الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
اهل البيت
المواضيع الأخيرة
» مقاتل الطالبيّين مقاتل الطالبيّين المؤلف :أبي الفرج الاصفهاني
وقعة الجمل Emptyأمس في 11:42 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج1
وقعة الجمل Emptyأمس في 10:27 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج2
وقعة الجمل Emptyأمس في 9:59 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج3
وقعة الجمل Emptyأمس في 9:34 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  كلام جميل عن التسامح
وقعة الجمل Emptyأمس في 8:57 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مفهوم التسامح مع الذات
وقعة الجمل Emptyأمس في 8:48 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال الحكماء والفلاسفة
وقعة الجمل Emptyأمس في 10:01 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال وحكم رائعة
وقعة الجمل Emptyأمس في 9:55 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أحاديث / شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا) شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا)
وقعة الجمل Emptyأمس في 9:50 am من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     وقعة الجمل

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:03 pm

    مقدمة تمهيدية
    الحمد لله ناصر الحقّ ومخزي الباطل ، وصلى الله على نبينا محمد سيد المرسلين ، وعلى آله الاخيار المنتجبين.
    ان الفتنة التي ظهرت بالبصرة بعد بيعة الامام عليّ 7 بمدة قليلة كان سببها ما احدثه طلحة والزبير من نكث بيعتهما التي بايعا بها امير المؤمنين 7 طائعين غير مكرهين ، ثمّ خروجهما من المدينة الى مكّة يظهران العمرة ، ثمّ اجتماعهما بعائشة التي كانت تراقب الوضع السياسي عن كثب في المدينة ، ثمّ التحاق عمال عثمان الهاربين من الامصار بأموال المسلمين بهما ، وقد اجمعوا في اجتماعهم على الطلب بدم عثمان ، فأجابهم الى مرادهم الغوغاء الذين استهوتهم الفتنة.
    وكان رأي الجماعة التوجه الى الشام والالتحاق بمعاوية ، لكن محاولة عبدالله بن كريز بن عامر ، عامل عثمان الهارب من البصرة ان يغير وجهة القوم الى البصرة ، باعتباره كان عاملاً لعثمان عليها ، ولعثمان فيها انصار ، بعدها قرر القوم التوجه الى البصرة بعد ان زودهم يعلى بن اميّة والي عثمان على اليمن الذي هرب أيضاً بأموالها والتحق بهم

    بستمائة بعير وستمائة الف درهم ، وكذلك جهزهم ابن عامر بمال كثير.
    لكن لنعد الى الوراء قليلاً لنرى حقيقة هؤلاء القوم الذين يحملون الضغائن في صدورهم لآل بيت رسول الله 6 ، والذين اخبر بهم 6 في اكثر من موضع ، ففي رواية انس بن مالك ، قال : ان النبيّ وضع رأسه على منكبي عليّ فبكى ، فقال له : ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال : « ضغائن في صدور اقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا » (1).
    وروي ان النبيّ 6 كان ذات يوم جالساً ، وحوله عليّ وفاطمة والحسن والحسين 8 ، فقال لهم : « كيف بكم إذا كنتم صرعى وقبوركم شتى ؟ فقال الحسين 7 : أنموت موتاً أو نقتل ؟ فقال : بل تقتل يا بني ظلماً ، ويقتل أخوك ظلماً ، وتشرد ذراريكم في الارض ، فقال الحسين 7 : ومن يقتلنا يا رسول الله ؟ قال : شرار الناس » (2) الحديث.
    وعلى الرغم من هذا كان الرسول الكريم 6 يحذر الامة من انتهاك كرامة اهل بيته ، ويتوعد كل من يفعل بهم ذلك أن يكون مصيره النار لا محالة ، ثمّ خص جماعة منهم بالتحذير كما فعل مع الزبير حين قال له : « إنّك ستخرج عليه وانت ظالم له » (3) ، كما حذر عائشة من أن
    __________________
    (1) تاريخ دمشق ( ترجمة الامام عليّ ) 2 : 321 ـ 327.
    (2) الارشاد 2 : 13.
    (3) مروج الذهب م 2 : 371.

    تكون هي التي تنبحها كلاب الحوأب.
    لكن كل تحذيرات رسول الله 6 لم يعبأ بها القوم ، فكان 6 على يقين بأن اشرار الامة ستمتهن كرامة اهل بيته ( سلام الله عليهم ) لذا 6 اخبر علياً 7 بأنه سيكون له يوم مع أراذل الامة ، كما في قوله 6 لسُهيل بن عَمرو لطلبه على ردّ من أسْلَمَ مِنْ مواليهم :
    « لتنتهين يا معشر قُريش أو ليبعثَ الله عليكُم رجُلاً يضْرِبُكُمْ على تأويلِ القرآن كما ضَربتكُمْ على تنزِيلهِ ، فقال له بعضُ أصحابه : مَنْ يا رسولُ الله ؟ هُو فلانٌ ؟ قال : لا. قال : فَفُلانٌ ؟ قال : لا ، ولكنّه خاصِفُ في الحجرةِ ، فنظروا فإذا عليُّ 7 في الحُجرةِ يخصفُ نعل رسولِ الله 9 » (1).
    كما في قوله 6 للامام عليّ 7 : « تُقاتلُ يا عليُّ على تأويلِ القرآنِ ، كما قاتلتُ على تنزيلهِ » (2).
    وقوله 6 لامير المؤمنين 7 : « تُقاتلُ بَعْدي الناكثينَ والقاسطينَ والمارقينَ » (3). وقوله 6 : « عليّ مع الحقّ والحق مع
    __________________
    (1) انظر : تذكرة الخواص : 40 ، كشف الغمة 1 : 335 ، اُسد الغابة 4 : 26 ، اعلام الورى : 189 ، مناقب الخوارزمي : 128 ، مجمع الزوائد 5 : 186 ، فرائد السمطين 1 : 162.
    (2) حلية الاولياء 1 : 67 ، مناقب ابن المغازلي : 298 ، الصواعق المحرقة : 123.
    (3) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 80.

    عليَّ ، اللهم أدرِ الحقّ مع عليّ حيثما دارَ » (1).
    وقوله 6 لعلي 7 : « قاتلَ اللهُ مَنْ قاتلَكَ ، وعادى مَنْ عاداك » (2).
    اذن ما حقيقة هؤلاء الذين يقاتلون امير المؤمنين 7 ، وما حقيقة هؤلاء الناكثين الذين امر رسول الله 6 علياً 7 بقتالهم.
    نقول : النكثُ في اللغةِ ، هو نكثُ الاكسيةِ والغزل ، قريبٌ من النقضِ ، واستعير لنقض العهد ، قال الله تعالى : ( وإنْ نَكَثُوا أيمَانِهم (3) ـ إذا هم ينكثون ) ، والنكثُ كالنقضِ ، والنكيثةُ كالنقيضةِ ، وكل خصلة نكث فيها القوم يقالُ لها نكيثة ، قال الشاعر : « متى يكُ أمْرٌ للنكيثةِ أشهدِ » (4).
    وعلى هذا الاساس فكل من صفق على يد الامام عليّ بن ابي طالب 7 بالبيعة ثمّ نكث بيعته فهو مشمول بأخبار رسول الله 6 علياً بقتاله. ولا شك أن طلحة والزبير كانا من الذين خصهما رسول الله 6 بكلمة « الناكثين » في صدر الحديث الانف الذكر.
    فأين هُم من احاديث رسول الله 6 بحق امير المومنين 7 ؟
    __________________
    (1) اعلام الورى : 159 ، تاريخ بغداد 14 : 321 ، المستدرك 3 : 124.
    (2) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 81.
    (3) التوبة (9) : 12.
    (4) اساس البلاغة : 472 ، المفردات في غريب القرآن : 504.

    واين هُم من حديث رسول الله 6 وهو يعلن للملأ : « إن وَليتُم علياً يَسلُك بكم الطريق المستقيم » (1).
    لكن الرسول العظيم يرى كل هذه الامور من وراء ستر رقيق ، ويخبر اهل بيته وعترته بما تؤول إليه امورهم بعده 6 ، ففي رواية عن الامام عليّ 7 ، يقول : « عهد اليّ رسول الله : ان الامة ستغدر بك » (2) ، لذلك لم يجد الامام 7 بداً من قتال القوم كما قال : « ما وجدتُ بداً من قتال القوم أو الكفر بما انزل الله » (3).
    بعد هذه المقدمة القصيرة ، هل نطمئن الى ان طلحة والزبير هم حقيقةً من الذين بُشروا بالجنةِ على لسان رسول الله 6 ؟ عند العودة الى احاديث الرسول 6 في حقّ اهل بيته وما تناقله الرواة على مستوى جميع المذاهب ، والروايات التي جاءت مستفيضة ومتواترة وحسنة الاسناد ، وكذا الروايات الكثيرة المسندة في حقٍّ من نصب العداوة والبغضاء لآله 6.
    نجد بأن حقيقة التبشير بالجنة لا اساس لها من الصحة ، وإن كان بعض فرق السنة والجماعة روجوا لهذا الحديث ، وجاءوا بتأويلات باهتة حفظا لماء الوجه ، فقالوا : إن ذلك من الاجتهاد ، وعملَ كلُّ فريق منهم على رأيه ، فكان بذلك مأجوراً وعند الله تعالى مشكوراً ، وإن كانوا
    __________________
    (1) تاريخ دمشق ( ترجمة الامام عليّ 7 ) 3 : 90 ـ 94.
    (2) المصدر السابق 3 : 148 ـ 161.
    (3) المصدر السابق 3 : 220 ـ 221.

    قد سفكوا فيه الدماء وبذلوا فيه الاموال (1).
    ونقول : فأيّ اجر في سفك الدماء وانتهاك المحارم ، والخروج على الامام العادل ، وشق عصا المسلمين وسرقة بيوت اموالهم ؟
    فإذا كان الشك يداخلهم في قتال عليّ 7 ، فالحافظ ابن عساكر يخبرنا في روايةٍ بسندٍ عن عبيدالله بن ابي الجعد ، قال : سئل جابر بن عبدالله عن قتال عليّ ، فقال : ما يشك في قتال عليّ الا كافر (2).
    وإذا سلّمنا بأن حديث العشرة المبشرين في الجنة صحيح ومتفق عليه ، فالامام عليّ 7 احد المبشرين بالجنة ، وطلحة والزبير هما أيضاً من المبشرين بالجنة ، فمن خلال فتنة الجمل ، فيجب ان يكون احد الطرفين المتحاربين على حقّ والآخر على باطلٍ ، فقتلى صاحب الحقّ شهداء ويدخلون الجنة ، وقتلى الباطل اشقياء ويدخلون النار ، فمن غير المعقول ان يكون كلا الطرفين على حقّ ، وتهرق في سبيلهما الدماء ، وإذا عرضنا الموضوع على الدين والعقل فأيّ منهما صاحب الحقّ والعدل ؟ وهذا مما لا يحتاج الى زيادة تفكير ، وقد جاءت الاية الكريمة مصداقاً لقوله تعالى : ( يوم نحشر كل امة بإمامهم ) (3) فيحشر قتلى عليّ مع عليّ ويستقبلهم رسول الله 6 ويحشر قتلى الطرف الثاني
    __________________
    (1) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 58.
    (2) تاريخ دمشق ( ترجمة الامام عليّ 7 ) 3 : 420 ـ 143.
    (3) الاسراء (17) : 71.

    امثال بني ضبة وغيرهم يتقدمهما طلحة والزبير ، والله يعلم اي زواية يشغلون ! وهو مما يعززُ قولنا كما جاء في رواية ابن المغازلي ، قال : أخبرنا احمد بن محمد بن عبد الوهاب اذناً ، عن القاضي ابي الفرج احمد بن عليّ ، قال : حدثنا أبو غانم سهل بن اسماعيل بن بلبل ، قال : حدثنا أبو القاسم الطائي ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، حدثنا العبّاس بن بكار ، عن عبدالله بن المثنى ، عن عمه ثمامة بن عبدالله بن أنس ، عن ابيه ، عن جده ، قال رسول الله 6 : « إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على شفير جهنم ، لم يَجُز إلا من معه كتاب ولاية عليّ بن ابي طالب » (1).
    والمعروف ان طلحة والزبير وامثالهم مزقوا هذا الكتاب وجحدوا فيه ، وجعلوه خلف ظهورهم ، فأنى لهم وعبور الصراط ؟
    طلحة والزبير يؤلبان على عثمان
    من المواقف التي ساهمت في زيادة حدة التوتر ما بين موقف الثوار المتشدد الذي يطالب عثمان بأصلاحات أو بخلع نفسه ، وبين عثمان الذي كان متصلباً أيضاً في مواقفه تجاه مطالبهم ، حتى شددوا عليه قبضة الحصار المفروض والذي دام أربعين يوماً ، وموقفا طلحة والربير اللذين ساهما في الوقيعة به وادى ذلك الى مقتله.
    يروي الشيخ المفيد ( اعلا الله مقامه ) انه قال : ( ولما أبى عثمان ان
    __________________
    (1) مناقب ابن المغازلي : 242 ، العمدة : 369.

    يخلع نفسه تولى طلحةُ والزبيرُ حصاره ، والناس معهما على ذلك ، فحصروه حصرا شديداً ، ومنعوه الماء ، فأنفذ الى عليّ 7 يقول : إنّ طلحة والزبير قد قتلاني بالعطش ، والموت بالسلاح احسن. فخرج عليّ 7 مُعتمداً على يدِ المسور بن مخرمة الزُهريِّ حتى دخل على طلحة بنِ عُبيدالله ، وهو جالس في داره يَبْري نَبْلاً وعليه قميصٌ هنديٍّ فلما رآه طلحةُ رحَّبَ به ووسع له على الوسادةِ. فقال له عليُّ 7 : « إن عثمان قد أرسل اليّ أنكم قد قتلتموهُ عطشاً وان ذلك ليس بالحَسَنُ ، والقتل بالسلاح أحْسنُ له ، وكنتُ آليتُ على نفسي أنْ لا أرُدَّ عنه أحداً بعد أهل مِصْرَ ، وأنا أحِبُ ان تُدخلوا عليه الماءَ حتى تَرَوا رأيكم فيه ». فقال طلحة : لا والله لا نعمةُ عينٍ له ، ولا نتركهُ يأكلُ ويشرب ! فقال عليّ 7 : « ما كُنتُ أظُنُّ أنْ اُكلِّمَ أحداً من قُريشٍ فيُردّني ، دَعْ ما كُنتَ فيه يا طلحة ». فقال طلحةُ : ما كُنتُ أنْتَ يا عليُّ في ذلك من شيءٍ. فقام عليٌّ 7 مغضباً ، وقال : « ستعلمُ يابن الحَضْرَميَّة (1) أكُونُ في ذلك من شيءٍ أمْ لا ! ثمّ انصرف » (2).
    وروى أبو حُذيفةَ إسحاقُ بنُ بشر القُرشيُّ أيضاً ، قال : حدثني يزيد بن ابي زياد ، عن عبد الرحمن بن ابي ليلى ، قال : والله إنّي لأنظُرُ
    __________________
    (1) الحضرمية : هي ام طلحة ، وهي الصعبة بنت عبدالله بن عباد بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عوين بن مالك بن الخزرج بن اياد بن الصدف بن حضرموت من كندة يعرف ابوها عبدالله بالحضرمي. انظر : طبقات ابن سعد 3 : 214 ، الاستيعاب 2 : 219.
    (2) تاريخ الطبري 4 : 385 ، التمهيد والبيان : 152 ، العقد الفريد 2 : 267.

    الى طلحةَ ، وعثمان محصور ، وهو على فرس أدْهم ، وبيدهِ الرُمْحُ يجولُ حولَ الدار ، وكأني أنْظُرُ الى بياضِ ما وراء الدِرْع (1).
    وفي رواية ابن الاثير ، قال : وقد قيل ان علياً كان عند حصر عثمان بخيبر ، فقدم المدينة والناس مجتمعون عند طلحة ، وكان ممن لهُ أثر فيه ! فلما قدم عليّ أتاه عثمان ، وقال له : أمّا بعد فإنّ لي حقّ الاسلام وحقَّ الاخاء والقرابة والصِّهر ، ولو لم يكن من ذلك شيء وكنّا في الجاهلية ، لكان عاراً على بني عبد مناف ان ينتزع أخو بني تيم ، يعني طلحة ، أمرهم ، فقال له عليّ : « سيأتيك الخبر » ، ثمّ خرج الى المسجد فرأى أسامة فتوكأ على يده حتى دخل دار طلحة ، وهو في خلوة من الناس ، فقال له : « يا طلحة ما هذا الامر الذي وقعت فيه ؟ » فقال : يا ابا الحسن بعدما مسّ الحزمُ الطبّيين. فانصرف عليّ حتى اتى بيت المال فقال : « افتحوه » فلم يجدوا المفاتيح ، فكسر الباب واعطى الناس ، فأنصرفوا من عند طلحة حتى بقي وحده ، وسُرّ بذلك عثمان ، وجاء طلحة فدخل على عثمان وقال له : يا أمير المؤمنين أردتُ امراً فحال الله بيني وبينهُ ! فقال عثمان : والله ما جئت تائباً ، ولكن جئت مغلوباً ، الله حسيبك يا طلحة (2).
    وفي رواية اخرى ، قال عبدالله بن عبّاس بن ابي ربيعة : دخلتُ
    __________________
    (1) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 146.
    (2) الكامل في التاريخ : 3 : 167.

    على عثمان فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه ، فمنهم من يقول : ما تنتظرون به ؟ ومنهم من يقول : انظروا عسى ان يراجع. قال : فبينما نحن واقفون إذ مرّ طلحة فقال : أين ابن عديس ؟ فقام إليه فناجاه ثمّ رجع ابن عديس فقال لاصحابه : لا تتركوا أحداً يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده. فقال لي عثمان : هذا ما أمر به طلحة ، اللهم اكفني طلحة فإنّه حمل عليّ هؤلاء وألبَهم عليّ ! والله إني لأرجو أن يكون منها صفراً وأن يُسفك دمه ! (1).
    اما موقف الزبير من قضية حصار عثمان ، فهو لم يكن افضل من صاحبه كما جاء في رواية ابي حُذيفة القُرشيُّ ، عن الاعمش ، عن حبيب بن ابي ثابت ، عن ثعلبةَ بن يزيد الحمّانيِّ قال : أتيتُ الزبير ، وهو عند أحْجار الزيتِ ، فقلت له : يا با عبدالله قد حِيلَ بينَ أهل الدار وبين الماء ، فنظرَ نحوهم وقال : ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتهُونَ كَما فُعِلَ بِأشياعِهِمْ مِنْ قَبلُ إنهُم كانُوا في شَكٍّ مُريبٍ ) (2).
    وفي رواية ابي اسحاق قال : لما اشتدَّ بعثمان الحصارُ عمل بنو أُميّة على إخراجه ليلاً الى مكّة وعرف الناسُ ذلك فجعلوا عليه حَرَساً ، وكان على الحرس طلحة بن عبيدالله وهو أوّلُ من رمى بسهمٍ في دار عثمان ، قال : واطّلعَ عثمانُ وقد اشتدّ به الحصارُ وظمي من العطش فنادى : أيُّها
    __________________
    (1) المصدر السابق 3 : 174.
    (2) سبأ : 34 ، 54. العقد الفريد 4 : 299 ، مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 146.

    الناسُ ! أسقُونا شرْبةً مِنَ الماء وأطعمونا مما رزقكُمُ الله ، فناداهُ الزبيرُ بنُ العوام يا نَعْثلُ ! لا والله ، لا تذُوقُه (1).
    وذكر ابن ابي الحديد المعتزلي ، قال ، قال أبو جعفر : وكان لعثمان على طلحة بن عُبيدالله خمسون الفاً ، فقال طلحة له يوماً : قد تهيأ مالُك فاقبضه ، فقال : هو لك معونة على مروءتك ، فلما حُصِر عثمان ، قال عليّ 7 : « أنْشُدك الله إلا كففت عن عثمان ! » فقال : لا والله حتى تُعِطي بنو أميّة الحقَّ من أنفسها. فكان عليّ 7 يقول : « لحا الله ابن الصّعبة ! أعطاهُ عثمان ما أعطاه وفعل به ما فعل ! » (2).
    بعد هذه الاحاديث الدالة على مساهمة طلحة والزبير مساهمة فعالة ، حتى ضيّقوا الخناق عليه ، ومنعوا من دخول الماء إليه ، حتى كان يستنجد عدة مرات بالامام عليّ 7 ، فيحاول الامام على الرغم من ممانعة طلحة إيصال الماء الى عثمان. فيروي ابن الاثير في هذا الشأن : فقال عليّ لطلحة : « أريد أن تُدخل عليه الروايا ، وغضب غضباً شديداً حتى دخلت الروايا على عثمان » (3). حتى قتل عثمان بتحريضٍ منهم ، ثمّ بعدها يتظاهرون بالطلب بدمه الذي هم سفكوه ، بعد مبايعتهم علياً 7 ، فأظهروا الندم ، وأثاروا الفتنة ، وجمعوا من حولهم الغوغاء ، واصحاب النفوس المريضة امثال : مروان بن الحكم ، وسعيد بن
    __________________
    (1) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 146.
    (2) شرح نهج البلاغة 2 : 161.
    (3) الكامل في التاريخ 3 : 166.

    العاص ، والوليد بن عقبة بن ابي معيط ، وعبد الله بن كريز بن عامر ، ويعلى بن اميّة ، وغيرهم من امثالهم كثير.
    فما عسانا ان نقول لقومٍ جاهدوا ردّ تلك الشبهات عن تلك الزمرة الناكثة ، وما عسانا ان نقول لهم وحججهم خاوية امام وثائق التاريخ الدامغة.
    وعائشة ايضاً
    واما عائشة فلها النصيب الاوفر في تأليب الناس وتحريضهم على الفتك بعثمان. قال الشيخ المفيد ; : ( فهو أظهرُ مما وردتْ به الاخبارُ من تأليب طلحة والزبير ، فمن ذلك ، ما رواه محمد بن إسحاق صاحبُ السيرةِ عن مشايخه ، عن حكيم بن عبداللهِ ، قال : دخلتُ يوماً بالمدينة المسجدَ ، فإذا كفّ مرتفعةٌ وصاحبُ الكفِّ يقول : ايّها الناس ! العهدُ قريب ، هاتانِ نَعْلاً رسول اللهِ 9 وقميصُهُ ، كأنّي أرى ذلك القميصَ يَلُوحُ وأن فيكم فرعون هذه الأُمّة ، فإذا هي عائشة ، وعثمانُ يقول لها : اُسْكُتي ! ثمّ يقول للناس : إنها امرأةٌ وعَقلُها عَقْلُ النساءِ فلا تُصْغُوا الى قولها ) (1).
    وروى الحسنُ بن سعدٍ قال : ( رَفَعَتْ عائشةُ ورقةً من المُصحَفِ بين عُودينِ من وراء حَجلِتها ، وعثمانُ قائمٌ ، ثمّ قالت : يا عثمانُ أقِمْ ما
    __________________
    (1) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 147.

    في هذا الكتاب ، فقال : لَتَنْتَهِنّ عمّا انت عليه أو لأُدْخِلَنَّ عليكِ جَمْرَ النار ! فقالت له عائشة : أما والله ، لئن فلعتَ ذلك بنساء النبيِّ 9 ليلعنكَ الله ورسولُهُ ! وهذا قميصُ رسول الله لم يتغيّر وقد غَيَّرْتَ سُنَّتهُ يا نَعْثلُ (1) !
    وروى ليث بنُ ابي سُليم ، عن ثابت الانصاري ، عن ابن ابي عامر مولى الانصار ، قال : كُنتُ في المسجد فمرّ عثمانُ فنادتهُ عائشةُ : يا غُدرُ ! يا فُجَرُ ! أخْفَرتَ أمانتك ، وضيَّعتَ رعيَّتك ، ولولا الصلواتُ الخمس لمشى اليك الرجالُ حتى يَذبحُوكَ ذبْحَ الشاةِ !
    فقال عثمانُ : ( ضَرَبَ الله مثلاً للذينَ كَفروا امرَأةَ نُوحٍ وامرَأةَ لُوطٍ كانتا تحتَ عَبْدَين مِن عِبادنا صالحينِ فَخَانتاهُما فلَم يُغنيا عنهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وقيلَ ادخُلا النارَ مع الدّاخلين ) (2).
    هذه بعض الاحاديث اقتصرنا عليها في بيان موقف السيدة عائشة من مسألة الثورة على عثمان التي ادت الى مصرعه.
    لكن لماذا هذا الانقلاب المفاجئ للسيدة عائشة بعد قتل عثمان ، وتولي امير المؤمنين 7 لمقاليد الخلافة ؟ حتى صارت تجمع رؤوس
    __________________
    (1) انظر المصدر السابق م 1 : 147.
    « وكان اعداء عثمان يسمونه نعثلاً ، تشبيهاً برجل من مصر ، كان طويل اللحية اسمه نعثل ، وقيل النعثل : الشيخ الاحمقُ ). انظر : النهاية 5 : 80.
    (2) التحريم : 66. وانظر : الفتوح م 1 : 419 ، الايضاح : 141.

    الشقاق من حولها ، وتعبئ الجيوش لمخالفة الامام واظهار الفتنة ، وتكتب الرسائل الى بعض الشخصيات تطالبهم بنقض البيعة والالتحاق بها مع من تجمع حولها من المنافقين والاشرار تطالب بدم عثمان ، وكانت قبل سماعها تولي الامام امير المؤمنين الخلافة فرحة مسرورة تود لو ان طلحة أو الزبير تولّيا هذا الامر من بعد عثمان. يُذكر انه لما قتل عثمان بن عفان خرج النُعاة الى الآفاق ، فلما وصل بعضهم الى مكّة سمعت بذلك عائشة فاستبشرتْ بقتله وقالت : قتلتهُ اعماله ، إنه احرق كتاب الله ، وامات سنة رسول الله 9 فقتله الله ، قالت : وَمَنْ بايع الناسُ ؟ فقال لها الناعي : لم ابْرَحْ من المدينةِ حتى أخذ طلحةُ بن عبيدالله نعاجاً لعثمان ، وعَمَل مفاتيح لابواب بيت المال ، ولا شكَّ ان الناس قد بايعُوهُ. فقالت : ايهاً ذا الاصبع ! قد وجدوك لها كافياً وبها مُحْسِناً. ثمّ قالت : شُدُّوا رحلي فقد قضيتُ عُمرتي لأتوجه الى منزلي. فلما شُدَّ رحلها واستوت على مركبها سارتْ حتى بلغت سَرِفاً (1) ـ موضع معروف بهذا الاسم ـ لقيها عبيد بنُ اُمِّ كلاب (2) ، فقالت له : ما الخبر ؟ فقال : قُتِلَ عُثمان. فقالت : قُتِلَ نعْثَلُ ؟ فقال : قُتِلَ نعثل ! فقالت : خبِّرني عن قصّته وكيف كان أمرُهُ ؟ فقال : لما احاط الناسُ بالدار وبه رأيتُ طلحة بن عُبيدالله قد غَلبَ على الامر ، واتخذ مفاتيح
    __________________
    (1) سَرِف : بفتح اوله وكسر ثانيه ، على ستة اميال من مكّة من طريق مرّ.
    معجم ما استعجم م 1 : 735.
    (2) في الكامل في التاريخ 3 : 206 عبيد بن ابي سلمة ، وهو ابن ام كلاب.

    على بيوتِ الاموال والخزائن ، وتهيّأ ليُبايَعَ له ، فلما قُتِلَ عثمانَ مالَ الناسُ الى عليّ بن ابي طالب 7 ، ولم يَعْدلُوا به طلحة ولا غيرهُ ، وخرجوا في طلب علي يقدُمُهُم الاشتر ، ومحمدُ بنُ ابي بكر ، وعمارُ بن ياسر حتى أتوا علياً 7 وهو في بيتٍ سَكَنَ فيه ، فقالوا له : بايَعْنا على الطاعة لك ، فتلكأ ساعةً ، فقال الاشترُ : يا عليُّ إنّ الناس لا يعدلُونَ بك غيرك ، فبايعْ قبلْ ان تختلف الناسُ ، قال : وفي الجماعة طلحةُ والزبيرُ فظننتُ أنْ سيَكون بينَ طلحة والزبير وعليٍّ كلامٌ قبل ذلك ، فقال الاشترُ لطلحة : قُمْ يا طلحةُ فبايعْ ، قُمْ يا زبيرُ فبايعْ ، فما تنتظران ؟
    فقاما فبايَعا وأنا أرى أيْديهُما على يدِهِ يصفقانِها ببيعته ، ثمّ صَعَد عليُّ بنُ ابي طالب 7 المنبر فتكلّم بكلام لا احفظه ، إلا أنّ الناسَ بايُعوهُ يومئذٍ على المنبر وبايُعوهُ من الغدِ ، فلمّا كان اليومُ الثالثُ خرجتُ ولا أعْلَمْ ما جَرى بعدي.
    فقالت : يا اخا بني بَكْرٍ ، انتَ رأيت طلحةَ بايعَ عليّاً ؟ فقلتُ : إي والله ، رأيتهُ بايعهُ ، وما قلتُ إلا ما رأيتُ ، طلحةُ والزبيرُ أوّلُ من بايعهُ. فقالت : إنا لله ! أُكْره ـ والله ـ الرجلُ ، وغصبَ عليُّ بنُ ابي طالب أمْرَهم وقُتلَ خليفةُ اللهِ مظلوماً ! رُدَّوا بغالي ، رُدُّوا بغالي. فرجعتْ الى مكَّةَ ، قال : وسِرْتُ معها فجعلتْ تسألني في المسير وجعلتُ أخبرها بما كان ، فقالت لي : هذا بعدي وما كُنْتُ أظنُّ أنّ الناسَ يَعْدلُون عن طلحةَ مع بلائِهِ يومَ اُحُد.
    قلتُ : فإنْ كان بالبلاءِ فصاحِبُهُ الذي بُويعَ أشَدُّ بلاءً وعناءً.

    فقالت : يا أخا بني بَكْرٍ لم أسألك غير هذا. فإذا دخلت مكّةَ وسألك الناسُ : ما رَدَّ اُم المؤمنين ؟ فَقُلْ : القيامُ بدَم عثمانَ والطلبُ بهِ !
    وجاءَها يَعْلَىَ بْنُ مُنْيَةَ ، فقال لها : قد قُتِلَ خليفتُكِ الذي كُنْتِ تُحرّضينَ على قَتْلِهِ. فقالت : بَرئتُ الى اللهِ من قاتلِه. فقال لها : الآن ! ثمّ قال لها : أظْهري البراءَة ثانياً مِنْ قاتِلهِ. قال : فخرجتْ الى المسجدِ فجعلتْ تَتَبرَّأُ مِمَّنْ قَتلَ عثمانَ (1).
    لكن السيدة لم تزل مبغضةً وماقتةً لعلي 7 منذ قصة الذين رموها بصفوان بن المعطل ، وما كان منها في غزوة بني المصطلق وهجر رسول الله 9 ، واستشارته في امرها أُسامة بن زيد ، وذكر له
    __________________
    (1) انظر : الفتوح م 1 : 434 ، الشافي 4 : 357 ، مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 161 و 162 و 163.
    قال ابن الاثير في الكامل 3 : 206 : فانصرفت الى مكّة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوماً ، والله لاطلبن بدمه ! فقال لها : ولِمَ ؟ والله إنّ أوّل من أمال حرفه لأنتِ ، ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر. فقالت : إنهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الاخير خير من قولي الاول ، فقال لها ابن ام كلاب :
    فمنكِ البداءُ ومنكُ الغيَرْ
    ومنكِ الرّياحُ ومنكِ المطَرْ

    وأنتِ أمرتِ بقتلِ الإمامِ
    وقلتِ لنا إنّهُ قد كَفَرْ

    فهبْنا أطعناكِ في قَتلِهِ
    وقاتلهُ عندَنا من أمَرْ

    ولم يسقطِ السقفُ من فوقنا
    ولم ينكسِف شمسُنا والقمَرْ

    وقد بايعَ الناس ذا تُدرَإٍ
    يزيلُ الشِّبا ويُقيمُ الصّعَرْ

    ويلبسُ للحَرْبِ أثوابها
    وما من وَفى مثلُ من قد غدَرْ

    الى آخر القصيدة.

    قذف القوم بصفوان ، فقال له اسامة : لا تظن يا رسول الله إلا خيراً ، فإنّ المرأة مأمونة ، وصفوان عبدٌ صالحٌ ، ثمّ استشار علياً 7 ، فقال له : « يا رسول الله صلى الله عليك ، النساء كثيرةٌ وسل بريرةَ خادِمَتها وابحثْ عنْ خَبَرها منها ». فقال له رسولُ الله 9 : « فتولَّ أنت يا عليُّ تقريرها ». فقطع لها عليُّ 7 عُسُباً مِنَ النخلِ وَخَلا بها يسألُها عنّي ( اي عن عائشة ) ويتهدَّدُها ويَرْهِبُها ، لا جَرَمَ أنّي لا أحِبُّ عليّاً ابداً (1).
    فهذا تصريح منها بِبُغضها له وَمْقتها إياه ، قال شيخنا المفيد ( اعلا الله مقامه ) : ولم يكنْ ذلك منه 7 إلا النصيحة لله ولرسوله واجتهاده في الرأي ، ونُصْحه وامتثاله لأمْرِ النبيّ 9 ومُسارعته الى طاعته (2).
    ومن شدة بغضها وحقدها على امير المؤمنين 7 حتى انها لا تستطيع ان تصرح باسمه ، ففي رواية عكرمة وابن عباس ، وأنّ عكرمةَ خبَّرهُ عن حديثٍ حدَّثتْهُ عائشةُ في مَرَضِ رسول الله 9 ، خرجَ متوكئاً على رَجُلَيْنِ مِنْ أهل بيته ، أحدُهما الفضلُ بنُ العبّاس ، فقال عبدُالله بن العبّاسِ لعكْرمةَ : فلم تُسَمِّ لك الاخر ؟ فقال : لا والله ما سَمَّتهُ. فقال : أتدْري مَنْ هو ؟
    قال : لا. قال : ذلك عليّ بن ابي طالب 7 ، وما كانت والله أُمّنا
    __________________
    (1) مغازي الواقدي 1 : 430 ، صحيح البخاري 3 : 155 ، الكشاف 4 : 453.
    (2) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 157.

    تذكره بخير وهي تستطيع (1).
    ولم تخفِ ام المؤمنين فرحها وسرورها عند سماعها باستشهاد أمير المؤمنين 7 ، فذكر أبو الفرج الاصفهاني رواية بسند اسماعيل بن راشد قال : لما أتى عائشة نعي عليّ امير المؤمنين 7 تمثلت :
    فألقت عصاها واستقر بها النوى
    كما قرّ عيناً بالإياب المسافـرِ

    ثم قالت : من قتلهُ ؟ فقيل : رجلٌ من مراد. فقالت :
    فإن يكُ نائياً فلقد بغاهُ
    غلامٌ ليس في فيه الترابُ

    فقالت لها زينب بنت أم سلمة : العلي تقولين هذا ؟ فقالت : إذا نسيت فذكروني ، ثمّ تمثلت :
    ما زالَ إهداء القصائد بيننا
    باسم الصديق وكثرة الالقابِ

    حتى تركت كأن قولك فيهم
    في كل مجتمع طنين ذبابِ

    وذكر رواية أيضاً عن ابي البحتري ، قال : لما ان جاء عائشة قتل عليّ 7 سجدت (2).
    وبقي هذا الحقد ملازماً لها حتى بعد مصرع الامام عليّ 7 ، ففي
    __________________
    (1) طبقات ابن سعد 2 : 231 ، مسند أحمد 6 : 38 ، صحيح البخاري 1 : 162 ، صحيح مسلم 4 : 138 ، المستدرك 3 : 56 ، السنن الكبرى 1 : 31. ومصنفات الشيخ المفيد م 1 : 158.
    (2) مقاتل الطالبيين : 55 ، وانظر أيضاً : طبقات ابن سعد 3 : 40 ، تاريخ الطبري 5 : 150 ، بحار الانوار 32 : 340.

    رواية مسروق انه قال : دخلتُ عليها فاستدعِتْ غلاماً باسم عبد الرحمن ، فسألتها عنه ، فقالتْ : عَبْدي ، فقلتُ : كيف سَمَّيتهِ بعبد الرحمن ؟ قالت : حُباً لعبدِ الرحمن بنِ مُلْجم قاتل عليّ (1) !!
    رسائل طلحة والزبير والسيدة عائشة
    بعد ان احكمت الفتنة ، واظهر القوم الشقاق والخلاف على حكومة امير المؤمنين 7 الفتية ، وقد حاولوا استدراج من له تأثير في الساحة السياسية ، فكاتبوهم يطالبونهم بأتخاذ موقف مشابه لموقفهم في نكث بيعة الامام عليّ 7 ، والمطالبة بدم عثمان ، وتحريض الناس للالتحاق بركب الشر ، لكن اجاباتهم كانت طعنة في خاصرة القوم ، فلقد كان اصحاب الشر يتوقعون ان يجنوا ولو شيئاً يسيراً من الذين كاتبوهم ، لكن الردّ جاء مخيباً للآمال ، وكان عنيفاً وقاسياً.
    كما كاتبهم من عاب عملهم الشائن ، وحذرهم الولوغ في الفتنة ، والسعي في شق عصا المسلمين واهراق دمائهم.
    فقد كتبت ام سلمة الى عائشة عندما عزمت على الخروج الى البصرة :
    من امِّ سلمة زوج النبيّ 6 الى عائشة ام المؤمنين :
    سلام عليكِ ، فأني أحمدُ اليك الذي لا الله الا هو ، أما بعدُ :
    __________________
    (1) الشافي 4 : 306 ، بحار الانوار 32 : 341 ، مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 160.

    فإنّكِ سدة بين رسول الله 6 وبين امتهِ ، وحجابك مضروب على حرمته ، قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه ، وسكِّن عُقيراكِ فلا تصحريها ، الله من وراء هذه الامة ، لو علم رسول الله 6 ان النساء يحتملن الجهاد عهد إليك ، عُلْتِ عُلْتِ ! بل نهاك عن الفرْطة في البلاد ، انّ عمود الدين لا يثاب بالنساء ان مال ، ولا يرأب بهنّ ان صُدع ، حُماديات النساء غضّ الاطراف وخفض الاصوات ، وخفر الاعراض ، وضمّ الذيول ، وقعر الوهازة ، وما كنت قائلة لرسول الله 6 لو عَارضكِ ببعض الفلوات ناصة قلوصاً من منهلٍ الى منهل ، قد وجهت سدافته وتركتك عهداه ، ان بعين الله مهواكِ ، وعلى رسولهِ تردين ، واقسمُ بالله لو سرتُ مسيرك هذا ، ثمّ قيل لي : يا ام سلمة : ادخلي الفِردوسَ ، لاستحييت ان القى محمداً 6 هاتكة حجاباً قد ضربه عليّ.
    اجعلي بيتك حِصْنكِ (1) ، وقاعة الستر قبرك ، حتى تلقيه وانت
    __________________
    (1) وكانت ام سلمة تطالبها بتطبيق قوله تعالى ( وقرن في بيوتكن ) ، ففي تفسير روح المعاني للآلوسي ، روى البزاز عن انس : ان النساء جئن الى رسول الله بعد نزول الاية فقلن : لقد ذهب الرجال بالفضل والجهاد ، فهل لنا عمل ندرك به فضل المجاهدين ؟
    فقال : من قعد منكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين.
    وقال السيوطي : ان سودة بنت زمعة زوجة النبيّ 6 لم تحج بعد نزول الاية فقيل لها في ذلك ، فقالت : اني حججت واعتمرت ، وأمرني ربي تعالى شأنه ان أقر في بيتي حتى تخرج جنازتي.
    وأخرج مسووق : ان عائشة كلما قرأت ( وقرن في بيوتكن ) تبكي حتى تبل خمارها.
    انظر : روح المعاني 22 : 6 ، الدر المنثور 5 : 196.

    على تلك ، أطوع ما تكونين لله إذا الَزِمته ، وانصرُ ما تكونين للدين ما حللتِ فيه ، ولو ذكّرْتك قولاً من رسول الله 6 تعرفينه ، لنُهشتِ به نهش الرقشاء المطرقة ، والسلام » (1).
    رد عائشة على امّ سلمة
    فأجابتها عائشة :
    من عائشة ام المؤمنين الى ام سلمة :
    « سلامٌ عليك ، فأني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو ، اما بعدُ :
    فما أقبلني لِوَعْظكِ ، وأعرفني لحق نصحك ، وما انا بعمية عن رأيك ، وليس مسيري على ما تظنين ، ولنعم المسير مسيرٌ فزعت فيه اليّ فئتان متناحرتان من المسلمين ، فإنّ اقعد ففي غير حرج ، وان امضِ فإلى ما بُد لي من الازدياد منه ، والسلام » (2).
    كتاب الاشتر الى عائشة
    وكتب الاشتر من المدينة الى عائشة ، وهي بمكة :
    « اما بعد : فأنّكِ ضعينة رسول الله 6 ، وقد أمرك ان تقري في
    __________________
    (1) العقد الفريد 2 : 277 ، الامامة والسياسة 1 : 45 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 180 ، بلاغات النساء : 15 ، الاحتجاج 1 : 244 ، مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 236.
    « يذكر شيخنا المفيد ومؤرخون آخرون ان ام سلمة دخلت على عائشة وكلمتها ».
    (2) العقد الفريد 2 : 277 ، الامامة والسياسة 1 : 45 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 180 ، بلاغات النساء : 15 ، الاحتجاج 1 : 244 ، مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 236.

    بيتك ، فإنّ فعلتِ فهو خير لك ، وإن ابيتِ الا ان تأخذي فسأتك ، وتلقي جلبابك ، وتبدُ للناس شُعيراتك ، فأقاتلك حتى أردك الى بيتك ، والموضع الذي يرضاه لك ربُّكِ » (1).
    ردُّ عائشة على الاشتر
    فكتبت إليه في الجواب :
    « اما بعدُ : فإنّك أوّل العرب شبَّ الفتنة ، ودعا الى الفرقة ، وخالف الائمة ، وسعر في قتل الخليفة ، وقد علمت إنّك لن تعجز الله حتى يُصيبك منه بنقمة ينتصر بها منك للخليفة المظلوم ، وقد جاءني كتابك ، وفهمت ما فيه ، وسيكفينك الله ، وكان من اصبح مماثلاً لك في ضلالك وغيّك ، ان شاء الله » (2).
    كتاب عائشة الى زيد بن صوحان
    وكتبت عائشة الى زيد بن صوحان العبدي ، إذ قدمت البصرة.
    من عائشة ابنة ابي بكر ام المؤمنين حبيبة رسول الله 6 الى ابنها الخالص زيد بن صوحان.
    « سلام عليك ، اما بعدُ : فإنّ اباك كان رأساً في الجاهلية ، وسيداً في الاسلام ، وإنّك من ابيك بمنزلة المصلى من السابق ، يقال : كادَ أو
    __________________
    (1 ـ 2) شرح نهج البلاغة 2 : 80.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: رد: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:06 pm

    لحِق ، وقد بلغك الذي كان في الاسلام من مصاب عثمان بن عفان ، ونحن قادمون عليك ، والعيان اشفى لك من الخبر ، فإذا أتاك كتابي هذا ، فاقدم فانصرنا على أمرنا هذا ، فإنّ لم تفعل فثبّط الناس عن عليّ بن ابي طالب ، وكن مكانك حتى يأتيك أمري ، والسلام » (1).
    ردُّ زيد بن صوحان على عائشة
    فكتب إليها زيد :
    من زيد بن صوحان الى عائشة ام المؤمنين :
    « سلام عليك ، اما بعدُ : فأنّ الله امركِ بأمرٍ وأمرنا بأمرٍ :
    أمرك أن تقرّي في بيتك ، وأمرنا ان نقاتل الناس حتى لا تكون فتنة ، فتركت ما امرتِ به ، وكتبتِ تنهينا عمّا امرنا به ، فأمرك عندنا غير مطاع ، وكتابك غير مجاب ، والسلام » (2).
    وفي رواية الطبري : كتب إليها :
    من زيد بن صوحان الى عائشة ابنة ابي بكر الصديق 2 حبيبة رسول الله 6 :
    __________________
    (1) العقد الفريد 2 : 227 ، تاريخ الطبري 4 : 476 ، رجال الكشي : 76 ، شرح نهج البلاغة 2 : 81.
    (2) العقد الفريد 2 : 227 ، تاريخ الطبري 4 : 476 ، رجال الكشي : 76 ، شرح نهج البلاغة 2 : 81.

    « اما بعد : فأنا ابنك الخالص ان اعتزلت هذا الامر ، ورجعت الى بيتك ، وإلا فأنا أوّل من نابذك ».
    كتاب عائشة الى حفصة
    ولما بلغ عائشة نزول أمير المؤمنين 7 بذي قار ، كتبت الى حفصة بنت عمر :
    « اما بعد ؛ فإنا نزلنا البصرة ونزل عليّ بذي قار ، والله داقّ عُنقهُ كدق البيضة على الصفا ، إنه بذي قار بمنزلة الاشقر (1) ، إن تقدّم نحر وان تأخّر عُقِرَ ».
    فلما وصل الكتاب الى حفصة استبشرت بذلك ودعت صبيان بني تيم وعدي واعطت جواريها دفوفاً وأمرتهن ان يضربن بالدفوف ، ويقلن : ما الخبر ما الخبر ؟ عليّ كالاشقر ، إنْ تقدّم نحر وإن تأخّر عقر. فبلغ أم سلمة رضي الله عنها اجتماع النسوة على ما اجتمعن عليه من سبّ امير المؤمنين 7 ، والمسرة بالكتاب الوارد عليهنّ من عائشة ، فبكت وقالت : اعطوني ثيابي حتى أخرج إليهن واقع بهنّ. فقالت أم كلثوم بنت امير المؤمنين 7 : أنا أنوبُ عنك فأنني أعرَفُ منك ، فلبست ثيابها وتنكرت وتخفرت واستصحبت جواريها متخفرات ،
    __________________
    (1) هذا مثل يضرب لمن وقع بين شرين لا ينجو من احدهما ، وأول من قال به لقيط بن زرارة يوم جبلة ، وكان على فرس له أشقر. انظر : كتاب الامثال : 262 ، وجمهرة الامثال 2 : 127.

    وجاءت حتى دخلت عليهنّ كأنها من النضارة ، فلما رأت ما هُنّ فيه من العَبثِ والسَفَهِ ، كشفت نقابها وابرزت لهنّ وجهها ، ثمّ قالت لحَفصة : إنْ تظاهرت انتِ وأختُكِ على امير المؤمنين 7 فقد تظاهرتا على اخيه رسول الله 9 من قبل ، فأنزل الله عزّوجلّ فيكما ما أنزلَ ، والله من وراء حربكما ، فأنكرت حفصة وأظهرت خجلاً ، وقالت : إنهنّ فعلنَ هذا بجهلٍ ، وفرقتهُنَّ في الحال ، فانصرفن من المكان (1).
    كتاب عائشة الى أهل المدينة
    روى الواقدي عن رجاله قال : لما أخرجَ القومُ عن عثمان بن حُنيفٍ لما خافوه من أخيه سهل بن حُنيف ، كتبت عائشة الى اهل المدينة :
    « بسم الله الرحمن الرحيم. ومن أمِّ المؤمنين عائشة زوجة النبيِّ 9 ، وابنةِ الصدّيق الى أهل المدينةِ ، اما بعدُ ؛ فإنّ الله أظهر الحقّ ونَصرَ طالبيه ، وقد قال الله عز اسمه : ( بل نقذف بالحقِّ على الباطلِ فيدمغُهُ فإذا هو زاهق ) (2) فأتقوا الله عبادَ اللهِ واسمعوا واطيعُوا واعتصمُوا بحبل الله جميعاً وعُروةِ الحقِّ ، ولا تجعلُوا على انفسِكم سبيلاً ، فإنّ الله قد جمع كلمة أهل البصرة وأمرُوا عليهم الزبير بن العوام فهو أميرُ الجنود ، والكافةُ يجتمعون على السَمْعِ والطاعةِ له ،
    __________________
    (1) انظر : شرح نهج البلاغة 14 : 13 : الفتوح م 1 : 467 ، بحار الانوار 32 : 90.
    (2) الانبياء 21 : 18.

    فإذا اجتمعتْ كلمةُ المؤمنين على امّرائهم عن ملأٍ منهم وتشاورٍ فأنا ندخل في صالح ما دَخلُوا فيه ، فإذا جاءَكم كتابي هذا فأسمعُوا وأطيعُوا واعينوا على ما سمعتم عليه مِنْ امر الله. وكَتَبَ عُبيدُالله بنُ كَعبٍ لخمس ليالٍ من شهر ربيع الاول سنةَ ستِ وثلاثين » (1).
    كتاب عائشة الى أهل اليمامة
    وكَتبتْ إلى أهل اليمامة وأهل تلك النواحي : « أمّا بعدُ ، فإني أُذكركم الله الذي أنْعَمَ عليكم وألْزمَكُم بالاسلام ، فإنّ الله يقول : ( ما أصابَ مِنْ مُصيبةٍ في الارضِ ولا في أنْفسكُمْ إلا في كتابٍ مِنْ قَبْلِ أن نَبْرَأها إن ذلكَ على الله يسيرٌ ) (2) فأعتصموا عباد الله بحبلهِ وكونوا مع كتابه ، فإنّ أُمّكُم ناصحةٌ لكم فيما تدعُوكُم إليه من الغَضَب له والجهادِ لِمَنْ قتل خليفة حَرَمِهِ ، وابتزَّ المسلمين أمْرَهم وقد أظْهَر اللهُ عليه ، وإنّ ابْنَ حُنيفٍ الضّالَّ المُضلَّ كان بالبصرة يَدْعُو المسلمين الى سبيل النار ، وإنّا أقْبلنا إليها نَدْعُو المسلمين الى كتاب اللهِ ، وأن يضعُوا بينهم القرآن فيكونُ ذلك رضاً لهم وأجْمَعَ لأمْرِهم ، وكان ذلك للهِ عزّوجلّ على المسلمين فيه الطاعة ، فإما أنْ نُدْرِكَ به حاجتنا أو نَبْلُغَ عُذراً ، فلمّا دَنوْنا الى البصرةِ وسَمِعَ بنا أبْنُ حُنيفٍ جَمَعَ لنا الجُمُوعَ وأمَرهُم أنْ يلقُونا بالسلاح فَيُقَاتِلونا ويَطردُونا وشهدُوا علينا بالكُفْر وقالوا فينا المُنكرَ ،
    __________________
    (1) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 299.
    (2) الحديد : 23.

    فأكْذبَهُم المسلمين وأنكَرُوا عليهم ، وقالوا لعثمان بن حُنيفٍ : وَيْحَكَ ! إنما تابَعْنا زوجَ النبيّ 9 وأمَّ المؤمنين وأصحابَ رسول الله 9 وائمة المسلمين ، فتمادى في غيْهِ وأقامَ على أمْرهِ ، فلمّا رأى المسلمين انّه قد عصاهم ورَدَّ عليهم أمْرَهم غَضِبُوا لله عزّوجلّ ولأُمِّ المؤمنين ، ولم نشعُر به حتى أظَلَّنا في ثلاثةِ آلافِ مِنْ جَهَلَةِ العرب وسُفهائِهم ، وصَفَّهُم دونَ المسجدِ بالسلاح ، فاْلتَمسنا أنْ يُبايُعوا على الحقِّ ولا يَحُولُوا بيننا وبين المسجدِ ، فردَّ علينا ذلك كلّهُ ، حتى إذا كان يومُ الجمعةِ وتفرق الناسُ بعد الصلاة عنه ، دخَلَ طلحةُ والزبيرُ ومعهما المسلمون وفتحوهُ عَنْوة ، وقدّمُوا عَبدالله بنُ الزبيرُ للصلاة بالناسِ ، وإنا نخافُ من عثمانَ واصحابهِ ان يأتونا بغتةً ليُصيبوا منّا غرَّةً.
    فلما رأى المسلمون أنهم لا يبرحُون تحرَّزوا لانفسهم ولم يَحْرُجْ ومن معه حتى هجمُوا علينا وبلغُوا سدَّة بيتي ومعهم هاد يدلُهُم عليه ليسفكوا دمي ، فوجدوا نفراً على باب بيتي فرَدُّوهم عني وكان حولي نفراً من القريشيين والازديين يدفعونهم عني ، فقُتلَ منهم من قُتِلَ وانهزموا فلم نعرض لبقيتهم وخلَّينا ابن حُنيفٍ مِنّاً عليه ، وقد توجه الى صاحبهِ ، وعرّفناكم ذلك عبادَ اللهِ لتكونوا على ما كنتم عليه من النيةِ في نُصرة دين الله والغضب للخليفةِ المظلوم » (1).
    __________________
    (1) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 310 ، 302.

    كتاب طلحة والزبير الى كعب بن سور
    ولمّا اجمعت عائشة وطلحة والزبير واشياعهم على المسير الى البصرة ، قال الزبير لعبدالله بن عامر ـ وكان عامل عثمان على البصرة وهرب عنها حين مصير عُثمان بن حُنيف عامل عليّ 7 إليها : مَنْ رجال البصرة ؟
    قال : ثلاثة ، كلهم سيد مطاع : كعب بن سُور في اليمن والمنذر بن ربيعة ، والاحنف بن قيس في البصرة.
    فكتب طلحة والزبير الى كعب بن سُور :
    « اما بعدُ ، فإنّك قاضي عمر بن الخطاب ، وشيخ اهل البصرة وسيد أهل اليمن ، وقد كنت غضبت لعثمان من الاذى ، فأغضب له من القتل ، والسلام » (1).
    كتابهما الى الاحنف بن قيس
    وكتبا الى الاحنف بن قيس :
    « اما بعد ، فإنّك وافد عمر ، وسيد مضر ، وحليم اهل العراق ، وقد بلغك مصاب عثمان ، ونحن قادمون عليك ، والعيان أشفى لك من الخبر ، والسلام » (2).
    __________________
    (1) الامامة والسياسة 1 : 48.
    (2) الامامة والسياسة 1 : 48.

    كتابهما الى المنذر بن ربيعة
    وكتبا الى المنذر :
    « اما بعدُ ، فإنّ أباك كان رئيساً في الجاهلية ، وسيداً في الاسلام وإنّك من أبيك بمنزلة المصلى من السابق ، يقال كادَ أو لَحِق ، وقد قتل عثمان من انت خيرٌ منه ، وغضب له من خيرٌ منك ، والسلام » (1).
    ردُّ كعب بن سُور على طلحة والزبير
    فكتب كعب بن سور الى طلحة والزبير :
    « اما بعد ، فإنا غضبنا لعثمان من الاذى ، والغير باللسان ، فجاء أمر الغير فيه بالسيف ، فإنّ يك عثمان قُتِلَ ظالماً فما لكما وله ؟ وإنْ كان قُتِلَ مظلوماً فغيركما أولى به ، وإن كان أمره أشكل على من شهده فهو على من غاب عنه أشكل » (2).
    __________________
    (1) الامامة والسياسة 1 : 48.
    (2) المصدر السابق 1 : 48.
    ملاحظة : يظهر ان كعبَ بن سور وقع في شِباكِ الفتنة ، وغُرّرَ بهِ حتى قُتل في المعركة ، فعندما طاف الامام 7 على القتلى مرّ به مقتولاً وفي عُنِقُه المصحف ، فقال : « نحُّوا المُصحفَ وضعُوهُ في مواضع الطهارةِ » ثمّ قال : « أجْلسُوا إليّ كَعْباً ».
    فأُجلِسَ ورأسُهُ ينخفضُ الى الارض فقال : « يا كَعب بن سور قد وجدت ما وعَدَك ربُّك حقّاً ؟! » ثمّ قال : « أضْجِعُوا كَعباً » فتجاوزهُ. انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 392.

    رد الاحنف عليهما
    وكتب الاحنف اليهما :
    « اما بعدُ ، فإنه لم يأتنا من قبلكم أمرٌ لا نشك فيه الا قتل عثمان ، وانتم قادمون علينا ، فإنّ يكن في العيان فضلٌ نظرنا فيه ونظرتم ، وإلا يكن فيه فضل فليس في ايدينا ولا ايديكم ثقة ، والسلام » (1).
    رد المنذر بن ربيعة عليهما
    وكتب المنذر اليهما :
    « اما بعدُ ، فأنه لم يلحقني بأهل الخير إلا ان اكون خيراً من اهل الشر ، وإنما اوجب حقّ عُثمان اليوم حقّهُ امس ، وقد كان بين أظهركم فخذلتموه ، فمتى استنبطتم هذا العلم ، وبدا لكم هذا الرأي » (2).
    كتاب الصلح بين أصحاب الجمل وعثمان بن حُنيف
    لقد أصرّ الناكثون على التمادي في غيّهم ، حتى صار النكث والغدر سجية ملازمةً لهم اينما حلوا ، وشعاراً يجمعون حوله الانتهازيين والسفهاء وأصحاب السوء ، فهم لم يكتفوا بخيانة امير المؤمنين 7 حتي غروا بعثمان بن حنيف ، وقد كان الاخيرة قد وقع اتفاقاً للصلح بينهم على شروطٍ اتفقوا عليها ، منها ايقاف القتال ، وان يكون لعثمان بن
    __________________
    (1 ـ 2) الامامة والسياسة 1 : 48.

    حُنيف دار الامارة والمسجد وبيت المال ، ولطلحة والزبير وعائشة ما شاؤوا من البصرة ، ولا يُهاجُون حتى يقدم امير المؤمنين 7 ، فإنّ أحبّوا ذلك دخلوا في طاعته ، وإن أحَبَّوا ان يُقاتِلوا (1).
    وقيل انهم أوقفوا القتال وتصالحوا ، على ان يبعثوا رسولاً الى المدينة ، حتى يرجع الرسول بالجواب الذي يبتغيه ابن حنيف ، والذي كان من اهم بنود الصلح ، وهو : هل طلحة والزبير اكرِها على بيعة الامام عليّ 7 ؟ فإذا كان الجواب ( نعم ) خرج ابن حنيف من البصرة وأخلاها لهما ، وإنْ كان الجواب بالنفي خرج طلحة والزبير (2) ، وارسل كعب بن سُور لهذا المهمة ، وفي هذه الفترة القصيرة حاولوا كسب الوقت الى جانبهم ، بمكاتبة من له القدرة في توسيع دائرة الخلاف على الحكومة الشرعية بقيادة ابن عمّ رسول الله 6. ومع هذا لم يصبروا على ابن حنيف كثيراً ، فمزقوا كتاب الصلح ، وغدروا به في ليلة مظلمة ذات رياحٍ ، فخرج طلحة والزبير وأصحابهما حتى أتوا دار الامارةِ وعثمان بن حنيف غافل عنهم ، وعلى الباب السبابجة يحرسون بيوت الاموالِ وكانوا قوماً من الزط قد استبصروا وأئتمنهم عثمان على بيت المال ودار الامارة ، فأكب عليهم القوم وأخذوهم من اربع جوانبهم ووضعوا فيهم
    __________________
    (1) الامامة والسياسة 1 : 68 ، العقد الفريد 4 : 313 ، تاريخ خليفة بن خياط : 183 ، نهاية الارب 20 : 37.
    (2) الكامل في التاريخ 3 : 214 ، تاريخ الطبري 4 : 464 ـ 467 ، جمهرة رسائل العرب 1 : 321.

    السيف فقتلوا منهم اربعين رجُلاً صبراً ! يتولى منهم ذلك الزبيرُ خاصةً ، ثمّ هجموا على عثمان فأوثقوه رباطاً وعمدوا الى لحيته ـ وكان شيخاً كثّ اللحية ـ فنتفوها حتى لم يبق منها شيء ، وقال طلحة : عذبوا الفاسق وانتفوا شعر حاجبيه واشفار عينيه واوثقوه بالحديد. فلما اصبحوا اجتمع الناس اليهما وأذّن مؤذن المسجد لصلاة الغداة فرام طلحة ان يتقدم للصلاة بهم فدفعه الزبير وأراد ان يصلي بهم فمنعهُ طلحةُ ، فما زالا يتدافعان حتى كادت الشمس ان تطلع فنادى اهل البصرة : الله الله ، يا أصحابَ رسول الله ، في الصلاة نخافُ فوتها ! فقالت عائشة : مروا ان يُصلي بالناس غيرهما.
    فقال لهم يعلى بن مُنْيَة : يصلي عبدالله بن الزبير يوماً ومحمد بن طلحة يوماً حتى يتفق الناس على امير يرضونه ، فتقدم ابن الزبير وصلى بهم ذلك اليوم (1).
    اما صورة كتاب الصلح فهو :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    « هذا ما اصطلح عليه طلحة والزبير ومن معه من المؤمنين والمسلمين ، وعثمان بن حنيف ومن معه من المؤمنين والمسلمين :
    إنّ عثمان يُقيم حيثُ ادركه الصلح على ما في يده ، وإنّ طلحة
    __________________
    (1) انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 283 ، انساب الاشراف 1 : 227 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 181 ، تاريخ الطبري 4 : 468.

    والزبير يقيمان حيث ادركهما الصلح على ما في ايديهما ، حتى يرجع امين الفريقين ورسولهم كعبُ بن سُور من المدينةِ ، ولا يضّار واحد من الفريقين الاخر في مسجد ، ولا سوق ، ولا طريق ، ولا قرضة (1) ، بينهم عيبة مفتوحة ، حتى يرجع كعب بالخبر ، فإنّ رجع بأن القوم أكرهوا طلحة والزبير ، فالامر امرهما ، وإن شاء عثمان حتى يلحق بطيته (2) ، وإن شاء دخل معهما ، وان رجع بأنهما لم يُكرْها فالامر أمر عثمان ، فإنّ شاء طلحة والزبير ، أقاما على طاعة عليّ ، وإن شاءا خرجا حتى يلحقا بطيتهما ، والمنجون اعوانَ الفالج (3) » (4).
    عائشةُ أمّ المؤمنين تنبحها كِلابُ الحوأبِ
    لقد حذر رسول الله 6 نساءه من بعده ، في اظهار الخلاف والولوج في الفتنةِ التي اخبر بها 6 وسمى القائمين بها بالناكثين وقد ذكر رسول الله 6 هذه الحادثة ضمن ذكره لكثير من انباء الغيب الذي اوصى الله تعالى به لنبيه 6.
    وجاء هذا التحذير في جمعٍ من نسائه ، ففي رواية عصام بن قدامة البجلي ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله 6 لنسائه :
    __________________
    (1) القرضة : الموضع من النهر يستقي منه ، ومن البحر محط السفن.
    (2) طيته : اي لوجهه الذي يريده.
    (3) الفالج : الظافر الفائز.
    (4) جمهرة رسائل العرب 1 : 321.

    « ليتَ شِعْري أيَّتُكنَّ صاحبة الجَملِ الأَدبَب (1) ، تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب ، يُقتلُ عن يَمينها وشِمالها خَلقٌ كثيرٌ ، كُلُّهم في النار ، وتنجُو بعد ما كادَتْ » (2).
    وفي حديث آخر فيما قال 6 لنسائه ، ثمّ اردفه بتحذير شديد الى عائشة :
    « كأني بأحداكن وقد نبحتها كلاب الحوأب » ثمّ قال لعائشة : « اياك ان تكونيها » (3) ومرة اخرى يصرّح 6 باسمها علناً كما جاء في رواية عليّ بن مُسهر ، عن هشام بن عُرْوة ، عن ابيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله 6 : « يا عائشة إنّي رأيتك في المنام مرتين ، أرى جملاً يحملك في سدافة (4) من حرير ، فأكشفها فإذا هي انت » (5).
    وفي رواية سالم بن ابي الجعد ، انه ذكر النبيّ 6 خروج بعض نسائه فضحكت عائشة ، فقال : « انظري يا حميراء لا تكونين هي » ثمّ التفت الى عليّ فقال : « يا ابا الحسن إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها » (6).
    __________________
    (1) الادبب : الجمل الكثير الشعر ، القاموس : 109.
    (2) اعلام النبوة : 155 ، مناقب آل ابي طالب 3 : 149.
    (3) ورد الحديث بهامش الكامل في التاريخ 3 : 366.
    (4) السدافة : الحجاب والستر.
    (5) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 432 ، بحار الانوار 32 : 285.
    (6) بحار الانوار 32 : 284.

    اذن ، جميع القرائن الواردة في احاديث رسول الله 6 ، سواء كانت تلويحاً أو تلميحاً تدلُّ على انّ المعنية بصاحبة الجمل هي عائشة. وكانت هي أيضاً تعلم علم اليقين بأنها هي التي تنبحها كلاب الحوأب ! كيف لا تعلم هي صاحبة الجمل وكثير من المسلمين يعرفون بأن لها يوماً تنفرُ فيه مع الغادرين والناكثين ؟
    فعن حُذيفة قال : لو احدثكم بما سمعت من رسول الله 6 لوجمتموني (1) ! قالوا : سبحان الله نحن نفعل ؟ قال : لو احدثكم أنّ بعض أمهاتكم تأتيكم في كتيبة كثير عددها شديد بأسها تقاتلكم ، صدّقتم ؟ قالوا : سبحان الله ومن يصدّق بهذا ؟
    قال : تأتيكم أمّكم الحميراء في كتيبة يسوق بها أعلاجها من حيث يسؤكم وجوهكم (2).
    بعد هذه المقدمة الموجزة ، هل يمكننا ان نصدق على ان عائشة عند مسيرها الى البصرة ، وعلمت بالموضع أنّه هو الحوأب الذي اخبرها رسول الله به ، استرجعت وأرادت الرجوع. كما ورد الخبر عند كثير من الرواة ، فيذكر المسعودي : ( وسار القوم نحو البصرة في ستمائة راكب ، فأنتهوا في الليل الى ماء لبني كلاب يعرف بالحَوْأب ، عليه ناس من بني كلاب ، فعوتْ كلابهم على الركب ، فقالت عائشة : ما
    __________________
    (1) يقال وجم الشيء اي كرهه.
    (2) مناقب آل ابي طالب 1 : 140.

    اسم هذا الموضع ؟ فقال لها السائق لجملها : الحوأب ، فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك ، فقالت : رُدُّوني الى حرم رسول الله 6 ، لا حاجة لي في المسير ، فقال الزبير : بالله ما هذا الحوأب ، ولقد غلط فيما أخبرك به ، وكان طلحة في سَاقَةِ الناس ، فلحقها فأقسم ان ذلك ليس بالحوأب ، وشهد معهما خمسون رجلاً ممن كان معهم ، فكان ذلك أوّل شهادة زور أقيمت في الاسلام ) (1).
    فمن يقرأ الحديث في الوهلة الاولى يعتقد أو يتصور ان عائشة المسكينة قد غرر بها ، وأرادت الاصلاح بين فئتين مؤمنتين عند مسيرها الى البصرة ، وعندما بلغت الموضع الذي نبحتها كلابه ، واستفسرت من سائق جملها واعلمها انه الحوأب تذكرت قول رسول الله 6 لها ، فأسترجعت وصاحت ردوني ، كأنها ندمت على خروجها ، وأرادت العودة لولا قسم الزبير وطلحة بأن هذا ليس هو الحوأب ! وايضاً لولا شهادة الخمسين علجاً لصفعت الزبير وطلحة على فعلهما القبيح ، ولعقرت الجمل الذي يحمل على ظهره السوء والمنكر.
    لكن عائشة كانت تعلم علم اليقين أنّ هذه الشهادة هي شهادة زور ، وهي على قناعة بأن هذا المكان هو الحوأب بعينه ، وان الجمل الذي يحملها هو الذي أخبر عنه رسول الله 6. وهذا ما يؤيده كثير من القرائن والحجج الدامغة التي خلفتها لنا ام المؤمنين عائشة.
    __________________
    (1) مروج الذهب 3 : 366.

    فهي ألم تترك قول الله تعالى خلف ظهرها ؟ وتخرج متبرجة بين الملأ من الناس والعسكر ، مخالفة لامر الله تعالى ، والله تعالى يقول في خطابه لنساء النبيّ 6 : ( وقرن في بيوتكنّ ولا تتبرجنّ تبرج الجاهلية الاولى وأقمن الصلاة واتين الزكاة ) (1).
    وإذا كانت ارادت الرجوع لمجرد سماعها اسم الموضع ، فما بالها لم ترجع عندما تواقف الجيشان واطبقت حلقات الفتنة ، ثمّ انها لم تكتف ان تجلس في بيتها وتراقب الموقف وما ستؤول إليه الامور ، بل خرجت الى الحرب ووقفت امام جيش الغدر تحرض وتؤلب الناس على القتال ، وتلقي عليهم الخطب الرنانة لإثارة الحماس فيهم والاستبسال في القتال لكسب هذه الجولة التاريخية ، وتنهي حكومة العدل بقيادة ابن عمّ الرسول 6.
    هل استرجعت وقررت الخروج ولو في اللحظات الحالكة التي مرت بها عندما نشب القتال ، وهي ترى الناس حولها أكواماً من الجثث مقطوعة الايدي والرؤوس ؟
    هل كانت ستعظم ما فعلته من إباحة دماء المسلمين ويُتْم اطفالهم ، وزعزعة الحياة الاجتماعية في البصرة.
    لكن قول الامام عليّ 7 لها كان شافياً ، وقاطعاً عنها كل سبيل ،
    __________________
    (1) الاحزاب 33 : 33.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: رد: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:08 pm

    ففي رواية الاصبغ بن نباتة ، قال : لما عقر الجمل وقف عليّ 7 على عائشة ، فقال لها : « ما حملك على ما صنعت ؟ » قالت : ذيت وذيت (1). فقال : « اما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لقد ملأت أذنيك من رسول الله 6 وهو يلعن أصحاب الجمل وأصحاب النهروان ، أمّا أحياؤهم فيقتلون في الفتنة ، وأمّا أمواتهم ففي النار على ملة اليهود » (2).
    هذه عائشة ام المؤمنين صاحبة الجمل الادبب ، وقد جاءت مصداقاً لقوله تعالى : ( التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً ) (3) وقد سئل الامام الصادق 7 عن معنى هذه الاية فقال : « عائشة هي نكثت ايمانها » (4).
    وقوله تعالى : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله اولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً ) (5) كما روى سالم بن مكرم عن ابيه في معنى هذه الاية الكريمة ، قال : سمعت ابا جعفر 7 يقول : هي الحميراء.
    واخيراً نقف عند قول الصادق الامين 6 ، حيث يجلو الحيرة ويزيح اللثام عن نفسيات ونوازع هذه المرأة العجيبة ، حيث جاء في صحيح البخاري بأسناده عن نافع ، عن عبدالله ، قال : قام النبيّ 6
    __________________
    (1) ذيت وذيت ، مثلُ كيت وكيت.
    (2) الكافية : 34 ح 35.
    (3) سورة النمل 92 : 16.
    (4) رواه العياشي في تفسيره 2 : 269 ح 65.
    (5) العنكبوت : 41 ، رواه الكراجكي في كنز الفوائد 1 : 430 ح 7.

    خطيباً واشار نحو مسكن عائشة فقال : « هنا الفتنة ـ ثلاثاً ـ من حيث يطلع قرن الشيطان » (1).
    حديث عائشة عن هزيمة اصحاب الجمل
    لقد اصطف الطرفان في الموضع المعروف بالخُريبة القريب من البصرة ، ومن ثمّ تهيؤا للقتال ، وكان اميرُ المؤمنين يناشدهم بالرجوع الى العقل وحقن دماء المسلمين ، لكنهم أصروا على الحرب ، وكانت عائشة على ظهر جملها ( عسكر ) (2) تُؤلب وتحرض الناس على القتال.
    وإذا كان ( عسكر ) في بداية الامر عند خروج عائشة من مكّة تريد البصرة متباهياً على اقرانه ، حيث كُلّف بحمل ام المؤمنين على ظهره دون غيره ، وما هذا الا تكريم له ، لكن المسكين لا يدري ما تؤول إليه عاقبة امره ، حتى وقف في ذلك اليوم العصيب وهو يوم الخميس 10 جمادى الثانية سنة 36 ه‍ ، وكانت على ظهره ام المؤمنين عائشة والسهام تتساقط عليه كالمطر ، ورمي الهودج بالنشاب والنبل حتى صار
    __________________
    (1) بحار الانوار 32 : 287.
    (2) عسكر : اسم جمل عائشة اشتراه يعلى بن منيه عامل عثمان على اليمن وقد هرب منها عند بيعة الامام 7 بالخلافة ، فأتى مكّة وصادف فيها عائشة وطلحة والزبير ومروان بن الحكم واخرين من بني اميّة ، فأعطى عائشة وطلحة والزبير اربعمائة الف درهم ، وبعث الى عائشة بالجمل المسمى عسكراً ، وكان قد اشتراه بمائتي دينار.
    انظر : مروج الذهب 3 : 366.

    كالقنفذ (1) ، لابد انه لعن ذلك اليوم الذي استوت فيه على ظهره عائشة ، وكم كان بوده ان يقذا هذه الهودج الذي يحمل الشرّ بداخله الى الجحيم ويهرب بجلده ، لكنه لا يستطيع حيث بني ضبة يتسابقون على مسك زمامه ، وكلما قطعت يد ماسك الزمام ، أخذه رفيقه الاخر حتى تقطع يده ، وهكذا أربت الايدي التي قطعت على السبعين يداً (2) ، فأين يجد المسكين عسكر فرصة للهروب ، حتى ضربه رجل على عجزه فسقط لجنبه ، وفي خبر حبة القرني قال : كأني اسمع عجيج الجمل ما سمعت قط عجيجاً أشدّ منه (3). اما عن حديث عائشة عن هزيمة القوم ، فقد روى الواقدي ، عن رجاله العثمانية عن عائشة ، في ذكر الحال وهزيمة القوم في الحرب وشرح الصورة ورأيها فيما كان ذلك ، فقال : حدثنا محمد بن حميد ، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة ، عن امها كبشة بنت كعب ، قالت : كان أبي لقي على عثمان حُزناً عظيماً وبكاهُ ولم يمنعهُ من الخروج إلا انّ بصرهُ ذهبَ ، ولم يُبايع علياً ولم يقرَبه بُغضاً له ومقتاً ، وخرج عليّ 7 من المدينةِ فلما قدمت عائشةُ منصرفةً من البصرة
    __________________
    (1) مروج الذهب 3 : 375.
    (2) مروج الذهب 3 : 375.
    (3) مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 382.
    وروى الواقدي ، عن موسى بْنِ عبدِاللهِ ، عن الحسين بْنِ عطيَّة ، عن ابيه ، قال شهدتُ الجملَ مع عليّ 7 ، فلقد رأيتُ جمل عائشة وعليه هَوْدَجُها وعليه دروع الحديد ؛ ثمّ لقد رأيتُ فيه من النبلِ والنُشابِ أمراً عظيماً ، ثمّ عُقر فما سمعتُ كصوته شيئاً قط.
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 377 ، نهاية الارب 20 : 77.

    جاءَها أبي فسلّمَ على الباب ، ثمّ دخل وبينها وبينهُ حجَابٌ فذكرت له بعض الامر ولم تشرحهُ له ، فلما أمسينا بعثنا الى عائشة واستأذنا عليها فأذِنتْ لنا ، قالت كبشة : فدخلتُ في نسوة من الانصار فحدثتنا بمخرجها وأنها لا تظنُّ الامر يبلغُ الى ما بلغَ.
    ثم قالت : لقد عُمِلَ لي على هودجِ جملي (1) ، ثمّ ألبسَ الحديد ودخلتُ فيه ، وقمتُ في وسطٍ من الناس أدْعو إلى الصُلْحِ والى كتاب اللهِ والسنة ، فليس أحدٌ يسمع مِنْ كلامي حرفاً ، وعجَّلَ من لقينا بالقتال ، فرموا النبل وصرعتُهُم القومُ فلا أُدْرك حتى قُتِلَ من أصحاب عليِّ رجلٌ أو رجلانِ ، ثمّ تقاربَ الناسُ ولحُمَ الشرّ فصار القوم ليس لهم همّةٌ إلا جملي ، ولقد دخلتْ عليَّ سهامٌ فجرحتني ـ فأخرجت ذِراعها وأرتنا جرْحاً على عَضُدِها فبكتْ وأبكتنا ـ قالت : وجعل كلّما أخذ رجلٌ بخطام جملي قُتلَ ، حتى أخذهُ ابنُ أُختي عبدالله ، فصحتُ به وناشدتهُ بالرحمِ أنْ يتجافاني.
    فقال : يا أُماه ! هو الموتُ ، يُقتلُ الرجلُ ـ وهو عظيم الغِنى عن الأصحاب ـ على نيته خيرٌ مِنْ أنْ يُدْرك وقد فارقتهُ نيتهُ.
    __________________
    (1) روى بن ابي سبرة ، عن علقمه بن ابي علقمة ، عن ابيه ، قال : جعلنا الهودج من خشب فيه مسامير الحديد ، وفوقه دروع من حديد ، وفوقها طيالسة من خز أخضر ، وفوق ذلك أدمٌ احمرُ ، وجعلنا لعائشة منه منظر العين ، فما أغنى ذلك من القوم.
    انظر : الاخبار الطوال : 149 ، الفتوح م 1 : 488 ، مناقب الخوارزمي : 188.

    فصحت : واثُكلَ اسماء ! فقال : يا أُماهُ ! اِلْزمي الصمتَ وقد لَحُمَ ما ترينَ ! فأمسكْتُ. وكان ممن معنا فتيانٌ احداثٌ مِنْ قريشٍ وكان لا علمَ لهم بالحرب ولم يشهدوا قتالاً ، فكانوا جُزراً للقوم ، فإنا لعلى ما نحن فيه وقد كان الناسُ كُلُّهم حولَ جَملي فأُسْكُتِوا ساعةً ، فقلتُ : خيرٌ ام شرّ ؟ إنّ سكوتكم ضِرْسُ القتال ، فإذا ابنُ ابي طالب أنظرُ إليه يباشر القتالَ بنفسه واسمعهُ يصيح : « الجمل ! الجمل ! ». فقلت : أراد والله قتلي ، فإذا هو قد دنا منه ومعه محمد بنُ أبي بكر أخي ومُعاذ بنُ عبيدالله التميمي وعمارُ بنُ ياسر فقطعوا البطانَ ، وأحتملوا الهودجَ فهو على أيدي الرجال يَرّفلُونَ به ، إذْ تفرقَ من كان معنا فلم أُحِسَّ لهم خبراً ، ونادى منادي عليّ بن ابي طالب : « لا يُتبعْ مُدبرٌ ، ولا يُجهز على جريحٍ ، ومَنْ طرحَ السِلاحَ فهو آمِنٌ ».
    فرجعْت الى الناس أرواحُهُم فمشوا على الناس واستحيوا من السعْي ، فأُدْخِلْتُ منزلَ عبدالله بن خلف الخُزاعي وهو والله رجلٍ قد قُتِلَ وأهلُهُ مستعبرونَ عليه ، ودخل معي كلُّ من خاف علياً مِمَّن نصب له ، وأحْتُمل ابنُ أختي عبدالله جريحاً ، فوالله إنّي لعلى ما انا عليه وأنا أسألُ ما فعل أبو محمد طلحةُ ؟ إذ قال قائل : قُتِلَ ! فقلتُ : ما فعلَ أبو سليمانَ ؟ فقيل : قد قُتلَ ! فلقد رأيتُني تلك الساعةَ جَمدتْ عيناي وانقطعتُ مِنَ الحُزْنِ واكثرتُ الاسترجاعَ والندامةَ ، وذكرتُ من قُتِلَ فبكيتُ لِقتلِهم فنحن على ما نحن عليه ، وأنا أسأل عن عبيدالله ، فقيل لي : قُتِلَ فأزددتُ هَمّاً وغَمّاً حتى كاد ينصدعُ قلبي ، فوالله لقد بقيتُ

    ثلاثةَ ايام بلياليهنّ ما دخلَ فمي طعامٌ ولا شرابٌ ، وإني عند قومٍ ما يُقصِّرونَ في ضيافتي ، وإنّ الخُبُر في منازلهم لكثيرُ ، ولكنّي أُعالجُ الشِبعَ من الطعام فما أقدِرُ ، فنعوذ باللهِ من الفتنةِ ! ولقد كُنتُ ألَّبتُ على عثمان حتى نِيلَ منهُ ما نيلَ ، فلما قُتلَ ندمتُ وعلمتُ أنّ المسلمين لا يستخلفون مِثلَهُ أبداً ، كان والله أجلّهُم حِلْماً ، وأعبَدهم عبادةً ، وابذلهم عند النائبةِ ، وأوْصَلهُم للرحمِ.
    قالتْ كبشة بنتُ كَعْبٍ ، فرجعتُ الى أبي فقال : ما حَدّثتُكم به عائشة ؟ فأخبرتُهُ بما قالت. فقال : يرحمُ اللهُ عائشة ويرحمُ الله أمير المؤمنين عثمان ، هي كانت أشدَّ الناسِ عليه ، ولقد فزعتْ وثابتْ وأرادتْ ان تأخذ بثأرهِ فجاء خِلافُ ما أرادتْ فرحمهما اللهُ جميعاً ، ثمّ قال : رحمَ اللهُ عُمَر بن الخطاب كان والله يرى هذا كُلّهُ ، قال يوماً : إن كان يصيرُ اختلافٌ فأنما يكون بينكم ، وإن كان بينكم دخلَ عليكم ما تكرهُونَ (1).
    * * *
    __________________
    (1) انظر مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 387 ، 379 ، 380.


    ترجمة المؤلف
    اسمه ونسبه :
    هو السيد ضامن ابن السيد شدقم بن زين الدين علي بن بدر الدين حسن النقيب ابن حسين الشهيد ابن علي بن شدقم بن ضامن بن محمد الحمزي الحسيني المدني ، من ذرية ابي القاسم الطاهر المحدث بن يحيى النابه بن الحسن بن جعفر الحجة ابن عبيدالله الاعرج ابن الحسين الاصغر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب 7 (1).
    وجده بدر الدين الحسن النقيب مؤلف ( زهر الرياض ) سنة 922 الذي ينقل عنه السيد ضامن في كتابه ( التحفه ) (2).
    ولم نعثر على سنة مولده ، وأما سنة وفاته فيستفاد مما جاء في مجلة المجمع العراقي (3) ، وفي مجلة سومر العراقية (4) ، من الحديث
    __________________
    (1) اعيان الشيعة 7 : 392.
    (2) الذريعة 3 : 419.
    (3) مجلة المجمع العراقي 6 : 227.
    (4) مجلة سومر 13 : 50.

    عن الجزء الثالث من كتابه ( تحفة الازهار ) انه كان حياً سنة 1088 ه‍ (1).
    مكانته العلمية :
    كان المصنف ; عالماً فاضلاً اديباً كاتباً مشهوراً ، قال المرحوم محسن الامين : « والذي وجدته في مسودة الكتاب ( تحفة الازهار ) هو كما ذكر : ضامن بن شدقم بن علي المعروف بين المؤلفين ».
    وابوه أيضاً كان عالماً كما ذكر المرحوم محسن الامين : « في كتاب يظن انه اسمه كتاب ( الانوار ) مؤلفه من اصحابنا من اهل أواسط القرن الثالث عشر ، رأيته في بغداد عام 1352 ما صورته :
    السيد ضامن ابن السيد العالم السيد شدقم المدني » (2).
    وقال عنه صاحب الاعلام : ضامن بن شدقم بن علي بن حسن النقيب المدني : أديب إمامي ، له علم بالانساب. صنف ( تحفة الازهار وزلال الانهار في نسب الائمة الاطهار ) نسخة منه في المكتبة القادرية ببغداد تحت رقم (657) ، ونسخة ثانية مجلدان ، في مكتبة محمد رضا كاشف الغطاء ، بالنجف (3).
    وذكر هذا الكتاب صاحب الذريعة ، فقال : وهو كبير في مجلدين المجلد الاول في الحسنين أوله : ( الحمدلله المحسن المتفضل الكريم
    __________________
    (1) الاعلام 3 : 213.
    (2) اعيان الشيعة 7 : 32.
    (3) الاعلام 3 : 213.

    الوهاب ، ذو الجود والنعم الجسام بغير حساب .. إني قد جمعت هذه الحديقة الفائقة الانيقة الزاهرة المثيرة ، فرتبتها على أحسن ترتيب في نسل ابي محمد الحسن ).
    وأول المجلد الثاني : ( الحمدُ لله الذي لا ند له فيبارى ، ولا ضد له فيجازى ، ولا شريك له فيوازي .. لما مَنَّ الله تعالى عليّ باتمام الجلد الاول من تحفة الازهار وزلال الانهار ، فحداني الشوق الى إلحاق الجلد الثاني ، وهو مختص بنسب أبناء ابي عبدالله الحسين السبط ، ورتبته على ترتيب المجلد الاول المختص بنسب اولاد ابي محمد الحسن ، والعقب في الحسين منحصر في إبنه عليّ الاوسط زين العابدين ...
    وعند ذكر جعفر الحجة كما جاء في نسبه قال : الى عامنا هذا سنه ثمان وثمانون والف (1).
    وعن الكتاب قال السيد محسن الامين : وفي النسخة التي رأيناها في طهران قال في بعض المواضع فيها : يقول جامعه الفقير الى الله الغني ، ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني : وصلت الى البصرة في شهر ربيع الثاني سنة 1068 ه‍ فأجتمعت بالسيد الشريف الحسيب النسيب عمدة السادة النجباء ، وزبدة الاماثل الاطباء ، أو الطبيب الحاذق ، وبقية الحكماء الفائق ، عبد الرضا بن شمس الدين بن علي. وفي موضع آخر يقول : جامعه الفقير الى الله الغني ضامن بن شدقم بن
    __________________
    (1) الاعلام 3 : 213.

    علي الحسيني المدني ، وصلت الى الدورق (1) في العشر الاول من جمادى الثانية سنة 1068 ه‍ ، وفي شهر ذي الحجة سنة 1092 ه‍ اجتمعت في البصرة بالسيد ناجي الخ .. وفي شهر شوال سنة 1080 ه‍ اجتمعت بالسيد يحيى في اصفهان الخ .. وفي جمادى الثانية سنة 1082 ه‍ اجتمعت في اصفهان بالسيد يعقوب الخ .. فذكروا لي انسابهم.
    ويظهر من كتابه انه ساحَ وكتب في سياحته جملة من الانساب.
    ومن شعرهِ :
    سبحان من اصبحت مشيئتهُ
    جارية في الورى بمقدارِ

    في عامنا اغرق العراق وقد
    احرق ارض الحجاز بالنارِ

    كان من المعاصرين للسيد زين العابدين بن نور الدين بن عليّ بن الحسين الموسوي ـ يروي السيد عبد الرضا بن شمس الدين بن علي الحسيني نزيل البصرة ، من العلماء الاجلة في عصره ، ويظهر انه من تلاميذ البهائي ، والسيد الداماد (2).
    * * *
    __________________
    (1) الدورق : بفتح اوله ، وسكون ثانيه ، بلد بخوزستان ، وهو قصبة كورة سرق يقال لها : دورق الفرس ، فيها آثار قديمة لقباذ بن دارا ، وقد نسب إليها قوم من الرواة ، منهم : أبو عقيل الدورقي الازدي التاجي ، واسمه بشير بن عقبة ، سمع الحسن وقتادة وغيرها. وقد نسب قوم الى لبس القلانس الدورقية منهم : احمد بن ابراهيم بن زيد الدورقي ، وقيل ان الانسان إذا نسك في ذلك الوقت قيل له : دورقي.
    أنظر : معجم البلدان 2 : 483.
    (2) اعيان الشيعة 7 : 392.

    التعريف بالكتاب
    لقد صنف السيد ضامن كتابه هذا عن أحداث فتنة البصرة التي اشعل فتيلها الزمرة الناكثة عند تولي امير المؤمنين 7 زمام الخلافة بعد مقتل عثمان ، وسماهُ ب‍ ( وقعة الجمل ) ، ودوّن المصنف ; الاحداث والوقائع التي شهدتها مدينة البصرة بعد انحياز رموز الشر إليها ، تدعو الناس الى نكث بيعة الامام عليّ 7 ، وَتعدُّ العدَّة من الرجال والسِّلاح لقتاله والقضاء على حكومته الفتية.
    لقد جاء هذا الكتاب وان كان مختصراً ، إلا انه كان غزيراً في مادتهِ التي لا يستغني عنها الباحث عن الحقيقة في بطون الكتب القديمة ، والتي حفظت لنا التاريخ.
    نسخة الكتاب ومنهج التحقيق :
    لقد تمت مقابلة النسخة الخطّية التي حصلت عليها من ( مركز احياء الميراث الاسلامي ) والتي جعلتها كأصل مع المصادر التي دونت احداث معركة الجمل من كلا الفريقين ، كما اشرتُ الى الاختلاف الذي وقع بين النسخة والمصادر ، وقد علقت عليها في هامش الكتاب.

    كما اشرتُ الى بعض الوقائع والاحداث التي لم يذكرها المصنف ، واشرت إليها في الهامش ايضاً ، مع ترجمة بعض من ورد ذكرهم في النسخة الخطية.
    كما قمتُ بكتابة مقدمة تمهيدية لهذا السفر القيم ، وذكرت بإيجاز الاسباب التي دعت الذين سماهم رسول الله 6 بالناكثين ، الى نكث البيعة ، والاستدلال بما ورد من أحاديث رسول الله 6 بحق العترة : وبحق من ناصبهم العداء.
    كما ذكرت رسائل الناكثين وعائشة الى من كتبوا لهم يطالبونهم بنكث بيعة امير المؤمنين 7 وتأليب الناس على حكومته ، كما تطرقت الى موقف طلحة والزبير من قضية حصار عثمان وتحريض الناس على قتله ثمّ بعد ذلك المطالبة بدمه.
    نسأل الله تعالى ان يثيبنا على عملنا هذا ، ونأمل ان يخرج هذا الكتاب بحلةٍ جديدة ليضع بين يدي القارئ الكريم ، ومن الله تعالى نستمد العون والتوفيق.
    سيد تحسين آل شبيب الموسوي
    * * *









    مقدمة الكتاب
    في السبب الموجب لوقعة الجمل
    قال الشيخ المفيد (1) ; في أرشاده (2) :
    روي عن ابي ذر جندب بن عبدالله الغفاري 2 قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب 7 بالمدينة في زمن خلافة عثمان 2 فرأيته مطرقاً رأسه ـ كئيباً ـ فقلتُ له : جعلتُ فداك ، ما أصاب قومك ؟!
    فقال 7 : صبراً جميل والله المستعان.
    __________________
    (1) هو محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير ، المعروف بابن المع لم لان اباه كان معلماً بواسط.
    وكان من اجلاء مشايخ الشيعة ورئيسهم واستاذهم ، قال عنه النجاشي :
    فضله اشهر من ان يوصف في الفقه والكلام والرواية. ولد سنة 336 ه‍ وتوفي سنة 413 ه‍ ، وصلّى عليه الشريف المرتضى بميدان الاشنان ، وضاق على الناس مع كبره ، ودفن في داره سنين ثمّ نقل الى مقابر قريش بالقرب من الامامين الكاظم والجواد. انظر : النجاشي : 399 ، لسان الميزان 5 : 368 ، الفهرست : 279 ، تاريخ بغداد 3 : 31.
    (2) الارشاد 1 : 241 ، 242 مع بعض الاختلاف اليسير.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: رد: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:10 pm

    فقلت : والله إنّك لصبور.
    قال : « فماذا أصنع ؟! ».
    قلتُ : قُم وادع الناس الى نفسك ، واخبرهم أنّك اولاهم بالقيام واحقهم بالامر ، لما فضلك الله تعالى عليهم وعظم شأنك فيهم ، وقد سبق لك النصّ الصريح من رسول الله 6 في اماكن عديدة سمعوها منه 6.
    فإن دان لك الكل وتمّ لك الامر ذلك ما كنا نبغي ، وإلا فلا بد من ان يجيبك عشرة فتميل بهم على المتمردين اخوان الشياطين ، فينصرك الله تعالى عليهم ، لأنّك على الحقّ وهم على الباطل ، وهو قوله تعالى :
    ( وَيُحِقُّ اللهُ الحَقَّ بِكَلِمتِهِ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ) (1). وقوله تعالى : ( كَم مِّن فِئَةْ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَة بِإذنِ اللهِ واللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (2).
    فقال 7 : « أتراهُ يا ابا ذر ؟! ».
    قلتُ : والله ، إني لأرجو لك من اللهِ ذلك.
    قال 7 : « اني لا أرجو من كلِّ مائةٍ اثنين ، ألست تعلم من اين ذلك ؟ ، انما تنظر الناسُ الى قريشٍ ، وإنّ قريشاً تقول : إنّ آل محمّدٍ
    __________________
    (1) يونس 10 : 82.
    (2) البقرة 2 : 249.

    يرون لهم فضلاً على سائر الناس ، وإنّهم اولى بالامر من دون قريش ، وإنّهم إنْ وَلُوهُ لم يخرج عنهم هذا السُّلطان الى احدٍ ابداً ، وحتى كان في غيرهم تداولتموهُ بينكم ، ولا ـ والله ـ لا تدفعُ قريشٌ إلينا السُّلطان وهم خاضعون ابداً ».
    فقلتُ : أفلا تأمرني أرجعُ في آخرِ النّاس بمقالتك هذهِ ، فأقم وادعهم إليك.
    قال [ لي ] : « يا ابا ذر ، ليس هذا زمان ذلك ».
    قال أبو ذر ; : فمضيتُ الى العراق ، فكلّما حدثتُ الناس بشيءٍ من فضائل أمير المؤمنين 7 ومناقبه التي أوجَبَها الله تعالى له على عباده بنصِّ رسول الله 6 ، زبروني وأهانوني ، حتى إنهم رموني الى الوليد بن عُقبه فحبسني (1).
    قال جدّي حسن المؤلف ( طاب ثراه ) (2) : وفي يوم السبت ثامن عشر من ذي الحجة سنة 35 من الهجرة بايعت الناس أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7 من المهاجرين والانصار وقوم من قريش وغيرهم ، فمنهم مَنْ أظهر الوفاق وهو مصر على النفاق.
    فأمر 7 كاتبه عبدالله بن رافع بتقسيم ما في بيت المال على المهاجرين لكل رجل ثلاثة دنانير ، ثمّ على الانصار مثل ذلك ، ثمّ من
    __________________
    (1) في الارشاد : الوحيد بن عقبه والصواب كما في الاصل.
    (2) جده بدر الدين حسن النقيب مؤلف ( زهر الرياض ) سنة 992 ه‍.

    حضر من الناس كلهم الاحمر والاسود فيما صنع به مثل ذلك.
    فقال سهيلُ بن حنيف الانصاري : يا أمير المؤمنين ، هذا غلامي بالامس فاعتقته اليوم (1).
    فقال 7 : نعطيه كما نعطيك ، فأعطاه ثلاثة دنانير ولم يفضل أحداً على احدٍ.
    وقد تخلف يومئذٍ عن المبايعة له عبدالله بن الزبير ، وجماعة من قريش ، وطلحة بن عبدالله ، والزبير بن العوام ، وعبد الله بن عمر ، وسعيدُ بن العاص ، ومروان بن الحكم ، وسعد بن ابي وقاص ، ومحمد بن مسلمة ، وحسان بن ثابت ، واسامةُ بن زيد ، وغيرهم من قريش. فصعد 7 المِنبَر ، وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيّ 6 ، ثمّ قال 7 (2) :
    « أيُّها الناس ، إنّكم بايعتموني على ما بُويعَ (3) عليه غيري مَنْ كانَ قَبْلي ، وإنَّما الخيارُ الى الناسَ قبلَ أنْ يُبايعوا فإذا بايَعُوا فلا خِيارَ لهُم ، وإنّ على الامام الاستقامة (4) وعلى الرّعيّةِ الاطاعة والتسليم ، وهذه بيعةٌ عامةٌ ، فَمَنْ رَغِبَ عنه رغب عن دين الاسلام واتبع غيرَ سبيل الهُدى (5) ،
    __________________
    (1) بحار الانوار 32 : 38 ح 24 ، آمالي الشيخ الطوسي 2 : 298.
    (2) الارشاد 1 : 243 مع بعض الاختلاف اليسير.
    (3) في النسخة الخطبة : بايعتموني برضى منكم واختيار على ما بويع.
    (4) في الخطبة : على الاستقامة.
    (5) في الارشاد : اهله.

    ولم تَكُنْ بَيعتكم لي فلتة وليسَ أَمري وأمْركُم واحداً ، ألا وإِنّي أريدُكم للهِ عزّوجلّ وأنتم تريدونني لأَنْفُسِكُم ، وايْمُ اللهِ ، لأَنصحَنَّ (1) للخصوم ، ولأنصفنَّ للمظلوم (2) ، وقد بَلغني عن ( عَبْدُاللهِ وسعدٍ ومروانٍ ومحمدٍ وحسانٍ واسامةٍ ) (3) امورٌ كَرِهْتُها ، والحقُّ بيني وبينَهُم ».
    قال : فجلسوا جميعاً ، وتحدثوا نجياً ، ثمّ جاء إليه الوليد بن عُقبة بن ابي معيط وقال : يا أبا الحسن ، إنّك قد وترتنا جميعاً ! اما انا فقتلت ابي يوم بدر صبراً ، وخذلت اخي يومَ الدار.
    واما سعيد فقتلت اباه يوم بدرٍ في الحرب وكان ثور (4) قريش.
    واما مروان فسخفت (5) أباه عند عثمان إذ ضمه إليه (6).
    ونحنُ نبايعك اليوم على ان تضع عنّا ما قد صنعنا ، وان تقتل قتلة
    __________________
    (1) في الاصل : لانصحى وهو تصحيف ، وقد أثبتناه من الارشاد.
    (2) في الاصل : لا نطعن وهو تصحيف ، والصواب كما اثبت من الارشاد.
    (3) في الارشاد [ سعد وابن مسلمة واسامة وعبد الله وحسان بن ثابت ].
    (4) سقطت من الاصل وهكذا وردت في البحار.
    (5) في الاصل : فأستخفيت فهي لا تلائم العبارة والصواب كما في البحار.
    (6) ما ذكره المسعودي في مروج الذهب م 2 : 362 قال : واتاه جماعة من تخلف عن بيعته من بني اميّة : منهم سعيد بن العاص ، ومروان بن الحكم ، والوليد بن عقبة بن ابي معيط ، فجرى بينه وبينهم خطب ، وقال له الوليد : إنا لم نتخلف عنك رغبة عن بيعتك ، ولكنا قوم وترنا الناس ، وخفنا على نفوسنا ، فعذرنا فيما نقول واضح ، اما انا فقتلت أبي صبراً ، وضربتني حدا ، وقال سعيد بن العاص كلاماً كثيراً وقال له الوليد : اما سعيد فقتلت اباه ، واهنت مثواه ، واما مروان فإنّك شتمت اباه ، وعبت عثمان في ضمه اياه.

    عثمان ، فإنّا ان خفناك تركناك والتحقنا عنك الى غيرك.
    فقال 7 : « اما وتري فالحق وتركم ، وأما وضعي عنكم [ ما اصبتم فليس علي ] انه مالي ان اضع حق الله عنكم ولا عن غيركم ، وما قتلة عثمان فلو لزمني قتلهم لقتلتهم بالامس ، ولكن لكم عليّ ان خفتموني ان أؤمنكم وان خفتكم ان أسيّركم ... فمضى الوليد الى أصحابه واخبرهم فتفرقوا على أظهار العداوة [ وأشاعة الخلاف ] (1) ، وكتبوا الى معاوية بن ابي سفيان بالشام يستنهضونه في طلب دم عثمان ، وأوعدوه بالقيام معه وان يكونوا له اعواناً وانصاراً ، فأجابهم الى ذلك الا انه المؤثور (2) عليهم.
    اخبار الامام عليّ 7 بنقض القوم بيعتهم
    فجاءَ عمّار بن ياسر الى ابي الهَيثم وابي ايوب وسهيل بن حنيف وجماعة من المهاجرين والانصار ، وقال : اعلموا ان هؤلاء النفر قد بلغنا عنهم ما هو كذا وكذا من الخلاف والطعن على أمير المؤمنين 7 ، فقاموا وأتوا إليه ، وقالوا : يا أمير المؤمنين انظر في أمرك وعاتب قومك هذا الحيّ من قريش فأنهم قد [ نقضوا بيعتهم لك وخالفوا أمرك ] (3) ، وقد دعونا في السِّرّ الى رفضك ، [ فهداك الله الى مرضاته وأرشدك الى
    __________________
    (1) أيضاً سقطت من الاصل. انظر بحار الانوار 32 : 19.
    (2) يعني المقدم عليهم.
    (3) في البحار : نقضوا عهدك وأخلفوا وعدك.

    عباده ] (1) ، وذلك لانهم كرهوا الاسوة ، وفقدوا الأثرة ، لما واسيت بينهم وبين الاعاجم ، انكروا واستشاروا عدوّك وعظموه ، واظهروا الطلب في دم عثمان فرقةً للجماعة وتأليفا لاهل الضلالة ، [ فرأيك منهم سديد ، ونحن معك على كل باغ عنيد ] (2).
    فخرج 7 ودخل المسجد مرتدياً بطاقٍ ، مؤتزراً ببردٍ قطري ، متقلداً بسيفه ، متنكباً على قوسه ، فصعد المنبر ، وقال :
    بعد ان حمد الله عزّوجلّ واثنى عليه ، وصلى على النبيّ 6 « اما بعد ، ايّها الناس ، فإنا نحمد الله ربنا والهنا ووليّنا ووليّ النعم علينا ، الذي اصبحت نعمتهُ علينا ظاهرةً ، وباطنةً امتناناً منه بغير قولٍ منّا ولا قوة لنشكر ام نكفر ، فمن شكر زاده ، ومن كفر عذّبه ، فأفضل النّاس عند الله منزلةً واقربهم من الله وسيلةً اطوعُهُم لامره واعلمهُم بطاعته واتبعهم لسنةِ [ نبيه محمد رسوله ] (3) 9 ، واحياهم لكتابه ليس لأحدٍ عندنا فضلٌ إلا بطاعةِ الله وطاعة رسوله 6.
    هذا كتابُ الله بين أظهرنا ، وعهدُ رسول الله 6 وسيرته فينا ، لا يجهل ذلك إلا جاهلٌ معاندٌ عن الحقّ منكر للصدق ، قال الله تعالى : ( يا ايّها الناسُ إنّا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ).
    __________________
    (1) في البحار : هداك الله لرشدك.
    (2) لم ترد هذه العبارة في البحار.
    (3) في البحار : لسنة رسوله.

    ثم انّه 7 صاح بأعلى صوته : ( [ يا ايّها الذين آمنوا ] (1) أطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فإن تولوا فإنّ الله لا يحبُ الكافرين ).
    ثم قال : يا معشر المهاجرين والانصار ، ( أتمنون على الله [ ورسوله ] (2) باسلامكم بل الله يمنّ عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ). ثمّ قال 7 : انا أبو الحسن ، ( وكان لا يقولوها إلا إذا غضب ) (3). ثمّ قال : إلا ان هذِهِ الدنيا التي اصبحتم تتمنونها وترغبون فيها ، واصبحت تغضبكم وترضيكم ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ، فلا تغرّنكم [ الحيوة الدّنيا ] (4) فقد حذرتموها فاستتموا نعَم الله بالصبر لانفسكم على طاعةِ اللهِ ، والذلّ لحكمهِ جلّ ثناؤه.
    فأما هذا الفيء فليسَ لاحدٍ على أحدٍ فيه أثرة وقد فرغ الله من قسمته فهو مال الله ، وانتم عباد الله المسلمون ، وهذا كتابُ الله به أقررنا وله اسلمنا ، وعهد نبينا بين أظهرنا فمن لم يرضَ به فليتول كيف شاء فانّ العامل بطاعةِ اللهِ والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه.
    ثم انه 7 نزل عن المنبر وصلى ركعتين (5).
    __________________
    (1) لم ترد في البحار.
    (2) سقطت من الاصل.
    (3) في البحار : وكان يقولها إذا غضب.
    (4) لم ترد في البحار.
    (5) بحار الانوار 32 : 19 ، 21.

    مناشدة أمير المؤمنين 7 للزبير وطلحة
    ثم بعث 7 عمّار بن ياسر وعبد الرحمن بن حَسْل الى طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام وهما في ناحية من المسجد ، [ فأتيا بهما ] (1) فجلسا بين يديه ، فقال 7 لهما :
    « نشدتكما الله هل جئتماني طائعين للبيعة ودعوتماني إليها وانا كارهٌ لها ؟ » قالا : نعم.
    قال : « غير مجبورين ولا مقهورين (2) فأسلمتما لي بيعتكما ، واعطيتماني عهدكما » ؟ قالا : نعم.
    قال : « فما دعاكم بعد هذا الى ما أرى ».
    قالا : اعطيناك بيعتنا على ان لا تقضي الامور ولا تقطعها من دوننا ، وان تستشيرنا في كل امرٍ ولا تستبدّ بذلك علينا ، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت ، [ فرأيناك قسمت القسم وقطعت الامر وقضيت بالحكم بغير مشاورتنا ولم تعلمنا ] (3).
    فقال 7 : « لقد نقمتما يسيراً وارجأتما كثيراً ، فاستغفرا الله يغفر لكما.
    __________________
    (1) في البحار : فأتياهما فدعواهما فقاما.
    (2) في البحار : مقسورين.
    (3) في البحار : فأنت تقسم القسم وتقطع الامر وتمضي الحكم بغير مشورتنا ولا علمنا.

    ألا تخبراني ادفعتكما عن حقٍّ وجب لكما عليّ (1) فظلمتكما (2) اياه ؟ ». قالا : معاذ الله !
    قال : فهل استأثرتُ من هذا المال لنفسي بشيء ؟
    قالا : معاذ الله.
    قال : « أفوقع حكمٌ في حقٍّ لاحدٍ من المسلمين فجهلته أو ضعفت عنه ؟ »
    قالا : معاذ الله.
    قال : « فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي ؟ »
    قالا : نعم ، خلافك لعمر بن الخطاب 2 في القسم ، لأنّك جعلت حقّنا في القسم كحقّ غيرنا ، وسوّيت بيننا وبين من لا يماثلنا فيما افاء الله بأسيافنا ورماحنا ، وقد أوجفنا عليه بخيلنا [ ورجلنا وظهرت عليهم دعوتنا واخذناه قسراً وقهراً ] (3) ممن لا يرى الاسلام إلا كرهاً عليه.
    فقال 7 : « [ أمّا ما ذكرتما أني احكم بغير مشورتكما ] (4) فوالله ما كان لي في الولاية رغبة ولكنكم دعوتموني إليها فخفت ان اردكم فتختلف الامة ، فلما أفضت اليّ نظرت في كتاب الله وسنة رسوله
    __________________
    (1) لم ترد في البحار.
    (2) في الاصل : وطلبتكما.
    (3) في الاصل : وركابنا على دعوة الاسلام لا جوراً ولا قهراً.
    (4) في البحار [ اما ذكرتموه من الاستشارة بكما ].

    فأمضيتُ ما دلاني عليه فأتبعته ولم أحتج الى رأيكما فيه ولا أرى غيركم ، ولو وقع ما ليس في كتاب الله بيانه ، [ ولا في سنة رسول الله برهانه ] (1) ، واحتيج الى المشاورة فيه لشاورتكما فيه.
    وأمّا القسم والاسوة وانّ ذلك [ لم أحكم فيه بادئ بدء ] (2) وقد وجدت انا وانتما رسول الله 6 يحكم بذلك وكتاب الله ناطقٌ به ، [ وهو الكتاب ] (3) ( الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفِهِ تنزيلٌ من حكيم حميد ).
    واما قولكما : جعلت فيئنا وما افاءتهُ سيوفنا ورماحنا سواءً بيننا وبين غيرنا. فقديماً سبق الى الاسلام قوم نصروه بسيوفهم ورماحهم فلم يفضلهم رسول الله 6 في القسم ولا آثرهم بالسبق والله سبحانه مُوفّ السّابق والمجاهد يوم القيامة ، وليس لكما والله عندي ولا لغير كما إلا هذا ، أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم الى الحق والهمنا واياكم الصبر.
    ثم قال 7 : رحم الله امرءاً رأى حقّاً فأعان عليه ، ورأى جوراً فردّه وكان عوناً للحقّ على من خالفه » (4).
    ( لعل المراد قوله 7 فقديماً سبق الى الاسلام يعني به نفسه ، حيث
    __________________
    (1) في : البحار ولا في السنة برهانه.
    (2) في الاصل [ لم اكلم فيه البادئ بدء ] عبارة ركيكه وصوابه كما في البحار.
    (3) سقطت من الاصل.
    (4) انظر : بحار الانوار 32 : 21 ، 22.

    لم يسبق إليه سابق ولم يلحق بأثره في جميع ما امره به رسول الله 6 لاحقٌ ، فأنه 7 جميع اعماله بالكتاب المجيد والسنة الواضحة
    في السبب الموجب لنكث طلحة بن عبيدالله والزبير
    بن العوام لبيعتهما امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7
    قال المسعودي : لما قتل عثمان بايعت الناس امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7 بالخلافة ، كتب 7 الى معاوية بن ابي سفيان بالشام :
    « امّا بعد فأن الناس قتلوا عثمان من غير مشورة مني ، وبايعوني عن مشورة منهم واجتماع ، فإذا اتاك كتابي هذا فبايع لي الناس ، وأوفد اليّ اشراف اهل الشام » (1).
    فلم يكن منه له جواب غير انه كتب كتاباً الى الزبير بن العوام وبعثه مع رجل من بني عبس فمضمونه :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الى الزبير بن العوام (2) من معاوية بن ابي سفيان ... سلام الله عليكم اما بعد ، فأني قد بايعت لك اهل الشام فأجابوني الى بيعتك فأستوثقتهم كما استوثق الحلف (3) ، فدونك الكوفة والبصرة [ لا
    __________________
    (1) نهج البلاغة 1 : 230 ، بحار الانوار 32 : 6.
    (2) في البحار : لعبدالله الزبير امير المؤمنين.
    (3) في الاصل : الجلب وهو تصحيف وصوابه كما في البحار.

    يسبقك عليهما عليّ بن ابي طالب ] (1) فأنه لا شيء بعد هذين المصرين وقد بايعتهم لطلحة بن عبيدالله من بعدك ، فعليكما (2) بالظهور في طلب دم عثمان 2 ، فأدعوا الناس الى ذلك بالجدّ والتشهير ، ظفركما (3) الله تعالى وخذل مناوئيكما.
    قال جدي حسن ( طاب ثراه ) : انّ معاوية كتب الى الزبير :
    اما بعدُ ، فإنّك الزبير بن العوام ابن اخي خديجة بنت خويلد ، وابن عمّة رسول الله 6 ، وحواريه وسلفه ، وصهر ابي بكر ، وفارسُ المسلمين ، وانت الباذل في الله مهجتهُ له بمكة عند صيحة الشيطان ، بعثك المنبعث فخرجتَ كالثعبان المتسلخ بالسيف المنصلت ، تخبط خَبْطَ الجمل الرَّديع ، كل ذلك قوة ايمان وصدق يقين منك ، وقد سبقت لك من رسول الله 6 البشارةُ بالجنة ، ثمّ جعلك عمر 2 احد المستخلفين على الامة.
    فانهض يا أبا عبدالله فإن الرعية اصبحت كالغنم المتفرقة لغيبة الراعي ، فسارع ـ رحمك الله ـ في حقن الدماء ولَمّ الشَّعث ، واجمع الكلمة لصلاح ذات البين قبل تفاقم الامور وانتشار الامة ، فقد اصبح الناسُ على شفا جُرُفٍ هارٍ عمّا قليل منهار ، ان لم يُرأب ، فشمِّر لتأليف
    __________________
    (1) في البحار : لا يسبقنك لها ابن ابي طالب.
    (2) سقطت من البحار.
    (3) في البحار : اظهركما.

    الامة وابتغِ الى ربّك سبيلاً ، فقد أحكمتُ لك الامر على من قبلي لك ولصاحبك على ان الامر للمقدّم ، ثمّ لصاحبه من بعده ، جعلكما الله من أئِمة الهدى ، وبُغاة الخير والتقوى ، وسلك بكما قصد المهتدين ، ووهبكما رُشد الموفقين والسلام (1).
    مكاتبة معاوية بن ابي سفيان الى بني امية
    وكتب الى مروان بن الحكم :
    اما بعدُ ، فقد وصل اليّ كتابُكَ بشرحِ خبر قتل امير المؤمنين عثمان 2 ، وما رَكبوه به ونالوه منه جَهْلاً بالله وجرأةً عليه ، واستخفافاً بحقِّهِ ، [ ولأماني لوّحَ ] (2) الشيطان بها في شركِ الباطل ليُدهْدهِم (3) في أَهْويَّاتِ الفِتَن ، ووَهداتِ الضلال ، ولعمري لقد صَدقَ إِبليسُ عليهم ظَنَّهُ ، اقتَنَصَهم بأنشَوطة فَخِّه ، فعَلَى رسْلِك يا عبدالله تَمشي الهُوَيْنَى وتكون اَوّلا ، فإذا قرأت كتابي هذا فكن كالفَهْد الذي لا يصطاد إلا غيلةً (4) ، ولا يتشازر (5) الا عند حيلة ، وكالثعلب (6) لا يُفلِت الا رَوَغاناً ، وأخْفِ نفَسك منهم اخفاء القُنْفُذ رأسَه عند لمسِ الأكُفّ ، وامتهِنْ
    __________________
    (1) انظر : جمهرة رسائل العرب 1 : 300.
    (2) في الاصل غير واضحة واثبتناها من جمهرة رسائل العرب.
    (3) دهده الحجره متدهده : دحرجه فتدحرج.
    (4) الغيلة : الاحتيال.
    (5) تشازر القوم : نظر بعضهم الى بعض شزراً ، والشزر : النظر بمؤخر العين.
    (6) في جمهرة رسائل العرب : كالثعلب.

    نَفَسك امتهانَ مَن ييأس القوم من نصره وانتصاره ، وابحث عن أمورهم بَحْثَ الدّجاج عن حَبِّ الدُّخَن عند فقاسها ، وأنغل (1) الحجاز فأني مُنغل الشام ، والسلام (2).
    وكتب الى سعيد بن العاص :
    اما بعدُ ، فقد ورد عليّ كتاب مروان بن الحكم من ساعةٍ حين وقعت النازلةُ ، تصل بها البُرُد (3) بسير المطيّ الوَجيف (4) ، يتوجس (5) كتوجُّس الحيَّة الذَّكر خوف ضربة الفأس وقبضة الحاوي (6) ، ومروان لا يكذبُ أهله ، فعلام الافكاك (7) يابن العاص ولات حين مناص ؟ وذلك انكم يا بني اميّة عمَّا قليل تسألون أَدْنى العيش من ابعد المسافة ، فَيُنكِرُكم من كان بكم عارفاً ، ويصدُّ عنكم مَن كان لكم واصِلاً ، فتتفرقون في البلاد ، وتتمنون لمظة (Cool المعاش.
    الا وان امير المؤمنين عُتِبَ عليه فيكم ، وقُتِلَ في سببكم ، فقبيح القعود عن نُصرته ، والطلب بدمهِ ! وانتم بنو اميّة ، ودون الناس منه
    __________________
    (1) انغل الحجاز : اي افسدهُ.
    (2) جمهرة رسائل العرب 1 : 301.
    (3) البُردُ : جمع بريد.
    (4) وجف الفرس : عدا.
    (5) تتوجس : تسمع الى الصوت الخفي.
    (6) الحاوي : جامع الحيّات.
    (7) الافكاك : التراخي.
    (Cool اللماظة : ما يبقى في الفم من الطعام.

    رَحماً وقُرباً وطُلاب ثأره ، فأصبحتم متمسكين [ بشظف معاشٍ زهيدٍ ] (1) قليل يُنزع منكم عند التخاذُل ، وضعْفِ القُوى.
    فإذا قرأت كتابي هذا فدِبّ دبيبَ البُرد في الجسد النَحيف ، وسَرّ سير النجوم تحت الغمام ، واحشدُ حشد (2) الذرة في الصّيف لأنجحارها في الصّرد ، فقد ايدتكم بأسدٍ وتيمْ ، وكتب في آخر الكتاب (3) :
    تالله لا يَذْهَبُ شيخي باطِلاً
    حتى أُبيرَ مالِكاً وكاهِلاً

    القاتِلين المَلِكَ الحلاحِلا
    خيرَ مَعدٍ حَسَباً ونائِلاً

    وكتب الى عبدالله بن عامر :
    اما بعدُ ، فإنّ المنبر مركب ذلول سهل الرّياض لا ينازعك اللّجام ، وهيهات ذلك إلا بعد ركوب اثباج (4) المهالك ، واقتحام امواج المعَاطب ، فكأني بكم يا بني أميَّة شعارير (5) كالاوراق تقودها الحُداة (6) ، أو كَرخَم الخَنْدَمة (7) تَذْرِفُ خوفَ العُقاب ، فثب الآن قبل ان
    __________________
    (1) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب.
    والشظف : شدة العيش.
    (2) اي اجمع جمع الذرة.
    (3) جمهرة رسائل العرب 1 : 302.
    (4) اثباج : جمع ثبج بالتحريك ، وهو ما بين الكاهل الى الظهر.
    (5) يقال : ذهبوا شعاليل وشعارير اي متفرقين.
    (6) الحداة : جمع الحادي وهو سائق الابل.
    (7) الخندمة : جبل بمكة.

    يستشري الفساد ، ونَدبُ السَّوْطِ جديد ، والجُرْحُ لمَّا يَنْدَمِل ، ومن قبل استضراء الأَسَد ، والْتقَاءِ لحيْيهِ على فريستهِ ، وساوِر الامر مساورة الذئْب الأَطَلس (1) كَسِيرة القطيع ، ونازل الرأي ، وانَصِب الشَّرَك ، وأرمِ عن تمكن ، وضَع الهناء مواضع النُّقَب (2) ، واجعل اكبر عُدَّتك الحذَرَ ، وَأَحَدَّ سَلاحِك التحريضَ ، وأَغْضِ عن العَوْراء ، وسامح عن اللّجُوجَ ، واستعِطِف الشارد ، ولاين الأَشوَس (3) ، وقوِّ عزم المُريد ، وبادِرِ العَقَبة ، وأزْحَفْ زَحْفَ الحَيَّة ، وإسبق قبل أَن تُسْبَقَ ، وقُمْ قبل ان يقامَ لك ، واعلم أنّك غيرُ مَتروك ولا مُهْمَل ، فأني لك ناصح امين ، والسلام.
    ثم انه كتب في اسفل الكتاب هذه الابيات شعراً (4) :
    عليك سلامُ الله قيسَ بن عاصم
    ورَحْمَتُهُ ، ما شاء أن يترحَّما

    تحية مَن أَهدى السلام لأَهله
    إذا شَطَّ داراً عن مزارك سَلَّما

    فما كان قيسٌ هلْكُهُ هُلْكَ واحدٍ
    ولكنّه بنيان قومٍ تَهدَّما

    وكتب الى الوليد بن عُقْبة بن أبي معيط :
    اما بعدُ ، يا ابْن عُقْبة : كِنُّ الجيش ، وطيبُ العيش ، أطيبُ من سَفْعِ
    __________________
    (1) الذئب الاطلس : الذي في لونه غبرة الى السواد.
    (2) الهناء : القطران ، والنُقَب بضم ففتح : القطع المتفرقة.
    (3) الشوس بالتحريك : النظر بمؤخر العين تكبراً أو تغيظاً.
    (4) انظر : جمهرة رسائل العرب 1 : 303.
    والابيات لعبدة بن الصليب يرثي بها قيس بن عاصم كما في رواية الاصفهاني في الاغاني 18 : 163 وفيه يقول :
    تحية من أوليته منك نعمة
    إذا زار عن شحط بلادك سلما


    سَمُوم (1) الجَوْزاء عند اعتدال الشمس في أفقها ، إلا انّ أخاك (2) عثمان أصبحَ منك بعيداً ، فصرتُ بعده مزيداً ، فأطلب لنفسك ظلاً تأوي إليه فتستكنُّ به ، فأني اراك على التراب رقُودا ، وكيف بالرُّقادِ بك ؟ لا رُقادَ لك ! فلو قد استتبَّ هذا الامر لِمُريده اُلْفِيتَ كشريد النعام يفزَع من ظلّ الطائِر ، وعن قليل تشربُ الرَّنق (3) ، وتستشعر الخوف (4) ، ألا وانّي أراك فسيحَ الصَّدر ، مُسترخي اللَّبَب (5) ، رَحُوَا الحِزام ، قليلَ الاكتراث ، وعن قليل يُجتَث أَصْلُك ، والسلام.
    وكتب في آخره هذين البيتين شعراً (6) :
    أخترت نومك ان هبت شامية
    عند الهجير وشربا بالعشيات

    على طلابك ثأرا من بني حكم
    هيهات من راقد طلاب ثارات

    وكتب الى يعلى بن اميّة :
    اما بعدُ ، احاطك الله بكلاءته ، وأيَّدك بتوفيقه ، كتبتَ اليّ صبيحةَ وَرَدَ عليَّ كتابُ مروان بن الحكم ، يخبرني بأستشهاد أمير المؤمنين وشْرحِ الحال ، وانّه قد طالَ بهِ العمر حتى نقضَت قُواه ، وثقُلت نهضتهُ ،
    __________________
    (1) سفعته السموم : لفتحه الريح الحارة لفحاً يسيراً فغيرت لون البشرة.
    (2) الوليد بن عقبة أخو عثمان لامه.
    (4) ماء رنق : اي كدر.
    (4) يستشعر الخوف : جعله شعاراً له.
    (5) اللبب : ما يشد في صدر الدابة لتثبيت الرحل.
    (6) جمهرة رسائل العرب 1 : 304.

    وظهرت به الرِّعْشة في اعضائه ، فلما رأى ذلك منه اقوامٌ لم يكن لهم عنده موضعاً للامامةِ والامانة ، وتقليل الولاية ، وثبوا إليه وألَّبوا عليه ، فكان اعظم ما نقموا عليه وأعابوه به ، ولايتُك اليمن ، وطول مدّتك عليها ، ثمّ ترامى بهم الامر حالاً بعد حال ، حتى ذبحوه ذَبْحَ النَّطيحةِ مبادراً بها الموتُ (1) ، وهو مع ذلك صائم ، معانقٌ المصحفَ ، يتلو كتاب الله تعالى ، فقد عظُمت مصيبةُ الاسلام باستشهاد صهر (2) الرسول ، والامام المقتول على غير جُرْمٍ سفكوا دمه ، وانتهكوا حُرْمته ، وانت تعلم ان بَيعتَهُ في أَعناقِنا ، وطلب ثأرهِ لازمٌ علينا ، فلا خيرَ في امرئٍ يعدلُ عن الحقِّ ، ويميلُ الى البَاطل ، عن نهج الصّدق ، النارُ ولا العار ، الا واِنّ الله جل ثناؤه لا يرضى بالتَّعذيرِ في دينه ، فشمِّر أطرافَكَ لدخولِ العراقين (3) ، فأنّي قد كفيتُك الشام واهلها ، واحكمْتُ امرها ، واعلم اني كتبتُ الى طلحة بن عبيدالله ان يَلقاك بمكة لاجتماع رأيكما لاظهار الدعوة لطلب دمِ عثمان ، وكتبتُ أيضاً الى عبدالله بن عامر ، يمهد لكم اهل العراقين ويسهِّل لكم حُزُونة عِتابها واعلم ان القوم فاصدُوك بادئَ بَدْءٍ ، لاستنزاف (4) ما حوتهُ يداك من المال ، فأعلم ذلك واعمل على حَسَبِه ، ايدك الله تعالى بمشيئتهِ والسلام ، وكتب في اسفله هذه
    __________________
    (1) في الاصل : الفوت وهو تصحيف وصوابه كما جاء في جمهرة رسائل العرب.
    (2) سقطت من الاصل.
    (3) في الاصل : العراقيين وهو تصحيف وصوابه كما جاء في الجمهرة.
    (4) في الاصل : الاستضاف وهو تصحيف وصوابه كما جاء في الجمهرة.

    الابيات شعراً (1) :
    ظَلَّ الخليفةُ محصوراً يناشِدُهم
    بالله طوراً ، وبالقرآن احيانا

    وقد تألَّقَ اقوامٌ على حَنق
    عن غير جُرْم ، وقالوا فيه بُهتانا

    فقامَ يُذْكرهم وَعْدَ الرسول لهُ
    وقولهُ فيه إِسراراً وإِعلانا

    فقال : كُفُّوا فإِنّي مُعْتبٌ لكم
    وصارِفٌ عنكُم يَعْلَى ومَرْوانَا

    فكذبوا ذاك منه ، ثمّ سَاوَرَهُ
    مَنْ حَاضَ لبتَّهُ ظُلماً وعُدْوانَا

    في اجوبتهم لمعاوية ، قال :
    فكتب مروان بن الحكم الى معاوية : اما بعدُ ، فقد وَصَلَ اليّ كتابك ، فنعمَ كتابُ زعيم العشيرة ، وحامي الذِّمارِ (2) ، فأخْبرك أَن القوم على سننِ استقامةٍ [ إلا شظايا شُعب ] (3) شننت بينهم مَقْوَلي (4) على غير مجابهةٍ ، حسب ما تقدَّم من أمرك ، فأنما كان ذلك دَسيس (5) العُصاة ورَمْيَ الجذر من اغصان الدَّوْحة ، ولقد طويْتُ أَدِيمهم على نَغَلِ (6) يَحلَمُ منه الجلُدِ ، كذبت نَفسُ الضانّ بنا تَرْكَ المظِلمةِ ، وحُبَّ الهُجوع الا تهويمة (7) الراكب العَجل ، حتى تُجَذَّ الجماجمُ جذّ [ العراجين
    __________________
    (1) جمهرة رسائل العرب 1 : 305 ـ 306.
    (2) الذمار : ما يلزمك حفظه وحمايته.
    (4) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب.
    (4) المقول : اللسان.
    (5) دسيس : إخفاء المكر.
    (6) الاديم : الجلد المدبوغ ، ونغلَ الاديم : فسد في الدباغ.
    (7) التهويم : هز الرأس من النعاس.

    المهَدَّلة حين ] (1) انبياعها ، وانا على صحة نيَّتَي ، وقوة عزيمتي ، لتحريك الرحم لي وغليان الدم مني. غير سابقك بقولٍ ، ولا متقدّمك بفعلٍ ، وانت ابنُ حرب وطلابُ التِّراتِ (2) ، وابي الضّيم ، وكتابي إليك وانا كحَرْباء السَّبْسَب (3) في الهجير ترقُب عين الغزالة (4) ، وكالسَّبُع المُفلِت من الشرك يَفْرَق (5) من صوت نفسه ، منتظراً لِمَا تَصِحُّ به عزيمتك ، ويَرِدُ به امرك فيكون العمل به والمحتذى عليه.
    وكتب في اسفل الكتاب هذه الابيات شعراً (6) :
    أيُقْتلُ عُثمان وتَرْقا دموعُنا
    وَنرْقُدُ هذا الليل لا تتنزَّعُ

    ونشرب بَرْد الماء ريّاً وقد مَضَى
    على ضمأٍ يتلو القُران ويَركعُ

    فأنّي ومَن حَجَّ المُلَبُّون بيتهُ
    وطافوا به سعياً وذو العرش يسمعُ

    سأمنع نفسي كلّ ما فيه لذَّةٌ
    من العيش حتى لا يُرى فيه مَطمَعُ

    وأَقْتُلُ بالمظلوم مَن كان ظالماً
    وذلك حكمُ الله ما عنه مَدْفَعُ

    وكتب عبدُالله بن عامر الى معاوية :
    اما بعدُ ، فإنّ امير المؤمنين كان لنا الجَناح الحاضِنةَ تأوي إليها
    __________________
    (1) سقطت من الاصل ، وتجذ : تقطع ، والعراجين : جمع عرجون وهو اصل العذق.
    (2) الترات : جمع ترة ، وهي الثأر.
    (3) السبسب : المفازة.
    (4) الغزالة : الشمس.
    (5) يفرق : يخاف.
    (6) جمهرة رسائل العرب 1 : 306 ـ 307.

    فِراخها تحتها ، فلما أقصده السهمُ صرنا كالنعام الشاردِ ، ولقد كنتُ مشرَّد (1) الفكر ، ضال الفهم ، التمِسُ [ دريّة ] (2) استجنُّ بها من خَطَأ الحوادث ، حتى وقعَ اليَّ كتابُك ، فأنتبهت من غفلة طار فيها رُقادي ، فأنا كواجد المحجةِ (3) كان الى جانبها حائراً ، وكأني اُعاينُ ما وصفت من تصرُّف الاحوال ، فالذي أخبرك به ان الناس في هذا الامر : تسعةٌ لك ، وواحد عليك ، ووالله ان الموت في طلب العزِّ احسن من الحياة في الذلِّة.
    وانت ابنُ حَرْب فَتَى الحروب ، ونصَّار بني عبد شمس ، والهِمَمُ بك منوطةٌ لأنّك مُنهضُها ، فإذا نهضتُ فليس لنا التخلف عنك ، بل ولا لأحدٍ من الناس القُعود حين نهوضك ، وانا اليوم على خِلاف ما كانت عليه عزيمتي :
    من طلب العاقبة ، وحُبِّ السلامة قبل قرعِك سُويداء (4) القلب بسَوْط الملام ، ولنعْمَ مؤدِّب العشيرة انت ، وإنّا لنرجوك بعد عثمان كهفاً لنا ، نتوقع لوعدك ، نترقب لامرك وما يكون منك لأمتثله واعمل عليه ، إن شاء الله تعالى.
    __________________
    (1) سقطت من الاصل.
    (2) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب. الدريئة : كل ما استتر به الصيد ليختل. واستجن : استتر.
    (3) المحجة : الطريق الواضح.
    (4) سويداء القلب : حبته.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: رد: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:11 pm

    وكتب في اسفله هذه الابيات شعراً :
    لا خيرَ في العيشِ في ذلٍّ ومَنْقصةٍ
    فالموتُ أحسنُ من ضيْم ومن عارِ

    إنّا بنو عبد شمس معشرٌ أنُفٌ
    غُرٌّ جحاجحةٌ طُلابُ اوتارِ

    واللهِ لو كان ذَميُّ مُجاورنا
    ليطلب العَزّ لم نقعد عن الجارِ

    فكيف عثمان إذ يدفنُ بمزبلةٍ
    على القُمامةِ مطروحاً بها عارِ

    فازحف اليّ فاني زاحفٌ لهمُ
    بكلِّ ابيض ماضِ الحدِّ بتّارِ (1)

    وكتب الوليد بن عقبة بن ابي معيط الى معاوية :
    اما بعدُ ، فإنّك ابنُ حرب (2) وسيدُ قريش ، واكملهم عَقْلاً ، واحسنهم فَهْماً ، واصوبهم رأياً ، واعرفهم لحُسن السياسة (3) ، إذ انت معدن الرِّياسة (4) ، تُورِد بمعرفةٍ ، وتُصْدر عن مَنْهَلٍ رويّ ، مُنَاويك كالمنقلب من العيون ، تهوي به عواصف الشِّمال في لُجَّةِ البحر.
    كتبت اليّ تذكر كنَّ الجَيش ، ولينَ العيش ، [ فملأتُ بطني على حِمام ] (5) الى مُسكةَ الرَّحق (6) ، حتى اَفْرِي أوْداجَ قَتلةِ عُثمان 2
    __________________
    (1) جمهرة رسائل العرب : 1 : 307 ـ 308.
    (2) في جمهرة رسائل العرب : اسدُ قريش عقلاً.
    (3) في الجمهرة : معك حسن السياسة.
    (4) في الجمهرة : وانت موضع الرِّياسة.
    (5) سقطت من الاصل واثبتناها من الجمهرة.
    (6) رحق : الرحيق وهو الخالص من الخمر ، وتقول : يا شارب الرحيق ابشر بعذاب الحريق ، ومن المجاز : مسك الرحيق ، لا غش فيه.
    انظر : اساس البلاغة : 157.

    فرْيَ الأهُبَ (1) بشبا الشفار (2) ، واما اللّينُ فهيهاتَ ، إلا خُفيةَ الموت إذ يرتقبُ غفلة الطالب ، فإنا على مُداجاةٍ (3) ولم نُبدِ صَفَحاتنا بعدُ ، وليس دون الدَّم بالدم مَزْحَل (4) إذ لا يخفى عند ذوي المعرفة والمروءة ان العار منقصة والضعفَ ذلّ ، أيَخْبطُ قتلة عثمان زهوة الحياة الدنيا ، ويسقون برد العين ، وكما يمتطوا الخوف ، ويستحلسوا (5) الحذر مع بعدُ مسافة الطَّرد (6) ، وامتطاء العقبة الكئود (7) وفي الرحلة ؟
    لا دُعيتُ لعقبة ! ان كان ذلك ، حتى انصب لهم حرباً ، تضع الحوامل لها اطفالها ، فقد ألْوَت (Cool بنا المسافة ، ووردنا حياض المنايا ، وقد عَقلتُ نفسي على الموت عقل البعير ، واحتسبتُ اني قتيل ثاني بعد عثمان أو أقتل قاتله ، فعجِّل عليّ بما تتوقاه من رأيك الحسن (9) ، فإنا منوطون بِكَ منتظرون لوعدك متبعون لعقبك ، [ ليس لنا من مخالفٍ لامرك ] (10) ، ولم احسب الحالَ يتراخى بك الى هذه الغاية لما انا خائف
    __________________
    (1) الاهب : اخذ للسفر أَهبته وتأهب له.
    (2) شبا الشفار : الشفرة الحادة.
    (3) المداجاة : المداراة.
    (4) مزحل : مَبْعَد ، من زحل مال عنه ، ودخل عليه فزحل له عن مكانه.
    (5) استحلس فلان الخوف : إذا لم يفارقه الخوف.
    (6) طرد : طرده طَرْداً وطَرَداً ، وطرّده وأطرده : ابعده ونحاه.
    (7) العقبة الكئود : الصعبة.
    (Cool ألوى بهم الدهر : أهلكهم.
    (9) في الجمهرة : فعجل عليَّ ما يكون من رأيك.
    (10) لم ترد في الجمهرة.

    من احكام القوم لأمورهم ، كما لا يخفى عليك ، والسلام عليك.
    وكتب في اسفل الكتاب هذه الابيات شعراً (1) :
    نومي عَليَّ محرّمٌ ان لم أقُمْ
    بدم اِبنِ أمِّي من بني العَلاتِ

    قامت عليّ إذ قعدتُ ولم أقُمْ
    بطلابِ ذاك مناحةُ الامواتِ

    عذُبتْ حياضُ الموت عندي بعدما
    كانت كريهة مَوْرِد النّهلاتِ

    وكتب يعلى بنُ اميّة الى معاوية :
    اما بعدُ ، فانا وانتم بني اميّة كالحَجر ، الذي لا يُبْنَى بغير مَدَر (2) ، وكالسّيفِ لا يقطع الا بضاربه. وصلَ اليّ كتابك يخبرنا بخبر القوم وحالهم ، فلئن كانوا ذبحوه ذبحَ النطيحة بُودِرَ بها الموتُ ، فاِنّا بني اميّة ، والله لنخرجنّ ذابحه ، ولننحرنه نحر البدنه (3) وافى بها الهَدْيُ الاجل !!
    ثكلتني (4) من انا ابنها ان نمتُ عن طلب وتر عثمان 2 ، من ان اذبح القوم ، واني مدلج (5) وان كان قصدهم ما حوته يداي من المال ، فالمال أيسرُ مفقود ان دفعوا الينا القاتل ، وان منعوا عن تسليمه ، أنفقنا المال على قتالِهِم ، وانّ لنا واياهم لمعركةً [ نتناحر فيها نحر الجزَّار
    __________________
    (1) جمهرة رسائل العرب 1 : 308 ـ 309.
    (2) المدر : قطع الطين اليابس.
    (3) البدنة : من الابل والبقر ، كالاضحية من الغنم تهدي الى مكّة وتنحر بها ، والهدي : ما يهدي الى مكة.
    (4) ثكلته امه : فقدته.
    (5) أدلج : سار من أوّل الليل.

    النقائِع عن قليل تصلُّ لحومها ] (1). وكتب في اسفل الكتاب (2) :
    لِمثْلِ هذا اليوم اُوصي الناسُ
    لا يعط ضَيْماً أو يحزَّ الراسُ

    وأمّا سعيد بن العاص فأنه كتب الى معاوية بخلاف ماكبت إليه القوم فهذه صورة كتابهِ إليه :
    اما بعدُ ، فإنّ الحزمَ في التثبّت ، والخَطأ في العَجلة ، والشُّؤم في البِدار ، واسهم سَهْمك ما لم يَنْبض به الوَترُ ، وان يردَّ الحالَبُ في الضَّرع اللبَنَ ، قد ذَكرتَ ما لعُثمان علينا من الحقوقِ والقرابة فيه ، وانه قُتل فينا ، فهنا خَصلتان ذكْرُهما نقصٌ ، والثالثة تكَذُّبُ (3) ، وامرتنا بطلب دمه ، فأيُّ جهة تسلُك فيها ابا عبد الرحمن ؟ رُدِمَت الفجاج (4) ، واُحْكِم الامرُ عليك ، وَوَلِي زِمامَهُ غيرك ، فدعْ مناوأة من لو كانَ افترش فِراشه صدر الامر لم يعْدل به غيره ، وقلت : كأنّا عن قليل لا نتعارف ، فهل نحن الا حيٌّ من قريش ، ان لم تنلنا الولاية لم يفتئ عن الحقّ ؟ انها خلافة منافية (5) ، وبالله أقسِمُ قسماً باراً لئن أصبَحت عزيمتك على ما ورد به
    __________________
    (1) سقطت عن الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب. النقائع : جمع نقيعة ، وهي كل جزور جزرت للضيافة.
    (2) جمهرة رسائل العرب 1 : 210 ، مع اختلاف يسير.
    (3) تكذب : تكلف الكذب.
    (4) الفجاج : جمع فج ( بالفتح ) وهو الطريق الواسع. وردم : سدَّ.
    (5) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب ، ومنافية نسبة الى عبد مناف جد الامام عليّ 7 ومعاوية ، يعني بذلك ان الخلافة ان صارت في البيت العلوي ، فهي لن تخرج من بني عبد مناف.

    كتابك لأَلفَيتكَ في الحالتين طليحا (1) ، وهبني اخالُك بعد خَوْضَ الدماء تنالُ الظفر ، هل في ذلك عوَض من ركوب المآثم ونقص في الدين.
    اما انا فلا علي بني اميّة ولا لهم عليّ ان اجعل الحزم داري والبيت سجني واتوسد الاسلام ، واستشعر العاقبة ، فأعدل ابا عبد الرحمن زمام راحلتك الى محجة الحقّ ، واستَوْهب العافية لاهلك وعشيرتك ، واسعطف الناس على قول الصدق قبل ان تهلك ] (2).
    [ وهيهات من قبولك ما اقول حتى يفجِّر مروانُ ينابيعَ الفتن وأجّجُ في البلاد ، وكأني بكما عند ملاقاة الاقران تعتذران بالعذر ، ولبئس العاقبةُ الندامةُ عمّا قليل يَضَحُ الامر لك والسلام ] (3).
    كتاب محمد بن ابي بكر الى معاوية بن ابي سفيان
    قال أبو عليّ أحمد بن الحسين بن احمد بن عمران في كتاب « الاختصاص » (4) : ان محمد بن ابي بكر 2 كتب الى معاوية بن ابي سفيان :
    اما بعدُ ، فانّ الله بجلالته وعظمته وسلطانه وقدرته على كافة خلقه
    __________________
    (1) طلِحَ فهو طليح كقولهم هُزِلَ فهو هَزِيل.
    (2) في جمهرة رسائل العرب : واستعطف الناس على قومك.
    (3) سقطت من الاصل واثبتناها من جمهرة رسائل العرب. انظر : جمهرة رسائل العرب 1 : 311 مع بعض الاختلاف اليسير وصححت بعض الكلمات الغامضة أو الساقطة.
    (4) الاختصاص : 119.

    وعز برهانه ، [ خلق خلقه ] (1) بلا عبثٍ منه ولا ضعفٍ في قوةٍ ولا من حاجة له إليهم ، ولكنّه سبحانه خلقهم عبيداً فجعل منهم غويّاً ورشيداً (2) وشقياً وسعيداً ، ثمّ اختار على علم فأصطفى وانتخب (3) محمداً 9 فاصطفاه نجيباً وانتجبه خليلاً فبعثه برسالته امينا وأرسله بوحيه وائتمنه على أمرهِ رسولاً مصدّقاً وهادياً ودليلاً ومبشراً ونذيراً ، فكان اوّل من أجاب وصدّق وأناب وآمن واسلم ، وسلم اخوه وابن عمه وصفيّه ووصيّه ووارث علمه ، وخليفته من بعده بوحي من الله عزّوجلّ لنبيه 6 ، فنصّ رسول الله 6 على أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7 فصدقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه كل هول ، وواساه بنفسه في كل خوف ، فحارب من حاربه وسالم من سالمه ، ولم يزل باذلاً نفسه بين يديه في ساعةِ الخوف والجوع والجدّ والهزل ، حتى اظهر الله تعالى دعوته ، وافلج حجته.
    وقد رأيتك ايّها الغاوي (4) تساميه وانتَ انتَ ، وهو هو المبرز (5) السبّاق في كل حين ، اصدق الناس نيّةً وافضلهم سجيةً واخصّهم زوجة وارفعهم منزلة ، الباذل رُوحه حينَ مهاجرته عن اعدائه ، والنائم على
    __________________
    (1) في النسخة العبارة غير واضحة وقد اثبتناها من الاختصاص.
    (2) سقطت من النسخة.
    (3) سقطت من النسخة.
    (3) في النسخة : العاري والصواب كما جاء في الاختصاص.
    (5) في النسخة : الهزير والصواب كما في الاختصاص.

    فراشه والشاري بنفسه يوم موته ، وعمه سيد الشهداء يوم احدٍ ، وابوه الذابُّ اعداء الله عن وجه رسول الله 6 وعن حوزته ، وانتَ انتَ لم تزل انت وابوك تبتغيان عليهما الغوائل ، وتجتهدان على اطفاءِ نور الله باجتماعكما الجموع ، وتؤلبان (1) عليهما القبائل ببذل الاموال ، وقد هلك على ذلك ابوك وعليه خلفك ، والشاهد عليك بفعلك من يأوي (2) ويلجأ اليك من بقية الاحزاب ورؤوس النفاق والشقاق لرسول الله 6 وأهل بيته ، والشاهد لعلي 7 بفضله المبين وسبقهالقديم ، انصاره والذين معه وهُم الذين ذكرهم الله تعالى وفضلهم في القرآن المجيد واثنى على المهاجرين والانصار ، منهم معه كتائب وعصائب [ من حوله يجادلون بأسيافهم ويهرقون دماءهم دونه ] (3) يرون الفضل في اتباعه والشقاء في خلافة أمره ، فلك الويل ثمّ الويل ، كيف تعدل نفسك بعلي 7 وهو أخو رسول الله 6 وابو ولديه ، وشريكه في امره بخيره وشرّه ، وانت عدوُّهُ وابن عدوّهِ ، فتمتع بباطلك إذ يمدّك ابن العاص في غوايتك ، وكأنّ اجلك قد انقضى وكيدك قد وهى ، واعلم أنّك قد كايدت ربّكَ الذي أمنت كيده في نفسك ، وآيست من روحِهِ وهو لك لبالمرصاد وانت منه في غرور وعناد ، [ وبالله ورسوله واهل رسوله عنك الغنى ، والسلام على من اتبع الهدى ] (4).
    __________________
    (1) في النسخة [ تؤنيان ].
    (2) سقطت من النسخة.
    (3) سقطت من النسخة.
    (4) سقطت من النسخة واثبتناها من الاختصاص.

    وكتب في اسفل الكتاب هذه الابيات شعراً (1) :
    معاوي ما أمسى هوى يستقيدني
    إليك ولا أخفي الذي لا اعالنِ

    ولا أنا في الاخرى إذا ما شهدتها
    بنكسٍ ولا هيابة في المواطنِ

    حللت عقال الحرب جبناً وانّما
    يطيبُ المنايا خائناً وابن خائنِ

    فحسبك من احدى ثلاث رأيتها
    بعينك أو تلك التي لم تعاينِ

    ركوبك بعد الامن حرباً مشارفاً
    وقد ذميت اضلافها والسناسنِ

    وقدحك بالكفين توري ضريمة
    من الجهل ادتها اليك الكهائنِ

    ومسحُك اقراب الشموس كأنها
    تبس بأحدى الداحيات الحواضنِ

    تنازع اسباب المروءة اهلها
    وفي الصدر داء من جوى الغلِ كامنِ

    جواب معاوية بن ابي سفيان لمحمد بن ابي بكر 2
    فأجابه معاوية بهذا الكتاب (2) :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من معاوية بن ابي سفيان الى محمد بن ابي بكر الزاري على أبيه [ خليفة رسول الله 6 ] (3) .. ، اما بعدُ ، وصَلَ (4) اليّ كتابُك وما ذكرت فيه [ من أنّ الله ] (5) بعظمته وسلطانه وقدرته قد اصطفى رسوله مع كلام ألفته
    __________________
    (1) الاختصاص : 121.
    (2) الاختصاص : 121.
    (3) سقطت من الاختصاص : 121 ـ 122.
    (4) في كتاب صفين : فقد أتاني ، وفي الاختصاص : فقد بلغني.
    (5) في صفين والاختصاص : ما الله أهله.

    ووضعته (1) ، فيه لرأيك تضعيف ، ولابيك فيه تعنيف وتفضيل (2) لابن ابي طالب وقديم سوابقه وقرابته من رسول الله 6 ، ونصرته له ومواساته اياه في كل خوف وهول (3) ، فكان احتجاجك عليّ وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك ، فأحمد ربّك (4) الذي صرف ذلك الفضل عنك وجعله لغيرك. وقد كنا وابوك معاً في حياة نبينا محمد 6 نرى حقّ عليّ بن ابي طالب لازماً لنا ، وفضله مبرزاً علينا ، حتى اختار الله لنبيه 6 ما اختار الله إليه ، وقد اتمّ له وعده ، واظهر له دعوته ، وافلج له حجته ، ثمّ قبضه الله إليه ، فكان أوّل من أبتز حقه ابوك وفاروقه (5) وخالفاه في امره ، على ذلك [ اتفقا واتسقا ] (6) بينهما ، ثمّ انهما دعواه ليبايعهما [ فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما ] (7) فلم يأتهما ، فهما به الهموم ، وأرادا به العظيم ، فعند ذلك بايع لهما وسلم (Cool ، فلم يشركاه في امرهما ، ولم يطلعاه قط على سريرتهما ، حتى قبضا على ذلك ، ثمّ قام بعدها عثمان 2 فأقتدى بهديهما ، [ حتى طمع فيه الاقاصي من اهل المعاصي
    __________________
    (1) في الاصل : ووضعك.
    (2) في صفين : ذكرت حقّ ، وفي الاختصاص : ذكرت فضل.
    (3) سقطت من الاصل واثبتت من كتاب صفين والاختصاص.
    (4) في صفين والاختصاص [ الهاً ].
    (5) في الاصل : وفاروقه الاعظم ، ولم ترد الاعظم في صفين ولا في الاختصاص.
    (6) في الاصل : اتفاقاً واتساقاً ، وصوابه كما في الاختصاص وصفين.
    (7) سقطت من الاصل.
    (Cool في الاصل : بايعهما قهراً عليه ، وسلم لهما القيادة جبراً عليه لعدم اتفاق المسلمين معه.

    وبطنتما له ] (1) واظهرتما العداوة له حتى بلغتما فيه مجهودكما ، ونلتما منه مناكما ، فخذ حذرك يا ابن ابي بكر ، وقس شبرك بفترك ، فكيف توازي من يوازي الجبال حلمه ، ولا تعب من مهد [ له ابوك ] (2) مهاده ، وطرح لملكه وسادة ، فإن يكن ما نحن فيه صواباً فأبوك فيه أوّل من اسس بناءه ، فنحن بهديهم اقتدينا وبفعلهم احتذينا ، ولولا ما سبق إليه ابوك وفاروقه لما خالفنا الكتاب ونصّ رسول الله 6 ، بل فأسلمنا إليه ، واجتمعنا لديه ، فليكن عيبك لابيك ، فعبه بما شئت أو دع ، والسلام.
    خروج الزبير وطلحة بعائشة الى البصرة
    قال المسعودي :
    ولمّا ورد كتاب معاوية الى طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام ، لم يشكا في صدقه بالنصيحة لهما فأجتمعا على خلاف امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7 فهمّا إليه وقالا : يا امير المؤمنين لقد علمنا (3) ما نحن فيه من الجفوة في زمن خلافة عثمان (4) [ واختصاصه عنّا ببني اميّة ] (5)
    __________________
    (1) سقطت من الاصل.
    (2) في الاصل : اليك.
    (3) ورد في البحار : قد رأيت.
    (4) في البحار : ولاية عثمان.
    (5) في البحار : كان في بني امية.

    دوننا ، وقد منَّ الله تعالى عليك بالخلافة من بعده ، فولّنا بعض عمّالِك.
    فقال 7 : ارضيا بما قسم الله تعالى لكما حتى أرى رأيي ، واعلما اني لا اُشرك في امانتي الا من أرضى بدينه وأمانته من اصحابي ومن عرفت دخيلته.
    فداخلهما اليأس فاستأذناه للعمرة فخوفهما من الله ومن التسرع في الفتنة ، فأنصرفا عنه وتوجها الى مكّة ، فلم يلقيا أحداً من الناس إلا استحثاه على الخروج معهما ، فيسألهما عن خروجهما على أمير المؤمنين 7.
    فيقولان : ليس له في اعناقنا بيعة برضى مِنّا وإنما صدرت منّا مبايعتنا له كُرهاً منّا وجبراً علينا ، فبلغه قولهما ، فقال 7 : أبعدهما الله تعالى ، والله لقد علمت انهما سيقتلان انفسهما [ أخبث مقتل ويأتيان من وردا عليه بأشأم يوم ] (1) والله ما العمرة يريدان ، ولقد أتياني بوَجهين فاجرين ورجعا بوجهين غادرين ناكثين ، والله لا يلقيان بعد اليوم إلا كتيبة خشناء يقتلان فيها انفسهما فبُعداً لهما وسحقاً (2).
    فلما بلغ أمير المؤمنين 7 مسير طلحة والزبير بعائشة الى البصرة ، قال :
    ان كل واحدٍ منهما يريد الخلافة لنفسه دون صاحبه ، فادعاء طلحة
    __________________
    (1) سقطت من الاصل.
    (2) انظر بحار الانوار 32 : 6.

    للخلافة لانه ابن عبيدالله عمّ عائشة ، وادعاء الزبير لانه صهر ابيها ، والله ، لئن ظفر الزبير بطلحة ليضربن عنقه ! وان ظفر طلحة بالزبير ليضربن عنقه ! فلا بد من تنازعهما على هذا الملك.
    والله ، انها الراكبةُ الجمل ! لا تحلُّ عقدة ، ولا تسير عقبةً ، ولا تنزل منزلاً إلا ولله فيه معصية ، حتى تورد نفسها ومن معها مورداً يُقتَل وليُّهم ، ويهرب تليّهم ، ويرجع عليهم غيهم.
    والله ، إنّ طلحة والزبير ليعلمان انهما يخطيان ويجهلان ولربّ عالم قتله جهله ومحله معه لا ينفعه ، والله ، لتنبحها كلاب الحوأب !! فهل يعتبر معتبراً ويتفكر متفكراً ، لقد قامت الفئة الطاغية فأين المحسنون ؟
    خطبة أمير المؤمنين 7
    حين بلغه مسير طلحة والزبير الى البصرة
    قال الشيخ المفيد ; في أرشاده (1) :
    لما بلغ أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7 مسير طلحة والزبير بعائشة الى البصرة ، صعد المنبر ، فحمد الله واثنى عليه ، وصلى على النبيّ 6 ثمّ قال :
    اما بعدُ ، ايّها الناس (2) : إنّ الله عزّوجلّ بعث نبيه محمداً صلى الله
    __________________
    (1) الارشاد : 130 ، بحار الانوار 32 : 98 ح 69.
    (2) سقطت من الارشاد.

    عليه وآله الى الناس كافةً ، وجعله رحمةً للعالمين (1) ، فصدع بما امره بهِ ، وبلغ رسالاته ، فلّم به الصدع ، ورتق به الفتق ، وأمن به السبل ، وحقن به الدماء ، وألف به ذوي الاحن والعداوة ، والوغر في الصدور ، والضغائن الراسخة في القلوب ، ثمّ [ قبضه الله إليه ] (2) حميداً لم يقصر في الغاية التي إليها ادى الرسالة ، ولا بلغ شيئاً كان في التقصير عنه وكان من بعده ما كان من التنازع في الامر ، فتولى أبو بكر وبعده عمر ، ثمّ تولى عثمان ، [ فلما كان ] (3) من امره [ ما ] (4) عرفتموه ، وأتيتموني (5) ، فقلتم : بايعنا (6) ، فقلت : لا افعل ، فقلتم : بلى (7).
    فقلت : لا (Cool ، وقبضتم على يدي فبسطتموها وانا كاره فنازعتكم ، فجذبتموها !! ، وقد تداككتم علي تداك الابل الهيم على حياضها يوم ورودها حتى ظننت انكم قاتلي ، وان بعضكم قاتل بعضاً ، فبسطت يدي فبايعتموني مختارين ، [ وبايعني في اولكم ] (9) طلحة والزبير
    __________________
    (1) في النسخة : وجعله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً.
    (2) في النسخة : قبضه الله.
    (3) في النسخة : فكان.
    (4) في النسخة : ما قد.
    (5) في النسخة : فأتيتموني طائعين مختارين.
    (6) في النسخة : بايعناك.
    (7) في النسخة الخطية : لا بد لك من ذلك.
    (Cool كذا في الاصل : لا يكون ذلك.
    (9) في الاصل [ فأولكم مبايع لي ].

    طائعين [ غير مكرهين ] !!.
    ثم لم يلبثا حتى استأذناني في العمرة ، والله يعلم انهما أرادا الغدرة ، فجددتُ عليهما العهد في الطاعة ، وان لا يبغيا في الامة (1) الغوائل ، فعاهداني ثمّ لم يفيا لي (2) ، فنكثا بيعتي ونقضا عهدي (3) فعجباً لهما من انقيادهما [ لابي بكر وعمر وخلافهما لي ] (4) ، ولستُ بدون احد الرجلين ، ولو شئت ان اقول اللهم احكم عليهما بما صنعا [ في حقي وصغرا من امري ] وظفرني بهما.
    وله 7 خطبة أخرى
    وقال 7 في مقامٍ آخر في هذا المعنى ، بَعد أنْ حَمِد اللهَ وأثنى عليهِ ، وصلّى على النبيّ 6 (5) :
    أمّا بعدُ ، أيّها الناس (6) فانّ اللهَ عزّوجلّ لمّا قَبضَ نبيَّهُ 6 ، قُلنا نحنُ أَهل بيتهِ وعصبتُهُ وَوَرثتُهُ وأولياؤهُ وأحقُّ [ الناسُ بالامرِ
    __________________
    (1) في الاصل [ في الامة ].
    (2) سقطت من الاصل.
    (3) في الاصل [ حتى وثبا على الماضيين قبلهما ، ليذهبا بحقي ، ويفرقا جماعة المسلمين على تعجبٍ ] والصواب كما ورد في الارشاد.
    (4) في الاصل : الى من سبقها وخلافهما والصواب كما في الارشاد.
    (5) الارشاد 1 : 245 ، بحار الانوار 33 : 111 ح 86.
    (6) لم ترد في الارشاد.

    والخلافةِ ] (1) ، لا نُنازع في حقّهِ وسُلطانهُ ، فبينا نحن [ كذلك ] (2) إذ نفر قومٌ من المنافقين حتى انتزعوا سُلطانَ نبينا منّا ، وَوَلّوهُ غيرنا ، فَبكتْ ـ والله ـ لذلك العُيونُ والقُلوبُ منَّا جميعاً معا ، [ وخشنت ] له الصُّدورُ ، وجَزعَت النَّفوسُ منَّا جزعاً أرغمَ ، وايمُ الله [ لولا ] مخافتي الفرق بين المسلمين وأن يقود أكثرهم الى الكفرِ ويعَور الدْينُ ، لكُنّا قد غيّرنا ذلك بما استطعْنا. وقد بايعتموني الآن وبايعني هذان الرجلان طلحةُ والزّبيرُ على الطَّوْعِ منهما ومنكم [ الايثار ] (3) ، ثمّ نهضا يُريدان ببغيهما (4) البصرة ، ليُفرّقا جماعتكم ويُلقيا بأسَكم [ بينكم ] ، اللّهم فخُذهما [ بغشّهما ] ، لهذه الامة واخذل بيعتهما لهذه الامة وبسوء نظرهما للعامة (5).
    ثم قال 7 : انفروا (6) رحمكم الله لطلب الناكثين القاسطين الباغين قبل ان يفوتا ، [ فتداركوا ما خبياه ] (7).
    ومن كلامه 7
    فخرجا يجران (Cool حرمة رسول الله 6 ، كما تجرُّ الأَمَةُ عندَ
    __________________
    (1) في الارشاد : وأحقّ الخلق به.
    (2) سقطت من الاصل.
    (3) في الاصل : الاثر.
    (4) سقطت من الارشاد.
    (5) في الاصل : واخذل بيعتهما لهذه لتنظرهما العامة.
    (6) في الاصل : تفرقوا والصواب في الارشاد.
    (7) في الارشاد : قبل ان يفوت تدارك ما خبياه.
    (Cool في نهج البلاغة : فخرجوا يجرون.

    شرائِها مُتَوَجّهين بها الى البَصْرة ، [ فحَبَسا نساءهم في بيوتهم ] (1) ، وابرزا حبيس (2) رسول الله 6 لهما ولغيرهما في جيش ، فما منهم رجلٌ إلا وقد اعطاني الطاعة ، وسمح لي بالبيعة طائعا غير مكره (3).
    فَقدموا عَلى عَامِلي بهَا وخُزّان بيت مالِ المُسلمِينَ الذي في يدي ، وعلى اهل مصر كلهم في طاعتي وعلى بيعتي ، فشتَتوا شملهم وفرقوا كلمتهم ، وأفسدوا جَماعتهمْ ، وَوَثبُوا على شِيعتي (4) فقتلوا طائفة منهم غدراً ، [ وطائفةً عَضّوا على أسْيافهِم فَضَارَبوا بِها حَتى لَقوا الله صادِقينَ ] (5).
    فوَالله لَوْ لَمْ يصيبوا من المُسْلمين الا رَجُلاً واحِداً مُتعمِدِين لِقَتْلِهِ ، بلا جُرْمٍ لحلَّ قتلُ ذَلِكَ الجيش كله ، إذ حضروه ، فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسانٍ ولا بيد ، دع ما انهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا عليهم ، [ وقَتَلوا من السبابجة أَربعمائة رجل ، وعَزَرتا بِولاتِها ] (6).
    __________________
    (1) في نهج البلاغة : نساءَهُما في بيوتهما.
    (2) في نهج البلاغة : جيش ، ويظهر من تصحيفات الناسخ.
    (3) في الاصل : طائعاً مختاراً غير مكره.
    (4) لم ترد في نهج البلاغة.
    (5) لم ترد في نهج البلاغة.
    (6) لم ترد في كتاب نهج البلاغة.

    فصل .. في خروج ام المؤمنين عائشة رضي الله
    عنه الى البصرة ونصح ام سلمة زوجة رسول الله 6 لها
    قال أبو عليّ احمد بن الحسين بن احمد بن عمران : فيما استخرج من كتاب « الاختصاص » (1) حدثني محمد بن عليّ بن شاذان ، قال : حدثنا احمد بنُ يحيى النحوي أبو العبّاس [ ثعلب ] (2) ، قال : حدثنا احمد بن سهل أبو عبد الرحمن ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن اسحق بن موسى ، قال : حدثنا احمدُ بن قتيبة أبو بكر ، عن عبد الحكيم [ القتيبي ] (3) ، عند ابي [ كبسه ] (4) ، ويزيد بن رومان ، قالا :
    لما قصدت عائشة 2 الخروج على امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7 (5) أتت الى ام سلمة بمكة المشرفة ، وقالت لها :
    يا بنت ابي (6) اميّة لقد كنتِ كبيرة امهات (7) المؤمنين ، وكان رسول
    __________________
    (1) الاختصاص : 113.
    (2) سقطت من النسخة.
    (3) في النسخة : القبعي ، وهذا تصحيف سببه الناسخ والصواب كما في الاختصاص.
    (4) في النسخة : كبشه ، والصواب كما في الاختصاص.
    (5) في الاختصاص : لما اجمعت عائشة على الخروج الى البصرة.
    (6) سقطت من النسخة واثبتناها من الاختصاص.
    (7) في النسخة : رؤساء امهات.

    الله 6 يقيم ببيتكِ ويقسم لنا وينزل عليه الوحي ، [ قالت لها يا بنت ابي بكر ] (1) ولقد زرتني [ وما كنت زوّارةً ولامر ما تقولين ] (2). [ قالت : ان اخي ] (3) وابن اخي اخبراني ان عثمان قُتِلَ مظلوماً ، وان بالبصرة مائة الف [ سيف يطاعون ] (4) ، فهل لك في الخروج معي لعل الله ان يصلح امر المسلمين من التشاجر بين الفئتين ؟
    [ فقالت : يا بنت ابي بكر أبدم عثمان تطلبين ] (5) ؟ فلقد كنت أشدّ الناس عليه عداوةً ، وان كنت لتدعينه بالتبرئ ، ام امر ابن ابي طالب تنقضين (6) !
    __________________
    (1) سقطت من النسخة وأثببت من الاختصاص.
    (2) في النسخة : ولست بزائرة ولا تمنِ تقبلين هذا المقال.
    (3) سقطت من النسخة وأثببت من الاختصاص.
    (4) في النسخة : سيأتي يطلبوني.
    (5) سقطت من النسخة واثبتناها من الاختصاص.
    (6) في نصيحة ام سلمة 2 لعائشة بعدم الخروج ، ثمّ رأتها لا تتعظ ، قال الشيخ المفيد ( اعلا الله مقامه ) في كتابه ( الجمل أو النصرة في حرب البصرة ) ( ص 128 ) : « ثمّ انفذت ام سلمة الى عائشة ، فقالت لها : وقد وعظتك فلم تتعظي ، وقد كنت اعرف رأيك في عثمان ، وانه لو طلب شربة ماء لمنعتيه ، ثمّ انت اليوم تقولين انه قتل مظلوماً ، وتريدين ان تثيري لقتال أولى الناس بهذا الامر قديماً وحديثاً ، فاتق الله حقّ تقاته ، ولا تعرضي لسخطه ، فأرسلت إليها عائشة : أما ما كنت تعرفينه من رأيي في عثمان فقد كان ، ولا أجد مخرجاً منه إلا الطلب بدمه ، واما عليّ فأني آمره برده هذا الامر شورى بين الناس ، فأن فعل وإلا ضربت وجهه بالسيف حتى يقضي الله ما هو قاض.
    فأنفذت إليها ام سلمة : اما أنا فغير واعظة لك من بعد ، ولا مكلمة لك جهدي وطاقتي ، والله اني لخائفة عليك البوار ثمّ النار ، والله ليخيبنك ظنك ، وينصرن الله ابن ابي طالب على من بغى وستعرفين عاقبة ما أقول والسلام ».

    ولقد نص عليه رسول الله 6 ، والآن قد بايعته المهاجرون والانصار ، وان ذلك سدة بين رسول الله 6 وبين امتهِ ، وحجابه مضروب على حرمه ، وقد جمع [ القرآن ذلك ] (1) فلا [ تبذخيه ] (2) وسكني عقيراك فلا تضحي بها [ الله من وراء ] (3) هذه الامة ، قد علم رسول الله 6 مكانك ، ولو أراد ان يعهد اليك فعل.
    وقد نهاك رسول الله 6 عن الفراطة في البلاد ، فأن عمود الاسلام لا يرأبه النساء ان اثلم ولا يشعب بهن ان انصَدع ، حماديات النساء غض الاطراف وقصر الوهادة ، وما كنتُ قائلة لو ان رسول الله 6 عَرضَ لك ببعض الفلوات وانت ناصة قلوصاً من منهلٍ الى آخر بعين الله مهواكِ ، وعلى رسول الله 6 تردين قد وجهت سدافته وتركت عهده.
    اقسمُ بالله لئن سرتُ مسيرك هذا ، ثمّ قيل لي : ادخلي الفِردوسَ لاستحييت ان القي رسول الله 6 هاتكةً حجاباً قد ضربه علي ، فأجعلي حصنكِ بيتك (4) ، وقاعة الستر قبرك حتى تَلقَيهِ وانت على
    __________________
    (1) في النسخة : ذلك لك.
    (2) سقطت من النسخة.
    (3) سقطت من النسخة.
    (4) وكانت ام سلمة تطالبها بتطبيق قوله تعالى ( وقرن في بيوتكن ) ، ففي تفسير روح المعاني للآلوسي ، روى البزاز عن انس : ان النساء جئن الى رسول الله بعد نزول الآية فقلن : لقد ذهب الرجال بالفضل والجهاد ، فهل لنا عمل ندرك به فضل

    ذلك اطوع [ ما تكونين لله ما التزمتيه ، وابصري ما تكونين للدين ما جلست عند بيتك ] (1).
    ثم قالت : لو ذكرتك من رسول الله 6 خمساً في علي 7 لنهشتيني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الحبب. اتذكرين اذ كان رسول الله 6 يقرع بين نسائه إذا أراد سفراً ، فأقرع بينهنّ فخرج سهمي وسهمك ، فبينا نحن معه وهو هابط من قديد ومعه عليٌّ 7 يحدثه ، فذهبت لتهجمي عليه ، فقلتُ لك : رسول الله 6 معه ابن عمّه ولعل له إليه حاجةٌ ، فعصيتِني ورجعتِ باكيةً فسألتك ، فقلت : إنّكِ هجمت عليهما ، فقلتِ له يا علي : انما لي من رسول الله 6 يوم من تسعة أيام وقد شغلته مني ! فأخبرتيني انه قال لك : أتبغضينه ؟ فقلت : كيف أبغضه وهو أخوك وابن عمّك ، واحب الناس اليك.
    فقال 6 : ما يبغضه أحد من اهلي ولا من امتي إلا خرج من الايمان. قالت : نعم.
    __________________
    المجاهدين ؟
    فقال : من قعد منكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين.
    وقال السيوطي : ان سودة بنت زمعة زوجة النبيّ 6 لم تحج بعد نزول الاية فقيل لها في ذلك ، فقالت : اني حججت واعتمرت ، وأمرني ربي تعالى شأنه ان أقر في بيتي حتى تخرج جنازتي.
    وأخرج مسروق : ان عائشة كلما قرأت ( وقرن في بيوتكن ) تبكي حتى تبل خمارها.
    انظر : روح المعاني 22 : 6 ، الدر المنثور 5 : 196.
    (1) لم تر هذه العبارة في الاختصاص.

    [ ويوم اراد ] (1) رسول الله 9 [ سفراً ] (2) وانا أجشُ له جشيشاً فقال [ ليت شعري ] (3) ايتكنّ صاحبة الجمل الاحدب (4) تنبحها كلاب الحوأب ، فرفعت يدي من الجشيش ، وقلتُ : اعوذ بالله من ذلك ان اكون.
    فقال 6 : والله لا بُدّ لاحدكما ان يكونه [ إتقي الله ] (5) يا حميراء ، ان تكونيه !! ، أتذكرين هذا ؟! قالت : نعم.
    ويوم تبذلنا لرسول الله 6 ، فلبست ثيابي ولبستِ ثيابكِ ، فجاء رسول الله 6 الى جنبك.
    فقال 6 : أتظنين يا حميراء اني لا اعرفكِ ؟ اما ان لأمتي منك يوماً [ مراً أو يوماً ] (6) ، أتذكرين هذا ؟ قالت : نعم.
    ويوم كنت انا وانت ذات يوم مع رسول الله 6 ، فجاء ابوك وصاحبه يستأذن الدخول ، فدخلت الخدر.
    فقالا : يا رسول الله ، انا لا ندري قدرَ مقامكَ فينا ، فلو جعلت لنا انساناً نأتيه بعدك.
    __________________
    (1) سقطت من الاصل.
    (2) سقطت من الاصل.
    (3) في الاصل عبارة غير واضحة واثبتت من الاختصاص.
    (4) سقطت من الاصل.
    (5) سقطت من الاصل.
    (6) في الاصل عبارة غير واضحة.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: رد: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:15 pm

    فقال 6 : امّا اني اعرف مكانه واعلم موضعه ، فلو أخبرتكم به لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو اسرائيل عن عيسى بن مريم 7.
    فلما خرجا خرجت إليه انا وانتِ حزينة عليه ، فقلت له : يا رسول الله من كنتَ جاعلاً لهم ؟
    فقال 6 : خاصف النعل [ وغاسل الثوب ] (1) وكان عليّ 7 يخصف نعل رسول الله 6 ، ويغسل ثوبه إذا اتسخ.
    فقلت : ما أرى إلا علياً ؟ فقال 6 : هو ذاك ، أتذكرين هذا (2) ؟ قالت : نعم.
    قالت : يوم جمعنا رسول الله 6 في بيت ميمونة فقال 6 :
    يا نساء (3) النبيّ ، أتقين الله ولا يسفرنّ (4) بكنّ احدٌ ، أتذكرين هذا (5) ؟ قالت : نعم.
    [ يا حميراء إنّك لتقاتلين علياً وانت ظالمةٌ له !! ] (6) قالت نعم.
    فقالت عائشة 2 : لقد سمعتُ وفهمتُ قولك [ وقبلتُ نُصحكِ
    __________________
    (1) لم ترد في الاختصاص.
    (2) في الاختصاص : يا عائشة.
    (3) في الاختصاص : يا نسائي.
    (4) في الاختصاص : لا يسفر.
    (5) في الاختصاص : يا عائشة.
    (6) لم ترد في الاختصاص.

    ووعظك لي ] (1) وأسمعني لقولك فأن اخرج ففي غير حرج ، وان أقعد ففي غير بأس.
    ثم انها أمرت ان يُنادى في الناس : من أراد الخروج فليخرج ، فأنّ ام المؤمنين نأت عن الخروج.
    فدخل عليها عبدالله بن الزبير بن العوام [ فنفث في أذنيها كنفث الحيّة لسمّها ، وقلبها في الذروة ] (2) ، فأمرت ان يُنادى في الناس ان ام المؤمنين خارجة فمن أراد الخروج فليخرج معها. فأنشأت ام سلمة تقول هذه الابيات شعراً (3) :
    لو ان معتصما من زلة احد
    كانت لعائشة [ العتبى على ] (4) الناس

    كم سنة لرسول الله تاركة
    وتلو آيٍ من القرآن مدراس

    قد ينزع من اناس عقولهم
    حتى يكون الذي يقضى على الناس

    __________________
    (1) في الاختصاص : ما أقبلني لوعظك.
    (2) في الاختصاص : فنفث في اذنها وقلبها في الذروة.
    (3) ذكر ابن الجوزي في تذكرة الخواص : 38 ، نهي ام سلمة لها فلما رأتها لا تقبل قالت :
    نصحت ولكن ليس للنصح قابل
    ولو قبلت ما عنفتها العواذل

    كان بها قد ردت الحرب رحلها
    وليس لها الا الترحل راحل

    وذكر البيهقي في المحاسن والمساوئ 1 : 231 ان ام سلمة حلفت ان لا تكلم عائشة من اجل مسيرها الى حرب عليّ ، فدخلت عائشة عليها يوماً وكلمتها. فقالت ام سلمة : الم أنهك ؟ ألم أقل لك ؟ قالت : اني استغفر الله كلميني.
    فقالت ام سلمة : يا حائط ألم انهك ؟ ألم اقل لك ؟ فلم تكلمها ام سلمة حتى ماتت.
    (4) في النسخة : الدنيا بغي ، وصوابه كما في الاختصاص.


    لو ان معتصما من زلة احد
    كانت تبدل [ إيحاشا بايناس ] (1)

    تحرك القوم الى البصرة
    قال : فكان قصدهم الشام ، فصادفهم في اثناء الطريق عبدالله بن عامر عامل عثمان على البصرة قد صرفه امير المؤمنين بحارثة بن قدامه السعدي واخذ البيعة من اهلها ، فقال لهم عبدالله بن عامر : اعلموا أني امسّ منكم خبراً بمعاوية ، انه لا ينقادُ اليكم ولا يعطيكم ما هو ضامرٌ عليه في نفسه ، فمشورتي عليكم ان تنتحوا عنه ، وعليكم بحفظ البصرة فأنها كثيرة الضياع والعدة ، وجهزهم بألف الف درهم (2) ومائة من الابل وغير ذلك.
    واما يعلى بن منية اعطاهما أربعمائة الف درهم (3) ، وكراعاً وسلاحاً ، والجمل المسمى ب‍ ( عسكر ) الذي ركبته قد اشتراه بمائتي دينار ، فكان عسكرها ثلاثين الفاً ، وعسكر امير المؤمنين عليّ 7 عشرين الفاً.
    فلما انتهى بهم المسير الى الموضع المعروف بالحوأب (4) احد
    __________________
    (1) في النسخة : الحاساً بالناس ، وصوابه كما ورد في الاختصاص.
    (2) في الاصل : الف درهم ، والصواب كما في مروج الذهب م 2 : 366.
    (3) في الاصل : اربعمائة الف دينار ، وصوابه كما ذكره المسعودي.
    (4) الحَوْأَبُ : بالفتح ثمّ السكون ، وهمزة مفتوحة ، وياء موحدة ، وأصلهُ في اللغة ، يقال : حافرٌ حوأبٌ ، وأبٌ صعب ، والحوأبة : العُلبة الضخمة ، والحوأب :

    منازل بني عبس ، وجدوهم نازلين على مائة فعوت بهم كلابهم.
    فقالت عائشة 2 : ما اسم هذا الموضع الذي عوت بنا كلابُ اهله ؟
    فقال لها قائد جملها : هذا الحوأب « الحوأب احد منازل بني عبس » وهذه كلابهم ، فتذكرت ما قال لها رسول الله 6.
    فقالت : ردوا بي الى حَرَمِ رسول الله 6 ، لا حاجة لي في هذا المسير وكان طلحة والزبير في السّاقة ، فلحقا بها واقسما لها ان ليس هذا بالحوأب ، انما سائق الجمل غلط في قوله لك !! وشهد لها خمسون رجلاً ممن معهم !! فكانت هي أوّل شهادة زور وقعت في الاسلام.
    فسارت حتى قدمت البصرة ، فمانعهم دونها عثمان بن حنيف والخزان والموكلون بها من قبل امير المؤمنين 7.
    ففي بعض الليالي نزغ لهم الشيطان فثاروا عليه وضربوه وأسروه
    __________________
    الوادي الوسيع ، والحوأب : موضع معروف في طريق البصرة ، قال أبو زياد : ومن مياه ابي بكر بن كلاب الحوأب ، وهو من المياه الاعداد وقديم جاهلي. وقيل سمي الحوأب بالحوأب بنت كلب بن وبرة وهي ام تميم وبكر.
    قال ياقوت الحموي : ان عائشة لما رأت المضي الى البصرة في وقعة الجمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب ، فقالت : ما هذا الموضع ؟ قيل لها : هذه موضع يقال له الحوأب ، فقالت : إنا لله ما أراني الا صاحبة القصة.
    قيل لها : وايُّ قصة ؟ قالت : سمعت رسول الله 6 يقول وعنده نساؤه : ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب سائرة في كتيبة الى الشرق ! وهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها انه ليس بالحوأب. انظر : معجم البلدان 2 : 314.

    ونتفوا لحيته ! وأرادوا قتله ، إلا انهم خافوا من أخيه سهيل.
    وفي رواية فساروا حتى انتهوا بالحوأب ، اسم موضع لبني كلاب ، فوجدوهم عليه فعوت بهم كلابهم ، فقالت عائشة 2 : ما اسم هذا الموضع ؟ قال سائق الجمل : هذا الحوأب ! فذكرت ما قال لها رسول الله 6 فقالت : ردوني لا حاجة لي بهذا المسير.
    فقال طلحة والزبير وخمسون رجلاً منهم : تاللهِ ما هذا الحوأب !! فهي أوّل شهادة زور وقعت في الاسلام.
    ثم قدموا البصرة ، فمانع عنها عثمان بن حنيف والخزان والموكلون ، فوقع بينهم القتال ، فقتلوا منهم سبعين رجلاً ، ثمّ اصطلحوا ، ثمّ اسروا عثمان وضربوه ونتفوا لحيته ، وأرادوا قتله إلا انهم خافوا من اخيه سهيل (1).
    فصل في توجه أمير المؤمنين 7 الى البصرة
    قال : بعد مضي اربعة اشهر توجه امير المؤمنين 7 في سبعمائة
    __________________
    (1) ذكر المسعودي في مروج الذهب بعد قدوم القوم الى البصرة وما فعلوه بعثمان بن حنيف ، قال : وأرادوا بيت المال فمانعهم الخُزّان والموكلون به وهم السبابجة ، فقتل منهم سبعون رجلاً غير من جرح ، وخمسون من السبعين ضرب رقابهم صبراً من بعد الاسر ، وهؤلاء أوّل من قُتل ظلماً في الاسلام وصبراً ، وقتلوا حكيم بن جبلة العبدي ، وكان من سادات عبد القيس وزُهّاد ربيعة ونساكها.
    انظر : مروج الذهب م 2 : 377 ـ 367.

    راكب ، فمنهم اربعمائة من المهاجرين والانصار ، وسبعون بدرياً ، والباقون من الصحابة (1).
    ثم لحق به خزيمةُ بن ثابت ذو الشّهادتين وستمائة رجل من طي ، فلما انتهى به المسير الى الربذة (2) من الكوفة ، قال الشيخ المفيد ; في ارشاده (3) :
    روي عن ابن عباس قال : اتيتُ امير المؤمنين 7 فوجدتهُ يخصفُ نعلاً ، فقلتُ له : جعلت فداك ، هل علينا اصلاح ما يحتاج إليه من الامور ؟ فلم يجبني ، حتى فرغ من خصف النعل ، ودفعها الى صاحبتها ، ثمّ قال : « قوِّمها ».
    فقلت : ليس لها قيمةٌ.
    __________________
    (1) ذكر ابن الاثير في الكامل في التاريخ 3 : 221 ، قال : قال أبو قتادة الانصاري لعلي [ 7 ] : يا أمير المؤمنين اِن رسول الله ، صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، قلّدني هذا السيف وقد اغمدته زماناً وقد حان تجريده على هؤلاء القوم الظالمين الذين [ لا ] يألون الامة غشاً ، وقد احببت ان تقدمني فقدمني.
    وقالت ام سلمة : يا امير المؤمنين لولا اني اعصي الله وإنّك لا تقبله مني لخرجت معك ، وهذا ابن عمي ، وهو والله اعزّ علي من نفسي ، يخرج معك ويشهد شاهدك.
    (2) الرَّبَذَةُ : قال ياقوت الحموي : وفي كتاب العين : الربذ خفة القوائم في المشي وخفة الاصابع في العمل ، والربذات العهون التي تعلق في اعناق الابل. والربذة من قرى المدينة على ثلاثة ايام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكّة ، وبهذا الموضع قبر ابي ذر الغفاري 2.
    معجم البلدان 3 : 24.
    (3) الارشاد 1 : 247 ـ 248.

    فقال 7 : « على ذلك ».
    قلتُ : كسْر درهمٍ.
    فقال 7 : « والله ، انها احبُّ اليّ من أمرِكم هذا ، إلا أنْ اقيم حقّاً أو ادفع باطلاً ».
    فقلتُ : ان الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا كلامك ، أفتأذن لي أَنْ أتكلَّمَ ، فإنْ كان حَسَناً كانَ منكَ ، وإنْ كانَ غيره فهو مني.
    قال : « لا ، بل انا أتكلّمُ » ، ثمَّ وضع يده في صدري وكان شثن الكفِّ (1) ، فآلمني. ثمّ قال : فأخذتُ بثوبه.
    فقلتُ : ناشدتُّكَ الله والرَّحمَ.
    قال : « لا تنشدني » ، ثمّ خرج 7 فاجتمع عليه الناس ، فحمد الله واثنى عليه ، وصلى على النبيّ 6 ، ثمّ قال :
    « اما بعدُ ، ايّها الناس : فإنّ الله عزّوجلّ بعثَ نبيه محمداً 6 وليسَ في العرب أحدٌ يقرأ كتاباً ، ولا يدّعي نبوّةً ، فساقَ الناسَ إلى منجاتهم ، أمَ واللهِ ما زلتُ في ساقتها ما غيّرتُ ولا بدّلتُ ولا خُنتُ (2) ، حتى تولَّت بحذافيرها. مالي ولقريشٍ.
    أيم الله ، لقد قاتلتهُم كافرينَ ، ولأُقاتلنّهم مفتونين ، وان مسيري
    __________________
    (1) شثن كفه : اي خشنت وغلظت ، « الصحاح ـ شثن ـ 5 : 2142 ».
    (2) في الاصل : حدثتُ ، والصواب كما ورد في الارشاد.

    هذا على عهدٍ اليّ فيه من رسول الله 6.
    أَمَ واللهِ ، لابقرنَّ الباطل حتى يخرج الحقُّ من خاصرته.
    ما تنقمُ منَّا قريشُ ، ألا وانّ الله عزّوجلّ اختارنا من عين خلقه عليهم فأدخلناهُم في حيِّزنا » (1).
    ثم انه 7 انشد يقول :
    ذنب لعمري شريك المحض خالصا
    وأكلك بالزبد المقشرة (2) البجرا (3)

    ونحن وهبناك العلاء ولم تكن
    عليا وحطنا حولك الجرد والسمرا (4)

    قال : فلما انتهى مسير امير المؤمنين 7 الى الربذة من الكوفة على طريق الحارة ، كاتب عامله بها أبا موسى الاشعري ليستنفر له اهلها ، فلم يكن منه إلا انه ثبتهم على خلافه ، حتى انه قال لهم : انما هي فتنة. فبلغه ذلك [ 7 ] فعزله ، واقام عوضه موصِ بن كعب الانصاري.
    وكتب إليه [ 7 ] : « اعتزل عن عملنا يا ابن الحياكة مذموماً مدحوراً ».
    قال الشيخ المفيد ; في أرشادهِ :
    __________________
    (1) في الاصل : وادخرهم في خيرتنا ، وصوابه كما ورد في الارشاد.
    (3) المقشرة : الرُطب المقشر.
    (3) البجر : جمع بجراء ، وهي المنتفخة البطن ، يعني التمر الجيد الكبار.
    لسان العرب 4 : 40.
    (4) الجرد والسمر : يعني الخيل.

    روي عبد الحميد بن عوان العجلي ، عن سلمة بن سهيل ، قال : لمّا انتهى مسير امير المؤمنين 7 الى ذي قار ، بعث ابنه الحسن 7 وعمار بن ياسر الى اهل الكوفة ، ليستنفرا اهلها ، فأتوه بذي قار [ اي اهل الكوفة ] ، فأخذ عليهم البيعة ، ثمّ قام فيهم خطيباً ، فحمد الله واثنى عليه ، وصلى على النبيّ 6 ، ثمّ قال :
    اما بعدُ ، ايّها الناس :
    « قد جَرَتْ علينا أمورٌ صَبَرْنا عليها ـ وفي اَعْيُنِنا القَذَى ، وفي القلب شجى ـ تسليماً لأمرِ الله تعالى فيما امتحن به عبده ، رجاء الثواب على ذلك ، فكان الصبر عليها أمثل من أن يَتفرَّقَ المسلمون ، وتُسفَكَ دماؤهم ، فنحن أهلُ بيتِ النّبوّةِ ، وعترة رسول الله 6 ، وأَحقُّ الناسِ بسلطانِ الرّسالةِ ، ومَعْدِنُ الكَرامَةِ ، التي ابتدأنا الله تعالى بها ، ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) (1).
    يا أهل الكُوفةِ :
    إنكم مِنْ أكْرَم المسلمين ، [ وأَصدقهم تقوى ] (2) ، وأَعْدَلهم سُنَّةً ، وأَفْضَلِهِم سَهْماً في الإسلام ، وأَجْودهم في القربِ مركباً ونصاباً ، أنتم أشدُّ القربِ للنبي 6 ولأهل بيتهِ ، وإنما جئتكم ثقةً ـ بعد الله ـ بكم للّذي بَذَلتم من أَنفُسِكم عند نقضِ طلحة والزُّبير وخلعهما طاعتي
    __________________
    (1) الجمعة : 4.
    (2) في الارشاد : واقصدهم تقويماً.

    [ واقبالهما بعائشة للفتنة ]. [ خرجا محتالان على فساد العباد واخراب البلاد ، ألا وإنهما قد بَايَعَا لي طائِعين رَاغبِينَ مُختارين ، ثمَّ أستأذناني في الذهاب الى العمرةِ ، فأذِنتُ لَهُما ، فأكثرا القولَ عَليها [ اي عائشة ] ، حَتى أخْرَجَاهَا مِنْ بَيتِها يجرانها كما تجرُّ الأمَةُ عند شِرَائِها ، حتى قَدِمَا بِهَا البصرةَ ، فحَبسا [ نساءهم في بيوتهم ] (1) ، وأبرزَا حبيس رسول الله 6 لهما ولغيرهما في جيشٍ ، فَضرَبُوا عَامِلي بِهَا وأسّروهُ ، وخُزّان بيتِ مال المسلمينَ الذي بيدي ، وعلى اهلِ المصرِ [ الذين ] كُلهُم في طَاعَتي وعَلَى بَيْعَتي ، فَشتتوا شَملَهم ، وفَرّقُوا كَلِمَتهم ، وأفْسَدُوا علي جَمَاعَتهم ، وَوَثبُوا على شيعتي فَقَتلوا طائفةً مِنْهُم ، وطائفةً ، عَضّوا على أسيافِهم وَضاربوا بها حَتى لَقوا الله صادقين في اللهِ.
    لَو لَمْ يُصيبُوا من المُسلمينَ إلا رَجُلاً واحِداً مُتعمّدين لقتلهِ بلا جرمٍ ، لحل قتلُ ذَلك الجيش كُله ، إذ حضروه فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسانٍ ولا يدٍ ، مَعَ ما إنّهم قَتَلُوا مِنْ المسلمين العدة التي دَخلُوا بها عَليهم.
    فالذي قتل مِن السبابجة اربعمائةَ رجُل ، وعزروا بولاتها ] (2).
    __________________
    (1) في الاصل : نسائِها وبيوتها ، وهو تصحيف وقع فيه الناسخ حيث كان يقصد طلحة والزبير.
    (2) لم يذكر الشيخ المفيد في الارشاد نص الخطبة بهذا الشكل وقال في 1 : 250 [ واقبالهما بعائشة للفتنة ، وإخراجهما إياها من بيتها حتى اقدماها البصرة ، فأستغووا طغامها وغوغاءها ، مع أنّه قد بلغها أن أهل الفضل منهم وخِيارَهم في الدين قد اعتزلوا وكرِهوا ما صَنع طلحةُ والزُّبير ].

    اللهمَّ ، إنّهما قطعاني وظَلَماني ونَكثا بيعتي ، وألَّبا الناس عَلي ، فأحْلُلْ ما عَقدا ، ولا تُحكِمْ ما أبْرَما ، وأرِهِما المساءة فيما عَمِلا.
    فقال له أهل الكوفة : « يا امير المؤمنين ، إنّا نحمدُ الله عزَّوجلّ الذي مَنَّ عَلَينا بِرُؤيَاكَ ، وخَصّنا بِجوارِك ، وجَعَلنا مِنْ شِيعتك وأنصاركَ واعوَانكَ على أعْدَائِك ، ولو دعوتنا الى اضعافهم احتسبْنا الخير ورجونا الشهادة بين يديك ، فطب نفساً وقرّ عيناً بظفرك على اعدائك ان شاء الله تعالى » (1).
    قال : فلم يزل الكوفيون وغيرهم يقدمون إليه زُمراً ، زُمراً ، وهو 7 مقيم بذي قار.
    وصول الامام امير المؤمنين 7 واصحابه الى البصرة
    ثم توجه بِهِم الى البصرة وقام في اصحابه خطيباً ، فحمد الله واثنى عليه ، وصلّى على النبيّ 6 ثمّ قال (2) :
    __________________
    (1) في الارشاد 1 : 250 ثمّ سكت فقال اهلُ الكوفة : نحنُ أنصارُك وأعوانُك مع عدوِّك ، ولو دعوتنا الى اضعافِهم من الناس احتسبنا في ذلك الخير ورجوناه.
    فدعا لهم أمير المؤمنين 7 وأثنى عليهم ، ثمَّ قال : قد علمتم - معاشر المسلمين - أنّ طلحة والزُّبير بايعاني طائعين راغبين ، ثمّ استأذناني في العُمرةِ فأذنتُ لهما ، فسارا الى البصرة فقتلا المسلمين وفعلا المنكر.
    اللهمّ إنّهما قطعاني وظلماني ونكثا بيعتي وألَّبا النّاس عليّ ، فأحْلُلْ ما عقدا ، ولا تُحكم ما أبْرَما ، وأرِهِما المساءة فيما عَمِلا.
    (2) الارشاد 1 : 251.

    « اما بعدُ ، ايّها الناس :
    إنَّ الله عزّوجلّ فَرَضَ على عباده الجهادَ ، وعظَّمَهُ وجَعَلَهُ نُصْرةً له ، والله ما [ صَلحتْ ] (1) دُنياً ولا دَينٌ إلا به ، الا وإنّ الشّيطانَ قد جَمَعَ حِزْبَهُ ، واستجلَبَ خَيْلَهُ ، [ وشبَّ ] (2) في ذلك وخَدَعَ ، وقد بانَت الأمورُ ( فتمخضت ) (3).
    والله ما انكروا عليَّ منكراً ولا جَعَلوا بيني وبينهم [ نِصْفاً ] (4) ، الا وإنّهم يَطلبون حقّاً تركوه ، ودماً سَفكوه ، ولَئنْ كُنتُ شَركتُهم فيه إنَّ لهم نصيبهم فيه ، ولَئنْ كانوا وَلُوهُ [ دوني ] (5) [ فما تَبعتُهُم إلا قَبلُهم ] (6) ، وإنّ أعظمِ حُججهِم لَعَلى أَنْفُسِهم ، وإِني لَعَلى بَصيرتي [ ما لُبِّستْ عليّ ] (7) ، وإنّها الفئَةُ الباغيةُ [ الحُمَّى والحُمّةُ ] (Cool قد طالت هُلبتُها (9) وامكَنَتْ درَّتها ، يَرْضَون أُما [ فطمت ] (10) ، يجيبونَ بَيْعةً تُرِكتْ ، ليعود الضلالُ الى نِصابهِ.
    __________________
    (1) في النسخة : علمت ، وهو تصحيف ، والصواب كما ورد في الارشاد.
    (2) في النسخة : وسب.
    (3) في النسخة : فسخط.
    (4) في النسخة سقطت : نصفا ، وقد اثبتناها من الارشاد.
    (5) في النسخة : ديني.
    (6) في النسخة : فما بيعتهم إلا قتلهم ، والصواب كما في الارشاد.
    (7) في النسخة : من امري كما كتبت علي.
    (Cool في الاصل : اللحم والجلد وتفتقد من التصحيفات الناسخ.
    (9) هلب : هو شعر الذنب ، وفرس مهلوب : مجزوز الهُلْب.
    (10) في النسخة : ما عظمت.

    ما أعتذرُ ممّا فعلتُ ، ولا أتبرأ ممّا صَنَعتُ ، [ فيا خيبةً للدّاعي ومَنْ دعا ، لو قيلَ له : الى مَنْ دعواكَ ؟ والى مَنْ أحبَبْتَ ؟ ومَنْ إمامُكَ ؟ وما سُنَنُهُ ؟ ] (1) ، إذاً لَزاحَ الباطلُ عن مَقامهِ ، ولَصَمَت لِسانُهُ فما نَطقَ.
    وايمُ الله ، لأمْرُطَنَّ لهم حَوضاً أنا [ ماتحه ] (2) ، لا يَصْدُرونَ عنه ، ولا يلقَونَ [ بعده ريّاً ] (3) ابداً ، وإني لراضٍ بحُجّةِ [ الله عليهم وعُذرِه فيهم ، إذ أنا داعيهم ] (4) ، فمعذرٌ إليهم فإنّ تابوا وقبلوا فالتّوبةُ [ مبذولة ] (5) والحقُّ مَقبولٌ وليسَ على الله كُفرانٌ ، وإنْ [ أبوا أعطيتُهم ] (6) حَدَّ السّيفِ ، وكفى بهِ شافياً من باطل وناصراً للمؤمنين » (7).
    قال : وَلمّا وصل امير المؤمنين الى البصرة ، أرسل الى القوم يناشدهُم الله تعالى ، ويذكرهم بقول رسول الله 6 ، متعوذاً منهم على ما اصروا عليه ، فلم يجيبوه لذلك ، بل تعصبوا على القتال ، فقام 7 في اصحابه خطيباً ، فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبيّ 6 ، ثمّ قال 7 :
    __________________
    (1) سقطت من النسخة الخطية واثبتناها من الارشاد.
    (2) متح : وهو الذي ينزع الدلو ، وقد سقطت من النسخة واثبتناها من الارشاد.
    (3) في النسخة : معدوماً ، وصوابة كما في الارشاد.
    (4) في النسخة : اسألهم وعذرهم فيها إذ انا فازعتهم ، والصواب كما جاء في الارشاد.
    (5) في النسخة : هذه ولهم ، والصواب كما في الارشاد.
    (6) في النسخة : لم يأتوا تائبين فأعطهم ، والصواب كما في الارشاد.
    (7) انظر الخطبة في : الاستيعاب 2 : 221 ، نهج البلاغة 1 : 38 / 9 و 55 / 21 ، ونقلها العلامة المجلسي في بحار الانوار 32 : 116 ح 93.

    « اللَّهمَّ ، إني أسْتَعينُ بِكَ على قُريش ، فإنَّهُمْ [ قطعوا ] (1) رحمي ، ( والكفوا انائي ) (2) ، وَأجْمَعُوا على مُنَازَعتي حَقّاً كُنتُ أوْلى بهِ من غيْري (3) ، وقالوا : ألا إنّ في الحقِّ أنْ تأخُذَهُ ، وفي الحقِّ أنْ تمْنِعَهُ ، فأصْبِرْ مغمُوماً (4) ، أو مُتْ مُتَأسِّفاً ، فَنَظَرتُ فإذا لَيْسَ لي رافدٌ ولا ذَابٌ ، وَلا مُسَاعِدٌ ، إلا أهلَ بَيْتي ، فَضَننْتُ بِهم عَن المَنيّةِ (5) ، فَأغْضَيتُ عَلى القَذَى ، وَجَرِعْتُ (6) ريقي عَلَى الشَجا ، وَفي العينِ قَذى ، فَصَبَرْتُ مِنْ كظمِ الغيظِ على أمَرَّ مِنَ العلْقَمِ ، واَلَم لِلقلْبِ مِنَ وَحزِ (7) الشِّفَارِ » (Cool.
    ومن كلامه 7 حين وصوله الى البصرة ، يحرض اصحابه على
    __________________
    (1) في نهج البلاغة [ قد قطعوا ].
    (2) في الغارات : وأصغروا أنائي ، وصغروا عظيم منزلتي.
    (3) في الغارات : فسلبونيه ثم.
    (4) في الغارات : كمداً متوضحاً ، أو متأسّفاً حنقاً.
    (5) في الغارات : عن الهلاك.
    (6) في الغارات : تجرعت.
    (7) في الاصل : خز ، وفي الغارات : حز ، وهي قريبة للمعنى ، الشفار : السكين الحارة.
    (Cool انظر : شرح نهج البلاغة 3 : 36 ، الغارات : 304 ـ 305 ، بحار الانوار 33 : 69. جاء في الغارات بأن هذه رسالة عليّ 7 الى اصحابه بعد مقتل محمد بن ابي بكر وهي طويلة راجعها في الغارات. وابن ابي الحديد في شرح النهج فقال : انها خطبة للامام 7 بعد مقتل محمد بن ابي بكر.
    لذا فأنها سواء كانت رسالة ام خطبة فهي ليس لها علاقة بوقعة الجمل ، وإذا كان ذلك في سبب قتل محمد بن ابي بكر فيظهر من هذا انها بعد وقعة صفين ، فهذا اشتباه وقع فيه المصنف.

    الجهاد (1) :
    « عباد الله ، أنهدوا الى هؤلاء القوم منشرحة صدوركم لِقتالِهِم ، فأنهم نكثوا بيعتي ، واخرجوا عثمان (2) بن حنيف عاملي بعد الضرب المبرح ، والعقوبة الشديدة ، وقتلوا السبابجة (3) ، وقتلوا حكيم بن جبلة العبدي (4) ، وقتلوا رجالاً صالحين.
    ثم اتبعوا من نجا منهم ، يأخذونه من كل حائط ، ومن تحت كل راية. [ ثمّ يأتون بهم ] (5) فيضربون رقابهم صبراً ، [ فيستحلون اموالهم ] (6) ، مالهم قاتلهم الله انى يؤفكون.
    أنهدوا إليهم وكونوا اشدّاء عليهم ، والقوهم وانتم صابرون محتسبون ، ليعلموا (7) أنكم منازلوهم ومقاتلوهم ، وقد وطنتم انفسكم
    __________________
    (1) الارشاد : 134 ، بحار الانوار 32 : 171 ح 131.
    (2) في الارشاد : ابن حنيف عاملي.
    (3) السبابجة : قوم صالحون كان امير المؤمنين 7 سلم بيت المال بالبصرة اليهم ، فكبسهم أصحاب الجمل وقتلوهم وذلك بعد معاهدتهم ألا يقتلوا اصحاب امير المؤمنين 7. قال الجوهري في ( الصحاح ) 1 : 321 السيابجه : قوم من السند كانوا جلاوزة بالبصرة واصحاب سجن ، والهاء للنسبة والعجمة ، واصل الكلمة سياه بجكان.
    (4) في الاصل : غيلة العبدي ، وصوابه كما في الارشاد.
    (5) سقطت من الاصل واثبتت من الارشاد.
    (6) سقطت من الارشاد.
    (7) في الارشاد : تعلمون.

    على الطعن الدعسي (1) والضرب الطلخفي (2) ، ومبارزة الاقران.
    وأيّ امرئ منكم أحَسَّ من نفسِه رباطة جأشٍ عندَ اللقاءِ ، ورأى من أحدٍ مِن إخوانِه فَشَلاً ، فليُذبَّ عن أخيه الذي فُضِّل عليه كما يذبُّ عن نفسِه ، فلو شاءَ الله لجَعلهُ مِثْلَهُ ».
    ثم قال 7 : « ايّها الناس :
    إذا هَزمُتموهُمْ فَلا تجْهزوا على قَتِيلٍ ولا جَريح ، ولا تقتلوا اسيراً ، ولا تَطْلبوا مُوَلّياً ، ولا تَتبعُوا مُدْبِراً ، ولا تكشفُوا عَوْرَةً ، ولا تُمثلوا بقتيلٍ ، ولا تَهتِكوا سِتْراًً ، ولا تربوا شيئاً من أمْوالِهم ، إلا أنْ تجدوه في مُعَسْكَرِهم من سلاحٍ أو كُرَاعْ وعبيدٍ واماءٍ ، وأمّا مَا سِوى ذلك فهوَ ميراثٌ لَوَرثتِهم على ما في كتابِ الله عزّوجلّ » (3).
    قال المسعودي (4) :
    ذكر عن المنذر انه ساق الحديث حتى قال : وكان دخول امير المؤمنين 7 البصرة مما يلي الطف ، فأتى الزاوية (5) ، فخرجت انظرُ
    __________________
    (1) الطعن الدعسي : الطعن الشديد. انظر لسان العرب 6 : 83.
    (2) الضرب الطلخفي : الشديد من الطعن والضرب. المصدر السابق 9 : 223.
    (3) مروج الذهب م 2 : 371.
    (4) مروج الذهب م 2 : 368 ـ 370.
    (5) الزاوية : بلفظ زاوية البيت ، عدة مواضع ، منها : قرية بالموصل من كورة بلد. والزاوية : موضع قرب البصرة كانت به الوقعة المشهورة بين الحجاج وعبد الرحمن بن محمد بن الاشعث ، قتل فيها خلق كثير من الفريقين ، وذلك في سنة 83 ه‍.
    انظر : معجم البلدان 3 : 128.

    الى القوم (1) ، فرأيتُ موكباً نحو الفِ فارس ، يقدمهم فارسٌ [ ومعه راية ] (2) على فرسٍ اشهب عليه قلنسوةٌ وثيابٌ بيض متقلداً بسيفٍ ، وإذا انا بتيجانِ القوم غالبها بيض وصفر ، مدججين في السلاح والحديد ، فقلت : من هذا ؟
    فقيل لي : هذا أبو ايوب الانصاري ، صاحب رسول الله 6 ، وهؤلاء الذين معه الانصار وغيرهم.
    ثم تلاه فارسٌ ثانٍ عليه عمامةٌ صفراء وثيابٌ بيض ، متقلداً بسيفٍ ( متنكباً قوساً ) (3) على فرسٍ أشقر ، بيده راية ، معه نحو الف فارس.
    فقلتُ : من هذا ؟
    فقيل : لي هذا خزيمة ذو الشهادتين (4).
    __________________
    (1) سقطت من الاصل ووردت في مروج الذهب.
    (2) سقطت من الاصل ووردت في مروج الذهب.
    (3) سقطت من الاصل ووردت في مروج الذهب.
    (2) قال الشيخ المفيد : حدثنا محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن اسحاق بن عمّار ، عن جعفر بن محمد 7 : ان رسول الله 6 إشترى فرساً من أعرابي فأعجبه ، فقام اقوام من المنافقين حسدوا رسول الله 6 على ما أخذه منه ، فقالوا للاعرابي : لو تبلغت به الى السوق بعته بأضعاف هذا ، فدخل الاعرابي الشره ، فقال : ألا أرجع فأستقيله ؟ فقالوا : لا ، ولكنّه رجل صالح ، فإذا جاءك بنقدك فقل : ما بعتك بهذا ! فأنه سيرده عليك ، فلما جاء النبيّ 6 أخرج إليه النقد ، فقال : ما بعتك بهذا ، فقال النبيّ 6 : والذي بعثني بالحق لقد بعتني بهذا. فقام خزيمة بن ثابت فقال : يا اعرابي اشهد لقد بعت رسول الله 6 بهذا الثمن الذي قال. فقال الاعرابي :

    ثم مرّ بنا فارسٌ ثالث على فرسٍ كميت ، متعمماً بعمامة صفراء من تحتها قلنسوةٌ بيضاء ، عليه قباء مصقول ، متقلداً بسيفٍ ، متنكباً قوساً ، معه نحو الف فارس ، وبيد راية.
    فقلت : من هذا ؟
    فقيل لي : هذا أبو قتادة بن ربعي الانصاري.
    ثم مرّ بنا فارسٌ رابع (1) ، شديدُ الادمة ، على فرسٍ اشهب ، عليه سكينةٌ ووقار ، رافعاً صوته بتلاوة القرآن المجيد ، بيده رايةٌ بيضاء ، وعليه عمامةٌ سوداء ، وثياب بيض ، متقلداً بسيف ، متنكباً قوساً ، معه نحو الف فارس مختلفي التيجان ، حوله شيوخٌ وكهولٌ وشبان [ كأنما قد أوقفوا للحساب ] (2) جباههم مسودة من أثر السجود.
    فقلت : من هذا ؟
    فقيل لي : هذا عمّار بن ياسر الانصاري ، والذين معه من المهاجرين والانصار.
    ثم مرّ بنا فارسٌ خامس (3) ، على فرسٍ اشقر ، على رأسه قلنسوة
    __________________
    لقد بعته وما معنا من أحد ، فقال رسول الله 6 لخزيمة : كيف شهدت بهذا ؟
    فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي تخبرنا عن الله واخبار السموات فنصدقك ، ولا نصدقك في ثمن هذا. فجعل رسول الله 6 شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين.
    انظر : الاختصاص : 58.
    (1) في مروج الذهب : اخر.
    (2) سقطت من الاصل ، وهكذا وردت في مروج الذهب.
    (3) في مروج الذهب : اخر.

    عليها عمامةٌ صفراء ، وعليه ثيابٌ بيض ، متقلداً بسيفٍ ، متنكباً فرساً ، تخط رجلاه الارض ، معه الف فارس فارس مختلفي التيجان غالبها الصفرة والبياض ، ومعه راية صفراء.
    فقلت : من هذا ؟
    فقيل لي : هذا قيس بن سعد بن عبادة الانصاري ، وهؤلاء الذين معه الانصار وغيرهم من قحطان.
    ثم مرّ بنا فارسٌ سادس (1) على فرسٍ أشهل (2) ما رأينا مثله ، عليه ثياب بيض وعمامة سوداء سدلها (3) بين يديه ومن خلفه ، وبيده لواء [ ومعه نحو الف فارس من اصحاب رسول الله 6 ] (4).
    فقلت : من هذا ؟
    فقيل لي : هذا عبدالله بن العباس.
    ثم تلاه موكب سابع (5) ، يقدمهم فارس اشبه الناس بمن [ قبله ] (6).
    فقلت : من هذا ؟
    فقيل لي : هذا [ قثم بن العبّاس ، أو معبد بن العبّاس ] (7).
    __________________
    (1) لم ترد في مروج الذهب.
    (2) أشهل : هو اشهل العين ، وفي عينه شهلة : يشوب سوادها زرقة.
    (3) سدل الثوب سدلا : أرخاه.
    (4) لم ترد في مروج الذهب.
    (5) في مروج الذهب : اخر.
    (6) في مروج الذهب : اشبه الناس بالاولين.
    (7) في الاصل العبارة غير واضحة ، وهكذا وردت في مروج الذهب.

    ثم مرّ بنا موكب تاسع (1) ، فيه خلقٌ عظيم ، مكملين بالسلاح والحديد ، مختلفي التيجان والرايات ، تقدمهم راية كبيرة عظيمة ، في اولهم فارسٌ ، كأنما قد [ كسر وجبر ] (2) ، كأن على رؤوسهم الطير ، فعن يمينه شابٌ حسن الوجه ، وعن شمالِهِ (3) مثله ، وبين يديه شابٌ ليس هو ببعيد منهما.
    فقلت : من هؤلاء ؟
    فقيل لي : اما الاوسط فهو امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب 7 ، وما الشابُ الذي على يمنيهِ ابنه الحسن 7 ، والذي عن شماله ابنهُ الحسين 7 ، واما الذي بين يديه حامل الراية فأبنه محمدُ بن الحنفية (4).
    فساروا حتى نزلوا بالزاوية ، فصلّى امير المؤمنين 7 أربع ركعاتٍ ، ثمّ عفّر خدّيه على التّراب وخالطهما بدموعه ، ثمّ رفع رأسه يقول : « اللّهم ربّ السَّمواتِ وما اظلّت ، وربَّ الارضين وما اقلّت ،
    __________________
    (1) لم ترد في الاصل.
    (2) قال المسعودي في مروج الذهب 3 : 369 : قال ابن عائشة : وهذه صفة رجل شديد الساعدين نظره الى الارض اكثر من نظره الى فوق ، وكذلك تخبر العرب في وصفها إذا أخبرت عن الرجل انه كسر وجبر.
    (3) في مروج الذهب : عن يساره.
    (4) في مروج الذهب : قيل : هذا عليّ بن ابي طالب ، وهذا الحسن والحسين عن يمينه وشماله ، وهذا محمد بن الحنفية بين يديه معه الراية العظمى.

    وربَّ العرشِ العظيم ، هذه البصرة ، فأسألك من خيرها وأعوذُ بِكَ من شرّها ، اللّهم ، انزلنا فيها خير منزلٍ وانتَ خيرُ المنزلين.
    اللّهم ، ان هؤلاءِ القوم ، [ قد بَغَوا علي ، وخالفوا طاعتي ] (1) ، ونكثوا بيعتي.
    اللّهم ، احقن دماء المسلمين ».
    ثم انه 7 بعث إليهم يناشدهم ، فأبوا إلا الحرب لقتاله !!
    فبعث إليهم مرةً ثانيةً رجلاً من اصحابه يقال له مسلم (2) بمصحفٍ
    __________________
    (1) في مروج الذهب : قد خلعوا طاعتي ، وبغوا علي.
    (2) روى شيخنا المفيد ( علا الله مقامه ) في مصنفاته 1 : 339 ، [ ان أمير المؤمنين 7 ] قال : « من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم إليه وهو مقتول وأنا ضامن له على الله الجنة ؟ ». فلم يقم أحد إلا غلام عليه قباءُ ابيضُ حدثُ السنِّ من عبد القيس يقال مُسلم كاني اراهُ. فقال : أنا أعرضه عليهم يا امير المؤمنين وقد احتسبت نفسي عند الله تعالى. فأعرض عنه إشفاقا عليه ، ونادى ثانيةً : « من يأخذ هذا المصحف ويعرضه على القوم وليعلم أنّه مقتول وله الجنّة ؟ ». فقام مُسلمٌ بعينه وقال : أنا أعرضه. فأعرض ونادى ثالثةً فلم يقُمْ غير الفتى ، فدفع إليه المصحف وقال : « امض إليهم واعرضهُ وادعُهُم الى ما فيه ».
    فأقبل الغلام حتى وقف بإزاء الصفوف ونشر المصحف وقال : هذا كتاب الله عزّوجلّ وأمير المؤمنين 7 يدعوكم الى ما فيه. فقالت عائشة : أشجُروُه بالرماح قبحهُ الله ! فتبادروا إليه بالرماح فطعنوه من كل جانب ، وكانت أمهُ حاضرةً فصاحت وطرحت نفسها عليه وجرّتهُ من موضعِه ، ولحقها جماعةٌ من عسكر أمير المؤمنين 7 أعانوها على حملهِ حتى طرحوه بين يدي أمير المؤمنين 7 وأمه تبكي وتندبه وتقول .. الشعر.

    يدعوهم الى كتاب الله عزّوجلّ ، فرموه بالسِهام حتى قتلوه ، فَحُمِل الى امير المؤمنين 7 قتيلاً ، فقالت اُمُه فيه هذه الابيات شعراً (1) :
    يا رَبِّ إن مُسْلِماً اتاهُمُ
    يَتْلُو كتِابَ الله لا يَخْشاهُمُ

    فَخضبُوا مِن دَمِهِ لحاهمُ (2)
    وامّهُ قائمةٌ تراهُم

    ثم جاء عبدالله بنُ مدمل بأخيه مقتولاً ، وجيء برجل آخر من الميسرة مذبوحاً فيه سهم ، فقال 7 :
    « اللهم ، اشهد غدرَ القوم ».
    فمضى إليهم عمّارُ بن ياسر 2 (3) حتى وقف بينَ الصفّين ، وقال :
    __________________
    (1) مروج الذهب م 2 : 370.
    (2) في رواية الشيخ المفيد : قناهم وزاد فيه : تأمُرُهم بالقَتْلِ لا تنهاهُم.
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 340.
    (3) في رواية عن عبدالله بن زياد مولى عثمان بن عفان قال : خرج عمارة بن ياسر يوم الجمل الينا ، فقال : يا هؤلاء على اي شيء تُقاتِلُونا ؟ فقلنا : نُقاتلكم على أنّ عثمان قُتِلَ مؤمناً. فقال عمّارٌ : نحن نقاتلكم على أنّهُ قُتِلَ كافراً.
    قال : وسمعت عماراً يقول : والله لو ضربتُمونا حتى نبلغَ سعفاتِ هَجَر لعلمنا أنا على الحقّ وانكم على الباطل. وسمعته يقول : والله ما نزلَ تأويل هذه الآية الا اليوم ( يا ايّها الذين آمنوا من يرتدّ مِنْكُم عن دينهِ فسوف يأتي الله بقومٍ يُحبّهم ويُحبّونه ) قال : ولما جال الناس تلك الجولة قُتِلَ بينهم خلقٌ كثيرٌ ، وسمعت اصوات السيوف في الرؤوس كأنها مخاريق. قال الراوي : والله لقد مررتُ بعد الوقعةِ بالبصرة فدنوتُ من دَيْرِ القصارين فسمعتُ اصوات الثياب على الحجارة فشبَّهْتُها بالاصوات التي كانت من السيوف على الرؤوس يومئذٍ ، وفي تلك الجولة قُتِلَ ظريفُ بن عَديِّ بن حاتم ، وفقئت عينُ عَديِّ. انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 2 : 366 ، الطبري 4 : 525 ، شرح نهج البلاغة 14 : 248.

    ايّها الناسُ ، ما انصفتم نبيكم 6 ، حين كففتم عقايلكم في بيوتكم ، وابرزتم عقيلته للسّيوف ، ثمّ انه دنا من عائشة 2 وهي في هودجها ، فقال لها :
    يا ام المؤمنين ما تريدين بهذا الموقف ؟
    قالت : طالبة لِدَمَ عثمان 2.
    قال : قتل الله تعالى الباغي في هذا اليوم ، والطالب للباطل بغير الحق.
    ايّها الناسُ : أتعلمون ايّنا الممالي في قتل عثمان ، فرشقوه بالنبل ، فرجع وهو يقول :
    فمنك البكاءُ ومنك العويلُ
    ومنك الرّياح ومنك المطر

    وانتِ امرتِ بقتلِ الامامِ
    وقاتله عندنا منْ أمر

    اشارَ بقولهِ هذا إليها ، حيث قالت : اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً (1) !!
    __________________
    (1) ذكر ابن الاثير قال : وكان سبب اجتماعهم بمكة ان عائشة خرجت إليها ، وعثمان محصور ، ثمّ خرجت من مكّة تريد المدينة ، فلما كانت بسَرف لقيها رجل من اخوالها من بني ليث يقال له عُبيد بن أبي سَلمة ، وهو ابن ام كلاب ، فقالت له : مَهْيَمْ ؟ قال : قُتل عثمان وبقوا ثمانية. قالت : ثمّ صنعوا ماذا ؟ قال : اجتمعوا على بيعة عليّ. فقالت : ليت هذه انطبقت على هذه ان تمّ الامر لصاحبك ! ردوني ردوني ! فانصرفت الى مكّة وهي تقول : قُتل والله عثمان مظلوماً ، والله لاطلبن بدمهِ ! فقال لها ، ولمَ ؟ والله اِن أوّل من حرفه لأنتِ ، ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر. قالت : إنّهم أستتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلتُ وقالوا ، وقولي الاخير خير من قولي الاول.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: رد: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:17 pm

    فلما اتى الى امير المؤمنين 7 قال له : جعلت فداك ، انظرني امرك واجمع اصحابك وانصارك ، فإنه ليس لك عند القوم إلا الحرب.
    فقال 7 لاصحابه :
    « ايّها الناسُ : صافوهم ولا تبدوهم البراز ، ولا ترموهم بالسهام ، ولا تضربوهم بالسيفِ ، ولا تطعنوهم بالرماحِ ، حتى يبدوكم فإذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح ، ولا تقتلوا اسيراً ، ولا تتبعوا مولياً ، ولا تقبلوا شيئاً من اموالهم ، إلا ما تجدونه في معسكرهم من كراعٍ أو سلاحٍ أو عبيد أو إماء ، وما عدا ذلك فهو ميراثٌ لورثتهم » (1).
    * * *
    __________________
    فقال لها ابن ام كلاب :
    فمنكِ البداءُ ومنكِ الغِيَر
    ومنكِ الرّياحُ ومنكِ المطَرْ

    وانتِ أمرتِ بقتلِ الامامِ
    وقلت لنا إنّهُ قد كَفَرْ

    فهبنا أطعناكِ في قتلِهِ
    وقاتِلُهُ عندنا من أمَرْ

    ولم يسقط السقفُ من فوقنا
    ولم ينكسف شمسنا والقمَرْ

    وقد بايع الناس ذا تدرء
    يزيلُ الشبا ويقيمُ الصّعرْ

    ويلبس للحربِ اثوابها
    وما من وفى مثلُ من قد غدرْ

    انظر : الكامل في التاريخ 3 : 206.
    (1) مروج الذهب 3 : 371.

    مناشدة امير المؤمنين 7 الزبير بن العوام (1)
    ثم انه 7 خرج على بغلةِ رسولِ اللهِ 6 ، ونادى بالزبير بن العوام ، فجاءهُ مكملاً بالسّلاح.
    فقالت عائشة رضي الله عنها : واحزنكِ يا اسماء !
    فقيل لها : إنّ علياً 7 خرج حاسراً من السلاح ، فطمأنت نفسها. فتقاربا حتى اختلفت اعناق خيلهما.
    فقال امير المؤمنين 7 له : يا أبا عبدالله ، انما دَعَوتك لاذكرك حديثاً قال لي ولك رسول الله 6 : أتذكر يوماً رآك [ اي رسول الله 6 ] وانتَ تعنقني في بني عوف ، إذ قال لك : أتحبّ يا زبير علياً ؟
    __________________
    (1) ذكر ابن الاثير في الكامل 3 : 239 ، قال : فلما تراءى الجمعان خرج الزبير على فرس عليه سلاح ، وخرج طلحة فخرج إليهما عليّ [ 7 ] حتى اختلفت اعناق دوابهم ، فقال عليّ [ 7 ] : لعمري قد اعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً ، إن كنتما اعددتما عند الله عذراً ، فأتقيا الله ولا تكونا ( كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ) ، الم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دمكما ، فهل من حدث أحلّ لكما دمي ؟ قال : طلحة : ألبت على عثمان. قال [ 7 ] : ( يَوْمَئِذٍٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ ). يا طلحة ، تطلب بدم عثمان فلعن الله قتلة عثمان ! يا طلحة أجئت بعرس رسول الله 6 ، تقاتل بها وخبأت عرسك في البيت ! أما بايعتني ؟ قال : بايعتك والسيف على عنقي فقال [ 7 ] للزبير : يا زبير ما اخرجك ؟ قالت : انتَ ، ولا أراك لهذا الامر اهلاً ولا ولي به منا.

    فقلت : اي والله إنّي لأحبه ، وما يمنعني يا رسول الله عن حبهِ وهو اخي وابنُ خالي.
    فقال 6 لك : إنّك ستخرج عليه وانت ظالمٌ له !
    قال : بلى ، قد كان ذلك !
    فقال 7 : انشدك الله ثانياًً ، يوم جاء رسول الله 6 من عند بني عوف وانت معه آخذ بيدي ، فأستبقلته وسلمت عليه ، فضحك في وجهك ، وضحكت إليه ، فقلت له :
    يا رسول الله ، لا يدع ابن ابي طالب زهوه.
    فقال 6 لك : يا زبير ليس بعلي زهو ، ولتخرجن عليه وتحاربه وانت ظالم له.
    قال : اللهم ، نعم لقد كان ذلك ، ولكني نسيتُ وما ذكرتني انسانيه الدهر !! ولو ذكرته لما خرجتُ عليك.
    فكيف أرجع وقد التقت حلقتا البطان ، والله ان هذا هو العار الذي ليس له مثيل.
    فقال 7 : يا زبير ارجع ، قبل ان تجمع العار والنار.
    قال : اذن ، لامضين وانا استغفر الله تعالى ، فكر راجعاً وهو يقول هذه الابيات شعراً (1) :
    اخترتُ عاراً على نارٍ مؤجَّجَةٍ
    [ الى خلقٍ بها قوم من الطّين ] (2)

    __________________
    (1) مروج الذهب م 2 : 372.
    (2) في مروج الذهب : ما إن يقوم لها خلق من الطين.


    نادى عليٌّ بأمرٍ لستُ اجهلهُ
    عارٌ لعمرك في الدّنيا وفي الدين

    فقلتُ : حسبُك من عذلٍ ابا حسنٍ
    فبعض هذا الذي قد قلت يكفيني

    فقالت له عائشة 2 : ما خلفت وراءك يا با عبدالله ؟
    قال : والله ، ما وقفت موقفاً ، ولا شهدتُ مشهداً في شركٍ ولا اسلام إلا ولي فيه بصيرةٌ ، وانا اليوم على شكٍ من أمري ، فما كدتُ ان ابصر موضع قدمي.
    وقال له ابنهُ عبدُالله : يا ابتِ لقد رجعت الينا بغير الوجه الذي مضيتَ به عنّا.
    قال : نعم والله ، لقد ذكرني عليٌّ [ 7 ] حديثاً عن رسول الله 6 قد انسانيه الدهر فلا حاجةَ لي في محاربته ابداً. فرجعتُ مستغفراً للهِ عزّوجلّ ، وتارككم منذ اليوم ، فيفعل الله ما يشاء.
    قال : بلى ، انّي اراك فررت من عيون بني هاشم حين رأيتها تحت المغافر ، وبأيديهم سيوف حداد ، وتحملها فتية امجاد.
    قال : ويلك ، يا بني اتهيجني على حربه ، اما اني قد حلفتُ ان لا أحاربه (1).
    __________________
    (1) روى الحارث بن الفضل عن عبدالله الاغر ، ان الزبير بن العوام قال لابنه يومئذٍ : ويلك ، لا تدعنا على حال ، انت والله قطعت بيننا وفرقت الفتنا بما بليتُ به من هذا المسير ، وما كنت متولياً من ولي هذا الامر واقام به ، والله لا يقوم احد من الناس مقام عمر بن الخطاب فيهم فمن ذا يقوم مقام عمر بن الخطاب ، وان سرنا بسيرة

    فقال : كفر عن يمينك ، لئلا يتحدثنّ نساءُ قريش ، إنّك جبنتَ ، وما كنت بجبان.
    قال : صدقت إذاً ، فغلامي مكحول هو حرٌّ كفارة عن يميني (1).
    ثم انّه نصلَ سنان رمحه ، وكر راجعاً.
    فقال امير المؤمنين 7 : أفرجوا له ، فأنه مُحرج.
    فلم يزل يجول في المعركة يميناً وشمالاً ، يشقُّ الصفوف ، حتى اتى وادي السّباع ، ثمّ عاد الى أصحابه ، ثمّ حمل مرةً ثانيةً وثالثة ، فقال
    __________________
    عثمان قتلنا ، فما اصنع بهذا المسير ، وضرب الناس بعضهم بعض.
    فقال له عبدالله ابنه : افتدع علياً يستولي على الامر ؟ وانت تعلم انه كان احسن اهل الشورى عند عمر بن الخطاب ، ولقد اشار عمر وهو مطعون يقول لاصحابه اهل الشورى : ويلكم أطمعوا علياً فيها لا يفتق في الاسلام فتقاً عظيماً ومنّوه حتى تجمعوا على رجل سواه.
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 289.
    (1) فقال عبد الرحمن بن سليمان التميمي :
    لم أرَ كاليومِ أخا إخوانِ
    أعجب مِن مُكفّر الايمانِ

    انظر : الكامل في التاريخ 3 : 240.
    وقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال عليّ 7 :
    أيعتق مكحولاً ويعصي نبيّه
    لقد تاه عن قصد الهدى ثمّ عوّق

    أينوي بهذا الصدق والبرّ والتقى
    سيعلم يوماً من يبرّ ويصدقُ

    لشتان ما بين الضلالة والهدى
    وشتّان من يعصي النبيّ ويعتقُ

    ومن هو في ذات الاله مشمر
    يكبر برّاً وبه يصدقُ

    أفي الحقّ أن يعصي النبيّ سفاهة
    ويعتق من عصيانه ويطلّقُ

    كدافق ماء للسراب يؤمّه
    ألا في ضلال ما يصبّ ويدفقُ

    انظر : نهج البلاغة 1 : 234. بشارة المصطفى : 247. بحار الانوار 32 : 205.

    لابنه : ويلك ، اترى ما فعلتُ ، أهذا جبنٌ ؟
    قال : حاشا ، لقد اعذرت بما فعلت.
    قال [ المصنف في رواية اخرى ] :
    فلما خرج امير المؤمنين 7 لطلب الزبير ، خرج حاسراً والزبير دارعاً مدججاً.
    فقال له 7 : يا ابا عبدالله ، لعمري لقد اعددت سلاحاً وجنداً ، فهل اعددت لله عزّوجلّ بعذرٍ ؟
    قال : ان مردنا الى الله عزّوجلّ يفعل ما يشاء.
    فقال 7 : ( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ الْمُبِينُ ) (1).
    فكرّ عنه راجعاً نادما (2) ، ورجع امير المؤمنين 7 الى أصحابه فرحاً مسروراً.
    فقالوا له : يا امير المؤمنين ، أتبرز الى الزبير حاسراً وهو مستعدٌ بالسلاحِ ، ألست تعلم بشجاعته ؟
    قال : بلى ، ولكنّه ليس بقاتلي ، وانما يقتلني رجلٌ خامل الذكر غيلةً.
    __________________
    (1) النور 24 : 25.
    (2) وقيل : انما عاد الزبير عن القتال لما سمع ان عمّار بن ياسر مع عليّ [ 7 ] ، وقد قال النبيّ 6 : ( يا عمّار تقتلك الفئة الباغية ). انظر : الكامل في التاريخ 3 : 240.

    مقتل الزبير بن العوام
    قال [ المصنف ] :
    ولمّا انصرف الزبيرُ الى وادي السّباع (1) ، وكان به الاحنف بن قيس في جمع من بني تميم ، فأخبر به فرفع صوته ، وقال : ما معشر بني تميم هذا الزبير بن العوام فما أصنع به ؟ اما انه احق بالقتل.
    __________________
    (1) وادي السباع : جمع سبع ، الذي قُتل فيه الزبير بن العوام ، بين البصرة ومكة ، بينه وبين البصرة خمسة أميال.
    معجم البلدان 5 : 343.
    ذكر الشيخ المفيد 2 بعض ما روي في قتل الزبير بن العوام ، فقال : روى المفضل بن فضالة عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن ابراهيم ، قال : هرب الزبير على فرس له يدعى ( ذا الحمار ) حتى وقع بسفوان ، فمر بعبدالله بن سعيد المجاشعي ، وابن مطرح السعدي ، فقالا له : يا حواري رسول الله [ 6 ] انت في ذمتنا لا يصل إليك أحد ، فأقبل معهما فهو يسير مع الرجلين إذ أتى الاحنف بن قيس برجل فقال : أريد ان أسر اليك سراً ادن مني ، فدنا منه ، فقال : يا هذا الزبير قد هرب واني رأيته بين رجلين من بني مجاشع ومنقر اظنه يريد التوجه الى المدينة. فرفع الاحنف صوته وقال : ما اصنع ان كان الزبير قد القى الفتنة بين المسلمين حتى ضرب بعضهم بعضاً ، ثمّ هو يريد ان يرجع الى اهله الى المدينة سالماً ، فسمعه ابن جرموز فنهض ومعه رجل يقال له فضالة بن محابس ، وعلما ان الاحنف انما رفع صوته يذكر ابن الزبير لكراهته ان يسلم وإيثاره ان يقتل ، فأتبعاه جميعاً ، فلما رآهما من كان مع الزبير ، قالوا له : هذا ابن جرموز ، وانا نخاف عليك. فقال لهم الزبير : انا اكفيكم ابن جرموز وأنتم اكفوني ابن محابس ، فحمل عمير على الزبير وعطف عليه ، وقال يا فضالة أعنّي فإنّ الرجل قاتلي ، فأعانه وحمل ابن جرموز فقتله وأحتز رأسه.
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 387.

    قالوا : بلى والله ، فركب فرسه في الف فارس ، وتبعه عمرو بن جرموز ، [ و ] كان مشهوراً [ بالفروسية ] والشجاعة ، فوقف له الزبير وقال : ما شأنك ؟
    قال : جئت لأسألك عن أمر الناس.
    قال : تركتهم قياماً في الركب ، يضربُ بعضهم وجه بعضٍ بالسيف ! فسارا معاً يتحدثان ، وكل واحدٍ على حذرٍ من صاحبه حتى دخل وقتُ الصلاة.
    فقال الزبير : يا هذا انا نُريد ان نُصلّي.
    قال : احسنت فيما تقول ، إنّ الصّلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ، وقد أردتُ ان اقولَ لك ذلك.
    قال : أفتؤمنني وأومنك.
    قال : نعم.
    فحولا عن خيلهما ، واسبغا الوضوء ، وقام الزبير للصلاة فشدّ عليه عمرو بن جرموز فقتله ، وجزّ رأسه ، وانتزع خاتمه وسيفه ، وحثا عليه التراب ، واتى بهم الى الاحنف بن قيس.
    فقال له : والله ما ادري بك ، هل اسأت ام أحسنت ؟ ولكن اذهب بهم الى أمير المؤمنين 7 ، واخبره بخبرك ، فمضى إليه وأخبره.
    فقال 7 له : « انت قتلته ؟ »
    قال : نعم.
    قال [ المصنف ; ] :

    وفي كثير من الروايات انه لم يأتهِ بالرأس.
    فقال 7 : « والله ما كان ابنُ صفية جباناً ولا لئيماً ، ولكن الحين ومصارع السوء » (1). ثمّ قال 7 : « ناولني سيفه » فناوله اياه ، فأخذه وهزّه ، ثمّ قال 7 :
    « اما اني سَمعتُ رسول الله 6 يقول : بَشِّر قاتِل أبن صَفيةُ بالنار ».
    وقال في حديث آخر : « الزبير وقاتله في النار ».
    فخرج ابن جرموز خائباً وهو يقول هذه الابيات شعراً (2) :
    اتيتُ عليّاً برأسِ الزبير
    ابغي به عنده الزلفهْ

    فبشر بالنّار يومَ الحساب
    فبئس بشارةً ذي التحفهْ

    فقلت له ان قَتلَ الزبير
    لولا رضاك من الكلفهْ

    فان ترضَ ذاكَ فمنك الرضا
    ولا فدونك لي حلفهْ

    وربّ المحلّين والمحرمين
    ورب الجماعة والالفهْ

    لسيّان عندي قتل الزبير
    وضرطة عنز بذي الجحفهْ

    ثم ان عمرو بن جرموز مضى عن امير المؤمنين 7 ، وخرج عليه مع اهل النهروان ، فَقُتِلَ مع من قتلِ منهم.
    وفي رواية قال [ المصنف ; ] :
    __________________
    (1) طبقات ابن سعد 3 : 110 ، العقد الفريد 4 : 323 ، الفصول المختارة : 108.
    (2) مروج الذهب م 2 : 373.

    فبرز له عمرو بن جرموز فقتله ، وقيل الاحنف بن قيس ، فقال عمرو بن جرموز في قتله له هذه الابيات :
    اتيتُ عليّاً برأسِ الزبير
    لشتان عندي قتل الزبيرْ

    فبشّر بالنّار يومَ الحساب
    وبُشّرتُ بشارةً ذي التحفهْ

    لشتّان عندي قتل الزبير
    وضرطةُ نمر بذي الجحفهْ

    مناشدة امير المؤمنين 7 طلحة بن عبيد الله
    ثم ان امير المؤمنين 7 استدعى طلحة بن عبيدالله ، فقال له : انما دعوتك يا أبا عبدالله لأُذكرك ما قاله رسول الله 6 ، أما سمعته يقول : « اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ؟ »
    وانت أوّل من بايعني ، ثمّ نكثت بيعتك لي ، وقد قال الله تعالى ( فمن نكث فأنما ينكث على نفسه ) (1) فقال : استغفر الله ، وكان امر الله قدراً مقدوراً.
    فرجع وهو يقول هذه الابيات (2) :
    ندمتُ وظلّ لحمي
    ولهفي مثل لهف ابي وامي

    ندمتُ ندامة الكُسَعيِّ
    طلبتُ رضا بني جرم بزعمي

    __________________
    (1) الفتح : 10.
    (2) مروج الذهب م 2 : 374.

    قال [ المصنف ; ] :
    ثم برز فقتله مروان بن الحكم (1) ، فقال 7 : انا لله وانا إليه راجعون ، والله لقد كنت اكره ان أراه صريعاً تحت بطون الكواكب ، والله انه لقد كان كما قال الشاعر : (2)
    __________________
    (1) ذكر الشيخ المفيد ( اعلا الله مقامه ) عدة روايات في قضية مقتل طلحة بن عبيدالله ، قال ; : وروى اسماعيل بن عبد الملك ، عن يحيى بن شبل ، عن جعفر بن محمد ، عن ابيه 7 ، قال : حدثني ابي عليّ زين العابدين 7 ، قال : قال لي مروان بن الحكم : لما رأيت الناس يوم الجمل قد كشفوا ، قلت : والله لادركن ثأري ولافوزن منه الان ، فرميت طلحة فأصبت نساه فجعل الدم ينزف ، فرميته ثانية فجاءت به ، فأخذوه حتى وضعوه تحت شجرة فبقي تحتها ينزف منه الدم حتى مات.
    وروى ابن سليمان ، عن ابن خيثمة قال : قال عبد الملك بن مروان يوماً وقد ذكر عثمان وقتل طلحة : ولولا ابي قتله لم يزل في قلبي جرحه الى اليوم.
    وقال عبد الملك : سمعت ابي يقول : نظرت الى طلحة يوم الجمل وعليه درع ومغفر لم أر منه إلا عينيه ، فقلت : كيف لي به ؟ فنظرت الى فتق في درعه فرميته فأصبت نساه فقطعته ، فأني انظر الى مولى له يحمله على ظهره موليا فلم يلبث ان مات.
    وروى أبو سهل عن الحسن ، قال : لما رمي طلحة ركب بغلا ، وقال لغلامه :
    التمس لي مكاناً أدخل فيه. فقال الغلام : ما أدري اين ادخلك. فقال طلحة : وما رأيت كاليوم أضيع من دم شيخ مثلي. وقال الحسن وكان امر الله قدرا مقدوراً.
    قال الشيخ المفيد : فهذه الاخبار مختصرة صحيحة في مقتل طلحة بن عبيدالله طريقها من العامة من أوضح طريق ، وسندها اصح اسانيد ، وليس بين فيها اختلاف ، وكل ما يدل ان طلحة قتل وهو مصر على الحرب غير نادم ولا مرعو عن ذلك وفاقا لمذهب الحشوية ، وخلافا لمذهب المعتزلة ، وشاهدا ببطلان ما ادعوه من توبته.
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 383 ، 384.
    (2) مروج الذهب م 2 : 373.


    فتىً كان يُدنيه الغنى من صديقه
    إذا ما هو استغنى ويَبعِد الفقرُ

    كان الثريَّا عُلُقت بجبينه
    وفي خدّهِ الشعرا وفي جبينه البدرُ

    نشوب القتال بين الفريقين
    قال المسعودي (1) : وذكره ابنُ ابي الحديد ، ان اصحاب الجمل حملوا على ميمنة عسكر امير المؤمنين 7 حتى كشفوها على الميسرة ، فأتى بعض ولد عقيل الى امير المؤمنين 7 فوجده [ يخصف نعلاً ] (2) ، فقال له : يا أمير المؤمنين !
    فقال 7 : « اسكت يا ابن اخي ، انّ لِعمّكَ يوماً لا يعدوه (3) ، والله لا يبالي عمّك [ وقع على الموت ام الموت وقع عليه ] (4) ،
    قال : جعلت فداك ، ان القوم قد بلغت من القوم مرادها من ميمنتك حتى كشفتها على الميسرة بحيث لم تر ، [ وانت جالس تخصف نعلاً ] (5).
    فقال 7 : اُسْكُت يا ابن اخي ، انّ لعمك يوماً لا يتعداه ، والله لا
    __________________
    (1) مروج الذهب م 2 : 375.
    (2) في مروج الذهب : يخفق نعاساً على قربوس فرسه.
    (3) في النسخة الخطية : لا بعده والصواب كما اثبت من مروج الذهب.
    (4) في النسخة : على فرسه من سرجه ، وهذا تصحيف ربما من الناسخ والصواب كما ذكره المسعودي.
    (5) في مروج الذهب : وانت تخفق نعاساً.

    يبالي عمك أوقع على الموت أو الموت وقع عليه.
    ثم انه 7 بعث الى صاحب الراية ، وهو ولده محمّد بن الحنفية (1) ، يأمره ان يحمل على القوم ، فأبطأ بالحملة عليهم ، وكان بأزائه [ قومٌ من الرماة قد نفذت سهامهم ] (2).
    فأتاه 7 وقال له : « لِمَ لا حملت على القوم ؟ ».
    قال : لم أجد متقدماً [ إلا الرماة ، وقد نفدت سِهامهم ] (3).
    فضربه بقائِم سيفهِ ، وقال : [ ما ادركك عِرقٌ من ابيك ] (4).
    أحمل بين الاسنة ، [ فإنّ الموت عليك جنة ] (5) ...
    فحمل حتى شبك بين الرماح والسّهام ، وقد اخذ منه الراية وحمل عليّ 7 على القوم.
    وطاف بنو ضبّة بالجمل وهم يرتجزون بهذه الابيات (6) :
    __________________
    (1) كان لمحمد يوم البصرة عشرون سنة لان ولادته سنة 16 للهجرة ، وتوفي سنة احدى وثمانين عن خمس وستين سنة.
    اُنظر : تذكرة الخواص : 169 ، البداية والنهاية 9 : 38.
    (2) في مروج الذهب : قوم من الرماة ينتظر نفاد سهامهم.
    (3) في مروج الذهب : الا على سهم أو سنان ، واني منتظر نفاد سهامهم واحمل.
    (4) في مروج الذهب : ادركك عِرق من امك.
    (5) في مروج الذهب : فإنّ الموت أحب اليك من.
    (6) ذكر المسعودي في مروج الذهب م 2 : 375 ، وطافت بنو ضبة بالجمل واقبلوا يرتجزون ويقولون :
    نحن بنو ضبة اصحاب الجمل
    ننازل الموت إذا الموت نزل

    رُدُّوا علينا شيخنا ثمّ بَجَلْ
    ننعي ابْنَ عفان بأطراف الاسل

    والموت أحلى عندنا من العسلِ


    نحن بنو ضبة اصحاب الجمل
    ردوا علينا شيخنا ثمّ حبل

    عثمان ردوه علينا بأطراف الاسل
    الموت أحلى عندنا من العسل

    وكانوا بنو ضبّة سبعين رجلاً ، فكلّما لزم خطامَ الجمل رجل منهم قطعت يداه (1) ، حتى لم يبق منهم أحد وعرقب الجمل ، ولم يقع حتى قطعت قوائمه الاربع ، فأخذوه بالسيوف قطعاً ، وكان المعرقب له أبو جعدة بن غوبة الانصاري.
    فمن قتل عنده محمد بن طلحة السجّاد (2) ، قتله عاصمُ بن الغيث ،
    __________________
    (1) قال المسعودي : قطع على خطام الجمل سبعون يداً ، من بني ضبة منهم سعد بن سود القاضي متقلداً مصحفاً ، كُلما قطعت يد واحد منهم فصُرع قام آخر فأخذ الخطام وقال : انا الغلام الضبي.
    وذكر ابن الاثير : ربيعة العقيلي من اصحاب الامام علي 7 برز الى العدوي بعد ان تولى زمام الجمل ، فبرز له العقيلي وهو يقول :
    يا اُمّنا أعقَّ أمٍ نعلمُ
    والأمُّ تغذو ولداً وترحمُ

    ألا ترين كم شجاعٍ يُكلمُ
    وتُحتلى منه يدٌ ومعصمُ

    انظر : الكامل في التاريخ 3 : 248.
    (2) ذكر ابن الاثير في الكامل في التاريخ 3 : 249 ، وكان ممن أخذ بزمام الجمل محمد بن طلحة ، وقال : يا امّتاه مريني بأمرك. قالت : آمرك ان تكون خير بني آدم ان تركت ، فجعل لا يحمل عليه احد الا حمل عليه ، وقال : حاميم لا ينصرون ، واجتمع عليه نفر كلهم ادعى قتله ، المكعبر الاسدي ، والمكعبر الضبي ، ومعاوية بن شداد ، وعفار السعدي النّصري ، فأنفذه بعضهم بالرمح ، ففي ذلك يقول :
    وأشعَثَ قوّامٍ بآياتِ رَبّهِ
    قليل الاذى فيما ترى العينُ مسلمِ

    هتكتُ له بالرمح جيبَ قميصهِ
    فخرّ صريعاً لليدينِ وللفمِ

    يذكّرني حاميم والرّمحُ شاجرٌ
    فهلا تلا حاميم قبل التقدمِ

    على غير شيءٍ غير ان ليس تابعاً
    علياً ومن لا يتبعِ الحقّ يندمِ


    وطلحةُ بن عبد الله.
    قال [ المصنف ; ] :
    فجاء خُزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الى امير المؤمنين 7 ، وقال : جعلتُ فداك ، لا تنكس رأس محمد ، فأردد الراية إليه ، فدعاه وردها عليه ، فأخذها وقال :
    أطعن بها طعن ابيك تحمدِ
    لا خير في الحرب إذ لم توقدِ

    بالمشرفي والقنا المسددِ
    قال : والذي قتل من اصحاب الجمل ستة عشر الف وسبعمائة وسبعون رجلاً (1) ، والذي قتل من أصحاب امير المؤمنين أربعة آلاف رجل وقيل ان عبدالله بن الزبير قبض على خطام الجمل ، فصرخت به عائشة 2 تقول : واثكل اسماء !
    __________________
    (1) ذكر المدائني أنه رأى بالبصرةِ رجلاً مصطلم الاذن ، فسألته عن قصته ، فذكر أنه خرج يوم الجمل ينظر الى القتلى ، فنظر الى رجل منهم يخفض رأسه ويرفعه وهو يقول :
    لقد أوردتنا حومة الموتِ أُمُّنا
    فلم تنصرف إلا ونحن رَواءُ

    أطعنا بني تيمٍ لشقوة جدنا
    وما تيم إلا أعبدٌ وإماءُ

    فقلت : سبحان الله ! أتقول هذا عند الموت ؟ قل لا اله الا الله ، فقال : يا ابن اللخناء ، إياي تأمر بالجزع عند الموت ؟ فوليت عنه متعجباً منه ، فصاح لي ادنُ مني ولقّنّي الشهادة ، فصرتُ إليه ، فلما قربت منه استدناني ، ثمّ التقم أذني فذهب بها ، فجعلت ألعنه وأدعو عليه ، فقال : إذا صرت الى امك فقالت مَنْ فعل هذا بك ؟ فقل : عمير بن الاهلب الضبي مخدوع المرأة التي أرادت ان تكون امير المؤمنين.
    انظر : مروج الذهب م 2 : 379.

    خلِّ عن الخطام ودونك القوم ، خلاه والتقى بمالك النخعي الاشتر ، فاعتركا ملياً حتى سقطاً الى الارض ، فعلاه مالك بالسيف ، فلم يجد له سبيلاً الى قتلهِ ، وعبدالله ينادي من تحته :
    اقتلوني ومالكاً واقتلوا مالكاً معي.
    فلم يجبه أحد ، ولا احد يعلم من الذي يعنيه لشدة اختلاط الناس ببعضهم ، وثور النقع ، فلو قال اقتلوني ومالك الاشتر ، لقتلا جميعاً (1) ، فقال مالك هذه الابيات (2) :
    أعايشُ لَوْلا أنني كُنتُ طاوياً
    ثلاثاً لالفَيتِ ابْنَ أختِكِ هالِكاً

    غداة يُنادي والرماحُ تنُوشُهُ
    كوقعِ الضَياحي اُقتُلُوني ومالِكاً

    فنجاه منّي أكلُه (3) وشبابُهُ
    وأنّي شيخٌ لم اكُنْ مُتماسَكاً

    __________________
    (1) الكامل في التاريخ 3 : 251.
    (2) ذكره الشيخ المجلسي في بحار الانوار 32 : 192 ، وزاد فيه
    فلم يعرفوه إذْ دعاهم وغمّهُ
    خدبٌّ عليه في العَجاجَةِ باركاً

    وذكر المناسبة التي قال فيها مالك الاشتر هذه الابيات ، قال :
    فلما وضعت الحرب أوزارها ، ودخلت عائشة الى البصرة ، دخل عليها عمّار بن ياسر ومعه الاشتر ، فقالت : من معك يا ابا اليقظان ؟ فقال : مالك الاشتر.
    فقالت : انت فعلت بعبدالله ما فعلت ؟ فقال : نعم ولولا كوني شيخاً كبيراً وطاوياً لقتلته وأرحت المسلمين منه. قالت : أوما سمعت قول النبيّ ( 9 ) : ان المسلم لا يقتل إلا عن كفر بعد ايمان ، أو زنى بعد أحصان ، أو قتل النفس التي حرم الله قتلها ؟
    فقال : يا ام المؤمنين على أحد الثلاثة قاتلناه ، ثمّ انشد الشعر.
    انظر : بحار الانوار 32 : 191.
    (3) في الاصل : سيفه والصواب كما ورد في بحار الانوار.

    ولمّا سقط الجمل بالهودج ، انهزم القوم عنهُ ، فكانوا كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف (1).
    فجاء محمدُ بنُ ابي بكر 2 وادخل يده الى اختهِ ، فقالت له : من هذا المتهجم على حرم رسول الله 6 ؟
    قال : انا اقرب الناس اليك ، وابغضهم لكِ ، انا أخوك محمد بعثني اليك أمير المؤمنين ، يقول لك ، هل اصابك شيء من السلاح ؟
    __________________
    (1) قال الشيخ المفيد ; : ولمّا رأى أمير المؤمنين 7 جُرأة القوم على القتال وصبرهم على الهلاك ، نادى أصحاب ميمنته ان يميلوا على ميسرة القوم ، ونادى اصحاب ميسرته ان يميلوا على ميمنتهم ، ووقف 7 في القلب فما كان بأسرع من ان تضعضع القوم ، واخذت السيوف من هاماتهم مأخذها ، فأنكشفوا وقد قتل منهم ما لا يحصى كثرة ، واصيب من اصحاب امير المؤمنين نفرٌ كثير ، وأحاطت الازَدُ بالجمل يقدُمُهُم كعبُ بن سُور ، وخطام الجمل بيده ، واجتمع إليه من كان أنفل بالهزيمة ونادت عائشة :
    يا بنيَّ الكرَّة الكرةَّ ! اصبروا فإنّي ضامنةٌ لكم الجنّة ؛ فحفُّوا بها من كل جانب واستقدموا بُردة كانت معها ، وقلبت يمينها على منكبها الايمن الى الايسر ، والايسر الى الايمن ، كما كان رسول الله 6 يصنع عند الاستسقاء ؛
    ثم قالت : ناولوني كفاً من تُرابٍ ؛ فناولوها ، فحثت به وجُوه أصحاب امير المؤمنين 7 وقالت : شاهت الوُجُوهُ ! كما فعل رسول الله 6 بأهل بَدْرٍ ، قال : وجرَّ كعبُ بنُ سُورٍ بالخطام ، وقال : اللهم إن تحقن الدِماءَ وتُطفي هذه الفتنة فاقْتُلْ علياً ، ولما فعلت عائشة ما فعلت من قلب البرد وحصبِ اصحاب أمير المؤمنين 7 بالتراب ، قال 7 :
    « ما رَمَيْتِ إذ رَمَْتِ يا عائشةُ ولكنّ الشيطانَ رمى وليعُودنَّ وبالُكِ عليك إنْ شاء الله ».
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 328 ، الفتوح م 1 : 484.

    قالت : ما اصابني إلا سهم لم يضرّني (1).
    ثم جاء إليها امير المؤمنين 7 بذاته ، حتى وقف عليها ، وضرب الهودج بالقضيب ، وقال :
    « يا حميراء ! هل رسول الله 6 أمرك بهذا الخروج عليّ ؟ ألم يأمرك ان تقري في بيتك ؟ والله ما انصفكِ الذين أخرجوكِ من بيتكِ ، إذ صانوا حلائلهم وابرزوكِ !! »
    ثم انه 7 أمر اخاها محمداً ان يُنزلها في دار آمنة بنت الحارث [ ابن طلحة الطلحات ] ، فرفع الهودج وجعل يضرب الجمل بسيفهِ.
    [ امير المؤمنين 7 يأمر بأعادة عائشة الى المدينة ]
    قال المسعودي (2) : ثمّ انّ اميرَ المؤمنين 7 بعث عبدالله بن العبّاس الى عائشة يأمرها بالذهاب الى المدينة المنورة ، فدخل عليها بغير اذنها ، فاجتذب وسادةً وجلس عليها.
    فقالت له : يا ابن عباس ، لقد أخطأت السُّنة المأمور بها بدخولك
    __________________
    (1) روى بن ابي سبرة عن علقمه ، عن امه ، قال : سمعت عائشة تقول : لقد رأيتني يوم الجمل وانّه على هودجي الدروع الحديدية ، والنبل يخلص اليّ منها وانا في الهودج ، فهوّن ذلك عليّ ما صنعنا بعثمان ، ألبنا عليه حتى قتلناه ، وجرينا عليه الغواة ، فنعوذ بالله من الفرقة بين المسلمين.
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 381.
    (2) مروج الذهب م 2 : 376.

    علينا بغير اذنٍ منّا ، وجلوسك على رَحْلِنا بغير إذننا (1) !
    فقال : نعم ، لو كُنْتِ في البيتِ الذي تَرَكَكِ فيهِ رسول الله 6 لما دخلتُ (2) عَلَيكِ إلا بأذنِكِ ، ولا جلستُ (3) على رَحْلِكِ إلا بأمركِ ، بعثني امير المؤمنين 7 إليك يَأمُركِ بسُرعة الاوبة ، والتأهب للذهاب الى المدينة.
    قالت : أبَيتُ عمّا قلت ، وخالفتُ امرَ من وصفت (4) ، فمضى إليه واخبره بأمتناعها ، [ فبعثه 7 إليها ثانية ] (5) ، وقال : ان امير المؤمنين يعزم عليك ان ترجعي (6).
    فأمنعت بالاجابة للامر فجهزها 7 ، واتاها في اليوم الثاني ، ومعه بنوه الحسنُ والحسين واولاده جميعاً واخوته وبنو هاشم (7) ، فدخلوا عليها فلما [ ابصرته صاحت مع من عندها من النسوة ] (Cool في وجهه 7 ، يا قاتل الاحبة !
    فقال 7 : « لو كنت قاتل الاحبةِ لقتلتُ من في هذا البيت ».
    __________________
    (1) في مروج الذهب : وجلست على رحلنا بغير امرنا.
    (2) في مروج الذهب : دخلنا.
    (3) في مروج الذهب : جلسنا.
    (4) في مروج الذهب : وخالفت ما من وصفت.
    (5) في مروج الذهب : فرده إليها.
    (6) في مروج الذهب : وقال : قل لها : ان أبيتِ عمّا قلتُ لكِ ، ما تعلمين.
    (7) في مروج الذهب : وغيرهم وشيعته من همدان.
    (Cool وفيه أيضاً : ابصرت به النسوان صحن.

    وهو يشير الى احدِ تلك البيوت ، قد اختلى فيه مروان بن الحكم ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عامر ، [ وجماعة من بني اميّة ] (1) ، فضرب كل من كان معه على قائم سيفهِ ، لما علموا منه 7 ، مخافة من خروجهم عليهم فيغتالونهم.
    فقالت عائشة [ بعد كلام بينهما ] (2) : قد صار ما صار ، فأحب الآن ان اقيمَ معك لعلي اسيرُ لقتال عدوك.
    فقال : « بل ارجعي الى البيت الذي ترككِ فيه رسول الله 6.
    فسألته ان يؤمن ابن اختها عبدالله بن الزبير ، فأمنه ، وتكلم الحسن والحسين 8 في مروان ، فأمنه (3).
    فقالت : والله ، اني قد ازددت يا ابن ابي طالب كرباً ، ووددت اني
    __________________
    (1) سقطت من مروج الذهب.
    (2) في مروج الذهب : بعد خطب طويل كان بينهما.
    (3) في مروج الذهب م 2 : 378 وأمن الوليد بن عقبة وولد عثمان وغيرهم من بني اميّة ، وأمّن الناس جميعاً ، وقد كان نادى يوم الوقعة ، من ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن.
    وخرجت امرأة من عبد القيس تطوف في القتلى ، فوجدت ابنين لها قد قتلا ، وقد كان قُتل زوجها وأخوان لها فيمن قتل قبل مجيء عليّ البصرة ، فأنشأت تقول :
    شهدت الحروب فشيبتني
    فلم أر يوماً كيوم الجمل

    أضرّ على مؤمنٍ فتنةً
    وأقتله لشجاع بطل

    فليت الظعينة في بيتها
    وليتك عسكر لم ترحل

    مروج الذهب م 2 : 378.

    لم اخرج هذا المخرج ، ولقد علمت بما قد اصابني فيه.
    وقال له مروان بن الحكم : يا امير المؤمنين ، اني احبّ ان ابايعَكَ ، واكون في خدمتك !
    فقال 7 : « اولم تبايعني ، بعد ان قتل عثمان ، ثمّ نكثت ، فلا حاجة لي ببيعتك ، انها كف يهودية.
    لو بايعني بيده لغدر بأسته ، اما ان له امرةً كلعقة الكلب انفه ، وهو ابن الاكبش الاربعة ، وستلقى الامة منه ، ومن ولده يوماً احمر ».
    قال المسعودي : ولمّا توجهت عائشة 2 الى المدينة ، بعث امير المؤمنين 7 معها اخاها عبد الرحمن بن ابي بكر (1) ، وثلاثين رجلاً ، وعشرين امرأةً من ذوات الدّين من آل عبد قيس وهمدان ، ولزم عليهم بخدمتِها (2) ، فلما وصلت المدينة ، قيل لها : كيف رأيت مسيرك وما صنع معكِ عليّ 7 ؟
    قالت : والله ، لقد كنت بخير ، ولقد اجاد ابن ابي طالب واكثر بالعطاء (3) ، [ ولكنّه بعث معي رجالاً انكرتهم ، فعرفها النسوة امرهن ،
    __________________
    (1) مروج الذهب م 2 : 379.
    (2) في مروج الذهب : ألبسهن العمائم وقلدهن السيوف ، وقال لهن : لا تعلمن عائشة أنكن نسوة وتلثمن كأنكن رجال.
    (3) في مستدرك احقاق الحقّ وبالاسناد عن العوام بن حوشب قال : حدثني ابن عمّ لي من بني الحارث بن تيم الله يقال له مجمع قال : دخلت مع أمي على عائشة.

    فسجدت وقالت : ما ازددت والله يابن ابي طالب الا كرماً ، ووددت اني لم اخرج ، وان اصابتني كيت وكيت من امور ذكرتها ] (1).
    قال [ المصنف ; ] ؛ ومن كلام امير المؤمنين 7 ، لما أظفره الله تعالى على اصحاب الجمل ، بعد ان حمد الله عزّوجلّ واثنى عليه ، صلى على النبيّ 6 ، قال : « اما بعدُ ، ايّها الناسُ :
    انّ الله عزّوجلّ ، ذو رحمةٍ واسعةٍ ، ومغفرةٍ دائمة ، وعفوٍ جم ، وعقابٍ اليمٍ ، قضى ان رحمتهُ وسعت كل شيء ، ومغفرتهُ لأهل طاعتهِ من خلقه ، وبرحمتهِ اهتدى المهتدون ، وقضى ان نقمتهُ وسطواته وعقابهُ على اهل معصيته من خلقه ، وبعد الهُدى والبينات ما ضلّ الضّالُّون ، فما ظنكم يا اهل البصرة وقد نكثتُم بيعتي ، وظاهرتُم على عدوِّي (2) ». « وقمتُ بالحجةِ واقلتُ العثرة ، والزلة من اهل الردة ،
    __________________
    فسألتها امي قالت : كيف رأيت خروجك يوم الجمل ؟ قالت : انه كان قدراً من الله تعالى. فسألتها عن علي قالت : سألتني عن أحب الناس كان الى رسول الله 6. لقد رأيت علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقد جمع رسول الله 6 لفوعاً عليهم ثمّ قال : هؤلاء اهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
    انظر : احقاق الحقّ 2 : 546.
    (1) نص ما ذكره المسعودي في مروج الذهب وقد سقط من النسخة.
    (2) الارشاد 1 : 257 ، بحار الانوار 32 : 230 ، « خطبة الامام 7 المحصورة بين الاقواس كما جاء في الارشاد وبحار الانوار ».
    اما ما زاده المصنف وقد حصرناه أيضاً بين قوسين فهو ما ورد في كتاب الامام عليّ 7 الى اهل الكوفة عندما تحقق النصر على اصحاب الجمل وفتح البصرة ، وربما وقع المصنف في وهمٍ ، فنبهنا عنه ».

    فأستتبت من نكث فيهم بيعتي ، فلم يرجع عمّا اصرّ عليه ، فقَتل الله تعالى من قتل منهم الناكث ، وولى الدبر الى مصيرهم بشقائِهم ، فكانت المرأة عليها اشأم من ناقة الحجر ، فخذلوا وأدبروا دبراً ، فقطعت بهم الاسباب فلما حَل بهم ما قدروا سألوني العفو ، فقبلتُ منهم القول وغمدتُ عنهم السيف ، واجريت الحقّ والسنّة بينهم ، واستعملت عبدالله بن العبّاس عليهم » (1).
    فقام إليه رجل منهم ، وقال : نظُنُّ خيراً ، ونراك قد ظفرت وقدرت ، فإنّ عاقبت فقد اجترمنا ذلك ، وان عفوت [ فأنت محلُ العفو ، والعفو أحبُّ الى الله عزّوجلّ ، والينا ] (2).
    فقال 7 : « قد عفوتُ عنكم ، فإيّاكم والفتنة فأنها أشدّ من القتل ، فأنّكم اوّل الرّعيةِ لنكث البيعة ، وشقَّ عصا هذه الامة » (3).
    __________________
    (1) لم تردك تكملة الخطبة في الارشاد أو في بحار الانوار.
    (2) في الارشاد : وإن عفوت فالعفو أحبُّ الى الله.
    (3) قال الواقدي : ولما فرغَ امير المؤمنين 7 من أهل الجمل جاءهُ قومٌ من فتيان قريش يسألونه الامان وأن يقبل منهم البيعة ، فأستشفعوا إليه بعبدالله بن عباس ، فشفعه وأمرهم في الدخول عليه ، فلما مثلوا بين يديه قال لهم : « ويلكم يا معشر قريش علام تقاتلونني ! على أنْ حكمت فيكم بغير عدلٍ ! أو قسمت بينكم بغير سويّةٍ ! أو استأثرت عليكم ! أو تبعدي عن رسول الله 6 ، أو لقلة بلاءٍ في الاسلام ! ». فقالوا : يا امير المؤمنين نحن إخوة يوسف 7 فأعفُ عنّا ، واستغفر لنا ، فنظر الى أحدهم فقال له : « من انت ؟ ». قال : أنا مساحق بن مخرمة معترف بالزلة ، مقرٌّ بالخطيئة ، تائب من ذنبي. فقال 7 : « قد صفحت عنكم ». وتقدم إليه مروان بن

    ثم جلس ، فأتاه الناس وبايعوه.
    من كلامه 7 حين قتل طلحة وانفضّ اهل البصرة
    ومن كلامه 7 ، لمّا طاف على القتلى يوم الجمل ، قال الشيخ المفيد ; في ارشاده (1) :
    قال امير المؤمنين 7 : « بنا [ تسنّمتم ] (2) الشرف ، وبنا [ انفجرتم ] (3) عن السّرار ، وبنا اهتديتم في الظلماءِ ، [ وقر ] (4) سمعٌ لم يفقهِ الواعية للنبأة كيف يُراعُ من أصمَّتهُ الصَّيحةُ ، رُبط جنانُ لم يُفارقهُ الخَفَقان ، ما زَلتُ أتوقعُ بكم عواقِبَ الغدْر ، وأتوسَّمكم بحيلةِ المغترِّين ، سترني عنكم جلبابُ الدّينِ ، وبصَّرنيكم صدق النية ، اقمت لكم الحقّ حيث تعرفون ، ولا دليل وتحتفرون ولا تُميهون (5) اليوم ،
    __________________
    الحكم وهو متكئ على رجل ، فقال 7 : « أبك جراحة ؟ ». قال : نعم يا امير المؤمنين وما أراني لما بي إلا ميتاً ! فتبسم أمير المؤمنين 7 وقال : « لا والله ما انت لِما بك ميّتٌ ، وستلقى هذه الامة منك ومن ولدك يوماً أحمر ».
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 413.
    (1) الارشاد 1 : 253 ، بحار الانوار 32 : 236 ح 190.
    (2) في النسخة : اكتسبتم ، والصواب كما جاء في الارشاد.
    (3) في النسخة : افتخرتم من السراء.
    (4) في النسخة : وقرع.
    (5) أماه الحافر يميه : إذا أنبط الماء ووصل إليه عند حفره البئر.
    انظر : الصحاح ـ موه ـ 6 : 225.

    نطق لكم العجماء ذات البيان ، عزبَ فهمّ امرءٍ تخلف عني ، ما شككت في الحقّ منذ أريته ] (1) ، كان بنو يعقوب على المحجة العظمى حتى عقوا اباهم ، وباعوا أخاهم ، وبعد الاقرار كانت توبتهم ، وباستغفار ابيهم واخيهم غُفِرَ لهم ».
    من كلامه 7 عندما طاف بالقتلى (2)
    « هذه قُرَيْشٌ ، جَدَعْتَ أنفي ، وشَفَيْتَ نَفْسي ؛ لقد تقدَّمتُ اليكم (3) احذِّرُكم عضَّ السّيوفِ ، فكُنتُم أَحداثاً لا عِلمَ لكم بما تَرونَ ، [ فَناشَدتُكم العهدَ والميثاق ، فتماديتُمْ في الغي والطُغيان ، وأبيتُمْ إلا القتالَ ، فناهضتُكمْ بالجهادِ ] (4).
    ولكنَّه الحَيْنُ (5) وسُوء المَصرع ، فأَعوذُ بالله مِن سوء المصرع ».
    فمرَّ 7 [ بمعبد بن المقداد ] (6) ، فقال 7 :
    « رَحِمَ الله أبا هذا ، أَمَا إنّه لو كان حيّاً لكانَ رأيُهُ أحسن من رأي هذا ».
    __________________
    (1) في النسخة : رأيته.
    (2) انظر : الارشاد 1 : 254 ـ 256 ، بحار الانوار 32 : 207 ح 163. مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 391 ، 392 ، 394.
    (3) سقطت من النسخة الخطية واثبتناها من الارشاد.
    (4) سقطت من الارشاد.
    (5) الحين : الهلاك.
    (6) في الاصل : سعيد ، وصوابه كما في الارشاد.

    فقال عمّار بن ياسر : الحمدُللهِ الذي [ رَفَعَكَ ] (1) يا امير المؤمنين (2) ، وجَعَلَ خدَّهُ الأسفلَ ، إنّا واللهِ يا أميرَ المؤمنين [ ما نُبالي مَنْ عَنَدَ عَنِ الحقِّ مِنْ ولَدٍ ووالدٍ. فقال أميرُ المؤمنين ] (3) : « رحمِكَ اللهُ وجَزاكَ عنِ الحقِّ خيراً ».
    ثم انه 7 مرّ بعبدِاللهِ بن رَبْيعَة بن دَرَّاجٍ ، فقال 7 : « هذا البائسُ ما كانَ أخرجَهُ ؟ أدينُ أخرجهُ أمْ نَصْرٌ لعُثمان ؟! واللهِ ما كان رأيُ عُثمان فيهِ ولا في [ ابيه ] (4) لحسنٍ ».
    ثمَّ إنهُ 7 مرّ بمَعْبدِ بن زُهَير بن أبي اميّة (5) ، فقال 7 : « لو كانت الفتنةُ برأسِ الثريّا لَتَنَاولها هذا الغُلامُ ، واللهِ ما كان فيها بذي نحيزة (6) ، ولقد أخبرني مَنْ أَدركهُ إنّه لَيُولْولَ فرقاً من السَّيف ».
    ثم مرّ 7 بمسلمة بن قَرَظَةَ ، فقال 7 : « البرُّ أخرجَ هذا ! والله لَقد كلَّمني أن أكلِّمَ له عُثمانَ في شيءٍ كان يدَّعيه قَبلَهُ بمكة ، [ فأعطاهُ
    __________________
    (1) في الارشاد : أوقعه.
    (2) سقط من الارشاد.
    (3) سقطت من النسخة واثبتناها من الارشاد.
    (4) في النسخة : ابنه.
    (5) في الاصل ( اميّة ) ، والصواب هو : معبد بن زهير بن ابي اُميّة بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي ابن أخي ام سلمة زوج النبيّ 6.
    انظر : اسد الغابة 4 : 391 ، الاصابة 3 : 479/4327.
    (6) النحيزة : الطبيعة. الصحاح ـ نحز ـ 3 : 898.

    ايّاه ] (1) ، ثمّ قال [ لي ] (2) لَولا أنتَ ما اعطيتهُ [ اياه ] (3) ، إنّ هذا [ ما علمت ] (4) بئسَ أخو العشِيرةِ ، ثمّ جاءَ المشُومُ لِلحَين (5) ، [ ناصراً يُطالب دم عُثمان ] » (6).
    ثمَّ مرّ 7 بعبدِاللهِ بن حميدِ بن زُهَير ، فقال 7 : « إنّ هذا أيضاً ممّن أوضَعَ في قتالنا ، [ ثمّ أنَّه يزعمُ إنّهُ يطلبُ رِضاءَ اللهِ بذلك ] (7) ، ولقد كَتَبَ اليَّ كتاباً يُؤذي عُثمان فيه ، فأعطاهُ شيئاً فَرضِي عنه ».
    ثمَّ مَرّ 7 بعبداللهِ بن حَكيم بنِ حزام ، فقال 7 : « إنَّ هذا قد خَالفَ أباه في الخروج ، وأبوهُ حيثُ لم ينصُرنا وقد أَحسن في بيعته لنا ، وإن كان قد كَفَّ وجَلسَ حيثُ شكَّ في القتال ، وما ألوم اليوم مَنْ كفَّ عنّا وعن غيرنا ، ولكنَّ [ اللوم على ] (Cool الذي قاتلنا ».
    ثمَّ مرّ 7 بعبدالله بنِ المغيرةِ بن الأخْنَس بن [ شريق ] (9) ،
    __________________
    (1) في الارشاد : فأعطاه عثمان.
    (2) سقطت من الارشاد.
    (3) سقطت من الارشاد.
    (4) في النسخة الخطية : اما علمت ان هذا ، والصواب كما اثبت من الارشاد.
    (5) في النسخة الخطية : لحينه.
    (6) في الارشاد : ينصر عثمان.
    (7) في الارشاد : زعم يطلب الله بذلك.
    (Cool في الارشاد : المليم.
    (9) سقطت من الارشاد.

    فقال 7 : « وأما هذا [ فقتل ابوه ] (1) يَوم قُتِلَ عُثمان [ في الدار ] (2) خَرَجَ مُغْضَباً لقتلَ أبيهِ ، وهو غُلامٌ حَدَثٌ [ حينَ قتله ] (3) ».
    ثم مرَّ 7 [ بعبدالله بن عُثمان ] (4) بن الأخْنَس بن شريق ، فقال 7 : « وأمَّا هذا فكأنّي أنظُرُ إليه ، وقد أخذ القومَ السُّيوفُ هارباً يغدو من الصَّفِّ ، [ فَنْهنَهْتُ ] (5) عنهُ فلم يَسمعْ مَنْ [ نَهْنَهْتُ ] (6) ، حتى قتل ، وكان هذا ممّا خَفِيَ على فتيان قُريش ، أغمار لا عِلمَ لهم بالحربِ ، خُدِعوا [ واستُزِلُّوا ] (7) ، فلمّا وقفوا [ وَقَعوا ] (Cool فقتلوا ».
    ثمَّ مرَّ 7 [ بكَعبِ بن سُور ] (9) ، فقال 7 : « وأمّا هذا الَّذي خَرَجَ علينا ، وفي عُنُقِه المُصحَفُ ، يزعُمُ أنّه ناصرُ [ أمِّهِ ] (10) ، يدعو الناسَ الى ما فيه وهو لا يعلَمُ بما فيهِ ، ثمَّ استفتح [ وخابَ كُلّ ] (11) جبّار عَنيدٍ ، أمَّا
    __________________
    (1) سقطت من المخطوطة واثبتناها من الارشاد.
    (2) سقطت أيضاً واثبتناها من الارشاد.
    (3) في النسخة : حين قتل ، والصواب كما في الارشاد.
    (4) في النسخة الاصلية : عبدالله بن ابي عثمان ، وهذا تصحيف ربما من الناسخ واثبتت الصواب من الارشاد.
    (5) في النسخة الاصلية : فنهيت.
    (6) في النسخة كلمة مبهمة ويحتمل من تصحيفات الناسخ.
    (7) في النسخة : يستنبزوا.
    (Cool في النسخة الكلمة غير واضحة واثبتناها من الارشاد.
    (9) في النسخة : كعب بن ثور ، وهو تصحيف والصواب كما في الارشاد.
    (10) سقطت من النسخة واثبتت من الارشاد.
    (11) في النسخة [ وجاء معه ] وهو تصحيف والصواب كما في الارشاد.

    إنه دعا الله أَن يقتُلني فقتلهُ اللهُ تعالى ».
    أجلِسُوا [ كَعبَ بن سُورٍ ] (1) فأجلسَ ، فقالَ لَهُ 7 : « يا كعبُ ، قد وَجدْتُ ما وَعَدَني ربي حَقّاً ، فَهَل وَجدْتَ ما وَعَدَك ربُّكَ حقّاً ؟ ».
    ثم قال 7 : « أضجعُوهُ ».
    ثمَّ مرّ 7 بطلحة بن عُبيدِاللهِ (2) ، فقال 7 : « وأمَّا هذا فَهو النّاكثُ لبيعتي ، والمُنْشئ الفِتنَة في الأمّةِ ، والمُجلُبِ عَلَيَّ ، والدّاعي إلى قَتْلي وقتل عترتي ».
    اجلسوا [ طلحة بن عبيدالله ] (3) فأُجلِس ، ثمَّ قالَ 7 له : « يا طلحة ، قد وجدْتُ ما وَعَدَني ربّي حقّاً ، فهلْ وجدْتَ ما وَعَدَك ربُّكَ حقّاً ؟! » ثمّ قال 7 : « أضجعُوه » ، فأُضجع.
    وسارَ 7 ، فقالَ لهُ بعضَ أصحابه : يا امير المؤمنين ، رأيتك تُكلّمُ كعباً وطلحة بعد أنْ قُتِلا ، فَهل يفْقَهان ما قلت لهُما ؟!
    فقال 7 : « [ أمَ ] (4) وَاللهِ ، إنّهما لقد سَمِعا كلامي ، كما سَمِعَ أهلُ
    __________________
    (1) سقطت من الاصل.
    (2) هو طلحة بن عبيدالله بن عثمان بن عبيدالله بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، وهو ابن عمّ أبي بكر الصديق ، ويكنى ابا محمد ، وأمه الصعبة ، وكانت تحت ابي سفيان بن حرب ، وقتل وهو ابن اربع وستين ، وقيل غير ذلك ، ودفن بالبصرة ، وقبره فيها الى هذه الغالية ، وقبر الزبير بوادي السباع.
    انظر : مروج الذهب م 2 : 374.
    (3) سقطت من الاصل.
    (4) في النسخة : ايم.

    القَلِيب كلامَ رسولِ الله 6 يومَ بَدْرِ » (1).
    قال المسعودي : ولمّا ان مَنَّ الله تعالى عليهِ بما هو اهله من الظفرِ على أصحاب الجمل ، دخل عليه بجماعةٍ من اصحابه الى بيت مالَ المسلمين بالبصرة ، فنظر الى ما فيه من العينِ والورق ، فأدام انظر إليه ، فجعل يقول : « يا صفراء ويا بيضاء ، غُرِّي غيري » (2).
    ثم قال 7 : « اقسموه بين اصحابي ، خمسمائة خمسمائة » ،
    __________________
    (1) عن محمد بن الحنفية ; ، قال : فوالله لقد رأيتُ أوّل قتيل من القوم كعب بن سُور بعدَ ان قُطِعت يمينهُ التي كان الخِطام بها ، فأخذه بشماله وقُتل بعد ذلك ، وقُتِلَ معه أخوهُ وابناه. ثمّ اخذ خطام الجمل بعده رجل منهم وهو يقول :
    يا اُمَّنا عائِشَ لا تُراعِي
    كُلُّ بَنيكِ بَطَلٌ شُجاعُ

    فما بَرَحَ حتى قطعت يداهُ وطُعِنَ فهلك ؛ فقام مقامه آخر منهم فقطعت يمينه وضُرِبَ على رأسه فهلَكَ ؛ فما زال كل منّ اخذ بخطام الجمل قُطِعتُ يداهُ أو جُذَّ ساقه حتى هلَكَ منهم ثمانمائةِ رجلٍ ، وقبل ذلك قُتِلَ حول الجمل سبعون رجلاً من قريش.
    مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 349 ، تاريخ الطبري 4 : 518.
    (2) قال الشيخ المفيد ( رضي الله تعالى عنه ) : ورجع طلحة والزبير ، ونزلا دار الاماره ، وغلبا على بيت المال ، فتقدمت عائشة وحملت مالاً منه لتفرقه على انصارها فدخل عليها طلحة والزبير في طائفة معهما واحتملا منه شيئاً كثيراً ، فلما خرجا جعلا على ابوابه الاقفال ، ووكلا به من قبلهما قوماً ، فأمرت عائشة بختمه ، فبرز لذلك طلحة يختمه فمنعه الزبير ، وأراد ان يختمه الزبير دونه فتدافعا ! فبلغ عائشة ذلك فقالت : يختمها عني ابن اختي عبدالله بن الزبير ، فختم يومئذٍ بثلاثة ختوم.
    وقال أيضاً : ولمّا خرج عثمان بن حنيف من البصرة ، وعاد طلحة والزبير الى بيت المال ، فتأملاً الى ما فيه من الذهب والفضة قالوا : هذه الغنائم التي وعدنا الله بها ، واخبرنا انه يجعلها لنا !!
    انظر : مصنفات الشيخ المفيد م 1 : 284 ، 285.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    وقعة الجمل Empty
    مُساهمةموضوع: رد: وقعة الجمل   وقعة الجمل Emptyالسبت أكتوبر 19, 2024 4:18 pm

    ويدفعونا عنه ، وقد ذاقُوا وَبَالَ ما اجترحُوا ، فسوفَ يَلقَوْنَ غَيّاً ، وقد قعد عن نصرتي منكم رجالٌ ، وانا عليهم عاتبٌ زارٍ ، فأهجُروهم وأسمِعوهم ما يَكرهون حتى يُعتبونا ونرى ما نُحِبُّ » (1).
    * * *
    __________________
    (1) الارشاد 1 : 259 ، أمالي المفيد : 127 ، بحار الانوار 32 : 351 ح 334.

    مصادر التحقيق
    1 ـ امالي الطوسي للشيخ الطوسي
    2 ـ امالي المفيد للشّيخ المفيد
    3 ـ احقاق الحق للتستري
    4 ـ اساس البلاغة الزمخشري
    5 ـ اسد الغابة لابن الاثير الجزري
    6 ـ اعيان الشيعة للسيد محسن الامين
    7 ـ اعلام الورى للطبرسي
    8 ـ انساب الاشراف للبلاذري
    9 ـ الاحتجاج للطبرسي
    10 ـ الاختصاص للشيخ المفيد
    11 ـ الارشاد للشيخ المفيد
    12 ـ الاستيعاب للاندلسي
    13 ـ الاصابة لابن حجر العسقلاني
    14 ـ الاعلام للزرگلي
    15 ـ الاغاني لابي فرج الاصفهاني
    16 ـ الامامة والسياسة لابن قتيبة



    17 ـ الامثال لابي القاسم بن سلام
    18 ـ الايضاح لابن شاذان
    19 ـ بحار الانوار للمجلسي
    20 ـ البداية والنهاية لابن كثير
    21 ـ بلاغات النساء لابن طيفور
    22 ـ بشارة المصطفى للطبري
    23 ـ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي
    24 ـ تاريخ خليفة بن خياط لخليفة بن خياط
    25 ـ تاريخ دمشق لابن عساكر
    26 ـ تاريخ الطبري للطبري
    27 ـ تاريخ اليعقوبي لليعقوبي
    28 ـ تذكرة الخواص لابن الجوزي
    29 ـ تفسير العياشي للعياشي
    30 ـ التمهيد والبيان لمحمد بن يحيى الاندلسي
    31 ـ جمهرة الامثال لابي هلال العسكري
    32 ـ جمهرة رسائل العرب احمد زكي صفوت
    33 ـ حلية الاولياء لابي نعيم الاصفهاني
    34 ـ الذريعة للطهراني
    35 ـ الدر المنثور للسوطي
    36 ـ رجال الكشي للكشي
    37 ـ روح المعاني للآلوسي
    38 ـ السنن الكبرى للبيهقي
    39 ـ سيرة ابن هاشم لابن هشام


    40 ـ الشافي في الامامة للشريف المرتضى
    41 ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد
    42 ـ الصحاح لاسماعيل الجوهري
    43 ـ صحيح البخاري للبخاري
    44 ـ صحيح مسلم لمسلم
    45 ـ الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي
    46 ـ طبقات ابن سعد لابن سعد
    47 ـ العقد الفري لابن عبد ربه
    48 ـ العمدة لابن البطريق
    49 ـ الغارات للواقدي
    50 ـ الفتوح لابي اعثم الكوفي
    51 ـ فرائد السمطين للحمويني
    52 ـ الفصول المختارة للمفيد
    53 ـ الفهرست لابن النديم
    54 ـ المعجم المفهرس لمحمد فؤاد
    55 ـ القاموس المحيط للفيروز آبادي
    56 ـ الكامل في التاريخ لابن الاثير
    57 ـ الكافية للشيخ المفيد
    58 ـ الكشاف للزمخشري
    59 ـ كشف الغمة للاربلي
    60 ـ كنز الفوائد لمحمد الكراجكي
    61 ـ لسان العرب لابن منظور
    62 ـ لسان الميزان لابن حجر العسقلاني


    63 ـ مجلة المجمع العراقي
    64 ـ مجلة سومر العراقية
    65 ـ مجمع الزوائد للهيثمي
    66 ـ مروج الذهب للمسعودي
    67 ـ مستدرك الحاكم للحاكم
    68 ـ مسند احمد لاحمد بن حنبل
    69 ـ المصباح المنير لاحمد الفيومي
    70 ـ مصنفات الشيخ المفيد للشيخ المفيد
    71 ـ معجم البلدان للحموي
    72 ـ معجم ما استعجم لابي عبيد الاندلسي
    73 ـ مغازي الواقدي للواقدي
    74 ـ المفرادات في غريب القرآن للراغب الاصفهاني
    75 ـ مقاتل الطاليبيين لابي الفرج الاصفهاني
    76 ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب
    77 ـ مناقب ابن المغازلي لابن المغزلي
    78 ـ مناقب الخوارزمي للخوارزمي
    79 ـ رجال النجاشي للنجاشي
    80 ـ النهاية لابن الاثير الجزري
    81 ـ نهاية الاربعاء للنويري

    المحتويات
    الاهداء 7
    مقدمة تمهيدية 9
    طلحةُ والزبير يؤلبان على عثمان 15
    وعائشة ايضاً 20
    رسائل طلحة والزبير والسيدة عائشة 27
    رد عائشة على امِّ سلمة 29
    كتاب الاشتر الى عائشة 29
    ردُّ عائشة على الاشتر 30
    كتاب عائشة الى زيد بن صوحان 30
    رد زيد بن صوحان على عائشة 31
    كتاب عائشة الى حفصة 32
    كتاب عائشة الى أهل المدينة 33
    كتاب عائشة الى أهل اليمامة 34
    كتاب طلحة والزبير الى كعب بن سور 36
    كتابهما الى الاحنف بن قيس 36
    كتابهما الى المنذر بن ربيعة 37

    ردُّ كعب بن سُور على طلحة والزبير 37
    رد الاحنف عليهما 38
    رد المنذر بن ربيعة عليهما 38
    كتاب الصلح بين أصحاب الجمل وعثمان بن حنيف 38
    عائشةُ أمّ المؤمنين تنبحها كِلابُ الحوأبِ 41
    حديث عائشة عن هزيمة اصحاب الجمل 47
    ترجمة المؤلف 53
    اسمه ونسبه : 53
    مكانته العلمية : 54
    التعريف بالكتاب 57
    نسخة الكتاب ومنهج التحقيق : 57
    مقدمة الكتاب 63
    في السبب الموجب لوقعة الجمل 63
    اخبار الامام عليّ 7 بنقض القوم بيعتهم 68
    مناشدة أمير المؤمنين 7 للزبير وطلحة 71
    في السبب الموجب لنكث طلحة بن عبيدالله والزبير 74
    مكاتبة معاوية الى بني امية 76
    كتاب محمد بن ابي بكر الى معاوية 89
    جواب معاوية بن ابي سفيان لمحمد بن ابي بكر 2 92
    خروج الزبير وطلحة بعائشة الى البصرة 94
    خطبة أمير المؤمنين 7 حين بلغه مسير طلحة والزبير 96

    وله 7 خطبة أخرى 98
    ومن كلامه 7 99
    فصل .. في خروج ام المؤمنين عائشة 101
    تحرك القوم الى البصرة 108
    فصل في توجه أمير المؤمنين 7 الى البصرة 110
    وصول الامام امير المؤمنين 7 واصحابه الى البصرة 116
    مناشدة امير المؤمنين 7 الزبير بن العوام 130
    مقتل الزبير بن العوام 135
    مناشدة امير المؤمنين 7 طلحة بن عبيدالله 138
    نشوب القتال بين الفريقين 140
    [ امير المؤمنين 7 يأمر بأعادة عائشة الى المدينة ] 146
    من كلامه 7 حين قتل طلحة وانفض اهل البصرة 152
    من كلامه 7 عندما طاف بالقتلى 153
    ومن كلامه 7 حين قدم الكوفة من البصرة 159
    مصادر التحقيق 161
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    وقعة الجمل
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » ( وقعة الضحاك بن قيس )
    »  وقعة صفين
    » وقعة النهروان او الخوارج
    » وقعة الطف لابو مخنف

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 34- منتدى الاحداث التي وقعة في خلافة الامام علي عليه السلام-
    انتقل الى: