف (بالمأموني) جرح فيها أبو السرايا جراحات شديدة ، ثمّ هرب أبو السرايا ومعه محمّد بن زيد وأبو الشوك ، وتفرق عنه أصحابه.
    ولمّا وصلوا إلى جلولاء ، لقيهم حماد الكندغوش فأخذهم إلى الحسن ابن سهل (في النهروان) فقتل أبا السرايا ، وصلبه على الجسر ببغداد ، في يوم الخميس في العاشر من شهر ربيع الأول من سنة (200) للهجرة ، فقال التميمي (3) :
    ألم تر ضربة الحسن بن سهل
    بسيفك يا أمير المؤمنينا

    دارت مرو رأس أبي السرايا
    وأبقت عبرة للعابرينا

    ثمّ بعث الحسن بن سهل بمحمد بن محمّد بن زيد إلى المأمون ، فلمّا رآه المأمون تعجب من حداثة سنّه ، ثمّ أمر باعتقاله ، وهيأ له دارا وخادما ، فبقي محمّد أربعين يوما ، فدسّ إليه السمّ فمات (4).
    __________________
    (1) القادسيّة : أسم ناحية قرب النجف ، وليست هي محافظة القادسيّة ، وبها كانت معركة القادسيّة المشهورة.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 534.
    (3) المصدر السابق. ج 8 / 535.
    (4) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 550.

    وقيل : (إنّ أبا السرايا أرسل بيد الحسين بن الحسن الأفطس ثوبين رقيقين من قزّ مكتوب عليهما (أمر الأصغر بن الأصغر) أبو السرايا داعية آل محمّد لكسوة بيت الله الحرام ، وأن تطرح عنها كسوة الظلمة من ولد العبّاس) (1). وكانت مدّة ثورة أبي السرايا وقتله عشرة أشهر.
    42 ـ محمّد بن محمّد بن زيد :
    هو : محمّد بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ولقبه (2) : المؤيد.
    وقيل : هو محمّد بن محمّد بن زيد بن محمّد بن إسماعيل بن محمّد بن عبد الله بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (3).
    وقيل : هو محمّد (الأكبر) بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (4).
    وأمّه : فاطمة بنت عليّ بن جعفر بن إسحاق بن عليّ بن عبد الله بن جعفر (الطيّار) بن أبي طالب.
    وعند ما مرض محمّد بن إبراهيم بن طباطبا مرضه المفاجئ ، شعر بدنو أجله فأوصى بأن يكون من بعده عليّ بن عبيد الله (أبو الحسن). وبعد ما مات ابن طباطبا سنة (199) للهجرة ، اجتمع الناس لمبايعة (عليّ) فقام محمّد بن محمّد (وكان حدثا) فقال : (يا آل عليّ ، فات الهالك النجا ، وبقي الثاني بكرمه ، إنّ دين الله لا ينصر بالفشل ، وليست يد هذا الرجل عندنا
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 536.
    (2) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 469 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 305 وعمدة الطالب ـ ابن عنبه. ص 299.
    (3) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 469.
    (4) ابن حزم الأندلسي ـ جمهرة أنساب العرب. ص / 58.

    بسيئة ، وقد شفى الغليل ، وأدرك الثأر). ثمّ التفت إلى عليّ بن عبيد الله وقال : ما ذا تقول يا أبا الحسن ، رضي الله عنك؟ أمدد يدك نبايعك. فقال عليّ مخاطبا محمّد بن محمّد : (فامضي رحمك الله لأمرك ، واجمع شمل ابن عمّك ، فقد قلدناك الرياسة علينا وأنت الرضا عندنا ، والثقة في أنفسنا) (1). ثمّ التفت إلى أبي السرايا ، وقال له : أرضيت بما سمعت؟ فقال له أبو السرايا : (رضائي من رضائك ، وقولي من قولك) (2). عندها أخذوا بيد محمّد بن محمّد بن زيد فبايعوه.
    وبعد ذلك فرّق محمّد بن محمّد عمّاله ، فولّى إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل بن جعفر على الكوفة ، وعيّن روح بن الحجاج على الشرطة ، وأحمد ابن السري الأنصاري على الرسائل ، وعاصم بن عامر على القضاء.
    ثمّ تتابعت الكتب على محمّد بن محمّد بالفتوح من كلّ ناحية ، وكتب إليه أهل الجزيرة ينتظرون أن يرسل إليهم رسولا ، ليسمعوا له ويطيعوا.
    وكان الحسن بن سهل قد أرسل أحمد بن عمرو الذهلي (أبا البط) لمحاربة أبي السرايا سنة (199) للهجرة ، فأرسل أبو السرايا إليه محمّد بن محمّد ، فالتقى محمّد مع أبي البطّ في (ساباط) فكانت معركة بينهما ، إنهزم فيها أبو البطّ (3).
    وعند ما دخل هرثمه بن أعين إلى الكوفة سنة (200) (4) للهجرة هرب أبو السرايا منها ومعه محمّد بن محمّد ، فقبض عليهما حماد الاندغوش في ناحية (السوس) فبعث بهما إلى الحسن بن سهل فقتل أبا السرايا وبعث
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 10 / 244 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 248.
    (2) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 532.
    (3) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 469.
    (4) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 470 وابن قتيبة ـ المعارف. ص 388.

    برأسه إلى المأمون في خراسان ومعه محمّد بن محمّد (1) ، ولمّا رآه المأمون تعجّب من صغر سنّه ، وقال : كيف رأيت صنع الله بابن عمّك؟ فقال محمّد بن محمّد (2) :
    رأيت أمين الله في العفو والحلم
    وكان يسيرا عنده أعظم الجرم

    فأعرض عن جهلي وداوي سقامه
    بعفو جلا عن جلدتي هبوة السقم

    فأكرمه المأمون ثمّ حبسه (أشبه ما يكون بالاعتقال) حيث خصص له دارا وخادما ثمّ بعد أربعين يوما ، مات محمّد بن محمّد مسموما.
    وقد سئل محمّد بن محمّد عن معاملة المأمون له ، فقال : (والله لقد أغضّ عن العورة ونفّس الكربة ، وعفا عن الجرم ، وحفظ النبيّ في ولده واستوجب الشكر من جميع أهل بيته) (3) مات محمّد بن محمّد بن زيد في (مرو) سنة (201) (4) للهجرة ، وقيل سنة (202) (5) ، وعمره عشرون سنة. وقيل أنّه لمّا أحسّ بالموت كان يقول : (يا جدي ، يا أبي ، يا أمّي ، أشفعوا لي إلى ربّي) (6) فكانت هذه عادته إلى أن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها.
    43 ـ إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل :
    هو : إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل بن جعفر. استخلفه محمّد بن محمّد
    __________________
    (1) تاريخ ابن خياط. ج 2 / 470 وابن قتيبة ـ المعارف. ص 388.
    (2) ابن عنبة ـ عمدة الطالب. ص 300.
    (3) الآبي ـ نثر الدر. ج 1 / 381.
    (4) نفس المصدر السابق وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 248 وتاريخ الطبري. ج 10 / 244 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 340.
    (5) ابن عنبه ـ عمدة الطالب. ص 300.
    (6) الآبي ـ نثر الدر. ج 1 / 381.

    ابن زيد بن عليّ على الكوفة سنة (199) (1) للهجرة.
    وقيل تولى الخلافة على الكوفة من قبل محمّد بن محمّد بن زيد ، وذلك عند ما ترك محمّد بن محمّد الكوفة (2) وذهب مع أبي السرايا إلى القادسيّة.
    44 ـ أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي (3)
    ثار أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي بالكوفة في أواخر سنة (199) للهجرة (4).
    45 ـ هرثمة بن أعين :
    دخل هرثمة بن أعين إلى الكوفة سنة (200) (5) للهجرة.
    وهرثمة بن أعين ، هو أحد قادة الجيش العباسي ، الّذي لعب دورا هاما على مسرح الحياة العسكرية والسياسيّة ، لمدة تزيد على أربعين عاما ، ففي سنة (164) للهجرة ثار يوسف بن إبراهيم في خراسان ، فتمّ القبض عليه ، وأرسل إلى الخليفة (المهدي) ببغداد فأوعز المهدي إلى هرثمة بقتل يوسف ، فقطع رجليه ويديه ، ثمّ قتله وقتل أصحابه ، وصلبهم جميعا على جسر بغداد.
    وقيل إنّ الخليفة موسى (الهادي) قرّر أنّ يقتل أخاه هارون الرشيد ، ويقتل معه يحيى بن خالد البرمكي ، وفي الليلة الّتي مات فيها (الهادي) ذهب هرثمة إلى هارون الرشيد ليلا وأجلسه على كرسي الخلافة ، كان ذلك
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 533.
    (2) نفس المصدر السابق.
    (3) كتبنا ترجمته ص 512.
    (4) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 547.
    (5) تاريخ الطبري. ج 8 / 534 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 83 وأبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 89.

    سنة (170) للهجرة ، ثمّ عينه هارون (صاحب حرسه).
    وعند ما كان هارون الرشيد في (الرّقة) سنة (186) للهجرة ، أخذ البيعة لأبنه الأمين ومن بعده لأخيه المأمون ، ومن بعد المأمون (للقاسم) فأمر الرشيد هرثمة بن أعين بالذهاب إلى بغداد وأخذ البيعة فيها لأولاده الثلاث (1).
    وفي سنة (197) للهجرة عزل عليّ بن عيسى بن ماهان عن إمارة خراسان عزله الرشيد ، وولّاها إلى هرثمة بن أعين ، وحينما وصل هرثمة إلى خراسان طلب من عيسى بن ماهان ومن أولاده وعماله ، تسليمه كافة الأموال العائدة للخليفة ، ثمّ نصب مجلسا للمظالم ، وطلب من عيسى وعماله إعطاء الناس كافّة الأموال الّتي أخذوها منهم بدون حقّ (2).
    وعند ما حصل الخلاف بين الأخوين (الأمين والمأمون) واشتدّ النزاع بينهما التحق هرثمة بالمأمون ، فولّاه المأمون (الحرس الخاصّ) (3). ولمّا سمع الأمين بذلك ، غضب غضبا شديدا ، وعقد حوالي أربعمائة لواء لعدّة قادة ، وأناط القيادة العليا بعلي بن محمّد بن عيسى بن نهيك ، وأمرهم بالذهاب إلى محاربة هرثمة بن أعين ، فالتقى الجيشان بالقرب من النهروان ، فوقعت معركة بين الطرفين أسفرت عن هزيمة جيش ابن نهيك ، ثمّ وقع في الأسر ، فأرسل إلى المأمون في خراسان ، ثمّ زحف هرثمة بجيشه واستولى على النهروان (4).
    وفي سنة (197) للهجرة ، زحفت جيوش هرثمة بن أعين وزهير بن المسيب الضبي وطاهر بن الحسين نحو بغداد فحاصروها ، وحاصروا الأمين
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 286.
    (2) المصدر السابق. ج 2 / 324.
    (3) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 20.
    (4) تاريخ الطبري. ج 8 / 441.

    في عاصمة أبيه ونصبوا المجانيق.
    كما إنّ الأمين من جانبه هو الآخر ، فقد أمر ببيع كلّ ما في الخزائن من الأمتعة والفضة والذهب ، وصرفها على الحرب ، وأمر كذلك بفتح النار والمجانيق على كلّ مقبل ومدبر ، وفي ذلك قال عمرو بن عبد الملك العتري الورّاق :
    يا رماة المنجنيق
    كلّكم غير شفيق

    وبقية الأبيات الّتي ذكرناها في ص 555.
    ثمّ استمرت المعارك بين أنصار الأخوين ، أشهرا بين كر وفر ، فأسر هرثمة في معركة بباب الشماسيّة ، ثمّ تخلص من الأسر.
    وفي أوائل سنة (198) للهجرة ، استولى هرثمة بن أعين على الجانب الشرقي من بغداد واستولى طاهر بن الحسين على الجانب الغربي منها ، وحوصر الأمين في قصره ، وتفرّق عنه عامّة جنده وجواريه ، وفي اللّيل قرّر الأمين الذهاب إلى معسكر هرثمة والالتجاء عنده ، وعند خروجه من القصر ، كان أصحاب طاهر يراقبونه ، فقبضوا عليه ، فقتلوه ، وأخذوا برأسه إلى طاهر بن الحسين ، ثمّ أرسل طاهر برأس الأمين إلى أخيه المأمون.
    فكتب المأمون إلى هرثمة يأمره بالذهاب إلى خراسان (1).
    ثمّ اضطر الحسن بن سهل بالاستعانة بهرثمة بن أعين لمحاربة أبي السرايا ، فكتب إليه ، إلّا أنّه اعتذر في أوّل الأمر ، ثمّ وبعد إلحاح من الحسن ابن سهل ذهب هرثمة ومعه منصور بن المهدي إلى الكوفة واستوليا عليها ، بعد أن هرب عنها أبو السرايا ، ثمّ خرجا إلى معسكرهما ، وخلفا على الكوفة غسان بن أبي الفرج (2).
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 488.
    (2) المصدر السابق. ج 8 / 534 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 76.

    ثمّ بقي هرثمة بن أعين في معسكره أشهرا ، فكتب إليه المأمون بالرجوع إلى خراسان ، ولكنه تأخّر في الطريق ، فاستغلّ الحسن بن سهل ذلك التأخير وقال للمأمون : (إنّ هرثمة ، قد صادق عدوك ، وعادى وليّك ، وإنّ أبا السرايا هو جندي من جنوده ولكنّه تركه يعبث بالبلاد (1).
    وكان هرثمة بن أعين قد ولّاه هارون الرشيد إمارة مصر ، فوصلها في الثامن والعشرين من شهر شعبان من سنة (178) (2) للهجرة ، فتلقّاه أهل مصر بالطاعة ، وأذعنوا له ، فقبل ذلك منهم ، وأقرّ كلّ واحد على حاله.
    وأرسل إلى هارون الرشيد يعلمه بذلك ، ولكن لم تدم إمرة هرثمة على مصر طويلا ، إذ عزل عنها ، وأرسل مع عساكره إلى أفريقيه في الثاني عشر من شهر شوال من هذه السنة (178) فكانت مدّة إقامته على مصر شهرين ونصف ، ولمّا وصل هرثمة بجيشه العظيم إلى المغرب أذعن له كافة العصاة ، ولم تكن هناك أية حوادث أو حروب ، ذلك لعظم هيبة هرثمة ، إذ كان مقداما ، مهيبا ، وكان الرشيد ينتدبه للمهمات الصعبة (3).
    وبقي هرثمة في المغرب سنتين ونصف ، ثمّ أمره الرشيد بالعودة إلى بغداد ، كان ذلك سنة (181) للهجرة.
    وفي سنة (200) للهجرة ، وبعد فراغه من قتال أبي السرايا ، ذهب هرثمة إلى المأمون في خراسان ، فأخبره عن حقيقة الحال في العراق ، وفي الدولة الإسلامية ، فكان جزاؤه أن قال له المأمون : (مالأت أهل الكوفة والعلويين وماهنت ودسست اليّ أبا السرايا ،
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 542.
    (2) الكندي ـ الولاة في مصر. ص 161 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 88 وزامباور ـ الأسرات الحاكمة. ج 1 / 40.
    (3) أبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 89.

    حتّى خرج ، وعمل ما عمل ، وكان رجلا من أصحابك ، ولو أردت أن تأخذهم جميعا لفعلت ، ولكنك أرخيت خناقهم ، وأجررت لهم رسنهم) (1).
    فأخذ هرثمة يعتذر ، ويدافع عن نفسه عمّا وجّه إليه من اتهامات ، إلّا أنّ المأمون رفض عذره ، ولم ينفعه دفاعه ، بل ولا تشفعت له تلك الخدمات الجليلة الّتي أداها له ولأبيه هارون الرشيد ، وللدولة العباسيّة ، بل أمر المأمون بضرب هرثمة على أنفه ، ثمّ داسوا على بطنه ، وسحب من بين يدي المأمون ، ثمّ ألقي في السجن أياما ، فأخرج مقتولا ، وقالوا عنه إنّه مات (2).
    مات هرثمة بن أعين (أو قتل) سنة (200) (3) للهجرة في سجن المأمون بخراسان وبعد أن قتل هرثمة ، غضب قادة الجيش في بغداد ، وانتشرت الفوضى من جديد فثار أهلها على الحسن بن سهل ، وأقاموا (منصور بن المهدي) أميرا عليهم ، بعد أن رفض قبول الخلافة (4).
    46 ـ المنصور بن المهدي :
    هو : محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب (5).
    وكان المنصور بن المهدي يسكن في بغداد ، ويقرب أهل العلم ويكرمهم ، ولقّب (بالمرتضى) ودعي له على المنابر (6).
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 543.
    (2) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 514 والجهشياري ـ الوزراء والكتاب. ص 318.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 543 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 80 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 225.
    (4) حسن إبراهيم حسن ـ تاريخ الإسلام. ج 2 / 71.
    (5) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 13 / 82.
    (6) نفس المصدر السابق.

    وفي أوّل شهر محرم من سنة (200) (1) للهجرة ، دخل المنصور بن المهدي ومعه هرثمة بن أعين إلى الكوفة ، بعد أن هرب عنها أبو السرايا.
    وفي أواخر سنة (199) للهجرة ، أرسل الحسن بن سهل جيشا بقيادة المنصور بن المهدي وهرثمة بن أعين لمحاربة أبي السرايا الّذي استولى على الكوفة ومعه محمّد بن إبراهيم بن طباطبا ، وعظم أمره ، وخيف منه ، فوصل المنصور وهرثمة بن أعين إلى قرية (شاهي) القريبة من الكوفة ، فوقعت معركة بين أبي السرايا وبينهما ، ثمّ بقيا في قرية (شاهي) حتّى نهاية هذه السنة.
    وفي أوائل سنة (200) للهجرة ، هرب أبو السرايا ومن معه من الطالبيين (من الكوفة) حتّى وصلوا إلى (القادسيّة) (2) ، عندها دخل المنصور وهرثمة إلى الكوفة وأمنوا أهلها ولم يتعرضوا لأحد بسوء ، ثمّ رجعوا إلى معسكرهم آخر النهار ، واستخلفوا على الكوفة غسان بن أبي الفرج (أبو إبراهيم ـ صاحب حرس خراسان) (3).
    وذكر أبو الفرج الأصبهاني : بأنّ أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي ، قد ثار بالكوفة في الليلة الّتي هرب فيها أبو السرايا ، ثمّ سلّم الأمر إلى هرثمة بن أعين ، ثمّ دخل الكوفة المنصور ومعه هرثمة (4).
    وقيل إنّ المنصور بن المهدي قد أرسل غسان بن أبي الفرج إلى الكوفة ، فذهب غسان إلى قصر ابن هبيرة فلم ير نفسه إلّا وقد أحاط به حميد بن عبد الحميد فوقع في الأسر ، وقتل حميد الكثير من أصحابه وسلب
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 534 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 83 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 13 / 76.
    (2) القادسيّة ـ ناحية قرب النجف ، وبها كانت قادسيّة سعد بن أبي وقاص.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 534 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344.
    (4) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 547.

    الكثير منهم ، كان ذلك سنة (201) للهجرة (1).
    وفي سنة (201) للهجرة ، طلب أهل بغداد من المنصور أن يكون خليفة لهم ، فامتنع وقال : (أنا خليفة أمير المؤمنين حتّى يقدم) (2) ، ووافق أخيرا على أن يكون أميرا ويدعو للمأمون بالخلافة.
    وقيل : لمّا ثارت الحربية في بغداد ، وطردوا خليفة الحسن بن سهل ببغداد ، طلب بنو هاشم والقادة الموجودون في بغداد من المنصور بن المهدي أن يكون خليفة لهم ، فرفض وقال : (أنا خليفة أمير المؤمنين حتّى يقدم ، أو يولّي من أحبّ) (3). فرضي القوم بذلك.
    وقيل إنّ المنصور بن المهدي قد كاتب الحسن بن سهل وطلب منه الأمان ، فأجابه الحسن إلى طلبه ، فخرج المنصور من معسكره ودخل بغداد (4).
    وكان المنصور قد ولّي البصرة لأخيه هارون الرشيد ، وولي الشام للأمين (5). وقيل : عند ما كان المنصور (أميرا على دمشق) أرسل شخصا فسرق (قلّة البلّور) (6) من الجامع ، وحينما سمع إمام الجامع بأنّ (القلّة) قد سرقت ، ضرب بقلنسوته على الأرض وصاح : سرقت قلّتكم. فقال الناس : (لا صلاة بعد القلّة). فصارت مثلا يضرب به ، ثمّ أرسلت تلك القلّة إلى
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 549 والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 13 / 82 والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 11 / 449.
    (2) نفس المصادر السابقة.
    (3) نفس المصادر اعلاها.
    (4) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 11 / 449.
    (5) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 11 / 449.
    (6) القلة : جرة يوضع فيها الماء للشرب.

    الخليفة الأمين في بغداد ، ولمّا جاء المأمون إلى الخلافة أعاد القلّة إلى مكانها الأول.
    وفي أواخر سنة (201) وقيل في أوائل سنة (202) للهجرة ، خلع أهل بغداد والعباسيون في بغداد (المأمون) وبايعوا (إبراهيم بن المهدي) بالخلافة ، ومن بعده لابن أخيه إسحاق بن موسى الهادي ، فكان أوّل من بايعه منصور بن المهدي وعبيد الله بن العبّاس الهاشمي ، ثمّ تتالت بيعة الآخرين (1).
    مات منصور بن المهدي سنة (236) للهجرة (2).
    47 ـ غسان بن أبي الفرج :
    وكنيته : أبو إبراهيم (3). وهو : وال ، ومن رجال المأمون ، وهو ابن عمّ الفضل بن سهل والحسن بن سهل.
    ولّاه سعيد بن الساجور وأبو البطّ إمارة الكوفة سنة (201) (4) للهجرة ، وذلك بعد عزل أميرها السابق (الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي). ثمّ عزلوه لأنّه قتل أبا عبد الله (5) أخا أبي السرايا ، وجعلوا مكانه (الهول) ابن أخي سعيد بن الساجور (6).
    وقيل إنّ المنصور بن المهدي ، أرسل غسان بن أبي الفرج إلى الكوفة ،
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 557.
    (2) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 13 / 82 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 57 والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج 11 / 450.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 534 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344.
    (4) الطبري. ج 8 / 534 والكامل. ج 6 / 344.
    (5) أبو عبد الله : أخو أبي السرايا ، ثار بالكوفة سنة (202) للهجرة. وسوف نتكلم عنه في حينه إن شاء الله.
    (6) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 324 و344 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 234.

    فنزل غسان هذا في قصر ابن هبيرة ، وفجأة أحاط حميد بن عبد الحميد الطوسي بالقصر ، فتمكّن من أخذ غسان أسيرا وقتل من أصحابه الكثير ، كان ذلك سنة (201) (1) للهجرة.
    وغسان بن أبي الفرج ، كان ذا رأي ، وحزم ، ودهاء ، وخبرة ، فقد ولّي إمارة خراسان سنة (202) للهجرة ، ولّاه الحسن بن سهل (2) ، وقيل ولّاه طاهر بن الحسين (3).
    ثمّ ولّاه المأمون إمارة السند سنة (213) للهجرة ، بعد عزل أميرها السابق (بشر بن داود المهلّبي) ، ولمّا وصل غسان إلى السند استأمن إليه الناس ، فبقي في السند حوالي ثلاث سنوات ، أصلح خلالها شؤون الإمارة ثمّ عاد إلى بغداد سنة (216) للهجرة ، بعد أن استخلف على السند (عمران بن موسى البركلي).
    وقد مدحه أحد الشعراء فقال (4) :
    سيف غسان رونق الحرب فيه
    وسهام الحتوف في ظبتيه

    وكان عليّ بن عيسى ضامنا أعمال الخراج والضياع أيّام المأمون ، وقد بقيت عليه أربعون ألف دينار ، فطلب منه المأمون تسديدها خلال ثلاثة أيّام وإلّا فسوف يضرب بالسياط لحين تأديتها ، فذهب عليّ بن عيسى إلى غسان بن أبي الفرج (وكان آنذاك أميرا على خراسان) فطلب منه ذلك المبلغ ، فأعطاه ما أراد (5).
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 324 و344 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 234.
    (2) الزركلي ـ الأعلام. ج 5 / 311 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1244.
    (3) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 15 / 10.
    (4) الزركلي ـ الأعلام. ج 5 / 311.
    (5) ابن منقذ ـ لباب الألباب. ص 115.

    وقيل جاء إبراهيم بريهة إلى غسان يشكو إليه ضعف حاله ، وكثرة ديونه ، وطلب منه أن يرفع استعطافه إلى الخليفة (المأمون) فسأله غسان عن مبلغ ديونه ، فقال : (إنّها مائة وثلاثون ألف درهم) ولمّا أراد إبراهيم الانصراف ، قال له غسان : لنتغدّى سويّة ، ثمّ أمر غسان بإرسال المبلغ إلى دار ابن بريهة حالا ، وبدون علم ابن بريهة ، ولمّا ذهب ابن بريهة إلى داره وجد المبلغ فيه.
    وفي اليوم الثاني ، ذهب غسان إلى المأمون ، وعرض عليه طلب ابن بريهة ، فقال له المأمون : (قد بلغني ما فعلت أمس ، فوصلك الله بصلتك ، فأنت والله إذا تكلّم نفع كلامه ، وإذا سكت حسن سكوته ، قد أمرنا بقضاء دينه ، والزيادة في أرزاقه) (1).
    ودخل أبو حفص الكرماني ذات يوم على المأمون فقال : يا أمير المؤمنين : أتأذن لي في المداعبة؟
    فقال المأمون : وهل يحلو العيش إلّا بها؟
    فقال الكرماني : (يا أمير المؤمنين ، لقد ظلمتني ، وظلمت غسان بن عباد.
    فقال المأمون : ويلك ، وكيف ذلك؟ فقال الكرماني : رفعت غسان فوق قدره ، ووضعتني دون قدري ، إلّا أنّك لغسان أشدّ ظلما. فقال المأمون : وكيف؟ قال الكرماني : لأنك أقمته مقام هزوء ، وأقمتني مقام رحمة. فقال له المأمون : قاتلك الله ما أهجاك!! (2)
    وقال يحيى بن غسان : أيعاقب غسان باقتصاده في ملبسه ، فقال
    __________________
    (1) ابن بكار ـ الأخبار الموفقيات. ص 83.
    (2) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج 6 / 69 وج 9 / 178.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:17 am

    غسان : (من عظمت مؤونته على نفسه ، قلّ نفعه على غيره) (1). وقيل إنّ إبراهيم بن المهدي قد ولّاه إمارة الكوفة سنة (202) للهجرة ، وذلك بعد ما قتل أبا عبد الله (أخا أبي السرايا) وأرسل برأسه إلى إبراهيم بن المهدي (2).
    وعند ما كان غسان بن عباد أميرا على خراسان من قبل المأمون ، كتب أحمد بن خالد الأحول (كاتب المأمون) كتابا على لسان غسان يطلب فيه إعفائه عن إمارة خراسان ، ولمّا قرأ المأمون الكتاب تعجّب من ذلك وقال : (والله ما أعرف في المملكة إلّا خراسان وما أدري ما حمل هذا الجاهل على الاستعفاء إلّا أن يكون ما رأى نفسه لها أهلا). فقال له أحمد ابن أبي خالد : أرى أن تولّي طاهر بن الحسين مكانه ، فولّاه خراسان في أوائل سنة (206) للهجرة (3).
    ولمّا عاد غسان من خراسان ، لم يسمح له المأمون بمقابلته لمدة ثلاثة أشهر ، مما اضطر إلى الاستعانة بالحسن بن سهل ليسمح له بمقابلة المأمون ، ولمّا دخل عليه قال له : (يا أمير المؤمنين ، جعلني الله فداك ، ما ذنبي حتّى تعزلني عن خراسان)؟! فقال له المأمون : أنت طلبت ذلك ، فحلف له غسان بأنّه لم يكتب له بذلك ، ثمّ تبيّن بأنّ أحمد بن أبي خالد هو الّذي كتب ذلك (4).
    وذكر أنّ المأمون قد استخلفه على خراسان عند ما رجع إلى العراق (5).
    مات غسان بن أبي الفرج سنة (216) للهجرة (6).
    __________________
    (1) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج 6 / 69 وج 9 / 178.
    (2) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 14 / 8.
    (3) تاريخ اليعقوبي. ج 3 / 196.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 279.
    (6) نفس المصدر اعلاه.

    48 ـ أبو عبد الله (أخو أبي السرايا):
    ثار أبو عبد الله ، أخو (أبي السرايا) بالكوفة سنة (202) للهجرة ، وكان شعاره البياض (1) ، وقد التحق به جماعة كثيرة من المؤيدين والأنصار ، فلقيه غسان بن أبي الفرج في شهر رجب من هذه السنة ، فقتله ، وشتت جمعه ، وبعث برأسه إلى إبراهيم بن المهدي (2) ، وقيل قتله في ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الآخرة من سنة (202) (3) للهجرة.
    49 ـ حميد بن عبد الحميد الطوسي :
    وكنيته : أبو غانم. وحميد بن عبد الحميد هو أحد كبار قادة جيوش الحسن بن سهل في خلافة المأمون ، وكان معسكرا ومقيما في (النيّل) (4). وكان جبّارا ، وذا قوة وبطش ، وكان المأمون ينتدبه للمهمّات الصعبة (5).
    وقيل كان حميد بن عبد الحميد في بدء حياته خبّازا (6).
    وكان حميد يقول : (إنّنا قد آيسنا من الآخرة ، وإنّما هي الدنيا ، فلا نحتمل والله لأحد ، أن ينّغصها علينا) (7).
    وفي سنة (201) كان حميد بن الحميد (أميرا) في قصر ابن هبيرة من قبل الحسن بن سهل ومعه من القادة : (سعيد بن الساجور ، وأبو البطّ ،
    __________________
    (1) البياض : وهو شعار الأمويين ، وهو عكس شعار العباسيين الّذي هو السواد.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 558 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 107 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 8 / 14.
    (3) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 248.
    (4) النيّل ـ تصغير كلمة النيل : وهي بلدة صغيرة في سواد الكوفة.
    (5) أبو المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 190 والزركلي ـ الأعلام. ج 2 / 283.
    (6) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 220.
    (7) الترمانيني ـ أزمنة التاريخ الإسلامي. ج 1 / 595.

    وغسان بن أبي الفرج ، ومحمّد بن إبراهيم الإفريقي) وغيرهم. وقد حصل خلاف ما بين هؤلاء القادة وبين حميد ، فكتبوا (سرّا) إلى إبراهيم بن المهدي : بأنّهم على استعداد لتسليمه قصر ابن هبيرة ، وكتبوا في نفس الوقت إلى الحسن بن سهل ، يخبرونه بأنّ حميد يكاتب إبراهيم بن المهدي (سرا) (1).
    فكتب الحسن بن سهل إلى حميد يستدعيه ، فلم يذهب إليه حميد أوّل الأمر ، إلّا أنّه ذهب بعد أن كتب إليه الحسن بن سهل ثانية.
    فكتب سعيد بن الساجور ، وأصحابه إلى إبراهيم بن المهدي ، يخبرونه بذهاب حميد إلى الحسن بن سهل ، ويطلبون منه أن يبعث عيسى بن محمّد ابن أبي خالد ليتسلّم قصر ابن هبيرة ، ومعسكر حميد ، ثمّ هجم سعيد بن الساجور وأصحابه على معسكر حميد ، فنهبوا كلّ ما فيه ، وهرب ابن لحميد (كان في المعسكر) فلحق بأبيه ، ودخل عيسى بن محمّد إلى قصر ابن هبيرة ، واستولى عليه.
    ولمّا سمع حميد بن عبد الحميد بالاستيلاء على قصر ابن هبيرة ، ونهب معسكره ، ذهب إلى الكوفة وأخذ أموالا له كانت هناك ، ثمّ ولّى على الكوفة (العبّاس بن الإمام موسى بن جعفر) وأمره بلباس الخضرة ، وأن يدعو للمأمون ومن بعده لأخيه الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام ثمّ أعطاه مائة ألف درهم وقال له : (قاتل عن أخيك فإن أهل الكوفة يجيبونك إلى ذلك وأنا معك) (2).
    وفي سنة (203) للهجرة ، أمر إبراهيم بن المهدي بضرب عيسى بن محمّد بن أبي خالد وحبسه فكتب أخوه (عيسى) إلى حميد بن عبد الحميد ، أن يأتي إلى بغداد ليسلّموها له ، على أن يعطي جند أهل بغداد خمسين
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 342.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 559 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 343 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 4 / 8.

    درهما لكل واحد منهم.
    وكان المأمون قد كتب إلى الحسن بن سهل ، يأمره بلبس الخضرة ، وأن يبايع لعلي بن موسى بن جعفر بولاية العهد من بعده ، ويأمره أيضا بالذهاب إلى بغداد ومحاصرتها ، وكتب أيضا إلى حميد أن يتقدّم هو الآخر ، ويحاصر بغداد من جهة أخرى ، ويأمره أيضا بلباس الخضرة.
    فذهب حميد إلى بغداد ، ولمّا وصل إلى (صرصر) علم إبراهيم بن المهدي بمجيئه ، فأخرج عيسى بن محمّد وأخوته من الحبس.
    ولمّا وصل حميد إلى الياسرية ، أعطى لجنود أهل بغداد الخمسين درهما الّتي وعدهم بها ثمّ أرسل إبراهيم بن المهدي إلى عيسى بن محمّد ، وطلب منه أن يقاتل حميد ، فدعا عيسى بن محمّد الجند وقال لهم : بأنه سوف يعطيهم مثلما أعطاهم حميد ، غير أنّهم رفضوا ، وشتموا إبراهيم بن المهدي وقالوا : (إنّنا لا نريد إبراهيم) (1).
    ثمّ دارت الحرب بين الطرفين ، انتهت بهروب إبراهيم بن المهدي واختفائه. عندها دخل حميد بن عبد الحميد إلى بغداد ، فالتحق به أكثر قادة إبراهيم بن المهدي ، وكذلك أخذ الهاشميّون يلتحقون بمعسكر حميد الواحد بعد الآخر.
    وظل إبراهيم بن المهدي مختفيا إلى أن جاء المأمون إلى بغداد ، فطلب المأمون من كافة قادة الجيوش (بما فيهم حميد) العودة إلى معسكراتهم والإقامة فيها.
    وقيل إنّ العكوك (2) قد مدح حميد بن عبد الحميد ، بعد ما مدح أبي دلف ، فقال له حميد :
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 572.
    (2) العكوك : هو الشاعر عليّ بن جبلة الضرير المعروف بالعكوك.

    وما عساك أن تقول فينا؟ بعد أن قلت لأبي دلف (1) :
    إنّما الدنيا أبو دلف
    بين مغزاه ومحتضره

    فقال له العكوك : أصلح الله الأمير ، قد قلت فيك ما هو أحسن من هذا ، فقال (2):
    إنّما الدنيا حميد
    وأياديه الجسام

    فإذا ولّى حميد
    فعلى الدنيا السلام

    وقال العكوك يمدح حميد أيضا :
    دجلة تسقي وأبو (3) غانم
    يطعم من تسقي من الناس

    والناس جسم وإمام (4) الهدى
    رأس وأنت العين والراس (5)

    وقال العكوك لحميد بن عبد الحميد : إنّي مدحت المأمون بشعر لم أمدح مثله قط فاذكرني عند المأمون ، فذهب حميد إلى المأمون ، وقال له ما قال العكوك ، فقال له المأمون : لقد قال العكوك في أبي دلف ، وقال فيك أيضا ، فإذا كان ما قاله فيّ أحسن مما قاله فيكما كافأناه ، وإن كان أقلّ عاقبناه. فذهب حميد إلى العكوك ، وأخبره بما قال المأمون ، فسكت العكوك.
    وقيل إنّ العكوك قد قال في مدح حميد (6) :
    لو لا حميد لم يكن
    حسب يعدو ولا نسب

    يا واحد العرب الّذي
    عزّت بعزته العرب

    وقال أبو جعفر المنصور يوما لقادته : (صدق من قال : جوّع كلبك
    __________________
    (1) حسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج 4 / 256.
    (2) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 5 / 123 وحسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج 4 / 256.
    (3) أبو غانم : كنية حميد.
    (4) إمام الهدى : الخليفة المأمون.
    (5) الماوردي ـ نصيحة الملوك. ص 77.
    (6) تاريخ الطبري. ج 8 / 656.

    يتبعك) فقال له حميد الطوسي : (لكن إذا لوّح له برغيف يتركك) (1).
    وغضب هارون الرشيد مرة على حميد ، فدعا له بالسيف ، فلما رآه بكى ، فقال له الرشيد : وما يبكيك؟ قال حميد : (والله يا أمير المؤمنين ، ما أفزع من الموت ، لأنّه لابدّ منه ، وإنّما بكيت أسفا على خروجي من الدنيا وأنت ساخط عليّ) فضحك الرشيد وقال : (إنّ الكريم إذا خادعته انخدعا) (2).
    مات حميد الطوسي في يوم عيد الفطر من سنة (210) للهجرة ، وحينما جاء أصحابه ليشيعوه ، فوقفوا أمام قصره ، ينتظرون إخراج جنازته وإذا بجاريته (عذل) تطل عليهم من القصر وأنشأت تقول (3) :
    من كان أصبح هذا اليوم مغتبطا
    فما غبطنا والله محمود

    أو كان منتظرا للفطر سيده
    فإن سيدنا في اللحد ملحود

    وقال عليّ بن جبلة (العكوك) يرثي حميد بقصيدة طويلة نقتطف منها (4) :
    وكيف التقى مثوى من الأرض ضيق
    على جبل كانت به الأرض تمنع

    هوى جميل الدنيا المنيع وغيثها
    المريع وحامي الكمي المشيع

    وسيف أمير المؤمنين ورمحه
    ومفتاح باب الخطب والخطب أمضع

    ألم تر أنّ الشمس حال ضياؤها
    عليه وأضحى لونها وهو أسفع

    وأوحشت الدنيا وأودى بهاؤها
    وأجدب مرعاها الّذي كان يمرع

    وقد كانت به الدنيا مطمئنة
    فقد جعلت أوتادها تتقلع

    __________________
    (1) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج 7 / 45.
    (2) المصدر السابق. ج 7 / 122.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 609 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 220 والماوردي ـ نصيحة الملوك. ص 77.
    (4) الترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1230.

    50 ـ العبّاس بن موسى بن جعفر :
    هو : العبّاس بن الإمام موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (1). وله خمسة أولادهم : أحمد ومحمّد والقاسم وموسى وجعفر (2).
    ولّاه حميد بن عبد الحميد الطوسي إمارة الكوفة سنة (201) للهجرة وقيل سنة (202) للهجرة ، وأمره أن يلبس الخضرة وأن يدعو للمأمون بالخلافة ومن بعده لأخيه عليّ بن موسى الرضا (3) ، ثمّ قال له : (قاتل عن أخيك ، قاتل عسكر إبراهيم بن المهدي ، فإنّ أهل الكوفة شيعتكم وأنا معكم). ثمّ أعطاه مائة ألف درهم ، ثمّ خرج حميد من الكوفة وترك فيها العبّاس بن موسى بن جعفر. فأخذ العبّاس يدعو لأخيه الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام بالخلافة من بعد المأمون ، فتبعه بعضهم ، وقال له البعض الآخر : إنّ كنت تدعو لأخيك ، فنحن معك ، وأما المأمون فلا حاجة لنا فيه ، فقال العبّاس : بل أدعو للمأمون ، ومن بعده لأخي ، فتركوه (4).
    ثمّ أرسل إبراهيم بن المهدي إلى الكوفة سعيد بن الساجور وأبا البط لمحاربة العبّاس بن موسى ، ولمّا وصلا إلى قرية (شاهي) القريبة من الكوفة أرسل اليهم العبّاس ابن عمّه عليّ بن محمّد بن جعفر ، وأرسل معه جماعة من أهل الكوفة ، كان منهم : أخو أبي السرايا ، فاقتتلوا ساعة انهزم بعدها عليّ بن محمّد وأهل الكوفة ، فجاء سعيد بن الساجور وأصحابه إلى
    __________________
    (1) ابن عنبة ـ عمدة الطالب. ص 197.
    (2) ابن حزم ـ جمهرة أنساب العرب. ص 64.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 559 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344 والذهبي ـ التاريخ الإسلامي. ج 7 / 14 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.
    (4) الطبري ج 8 / 561 والكامل ج 6 / 344.

    (الحيرة) فوصلوها في الثاني من شهر رجب سنة (202) للهجرة ، ثمّ تقدموا وقاتلوا أهل الكوفة ، واستمر القتال إلى الليل ، وكان شعار سعيد : (يا إبراهيم يا منصور ، لا طاعة للمأمون) وكان عليهم السواد ، أما أهل الكوفة فكانت عليهم الخضرة (1). وكان كلّ فريق من المتحاربين إذا استولى على شيء أحرقوه.
    فلما رأى رؤساء وزعماء أهل الكوفة ما حلّ بهم من الدمار والخراب ، ذهبوا إلى سعيد بن الساجور ، فطلبوا منه الأمان (للعباس) ولأصحابه ، على أنّ يخرج العبّاس من الكوفة فوافق على ذلك. ثمّ ذهبوا إلى العبّاس بن موسى ، وقالوا له : إن أكثرية من معك هم غوغاء ، وإنّك لترى ما حلّ بنا من الحرق والنهب والقتل ، فاخرج من الكوفة فلا حاجة لنا فيك ، فوافق على طلبهم. ثمّ شغب أصحاب العبّاس على من بقي من أصحاب سعيد بن الساجور وقاتلوهم ، فانهزم أصحاب سعيد إلى الخندق (2) ، ونهب أصحاب العبّاس دور عيسى بن موسى العباسي ، وأحرقوا وقتلوا من ظفروا به.
    فأرسل العباسيون الموجودون في الكوفة إلى سعيد بن الساجور ، وهو في (الحيرة) يخبرونه بأن العبّاس بن موسى قد نقض الأمان ، فجاء سعيد ودخل الكوفة (ليلا) فقتل من وجده ممّن نهب ، ثمّ أحرق كلّ ما نهبوه ، ثمّ بقي في الكوفة طوال الليل ، فذهب إليه رؤساء الكوفة وقالوا له : إن ما حدث هو عمل الغوغاء ، وإنّ العبّاس لم يرجع عن الأمان ، فرجع سعيد إلى الحيرة.
    وفي الصباح دخل سعيد إلى الكوفة ومعه أبو البطّ ، ونادوا بالأمان ولم يتعرضوا لأحد ، ثمّ عينوا على الكوفة الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي (3).
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 343.
    (2) الخندق : خندق الكوفة.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344.

    51 ـ هارون بن محمّد :
    وهو : هارون بن محمّد بن أبي خالد الهندوان ، أرسله أبوه (محمّد) إلى (النيّل) (1) وكان فيها آنذاك سعيد بن الساجور الكوفي ، فانهزم ابن الساجور إلى الكوفة ، فتبعه هارون ودخل الكوفة واستولى عليها ، كان ذلك سنة (201) (2) للهجرة.
    ثمّ رجع هارون إلى أبيه في (دير العاقول) لينظم إلى جيش عيسى بن يزيد الجلودي ومحمّد بن جعفر ، ليذهبوا سوية إلى واسط لمحاربة الحسن بن سهل ، فحصلت هناك معركة بين الطرفين أسفرت عن هزيمة ابن أبي خالد شرّ هزيمة ، وقد أصيب بجراحات كثيرة ، مات على أثر تلك الجراحات.
    فقال الشاعر أبو الشداخ يرثي محمّد بن أبي خالد (3) :
    هوى خيل الأبناء بعد محمّد
    وأصبح منها كاهل العزّ أخصما

    فلا تشمتوا يا آل سهل بموته
    فإنّ لكم يوما من الدهر مصرعا

    ثمّ عاد هارون إلى (النيّل) بعد هزيمته في واسط ، فتبعه حميد بن عبد الحميد الطوسي وأصحابه إلى (النيّل) فنهبوها.
    وقيل إنّ إبراهيم بن المهدي قد ضرب عيسى بن محمّد بن أبي خالد ، ثمّ حبسه ، وسبب ذلك أن عيسى كان يكاتب (سرا) حميد بن عبد الحميد والحسن بن سهل ، وقيل إنّ الّذي أخبر إبراهيم بن المهدي هو أخوه هارون (4).
    __________________
    (1) النيّل : قرية في سواد الكوفة قرب الحلة.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 547 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 322.
    (3) تاريخ الطبري. ج 8 / 550.
    (4) المصدر السابق. ج 8 / 569.

    وفي سنة (214) للهجرة ، ثار بلال الضبابي الشاري ، فأرسل المأمون إليه أبنه (العبّاس) وبعض القادة كان منهم هارون بن محمّد بن أبي خالد ، فقتل بلالا ، قتله هارون (1).
    52 ـ سعيد بن الساجور وأبو البط :
    وسعيد بن الساجور الكوفي ، وأبو البطّ : هما قائدان في جيش حميد بن عبد الحميد الطوسي التابع للحسن بن سهل (وزير المأمون في العراق) وكانا مقيمين مع حميد في قصر ابن هبيرة ، وكانا يراسلان إبراهيم (2) بن المهدي (سرا) ليأخذا له قصر ابن هبيرة ، وكانا في نفس الوقت يراسلان الحسن بن سهل ، ويخبرانه : بأن حميد يراسل إبراهيم بن المهدي (سرا) ، فكتب الحسن بن سهل إلى حميد يستدعيه ، ولكنه لم يذهب إليه ، خوفا من أن يستولي سعيد بن الساجور وجماعته على معسكره ، ولكن بعد إلحاح من الحسن بن سهل ذهب حميد إليه (3).
    وعندها كتب سعيد بن الساجور وأبو البطّ إلى إبراهيم بن المهدي ، يطلبان منه أن يرسل اليهما (عيسى بن محمّد بن أبي خالد) ليسلّماه قصر ابن هبيرة ، ولمّا وصل عيسى إلى هناك انهزم أصحاب حميد ، فهجم سعيد بن الساجور وأبو البطّ والفضل بن محمّد بن الصباح الكندي على معسكر حميد ، فنهبوا جميع ما فيه وذلك سنة (201) (4) للهجرة.
    فلما سمع الحسن بن سهل بذلك ، وحميد بن عبد الحميد عنده ، قال له
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 622.
    (2) إبراهيم بن المهدي : بايعه أهل بغداد خليفة لهم ، وخلعوا المأمون.
    (3) وكان الحسن بن سهل في واسط حينذاك.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 342.

    حميد : ألم أعلمك بذلك ، ولكنك خدعت؟ (1)
    ثمّ ذهب سعيد بن الساجور (والقادة الذين معه) إلى الكوفة ، فنزلوا في (الحيرة) فلقيهم أبو عبد الله (أخو أبي السرايا) وعليّ بن محمّد بن جعفر (العلوي) ومعهم جماعة آخرين أرسلهم العبّاس بن موسى بن جعفر ، فكانت معارك ضارية بينهم ، وكانت كلّ جماعة حينما تهجم على الأخرى ، تحرق كلّ شيء تجده ، فلمّا رأى أهل الكوفة ذلك ذهبوا إلى سعيد بن الساجور ، وطلبوا منه الأمان للعباس بن موسى بن جعفر على أن يخرج من الكوفة ، فوافق سعيد على ذلك (2) ، ثمّ ذهبوا إلى العبّاس بن موسى وقالوا له : بأنّ أكثر الذين معه هم من الغوغاء ، وقد كثر القتل والسلب والحرق ، لذا يطلبون منه ترك الكوفة ، مع إعطائه الأمان له ولأصحابه فوافق العبّاس أيضا.
    وفي الخامس من شهر رجب من سنة (202) (3) للهجرة ، دخل سعيد ابن الساجور وأبو البط إلى الكوفة (بعد أن تركها العبّاس بن موسى بن جعفر) فنادى المنادي : (أمن الأبيض (4) والأسود) (5) ولم يتعرضوا لأحد بسوء.
    وقيل إنّ سعيدا وأبا البطّ ، دخلا الكوفة سنة (201) (6) للهجرة. ثمّ جعلوا على الكوفة (الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي) أميرا عليها.
    وكتب إليهم إبراهيم بن المهدي (الخليفة في بغداد) يأمرهم بالذهاب
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 559.
    (2) المصدر السابق. ج 8 / 561.
    (3) نفس المصدر السابق وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344.
    (4) الأبيض : كان شعار أبي عبد الله (أخو أبي السرايا) عند ما ثار بالكوفة.
    (5) الأسود : شعار العباسيين.
    (6) تاريخ الطبري. ج 8 / 547.

    إلى واسط لمحاربة الحسن بن سهل ، وكتب إلى سعيد بن الساجور ، أن يعزل الفضل بن الصباح الكندي عن الكوفة ويولّيها غيره ، ذلك لأن الفضل بن الصباح هو من أهل الكوفة ، ويميل إلى أهله.
    عندها عزل الكندي وولوها (غسان بن أبي الفرج) ثمّ إنّ غسّان هذا قتل أبا عبد الله أخا أبي السرايا) فعزلوه عن الكوفة ، وولوها إلى (الهول) ابن أخي سعيد بن الساجور (1).
    ثمّ وصل عيسى بن محمّد بن أبي خالد ونعيم بن خازم قريبا من واسط ، ثمّ لحق بهم سعيد بن الساجور وأبو البطّ ، واستعدوا لقتال أصحاب الحسن بن سهل (المتحصنين في مدينة واسط) فحدثت معركة بين الطرفين ، انهزم فيها عيسى بن محمّد بن أبي خالد وأصحابه ، واستولى أصحاب الحسن بن سهل على جميع ما في عسكره من سلاح ، ودواب ، وغير ذلك.
    53 ـ الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي :
    وهو أحد القادة في معسكر حميد بن عبد الحميد الطوسي ، وقد حدثت خلافات بينه وبين حميد بن عبد الحميد ، فاتفق مع القادة (2) الآخرين على مكاتبة إبراهيم بن المهدي (سرا) بأنّهم على استعداد لتسليمهم له قصر ابن هبيرة (3). وكتبوا في نفس الوقت إلى الحسن بن سهل ، يخبرونه بأن حميد يكاتب إبراهيم بن المهدي (سرا) (4) وأنه على اتصال دائم
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 344.
    (2) القادة هم : (1) سعيد بن الساجور ، (2) أبو البط ، (3) غسان بن أبي الفرج ، (4) الفضل بن محمد بن الصباح الكندي وغيرهم.
    (3) كان مقر جيش حميد بن عبد الحميد فيه.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 342.

    معه.
    وعند ما ذهب حميد إلى الحسن بن سهل ، كتب الفضل بن محمّد بن الصباح والقادة الآخرون إلى إبراهيم بن المهدي لإرسال أحد قادته للاستيلاء على قصر ابن هبيرة ، ثمّ هجموا على معسكر حميد ، فنهبوا كلّ ما فيه ، كان ذلك سنة (201) (1) للهجرة.
    وفي الخامس من شهر رجب من سنة (202) (2) للهجرة دخل سعيد ابن الساجور وأبو البط إلى الكوفة (بعد أن تركها العبّاس بن موسى بن جعفر). وقيل دخلا الكوفة سنة (201) للهجرة (3).
    ثمّ كتب إبراهيم بن المهدي إلى القادة المذكورين ، يأمرهم بالذهاب إلى واسط لمحاربة الحسن بن سهل ، وكتب إلى سعيد بن الساجور أن يعزل الفضل بن الصباح عن الكوفة ، ويولّيها غيره ، وذلك لأن الفضل بن الصباح هو من أهل الكوفة ، وأنه يميل إليهم ، عندها عزل الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي ، وولّوها (غسان بن أبي الفرج) (4).
    54 ـ غسان بن أبي الفرج : (5)
    ولّاه سعيد بن الساجور وأبو البط إمارة الكوفة سنة (201) للهجرة ، وذلك بعد عزل أميرها السابق (الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي) ، ثمّ عزلوه لأنه قتل (أبا عبد الله) أخا أبي السرايا وجعلوا مكانه (الهول) ابن أخي
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 559 و561 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 342.
    (2) تاريخ الطبري. ج 8 / 561.
    (3) المصدر السابق. ج 8 / 547.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل فى التاريخ. ج 7 / 344 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 234.
    (5) وقد تكلمنا عنه في ص 597.

    سعيد بن الساجور (1).
    55 ـ الهول ـ ابن أخي سعيد بن الساجور :
    ولّاه سعيد بن الساجور وأبو البط إمارة الكوفة سنة (202) (2) للهجرة بعد عزل أميرها السابق (غسان بن أبي الفرج).
    وبقي (الهول) أميرا على الكوفة إلى أن دخلها حميد بن عبد الحميد الطوسي فهرب عنها في نفس السنة.
    وقال الشاعر يمدح الهول (3) :
    إذا سألت الندى عن كلّ مكرمة
    لم تلق نسبتها إلّا إلى الهول

    لو زاحم الشمس ألفى الشمس مظلمة
    أو زاحم الصّمّ (4) ألجاها إلى الميل

    أمضى من الدهر إن نابته نائبة
    وعند أعدائه أمضى من السيل

    54 ـ إبراهيم بن المهدي :
    هو : إبراهيم بن الخليفة (المهدي) بن أبي جعفر المنصور ، وأخو هارون الرشيد ، وكنيته : أبو إسحاق.
    وأمّه (شكلة) وهي موّلدة ، وكان أبوها من أصحاب المازيار يقال له (شاه أفرند) وسبيت (شكلة) وجيء بها إلى المنصور ، فأعطاها إلى (محيّاة) أم ولده ، فربتها وأرسلتها إلى الطائف ، وبقيت هناك إلى أن كبرت ، ثمّ أعيدت ، فرآها (المهدي) فطلبها من (محيّاة) فأعطته إيّاها فولدت له
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 8 / 534 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 234.
    (2) الطبري. ج 8 / 561 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 344 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 234.
    (3) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 1 / 321.
    (4) الصّم : الجبال.

    إبراهيم (1).
    بويع إبراهيم بن المهدي في بغداد بالخلافة ، وخلع المأمون ، وذلك يوم الجمعة في الخامس من شهر محرم من سنة (202) للهجرة ، ولقب (بالمبارك) ثمّ استولى على الكوفة وعلى السواد كلّه ، وعسكر في المدائن ، وولّى العبّاس ابن موسى الهادي على الجانب الغربي من بغداد ، وولّى أخاه إسحاق بن موسى على الجانب الشرقي منها (2).
    ثمّ رجع إبراهيم بن المهدي إلى بغداد ، وأقام فيها ، وكان الحسن بن سهل يقيم في واسط (خليفة) المأمون فيها ، والمأمون في خراسان.
    وبقي إبراهيم المهدي مقيما في بغداد ، ويدعى (أمير المؤمنين) ويخطب على المنابر ثمّ جرت حروب بين أصحاب إبراهيم وأصحاب المأمون ، وكان شعار أصحاب إبراهيم (السواد) وشعار أصحاب المأمون (الخضرة) واستمر القتال بينهما إلى أواخر سنة (202) (3) للهجرة.
    ولمّا علم المأمون بما أصاب وبما وصلت إليه الحال في بغداد من الاضطراب ، وتغيير الأوضاع ، ذهب إلى بغداد (بعد أن أوعز بقتل الفضل بن سهل) ثمّ بعد ذلك حدثت وفاة الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام (4).
    ولمّا وصل المأمون إلى بغداد ، اختفى إبراهيم بن المهدي مدّة ستّ سنين وأربعة أشهر وعشرة أيّام ، وقيل إنّه اختفى عند أخته (علية) (5) بنت المهدي ،
    __________________
    (1) النويري ـ نهاية الأرب. ج 4 / 205.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 105 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 340 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 7 / 14 ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 234 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 116.
    (3) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 248.
    (4) محمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج 1 / 182 و183.
    (5) علية : هي بنت الخليفة المهدي ، وأخت الخليفة هارون الرشيد ، وكانت تجيد الغناء والشعر كأخيها ـ إبراهيم ، وقد تزوجت من موسى بن عيسى بن محمّد ، ومن شعرها :
    أوقعت قلبي في الهوى
    ونجوت منه سالمه

    وبدأتني بالوصل ثمّ
    قطعت وصلي ظالمه



    وقد جعلت له جارية تخدمه أسمها (ملك) وكانت تلك الجارية : جميلة ، وحاذقة ، وراوية للشعر ، فأحبّها إبراهيم حبّا شديدا ، ولكنّه لم يتمكن من طلبها من أخته ، وقد اشتدّ حبّه لتلك الجارية ، فأخذ عوده (1) ذات يوم وغنى ، وكانت (ملك) واقفة أمامه ، فقال (2) :
    يا غزالا لي إليه
    شافع من مقلتيه

    والّذي أجللت خدي
    ه فقبلت يديه

    بأبي وجهك ما أكث
    ر حسادي عليه

    أنا ضيف وجزاء الضي
    ف إحسان إليه

    فذهبت الجارية إلى أخته (علية) وأخبرتها بحال إبراهيم ، فقالت لها علية : (إذهبي فقد وهبتك له). ولمّا عادت الجارية إلى إبراهيم أعاد عليها الشعر مرّة ثانية ، فأخذت الجارية تقبل رأسه ، فمنعها إبراهيم. فقالت له : إن مولاتي قد وهبتني إليك.
    ثمّ ألقي القبض على إبراهيم بن المهدي بزيّ امرأة ، وجيء به إلى المأمون ، فسلّم عليه وقال : (يا أمير المؤمنين ، ولي الثأر ، محكم في القصاص ، والعفو أقرب إلى التقوى ، ومن مدّ له في الأناة ، حسن عنده الذنب ، وقد جعلك الله فوق كلّ ذنب كما جعل كلّ ذي ذنب دونك ، فإن عاقبت فبحقك ، وإن عفوت فبفضلك) (3).
    __________________
    (1) العود : آلة موسيقية.
    (2) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 3 / 108 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 11 / 90.
    (3) الآبي ـ نثر الدر. ج 3 / 145 وأحمد شلبي ـ موسوعة التاريخ الإسلامي. ج 2 / 69.

    فقال له المأمون : (يا إبراهيم ، إنّي قد شاورت العبّاس (1) وأبا إسحاق أخي في أمرك ، فأشارا عليّ بقتلك ، إلّا إنّني وجدت قدرك فوق ذنبك ، فكرهت القتل للازم حرمتك) فعفا عنه. ولمّا عفا عنه المأمون قال إبراهيم (2) :
    رددت مالي ولم تمنن عليّ به
    وقبل ردّك مالي قد حقنت ودمي

    وقيل أيضا : عند ما ألقي القبض على إبراهيم بن المهدي سنة (210) (3) للهجرة ، بزيّ امرأة جيء به إلى المأمون ، فسلّم على المأمون فقال له المأمون : (لا سلّم الله عليك ولا حيّاك الله ، ولا رعاك) ، فقال إبراهيم (4) :
    ذنبي إليك عظيم
    وأنت أعظم منه

    فخذ بحقّك أولا
    فاصفح بحلمك عنه

    إن لم يكن في فعالي
    من الكرام فكنه

    فرقّ المأمون لحاله ، وطلب من جلسائه ، أن يشيروا عليه بأمر إبراهيم ، فكلّهم أشار عليه بقتله
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:18 am

    إلّا أحمد بن خالد فقد قال له : (يا أمير المؤمنين ، إن تقتله فقد وجدنا مثلك ، قتل مثله ، وإن عفوت عنه ، لم نجد مثلك ، عفا عنه) ، فطأطأ المأمون رأسه ، ثمّ قال :
    قومي هم قتلوا أميم أخي
    فإذا رميت يصيبني سهمي

    ثمّ مدحه إبراهيم بقصيدة طويلة نقتبس منها الأبيات التالية (5) :
    يا خير من ذملت يمانيه به
    بعد الرسول لآيس أو طامع

    __________________
    (1) العبّاس : ابن المأمون.
    (2) أحمد زكي صفوت ـ جمهرة خطب العرب. ج 3 / 127.
    (3) محمد الخضري بيك ـ محاضرات التاريخ الإسلامي. ج 1 / 191.
    (4) أبي إسحاق الحصري ـ زهر الآداب. ج 2 / 441 وأحمد زكي صفوت ـ جمهرة خطب العرب. ج 3 / 126 وحسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج 6 / 635.
    (5) محمّد خضري بيك ـ محاضرات التاريخ الإسلامي. ج 1 / 191.


    وأبر من عبد الإله على التقى
    عينا وأقوله بحق صادع

    ومنها :
    نفسي فداؤك أن تضل معاذري
    وألوذ منك بفضل حلم واسع

    أملا لفضلك والفواضل شيمة
    رفعت بناءك بالمحل اليافع

    ومنها :
    لم أدر أنّ لمثل جرمي غافرا
    فوقفت أنظر أيّ حتف صارعي

    ردّ الحياة عليّ بعد ذهابها
    ورع الإمام القادر المتواضع

    أحياك من ولّاك أطول مدّة
    ورمى عدوك بالوتين بقاطع

    فقال المأمون ، أقول كما قال يوسف لأخوته : (لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) (1).
    وقيل إنّ إبراهيم بن المهدي ، أهدى جارية إلى المأمون ، ومعها عود وبيتين من الشعر (2) :
    عفوت وكان العفو منك سجيّة
    كما كان معقودا بمفرقك الملك

    فإن أنت أتممت الرضا فهو المنى
    وإن أنت جازيت المسيء فذا الهلك

    فقال المأمون : (خرف الشيخ) ، ثمّ ردّ الجارية ولم يقبلها ، فاغتمّ إبراهيم كثيرا ، ثمّ كتب إلى المأمون مع الجارية :
    لا والّذي تسجد الجباه له
    ما لي بما دون ثوبها خبر

    ولا بغيها ولا همت بها
    ما كان إلّا الحديث والنظر

    فقبلها المأمون.
    وكتب إبراهيم بن المهدي إلى طاهر بن الحسين : (زادك الله للحقّ قضاء ، وللشكر أداء ، بلغني رسول عنك ، ما لم أزل أعرفه منك ، والله يمتعني
    __________________
    (1) سورة يوسف ـ الآية : 92.
    (2) حسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج 9 / 242.

    بك ، ويحسن في ذلك جزاؤك ، ومع ذلك فإنّي علمتك الشوق ، لأنّي ذكرته لك ، فهيجته منك والسلام) (1).
    وسأل إبراهيم ذات يوم عن رجل ، فقيل له : يساوي فلسين. فقال إبراهيم : (زدت من قيمته درهمين) (2).
    وذهب إبراهيم بن المهدي إلى يحيى بن خالد البرمكي ، ولكنه لم يسمح له بالدخول عليه ، فقال إبراهيم (3) :
    إنّي أتيتك للسلام ولم
    أنقل إليك لحاجة رجلي

    فحجبت دونك مرتين وقد
    تشتدّ واحدة على مثلي

    وعند ما سمع إبراهيم بن المهدي بأنّ (المأمون) قد بايع للإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام بالخلافة من بعده ، قال : (4)
    فلا جزيت بني العبّاس خيرا
    على رغمي ولا اغتبطت بريّ

    أتوني مهطعين وقد أتاهم
    بور الدهر بالخبر الجليّ

    وحلّ عصائب الأملاك منها
    وشدت في رؤوس بني عليّ

    فضجت أن تشد على رؤوس
    تطالبها بميراث النبيّ

    ومات لإبراهيم ولد ، فقال يرثيه (5) :
    وإنّي وإن قد مت قبلي لعالم
    بأنّي وإن أبطأت عنك قريب

    وإن صباحا نلتقي في مساءه
    صباح إلى قلبي الغداة حبيب

    وفي سنة (223) للهجرة ، هجم (توفيل بن ميخائيل) ملك الروم ، على
    __________________
    (1) الآبي ـ نثر الدر. ج 3 / 144.
    (2) نفس المصدر السابق. ج 3 / 143.
    (3) القرطبي ـ بهجة المجالس. ج 1 / 270.
    (4) الكندي ـ ولاة مصر. ص 192.
    (5) يحيى شامي ـ موسوعة شعراء العرب. ص 11.

    مدينة (زبطرة) في خلافة (المعتصم) ففتحها ، وقتل الصغير والكبير ، وسبي النساء ، ثمّ هجم مرّة ثانية على مدينة (ملطية) فضج الناس في الأقاليم والأمصار ، واستغاثوا في المساجد ، فدخل إبراهيم بن المهدي على الخليفة (المعتصم) وأنشده قصيدة طويلة ، نقتطف منها (1) :
    يا غيرة الله قد عاينت فانتقمي
    تلك النساء وما منهن يرتكب

    هبّ الرجال على إجرامها قتلت
    ما بال أطفالها بالذبح تنتهب؟!

    وكان إبراهيم بن المهدي جالسا في قصر الخليفة (المعتصم) وكان بجانبه العبّاس بن المأمون ، فشاهد العبّاس خاتما من الياقوت الأحمر ، الغالي الثمن في يد إبراهيم فقال له العبّاس : هل الخاتم هذا لك يا عم؟
    فأجابه إبراهيم : نعم ، هذا الخاتم كنت قد رهنته في خلافة أبيك ، وقد فككت رهانه في خلافة أمير المؤمنين رعاه الله. فقال له العبّاس : (أنت لم تشكر أبي على حقنه لدمك ، ولم تشكر عمّي على فكاك رهان خاتمك) (2).
    وعند ما خلع العباسيون (المأمون) في بغداد ، وبايعوا لإبراهيم بن المهدي بالخلافة قال دعبل الخزاعي (3) :
    نفر ابن (شكلة) (4) بالعراق وأهله
    فهفا إليه كلّ أطيش مائق (5)

    أنّى يكون ، وليس ذاك بكائن
    يرث الخلافة فاسق عن فاسق

    إن كان إبراهيم مضطلعا بها
    فلتصلحن ، من بعده لمخارق (6)

    __________________
    (1) الحميري ـ الروض المعطار. ص 285.
    (2) الآبي ـ نثر الدر. ج 2 / 194.
    (3) بطرس البستاني ـ منتقيات أدباء العرب. ص 81.
    (4) شكلة : جارية سوداء ، وهي أم إبراهيم بن المهدي.
    (5) المائق : الأحمق.
    (6) مخارق : أحد المغنين في صدر الدولة العباسيّة.


    ولتصلحن ، من بعد ذلك لزلزل (1)
    ولتصلحن ، من بعده للمارق (2)

    وكان إبراهيم بن المهدي يمش مع المغنين إذا خرجوا من عند المأمون ليلا ، وكان المأمون يبين للناس ، بأنّ إبراهيم قد خلع الخلافة من عنقه ، وأنه تهتك ، فلا يصلح لها (3).
    وروي عن (عريب) (4) أنّها قالت : (أحسن يوم رأيته في حياتي ، هو يوم اجتمعت فيه مع إبراهيم بن المهدي عند أخته (عليّة) وعندها أخوها يعقوب ، وهو أمهر الناس بالتزمير ، وقد غنت (عليّة) من شعرها (5) :
    تحبب فإنّ الحبّ داعية الحبّ
    وكم من بعيد الدار مستوجب القرب

    تبصر فإن حدّثت أنّ أخا هوى
    نجا سالما فارج النجاة من الحبّ

    إذا لم يكن في الحبّ سخط ولا رضا
    فأين حلاوات الرسائل والكتب

    وغنى إبراهيم فقال (6) :
    لم ينسيك سرور ولا حزن
    وكيف لا ، كيف ينسى وجهك الحسن

    ولا خلا منك قلبي لا ولا جسدي
    كلّي بكلك مشغول ومرتهن

    وقال إبراهيم : ما خجلت في حياتي قط ، مثلما خجلت مع أختي (عليّة) ، ذلك أنّي ذهبت إليها ذات يوم زائرا ، فقلت لها : (كيف أنت يا أختي ،
    __________________
    (1) زلزل : مغني مشهور بضربه على العود.
    (2) المارق : هو زرزور غلام عليّ الحارثي ، وهو مغني أيضا ، وزلزل ومخارق هما من معاصري إبراهيم بن المهدي.
    (3) النويري ـ نهاية الأرب. ج 2 / 206.
    (4) عريب : قيل إنّها ابنة جعفر بن يحيى البرمكي ، وهي شاعرة مبدعة ، ومغنية بارعة ، وجميلة جدا ، ولها معرفة بالأنغام والأوتار الموسيقية ، وتجيد العزف على العود ، وماهرة بلعب الشطرنج ، وقد جالست وغنت أمام كثير من الخلفاء والوزراء والأمراء ، فكانت عند الأمين ، ومن بعده اشتراها المأمون بخمسين ألف درهم ، ولمّا مات المأمون بيعت عريب بمائة ألف درهم ، اشتراها المعتصم.
    (5) النويري ـ نهاية الأرب. ج 4 / 215 وعمر رضا كحالة ـ أعلام النساء. ج 3 / 341.
    (6) عمر رضا كحالة ـ أعلام النساء. ج 3 / 341.

    جعلت فداك ، وكيف حالك وجسمك)؟ فقالت : بحمد الله بخير. وكانت بجانبها جارية لها فنظرت إليها ، فإذا هي في غاية الحسن والجمال ، فأعجبتني كثيرا ، وطال جلوسي .. ثمّ استحييت من (عليّة) وقلت لها : (وكيف أنت يا أختي ..) فرفعت رأسها وقالت : (أليس هذا قد مضى مرّة ، وقد أجبنا عنه) (1).
    ومن شعر إبراهيم بن المهدي أنّه قال (2) :
    قد شاب رأسي ورأس الحرص لم يشب
    إنّ الحريص على الدنيا لفي تعب

    قد ينبغي لي مع ما حزت من أدب
    أن لا أخوض في أمر ينقص بي

    لو كان يصدقني دهري بفكرته
    ما اشتدّ غمّي على الدنيا ولا نصبي

    أسعى وأجهد فيما لست أدركه
    والموت يكدح في زندي وفي عصبي

    بالله ربّك كم بيت مررت به
    قد كان يغمر باللّذات والطرب

    طارت عباب المنايا في جوانبه
    فصارت بعدها للويل والحرب

    فامسك عنانك لا تجمع به طلع
    فلا وعينك ما الأرزاق بالطلب

    قد يرزق العبد لم يتعب رواحله
    ويحرم الرزق من لم يوف في طلب

    مع أنّني واجد في الناس واحدة
    الرزق والنوّل مقرونات في سبب

    وخطة ليس فيها من بيان غنى
    الرزق أروع شيء عن ذوي الأدب

    يا ثاقب الفهم كم أبصرت ذا حمق
    الرزق أعرى به من لازم الجرب

    وكان إبراهيم بن المهدي يقول : إنّما أصنع تطربا ، لا تكسبا ، وأغني لنفسي لا للناس ، وأعمل ما أشتهي. وأيضا قال : (لو أنّي أرفع نفسي من هذه (الصناعة) (3) ، لأظهرت منها ما يعلم الناس معه أنّهم لم يروا مثلي
    __________________
    (1) عمر رضا كحالة ـ أعلام النساء. ج 3 / 341.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 11 / 90.
    (3) الصناعة : الغناء والشعر.

    قبلي).
    مات إبراهيم بن المهدي في سامراء في شهر رمضان من سنة (224) (1) للهجرة وصلى عليه المعتصم وكان عمره (62) سنة.
    57 ـ أبو عيسى بن هارون الرشيد :
    هو : (محمّد) وقيل (أحمد) وقيل (صالح) (2) بن الخليفة هارون الرشيد ، وقد غلبت كنيته على أسمه ، وأمّه أمّ ولد (أي غير عربية).
    وكان أبو عيسى جميل الصورة والمظهر ، مثل جمال أبيه هارون الرشيد ، وكان يقال : (انتهى جمال الرشيد إلى أبنيه (الأمين وأبي عيسى).
    وعند ما كان أبو عيسى صغيرا ، قال له أبوه (الرشيد) : (ليت جمالك لعبد الله) (3).
    فأجابه أبو عيسى : (على أنّ حظّه منك لي).
    فتعجب الرشيد من جوابه على صغره.
    وكان أبو عيسى ، كثير المجالسة والعشرة ، وكان شاعرا ، وماهرا بالغناء (4).
    ولّاه أخوه المأمون إمارة الكوفة سنة (204) (5) للهجرة ، وولى أخاه
    __________________
    (1) الآبي ـ نثر الدر. ج 3 / 143 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 11 / 91 وابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 508 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1271 والزركلي ـ الأعلام. ج 1 / 60.
    (2) والّذي أرجحه بأن اسمه هو (محمّد) لأن أكثر المؤرخين قد ذكروا ذلك وأنه أمير الكوفة وليس البصرة.
    (3) عبد الله : المأمون.
    (4) الزركلي ـ الأعلام. ج 1 / 265 وحسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج 7 / 212.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 358 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 14 / 18 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 10 / 251 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 253 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 175 والترمانيني ـ أحداث التاريخ الإسلامي. ج 2 / 1171 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.

    صالح إمارة البصرة في نفس السنة.
    وكانت (عريب) (1) تحبّه كثيرا وتقول : (إنّها ما عشقت أحدا من بني هاشم (2) ، وأصفته من الخلفاء وأولادهم سوى أبا عيسى) (3). ثمّ تزوجت عريب من صالح المنذري الخادم (سرا) وكان المتوكّل العباسي قد أرسل صالح المنذري بحاجة إلى مكان بعيد فقالت عريب (4) :
    أما الحبيب فقد مضى
    بالرغم منيّ لا الرضا

    أخطأت في تركي لمن
    لم ألق منه معوّضا

    ولمّا بويع (المأمون) بالخلافة بعد مقتل أخيه (الأمين) ظل عشرين شهرا ، لم يستمع إلى الغناء ، وكان أوّل من غنّى بمجلسه أخوه أبو عيسى ، ثمّ بعد ذلك استمرّ على سماع الغناء (5).
    وبينما كان أبو عيسى وطاهر بن الحسين يتغدّيان (سويّة) عند المأمون ذات يوم أخذ أبو عيسى ورقة (خسّ) فغمسها في الخلّ ، وضرب بها عين طاهر الصحيحة (6) فغضب طاهر وقال : (يا أمير المؤمنين ، إحدى عيني ذاهبة ، والأخرى على يدي عدل ، يفعل هذا بي بين يديك).
    فقال له المأمون : (يا أبا الطيب ، إنّه والله ليعبث بي أكثر من هذا العبث) (7).
    __________________
    (1) عريب : تمت ترجمتها في ص 620.
    (2) بنو هاشم : المقصود بهم العباسيين.
    (3) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 21 / 71.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 6 / 32.
    (6) وكان طاهر أعور العين.
    (7) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 10 / 188.

    وخرج أبو عيسى ذات يوم إلى بستان له ليلهو ، ومعه عبد الله (1) بن العبّاس ومحمّد بن الحارث وجماعة آخرين ، وبعد أن شربوا ، وغنّوا جاءت (عساليج) (2) وبيدها عود ، فغنّت لهم فطربوا ، وأخذ عبد الله بن العبّاس يطيل النظر إليها ، ويثني عليها بعبارات الاستحسان والإعجاب ، فنظر إليه أبو عيسى ، وقال له : أعشقتها يا عبد الله؟
    فقال : لا ، ولكنّني تعجبت من جميل صورتها ، وحسن أخلاقها ، ورجاحة عقلها. ولمّا أكثروا من الشراب ، غلب النبيذ على عبد الله فأخذ يغني :
    نطق السّكر بسري فبدا
    كم يرى المكتوم يخفي لا يضح

    سحر عينيك إذا ما رنتا
    لم يدع ذا صبوة أو يفتضح

    ملكت قلبا فأمسى غلقا
    عندها صبّا بها لم يسترح

    بجمال وغناء حسن
    جلّ عن أن ينتقيه المقترح

    أورث القلب هموما ولقد
    كنت مسرورا بمرآه فرح

    ولكم مغتبق همّا وقد
    بكر اللهو بكور المصطبح

    فالتفت إليه أبو عيسى وقال : فعلتها والله يا عبد الله ، أتنكر عليّ يا عبد الله حبّك لعساليج؟ وقد فضحك السّكر؟ ثمّ قال له : (والله لو كانت لي لوهبتها لك ، ولكنّها لآل يحيى بن معاذ ، والله لو باعوها لاشتريتها لك ، ولو بكل ما أملك) (3).
    وعشق (التيمي) (4) جارية لبعض النخاسين ، فذهب إلى أبي عيسى
    __________________
    (1) عبد الله بن العبّاس : بن الفضل بن الربيع ، شاعر ومغني.
    (2) عساليج : وهي إحدى المغنيات الشهيرات في العصر العباسي.
    (3) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 19 / 239.
    (4) التيمي : هو عبد الله بن أيّوب ، كوفي الأصل ، من شعراء الدولة العباسيّة.

    يشكو حبه وغرامه بتلك الجارية ، وطلب منه ثمنها ، وقد ضمن طلبه ببيتين من الشعر ، فذهب أبو عيسى إلى أخيه المأمون وقال له : (إن التيمي مغرم بجارية ، وكتب اليّ ببيتين يطلب ثمنها. فقال المأمون : وما هما؟ فقال (1) :
    يا أبا عيسى إليك المشتكى
    وأخو الصبر إذا عيل شكا

    ليس لي صبر على فقدانها
    وأعاف المشرب المشتركا

    فأعطاه المأمون ثلاثين ألف درهم ، فاشتراها.
    وكان (أبو حفص) (2) الشطرنجي ينادم أبا عيسى ، ويقول له الشعر ، وكذلك مع أخيه صالح ، وأخته ، وعمّتهم (علية) وكان بنو الرشيد يزورونه ، ويأنسون به ، فمرض ذات يوم ، فعاده جميع آل الرشيد ما عدا أبو عيسى ، فكتب إليه شعرا (3) :
    إخاء أبي سعيد إخاء ابن ضرّة
    ووديّ ودّ لأبن أمّ ووالد

    ألم يأته أنّ التأدّب نسبة
    تلاصق أهواء الرجال الأباعد

    فما باله مستعذبا من جفائنا
    موارد لم تعذّب لنا من موارد

    أقمت ثلاثا حلف حمى مضرة
    فلم أره في أهل ودّي وعقائدي

    سلام هي الدنيا قروض وإنّما
    أخوك مديم الوصل عند الشدائد

    ويحكى : أنّ أبا عيسى ، كان مع جماعة يتراءون هلال شهر رمضان ، وعند ما رأوا الهلال فرحوا كثيرا ، وأخذوا يذكرون الله ويحمدونه ، أما هو فقد قال كلاما استنكره الناس عليه ، ثمّ أردف قائلا (4) :
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 20 / 53.
    (2) أبو حفص : هو عمر بن عبد العزيز ، نشأ في دار الخليفة المهدي مع أولاده ومواليه ، وكان كأحدهم ، وكان شغوفا بلعب الشطرنج ، وماهرا به ، ولذلك لقب بالشطرنجي.
    (3) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 22 / 49.
    (4) حسن سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج 7 / 213.


    دعاني شهر الصوم لا كان من شهر
    وما صمت شهرا بعده آخر الدهر

    فلو كان يعديني الإمام بقدرة
    على الشهر لأستعديت جهدي على الشهر

    ولم يعش أبو عيسى حتّى يصوم شهرا آخر
    وفي سنة (207) للهجرة ، أقام الحجّ بالناس أبو عيسى بن هارون الرشيد (1).
    مات أبو عيسى بن هارون الرشيد سنة (208) (2) للهجرة ، وقيل سنة (209) (3) ، فصلّى عليه أخوه المأمون ، ونزل في قبره وقال (4) :
    سأبكيك ما فاضت دموعي فإنّ نقص
    فحسبك منّي ما تجن الجوانح

    كأن لم يمت حيّ سواك ولم تقم
    على أحد إلّا عليك النوائح

    ثمّ أقام له المأمون مجلس عزاء ، فدخل عليه محمّد بن عبّاد يعزّيه ، فقال له المأمون : (يا محمّد ، حال القدر ، دون الوطر) (5). فقال له محمّد : (يا أمير المؤمنين ، كلّ مصيبة ما أخطأتك شوى ، فجعل الله الحزن لك لا عليك) (6).
    ثمّ حزن عليه المأمون حزنا شديدا ، وامتنع عن الطعام والشراب أياما ولياليا فدخلت عليه (عريب) وكان عنده أحمد بن أبي داود وعمرو بن مسعده يواسونه ويخففون عنه هول المصيبة بما يحفظونه من الشعر ،
    __________________
    (1) تاريخ خليفة بن خياط. ج 2 / 771 وتاريخ الطبري. ج 8 / 596 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 161.
    (2) تاريخ خليفة. ج 1 / 473.
    (3) ابن الجوزى ـ المنتظم. ج 1 / 200.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) الصولي ـ أخبار الراضي. ص 75.
    (6) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 211.

    فقالت (1) :
    كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر
    فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

    كأن بني العبّاس يوم وفاته
    نجوم سماء خرّ من بينها البدر

    فبكى المأمون بكاء شديدا.
    58 ـ محمّد بن الليث :
    استخلفه أبو عيسى بن هارون الرشيد على إمارة الكوفة سنة (204) للهجرة (2).
    59 ـ عبيد الله بن عبد الله :
    وهو عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن ابن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، ولّاه المأمون (3).
    60 ـ طاهر بن الحسين (4) :
    ولّاه الخليفة المأمون المشرق كلّه ، من بغداد إلى أقصى أعمال المشرق ، ومن ضمنها الكوفة طبعا ، وذلك سنة (205) (5) للهجرة.
    61 ـ المنتصر بالله :
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 200.
    (2) تاريخ اليعقوبي. ج 3 / 195.
    (3) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 233.
    (4) وقد كتبنا عن طاهر بن الحسين في ص 561.
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 141 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 178 ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 237.

    هو : محمّد (المنتصر بالله) بن جعفر (المتوكّل) بن محمّد (المعتصم) بن هارون الرشيد بن محمّد (المهدي) بن عبد الله (المنصور) بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس (عمّ النبيّ) بن عبد المطلب.
    وكنيته : أبو العبّاس ، وقيل : أبو جعفر ، وقيل : أبو عبد الله (1). وأمّه روميّة تسمى (حبشية) (2). وكان محمّد المنتصر أميرا على الكوفة سنة (233) للهجرة ، أيّام خلافة أبوه المتوكّل على الله (3).
    وبويع المنتصر بالله بالخلافة في اليوم الّذي قتل فيه أبوه ، وذلك في يوم الأربعاء في الرابع (وقيل في الثالث) من شهر شوال سنة (247) (4) للهجرة (قتله ضابط تركي في الحرس الخاصّ) ، بتواطئ مع المنتصر أسمه (بغا الصغير). وقيل بويع المنتصر بالله بالخلافة بعد ثلاثة أيّام من قتل أبيه.
    وكان المنتصر بالله ، يحسن الغناء ، ويجيد الشعر ، وكان إذا قال الشعر ، صنع فيه ، وأمر المغنّين بإظهاره ولمّا ولّي الخلافة ترك الشعر ، ومنع من إظهار ما تقدم من شعره ، ولذلك لم تظهر أغانيه (5).
    وكان المتوكّل على الله قد عهد بولاية العهد للمنتصر ومن بعده لأخويه المعتزّ والمؤيّد ، وأراد المتوكّل أن يقدّم أخاه (المعتزّ) عليه بإيعاز من زوجته (قبيحة) لأنّه كان يحبّها كثيرا ، فطلب من ابنه (المنتصر) أن يتنازل عن ولاية العهد لأخيه ، فرفض المنتصر ، ممّا حمل أبوه على كراهيته والتقليل من منزلته ، حتّى أخذ المتوكّل يشتمه ، ويهينه أمام الناس ويسقيه الخمر
    __________________
    (1) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 2 / 119 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 114.
    (2) السيوطي ـ تاريخ الخلفاء. ص 403.
    (3) زامباور ـ الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي. ص 69.
    (4) تاريخ الطبري. ج 9 / 222 وابن قتيبة ـ المعارف. ص 193 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 49 وابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج 5 / 123.
    (5) النويري ـ نهاية الأرب. ج 4 / 204.

    فوق طاقته ، ويأمر وزيره (الفتح بن خاقان) أن يضربه (1).
    وعند ما بويع (المنتصر) بالخلافة ، ولّى أبا عمرة (أحمد بن سعيد) على المظالم ، فقال الشاعر (2) :
    يا ضيعة الإسلام لمّا ولى
    مظالم الناس أبو عمره

    صيّر مأمونا على أمة
    وليس مأمونا على بعره

    وقيل : لمّا قتل (المتوكّل) قتله الترك بمواطئة أبنه (المنتصر) ولمّا آل الأمر إلى ابنه الآخر (المعتزّ) ، كانت (قبيحة) أمّه تحرّضه على الانتقام من قتلة أبيه ، وذات يوم جائته بقميص (المتوكّل) الّذي قتل فيه ، وأخذت تبكي ، فقال لها (المعتزّ) : (يا أمّاه ، ارفعي القميص وإلّا صار قميصين) (3).
    فعندها هدأت وسكتت.
    وكان المنتصر راغبا في الخير ، قليل الظلم ، محسنا إلى العلويين ، وصولا إليهم وقد أزال عن آل أبي طالب ما كانوا يعانونه من الخوف والقلق ، بمنعهم من زيارة قبر الحسين عليه‌السلام ثمّ استرجع (فدك) (4) إلى آل
    __________________
    (1) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 4 / 55.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 109.
    (3) محمود مقديش ـ نزهة الأنظار. ج 1 / 33.
    (4) فدك : قرية بالحجاز تبعد عن المدينة المنورة يومان وقيل ثلاثة (معجم البلدان. ج 4 / 238). وهي قرية من قرى اليهود تبعد عن خيبر أقل من مرحلة (مجمع البحرين. ج 5 / 283) ، لم يفتحها المسلمون بالقوة العسكرية ، وإنّما هي مما أفاء الله تعالى بها على نبيه الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السنة السابعة صلحا. ولمّا صارت فدك بيد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزلت الآية الكريمة (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (سورة الإسراء : الآية 26) وأن النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا ابنته فاطمة الزهراء سلام الله عليها فأعطاها فدكا والعوالي ، وقال لها : (هذا قسم قسّم الله لك ولعقبك) (الدر المنثور. ج 2 / 151 وكنز العمال. ج 2 / 158) ، وتصرفت بها تصرف المالك في ملكه ، وبعد وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذها أبو بكر وضمها إلى بيت المال ، وبعد مجيء عثمان بن عفان إلى الخلافة ، وهبها إلى مروان بن الحكم ، وكان ذلك من أسباب النقمة عليه ، حسب ما ذكره المؤرخون (العقد الفريد. ج 1 / 198) وبعد موت مروان توارثها أبناؤه إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز إلى الخلافة فأخذها منهم وردها صدقة (تاريخ أبو الفداء. ج 1 / 168).

    الحسين عليهم‌السلام فقال يزيد بن المهلب في ذلك (1) :
    ولقد بررت الطالبية بعد ما
    ذمّوا زمانا بعدها وزمانا

    ورددت إلفة هاشم فرأيتهم
    بعد العداوة بينهم إخوانا

    وكان أبوه (المتوكّل) قد أمر في سنة (236) للهجرة ، بهدم قبر الإمام الحسين عليه‌السلام وأمر بهدم الدور الّتي حوله ، ثمّ أمر بحرث الأرض وزرعها ، فأخذ أهل بغداد يشتمون (المتوكّل) ويكتبون على الحيطان والمساجد ما يشاءون من السبّ والشتم ، وهجاه الشعراء أمثال دعبل الخزاعي وغيره ، وقال يعقوب بن السكيت ، وقيل عليّ بن أحمد البسّامي (2) :
    بالله إن كانت أميّة قد أتت
    قتل ابن بنت نبيها مظلوما

    فلقد أتاه بنو العبّاس بمثله
    هذا لعمرك قبره مهدوما

    أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا
    في قتله فتتبعوه رميما

    وكان للخليفة المتوكّل نديما اسمه (عبادة المخنث) وكان هذا المخنّث ، يضع وسادة على بطنه (داخل ثيابه) ثمّ يكشف عن رأسه (وكان أصلعا) ، ثمّ يأخذ يرقص أمام (المتوكّل) ومن حوله المغنين يرددون : (قد أقبل الأصلع البطين ، خليفة (3) المسلمين) والمتوكّل يشرب ويضحك.
    وفعل ذلك ذات يوم ، وكان ابنه (المنتصر) حاضرا ، فأومأ إلى (عبادة المخنّث) مهددا إيّاه ، فسكت عبادة ، فقال له المتوكّل : (استمر ، ما ذا حدث؟
    فأخبره بما فعل (المنتصر). فقال المنتصر : (يا أمير المؤمنين ، إنّ الّذي تسخرون منه ، وتضحكون عليه ، هو ابن عمّك ، وشيخ أهل بيتك ، وبه فخرك ، فكل أنت لحمه ، ولا تطعم هذا الكلب وأمثاله منه).
    __________________
    (1) السيوطي ـ تاريخ الخلفاء. ص 404.
    (2) الذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 17 / 20.
    (3) الأصلع البطين : هو الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

    فقال المتوكّل للمغنين : هيّا غنّوا (1) :
    غار الفتى لابن عمّه
    رأس الفتى في حر أمّه

    وبعد مقتل (المتوكّل) ازدادت سيطرة الأتراك على القصر العباسي ، وخاصّة بعد أن تسلّم المنتصر الخلافة بمساعدتهم ، فأصبح الأتراك هم المسيّرين لدفّة الحكم في البلاد يعزلون الخلفاء ويعيّنونهم ، ويسملون عيونهم ، ويقتلونهم.
    ويبدو أنّ المرارة في نفس المنتصر ، قد دفعته (بعد موافقته على قتل أبيه) على التخلّص من الأتراك ، فأخذ يسبّهم ويشتمهم ويقول : (هؤلاء قتلة الخلفاء) ، ولكنّ الأتراك ، وبما لديهم من الخبرة الكافية ، أحسّوا بالخطر المحدق بهم إذا ما سيطر المنتصر على زمام الأمور ، فسارعوا إلى رشوة طبيبه الخاصّ (ابن طيفور) فأعطوه ثلاثين ألف دينار ، فدسّ له السمّ في شهر ربيع الآخرة من سنة (248) (2) للهجرة وقيل وضع له السمّ في (كمثراة) عرموطة. وقيل إنّ ابن طيفور هذا ، قد مرض ، فطلب من غلامه أن يعطيه دواء فأعطاه الدواء ، وكان فيه بقية من السم الّذي أعطاه للمنتصر ، فلما شربه مات ابن طيفور.
    مات المنتصر في الخامس من شهر ربيع الآخر من سنة (248) (3) للهجرة ، وعمره (25) سنة ، فلم يتمتع بالخلافة إلّا أشهرا معدودة دون السنة ، وقيل مات في اليوم الثالث من الشهر المذكور ، وقيل في اليوم الرابع
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 3 / 75.
    (2) الهفيفي ـ موسوعة (1000) حدث إسلامي. ص 121.
    (3) الطبري. ج 9 / 222 و251 والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 2 / 119 والزمخشري ـ ربيع الأبرار.
    ج 4 / 33 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 12 / 15 والسيوطي ـ تاريخ الخلفاء. ص 405 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 235 والترمانيني ـ أزمنة التاريخ الإسلامي. ج 1 / 856. وعبد الكريم العفيفي ـ موسوعة (1000) حدث إسلامي. ص 121.

    منه ، وكان عمره (26) سنة وصلّى عليه ابن عمّه أحمد بن محمّد (المستعين بالله) ، ودفن في سامراء ، في مكان يقال له (الجوسق) (1).
    وقال المنتصر في لحظة من لحظات الذلّ والقهر (2) :
    الذلّ يأباه الفتى الحرّ
    ما للكريم معه صبر

    لو يعلم الناس الّذي نالني
    فليس لي عندهم عذر

    كان اليّ الأمر في ظاهر
    وليس لي في باطن أمر

    وقيل إنّه قال لأمّه ، وهو يحتضر : (يا أماه ، ذهبت مني الدنيا والآخرة ، عاجلت أبي فعوجلت).
    وقيل إنّه قال لأمه أيضا : أفسدت ديني ودنياي ، وقد رأيت أبي هذه الساعة وهو يقول : (قتلتني يا محمّد لأجل الخلافة ، والله لا تتمتع بها إلّا أياما قلائل ، ثمّ مصيرك إلى النار) (3). فما عاش المنتصر بعد ذلك إلّا أيّاما قلائل ومات مسموما (كما ذكرنا).
    ومن أقوال المنتصر المشهورة إنّه قال : (والله ما عزّ ذو باطل ولو طلع القمر من جبينه ، ولا ذلّ ذو حقّ ولو أطبق العالم عليه) (4). وقال أيضا : (لذة العفو ، أعذب من لذّة التشفّي ، وأقبح أفعال المقتدر ، الانتقام) (5).
    62 ـ محمّد بن عبد الله بن طاهر :
    هو : محمّد بن عبد الله بن طاهر ، الخزاعي ، وكنيته : أبو العبّاس.
    __________________
    (1) الخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 2 / 121.
    (2) المرزباني ـ معجم الشعراء. ص 400 وقحطان رشيد التميمي ـ اتجاهات الهجاء. ص 135.
    (3) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج 4 / 33.
    (4) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج 5 / 160 والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 2 / 120.
    (5) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج 8 / 153.

    ومحمّد بن عبد الله ، هو من الأمراء الشجعان من بيت مجد ورئاسة ، وله نيابة بغداد في خلافة (المتوكّل على الله) (1) وكان أديبا وشاعرا ، يقرب أهل العلم والأدب.
    عقد له (المستعين بالله) على العراق والحرمين (2) سنة (248) للهجرة ، وولّاه أيضا رئاسة الشرطة ومعاون السواد (3).
    وعند ما ولّاه (المستعين) إمارة الكوفة ، أرسل (أيّوب بن الحسن بن موسى) نائبا عنه (4) ، وكان هو مقيم في بغداد.
    ولمّا اختلف (المستعين) مع القادة الأتراك سنة (251) للهجرة ، ذهب إلى بغداد ونزل في بيت محمّد بن عبد الله ، ثمّ جاء القادة الأتراك إلى بغداد يعتذرون من المستعين ، فذكّرهم المستعين بما أنعم عليهم من أرزاق ، ومراكز حساسة في الدولة ، وصلاحيّات واسعة ، ثمّ تصالحا ، ورضي عنهم ، فقال له أحدهم : (بأبي بك ، فإن كنت قد رضيت عنّا ، فقم فاركب معنا إلى سامراء ، فإن الأتراك ينتظرونك) (5) ، فغضب ابن طاهر وأمر بضرب ذلك القائد ، ثمّ قال له : هكذا يقال لأمير المؤمنين (قم واركب معنا)!!؟ فضحك المستعين وقال : (هؤلاء عجم لا يعرفون حدود الكلام) (6).
    ثمّ اجتمع الأتراك (المنشقين) في سامراء في هذه السنة ، أعني سنة (251) للهجرة فبايعوا (للمعتز بالله) بالخلافة ، وخلع (المستعين) ، ولمّا سمع
    __________________
    (1) الزركلي ـ الأعلام. ج 6 / 222 وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 92.
    (2) الحرمين : مكّة والمدينة.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 118 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 15 / 10.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 141.
    (5) نفس المصدر السابق.
    (6) وهذا يدل على مدى استهتار القادة الأتراك بالخلفاء العباسيين.

    ابن طاهر بذلك قطع الميرة عن سامراء ، وكتب إلى عامله على (الأنبار) وكذلك عامله على (الموصل) بمنع السفن والميرة إلى سامراء ، ثمّ أخذ بتحصين بغداد ، وحفر الخنادق حول جانبيها ، وكتب (المستعين) أيضا إلى كافّة (عمّال الخراج) بإرسال الأموال إلى بغداد بدلا من سامراء ، وكتب أيضا إلى القادة الأتراك في سامراء بنقض البيعة (للمعتز).
    ثمّ جرت مكاتبات بين (المعتز) وبين محمّد بن عبد الله ، فكان (المعتز) يطلب من ابن طاهر أن يبايعه ، وكان ابن طاهر من جانبه يطلب من (المعتز) الرجوع إلى بيعة (المستعين).
    ثمّ إنّ (المعتز) عقد لأخيه (الموفّق) أبي أحمد بن المتوكّل على حرب (المستعين) ومحمّد بن عبد الله ، وضمّ إليه الجيش ، وجعل الأمور كلّها بيده وجعل التدابير العسكرية بيد (كلباتكين) (1) ، وبعد معارك بين الطرفين ثمّ الاتّفاق على خلع (المستعين) والمبايعة (للمعتز) ، كان ذلك سنة (252) للهجرة (2).
    ثمّ طلب (المعتز) من محمّد بن عبد الله أن يسلم (المستعين) إلى (سيما الخادم) فكتب محمّد إلى الموكّلين بالمستعين في (واسط) بتسليمه ، فأخذه سعيد بن صالح إلى بيته ، وأخذ يعذّبه حتّى مات ، وقيل وضع حجرا في رجله ورماه في نهر دجلة ، وقيل غير ذلك (3).
    ولعلّ أكبر جريمة اقترفها محمّد بن عبد الله بن طاهر هي قتله يحيى ابن عمر ، ثمّ جلوسه للتهنئة بقتله .. وسنذكر ذلك عند ترجمة يحيى بن عمر.
    __________________
    (1) كلباتكين : أحد القادة الأتراك.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 167.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 172.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:20 am

    مات محمّد بن عبد الله بن طاهر سنة (253) (1) للهجرة على أثر قروح خرجت في فمه وفي رأسه. وقيل لمّا مات محمّد تألّم عليه (المعتزّ) كثيرا ، وكان يقول : بأن الأتراك كانوا يهابونه من أجل محمّد.
    وعن أحمد بن يزيد المهلّبي أنّه قال : كانت لأبي حاجة إلى محمّد بن عبد الله ، فكتب إليه يقول (2) :
    ألا مبلغ عني الأمير محمّد
    مقالا له فضل على القول واسع

    لنا حاجة إن أمكنتك قضيتها
    وإن هي لم تكن فعذرك واسع

    فأنت وإن كنت الجواد بعينه
    فلست بمعطي الناس ما الله مانع

    فإن بور زند الطاهري فبالحرى
    وإلّا فقد تنبو السيوف القواطع

    وبينما كان محمّد بن عبد الله جالسا ذات يوم مع أصحابه ، وإذا بالسماء قد ادلهمّت ، ثمّ أبرقت وأرعدت ، ثمّ مطرت مطرا غزيرا ، فقال أحد الجالسين : (3)
    هطلتنا السماء هطلا دراكا
    عارض المرزمان فيها السماكا

    قلت للبرق إذ توقد فيها
    يا زناد السماء من أوراكا

    أحبيب تأتيه فجفاكا
    فهو العارض الّذي استبكاكا؟

    أم تشبّهت بالأمير أبي العب
    اس في جوده فلست هناكا

    ولمّا مات محمّد رثاه أخوه عبد الله بن عبد الله فقال (4) :
    هدّ ركن الخلافة الموطود
    زال عنها السرادق الممدود

    __________________
    (1) الزركلي ـ الأعلام. ج 6 / 222 وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 93.
    (2) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 92.
    (3) أحد الجالسين : الحسن بن وهب.
    (4) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 93.


    كسف (1) البدر والأمير جميعا
    وانجلى البدر والأمير عميد

    63 ـ العبّاس بن المستعين بالله :
    عقد الخليفة (المستعين بالله) لأبنه (العبّاس) على العراق والحرمين سنة (250) (2) للهجرة ، وقيل سنة (249) (3) للهجرة عقد المستعين لأبنه العبّاس على مكّة والمدينة والكوفة والبصرة.
    64 ـ أيّوب بن حسن بن موسى :
    هو : أيّوب بن حسن وقيل (حسين) بن موسى بن جعفر بن سليم (سليمان) الهاشمي ، ولّاه محمّد بن طاهر الخزاعي إمارة الكوفة سنة (250) (4) للهجرة ، وقيل كان أيّوب أميرا على الكوفة من قبل الخليفة (المتوكّل على الله). وكان جعفر بن عمّار على قضائها.
    وعند ما ثار يحيى بن عمر بن يحيى بالكوفة سنة (250) للهجرة ، كان الأمير عليها آنذاك (أيّوب بن الحسن بن موسى) (5).
    ولمّا سمع محمّد بن عبد الله بن طاهر ، بثورة يحيى بن عمر ، كتب إلى أيّوب بن حسن ، والى عبد الله بن محمود السرخسي (الأمير على معاون السواد) أن يذهبا سويّة لمحاربة يحيى بن عمر ، فدارت معركة بين الطرفين ،
    __________________
    (1) ذكر أن القمر قد خسف في الليلة الّتي مات فيها محمّد بن عبد الله.
    (2) الذهبي ـ التاريخ الإسلامي. ج 18 / 29.
    (3) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 154 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 331.
    (4) الطبري. ج 7 / 267 والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 7 / 163 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 126 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.
    (5) تاريخ الطبري. ج 7 / 267 والخطيب البغدادي ـ تاريخ بغداد. ج 7 / 163 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 126 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.

    انتهت بهزيمة أيّوب بن حسن ، وعبد الله بن محمود السرخسي ، ودخول يحيى بن عمر إلى الكوفة (1).
    وكان أيّوب بن حسن ، مصابا بمرض (النقرص المزمن) وكان يطلب من القاضي (جعفر بن عمّار) أن يصلّي بالناس عند غيابه ، فقال محمّد بن نوفل التميمي في ذلك (2) :
    فما عجب أن تطلع الشمس بكرة
    من الغرب إذ تعلو على ظهر منبر

    ولو لا أناة الله جلّ ثناؤه
    لصبّحت الدنيا بخزي مدمر

    إذا جعفر رام الفخار فقل له
    عليك ابن ذي موسى موساك فافخر

    65 ـ يحيى بن عمر بن يحيى :
    هو : يحيى بن عمر بن يحيى الحسين (3) بن زيد (4) بن عليّ (5) بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وكنيته : أبو الحسين.
    ثار يحيى بالكوفة سنة (250) (6) للهجرة ، وطرد أميرها (أيّوب بن حسن بن موسى بن جعفر بن سليمان الّذي ولّاه محمّد بن عبد الله بن طاهر ، ثمّ ذهب يحيى إلى بيت مال الكوفة فأخذ جميع ما فيه من أموال (وكانت ألفي دينار وسبعين ألف درهم) فوزّعها على أصحابه ، ثمّ أطلق سراح جميع من كان في سجون الكوفة.
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 7 / 267.
    (2) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 6 / 52.
    (3) الحسين : ذو الدمعة لكثرة بكائه ، مات سنة (134) للهجرة.
    (4) زيد ـ الشهيد الّذي قتله يوسف بن عمر سنة (121) للهجرة.
    (5) عليّ : زين العابدين (السجاد) عليه‌السلام.
    (6) تاريخ الطبري. ج 9 / 267 والمسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 63 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 126 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 18 / 28.

    ولمّا سمع محمّد بن عبد الله بثورة يحيى بن عمر ، كتب إلى أيّوب بن حسن (أمير الكوفة) والى عبد الله بن محمود السرخسي (الأمير على سواد الكوفة) يأمرهما بمحاربة يحيى بن عمر ، ولمّا التقى الطرفان ، وقعت بينهما معركة ، جرح فيها عبد الله السرخسي جرحا عميقا ، فهرب وانهزم جيشه ، فاستولى يحيى على جميع ما في جيش السرخسي من مال ودوابّ (1).
    ثمّ خرج يحيى من الكوفة إلى السواد ، فتبعه جماعة من الزيديّة ، وغيرهم ومعهم جمع كثير ، عندها أرسل محمّد بن عبد الله إلى الحسين بن إسماعيل بن مصعب لمحاربة يحيى ، ولمّا سمع يحيى بمجيء الجيوش إلى الكوفة ، رجع إلى الكوفة ، فلقيه عبد الرحمن بن الخطاب المعروف (بوجه الفلس) فكانت بينهما معركة انهزم فيها عبد الرحمن إلى قرية (شاهي) وهناك التقى بالحسين بن إسماعيل (2).
    وبعد أن استراح الحسين بن إسماعيل في قرية (شاهي) جاءته امدادات كثيرة ، وأمّا يحيى فإنّه أقام في الكوفة يعد العدد ، ويصلح السلاح ، فأشار عليه جماعة من الزيدية ، ممّن لا علم لهم بالحرب ، بمعاجلة الحسين ابن إسماعيل ، ثمّ ألحّوا عليه بقتاله قبل أن يستعد لحربهم ، فزحف إليهم ومعه (الهيصم العجلي) وغيره ، ورجّالة من أهل الكوفة ، ممّن ليس لهم علم ولا دراية بالحروب ، فدارت بينهما معركة عنيفة ، أسّر فيها (الهيصم العجلي) وانهزم رجّالة أهل الكوفة ، وأكثرهم كان بغير سلاح.
    ثمّ قتل يحيى بن عمر في هذه السنة ، أعني سنة (250) (3) للهجرة ، وأرسل برأسه إلى محمّد بن عبد الله بن طاهر ، ثمّ أرسل الرأس إلى الخليفة
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 267.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 127.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 12 / 34 وعارف أحمد عبد الغني ـ الجوهر الشفاف. ج 1 / 298.

    (المستعين بالله) في سامراء ، ثمّ أرسلت الأسرى ورؤوس من قتل من أصحاب يحيى إلى بغداد.
    وقيل إنّ (المستعين) قد نصب رأس يحيى في باب العامّة في سامراء ، فاجتمع الناس وتذّمروا ، وكرهوا هذا العمل الشنيع ، فأرسل المستعين الرأس إلى بغداد لينصب فيها (1) ، ثمّ كتب محمّد بن عبد الله بن طاهر إلى الخليفة (المستعين) يطلب منه العفو عن الأسرى فأمر المستعين بإطلاق سراحهم ، وبدفن رؤوس القتلى.
    وبعد ما قتل يحيى بن عمر ، جلس محمّد بن عبد الله بن طاهر للتهنئة ، فدخل عليه داود (أبو هاشم) (2) وقال له : (أيّها الأمير ، إنّك لتهنّئ بقتل رجل لو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّا ، لكان هو المعزّى به). فلم يرد عليه ابن طاهر بشيء ، وخرج داود وهو يقول (3) :
    يا بني طاهر كلوه وبيا
    إن لحم النبيّ غير مريّ

    إنّ وترا يكون طالبه الل
    ه لوتر نجاحه بالحريّ

    هذا وقد أكثر الشعراء في رثاء يحيى (وذلك لمّا كان يتمتع به من حسن السيرة ، والديانة ، وكان يدعو للرضا من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان من أزهد الناس ، واصلا لأرحامه من الطالبيات). فقال بعضهم في رثائه (4) :
    بكت الخيل شجوها بعد يحيى
    وبكاه المهند المسقول

    وبكته العراق شرقا وغربا
    وبكاه الكتاب والتنزيل

    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 12 / 34.
    (2) داود : بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر (الطيار) بن أبي طالب.
    (3) تاريخ الطبري. ج 9 / 270 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 129 وعارف أحمد عبد الغني ـ الجوهر الشفاف. ج 298 ومحمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج 2 / 276 وابن عنبه ـ عمدة الطالب. ص 273 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 369.
    (4) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 65 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 369.


    والمصلّى والبيت والركن والحجّ
    ر جميعا له عليه عويل

    كيف لا تسقط السماء علينا
    يوم قالوا : أبو الحسين قتيل

    وبنات النبيّ يبدين شجوا
    موجعات دموعهن همول

    قطعت وجهه سيوف الأعادي
    بأبي وجهه الوسيم الجميل

    إنّ يحيى أبقى بقلبي غليلا
    سوف يؤدّي بالجسم ذاك الغليل

    قتلته مذكر لقتلى عليّ
    وحسين ويوم أذي الرسول

    صلوات الله له وقفا عليهم
    ما بكى موجّع وحنّت ثكول

    ورثاه عليّ بن محمّد بن جعفر (العلوي) فقال (1) :
    يا بقايا السلف الصا
    لح والتّجر الربيح

    نحن للأيّام من
    بين قتيل وجريح

    خاب وجه الأرض كم
    غيّب من وجه مليح

    آه من يومك ما أو
    داه للقلب القريح

    وقد رثاه الشاعر أحمد بن طاهر بقصيدة طويلة ، نقتطف منها الأبيات التاليّة (2) :
    سلام على الإسلام فهو مودع
    إذا ما مضى آل النبيّ فودعوا

    فقدنا العلا والمجد عند افتقادهم
    وأضحت عروش المكرمات تضعضع

    أتجمع عين بين نوم ومضجع
    ولأبن رسول الله في الترب مضجع

    فقد أقفرت دار النبيّ محمّد
    من الدين والإسلام فالدار بلقع

    وقتل آل المصطفى في خلالها
    وبدّد شمل منهم ليس يجمع


    بني طاهر واللؤم منكم سجيّة
    وللغدر منكم حاسر ومقنع

    قواطعكم في الترك غير قواطع
    ولكنّها في آل أحمد تقطع

    __________________
    (1) مروج الذهب. ج 4 / 65.
    (2) نفس المصدر السابق.


    لكم مرتع في دار آل محمّد
    وداركم للترك والجيش مرتع

    وعند ما دخل الحسين بن إسماعيل إلى الكوفة ، لم يذهب عليّ بن محمّد ابن جعفر للسلام عليه فأرسل إليه يستدعيه ، فلما جاء سأله الحسين بن إسماعيل عن أسباب عدم مجيئه والسلام عليه ، فأجابه عليّ بن محمّد قائلا :
    قتلت أعزّ من ركب المطايا
    وجئتك (1) أستلينك بالكلام

    وعزّ عليّ أن ألقاك إلا
    وفيما بيننا حدّ الحسام

    ولكنّ الجناح إذا أهيضت
    قوادمه يسرف على الأكام

    66 ـ الحسين بن إسماعيل :
    هو : الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن مصعب بن رزيق (2). وذكره ابن الأثير بأنه : الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب (3).
    أرسله محمّد بن عبد الله بن طاهر ، لمحاربة يحيى بن عمر ، الّذي ثار بالكوفة سنة (250) للهجرة ، وأرسل معه بعضا من قادته ، ممّن عرف بالشجاعة مثل خالد بن عمران وعبد الرحمن بن الخطاب المعروف ب (وجه الفلس) وغيرهم (4). ولمّا وصل الحسين بن إسماعيل إلى قرية (شاهي) القريبة من الكوفة عسكر فيها فاستراح جيشه ، ثمّ جاءته الإمدادات.
    وكان يحيى بن عمر بالكوفة يجمع السلاح ويصنع السيوف ، فأشار عليه جماعة من الزيديّة (ممّن لا علم لهم ولا دراية بالحروب) بمعاجلة
    __________________
    (1) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 66.
    (2) تاريخ الطبري. ج 9 / 267 ومحمّد الخضري بك ـ محاضرات التاريخ الإسلامي. ج 2 / 275 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 368.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 127.
    (4) وجه الفلس أو وجه الغلس.

    الحسين بن إسماعيل ، ثمّ إنّ عوام أصحابه أيّدوا رأي الزيدية ، ممّا حمل يحيى على محاربة ابن إسماعيل ، ثمّ دارت معركة بين الطرفين ، قتل خلالها يحيى بن عمر وأسّر الهيضم (الهيصم) بن العلاء العجلي ، وانهزم أهل الكوفة ، ثمّ قطع رأس يحيى وأرسل إلى محمّد بن عبد الله بن طاهر في بغداد (1).
    ثمّ أرسل المستعين جيشا آخر إلى الكوفة بقيادة (كلباتكين) لينظمّ إلى جيش الحسين بن إسماعيل ، فشاهد (كلباتكين) جماعة ومعهم مواد غذائية يريدون إيصالها إلى عسكر يحيى ، فقتلهم جميعا واستولى على تلك المواد. ثمّ دخل الكوفة وأراد أن يقتل أهلها فمنعه الحسين بن إسماعيل (2).
    وفي سنة (251) للهجرة ، جعله الخليفة (المستعين) على باب الشماسيّة وجعل كافة القادة الموجودين فيها تحت قيادته ، وبعد انتهاء الحرب ذهب الحسين بن إسماعيل إلى الأنبار (3).
    ولقد وقعت معارك كثيرة بين الحسين بن إسماعيل وبين الأتراك ، وفي إحدى تلك المعارك قتل من جيش ابن إسماعيل مائة رجل ، وأسّر مائة وإثنان وسبعون رجلا ، واستولوا على ألفي دابة وأكثر من مائتي بغل ، وأما قيمة السلاح والثياب الّتي استولى عليها الأتراك فقد قدرت بأكثر من مائة ألف دينار ، فقال الهنداوي يهجو ابن إسماعيل (4) :
    يا أحزم (5) الناس رأيا في تخلفه
    عن القتال خلطت بين الصفو والكدر

    لما رأيت سيوف الترك مصلتة
    علمت ما في سيوف الترك من قدر

    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 270 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 128 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 369.
    (2) الطبري. ج 9 / 270.
    (3) المصدر السابق. ج 9 / 291.
    (4) تاريخ الطبري. ج 9 / 326 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 156.
    (5) أحزم : وذكر ابن الأثير بأنها : أعدل.


    فصرت منجحرا ذلّا ومنقصة
    والنّجح يذهب بين العجز والضجر

    67 ـ أحمد بن نصير بن حمزة :
    هو : أحمد بن نصير بن حمزة بن مالك الخزاعي. ولّاه الخليفة (المعتز بالله) إمارة الكوفة (1).
    ولمّا ثار الحسين بن أحمد (محمّد) بن حمزة بالكوفة سنة (251) (2) للهجرة ، كان الأمير عليها آنذاك (أحمد بن نصير بن مالك الخزاعي) فقتل الحسين بن أحمد أحد عشر رجلا من جماعة (أحمد) كان منهم أربعة جنود من جنود أهل الكوفة ، وبعد ذلك هرب أحمد بن نصر إلى قصر ابن هبيرة ، واجتمع مع هشام بن أبي دلف (3).
    ثمّ جاء مزاحم بن خاقان بجيش كبير ، واجتمع مع هشام بن أبي دلف ومع أحمد بن نصير الخزاعي ، وتحركوا جميعا نحو الكوفة ، فقاتلوا أهلها أشد قتال ، ثمّ دخل مزاحم بن خاقان إلى الكوفة ، فرماه الناس بالحجارة ، عند ذلك غضب مزاحم على أهل الكوفة ، وأمر بحرق الكوفة ، فحرقت فيها ألف دار ، وحرقت سبعة أسواق من أسواقها العامرة ، ثمّ هجم على الدار الّتي فيها الحسين بن أحمد فهرب الحسين منها ، وقيل قتله ابن خاقان (4).
    68 ـ الحسين بن أحمد بن حمزة :
    هو : الحسين بن أحمد (محمّد) بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن عليّ
    __________________
    (1) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 235.
    (2) الطبري. ج 9 / 328 والمسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 69 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 164.
    (3) نفس المصادر السابقة.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 165.

    ابن أبي طالب ، وكنيته : أبو أحمد ، ويعرف (بالحرون).
    ثار الحسين بن أحمد بالكوفة سنة (251) (1) للهجرة ، فاستولى عليها وطرد أميرها (أحمد بن نصير بن مالك الخزاعي) وقتل أحد عشر رجلا من جماعة أحمد بن نصير ، كان بضمنهم أربعة رجال من جنود أهل الكوفة ، عندها هرب أحمد بن نصير إلى قصر ابن هبيرة.
    ثمّ ذهب الحسين (الحرون) إلى سواد الكوفة واستخلف على الكوفة (محمّد بن جعفر بن حسن بن جعفر) (2).
    ولمّا سمع الخليفة (المستعين بالله) بثورة (الحرون) أرسل إليه مزاحم (3) ابن خاقان ومعه جيش كبير ، ولمّا وصل مزاحم إلى قصر ابن هبيرة ، اجتمع هناك بهشام بن أبي دلف وبأحمد بن نصير (الّذي هرب من الكوفة) ثمّ ساروا جميعا نحو الكوفة ، ولمّا صاروا على مقربة من الكوفة ، خرج (الحرون) منها عن طريق آخر ، وذهب إلى سامراء ، فبايع (المعتزّ) ثمّ بقي مدّة في سامراء ، ثمّ هرب منها ، وأراد الثورة على الخليفة مرّة ثانية ، فألقي عليه القبض وسجن بضع عشرة سنة ، ثمّ أطلق سراحه بعد ذلك بأمر من الخليفة (المعتمد) سنة (268) (4) للهجرة.
    ثمّ ثار (الحسين الحرون) أيضا بسواد الكوفة ، فألقي القبض عليه في آخر سنة (269) للهجرة ، فنقل إلى واسط ، وحبس فيها مدّة سنتين ، ثمّ مات بعد ذلك سنة (271) للهجرة ، فأمر الخليفة (الموفّق) بدفنه ، والصلاة
    __________________
    (1) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 69 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 11 / 50 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 164 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.
    (2) تاريخ الطبري. ج 9 / 328.
    (3) مزاحم بن خاقان : قائد عسكري عباسي ، تركي الأصل.
    (4) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 665.

    عليه. (1)
    69 ـ محمّد بن جعفر بن حسن :
    هو : محمّد بن جعفر بن حسن بن جعفر بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، وكنيته : أبو أحمد. استخلفه الحسين بن أحمد على إمارة الكوفة سنة (251) (2) للهجرة عند ما ثار بالكوفة في هذه السنة ولمّا انهزم الحسين بن أحمد (محمّد) من الكوفة عند ما دخلها مزاحم بن خاقان ، ولّاه المعتزّ إمارة الكوفة. وقيل إنّ محمّد بن جعفر قد ثار بالكوفة (بعد هروب الحسين بن محمّد) واستولى عليها ، فكتب إليه محمّد بن عبد الله بن طاهر بتوليته إمارة الكوفة (وكانت هذه التولية خدعة) حيث تمكن عبد الرحمن الأشعثي (خليفة محمّد بن عبد الله بن طاهر على الكوفة) وقيل خليفة أبي الساج من القبض على محمّد بن جعفر بحيلة دبرها وهي : إنّه أخذ يستميل إلى أبي أحمد ، حتّى خالطه ، وأصبح صديقا له ، ومن المقربين إليه فاطمأنّ إليه أبو أحمد. وذات يوم خرج عبد الرحمن ومحمّد بن جعفر للنزهة في بستان ، ولمّا حان وقت المساء خرج جماعة عبد الرحمن فأمسكوا بأبي أحمد ، وقيّدوه بالحديد ، ثمّ أرسلوه إلى بغداد (3).
    وقيل عند ما جاء عبد الرحمن الأشعثي أميرا على الكوفة من قبل محمّد بن عبد الله بن طاهر رماه أهل الكوفة بالحجارة ، ظنّا منهم بأنّه جاء لحرب (العلوي) فقال لهم عبد الرحمن : (أنا لست بأمير ، وإنّما جئت لمحاربة
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 665 والزركلي ـ الأعلام. ج 1 / 253 وعبد الرزاق كمونة ـ مشاهد العترة الطاهرة. ص 275.
    (2) مقاتل الطالبيين. ص 666 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 164 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 176.

    الأعراب ، ولا شأن لي فيكم) ، عندها كفّ عنه أهل الكوفة وتركوه. وقيل : بعد أن قبض على محمّد بن جعفر (أبو أحمد) أرسل إلى سامراء فحبس بها حتى مات (1).
    70 ـ عبد الرحمن الأشعثي :
    كان محمّد بن جعفر بن حسن بن جعفر ، قد استخلفه الحسين بن محمّد بن حمزة على الكوفة ، عند ما ثار سنة (251) للهجرة (2).
    وقيل إنّ محمّد بن جعفر ، قد ثار بالكوفة بعد ثورة الحسين بن محمّد ، ولمّا سمع محمّد بن عبد الله بن طاهر بذلك ، أرسل خليفته (عبد الرحمن الأشعثي) إلى الكوفة. ولمّا وصل إليها سنة (252) للهجرة ، رماه أهلها بالحجارة ، تصوّرا منهم بأنّه جاء لمحاربة (العلوي) ، فقال لهم عبد الرحمن : أنا لست بأمير ، وإنّما جئت لمحاربة الأعراب ، ولا شأن لي فيكم. عندها تركوه وكفوا عنه. ثمّ تمكّن عبد الرحمن هذا من القبض على محمّد بن جعفر ، وذلك بحيلة دبرها ، إذ تمكن من أن يصبح صديقا له ، حتّى وثق بصدق صداقته.
    وفي يوم من الأيّام خرجا سوية للنزهة في بستان ، وعند المساء ، خرج جماعة عبد الرحمن (المختفين في مكان ما من البستان) فأمسكوا بأبي أحمد ، وقيّدوه بالحديد ، ثمّ أرسلوه إلى بغداد (3). ولمّا وصل إلى بغداد ، حبسه محمّد بن عبد الله بن طاهر عنده ، ثمّ أطلق سراحه بكفالة (4).
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 666.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 11 / 50 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 164 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 176.
    (4) تاريخ الطبري. ج 9 / 370.

    71 ـ مزاحم بن خاقان :
    هو : مزاحم بن خاقان بن عرطوج أو (أرطوج) ، وكنيته أبو الفوارس.
    ومزاحم بن خاقان ، قائد عسكري ، ومن أمراء بني العبّاس ، تركي الأصل ، بغدادي المنشأ ، وأخو (الفتح بن خاقان) وزير المتوكّل على الله (1).
    وعند ما ثار الحسين بن أحمد بن حمزة بالكوفة سنة (251) للهجرة ، أرسل الخليفة (المستعين بالله) جيشا كبيرا لمحاربته بقيادة مزاحم بن خاقان ، ولمّا وصل مزاحم إلى قرية (شاهي) القريبة من الكوفة ، أرسل داود بن القاسم إلى الحسين بن حمزة لينصحه ، ويرجع إلى طاعة الخليفة ، إلّا أنّ داود هذا قد تأخر عن رد الجواب ، فزحف مزاحم إلى الكوفة فدخلها ، فهرب منها الحسين.
    وعند ما دخل مزاحم بن خاقان إلى الكوفة ، رماه الناس بالحجارة ، فغضب ابن خاقان وضرب الكوفة بالنار ، فأحرق ألف دار فيها ، كما وأحرق سبعة من أسواقها ثمّ هجم على الدار الّتي فيها الحسين إلّا أنّه هرب منها. وفي شهر رجب من هذه السنة ، أعني سنة (251) للهجرة ، كتب (المعتز بالله) إلى مزاحم بن خاقان ، يأمره بالمجيء إليه ليكرّمه مع أصحابه.
    ولمّا سمع أصحاب مزاحم بذلك ، وافق الأتراك والفراغنة والمغاربة على الرجوع إلى سامراء ، أمّا الشاكريّة ، فقد رفضوا الرجوع إلى سامراء ، عندها رجع مزاحم مع من أطاعه من الجند ، وكانوا حوالي أربعمائة رجل (2).
    __________________
    (1) الزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 211.
    (2) تاريخ الطبري. ج 9 / 241 و328 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 164.

    وفي سنة (248) للهجرة ، كان (المنتصر بالله) قد أرسل جيشا لغزو الروم بقيادة (وصيف التركي) وأرسل معه بعض القادة ، وكان على مقدمة الجيش مزاحم بن خاقان (1).
    وفي سنة (252) للهجرة ، أرسله الخليفة (المعتزّ بالله) إلى الأسكندرية لقمع الثورة الّتي قامت فيها على أمير مصر (يزيد بن عبد الله) فذهب مزاحم إلى هناك ، وتمكّن من إخمادها.
    وفي سنة (253) للهجرة ، ولّاه (المعتزّ بالله) إمارة الديار المصرية ، فوصلها في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول من هذه السنة ، بعد عزل أميرها السابق (يزيد بن عبد الله) التركي ، وسكن في المعسكر على عادة أمراء مصر ، وجعل على شرطته (أرحوز) (2).
    وأخذ مزاحم بن خاقان يحارب الفساد ، فثارت عليه جماعة كبيرة من المصريين فقاتلهم قتالا شديدا ، ثمّ قاتل المصريين في أماكن عديدة من مصر ، فقد قاتلهم في الوجه البحري ، فقتل الكثير منهم ، وأسر الكثير أيضا ، ثمّ ذهب إلى الجيزة ومنها ذهب إلى الفيوم.
    وكان مزاحم بن خاقان ، قد منع النساء الخروج من بيوتهن ، والذهاب إلى الحمّامات والمقابر ، وحبس المتخنثين والنائحات ، ومنع الناس من الجهر بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة بالجامع ، ثمّ أمر أهل الجامع بمساواة الصفوف في الصلاة ، ووكّل بذلك رجلا يقوم بضرب الناس بالسوط من مؤخر المسجد ، وأمر أن تصلى التراويح في شهر رمضان خمس تراويح ، وكانوا قبل ذلك يصلونها ستّا ونهى أيضا أن تشق الثياب على الميّت ، أو يسوّد الوجه ، وعاقب الناس بشدّة.
    __________________
    (1) نفس المصدر السابقين.
    (2) الكندي ـ ولاة مصر. ص 237 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 211.

    ولم يزل مزاحم في تشدّده على الناس ، حتّى وافته المنيّة في ليلة الإثنين في الخامس والعشرين من شهر محرم من سنة (254) (1) للهجرة ، وقيل مات سنة (253) للهجرة (2). في شهر رجب. في مصر.
    72 ـ أبو الساج :
    واسمه ديوداد بن ديودست ، وكنيته : أبو جعفر (3). عقد له المتوكّل على طريق مكّة بدلا من جعفر بن دينار سنة (244) وقيل (242).
    قلده محمّد بن عبد الله بن طاهر (معاون ما سقى الفرات من السواد) في الثالث والعشرين من شهر محرم من سنة (251) للهجرة ، ثمّ ذهب أبو الساج ، ونزل في قصر ابن هبيرة ثمّ دخل الكوفة (4).
    وفي يوم الخميس في السادس والعشرين من شهر ربيع الأول من هذه السنة أعني سنة (251) للهجرة ، رجع أبو الساج من طريق مكّة ومعه ستة وثلاثين أسيرا من الأعراب ، وهم مقيّدين بالأغلال ، ودخل إلى بغداد ، فخلع عليه خمس خلع ، وقلّد سيفا ثمّ ذهب إلى داره (5).
    وذكر أنّ محمّد بن عبد الله بن طاهر ، أمره بالمجيء إليه ، فلما جاء أبو الساج قال : (أيّها الأمير ، عندي مشورة تفيدك). فقال له محمّد : قل ، فإنّك غير متّهم ، قال : (إن كنت تريد أن تجادّ هؤلاء القوم فالرأي لك ألّا تفارق قوّادك ، ولا تفرّقهم ، واجمعهم حتّى تفض هذا العسكر المقيم بإزائك ، فإنّك إذا
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 377 والكندي ـ ولاة مصر. ص 237 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 2 / 338 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 211 وتاريخ اليعقوبي. ج 3 / 239.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 183.
    (3) تاريخ الطبري. ج 9 / 353 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 85.
    (4) الطبري. ج 9 / 353 والكامل. ج 7 / 69.
    (5) تاريخ الطبري. ج 9 / 314.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:21 am

    فرغت من هؤلاء ، فما أقدرك على من ورائك) (1).
    فقال محمّد : إنّ لي تدبيرا ويكفي إن شاء الله ، فقال أبو الساج : سمعا وطاعة ثمّ خرج.
    ثمّ ذهب أبو الساج مع بعض القادة إلى المدائن ومعه ثلاثة آلاف فارس وراجل ، وحفر خندق كسرى حولها ، ثمّ طلب مددا ، فأرسل إليه خمسمائة رجل ، وأرسل إليه مائتي راجل من الشاكرية (2).
    وفي شهر رجب من هذه السنة أيضا كانت معركة بين أبي الساج وبين (بايكباك) بناحية (جرجرايا) قتل فيها (بايكباك) قتله أبو الساج ، وقتل من رجاله وأسر منهم جماعة آخرين ، وغرقت جماعة أخرى في النهروان ، فأعطي لأبي الساج عشرة آلاف دينار معونة له ، وبخلعه فيها خمسة أثواب وسيف (3).
    وفي سنة (252) للهجرة ، ذهب رجل مع جماعة من الجيشية والشاكريّة من بغداد إلى الكوفة ، وكانت الكوفة وسوادها تحت إمارة أبي الساج في تلك الأيّام ، وكان أبو الساج حينذاك في بغداد لمقابلة محمّد بن عبد الله بن طاهر ، ولمّا علم ابن طاهر بذلك أمر أبا الساج بالرجوع إلى الكوفة لمعالجة الموقف ، فأرسل أبو الساج إلى الكوفة خليفته (عبد الرحمن الأشعثي).
    ثمّ تلاقى أبو الساج في بغداد مع أبي هاشم الجعفري ، ومعه جماعة من الطالبيين ، ودار الحديث بينهم حول الطالبي الذاهب إلى الكوفة ، فقال لهم
    __________________
    (1) المصدر السابق. ج 9 / 315.
    (2) المصدر اعلاه. ج 9 / 317.
    (3) المصدر السابق. ج 9 / 330.

    أبو الساج : (قولوا له يتنحى عني ، ولا أراه) (1).
    وفي سنة (261) للهجرة ، ولّي أبو الساج إمارة الأهواز ، وحرب الزنج ، ولمّا وصل أبو الساج إلى الأهواز ذهب إلى (معسكر مكرم) وفي تلك الأثناء دخل الزنج إلى الأهواز ، فقتلوا ونهبوا وأحرقوا دورها ، عندها عزل أبو الساج عن الأهواز وحرب الزنج (2).
    مات أبو الساج (بجند يسابور) في شهر ربيع الأول من سنة (266) للهجرة (3).
    73 ـ عيسى بن جعفر وعليّ بن زيد :
    وفي شهر رجب من سنة (255) للهجرة ، ثار بالكوفة الحسنيان عيسى بن جعفر وعليّ بن زيد ، فقتلا بها عبد الله بن محمّد بن داود بن عيسى (4).
    وذكر ابن الجوزي بأنّ عيسى بن جعفر وعليّ بن زيد قد ثارا بالمدينة في السنة المذكورة (5).
    74 ـ عليّ بن زيد :
    هو : عليّ بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.
    ثار بالكوفة سنة (256) (6) للهجرة ، في خلافة (المعتمد على الله)
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 370.
    (2) المصدر السابق. ج 9 / 513.
    (3) الطبري. ج 9 / 549 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 56 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 333.
    (4) الطبري. ج 9 / 388 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 216 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 18 / 15.
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 11 / 79.
    (6) تاريخ الطبري. ج 9 / 474 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 11 / 108 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 239 ـ والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 19 / 22 / 19 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 306 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 371.

    وطرد نائب الخليفة عن الكوفة ، واستقرّ بها ، فبايعه جماعة من عوامها وأعرابها ولم يكن الزيدية ، ولا زعماء أهل الكوفة يؤيدونه ، فأرسل إليه جيش كبير بقيادة (الشاه ميكال) ولمّا وصل (الشاه) قريبا من الكوفة ، خرج إليه عليّ بن زيد ، ومعه مائتا فارس ، فقال عليّ بن زيد لأصحابه : (إنّ القوم لا يريدون غيري ، فاذهبوا أنتم في حلّ من بيعتي) (1). فقالوا له : لا نتركك ، ولن نفعل ذلك أبدا.
    ثمّ حمل عليّ بن زيد على وسط عسكر العدو ، فضربهم يمينا وشمالا ، ثمّ عاد إلى مكانه ، ثمّ هجم عليهم ثانية ، وثالثة مع أصحابه ، فدارت معركة بين الطرفين انهزم أخيرا جيش (الشاه بن ميكال) (2) ونجا الشاه بنفسه بعد أن قتل الكثير من أصحابه.
    ثمّ أرسل الخليفة (المعتمد على الله) جيشا آخر بقيادة (كيجور التركي) وأمره أن يدعو عليّ بن زيد إلى الطاعة قبل محاربته ، ويعطيه الأمان ، فذهب كيجور ونزل في قرية (شاهي) وأرسل إلى عليّ بن زيد يدعوه إلى الطاعة ، وبذل الأمان فطلب عليّ بن زيد مطاليب لم يجبه إليه كيجور ، عندها خرج عليّ بن زيد من الكوفة ، وذهب إلى (القادسيّة) فعسكر فيها ، فدخل كيجور إلى الكوفة في الثالث من شهر شوال من هذه السنة (256) للهجرة.
    ثمّ ذهب عليّ بن زيد إلى (خفان) ودخل بلاد بني أسد ، ثمّ صاهرهم
    __________________
    (1) أبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص 675.
    (2) المصدر السابق. ص 533 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 239 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 371.

    وأقام عندهم ، ثمّ ذهب إلى جنبلاء (1).
    ولمّا علم كيجور التركي بمكان عليّ بن زيد ذهب إليه في نهاية شهر ذي الحجّة من هذه السنة فحدثت بينهما معركة انهزم فيها عليّ بن زيد ، بعد أن قتل بعض من أصحابه ، وأسّر آخرون ، ثمّ عاد كيجور إلى الكوفة (2).
    ولمّا استقرّت الأمور بالكوفة ، عاد كيجور إلى سامراء ، وقبل وصوله إلى سامراء ، أرسل إليه الخليفة بعضا من قادته فقتلوه في (عكبرا) (3).
    وعن عليّ بن زيد عن يوسف بن مهران عن عبد الله بن عبّاس أنّه قال : كتب قيصر الروم إلى معاوية بن أبي سفيان : (سلام عليك ، أما بعد ، فأنبئني بأحبّ كلمة إلى الله ، وثانية ، وثالثة ورابعة ، وخامسة ، ومن هو أكرم عباده إليه؟ وأكرم إمائه ، وعن أربعة أشياء فيهن الروح لم يرتكضن في رحم ، وعن قبر يسير بصاحبه ، ومكان في الأرض لم تصبه الشمس إلّا مرّة واحدة (4).
    فعجز معاوية عن رد الجواب ، فأرسل إلى عبد الله بن عبّاس يسأله عن ذلك ، فأجاب : أمّا أحبّ كلمة إلى الله فهي : (لا إله إلّا الله) لا يقبل عملا إلّا بها وهي المنجية ، والثانية : (سبحان الله) وهي صلاة الخلف ، والثالثة : (الحمد لله) كلمة الشكر ، والرابعة : (الله أكبر) فواتح الصلوات والركوع والسجود والخامسة : (لا حول ولا قوة إلّا بالله).
    وأما أكرم عباد الله إليه فهو آدم ، خلقه بيده ، وعلّمه الأسماء كلّها.
    وأكرم إمائه إليه : فهي مريم بنت عمران ، الّتي أحصنت فرجها.
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 239 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 371.
    (2) الكامل. ج 7 / 240.
    (3) نفس المصدر السابق.
    (4) ابن قتيبة ـ عيون الأخبار. ج 1 / 199.

    والأربعة الّتي فيهن روح ، ولم يرتكضن في رحم ، فآدم وحواء ، وعصا موسى ، وكبش إسماعيل ، والموضع الّذي لم تصبه الشمس إلّا مرّة واحدة : فهو البحر ، الّذي انفلق لموسى وبني إسرائيل. والقبر الّذي يسير بصاحبه : هو بطن الحوت الّذي كان فيه النبيّ يونس عليه‌السلام. قتل عليّ بن زيد سنة (260) قتله صاحب الزنج (1).
    75 ـ كيجور التركي :
    وهو أحد القادة الأتراك في الجيش العباسي. عند ما ثار عليّ بن زيد ابن الحسين بن موسى بن زيد بالكوفة سنة (256) (2) للهجرة ، أرسل الخليفة (المعتمد) جيشا كبيرا لمحاربته بقيادة (كيجور التركي) وأمره بأن يدعو زيد بن عليّ لطاعته قبل أن يبدأه بالحرب ، ثمّ يعطيه الأمان له ولأصحابه.
    فذهب كيجور إلى الكوفة ، ونزل في قرية (شاهي) ثمّ بعث إلى عليّ ابن زيد يدعوه إلى طاعة الخليفة ، فطلب منه عليّ بن زيد مطاليب ، إلّا أنّ كيجور لم يلبّي أيّا منها ، عندها ترك عليّ بن زيد الكوفة ، وذهب إلى القادسيّة ، فعسكر فيها ، فتقدم كيجور نحو الكوفة فدخلها في الثالث من شهر شوال من هذه السنة.
    ولمّا علم كيجور بذهاب عليّ بن زيد إلى (القادسيّة) تبعه إلى هناك ، فحدثت بينهما معركة انهزم على أثرها عليّ بن زيد ، وقتل خلالها جماعة كثيرة من أصحابه ، وأسّر آخرون ، ثمّ عاد كيجور إلى الكوفة (3).
    ولمّا استقرت الأمور في الكوفة ، وهدأ الناس ، وعادوا إلى أعمالهم ،
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 1 / 508 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 5 / 21 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 273.
    (2) تاريخ الطبري. ج 9 / 474 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 239.
    (3) تاريخ ابن خلدون. ج 3 / 306 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 371.

    تحرّك كيجور من الكوفة قاصدا سامراء ، بغير علم وموافقة الخليفة (المعتمد) فأمره (المعتمد) بالرجوع إلى الكوفة ، والبقاء فيها ، إلى أن يدعوه.
    كما وأرسل إليه مالا ليوزّعه على أصحابه ، إلّا أنّ كيجور رفض المال ، وواصل سيره حتّى وصل إلى (عكبرا) عندها أرسل إليه (المعتمد) من سامراء عددا من قادته فلقوه في الطريق ، فقتلوه ، وحملوا رأسه إلى سامراء ، وذلك سنة (259) (1) للهجرة.
    وقيل إنّ القادة الذين أرسلهم (المعتمد) إلى حرب كيجور هم : (ساتكين) و (تكين) و (عبد الرحمن بن مفلح) و (موسى بن أتامش) وغيرهم ، فذبحوه وحمل رأسه إلى سامراء ، وذلك في التاسع والعشرين من شهر رجب من سنة (259) للهجرة ، وقد وجد مع كيجور أكثر من أربعين ألف دينار ، كما وضرب كاتبه (وكان نصرانيا) ألف سوط حتّى مات (2).
    76 ـ أبو أحمد (الموفّق) بن المتوكّل :
    هو أبو أحمد (طلحة) بن المتوكّل بن المعتصم ، ولّاه أخوه الخليفة (المعتمد على الله) إمارة الكوفة وطريق مكّة والحرمين واليمن سنة (256) (3) للهجرة ، وفي نفس هذه السنة ولّاه : بغداد والسواد وكور دجلة والبصرة ، والأهواز وفارس ، وفي شهر ربيع الأول من سنة (257) (4) للهجرة ، عقد له ديار مضر ، وقنسرين ، والعواصم ، فأصبح (الموفّق) هو القائد الأعلى
    __________________
    (1) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 364 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 240.
    (2) تاريخ الطبري. ج 9 / 502 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 19 / 30.
    (3) تاريخ الطبري. ج 9 / 276 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 432 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 339 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.
    (4) نفس المصادر السابقة.

    للجيوش ، وهو المسير لأمور الدولة ، ولم تبق بيد الخليفة (المعتمد) أية سلطة فعلية ، سوى أنه (أمير المؤمنين) كما أنّ الموفّق قد ضيّق على أخيه (المعتمد) بكافة تصرفاته ، إذ احتاج مرّة إلى مبلغ ثلثمائة دينار ، فلم يحصل عليه ، فعندها قال (1) :
    أليس من العجائب أنّ مثلي
    يرى ما قلّ ممتنعا عليه

    وتؤخذ بأسمه الدنيا جميعا
    ومن ذاك شيء في يديه

    إليه تحمل الأموال طرا
    ويمنع بعض ما يجبى اليه

    ثمّ حجره الموفّق وحبسه ، فكان المعتمد أوّل خليفة عباسي ، قهر وحبس وحجر عليه (2).
    وفي سنة (261) للهجرة ، ولّى (المعتمد) أخاه (الموفّق) العهد بعد ابنه (جعفر) وولّاه المشرق وبغداد ، والسواد والكوفة ، وطريق مكّة والمدينة ، واليمن ، وكسكر ، وكور دجلة ، والأهواز ، وأصبهان ، وقم ، والكرج ، والدينور ، والريّ ، وزنجان ، وقزوين ، وخراسان ، وطبرستان ، وكرمان ، وسجستان ، والسند ، وقال المعتمد : إنّه إذا مات وابنه (جعفر) صغير ، فيكون (الموفّق) هو الخليفة ، ومن بعده لجعفر (3) ، وأمره أن يذهب لمحاربة الزنج.
    وقد اشتهر (الموفّق) في محاربة (صاحب الزنج) (4) يعاونه ابنه
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 455.
    (2) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 123.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 5 / 26 وج 12 / 163 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 278.
    (4) صاحب الزنج : وهو عليّ بن محمّد بن أحمد بن عليّ بن عيسى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ثار بالبصرة في يوم الأربعاء في السادس والعشرين من شهر رمضان من سنة (255) للهجرة ، وأخذ يدعو غلمان أهل البصرة ، فالتف حوله الكثير منهم وذلك للخلاص من الرق والعبودية والتعب ، ووعدهم بأنه سوف يقودهم ، ويملكهم الأموال ، وأنه لن يغدر بهم ، ثمّ انتقل إلى البحرين وجعل مدينة (هجر) مقرا لقيادته. ثمّ استسلمت له (عبادان) بدون حرب ، ثمّ ذهب إلى الأهواز فاستولى عليها وبعد

    (العبّاس) ، وقد استمرّت الحرب بينهما عدّة سنوات ، وقد قتل فيها عشرات الآلاف من كلا الجانبين ، وأخيرا انتصر فيها (الموفّق).
    وقال يحيى بن محمّد الأسلمي في المعارك الّتي وقعت بين الموفّق وصاحب الزنج (1) :
    أقول وقد جاء البشير بوقعة
    أعزت من الإسلام ما كان واهيا

    جزى الله خير الناس للناس بعد ما
    أبيح حماهم خير ما كان جازيا

    تفرد إذ لم ينصر الله ناصر
    بتجديد دين كان أصبح باليا

    وتجديد ملك قد وهن بعد عزّة
    وأخذ بثارات تبين الأعاديا

    وردّ عمارات أزيلت وأخرجت
    ليرجع فيّ قد تخرّم وافيا

    وترجع أمصار أبيحت وأحرقت
    مرارا فقد أمست قواء عواقيا

    ويشفي صدور المسلمين بوقعة
    يقر بها عيون البواكيا

    ويتلى كتاب الله في كلّ مسجد
    ويلقى دعاء الطالبيين خاسيا

    فأعرض عن أحبابه ونعيمه
    وعن لذّة الدنيا وأصبح عاريا

    وقال الشاعر يحيى بن خالد قصيدة طويلة يمدح بها (الموفّق) نقتطف منها الأبيات التالية (2) :
    يا ابن الخلائق من أرومة هاشم
    والغارمين الناس بالأفضال

    __________________
    حروب طويلة بين (الموفّق) وبين صاحب الزيج ، قتل صاحب الزنج ، وجيء برأسه إلى بغداد ليراه الناس. قتل صاحب الزنج في يوم السبت في الثاني من شهر صفر سنة (270) للهجرة ، وكانت أيامه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيّام. انظر (تاريخ الطبري. ج 11 / 174 والذهبي ـ دول الإسلام. ج 1 / 126 والمرزباني. ص 2291 وتاريخ ابن خلدون. ج 4 / 18 والزركلي ـ الأعلام. ج 5 / 140 واليعقوبي. ج 2 / 474 ومحمّد سهل طقوس ـ تاريخ الدولة العباسيّة. ص 172 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 403).
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 663 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 405.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 6 / 54 وتاريخ الطبري. ج 9 / 164.


    والذائدين عن الحريم عدوهم
    والمعلّمين لكلّ يوم نزال

    ومنها :
    أقررت عين الدين ممّن كاده
    وأدلته من قاتل الأطفال

    صال الموفّق بالعراق فأفزعت
    من بالمغارب صولة الأبطال

    وكان الخليفة (المعتزّ) قد عقد لأخيه (الموفّق) سنة (251) (1) للهجرة ، على حرب (المستعين) ومحمّد بن عبد الله بن طاهر ، وجعل له الأمر والنهي ، وجعل التدابير العسكرية إلى (كلباتين) التركي ، فجاءت الأتراك والمغاربة ، فنزلوا في الجانب الغربي من بغداد (وكان عددهم أثنا عشر ألف رجل) بقيادة (باكيباك) وكان مع (الموفّق) في الجانب الشرقي منها ، سبعة آلاف رجل ، فوقعت معركة بين الطرفين ، قتل فيها الكثير من كلا الطرفين ، فكتب المعتزّ إلى الموفّق يلومه عن تقصيره في قتال أهل بغداد قائلا (2) :
    لأمر المنايا علينا طريق
    وللدهر فيه اتساع وضيق

    فأيامنا عبر للأنام
    فمنها البكور ومنها الطروق

    ومنها هنّات تشيب الوليد
    ويخذل فيها الصديق الصديق

    قتال مبيد وسيف عتيد
    وخوف شديد وحصن وثيق

    وطول صياح لداعي الصباح ال
    سلاح السلاح فما يستفيق

    فهذا قتيل وهذا جريح
    وهذا حريق وهذا غريق

    هناك اغتصاب وثمّ انتهاب
    ودور خراب وكانت تروق

    إذا ما سمونا إلى مسلك
    وجدناه قد سدّ عنا الطريق

    فبالله نبلغ ما نرتجيه
    وبالله ندفع مالا نطيق

    فأجابه محمّد بن عبد الله :
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 290 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 5 / 26.
    (2) الطبري. ج 9 / 316.


    ألا كلّ من زاغ عن أمره
    وجار به عن هداه الطريق

    ملاق من الأمر ما قد وصفت
    وهذا بأمثال هذا خليق

    ولا سيما ناكث بيعة
    وتوكيدها فيه عهد وثيق

    يسد عليه طريق الهدى
    ويلقى من الأمر ما لا يطيق

    وليس ببالغ ما يرتجيه
    من كان عن غيّه لا يفيق

    أتانا به خبر سائر
    رواه لنا عن خلوق خلوق

    وهذا الكتاب لنا شاهد
    يصدّقه ذا النبيّ الصدوق

    وكتب محمّد بن عبد الله بن طاهر إلى (الموفّق) في رغبته بخلع (المستعين) والبيعة (للمعتزّ) فتمّ ذلك ، حيث أنّ (المستعين) قد خلع نفسه سنة (252) (1) للهجرة وبايع (المعتز).
    وقال بعض الشعراء في خلع (المستعين) (2) :
    خلع الخلافة أحمد بن محمّد
    وسيقتل التالي أو يخلع

    ويزول ملك بني أبيه ولا يرى
    أحد تملك منهم يستمتع

    إيها بني العبّاس إن سبيلكم
    في قتل أعبدكم طريق مهيع

    رقعتم دنياكم فتمزقت
    بكم الحياة تمزقا لا يرقع

    وقال بعض البغداديين في خلع المستعين أيضا (3) :
    إنّي أراك من الفراق جزوعا
    أضحى الإمام مسيّرا مخلوعا

    كانت له الآفاق تضحك بهجة
    وهو الربيع لمن أراد ربيعا

    لا تنكري حدث الزمان وريبه
    إن الزمان يفرّق المجموعا

    لبس الخلافة واستجدّ محبّة
    يقضي أمور المسلمين جميعا

    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 337 والمسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 78.
    (2) الطبري. ج 9 / 350.
    (3) تاريخ الطبري. ج 9 / 350.


    فجنت عليه يد الزمان بصرفه
    حربا وكان عن الحروب شسوعا

    وتجانف الأتراك عنه تمرّدا
    أضحى ، وكان ولا يراع مروعا

    غدروا به ، مكروا به ، خانوا به
    لزم الفراش وحالف التضجيعا

    وتكنفوا بغداد من أقطارها
    قد ذلّلوا ما كان قيل منيعا

    وهي قصيدة طويلة ، اكتفينا منها بهذا القدر. ثمّ عاد (الموفّق) إلى سامراء ، فأكرمه (المعتزّ) وتوّجه بتاج من ذهب ، وأعطاه سيفا مرصّعا بالجوهر. (1)
    وفي سنة (253) (2) للهجرة ، نفي (الموفّق) إلى واسط ومنها إلى البصرة ، ثمّ إلى بغداد وأنزل في الجانب الشرقي منها (الرصافة) في قصر دينار بن عبد الله.
    وكان الموفّق قد حبس عليّ بن محمّد بن جعفر (العلوي) بتهمة استعداده للقيام بثورة ضدّ الخليفة ، فكتب إليه عليّ من السجن يقول (3) :
    قد كان جدك عبد الله (4) خير أب
    لا بني عليّ حسين الخير والحسن


    فالكف يوهن منها كلّ أنملة
    ما كان من أختها الأخرى من الوهن

    فعفا عنه ، وأطلق سراحه بكفالة.
    وكان (الموفّق) قد قبض على سليمان (5) بن وهب وابنه عبد الله لعلمهما بالأموال والودائع الّتي كانت عند (موسى بن بغا) ثمّ بعد ذلك حبسهما. فقال ابن الرومي (6) وكان حاضرا (7) :
    __________________
    (1) المصدر السابق. ج 9 / 354 والمسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 79.
    (2) الطبري. ج 9 / 377.
    (3) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 67.
    (4) عبد الله : بن عبّاس بن عبد المطلب (عم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم).
    (5) سليمان : كان وزيرا للخليفة المهتدي.
    (6) ابن الرومي : أحد شعراء الدولة العباسيّة المشهورين ، وله ديوان شعر.
    (7) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 23 / 152.


    ألم تر أن المال يتلف ربّه
    إذا جمّ آنية وسدّ طريقه

    ومن جاور الماء الغزير مجمّه
    وسدّ مفيض الماء فهو غريقه

    وعند ما كان (الموفّق) في بلاد الجبل مرض مرضا شديدا فقال : (أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق ، ما أصبح فيهم أسوء حالا منّي) (1).
    مات أبو أحمد (الموفّق) ليلة الخميس في السابع والعشرين من شهر صفر من سنة (278) (2) للهجرة ، وكان عمره (49) سنة ، وقيل مات في الثاني والعشرين من الشهر والسنة المذكورين ، ودفن عند قبر أمّه في جانب الرصافة من بغداد.
    77 ـ الهيثم العجلي (3) :
    وفي شهر شوال من سنة (267) (4) للهجرة ، حدثت معركة بين جماعة أبي الساج وبين الهيثم العجلي ، قتل فيها مقدمة جيش الهيثم ، وغنموا عسكره ، وذكر ابن خلدون بأن هذه المعركة وقعت سنة (270) للهجرة بين أبي الساج وبين الهيثم العجلي (صاحب الكوفة) (5).
    كما وذكر المستشرق (زامباور) بأنّ الهيثم العجلي كان أميرا على الكوفة سنة (267) للهجرة ، وقاتل محمّد بن أبي الساج (أمير مكّة) (6).
    وفي شهر جمادي الآخرة من سنة (269) للهجرة ، ولي محمّد بن أحمد
    __________________
    (1) نفس المصدر السابق.
    (2) تاريخ الطبري. ج 9 / 22 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 442 ومحمّد الخضري بك ـ تاريخ الأمم الإسلامية. ج 2 / 313.
    (3) الهيثم وقيل : الهيصم.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 362 وتاريخ الطبري. ج 9 / 590.
    (5) تاريخ ابن خلدون. ج 3 / 343.
    (6) زامباور ـ معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي. ج 1 / 69.

    الطائي إمارة الكوفة وسوادها ، ولّاه إيّاها هارون بن الموفّق ، فلقي الهيصم العجلي فانهزم الهيصم (1).
    78 ـ محمّد بن أحمد الطائي :
    هو : أحد القادة الأمراء المشهورين في العصر العباسي ، وكنيته : أبو جعفر. ولّاه إمارة الكوفة وسوادها هارون بن الموفّق سنة (269) (2) للهجرة.
    وفي سنة (271) للهجرة ، عقد الخليفة (المعتمد) لأحمد الطائي على المدينة ، وطريق مكّة. وأثناء ذهاب الحجّاج إلى مكّة في هذه السنة ، هجم يوسف بن أبي الساج على قافلة للحجاج ، فأسروا (بدر) غلام أحمد الطائي وكان هذا أميرا للقافلة ، ثمّ تمكّن الجند ، وبمساعدة الحجّاج من تخليص (بدر) من الأسر ، ثمّ أسر بعد ذلك يوسف بن أبي الساج ، وأرسلوه إلى بغداد (وكانت الحرب على أبواب المسجد الحرام) (3).
    وفي سنة (272) للهجرة ، ارتفعت أسعار الطعام (الحنطة والشعير والعدس وغيرها) في بغداد ارتفاعا كبيرا ، وكان سبب ذلك الغلاء ، هو أنّ أهالي سامراء منعوا إرسال سفن الطعام إلى بغداد ، كما أنّ أحمد الطائي هو الآخر ، منع أصحاب المزارع من دياسة الحبوب ، لغرض زيادة الأسعار ، وفي مقابل ذلك منع أهالي بغداد عن إرسال الزيت والصابون وغيرها إلى سامراء.
    وعند ذلك اجتمع الناس ، وثاروا على أحمد الطائي ، فجمع الطائي أصحابه فقاتلهم ، فسقط في الاشتباك عدّة جرحى ، ثمّ ذهب محمّد بن طاهر ،
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 397.
    (2) الطبري. ج 9 / 621 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 397.
    (3) تاريخ الطبري. ج 10 / 8.

    وهدّأ الناس فتفرقوا (1).
    وفي سنة (275) للهجرة ، ثار (فارس العبدي) مع جماعة كبيرة من أصحابه فأخاف الطريق ، وذهب إلى سامراء ، فنهب دورها ، فسار إليه أحمد الطائي بجيشه فانهزم (العبدي) واستولى على ما كان مع العبدي من أموال.
    ثمّ ذهب الطائي ليعبر نهر دجلة في سفينة ، فتبعه بعض أصحاب العبدي ، وتعلّقوا بسفينته ، ولمّا شعر الطائي بهم ، رمى نفسه بالماء ، وعبر نهر دجلة سباحة ولمّا خرج من النهر في الجانب الآخر ، أخذ الطائي ينفض لحيته من الماء ، وقال : (أيش ظنّ العبدي؟ أليس أنا أسبح من سمكة).
    وقال عليّ بن بسطام في أحمد الطائي (2) :
    قد أقبل الطائي ما أقبلا
    قبّح في الأفعال ما أجملا

    كأنّه من لين ألفاظه
    صبيّة تمضغ جهد البلا

    وفي هذه السنة أيضا أي سنة (275) كان (صدّيق الفرغاني) (3) قد عاث فسادا في سامراء ، فذهب إلى السجن ، وأطلق أخاه منه ، فلما سمع أحمد الطائي بذلك ذهب إلى سامراء ، فقبض على (صدّيق) ومن كان معه ، ثمّ قطع يده ورجله ، وكذلك قطع أيدي وأرجل أصحابه ، ثمّ جاء بهم إلى بغداد ، وقد حملت الأيدي والأرجل (المقطعة) عاليا ليراها الناس (4).
    وعند ما انتشر مذهب القرامطة (5) بالكوفة وسوادها ، وعلم الطائي بأمرهم فرض على كلّ رجل منهم دينارا واحدا في السنة ، فذهب جماعة
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 10 / 10 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 420.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 432.
    (3) صديق الفرغاني : كان يحرس الطريق ، ثمّ تحول إلى لص مخرب ، يقطع الطريق.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 433 والزركلي ـ الأعلام. ج 1 / 205.
    (5) القرامطة : حركة سياسيّة دينية ، ظهرت بسواد الكوفة ، ومؤسسها (حمدان الملقب بقرمط).

    من أهل الكوفة إلى السلطان ، وأخبروه بأمر القرامطة ، وأنّهم قد أحدثوا دينا غير الإسلام ، وأنّهم يقتلون كلّ من لم يبايعهم على دينهم ، وأنّ أحمد الطائي يخفي أمرهم عن السلطان. فلم يلتفت السلطان إليهم ، ولم يسمع منهم ، كان ذلك سنة (278) (1) للهجرة.
    وكان الموفّق (أبو أحمد) قد قبض على أحمد الطائي سنة (275) للهجرة ، وحبسه وصادر جميع أمواله وممتلكاته ، وكان الطائي حينذاك أميرا على الكوفة وسوادها ، وطريق خراسان ، وسامراء ، والشرطة ببغداد ، وعلى خراج (بادوريا) و (قطربل) و (مسكن) ، ثمّ عفا عنه ، وأطلق سراحه ، وأعاده إلى إمارة الكوفة وبقي أميرا على الكوفة إلى أن مات (2).
    مات أحمد بن محمّد الطائي بالكوفة في الحادي والعشرين من شهر جمادي الآخرة من سنة (281) (3) للهجرة ودفن بها قرب مسجد السهلة.
    79 ـ إسحاق بن عمران :
    كان إسحاق بن عمران أميرا على الكوفة سنة (293) (4) للهجرة ، وذلك عند ما هاجم الذبلاني بن جهروبة من أهل الصوصر على الكوفة ، ومعه ثمانمائة فارس ، فسلبوا وقتلوا حوالي عشرين رجلا.
    ثمّ دخل إلى الكوفة أيضا ، ما يقارب المائة فارس من القرامطة ، من
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 9 / 25 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 447.
    (2) الزركلي ـ الأعلام (ط 5). ج 1 / 205.
    (3) تاريخ الطبري. ج 9 / 36 والقاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 5 / 62 ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 467.
    (4) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 20 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 543.

    الباب المعروف (باب كنده) فصدوهم أهل الكوفة بمساعدة جماعة من أصحاب السلطان (1) فقتلوا منهم جماعة ، ثمّ أخرجوهم عن المدينة.
    ثمّ خرج إسحاق بن عمران ، ومعه جماعة من الجند لمحاربة القرامطة خارج سور المدينة ، وأمر أهل الكوفة بالحراسة ليلا لئلا يجد القرامطة ثغرا فيدخلون منه إلى الكوفة ، واستمرت المعارك مع القرامطة إلى العصر ، بعدها انهزم القرامطة إلى القادسيّة (2).
    ثمّ إنّ أهل الكوفة ، أصلحوا سورهم وخندقهم (3) ، مما أصابهما من ضرر ، وأخذوا مع أصحاب السلطان يحرسون مدينتهم ليل نهار (4).
    ثمّ كتب إسحاق بن عمران إلى الخليفة ، يطلب منه العون والنجدة ، فأرسل إليه جماعة من قادته منهم : (طاهر بن عليّ بن وزير) و (وصيف بن صوار تكين) التركي و (الفضل بن موسى بن بغا) و (بشر الخادم الأخشيني) و (جني الصفواني). فسار هؤلاء جميعا بجيوشهم (وكل قائد يرأس جماعته) حتّى وصلوا إلى الكوفة ، فطلبوا من إسحاق بن عمران البقاء في الكوفة لضبطها ، وساروا هم إلى القادسيّة ، فدارت معركة عنيفة بين القرامطة ، وجيوش السلطان ، انهزمت على أثرها جيوش السلطان شر هزيمة ، وقتل الكثير منهم ، ولم ينج منهم إلّا الجرحى الذين طرحوا أنفسهم
    __________________
    (1) السلطان : هو لقب للأمراء الّذين سيطروا على الدولة العباسيّة يمنحه لهم الخليفة ، وكذلك لقب أمير الأمراء ، ولقب الملك والسلطان كالمستبد بالأمر. (القلقشندي. ج 10 / 158).
    (2) الذهبي ـ التاريخ الإسلامي. ج 22 / 14.
    (3) الخندق : كان أبو جعفر المنصور ، قد حفر خندقا حول الكوفة ، وقد أعطى لكل عامل خمسة دوانق ، ولمّا كمل حفر الخندق ، أخذ من كلّ واحد منهم أربعين دانقا ، فقال شاعرهم :
    يا لقومي ما لقينا
    من أمير المؤمنينا

    وزع الخمسة فينا
    وجبانا الأربعينا

    (4) تاريخ الطبري. ج 10 / 125.

    بين القتلى ، ثمّ استولى القرامطة على كافة المعدّات والأرزاق الّتي كانت مع جيوش السلطان.
    وقيل إنّ عدد قتلى جيوش السلطان قد بلغت : ألف وخمسمائة رجل ، ثمّ ارتحل القرامطة من مكانهم إلى مكان آخر ، وذلك لكثرة الروائح المنبعثة من جثث القتلى.
    ثمّ تمكّن إسحاق بن عمران مع أصحابه ، وبمساعدة جماعة من آل أبي طالب من محاربة القرامطة في الكوفة ، وإجلائهم عنها (1).
    وفي سنة (303) للهجرة ، عزل إسحاق بن عمران عن إمارة الكوفة ، عزله الخليفة (المقتدر بالله) وعيّن مكانه ورقاء بن محمّد الشيباني (2).
    وعند ما كان إسحاق بن عمران أميرا على الكوفة ، أخذ من (أبي الهيثم بن ثوابة) الأكبر ، أموالا كثيرة له وللسلطان ، وخوفا من أن يفتضح أمره لدى السلطان ، فقد أمر بحبس (أبي الهيثم) ، وبعد ذلك احتال في قتله ، خوفا من أن يعترف عليه يوما ما ، بما أخذه منه لنفسه (3).
    وقال عليّ بن بسام ، يهجو الخليفة (الموفّق) والوزير (أبا الصفر إسماعيل بن بلبل) و (أحمد بن محمّد الطائي) و (عبدون النصراوي) و (أبا العبّاس بن بسطام) و (حامد بن العبّاس) وزير المقتدر و (إسحاق بن عمران) أمير الكوفة (4).
    أيرجو الموفّق نصر الإله
    وأمر العباد إليه دانيه

    ومن قبلها كان أمر العباد
    لعمر أبيك إلى زانية

    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 10 / 127.
    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 56.
    (3) المصدر السابق. ص 57.
    (4) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 207.


    فإن رضيت رضيت أنّه
    كدالية فوقها داليه

    وظلّ ابن بلبل يدعى الوزير
    ولم يك في الأعصر الخاليه

    وطحان طي تولى الجسور
    وسقي الفرات وزرقاميه

    ويحكم عبدون في المسلمين
    ومن مثله تؤخذ الجاليه

    وأحول بسطام ظل المشير
    وكان يحوك ببراز طيه

    وحامد يا قوم لو أمره
    اليّ لألزمته الراويه

    نعم ، ولأرجعته صاغرا
    إلى بيع رمان حضراويه

    وإسحاق بن عمران يدعى الأمير
    لداهية أيّما داهيه

    فهذه الخلافة قد ودعت
    وظلت على عرشها خاويه

    فخلّ الزمان لأوغاده
    إلى لعنة الله والهاويه

    فيا ربّ قد ركب الأرذلون
    ورجليّ من رجلهم عاليه

    فإن كنت حاملنا مثلهم
    وإلّا فارحل بني الزانية

    مات إسحاق بن عمران في سنة (306) (1) للهجرة.
    80 ـ إبراهيم المسمعيّ :
    وهو : إبراهيم بن عبد الله ، أحد الأمراء في الدولة العباسيّة. عزله الخليفة (المقتدر بالله) عن إمارة الكوفة سنة (296) (2) للهجرة ، وعين مكانه (نزار بن محمّد الضبي). وذكر ابن الأثير : أنّ الّذي جاء بعد إبراهيم المسمعي هو (ياقوت) (3).
    وفي سنة (311) للهجرة ، عقد له (المقتدر بالله) على إمارتي (فارس
    __________________
    (1) نفس المصدر السابق.
    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 33 والقاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 2 / 208.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 179.

    وكرمان) (1) وفي سنة (313) (2) للهجرة ، وعند ما كان إبراهيم المسمعي أميرا على فارس ، فتح ناحية (القفص) في حدود كرمان ، وأسّر منها خمسة آلاف شخص ثمّ باعهم.
    مات إبراهيم المسمعي سنة (315) (3) للهجرة بالنوبندجان ، على أثر حمّى أصابته. فعيّن مكانه ياقوت (4) ، عيّنه عليّ بن عيسى (5).
    81 ـ نزار محمّد الضبي :
    وهو : نزار بن محمّد الضبي ، الخراساني ، وكنيته : أبو معد. وهو أحد قادة الدولة العباسيّة. ولّاه (المقتدر) إمارة الكوفة وطساسيجها (6) سنة (296) للهجرة ، وذلك بعد عزل إبراهيم المسمعي عن إمارتها (7) ، وقيل كان أميرا على الكوفة سنة (294) للهجرة.
    وكان نزار الضبي في سنة (288) للهجرة ، قد أرسل لغزو الروم ، ففتح حصونا كثيرة للروم ، وأدخل طرسوس مائة علج ونيفا ، وستين علجا من الشماسيّة ، وصلبانا كثيرة (Cool.
    وفي سنة (292) للهجرة ، كان نزار الضبي أميرا على البصرة (9).
    وعند ما كان نزار أميرا على البصرة ، سمع بأنّ رجلا يريد الثورة على
    __________________
    (1) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 228.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 160 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 398.
    (3) تاريخ ابن خلدون ، ج 3 / 389.
    (4) ذيول الطبري. ص 250 والهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 250.
    (5) عليّ بن عيسى : وزير المقتدر.
    (6) الطسوج : الناحية ، المنطقة.
    (7) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 33 والقاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 2 / 208.
    (Cool ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 12 / 416 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 510.
    (9) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 2 / 208.

    الخليفة ، فقبض عليه في واسط وجيء به إلى البصرة ، ثمّ ألقي القبض أيضا على جماعة اتهموا بأنّهم من أنصار هذا الثائر ، فأرسلهم جميعا إلى بغداد إلى الخليفة (المكتفي بالله) فأمر المكتفي بردهم إلى البصرة ، فحبسهم نزار في السجن المعروف (بالجديد) (1).
    وفي سنة (294) للهجرة ، ألقي القبض (في طريق مكّة) على رجلين ، أحدهما يعرف (بالحداد) والثاني (بالمنتقم) فأرسلوهما إلى نزار بالكوفة ، فأرسلهما نزار إلى الخليفة في بغداد ، وقيل إنّ التهمة الّتي وجهت اليهما ، بأنّهما كانا يدعوان الأعراب للثورة ضد الخليفة (2).
    وفي سنة (304) للهجرة ، عيّن نزار بن محمّد رئيسا لشرطة بغداد ، وذلك بعد عزل رئيسها السابق (يمن الطولوني) وبقي نزار على شرطة بغداد إلى سنة (306) للهجرة ، حيث عزل عنها ، عزله الخليفة (المقتدر) ثمّ عيّن مكانه محمّد بن عبد الصمد (من قادة نصر الحاجب) (3). وقيل عيّن مكانه نجح الطولوني (4).
    وفي سنة (310) للهجرة عزل نزار بن محمّد الضبي عن إمارة الحرمين (5).
    وفي سنة (312) للهجرة ، قاتل نزار الضبي القرامطة الذين تعرضوا للحجّاج في هذه السنة ، وكان على القافلة الأولى من حجّاج العراق الذاهبين عن طريق الكوفة ، فثبت نزار للقرامطة ، وأصيب بجراحات
    __________________
    (1) تاريخ الطبري. ج 10 / 118.
    (2) المصدر السابق. ج 10 / 135.
    (3) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 60.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 113.
    (5) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 228 وتاريخ الطبري. ج 10 / 118.

    بليغة (1).
    مات نزار بن محمّد سنة (317) (2) للهجرة ، متأثرا من جراحاته في بعض حروبه مع القرامطة. وعزل نزار بن محمّد الضبي عن الكوفة سنة (296) للهجرة ، وعيّن مكانه نجح الطولوني (3).
    82 ـ نجح الطولوني :
    وهو : أخو (سلامة الطولوني) حاجب (4) الخليفة (المقتدر) ، ولّاه الخليفة (المقتدر بالله) إمارة الكوفة سنة (296) (5) للهجرة ، وذلك بعد عزل نزار بن محمّد الضبي.
    وفي سنة (301) للهجرة ، شكا أهل البصرة أميرهم (محمّد بن إسحاق ابن كنداج) إلى عليّ بن عيسى (وزير المقتدر) ، فعزله وولّى مكانه نجح الطولوني (6).
    وفي سنة (307) (7) للهجرة ، ولّاه المقتدر شرطة بغداد ، ثمّ أعيدت إليه إمارة أعمال (المعاون) في أصبهان سنة (312) (Cool للهجرة.
    وفي سنة (317) للهجرة ، جاء ياقوت من فارس ، بناء على طلب الخليفة (المقتدر) وعيّن مكانه نجح الطولوني على فارس وكرمان (9).
    __________________
    (1) الزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 8 / 331.
    (2) المصدر السابق. ج 1 / 266.
    (3) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 33.
    (4) الحاجب : الوزير.
    (5) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 33.
    (6) المصدر السابق. ص 44.
    (7) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 283 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 157.
    (Cool نفس المصدرين أعلاه.
    (9) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 264.

    وفي سنة (283) للهجرة ، حد
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:22 am

    وفي سنة (283) للهجرة ، حدث شغب في مصر ، قتل فيه (عليّ بن أحمد المارداني) وقبض على (جيش بن خمارويه بن أحمد بن طولون) وجعلوا على الجيش أخاه (هارون بن خمارويه) بدلا منه ، وكان أهل مصر قد نقموا على (جيش) تقدّمه لغلامه نجح المعروف (بالطولوني) وأخيه (سلامة) المعروف (بالمؤتمن) (1).
    83 ـ (أبو الهيجاء) عبد الله بن حمدان :
    وهو : عبد الله بن حمدان بن حمدون ، أبو (سيف الدولة الحمداني وناصر الدولة) (2) ، وقيل : هو : حرب بن سعيد بن حمدان بن حمدون التغلبي ، وهو أخو أبي فراس الحمداني.
    اشتهر أبو الهيجاء بالشجاعة والكرم ، ورثاه الشريف الرضي بقصيدة مطلعها (3) :
    رجونا (أبا الهيجاء) إذ مات حارث (4)
    فمذ مضيا لم يبق للمجد وارث

    وعبد الله بن حمدان التغلبي (أبو الهيجاء) هو من الأمراء ، ومن القادة المقدمين في الدولة العباسيّة ، فقد خلع عليه (المقتدر بالله) أعمال المعاون (5) بالكوفة ، وطريق مكّة سنة (309) للهجرة ، كما وخلع عليه خلعا سنيّة ، وقلّده أعمال الحرب (6).
    وأبو الهيجاء من أشهر أمراء بني حمدان ، وقائد عسكري ، خاض
    __________________
    (1) المسعودي ـ مروج الذهب. ج 4 / 170.
    (2) القاضي التنوخي ـ حاشية القصة من نشوار المحاضرة. ج 2 / 7.
    (3) الزركلي ـ الأعلام. ج 2 / 183.
    (4) حارث : هو أبو فراس الحمداني.
    (5) معاون الكوفة : أي معاون (المؤونة).
    (6) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 159.

    حروب ومعارك في خلافتي (المكتفي والمقتدر) (1).
    وكان أبو الهيجاء قد ولّاه (المكتفي بالله) ولاية الموصل سنة (293) للهجرة ، ثمّ عزله (المقتدر) سنة (301) للهجرة ، ثمّ أعاده وقلّده (المقتدر) طريق خراسان والدينور فكان أبو الهيجاء يتولّى ذلك ، وهو مقيم في بغداد (2).
    وعند عودة الحجّاج من مكّة سنة (312) للهجرة ، تعرض لهم القرامطة بقيادة (أبو طاهر بن سعيد القرمطي) فأوقع بالحجّاج ، قتلا وتنكيلا وسلبا وأسّر في هذه الحادثة (أبو الهيجاء) ، وأسّر كذلك (أحمد بن بدر) عم السيدة (أم المقتدر) وأسر كذلك كثير من جماعة وخدم الخليفة.
    ثمّ أخذ أبو طاهر القرمطي ، جمال الحجّاج ، وسبي من اختار من النساء والرجال والصبيان ، وأخذهم إلى (هجر) وترك الباقين بلا جمال ، ولا ماء ، ولا طعام ، فمات أكثر الحجّاج عطشا (3).
    وكانت حصيلة القرمطي من هذه الحملة : ألف ألف دينار ، ومن الأمتعة والطيب وغيرها ما يقدر بألف ألف دينار أيضا ، وكان تعداد عسكره ثمانمائة فارس ومثلهم (رجّاله) (4) ، وكان عمره حينذاك سبع عشرة سنة ، وكان عدد الأسرى الذين أخذهم : ألفين ومائتين من الرجال وخمسمائة من النساء.
    ولمّا سمع أهالي بغداد بهذه الحادثة ، خرجت النساء في الشوارع ، وهنّ ناثرات الشعور ، مسودات الوجوه ، وانظمت اليهن نساء المنكوبين الذين
    __________________
    (1) حمدان عبد المجيد الكبيسي ـ عصر الخليفة المقتدر. ص 517.
    (2) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 243 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 123.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 147.
    (4) رجّاله : أي مشاة.

    نكبهم (ابن الفرات) (1) فكان منظرا مؤلما تتفتت له الأكباد ، عندها ذهب (ابن الفرات) إلى (المقتدر) وأخبره بما حدث ، فقال له (نصر الحاجب) مستهزئا : (الآن تطلب الرأي ، وقد زعزعت أركان الدولة ، وعرضتها للخطر بإبعادك (مؤنس المظفر) الّذي يناضل الأعداء ، ومن الّذي سلّم رجال السلطان إلى القرمطي سواك) (2)؟
    ثمّ هجم الناس على (ابن الفرات) ورجموا سفينته ، ثمّ رجموا داره ، وصاحوا : (يا ابن الفرات .. أيّها القرمطي الكبير). فامتنع الناس عن الصلاة بالمسجد.
    ثمّ قبض على ابن الفرات ، وابنيه ، وكان الناس يضربونه بالحجارة ويقولون : قد قبض على القرمطي الكبير ، ثمّ قتل ابن الفرات وابنه (المحسن) وأسندت الوزارة إلى أبي القاسم عبد الله بن محمّد الخاقاني.
    ثمّ طلب (أبو الهيجاء) من (أبي طاهر القرمطي) أن يطلق سراح الأسرى ، فأطلقهم (القرمطي) على وجبات ، وكانت آخر وجبة أطلق معها سراح أبي الهيجاء ، وجماعة من أصحاب السلطان ، وقد أرسل معهم رسول ليوصلهم إلى بغداد. ولمّا وصل الأسرى إلى بغداد ، فرح الناس بعودتهم ، فأقيمت الاحتفالات والولائم التكريميّة لهم ولمبعوث أبي طاهر القرمطي.
    وفي سنة (315) للهجرة ، انظمّ أبو الهيجاء إلى جانب (مؤنس المظفر) ضدّ الخليفة المقتدر ، وفي سنة (316) للهجرة ، انضمّ أبو الهيجاء أيضا إلى جانب (نازوك) رئيس الشرطة ضد المقتدر ، لأنّ المقتدر كان قد عزل أبا الهيجاء عن إمارة الدينور (3).
    __________________
    (1) ابن الفرات : وزير المقتدر.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 188.
    (3) حمدان عبد المجيد الكبيسي ـ عصر الخليفة المقتدر بالله. ص 530.

    وعند ما حوصر الخليفة (القاهر بالله) بقصره من قبل مؤيّدي الخليفة (المقتدر بالله) سنة (317) للهجرة ، قاتل أبو الهيجاء بجانب (القاهر بالله) فقتله رجال المقتدر وأخذوا برأسه ، يطوفون به الشوارع ، وينادون : هذا جزاء من عصا مولاه وكفر بنعمته (1).
    ومن الأعمال الّتي قام بها أبو الهيجاء فتذكر ، وعليها يشكر ، هو بناء قبة كبيرة على مرقد الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وفرش أرضيتها بالفرش الفاخرة. كما وشيّد سور كبير حول القبّة المطهرة (2).
    84 ـ مؤنس المظفر :
    وهو : مؤنس (الخادم) الملقب (بالمظفر) المعتضدي ، كان أحد الخدم الذين وصلوا إلى رتبة الملوك ، وكان من خدمة الخليفة (المعتضد بالله) وكان فارسا ، شجاعا ، ومن الساسة الدهاة ، بقي ستين سنة أميرا (3) ، وهو من القادة الأتراك.
    ومؤنس المظفر ، عاصر عدة خلفاء من بني العبّاس ، وخاض معارك عنيفة في عهودهم ، وكان الخليفة (المقتدر) يصغي إليه ، ويأخذ بمشورته ، وقد لقبه ب (مؤنس المظفر) (4) بعد أن كان يلقب ب (مؤنس الخادم) وذلك بعد انتصاره على عبيد الله المهدي ، المغربي (صاحب القيروان) سنة (309) للهجرة ، وفي شهر جمادي الأول من هذه السنة عقد له (المقتدر) على مصر
    __________________
    (1) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 243 وحمدان عبد المجيد الكبيسي ـ عصر الخليفة المقتدر بالله. ص 534.
    (2) الحميري ـ الروض المعطار. ص 501.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 13 / 199 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 11 / 24.
    (4) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 218 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 159 وحمدان الكبيسي ـ عصر المقتدر. ص 12.

    والشام (1). وفي سنة (311) (2) للهجرة ، خلع الخليفة المقتدر على مؤنس المظفر ، وعقد له على غزو الصائفة لهذه السنة. وفي شهر محرم من سنة (313) (3) للهجرة ، أرسله الخليفة (المقتدر) إلى محاربة القرمطي الّذي اعتدى على الحجّاج في طريق مكّة أثناء الحجّ.
    كما وسبق وأرسله في سنة (312) (4) للهجرة إلى الكوفة لمحاربة القرامطة (الذين دخلوا الكوفة) وإخراجهم منها ، ولمّا وصل مؤنس إلى الكوفة ، وجد أنّ القرامطة قد خرجوا ، عندها ذهب إلى واسط واستخلف ياقوت على الكوفة.
    وكانت أمّ الخليفة (المقتدر) تكره مؤنس المظفر ، كرها شديدا ، ثمّ حصل بينه وبين المقتدر فتور ، إذ شغب عليه بعض القادة عند (المقتدر) ممّا دعى (المقتدر) إلى حفر (حفيرة) ثمّ غطاها بأوراق الشجر ، وعند ما يمرّ عليها مؤنس يقع فيها ويموت (5).
    ثمّ حصل الشغب من جانب القادة والجيش على المقتدر ، لتأخّر دفع رواتبهم وأعطياتهم ، فجاء أصحاب مؤنس من (البربر) فحاصروا المقتدر ، وضربه أحدهم ، فسقط على الأرض ، فقال المقتدر : (ويحكم أنا الخليفة) فقالوا له : (إيّاك نطلب) ثمّ طرحوه أرضا وذبحوه كما تذبح الشاة ، وسلبوا ثيابه ، ودفنوه ، وعفى أثره ، وأرسل برأسه إلى (مؤنس المظفر) فلما نظر إليه مؤنس بكى وقال : (لنقتلنّ والله جميعا) (6). ثمّ جاء القاهر بالله بعد المقتدر ،
    __________________
    (1) تكملة تاريخ الطبري. ص 218 والمنتظم. ج 6 / 159.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 13 / 218.
    (3) محمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 345.
    (4) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 11 / 150.
    (5) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 251.
    (6) المصدر السابق. ص 272.

    فبايعه مؤنس ، كما وبايعه باقي القادة (1).
    وفي إحدى المعارك الّتي خاضها مؤنس المظفر سنة (306) للهجرة مع يوسف بن أبي الساج ، انهزم فيها مؤنس ، فلحقه (نصر السبكي) وأراد أن يؤسره ويأخذ ماله ، إلّا أنّ يوسف بن أبي الساج أمره أن لا يعترض لمؤنس ولا لماله ، كما وأسّر في تلك المعركة جماعة من قادة مؤنس ، فأكرمهم يوسف وزاد في إكرامهم وحسن معاملتهم ، ثمّ أطلق سراحهم ، فتمنى أصحاب مؤنس الذين ظلّوا معه ، تمنّوا جميعا لو أنّهم وقعوا في الأسر (2).
    وبعد مرور ثلاث سنوات على تلك المعركة ، ألقي القبض على يوسف بن أبي الساج أي سنة (309) للهجرة ، وجيء به أسيرا إلى الخليفة (المقتدر) وكان مؤنس المظفر جالسا عند المقتدر ، فطلب مؤنس من المقتدر أن يهب له (يوسف) فوهبه له ، وعفى عنه المقتدر (3).
    وقيل إنّ مؤنس المظفر ، قد عزل القائد التركي (تكين) عن مصر يوم الأحد في السابع عشر من شهر ربيع الأول من سنة (309) للهجرة ، وعيّن مكانه (أبا قابوس بن حمك) ثمّ عزله بعد أيّام ، وأعاد (تكين) على إمارة مصر ثانية ، فبقى (تكين) أربعة أيّام أميرا على مصر ، ثمّ عزله مؤنس ثانية ، وأمره بالذهاب إلى الشام ، وأخبر المقتدر بعزله (4). فقال ابن مهران في ذلك (5) :
    وليت ولاية وعزلت عنها
    كما قد كنت تعزل من تولى

    رحمتك يا أبا منصور لما
    خرجت كذا بلا علم وطبل

    __________________
    (1) نفس المصدر أعلاه. ص 272.
    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 67.
    (3) الهمداني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 218.
    (4) الكندي ـ ولاة مصر. 295 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 3 / 200.
    (5) الكندي ـ ولاة مصر. ص 296.

    وقيل إنّ ما فعله مؤنس المظفر بالخليفة (المقتدر) أدّى إلى تجرّؤ الولاة والأمراء العباسيين على خلفائهم ، وهذا مما أدّى إلى ضعف الخلافة العباسيّة (1).
    ولمّا جاء القاهر لله (أخو المقتدر) إلى الخلافة ، انتشرت الفتن الداخلية في زمانه ، وشغب عليه قادته وجنده ، واتفق كبار ورجال دولته وقائده (مؤنس المظفر) و (ابن مقلة) (2) على خلعه ، وتنصيب أحد أولاد الخليفة (المكتفي) مكانه ولمّا سمع (القاهر بالله) بذلك ، قام بتدبير حتّى تمكّن من قتلهم جميعا ، ما عدا وزيره ابن مقلة فقد نجا بنفسه ، بعد أن أحرقت داره ، كان ذلك سنة (321) (3) للهجرة.
    قتل مؤنس المظفر سنة (321) (4) للهجرة ، على يد الخليفة (القاهر بالله) كما ذكرنا آنفا.
    85 ـ ياقوت :
    وكنيته : أبو الفوارس. وياقوت هو من أعاظم الدولة العباسيّة ، لعب هو وولداه (المظفر ومحمّد) أدوارا هامّة في الدولة العباسيّة ، فقد عيّن حاجبا للخليفة المقتدر بعد عزل (نصر القشوري) (5).
    وكان الخليفة (المقتدر بالله) قد أمر (مؤنس المظفر) سنة (312)
    __________________
    (1) حسن إبراهيم حسن ـ تاريخ الإسلام. ج 3 / 84.
    (2) ابن مقلة : أحد الوزراء المشهورين في دولة بني العبّاس.
    (3) حسن إبراهيم حسن ـ تاريخ الإسلام. ج 3 / 84.
    (4) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج 10 / 285 والقاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 261 ومسكويه ـ تجارب الأمم. جمع أمينة البيطار. ص 93. وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 279 وأبي المجالس ـ النجوم الزاهرة. ج 7 / 239 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 369.
    (5) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 118.

    للهجرة بالذهاب إلى الكوفة لمحاربة القرامطة (1) ، فذهب مؤنس إلى الكوفة ، وقد خرج القرامطة عنها ، وهدأت الأوضاع فيها ، فذهب مؤنس إلى واسط ، واستخلف ياقوت (الخادم) على الكوفة (2) ، وقيل كان ذلك سنة (314) للهجرة (3).
    وقيل : إنّ المقتدر ، أرسل ياقوت وابنيه (محمّد والمظفر) إلى الكوفة سنة (312) للهجرة لمحاربة (أبي طاهر القرمطي) ، ولمّا علم (ياقوت) بأنّ القرمطي ترك الكوفة وعاد إلى بلده (هجر) ، عاد ياقوت وابناه إلى بغداد (4).
    وفي نفس هذه السنة ، أعني سنة (312) للهجرة ، ذهب موسى إلى الكوفة فاستخلف عليها ياقوت (5).
    وفي سنة (319) للهجرة حصلت خلافات بين ياقوت ومؤنس المظفر ، ودارت بينهما منازعات ، فعزل (ابن ياقوت) عن الشرطة ، ثمّ كتب مؤنس المظفر إلى الخليفة (المقتدر) يطلب منه إخراج (ياقوت وابنه) عن بغداد ، فلم يوافقه على ذلك ، عندها كتب مؤنس إليه يطلب منه الموافقة على خروجه بنفسه من بغداد ، فلم يمانع المقتدر من ذلك ، عندها خرج (مؤنس) إلى الشماسيّة ، ومعه الكثير من المؤيدين والأنصار ، ثمّ التحق به بعض القادة ، وانحاز إليه الجيش ، فذهب إليه الوزير (سليمان بن الحسن) و (عليّ بن عيسى) ، فلما وصلوا إلى الشماسيّة ، اعتقلتهم حاشية مؤنس ظنا منهم بأنهم جاؤوا لقتل مؤنس.
    __________________
    (1) وكان المقتدر قد صرف على تهيئة الجيش لمؤنس المظفر ألف ألف دينار.
    (2) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 247 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 156.
    (3) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 11 / 150.
    (4) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 242.
    (5) المصدر السابق. ص 247.

    ثمّ جرت مشاورات بين الخليفة (المقتدر) وبين المظفر (مؤنس) على إخراج ياقوت وابنيه من بغداد ، فبعث (المقتدر) إلى ياقوت يأمره بالخروج من بغداد ، والذهاب إلى أيّ مكان يشاء. فخرج ياقوت وأصحابه محمّلين بالسلاح وبالمال.
    ثمّ رجع (مؤنس المظفر) إلى داره ، وأحرقت دور ياقوت وولده.
    وتتابعت الأيّام ودارت (1) ، وإذا بمؤنس المظفر يخرج من بغداد مغضوبا عليه من قبل الخليفة (المقتدر). وتدور الأيّام ثانية ، وبأسرع مما دارت سابقا ، فيعود مؤنس إلى بغداد بعد أن التحق به كثير من القادة والجند ، فتقع معركة عنيفة بين المقتدر من جهة وبين مؤنس المظفر من جهة أخرى ، أسفرت عن قتل الخليفة (المقتدر بالله) وقطع رأسه ، وجيء به إلى مؤنس المظفر ، كان ذلك سنة (320) للهجرة ، وقد اشترك في هذه المعركة ياقوت وولده إلى جانب المقتدر (2).
    وكان (المقتدر) قد أمر بعزل (ياقوت) عن الحسبة سنة (319) للهجرة ، وابنه (محمّد) عن الشرطة ، وإبعادهما عن الحضرة السلطانية ، وتعيين (ياقوت) على إمارة فارس وكرمان وتعيين ابنه (المظفر) على إمارة أصبهان ، وتعيين ابنه الآخر (محمّد) على إمارة سجستان (3).
    وفي سنة (323) للهجرة ، اسندت الحجبة ورئاسة الجيش إلى (محمّد ابن ياقوت) فاستبدّ هذا برأيه ، وطالب
    أصحاب الدواوين بحضور مجلسه ،
    __________________
    (1) ورحم الله الشاعر حيث قال :
    لعب الكراة يلذ كالدنيا لنا
    فبه كتلك تنازع وزحام

    ما بين أرجلهم هوت فغدوا بها
    يتدالون كأنها الأيّام

    من يحضى فيها فارقته بلحظة
    مثل السعادة مبدأ فختام

    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 153.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 224.

    وألا يقبل أيّ توقيع إلّا بعد توقيعه بنفسه ، وبخط يده (1).
    ولمّا جاء (الراضي بالله) إلى الخلافة ، طلب منه ياقوت أن يقلّده إمارة الأهواز ، فقلده إيّاها. ثمّ جاء (مرداويج) بجيشه إلى الأهواز ، فوقف له (ياقوت) على القنطرة ، ومنعه من العبور إليها ، فبقيا على تلك الحالة أربعين يوما ، رحل بعدها (مرداويج) عن الأهواز ثمّ جاءت الإمدادات إلى ياقوت من بغداد ، فذهب إلى واسط ، ونزل في غربها ، بعد أن أخليت له (2).
    وبعد أن قتل (مرداويج) عاد ياقوت إلى الأهواز ، وعند عودته كان (عليّ بن بويه) قد استولى على فارس ، فحدثت معركة بينه وبين (ابن بويه) و (ومعزّ الدولة) انهزم على أثرها ياقوت إلى (شيراز) فلحقه (معزّ الدولة) إلى هناك.
    ثمّ جاء ياقوت ، ونزل في معسكر (البريدي) (3) ، فهجم (أبو جعفر الجمّال) بعسكره على ياقوت ، فقاومه ياقوت في ألف رجل ، ولمّا رآى ياقوت أنّه لا قدرة له على مواصلة القتال ، رمى بنفسه من على دابته ، وجلس على الأرض ، وغطّى وجهه ، ومدّ يده وأخذ يستعطي (4) الناس ، فجاء إليه جماعة من أصحاب البريدي ، فكشفوا عن وجهه فعرفوه ، فقتلوه ، وقطعوا رأسه ، وجاءوا به إلى (الجمّال) فأمر الجمال بدفن الرأس مع الجثة في المكان الّذي قتل فيه ، وكان ذلك سنة (324) (5) للهجرة. وقيل : قتل ياقوت في معسكر (مكرم) (6) بعد أن بلغ من العمر عتيا.
    __________________
    (1) آدم متنر ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري. ج 1 / 46.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 286.
    (3) البريدي : وهو كاتب ياقوت ، إلّا أنه قد تآمر على ياقوت فيما بعد.
    (4) يستعطي الناس : أي جلس على هيئة متسول.
    (5) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 303 والقاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 325.
    (6) تكملة تاريخ الطبري. ص 300 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 24 / 38.

    86 ـ جعفر بن ورقاء الشيباني :
    هو : جعفر بن محمّد بن ورقاء الشيباني وكنيته : أبو محمّد.
    قلّده الخليفة (المقتدر) أعمال الكوفة وطريق مكّة في سنة (312) (1) للهجرة.
    وجعفر بن ورقاء هو أمير من أمراء الدولة العباسيّة ، من بيت إمرة ورئاسة وأدب ، وكان شاعرا ، وكاتبا ، سريع البديهة.
    ولد جعفر بن ورقاء في مدينة سامراء سنة (292) للهجرة ، وتقلّد عدّة ولايات ، وكان الخليفة (المقتدر) يعامله معاملة بني حمدان (2) ، وله مكاتبة مع سيف الدولة الحمداني نثرا وشعرا (3).
    وفي سنة (312) للهجرة ، جاءت جماعات كثيرة من الخراسانية إلى بغداد ، للذهاب إلى الحجّ عن طريق الكوفة ، فأمر الخليفة المقتدر ، أن يخرج جعفر بن ورقاء (وكان أمير الكوفة حينذاك) مع القافلة الأولى.
    ولمّا سمع جعفر بن ورقاء بأنّ (القرمطي) يترصّد لقوافل الحجّاج ، أمر الناس بالتوقف والتريث ، حتّى يطلع على حقيقة الموقف (4).
    ولمّا وصل جعفر إلى (زبالة) وقد تبعه جماعة كبيرة من الحجاج ، حيث لم يسمعوا كلامه بالتأنّي والترّيث ، فلقيه أصحاب (القرمطي) فاقتتلوا ، حتّى قتل الكثير من الحجّاج ، وانهزم الباقون إلى الكوفة بعد أن تركوا جمالهم وأمتعتهم ، فتبعهم القرمطي إلى الكوفة ، وبعد معركة دارت بين
    __________________
    (1) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 247.
    (2) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 26 والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 282.
    (3) الزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج 1 / 282.
    (4) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 107.

    (القرمطي) وبين (جني الصفواني) و (ثمل الطرسوسي) وجماعة آخرين من بني شيبان ، فقتل خلال المعركة (جني الصفواني) وانهزم الباقون إلى بغداد ، وعند ذلك دخل (القرمطي) إلى الكوفة ، وأقام ستّة أيّام بظاهر الكوفة ، يدخل إليها نهارا ، فيقيم في مسجد الكوفة إلى اللّيل ، ثمّ يخرج ويبيت في معسكره ، ورجع بعد ذلك إلى بلده (هجر) بعد أن حمل من الكوفة ما قدر على حمله من الأموال ، والثياب ، وغير ذلك (1).
    ولمّا سمع أهل بغداد بهذه الحادثة (المأساوية) انتقل أكثرهم إلى جانب الرصافة ، خوفا من القرامطة ، ولم يحجّ أحد في هذه السنة ، لا من أهل بغداد ، ولا من أهل خراسان (2). وعند ذلك أمر الخليفة (المقتدر) مؤنس المظفر بالذهاب إلى الكوفة لطرد القرمطي.
    ويحكى عن جعفر بن ورقاء أنّه قال : حينما أفضت الوزارة إلى عبد الرحمن بن عيسى وكان الخليفة (الراضي لله) قد حلف بأنّه لا يقبل من عبد الرحمن ، بأقلّ من مائة ألف دينار ، وكان كلّ ما عند عبد الرحمن هو عشرة آلاف دينار ، فقلت له (أي لعبد الرحمن) : دعني أدبّر لك الأمر ، فأخذت ورقة وكتبت فيها : (ضمن لمولانا أمير المؤمنين ، أطال الله بقائه ، جعفر بن ورقاء أن يصحح له لمن يأمره بتصحيح ذلك عنده ، عن عبد الرحمن بن عيسى مائة ألف دينار ، وأخذه إلى أيّ وقت أمره بتصحيحها). وقلت للوزير : أرسلها مع رسول ذكي ، يلاحظ ما يجري ، فعاد الغلام الّذي أرسل الكتاب بيده وقال : استدعاني الخليفة ، فدخلت عليه ، وهو جالس وفي يده الرقعة ممزّقة ، فقال : (من الّذي عند مولاك)؟ فقلت له : جعفر بن ورقاء.
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 156.
    (2) نفس المصدر السابق.

    فقال : قل له : (يا أعرابي ، أردت أن تري الناس أنّ نفسك تتسع ، لا تغرم غمرا ، لا حرمة له ، وهو خادمي ، ما ضاقت نفسي عن شرّ له عليه فتظهر بذلك أنّك أكرم منّي ، والله لا كان هذا ، قل لمولاك ، أطلق عبد الرحمن ، وتردّ خط هذا الأعرابي الجلف ، وإنّي أكفّر عن يميني) ورمى بالرقعة ممزّقة (1).
    وعند ما بويع (القاهر بالله) بالخلافة سنة (320) للهجرة ، بعد (المقتدر) وجلس يوم البيعة ، لم يكن عليه إلّا قميصان ورداء ، فنزع جعفر بن ورقاء ثيابه الّتي كان يلبسها ، فلبسها (القاهر بالله) ثمّ جلس في الخيمة ، وسلّموا عليه بالخلافة (2).
    وكان جعفر بن ورقاء الشيباني ، قد ذهب إلى مكّة لأداء فريضة الحجّ ولمّا عاد جاء الناس يسلّمون عليه ، ويهنّئونه بالسلامة ، وقد تأخّر القاضي (محمّد بن يوسف) (أبو عمر) عن تهنئته بمناسبة عودته ، وكذلك تأخّر ابنه عمر (أبو الحسين) قاضي القضاة ، فكتب جعفر بن ورقاء اليهما عاتبا (3) ، وكان جعفر قد ذهب إلى الحجّ ولم يوّدعهما.
    أأستجفي أبا عمر وأشكو
    وأستجفي فتاه أبو الحسين؟

    بأيّ قضية وبأيّ حكم
    ألحّا في قطيعة واصلين

    فما جاءا ولا بعثا بعذر
    ولا كانا لحقّي موجبين

    فإن نمسك ولم نعتب تمادى
    جلاؤهما لأخلص مخلصين

    نجلّ عن العتاب القاضيين
    وإن نعتب فحقّ غير أنّا

    __________________
    (1) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 390.
    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 127.
    (3) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 26 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 306 والزركلي ـ الأعلام. ج 2 / 128.

    ولمّا وصلت الأبيات إلى القاضي (أبو عمر) قال لابنه (أبي الحسين) ردّ الجواب عليه يا ولدي ، فكتب أبو الحسين يقول :
    تجنّ وأظلم فلست منتقلا
    عن خالص الودّ أيّها الظالم

    ظننت بي جفوة عتبت لها
    فخلت أنّي لحبلكم صارم

    حكمت بالظن والشكوك ولا
    يحكم بالظنّ في الهوى حاكم

    تركت حقّ الوداع مطّرحا
    وجئت تبغي زيارة القادم

    أمران لم يذهبا على فطن
    وأنت بالحكم فيهما عالم

    وكلّ هذا فعال ذي ثقة
    وقلبه من جفائه سالم

    وقال جعفر بن ورقاء مفتخرا (1) :
    شيبان قومي وليس الناس مثلهم
    لو ألقموا ما تفيء الشمس لألتقموا

    لو يقسّم المجد أرباعا لكان لنا
    ثلاثة وبربع تجتزي الأمم

    ثلاثة صافيات قد جمعن لنا
    ونحن في الربع بين الناس نقتسم

    87 ـ محمّد بن إسماعيل بن جعفر :
    وهو : محمّد بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب.
    ثار محمّد بن إسماعيل بالكوفة سنة (312) للهجرة (وهو رئيس الإسماعيلية) فتبعه جمع كبير من الأعراب والسواد ، واستفحل أمره ، في شهر شوال من هذه السنة ، فأرسل إليه جيش كبير من بغداد فقاتلوه ، فانهزم بعد أن قتل الكثير من أصحابه (2).
    وذكر ابن الجوزي بأنّ أبا القاسم الخاقاني أرسل حاجبه أحمد بن
    __________________
    (1) يحيى شامي ـ موسوعة شعراء العرب. ص 49.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 157.

    سعيد ومعه خمسمائة فارس ، وألف راجل ، وأمره بمحاربه محمّد بن إسماعيل ابن جعفر ، ولمّا وصل أحمد بن سعيد إلى الكوفة ، أسرّ جماعة من أصحاب محمّد وانهزم الباقون (1).
    88 ـ أبو طاهر القرمطي :
    هو : سليمان بن الحسن بن بهرام ، الجنابي ، القرمطي ، وكنيته : أبو طاهر.
    دخل الكوفة واستولى عليها سنة (312) (2) للهجرة. وأبو طاهر : هو زعيم القرامطة ، خارجي ، طاغية ، جبّار ، قال الذهبي يصفه (عدو الله ، الأعرابي ، الزنديق) (3).
    ونسبته إلى جنابة من بلاد فارس ، وكان أبوه قد استولى على (هجر) و (الأحساء) و (القطيف) وسائر بلاد البحرين ، ولمّا مات أبوه سنة (301) للهجرة ، عهد بالأمر إلى ابنه (سعيد) فعجز سعيد عن القيام بمهمته ، فتغلب عليه سليمان (أبو طاهر) (4).
    كان أبو طاهر (القرمطي) قد شنّ عدّة غارات على العراق ، ففي سنة (311) للهجرة ، جاء أبو طاهر إلى البصرة فنهبها ، وسبى أهلها ، وكتب إلى الخليفة (المقتدر) أن يضمّ البصرة والأهواز إليه ، فرفض المقتدر ذلك (5).
    وفي شهر ذي القعدة من سنة (312) للهجرة ، ذهب الكثير من الناس إلى بيت الله الحرام (للحجّ) عن طريق الكوفة ، فترصد لهم القرمطي ، فأوقع
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 189.
    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 107 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 155.
    (3) الزركلي ـ الأعلام. ط 5 ج 3 / 123.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 143.

    فيهم قتلا وسلبا ، عندها هرب الحجّاج عائدين إلى الكوفة ، تاركين جمالهم وأمتعتهم ، فتبعهم القرمطي إلى الكوفة وكان فيها آنذاك من قادة الخليفة (جني الصفواني وثمل الطوسي وطريف السبكري) فوقعت بينهم معركة ، قتل فيها الكثير من جيش الخليفة ، وانهزم الباقون إلى بغداد ، ثمّ دخل أبو طاهر القرمطي (لأوّل مرّة) إلى الكوفة فاستولى على ما في أسواقها من الطعام والأموال ، ثمّ عاد إلى البحرين ، ومعه عدد كبير من الأسرى ، مات أكثرهم في الطريق من الجوع والعطش ، وقيل إنّ عدد الأسرى قد بلغ (2220) رجلا و (500) امرأة. وكان عدد جيش القرمطي ثمانمائة فارس ، ومثلهم من الرجّالة ، وكان عمر أبو طاهر حينذاك (17) (1) سنة. وقيل في هذه السنة أي سنة (312) للهجرة ، هجم أبو طاهر القرمطي على قافلة للحجّاج على طريق الكوفة ، وذلك عند رجوعهم من مكّة ، فقتلوا ، ونهبوا ، وأسرّوا ، وسبوا النساء والصبيان ، ثمّ عادوا إلى (هجر) وتركوا الحجّاج في أماكنهم ، فمات أكثرهم ، حيث لا ماء ولا طعام عندهم ، وكان من جملة الأسرى (أبو الهيجاء ، وأحمد بن بدر عمّ والدة المقتدر) وكان لتلك الحادثة الأثر الكبير على أهالي بغداد ، حيث خرجت النساء صارخات ، وهنّ يردّدن : (القرمطي الصغير (أبو طاهر) قتل المسلمين بطريق مكّة ، والقرمطي الكبير (ابن الفرات) (2) قد قتل المسلمين ببغداد (3).
    وقيل عند ما دخل أبو طاهر القرمطي إلى الكوفة ، أقام في ظاهرها فيدخلها نهارا ، ويقيم في مسجد الكوفة إلى الليل ، ثمّ يخرج فيبيت في
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 13 / 239.
    (2) ابن الفرات : وزير المقتدر.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 147 و156 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 13 / 240.

    عسكره ، وبعد ذلك عاد إلى (هجر) (1).
    ولمّا سمع الخليفة (المقتدر) بذلك أمر (مؤنس الخادم) بالذهاب إلى الكوفة ، ولمّا وصل مؤنس إلى الكوفة ، كان القرامطة قد غادروها إلى (هجر) وعند ذلك ذهب مؤنس إلى واسط ، واستخلف (ياقوت) على الكوفة (2).
    وفي سنة (315) للهجرة ، وردت الأخبار بأنّ أبا طاهر (القرمطي) قد تحرّك من (هجر) يريد الكوفة ، فكتب الخليفة (المقتدر) إلى يوسف بن أبي الساج (وكان آنذاك في واسط) يأمره بالذهاب إلى الكوفة ، قبل وصول القرمطي إليها ، إلّا أنّ (القرمطي) جاء ودخل الكوفة (للمرّة الثانية) قبل يوم من وصول أبو الساج ثمّ دارت معركة بين أبي الساج والقرمطي ، انتهت بأسر أبي الساج وانهزم جيشه ، فاستولى القرمطي على جميع ما كان في عسكر الخليفة.
    ثمّ دارت معارك أخرى بين الطرفين ، قتل خلالها يوسف بن أبي الساج ، وقتل كافة من كان معه من الأسرى.
    وفي سنة (317) للهجرة ، وقيل سنة (318) للهجرة ، ذهب أبو طاهر القرمطي إلى مكّة فدخلها يوم التروية ، والناس محرمون ، فنهب أموال الحجّاج ، وقتل الكثير منهم ، قيل بلغ عدد القتلى ثلاثين ألف. وكان يقول :
    أنا بالله ، وبالله أنا
    يخلق الخلق وأفنيهم أنا

    ثمّ أخذ أستار الكعبة ، وخلع باب الحرم ، وردم بئر زمزم ، وأخذ الحجر الأسود من الكعبة ، وذهب به إلى البحرين ، وبقي الحجر الأسود فيها
    __________________
    (1) الكامل. ج 8 / 147 و156 والمنتظم. ج 13 / 240 نفس المصدرين أعلاه.
    (2) نفس المصدر اعلاه.

    (30) سنة (1).
    وقيل إنّ القائد التركي (بجكم) قد أعطى إلى القرامطة مبلغا قدره خمسين ألف درهم لقاء إعادتهم الحجر الأسود إلى الكعبة ، إلّا أنهم رفضوا ذلك وقالوا : (أخذناه بأمر ، وسنرده بأمر) (2).
    وفي سنة (320) (3) للهجرة ، جاء أبو طاهر القرمطي إلى الكوفة ، وكانت بينه وبين (ابن رائق) مكاتبات ، إلّا أنّهما لم يتّفقا على شيء ، فعاد أبو طاهر إلى (هجر) وذهب ابن رائق إلى واسط.
    وفي سنة (323) (4) للهجرة ، ذهب الناس إلى الحجّ ، فاعترضهم أبو طاهر القرمطي فقتل منهم الكثير ، وسلب ونهب أموالهم ، ورجع من نجا منهم إلى بغداد ، وقد بطل الحجّ في هذه السنة ، وقيل استولى القرامطة على ألف بعير ، وعليها الأمتعة والأموال.
    مات أبو طاهر القرمطي في مدينة (هجر) سنة (332) (5) للهجرة ، وبقي من أخوته 1) أبو القاسم (سعيد) ، 2) أبو العبّاس ، 3) أبو يعقوب ، وكانت الرئاسة للجميع ، وكلمتهم واحدة ، ولهم سبعة وزراء.
    وقيل مات أبو طاهر القرمطي بمرض الجدري ، ولم يذهب أحد للحجّ في هذه السنة من أهل بغداد ولا من أهل خراسان ، فرحا وابتهاجا بموت أبي طاهر القرمطي.
    __________________
    (1) آدم ميتز ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري. ج 2 / 69 وبركلمان ـ تاريخ الشعوب الإسلامية. ص 230.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 14 / 80 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 486.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 334.
    (4) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 69.
    (5) تاريخ الطبري. ج 6 / 336 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 415.

    89 ـ يوسف بن أبي الساج :
    وهو من كبار رجال الدولة العباسيّة ، ومن قادتها المشهورين ، وكان حسن السيرة ، مشهورا بالكرم والاستقامة ، قلّده (المقتدر بالله) أعمال المشرق كلّها (وبضمنها مدينة الكوفة) سنة (314) (1) للهجرة ، وقيل سنة (313) (2) للهجرة ، وكنّاه : بأبي القاسم. وهذا اللّقب يتكّنى به على جميع القادة ما عدا الوزراء ، وأعطاه المقتدر خلعا سلطانية ، وخيلا سروجها من ذهب ، وطيبا ، وسلاحا ، وكان يوسف آنذاك في واسط (3).
    وعند ما وصل يوسف إلى واسط ، جعل له (مؤنس المظفر) أموال الخراج في نواحي : همدان وساوة وقم وقاشان وماه (4) البصرة وماه (5) الكوفة وماسنبذان ليصرفها على مائدته ، ويستعين بها على حرب القرامطة (6).
    وكان يوسف بن أبي الساج ، قد أسّر (غلاما للطائي) في مكّة سنة (271) للهجرة ، وأراد أن يعتدي على الحجّاج ، إلّا أنّ الحجّاج تمكّنوا من فكّ أسر غلام الطائي ، ثمّ حاربه الطائي بمعاونة الحجّاج (وكانت الحرب على أبواب المسجد الحرام) وتمكّنوا أخيرا من أسر يوسف فأرسلوه إلى بغداد مقيّدا (7) ، ثمّ حبس في دار القهرمانة سنة (304) (Cool.
    __________________
    (1) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 249 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 385. والقاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 322.
    (2) تاريخ ابن خلدون. ج 3 / 314.
    (3) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 249.
    (4) ماه البصرة : نهاوند.
    (5) ماه الكوفة : الدينور.
    (6) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 162.
    (7) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 80.
    (Cool القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 5 / 54.

    وفي سنة (311) للهجرة ، أطلق سراح يوسف ، وذهب إلى دار الخلافة ، فعقد له الخليفة (المقتدر) على أعمال الصلاة والمعاون والخراج بالريّ والجبال وأذربيجان على أن يرسل إلى السلطان خمسمائة ألف دينار في كلّ سنة (1).
    وفي سنة (315) للهجرة ، وردت الأخبار بأن أبا طاهر القرمطي قد تحرك من (هجر) (2) يريد الكوفة فكتب الخليفة (المقتدر) إلى يوسف بن أبي الساج يأمره بالذهاب إلى الكوفة لمحاربته ، ومنعه من دخول الكوفة ، كما أنّ الوزير عليّ بن عيسى أمر (عمّال الكوفة) بإعداد الميرة ليوسف.
    ولمّا وصل يوسف إلى الكوفة ، كان القرمطي قد وصلها قبله ، فاستولى على جميع ما أعدّ ليوسف من مؤونة.
    وعند ما التقى يوسف بالقرمطي عند باب الكوفة ، استهزأ يوسف بالقرمطي وجيشه ، وذلك لقلّة جيش القرمطي ، وكثرة جيشه ، وقال : (إن هؤلاء الكلاب بعد ساعة يكونون في يدي) وأراد أن يكتب إلى الخليفة كتاب الفتح والبشارة بالظفر ، قبل التقاء الجيشين تهاونا بهم ، ثمّ دارت المعارك بينهما من الصباح حتّى المساء ، ولمّا رأى يوسف شدة الحرب وضراوتها ، باشر الحرب بنفسه في اليوم الثاني ، وعند ما بدأت الحرب ، كانت أشد ضراوة من اليوم الأول وقد تمّ أسر يوسف بعد أن أصيب بعدّة جراحات ، وانهزم جيشه.
    وجيء بيوسف إلى خيمة في معسكر القرمطي لمعالجته ، فقال الطبيب : (سألني يوسف عن أهلي وعن أسمي ، فأخبرته ، فوجدته عارفا بهم ، أيّام
    __________________
    (1) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 225.
    (2) هجر : مدينة كبيرة ـ عاصمة الأحساء ، تكثر فيها زراعة النخيل ، وبها يضرب المثل المشهور (كناقل التمر إلى هجر).

    توليته إمارة الكوفة ، فعجبت من
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:24 am

    فعجبت من ذاكرته ، وعدم اكتراثه لما هو فيه) (1).
    ولمّا وصل الخبر إلى بغداد ، خاف الناس من القرامطة خوفا شديدا ، ففرّوا وقرّروا الهرب إلى حلوان وهمذان ، ثمّ وصل المنهزمون (من القرمطي) إلى بغداد وهم عراة ، حفاة.
    وحاول (مؤنس المظفر) تخليص يوسف بن أبي الساج من الأسر ، فأرسل جيشا من ستّة آلاف مقاتل ، بقيادة (بليق) ولمّا وصل الجيش ، التقى مع جيش القرامطة ، فكانت معركة شديدة ، أسفرت عن انهزام جيش (بليق).
    وعند ما كانت المعركة مستمرّة بين الطرفين ، خرج يوسف من خيمته لينظر إلى المعركة ، فناداه أصحابه : (أبشر بالفرج).
    فلمّا سمع القرمطي بذلك ، ورآى خروج يوسف من الخيمة ، قال ليوسف : أتريد أن تنهزم؟ وهل ظننت أنّ قومك يخلّصونك؟ ثمّ قال له : (ما دمت حيّا فلأصحابك طمعا فيك) (2). فأمر بقتله ، وقتل كلّ من كان معه من الأسرى ، كان ذلك في سنة (315) (3) للهجرة.
    وكان عدد أصحاب القرمطي : ألف فارس ، وخمسمائة راجل ، وعدد أصحاب يوسف بن أبي الساج أكثر من عشرين ألف مقاتل.
    وقيل لبعض أصحاب القرمطي : كيف تغلبون ، وأنتم قلّة؟! فقالوا : (نحن نقدر السلامة في الثبات ، وهؤلاء يقدرونها في الهرب) (4).
    ولمّا سمع الخليفة (المقتدر) بعدد عسكره ، وعسكر القرمطي قال : (لعن
    __________________
    (1) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 253.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 210 والتنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 322.
    (3) نفس المصدرين أعلاه.
    (4) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 13 / 264.

    الله نيفا وثمانين ألفا ، يعجزون عن ألفين وسبعمائة)!!.
    90 ـ أحمد بن عبد الرحمن :
    تولّى أحمد بن عبد الرحمن إمارة الكوفة سنة (315) للهجرة ، ولّاه إيّاها الوزير عليّ بن عيسى ، وذلك بعد عزل ياقوت عنها ولحين مجيء يوسف بن أبي الساج إليها (1).
    91 ـ عيسى بن موسى :
    كان هناك جماعة من السواد (2) ، يؤمنون بمذهب القرامطة ، ولكنّهم كانوا يكتمون اعتقادهم ذلك ، خوفا من السلطة.
    ثمّ بعد ذلك أظهروا اعتقادهم ، فاجتمع منهم في (سواد واسط) أكثر من عشرة آلاف رجل ، وولّوا أمرهم (حريث بن مسعود) (3).
    واجتمعت طائفة أخرى في (عين التمر) ونواحيها في جمع كثير ، وجعلوا رئيسا لهم (عيسى بن موسى) (4) ، وكانوا يدعون إلى (المهدي) (5).
    ثمّ ذهب عيسى بن موسى إلى الكوفة فنزل بظاهرها ، فجبى الخراج ، وعزل العمّال عن السواد (6).
    فأرسل الخليفة (المقتدر بالله) على حريث بن مسعود جيشا بقيادة
    __________________
    (1) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 114.
    (2) السواد : سواد الفرات.
    (3) حربث بن مسعود : وهو من بني رفاعة.
    (4) عيسى بن موسى : وهو ابن أخت عيدان القرمطي.
    (5) المهدي : هو محمّد (المهدي) الإمام المنتظر عليه‌السلام وهو الإمام الثاني عشر عند الإمامية.
    (6) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 186.

    هارون بن غريب الخال ، وأرسل إلى عيسى بن موسى جيشا آخر بقيادة (صافي البصري). وبعد معارك بين هارون بن غريب وبين حريث بن مسعود من جهة وبين صافي البصري وعيسى بن موسى من جهة أخرى ، انهزمت القرامطة وأسّر الكثير منهم ، وقتل أكثر مما أسر ، وأخذت أعلامهم (وكانت بيضاء) مكتوب عليها : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ)(1). ثمّ جيء بهم إلى بغداد وأعلامهم منكوسة ، فقتلوا وصلبوا (2) ، وانتهى أمر القرامطة في السواد ، وكفى الله العباد شرهم ، كان ذلك سنة (316) للهجرة (3).
    92 ـ هارون بن غريب الخال :
    وهو ابن خال الخليفة (المقتدر بالله) ولمّا مات أبوه (غريب) سنة (305) للهجرة ، عقد له (المقتدر) ما كان لأبيه من امتيازات وصلاحيات ، كما ولقبه سنة (316) للهجرة (بأمير الأمراء). ويخاطب بالأمره (4).
    قلّده الخليفة (المقتدر بالله) إمارة الكوفة سنة (316) (5) للهجرة ، وقلّده كذلك كور الجبل كلّها ، وضمّ إليه وجوه القادة عند وصوله إلى الكوفة.
    وكان هارون مسيطرا على الدولة أيّام المقتدر ، فهو يشترك في ترشيح الوزراء وتعيين الأمراء ، وكان له دور كبير في إخماد ثورة العامّة ، الّتي قامت
    __________________
    (1) سورة القصص : الآية ـ 5.
    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 119.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 187 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 13 / 273.
    (4) الزركلي ـ الأعلام. ج 9 / 43 والهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 258.
    (5) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 120.

    في بغداد سنة (307) (1) للهجرة في وزارة حامد بن العبّاس ، وكان هارون من خصوم الوزير (ابن الفرات) ومن أنصار الوزير (عليّ بن عيسى).
    وهارون هذا هو : أحد القادة الذين اشتركوا في حرب أبي طاهر القرمطي وتخليص البلاد من شروره سنة (315) (2) للهجرة.
    وقد حدثت خصومة بين هارون وبين القائد التركي (نازوك) وكذلك خاصم (مؤنس المظفر) ، فطلب قادة الجيوش من الخليفة العباسي (المقتدر) أن يبعد هارون خارج بغداد ، فقلده (المقتدر) عند ضغط القادة الثغور الشامية والجزيرة ، ولكن هارون ذهب إلى (قطربل) وأقام بها (3).
    ثمّ خلع الخليفة (المقتدر) وبويع (القاهر بالله) بالخلافة سنة (317) للهجرة. فأعيد (المقتدر) للخلافة بعد ثلاثة أيّام ، وأرسل هارون إلى الجبل لمحاربة (مرداويج) ، ثمّ عاد إلى بغداد ، فغضب (مؤنس المظفر) لعودته إلى بغداد ، فأرسل هارون إلى الموصل ، ثمّ كرّ راجعا إلى بغداد ، وحارب المقتدر ، فقتله.
    وبعد قتل الخليفة (المقتدر) ذهب هارون الخال إلى واسط ، ثمّ تقلّد أعمال المعاون بالكوفة ، ولمّا تولّى (الراضي بالله) الخلافة سنة (321) (4) للهجرة ، كتب هارون الخال إلى قادة الجيش في بغداد وأعلمهم ، بأنّه أحقّ (بالحضرة السلطانية ورئاسة الجيش) لذا جاء هارون إلى بغداد ، وقبل وصوله بيوم ، كتب إليه (ابن مقله) (5) بأن يرجع إلى الدينور ، فقال له
    __________________
    (1) الزركلي ـ الأعلام. ج 9 / 43.
    (2) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 8 / 181.
    (3) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 8 / 181.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) ابن مقله : وزير الخليفة الراضي.

    هارون : إنّ واردات الدينور قليلة جدا ، وهي لا تكفي رواتب جنده لكثرتهم ، عندها أرسل الخليفة (الراضي بالله) إليه (محمّد بن ياقوت القراريطي) وأمره أن يبلغ هارون بالذهاب إلى خراسان ، حيث قلده عليها.
    فقال له هارون : بأنّ جنوده لا يرضون بهذا ، كما أنه لا يوجد شخص أحقّ منه في خدمة الخليفة ، فقال له ابن ياقوت : لو تراعي أمير المؤمنين ما عصيته ، فحصلت بينهما مشادّة كلامية.
    ثمّ تقدم هارون بجيشه نحو بغداد ، فالتقى بجيش محمّد بن ياقوت ، فكانت معركة بينهما ، انتهت بمقتل هارون بن غريب الخال ، وذلك في شهر جمادي الآخر سنة (323) (1) للهجرة.
    وقيل سقط هارون من على فرسه ، فلحقه خادمه ، وقيل خادم أبيه ، فضربه ضربة مميتة ، ثمّ جاء بعده غلام أسود فذبحه ، وأرسل برأسه وبرؤوس أصحابه إلى الخليفة (الراضي) فنصبت الرؤوس على باب (2) العامة ببغداد. وقيل إنّ الّذي قتله هو محمّد بن ياقوت ، يوم الثلاثاء في السابع والعشرين من شهر رجب سنة (322) (3) للهجرة.
    وقيل عند ما ثار قادة الجيش على الخليفة (المقتدر) سنة (317) فخلعوه ، ودخلوا قصره فنهبوه ، وأرادوا قتله ، إلّا أنّ مؤنس المظفر قد تمكن من إخراج المقتدر مع ابنه (عبد الواحد) وأمّه ، وأرسلهم إلى قصره ، فذهب الجند بعد ذلك إلى قصر هارون بن غريب الخال فنهبوه ، حتّى صارت بغداد
    __________________
    (1) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 8 / 181.
    (2) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 287.
    (3) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 7 والزركلي ـ الأعلام. ج 9 / 43 وابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 289. والذهبي ـ التاريخ الإسلامي. ج 24 / 26.

    مسرحا للصوص ، والعابثين بالأمن والنظام (1).
    93 ـ محمّد بن ورقاء (أبو الفوارس)
    في سنة (318) للهجرة ، ثار أعراب بني نمير بن عامر ، ومعهم بني كلاب بن ربيعة بظهر الكوفة ، فعاثوا فسادا وتطاولوا على المسلمين ، وقطعوا الطريق ، فخرج إليهم أبو الفوارس محمّد بن ورقاء أمير الكوفة ، مع جماعة من أهل الكوفة ، ومعهم بنو هاشم (من الطالبيين والعباسيين) ولم يكن معه جند سواهم.
    فقاتل (أبو الفوارس) الأعراب بنفسه ، وبعد معارك دامية بين الطرفين وقع (أبو الفوارس) أسيرا في أيدي الأعراب ، وأسّر معه (ابن عمر العلوي) فأخذهم الأعراب إلى مخابئهم ، ولم يلحقوا أيّ أذى بالأسرى.
    ثمّ طلبوا منهم الفداء ، ففدوا أنفسهم ، وتخلّصوا منهم ، وعادوا إلى الكوفة (2).
    94 ـ محمّد بن يزداد :
    كان أميرا على الكوفة سنة (325) (3) للهجرة.
    لم نعثر على ترجمة لمحمد بن يزداد ، هذا ما تيسر لنا من مصادر.
    __________________
    (1) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 123.
    (2) القرطبي ـ صلة تاريخ الطبري. ص 127.
    (3) زامباور ـ معجم الأسرات الحاكمة في العراق.

    95 ـ لؤلؤ :
    وهو أحد غلمان محمّد بن هارون. خلع (1) عليه (الراضي بالله) إمارة الكوفة سنة (325) للهجرة ، ثمّ قلّده بغداد يوم السبت في السادس من شهر رجب من هذه السنة أيضا ، فصارت تحت سيطرته من الكوفة إلى بغداد ، ومن الأنبار إلى بغداد ، ومن النعمانية إلى بغداد (2).
    وفي هذه السنة أي سنة (325) للهجرة ، دارت الحرب بين ابن رائق والحجريّة فنصب لهم (بجكم التركي) كمينا ، فوضع السيف في رقابهم ، وولوا منهزمين بعد أن أسر جماعة من رؤسائهم ، ثمّ كتب الخليفة (الراضي) إلى لؤلؤ أن يقبض على من كان منهم في بغداد ، ويحرق منازلهم (3).
    ولؤلؤ هذا هو الّذي قتل (بدر) في خلافة (المكتفي) سنة (289) (4) للهجرة. وفي سنة (323) للهجرة ولّاه الخليفة (الراضي بالله) طريق الكوفة ـ مكّة فاعترضه (أبو طاهر) بن أبي سعيد الجنابي القرمطي ، فوقعت بينهم معركة عنيفة ، جرح فيها لؤلؤ جراحات كثيرة ، فهرب واختفى بين جثث القتلى ، وبعد ذلك ذهب إلى الكوفة ، كما وقتل الكثير من حجّاج بيت الله الحرام ، وسبيت النساء ، والتجأ الباقون إلى القادسيّة ، ثمّ تسلّلوا بعد ذلك إلى الكوفة (5). ثمّ عزل لؤلؤ عن طريق مكّة سنة (328) للهجرة ، وعيّن مكانه حاجب بجكم (6).
    فأخذ أصحاب لؤلؤ يعاملون الناس معاملة قاسيّة ، حيث كثرت الجبايات والغرامات عليهم ، عندها عزل لؤلؤ عن رئاسة شرطة بغداد في
    __________________
    (1) خلع وقلّد : أي كرّم ، وهو اصطلاح جديد بدلا من (ولى) أو (عيّن).
    (2) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 87 و89.
    (3) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 86.
    (4) تاريخ الطبري. ج 10 / 93.
    (5) الذهبي ـ التاريخ الإسلامي. ج 14 / 33.
    (6) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 98 و134.

    يوم الأثنين الثاني عشر من شهر صفر سنة (326) للهجرة ، وعين مكانه محمّد ابن بدر الشرابي (1).
    96 ـ بجكم التركي :
    وهو : أحد القادة الأتراك في جيش الخليفة (الراضي بالله) وكان ذا شجاعة نادرة ، ومما يذكر عن شجاعته : أنّه حارب جيش البريدي قوامه عشرة آلاف جندي ، ولم يكن مع (بجكم) من الأتراك سوى مائتين وتسعين فقط. فهزم جيش البريدي (2).
    وكان الراضي بالله يحبّه كثيرا ، فقد خلع عليه المنادمة ، وجعله (أمير الأمراء). ففي سنة (325) للهجرة ، خلع الراضي على (بجكم) وولّاه إمارة بغداد ، وعقد له على إمارة المشرق كله إلى خراسان (أي وبضمنها الكوفة).
    وفي سنة (3) (327) للهجرة ، ذهب الراضي إلى الموصل لمحاربة الحسن ابن عبد الله بن حمدان وذهب معه (بجكم) فحاربه بجكم فهزمه. وفي هذه السنة ، استولى ابن رائق على بغداد ، فدخلها ومعه ألف من القرامطة (مستغلا غياب الخليفة (الراضي) عنها ، ثمّ خرج ابن رائق وعاد الراضي إليها (4).
    وفي سنة (328) للهجرة ، تزوّج بجكم من (ساره) بنت أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب (وزير الراضي) على مهر قدره مائتا ألف درهم ، وبحضور الخليفة الراضي (5).
    __________________
    (1) نفس المصدر السابق.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 1 / 68.
    (3) المنتظم. ج 13 / 366 والصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 87.
    (4) المنتظم. ج 13 / 377 وابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 354.
    (5) الذهبي ـ التاريخ الإسلامي. ج 24 / 56.

    وفي سنة (329) للهجرة ، مرض الراضي ، فكتب إلى بجكم ، يعلمه بشدة مرضه ، ويسأله أن يعقد ولاية العهد لابنه الأصغر (أبو الفضل) (1).
    وكان بجكم قد سكن مدينة واسط ، وجعلها مقرّا له ، وكان عادلا ، وكان يقول : (قد نبئت أنّ العدل أربح للسلطان في الدنيا والآخرة). وبنى دار ضيافة للضعفاء والمساكين في واسط ، وبدأ ببناء مستشفى في بغداد سنة (329) للهجرة ، وجدّده عضد الدولة فيما بعد سنة (368) للهجرة ، وزودها بالأطباء والممرضين (2).
    ويحكى أنّ رجلا من الصوفية ، جاء إلى بجكم فوعظه (باللغة العربيّة والفارسيّة) فبكى بجكم بكاء شديدا ، ولمّا ذهب ذلك الصوفي ، قال بجكم لأحد غلمانه : اتبع هذا الصوفي واعطه ألف درهم ، ثمّ قال بجكم : (ما أظنّه يقبلها ، وهو على حاله هذه من العبادة) وأيش يعمل بالدراهم؟
    ولمّا رجع الغلام سأله بجكم : وهل أخذ الدراهم؟ قال الغلام : نعم.
    فقال بجكم : (كلّنا صيادون ، ولكنّ الشباك تختلف) (3).
    وكان بجكم ، يفهم اللغة العربية ، ولكنّه لا يتكلّم بها ، ويقول : (أخاف أن أخطئ ، والخطأ من الرئيس قبيح) (4) (5).
    وكان بجكم التركي ، قد عشق جارية من القيان يقال لها (فتوّة) جارية الهاشميّة ، فكان يحضر مجلسها ، ويستمع إليها ، ويعطيها كلّما تطلب ، إلّا أنّه لا يبوح بحبّه لها ، وذلك ترفّعا منه وأنفة ، وقد اشترى لها عودا ذات يوم لتغنّي به فسكر ، وخسف وجه العود ، فملأه لها دراهم ، فكانت أكثر من
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 13 / 382.
    (2) آدم متيز ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع للهجرة. ج 2 / 207 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 320.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 322.
    (4) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 194 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 320.
    (4) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 194 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 320.

    عشرين ألف درهم (1).
    وكان بجكم يدفن أمواله في داره (بواسط) وفي الصحراء ، فكان يأخذ معه رجالا فيضعهم في صناديق ، ثمّ يقفلها عليهم ، ويأخذ الصناديق الّتي فيها الأموال وهناك (في الصحراء) يفتح الصناديق الّتي فيها الرجال ، ويأمرهم بدفن المال ، ثمّ يعود بالرجال إلى واسط (بعد أن يعيدهم إلى الصناديق) فلا يدرون في أيّ مكان دفنت الأموال.
    وقيل إنّ القرامطة لمّا أخذوا الحجر الأسود من مكّة سنة (317) (2) للهجرة ، وذهبوا به إلى (هجر) أعطاهم خمسين ألف دينار لقاء ردّ الحجر الأسود إلى الكعبة ، فرفضوا ذلك وقالوا : (أخذناه بأمر ، ونعيده بأمر) (3).
    وكان بجكم التركي قد أرسل إلى الطبيب (سنان بن ثابت) (4) وقال له : (أريد الاعتماد عليك في تدبير (بدني) وعندي أمر آخر هو أهمّ اليّ من بدني ، وهو : أخلاقي (وذلك لثقتي بعقلك ودينك) فقد غلبني الغضب ، حتّى أصبحت أندم على ما قمت به أثناء غضبي ، من ضرب وقتل ، وأنا أطلب منك أن تتحرّى عن جميع أعمالي فتنبهني على ما يصدر عني ، ثمّ ترشدني إلى علاجه).
    فقال سنان : السمع والطاعة للأمير ، ولكن ليسمح لي الأمير ، أن أعطيه بعض العلاج حالا ، وسوف آتيه بالتفصيل في أوقاته.
    (إعلم أيّها الأمير ، أنّك أصبحت وليس فوق يدك يد لأحد المخلوقين ، وإنّك مالك لكلّ ما تريده ، وقادر أن تفعله في أيّ وقت أردته ، لا يتهيّأ لأحد من
    __________________
    (1) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 1 / 106.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 486.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 14 / 80.
    (4) سنان بن ثابت : بن قرة الحراني ، كان الطبيب الخاصّ للخليفة المقتدر.

    المخلوقين منعك منه ، ولا أن يحول بينك وبين ما تهواه في أي وقت أردت.
    واعلم أن الغيظ والغضب ، يحدثان في الإنسان سكرا ، أشد من سكر النبيذ بكثير ، فكما أن الإنسان يعمل في وقت السكر من النبيذ ، ما لا يليق به ، ولا يذكره إذا صحا ، ويندم عليه إذا حدّث به ، ويستحي منه ، كذلك يحدث في وقت السكر من الغيظ ، بل أشد ، فإذا ابتدأ بك الغضب ، فضع في نفسك أن تؤخر العقوبة إلى غد ، واثقا بأن ما تريد أن تعمله في الوقت لا يفوتك عمله ، فإنك إذا بت ليلتك ، سكنت ثورة غضبك ، وقد قيل (أصح ما يكون الإنسان رأيا إذا استدبر ليله ، واستقبل نهاره) ، فإذا صحوت من سكرك ، فتأمل الأمر الّذي أغضبك ، وقدّم أمر الله عزوجل أولا ، والخوف منه ، وترك التعرض لسخطه واشفي غيضك بما لا يؤثمك ، فقد قيل : (ما يشفي غضبه من أثمّ) واذكر قدرة الله عليك ، فإنك تحتاج إلى رحمته ، والى أخذه بيدك ، في أوقات شدائدك ، فكما تحبّ أن يغفر لك ، فكذلك غيرك يؤمل عفوك ، وفكّر بأيّة ليلة بات المذنب قلقا لخوفه منك ، وما يتوقعه من عقوبتك ، واعرف مقدار ما يصل إليه من السرور بزوال الرعب عنه ، ومقدار الثواب الّذي يحصل لك بذلك ، واذكر قوله تعالى : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) ، وإنّما يستدل ذلك عليك مرتين أو ثلاثا ، ثمّ تصير عادة لك وخلقا فيسهل) (1). فعمل بجكم بما قال له سنان. وقيل : خرج بجكم يوما للصيد ، فشاهد جماعة من الأكراد ، فذهب إليهم فهربوا منه ، وتركوا أموالهم ، فجاءه غلام منهم فطعنه بالرمح من الخلف وذلك في الثالث والعشرين من شهر رجب من سنة (329) للهجرة ، فمات من يومه (2).
    وقيل : ذهب الخليفة (المتقي لله) إلى دار بجكم ، فوجد فيها ما يزيد على
    __________________
    (1) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 7 / 249.
    (2) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 323 والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج 24 / 64.

    ألفي ألف عينا وورقا ، وبيع له من الأموال والرقيق والجواهر والأواني والسلاح الشيء الكثير ، هذا ناهيك عمّا نهب وتلف (1). ولمّا هدم مسجد براثا في أيّام الخليفة (المقتدر) وساواه بالأرض ، أعاد بنائه الأمير (بجكم) سنة (328) للهجرة ، ووسعه وسقفه بالساج المنقوش (2).
    وقيل إنّ الّذي قام بهدم مسجد براثا هو الوزير أبو القاسم القاشاني وزير المقتدر ثمّ أمر بجعله مقبرة (3).
    قتل بجكم التركي سنة (329) (4) للهجرة وكانت مدّة إمارة بجكم سنتين وثمانية أشهر وعشرة أيّام.
    97 ـ أبو الحسن بن هارون :
    عزله الخليفة (الراضي لله) عن إمارة الكوفة سنة (328) للهجرة ، وعيّن مكانه أبا بكر البرجمالي (5).
    وذكر الصولي أيضا : بأنّه في سنة (331) للهجرة ، تذّمر الأشراف
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 317.
    (2) مسجد براثا : ويقع على طريق (الكرخ ـ الكاظمية) وقد صلّى فيه الإمام عليّ بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين (عليهم‌السلام) وذلك بعد رجوعه من حرب الخوارج في (النهروان) وبقي فيه الإمام عليّ (عليه‌السلام) أربعة أيّام يصلّي تماما ، وكان قد صلّى فيه النبيّ إبراهيم الخليل والنبيّ عيسى وأمّه مريم (عليهما‌السلام) وقد هدم هذا المسجد في عهد الخليفة القادر بالله وساووه بالأرض. وكان هذا المسجد مدرسة للشيخ المفيد (المفيد : هو محمّد بن محمّد بن النعمان أمين بن عبد السلام العكبري ، البغدادي ، ولقبه المفيد ، كان من أعظم فقهاء المسلمين في عصره ، وقد تخرج من مدرسته الشريفان الرضي والمرتضى. مات سنة (413) للهجرة ، ودفن في رواق الإمامين موسى بن جعفر ومحمّد بن عليّ الجواد (عليهما‌السلام» الآداب الدينية ـ مهديّ خضير العوادي.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 6 / 195.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 371.
    (5) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 139.

    العلويون في الكوفة من عاملهم أبي عليّ الحسن بن هارون الهمداني ، وخاصة عمر بن يحيى الّذي كان يرعى العلويين في الكوفة ، ويرعى الناس بماله وجاهه. وكان يحجّ بهم ، فعزل عندها الحسن بن هارون ، وولّى مكانه أبا بكر عبد الله بن عبيد الله البرجمالي (1).
    98 ـ أبو بكر البرجمالي :
    واسمه عبد الله بن عبيد الله ، ولّاه الخليفة (الراضي لله) إمارة الكوفة سنة (328) وذلك بعد أن عزل عنها الحسن بن هارون (2).
    99 ـ المبرقع :
    ثار بالكوفة في شهر ذي الحجّة سنة (353) للهجرة ، رجل ادّعى بأنّه علوي ، ولم يكشف عن وجهه ، ولا عن اسمه ، ولم يعرف أيّ شيء عنه سوى أنّه كان مبرقعا.
    وفي هذه السنة ، ذهب (معزّ الدولة) إلى الموصل لمحاربة (ناصر الدولة) فتمّ الصلح بينهما ، على أن يدفع (ناصر الدولة) إلى (معزّ الدولة) مبلغا قدره ألف ألف درهم في كلّ سنة ، فاستغل (المبرقع) ذهاب معزّ الدولة إلى الموصل فقام بثورته ، ولمّا عاد معزّ الدولة إلى بغداد (3) ، هرب المبرقع (4).
    وهكذا ثار وهرب ولا أحد يعرف شيئا عنه.
    __________________
    (1) المصدر السابق. ص 240.
    (2) الصولي ـ أخبار الراضي والمتقي. ص 139 و240.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 8 / 554.
    (4) المصدر السابق. ج 8 / 559.

    100 ـ أبو بكر بن محمّد بن عليّ بن شاهويه :
    جاء أبو بكر بن محمّد بن عليّ بن شاهويه (صاحب القرامطة) إلى الكوفة في شهر شوال سنة (366) (1) للهجرة ، ومعه ألف رجل وأقام الدعوة بها و (بسورا) (2) و (النيّل) (3) و (الجامعين) (4) لعضد الدولة.
    وقيل إنّه قام يدعو (للطائع لله) ولعضد الدولة معا (5).
    وقد حدثت معركة بين (عضد الدولة) و (معزّ الدولة) (6) وأسر خلال هذه المعركة غلام تركي لمعز الدولة اسمه (تكين الجامدار) وكان هذا أمردا ، جميل الوجه مدمنا على الشراب ، لا يصحو من سكره ليل نهار ، وكان كثير اللهو واللعب.
    ولشدة حبّ (معزّ الدولة) وإعجابه بهذا الغلام فقد عيّنه رئيس سرية لحرب بعض بني حمدان ، فقال فيه المهلبي (7) :
    ضبي يرق الماء فيه
    وجناته وبرق عوده

    ويكاد من شبه العذا
    رى فيه أن يبدو نهوده

    ناطوا بمقعد خصره
    سيفا ومنطقه تؤوده (Cool

    جعلوه قائد عسكر
    ضاع الرعيل (9) ومن يقوده

    __________________
    (1) الهمذاني ـ تكملة تاريخ الطبري. ص 454.
    (2) سورا : أسم مكان من أرض بابل.
    (3) النيّل : بلدة صغيرة في سواد الكوفة ، قرب الحلة.
    (4) الجامعين : الحلة حلة بني مزيد) وهي ما بين بغداد والكوفة (بابل).
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 7 / 83.
    (6) عضد الدولة ومعزّ الدولة : من أمراء آل بويه.
    (7) الثعالبي ـ يتيمة الدهر. ج 2 / 267.
    (Cool تؤوده : تشغله ، وتتعبه.
    (9) الرعيل : أحد تشكيلات الجيش.

    وحزن (معزّ الدولة) على غلامه هذا بعد أسره ، وامتنع عن الطعام والشراب ، وقد احتجب عن الناس ، وكتب إلى (عضد الدولة) ، يطلب منه أن يرد غلامه ، وكتب أيضا إلى خواصّه المقربين منه أن يساعدوه برد الغلام ، حتّى صار أضحوكة بين الناس ، فعاتبه بعض جلسائه وخواصّه ، ونصحوه بالكفّ عن ذلك فما نفع شيئا (1).
    ثمّ طلب (معزّ الدولة) من الشريف (2) أبو أحمد الحسين بن موسى ، أن يتوسط لدى عضد الدولة على إطلاق سراح الغلام لقاء فدية جاريتين جميلتين (3) ، لا مثيل لهما في الجمال وإذا لم يوافق عضد الدولة ، فله أن يزيد ما يشاء من الفداء (4).
    وكان عضد الدولة بن بويه ، قد عيّن أبا القاسم بن عبد العزيز بن يوسف الشيرازي الجكار وزيرا له ، ومنحه صلاحيات واسعة في إدارة الدولة ، وكانت حاشية عضد الدولة ، تغطي على أعمال أبي القاسم المشينة ، ولكن لم تدم الحال لأبي القاسم على الدوام ، إذ ذهب عضد الدولة إلى (همذان) وقد تبعه أبو محمّد الخرنباوي يطلب منه عملا (5) ، فعلم أبو القاسم بخروج الخرنباوي مع عضد الدولة فخاف أن يفتضح أمره ، فطلب من عضد الدولة أن يردّ الخرنباوي ، ويبعده عن صحبته ، ويعطيه عملا في البصرة ، وأن يقيم فيها.
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 14 / 247.
    (2) الشريف أبو أحمد : وهو نقيب الطالبيين ، وأبو الشريفين ، السيدين ، الرضي والمرتضى ، المدفونين في الكاظمية قرب الصحن الشريف.
    (3) جاريتين : وقد سبق وطلب عضد الدولة من معزّ الدولة أن يبيعه جارية واحدة منهما بمائة ألف فرفض معزّ الدولة.
    (4) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 5 / 86.
    (5) الخرنباوي : وكان ذكيا ، وصاحب رأي ودراية ، وفضل ورزانة.

    عند ذلك طلب عضد الدولة من أبي بكر بن شاهويه (1) ، أن يذهب إلى الخرنباوي ويأمره بالذهاب إلى البصرة ، ويقول له : إنّ عضد الدولة يقول لك : إذهب إلى البصرة ، وسنعطيك عملا فيها ترتزق منه ، فقد طال متابعتك لنا ، وقد ضجرنا منك ، وليس عندنا ما تحبّه ، والسلامة لك في بعدك عنّا ، فصاحبنا أبو القاسم ، قد استصحب جماعة ، ونحن في غنى عن أمثالك ، فانصرف عنّا ، واكتف بما أرتّبه لك إن شاء الله (2).
    وكان عضد الدولة قد أرسل شخصا آخر مع ابن شاهويه ، ليكون شاهدا على ما يدور بينه وبين الخرنباوي ، ولمّا وصل ابن شاهويه إلى الخرنباوي ، قال له جميع ما أمره به عضد الدولة ، فقال الخرنباوي : (السمع والطاعة لأمر الملك ، فإن الناس بجدودهم ينالون ، وبحظوظهم يستديمون ، وتقدم عنده من أنا أرجّح منه ، ولكنّ المقادير غالبة ، وليس للإنسان متقدم عنها ، ولا متأخّر ، وقد قيل (ومن غلب الأقدار غلب). ولكن أيّها الشيخ لي حاجة أرجو أن توصلها إلى الملك نيابة عنّي ، وهي كلمة فيها نصيحة ، وشفاء لمّا في الصدور. وهي أن تقول للملك : (إنّي صائر إلى ما أمرت ، ومتوجّه إلى البصرة ، لامتثال ما رسمت ، ولكن بعد أن تقضي وطرا في نفسي ، وفيه شهرة لعظمتك ، وتنبيه على أنّك لا تنخدع في ملكك ، ولا يلبس لديك محقّ بمبطل ، وعاقل بجاهل ، ومسيء بمحسن ، ويقظان بغافل ، وجواد بباخل ، وأن لا يقام عبد العزيز المكنى بأبي القاسم بين اثنين على رؤوس الأشهاد ، وينتقم منه انتقاما بالغا ، ويقال له : إذا لم تبذل جاهك لمتلهفّ ، ولم يكن عندك بسر لضعيف ، ولا فرج لمكروب ، ولا عطاء لسائل ، ولا جائزة لشاعر ... الخ
    __________________
    (1) وكان شاهويه صديقا للخرنباوي.
    (2) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 5 / 86.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:25 am

    ثمّ رجع ابن شاهويه إلى عضد الدولة (وكان أبو القاسم جالسا عنده آنذاك) فقال له عضد الدولة : وما ذا قال لك الخرنباوي؟
    فقال له أبو بكر بن شاهويه ، كلّ ما قاله الخرنباوي ، وكان وجه أبي القاسم يتغير ألوانا عند كلّ كلمة يقولها ابن شاهويه.
    ثمّ قال عضد الدولة لأبي القاسم : (لا جزاك الله خيرا ، الآن علمت أنّك لا تعتمد على حالة ترضي الله تعالى ، ولا تتبنى مكرمة ، ولا تحفظ مروءة ، ولا تحرس أمانة ، ولا يخرج فكرك عنك ، وتجعلني بابا من أبواب معاشك ، وجهة من جهات أرباحك ، تبعد من ينفعني ، وتقرب من ينفعك ، فخدمتك معروفة ، وشرهك في جميع أموالك ، وأذاك لمن يقصد أبوابنا ، ولكلّ أجل كتاب ، ثمّ أمر بسجنه (1).
    101 ـ الأمير جكفل :
    وهو أحد القادة الأتراك الذين أقطعت (2) لهم ولاية الكوفة سنة (367) (3) للهجرة وكان أميرا للحجاج أيضا.
    لم أعثر على ترجمة وافية للأمير جكفل في المصادر المتاحة ، عسى أن نوفق إلى ذلك مستقبلا إن شاء الله.
    __________________
    (1) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج 5 / 88.
    (2) المقطع : هو نظام إداري عسكري ، استحدثت هذه الوظيفة بعد أن عجزت الدولة العباسيّة في عصورها المتأخرة عن دفع رواتب القادة العسكريين بسبب تدهور وضعها المالي فكانت ولاية الكوفة تقطع لبعض الأشخاص الذين هم من القادة العسكريين ، على أن يحمي هؤلاء الولاية وحفظ الأمن فيها ، ويدفعوا مبلغا من المال إلى خزانة الدولة ، وأن يقدموا المساعدات العسكرية من ولايتهم للدولة في أوقات الحروب.
    (3) معن صالح مهديّ الخفاجي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 51.

    102 ـ الأمير خمارتكين الحسداني :
    وهو أحد القادة الأتراك في الجيش العباسي ، وقد أقطعت له ولاية الكوفة بعد الأمير جكفل (1).
    وقد حجّ بالناس سنة (481) للهجرة وكذلك من سنة (482 ـ 483) (2).
    103 ـ الأمير أبو طريف :
    هو أبو طريف عليان بن ثمال الخفاجي (3) ، عميد بني خفاجه ، ذو شخصية بارزة ، ومكانة عالية بين أمراء العرب (4).
    قلّده الخليفة (الطائع لله) حماية الكوفة ، سنة (374) (5) للهجرة ، وهي أوّل إمارة بني ثمال (الخفاجيين) على الكوفة ، وقد جاء بالتقليد ما يلي : (قد رأينا تقليدك ـ أطال الله بقائك ـ الحماية بالكوفة وأعمالها ، وما يجري معها ، ثقة بشهامتك وغنائك ، وسكونا إلى استقلالك واعتقادا لاصطناعك واصطفائك ، وحسن ظن بك في شكر ما يسدى إليك ، ومقابلته بما يحقّ عليك من الأثر الجميل فيما تولاه ، والمقام الحميد فيما تستكفاه ، فتوّل ـ أيّدك الله ـ ذلك ، مقدما تقوى الله ومراقبته ومستمدا توفيقه ومعونته ،
    __________________
    (1) نفس المصدر السابق.
    (2) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 135 و136.
    (3) خفاجه : بن عمرو بن عقيل بن كعب ، جد جاهلي من بني عامر بن صعصعة من عدنان ، وبنو خفاجه هم من عشائر بني عقيل ، وكانت هذه القبيلة داخله ضمن نطاقها ، إلّا أنها انفصلت عنها ، واستقلت بسيادتها ، وذلك بعد ما قتل (توبة الخفاجي) الّذي قتله بنو عقيل.
    (4) محمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجية في التاريخ. ص 32.
    (5) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 237 ومعن صالح مهديّ الربيعي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 28 وابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 15.

    واحرس الرعيّة في مساكنها ، والسابلة في مسالكها وادفع عن عملك (1) ونواحيه أهل العبث جميعا ، وأطرقهم في مكامنهم ... وراع الأكرة والمزارعين حتّى ينبسطوا في معايشهم ، ويتصرّفوا في مصالحهم ، وتتيسّر عواملهم في عماراتها ، ومواشيهم في مسارحها ، ومتى طردت لأحد منهم طريدة ، أو امتدت إليهم يد عاتيه ، ارتجعت ما أخذ له ، ورددته بعينه ، أو قيمته ... واعلم بأنك فيما وليته من هذا الأمر متضمّن للمال والدم ، ومأخوذ بكل ما يهمك من ذمّة ومحرّم ، فليكن اجتهادك من الضبط والحماية ، واحتراسك في الإهمال والإضاعة بحسب ذلك ، واكتب بأخبارك على سياقتها ، وآثارك لأوقاتها ...) الخ (2).
    104 ـ إسحاق وجعفر الهجريان :
    إسحاق وجعفر هما من القرامطة الذين يدعون (بالسادة) وهما من أهل هجر من البحرين (3) ، وذكر ابن الأثير بأنّهما : من (الستة) القرامطة الذين يلقّبون (بالسادة) وكان نائبهم في بغداد يعرف بأبي بكر بن شاهويه ، يتحكم فيها تحكّم الوزراء ، فقبض عليه (صمصام الدولة) وحبسه (4).
    دخل إسحاق وجعفر إلى الكوفة في شهر ربيع الأول سنة (375) (5) للهجرة وقيل سنة (374) ، واستوليا عليها ، وأقاما الخطبة في مسجد الكوفة لشرف الدولة. فغضب الناس لذلك لكراهيتهم للخوارج ، وكان بعض الملوك
    __________________
    (1) عملك : ولايتك ، إمارتك.
    (2) القلقشندي ـ صبح الأعشى. ج 10 / 262.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 7 / 126. ط / 1358 ـ حيدرآباد ـ الدكن.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 42.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 42 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 7 / 126.

    والسلاطين يخافون من الخوارج ، فيعطونهم الإقطاعات درءا لشرّهم ، حتّى أن (عضد الدولة) كان قد أقطعهم في (واسط) كما وأقطعهم قبله (عزّ الدولة) قطاعات بسقي الفرات.
    ثمّ انتشر أصحاب إسحاق وجعفر في نواحي الكوفة ، فأخذوا الغلّات والأموال ، فكتب اليهما (صمصام الدولة) يسألهما عن سبب حركتهما ، فقالا له : إنّ سبب مجيئهما هو قبضه على نائبهم (ابي بكر بن شاهويه). ثمّ ذهب (أبو قيس) (1) الحسن بن المنذر إلى (الجامعين) فأرسل إليه صمصام الدولة جيش من بغداد ومعهم العرب ، فعبروا نهر الفرات فانهزم عسكر القرامطة ، وأسّر (أبو قيس) وآخرون من قادته ، ثمّ قتلوا.
    فعاد القرامطة إلى الكوفة ، فجهزوا جيشا آخر كثير العدد والعدة ، فالتقوا (بالجامعين) أيضا ، فكانت معركة بين الجانبين أسفرت عن هزيمة القرامطة ، ورجوعهم إلى الكوفة بعد أن قتل الكثير منهم ، وأسّر آخرون ، ونهب سوادهم ، ثمّ خرج القرامطة من الكوفة إلى القادسيّة ، فتبعتهم جيوش صمصام الدولة ، إلّا أنّهم لم يلحقوا بهم ، وكان لهذه الهزيمة الأثر الطيب في نفوس الناس ، كما إنّ أهالي بغداد لمّا سمعوا بهزيمة القرامطة ظهرت عليهم معالم الفرح والابتهاج (2) ، كان هذا في خلافة (الطائع لله).
    105 ـ المقلد بن المسيّب العقيلي :
    هو : المقلد بن المسيب بن رافع بن المقلد بن جعفر بن عمرو بن المهنّا ، العقيلي ، وكنيته : أبو حسان ، ولقبه : (حسام الدولة) صاحب الموصل.
    __________________
    (1) أبو قيس : أحد قادة القرامطة.
    (2) معن صالح مهديّ ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 21.

    تولى (المقلد) إمارة الموصل سنة (387) (1) للهجرة ، وقيل سنة (386) (2). ثمّ أطاعته قبائل خفاجة.
    وكان المقلد ، قد استولى على سقي الفرات ، وتوسّعت مملكته ، ولقّب (القادر بالله) وكان المقلد ، سياسيا بارعا ، وعقلا مدبرا ، وكان أديبا وشاعرا يكرم أهل الأدب (3).
    وفي سنة (386) للهجرة ، حدثت معركة بين المقلد وبين نائب بهاء الدولة المدعو (أبو عليّ بن إسماعيل) فانتصر المقلد على جيوش نائب الدولة المذكور ، ثمّ زحف نحو بغداد ، فلما سمع بهاء الدولة بمجيء جيوش (المقلد) إلى بغداد ، قبض على أبي عليّ بن إسماعيل وأمره بالصلح معه. فتمّ الصلح بينهما على أن يدفع (المقلد) إلى بهاء الدولة عشرة آلاف دينار ، وأن يخلع بهاء الدولة على المقلد الخلع السلطانية ويلقب (بحسام الدولة) فتمّ له ذلك بأمر من الخليفة (القادر بالله) (4). وعلى أن يقطع له أيضا الموصل والكوفة والقصر والجامعين.
    ثمّ تخاصم المقلد مع أخيه (عليّ) وتمكّن من القبض على أخيه بحيلة دبرها ، ثمّ طلب من زوجة (5) أخيه أن تأخذ ولديها (قرواش وبدران) وتذهب بهما إلى تكريت.
    ولمّا سمع أخوه (حسن) أخذ يحرّض النساء على أخيه (المقلد) فاجتمع عنده عشرة آلاف رجل ، وقبل البدء بالقتال بين الأخوين ، جاءت
    __________________
    (1) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 260.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 125.
    (3) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 261.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 127.
    (5) زوجة أخوه : كانت حينذاك في الحلة.

    أخت المقلد وطلبت منه أن يطلق سراح أخيهما (عليّ) فأطلق سراحه ، وردّ عليه أمواله ، وأعطاه مثلها ، ففرح الناس بذلك ، ثمّ تصالحا ، وعاد (عليّ) إلى الحلة ، وذهب المقلد إلى الموصل (1).
    ولمّا خرج عليّ من الحبس واصطلح مع أخيه المقلد اجتمع المنافقون والمحرضون عند عليّ وأشاروا عليه بمحاربة أخيه المقلد ، فذهب عليّ إلى الموصل ، واستولى عليها ، ولمّا سمع المقلد ، جاء بجيشه إلى الموصل ، فتم الصلح بين الأخوين مجددا ، كان ذلك في سنة (389) للهجرة (2).
    قتل (حسام الدولة) المقلد بن المسيّب العقيلي سنة (391) للهجرة ، بواسطه مماليك له من الترك ، فتولّى بعده (الإمارة) ابنه الأكبر (قرواش) (3).
    106 ـ قرواش بن المقلد :
    هو : قرواش بن المقلد بن المسيب بن رافع ، وكنيته : أبو المنيع ، ولقبه : (معتمد الدولة) بن الأمير (حسام الدولة) العقيلي وهو من هوزان ، وصاحب الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات ، وليها بعد مقتل أبيه سنة (391) (4) للهجرة.
    وكان قرواش من رجالات العرب البارزين ، وكان ظريفا وأديبا وشاعرا. وعند ما تقلد (قرواش) الأمر بعد وفاة أبيه نازعه في الملك عمّاه : (أبو الحسن (5) وأبو مرح مصعب ولدا المسيب) ، فمات الأول سنة (392)
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 134.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 135.
    (3) المصدر السابق. ج 9 / 164.
    (4) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 373.
    (5) أبو الحسن : وقد ذكر ابن الأثير أن اسمه : الحسن (ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 134 و164).

    للهجرة ، وتوفي الثاني سنة (397) للهجرة ، فاستراح منهما قراوش ، وعند ذلك تفرّد بالحكم وحده (1).
    وقيل إنّ الخليفة (القادر بالله) قد لقّبه (معتمد الدولة) سنة (396) للهجرة ، فتفّرد قرواش بالإمارة (2).
    وفي سنة (397) للهجرة ، ذهب قرواش ومعه جماعة كبيرة إلى الكوفة ، فدخلها ونزلها ، وكان أبو عليّ بن ثمال الخفاجي حينذاك غائبا عن الكوفة.
    ولمّا عرف أبو عليّ بالخبر ، جاء إلى الكوفة ، فحدثت معركة بينه وبين قرواش أسفرت عن هزيمة قرواش إلى الأنبار ، ثمّ استولى أبو عليّ على الكوفة ، وأسر الكثير من أصحاب قرواش ، فسخّرهم عنده (3).
    وكان الحاكم (العبيدي) (4) في مصر ، قد كاتب قرواش وبعث إليه
    __________________
    (1) المنتظم ـ ابن الجوزي. ج 15 / 49.
    (2) المصدر السابق. ج 7 / 230.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 197 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 374 ومحمّد عبد المنعم الخفاجي ـ بنو خفاجه. ص 55.
    (4) العبيدي : هو عبيد الله بن محمّد الحبيب بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام ، ثار بالمغرب سنة (296) للهجرة ، وبنى المهدية ، ثمّ استولى على أفريقية ، وأمر أحد أولاده بالذهاب إلى الأسكندرية فاستولى عليها وعلى الفيوم وقسم من الصعيد. وأوّل من ملك مصر وانتقل إليها هو المعز (أبو تميم) معد بن إسماعيل كان ذلك سنة (362) للهجرة ، وكانت مدّة حكم العبيديين في مصر (206) سنين ، حيث قضى عليهم صلاح الدين الأيوبي وكان آخر حكام العبيديين (العاضد عبد الله بن أبي الحجاج يوسف بن الحافظ). ولمّا عجز العباسيون عن القضاء على العبيديين ، شككوا في نسبهم ، وقالوا بأن العبيديين لا ينتسبون إلى الإمام عليّ عليه‌السلام وكتبوا محضرا في بغداد ، وشهد فيه أكثر الأشراف والقضاة. أما الشريف الرضي فقد قال :
    ما مقامي على الهوان وعندي
    مقول صارم وأنف حميّ

    أحمل الضيم في بلاد الأعادي
    وبمصر الخليفة العلوي

    من أبوه أبي ومن جده جد
    ي إذا ضامني البعيد القصي

    (ابن عنبة ـ عمدة الطالب. ص 235 وابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 236 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 281 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 11 / 345.)

    بالرسل والهدايا حتّى استماله إليه ، ثمّ جمع قرواش أهل الموصل ، وأخبرهم بطاعته (لحاكم مصر) وإنّه قرر إقامة الدعوة له ، وطلب منهم موافقتهم على ذلك ، فاستجابوا له ظاهرا ، ولكنّهم في قرارة أنفسهم يضمرون الرفض والحقد عليه ، فأرسل قرواش إلى خطيب يوم الجمعة فخلع عليه ، وطلب منه أن يخطب في الناس الخطبة الآتية (1) : (الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله وله الحمد ، الّذي انجلت بنوره غمرات الغضب ، واتقدت بقدرته أركان النصب .. وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله صلّى الله عليه ، اصطفاه واختاره لهداية الخلق ، وإقامة الحقّ ، فبلغ الرسالة ، وهدى الضلالة ، والناس حينئذ من الهوى غافلون ، وعن سبيل الحقّ ضالون ، فأنقذهم من عبادة الأوثان ، وأمرهم بطاعة الرحمن ، حتّى قامت حجج الله وآياته ، وتمت بالتبليغ كلماته (صلى الله عليه وعلى أوّل مستجيب له عليّ أمير المؤمنين ، وسيد الوصيين ، أساس الفضل والرحمة ، وعماد العلم والحكمة ، وأصل الشجرة الكرام البررة النابتة في الأروم المقدسة المطهرة ، وعلى خلفائه البواسق من تلك الشجرة وعلى ما خلص منها ، وزكا من الثمرة) (2). وكانت الخطبة سنة (401) (3) للهجرة.
    ولمّا سمع الخليفة (القادر بالله) بذلك ، غضب غضبا شديدا على
    __________________
    (1) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 7 / 249.
    (2) وهي خطبة طويلة ، ومن أراد الإطلاع عليها كاملة مراجعة ـ المنتظم لأبن الجوزي. ج 7 / 249.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 223.

    قرواش ، فبعث (بهاء الدولة) (بعميد الجيوش) (1) وأعطاه مائة ألف دينار ليستعين بها على حرب قرواش.
    وحينما سمع قرواش بذلك ، قطع الخطبة للحاكم في مصر (العبيدي) واستمر في خطبته (للقادر بالله) على ما كانت عليه سابقا ، ثمّ اعتذر إلى الخليفة (2).
    وعن أبي الهيجاء بن عمران بن شاهين أنه قال : كنت أساير معتمد الدولة (قرواش) ما بين سنجار ونصيبين ، فنزل في قصر (العبّاس بن عمرو الغنوي) (وكان القصر مطلا على بساتين ومياه كثيرة) فأخذ قرواش ينظر إلى كتابة على الحائط ، فقرأها ، فإذا هي (3) :
    يا قصر عبّاس بن عم
    رو فارقك ابن عمرك

    قد كنت تغتال الدهو
    ر فكيف غالك ريب دهرك؟

    واها لغيرك بل لجو
    دك بل لمجدك بل لفخرك

    وكان مكتوب تحت هذه الأبيات : كتبها بخطه عليّ (4) بن عبد الله بن حمدان سنة (331) للهجرة وتحت تلك الأبيات مكتوب أيضا :
    يا قصر ضعّفك الزما
    ن وحطّ من علياء قدرك

    ومحا محاسن أسطر
    شرفت بهن متون جدرك

    واها لكاتبها الكري
    م وقدره الموفي لقدرك

    وكان قد كتب هذه الأبيات ، وبخطه (أيضا) الغضنفر بن عبد الله بن حمدان سنة (362) للهجرة.
    __________________
    (1) عميد الجيوش : هو أبو عليّ بن أبي جعفر ، كان أبوه من حجاب عضد الدولة.
    (2) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 11 / 343 والمستشرق آدم متز ـ الحضارة الإسلامية. ج 1 / 23.
    (3) محمّد شاكر الكنبي ـ فوات الوفيات. ج 3 / 199 وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 261.
    (4) عليّ : هو الأمير سيف الدولة الحمداني.

    وتحت هذه الأبيات مكتوب أيضا :
    ضربت خيامهم بعقرك؟!
    يا قصر ما فعل الأولى

    وطواهم تطويل نشرك
    أخنى الزمان عليهم

    يختال فيك وطول عمرك
    آها لقاصر عمر من

    وكان قد كتب هذه الأبيات وبخطه المقلد بن المسيب بن رافع سنة (388) للهجرة. وتحت هذه الأبيات مكتوب أيضا :
    يا قصر ما فعل الكرا
    م الساكنون قديم عصرك

    عاصرتهم فنبذتهم
    وشأوتهم طرا بصبرك

    ولقد أثار تفجّعي
    يا ابن المسيب رقم سطرك

    وعلمت أنّي لاحق
    بك دائبا في قفو إثرك

    ومكتوب تحت هذه الأبيات : أن الّذي كتبها هو قرواش بن المقلد بن المسيب سنة (401) للهجرة ، فتعجب أبو الهيجاء ، وقال لقرواش : هل إنّك كتبت هذا الآن؟! فقال قرواش : نعم ، ولقد هممت بهدم هذا القصر ، فإنّه شؤم.
    ومن شعر قرواش أنّه قال (1) :
    لله درّ النائبات فإنّها
    صدأ اللئام وصيقل الأحرار

    ما كنت إلّا زبرة فطبعتني
    سيفا وأطلق صرخهن غراري

    وقال أيضا :
    وآلفة للطيب ليست تغبّه
    منعة الأطراف لبنية اللمس

    إذا ما دخان الغد من جبينها علا
    على وجهها أبصرت غيما على شمس

    __________________
    (1) الباخوري ـ دمية القصر. ج 1 / 49 ومحمّد شاكر الكتبي ـ وفيات الوفيات. ج 3 / 201 وابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 587.

    وجاء (الغز) (1) إلى الموصل فحاربهم قرواش ، ثمّ انهزم ، فدخل (الغزّ) إلى الموصل فنهبوها ، وعملوا الشنيه من الفتك ، وهتك الحريم ، ونهب الأموال.
    ثمّ استنجد قرواش بسلطان بغداد (جلال الدولة) واستنجد أيضا بدبيس بن مزيد بن الأغر (ملك الحلّة) وبغيره من أمراء العرب ، فذهبوا جميعا إلى محاربة (الغزّ) فانتصروا عليهم بعد معارك دامية ، وبعد أن قتلوا منهم مقتلة عظيمة (2).
    وقال الشاعر أبو عليّ بن الشبل البغدادي يمدح قرواش في هذه المعركة :
    نزهت أرضك عن قبور جسومهم
    فغدت قبورهم بطون الأنسر

    من بعد ما وطئوا البلاد وظفروا
    من هذه الدنيا بكلّ مطفر

    رتاج السدّ عن يأجوجه
    ولقوا ببأسك سطوة الأسكندر

    وقيل إنّ قرواش جمع بين أختين ، فلامه الناس على ذلك ، فقال : (خبروني ما الّذي نستعمل من الشرع ، حتّى تتكلموا في هذا الأمر) (3).
    وقيل إنّه قال : (وأيّ شيء عندنا تجيزه الشريعة)؟
    وفي سنة (408) للهجرة ، عقد سلطان الدولة على (جباره) بنت قرواش ، بصداق مقداره (50) ألف دينار (4).
    وعن الفضل بن عبد الله الهاشمي أنّه قال : أنشدني قرواش من شعره
    __________________
    (1) الغز : التركمان.
    (2) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 263 ومحمّد الخضري بك ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية. ج 2 / 414.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 588 ومحمّد شاكر الكتبي ـ فوات الوفيات. ج 3 / 198.
    (4) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 7 / 287.

    هذه الأبيات (1) :
    من كان يحمد أو يذمّ مورثا
    للمال من آبائه وجدوده

    إنّي امروء لله أشكر وحده
    شكرا كبيرا جالبا لمزيده

    لي أشقر سمح العنان مغاور
    يعطيك ما يرضيك من مجهوده

    ومهند عضب إذا جردته
    خلت البروق تموج في تجريده

    ومثقّف لدن السنام كأنّما
    أمّ المنايا ركبت في عوده

    وبذا حويت المال إلّا أنّني
    سلطت جود يدي على تبديده

    وكان قرواش يلقب أيضا ب (مجد الدين) وهو ابن أخت الأمير أبي الهيجاء الهذباني (صاحب إربل).
    وقد دامت إمارة قرواش خمسين سنة ، ثمّ حصل خلاف بينه وبين أخيه (بركة بن المقلد) وكان خارج البلد ، فقبض عليه أخوه (بركة) في سنة (441) للهجرة ، فقيّده بسلاسل الحديد ، ثمّ حبسه في (الجراحية) (2) وتولّى الأمر مكانه ، ولقب نفسه (زعيم الدولة) (3). فلم تدم زعامة هذا الزعيم طويلا ، حيث قام بعده ابن أخيه (أبو المعالي) قريش بن بدران بن المقلد ، فأخرج عمّه (قرواش) من السجن فقتله سنة (444) للهجرة ، وقيل مات قرواش في سجنه ، ودفن في (تل نوبة) شرقي الموصل (4).
    وقال الظاهر الجزري وقيل ابن الزمكدم يمدح قرواش (5) :
    وليل كوجه البر قعيدي ظلمة
    وبرد أغانيه وطول قرونه

    __________________
    (1) الباخوري ـ دمية القصر. ج 1 / 50 وابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 587.
    (2) الجراحية : وهي إحدى قلاع الموصل.
    (3) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 373.
    (4) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 15 / 49 وابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 587 وتاريخ ابن خلدون. ج 4 / 264 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 373.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 321.


    سربت ونومي فيه نوم مشرد
    كعقل سليمان بن فهد ودينه

    على أولق فيه فضاء كأنّه
    أبو جابر في طيشه وجنونه

    إلى أن بدا وجه الصباح كأنّه
    سنا وجه قرواش وضوء جبينه

    مات قرواش في أوّل شهر رجب من سنة (444) (1) للهجرة.
    والحقيقة قتله ابن عمّه (قريش) سنة (442) للهجرة (2) ، وأصبح رئيسا لقبيلة بني عقيل.
    107 ـ أبو عليّ بن ثمال الخفاجي :
    وهو أحد أمراء بني خفاجه على الكوفة ، تولّى زعامة قبيلته بعد أخيه أبو طريف.
    وكان (معتمد الدولة) أبو منيع قرواش بن المقلد العقيلي قد ذهب إلى الكوفة في شهر محرم سنة (397) للهجرة ، مستغلا غياب أبي عليّ بن ثمال عنها ، فدخلها ، واحتلها ، ونزل فيها (3).
    ولمّا سمع أبو عليّ بذلك ، جهّز جيشا ، وجاء إلى الكوفة ، فدارت بينه وبين قرواش معركة ، انتهت بهزيمة قرواش ، وخروجه من الكوفة ، عائدا إلى الأنبار ، فدخلها أبو عليّ بعد أن قتل وأسّر الكثير من أصحاب قرواش ، ثمّ سخّر الأسرى عنده (4).
    ثمّ إنّ الحاكم بأمر الله في مصر ولّى أبا عليّ الخفاجي إمارة (الرحبة)
    __________________
    (1) المصدر السابق. ج 9 / 587.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 147. ط 1359.
    (3) تاريخ ابن خلدون. ج 4 / 257.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 7 / 197 ومحمّد عبد المنعم الخفاجي ـ بنو خفاجه وتاريخهم السياسي والاجتماعي. ص 55.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:26 am

    فذهب إليها سنة (399) للهجرة ، وفي طريقه اعترضه عيسى بن خلاط العقيلي ، فكانت بينهما معركة قتل فيها أبو عليّ ، واستولى عيسى على الرحبة. (1)
    وبعد أن عزل أبو عليّ بن ثمال الخفاجي عن حماية الكوفة وأعمالها من قبل الخليفة (الطائع لله) تفرّغ لإمارة قومه ، فأصبح رئيسا لعشيرته.
    قتل أبو عليّ بن ثمال الخفاجي سنة (399) (2) للهجرة ، من قبل ابن أخيه (الحسن بن أبي البركات) ، وقيل إنّ الّذي قتله هو (عيسى بن خلاط العقيلي) وذلك عند ما كان أبو عليّ أميرا على (الرحبة) (3) من قبل الحاكم بأمر الله (صاحب حلب) (4).
    108 ـ أبو جعفر الحجاج :
    وهو نائب بهاء الدولة البويهي في العراق. ففي سنة (392) للهجرة ، كانت له معركة مع قرواش بن المقلد في المدائن انهزم فيها جيش قرواش ، ثمّ حدثت معركة أخرى بينه وبين أبي عليّ (عميد الجيوش) فأقام أبو جعفر في نواحي الكوفة ، ولم يتمّ أيّ صلح بينه وبين عميد الجيوش (5).
    فجهز أبو جعفر جيشا من الديلم والأتراك وبني خفاجه ، وجمع عميد
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 211 وتاريخ ابن خلدون. ج 4 / 257 ومحمّد عبد المنعم الخفاجي ـ بنو خفاجه وتاريخهم السياسي. ص 55 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 380 ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 431.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 153 والزركلي ـ الأعلام. ج 5 / 75.
    (3) تاريخ ابن خلدون. ج 4 / 217 ومحمّد عبد المنعم الخفاجي ـ بنو خفاجة وتاريخهم السياسي والأدبي. ص 55.
    (4) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 373 ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج 1 / 431.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 174.

    الجيوش من جانبه جيشا كبيرا والتقى الطرفان في نواحي النعمانية أسفرت عن هزيمة أبي جعفر.
    ثمّ ذهب عميد الجيوش إلى خوزستان (بعد هزيمة أبي جعفر) فعاد أبو جعفر إلى الكوفة ، ولمّا سمع عميد الجيوش بذلك رجع إلى العراق ، فكانت بينه وبين أبي جعفر منازعات ومراجعات إلى أن اشتعلت الحرب بينهما (ثانية) فاستنجد كلّ واحد منهما ببني عقيل وبني خفاجه وبني أسد ، وبينما هما في تلك الحال أرسل بهاء الدولة إلى عميد الجيوش يستدعيه (1).
    وفي سنة (395) للهجرة ، وصل قرواش بن المقلد وأبو جعفر الحجاج إلى الكوفة فقبضا على أبي عليّ (عمر بن محمّد بن عمر العلوي) وأخذ منه قرواش مائة ألف دينار ، وأخذه معه إلى الأنبار (2).
    مات أبو جعفر الحجاج سنة (400) (3) للهجرة.
    109 ـ عليّ بن مزيد الأسدي :
    وكنيته : أبو الحسن.
    وعليّ بن مزيد هو أوّل الأمراء المزيديين (أصحاب الحلّة) له المكانة الجيدة في عالم الأدب ، إضافة إلى نفوذه السياسي ، فقد كان كريما شجاعا ، يتحلّى بالصفات الحميدة ، والمزايا الحسنة.
    وكانت قبيلة خفاجة قد غارت على الكوفة وسوادها فنهبتها فأوعز السلطان (فخر الملك) إلى عليّ بن مزيد ، أن يردّ خفاجة عن الكوفة ، فتمكّن عليّ من إعادة الكوفة من أيدي الخفاجيين ، وهذا مما دفع فخر
    __________________
    (1) نفس المصدر السابق.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 185.
    (3) المصدر السابق. ج 9 / 219.

    الملك أن يجعله نائبا عنه على الكوفة (1).
    وفي سنة (392) للهجرة ، اتّفق بنو خفاجة مع البويهيين ، فنهبوا حلله وأمواله ، إضافة إلى ما قاموا به من نهب بعض النواحي التابعة له وخاصة الكوفة (2).
    وفي سنة (403) للهجرة ، تعرض أبو فليته بن القوي الخفاجي لقوافل الحجّاج فاعتقلهم ومنعهم من المرور ما لم يدفعوا له خمسين ألف دينار ، فرفضوا ذلك ، عندها استولى على جمالهم وأموالهم ، وقيل مات من الحجّاج أكثر من خمسة عشر ألف شخص ، ولم ينجوا منهم إلّا القليل ، فكتب فخر الملك إلى عليّ بن مزيد يأمره بملاحقة الأعراب ، ويوقع بهم قتلا وأسرا ، وبما يشفي الصدور ، فذهب إليهم عليّ ولحقهم في الصحراء حتّى قاربوا البصرة ، فقتل منهم الكثير ، وأسر (أبا فليتة) وأربعة عشر رجلا من وجوه بني خفاجة ، ثمّ استرجع ما أمكنه من الأموال الّتي نهبوها من الحجّاج ، ورجع إلى الكوفة ، وبعث بالأسرى إلى بغداد (3).
    وفي سنة (408) للهجرة ، ذهب عليّ بن مزيد إلى السلطان ، فمرض في الطريق فبعث ابنه (دبيس) نيابة عنه ، وكتب إلى السلطان يطلب منه أن يقلد ولده (دبيس) ولاية العهد وأن يقرّه على أعماله ، فأجيب إلى ذلك وخلع على دبيس ، وكتب له منشورا بالولاية (4).
    وعند ما كان عليّ في (النيّل) أرسل إليه الشاعر المعروف (مهيار
    __________________
    (1) عبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 68 و70.
    (2) نفس المصدر اعلاه.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 7 / 261.
    (4) المصدر السابق.

    الديلمي) قصيدة يمدحه فيها جاء منها (1) :
    قل للأمير ولو قلت السماء به
    مفصوحة الجود لم تظلم ولم تحب

    أعطيت مالك ، حتّى دبّ حادثه
    أردت فيها الّذي تعطى فلم تصب

    وفي سنة (403) للهجرة ، قلّده فخر الدولة البويهي أمر الجزيرة الدبيسيّة ، ثمّ حدثت بعد ذلك بينه وبين مضر بن دبيس حروب طويلة ، انتهت بخروج عليّ من الجزيرة الدبيسية ، وانحصرت إمارته في نواحي الحلّة فقط (2).
    مات عليّ بن مزيد في الحلّة سنة (408) (3) للهجرة ، بعد أن كافح وناضل حوالي عشرين سنة في سبيل تحقيق أمانيه ، وذلك بتثبيت أسس الإمارة المزيدية وتوسيع حدودها.
    110 ـ دبيس بن عليّ بن مزيد الأسدي :
    وكنيته : أبو الأغرّ ، ولقبه : نور الدولة ، أمير بادية الحلّة (قبل بنائها).
    أرسله أبوه إلى السلطان (فخر الملك) سنة (408) للهجرة ، نيابة عنه ، وطلب من السلطان أن يقلّده ولاية العهد ، وأن يقرّه على أعماله ، فأجيب إلى ذلك ، وخلع على دبيس وكتب له منشورا بالولاية (4).
    ولمّا استلم دبيس زعامة بني مزيد بعد وفاة أبيه ثارت عليه فتن كثيرة ، فقد هاجمت قبيلة خفاجة (الجامعين) (5) فاحتلتها ، فاستنجد دبيس
    __________________
    (1) نفس المصدر اعلاه وعبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 74.
    (2) الزركلي ـ الأعلام. ج 5 / 173.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 7 / 289 وعبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 74.
    (4) المنتظم ج 7 / 289.
    (5) الجامعين : أسم مكان قرب قصر ابن هبيرة ، وقيل أنها هي الحلة بالذات.

    بالبساسيري (1) ، فتمكّنا من دحر خفاجة ، وإبعادها عن الجامعين ، ثمّ أخذ البساسيري بملاحقة خفاجة حتّى أوصلهم إلى الصحراء ، وبذلك فقد تمكن دبيس من إبعاد خفاجة عن المنطقة ، كي يصبح زعيما دون منافس ، وأصبحت إمارته تضم (الكوفة) وأطرافها و (الجامعين) و (سورا) و (النيّل) وأطرافها (2).
    ولمّا استتبت له الأمور حرضّه البساسيري على عداء بني العبّاس ، وموالاة الفاطميين (خلفاء مصر) ، ثمّ هاجما بغداد سنة (450) للهجرة ، واستوليا عليها وأقاما الخطبة فيها للفاطميين ، ولكن الأمر لم يدم لهما طويلا إذ سرعان ما حاربهما السلطان (طغرلبك) السلجوقي ، فانهزم دبيس ، وقتل البساسيري سنة (451) للهجرة ، وبعد ذلك عفي عن دبيس ، وأقرّ في إمارته إلى أن مات (3).
    مات دبيس بن عليّ في ليلة الأحد في العاشر من شهر شوال من سنة (473) للهجرة ، وقيل سنة (474) (4) وكانت إمارته (57) سنة وقيل (67) سنة وكان عمره (80) سنة ، وقد ولّي إمارة بني مزيد وعمره (14) (5) سنة.
    111 ـ منيع بن حسّان :
    هو : أبو الفتيان منيع بن حسان الخفاجي ، تولّى زعامة بني خفاجة
    __________________
    (1) البساسيري : واسمه أرسلان ، من المماليك الأتراك ومن مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهي وهو من مدينة (بسا) في خراسان. وقد تقلبت به الأمور ، حتّى وصل إلى المقام الرفيع في الدولة العباسيّة المتأخرة.
    (2) عبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 82.
    (3) الزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 13. ط 2.
    (4) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 2 / 281 وابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 121.
    (5) وفيات الاعيان ج 2 / 281 والكامل ج 9 / 121.

    بعد سلطان بن ثمال الخفاجي سنة (415) (1) للهجرة.
    وفي سنة (417) للهجرة ، ذهب منيع بن حسان إلى (الجامعين) فنهبها (وكانت آنذاك تابعة لنور الدولة) دبيس بن مزيد الأسدي ، فتبعه دبيس إلى الكوفة ، ولمّا سمع منيع بمجيء دبيس ذهب إلى الأنبار (وكانت حينذاك تابعة لقرواش بن المقلد) فحصلت معركة بين منيع وأهل الأنبار انتهت المعركة بدخول بني خفاجة إلى الأنبار فنهبوها وأحرقوا أسواقها ، وأراد قرواش أن يذهب إلى الأنبار لتحريرها إلّا أنّ مرضه حال دون ذلك ، وهذا مما شجع بنو خفاجة على العودة إلى الأنبار فأحرقوها ثانية (2).
    وفي هذه السنة أيضا ، أعني سنة (417) للهجرة ، ذهب قرواش إلى (الجامعين) واجتمع بنور الدولة دبيس بن مزيد الأسدي ومعهما عشرة آلاف مقاتل ، وكان تعداد قبيلة خفاجة ألف فارس ومع ذلك فلم يتقدم قرواش لمحاربتها ، فعاد إلى الأنبار (3).
    ثمّ ذهب منيع بن حسان (بعد ذلك) إلى الملك (أبي كاليجار) وأعلن له الطاعة ، فخلع عليه الملك أبو كاليجار ، ثمّ دخل منيع إلى الكوفة ، وخطب فيها لأبي كاليجار ، وأزال حكم بني عقيل عن سقي الفرات (4).
    112 ـ الحسن بن أبي البركات :
    هو الحسن وقيل (أبو الحسن) (5) بن أبي البركات بن ثمال الخفاجي.
    __________________
    (1) محمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجية في التاريخ. ص 36.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 354 وعبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 82. ومعن صالح مهديّ الربيعي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 31.
    (3) الكامل. ج 9 / 355.
    (4) نفس المصدر اعلاه.
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 83.

    ثار الحسن بن أبي البركات على عمّه عليّ بن ثمال الخفاجي (أمير خفاجة) في شهر ذي الحجّة من سنة (425) وقيل سنة (426) للهجرة ، فقتله ، واستحوذ على الإمارة (1).
    وفي نفس هذه السنة ذهب الحسن إلى الكوفة فنهبها ، وأراد تخريبها ، ثمّ قطع الماء عن النخيل فمات أكثره عطشا (2).
    113 ـ محمود بن الأخرم الخفاجي :
    هو أحد أمراء بني خفاجة ، تولّى الأمرة بعد الأمير رجب بن منيع ، وذكر محمّد عبد المنعم خفاجي بأنّ محمودا تولّى إمارة بني خفاجة بعد الأمير منيع (3).
    عيّنه البساسيري أميرا على الكوفة سنة (450) (4) للهجرة.
    وكان محمود الخفاجي قد خطب في سنة (447) للهجرة ، في (شثاثة) (5) للخليفة (المستنصر بالله) الخليفة العلوي في مصر ، وصار في طاعته ، وخرج عن الولاء لبني العبّاس ، ثمّ إنّ السلطان (طغرلبك) استرضى الأمير محمودا في سنة (449) للهجرة ، وأقنعه بالعودة إلى طاعته.
    وفي سنة (452) للهجرة ، خلع السلطان (طغرلبك) على الأمير محمود الخفاجي ، وردّ إليه إمارة بني خفاجة ، وولاية الكوفة ، وسقي الفرات ، وذلك
    __________________
    (1) المنتظم ج 8 / 83 وابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 444 ، ومحمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجية في التاريخ. ص 38.
    (2) الكامل ج 9 / 444. وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 83 ومحمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجية في التاريخ. ص 38.
    (3) محمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجية في التاريخ. ص 40.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 644.
    (5) شثاثة : أسم مدينة قرب كربلاء مشهورة بالتمر والمياه المعدنية.

    بعد عزل الأمير رجب بن منيع الخفاجي (1).
    114 ـ رجب بن منيع :
    هو رجب بن منيع بن حسّان الخفاجي ، أحد أمراء بني خفاجة على الكوفة.
    تولّى رجب الإمارة بعد أبيه (منيع) ، وبقي عليها إلى أن عزله السلطان (طغرلبك) سنة (452) للهجرة ، وعيّن مكانه محمود بن الأخرم الخفاجي.
    وذكر ابن (2) الجوزي بأن بدران بن سلطان بن ثمال الخفاجي قد مات سنة (438) للهجرة ، فانتخب بعده رجب بن منيع بن ثمال أميرا على بني خفاجه ، ثمّ أسر (سرخاب بن محمّد أبو الفتح بن ورام) وابنه وأخوه وخالد ابن عمر وسعدي بن فارس ، ثمّ قتل بعد ذلك (ورام) وابنيه ، وصلبهما (3).
    115 ـ بركة بن المقلد :
    هو بركة بن المقلد بن المسيب العقيلي ، تولّى إمارة (الموصل والكوفة) بعد أخيه قرواش سنة (441) للهجرة ، وكنيته : أبو كامل ، ولقبه : زعيم الدولة.
    وبركة هو من أمراء بني عقيل الشجعان ، وقد حارب (التركمان) لمّا استولوا على الموصل ، وقد أصيب في حربه تلك بعدّة جراحات.
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 12 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 466 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 382 وعبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 41.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 12 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 466 ومحمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجيه في التاريخ. ص 40.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 130.

    وكان بركة وأخوه قرواش يقيمان في الموصل ويحكمان البلاد سويّة ، ثمّ تمكن بركة من التحكم بالبلاد ، والاستبداد برأيه دون مشورة أخيه ، فاستاء منه قرواش فذهب إلى بغداد ، ولمّا سمع بركة بذلك ، أرسل جماعة من أعيان أصحابه إلى قرواش ، يحذرونه من الفرقة والاختلاف. وبعد مناقشات قبل قرواش العودة على شرط أن يسكن دار الإمارة بالموصل (1).
    ولمّا جاء قرواش إلى الموصل قبض عليه أخوه بركة وقيّده بسلاسل من حديد ، ثمّ حبسه في (الجراحية) ، وتولّى الأمر لوحده ، ولقب نفسه (زعيم الدولة). ولم تدم زعامة هذا الزعيم طويلا ، إذ لم يبق في إمارته سوى سنتين ، حيث مات في شهر ذي الحجّة من سنة (443) (2) للهجرة في تكريت ، وقيل مات في شهر رمضان من هذه السنة (3) ، متأثرا من إصاباته في معاركه مع التركمان ، ودفن في مشهد الخضر بتكريت ، ثمّ اجتمع العرب من أصحاب بركة ، وقرروا تأمير علم الدين أبي المعالي قريش بن بدران ابن المقلد (4).
    116 ـ قريش بن بدران العقيلي :
    هو : قريش بن (أبي الفضل) بدران بن المقلد ، وكنيته : أبو المعالي ، وقيل (علم الدين أبو المعالي) (5).
    وقريش بن بدران ، من الأمراء الدهاة الشجعان ، وهو (صاحب
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 564 والزركلي ـ الأعلام. ج 2 / 20.
    (2) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 267 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 151. ط 1359 ه‍.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 564.
    (4) نفس المصدر السابق.
    (5) المصدر اعلاه. ج 9 / 579.

    حلب) وقد دامت دولته عشر سنوات. وتولّى قريش إمارة الموصل والكوفة بعد وفاة عمّه (بركة بن المقلد) سنة (443) (1) للهجرة.
    وأوّل عمل قام به قريش هو قتل عمّه (قرواش بن المقلد) وذلك بعد أن خرج من السجن في أوّل شهر رجب من سنة (444) للهجرة.
    وفي شهر شعبان من سنة (446) للهجرة ، استولى قريش على مدينة الأنبار ، وخطب فيها (لطغرلبك) وفي كافة أعماله ، ونهب جميع ما كان في الأنبار (للبساسيري) (2) من الأموال.
    ونهب كذلك حلل أصحابه (بالخالص) (3) ، ولمّا سمع البساسيري بذلك جمع جيشا وجاء إلى الأنبار ، فاستعادها من قريش (4).
    وفي نهاية شهر شوال من سنة (448) للهجرة ، كانت معركة بين قريش بن بدران ومعه (قتلمس) وبين البساسيري ومعه (نور الدولة) دبيس بن مزيد (أمير الحلّة) وكانت المعركة في سنجار ، فانهزم قريش وقتلمس ، وقتل وجرح الكثير من أصحاب قريش ، كما وجرح قريش في هذه المعركة (5).
    ثمّ تصالح قريش بعد ذلك مع دبيس بن مزيد ، وتمّ الصلح بينهما وبين السلطان (طغرلبك) ، فأعطى لقريش (نهر الملك) وبادوريا ، وهيت ، وتكريت ، والموصل ، ونصيبين (6).
    __________________
    (1) الكامل. ج 9 / 579 وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 267 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 8 / 151.
    (2) البساسيري : ولقبه أبو الحارث المظفر البساسيري التركي ، سيطر على الدولة العباسيّة في خلافة القائم بأمر الله ، وخطب للخليفة العلوي في مصر. قتل سنة (451).
    (3) الخالص : أحد أقضية محافظة ديالى على طريق كركوك.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 600.
    (5) المصدر السابق. ج 9 / 625.
    (6) نفس المصدر اعلاه.

    واتفق قريش مع أرسلان البساسيري على نهب دار الخلافة ، ولمّا سمع الخليفة (القائم بأمر الله) بذلك بعث إلى السلطان (طغرلبك) ليرضى عنه ، وفي تلك الفترة مات قريش بن بدران في نصيبين على أثر نزيف خرج من فمه وأنفه وعينيه وأذنيه ، وقيل أصيب بمرض الطاعون وكان عمره (51) سنة ، وقيل مات خارج نصيبين ، فحمله ابنه (شرف الدولة) إلى نصيبين ، كان ذلك سنة (453) (1) للهجرة.
    ولمّا سمع فخر الدولة أبو نصر بن جهير بوفاة قريش ذهب إلى نصيبين ، وجمع عشائر بني عقيل ، فتمّ الاتّفاق على تأمير (أبي المكارم) مسلم بن قريش (2).
    117 ـ منصور بن دبيس :
    هو منصور بن دبيس بن عليّ بن مزيد الأسدي ، وكنيته : أبو كامل ، ولقّبه بهاء الدولة ، أمير الحلة وبادية العراق والنيّل وما يجاورهما ، وليها بعد أبيه سنة (474) للهجرة (3).
    وكان منصور رجلا فاضلا ، ذكيا ، حسن السيرة ، عارفا بالأدب ، شاعرا ومن شعره أنّه قال (4) :
    فإن أنا لم أحمل عظيما ولم أقد
    لهاما ، ولم أصبر على فعل معظم

    ولم أحجز الجاني وأمنع جوره
    غداة أنادي للفخار وأنتمي

    فلا نهضت لي همّة عربية
    إلى المجد ترقى بي ذرى كلّ محرم

    __________________
    (1) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 5 / 267.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 17.
    (3) الزركلي ـ الأعلام. ج 8 / 237.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 150 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 130.

    وكان له صديق اسمه مالك ، فلما مات رثاه قائلا :
    فإن كان أودى خدننا ، ونديمنا
    أبو مالك ، فالنائبات تنوب

    ولمّا مات السلطان ألب أرسلان ، اختلف السلطان ملكشاه مع السلطان قاورت ، فوقف منصور بن دبيس والأكراد إلى جانب السلطان ملكشاه (1).
    مات منصور في شهر رجب من سنة (478) (2) للهجرة ، وقيل مات في أواخر شهر ربيع الأول من سنة (479) (3) للهجرة. ولمّا مات منصور بن دبيس أرسل الخليفة (المقتفي بالله) إلى ابنه صدقة يعزيه بوفاة أبيه ، ثمّ ذهب صدقة إلى السلطان ملكشاه ، فخلع عليه ، وولّاه ما كان لأبيه (4). ولمّا سمع الوزير نظام الملك بوفاته قال : (مات أجلّ صاحب عمامة) (5).
    118 ـ صدقه بن منصور :
    هو : صدقة بن منصور بن دبيس المزيدي ، الناشري ، الأسدي ، وكنيته : أبو الحسن ، ولقبه (سيف الدولة. ولّي صدقة إمرة بني مزيد بعد وفاة أبيه سنة (479) للهجرة ، فبنى مدينة الحلّة الفيحاء (6) بالجامعين ما بين الكوفة وبغداد ، وأسكنها أهله وجنوده سنة (495) (7) للهجرة ، بعد أن كانوا
    __________________
    (1) عبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 183.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 25 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 130.
    (3) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج 2 / 491.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 9 / 151.
    (5) الكامل ج 9 / 150 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج / 123.
    (6) الزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 290.
    (7) الأعلام ج 3 / 290 وابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 351.

    يسكنون البيوت العربية (1).
    وكان صدقة بن منصور شجاعا ، حازما ، طموحا إلى التغلّب والسيادة ، موصوفا بمكارم الأخلاق (2).
    وفي أيّامه كانت الفتن بين أبناء (ملكشاه) السلجوقي ، فذهب صدقه إلى الكوفة فاحتلّها ، ثمّ استولى على هيت ، وواسط ثمّ البصرة وخضع له ملك بادية العراق (3).
    وكان صدقه من أنصار السلطان محمّد بن ملكشاه ضدّ أخيه بركبارق أو (بركيارق) بن ملكشاه ، ولمّا مات بركيارق استبد أخوه السلطان محمّد بسياسته ، فأقطع مدينة واسط إلى صدقة بن منصور ، وسمح له بأخذ البصرة فاحتلّها سنة (499) (4) للهجرة ، وبقي فيها ستة عشر يوما وبعد أن أمن أهلها ، وهدأت الأحوال ، عاد صدقة إلى الحلّة في منتصف هذه السنة ، واستخلف عليها (اليونشاش) (5) وترك معه مائة وعشرين فارسا.
    ثمّ اجتمعت قبيلة ربيعة والمتقن ، فهجموا على البصرة ، فاحتلوها ، وأسّروا (اليونشاش) وظلّوا فيها شهرا ، ينهبون ويخرّبون ، ولمّا سمع صدقه بذلك ، أرسل جيشا إلى البصرة ، فوصلها بعد أن خرج الغزاة منها (6).
    وكانت في سنة (477) للهجرة قد وقعت حرب بين مسلم بن قريش العقيلي وبين فخر الدين بن جهير ، انهزم مسلم ووصل إلى (آمد) عندها استولى فخر الدين على أموال مسلم وأموال العرب ، وأسر الكثير من
    __________________
    (1) البيوت العربية : المضارب والخيام.
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 351 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 290.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 351 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 290.
    (4) تاريخ ابن خلدون. ج 4 / 282.
    (5) اليونشاش : أحد مماليك (دبيس) جدّ صدقة.
    (6) تاريخ ابن خلدون. ج 4 / 282.

    رجال مسلم ونساءه ، فدفع صدقة بن منصور الأموال الطائلة لقاء إطلاق سراح أسرى بني عقيل ونسائهم ، فأعيدوا جميعا إلى بلادهم.
    فمدحه الشعراء ، ومنهم محمّد بن خليفة السنبسي بقصيدة نقتطف منها الأبيات التالية (1) :
    كما أحرزت شكر بني عقيل
    بآمد يوم كضّهم الحذار

    غداة رمتهم الأتراك طرّا
    بشهب في حواملها ازورار

    فما جبنوا ، ولكن فاض بحر
    عظيم لا تقاومه البحار

    فحين تنازلوا تحت المنايا
    وفيهنّ الرزّية والدمار

    مننت عليهم ، وفككت عنهم
    وفي أثناء حبلهم انتشار

    ولو لا أنت لم ينفك منهم
    أسير ، حين أعلقه الإسار

    ثمّ غضب السلطان محمّد بن ملكشاه على صدقة ، ودارت بينهما معركة طاحنة ، وكان صدقة ينادي أثناء المعركة : (أنا ملك العرب ، أنا صدقة) فأصابه سهم فسقط على الأرض ، ثمّ جاءه غلام تركي فقتله ، فقطع رأسه وجاء به إلى السلطان ثمّ أرسلوه إلى بغداد ، وقتل خلال تلك المعركة من أنصار صدقة ثلاثة آلاف رجل ، وأسّر ابنه (دبيس) ، أما ابنه الآخر (بدران) فقد تمكّن من الفرار إلى الحلّة (2). هذا وكان تعداد جيش بن ملكشاه (50) ألف مقاتل (3).
    قتل صدقه بن منصور في مدينة النعمانية سنة (504) (4) للهجرة ، وقيل
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 135.
    (2) تاريخ ابن خلدون. ج 4 / 284.
    (3) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 351 والزركلي ـ الأعلام. ج 3 / 290.
    (4) مؤلف مرآة الزمان. ج 8 / 25 وتاريخ ابن خلدون. ج 4 / 284.

    سنة (501) (1) وكان عمره (55) سنة وكانت مدّة إمارته (22) سنة ودفن في مشهد الإمام الحسين عليه‌السلام (2).
    119 ـ الأمير جنغل قتلغ :
    وقيل إنّ اسمه ختلغ بن كنتكين ، وكنيته : أبو منصور وهو أحد الأمراء الّذين أقطعت لهم ولاية الكوفة ، وكان أميرا للحجّاج لمدة اثنتي عشرة سنة (3).
    وقد اشتهر الأمير جنغل بحسن السيرة ، ومحافظا على الصلاة ، وتلاوة القرآن ، وقيل كان يختم القرآن في كلّ يوم ، وله علاقة جيدة بالعلماء والقرّاء ، وله أعمال حسنة بطريق مكّة ، حيث أصلح الأماكن الّتي يحتاجها الحجّاج وغيرهم ، كما وبنى مدرسة (على مذهب الحنفية) بمشهد النبيّ يونس عليه‌السلام في الكوفة ، وبنى مسجدا على نهر دجلة في الجانب الغربي من بغداد في مشرعة الكرخ. كما واشتهر جنغل بحروبه مع الأعراب ، حيث شهدت له تلك الحروب ببطولاته وشجاعته ، وقد أرعب قلوبهم ، وشتّت جمعهم.
    مات جنغل يوم الخميس في السابع من شهر جمادي الأولى من سنة (479) للهجرة ، ولمّا سمع الوزير نظام الملك بموته قال : (مات ألف رجل) (4).
    120 ـ الأمير قايماز :
    واسمه عبد الله ، ولقبه قطب الدين ، كان مملوكا للخليفة (المستنجد بالله) ، وكانت له منزلة عظيمة ، وجاها كبيرا في خلافته.
    __________________
    (1) الزركلي ـ الأعلام. ج 2 / 336.
    (2) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 159.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 31 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 132.
    (4) نفس المصدرين السابقين.

    أقطعه (1) السلطان (محمّد) السلجوقي ولاية الكوفة سنة (498) للهجرة ، وأوصى صدقه بن دبيس (أمير الحلة) أن يحميه وأصحابه من هجمات قبيلة خفاجه ، فوافق صدقه على ذلك (2).
    ولمّا جاء (المستضيء بأمر الله) إلى الخلافة بعد (المستنجد بالله) بايعه قايماز ، فازدادت مكانته في الدولة ، فأصبح أميرا للجيش ، ثمّ صار وزيرا واستفحل أمره ، وسيطر على زمام الأمور في الدولة ، حتّى أنّ (المستضيء بأمر الله) أراد أن يعيّن وزيرا فمنعه من ذلك (3). ثمّ حرّض الخليفة على عزل عضد الدين أبي الفرج من الوزراة ، وتزوّج بأخت علاء الدين تيامش.
    ثمّ اختلف قايماز مع الخليفة (المستضيء بأمر الله) وأراد أن يقوم بعمل ما ضدّه ، إلّا أنّ المستضيء قد أحسّ به ، فهرب قايماز إلى الموصل ، وقيل إنّ الخليفة قد أمره بالذهاب إلى الموصل ، وفي الطريق أصابهم عطش شديد فمات قايماز ، ومات الكثير من أصحابه ، وبقي صهره علاء الدين تيامش في الموصل ، فطلب من الخليفة السماح له بالعودة إلى بغداد (4).
    وذكر بأنّ الفقهاء قد اجتمعوا للاستفتاء بحقّ (قايماز) وما تجب عليه من عقوبة لمخالفته للخليفة ، فقرروا بالإجماع بأنه (مارق) ، وبعد أيّام تبيّن أنّ قايماز قد مات في ناحية الموصل ودفن فيها ، وأنّ أكثر أصحابه مرضى (5).
    وذكر ابن الأثير بأنّ قايماز كان يلعب بالكرة في ميدان الخليفة فسقط
    __________________
    (1) عجزت الدولة العباسيّة (أيّام استيلاء السلاجقة على العراق) عن دفع رواتب الجيش فلجأت إلى توزيع (الاقطاعات) العسكرية إلى القادة والجنود الأتراك والديلم بدلا من الرواتب. (عبد الجبار ناجي ـ الإمارة المزيدية. ص 1).
    (2) ابن الأثير ـ الكامل. ج 10 / 396.
    (3) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 255.
    (4) تاريخ ابن خلدون. ج 3 / 528.
    (5) ابن الجوزي ـ المنتظم. ج 9 / 254.

    عن فرسه ، فمات من ساعته ، وذلك في شهر شعبان من سنة (555) للهجرة ، فتأسف الناس عليه ، وحضر جنازته الكثير (1).
    وقيل مات قايماز سنة (557) (2) للهجرة.
    121 ـ الأمير قاياز :
    وهو أحد القادة الأتراك ، استحصل على (أقطاع الكوفة) سنة (551) للهجرة من قبل السلطان محمّد السلجوقي ، ثمّ عزل وأعقبه (برغش) الّذي كان (مقطعا) وأميرا للحجّاج (3).
    122 ـ الأمير أرغش :
    وقيل (برغش) (4) وهو أحد مماليك الخليفة (المستنجد بالله) في بغداد ، وكان من الذين أقطعت لهم ولاية الكوفة ، أقطعها له السلطان (محمّد السلجوقي) سنة (551) للهجرة وذلك بعد الأمير (قاياز) ، كما كان الأمير برغش أميرا للحجّاج.
    وكانت قبيلة خفاجة قد اجتمعت سنة (556) (5) للهجرة ، وقررت الذهاب إلى الكوفة والحلّة ، والمطالبة بحصتها من رسوم الطعام والتمر ، وغير ذلك ، فمنعهم (أرغش) واتفق مع الأمير (قيصر) شحنة الحلّة ، فعندها أخذت خفاجه بنهب سواد الكوفة والحلّة ، فذهب إليهم (قيصر) ومعه
    __________________
    (1) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 242.
    (2) تاريخ ابن خلدون. ج 3 / 255.
    (3) معن صالح مهديّ الربيعي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 52.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 11 / 276 ومعن صالح مهديّ الربيعي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 52.
    (5) ابن الأثير ـ الكامل. ج 11 / 276 وتاريخ ابن خلدون. ج 3 / 523 ومحمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجية في التاريخ. ص 28.

    مائتان وخمسون فارسا ، وخرج إليهم (أرغش) فانهزمت خفاجه ، فتبعتهم الجيوش إلى (رحبة الشام) عندها أرسل بنو خفاجه إلى قيصر وأرغش يعتذران اليهما ، قائلين : (رضينا بلبن الإبل وخبز الشعير ، وأنتم تمنعونا رسومنا) ، ثمّ طلبوا الصلح ، فرفض طلبهم.
    ثمّ التحق كثير من الأعراب مع خفاجه ، فكانت معركة بين الطرفين ، قتل فيها قيصر ، وجرح أرغش ، ثمّ انهزمت الجيوش ، بعد أن قتل وأسر الكثير منهم ، ومات أكثر الجيوش المنهزمة عطشا في الصحراء (1).
    أما أرغش فقد هرب والتجأ إلى شيخ (الرحبة) فأجاره ، وأخذ له الأمان ، ثمّ جاءت الجيوش من بغداد ، بقيادة الوزير عون الدين ابن هبيرة لمحاربة بني خفاجة ، ولمّا سمعت بنو خفاجة بذلك ذهبوا إلى البصرة ، وحصل الصلح بعد ذلك بين الطرفين وعاد الوزير ابن هبيرة إلى بغداد (2).
    وقد حجّ أرغش بالناس للأعوام (555 ـ 561) (3) وفي إحدى المعارك الّتي خاضها أرغش سنة (562) للهجرة ، سقط عن فرسه فمات (4).
    123 ـ الوزير ابن هبيرة :
    هو يحيى بن محمّد بن هبيرة بن محمّد بن هبيرة الذهلي الشيباني ، وكنيته : أبو المظفر ، ولقبه : عون الدين (5).
    وابن هبيرة هو من الذين أقطعت لهم ولاية الكوفة بعد سنة (551)
    __________________
    (1) ابن الأثير ـ الكامل. ج 11 / 229 وابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 244.
    (2) البداية والنهاية. ج 12 / 242 ، 245 ، 246 ، 251 ومحمّد عبد المنعم خفاجي ـ الدولة الخفاجية. ص 28.
    (3) نفس المصدر السابق.
    (4) ابن الأثير ـ الكامل. ج 11 / 329.
    (5) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 250 والزركلي ـ الأعلام. ج 9 / 222.

    للهجرة ، وذلك (1) بعد الأمير برغش (2).
    وكان ابن هبيرة في بادي أمره ، فقيرا ، معدما حتّى تعرض للخدمة.
    جاء في صباه من قرية قرب (الدجيل) إلى بغداد فقرأ التاريخ والأدب وعلوم التاريخ ، وتفقّه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، وكان يعقد في داره مجلسا للعلماء والفقهاء للمناظرة ، وحدث ذات يوم أن خاطب أحد الفقهاء ، وقال له : (يا حمار) ، ثمّ ندم بعد ذلك ندما كبيرا ، وطلب من ذلك الفقيه أن يخاطبه مثلما قال له ، فامتنع الفقيه ، ثمّ صالحه بعد ذلك على مائتي دينار (3).
    اتصل بالخليفة (المقتفي بالله) فولّاه بعض الأعمال ، فأبدى كفاءة عالية في شؤون عمله ، فارتفعت مكانته عنده حتّى استوزره سنة (544) للهجرة.
    وكان ابن هبيرة من خيرة الوزراء ، وأحسنهم معاملة للناس وأبعدهم عن الظلم والجور ، حتّى قال عنه الخليفة (المقتفي بالله) : (ما وزر لبني العبّاس مثله) ، ولقبه بعون الدين ، وكان لقبه سابقا (جلال الدين).
    ولمّا مات الخليفة (المقتفي بالله) وجاء بعده ابنه (المستنجد بالله) بايعه الوزير ابن هبيرة ، فأعجب به الخليفة كثيرا ، وأصبح من خاصته ، فعن (مرجان الخادم) أنّه قال : كان الوزير ابن هبيرة ذات يوم عند الخليفة (المستنجد بالله) فقال له المستنجد شعرا من نظمه (4) :
    صفت نعمتان خصتاك وعمتا
    فذكرهما حتّى القيامة يذكر

    وجودك والدنيا إليك فقيرة
    وجودك والمعروف في الناس ينكر

    فلو رام يا يحيى مكانك جعفر
    ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر

    __________________
    (1) معن صالح مهديّ الربيعي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 52.
    (2) برغش : وقيل أرغش.
    (3) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 250.
    (4) نفس المصدر السابق وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 214.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:28 am

    ولم أر من ينوي لك السوء يا أبا
    المظفر ، إلّا كنت أنت المظفر

    وللوزير ابن هبيرة عدّة مؤلفات منها : (الإيضاح والتبيين في اختلاف الأئمة المجتهدين) و (الإشراف على مذاهب الأشراف) في الفقه ، و (الإفصاح عن معاني الصحاح) جزءان و (المقصد) في النحو ، شرحه ابن الخشاب في أربع مجلدات ، و (العبادات) في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، وأرجوزة (1) في (المقصور والممدود) وأرجوزة أخرى في (علم الخطّ) وغيرها. وكان ابن الجوزي (2) أحد تلاميذه ، فجمع بعض ما سمع منه في كتاب سماّه (المقتبس من الفوائد العونية) نسبة إلى لقبه (عون الدين) وذكر له ابن الجوزي بعض الأقوال المأثورة منها : (أحذروا مصارع العقول ، عند التهاب الشهوات). ومن شعره أنّه قال :
    والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
    وأراه أسهل ما عليك يضيع

    مات الوزير ابن هبيرة في بغداد فجأة ، ويقال إنّ طبيبا دس له السم ، ومات الطبيب بعد ستّة أشهر مسموما أيضا ، وكان الطبيب يقول : (سممته فسممت). مات يوم الأحد في الثاني عشر من شهر جمادي الأول من سنة (560) (3) للهجرة ، وعمره (61) سنة وقيل (86) وغسله ابن الجوزي ، وحضر جنازته كثير من الناس ، وأغلقت الأسواق ، ودفن في المدرسة الّتي أنشأها بباب البصرة. وقد رثاه كثير من الشعراء.
    وقد جمعت تلك المراثي في مجلدات ، ولمّا بيعت كتبه بعد موته ، اشتراها
    __________________
    (1) الأرجوزة : قصيدة شعرية لكل بيت فيها قافية تختلف عن الأخرى.
    (2) ابن الجوزي : الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ الجوزي ، مؤلف كتاب (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم).
    (3) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج 12 / 250 والزركلي ـ الأعلام. ج 9 / 222 وابن الجوزي ـ المنتظم. ج 10 / 214.

    أحد حسّاده فأتلفها.
    124 ـ الأمير قيران الناصري :
    أقطعت له الكوفة في خلافة الناصر لدين الله سنة (575) للهجرة (1).
    125 ـ شمس الدين أبو القاسم :
    هو شمس الدين أبو القاسم عليّ بن النقيب عميد الدين جعفر بن النقيب أبي نزار عدنان (2).
    كان شمس الدين من الّذين عينوا بوظيفة (الناظر) (3) بالكوفة ، وجمع بين نقابتي الكوفة والنجف (4).
    ولد شمس الدين سنة (536) للهجرة ، وقيل سنة (530) (5) ، ومات سنة (584) (6) للهجرة ، وكان سيدا فاضلا وأديبا شاعرا وداره معمورة ، كثير الضيافة ، وله ديوان شعر. وقد جمع فضلاء العلويين الحسنيين من أهل الكوفة ، ولمّا سمع الخليفة (الناصر لدين الله) فضله وكرمه ، أمره بالمجيء إلى بغداد ليكتب له تقليد نقابة الطالبيين ، فذهب إلى بغداد ، وأحضرت الخلع إلى دار الوزير لإجراء مراسيم التقليد ، فهطلت الأمطار في ذلك اليوم
    __________________
    (1) معن صالح مهديّ ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 52.
    (2) جعفر باقر محبوبة ـ ماضي النجف وحاضرها. ج 1 / 287.
    (3) الناظر : منذ منتصف القرن الخامس الهجري ، انتهى العمل بوظيفة (الوالي أو الأمير) واستحدثت في أيّام السلاجقة وظائف جديدة هي (المقطع ، والصدر ، والناظر) بدلا عنها. والناظر هي وظيفة مالية ، ويجب على من يليها أن تكون له معرفة تامة بالقضايا الحسابية.
    (4) تاج الدين الحسيني ـ غاية الاختصار. ص 148 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 204 وجعفر باقر محبوبة ـ ماضي النجف وحاضرها. ج 1 / 287.
    (5) نفس المصدر السابق.
    (6) نفس المصدر أعلاه.

    بغزارة ، وركب شمس الدين دابته ليلا قاصدا دار زعيم الدين أستاذ الدار ابن الضحّاك ، فسقط عن دابته ، فانكسرت رجله ، وتعذّر عليه الذهاب إلى دار الوزير ، فتمّ بعد ذلك تقليد أخاه (فخر الدين الأطروش) نقابة الطالبيين بدلا منه (1).
    ثمّ حبس شمس الدين بالكوفة ، بأمر من الخليفة (الناصر لدين الله) وكان عمّ أمّ شمس الدين (الفقيه صفي الدين محمّد بن معد) في تلك الأيّام ، له مكانة سامية ، ومنزلة عالية عند الخليفة وعند وزيره (مؤيد الدين القمّي) فكتب إليه شمس الدين قصيدة ، يستنجده ، ويطلب منه التوسط لدى الخليفة بالإفراج عنه ، وجاء فيها (2) :
    يا قادرين على الإحسان ما لكم
    من غير جرم عدتنا منكم النعم

    مالي أذاد كما ذيدت محلأة
    عن وردها ولديكم مورد شبم

    126 ـ الأمير عماد الدين :
    وهو عماد الدين ، وكنيته : أبو مظفر أزبك ، أحد القادة العسكريين الأتراك في جيوش الدولة العباسيّة وقد أقطعت له ولاية الكوفة سنة (608) للهجرة (3).
    ولم أعثر له على ترجمة وافية في المصادر المتاحة ، عسى أن نوفق إلى ذلك مستقبلا إن شاء الله (4).
    __________________
    (1) نفس المصدر اعلاه.
    (2) تاج الدين الحسيني ـ غاية الاختصار. ص 148 والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص 204 وجعفر باقر محبوبة ـ ماضي النجف وحاضرها. ج 1 / 287.
    (3) نفس المصدر أعلاه.
    (4) معن صالح مهديّ الربيعي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص 52.


    المصادر
    1 ـ مختصر تاريخ دمشق (ابن منظور محمد بن مكرم ابن عساكر) ـ تحقيق أحمد راتب حموش ومحمد ناجي العمر ، ورياض عبد الحميد مراد ـ دار الفكر للطباعة والنشر ـ دمشق ـ الطبعة الأولى ـ 1405 ه‍ / 1985 م (المتوفى سنة (630 ه‍ ـ 711 ه‍).
    2 ـ تهذيب التهذيب ـ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ـ دار الفكر للطباعة والنشر ـ الطبعة الأولى. 1404 ه‍ / 1984 ـ بيروت ـ لبنان.
    3 ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال ـ الحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي (722 ـ 654) تحقيق عواد بشار عواد معروف ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة الثالثة ـ 1408 ه‍ / 1988 م. بيروت.
    4 ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ـ الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني. المتوفى سنة (430) ه ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى. 1409 ه‍ / 1988. بيروت ـ لبنان.
    5 ـ فوات الوفيات ـ محمد شاكر الكتبي ـ المتوفى (764) ه تحقيق إحسان عباس ـ دار صادر ـ بيروت.

    6 ـ تاريخ الطبري ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار المعارف ـ الطبعة الثالثة ـ القاهرة.
    7 ـ الفتوح ـ أبي محمد أحمد بن أعثم الكوفي. المتوفى سنة (314 ه‍ / 926 م).
    8 ـ تاريخ التمدن الإسلامي ـ جرجي زيدان ـ مطبعة الهلال ـ الطبعة الثانية. 1914 م ـ مصر.
    9 ـ نزهة الألباب في الألقاب ـ ابن حجر العسقلاني ـ تحقيق عبد العزيز ابن صالح السديدي ـ مكتبة الرشد ـ الطبعة الأولى. 1409 ه‍ / 1989 م ـ الرياض.
    10 ـ تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي ـ حسن إبراهيم حسن ـ منشورات مكتبة النهضة المصرية ـ مطبعة السنة المحمدية ـ الطبعة العاشرة ـ 1983 م ـ القاهرة.
    11 ـ تاريخ ابن خلدون ـ ابن خلدون ـ المتوفى سنة (808) ه ـ 1391 ه‍ / 1971 م.
    12 ـ البداية والنهاية ـ أبو الفداء ـ الحافظ ابن كثير ـ المتوفى سنة (774) ه ـ مطبعة دار الفكر. 1398 ه‍ / 1978 م ـ بيروت.
    13 ـ التاريخ الكبير ـ الحافظ أبي عبد الله إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري ـ المتوفى سنة (256 ه‍ / 869 م) ـ مؤسسة الكتب الثقافية.
    14 ـ الثقات ـ الإمام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد بن حاتم التميمي ، البستي ، المتوفى سنة (354 ه‍ / 965 م) ـ مطبعة دار المعارف العثمانية ـ الطبعة الأولى ـ 1395 ه‍ / 1975 م ـ حيدر آباد ـ الركن ـ الهند.
    15 ـ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ـ الحافظ شمس الدين

    محمد بن أحمد عثمان الذهبي ـ المتوفى سنة (748) ه ـ دار الكتاب العربي ـ الطبعة الثانية. 1413 ه‍ / 1993 م. بيروت ـ لبنان.
    16 ـ المختصر في أخبار البشر ـ تاريخ أبو الفداء ـ عماد الدين إسماعيل أبو الفداء ـ دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان.
    17 ـ عيون التواريخ ـ محمد شاكر الكتبي (250 ـ 219) ه ـ تحقيق عفيف نايف حاطوم ـ دار الثقافة ـ 1416 ه‍ / 1996 م. بيروت ـ لبنان.
    18 ـ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ـ أحمد شلبي ـ مطبوعات مكتبة النهضة المصرية ـ الطبعة الثامنة. 1985 م ـ القاهرة.
    19 ـ المعارف ـ أبي محمد عبد الله بن مسلم ، ابن قتيبة ـ 213 ه‍ ـ دار المعارف ـ الطبعة الرابعة ـ القاهرة.
    20 ـ ترتيب الأعلام على الأعوام ـ خير الدين الزركلي ـ شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان.
    21 ـ تاريخ خليفة بن خياط ـ تحقيق أكرم ضياء العمري ـ دار القلم ـ الطبعة الثانية ـ 1397 ه‍ / 1977 م ـ دمشق ـ بيروت.
    22 ـ تتمة المختصر في أخبار البشر ـ زين الدين عمر بن الدردي ـ الناشر ـ دار المعرفة ـ الطبعة الأولى ـ 1389 ه‍ / 1970 م. بيروت ـ لبنان.
    23 ـ أزمنة التاريخ الإسلامي ـ عبد السلام الترمانيني ـ الطبعة الأولى.
    1402 ه‍ / 1982 ـ الكويت.
    24 ـ سير أعلام النبلاء ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، المتوفى سنة 748 ه‍ ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة الأولى ـ 1401 ه‍ / 1981 م. بيروت.
    25 ـ البيان والتبيين ـ الجاحظ ـ تحقيق عبد السلام محمد هارون ـ

    مطبعة لجنة التأليف والنشر ـ الطبعة الثانية ـ 1380 ه‍ / 1960 م ـ القاهرة.
    26 ـ ربيع الأبرار ونصوص الأخبار ـ الإمام محمود بن عمر الزمخشري ـ تحقيق سليم النعيمي ـ مطبعة العاني ـ 1402 ه‍ / 1982 م ـ بغداد.
    27 ـ خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب ـ عبد القادر بن عمر البغدادي ـ (1030 ه‍ ـ 1903 م) ـ تحقيق عبد السلام محمد هارون ـ مكتبة الخانجي ـ القاهرة.
    28 ـ الأمالي ـ أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي ، البغدادي ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت.
    29 ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية ـ الدولة العباسية ـ الشيخ محمد الخضري بك ـ مطبعة الاستقامة ـ الطبعة العاشرة ـ القاهرة ـ مصر.
    30 ـ موسوعة الحضارة العربية ـ العصر العباسي ـ بطرس البستاني ـ الناشر ، دار كلمات للنشر.
    31 ـ جمهرة أنساب العرب ـ أبي محمد علي أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي. (384 ه‍ ـ 456 ه‍) ـ تحقيق عبد السلام محمد هارون ـ مطبعة دار المعارف ـ الطبعة الخامسة ـ القاهرة.
    32 ـ معجم الأدباء ـ ياقوت الحموي الرومي ـ تحقيق إحسان عباس ـ دار المغرب الإسلامي ـ الطبعة الأولى ـ 1993 م ـ بيروت ـ لبنان.
    33 ـ حركة المختار بن أبي عبيد الثقفي في الكوفة من 15 رمضان سنة 64 ه‍ إلى 24 رمضان 67 ه‍ ـ هند غسان أبو الشعر ـ رسالة ماجستير في التاريخ ـ نشر بدعم من الجامعة الأردنية ـ عمّان. 1983 م.

    34 ـ نظام الوزارة في الدولة العباسية (590 ـ 334) ه (العهدان البويهي والسلجوقي) ـ محمد مسفر الزهراني ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة الأولى ـ 1400 ه‍ / 1980 م ـ بيروت.
    35 ـ الأخبار الطوال ـ أبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري ، المتوفى سنة 282 ه‍ ـ تحقيق عبد المنعم عامر ـ إعادة طبعه الأوفست ـ مكتبة المثنى ـ بغداد.
    36 ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ـ أبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي ، المتوفى سنة 1089 ه‍ ـ دار الفكر للطباعة والنشر ـ 1409 ه‍ / 1988 م بيروت ـ لبنان.
    37 ـ نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة ـ القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي ، المتوفى سنة 384 ه‍ ـ تحقيق المحامي عبود الشالجي ـ دار الصياد ـ الطبعة الثانية 1995 م ـ بيروت.
    38 ـ بلوغ الأرب في معرفة أنساب العرب ـ محمود شكري الآلوسي ـ المطبعة الرحمانية ـ 1342 ه‍ / 1924 م ـ الطبعة الثانية ـ مصر.
    39 ـ ضحى الإسلام ـ أحمد أمين ـ الناشر ـ دار الكتاب العربي ـ الطبعة العاشرة. بيروت ـ لبنان.
    40 ـ مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ـ أبي فضل الله العمري ـ تحقيق أحمد زكي باشا ـ مطبعة دار الكتب المصرية. 1342 ه‍ / 1924 م.
    القاهرة.
    41 ـ الصفوة من صفة الصفوة ـ عدنان سعد الدين ـ مطابع الشمس.
    1413 ه‍ / 1993 م. عمّان ـ الأردن.
    42 ـ أيام العرب في الإسلام ـ محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاري ـ دار الجبل. 1408 ه‍ / 1988 م ـ بيروت ـ لبنان.

    43 ـ التاريخ الإسلامي مواقف وعبر ـ عبد العزيز عبد الله الحميدي ـ دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ـ الطبعة الأولى. 1419 ه‍ / 1999 م ـ الأسكندرية ـ مصر.
    44 ـ اتجاهات الهجاء في القرن الثالث عشر الهجري ـ قحطان رشيد التميمي ـ دار الميسرة ـ بيروت ـ لبنان.
    45 ـ تاريخ اليعقوبي ـ أحمد بن يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح ـ الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي ـ دار صادر للطباعة. 1379 ه‍ / 1960 ـ بيروت ـ لبنان.
    46 ـ تاريخ الخلفاء ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفى سنة (911) ه تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ـ المكتبة العصرية للطباعة والنشر ـ 1409 ه‍ / 1989 م. بيروت.
    47 ـ معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواقع ، عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي ـ تحقيق مصطفى السقا ، المتوفى سنة (487) ه ـ عالم دار الكتب ـ الطبعة الثالثة. 1403 ه‍ / 1983 م.
    48 ـ الأعلام ـ خير الدين الزركلي ـ دار العلم للملايين ـ الطبعة العاشرة. 1992 م ـ بيروت.
    49 ـ ولاة مصر ـ محمد يوسف الكندي ـ المتوفى سنة (530) ه ـ تحقيق الدكتور حسين نصار ـ دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.
    50 ـ الإدارة في العصر الأموي ـ نجدة خماش ـ دار الفكر ـ الطبعة الأولى ـ 1400 ه‍ / 1980 م. بيروت.
    51 ـ الجوهر الشفاف في أنساب السادة الأشراف من نسل الحسين ـ عارف أحمد عبد الغني ـ دار كنان للطباعة والنشر والتوزيع ـ دمشق.

    52 ـ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ـ جمال الدين أبي المجالس يوسف تفردي بردى الأتابكي ـ دار الثقافة والإرشاد القومي ـ المؤسسة المصرية للتأليف والطباعة والنشر.
    53 ـ قول على قول ـ حسن سعيد الكرمي ـ دار لبنان للطباعة والنشر ـ الطبعة الخامسة ـ بيروت.
    54 ـ ديوان الأخطل ـ شرح مجيد طراد ـ دار الجبل ـ الطبعة الأولى ـ 1416 ه‍ / 1995 م ـ بيروت.
    55 ـ يتيمية الدهر في محاسن أهل العصر ـ أبي منصور عبد المالك الثعالبي النيسابوري ، المتوفى سنة (429) ه ـ تحقيق مفيد محمد قميمة ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ 1403 ه‍ / 1983 م.
    بيروت ـ لبنان.
    56 ـ زهر الآداب وثمرة الأباب ـ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الحصري ، المتوفى سنة 453 ه‍ ـ منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية. 1996 م ـ دمشق ـ اختار النصوص وقدم لها وعلق عليها قاسم محمد وهب.
    57 ـ التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الأفرنجية والقبطية ـ محمد مختار باشا ـ تحقيق الدكتور محمد عمارة ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ الطبعة الأولى ـ 1400 ه‍ / 1980 م.
    58 ـ دمية القصر وعصرة أهل العصر ـ علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي ـ تحقيق الدكتور محمد التوبنجي ـ دار الجبل ـ الطبعة الأولى. 1414 ه‍ / 1993 م ، المتوفى سنة (467) ه ـ بيروت.
    59 ـ منتقيات أدباء العرب في الأعصر العباسية ـ بطرس البستاني ـ دار مارون عبود.

    60 ـ المستقصى في أمثال العرب ـ أبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري ، المتوفى سنة (538) ه ـ دار الكتب العلمية. 1397 ه‍ / 1977 م ـ الطبعة الثانية ـ بيروت.
    61 ـ موسوعة دول العالم الإسلامي ورجالها ـ شاكر مصطفى ـ دار العلم للملايين ـ الطبعة الأولى. 1993 م.
    62 ـ نثر الدر ـ الوزير الكاتب أبو سعيد منصور بن الحسين الآبي ، المتوفى سنة (421) ه ـ تحقيق محمد علي قرنة ـ مراجعة علي محمد البجاري ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب.
    63 ـ الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب ـ فاروق مجدلاوي ـ تقديم أحمد شلبي ـ الناشر روائع مجدلاوي ـ الطبعة الثانية ـ 1418 ه‍ / 1998 ـ عمّان ـ الأردن.
    64 ـ أنساب الأشراف ـ أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري ـ تحقيق رمزي بعلبكي ـ الطبعة الأولى. 1417 ه‍ / 1997 ـ بيروت ـ لبنان.
    65 ـ القيادة الإدارية ـ نواف كنعان ـ دار العلوم ـ الطبعة الأولى. 1400 ه‍ / 1980 م ـ الرياض.
    66 ـ دائرة المعارف ـ مقتبس الأثر ومجد ما دثر ـ الشيخ محمد حسين الشيخ سليمان الأعلمي ـ مطبعة الحكمة ـ الطبعة الأولى. 1374 ه‍ ـ قم.
    67 ـ الروض المعطار في خبر الأقطار ـ محمد عبد المنعم الحميري ـ تحقيق إحسان عباس ـ مطبعة هيدلبرغ ـ الطبعة الثانية. 1984 م ـ بيروت ـ لبنان.
    68 ـ معجم كنوز الأمثال والحكم العربية (النثرية والشعرية) ـ الدكتور

    كمال خلايلي ـ مكتبة لبنان ناشرون ـ الطبعة الأولى. 1998 م ـ لبنان.
    69 ـ ديوان ابن الرومي ـ شرح مجيد طراد ـ دار الجبل ـ الطبعة الأولى. 1418 ه‍ / 1998 م ـ بيروت.
    70 ـ معجم البلدان ـ شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي ، الرومي ، البغدادي ، المتوفى سنة (626 ه‍ ـ مطبعة السعادة ـ الطبعة الأولى. 1324 ه‍ / 1906 م ـ مصر.
    71 ـ الأعلاف الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة ـ ابن شداد ـ عز الدين محمد بن علي إبراهيم ـ تحقيق يحيى زكريا عبّارة ـ منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية. 1991 م ـ دمشق.
    72 ـ تهذيب الأسماء واللغات ـ الحافظ أبي زكريا محي الدين بن شرف النووي ، المتوفى سنة (676) ه ـ الطباعة المنيرية ـ مصر.
    73 ـ جمهرة النسب ـ ابن الكلبي هشام أبو المنذر بن محمد بن السائب الكلبي ، المتوفى سنة (204) ه ـ رواية محمد بن حبيب عنه ، تحقيق محمد فردوس العظم ـ دار اليقظة العربية ـ دمشق.
    74 ـ نهاية الأرب في فنون الأدب ـ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري ـ (732 ـ 677) ه ـ مطابع لوستاتسوماس وشركا ه ـ القاهرة ـ مصر.
    75 ـ تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التواريخ والسير ـ الإمام الحافظ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (597 ـ 508) ه ـ شركة الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر ـ الطبعة الأولى ـ 1418 ه‍ / 1997 م ـ بيروت ـ لبنان.
    76 ـ بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب ـ محمود شكري الآلوسي

    البغدادي ـ شرح وتصحيح محمد بهجت الأثري ـ دار الكتب العربية ـ بيروت ـ لبنان.
    77 ـ تاريخ الخلافة الراشدة ـ محمد بن أحمد كنعان ـ مؤسسة المعارف للطباعة والنشر ـ الطبعة الأولى ـ 1417 ه‍ / 1997 م. بيروت ـ لبنان.
    78 ـ تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ـ هذبه ورتبه الشيخ عبد القادر بدران ، المتوفى سنة 1346 ه‍ ـ دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر ـ الطبعة الثالثة ـ 1407 ه‍ / 1987 م. بيروت ـ لبنان.
    79 ـ تجارب الأمم وتعاقب الأمم ـ مسكويه أحمد بن محمد بن يعقوب المتوفى سنة (421) ه ـ اختارت النصوص وعلقت عليها الدكتورة أمينة البيطار ـ منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية ـ 1984 م.
    80 ـ تذكرة الحفاظ ـ الإمام أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي ، المتوفى سنة (748) ه ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان.
    81 ـ المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء وكناهم وألقابهم وأنسابهم وبعض شعرهم للإمام أبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي المتوفى سنة (370) ه ـ مكتبة القدس الطبعة الثانية ـ 1402 ه‍ / 1982 ـ بيروت ـ لبنان.
    82 ـ معجم الشعراء ـ للإمام أبي عبد الله محمد بن عمران المرزباني ، المتوفى سنة (384) ه ـ تهذيب المستشرق الدكتور سالم الكرنكولي ـ مكتبة القدس ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ـ لبنان.
    83 ـ موسوعة شعراء العرب ـ الدكتور يحيى شامي ـ دار الفكر العربي ـ

    الطبعة الأولى ـ 1999 م ـ بيروت ـ لبنان.
    84 ـ النزهة الزهية في ذكر ولاة مصر والقاهرة المعزية ـ شيخ الإسلام محمد بن السرور البكري ، الصدّيقي ـ تحقيق عبد الرزاق عيسى ـ العربي للنشر والتوزيع ـ مطبعة النيل ـ الطبعة الأولى ـ 1998 م.
    85 ـ أخبار القضاة ـ وكيع محمد بن خلف بن حيان ، المتوفى سنة (306) ه ـ عالم الكتب ـ بيروت ـ لبنان.
    86 ـ موسوعة (1000) حدث إسلامي ـ عبد الحكيم العفيفي ـ مطبعة أوراق شرعية ـ الطبعة الأولى ـ 1417 ه‍ / 1996 م. بيروت ـ لبنان.
    87 ـ أحداث التاريخ الإسلامي بترتيب السنين ـ الدكتور عبد السلام الترمانيني ـ طلاس للترجمة والنشر ـ الطبعة الثانية ـ 1408 ه‍ / 1988 م ـ دمشق.
    88 ـ أعلام النساء ـ عمر رضا كحالة ـ مطبع الرسالة ـ الطبعة الثالثة ـ 1367 ه‍ / 1977 م ـ دمشق.
    89 ـ المعرفة والتاريخ ـ أبو يوسف يعقوب بن سفيان البسوي ، المتوفى سنة (277) ه ـ تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة الثانية ـ 1401 ه‍ / 1981 م.
    90 ـ الأوائل ـ أبو هلال العسكري ـ تحقيق الدكتور محمد السيد الوكيل ـ دار البشير للثقافة والعلوم الإسلامية ـ الطبعة الأولى ـ 1408 ه‍ / 1978 م.
    91 ـ المحن ـ أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم التميمي ، المتوفى سنة (333) ه ـ تحقيق الدكتور يحيى وهيب الجبوري ـ دار الغرب الإسلامي ـ الطبعة الأولى ـ 1403 ه‍ / 1983 م.

    92 ـ الأخبار الموفقيات ـ الزبير بن بكار ، المتوفى سنة (256) ه ـ تحقيق الدكتور سامي مكي العاني ـ مطبعة العاني ـ 1972 ـ بغداد.
    93 ـ جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزهية ـ أحمد زكي صفوت ـ المكتبة العلمية. بيروت ـ لبنان.
    94 ـ نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار ـ محمود مقديش ، المتوفى سنة (1228) ه ـ تحقيق علي الزواري ومحمد محفوظ ـ دار الغرب الإسلامي ـ الطبعة الأولى ـ 1988 م ـ بيروت.
    95 ـ قصص العرب ـ محمد أحمد جاد المولى وعلي محمد البجاري ومحمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار إحياء الكتب العربية ـ الطبعة الرابعة ـ 1381 ه‍ / 1962 م ـ مصر.
    96 ـ تهذيب تاريخ الطبري ـ تاريخ الأمم والملوك ـ وضعه صالح خريسات ـ دار الفكر للنشر والتوزيع ـ 1403 ه‍ / 1992 م.
    97 ـ أطلس تاريخ الإسلام ـ الدكتور حسين مؤنس ـ مطابع تين واه ـ سنغافورة ـ الطبعة الأولى ـ 1407 ه‍ / 1987 م.
    98 ـ تقريب التهذيب ـ الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، المتوفى سنة (773) ه ـ مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر ـ الطبعة الأولى ـ 1416 ه‍ / 1996 م.
    99 ـ البصائر والذخائر ـ أبو حيان التوحيدي ـ تحقيق الدكتورة وداد القاضي ـ دار صادر ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ، المتوفى سنة (414) ه
    100 ـ رحلة أبي جبير ـ أبي الحسن محمد بن أحمد بن جبير ـ منشورات دار ومكتبة الهلال ـ الطبعة الثانية ـ 1986 ـ بيروت ـ لبنان.
    101 ـ رحلة ابن بطوطة ـ الشيخ أبي عبد الله محمد بن بطوطة ـ دار

    الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ 1407 ه‍ / 1987 م ، المتوفى سنة (779) ه
    102 ـ لسان العرب المحيط ـ العلامة ابن منظور ـ قدم له الشيخ عبد الله العلايلي ـ إعداد وتصنيف يوسف خياط ونديم مرعشلي ـ دار لسان العرب ـ بيروت.
    103 ـ تقويم البلدان ـ عماد الدين إسماعيل بن محمد بن عمر المعروف بأبي الفداء ـ دار صادر ـ بيروت ، المتوفى سنة (732) ه (صاحب حلب).
    104 ـ جمهرة رسائل العرب في العصور العربية الزاهرة ـ أحمد زكي صفوت ـ المكتبة العلمية ـ بيروت.
    105 ـ بهجة المجالس وأنيس المجالس وشحن الذهن والهاجس ـ الإمام أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر ، النمري ، القرطبي (463 ـ 368) ه ـ تحقيق محمد مرسي الخولي ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة الثانية ـ 1981 م ـ بيروت ـ لبنان.
    106 ـ لباب الآداب ـ الأمير أسامة بن منقذ 584 ـ 0488) ه ـ تحقيق أحمد محمد شاكر ـ منشورات مكتبة السنية القهارة ـ الطبعة الأولى ـ 1354 ه‍ ـ القاهرة.
    107 ـ المستطرف في كل فن مستظرف ـ شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي ، المتوفى سنة (850) ه ـ دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر ـ 1986 م ـ بيروت ـ لبنان.
    108 ـ نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ـ أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن عبد الله القلقشندي ، المتوفى سنة (821) ه ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ 1405 ه‍ / 1984 م. بيروت ـ لبنان.
    109 ـ تاج العروس من جوهر القاموس ـ السيد محمد مرتضى الحسيني ،

    الزبيدي ـ تحقيق عبد العليم الطحاوي ـ مطبعة الحكومة ـ 1404 ه‍ / 1984 م ـ الكويت.
    110 ـ تراجم أعلام النساء ـ إعداد وترتيب إدارة البحث والإعداد في مؤسسة الرسالة ، بإشراف رضوان دعبول ـ مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر ـ الطبعة الأولى ـ 1419 ه‍ / 1998 م ـ بيروت ـ لبنان ، ودار البشير ـ عمّان ـ الأردن.
    111 ـ المغني في معرفة رجال الصحيحين (البخاري ومسلم) إعداد صفوت عبد الفتاح محمود ـ دار الجبل ـ بيروت ـ لبنان ، ودار عمار ـ عمّان ـ الأردن ـ الطبعة الأولى ـ 1408 ه‍ / 1987 م.
    112 ـ تاريخ الدولة العباسية ـ الدكتور محمد سهيل طقوس ـ دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع ـ الطبعة الأولى ـ 1417 ه‍ / 1996 م. بيروت ـ لبنان.
    113 ـ المؤسسات الإدارية في الدولة العباسية ـ حسام الدين السامرائي ـ خلال الفترة (334 ـ 247) ه ـ دار الفكر العربي.
    114 ـ موسوعة فقه الحسن البصري ـ محمد رواس قلعة جيل ـ دار النفائس ـ الطبعة الأولى ـ 1409 ه‍ / 1989 م. بيروت ـ لبنان.
    115 ـ الإيناس بعلم الأنساب ـ جمع الوزير ابن المغربي الحسين بن علي ابن الحسين (أبو القاسم) ـ تحيق إبراهيم الإيباري ـ المتوفى سنة (418 ـ 370) ه ـ دار الكتب المصري ، ودار الكتاب اللبناني ـ الطبعة الثانية ـ 1400 ه‍ / 1980 م ـ القاهرة ـ بيروت.
    116 ـ الأنساب ـ المؤرخ المحقق سلمه بن مسلم العوتبي الصحاوي ـ وزارة القومي والثقافة ـ 1404 ه‍ / 1984 م ـ سلطنة عمان.
    117 ـ الأكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى

    والأنساب ـ الأمير الحافظ ابن ماكولا ، المتوفى سنة (475) هت / 1082 م ـ الناشر : محمد أمين ذهج ـ بيروت.
    118 ـ التعريف في الأنساب والتنويه لذوي الأحساب ـ أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشعري ، القرطبي ـ تحيقي الدكتور سعد عبد المقصود ظلام ـ دار المنار ـ مطابع شركة الأمل للطباعة والنشر ـ 1990 م ـ القاهرة.
    119 ـ ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته عن الثقات عند البخاري ومسلم ـ تخريج الحافظ أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدار القطني ، المتوفى سنة (385) ه ـ تحقيق بوران الضناوي وكمال يوسف الحوت ـ مدرسة الكتب الثقافية ـ الطبعة الأولى ـ 1406 ه‍ / 1985 م. بيروت ـ لبنان.
    120 ـ وقعة صفين ـ نصر بن مزاحم المنقري ، المتوفى سنة (212) ه ـ تحقيق عبد السلام محمد هارون ـ دار الجبل ـ 1410 ه‍ / 1990 م.
    بيروت ـ لبنان.
    121 ـ منقلة الطالبية ـ أبي إسماعيل ناصر بن طباطبا ـ تحقيق السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان ـ المطبعة الحيدرية ـ الطبعة الأولى ـ 1388 ه‍ / 1968 م. النجف الأشرف ـ العراق.
    122 ـ مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار ـ الإمام الحافظ ـ أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي ، البستي ـ تحقيق مرزوق علي إبراهيم ـ الطبعة الأولى ـ 1411 ه‍ / 1991 م ، المتوفى سنة (354) ه
    123 ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر ـ أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي ، المتوفى سنة (346) ه ـ دار الأندلس للطباعة


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2985
    نقاط : 4638
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: امراء الكوفه وحكامها   امراء الكوفه وحكامها - صفحة 2 Emptyالسبت نوفمبر 02, 2024 10:30 am


    والنشر ـ الطبعة الثانية ـ 1393 ه‍ / 1973 م. بيروت ـ لبنان.
    124 ـ الأغاني ـ أبو الفرج الأصبهاني علي بن الحسين (356) ه ـ الهيئة المصرية العامة للكتب والطباعة ـ مطابع كوستاتسوماس وشركاه ـ القاهرة.
    125 ـ تاريخ الكوفة ـ حسين السيد أحمد البراقي ـ المطبعة الحيدرية ـ الطبعة الثانية ـ 1960 م ـ النجف.
    126 ـ تاريخ الشعوب الإسلامية ـ كارل بروكلمان ـ ترجمة نبيه أمين فارس ، ومنير البعلبكي ـ دار العلم للملايين ـ الطبعة الخامسة ـ 1968 م. بيروت ـ لبنان.
    127 ـ المدن في الإسلام حتى القرن العثماني ـ شاكر مصطفى ـ الطبعة الأولى ـ 1408 ه‍ / 1988 م.
    128 ـ حياة الشعر في الكوفة إلى نهاية القرن الثاني الهجري ـ الدكتور يوسف خليف ـ دار الكتاب العربي للطباعة ـ 1388 ه‍ / 1968 م ـ القاهرة.
    129 ـ مختصر محاسن البلدان ـ أبي بكر أحمد بن محمد الهمداني ، المعروف (ابن الفقيه) ـ مطبعة ليدن ـ 1302 ه‍ ـ ألمانيا.
    130 ـ تقويم البلدان ـ عماد الدين بن نور الدين ـ دار الطباعة السلطانية ـ باريس 1850 م ، المعروف (أبو الفداء).
    131 ـ العراق في العصر الأموي من الناحية السياسية والإدارية والاجتماعية ـ ثابت إسماعيل الراوي ـ منشورات مكتبة الأندلس.
    132 ـ الدولة الأموية والأحداث التي سبقتها ومهدت لها من فتنة عثمان ـ يوسف العش ـ مطبعة جامعة دمشق ـ 1385 ه‍ / 1965 م ـ دمشق.

    133 ـ الكوفة في العصر العباسي ، من القرن الرابع حتى منتصف القرن السابع للهجرة ـ معن صالح مهدي الربيعي ـ رسالة ماجستير ـ 1414 ه‍ / 1994 م.
    134 ـ رجال السيد بحر العلوم ـ السيد محمد مهدي بحر العلوم ـ مطبعة الآداب ـ الطبعة الأولى ـ 1386 ه‍ / 1966. النجف.
    135 ـ التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة ـ الدكتور أحمد العلي ـ دار الطليعة ـ 1953 م. بيروت ـ لبنان.
    136 ـ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ـ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي ، المتوفى سنة (597) ه ـ مطبعة دائرة المعارف العثمانية ـ الطبعة الأولى ـ حيدر آباد ـ 1358 ه
    137 ـ مشاهد العترة الطاهرة وأعيان الصحابة والتابعين ـ عبد الرزاق كمونة الحسيني ـ مطبعة الآداب ـ 1378 ه‍ / 1968 م. النجف.
    138 ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة ـ أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي ، المتوفى سنة (639) ه ـ مطبعة النجف ـ 1385 ه‍ النجف الأشرف.
    139 ـ الإمام علي بن أبي طالب ـ عبد الفتاح عبد المقصود ـ دار الطباعة الحديثة ـ الطبعة الثانية ـ مصر.
    140 ـ الفاروق عمر ـ محمد حسين هيكل ـ مكتبة النهضة المصرية ـ 1963 م.
    141 ـ شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ تحقيق وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار إحياء الكتب العربية ـ الطبعة الأولى ـ 1383 ه‍ / 1963 م.
    142 ـ أمراء غسان ـ ثيودور نولدكه ـ ترجمة الدكتور برلي جوري

    وقسطنطين زريق ، المطبعة الكاثوليكية ـ بيروت ـ 1993.
    143 ـ خطط الكوفة وشرح خريطتها ـ المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون ـ ترجمة تقي محمد المصعبي ـ تحقيق كامل سلمان الجبوري ـ الطبعة الأولى ـ مطبعة الغري الحديثة ـ النجف.
    144 ـ شرح ديوان عمرو بن أبي ربيعة ـ إعداد وتقديم وتحقيق علي ملكي ـ منشورات دار إحياء التراث العربي. بيروت ـ لبنان.
    145 ـ الخط العربي والزخرفة الإسلامية ـ محمود شكري الجبوري ـ مطابع دار الحكمة للطباعة والنشر. 1990 م.
    146 ـ عيد الغدير ـ بولص سلامة ـ دار الأندلس ـ الطبعة الثانية ـ 1961 م. بيروت ـ لبنان.
    147 ـ مجمع البيان في تفسير القرآن ـ الشيخ أبو علي بن الحسن الطبرسي ـ دار إحياء التراث العربي. بيروت ـ لبنان.
    148 ـ تاريخ الأدب العربي ـ حنا الفاخوري ـ المطبعة البوليسية ـ الطبعة السادسة. بيروت ـ لبنان.
    149 ـ عبقرية الإمام علي ـ عباس محمود العقاد ـ مطبعة دار الهلال ـ كتاب الهلال / العدد 119 لسنة 1961 م.
    150 ـ عصر الخليفة المقتدر بالله ـ دراسة في أحوال العراق الداخلية ـ حمدان عبد المجيد الكبيسي ـ مطبعة النعمان ـ 1394 ه‍ / 1974 م ـ النجف الأشرف.
    151 ـ تاريخ الدولة العباسية من ظهور الإسلام إلى نهاية الدولة الأموية ـ يوليوس قلهورن (ألماني) ترجمة محمد عبد الهادي (أبو سيده).
    152 ـ عمر بن أبي ربيعة ـ جبرائيل جبور ـ دار العلم للملايين ـ الطبعة الثالثة ـ 1979. بيروت.

    153 ـ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ـ تحقيق عمر عبد السلام تدمري ـ دار الكتاب العربي ـ الطبعة الأولى ـ 1407 ه‍ / 1987 م.
    154 ـ صلة تاريخ الطبري ـ عريب بن سعد الدين القرطبي ـ دار المعارف ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ الناشر : دار المعراف ، 1977 م ـ القاهرة ـ مصر.
    155 ـ تكملة تاريخ الطبري ـ محمد عبد الملك الهمذاني ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار المعارف ، 1977 م. القاهرة ـ مصر.
    156 ـ المنتخب من ذيل المذيل ـ محمد بن جرير الطبري ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار المعارف ، 1977 م. القاهرة ـ مصر.
    157 ـ واسط في العصر الأموي ـ عبد القادر المعاضيدي ـ الطبعة الأولى ـ 1396 ه‍ / 1976 م.
    158 ـ معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي ـ المستشرق زامباور ـ ترجمة الدكتور زكي محمد حسن وحسن أحمد محمود ـ مطبعة جامعة فؤاد الأول ، 1951 مصر.
    159 ـ تاريخ الكوفة الحديث ـ كامل ياسين الجبوري ـ مطبعة الغري ـ الطبعة الأولى 1394 ه‍ / 197 م. النجف.
    160 ـ تاريخ بغداد ـ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ـ 1931 م.
    161 ـ صحيح البخاري ـ أبي عبد الله البخاري ـ مطبعة محمد علي صبيح وأولاده ـ مصر.
    162 ـ غرر الفوائد ودرر القلائد ـ الشريف ، السيد المرتضى ـ دار الكتاب العربي ـ 1967 م. بيروت.

    163 ـ ينابيع المودة ـ الحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي ـ المطبعة الحيدرية ـ الطبعة السابعة ـ النجف.
    164 ـ صلح الإمام الحسن ـ الشيخ راضي آل ياسين ـ مطبعة الإرشاد ـ 1965 م ـ بغداد.
    165 ـ في رحاب علي ـ خالد محمد خالد ـ الطبعة الأولى ـ 1961 م ـ القاهرة.
    166 ـ وداعا عثمان ـ خالد محمد خالد ـ الطبعة الثانية ـ 1967 م ـ القاهرة.
    167 ـ بين يدي عمر ـ خالد محمد خالد ـ الطبعة الأولى ـ 1964 م ـ القاهرة.
    168 ـ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ـ جمال الدين أحمد بن علي الحسني ـ دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع ـ النجف.
    169 ـ الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ـ مكتبة القاهرة ـ دار الطباعة المحمدية.
    170 ـ ديوان الفرزدق ـ قدم له كرم البستاني ـ طبع دار صادر ـ بيروت.
    171 ـ رجال الكشي ـ أبو عمرو محمد بن عبد العزيز الكشي ـ قدم وعلق عليه أحمد الحبشي ـ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ كربلاء.
    172 ـ تنقيح المقال ـ عبد الله المامقاني ـ المطبعة المرتضوية ـ 1350 ه‍ / النجف.
    173 ـ الطبقات الكبرى ـ محمد بن سعد ـ دار بيروت للطباعة والنشر ـ 1376 ه‍ / 1957 م.

    174 ـ العقد الفريد ـ أبي عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي ـ مطبعة لجنة التأليف والترجمة و
    النشر ـ الطبعة الثالثة ـ 1384 ه‍ / 1965 م ـ القاهرة.
    175 ـ رجال حول الرسول ـ خالد محمد خالد ـ دار الكتب الحديثة ـ القاهرة.
    176 ـ مقاتل الطالبيين ـ أبي الفرج الأصبهاني ـ دار المعرفة ـ بيروت.
    177 ـ عيون التواريخ ـ محمد بن شاكر الكتبي ـ دار الحرية للطباعة ـ 1977 م ـ بغداد ، المتوفى سنة (764) ه
    178 ـ التاريخ السياسي للدولة العربية ـ عصر الخلافة الأموية ـ د. عبد المنعم ماجد.
    179 ـ العراق في التاريخ ـ لجنة من الأساتذة ـ 1983 م.
    180 ـ العبر في خبر من غبر ـ الحافظ الذهبي ـ تحقيق صلاح الدين المنجد ـ مطبعة حكومة الكويت ـ الطبعة الثانية ـ 1984 م ـ الكويت.
    181 ـ جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب ـ أحمد الهاشمي بك ـ مطبعة السعادة ـ الطبعة الرابعة عشر ـ 1347 ه‍ / 1928 م ـ مصر.
    182 ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ـ آدم متز ـ الناشر : دار الكتاب العربي ـ الطبعة الرابعة ـ 1387 ه‍ / 1967 م ـ بيروت ـ لبنان.
    183 ـ أخبار الراضي لله والمتقي لله من سنة (333 ـ 322) ه ـ أبي بكر محمد بن يحيى الصولي ـ عنى بنشره ج. هيورث. دن ـ مطبعة الصاوي ـ مصر.

    184 ـ صبح الأعشى في صناعة الإنشا ـ أبي العباس أحمد بن علي القلقشندي ـ (821) ه ـ مطابع كوستاتسوماس وشركاه ـ مصر.
    185 ـ عيون الأخبار ـ أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (276 ـ 213) ه ـ المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.
    186 ـ وفيات الأعيان وأبناء الزمان ـ شمس الدين أحمد بن محمد ـ تحقيق محمد محي الدين. 1368 ه‍ / 1948 م ـ القاهرة.
    187 ـ تاريخ خليفة بن خياط ـ تحقيق أكرم العمري ـ 1963 بغداد.
    188 ـ الإمامة والسياسة ـ أبو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى سنة 272 ه‍).
    189 ـ صفة الصفوة ـ ابن الجوزي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.
    190 ـ المقدمة ـ ابن خلدون ـ دار البيان.
    191 ـ الكامل في الأدب ـ أبو العباس محمد ـ بن يزيد المبرد ـ دار نهضة مصر للطبع والنشر ـ مطبعة نهضة مصر بالفجالة.
    192 ـ الكامل في التاريخ ـ ابن الأثير ـ دار صادر للطباعة والنشر ، دار بيروت للطباعة والنشر ـ 1385 ه‍ / 1965 م. بيروت.
    193 ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ـ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادي" المتوفي سنة 423 ه" ـ دار المفيد للطباعة والنشر بيروت ـ لبنان.
    194 ـ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية ـ الدولة الأموية ـ محمد الخضري بك ـ المكتبة التجارية الكبرى ـ 1969 ـ مصر.
    195 ـ أنباه الرواة على أنباه النحاة ـ الوزير جمال الدين أبي الحسن علي ابن يوسف القطبي ، المتوفى سنة (624) ه ـ تحقيق محمد أبو الفضل

    إبراهيم ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة ، ومؤسسة الكتب الثقافية ـ الطبعة الأولى ـ 1406 ه‍ / 1986 م ـ بيروت.
    196 ـ الإصابة في تمييز الصحابة ـ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي العسقلاني ـ دار إحياء التراث العربي.
    197 ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة ـ عز الدين ـ 1970.
    198 ـ حياة الإمام الحسن بن علي ـ باقر شريف القرشي ـ الطبعة الثانية ـ مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف (1385 ه‍ / 1966 م).
    199 ـ كليلة ودمنة ـ عبد الله بن المقفع ، المتوفى سنة 142 ه‍ ـ مطبعة كوتيب أوفسات ـ تونس ـ 1976 م.
    200 ـ المزارات المعروفة في الكوفة ـ الدكتور عباس كاظم مراد ـ مطبعة القضاء ـ 1391 ه‍ / 1971 م ـ النجف الأشرف ـ العراق.
    201 ـ في رحاب أئمة أهل البيت ـ محسن الأمين العاملي ـ دار التعارف للمطبوعات ، 1412 ه‍ / 1992 م ـ بيروت ـ لبنان.
    202 ـ تعريف القدماء بأبي العلاء المعري ـ بإشراف طه حسين ـ الدار القومية للطباعة والنشر ـ 1384 ه‍ / 1965 م ـ القاهرة ـ الجمهورية العربية المتحدة.
    203 ـ الطبقات ـ خليفة بن خياط ـ تحقيق أكرم ضياء العمري ـ مطبعة العاني ـ الطبعة الأولى ، 1387 ه‍ / 1967 م.
    204 ـ شرح نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ المطبعة الرحمانية ـ مصر.
    205 ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل ـ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ـ دار صادر للطباعة والنشر ـ الطبعة الأولى ـ 1389 ه‍ / 1989 م ـ بيروت.
    206 ـ في الأدب الجاهلي ـ طه حسين ـ دار المعارف في مصر ـ الطبعة

    الثانية.
    207 ـ طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب ـ السلطان عمر بن يوسف بن رسول ـ تحقيق : ك. و. سترستين ـ دار صادر ، 1412 ه‍ / 1992 ـ بيروت ـ لبنان.
    208 ـ أبو طالب ـ عبد العزيز سيد الأهل ـ المكتبة العلمية ومطبعتها ـ الطبعة الثانية ـ 1961 ـ القاهرة.
    209 ـ معجم مصطلحات الشريعة والقانون ـ عبد الواحد كرم ـ دار المناهج ـ الطبعة الثانية.
    210 ـ مراتب النحويين ـ أبو الطيب اللغوي ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار الفكر العربي.
    211 ـ القصائد السبع العلويات ـ عبد الحميد بن أبو الحديد المعتزلي ـ شرح السيد محمد صاحب المدارك ـ دار الفكر ـ 1374 ه‍ / 1955 م ـ بيروت.
    212 ـ تاريخ المدينة المنورة ـ أبو زيد عمر بن شبه النميري ، البصري ، المتوفى سنة 262 ه‍ ـ دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ 1417 ه‍ / 1996 ـ بيروت ـ لبنان.
    213 ـ الإمام علي صوت العدالة الإنسانية ـ جورج جرداق ـ قدم له ميخائيل نعيمة ـ طبع الكتاب في 7 نيسان سنة 1965 م.
    214 ـ التاريخ الكبير ـ ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن الحسين بن عساكر الشافعي ـ ترتيب وتصحيح عبد القادر بدران ـ مطبعة روضة الشام سنة 1330 ه‍ المتوفى في شهر رجب من سنة 571 للهجرة والمعروف بتاريخ ابن عساكر وعددها (80) مجلد.
    215 ـ ذيل جمهرة الخطب ـ أحمد زكي صفوت ـ

    216 ـ قضاء العرب ـ حسن مغنيه ـ مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر.
    217 ـ الآداب الدينية ـ مهدي خضير العوادي ـ منشورات مكتبة براثا رقم (1) سنة 1377 ه
    218 ـ بحار الأنوار ـ محمد باقر المجلسي ، المتوفى سنة 1111 ه‍ ـ المطبعة الإسلامية ـ جمادي الأولى ـ 1385 ه‍ ـ طهران.
    219 ـ إمتاع الأسماء ـ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي ـ مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ـ 1941 م ـ القاهرة.
    220 ـ كنز العمال ـ المتقي الهندي ـ مطبعة دائرة المعارف النظامية ـ 1312 ه‍ ـ حيدر آباد ـ الدكن.
    221 ـ خصائص النسائي ـ الإمام الحافظ أبو عبد الله أحمد بن شعيب النسائي المتوفي سنة 303 ه‍ ـ مطبعة التقدم العلمية ـ مصر.
    222 ـ فضائل الخمسة من الصحاح الستة ـ مرتضى الحسيني (الفيروز آبادي) ـ منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ الطبعة الثالثة ـ 1393 ه‍ / 1973 م. بيروت ـ لبنان.
    223 ـ التفسير الكبير ـ الفخر الرازي ـ نشر عبد الرحمن محمد ـ المطبعة البهية المصرية.
    224 ـ صحيح ابن ماجه (سنن ابن ماجه) أبي داود ـ دار الكتاب العربي.
    1318 ه
    225 ـ مستدرك الصحيحين للحاكم.
    226 ـ الرياض النضرة.
    227 ـ شرح ديوان سقط الزند ـ أبو العلاء المعري ـ دار بيروت للطباعة والنشر ودار صادر للطباعة والنشر ـ 1376 ه‍ / 1957 م ـ

    بيروت.
    228 ـ الكشكول ـ بهاء الدين العاملي (953 ه‍ / 1931 م) ـ المطبعة الحيدرية ـ 1393 ه‍ / 1973 م ـ النجف الأشرف.
    229 ـ أدب الطف ـ جواد شبّر ـ منشورات مؤسسة أعلمي للمطبوعات ـ الطبعة الأولى ـ 1388 ـ ه / 1969 م ـ بيروت ـ لبنان.
    230 ـ ديوان اليعقوبي ـ محمد علي اليعقوبي ـ مطبعة النعمان ـ الطبعة الأولى ـ 1376 ه‍ / 1957 م ـ النجف الأشرف.
    231 ـ الوزراء والكتاب ـ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري (المتوفى سنة 331 ه‍) ـ حققه ووضع فهارسه مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي ـ مطبعة مصطفى البابي الجلبي وأولاده ـ الطبعة الأولى ـ 1357 ه‍ / 1938 م.
    232 ـ بنو خفاجه وتاريخهم السياسي والأدبي ـ محمد عبد المنعم خفاجي ـ المطبعة الفاروقية الحديثة ـ الطبعة الأولى 1369 ه‍ / 1950 م ـ القاهرة.
    233 ـ الإمارة المزيدية ـ الدكتور عبد الجبار ناجي ـ دراسة في وضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي (558 ـ 387) ه ـ دار الطباعة الحديثة.
    234 ـ فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام) في النجف ـ غياث الدين السيد عبد الكريم بن طاووس (المتوفى سنة 693 للهجرة) ـ منشورات المطبعة الحيدرية ـ الطبعة الثانية ـ 1368 ه‍ ـ النجف.
    235 ـ ماضي النجف وحاضرها ـ الشيخ جعفر الشيخ باقر آل محبوبة ـ مطبعة الآداب ـ الطبعة الثانية ـ 1378 ه‍ ـ 1958 م.

    236 ـ الأحكام السلطانية والولايات الدينية ـ أبي الحسن علي بن محمد ابن حبيب البصري البغدادي الماوردي (المتوفى سنة 450 للهجرة) ـ دراسة وتحقيق الدكتور محمد جاسم الحديثي ـ مطبعة المجمع العلمي ـ 1422 ه‍ ـ 2001 م.
    237 ـ نصيحة الملوك ـ أقضى القضاة أبي الحسن علي بن محمد الماوردي البصري المتوفى سنة 540 للهجرة ـ تحقيق الدكتور محمد جاسم الحديثي ـ وزارة الثقافة والإعلام العراقية ـ 1406 ه‍ ـ 1986 م.
    238 ـ أمثال العرب ـ تصنيف القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد.
    239 ـ أضواء على سيرة العلامة الشيخ عبد الحسين آل خليفة ـ حسين هادي القرشي ـ 1423 ـ 2003 م.


    فهرست بامراء الكوفة
    في العهد الراشدي
    المقدمة 7 8 ـ أبو موسى الأشعري 59
    كوفة الجند 9 9 ـ جبير بن مطعم 66
    كوفة القبائل 10 10 ـ المغيرة بن شعبة 69
    كوفة العلم والأدب 11 11 ـ سعد بن أبي وقّاص 79
    النحاة الكوفيون 13 12 ـ الوليد بن عقبة 79
    اللغويون الكوفيون 14 13 ـ سعيد بن العاص 87
    شعراء الكوفة 14 14 ـ عمرو بن حريث 95
    الخطّ الكوفي 15 15 ـ ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصاري 99
    ما قيل في الكوفة 16 16 ـ يزيد بن قيس الأرحبيّ 100
    (عمال الكوفة) أو (ولاة الكوفة) أو (أمراء الكوفة) كما أسميتهم 18 17 ـ مالك الأشتر 103
    1 ـ سعد بن أبي وقّاص 33 18 ـ أبو موسى الأشعري 106
    2 ـ محمّد بن مسلمة الحارثي 39 19 ـ عمارة بن شهاب 107
    3 ـ عبد الله بن مسعود 41 20 ـ قرضة بن كعب الأنصاريّ 108
    4 ـ عبد الله بن عبد الله بن عتبان 48 21 ـ الإمام عليّ بن أبي طالب 111
    5 ـ زياد بن حنظلة 50 22 ـ أبو مسعود الأنصاري 123
    6 ـ عمّار بن ياسر 52 23 ـ هاني بن هوذة النخعيّ 126
    7 ـ عبد الله بن مسعود 59 24 ـ الإمام الحسن بن عليّ 126
    25 ـ المغيرة بن نوفل 139

    فهرس بامراء الكوفة
    في العصر الاموي
    1 ـ معاوية بن أبي سفيان 147 21 ـ المختار بن عبيد الثقفيّ 232
    2 ـ سعيد بن زيد بن عمرو 158 22 ـ السائب بن مالك الأشعري 238
    3 ـ عبد الله بن عمرو بن العاص 162 23 ـ مصعب بن الزبير 241
    4 ـ المغيرة بن شعبة 168 24 ـ الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة 247
    5 ـ عبد الله بن عامر 168 25 ـ عبد الملك بن مروان 252
    6 ـ عتيبة بن النهّاش 174 26 ـ قطن بن عبد الله الحارثي 260
    7 ـ عروة بن المغيرة 177 27 ـ بشر بن مروان 262
    8 ـ جرير بن عبد الله البجليّ 179 28 ـ عمرو بن حريث 267
    9 ـ زياد بن أبيه 184 29 ـ الحجّاج بن يوسف الثقفيّ 267
    10 ـ عمرو بن حريث 196 30 ـ عروة بن المغيرة بن شعبة 278
    11 ـ خالد بن عبد الله بن أسيد 196 31 ـ حوشب بن يزيد الشيبانيّ 279
    12 ـ الضحّاك بن قيس الفهريّ 197 32 ـ البراء بن أبي قبيصة الثقفيّ 285
    13 ـ عبد الرحمن بن أمّ الحكم 202 33 ـ شبيب الخارجيّ 287
    14 ـ النعمان بن بشير الأنصاريّ 206 34 ـ عتاب بن ورقاء الشيبانيّ 290
    15 ـ عبيد الله بن زياد 213 35 ـ المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل الثقفيّ 294
    16 ـ عمرو بن حريث 220 36 ـ عبد الرحمن الخصرميّ 295
    17 ـ عامر بن مسعود بن خلف 221 37 ـ مطر بن ناجية اليربوعي 297
    18 ـ عبد الله بن يزيد الخطميّ 222
    19 ـ عبد الله بن مطيع العدويّ 226
    20 ـ شبث بن ربعيّ 230


    38 ـ عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث 299 62 ـ الصقر بن عبد الله المزنيّ 367
    39 ـ عبد الله بن اسحاق بن الأشعث 303 63 ـ موسى بن طلحة 368
    40 ـ عمرو بن هاني العنسيّ 305 64 ـ خالد بن عبد الله القسريّ 370
    41 ـ زياد بن جرير بن عبد الله البجليّ 307 65 ـ عبد الملك بن جزء بن حدرجان 384
    42 ـ المغيرة بن أبي عقيل 308 66 ـ إسماعيل بن أوسط البجليّ 385
    43 ـ عبد الرحمن بن الحجّاج بن يوسف الثقفيّ 308 67 ـ عبد الله بن عمرو البجليّ 388
    44 ـ يزيد بن أبي مسلم 308 68 ـ عاصم بن عمرو البجليّ 388
    45 ـ يزيد بن أبي كبشة 313 69 ـ ضبيس بن عبد الله البجليّ 388
    46 ـ عبد الرحمن بن أبي كبشة 316 70 ـ نوف الأشعري 389
    47 ـ صالح بن عبد الرحمن 316 71 ـ زياد بن عبيد الله الحارثي 389
    48 ـ يزيد بن المهلّب 319 72 ـ طارق بن أبي زياد 392
    49 ـ حرملة بن عمير اللخميّ 329 73 ـ يزيد بن خالد القسريّ 394
    50 ـ بشير بن حسّان النهديّ 329 74 ـ يوسف بن عمر 396
    51 ـ سفيان بن حريش الخولانيّ 330 75 ـ الحكم بن الصلت 404
    52 ـ الجرّاح بن عبد الله الحكميّ 330 76 ـ حوشب بن يزيد بن رويم الشيبانيّ 408
    53 ـ عبد الحميد بن عبد الرحمن 333 77 ـ يوسف بن محمّد بن الحكم 408
    54 ـ عدي بن أرطأة 327 78 ـ محمّد بن عبيد الله الثقفيّ 410
    55 ـ مسلمة بن عبد الملك 342 79 ـ المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل الثقفيّ 410
    56 ـ عبد الرحمن بن سليم الكلبيّ 350 80 ـ منصور بن جمهور 410
    57 ـ عبد الملك بن بشر بن مروان 352 81 ـ عبيد الله بن العباس الكنديّ 414
    58 ـ محمّد بن عمرو (ذو الشامة) 355 82 ـ عبد الله بن عمر بن عبد العزيز 416
    59 ـ عمر بن هبيرة الفزاري 357 83 ـ عبيد الله بن العباس الكنديّ 418
    60 ـ عبد العزيز بن الحارث 363 84 ـ عاصم بن عمر بن عبد العزيز 418
    61 ـ سعيد بن عمر الحرشي 364 85 ـ عبد الله بن معاوية 421
    86 ـ عمر بن عبد الحميد الخطاب 430


    87 ـ إسماعيل بن عبد الله القسريّ 431 96 ـ عبيدة بن سوّار التغلبي وقيل الثعلبيّ 445
    88 ـ عبد الصمد بن إبان بن النعمان 434 97 ـ يزيد بن عمر بن هبيرة 446
    89 ـ عاصم بن عمر بن عبد العزيز 434 98 ـ عبد الرحمن بن بشير العجلي 454
    90 ـ النضر بن سعيد الحرشي 435 99 ـ زياد بن صالح الحارثيّ 456
    91 ـ الضحّاك بن قيس الشيبانيّ 437 100 ـ حوثرة بن سهيل الباهلي 459
    92 ـ ملحان بن معروف الشيبانيّ 442 101 ـ محمّد بن خالد القسريّ 461
    93 ـ حسّان الحروري 443 ملاحظة 463
    94 ـ سعد الخصيّ الأزدي 444 102 ـ الحسن بن قحطبة 464
    95 ـ المثنى بن عمران العائذيّ 444 103 ـ أبو سلمة الخلّال 465


    فهرست بامراء الكوفة
    في العصر العباسي
    1 ـ أبو العبّاس السفّاح 473 22 ـ محمّد بن إبراهيم 543
    2 ـ داود بن عليّ 478 23 ـ عبيد الله بن محمّد بن إبراهيم 544
    3 ـ عيسى بن موسى 482 24 ـ يعقوب بن أبي جعفر المنصور 544
    4 ـ طلحة ابن إسحاق 492 25 ـ يحيى بن بشر بن جحوان الحارثيّ 545
    5 ـ أبو جعفر المنصور 492 26 ـ محمّد بن بشر بن جحوان الأسديّ 545
    6 ـ محمّد بن سليمان 503 27 ـ العبّاس بن موسى بن عيسى 546
    7 ـ عمرو بن زهير الضبيّ 511 28 ـ إسحاق بن الصباح الكندي 547
    8 ـ إسماعيل بن أبي إسماعيل الثقفي 512 29 ـ موسى بن عيسى 547
    9 ـ أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي 512 30 ـ جعفر بن أبي جعفر المنصور 547
    10 ـ إسماعيل بن عليّ 513 31 ـ منصور بن عطاء الخراساني 550
    11 ـ عيسى بن لقمان الجمحي 516 32 ـ موسى بن عيسى 550
    12 ـ شريك بن عبد الله النخعي 517 33 ـ محمّد (الأمين) بن هارون الرشيد 550
    13 ـ إسحاق بن الصباح الكندي 523 34 ـ العبّاس بن موسى الهادي 558
    14 ـ إسحاق بن منصور 525 35 ـ الفضل بن العبّاس بن موسى بن عيسى 560
    15 ـ يزيد بن منصور 525 36 ـ طاهر بن الحسين 561
    16 ـ هاشم بن سعيد بن منصور 526 37 ـ الحسن بن سهل 567
    17 ـ صالح بن داود بن عليّ 527 38 ـ سليمان بن أبي جعفر المنصور 573
    18 ـ روح بن حاتم 528
    19 ـ محمّد بن سليمان 532
    20 ـ موسى بن عيسى 533
    21 ـ العبّاس بن موسى بن عيسى 539


    39 ـ خالد بن محجل الضبي 577 64 ـ أيّوب بن حسن بن موسى 636
    40 ـ محمّد بن إبراهيم بن طباطبا 578 65 ـ يحيى بن عمر بن يحيى 637
    41 ـ السري بن منصور أبو السرايا 583 66 ـ الحسين بن إسماعيل 641
    42 ـ محمّد بن محمّد بن زيد 587 67 ـ أحمد بن نصير بن حمزة 643
    43 ـ إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل 589 68 ـ الحسين بن أحمد بن حمزة 644
    44 ـ أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي 590 69 ـ محمّد بن جعفر بن حسن 645
    45 ـ هرثمة بن أعين 590 70 ـ عبد الرحمن الأشعثي 646
    46 ـ المنصور بن المهدي 594 71 ـ مزاحم بن خاقان 647
    47 ـ غسان بن أبي الفرج 597 72 ـ أبو الساج 649
    48 ـ أبو عبد الله (أخو أبو السرايا) 601 73 ـ عيسى بن جعفر وعليّ بن زيد 651
    49 ـ حميد بن عبد الحميد الطوسي 601 74 ـ عليّ بن زيد 652
    50 ـ العبّاس بن موسى بن جعفر 606 75 ـ كيجور التركي 654
    51 ـ هارون بن محمّد 608 76 ـ أبو أحمد (الموفّق) بن المتوكّل 655
    52 ـ سعيد بن الساجور وأبو البط 609 77 ـ الهيثم العجلي 661
    53 ـ الفضل بن محمّد بن الصباح الكندي 611 78 ـ محمّد بن أحمد الطائي 662
    54 ـ غسان بن أبي الفرج 612 79 ـ إسحاق بن عمران 665
    55 ـ الهول ـ ابن أخي سعيد بن الساجور 613 80 ـ إبراهيم المسمعيّ 667
    56 ـ إبراهيم بن المهدي 613 81 ـ نزار محمّد الضبي 668
    57 ـ أبو عيسى بن هارون الرشيد 622 82 ـ نجح الطولوني 670
    58 ـ محمّد بن الليث 627 83 ـ (أبو الهيجاء) عبد الله بن حمدان 671
    59 ـ عبيد الله بن عبد الله 627 84 ـ مؤنس المظفر 674
    60 ـ طاهر بن الحسين 627 85 ـ ياقوت 678
    61 ـ المنتصر بالله 628 86 ـ جعفر بن ورقاء الشيباني 681
    62 ـ محمّد بن عبد الله بن طاهر 633 87 ـ محمّد بن إسماعيل بن جعفر 685
    63 ـ العبّاس بن المستعين بالله 636 88 ـ أبو طاهر القرمطي 685
    89 ـ يوسف بن أبي الساج 689


    90 ـ أحمد بن عبد الرحمن 692 109 ـ عليّ بن مزيد الأسدي 722
    91 ـ عيسى بن موسى 693 110 ـ دبيس بن عليّ بن مزيد الأسدي 724
    92 ـ هارون بن غريب الخال 694 111 ـ منيع بن حسّان 725
    93 ـ محمّد بن ورقاء (أبو الفوارس) 696 112 ـ الحسن بن أبي البركات 726
    94 ـ محمّد بن يزداد 697 113 ـ محمود بن الأخرم الخفاجي 727
    95 ـ لؤلؤ 697 114 ـ رجب بن منيع 727
    96 ـ بجكم التركي 698 115 ـ بركة بن المقلد 728
    97 ـ أبو الحسن بن هارون 703 116 ـ قريش بن بدران العقيلي 729
    98 ـ أبو بكر البرجمالي 703 117 ـ منصور بن دبيس 731
    99 ـ المبرقع 704 118 ـ صدقه بن منصور 732
    100 ـ أبو بكر بن محمّد بن عليّ بن شاهويه 704 119 ـ الأمير جنغل قتلغ 734
    101 ـ الأمير جكفل 708 120 ـ الأمير قايماز 735
    102 ـ الأمير خمارتكين الحسداني 708 121 ـ الأمير قاياز 737
    103 ـ الأمير أبو طريف 709 122 ـ الأمير أرغش 737
    104 ـ إسحاق وجعفر الهجريان 710 123 ـ الوزير ابن هبيرة 738
    105 ـ المقلد بن المسيّب العقيلي 711 124 ـ الأمير قيران الناصري 740
    106 ـ قرواش بن المقلد 713 125 ـ شمس الدين أبو القاسم 741
    107 ـ أبو عليّ بن ثمال الخفاجي 420 126 ـ الأمير عماد الدين 742
    108 ـ أبو جعفر الحجاج 721
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    امراء الكوفه وحكامها
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 38-منتدى كتب تاريخ سامراء والكوفه-
    انتقل الى: