الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
اهل البيت
المواضيع الأخيرة
» مقاتل الطالبيّين مقاتل الطالبيّين المؤلف :أبي الفرج الاصفهاني
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 11:42 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج1
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 10:27 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج2
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 9:59 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج3
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 9:34 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  كلام جميل عن التسامح
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 8:57 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مفهوم التسامح مع الذات
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 8:48 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال الحكماء والفلاسفة
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 10:01 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال وحكم رائعة
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 9:55 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أحاديث / شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا) شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا)
الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyأمس في 9:50 am من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     الجزء السابع من كتاب صفين

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:34 am

    لنصر بن مزاحم
    رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز
    رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد
    رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت
    رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري
    رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي
    رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي
    سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم ـ غفر الله له


    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخبرنا الشيخ الثقة شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي قال : أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي بقراءتي عليه قال : أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر قال : أبو الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي قال : أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة قال : أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز قال : أبو الفضل نصر بن مزاحم :
    ثم إنهم التقوا بصفين ، واقتتلوا أشد القتال حتى كادوا أن يتفانوا ، ثم إن عمرو بن العاص مر بالحارث بن نصر الجشمي وكان عدوا لعمرو ، وكان عمرو قلما يجلس مجلسا إلا ذكر فيه الحرب (1). فقال الحارث في ذلك :
    ليس عمرو بتارك ذكره الحر
    ب مدى الدهر أو يلاقي عليا

    واضع السيف فوق منكبه الأي‍ـ
    منِ لا يحِسَبُ الفوارسَ شيَّا

    ليت عمرا يلقاه في حمس النقـ‍
    ـع وقد صارت السيوف عصيـا (1)

    حيث يدعو البراز حامية القو
    م إذا كان بالبراز مليا

    __________________
    (1) في الأصل : « الحرث » أي الحارث. والشعر يقتضي ما أثبت.
    (2) في الأصل : « ليس عمرو » والوجه ما أثبت. والمقطوعة لم ترو في مظنها من ح. وحمس النقع : شدته. والنقع : الغبار. صارت عصيا ، جعل المقاتلة يضربون بها ضرب العصي ويأخذونها أخذها.


    فوق شهب مثل السحوق من النخ‍ـ
    ـل ينادي المبارزيـن : إليا (1)

    ثم يا عمرو تستريح من الفخ‍ـ
    ـر وتلتقي به فتـى هاشميا

    فالقه إن أردت مكرمـة الده‍ـ
    ـر أو الموت كـل ذاك عليا

    فلما سمع عمرو شعره قال : والله لو علمت أني أموت ألف موتة لبارزت عليا في أول ما ألقاه ، فلما بارزه طعنه علي فصرعه ، واتقاه عمرو بعورته ، فانصرف علي عنه.
    وقال علي حين بدت له عورة عمرو فصرف وجهه عنه :
    ضربي ثبي الأبطال في المشاعب (2)
    ضرب الغلام البطل الملاعب

    أين الضراب فـي العجاج الثائب
    حين احمرار الحدق الثواقـب

    بالسيف في تهتهة الكتائب (3)
    والصبر فيه الحمد للعواقـب

    ثم إن معاوية عقد لرجال من مضر ، منهم بسر بن أرطاة ، وعبيد الله بن عمر ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، ومحمد وعتبة أبنا أبي سفيان ، قصد بذلك إكرامهم ورفع منازلهم ، وذلك في الوقعات الأولى من صفين ، فغم ذلك رجالا من أهل اليمن ، وأرادوا ألا يتأمر عليهم أحد إلا منهم ، فقام رجل من كندة يقال له عبد الله بن الحارث السكوني ، فقال : يا معاوية ، إني قلت شيئا فاسمعه ، وضعه مني على النصيحة. فقال : هات. قال :
    __________________
    (1) السحوق من النخل : الطويلة ، شبه بها الخيل.
    (2) الثبة : الجماعة ، والعصبة من الفرسان ، وثبي ، هي ثبين جمع ثبة ، مع الجمع الملحق بالسالم ، كعزين وعضين ، وحذفت النون للاضافة : وفي الأصل : « ضرب ثبا » ، والوجه ما أثبت.
    (3) التهتهة : مصدر قولهم تهته في الشيء ـ بالبناء للمفعول : أي ردد فيه. وقد تكون : « نهنهة » بنونين ، وهو الكف والزجر.


    معاوي أحييت فينا الإحن
    وأحدثت في الشام ما لم يكن

    عقدت لبسر وأصحابه
    وما الناس حولك إلا اليمـن

    فلا تخلطن بنا غيرنا
    كما شيب بالماء محض اللبـن (1)

    وإلا فدعنا على مالنا
    وإنا وإنا إذا لم نهن

    ستعلم إن جاش بحر العـراق
    وأبدى نواجذه في الفتن

    ونادى علي وأصحابه (2)
    ونفسك إذ ذاك عند الذقن

    بأنا شعارك دون الدثار
    وأنا الرماح وأنا الجنن

    وأنا السيوف وأنا الحتوف
    وأنا الدروع وأنا المجن

    فكبا له معاوية ، ونظر إلى وجوه أهل اليمن فقال : أعن رضاكم قال هذا ما قال : فقال القوم : لا مرحبا بما قال : الأمر إليك فاصنع ما أحببت (3). قال معاوية : إنما خلطت بكم ثقاتي وثقاتكم (4) ، ومن كان لي فهو لكم ومن كان لكم فهو لي. فرضى القوم وسكتوا ، فلما بلغ أهل الكوفة مقالة عبد الله بن الحارث لمعاوية فيمن عقد له من رءوس أهل الشام قام [ الأعور ] الشنى إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين ، إنا لا نقول لك كما قال أصحاب أهل الشام لمعاوية ، ولكنا نقول : زاد الله في هداك وسرورك (5) ، نظرت بنور الله فقدمت رجالا ، وأخرت رجالا ، فعليك أن تقول وعلينا أن نفعل ، أنت الإمام ، فإن هلكت فهذان من بعدك ـ يعني حسنا وحسينا ـ وقد قلت شيئا فاسمعه. قال : هات. فقال :
    __________________
    (1) ح ( 2 : 290 ) : « صفو اللبن ».
    (2) ح : « وشد علي بأصحابه ».
    (3) في الأصل : « بما أحببت » وأثبت ما في ح.
    (4) في الأصل : « أهل ثقاتي وثقاتكم » وكلمة : « أهل » مقحمة ، وفي ح : « أهل ثقتي » فقط.
    (5) ح : « في سرورك وهداك ».


    أبا حسن أنت شمـس النهار
    وهذان في الحادثات القمـر

    وأنت وهذان حتى الممـات
    بمنزلة السمع بعد البصر

    وأنتم أناس لكم سورة
    يقصـر عنها أكف البشر (1)

    يخبرنا الناس عن فضلكـم
    وفضلكم اليوم فوق الخبر (2)

    عقدت لقوم ذوي نجدة
    من أهل الحياء وأهل الخطر

    مساميح بالمـوت عنـد اللقاء
    منا وإخواننا من مضر

    ومن حي ذي يمن جلة
    يقيمون في الحادثات الصعر

    فكل يسرك في قومه
    ومن قال لا فبفيه الحجر

    ونحن الفوارس يوم الزبير
    وطلحة إذ قيل أودى غـدر

    ضربناهم قبل نصف النهار
    إلى الليل حتى قضينا الوطر

    ولم يأخذ الضـرب إلا الرؤوس
    ولم يأخذ الطعن إلا الثغـر

    فنحن أولئك في أمسنا
    ونحن كـذلك فيما غبر (3)

    فلم يبق أحد من الناس به طرق (4) أوله ميسرة إلا أهدي للشنى أو أتحفه.
    قال [ نصر : وحدثنا عمر بن سعد قال ] : ولما تعاظمت الأمور على معاوية [ قبل قتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب ] دعا عمرو بن العاص ، وبسر بن أرطاة وعبيد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فقال لهم : إنه قد غمني رجال من أصحاب علي ، منهم سعيد بن قيس في همدان والأشتر في قومه ، والمرقال وعدي بن حاتم وقيس بن سعد في الأنصار ، وقد وقتكم
    __________________
    (1) السورة ، بالضم : المنزلة الرفيعة.
    (2) في الأصل : « يخبر بالناس » صوابه في ح ( 2 : 290 ).
    (3) غبر : بقي. والغابر من الأضداد ، يقال للماضي وللباقي. في الأصل : « فيمن غبر » وأثبت ما في ح.
    (4) الطرق ، بكسر الطاء : القوة والقدرة. وفي الأصل : « ظرف » تحريف.

    يمانيتكم بأنفسها [ أياما كثيرة ] حتى لقد استحييت لكم ، وأنتم عدتهم من قريش : وقد أردت أن يعلم الناس أنكم أهل غناء ، وقد عبأت لكل رجل منهم رجلا منكم ، فاجعلوا ذلك إلى. فقالوا : ذلك إليك. قال : فأنا أكفيكم سعيد بن قيس وقومه غدا ، وأنت يا عمرو لأعور بني زهرة المرقال ، وأنت يا بسر لقيس بن سعد ، وأنت يا عبيد الله للأشتر النخعي ، وأنت يا عبد الرحمن بن خالد لأعور طيء ـ يعني عدي بن حاتم ـ ثم ليرد كل رجل منكم عن حماة الخيل. فجعلها نوائب في خمسة أيام ، لكل رجل منهم يوم. فأصبح معاوية [ في غده ] فلم يدع فارسا إلا حشده ، ثم قصد لهمدان [ بنفسه ] وتقدم الخيل وهو يقول :
    لا عيش إلا فلق قحف الهام
    من أرحب وشاكر وشبـام

    لن تمنع الحرمة بعـد العام
    بين قتيل وجريح دام

    سأملك العراق بالشآم
    انعى ابن عفان مدى الأيـام

    فطعن في أعراض الخيل مليا. ثم إن همدان تنادت بشعارها ، وأقحم سعيد بن قيس فرسه على معاوية واشتد القتال ، وحجز بينهم الليل ، فذكرت همدان أن معاوية فاتها ركضا. وقال سعيد بن قيس في ذلك :
    يا لهف نفسي فاتني معاويه
    فـوق طمر كالعقـاب هاويـه

    والراقصات لا يعود ثانيـه (1)
    إلا على ذات خصيـل طاويـه

    إن يعد اليوم فكفى عاليه
    فانصرف معاوية ولم يعمل شيئا. وإن عمرو بن العاص غدا في اليوم الثاني
    __________________
    (1) يقسم بالراقصات ، وهي الإبل ترقص في سيرها ، والرقص : ضرب من الخبب. انظر أيمان العرب للنجيرمي ص 20 وأمالي القالي ( 3 : 51 ).

    في حماة الخيل ، فقصد المرقال ، ومع المرقال ، لواء على الأعظم ، في حماة الناس ، وكان عمرو من فرسان قريش ، فتقدم وهو يقول :
    لا عيش إن لم ألق يوما هاشما
    ذاك الذي أجشمني المجاشما

    ذاك الذي أقـام لي المآتما
    ذاك الذي يشتم عرضي ظالما

    ذاك الذي إن ينج مني سالما
    يكن شجـا حتى الممات لازما

    فطعن في أعراض الخيل مزبدا ، فحمل هاشم وهو يقول :
    لا عيش إن لم ألق يومي عمـرا
    ذاك الذي أحدث فينا الغدرا

    أو يحدث الله لأمر أمـرا
    لا تجزعي يا نفس صبـرا صبرا

    ضربا هذا ذيك وطعنا شزرا (1)
    يا ليت ما تجني يكون قبرا (2)

    فطاعن عمرا حتى رجع (3) ، واشتد القتال وانصرف الفريقان [ بعد شدة القتال ] ، ولم يسر معاوية ذلك.
    وإن بسر بن أرطاة غدا في اليوم الثالث في حماة الخيل فلقى قيس ابن سعد في كماة الأنصار ، فاشتدت الحرب بينهما ، وبرز قيس كأنه فنيق مقرم ، وهو يقول :
    أنا ابن سعد زانه عباده
    والخزرجيون رجال سـاده

    ليس فراري في الوغى بعاده
    إن الفرار للفتى قلاده

    يا رب أنت لقنى الشهاده
    والقتل خير من عناق غاده حتى

    متى تثني لي الوسادة
    __________________
    (1) هذاذيك : أي هذا بعد هذ ، يعتي قطعا بعد قطع. وفي الأصل : « مداريك » صوابه في ح ( 2 : 291 ).
    (2) في الأصل : « يا ليت ما تحيى » والوجه ما أثبت من ح.
    (3) في الأصل : « فطعن عمرا » صوابه في ح.

    وطاعن خيل بسر (1) ، وبرز له بسر بعد ملى (2) ، وهو يقول :
    أنا ابن أرطاة عظيم القدر
    مردد في غالب بن فهر (3)

    ليس الفرار من طبـاع بسر
    أن يـرجع اليوم بغير وتـر

    وقد قضيت في عدوي نـذري
    يا ليت شعري ما بقي من عمري (4)

    ويطعن بسر قيسا فيضربه قيس بالسيف فرده على عقبيه ، ورجع القوم جميعا ولقيس الفضل.
    وإن عبيد الله بن عمر تقدم في اليوم الرابع ولم يترك فارسا مذكورا ، وجمع من استطاع ، فقال له معاوية : إنك تلقى أفاعي أهل العراق (5) فارفق واتئد. فلقيه الأشتر أمام الخيل مزبدا ـ وكان الأشتر إذا أراد القتال أزبد ـ وهو يقول :
    في كل يوم هامتـي مقيره
    بالضرب أبغي منة مؤخره

    والدرع خير من برود حبـره (6)
    يا رب جنبني سبيل الكفره

    واجعل وفاتي بأكف الفجرة
    لا تعدل الدنيا جميعا وبره

    ولا بعوضا في ثواب البرره
    وشد على الخيل خيل الشام فردها (7) ، فاستحيا عبيد الله فبرز أمام الخيل وكان فارسا [ شجاعا ] وهو يقول :
    __________________
    (1) في الأصل : « فطعن خيل بسر » والصواب في ح.
    (2) يقال مضى ملي من النهار ، أي ساعة طويلة.
    (3) في الأصل : « مراود » ووجهه من ح. وفي ح : « غالب وفهر » وغالب هو ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة.
    (4) بقي ، بكسر القاف وإسكان الياء للشعر ، وفي لغة طيئ بقي يبقى بفتح القاف ، كما يقولون فني يفني ، يفعلون ذلك في كل ياء انكسر ما قبلها ، يجعلونها ألفا. انظر اللسان ( بقى ).
    (5) ح ( 2 : 291 ) : « أفعى أهل العراق ».
    (6) ح : « فالقتل خير من ثياب الحبره ».
    (7) هذا ما في ح. وبدل هذه العبارة في الأصل : « فرد الخيل ».

    أنعى ابن عفان وأرجو ربي
    ذاك الذي يخرجني من ذنبي

    ذاك الذي يكشف عني كربي
    إن ابن عفان عظيم الخطب

    يأبى له حبي بكل قلبي (1)
    إلا طعاني دونه وضربي

    حسبي الذي أنويه حسبي حسبـي
    فحمل عليه الأشتر فطعنه ، واشتد الأمر ، وانصرف القوم وللأشتر الفضل ، فغم ذلك معاوية.
    وإن عبد الرحمن بن خالد غدا في اليوم الخامس ، وكان أرجاهم عند معاوية أن ينال حاجته ، فقواه معاوية بالخيل والسلاح ، وكان معاوية بعده ولدا ، فلقيه عدي بن حاتم في حماة مذحج وقضاعة ، فبرز عبد الرحمن أمام الخيل وهو يقول :
    قل لعدي ذهب الوعيد
    أنا ابن سيف الله لا مزيـد

    وخالد يزينه الوليـد
    ذاك الـذي هو فيكـم الوحيد (2)

    قد ذقتم الحرب فزيدوا زيـدوا
    فما لنا ولا لكم محيد

    * عن يومنا ويومكم فعودوا *
    ثم حمل فطعن الناس ، وقصده عدي بن حاتم [ وسدد إليه الرمح ] وهو يقول :
    أرجو إلهي وأخاف ذنبي
    وليس شيء مثل عفو ربي (3)

    يا ابن الوليد بغضكم في قلبي
    كالهضب بل فوق قنان الهضب (4)

    __________________
    (1) في الأصل : « قلب » صوابه في ح.
    (2) ح ( 2 : 292 ) : « الذي قيل له ».
    (3) ح : « ولست أرجو غير عفو ربي ».
    (4) القنان : جمع قنة ، وقنة كل شيء : أعلاه.

    فلما كاد أن يخالطه بالرمح توارى عبد الرحمن في العجاج واستتر بأسنة أصحابه ، واختلط القوم ، ورجع عبد الرحمن إلى معاوية مقهورا ، وانكسر معاوية.
    وإن أيمن بن خريم الأسدي (1) لما بلغه ملقى معاوية وأصحابه شمت ، وكان أنسك رجل من أهل الشام وأشعره ، وكان في ناحية معتزلا (2) ، فقال في ذلك :
    معاوي إن الأمر لله وحده
    وإنك لا تستطيع ضـرا ولا نفعا

    عبأت رجالا من قريش لمعشر
    يمانية لا تستطيع لهـا دفعا

    فكيف رأيت الأمر إذ جد جده
    لقد زادك الذي جئته جدعـا

    تعبي لقيس أو عدي بن حاتم
    والأشتر ، يا للناس ، أغمارك الجدعا (3)

    تعبئ للمرقال عمرا وإنه
    لليث لقى مـن دون غابته ضبعا

    وإن سعيدا إذ برزت لرمحه
    لفارس همدان الذي يشعب الصدعـا

    ملى بضرب الدارعين بسيفـه
    إذا الخيل أبدت مـن سنابكها نقعا

    رجعت فلم تظفر بشيء أردتـه
    سوى فرس أعيت وأبت بها ظلعـا

    فدعهم فلا والله لا تستطيعهم
    مجاهرة فاعمل لقهرهم خدعـا (4)

    __________________
    (1) أيمن بن خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن العليب بن عمرو بن أسد ابن خزيمة بن مدركة الأسدي. قال المبرد في الكامل : له صحبه. وقال ابن عيد البر : أسلم يوم الفتح. وكان يسمى خليل الخلفاء ، لإعجابهم في تحديثه بفصاحته وعلمه. وكان به وضح يغيره بزعفران. انظر الإصابة 390. وفي الأصل وح : « بن خزيم » صوابه بالراء المهملة ، كما في ترجمة ( خريم ) من الإصابة 2242.
    (2) ح : « وكان معتزلا للحرب من ناحية عنها ».
    (3) الأغمار : جمع غمر ، وهو من لا تجربة له. والجدع ، جمع أجدع. وفي الأصل : « الخدعا » وفي ح : « الجذعا » والوجه ما أثبت.
    (4) في الأصل : « فانظر تطيقهم خدعا » وأثبت ما في ح.

    قال : وإن معاوية أظهر لعمرو شماتة [ وجعل يقرعه ويوبخه ] وقال : لقد أنصفتكم إذ لقيت سعيد بن قيس في همدان وقررتم ، وإنك لجبان. فغضب عمرو ثم قال : والله لو كان عليا ما قحمت عليه يا معاوية ، فهلا برزت إلى علي إذ دعاك إن كنت شجاعا كما تزعم. وقال عمرو في ذلك :
    تسير إلى ابن ذي يـزن سعيد
    وتترك في العجاجة من دعاكا

    فهل لك في أبي حسـن علـي
    لعل الله يمكـن من قفاكا

    دعاك إلى النزال فلم تجبه
    ولو نازلته تربت يداكا

    وكنت أصم ، إذ ناداك ، عنهـا
    وكان سكوته عنها (1) مناكا

    فآب الكبش قد طحنت رحاه
    بنجدته ولم تطحن رحاكا

    فما انصفت صحبك يا ابن هند
    أتفرقه وتغضب مـن كفاكا

    فلا والله ما أضمرت خيرا
    ولا أظهرت لي إلا هواكا

    [ قال ] : وإن القرشيين استحيوا مما صنعوا ، وشمتت بهم اليمانية [ من أهل الشام ] ، فقال معاوية « يا معشر قريش ، والله لقد قربكم لقاء القوم من الفتح ، ولكن لا مرد لأمر الله (2) ، [ ومم تستحيون؟! ] ، إنما لقيتم كباش أهل العراق ، وقتلتم وقتل منكم ، ومالكم علي من حجة ، لقد عبأت نفسي (3) لسيدهم سعيد بن قيس ».
    فانقطعوا عن معاوية أياما ، فقال معاوية في ذلك :
    __________________
    (1) أي عن الدعوة أو المنازلة. وفي الأصل : « عنه » وأثبت ما في ح ليتلاءم الكلام.
    (2) في الأصل : « الأمر لأمر الله » صوابه في ح.
    (3) في الأصل : « تعبئتي » ، والوجه ما أثبت من ح. انظر السطر الثاني.


    لعمري لقد أنصفت والنصف عادة
    وعاين طعنا في العجاج المعاين (1)

    ولولا رجائـي أن تبوءوا (2) بنهـزة
    وأن تغسلوا عارا وعتـه الكنائن

    لناديت للهيجا رجالا سواكم
    ولكنما تحمي الملوك البطائـن

    أتدرون من لاقيتم فل جيشكم
    لقيتم جيوشا أصحرتهـا العرائن (3)

    لقيتم صناديد العراق ومن بهم
    إذا جاشـت الهيجاء تحمي الظعائن

    وما كان منكم فارس دون فـارس
    ولكنه ما قدر الله كائن

    قال : فلما سمع القوم ما قال معاوية أتوه فاعتذروا له ، واستقاموا له على ما يحب.
    قال [ نصر : وحدثنا عمرو بن شمر قال ] : ولما اشتد القتال [ وعظم الخطب ] أرسل معاوية إلى عمر وأن قدم عكا والأشعريين إلى من بإزائهم. فبعث عمرو إلى معاوية : « إن همدان بإزاء عك ». فبعث [ إليه ] معاوية : « أن قدم عكا إلى همدان ». فأتاهم عمرو فقال : يا معشر عك ، إن عليا قد عرف أنكم حي أهل الشام ، فعبأ لكم حي أهل العراق همدان ، فاصبروا وهبوا لي جماجمكم ساعة من النهار ، وقد بلغ الحق مقطعه. فقال ابن مسروق العكي : أمهلوني (4) حتى آتى معاوية. فأتاه فقال : يا معاوية ، اجعل لنا فريضة ألفي رجل في ألفين ، ومن هلك فابن عمه مكانه ، لنقر اليوم عينك. قال : ذلك لك. فرجع ابن مسروق إلى أصحابه فأخبرهم الخبر فقالت عك : نحن لهمدان.
    __________________
    (1) النصف ، بالكسر : الإنصاف.
    (2) ح : « أن تؤوبوا ».
    (3) أصحرتها : أبرزتها. وفي الحديث : فلا تصحريها « معناه لا تبرزيها إلى الصحراء. قال ابن الأثير : هكذا جاء في هذا الحديث متعديا ، على حذف الجار وإيصال الفعل ، فإنه غير متعد. والعرائن : جمع عرينة ، وهي مأوى الأسد ، كالعرين.
    (4) ح ( 2 : 293 ) : « أمهلني ».

    قال : فتقدمت عك ، ونادى سعيد بن قيس : يال همدان خدموا (1). فأخذت السيوف أرجل عك ، فنادى أبو مسروق العكي : يالعك ، بركا كبرك الكمل (2). فبركوا تحت الجحف وشجروهم بالرماح (3) ، وتقدم شيخ من همدان وهو يقول :
    يا لبكيل لخمها وحاشد (4)
    نفسي فداكم طاعنوا وجالدوا

    حتى تخر منكم القماحد (5)
    وأرجل تتبعها سواعد

    بذاك أوصى جدكم والوالد
    إني لقاضي عصبتي ورائد

    وتقدم رجل من عك وهو يقول :
    يدعون همدان وندعو عكا
    نفسي فداكم يال عك بكا

    إن خدم القـوم فبركا بركا
    لا تدخلوا نفسي (6) عليكم شكا

    قد محك القوم فزيدوا محكا
    قال : فألقى القوم الرماح وصاروا إلى السيوف ، وتجالدوا حتى أدركهم الليل ، فقالت همدان : يا معشر عك ، إنا والله لا ننصرف حتى تنصرفوا. وقالت عك مثل ذلك ، فأرسل معاوية إلى عك : « أبروا قسم القوم (7) [ وهلموا ] ». فانصرفت عك ثم انصرفت همدان ، وقال عمرو : يا معاوية ، لقد لقيت أسد أسدا ، لم أر كاليوم قط ، لو أن معك حيا كعك ، أو مع علي
    __________________
    (1) انظر ما سبق ص 257 س 15 وص 329 س 13.
    (2) الكمل : الجمل ، في لغة عك ، وهم يقبلون الجيم كافا. انظر ما مضى ص 228 ، 329. وفي الأصل : « الجمل » صوابه في ح.
    (3) شجروهم : طعنوهم. وفي ح : « فشجرتهم همدان بالرماح ».
    (4) في الاشتقاق 250 : « بنو حاشد وبنو بكيل منهم تفرقت همدان ».
    (5) القماحد : جمع قمحدوة ، وهي ما أشرف على القفا من عظم الرأس.
    (6) ح : « لا تدخلوا اليوم ».
    (7) ح ( 2 : 293 ) : « أن أبروا قسم إخوتكم ».

    حيا كهمدان لكان الفناء.
    وقال عمرو في ذلك :
    إن عكا وحاشدا وبكيلا
    كأسود الضراب لاقت أسـودا

    وجثا القوم بالقنا وتساقوا
    بظبات السيوف موتا عتيـدا

    ليس يدرون ما الفرار وإن كـا
    ن فرارا لكان ذاك سديـدا (1)

    ازورار المنـاكب الغلب بالشم
    وضـرب المسومين الخدودا

    يعلم الله ما رأيت من القو
    م ازورارا ولا رأيت صـدودا

    غير ضرب فوق الطلى وعلى الهـا
    م وقرع الحديد يعلو الحديدا

    ولقد فضل المطيع على العا
    صـي ولم يبلغوا بـه المجهودا

    ولقد قال قائـل خدموا السو
    ق فخرت هناك عك قعـودا

    كبروك الجمال أثقلها الحـم‍
    ل فما تستقل إلا وئيدا (2)

    ولما اشترطت عك والأشعرون على معاوية ما اشترطوا من الفريضة والعطاء فأعطاهم ، لم يبق من أهل العراق أحد في قلبه مرض إلا طمع في معاوية وشخص بصره إليه (3) ، حتى فشا ذلك في الناس ، وبلغ ذلك عليا فساءه.
    وجاء المنذر بن أبي حميصة الوادعي (4) ، وكان فارس همدان وشاعرهم فقال :
    __________________
    (1) في الأصل : « وكان ذلك شديدا » صوابه في ح.
    (2) في الأصل وح : « كبراك » ولا وجه لها.
    (3) ح : « وشخص ببصره إليه ».
    (4) الوادعي : نسبة إلى وادعة ، وهم بطن من همدان. الاشتقاق 253. وفي الأصل : « الأوزاعي » صوابه في ح والإصابة 8459. قال ابن حجر : « له إدراك ، هو أول من جعل سهم البراذين دون سهم العراب ، فبلغ عمر فأعجبه ». وفي الأصل أيضا : « بن أبي حميضة » وفي ح : « بن أبي حمضمة » صوابهما في الإصابة.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:36 am

    « يا أمير المؤمنين ، إن عكا والأشعريين طلبوا إلى معاوية الفرائض والعطاء (1) فأعطاهم ، فباعوا الدين بالدنيا ، وإنا رضينا بالآخرة من الدنيا ، وبالعراق من الشام ، وبك من معاوية. والله لآخرتنا خير من دنياهم ، ولعراقنا خير من شامهم ، ولإمامنا أهدى من إمامهم ، فاستفتحنا بالحرب ، وثق منا بالنصر (2) واحملنا على الموت ». ثم قال في ذلك :
    إن عكا سالوا الفرائض والأشـ‍
    ـعر سالوا جوائزا بثنيـه (3)

    تركوا الدين للعطاء وللفر
    ض فكانوا بذاك شر البريـه

    وسألنا حسن الثواب من الله
    وصبـرا على الجهاد ونيه

    فلكل ما ساله ونواه
    كلنا يحسـب الخلاف خطيه

    ولأهل العراق أحسن في الحر
    ب إذاما تدانت السمهريـه

    ولأهل العراق أحمـل للثـقـ‍
    ل إذا عمت العباد بليـه (4)

    ليس منا من لم يكن لك في الله
    وليا يا ذا الولا والوصيه

    فقال علي : حسبك ، رحمك الله. وأثنى عليه خيرا وعلى قومه. وانتهى شعره إلى معاوية فقال معاوية : والله لأستميلن بالأموال ثقات (5) علي ، ولأقسمن فيهم المال حتى تغلب دنياي آخرته.
    وإنه لما أصبح الناس غدوا على مصافهم ، وإن معاوية نادى في أحياء اليمن فقال : عبوا إلى (6) كل فارس مذكور فيكم ، أتقوى به لهذا الحي من
    __________________
    (1) في الأصل : « والعقار » صوابه في ح.
    (2) بدل هاتين الجملتين في ح : « فامنحنا بالصبر » وهو نقص وتحريف.
    (3) سالوا : مخفف سألوا. والبثنية : المنسوبة إلى قرية بالشام بين دمشق وأذرعات. وإليها تنسب الحنطة البثنية ، وهي أجود أنواع الحنطة. ح ( 2 : 294 ) : « لبثيه » ، تحريف.
    (4) ح : « إذا عمت البلاد ».
    (5) في الأصل : « أهل ثقات علي » والوجه ما أثبت من ح.
    (6) ح : « عبوا لي ».

    همدان (1). فخرجت خيل عظيمة ، فلما رآها علي عرف أنها عيون الرجال فنادى : يا لهمدان. فأجابه سعيد بن قيس ، فقال له علي 7 : احمل. فحمل حتى خالط الخيل واشتد القتال ، وحطمتهم همدان حتى ألحقوهم بمعاوية فقال : ما لقيت من همدان ، وجزع جزعا شديدا وأسرع في فرسان أهل الشام القتل ، وجمع على همدان فقال : يا معشر همدان ، أنتم درعي ورمحي يا همدان ، ما نصرتم إلا الله ولا أجبتم غيره. فقال سعيد بن قيس : « أجبنا الله وأجبناك (2) ، ونصرنا نبي الله صلى الله عليه في قبره ، وقاتلنا معك من ليس مثلك ، فارم بنا حيث أحببت ».
    قال نصر : وفي هذا اليوم قال علي 7 :
    ولو كنت بوابا على باب جنة
    لقلـت لهمدان ادخلي بسلام

    فقال علي 7 لصاحب لواء همدان : اكفني أهل حمص ؛ فإني لم ألق من أحد ما لقيت منهم.
    فتقدم وتقدمت همدان وشدوا شدة واحدة على أهل حمص فضربوهم ضربا شديدا متداركا بالسيوف وعمد الحديد ، حتى ألجؤوهم إلى قبة معاوية ، وارتجز من همدان رجل [ عداده (3) ] في أرحب ، وهو يقول :
    قد قتل الله رجال حمص
    حرصا على المال وأي حرص

    غروا بقول كذب وخرص
    قد نكص القوم وأي نكـص (4)

    * عن طاعة الله وفحوى النص *
    __________________
    (1) ح : « علي هذا الحي من همدان ».
    (2) في الأصل : « أجبنا الله وأنت » صوابه في ح.
    (3) أي عدده ونسبته. وموضع هذه الكلمة بياض في الأصل.
    (4) الخرص : الكذب ، والخراص : الكذاب. ح : « وحرص » تحريف.

    وحمل أهل حمص ورجل من كندة يقدمهم وهو يقول :
    قد قتل الله رجال العاليه
    في يومنا هذا وغدوا ثانيـه

    حتى يكونوا كرجام باليـه (1)
    من عهـد عاد وثمود الثاويـه

    * بالحجر أو يملكهم معاويه *
    قال : ولما عبأ معاوية حماة الخيل لهمدان فردت خيله أسف ، فخرج بسيفه فحملت عليه فوارس همدان ، ففاتها (2) ركضا ، وانكسر حماة أهل الشام ورجعت همدان إلى مكانها. وقال حجر بن قحطان الوادعي (3) ، [ يخاطب سعيد بن قيس ] :
    ألا يا ابن قيس قرت العيـن إذ رأت
    فوارس همدان بن زيد بن مالك

    على عارفات للقاء عوابس
    طوال الهوادي مشرفات الحوارك

    موقرة بالطعن في ثغراتها
    يجلن ويحطمـن الحصى بالسنابك (4)

    عباها علي لابن هند وخيلـه
    فلو لم يفتها كان أول هالـك

    __________________
    (1) الرجام : الحجارة ، وربما جمعت على القبر ليسنم. وفي الأصل : « كرجال ».
    (2) في الأصل : « ففارقها ».
    (3) وادعة : بطن من همدان. انظر 435 وفي ح : « الهمداني ».
    (4) الموقرة : المصلبة الممرنة ، يقال وقرتني الأسفار أي صلبتني ومرنتني عليها. ح : « معودة للطعن ». والثغرة ، بالضم : نقرة النحر. وفي الأصل : « يزلن ويلحقن القنا » صوابه من ح.


    وكانت له في يومه عند ظنه
    وفي كل يوم كاسف الشمس حالك

    وكانت بحمد الله في كل كربة
    حصونا وعزا للرجال الصعالك

    فقل لأمير المؤمنين أن ادعنا
    إذا شئت (1) إنا عرضة للمهالك

    ونحن حطمنا السمر في حي حمير
    وكنـدة والحي الخفاف السكاسـك (2)

    وعك ولخم شائلين سياطهم
    حـذار العوالي كالإماء العوارك (3)

    [ قال نصر ] : و [ حدثنا عمر بن سعد ، عن رجاله ] ، أن معاوية دعا مروان بن الحكم فقال : يا مروان ، إن الأشتر قد غمني [ وأقلقني ] ، فاخرج بهذه الخيل في كلاع ويحصب ، فالقه فقاتل بها. فقال له مروان : ادع لها عمرا فإنه شعارك دون دثارك. قال : وأنت نفسي دون وريدي. قال : لو كنت كذلك ألحقتني به في العطاء ، أو ألحقته بي في الحرمان ، ولكنك أعطيته ما في يديك ومنيته ما في يدي غيرك ، فإن غلبت طاب له المقام ، وإن غلبت خف عليه الهرب. فقال معاوية : يغني الله عنك (4). قال : أما اليوم فلا. ودعا معاوية عمرا وأمره بالخروج إلى الأشتر فقال : والله إني لا أقول لك كما قال لك مروان. قال : ولم تقوله (5) وقد قدمتك وأخرته ، وأدخلتك وأخرجته. قال عمرو : [ أما ] والله لئن كنت فعلت لقد قدمتني كافيا وأدخلتني ناصحا. وقد أكثر القوم عليك في أمر مصر ، وإن كان لا يرضيهم إلا أخذها فخذها (6).
    __________________
    (1) ح : « متى شئت ».
    (2) انظر ص 81 س 9.
    (3) العوالي : أعالي الرماح. العوارك : الحوائض.
    (4) ح ( 1 : 295 ) : « سيغنى الله عنك ».
    (5) ح : « وكيف تقوله ».
    (6) ح : « فإن كان لا يرضيهم إلا رجوعك فيما وثقت لي به منها فارجع فيه ».

    فخرج عمرو في تلك الخيل فلقيه الأشتر أمام الخيل ، [ وقد علم أنه سيلقاه ] ، وهو [ يرتجز ] ويقول :
    يا ليت شعري كيف لـي بعمرو
    ذاك الذي أوجبت فيه نذري

    ذاك الذي أطلبه بوتري
    ذاك الذي فيه شفاء صدري

    ذاك الذي إن ألقه بعمري
    تغلى به عند اللقاء قـدري

    أولا فربي عاذري بعذري
    فعرف عمرو أنه الأشتر ، وفشل حيله (1) وجبن ، واستحيا أن يرجع ، فأقبل نحو الصوت وهو يقول :
    ياليت شعري كيف لي بمالك
    كم كاهل جببته وحارك (2)

    وفارس قتلته وفاتك
    ونابل فتكته وباتك (3)

    ومقدم آب بوجه حالك
    هذا وهذا عرضة المهـالك

    قال : فلما غشيه الأشتر بالرمح زاغ عنه عمرو ، فطعنه الأشتر في وجهه فلم يصنع [ الرمح ] شيئا ، وثقل عمرو فأمسك [ عنان فرسه وجعل يده ] على وجهه ، ورجع راكضا إلى العسكر ، ونادى غلام من يحصب : يا عمرو ، عليك العفا ، ماهبت الصبا ، يالحمير (4) ، إنما لكم ما كان معكم ، أبلغوني اللواء (5). فأخذه ثم مضى ـ وكان غلاما شابا (6) ـ وهو يقول :
    __________________
    (1) الفشل : الضعف. والحيل : القوة. وفي الأصل : « خيله » تحريف ، وهذه الكلمة ليست في ح.
    (2) الكاهل : مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق. والحارك : أعلى الكاهل. جببته : قطعته. في الأصل : « كداجل خيبته » وفي ح : « كم جاهل جببته » والوجه ما أثبت.
    (3) هذا البيت ليس في ح. والمعروف في اللغة « فتكت به ».
    (4) ح ( 2 : 295 ) : « يا آل حمير ».
    (5) ح : « هاتوا اللواء ».
    (6) ح : « غلاما حدثا ».


    إن يك عمرو قد علاه الأشتر
    بأسمر فيه سنان أزهر

    فذاك والله لعمري مفخـر
    يا عمرو هيهات الجناب الأخضر (1)

    يا عمرو يكفيك الطعان حمير
    واليحصبي بالطعـان أمهر

    * دون اللواء اليوم موت أحمر *
    فنادى الأشتر إبراهيم ابنه : خذ اللواء ، فغلام لغلام. فتقدم وهو يقول :
    يا أيها السائل عني لا ترع
    أقدم فإني من عرانين النخع

    كيف ترى طعن العراقي الجذع
    أطير في يوم الوغى ولا أقع

    ما ساءكم سر وما ضر نفـع (2)
    أعددت ذا اليوم لهول المطلع

    ويحمل على الحميري فالتقاه الحميري بلوائه ورمحه ، ولم يبرحا يطعن كل منهما صاحبه حتى سقط الحميري قتيلا ، وشمت مروان بعمرو ، وغضب القحطانيون على معاوية فقالوا : تولى علينا من لا يقاتل معنا؟! ول رجلا منا ، وإلا فلا حاجة لنا فيك. فقال المزعف اليحصبي ـ وكان شاعرا ـ أيها الأمير ، اسمع :
    معاوي إما تدعنا لعظيمة
    يلبس من نكرائها الغرض بالحقب (3)

    فول علينا من يحوط ذمارنا
    من الحميريين الملوك على العرب

    __________________
    (1) يشير إلى مصر.
    (2) أي ما ساءكم سرنا وما ضركم نفعنا. في الأصل : « ولا ضر » صوابه في ح.
    (3) الغرض : حزام الرحل. وفي الأصل : « العرض » صوابه في ح. والحقب ، بالتحريك : حبل يشد به الرحل في بطن البعير مما يلي ثيله لئلا يؤذيه التصدير.


    ولا تأمرنا بالتي لا نريدهـا
    ولا تجعلنا للهوى موضع الذنب

    ولا تغضبنا ، والحوادث جمة
    عليك ، فيفشو اليوم في يحصب الغضب

    فإن لنا حقا عظيما وطاعة
    وحبـا دخيلا في المشاشة والعصب (1)

    فقال لهم معاوية : [ والله ] لا أولى عليكم بعد موقفي هذا (2) إلا رجلا منكم.
    [ قال نصر ] : و [ حدثنا عمر بن سعد قال ] : إن معاوية لما أسرع أهل العراق في أهل الشام قال : هذا يوم تمحيص ، [ وإن لهذا اليوم ما بعده ]. إن القوم قد أسرع فيهم كما أسرع فيكم ، فاصبروا وكونوا كراما (3).
    قال : وحرض علي بن أبي طالب أصحابه ، فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال : يا أمير المؤمنين ، قدمني في البقية من الناس ، فإنك لا تفقد لي اليوم صبرا ولا نصرا. أما أهل الشام فقد أصبنا منهم ، وأما نحن ففينا بعض البقية ، ائذن لي فأتقدم. فقال علي : تقدم باسم الله والبركة. فتقدم وأخذ رايته ، فمضى وهو يقول :
    حتى متى ترجو البقايا أصبغ
    إن الرجاء بالقنوط يدمـغ

    أما ترى أحداث دهـر تنبغ
    فادبغ هواك ، والأديم يدبـغ

    __________________
    (1) المشاشة : واحدة المشاش ، وهي رءوس العظام. ح : « في المشاش وفي العصب ».
    (2) ح : « بعد هذا اليوم ».
    (3) ح : « وموتوا كراما ».


    والرفق فيما قد تريـد (1) أبلغ
    اليوم شغل وغدا لا تفرغ

    فرجع الأصبغ وقد خصب سيفه دما ورمحه ، وكان شيخا ناسكا عابدا ، وكان إذا لقى القوم بعضهم بعضا يغمد سيفه ، وكان من ذخائر على ممن قد بايعه على الموت ، وكان من فرسان أهل العراق ، وكان علي 7 يضن به على الحرب والقتال.
    وقال : وكانوا قد ثقلوا عن البراز حين عضتهم الحرب ، فقال الأشتر : يا أهل العراق ، أما من رجل يشري نفسه [ لله ]؟! فخرج أثال بن حجل فنادى بين العسكرين : هل من مبارز؟ فدعا معاوية حجلا فقال : دونك الرجل. وكانا مستبصرين في رأيهما ، فبرز كل واحد منهما إلى صاحبه فبدره الشيخ بطعنة فطعنه الغلام ، وانتمى (2) فإذا هو ابنه ، فنزلا فاعتنق كل وأحد منهما صاحبه وبكيا ، فقال له الأب : أي أثال ، هلم إلى الدنيا. فقال له الغلام : يا أبه ، هلم إلى الآخرة ، والله : يا أبه ، لو كان من رأيي الانصراف إلى أهل الشام لوجب عليك أن يكون من رأيك لي أن تنهاني. واسوأتاه (3) ، فماذا أقول لعلي وللمؤمنين الصالحين؟! كن على ما أنت عليه ، وأنا أكون على ما أنا عليه. وانصرف حجل إلى أهل الشام ، وانصرف أثال إلى أهل العراق ، فخبر كل واحد منهما أصحابه. وقال في ذلك حجل :
    أن حجـل بن عامر وأثالا
    أصبحا يضربان في الأمثال

    أقبل الفارس المدجـج في النق‍
    ع أثـال يدعو يريد نزالـي

    دون أهل العراق يخطـر كالفح‍
    ل علـى ظهـر هيكـل ذيال

    __________________
    (1) في الأصل : « قديدين » صوابه في ح ( 2 : 296 ).
    (2) انتمى : انتسب. وفي ح : « وانتسبا ».
    (3) في الآصل : « واسوأتنا » وأثبت ما في ح.


    فدعاني له ابن هنـد وما زا
    ل قليلا في صحبه أمثالي (1)

    فتناولته ببادرة الرمـ‍
    ح وأهوى بأسمر عسال

    فاطعنا وذاك من حدث الدهر
    عظيم ، فتـى لشيـخ بجال (2)

    شاجرا بالقنـاة صدر أبيه
    وعظيم علي طعـن أثـال

    لا أبالي حين اعترضـت أثالا
    وأثال كذاك ليس يبالي

    فافترقنا على السلامـة والنفـ
    س يقيها مؤخر الآجال

    لا يراني على الهدى وأراه
    من هداي على سبيل ضلال

    فلما انتهى شعره إلى أهل العراق قال أثال ـ وكان مجتهدا مستبصرا :
    إن طعني وسط العجاجة حجلا
    لم يكن في الذي نويـت عقوقا

    كنت أرجو به الثواب من اللـ‍
    ـه وكوني مع النبي رفيقا

    لم أزل أنصر العراق على الشـا
    م (3) أراني بفعـل ذاك حقيقا

    قال أهل العراق إذ عظم الخط
    ب ونق المبارزون نقيقا

    من فتى يـأخذ الطريق إلـى اللـ‍
    ـه فكنـت الذي أخذت الطريقـا (4)

    حاسر الرأس لا أريد سوى المـو
    ت أرى كل ما يرون دقيقا (5)

    فإذا فارس تقحم فـي النقـ‍
    ع خدبا مثل السحوق عتيقـا (6)

    فبداني حجل ببادرة الطعـ‍
    ن وما كنت قبلها مسبوقا

    __________________
    (1) في الأصل : « وما ذاك قليلا » صوابه في ح.
    (2) البجال ، بالفتح : الكبير العظيم. ح : « بشيخ بجال ».
    (3) في الأصل : « من الشام » وأثبت ما في ح.
    (4) ح : « يسلك الطريق » و « سلكت الطريق ».
    (5) ح : « أرى الأعظم الجليل دقيقا ».
    (6) الخدب : الضخم العظيم. والسحوق : النخلة الطويلة.


    فتلافيته بعالية الرم‍ـ
    ح ، كلانا يطـاول العيوقا (1)

    أحمد الله ذا الجلالة والقـد
    رة حمدا يزيدنـي توفيقا

    لم أنل قتله ببادرة الطعـ‍
    نـة مني ولم أنـل ثفروقـا (2)

    قلت للشيخ لست أكفرك الده‍ـ
    ر لطيف الغذاء والتفنيقـا (3)

    غير أني أخاف أن تدخل النا
    ر فلا تعصني وكن لـي رفيقا

    وكذا قال لي ، فغـرب تغري‍
    با وشرقت راجعا تشريقا

    وإن معاوية دعا النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري ، ومسلمة بن مخلد الأنصاري ، ولم يكن معه من الأنصار غيرهما ، فقال : يا هذان ، لقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج ، صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال ، حتى والله جبنوا أصحابي ، الشجاع والجبان ، وحتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتلته الأنصار. أما والله لألقينهم بحدي وحديدي ، ولأعبين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه ، ثم لأرمينهم بأعدادهم من قريش ، رجال لم يغذهم التمر والطفيشل (4) ، يقولون نحن الأنصار ، قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم.
    __________________
    (1) التلافي : التدارك. وعالية الرمح : أعلاه. وفي الأصل : « ببادرة الرمح » صوابه في ح. وفي ح أيضا : « فتلقيته ».
    (2) الثفروق : قمع البسرة والتمرة ، يقول : لم أنل منه أقل شئ. وفي الأصل : « لم أكن مفروقا » وفي ح :
    إذا كففت السنان عند ولم أد
    ن فتيلا أبي ولا ثفروقا

    وصواب إنشاد هذا : « منه ولا ثفروقا ».
    (3) التفنيق : التنعيم. ح : « لست أكفر نعماك ».
    (4) الطفيشل ، بوزن سميدع ، كما في القاموس ، ويقال له أيضا « طفشيل ». ولفظه فارسي معرب ، وهو بالفارسية « تفشله » أو « تفشيله » وقد فسره استينجاس في 313 بأنه ضرب من اللحم يعالج بالبيض والجزر والعسل ، وفسر في القاموس بأنه نوع من المرق. وجعله البغدادي في كتاب الطبيخ ضربا من التنوريات ، أي الأطعمة التي تنضج في التنور. وفي منهاج الدكان 220 : « طفشيل كل طعام يعمل من القطاني ، أعتى الحبوب كالعدس والجلبان وما أشبه ذلك ». انظر حواشي الحيوان ( 3 : 24 / 5 : 226 ).

    فغضب النعمان فقال : يا معاوية ، لا تلومن الأنصار بسرعتهم في الحرب فإنهم كذلك كانوا في الجاهلية. فأما دعاؤهم الله فقد رأيتهم مع رسول الله صلى الله عليه [ يفعلون ذلك كثيرا ]. وأما لقاؤك إياهم في أعدادهم من قريش فقد علمت ما لقيت قريش منهم [ قديما ] ، فإن أحببت أن ترى فيهم مثل ذلك آنفا فافعل. وأما التمر والطفيشل فإن التمر كان لنا ، فلما أن ذقتموه شاركتمونا فيه. وأما الطفيشل فكان لليهود ، فلما أكلناه غلبناهم عليه ، كما غلبت قريش على السخينة (1).
    ثم تكلم مسلمة بن مخلد فقال : يا معاوية ، إن الأنصار لا تعاب أحسابها ولا نجداتها. وأما غمهم إياك فقد والله غمونا ، ولو رضينا ما فارقونا وما فارقنا جماعتهم ، وإن في ذلك لما فيه من مباينة العشيرة ، ومباعدة الحجاز وحرب العراق ، ولكن حملنا ذلك لك ، ورجونا منك عوضه. وأما التمر والطفيشل فإنهما يجران (2) عليك نسب السخينة والخرنوب.
    وانتهى الكلام إلى الأنصار ، فجمع قيس بن سعد الأنصاري ، الأنصار ثم قام خطيبا فيهم فقال : إن معاوية قد قال ما بلغكم ، وأجاب عنكم صاحباكم (3) ، فلعمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس ، وإن وترتموه في الإسلام فقد وترتموه في الشرك ، ومالكم إليه من ذنب [ أعظم ] من نصر هذا الدين الذي أنتم عليه ، فجدوا اليوم جدا تنسونه [ به ] ما كان أمس ، وجدوا غدا [ جدا ] تنسونه (4) [ به ] ما كان اليوم ، وأنتم مع هذا
    __________________
    (1) السخينة : طعام يتخذ من دقيق وسمن ـ وقيل من دقيق وتمر ـ أغلظ من الحساء وأرق من العصيدة. وكانت قريش تكثر من أكلها فعيرت بها حتى سموا سخينة.
    (2) في الأصل : « يجبران » وأثبت ما في ح ( 4 : 297 ).
    (3) أي النعمان ومسلمة. وفي الأصل : « صاحبكم » صوابه في ح.
    (4) في الأصل : « فتنسونه » وأثبت ما في ح.

    اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل ، والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب. وأما التمر فإنا لم نغرسه ، ولكن غلبنا عليه من غرسه. وأما الطفيشل فلو كان طعامنا لسمينا به اسما كما سميت قريش السخينة. ثم قال قيس بن سعد في ذلك :
    يا ابن هند دع التوثب في الحر
    ب إذا نحن في البلاد نأينا (1)

    نحن من قد رأيت فـادن (2) إذ شئـ‍
    ت بمن شئت في العجاج إلينا

    إن برزنا بالجمع نلقك فـي الجمـ‍
    ع وإن شئت محضـة أسرينا

    فالقنا في اللفيف نلقك في الخـز
    رج ندعو في حربنا أبوينـا

    أي هذين ما أردت فخذه
    ليس منا وليس منك الهوينـا

    ثم لا تنزع العجاجة حتـى
    تنجلي حربنا لنا أو علينا (3)

    ليت ما تطلب الغـداة أتانا
    أنعم الله بالشهادة عينا

    إننا إننا الذين إذا الفتـ‍
    ح شهدنا وخيبرا وحنينا

    بعد بدر وتلك قاصمة الظهر
    وأحد وبالنضير ثنينـا

    يوم الاحزاب ، قد علم النا
    س ، شفينـا من قبلكـم واشتفينـا (4)

    فلما بلغ شعره معاوية دعا عمرو بن العاص فقال : ما ترى في شتم الأنصار؟ قال : أرى أن توعد ولا تشتم ، ما عسى أن نقول لهم؟ إذا أردت ذمهم فذم أبدانهم ولا تذم أحسابهم. قال معاوية : إن خطيب الأنصار قيس بن سعد يقوم كل يوم خطيبا ، وهو والله يريد أن يفنينا غدا إن لم يحبسه عنا حابس الفيل ، فما الرأي؟ قال : الرأي التوكل والصبر. فأرسل معاوية إلى رجال
    __________________
    (1) ح : « بالجياد سرينا ».
    (2) في الأصل : « فأذن » صوابه في ح ( 2 : 297 ).
    (3) العجاجة : واحدة العجاج ، وهو ما ثورته الريح. تنزع : تكف. وفي الأصل : « ينزع » وفي ح : « لا نسلخ ».
    (4) لعلها : « وبيوم الأحزاب ».

    من الأنصار فعاتبهم ، منهم عقبة بن عمرو ، وأبو مسعود ، والبراء بن عازب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وخزيمة بن ثابت ، وزيد بن أرقم ، وعمرو بن عمير (1) والحجاج بن غزية ، وكان هؤلاء يلقون في تلك الحرب ، فبعث معاوية بقوله : لتأتوا قيس بن سعد. فمشوا بأجمعهم إلى قيس ، فقالوا : إن معاوية لا يريد شتما فكف عن شتمه. فقال : إن مثلي لا يشتم ، ولكني لا أكف عن حربه حتى ألقى الله. وتحركت الخيل غدوة فظن قيس بن سعد أن فيها معاوية ، فحمل على رجل يشبهه فقنعه بالسيف فإذا غير معاوية ، وحمل الثانية [ على آخر ] يشبهه أيضا فضربه ، ثم انصرف وهو يقول :
    قولوا لهذا الشاتمي معاويه
    إن كل ما أوعدت ريـح هاويـه

    خوفتنا أكلب قوم عاويه
    إلى يا بن الخاطئين الماضيـة

    ترقل إرقال العجوز الجارية (2)
    في أثـر الساري ليالـى الشاتيـه (3)

    فقال معاوية : يا أهل الشام ؛ إذا لقيتم هذا الرجل فأخبروه بمساويه. وغضب النعمان ومسلمة على معاوية فأرضاهما بعد ما هما أن ينصرفا إلى قومهما ، ولم يكن مع معاوية من الأنصار غيرهما. ثم إن معاوية سأل النعمان أن يخرج إلى قيس فيعاتبه ويسأله السلم. فخرج النعمان حتى وقف بين الصفين فقال : يا قيس ، أنا النعمان بن بشير. فقال قيس : هيه يا ابن بشير فما حاجتك؟ فقال النعمان : يا قيس ، إنه قد أنصفكم من دعاكم إلى ما رضى لنفسه ، ألستم معشر الأنصار ،
    __________________
    (1) عمرو بن عمير الأنصاري ، أحد الصحابة ، وقد اختلف في اسمه فقيل عمرو بن عمرو ، وقيل عامر بن عمير أيضا. وفي الأصل : « عمير بن عمر » تحريف. الإصابة 4404 ، 5914.
    (2) العجوز : الكلبة. وفي الأصل : « العجوز الحاوية ».
    (3) الساري : السحاب الذي يسري ليلا. والكلاب تنبح السحاب. انظر الحيوان ( 2 : 73 ).

    تعلمون أنكم أخطأتم في خذل عثمان يوم الدار ، وقتلتم أنصاره يوم الجمل وأقحمتم خيولكم على أهل الشام بصفين ، فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليا لكانت واحدة بواحدة ، ولكنكم خذلتم حقا ونصرتم باطلا ، ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس حتى أعلمتم في الحرب ودعوتم إلى البراز ، ثم لم ينزل بعلي أمر قط إلا هونتم عليه المصيبة ، ووعدتموه الظفر. وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم. فاتقوا الله في البقية.
    فضحك قيس ثم قال : ما كنت أراك يا نعمان تجترئ على هذه المقالة ، إنه لا ينصح أخاه من غش نفسه ، وأنت والله الغاش الضال المضل. أما ذكرك عثمان فإن كانت الأخبار تكفيك فخذها مني ، واحدة قتل عثمان من لست خيرا منه ، وخذله من هو خير منك. وأما أصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث. وأما معاوية فو الله أن لو اجتمعت عليه العرب [ قاطبة ] لقاتلته الأنصار. وأما قولك إنا لسنا كالناس ، فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول الله ، نتقي السيوف بوجوهنا ، والرماح بنحورنا ، حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ، ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية إلا طليقا أو أعرابيا أو يمانيا مستدرجا بغرور. انظر أين المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان ، الذين رضي الله عنهم ، ثم انظر هل ترى مع معاوية غيرك وصويحبك ، ولستما والله ببدريين [ ولا عقبيين ] ولا أحديين ، ولا لكما سابقة في الإسلام ولا آية في القرآن. ولعمري لئن شغبت علينا لقد شغب علينا أبوك ».
    وقال قيس في ذلك :
    والراقصات بكل أشعث أغبر
    خوص العيون تحثها الركبان

    ما ابن المخلد ناسيا أسيافنا
    في من نحاربه ولا النعمـان (1)

    __________________
    (1) ابن المخلد يعني به مسلمة بن مخلد الآنصاري. وفي الأصل : « عمن تحاربه » والوجه ما أثبت. والمقطوعة لم ترد في مظنها من ح.


    تركا البيان وفي العيان كفايـة
    لو كان ينفع صاحبيه عيان

    [ قال نصر : وحدثنا عمر بن سعد ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب قال ] : (1) كان فارس أهل الكوفة الذي لا ينازع رجل كان يقال له العكبر ابن جدير الأسدي ، وكان فارس أهل الشام الذي لا ينازع عوف بن مجزأة الكوفي [ المرادي ] المكنى أبا أحمر ، وهو أبو الذي استنقذ الحجاج بن يوسف يوم صرع في المسجد بمكة. وكان العكبر له عبادة ولسان لا يطاق ، فقام إلى علي فقال : « يا أمير المؤمنين ، إن في أيدينا عهدا من الله لا نحتاج فيه إلى الناس ، وقد ظننا بأهل الشام الصبر وظنوه بنا فصبرنا وصبروا. وقد عجبت من صبر أهل الدنيا لأهل الآخرة ، وصبر أهل الحق على أهل الباطل ، ورغبة أهل الدنيا ، ثم نظرت فإذا أعجب ما يعجبني جهلي بآية من كتاب الله : ( الم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ). وأثنى عليه على خيرا ، وقال خيرا.
    وخرج الناس إلى مصافهم وخرج [ عوف بن مجزأة ] المرادي نادرا من الناس ، وكذلك كان يصنع. وقد كان قتل قبل ذلك نفرا [ من أهل العراق ] مبارزة ، فنادى : يا أهل العراق ، هل من رجل عصاه سيفه يبارزني ، ولا أغركم من نفسي ، فأنا فارس زوف (2). فصاح الناس بالعكبر ، فخرج إليه منقطعا من أصحابه والناس وقوف ، ووقف المرادي وهو يقول :
    بالشام أمن ليس فيه خوف
    بالشام عدل ليس فيه حيف

    __________________
    (1) قبل هذا الأصل : « وذكروا أنه » ، وضعت مكان السند المتقدم.
    (2) زوف ، بفتح الزاي : أبو قبيلة ، وهو زوف بن زاهر ـ أو أزهر ـ بن عامر بن عويثان. انظر القاموس ( زوف ). وفي الأصل : « دوف » تحريف.


    بالشام جود ليس فيه سـوف (1)
    أنا المرادي ورهطي زوف (2)

    أنا ابن مجزاة واسمـي عوف
    هل من عراقي عصاه سيف

    * يبرز لي وكيف لي وكيف *
    فبرز إليه العكبر وهو يقول :
    الشام محل والعراق تمطر
    بها الإمـام والإمام معـذر (3)

    والشام فيها للإمام معور (4)
    أنا العراقـي واسمـي العكبـر

    ابن جدير وأبوه المنذر
    ادن فإني للكمى مصحر (5)

    فاطعنا فصرعه العكبر فقتله ، ومعاوية على التل في أناس من قريش (6) ونفر من الناس قليل (7) ، فوجه العكبر فرسه فملأ فروجه ركضا يضربه بالسوط ، مسرعا نحو التل ، فنظر إليه معاوية فقال : إن هذا الرجل مغلوب على عقله أو مستأمن ، فاسألوه. فأتاه رجل وهو في حمى فرسه (Cool فناداه فلم يجبه ، فمضى [ مبادرا ] حتى انتهى إلى معاوية وجعل يطعن في أعراض الخيل ، ورجا العكبر أن يفردوا له معاوية ، فقتل رجالا (9) ، وقام القوم دون معاوية بالسيوف والرماح ، فلما لم يصل إلى معاوية نادى : أولى لك يا ابن هند ، أنا الغلام الأسدي. فرجع إلى علي (10) فقال له : ماذا دعاك إلى ما صنعت
    __________________
    (1) يقال فلان يقتات السوف أي يعيش بالأماني.
    (2) في الأصل : « روف » وانظر التحقيق فيما قبل.
    (3) المعذر : المنصف. ح : « بها إمام طاهر مطهر ».
    (4) المعور : القبيح السريرة. ح : « فيها أعور ومعور ».
    (5) مصحر ، أي هو من أمره على أمر واضح منكشف. ح : « فإني في البراز قسور ».
    (6) ح ( 2 : 297 ) : « في وجوه قريش ».
    (7) في الأصل : « وأناس من الناس قليل » وفي ح : « ونفر قليل من الناس ».
    (Cool الحمى : اشتداد العدو. وفي الأصل : « حمو » والوجه ما أثبت. قال الأعشى :
    كأن احتدام الجوف من حمى شده
    وما بعده من شده غلى قمقم

    (9) ح : « فاستقبله رجال قتل منهم قوما ».
    (10) ح : « ورجع إلى صف العراق ولم يكلم ».
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:37 am

    يا عكبر؟ [ لا تلق نفسك إلى التهلكة ] قال : أردت غرة ابن هند.
    وكان شاعرا فقال :
    قتلت المرادي الذي جاء باغيا
    ينادي وقد ثـار العجـاج : نزال

    يقول أنا عوف بن مجزاة ، والمنى
    لقاء ابن مجزاة بيـوم قتال

    فقلت له لما علا القوم صوتـه
    منيت بمشبوح الذراع طوال

    فأوجرته في معظم النقع صعدة
    ملأت بها رعبا قلوب رجال

    فغادرته يكبو صريعا لوجهه
    ينادي مرارا في مكر مجـال

    فقدمت مهري آخذا حد جريـه
    فأضربه في حومة بشمالي (1)

    أريد به التل الذي فوق رأسـه
    معاوية الجاني لكـل خبال

    يقول ومهري يغرف الجرى جامحا
    بفارسه قد بان كـل ضلال (2)

    فلما رأوني أصدق الطعن فيهـم
    جلا عنهم رجم الغيوب فعـالي

    فقام رجال دونه بسيوفهـم
    وقال رجال دونه بعوالي

    فلو نلته نلت التي ليس بعدها
    من الأمر شئ غير قيـل وقال (3)

    ولو مت في نيل المنى ألف ميتـة
    لقلت إذا ما مت لست أبالي

    وانكسر أهل الشام لقتل [ عوف ] المرادي ، وهدر معاوية دم العكبر ، فقال العكبر : يد الله فوق يد معاوية ، فأين دفاع الله عن المؤمنين (4).
    وقال نصر : حيث شرك الناس عليا في الرأي.
    __________________
    (1) ح ( 2 : 299 ) : « أصرفه في جريه بشمالي ».
    (2) في الأصل : « يعرف الجرى » تحريف. وفي القاموس : « وخيل مغارف كأنها تغرف الجرى ».
    (3) ح : « وفزت بذكر صالح وفعال ».
    (4) في الأصل : « من المؤمنين ». وفي ح : « فأين الله جل جلاله ودفاعه عن المؤمنين ».

    فجزع النجاشي من ذلك وقال :
    كفى حزنا أنا عصينا إمامنا
    عليا وأن القوم طاعوا معاويه (1)

    وإن لأهل الشام في ذاك فضلهم
    علينا بما قالوه فالعين باكيه

    فسبحان من أرسـى ثبيرا مكانه
    ومن أمسك السبع الطباق كماهيه

    أيعصى إمام أوجب الله حقه
    علينا وأهل الشام طوع لطاغيـه (2)

    ثم إن عليا 7 دعا قيس بن سعد فأثنى عليه خيرا ، وسوده على الأنصار ، وكانت طلائع أهل الشام وأهل العراق يلتقون فيما بين ذلك ويتناشدون الأشعار ، ويفخر بعضهم على بعض ، ويحدث بعضهم بعضا على أمان ، فالتقوا يوما وفيهم النجاشي ، فتذاكر القوم رجراجة على وخضرية معاوية ، فافتخر كل بكتيبتهم فقال أهل الشام : إن الخضرية مثل الرجراجة. وكان مع علي أربعة آلاف مجفف (3) من همدان ، مع سعيد بن قيس رجراجة ، وكان عليهم البيض والسلاح والدروع ، وكان الخضرية مع عبيد الله بن عمر بن الخطاب أربعة آلاف عليهم الخضرة ، فقال فتى من جذام من أهل الشام ممن كان في طليعة معاوية :
    ألا قل لفجار أهل العراق
    ولين الكلام لهم سيـه (4)

    __________________
    (1) اللسان : « الطوع نقيض الكره ـ أي بفتح الكاف ـ طاعه يطوعه وطاوعه ».
    (2) في الأصل وح : « طوعا لطاغيه ».
    (3) المجفف : لابس التجفاف ، وأصله ما يوضع على الخيل من حديد وغيره. وفي الأصل : « مجفجف » تحريف.
    (4) السية هي مخفف السيئة ، ثم سهلت همزتها وقلبت ياء وأدغمت في أختها ، كما أن السي مخفف السيء ، ومنه قول أفنون التغلبي ( انظر اللسان 1 : 91 والقصيدة 66 من المفضليات ) :
    أني جزوا عامرا سيئا بفعلهم
    أم كيف يجزونني السوأى من الحسن



    متى ما تجيئوا برجراجة
    نجئكم بجأواء (1) خضرية

    فوارسها كأسود الضراب
    طوال الرماح يمـانيه

    قصـار السيوف بأيديهم
    يطولها الخطو والنيه (2)

    يقول ابن هند إذا أقبلت
    جزى الله خيرا جذاميه

    فقال اليوم للنجاشي : أنت شاعر أهل العراق وفارسهم ، فأجب الرجل فتنحى ساعة ثم أقبل يهدر مزبدا يقول :
    معاوي إن تأتنا مزبدا
    بخضرية تلق رجراجه

    أسنتها من دماء الرجال
    إذا جالت الخيل مجاجه

    فوارسها كأسود الضـراب
    إلى الله في القتـل محتاجه

    وليست لدى المـوت وقافة
    وليسـت لدى الخـوف فجفاجـه (3)

    وليس بهم غير جـد اللقاء
    إلى طول أسيافهم حاجه

    خطاهم مقدم أسيـافهم
    وأذرعهم غير خداجه

    وعنـدك مـن وقعهم مصـدق
    وقد أخرجت أمس إخراجـه

    فشنـت عليهم ببيـض السيـوف
    بها فقع لجاجه (4)

    فقال أهل الشام : يا أخا بني الحارث أروناها فإنها جيدة. فأعادها عليهم حتى رووها. وكانت الطلائع تلتقي ، يستأمن بعضهم بعضا فيتحدثون.
    [ قال نصر : وروى عمر بن سعد ، عن الحارث بن حصيرة ، عن ابن أبي
    __________________
    (1) الجأواء : الكتيبة التي علاها الصدأ. وفي الأصل : « بجا » فقط ، وهذه المقطوعة وتاليتها لم تردا في مظنهما من ح.
    (2) ينظر إلى قول الأخنس بن شهاب في المفضلية 41 :
    وإن قصرت أسيافنا كان وصلها
    خطانا إلى القوم الذين نضارب

    (3) الفجفاج : الكثير الصياح والجلبة. وفي الأصل : « فجاجة » تحريف.
    (4) كذا ورد هذا الشطر.

    الكنود ] ، قال : جزع أهل الشام (1) على قتلاهم جزعا شديدا ، فقال معاوية ابن خديج :
    يا أهل الشام ، قبح الله ملكا يملكه المرء بعد حوشب وذي الكلاع و [ الله ] لو ظفرنا بأهل العراق بعد قتلهما بغير مؤونة ما كان ظفرا. وقال يزيد بن أنس لمعاوية : لا خير في أمر لا يشبه أوله آخره ، لا يدمل جريح (2) ، ولا يبكي على قتيل حتى تنجلي هذه الفتنة ، فإن يكن الأمر لك دملت (3) وبكيت على قرار ، وإن كان الأمر لغيرك فما أصبت فيه أعظم. فقال معاوية : « يا أهل الشام ، ما جعلكم أحق بالجزع على قتلاكم من أهل العراق على قتلاهم ، فوالله ما ذو الكلاع فيكم بأعظم من عمار بن ياسر فيهم ، ولا حوشب فيكم بأعظم من هاشم فيهم ، وما عبيد الله بن عمر فيكم بأعظم من ابن بديل فيهم ، وما الرجال إلا أشباه ، وما التمحيص إلا من عند الله. فأبشروا فإن الله قد قتل من القوم ثلاثة ، قتل عمار بن ياسر وهو كان فتاهم ، وقتل هاشما وكان جمرتهم ، وقتل ابن بديل وهو فاعل الأفاعيل ، وبقى الأشعث والأشتر وعدي ابن حاتم. فأما الأشعث فحماه مصره ، وأما الأشتر وعدي فغضبا للفتنة ، والله قاتلهما غدا إن شاء الله فقال ابن خديج : إن يكن الرجال عندك أشباها فليست عندنا كذلك. وغضب معاوية [ من ] ابن خديج. وقال الحضرمي في ذلك شعرا (4) :
    __________________
    (1) بدل ما بعد التكملة في الأصل : « ثم ذكروا أن أهل الشام جزعوا » وأثبت ما في ح.
    (2) يدمل : يصلح ويعالج. وفي الأصل : « لا يدمن على جريح ». ح ( 2 : 299 ) : « لا يدمى جريح » ، ووجههما ما أثبت.
    (3) في الأصل : « أدمنت » وفي ح : « أدميت » وانظر التحقيق السالف.
    (4) ح : « وقال شاعر اليمن يرثى ذا الكلاع وحوشبا ».


    معاوي قـد نلنا ونيلت سراتنا
    وجدع أحياء الكلاع ويحصب

    بـذي كلع لا يبعد الله داره
    وكل يمان قد أصيب بحوشـب

    هما ما هما كانا ، معاوي ، عصمـة
    متى ما أقله جهرة لا أكذب

    ولو قبلت في هالك بذل فدية
    فديناهما بالنفس والأم والأب

    وقد علقت أرماحنا بفوارس
    مني قومهـم منا بجـدع موعـب (1)

    وليس ابن قيس أو عدي بن حاتـم
    والأشتـر إن ذاقوا فنـا بتحـوب (2)

    ثم رجع إلى حديث عمر بن سعد.
    نصر ، عن عمر ، عن عبد الرحمن بن عبد الله (3) ، أن عبد الله بن كعب (4) قتل يوم صفين ، فمر به الأسود بن قيس (5) بآخر رمق فقال : عز على والله مصرعك. أما والله لو شهدتك لآسيتك ولدافعت عنك ، ولو رأيت الذي أشعرك (6) لأحببت ألا يزايلني حتي [ أقتله أو ] يلحقني بك. ثم نزل إليه فقال : [ رحمك الله يا عبد الله ] ، والله إن كان جارك ليأمن بوائقك ، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيرا. أوصني رحمك الله. قال : « أوصيك
    __________________
    (1) في الأصل : « وقد علقت أرحامنا » والوجه ما أثبت ، والبيت لم يرو في ح. أراد أخذت أرماحنا هؤلاء الفوارس الذين يتمنى قومهم لنا الجدع الموعب. وهذا البيت ترتيبه الثالث في الأصل ، كما أن تاليه كان ترتيبه الخامس في الأصل ، ولم يرويا في ح ، وقد رددتهما إلى هذا الوضع الذي يتساوق به الشعر.
    (2) فنا : مقصور فناء ، قصره للشعر. وفي الأصل : « فلا ».
    (3) ح : « عن عبيد الرحمن بن كعب ».
    (4) عبد الله بن كعب المرادي قتل يوم صفين ، وكان من أعيان أصحاب علي. الإصابة 4909. وفي ح : « عبد الله بن بديل ». وعبد الله بن بديل ، وأخوه عبد الرحمن بن بديل ، قتلا أيضا بصفين.
    (5) ح : « الأسود بن طهمان الخزاعي ».
    (6) في اللسان : « أشعره سنانا : خالطه به ». وأنشد قول أبي عازب الكلابي :
    فأشعرته تحت الظلام وبيننا
    من الخطر المنضود في العين واقع

    قال : « يريد أشعرت الذئب بالسهم ». وفي الأصل : « ولو أعرف » وأثبت ما في ح.

    بتقوى الله ، وأن تناصح أمير المؤمنين وأن تقاتل معه المحلين ، حتى يظهر الحق أو تلحق بالله. وأبلغه عني السلام وقل له : قاتل على المعركة حتى تجعلها خلف ظهرك ، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب ». ثم لم يلبث أن مات ، فأقبل الأسود إلى علي فأخبره فقال : « رحمه الله ، جاهد معنا عدونا في الحياة ، ونصح لنا في الوفاة ». ثم إن عليا غلس بالناس بصلاة الفجر ، ثم زحف بهم فخرج الناس على راياتهم وأعلامهم ، وزحف إليهم أهل الشام.
    قال : فحدثني عمرو بن شمر ، عن جابر عن عامر ، عن صعصعة بن صوحان والحارث بن أدهم ، أن أبرهة بن الصباح بن أبرهة الحميري قام فقال : ويلكم يا معشر أهل اليمن ، والله إني لأظن أن قد أذن بفنائكم ، ويحكم خلوا بين هذين الرجلين فليقتتلا ، فأيهما قتل صاحبه ملنا معه جميعا. وكان [ أبرهة ] من رؤساء أصحاب معاوية. فبلغ ذلك عليا فقال : صدق أبرهة بن الصباح ، والله ما سمعت بخطبة منذ وردت الشام أنا بها أشد سرورا مني بهذه. وبلغ معاوية كلام أبرهة فتأخر آخر الصفوف وقال لمن حوله : إني لأظن أبرهة مصابا في عقله. فأقبل أهل الشام يقولون : والله إن أبرهة لأفضلنا دينا ورأيا وبأسا ، ولكن معاوية كره مبارزة علي. فقال أبرهة في ذلك :
    لقد قال ابن أبرهة مقالا
    وخالفه معاوية بن حرب

    لأن الحق أوضح مـن غرور
    ملبسة غرائضه بحقب (1)

    رمى بالفيلقين به جهارا
    وأنتم ولد قحطان بحرب

    فخلوا عنهما ليثي عراك
    فإن الحق يدفع كـل كذب

    وما إن يعتصم يوما بقول
    ذوو الأرحام إنهم لصحبـي

    __________________
    (1) كذا ورد هذا الشطر. وانظر أواخر ص 441.


    وكم بين المنادي من بعيد
    ومـن يغشى الحروب بكل عضب

    ومن يرد البقاء ومن يلاقي
    بإسماح الطعان وصفح ضرب

    أيهجرني معاوية بن حرب
    ومـا هجرانه سخطـا لربي

    وعمرو إن يفارقني بقـول
    فإن ذراعـه بـالغدر رحـب (1)

    وإني إن أفارقهم بديني
    لفي سعة إلى شرق وغـرب

    وبرز يومئذ عروة بن داود الدمشقي (2) فقال : إن كان معاوية كره مبارزتك يا أبا الحسن فهلم إلى. فتقدم إليه علي فقال له أصحابه : ذر هذا الكلب فإنه ليس لك بخطر (3). فقال : والله ما معاوية اليوم بأغيظ لي منه. دعوني وإياه. ثم حمل عليه فضربه فقطعه قطعتين ، سقطة إحداهما يمنة والأخرى يسرة ، فارتج العسكران لهول الضربة ، ثم قال : اذهب يا عروة فأخبر قومك. أما والذي بعث محمدا بالحق لقد عاينت النار وأصبحت من النادمين. وقال ابن عم لعروة : واسوء صباحاه ، قبح الله البقاء بعد أبي داود. ثم أنشأ يقول في ذلك :
    فقدت عروة الأرامـل والأيـ‍
    تـام يوم الكريهة الشنعاء (4)

    كـان لا يشتم الجليس ولا ين‍
    كل يوم العظيمة النكباء (5)

    آمن الله مـن عدي ومن ابـ‍
    ن أبي طالـب ومـن عليا

    يالعيني ألا بكت عروة [ الأقـ‍
    وام ] يوم العجـاج والترباء (6)

    __________________
    (1) الذراع أنثى ، وقد تذكر. وفي البيت إقواء.
    (2) ح ( 2 : 300 ) : « أبو داود عروة بن داود العامري ».
    (3) في اللسان : « وهذا خطير لهذا وخطر له ، أي مثل له في القدر ».
    (4) في الأصل : « الشغباء » تحريف. والمقطوعة لم ترد في ح.
    (5) نكل ، كضرب ونصر وعلم ، نكولا : نكص وجبن.
    (6) كلمة « الأقوام » بمثلها يتم البيت ، وليست في الأصل. والترباء ، إحدى لغات التراب ، وهي إحدى عشرة لغة.


    فليبكيه نسوة من بني عا
    مر من يثرب وأهـل قباء

    رحم الله عروة الخيـر ذا النجـ‍
    دة وابن القماقم النجباء

    أرهقته المنون في قاع صفين
    صريعا قد غاب في الجـرباء (1)

    غادرته الكمـاة من أهل بدر
    ومن التابعين والنقباء

    وقال عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري :
    عرو يا عرو قد لقيت حماما
    إذ تقحمت في حمى اللهـوات

    أعليا ، لـك الهوان ، تنادي
    ضيغما في أياطل الحومـات

    إن لله فارسا كأبي الشبـ
    لمين ما إن يهوله المتلفات (2)

    مؤمنا بالقضاء محتسبـا بالـ
    خير يرجو الثواب بالسابقـات

    ليس يخشى كريهة في لقاء
    لا ولا ما يجي بـه الآفات

    فلقد ذقت في الجحيم نـكالا
    وضراب المقامع المحميات

    يا ابن داود قد وقيت ابن هند
    أن يكون القتيل بالمقفـرات

    قال : وحمل ابن عم أبي داود على علي فطعنه فضرب الرمح فبراه ، ثم قنعه ضربة فألحقه بأبي داود ، ومعاوية واقف على التل يبصر ويشاهد ، فقال : تبا لهذه الرجال وقبحا ، أما فيهم من يقتل هذا مبارزة أو غيلة ، أو في اختلاط الفيلق وثوران النقع. فقال الوليد بن عقبة : ابرز إليه أنت فإنك أولى الناس بمبارزته. فقال : والله لقد دعاني إلى البراز حتى استحييت من قريش ، وإني والله لا أبرز إليه ، ما جعل العسكر بين يدي الرئيس إلا وقاية له. فقال عتبة ابن أبي سفيان : الهوا عن هذا كأنكم لم تسمعوا نداءه ، فقد علمتم أنه قتل حريثا وفضح عمرا ، ولا أرى أحدا يتحكك به إلا قتله. فقال معاوية لبسر
    __________________
    (1) الجرباء : الأرض الممحلة المقحوطة. وفي الأصل : « قد عاين الحوباء ».
    (2) في الأصل : « ليس لله فارس ».

    ابن أرطاة أتقوم لمبارزته؟ فقال : ما أحد أحق بها منك ، وإذا أبيتموه فأنا له. فقال له معاوية : أما إنك ستلقاه في العجاجة غدا في أول الخيل. وكان عند بسر بن أرطاة ابن عم له قد قدم من الحجاز يخطب ابنته فأتى بسرا فقال له : إني سمعت أنك وعدت من نفسك أن تبارز عليا. أما تعلم أن الوالي من بعد معاوية عتبة ، ثم بعده محمد أخوه ، وكل من هؤلاء قرن لعلي (1) ، فما يدعوك إلى ما أرى. قال : الحياء ، خرج مني كلام (2) فأنا أستحيي أن أرجع عنه. فضحك الغلام وقال في ذلك :
    تنازله يا بسـر إن كنـت مثله
    وإلا فإن الليث للضبع آكل (3)

    كأنك يا بسر بن أرطاة جاهـل
    بآثاره في الحرب أو متجاهل

    معاوية الوالـي وصنواه بعده
    وليس سواء مستعار وثاكل

    أولئك هـم أولى به منك إنـه
    على فلا تقربه ، أمـك هابـل

    متى تلقه فالموت في رأس رمحه
    وفي سيفه شغل لنفسك شاغـل

    وما بعده في آخـر الحرب عاطف
    ولا قبله في أول الخيل حامل (4)

    فقال بسر : هل هو إلا الموت ، لابد والله من لقاء الله تعالى.
    فغدا على [ 7 ] منقطعا من خيله ومعه الأشتر ، وهو يريد التل وهو يقول :
    إني علـي فاسألوا لتخبروا
    ثم ابرزوا إلى الوغى أو أدبـروا

    سيفي حسام وسناني أزهر
    منا النبي الطيب المطهر

    __________________
    (1) في الأصل : « وكل هؤلاء من قرن لعلي » صوابه في ح.
    (2) في الأصل : « شيء » والوجه ما أثبت من ح ( 2 : 300 ).
    (3) ح : « للشاة آكل ».
    (4) عاطف ، أراد به الذي يحمي المنهزمين. وفي اللسان : « ورجل عطوف وعطاف ، يحمي المنهزمين ». وفي الأصل : « خاطف » موضع « عاطف » صوابه في ح.


    وحمزة الخير ومنا جعفر
    له جناح في الجنان أخضر (1)

    ذا أسد الله وفيه مفخر
    هذا وهذا وابن هند مجحر

    مذبذب مطرد مؤخر
    فاستقبله بسر قريبا من التل وهو مقنع في الحديد لا يعرف ، فناداه : ابرز إلى أبا حسن. فانحدر إليه على تؤدة غير مكترث ، حتى إذا قار به طعنه وهو دارع ، فألقاه على الأرض ، ومنع الدرع السنان أن يصل إليه ، فاتقاه بسر [ بعورته ] وقصد أن يكشفها يستدفع بأسه ، فانصرف عنه علي 7 مستدبرا له ، فعرفه الأشتر حين سقط فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا بسر بن أرطاة ، عدو الله وعدوك. فقال : دعه عليه لعنة الله ، أبعد أن فعلها.
    فحمل ابن عم لبسر شاب على علي 7 وهو يقول :
    أرديت بسرا والغلام ثائره
    أرديت شيخا غاب عنه ناصـره

    وكلنا حام لبسر واتره
    فحمل عليه الأشتر وهو يقول :
    أكل يوم رجل شيخ شاغـره
    وعورة وسط العجاج ظاهـره

    تبرزها طعنة كف واتـره
    عمرو وبسر رميا بالفاقـره (2)

    فطعنه الأشتر فكسر صلبه ، وقام بسر من طعنة علي [ موليا ] وولت خيله ، وناده علي : يا بسر ، معاوية كان أحق بهذا منك (3). فرجع بسر إلى
    __________________
    (1) هو جعفر بن أبي طالب ، أخو علي 7 ، وكان جعفر أسن من علي بعشر سنين. وكان مصرعه يوم مؤتة في الثامنة من الهجرة ، وكان قد حمل لواء المسلمين زيد بن حارثة فقتل ، فحمله جعفر بيمينه فقطعت ، ثم بشماله فقطعت ، فاحتضنها بعضديه فقتل وخر شهيدا. ويسمى جعفر « ذا الجناحين » و « ذا الهجرتين ». انظر الإصابة ، وكتب المغازي ، والحيوان ( 3 : 233 ).
    (2) الفاقرة : الداهية تكسر فقار الظهر. ح : « منيا بالفاقرة ».
    (3) ح ( 2 : 301 ) : « بها منك ».

    معاوية ، فقال له معاوية : ارفع طرفك قد أدال الله عمرا منك. فقال في ذلك النضر بن الحارث :
    أفي كل يوم فارس تندبونه
    له عورة وسط العجاجة باديه

    يكف بها عنه علـي سنانه
    ويضحك منها في الخلاء معاويه

    بدت أمس من عمرو فقنع رأسه
    وعورة بسر مثلها حـذو حاذيه

    فقولا لعمرو وابن أرطاة أبصرا
    سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه

    ولا تحمدا إلا الحيا وخصا كما
    هما كانتا والله للنفس واقيه

    فلولا هما لم تنجـوا من سنانه
    وتلك بما فيها عن العود ناهيـه

    متى تلقيا الخيل المشيحة صبحـة
    وفيها علي فاتركا الخيل ناحيـه (1)

    وكونا بعيدا حيث لا يبلغ القنا
    وخمى الوغى إن التجارب كافيه

    وإن كان منه بعد في النفس حاجة
    فعودا إلى ما شئتما هي ماهيـه

    فكان بسر بعد ذلك إذا لقي الخيل التي فيها علي تنحى ناحية. وتحامى فرسان أهل الشام عليا.
    [ قال نصر : وحدثنا عمر بن سعد ، عن الأجلح بن عبد الله الكندي ، عن أبي جحيفة قال ] : ثم إن معاوية جمع كل قرشي بالشام فقال : العجب يا معشر قريش أنه ليس لأحد منكم في هذه الحرب فعال يطول به لسانه (2) غدا ما عدا عمرا ، فما بالكم ، وأين حمية قريش؟! فغضب الوليد بن عقبة
    __________________
    (1) المشيحة : المجدة ، صبحة : صبحا. وفي الأصل : « صيحة » صوابه في ح ، وفيها : « الخيل المغبرة؟؟ ».
    (2) الفعال ، بالفتح : الفعل الحسن. وفي ح : « فعال يطول بها لسانه » وهو بالكسر : جمع فعل.

    وقال : وأي فعال تريد ، والله ما نعرف في أكفائنا من قريش العراق من يغني غناءنا باللسان ولا باليد. فقال معاوية : بل إن أولئك قد وقوا عليا بأنفسهم. قال الوليد : كلا بل وقاهم علي بنفسه. قال : ويحكم ، أما منكم من يقوم لقرنه منهم مبارزة أو مفاخرة. فقال مروان : أما البراز فإن عليا لا يأذن لحسن ولا لحسين ولا لمحمد بنيه فيه ، ولا لابن عباس وإخوته ، ويصلي بالحرب دونهم ، فلأيهم نبارز. وأما المفاخرة فبماذا نفاخرهم أبا لإسلام أم بالجاهلية. فإن كان بالإسلام فالفخر لهم بالنبوة ، وإن كان بالجاهلية فالملك فيه لليمن. فإن قلنا قريش قالت العرب : فأقروا لبني عبد المطلب. فغضب عتبة بن أبي سفيان فقال : الهوا عن هذا فإني لاق بالغداة جعدة بن هبيرة. فقال معاوية : بخ بخ ، قومه بنو مخزوم ، وأمه أم هانئ بنت أبي طالب ، وأبوه هبيرة بن أبي وهب ، كفو كريم. وظهر العتاب بين عتبة والقوم حتى أغلظ لهم وأغلظوا له. فقال مروان : أما والله لولا ما كان منى يوم الدار مع عثمان ، ومشهدي بالبصرة لكان مني في علي رأي كان يكفي امرأ ذا حسب ودين ، ولكن ولعل. ونابذ معاوية الوليد بن عقبة دون القوم ، فأغلظ له الوليد فقال معاوية : يا وليد ، إنك إنما تجترئ علي بحق عثمان (1) ، وقد ضربك حدا ، وعزلك عن الكوفة. ثم إنهم ما أمسوا حتى اصطلحوا وأرضاهم معاوية من نفسه ، ووصلهم بأموال جليلة. وبعث معاوية إلى عتبة فقال : ما أنت صانع في جعدة؟ فقال : ألقاه اليوم وأقاتله غدا. وكان لجعدة في قريش شرف عظيم ، وكان له لسان ، وكان من أحب الناس إلى علي ، فغدا عليه عتبة فنادى : أيا جعدة ، أيا جعدة. فاستأذن عليا 7 في الخروج إليه ، فإذن له ، واجتمع الناس لكلامهما فقال عتبة : يا جعدة ، إنه والله ما أخرجك علينا إلا حب خالك وعمك ابن
    __________________
    (1) ح ( 2 : 301 ) « بنسبك من عثمان ».

    أبي سلمة عامل البحرين (1) ، وإنا والله ما نزعم أن معاوية أحق بالخلافة من علي لولا أمره في عثمان ، ولكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به فاعفوا لنا عنها ، فوالله ما بالشام رجل به طرق (2) إلا وهو أجد من معاوية في القتال ، ولا بالعراق من له مثل جد علي [ في الحرب ]. ونحن أطوع لصاحبنا منكم لصاحبكم ، وما أقبح بعلي أن يكون في قلوب المسلمين أولى الناس بالناس ، حتى إذا أصاب سلطانا أفنى العرب. فقال جعدة : أما حبي لخالي فوالله أن لو كان لك خال مثله لنسيت أباك. وأما ابن أبي سلمة فلم يصب أعظم من قدره ، والجهاد أحب إلى من العمل. وأما فضل علي على معاوية فهذا ما لا يختلف فيه [ اثنان ]. وأما رضاكم (3) اليوم بالشام فقد رضيتم بها أمس [ فلم نقبل ]. وأما قولك إنه ليس بالشام من رجل إلا وهو أجد من معاوية ، وليس بالعراق لرجل مثل جد علي ، فهكذا ينبغي أن يكون ، مضى بعلي يقينه ، وقصر بمعاوية شكه ، وقصد أهل الحق خير من جهد أهل الباطل. وأما قولك نحن أطوع لمعاوية منكم لعلي 7 ، فو الله ما نسأله إن سكت ، ولا نرد عليه إن قال. وأما قتل العرب فإن الله كتب [ القتل و ] القتال فمن قتله الحق فإلى الله. فغضب عتبة وفحش على جعدة ، فلم يجبه وأعرض عنه وانصرفا جميعا مغضبين. فلما انصرف عتبة جمع خيله فلم يستبق منها [ شيئا ] ، وجل أصحابه السكون والأزد والصدف ، وتهيأ جعدة بما استطاع فالتقيا ، وصبر القوم جميعا ، وباشر جعدة يومئذ القتال بنفسه ، وجزع عتبة فأسلم خيله
    __________________
    (1) في الأصل : « عامل البحرين » وأثبت ما في ح.
    (2) الطرق ، بالكسر : القوة. وفي الحديث : « لا أرى أحدا به طرق يتخلف ». وفي الأصل : « طرف » صوابه بالقاف.
    (3) في الأصل : « رضاكم » وأثبت ما في ح.

    وأسرع هاربا إلى معاوية ، فقال له : فضحك جعدة ، وهزمتك (1) لا تغسل رأسك منها أبدا. قال عتبة : لا والله لا أعود إلى مثلها أبدا ، ولقد أعذرت ، وما كان على أصحابي من عتب ، ولكن الله أبي أن يديلنا منهم فما أصنع. فخطى بها جعدة عند علي. فقال النجاشي فيما كان من شتم عتبة لجعدة شعرا :
    إن شتم الكريم يا عتب خطـب
    فاعلمنه من الخطوب عظيم

    أمه ام هانئ وأبوه
    من معد ومن لؤى صميم

    ذاك منها هبيرة بـن أبي وه‍
    ب أقرت بفضله مخـزوم

    كان في حربكم يعد بألف
    حين تلقى بها القروم القروم

    وابنه جعدة الخليفة منه
    هكـذا يخلف الفروع الأروم

    كل شيء تريده فهو فيـه
    حسب ثاقب ودين قويم

    وخطيب إذا تمعرت الأو
    جه يشجى به الألد الخصيم

    وحليم إذا الحبى حلها الجهـ‍
    ل وخفت مـن الرجال الحلـوم (2)

    وشكيم الحروب قـد علم النا
    س إذا حل في الحروب الشكيـم

    وصحيح الأديم من نغل العي‍
    ب إذا كان لا يصح الأديم

    حامل للعظيم في طلب الحمـ‍
    د إذا أعظم الصغيـر اللئيم

    ما عسى أن تقول للذهب الأح‍
    مر عيبا ، هيهات منك النجوم

    كل هذا بحمد ربـك فيه
    وسوى ذاك كان وهـو فطيم

    وقال الشنى في ذلك لعتبة :
    مازلت تنظر في عطفيك أبهة
    لا يرفع الطرف منك التيه والصلف (3)

    __________________
    (1) في الأصل : « بهزمك » والوجه ما أثبت من ح.
    (2) الحبى ، تقال بضم الحاء جمع حبوة بضم الحاء ، وبكسر الحاء جمع حبوة بكسرها ، وهي أن يجمع ظهره وساقيه بعمامة. ح : « إذا الجبال جللها الجهل ».
    (3) في الأصل : « وظلت تنظر » وأثبت ما في ح ( 1 : 302 ).


    لا تحسب القوم إلا فقع قرقـرة
    أو شحمة بزها شاو لها نطف (1)

    حتى لقيت ابن مخزوم وأي فتـى
    أحيا مآثر آباء له سلفوا

    إن كان رهط أبي وهب جحاجحة
    في الأولين فهذا منهم خلف

    أشجاك جعدة إذ نادى فوارسه
    حاموا عن الدين والدنيا فما وقفـوا

    حتى رموك بخيل غير راجعة
    إلا وسمر العوالي منكم تكـف

    قد عاهدوا الله لن يثنوا أعنتها
    عند الطعان ولا في قولهم خلف

    لما رأيتهم صبحا حسبتهـم
    أسد العرين حمى أشبالهـا الغرف (2)

    ناديت خيلك إذ عض الثقاف بهـم :
    خيـلي إلي ، فمـا عاجوا ولا عطفوا (3)

    هلا عطفت على قتلى مصرعـة
    منها السكون ومنها الأزد والصدف

    قد كنت في منظر من ذا ومستمع
    يا عتب لولا سفاه الرأي والسرف

    فاليوم يقرع منك السن عن نـدم
    ما للمبارز إلا العجز والنصـف

    نصر ، عن عمر في إسناده قال : وكان من أهل الشام بصفين رجل يقال له الأصبغ بن ضرار الأزدي ، وكان يكون طليعة ومسلحة لمعاوية ، فندب علي له الأشتر فأخذه أسيرا من غير أن يقاتل. وكان علي ينهي عن قتل الأسير الكاف فجاء به ليلا وشد وثاقه وألقاه عند أصحابه (4) ينتظر به الصباح ، وكان الأصبغ شاعرا مفوها ، ونام أصحابه ، فرفع صوته فأسمع الأشتر فقال :
    __________________
    (1) في الأصل : « لم يصبح القوم » وأثبت ما في ح. وفي الأصل أيضا : « شحمة يشوها » صوابه من ح ، وانظر ما سبق في ص 367 س 13.
    (2) الغرف : جمع غريف ، وهو الشجر الملتف. وفي الأصل : « العرف » تحريف. وهذا البيت والثلاثة قبله والبيت الذي بعده ليس في ح.
    (3) خيلك : أي فوارسك. عض الثقاف بهم : دخلوا في مأزق الحرب. وأصل الثقاف خشبة تسوى بها الرماح والقسى ، بها خرق يتسع لهما ، ثم يغمز منهما حيث ينبغي أن يغمز ، وهما مدهونان مملولان أو مضهوبان على النار ، حتى يصيرا إلى ما يراد منهما. وفي الأصل : « إذا غض النقاف » تحريف.
    (4) في الأصل : « مع أضيافه » وأثبت ما في ح ( 2 : 302 ).


    ألا ليت هذا الليل طبق سرمدا
    على الناس لا يأتيهم بنهار (1)

    يكون كذا حتـى القيامة إنني
    أحاذر في الإصباح ضرمة نار (2)

    فياليل طبق إن في الليل راحـة
    وفي الصبح قتلى أو فكاك إساري

    ولو كنت تحت الأرض ستين واديـا
    لما رد عني مـا أخاف حذاري

    فيا نفس مهلا إن للموت غايـة
    فصبرا على ما ناب يا ابن ضرار

    أأخشى ولي في القوم رحم قريبة
    أبى الله أن أخشى والاشتر جاري (3)

    ولو أنه كان الأسير ببلـدة
    أطاع بها شمـرت ذيل إزاري

    ولو كنت جار الأشعث الخير فكنـى
    وقل من الأمر المخوف فراري

    وجار سعيد أو عـدي بن حاتـم
    وجار شريح الخير قر قراري

    وجار المرادي العظيم وهانـئ
    وزحر بن قيس ما كرهت نهاري (4)

    ولو أنني كنت الأسير لبعضهـم
    دعوت رئيس القوم عند عثـاري

    أولئك قومي لا عدمـت حياتهـم
    وعفوهم عني وستر عواري (5)

    فغذا به الأشتر على علي فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس ، فوالله لو علمت أن قتله الحق قتلته ، وقد بات عندنا الليلة وحركنا [ بشعره ] ، فإن كان فيه القتل فاقتله وإن غضبنا فيه ، وإن ساغ لك العفو عنه (6) فهبه لنا. قال : هو لك يا مالك ، فإذا أصبت [ منهم ] أسيرا فلا تقتله ، فإن أسير أهل القبلة لا يفادي ولا يقتل. فرجع به الأشتر إلى منزله وقال : لك ما أخذنا منك ، ليس لك عندنا غيره.
    __________________
    (1) ح : « أصبح سرمدا ».
    (2) ح : « يوم بوار ». والبوار : الهلاك.
    (3) ح ( 2 : 303 ) : « ومالك جاري » ، ومالك هو الأشتر.
    (4) ح : « المرادي الكريم ».
    (5) العوار ، مثلثة : العيب.
    (6) في الأصل : « وإن كنت فيه بالخيار » وأثبت ما في ح.

    وذكروا أن عليا أظهر أنه مصبح غدا معاوية ومناجزه ، فبلغ ذلك معاوية ، وفزع أهل الشام لذلك وانكسروا لقوله. وكان معاوية بن الضحاك ابن سفيان صاحب راية بني سليم مع معاوية ، وكان مبغضا لمعاوية [ وأهل الشام ، وله هوى مع أهل العراق وعلي بن أبي طالب 7 ] ، وكان يكتب بالأخبار (1) إلى عبد الله بن الطفيل العامري ويبعث بها إلى علي 7 (2) فبعث إلى عبد الله بن الطفيل : إني قائل شعرا أذعر به أهل الشام وأرغم به معاوية (3). وكان معاوية لا يتهمه ، وكان له فضل ونجدة ولسان ، فقال ليلا ليسمع أصحابه :
    ألا ليت هذا الليل أطبـق سرمدا
    علينا وأنا لا نرى بعده غدا

    ويا ليته إن جاءنا بصباحـه
    وجدنا إلى مجرى الكواكب مصعدا

    حـذار على إنه غير مخلف
    مدى الدهر ، ما لبي الملبون ، موعدا

    فأما قراري فـي البلاد فليس لي
    مقام ولو جاوزت جـابلق مصعدا

    كأني به في الناس كاشف رأسه
    على ظهر خوار الرحالة أجـردا

    يخوض غمار الموت في مرجحنة
    ينادون في نقع العجاج محمدا

    فوارس بدر والنضير وخيبر
    وأحد يروون الصفيـح المهندا

    ويوم حنين جالدوا عن نبيهم
    فريقا من الأحزاب حتـى تبددا

    هنالك لا تلوى عجوز على ابنها
    وإن أكثرت في القول نفسي لك الفدا

    فقل لابن حرب ما الذي أنت صانع
    أتثبت أم ندعوك في الحرب قعددا (4)

    وظني بأن لا يصبر القوم موقفـا
    يقفه وإن لم يجر في الدهر للمدى

    __________________
    (1) ح ( 3 : 423 ) : « بأخبار معاوية ».
    (2) ح : « فيخبر بها عليا 7 ».
    (3) في الأصل : « وأذعر به معاوية » وأثبت ما في ح.
    (4) القعدد ، بضم القاف والدال ، وبفتح الدال أيضا : الجبان اللئيم القاعد عن الحرب والمكارم.


    فلا رأي إلا تركنا الشام جهرة
    وإن أبرق الفجفاج فيهـا وأرعدا (1)

    فلما سمع أهل الشام شعره أتوا به معاوية فهم بقتله ، ثم راقب فيه قومه وطرده عن الشام فلحق بمصر ، وندم معاوية على تسييره إياه. وقال معاوية : والله لقول السلمي أشد على أهل الشام من لقاء علي ، ماله ـ قاتله الله ـ لو أصاب خلف جابلق مصعدا نفذه (2).
    وجابلق : مدينة بالمشرق. وجابلص : مدينة بالمغرب ليس بعدهما شيء (3).
    وقال الأشتر حين قال علي : « إنني مناجز القوم إذا أصبحت » :
    قد دنا الفصل في الصباح
    وللسلم رجال وللحروب رجال

    فرجال الحروب كل خدب
    مقحم لا تهده الأهوال

    يضرب الفارس المدجج بالسيـ‍
    ف إذا فل في الوغى الأكفال (4)

    يا ابن هند شد الحيازيم للمو
    ت ولا يذهبن بك الآمال

    إن في الصبح إن بقيت لأمرا
    تتفادى من هوله الأبطال

    فيه عز العراق أو ظفر الشا
    م بأهل العراق والزلزال

    فاصبروا للطعان بالأسل السم‍
    ر وضرب تجري به الأمثال

    إن تكونوا قتلتم النفر البي‍ـ
    ض وغالت أولئك الآجال

    __________________
    (1) الفجفاج : الكثير الكلام والفخر بما ليس عنده.
    (2) نفذه : جازه. ح : « لو صار خلف جابلق مصعدا لم يأمن عليا ».
    (3) ذكر ياقوت أن جابلق بأقصى المغرب ، ومدينة أخرى من رستاق أصبهان لها ذكر في التواريخ. ولم يرسم لجابلص. وفي ح ( 3 : 423 ) : « ألا تعلمون ما جابلق؟ يقول لأهل الشام. قالوا : لا. قال : مدينة في أقصى المشرق ليس بعدها شيء ».
    (4) فل : هزم. ح ( 3 : 424 ) : « فر ». والأكفال : جمع كفل ، بالكسر ، هو من الرجال الذي يكون في مؤخر الحرب ، إنما همته في الفرار والتأخر.


    فلنا مثلهم وإن عظم الخط
    ب ، قليل أمثالهم أبدال (1)

    يخضبون الوشيج طعنا إذا جرت
    من الموت بينهم أذيال (2)

    طلب الفوز في المعاد وفي ذا
    تستهان النفوس والأموال

    آخر الجزء الحادي عشر من نسخة أجزاء عبد الوهاب
    فلما انتهى إلى معاوية شعر الأشتر قال : شعر منكر من شاعر منكر ، رأس أهل العراق وعظيمهم ومسعر حربهم ، وأول الفتنة وآخرها. وقد رأيت أن أكتب إلى علي كتابا أسأله الشام ـ وهو الشيء الأول الذي ردني عنه ـ وألقى في نفسه الشك والريبة. فضحك عمرو بن العاص ، ثم قال : أين أنت يا معاوية من خدعة علي؟! فقال : ألسنا بني عبد مناف؟ قال : بلى ، ولكن لهم النبوة دونك ، وإن شئت أن تكتب فاكتب فكتب معاوية إلى علي مع رجل من السكاسك ، يقال له عبد الله بن عقبة ، وكان من ناقلة أهل العراق ، فكتب :
    « أما بعد ، فإني أظنك أن لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت وعلمنا ، لم يجنها بعضنا على بعض ؛ وإنا وإن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقى لنا منها ما نندم به على ما مضى ، ونصلح به ما بقى. وقد كنت سألتك الشام على ألا يلزمني لك طاعة ولا بيعة ، فأبيت ذلك علي ، فأعطاني الله
    __________________
    (1) ح : « فلنا مثلهم غداة التلاقي ».
    (2) في الأصل : « جرت للموت » صوابه من ح.

    ما منعت ، وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس ، فإني لا أرجو من البقاء إلا ما ترجو ، ولا أخاف من الموت إلا ما تخاف. وقد والله رقت الأجناد ، وذهبت الرجال ، ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل إلا فضل لا يستذل به عزيز ، ولا يسترق حربه. والسلام »
    فلما انتهى كتاب معاوية إلى علي قرأه ، ثم قال : العجب لمعاوية وكتابه. ثم دعا علي عبيد الله بن أبي رافع كاتبه ، فقال : اكتب إلى معاوية : « أما بعد فقد جاءني كتابك ، تذكر أنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض. فإنا وإياك منها في غاية لم تبلغها. وإني لو قتلت في ذات الله وحييت ، ثم قتلت ثم حييت سبعين مرة ، لم أرجع عن الشدة في ذات الله ، والجهاد لأعداء الله. وأما قولك إنه قد بقي من عقولنا ما نندم به على ما مضى ، فإني ما نقصت عقلي ، ولا ندمت على فعلي. فأما طلبك الشام ، فإني لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك [ منها ] أمس. وأما استواؤنا في الخوف والرجاء ، فإنك لست أمضى على الشك مني على اليقين ، وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة. وأما قولك إنا بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل ؛ فلعمري إنا بنو أب واحد ، ولكن ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا المحق كالمبطل. وفي أيدينا [ بعد ] فضل النبوة التي أذللنا بها العزيز ، وأعززنا بها الذليل. والسلام ».
    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة قال : فلما أتى معاوية كتاب علي كتمه عن عمرو بن العاص أياما ، ثم دعاه بعد ذلك فأقرأه الكتاب ، فشمت به عمرو. ولم يكن أحد من قريش أشد تعظيما لعلي من عمرو منذ يوم

    لقيه وصفح عنه. فقال عمرو بن العاص فيما كان أشار به على معاوية :
    ألا لله درك يا ابن هند
    ودر الآمرين لك الشهود

    أتطمع لا أبالك في علي
    وقد قرع الحديد على الحديـد

    وترجو أن تحيره بشك
    وترجو أن يهابك بالوعيـد (1)

    وقد كشف القناع وجـر حربـا
    يشيب لهولها رأس الوليد

    له جأواء مظلمة طحون
    فوارسها تلهـب كالأسود (2)

    يقول لها إذا دلفت إليه
    وقد ملت طعان القوم عـودي (3)

    فـإن وردت فأولها ورودا
    وإن صدت فليس بذي صدود (4)

    وما هي من أبي حسـن بنكر
    وما هي من مسائك بالبعيد

    وقلت له مقالة مستكيـن
    ضعيف الركن منقطع الوريـد

    دعن الشـام حسبك يا ابن هند
    مـن السوءات والـرأي الزهيد

    ولو أعطاكـها ما أزددت عزا
    ولا لك لو أجابك مـن مزيد

    ولم تكسر بذاك الرأي عـودا
    لـركـتـه ولا ما دون عود

    فلما بلغ معاوية قول عمرو دعاه ، فقال : يا عمرو ، إنني قد أعلم ما أردت بهذا. قال : ما أردت؟ قال : أردت تفييل رأيي وإعظام علي ، وقد فضحك. قال : أما تفييلي رأيك فقد كان. وأما إعظامي عليا فإنك بإعظامه أشد معرفة مني ، ولكنك تطويه وأنا أنشره. وأما فضيحتي ، فلم يفتضح امرؤ لقي أبا حسن.
    __________________
    (1) في الأصل : « أن تخبره » صوابه في ح ( 3 : 424 ). وفي ح أيضا : « وتأمل أن يهابك ».
    (2) الجأواء : الكتيبة يعلوها لون السواد لكثرة الدروع.
    (3) ح : « إذا رجعت إليه ».
    (4) في الأصل : « وإن صدرت » وأثبت ما في ح.

    وقد كان معاوية شمت بعمرو ، حيث لقي من علي 7 ما لقي ، فقال عمرو في شماتة معاوية :
    معاوي لا تشمت بفارس بهمة
    لقى فارسا لا تعتريـه الفوارس

    معاوي إن أبصرت في الخيل مقبـلا
    أبا حسن يهوى دهتك الوساوس

    وأيقنت أن الموت حق وأنه
    لنفسك إن لم تمض في الركض حابس

    فإنك لـو لاقيته كنت بومة
    أتيح لها صقر من الجـو آنس

    وماذا بقاء القوم بعد اختباطـه
    وإن امرأ يلقى عليا لآيـس

    دعاك فصمت دونه الأذن هاربـا
    بنفسك قد ضاقت عليك الأمـالس

    وأيقنت أن الموت أقرب موعد
    وأن التي ناداك فيها الدهارس

    وتشمت بي أن نالني حد رمحه
    وعضضني ناب من الحرب ناهس (1)

    أبي الله إلا أنه ليث غابة
    أبو أشبل تهدي إليه الفرائـس

    وأني امرؤ باق فلم يلف شلـوه
    بمعترك تسفى عليه الروامس

    فإن كنت في شك فأرهج عجاجة
    وإلا فتلك الترهات البسابس

    نصر : حدثنا عمرو بن شمر قال : حدثنا أبو ضرار قال : حدثني عمار ابن ربيعة قال : غلس علي بالناس صلاة الغداة يوم الثلاثاء عاشر شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين ، وقيل عاشر شهر صفر ، ثم زحف إلى أهل الشام بعسكر العراق والناس عل راياتهم ، وزحف إليهم أهل الشام ، وقد كانت الحرب أكلت الفريقين ولكنها في أهل الشام أشد نكاية وأعظم وقعا ، فقد ملوا الحرب وكرهوا القتال ، وتضعضعت أركانهم. قال : فخرج رجل من أهل العراق على فرس كميت ذنوب ، عليه السلاح ، لا يرى منه إلا عيناه ،
    __________________
    (1) في الأصل : « عضعضني » والوجه ما أثبت. والمطوعة لم ترد في مظنها من ح.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:39 am

    وبيده الرمح ، فجعل يضرب رءوس أصحاب علي بالقناة ويقول : سووا صفوفكم [ رحمكم الله ]. حتى إذا عدل الصفوف والرايات استقبلهم بوجهه وولى أهل الشام ظهره ، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال :
    الحمد لله الذي جعل فينا ابن عم نبيه (1) ، أقدمهم هجرة ، وأولهم إسلاما ، سيف من سيوف لله صبه على أعدائه. فانظروا (2). إذا حمى الوطيس وثار القتام وتكسر المران ، وجالت الخيل بالأبطال ، فلا أسمع إلا غمغمة أو همهمة ، [ فاتبعوني وكونوا في إثري ]. قال : ثم حمل على أهل الشام وكسر فيهم رمحه ثم رجع ، فإذا هو الأشتر.
    قال وخرج رجل من أهل الشام ينادي بين الصفين : يا أبا الحسن ، يا علي ، ابرز إلي. قال : فخرج إليه علي حتى إذا اختلف أعناق دابتيهما بين الصفين فقال : يا علي ، إن لك قدما في الإسلام وهجرة (3) ، فهل لك في أمر أعرضه عليك يكون فيه حقن هذه الدماء ، وتأخير هذه الحروب حتى ترى من رأيك؟ فقال له علي : وما ذاك؟ قال : « ترجع إلى عراقك فنخلي بينك وبين العراق ، ونرجع إلى شامنا فتخلي بيننا وبين شامنا ». فقال له علي : لقد عرفت ، إنما عرضت هذا نصيحة وشفقة. ولقد أهمني هذا الأمر وأسهرني ، وضربت أنفه وعينيه ، فلم أجد إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه. إن الله تبارك وتعالى لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون ، لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، فوجدت القتال أهون علي من معالجة الأغلال في جهنم ».
    __________________
    (1) في الأصل : « فيكم ابن عم نبيكم » وأثبت ما في ح ( 1 : 183 ).
    (2) في الأصل : « فانظروا إلى ». وكلمة « إلى » ليست في ح.
    (3) ح : « والهجرة ».

    فرجع الشامي وهو يسترجع.
    قال : وزحف الناس بعضهم إلى بعض فارتموا بالنبل [ والحجارة ] حتى فنيت ، ثم تطاعنوا بالرماح حتى تكسرت واندقت ، ثم مشى القوم بعضهم إلى بعض بالسيف وعمد الحديد ، فلم يسمع السامع إلا وقع الحديد بعضه على بعض ، لهو أشد هولا في صدور الرجال من الصواعق ، ومن جبال تهامة يدك بعضها بعضا. قال : وانكشفت الشمس [ بالنقع ] وثار القتام ، وضلت الألوية والرايات. قال : و [ أخذ ] الأشتر يسير فيما بين الميمنة والميسرة فيأمر كل قبيلة أو كتيبة من القراء بالإقدام على التي تليها. قال : فاجتلدوا بالسيوف وعمد الحديد من صلاة الغداة إلى نصف الليل ، لم يصلوا لله صلاة. فلم يزل يفعل ذلك الأشتر بالناس حتى أصبح والمعركة خلف ظهره ، وافترقوا عن سبعين ألف قتيل في ذلك اليوم وتلك الليلة ، وهي « ليلة الهرير ». و [ كان ] الأشتر في ميمنة الناس ، وابن عباس في الميسرة ، وعلي في القلب ، والناس يقتتلون.
    ثم استمر القتال من نصف الليل الثاني إلى ارتفاع الضحى ، والأشتر يقول لأصحابه وهو يزحف بهم نحو أهل الشام : ازحفوا قيد رمحي هذا. وإذا فعلوا قال : ازحفوا قاب هذا القوس (1). فإذا فعلوا سألهم مثل ذلك حتى مل أكثر الناس الإقدام (2). فلما رأى ذلك قال : أعيذكم بالله أن ترضعوا الغنم سائر اليوم. ثم دعا بفرسه وركز رايته ، وكانت مع حيان بن هوذة النخعي ، وخرج يسير في الكتائب ويقول : ألا من يشري نفسه لله ويقاتل مع الأشتر حتى
    __________________
    (1) وكذلك في ح. والقوس يذكر ويؤنث.
    (2) في الأصل : « حتى بل » صوابه من ح.

    يظهر أو يلحق بالله (1) ». فلا يزال الرجل من الناس يخرج إليه ويقاتل معه.
    نصر ، عن عمر بن سعد قال : حدثني أبو ضرار ، عن عمار (2) بن ربيعة قال : مر بي والله الأشتر وأقبلت معه حتى رجع إلى المكان الذي كان به ، فقام في أصحابه فقال : شدوا ، فدى لكم عمي وخالي ، شدة ترضون بها الله وتعزون بها الدين ، فإذا شددت فشدوا. قال : ثم نزل وضرب وجه دابته ثم قال لصاحب رايته : أقدم. فأقدم بها ثم شد على القوم ، وشد معه أصحابه يضرب أهل الشام حتى انتهى بهم إلى عسكرهم. ثم إنهم قاتلوا عند العسكر قتالا شديدا فقتل صاحب رايته. وأخذ علي ـ لما رأى الظفر قد جاء من قبله ـ يمده بالرجال.
    قال : وإن عليا قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « أيها الناس قد بلغ بكم الأمر وبعدوكم ما قد رأيتم ، ولم يبق منهم إلا آخر نفس ، وإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها ، وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغنا منهم ما بلغنا ، وأنا غاد عليهم بالغداة أحاكمهم إلى الله عز وجل ».
    فبلغ ذلك معاوية فدعا عمرو بن العاص فقال : يا عمرو ، إنما هي الليلة حتى يغدو علي علينا بالفيصل (3) فما ترى؟ قال : إن رجالك لا يقومون لرجاله ، ولست مثله. هو يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره. أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء. وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم ، وأهل الشام
    __________________
    (1) في الأصل : « ويلحق بالله » صوابه في ح.
    (2) في الأصل : « عمارة » وأثبت ما في ح ( 1 : 184 ) مطابقا ما سلف في ص 473.
    (3) ح : « بالفصل ».

    لا يخافون عليا إن ظفر بهم. ولكن ألق إليهم أمرا إن قبلوه اختلفوا ، وإن ردوه اختلفوا. ادعهم إلى كتاب الله حكما فيما بينك وبينهم ، فإنك بالغ به حاجتك في القوم ، فإني لم أزل أؤخر هذا الأمر لوقت حاجتك إليه (1). فعرف ذلك معاوية فقال : صدقت.
    نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن عمير الأنصاري (2) قال : والله لكأني أسمع عليا يوم الهرير حين سار أهل الشام ، وذلك بعد ما طحنت رحى مذحج فيما بينها (3) وبين عك ولخم وجذام والأشعريين ، بأمر عظيم تشيب منه النواصي من حين استقلت الشمس (4) حتى قام قائم الظهيرة. ثم إن عليا قال : حتى متى نخلي بين هذين الحيين؟ قد فنيا وأنتم وقوف تنظرون إليهم. أما تخافون مقت الله. ثم انفتل إلى القبلة ورفع يديه إلى الله ثم نادى : « يا الله ، يا رحمن [ يا رحيم ] يا واحد [ يا أحد ] ، يا صمد ، يا الله يا إله محمد. اللهم إليك نقلت الأقدام ، وأفضت القلوب ، ورفعت الأيدي ، وامتدت الأعناق ، وشخصت الأبصار ، وطلبت الحوائج. [ اللهم ] إنا نشكو إليك غيبة نبينا صلى الله عليه ، وكثرة عدونا وتشتت أهوائنا. ( ربنا افتح بينا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ). سيروا على بركة الله ». ثم نادى : لا إله إلا الله والله أكبر كلمة التقوى. ثم قال (5) : لا والله الذي بعث محمدا صلى الله عليه بالحق نبيا ، ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق الله السموات والأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب. إنه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب ،
    __________________
    (1) في الأصل : « لحاجتك إليه » وأثبت ما في ح.
    (2) في الأصل : « بن نمير » تحريف. انظر الإصابة 1030.
    (3) في الأصل : « بيننا » والوجه ما أثبت من ح.
    (4) استقلت الشمس : ارتفعت في السماء. وفي الأصل : « استقبلت » صوابه في ح.
    (5) القائل هو الراوي ، جابر بن عمير الأنصاري.

    يخرج بسيفه منحنيا فيقول : معذرة إلى الله عزوجل وإليكم من هذا ، لقد هممت أن أصقله (1) ولكن حجزني عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول كثيرا : « لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ». وأنا أقاتل به دونه. قال : فكنا نأخذه فنقومه ثم يتناوله من أيدينا فيتقحم به في عرض الصف ، فلا والله ما ليث بأشد نكاية في عدوه منه. رحمة الله عليه رحمة واسعة.
    نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر (2) قال : سمعت تميم بن حذيم (3) يقول : لما أصبحنا من ليلة الهرير نظرنا ، فإذا أشباه الرايات أمام صف أهل الشام وسط الفيلق من حيال موقف معاوية ، فلما أسفرنا إذا هي المصاحف قد ربطت على أطراف الرماح ، وهي عظام مصاحف العسكر ، وقد شدوا ثلاثة أرماح جميعا وقد ربطوا عليها مصحف المسجد الأعظم يمسكه عشرة رهط. وقال أبو جعفر وأبو الطفيل : استقبلوا عليا بمائة مصحف ، ووضعوا في كل مجنبة مائتي مصحف (4) ، وكان جميعها خمسمائة مصحف. قال أبو جعفر : ثم قام الطفيل بن أدهم حيال علي ، وقام أبو شريح الجذامي حيال الميمنة ، وقام ورقاء بن المعمر حيال الميسرة ، ثم نادوا : يا معشر العرب ، الله الله في نسائكم وبناتكم ، فمن للروم (5) والأتراك وأهل فارس غدا إذا فنيتم. الله الله في دينكم. هذا كتاب الله بيننا وبينكم. فقال علي : اللهم إنك تعلم أنهم ما الكتاب يريدون ، فاحكم بيننا وبينهم ، إنك أنت الحكم الحق المبين. فاختلف أصحاب علي في الرأي ، فطائفة قالت القتال ، وطائفة قالت المحاكمة
    __________________
    (1) إنما يريد أن يصقله ليزيل ما به من الفقار ، وهي الحفر الصغار. وفي الأصل : « أفلقه ».
    (2) جابر هذا هو جابر بن يزيد الجعفي المترجم في ص 245.
    (3) سبقت ترجمته في ص 169.
    (4) المجنبة ، بكسر النون المشددة : ميمنة الجيش وميسرته ، وبفتحها : مقدمة الجيش.
    (5) ح : « من الروم ».

    إلى الكتاب ، ولا يحل لنا الحرب وقد دعينا إلى حكم الكتاب. فعند ذلك بطلت الحرب ووضعت أوزارها. فقال محمد بن علي : فعند ذلك حكم الحكمان.
    قال نصر : وفي حديث عمرو بن شمر بإسناده قال : فلما أن كان اليوم الأعظم قال أصحاب معاوية ، والله ما نحن لنبرح اليوم العرصة حتى يفتح الله لنا أو نموت. فبادروا القتال غدوة في يوم من أيام الشعري طويل شديد الحر (1) فتراموا حتى فنيت النبل ، ثم تطاعنوا حتى تقصفت رماحهم ، ثم نزل القوم عن خيولهم فمشى بعضهم إلى بعض بالسيوف حتى كسرت جفونها وقامت الفرسان في الركب ، ثم اضطربوا بالسيوف وبعمد الحديد ، فلم يسمع السامع إلا تغمغم القوم وصليل الحديد في الهام ، وتكادم الأفواه ، وكسفت الشمس ، وثار القتام ، وضلت الألوية والرايات (2) ، ومرت مواقيت أربع صلوات لم يسجد لله فيهن إلا تكبيرا ، ونادت المشيخة في تلك الغمرات : يا معشر العرب ، الله الله في الحرمات ، من النساء والبنات.
    قال جابر : فبكى أبو جعفر وهو يحدثنا بهذا الحديث (3).
    قال : وأقبل الأشتر على فرس كميت محذوف ، قد وضع مغفره على قربوس السرج ، وهو يقول : « اصبروا يا معشر المؤمنين فقد حمى الوطيس ». ورجعت الشمس من الكسوف ، واشتد القتال ، وأخذت السباع بعضها بعضا ، فهم
    __________________
    (1) في الأصل : « فباكروا القتال غدا يوما من أيام الشعري طويلا شديد الحر ». وأثبت ما في ح.
    (2) في الأصل : « في الرايات » وجهه من ح ( 1 : 185 ).
    (3) في الأصل : « وهو يحدثني » وأثبت ما في ح.

    كما قال الشاعر (1) :
    مضت واستأخر القرعاء عنها
    وخلى بينهم إلا الوريع (2)

    قال : يقول واحد [ لصاحبه ] في تلك الحال : أي رجل هذا لو كانت له نية. فيقول له صاحبه : وأي نية أعظم من هذه ثكلتك أمك وهبلتك. إن رجلا فيما قد ترى قد سبح في الدماء وما أضجرته الحرب ، وقد غلت هام الكماة الحر ، وبلغت القلوب الحناجر ، وهو كما تراه جذعا يقول هذه المقالة! اللهم لا تبقنا بعد هذا (3).
    نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن صعصعة قال : قام الأشعث بن قيس الكندي ليلة الهرير في أصحابه من كندة فقال : « الحمد لله ، أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وأستنصره وأستغفره ، وأستخيره وأستهديه ، [ وأستشيره وأستشهد به ] ، فإنه من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه ». ثم قال : « قد رأيتم يا معشر المسلمين
    __________________
    (1) في الأصل : « فأنتم » ووجهه من ح. والشاعر هو عمرو بن معد يكرب ، من قصيدة في خزانة الأدب ( 3 : 462 ـ 463 ) والأصمعيات 43 ـ 45. وقبل البيت :
    وزحف كتيبة دلفت لأخرى
    كأن زهاءها رأس صليع

    (2) القرعاء : جمع قريع ، وهو المغلوب المهزوم. وفي الأصل وح : « الفرعاء » تحريف. وفي الخزانة والأصمعيات : « الأوغال » جمع وغل ، وهو النذل من الرجال. والوريع ، الكاف ، وفي الخزانة : « والوريع ، بالراء المهملة ، وكذلك الورع بفتحتين ، وهو الصغير الضعيف الذي لا غناء عنده ». وفي الأصل وح : « الوزيع » ولا وجه له.
    (3) كتب ابن أبي الحديد بعد هذا في ( 1 : 185 ) : « قلت : لله أم قامت عن الأشتر. لو أن إنسانا يقسم أن الله تعالى ما خلق في العرب ولا في العجم أشجع منه إلا أستاذه 7 لما خشيت عليه الإثم. ولله در القائل وقد سئل عن الأشتر : ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام ، وهزم موته أهل العراق. وبحق ما قال فيه أمير المؤمنين 7 : كان الأشتر كما كنت لرسول الله 9 ».

    ما قد كان في يومكم هذا الماضي ، وما قد فنى فيه من العرب ، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ فما رأيت مثل هذا اليوم قط. ألا فليبلغ الشاهد الغائب ، أنا إن نحن تواقفنا غدا إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات (1). أما والله ما أقول هذه المقالة جزعا من الحتف ، ولكني رجل مسن أخاف على [ النساء و ] الذراري غدا إذا فنينا. اللهم إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آل ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، والرأي يخطئ ويصيب ، وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا. أقول قولي هذا وأستغفر الله [ العظيم ] لي ولكم »
    قال صعصعة : فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث فقال : أصاب ورب الكعبة ، لئن نحن التقينا غدا لتميلن الروم على ذرارينا ونسائنا ، ولتميلن (2) أهل فارس على نساء أهل العراق وذراريهم. وإنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى. اربطوا المصاحف على أطراف القنا.
    قال صعصعة : فثار (3) أهل الشام فنادوا في سواد الليل : يا أهل العراق ، من لذرارينا إن قتلتمونا ومن لذراريكم إن قتلناكم؟ الله الله في البقية. فأصبح أهل الشام وقد رفعوا المصاحف على رءوس الرماح وقلدوها الخيل ، والناس على الرايات قد اشتهوا ما دعوا إليه ، ورفع مصحف دمشق الأعظم تحمله عشرة رجال على رءوس الرماح ، ونادوا : يا أهل العراق ، كتاب الله بيننا وبينكم. وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون أبيض وقد وضع المصحف على رأسه ينادي : يا أهل العراق ، كتاب الله بيننا وبينكم.
    __________________
    (1) في الأصل : « الحرمان » صوابه في ح.
    (2) في الأصل : « لتمكن » في هذا الموضع وسابقه ، ووجههما ما أثبت من ح.
    (3) في الأصل : « فأمر » وصوابه في ح.

    وأقبل عدي بن حاتم فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كان أهل الباطل لا يقومون بأهل الحق فإنه لم يصب عصبة منا إلا وقد أصيب مثلها منهم ، وكل مقروح ، ولكنا أمثل بقية منهم. وقد جزع القوم وليس بعد الجزع إلا ما تحب (1) ، فناجز القوم ، فقام الأشتر النخعي فقال : يا أمير المؤمنين ، إن معاوية لا خلف له من رجاله ، ولك بحمد الله الخلف ، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا بصرك ، فاقرع الحديد بالحديد ، واستعن بالله الحميد.
    ثم قام عمرو بن الحمق فقال : يا أمير المؤمنين ، إنا والله ما أجبناك (2) ولا نصرناك عصبية على الباطل ولا أجبنا إلا الله عز وجل ، ولا طلبنا إلا الحق ، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوت إليه لا ستشري فيه اللجاج (3) وطالت فيه النجوى ، وقد بلغ الحق مقطعه ، وليس لنا معك رأي.
    فقام الأشعث بن قيس مغضبا فقال : يا أمير المؤمنين ، إنا لك اليوم على ما كنا عليه أمس ، وليس آخر أمرنا كأوله ، وما من القوم أحد أحنى على أهل العراق ولا أوتر لأهل الشام مني ، فأجب القوم إلى كتاب الله فإنك أحق به منهم. وقد أحب الناس البقاء وكرهوا القتال.
    فقال علي 7 : إن هذا أمر ينظر فيه.
    وذكروا أن أهل الشام جزعوا فقالوا : يا معاوية ، ما نرى أهل العراق أجابوا إلى ما دعوناهم إليه ، فأعدها جذعة (4) ، فإنك قد غمرت بدعائك القوم وأطمعتهم فيك.
    __________________
    (1) ح ( 1 : 185 ) : « نحب » بالنون.
    (2) في الأصل : « ما اخترناك » والوجه ما أثبت من ح.
    (3) استشري : اشتد وقوي. وفي الأصل : « لكان فيه اللجاج » وأثبت ما في ح.
    (4) أي ابدأها مرة أخرى. وفي اللسان : « وإذا طفئت حرب بين قوم فقال بعضهم إن شئتم أعدناها جذعة ، أي أول ما يبتدأ فيها ». ح ( 1 : 188 ) : « فأعدوها خدعة » تحريف.

    فدعا معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأمره أن يكلم أهل العراق. فأقبل حتى إذا كان بين الصفين نادى : يا أهل العراق ، أنا عبد الله بن عمرو ابن العاص ، إنها قد كانت بيننا وبينكم أمور للدين والدنيا ، فإن تكن للدين فقد والله أعذرنا وأعذرتم ، وإن تكن للدنيا فقد والله أسرفنا وأسرفتم. وقد دعوناكم إلى أمر لو دعوتمونا إليه لأجبناكم ، فإن يجمعنا وإياكم الرضا فذلك من الله. فاغتنموا هذه الفرجة لعله أن يعيش فيها المحترف (1) وينسى فيها القتيل. فإن بقاء المهلك بعد الهالك قليل. فخرج سعيد بن قيس فقال : يا أهل الشام ، إنه قد كان بيننا وبينكم أمور حامينا فيها على الدين والدنيا ، سميتموها غدرا وسرفا ، وقد دعوتمونا اليوم إلى ما قاتلناكم عليه بالأمس ، ولم يكن ليرجع أهل العراق إلى عراقهم ، ولا أهل الشام إلى شامهم ، بأمر أجمل من أن يحكم بما أنزل الله. فالأمر في أيدينا دونكم ، وإلا فنحن نحن وأنتم أنتم.
    وقام الناس إلى علي فقالوا : أجب القوم إلى ما دعوك إليه فإنا قد فنينا. ونادى إنسان من أهل الشام في سواد الليل بشعر سمعه الناس ، وهو :
    رءوس العراق أجيبوا الدعاء
    فقد بلغت غاية الشده

    وقد أودت الحرب بالعالميـن
    وأهل الحفائظ والنجده

    فلسنا ولستـم من المشركيـن
    ولا المجمعين على الرده

    ولكن أناس لقوا مثلهم
    لنا عدة ولهم عده

    فقاتل كل على وجهه
    يقحمه الجد والحده

    فإن تقبلوها ففيها البقـاء
    وأمن الفريقين والبلده

    وإن تدفعوها ففيها الفناء
    وكل بلاء إلى مده

    __________________
    (1) ح : « المحترق ».


    وحتى متى مخض هذا السقاء
    ولا بد أن يخرج الزبده

    ثلاثة رهط هم أهلها
    وإن يسكتوا تخمـد الواقده

    سعيد بن قيس وكبش العـراق
    وذاك المسود من كنده

    نصر (1) : هؤلاء النفر المسمون في الصلح. قال : فأما المسود من كندة وهو الأشعث ، فإنه لم يرض بالسكوت ، بل كان من أعظم الناس قولا في إطفاء الحرب والركون إلى الموادعة. وأما كبش العراق ، وهو الأشتر ، فلم يكن يرى إلا الحرب ، ولكنه سكت على مضض. وأما سعيد بن قيس ، فتارة هكذا وتارة هكذا.
    قال : ذكروا أن الناس ماجوا وقالوا : أكلتنا الحرب وقتلت الرجال. وقال قوم : نقاتل القوم على ما قاتلناهم عليه أمس. ولم يقل هذا إلا قليل من الناس. ثم رجعوا عن قولهم مع الجماعة ، وثارت الجماعة بالموادعة.
    فقام علي أمير المؤمنين فقال : « إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب إلى أن أخذت منكم الحرب ، وقد والله أخذت منكم وتركت ، وأخذت من عدوكم فلم تترك ، وإنها فيهم أنكى وأنهك. ألا إني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأمورا ، وكنت ناهيا فأصبحت منهيا. وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون ».
    ثم قعد ، ثم تكلم رؤساء القبائل ، فأما من ربيعة وهي الجبهة العظمى فقام كردوس بن هانئ البكري فقال : أيها الناس ، إنا والله ما تولينا معاوية منذ تبرأنا منه ، ولا تبرأنا من علي منذ توليناه. وإن قتلانا لشهداء ، وإن أحياءنا لأبرار ، وإن عليا لعلى بينة من ربه ، ما أحدث إلا الإنصاف ، وكل محق منصف ، فمن سلم له نجا ، ومن خالفه هلك.
    __________________
    (1) في الأصل : « فمحمد ».

    ثم قام شقيق بن ثور البكري فقال : أيها الناس ، إنا دعونا أهل الشام إلى كتاب الله فردوه علينا فقاتلناهم عليه ، وإنهم دعونا إلى كتاب الله فإن رددناه عليهم حل لهم منا ما حل لنا منهم. ولسنا نخاف أن يحيف الله علينا ولا رسوله. وإن عليا ليس بالراجع الناكص ، ولا الشاك الواقف ، وهو اليوم على ما كان عليه أمس. وقد أكلتنا هذه الحرب ، ولا نرى البقاء إلا في الموادعة.
    ثم قام حريث بن جابر البكري ، فقال : أيها الناس ، إن عليا لو كان خلفا من هذا الأمر لكان المفزع إليه ، فكيف وهو قائده وسائقه. وإنه والله ما قبل من القوم اليوم إلا ما دعاهم إليه أمس ، ولو رده عليهم كنتم له أعنت. ولا يلحد في هذا الأمر إلا راجع على عقبيه أو مستدرج بغرور. فما بيننا وبين من طغى علينا إلا السيف.
    ثم قام خالد بن المعمر فقال : يا أمير المؤمنين ، إنا والله ما اخترنا هذا المقام أن يكون أحد هو أولى به منا ، غير أنا جعلناه ذخرا ، وقلنا : أحب الأمور إلينا ما كفينا مؤنته (1). فأما إذ سبقنا في المقام فإنا لا نرى البقاء إلا فيما دعاك إليه القوم ، إن رأيت ذلك ، فإن لم تره فرأيك أفضل.
    ثم إن الحضين الربعي ، وهو أصغر القوم سنا قام فقال : أيها الناس ، إنما بني هذا الدين على التسليم فلا توفروه بالقياس ولا تهدموه بالشفقة ، فإنا والله لو لا أنا لا نقبل إلا ما نعرف لأصبح الحق في أيدينا قليلا ، ولو تركنا ما نهوى لكان الباطل في أيدينا كثيرا ، وإن لنا داعيا قد حمدنا ورده
    __________________
    (1) المؤنة ، بالضم وسكون الهمزة : لغة في المؤونة ، بفتح الميم وضم الهمزة. واستشهد صاحب المصباح لها بقوله :
    * أميرنا مؤنته خفيفه *

    وصدره ، وهو المصدق على ما قال ، المأمون على ما فعل. فإن قال لا قلنا لا ، وإن قال نعم قلنا نعم.
    فبلغ ذلك معاوية فبعث إلى مصقلة بن هبيرة فقال : يا مصقلة ، ما لقيت من أحد ما لقيت من ربيعة. قال : ما هم منك بأبعد من غيرهم ، وأنا باعث إليهم فيما صنعوا. فبعث مصقلة إلى الربعيين فقال :
    لن يهلك القوم أن تبدى نصيحتهم
    إلا شقيق أخو ذهل وكـردوس

    وابن المعمر لا تنفك خطبته
    فيها البيان وأمر القوم ملبوس

    أمـا حريث فان الله ضلله
    إذ قام معترضا ، والمرء كـردوس

    طاطا حضين هنا في فتنة جمحـت
    إن ابن وعلة فيها ، كان ، محسوس

    منوا علينا ومناهم وقال لهم
    قولا يهيج له البزل القناعيس

    كل القبائل قد أدى نصيحتـه
    إلا ربيعة زعم القوم محبـوس

    وقال النجاشي :
    إن الأراقم لا يغشاهم بـوس
    ما دافع الله عن حوباء كـردوس (1)

    نمته من تغلب الغلبا فوارسهـا
    تلك الرؤوس وأبناء المرائيس (2)

    ما بال كل أمير يستراب به
    دين صحيح ورأي غيـر ملبوس

    وإلى عليا بغدر بذ منه إذا
    ما صرح الغدر عـن رد الضغابيس

    نعم النصير لأهل الحق ، قد علمت
    عليا معد ، على أنصار إبليس

    __________________
    (1) الأراقم ، هم جشم ومالك وعمرو وثعلبة والحت ومعاوية ، بنو بكر بن حبيب ابن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط. والحوباء : النفس. وفي الأصل : « من حوباء ».
    (2) الغلباء لقب لتغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. انظر القاموس ( غلب ) رالمعارف 41 ـ 42. وفي الأصل : « العليا ». والمرائيس : جمع مرآس ، وهو المتقدم السابق.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:42 am


    قل للذين ترقوا في تعنته
    إن البكارة ليست كالقناعيس (1)

    لن تدركوا الدهر كردوسا وأسرته
    أبناء ثعلبة الحادي وذو العيس (2)

    وقال فيما قال خالد بن المعمر :
    وفت لعلي من ربيعة عصبة
    بصم العوالي والصفيح المذكر

    شقيق وكردوس ابن سيد تغلب
    وقد قام فيها خالد بن المعمـر

    وقارع بالشورى حريث بن جابر
    وفاز بها لولا حضين بن منـذر (3)

    لأن حضينا قام فينا بخطبة
    من الحق فيها ميتة المتجبر (4)

    أمرنا بمر الحق حتى كأننا
    خشاش تفادى من قطام بقرقـر (5)

    وكان أبوه خير بكر بن وائل
    إذا خيف من يوم أغر مشهر

    نماه إلى عليـا عكابة عصبة
    وآب أبي للدنية أزهر (6)

    وقال الصلتان :
    شقيق بن ثور قام فينا بخطبة
    يحدثها الركبان أهل المشاعر

    بما لم يقف فينا خطيب بمثلها
    جزى الله خيرا من خطيب وناصـر

    وقد قام فينا خالـد بن معمر
    وكردوس الحامي ذمار العشائـر

    بمثل الذي جاءا به حذو نعلـه
    وقد بين الشورى حريث بن جابـر

    __________________
    (1) البكارة بالكسر : جمع البكر ، بالفتح ، وهو الفتى من الإبل. والقناعيس : جمع قنعاس ، وهو الجمل الضخم العظيم.
    (2) هم بنو ثعلبة بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم. انظر ما سبق في التنبيه الأول من الصفحة السابقة. وفي الأصل : « بني ثعلبة » ولا يستقيم به الشعر.
    (3) سبقت ترجمة حضين في ص 287. وفي الأصل : « حصين » تحريف.
    (4) في الأصل : « حصينا » صوابه بالضاد المعجمة. وفي الأصل أيضا : « منية المتجبر ».
    (5) في الأصل : « حتى كأنها ». والخشاش : ضعاف الطير. والقطام كالقطامي : الصقر. والقرقر : الأرض المطمئنة اللينة.
    (6) في هذا البيت إقواء.


    فلا يبعدنك الدهر ما هبت الصبا
    ولا زلت مسقيا بأسحم ماطر

    ولا زلت تدعي في ربيعـة أولا
    باسمـك في أخرى الليالي الغوابـر (1)

    وقال حريث بن جابر :
    أتى نبأ من الأنبـاء ينمي
    وقد يشفي من الخبر الخبير

    قال : فلما ظهر قول حضين رمته بكر بن وائل بالعداوة ، ثم إن عليا أصلح بينهم.
    وقال رفاعة بن شداد البجلي : « أيها الناس ، إنه لا يفوتنا شئ من حقنا ، وقد دعونا في آخر أمرنا إلى ما دعوناهم إليه في أوله. وقد قبلوه من حيث لا يعقلون. فإن يتم الأمر على ما نريد فبعد بلاء وقتل ، وإلا أثرناها جذعة ، وقد رجع إليه جدنا ».
    وقال في ذلك :
    تطاول ليلي للهموم الحواضر
    وقتلي أصيبت من رءوس المعاشر

    بصفين أمسـت والحوادث جمة
    يهيل عليها الترب ذيـل الأعاصر

    فإنهم في ملتقى الخيل بكرة
    وقد جالت الأبطال دون المساعـر (2)

    فإن يك أهل الشام نالوا سراتنـا
    فقد نيل منهم مثل جـزرة جازر

    وقام سجال الدمع منا ومنهم
    يبكين قتلي غير ذات مقابر

    فلن يستقيل القوم ما كان بيننـا
    وبينهم أخرى الليالى الغوابر (3)

    __________________
    (1) الغوابر : الباقيات. والغابر من الأضداد ، يقال للماضي وللباقي.
    (2) دونهم : أي قريبا منهم. والمساعر : جمع مسعر ، بكسر الميم ، يقال رجل مسعر حرب إذا كان يؤرثها ، أي تحمي به. وفي الأصل : « المشاعر » تحريف. والمقطوعة لم ترد في مظنها من ح.
    (3) أخرى الليالي : آخرها. وفي الأصل « إحدى » تحريف ، ونحوه قول الشنفري :
    هنا لك لا أرجو حياة تسرني
    سجيس الليالي مبسلا بالجرائر

    وسجيس الليالي : آخرها ، أي أبدا.


    وماذا علينا أن تريح نفوسنـا
    إلى سنة من بيضنا والمغافر (1)

    ومن نصبنا وسط العجاج جباهنـا
    لوقع السيوف المرهفـات البواتر

    وطعن إذا نادى المنادي أن اركبوا
    صدور المذاكي بالرماح الشواجـر

    أثرنا التي كانت بصفين بكرة
    ولم نك في تسعيرها بعواثر

    فإن حكما بالحق كانت سلامـة
    ورأي وقانا منه من شؤم ثائر (2)

    وفي حديث عمر بن سعد قال : لما رفع أهل الشام المصاحف على الرماح يدعون إلى حكم القرآن قال علي 7 : « عباد الله ، إني أحق من أجاب إلى كتاب الله ، ولكن معاوية وعمرو بن العاص ، وابن أبي معيط ، وحبيب ابن مسلمة ، وابن أبي سرح ، ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إني أعرف بهم منكم ، صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال (3). إنها كلمة حق يراد بها باطل. إنهم والله ما رفعوها أنهم يعرفونها ويعملون بها (4) ، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة (5). أعيروني سواعد كم وجماجمكم ساعة واحدة ، فقد بلغ الحق ، مقطعه ، ولم يبق إلا أن يقطع دابر الذين ظلموا ». فجاءه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد شاكي السلاح ، سيوفهم على عواتقهم ، وقد اسودت جباههم من السجود ، يتقدمهم مسعر بن فدكى ، وزيد بن حصين ، وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد ، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين : يا علي ، أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه ،
    __________________
    (1) في الأصل : « من بيننا ».
    (2) الثائر : الذي يطلب الثأر. في الأصل : « في شؤم ».
    (3) ح ( : 186 ) : « صحبتهم صغارا ورجالا فكانوا شر رجال ». وما أثبت من الأصل يوافق ما في الطبري ( 6 : 27 ).
    (4) في الأصل : « ولا يعلمون بها » وتصح هذه القراءة على الاستئناف. وأثبت ما في ح.
    (5) في الأصل : « وما رفعوها لكم إلا خديعة ومكيدة » وأثبت ما في ح.

    وإلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان ، فو الله لنفعلنها إن لم تجبهم. فقال لهم : ويحكم ، أنا أول من دعا إلى كتاب الله وأول من أجاب إليه ، وليس يحل لي ولا يسعني في ديني أن أدعي إلى كتاب الله فلا أقبله ، إني إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم ، ونقضوا عهده ، ونبذوا كتابه ، ولكني قد أعلمتكم أنهم قد كادوكم ، وأنهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون. قالوا : فابعث إلى الأشتر ليأتيك. وقد كان الأشتر صبيحة ليل الهرير قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله.
    نصر : فحدثني فضيل بن خديج ، عن رجل من النخع قال : رأيت إبراهيم ابن الأشتر دخل على مصعب بن الزبير فسأله عن الحال كيف كانت (1). فقال : كنت عند علي حين بعث إلى الأشتر أن يأتيه ، وقد [ كان الأشتر ] أشرف على معسكر معاوية ليدخله ، فأرسل [ إليه ] علي يزيد بن هانئ : أن ائتني. فأتاه فبلغه فقال الأشتر : ائته فقل له : ليس هذه بالساعة [ التي ] ينبغي لك أن تزيلني فيها عن موقفي. إني قد رجوت الله أن يفتح لي فلا تعجلني. فرجع يزيد بن هانئ إلى علي فأخبره ، فما هو إلا أن انتهى إلينا حتى ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر ، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق ، ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام ، فقال له القوم : والله ما نراك إلا أمرته بقتال القوم. قال : أرأيتموني ساررت رسولي [ إليه ]؟ أليس إنما كلمته على رءوسكم علانية وأنتم تسمعون. قالوا : فابعث إليه فليأتك ، وإلا فوالله اعتزلناك. قال : ويحك يا يزيد ، قل له أقبل إلي ، فإن الفتنة قد وقعت. فأتاه فأخبره فقال له الأشتر : الرفع هذه المصاحف (2)؟ قال : نعم. قال :
    __________________
    (1) السائل ، هو مصعب بن الزبير. وفي ح : « قال : سألت مصعب بن إبراهيم بن الأشتر عن الحال كيف كانت » ، تحريف.
    (2) ح : « أبرفع هذه المصاحف ». وما في الأصل يوافق الطبري ( 6 : 27 ).

    أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع اختلافا وفرقة ، إنها من مشورة ابن النابغة ـ يعني عمرو بن العاص ـ قال : ثم قال ليزيد : [ ويحك ] ألا ترى إلى ما يلقون ، ألا ترى إلي الذي يصنع الله لنا ، أيتبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟! فقال له يزيد : أتحب أنك ظفرت هاهنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو به يفرج عنه ويسلم إلى عدوه؟! قال : سبحان الله ، [ لا ] والله ما أحب ذلك. قال : فإنهم قالوا : لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك [ بأسيافنا ] كما قتلنا عثمان ، أو لنسلمنك إلى عدوك. قال : فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح فقال : يا أهل الذل والوهن ، أحين علوتم القوم فظنوا أنكم لهم قاهرون ورفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟! وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وسنة من أنزلت عليه ، فلا تجيبوهم. أمهلوني فواقا (1) ، فإني قد أحسست بالفتح. قالوا : لا. قال : فأمهلوني عدوة الفرس (2) ، فإني قد طمعت في النصر. قالوا : إذن ندخل معك في خطيئتك. قال : فحدثوني عنكم ـ وقد قتل أماثلكم وبقى أراذلكم ـ متى كنتم محقين ، أحين كنتم تقتلون أهل الشام (3) ، فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلون أم [ أنتم ] الآن [ في إمساككم عن القتال ] محقون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم ، في النار. قالوا : دعنا منك يا أشتر ، قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله. إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا. قال : خدعتم والله فانخدعتم ، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم يا أصحاب الجباه السود ، كنا نظن أن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوق إلى لقاء الله ، فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت. ألا فقبحا يا أشباه النيب الجلالة ، ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا ، فابعدوا
    __________________
    (1) الفواق ، بالضم وبالفتح : ما بين الحلبتين. يقال : أنظرني فواق ناقة.
    (2) في الأصل : « عدو الفرس » وأثبت ما في ح.
    (3) في الأصل : « حيث كنتم » صوابه في ح ( 1 : 186 ).

    كما بعد القوم الظالمون. فسبوه وسبهم ، وضربوا بسياطهم وجه دابته ، وضرب بسوطه وجوه دوابهم ، فصاح بهم علي فكفوا. وقال الأشتر : يا أمير المؤمنين ، احمل الصف على الصف يصرع القوم. فتصايحوا (1) : إن عليا أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضى بحكم القرآن ولم يسعه إلا ذلك. قال الأشتر : إن كان أمير المؤمنين قد قبل ورضى بحكم القرآن ، فقد رضيت بما رضي أمير المؤمنين. فأقبل الناس يقولون : قد رضي أمير المؤمنين ، قد قبل أمير المؤمنين. وهو ساكت لا يبض بكلمة (2) ، مطرق إلى الأرض.
    وقال أبو محمد نافع بن الأسود التميمي (3) :
    ألا أبلغا عني عليا تحية
    فقد قبل الصماء لما استقلت

    بني قبة الإسلام بعد انهدامها
    وقامـت عليه قصـرة فاستقـرت (4)

    كأن نبيا جاءنا حين هدمها
    بمـا سن فيها بعـد ما قد أبـرت (5)

    قال : ولما صدر على من صفين أنشأ يقول :
    وكم قد تركنا في دمشق وأرضهـا
    من أشمط موتور وشمطاء ثاكل

    وعانية صاد الرماح حليلها
    فأضحت تعد اليوم إحدى الأرامـل

    __________________
    (1) بدلها في الأصل : « فقالوا له » وأثبت ما في ح ( 1 : 187 ).
    (2) لا يبض بكلمة ، أي ما يتكلم. وفي حديث طهفة : « ماتبض ببلال » أي ما يقطر منها لبن. وفي الأصل : « لا يفيض » صوابه في ح.
    (3) هو أبو محمد نافع بن الأسود بن قطبة بن مالك التميمي ثم الأسيدي بتشديد الياء ، من بني أسيد بن عمرو بن تميم. قال المرزباني : شاعر مخضرم يكنى أبا محمد. وقال الدارقطني في المؤتلف : أبو محمد نافع بن الأسود شهد فتوح العراق. انظر الإصابة 8849. وفي الأصل : « أبو مجيد » تحريف.
    (4) قصرة ، أي دون الناس. وفي اللسان : « أبلغ هذا الكلام بني فلان قصرة ومقصورة ، أي دون الناس ».
    (5) أبرت : غلبت. والمقطوعة لم ترد في ح.


    تبكي على بعل لها راح غاديا
    فليس إلى يوم الحسـاب بقافـل (1)

    وإنا أناس ما تصيب رماحنا
    إذا ما طعنا القوم غير المقاتـل

    قال : وقال الناس : قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا وبينهم حكما. وبعث معاوية أبا الأعور السلمي على برذون أبيض ، فسار بين الصفين صف أهل العراق وصف أهل الشام ، والمصحف على رأسه وهو يقول : كتاب الله بيننا وبينكم. فأرسل معاوية إلى علي : « إن الأمر قد طال بيننا وبينك ، وكل واحد منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه ، ولن يعطي واحد منا الطاعة للآخر ، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير ، وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى ، وإنا [ سوف ] نسأل عن ذلك الموطن ، ولا يحاسب به غيري وغيرك ، فهل لك في أمر لنا ولك فيه حياة وعذر وبراءة ، وصلاح للأمة ، وحقن للدماء ، وألفة للدين ، وذهاب للضغائن والفتن : أن يحكم بيننا وبينك حكمان رضيان ، أحدهما من أصحابي والآخر من أصحابك ، فيحكمان بما في كتاب الله بيننا ، فإنه خير لي ولك ، وأقطع لهذه الفتن. فاتق الله فيما دعيت له ، وارض بحكم القرآن إن كنت من أهله. والسلام ».
    فكتب إليه علي بن أبي طالب : « من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد فإن أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما يحسن به فعله ، ويستوجب فضله ، ويسلم من عيبه. وإن البغي والزور يزريان بالمرء في دينه ودنياه ، ويبديان من خلله عند من يغنيه ما استرعاه الله ما لا يغني عنه تدبيره. فاحذر الدنيا فإنه لا فرح في شئ وصلت إليه منها. ولقد علمت أنك غير مدرك ما قضى فواته. وقد رام قوم أمرا بغير الحق
    __________________
    (1) قافل : راجع ، قفل يقفل قفولا. وفي الأصل : « بغافل » والوجه ما أثبت.

    فتأولوا على الله تعالى (1) ، فأكذبهم ومتعهم قليلا ثم اضطرهم إلى عذاب غليظ. فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد عاقبة عمله ، ويندم فيه من أمكن الشيطان من قياده ولم يحاده ، فغرته الدنيا واطمأن إليها. ثم إنك قد دعوتني إلى حكم القرآن ، ولقد علمت انك لست من أهل القرآن ، ولست حكمه تريد. والله المستعان. وقد أجبنا القرآن إلى حكمه ، ولسنا إياك أجبنا. ومن لم يرض بحكم فقد ضل ضلالا بعيدا ».
    آخر الجزء. يتلوه في الذي يتلوه قصة الحكمين. والحمد لله وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله والطاهرين. والسلام.
    وجدت في الجزء الثاني عشر (2) من أجزاء عبد الوهاب بخطه : « سمع علي الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي الأجل السيد الإمام قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني وابناه القاضيان أبو عبد الله محمد وأبو الحسين أحمد ، وأبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفتح بن البيضاوي ، والشريف أبو الفضل محمد بن علي بن أبي يعلى الحسيني ، وأبو منصور محمد بن محمد بن قرمي ، بقراءة عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي. في شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة ».
    __________________
    (1) ح ( 1 : 188 ) : « وتأولوه على الله عز وجل ».
    (2) في الأصل : « الثامن » وصوابه ما أثبت.

    الجزء الثامن
    من كتاب صفين لنصر بن مزاحم
    رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز
    رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد
    رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي
    رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري
    رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي
    رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي
    سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم ـ غفر الله له


    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخبرنا الشيخ الثقة شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي بقراءتي عليه ، قال أبو يعلى أحمد ابن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري : قال أبو الحسن محمد بن ثابت ابن عبد الله بن [ محمد (1) ] بن ثابت الصيرفي : قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد ابن عقبة : قال أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز : قال أبو الفضل نصر بن مزاحم :
    قصة الحكمين
    نصر عن عمر بن سعد ، عن رجل ، عن شقيق بن سلمة قال : جاءت عصابة من القراء قد سلوا سيوفهم واضعيها على عواتقهم فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ما تنتظر بهؤلاء القوم أن نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم بالحق. فقال لهم علي : قد جعلنا حكم القرآن بيننا وبينهم ، ولا يحل قتالهم حتى ننظر بم يحكم القرآن.
    قال : وكتب معاوية إلى علي : « أما بعد ، عافانا الله وإياك ، فقد آن لك أن تجيب إلى ما فيه صلاحنا وألفة بيننا ، وقد فعلت وأنا أعرف حقي ، ولكن
    __________________
    (1) ساقطة من الأصل.

    اشتريت بالعفو صلاح الأمة ، ولا أكثر فرحا بشيء جاء ولا ذهب (1) ، وإنما أدخلني في هذا الأمر القيام بالحق فيما بين الباغي والمبغى عليه ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فدعوت إلى كتاب الله فيما بيننا وبينك ، فإنه لا يجمعنا وإياك إلا هو ، نحيي ما أحيا القرآن ، ونميت ما أمات القرآن. والسلام ».
    وكتب علي إلى عمرو بن العاص [ يعظه ويرشده ] : « أما بعد فإن الدنيا مشغلة عن غيرها ، ولم يصب صاحبها منها شيئا إلا فتحت له حرصا يزيده فيها رغبة ، ولن يستغني صاحبها بما نال عما لم يبلغه ، ومن وراء ذلك فراق ما جمع. والسعيد من وعظ بغيره. فلا تحبط أبا عبد الله أجرك ، ولا تجار معاوية في باطله ».
    فأجابه عمرو بن العاص : « أما بعد فإن ما فيه صلاحنا وألفتنا الإنابة إلى الحق ، وقد جعلنا القرآن حكما بيننا فأجبنا إليه. وصبر الرجل منا نفسه على ما حكم عليه القرآن ، وعذره الناس بعد المحاجزة. [ والسلام ] ».
    فكتب إليه علي : « أما بعد فإن الذي أعجبك من الدنيا مما نازعتك إليه نفسك ووثقت به منها لمنقلب عنك ، ومفارق لك. فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة. ولو اعتبرت بما مضى لحفظت ما بقى ، وانتفعت بما وعظت به. والسلام ».
    فأجابه عمرو : « أما بعد فقد أنصف من جعل القرآن إماما ودعا الناس إلى أحكامه. فاصبر أبا حسن ، وأنا غير منيلك (2) إلا ما أنالك القرآن ».
    وجاء الأشعث بن قيس إلى علي فقال : [ يا أمير المؤمنين ] ما أرى الناس إلا وقد رضوا وسرهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم
    __________________
    (1) كذا ورد في الأصل وح على الاكتفاء ، أي ولا بشيء ذهب.
    (2) ح ( 1 : 189 ) : « فإنا غير منيليك ».

    القرآن ، فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد ، ونظرت ما الذي يسأل. قال : ائته إن شئت. فأتاه فسأله فقال : يا معاوية ، لأي شئ رفعتم هذه المصاحف؟ قال : لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به في كتابه (1). فابعثوا منكم رجلا ترضون به ، ونبعث منا رجلا ، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه ، ثم نتبع ما أتففا عليه. فقال الأشعث : هذا هو الحق. فانصرف إلى علي فأخبره بالذي قال. وقال الناس : قد رضينا وقبلنا. فبعث على قراء من أهل العراق ، وبعث معاوية قراء من أهل الشام ، فاجتمعوا بين الصفين ومعهم المصحف ، فنظروا فيه وتدارسوه ، وأجمعوا على أن يحيوا ما أحيا القرآن ، وأن يميتوا ما أمات القرآن. ثم رجع كل فريق إلى أصحابه ، وقال الناس : قد رضينا بحكم القرآن. فقال أهل الشام : فإنا قد رضينا واخترنا عمرو بن العاص. وقال الأشعث والقراء الذين صاروا خوارج فيما بعد : فإنا قد رضينا واخترنا أبا موسى الأشعري. فقال لهم علي : إني لا أرضى بأبي موسى ، ولا أرى أن أوليه. فقال الأشعث ، وزيد بن حصين (1) ، ومسعر بن فدكي ، في عصابة من القراء : إنا لا نرضى إلا به ، فإنه قد حذرنا ما وقعنا فيه. قال علي : فإنه ليس لي برضا ، وقد فارقني وخذل الناس عني (2) ثم هرب ، حتى أمنته بعد أشهر. ولكن هذا ابن عباس أوليه ذلك. قالوا : والله ما نبالي ، أكنت أنت أو ابن عباس ، ولا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء ، وليس إلى واحد منكما بأدنى من الآخر. قال علي : فإني أجعل الأشتر.
    قال نصر : قال عمرو : فحدثني أبو جناب قال : قال الأشعث : وهل سعر
    __________________
    (1) ح : « به فيها ».
    (2) هو زيد بن حصين الطائي ، ذكره ابن حجر في الإصابة 2887. وقد سبقت خطبة له في ص 99 ، وانظر أيضا ص 100. وفي الأصل « يزيد بن حصن » والصواب مما أثبت من ح.
    (3) التخذيل : حمل الرجل على خذلان صاحبه ، وتثبيطه عن نصرته.

    الأرض علينا غير الأشتر ، وهل نحن إلا في حكم الأشتر. قال له علي : وما حكمه؟ قال : حكمه أن يضرب بعضنا بعضا بالسيوف حتى يكون ما أردت وما أراد.
    نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي قال : لما أراد الناس عليا على أن يضع حكمين قال لهم علي : إن معاوية لم يكن ليضع لهذا الأمر أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص ، وإنه لا يصلح للقرشي إلا مثله ، فعليكم بعبد الله بن عباس فارموه به ، فإن عمرا لا يعقد عقدة إلا حلها عبد الله ، ولا يحل عقدة إلا عقدها ، ولا يبرم أمرا إلا نقضه ، ولا ينقض أمرا إلا أبرمه. فقال الأشعث : لا والله لا يحكم فيها مضريان حتى تقوم الساعة ، ولكن أجعله رجلا من أهل اليمن إذ جعلوا رجلا من مضر. فقال علي : إني أخاف أن يخدع يمنيكم ، فإن عمرا ليس من الله في شيء إذا كان له في أمر هوى (1). فقال الأشعث : والله لأن يحكما ببعض ما نكره ، وأحدهما من أهل اليمن ، أحب إلينا من أن يكون [ بعض ] ما نحب في حكمهما وهما مضريان. وذكر الشعبي مثل ذكر الشعبي مثل ذلك.
    وفي حديث عمر قال : قال علي : قد أبيتم إلا أبا موسى؟ قالوا : نعم. قال : فاصنعوا ما أردتم. فبعثوا إلى أبي موسى وقد اعتزل بأرض من أرض الشام يقال لها « عرض (2) » واعتزل القتال ، فأتاه مولى له فقال : إن الناس قد اصطلحوا. قال : الحمد لله رب العالمين. قال : وقد جعلوك حكما. قال : إنا لله وإنا إليه راجعون. فجاء أبو موسى حتى دخل عسكر علي ، وجاء الأشتر حتى أتى عليا فقال له : يا أمير المؤمنين الزنى بعمرو بن العاص (3) ، فوالله الذي
    __________________
    (1) في الأصل : « حتى إذا كان له في أمر هواه » صوابه في ح.
    (2) عرض ، بضم أوله وسكون ثانيه : بلد ببن تدمر والرصافة الشامية.
    (3) ألزه به : ألزمه إباه.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:44 am

    لا إله غيره لئن ملأت عيني منه لأقتلنه. قال : وجاء الأحنف بن قيس التميمي فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك قد رميت بحجر الأرض (1) ومن حارب الله ورسوله أنف الإسلام (2) ، وإني قد عجمت هذا الرجل ـ يعني أبا موسى ـ وحلبت أشطره ، فوجدته كليل الشفرة ، قريب القعر. وإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم ، ويتباعد منهم حتى يكون بمنزلة النجم منهم ، فإن تجعلني حكما فاجعلني ، وإن أبيت أن تجعلني حكما فاجعلني ثانيا أو ثالثا (3) ، فإنه لا يعقد عقدة إلا حللتها ، ولن يحل عقدة إلا عقدتها وعقدت لك أخرى أشد منها. فعرض ذلك على الناس فأبوه وقالوا : لا يكون إلا أبا موسى.
    نصر : وفي حديث عمر قال : قام الأحنف بن قيس إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين ، إني خيرتك يوم الجمل أن آتيك فيمن أطاعني وأكف عنك بني سعد ، فقلت كف قومك فكفى بكفك نصيرا (4) فأقمت بأمرك. وإن عبد الله بن قيس (5) رجل قد حلبت أشطره فوجدته قريب القعر كليل المدية ، وهو رجل يمان وقومه مع معاوية. وقد رميت بحجر الأرض وبمن حارب الله ورسوله ، وإن صاحب القوم من ينأي حتى يكون مع النجم ، ويدنو حتى يكون في أكفهم. فابعثني ووالله لا يحل عقدة إلا عقدت لك أشد منها
    __________________
    (1) في اللسان : « يقال رمى فلان بحجر الأرض ، إذا رمى بداهية من الرجال ». وروى صاحب اللسان حديث الأحنف في ( 3 : 237 ).
    (2) أي في أول الإسلام.
    (3) في الأصل : « فإن شئت أن تجعلني ثانيا أو ثالثا » ، وصوابه وتكملته من الطبري.
    (4) في الأصل : « نصرا » وأثبت ما في ح.
    (5) عبد الله بن قيس ، هو أبو موسى الأشعري. توفى سنة 42 أو 43 وهو ابن نيف وستين سنة.

    فإن قلت : إني لست من أصحاب رسول الله صلى الله عليه ، فابعث رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه غير عبد الله بن قيس (1) ، وابعثني معه. فقال علي : إن القوم أتوني بعبد الله بن قيس مبرنسا ، فقالوا (2) : ابعث هذا ، فقد رضينا به ، والله بالغ أمره.
    وذكروا أن ابن الكواء قام إلى علي فقال : هذا عبد الله بن قيس وافد أهل اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه ، وصاحب مقاسم أبي بكر (3) ، وعامل عمر ، وقد [ رضى به القوم. و ] عرضنا على القوم عبد الله بن عباس فزعموا أنه قريب القرابة منك ، ظنون في أمرك (4).
    فبلغ ذلك أهل الشام فبعث أيمن بن خريم الأسدي ، وهو معتزل لمعاوية ، هذه الأبيات ، وكان هواه أن يكون هذا الأمر لأهل العراق فقال :
    لو كان للقوم رأي يعصمـون به
    مـن الضلال رموكم بابـن عباس (5)

    لله در أبيه أيما رجل
    ما مثله لفصال الخطب في الناس

    لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن
    لم يدر مـا ضرب أخماس لأسداس

    إن يخل عمرو به يقذفه فـي لجج
    يهوى بـه النجم تيسا بين أتياس

    أبلغ لديك عليا غير عاتبه (6)
    قول امرئ لا يرى بالحق مـن باس

    ما الأشعري ، بمأمون ، أبـا حسن ،
    فاعلم هديت وليس العجـز كـالراس

    فاصدم بصاحبك الأدنى زعيمهـم
    إن ابن عمك عباس هو الآسى

    __________________
    (1) « غير عبد الله بن قيس » ليست في ح.
    (2) في الأصل : « فقال » صوابه في ح.
    (3) صاحب المقاسم : الذي يتولى أمر قسمة المغانم ونحوها.
    (4) الظنون كالظنين : المتهم.
    (5) في الأصل : « يعظمون به * بعد الخطار » صوابه في ح.
    (6) في الأصل : « غير عائبه » وأثبت ما في ح ( 1 : 190 ).

    قال : فلما بلغ الناس قول أيمن طارت أهواء قوم من أولياء علي 7 وشيعته (1) إلى عبد الله بن عباس ، وأبت القراء إلا أبا موسى.
    وفي حديث عمر بن سعد قال : قال بسر بن أرطاة : لقد رضى معاوية بهذه المدة ، ولئن أطاعني لينقصن هذه المدة.
    قال أيمن بن خريم بن فاتك ، وكان قد اعتزل عليا ومعاوية ثم قارب أهل الشام ولم يبسط بدا :
    أما والذي أرسى ثبيرا مكانه
    وأنزل ذا الفرقان في ليلة القدر

    لئن عطفت خيل العـراق عليكم
    ولله لا للناس عاقبة الأمر

    تقحمها قدما عدي بن حاتـم
    والاشتر يهدى الخيل في وضح الفجـر

    وطاعنكم فيهـا شريح بن هانئ
    وزحر بـن قيس بالمثقفة السمر

    وشمر فيها الأشعث اليوم ذيلـه
    تشبهه (2) بالحارث بن أبي شمـر

    لتعرفه يابسر يوما عصبصبـا
    يحرم أطهار النسـاء من الذعـر (3)

    يشيب وليد الحي قبل مشيبـه
    وفي بعض ما أعطـوك راغية البكـر (4)

    وعهدك يابسر بن أرطاة والقنا
    رواء من أهل الشام أظماؤها تجـري

    وعمرو بن سفيان على شر آلة
    بمعترك حام أحر من الجمـر (5)

    قال : فلما سمع القوم الذين كرهوا المدة قول أيمن بن خريم كفوا عن الحرب وكان أيمن رجلا عابدا مجتهدا ، قد كان معاوية جعل له فلسطين على أن يتابعه ويشايعه على قتال علي (6) ، فبعث إليه أيمن :
    __________________
    (1) بدلها في الأصل : « طارت أهواؤهم » وما هنا من ح.
    (2) في الأصل : « يشبهه » والمقطوعة لم ترد في ح.
    (3) انظر ص 46 س 2.
    (4) انظر ص 45 السطر الأخير.
    (5) الآلة : الحالة. قال : * قد أركب الآلة بعد الآله *
    (6) في الأصل : « على أن يبايعه على قتل علي » ، وأثبت ما في ح.


    ولست مقاتـلا رجـلا يصلـي
    على سلطان آخر من قريش

    له سلطانـه وعلي إثمي
    معاذ الله من سفه وطيش

    أأقتل مسلما فـي غير جرم
    فليس بنافعي ما عشت عيشي

    قال : وبعث [ بسر (1) ] إلى أهل الشام : « أما والله إن من رأيى إن دفعتم هذه الموادعة أن ألحق بأهل العراق فأكون يدا من أيديها عليكم ، وما كففت عن الجمعين إلا طلبا للسلامة ». قال معاوية : يا بسر ، أتريد أن تمن علينا بخير؟! قال : فرضى أهل الشام ببعث الحكمين. فلما رضى أهل الشام بعمرو بن العاص ، ورضى أهل العراق بأبي موسى ، أخذوا في كتاب الموادعة ، ورضوا بالحكم حكم القرآن.
    نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن زيد بن حسن قال عمرو : قال جابر : سمعت زيد بن حسن ـ وذكر كتاب الحكمين فزاد فيه شيئا على ما ذكره محمد بن علي الشعبي ، في كثرة الشهود وفي زيادة في الحروف ونقصان ، أملاها علي من كتاب عنده فقال ـ : هذا ما تقاضي عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما فيما تراضيا به من الحكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه ، قضية علي على أهل العراق ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب ، [ وقضية معاوية على أهل الشام ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب ]. إنا رضينا أن ننزل عند حكم القرآن فيما حكم ، وأن نقف عند أمره فيما أمر ، وإنه لا يجمع بيننا إلا ذلك. وإنا جعلنا كتاب الله فيما بيننا حكما فيما اختلفنا فيه من فاتحته إلى خاتمته ، نحيى ما أحيا ونميت ما أمات (2). على ذلك تقاضيا ، وبه تراضيا. وإن عليا وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله
    __________________
    (1) تكملة يقتضيها السياق.
    (2) ح ( 1 : 191 ) : « نحيى ما أحيا القرآن ونميت ما أماته ».

    ابن قيس (1) ناظرا ومحاكما ، ورضى معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا ومحاكما. على أنهما (2) أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه ، ليتخذان الكتاب إماما فيما بعثا له ، لا يعدوانه إلى غيره في الحكم بما وجداه فيه مسطورا. وما لم يجداه مسمى في الكتاب رداه إلى سنة رسول الله صلى الله عليه الجامعة ، لا يتعمدان لهما خلافا ، ولا يتبعان في ذلك لهما هوى ، ولا يدخلان في شبهة. وأخذ عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص علي على ومعاوية عهد الله وميثاقه بالرضا بما حكما به من كتاب الله وسنة نبيه 9 ، وليس لهما أن ينقضا ذلك ولا يخالفاه إلى غيره ، وأنهما آمنان في حكومتهما على دمائهما وأموالهما وأهلهما ما لم يعدوا الحق ، رضى بذلك راض أو أنكره منكر ، وأن الأمة أنصار لهما على ما قضيا به من العدل. فإن توفى أحد الحكمين قبل انقضاء الحكومة فأمير شيعته وأصحابه يختارون مكانه رجلا ، لا يألون عن أهل المعدلة والإقساط ، على ما كان عليه صاحبه من العهد والميثاق ، والحكم بكتاب الله وسنة رسوله 9. وله مثل شرط صاحبه. وإن مات أحد الأميرين قبل القضاء فلشيعته أن يولوا مكانه رجلا يرضون عدله. وقد وقعت القضية ومعها الأمن والتفاوض ووضع السلاح والسلام والموادعة. وعلى الحكمين عهد الله وميثاقه ألا يألوا اجتهادا ، ولا يتعمدا جورا ، ولا يدخلا في شبهة ، ولا يعدوا حكم الكتاب وسنة رسول الله 9 ، فإن لم يفعلا برئت الأمة ( سقط من كتاب بن عقبة ) من حكمهما ، ولا عهد لهما ولا ذمة. وقد وجبت القضية على ما قد سمى في هذا الكتاب من مواقع الشروط على الأميرين والحكمين والفريقين
    __________________
    (1) عبد الله بن قيس ، هو أبو موسى الأشعري.
    (2) في الأصل : « أنهم » وأثبت ما في ح.

    والله أقرب شهيدا ، وأدنى حفيظا. والناس آمنون على أنفسهم وأهليهم وأموالهم إلى انقضاء مدة الأجل ، والسلاح موضوع ، والسبل مخلاة ، والغائب والشاهد من الفريقين سواء في الأمن. وللحكمين أن ينزلا منزلا عدلا بين أهل العراق وأهل الشام ولا يحضرهما فيه إلا من أحبا ، عن ملأ منهما وتراض وإن المسلمين قد أجلوا القاضيين إلى انسلاخ رمضان ، فإن رأى الحكمان تعجيل الحكومة فيما وجها له عجلاها ، وإن أرادا تأخيرها بعد رمضان إلى انقضاء الموسم فإن ذلك إليهما. فإن هما لم يحكما بكتاب الله وسنة نبيه 9 إلى انقضاء الموسم فالمسلمون على أمرهم الأول في الحرب. ولا شرط بين واحد من الفريقين. وعلى الأمة عهد الله وميثاقه على التمام ، والوفاء بما في هذا الكتاب. وهم يد على من أراد فيه إلحادا وظلما ، أو حاول له نقضا. وشهد بما في الكتاب من أصحاب علي (1) عبد الله بن عباس ، والأشعث بن قيس ، والأشتر مالك بن الحارث ، وسعيد بن قيس الهمداني ، والحصين والطفيل ابنا الحارث بن المطلب ، وأبو أسيد مالك بن ربيعة الأنصاري (2) ، وخباب بن الأرت ، وسهل بن حنيف ، وأبو اليسر بن عمرو الأنصاري (3) ، ورفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري ، وعوف بن الحارث بن المطلب القرشي ،
    __________________
    (1) ح ( 1 : 192 ) : « وشهد فيه من أصحاب علي عشرة ، ومن أصحاب معاوية عشرة ». وقد فصل الطبري في ( 6 : 130 ) فذكر هؤلاء العشرة وهؤلاء العشرة. لكن ما في الأصل هنا يربى على هذا العدد كثيرا.
    (2) هو أبو أسيد ، بهيئة التصغير ، مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي. وكان معه راية بني ساعدة يوم الفتح ، اختلف في وفاته ما بين سنة ثلاثين إلى ثمانين. انظر الإصابة 7622. وفي الأصل : « ربيعة بن مالك » تحريف.
    (3) هو أبو اليسر ، بفتحتين ، الأنصاري ، واسمه كعب بن عمرو بن عباد. شهد بدرا والمشاهد ، وهو الذي أسر العباس. ومات بالمدينة سنة خمس وخمسين. الإصابة ( 7 : 218 ). وفي الأصل : « أبو اليسير » تحريف.

    وبريدة الأسلمي (1) ، وعقبة بن عامر الجهني ، ورافع بن خديج الأنصاري ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، والحسن والحسين ابنا علي ، وعبد الله بن جعفر الهاشمي ، والنعمان بن عجلان الأنصاري ، وحجر بن عدي الكندي ، وورقاء بن مالك بن كعب الهمداني ، وربيعة بن شرحبيل ، وأبو صفرة ابن يزيد ، والحارث بن مالك الهمداني ، وحجر بن يزيد ، وعقبة بن حجية ، ( إلى هنا السقط ). ومن أصحاب معاوية حبيب بن مسلمة الفهري ، وأبو الأعور بن سفيان السلمي (2) ، وبسر بن أرطاة القرشي ، ومعاوية بن خديج الكندي ، والمخارق بن الحارث الحميري ، ورعبل بن عمرو السكسكي ، وعبد الرحمن ابن خالد المخزومي ، وحمزة بن مالك الهمداني ، وسبيع بن يزيد الهمداني ، ويزيد بن الحر الثقفي ، ومسروق بن حرملة العكي (3) ، ونمير بن يزيد الحميري ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعلقمة بن يزيد الكلبي ، وخالد ابن المعرض السكسكي ، وعلقمة بن يزيد الجرمي ، وعبد الله بن عامر القرشي ، ومروان بن الحكم ، والوليد بن عقبة القرشي ، وعتبة بن أبي سفيان ، ومحمد بن أبي سفيان ، ومحمد بن عمرو بن العاص ، ويزيد بن عمر الجذامي ، وعمار ابن الأحوص الكلبي ، ومسعدة بن عمرو التجيبي ، والحارث بن زياد القيني ، وعاصم بن المنتشر الجذامي ، وعبد الرحمن بن ذي الكلاع الحميري ، والقباح بن جلهمة الحميري (4) ، وثمامة بن حوشب ، وعلقمة بن حكيم ، وحمزة بن مالك. وإن بيننا على ما في هذه الصحيفة عهد الله وميثاقه. وكتب عمر يوم الأربعاء
    __________________
    (1) هو بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث بن الأعرج الأسلمي ، ينتمي إلى أسلم بن أفصي. مات سنة ثلاث وستين. الإصابة 629. وفي الأصل : ( السلمي ) تحريف.
    (2) هو أبو الأعور عمرو بن سفيان بن عبد شمس ، وهو ممن قدم مصر مع مروان سنة خمس وستين. انظر الإصابة 5846.
    (3) ذكره ابن حجر في الإصابة 7938 ولم يعرف اسم والده.
    (4) لم أعثر له على ترجمة ، والمعروف في أعلامهم مما يقاربه « القباع ».

    لثلاث عشرة ليلة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين.
    قال نصر : وفي كتاب عمر بن سعد : « هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ». فقال معاوية : بئس الرجل أنا إن أقررت أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته. وقال عمرو : اكتب اسمه واسم أبيه ، إنما هو أميركم ، وأما أميرنا فلا. فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه ، فقال الأحنف : لا تمح اسم إمرة المؤمنين عنك ، فإني أتخوف إن محوتها ألا ترجع إليك أبدا ، لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا. فأبى مليا من النهار أن يمحوها ، ثم إن الأشعث بن قيس جاء فقال : امح هذا الإسم. فقال علي : لا إله إلا الله والله أكبر ، سنة بسنة ، أما والله لعلى يدي دار هذا يوم الحديبية ، حين كتبت الكتاب عن رسول الله صلى الله عليه : « هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسهيل بن عمرو » ، فقال سهيل : لا أجيبك إلى كتاب تسمى [ فيه ] رسول الله صلى الله عليه ، ولو أعلم أنك رسول الله لم أقاتلك ، إني إذا ظلمتك إن منعتك أن تطوف ببيت الله وأنت رسول الله ، ولكن اكتب : « محمد بن عبد الله » أجبك. فقال محمد صلى الله عليه : « يا علي إني لرسول الله ، وإني لمحمد بن عبد الله ، ولن يمحو عني الرسالة كتابي إليهم من محمد بن عبد الله ، فاكتب : محمد بن عبد الله ». فراجعني المشركون في هذا (1) إلى مدة. فاليوم أكتبها إلى أبنائهم كما كتبها رسول الله صلى الله عليه إلى آبائهم سنة ومثلا. فقال عمرو بن العاص : سبحان الله ، ومثل هذا شبهتنا بالكفار ونحن مؤمنون؟ فقال له علي : يا ابن النابغة ، ومتى لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا ، وهل تشبه إلا أمك التي وضعت بك (2). فقام عمرو فقال : والله لا يجمع بيني وبينك
    __________________
    (1) في الأصل : « في عهد ».
    (2) هذه العبارة بعينها في الطبري ( 6 : 29 ).

    مجلس أبدا بعد هذا اليوم. فقال علي : والله إني لأرجو أن يظهر الله عليك وعلى أصحابك. قال : وجاءت عصابة قد وضعوا سيوفهم على عواتقهم فقالوا : يا أمير المؤمنين مرنا بما شئت. فقال لهم ابن حنيف : أيها الناس اتهموا رأيكم فوالله لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا. وذلك في الصلح الذي صالح عليه النبي صلى الله عليه.
    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن بريدة الأسلمي (1) ـ يعني ابن سفيان ـ عن محمد بن كعب القرظي ، عن علقمة بن قيس النخعي قال : لما كتب علي الصلح يوم صالح معاوية فدعا الأشتر ليكتب ، قال قائل : أكتب بينك وبين معاوية. فقال (2) : إني والله لأنا كتبت الكتاب بيدي يوم الحديبية ، وكتبت « بسم الله الرحمن الرحيم » ، فقال سهيل : لا أرضى ، اكتب « باسمك اللهم » فكتب : « هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو » ، فقال. لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك. قال علي : فغضبت فقلت : بلى والله إنه لرسول الله وإن رغم أنفك. فقال رسول الله 9 : « اكتب ما يأمرك ، إن لك مثلها ، ستعطيها وأنت مضطهد ».
    نصر ، عن عمر بن سعد قال : حدثني أبو إسحاق الشيباني قال : قرأت كتاب الصلح عند سعيد بن أبي بردة ، في صحيفة صفراء عليها خاتمان خاتم من أسفلها وخاتم من أعلاها. في خاتم علي : « محمد رسول الله » وفي خاتم معاوية : « محمد رسول الله ». فقيل لعلي حين أراد أن يكتب الكتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام : أتقر أنهم مؤمنون مسلمون؟ فقال علي : ما أقر لمعاوية ولا لأصحابه أنهم مؤمنون ولا مسلمون ، ولكن يكتب
    __________________
    (1) هذا غير بريدة الأسلمي ، المترجم في ص 507. وقد ترجم لبريدة بن سفيان. في تهذيب التهذيب.
    (2) أي علي 7.

    معاوية ما شاء ، ويقر بما شاء لنفسه وأصحابه ، ويسمى نفسه وأصحابه ما شاء. فكتبوا : « بسم الله الرحمن الرحيم ». هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان. قاضى علي بن أبي طالب على أهل العراق ومن كان معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين ، وقاضي معاوية بن أبي سفيان على أهل الشام ومن كان معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين : إنا ننزل عند حكم الله وكتابه ، والا يجمع بيننا إلا إياه ، وأن كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته إلى خاتمته : نحيى ما أحيا القرآن ، ونميت ما أمات القرآن. فما وجد الحكمان في كتاب الله بيننا وبينكم فإنهما يتبعانه ، وما لم يجداه في كتاب الله أخذا بالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة ، والحكمان عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص. وأخذنا عليهما عهد الله وميثاقه ليقضيا بما وجدا في كتاب الله ، فإن لم يجدا في كتاب الله فالسنة الجامعة غير المفرقة. وأخذ الحكمان من علي ومعاوية ومن الجندين ـ مما هما عليه من أمر الناس بما يرضيان به من العهد والميثاق والثقة من الناس ـ أنهما آمنان على أموالهما وأهليهما. والأمة لهما أنصار على الذي يقضيان به عليهما (1). وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيها عهد الله أنا على ما في هذه الصحيفة ، ولنقومن عليه ، وإنا عليه لأنصار. وإنها قد وجبت القضية بين المؤمنين بالأمن والإستقامة ووضع السلاح ، أينما ساروا ، على أنفسهم وأموالهم وأهليهم وأرضيهم ، وشاهدهم وغائبهم وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه ليحكمان بين الأمة بالحق ، ولا يردانها في فرقة ولا بحرب حتى يقضيا. وأجل القضية إلى شهر رمضان فإن أحبا أن يعجلا عجلا. وإن توفى واحد من الحكمين فإن أمير شيعته يختار مكانه رجلا لا يألو عن المعدلة والقسط ، وإن ميعاد قضائهما الذي
    __________________
    (1) في الأصل : « عليه ».

    يقضيان فيه مكان عدل بين أهل الشام وأهل الكوفة ، فإن رضيا مكانا غيره فحيث رضيا لا يحضرهما فيه إلا من أرادا. وأن يأخذ الحكمان من شاءا من الشهود ثم يكتبوا شهادتهم على ما في الصحيفة. ونحن براء من حكم بغير ما أنزل الله. اللهم إنا نستعينك على من ترك ما في هذه الصحيفة ، وأراد فيها إلحادا وظلما. وشهد علي ما في الصحيفة عبد الله بن عباس ، والأشعث ابن قيس ، وسعيد بن قيس ، وورقاء بن سمى (1) ، وعبد الله بن الطفيل ، وحجر ابن يزيد ، وعبد الله بن جمل ، وعقبة بن جارية ، ويزيد بن حجية ، وأبو الأعور السلمي ، وحبيب بن مسلمة ، والمخارق بن الحارث ، وزمل بن عمرو (2) ، وحمزة ابن مالك ، وعبد الرحمن بن خالد ، وسبيع بن يزيد (3) وعلقمة بن مرثد ، وعتبة ابن أبي سفيان ، ويزيد بن الحر. وكتب عميرة يوم الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين.
    واتعد الحكمان أذرح (4) ، وأن يجيء على بأربعمائة من أصحابه ، ويجيء معاوية بأربعمائة من أصحابه فيشهدون الحكومة.
    نصر ، عن عمر بن سعد ، قال أبو جناب (5) ، عن عمارة بن ربيعة الجرمي قال : لما كتبت الصحيفة دعى لها الأشتر فقال : لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها الشمال إن كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة. أو لست على بينة من ربي ، ويقين من ضلالة عدوي؟! أو لستم قد رأيتم
    __________________
    (1) الطبري ( 6 : 30 ) : « ووفاء بن سمى ».
    (2) زمل ، بالكسر ، بن عمرو بن عنز العذري ، عقد له النبي صلى الله عليه لواء ، وشهد بهذا اللواء صفين مع معاوية ، وقتل بمرج راهط مع مروان سنة أربع وستين. انظر الإصابة 2810. وفي الأصل : « زامل » تحريف ، صوابه في الإصابة والطبري.
    (3) في الأصل : « سمع بن زيد » وأثبت ما في الطبري ( 6 : 30 ).
    (4) أذرح ، بضم الراء : بلد في أطراف الشام مجاور لأرض الحجاز.
    (5) هو أبو جناب الكلبي ، كما في الطبري ( 6 : 30 ) وفي الأصل « أبو خباب ».

    الظفر إن لم تجمعوا على الخور؟! فقال له رجل من الناس : إنك والله رأيت ظفرا ولا خورا ، هلم فأشهد على نفسك ، وأقرر بما كتب في هذه الصحيفة فإنه لا رغبة بك عن الناس. قال : بلى والله ، إن بي لرغبة عنك في الدنيا للدنيا وفي الآخرة للآخرة. ولقد سفك الله بسيفي هذا دماء رجال ما أنت بخير منهم عندي ولا أحرم دما. فقال عمار بن ربيعة : فنظرت إلى ذلك الرجل وكأنما قصع على أنفه الحمم (1) ، وهو الأشعث بن قيس. ثم قال : ولكن قد رضيت بما صنع علي أمير المؤمنين ، ودخلت فيما دخل فيه ، وخرجت مما خرج منه ، فإنه لا يدخل إلا في هدى وصواب.
    نصر ، عن عمر ، عن أبي جناب ، عن إسماعيل بن سميع (2) ، عن شقيق بن سلمة (3) وغيره ، أن الأشعث خرج في الناس بذلك الكتاب يقرؤه على الناس ، ويعرضه عليهم ويمر به على صفوف أهل الشام وراياتهم فرضوا بذلك ، ثم مر به على صفوف أهل العراق وراياتهم يعرضه عليهم حتى مر برايات عنزة وكان مع علي من عنزة بصفين أربعة آلاف مجفف (4) ـ فلما مربهم الأشعث فقرأه عليهم قال فتيان منهم : لا حكم إلا لله. ثم حملا على أهل الشام بسيوفهما [ فقاتلا ] حتى قتلا على باب رواق معاوية ، وهما أول من حكم (5) واسماهما معدان وجعد ، أخوان. ثم مر بها على مراد فقال صالح بن شقيق وكان من رؤسائهم :
    __________________
    (1) القصع : الضرب والدلك. والحمم : الرماد والفحم وكل ما احترق من النار ، واحدته حمة. وفي ح ( 1 : 192 ) : « الحميم ». وما أثبت من الأصل يطابق ما في الطبري.
    (2) ح : « شفيع ».
    (3) ح : « سفيان بن سلمة ».
    (4) المجفف : لابس التجفاف ، وأصله ما يجلل به الفرس من سلاح وآلة تقية الجراحة.
    (5) في اللسان : « والخوارج يسمون المحكمة ، لإنكارهم أمر الحكمين وقولهم لا حكم إلا لله ».


    ما لعلي في الدماء قـد حكـم
    لو قاتل الأحزاب يوما ما ظلم

    لا حكم إلا لله ولو كره المشركون. ثم مر على رايات بني راسب فقرأها عليهم فقالوا : لا حكم إلا لله ، لا نرضى ولا نحكم الرجال في دين الله. ثم مر على رايات بني تميم (1) فقرأها عليهم فقال رجل منهم : لا حكم إلا لله ، يقضي بالحق وهو خير الفاصلين. فقال رجل منهم لآخر : أما هذا فقد طعن طعنة نافذة. وخرج عروة بن أدية أخو مرداس بن أدية التميمي فقال : أتحكمون الرجال في أمر الله ، لا حكم إلا لله ، فأين قتلانا يا أشعث. ثم شد بسيفه ليضرب به الأشعث ، فأخطأه وضرب به عجز دابته ضربة خفيفة ، فاندفع به الدابة وصاح به الناس أن أمسك يدك. فكف ورجع الأشعث إلى قومه ، فأتاه ناس كثير من أهل اليمن ، فمشى إليه الأحنف بن قيس ، ومعقل بن قيس ، ومسعر بن فدكي ، ورجال من بني تميم ، فتنصلوا إليه واعتذروا ، فقبل منهم الأشعث فتركهم وانطلق إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين ، قد عرضت الحكومة على صفوف أهل الشام وأهل العراق ، فقالوا جميعا : قد رضينا. حتى مررت برايات بني راسب ونبذ من الناس سواهم (2) ، فقالوا : لا نرضى ، لا حكم إلا لله. فلنحمل بأهل العراق وأهل الشام عليهم فنقتلهم. فقال علي : هل هي غير راية أو رايتين ونبذ من الناس؟ قال : بلى (3). قال : دعهم. قال : فظن علي 7 أنهم قليلون لا يعبأ بهم. فما راعه إلا نداء الناس من كل جهة وفي كل ناحية : لا حكم إلا لله ، الحكم لله يا علي لا لك ، لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين الله. إن الله قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه ، أن يقتلوا
    __________________
    (1) ح ( 1 : 192 ) : « رايات تميم ».
    (2) النبذ ، بالفتح : الشئ القليل ، وجمعه أنباذ.
    (3) في الأصل وح ( 1 : 193 ) : « لا ».

    أو يدخلوا في حكمنا عليهم (1). وقد كانت منازلة حين رضينا بالحكمين ، فرجعنا وتبنا ، فارجع أنت يا علي كما رجعنا ، وتب إلى الله كما تبنا ، وإلا برئنا منك. فقال علي : ويحكم ، أبعد الرضا [ والميثاق ] العهد نرجع. أو ليس الله الله تعالى قال : ( أوفوا بالعقود (2) ) ، وقال : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ). فأبى على أن يرجع ، وأبت الخوارج إلا تضليل التحكيم والطعن فيه ، وبرئت من علي 7 ، وبرئ منهم ، وقام خطيب أهل الشام حمل بن مالك بين الصفين فقال : أنشدكم الله يا أهل العراق إلا أخبرتمونا لم فارقتمونا؟ قالوا : فارقناكم لأن الله عز وجل أحل البراءة ممن حكم بغير ما أنزل الله ، فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله ، وقد أحل عداوته وأحل دمه إن لم يرجع إلى التوبة ويبؤ بالدين (3). وزعمتم أنتم خلاف حكم الله فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله وقد أمر الله بعداوته ، وحرمتم دمه وقد أمر الله بسفكه ، فعاديناكم لأنكم حرمتم ما أحل الله ، وحللتم ما حرم الله ، وعطلتم أحكام الله واتبعتم هواكم بغير هدى من الله. قال الشامي حمل بن مالك (4) : قتلتم أخانا وخليفتنا ونحن غيب عنه ، بعد أن استتبتموه فتاب ، فعجلتم عليه فقتلتموه ، فنذكركم الله لما أنصفتم الغائب (5) المتهم لكم ، فإن قتله لو كان عن ملأ من الناس ومشورة كما كانت إمرته ، لم يحل لنا الطلب بدمه ، وإن أطيب التوبة والخير في العاقبة أن يعرف من لا حجة له الحجة عليه
    __________________
    (1) ح : « تحت حكمنا عليهم ».
    (2) من الآية الأولى في سورة المائدة. وفي الأصل : « بالعهود » تحريف.
    (3) يبوء : يقر ويعترف. وفي الأصل : « ويبوء بالدين ».
    (4) في الأصل : « حمزة بن مالك ».
    (5) لما ، هنا ، بمعنى إلا ، كما في قول الله : ( إن كل نفس لما عليها حافظ ).

    وذلك أقطع للبغي ، وأقرب للمناصحة. وقد رضينا أن تعرضوا ذنوبه على كتاب الله أولها وآخرها ، فإن أحل الكتاب دمه برئنا منه وممن تولاه ومن يطلب دمه ، وكنتم قد أجرتم في أول يوم وآخره. وإن كان كتاب الله يمنع دمه ويحرمه تبتم إلى الله ربكم ، وأعطيتم الحق من أنفسكم في سفك دم بغير حله بعقل أو قود ، أو براءة ممن فعل ذلك وهو ظالم. ونحن قوم نقرأ القرآن وليس يخفى علينا منه شئ ، فأفهمونا الأمر الذي استحللتم عليه دماءنا. قالوا : نعم ، قد بعثنا منا رجلا ومنكم رجلا يقرآن القرآن كله ويتدارسان ما فيه ، وينزلان عند حكمه علينا وعليكم. وإنا قد بعثنا منا من هو عندنا مثل أنفسنا ، وجعلنا لهما أن ينتهيا إليه ، وأن يكون أمرهما على تؤدة ، ونسأل عما يجتمعان عليه وما يتفرقان عنه ، فإنما فارقناكم في تفسيره ولم نفارقكم في تنزيله. ونحن وأنتم نشهد أنه من عند الله ، فإنما نريد أن نسأل عنه مما تفسرون ، مما جهلنا (1) نحن تفسيره ، فنسأل عنه أهل العلم (2) منا ومنكم ، فأعطيناكم على هذا الأمر ما سألتم من شأن الحكمين. وإنما بعثا ليحكما بكتاب الله ، يحييان ما أحيا الكتاب ويميتان ما أمات الكتاب ، فأما ما لم يجدا في الكتاب فالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة. ولم يبعثا ليحكما بغير الكتاب. ولو أرادا اللبس على أمة محمد لبرئت منهما الذمة (3) وليس لهما على أمة محمد حكم. فلما سمع المسلمون قولهم علموا أن على كل مخاصم إنصاف خصيمه وقبول الحق منه وإن كان قد منعه فقاتل عليه ، لأنهم إلى الحق دعوا أول يوم ، وبه عملوا يقينا غير شك ، ومن الباطل استعتبوا ، وعلى عماية قتلوا من قتلوا. ونظر القوم في أمرهم ، وشاوروا قائدهم ، وقالوا : قد قبلنا من عثمان بن عفان حين
    __________________
    (1) في الأصل : « ما جعلنا ».
    (2) في الأصل : « السلم ».
    (3) في الأصل : « فبرئت منهما الذمة ».

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:45 am

    دعى إلى الله والتوبة من بغيه وظلمه ، وقد كان منا عنه كف حين أعطانا أنه تائب حتى جرى علينا حكمه بعد تعريفه ذنوبه ، فلما لم يتم التوبة وخالف بفعله عن توبته قلنا اعتزلنا ونولي أمير المؤمنين رجلا يكفيك ويكفينا ، فإنه لا يحل لنا أن نولي أمر المؤمنين رجلا نتهمه في دمائنا وأموالنا ، فأبى ذلك وأصر ، فلما أن رأينا ذلك منه قتلناه ومن تولاه بعد قتلنا إياه ، وهم يعرضون كتاب الله بيننا وبينهم ، ويسألونا حجتنا عليهم ، وإنما هم صادقون أو كاذبون في نيتهم ، وليس لنا عذر في إنصافهم والموادعة والكف عنهم حتى يرجعوا بتوبة أو مناصحة بعد أن نقررهم ونعرفهم ظلمهم وبغيهم ، أو يصروا فيغلبنا عليهم ما غلبنا على قائدهم فنقتلهم ، فإنما نطلب الحجة بعد العذر ، ولا عذر إلا ببينة ، ولا بينة إلا بقرآن أو سنة (1). وهم خلطاء في الدين ، ومقرون بالكتاب والنبي صلى الله عليه ، ليسوا بمنزلة أحد ممن حارب المسلمين ، أهل بغى أمر الله أن يقاتلوا حتى يفيئوا من بغيهم إلى أمر الله ، وبرئوا ببغيهم من الإيمان. قال الله عز وجل على لسان نبيه داود : ( وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ). هؤلاء منافقون ، لأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف وقتالهم عليه ، ولا تباعهم ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم. بذلك تفنى حسناتهم ، وذلك أنه كانت لهم حسنات لم تنفعهم حين عاداهم. فقبل أمير المؤمنين مناصفتهم في المنازعة عند الحكمين بالدين بأن يحكم بكتاب الله ويرد المحق والمبطل إلى أمره ، و [ ما (2) ] يرضى به ، وفيما نزل بهم أمر ليس فيه قرآن يعرفونه فالسنة الجامعة العادلة غير المفرقة ،
    __________________
    (1) في الأصل : « وسنة ».
    (2) ليست في الأصل.

    فلم يكن يسع أحدا من الفريقين ترك كتاب الله والسنة بعد قول الله عزوجل في صفة عدوه ومن يرغب عن كتابه وهو مقر بتنزيله ، حامل لميثاقه : ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ). وقال الله تعالى يعيرهم بذلك : ( أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون ). وما أولئك بالمؤمنين ، إنهم لو كانوا مؤمنين رضوا بكتابي ورسولي. ثم أنزل : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ). يعني أنهم أصابوا حقائق الإيمان والصلح. فلم يسع عليا أمير المؤمنين إلا الكف بعد توكيدهم الميثاق ، وضربهم الأجل ، والرضا بأن يحكم بينهم رجلان بكتاب الله ـ فيما تنازع فيه عباد الله ـ بما أنزل الله وسنة رسوله ، ليبلغ الشاهد الغائب منهم سبيل المحق من المبطل ، ألا يغير بمؤمن غائب برضا غوى (1) أو عم (2) غير مهتد ، فيسمى أمير المؤمنين من كل باسمه حتى يقره الكتاب (3) على منزلته.
    قال : فنادت الخوارج أيضا في كل ناحية : لا حكم إلا الله ، لا نرضى بأن تحكم الرجال في دين الله ، قد أمضى الله حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يدخلوا معنا في حكمنا عليهم ، وقد كانت منا خطيئة وزلة حين رضينا بالحكمين ، وقد تبنا إلى ربنا ورجعنا عن ذلك ، فارجع كما رجعنا ، وإلا فنحن منك براء. فقال علي : ويحكم ، بعد الرضا والعهد والميثاق أرجع؟ أو ليس الله يقول : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها
    __________________
    (1) كذا وردت هذه العبارة.
    (2) في الأصل : « عمى ».
    (3) في الأصل : « يفرده الكتاب ».

    وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ). فبرئوا من علي وشهدوا عليه بالشرك ، وبرئ علي منهم.
    نصر ، عن عمر بن سعد قال : حدثني أبو عبد الله يزيد الأودي أن رجلا منهم كان يقال له عمرو بن أوس ، قاتل مع علي يوم صفين وأسره معاوية في أسرى كثيرة ، فقال له عمرو بن العاص : اقتلهم. قال عمرو بن أوس لمعاوية : إنك خالي فلا تقتلني. فقامت إليه بنو أود (1) فقالوا : هب لنا أخانا. فقال : دعوه فلعمري لئن كان صادقا ليستغنين عن شفاعتكم ، وإن كان كاذبا فإن شفاعتكم لمن ورائه. فقال له معاوية : من أين أنا خالك؟ فما بيننا وبين أود من مصاهرة. فقال : فإذا أخبرتك فعرفت فهو أماني عندك؟ قال : نعم. قال : ألست تعلم أن أم حبيبة (2) ابنة أبي سفيان زوجة النبي صلى الله عليه هي أم المؤمنين؟ قال : بلى. قال : فأنا ابنها وأنت أخوها ، فأنت خالي. فقال معاوية : ما له لله أبوه ، ما كان (3) في هؤلاء الأسرى أحد يفصن لها غيره. وقال : خلوا سبيله.
    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن الشعبي قال : أسر علي أسرى يوم صفين ، فخلى سبيلهم فأتوا معاوية ، وقد كان عمرو بن العاص يقول لأسرى أسرهم معاوية : اقتلهم. فما شعروا إلا بأسراهم قد خلى سبيلهم علي فقال
    __________________
    (1) أود ، بالفتح. وهم من بني معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان.
    (2) أم حبيبة كنية لها. واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس. وقيل بل اسمها هند. وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية. وقد تزوجها رسول الله وهي في الحبشة ، زوجه إياها سعيد بن العاص ، وأصدقها النجاشي عن رسول الله أربعمائة. دينار ، وعمل النجاشي لذلك طعاما. وقد دخل بها الرسول قبل إسلام أبيها. وماتت بالمدينة سنة 44. انظر الإصابة ( قسم النساء ) والروض الأنف ( 2 : 368 ). وفي الأصل : « أن حبيبة » صوابه « أن أم حبيبة ».
    (3) ح ( 1 : 193 ) : « أما كان ».

    معاوية : يا عمرو ، لو أطعناك في هؤلاء الأسرى لوقعنا في قبيح من الأمر. ألا تراه (1) قد خلى سبيل أسرانا. فأمر بتخلية من في يديه من أسرى علي. وكان علي إذا أخذ أسيرا من أهل الشام خلى سبيله ، إلا أن يكون قد قتل أحدا من أصحابه فيقتله به ، فإذا خلى سبيله فإن عاد الثانية قتله ولم يخل سبيله. وكان علي لا يجهز على الجرحى (2) ولا علي من أدبر بصفين ، لمكان معاوية.
    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن الصقعب بن زهير ، عن عون بن أبي جحيفة (3) قال : أتى سليمان بن صرد عليا أمير المؤمنين بعد الصحيفة ، ووجهه مضروب بالسيف ، فلما نظر إليه علي قال : ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ). فأنت ممن ينتظر وممن لم يبدل. فقال : يا أمير المؤمنين ، أما لو وجدت أعوانا ما كتبت هذه الصحيفة أبدا. أما والله لقد مشيت في الناس ليعودوا إلى أمرهم الأول فما وجدت أحدا عنده خير إلا قليلا.
    وقام إلى علي محرز بن جريش (4) بن ضليع فقال : يا أمير المؤمنين ، ما إلى الرجوع عن هذا الكتاب سبيل ، فو الله إني لأخاف أن يورث ذلا. فقال علي : أبعد أن كتبناه ننقضه (5) ، إن هذا لا يحل. وكان محرز يدعى « مخضخضا » وذاك أنه أخذ عنزة بصفين (6) ، وأخذ معه إداوة من ماء ، فإذا وجد رجلا من أصحاب علي جريحا سقاه من الماء ، وإذا وجد رجلا من أصحاب معاوية خضخضه بالعنزة حتى يقتله.
    __________________
    (1) في الأصل : « ألا ترى ».
    (2) أجهز على الجريح : أسرع قتله. وفي اللسان : « ومنه حديث علي رضوان الله عليه : « لا يجهز علي جريحهم ». وفي الأصل : « لا يجبر » تحريف.
    (3) عون بن أبي جحيفة ، بتقديم الجيم وبهيئة التصغير ، السوائي ، بضم السين ، الكوفي. ثقة من الرابعة. مات سنه 116. تقريب التهذيب.
    (4) ح ( 1 : 193 ) : « محمد بن جريش ».
    (5) في الأصل : « أما بعد » بإقحام « ما » ، صوابه في ح.
    (6) العنزة ، بالتحريك : رميح صغير.

    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن أبي الوداك قال : لما تداعى الناس إلى الصلح بعد رفع المصاحف ـ قال ـ قال علي : إنما فعلت ما فعلت لما بدا فيكم الخور والفشل ـ هما الضعف ـ فجمع سعيد بن قيس قومه ، ثم جاء في رجراجة (1) من همدان كأنها ركن حصير (2) ـ يعني جبلا باليمن ـ فيهم عبد الرحمن (3) ، غلام له ذؤابة ، فقال سعيد : هأنذا وقومي ، لا نرادك ولا نرد عليك (4) ، فمرنا بما شئت. قال : أما لو كان هذا قبل رفع المصاحف (5) لأزلتهم عن عسكرهم أو تنفرد سالفتي قبل ذلك ، ولكن انصرفوا راشدين ، فلعمري ما كنت لأعرض قبيلة واحدة للناس.
    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن إسحاق بن يزيد ، عن الشعبي ، أن عليا قال يوم صفين حين أقر الناس بالصلح : إن هؤلاء القوم لم يكونوا ليفيئوا إلى الحق (6) ، ولا ليجيبوا إلى كلمة السواء حتى يرموا بالمناسر تتبعها العساكر ، وحتى يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب ، وحتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس ، وحتى يدعوا الخيل في نواحي أرضهم وبأحناء مساربهم ومسارحهم ، وحتى تشن عليهم الغارات من كل فج ، وحتى يلقاهم قوم صدق صبر ، لا يزيدهم هلاك من هلك من قتلاهم وموتاهم في سبيل الله إلا جدا في طاعة الله ، وحرصا على لقاء الله. ولقد كنا مع رسول الله 9 نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ومضيا
    __________________
    (1) كلمة : « في » ليست في الأصل.
    (2) حصير : حصن باليمن من أبنية ملوكهم القدماء ، عن ياقوت. وفي الأصل وح : « حصين » تحريف.
    (3) هو عبد الرحمن بن سعيد بن قيس ، كما في ح.
    (4) بدلهما في ح : « لا نرد أمرك ».
    (5) بدلها في ح : « قبل سطر الصحيفة » أي كتابتها.
    (6) ح : « لينيبوا إلى الحق » وهما بمعنى.

    على أمض الألم ، وجدا على جهاد العدو ، والاستقلال بمبارزة الأقران. ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين ، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقى صاحبه كأس المنون ، فمرة لنا من عدونا ، ومرة لعدونا منا. فلما رآنا الله صبرا صدقا أنزل الله بعدونا الكبت ، وأنزل علينا النصر. ولعمري لو كنا نأتي مثل الذين أتيتم ما قام الدين ولا عز الإسلام. وايم الله لتحلبنها دما ، فاحفظوا ما أقول لكم ـ يعني الخوارج.
    نصر ، عن عمر ، عن فضيل بن خديج قال : قيل لعلي لما كتبت الصحيفة إن الأشتر لم يرض بما في هذه الصحيفة ، ولا يرى إلا قتال القوم. فقال علي : بلى إن الأشتر ليرضى إذا رضيت ، وقد رضيت ورضيتم ، ولا يصلح الرجوع بعد الرضا ، ولا التبديل بعد الإقرار ، إلا أن يعصي الله ويتعدى ما في كتابه. وأما الذي ذكرتم من تركه أمرى وما أنا عليه فليس من أولئك ، وليس أتخوفه على ذلك (1) ، وليت فيكم مثله اثنين ، بل ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوه مثل رأيه ، إذن لخفت على مؤونتكم ورجوت أن يستقيم لي بعض أودكم. وأما القضية فقد استوثقنا لكم فيها ، فقد طمعت ألا تضلوا إن شاء الله رب العالمين. وكان الكتاب في صفر ، والأجل في شهر رمضان لثمانية أشهر يلتقى الحكمان.
    ثم إن الناس أقبلوا على قتلاهم يدفنونهم. قال : وكان عمر بن الخطاب دعا حابس بن سعد الطائي فقال له : إني أريد أن أوليك قضاء حمص فكيف أنت صانع. قال : أجتهد رأيي ، وأستشير جلسائي. فانطلق فلم يمض إلا يسيرا حتى رجع فقال : يا أمير المؤمنين ، إني رأيت رؤيا أحببت أن أقصها عليك. قال : هاتها. قال : رأيت كأن الشمس أقبلت من المشرق ومعها جمع عظيم ،
    __________________
    (1) ح : « ولا أعرفه على ذلك ».

    وكأن القمر أقبل من المغرب ومعه جمع عظيم ، فقال له عمر : مع أيهما كنت؟ قال : كنت مع القمر. قال عمر : كنت مع الآية الممحوة ، [ اذهب ، ف‍ ] لا والله لا تعمل لي عملا. فرده فشهد مع معاوية صفين وكانت راية طيئ (1) معه ، فقتل يومئذ فمر به عدي بن حاتم ، ومعه ابنه زيد بن عدي فرآه قتيلا فقال : يا أبه ، هذا والله خالي. قال : نعم ، لعن الله خالك فبئس والله المصرع مصرعه. فوقف زيد فقال : من قتل هذا الرجل ـ مرارا ـ فخرج إليه رجل من بكر بن وائل طوال يخضب ، فقال : أنا والله قتلته. قال له : كيف صنعت به (2). فجعل يخبره ، فطعنه زيد بالرمح فقتله ، وذلك بعد أن وضعت الحرب أوزارها. فحمل عليه عدي يسبه ويسب أمه ويقول : يا ابن المائقة ، لست على دين محمد إن لم أدفعك إليهم. فضرب [ زيد ] فرسه فلحق بمعاوية ، فأكرمه معاوية وحمله وأدنى مجلسه ، فرفع عدي يديه فدعا عليه فقال : اللهم إن زيدا قد فارق المسلمين ، ولحق بالمحلين (3) اللهم فارمه بسهم من سهامك لا يشوى (4) ـ أو قال : لا يخطئ ـ فإن رميتك لا تنمي (5) ، لا والله لا أكلمه من رأسي (6) كلمة أبدا ، ولا يظلني وإياه سقف بيت أبدا. قال وقال زيد في قتل البكري :
    من مبلغ أبناء طي بأنني
    ثأرت بخالي ثم لم أتأثـم

    __________________
    (1) في الأصل : « راية علي » صوابه في ح ( 1 : 194 ).
    (2) في الأصل : « له » وأثبت ما في ح.
    (3) ح : « بالملحدين ».
    (4) أشوى : رمى فأصاب الشوى ـ وهي الأطراف ـ ولم يصب المقتل.
    (5) الإنماء : أن ترمى الصيد فيغيب عنك فيموت. والإصماء : أن ترميه فتقتله على المكان بعينه قبل أن يغيب عنه. وفي حديث ابن عباس : « كل ما أصميت ودع ما أنميت » وفي قول امرئ القيس :
    فهو لا تنمى رميته
    ماله لا عد مـن نفره

    وفي الأصل : « لا تمنى » تحريف. وهذه العبارة ليست في ح.
    (6) في الأصل : « رأس » صوابه في ح ( 1 : 194 ).


    تركت أخا بكر ينوء بصدره
    بصفين مخضوب (1) الجيوب من الدم

    وذكرني ثأري غـداة رأيته
    فأوجرته رمحي فخـر على الفم

    لقد غادرت أرماح بكر بن وائل
    قتيلا عن الأهوال ليس بمحجـم

    قتيلا يظل الحي يثنـون بعده
    عليه بأيد من نداه وأنعم

    لقد فجعت طي بحلم ونائل
    وصاحب غارات ونهـب مقسـم

    لقد كان خالي ليس خال كمثله
    دفاعا لضيم واحتمالا لمغرم (2)

    قال : ولما لحق زيد بن عدي بمعاوية تكلم رجال من أهل العراق في عدي بن حاتم ، وطعنوا في أمره ، وكان عدي سيد الناس مع علي في نصيحته وغنائه ، فقام إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين ، أما عصم الله رسوله من حديث النفس والوساوس وأماني الشيطان بالوحي؟ وليس هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه. وقد أنزل في عائشة وأهل الإفك. والنبي صلى الله عليه خير منك ، وعائشة يومئذ خير مني. وقد قربني زيد للظن وعرضني للتهمة. غير أني إذا ذكرت مكانك من الله ومكاني منك ارتفع حناني (3) ، وطال نفسي. ووالله أن لو وجذت زيدا لقتلته ، ولو هلك ما حزنت عليه. فأثنى عليه علي خيرا. وقال عدي في ذلك :
    يا زيد قد عصبتني بمصابة
    وما كنت للثوب المدنس لابسا

    فليتك لم تخلق وكنت كمن مضى
    وليتك إذ لم تمض لم تـر حابسا

    ألا زاد أعداء وعق ابن حاتم
    أباه وأمسى بالفريقين ناكسـا

    وحامت عليه مذحـج دون مذحج
    وأصبحت للأعداء ساقا ممارسـا

    __________________
    (1) ح ( 1 : 195 ) : « مخضوب الجبين ».
    (2) المغرم : ما يلزم أداؤه من حمالة وغيرها. وفي الأصل : « لمعدم » صوابه في ح.
    (3) أراد ذهب حناني. وفي الأصل : « أرانسع حناني ».


    نكصت على العقبين يا زيد ردة
    وأصبحت قد جدعت منا المعاطسا

    قتلت امرأ من آل بكر بحابـس
    فأصبحت مما كنت آمل آيسا

    نصر عن عمرو بن شمر ، عن إسماعيل السدي قال : حدثني نويرة بن خالد الحارثي ، أن ابن عمه النجاشي قال في وقعة صفين ـ رواه نصر قال : رواه أيضا عن عمر بن سعد بإسناده ـ :
    ونجى ابن حرب سابح ذو علالة
    أجش هزيم والرماح دوانـي

    سليم الشظاعبل الشوى شنج النسـا
    أقب الحشا مستطلع الرديـان

    إذا قلت أطراف العـوالي ينلنه (1)
    مرته به الساقان والقدمان

    حسبتم طعان الاشعرين ومذحج
    وهمدان أكل الزبـد بالصرفان (2)

    فما قتلت عك ولخم وحمير
    وعيلان إلا يوم حرب عوانرررر

    وما دفنت قتلـى قريش وعامر
    بصفين حتى حكـم الحكمان

    غشيناهم يوم الهرير بعصبـة
    يمانية كالسيل سيل عـران (3)

    __________________
    (1) في كتاب الخيل لأبي عبيدة ص 162 : « تناله ». وبعض أبيات هذه القصيدة فيه ، وهي على هذا الترتيب : 1 ، 3 ، 2 ، 30 ثم بيتان آخران ، وهما :
    من الأعوجيات الطوال كأنـه
    على شـرف التقريب شاة إران

    أجش هزيم مقبل مدبر معـا
    كتيس ظبـاء الحلب الغذوان

    وروى ابن الشجري في حماسته ص 33 قبل الأبيات :
    أيا راكبا إما عرضت فبلغـن
    تميمـا وهذا الحي من غطفان

    فما لكم لو لم تكونوا فخرتـم
    بإدراك مسعـاة الكرام يدان

    وكنتم كذي رجلين رجل سويـة
    ورجل بهـا ريب من الحدثان

    فأما التي شلت فأزد شنـوءة
    وأما الثي صحـت فأزاد عمان

    (2) الصرفان ، بالتحريك : ضرب من التمر أخمر مثل البرني إلا أنه صلب الممضغة علك ، لواحدة صرفانة. وفي الاصل : « حسبت » صوابه من اللسان ( صرف ). وفي حماسة ابن الشجري : « أخلتم ». ونحوه قول عمران الكلي :
    أكنتم حسبتـم ضربنا وجلادنا
    على الحجـر أكل الزيد بالصرفان

    (3) عران ، بالكسر : موضع قرب اليمامة.


    فأصبح أهل الشام قد رفعوا القنـا
    عليها كتـاب الله خير قران

    ونادوا : عليا ، يا ابن عم محمـد
    أما تتقـى أن يهلك الثقلان

    فمن للذراري بعدها ونسائنـا
    ومـن للحريـم أيهـا الفتيان

    أبكي عبيدا إذ ينوء بصدره (1)
    غداة الوغى يوم التقى الجبلان

    وبتنا نبكي ذا الكلاع وحوشبا
    إذا ما أني أن يذكـر القمران (2)

    ومالك واللجلاج والصخر والفتى
    محمد قد ذلت له الصدفـان (3)

    فلا تبعـدوا لقاكم الله حبرة
    وبشركـم من نصـره بجنـان (4)

    وما زال من همدان خيل تدوسهم
    سمان وأخرى غير جـد سمان

    فقاموا ثلاثا يأكل الطير منهم
    على غير نصف والأنوف دوان

    وما ظن أولاد الإماء بنو استهـا
    بكل فتى رخو النجاد يمان

    فمن ير خيلينا غداة تلاقيا
    يقـل جبلا جيلان ينتطحـان (5)

    كأنهما نار ان في جوف غمـرة
    بلا حطـب حد الضحى تقـدان

    وعارضـة براقة صوبها دم
    تكشف عن برق لها الافقـان

    تجود إذا جادت وتجلو إذا انجلت
    بلبـس ولا يحمـا لهـا كربان (6)

    قتلنا وأبقينا وما كـل ما ترى
    بكـف المـذرى يأكـل الرحيـان

    وفرت ثقيف فرق الله جمعها
    إلى جبل الزيتون والقطران

    كأني أراهم يطرحون ثيابهـم
    مـن الروع ، والخيـلان يطـردان

    __________________
    (1) في الاصل : « أبعد عبيد الله ينوء ». والوزن والمعنى فاسدان.
    (2) أني : حان وقته. وفي الاصل : « إذا ما أشا ».
    (3) الصدفان ، بضمتين : ناحيتا الشعب أو الوادي ، ويقال لجانبي الجبل إذا تحاذيا صدفان وصدفان ، بضمتين وبفتحتين.
    (4) الحبرة ، بالفتح : السرور. وفي الاصل : « خيره ».
    (5) جيلان : قرى من وراء طبرستان في مروج بين جبال.
    (6) كذا ورد هذا الشطر.


    فيا حزنا ألا أكون شهدتهم
    فأدهن من شحم العبيد سناني (1)

    وأما بنو نصر ففـر شريدهم
    إلى الصلتان الخور والعجلان

    وفرت تميم سعدها وربابها
    إلى حيث يضفـو الحمض والشبهان (2)

    فأضحى ضحى من ذي صباح كأنه
    وإياه رامـا حفرة قلقان (3)

    إذا ابتل بالماء الحميم رأيتـه
    كقادمـة الشـؤبوب ذي النفيان (4)

    كأن جنابـي سرجه ولجامه
    إذا ابتل ثوبا ماتح خضـلان (5)

    جزاه بنعمى كـان قدمها له
    وكان لدى الاسطبل غير مهان

    فرد عليه ابن مقبل العامري :
    تأمل خليلي هل ترى من ظعائـن
    تحملن بالجرعاء فوق ظعان

    على كل حياد اليدين مشهر
    يمد بـذفرى درة وجران

    فصبحن من ماء الوحيدين نقرة
    بميزان رعـم إذ بدا ضـدوان (6)

    __________________
    (1) في الأصل : « من شحم الثمار » وأثبت ما في حماسة ابن الشجري.
    (2) يضفو : يكثر ويطول. وفي الأصل : « يصفو ». والشبهان : ضرب من العضاه. وفي البيت إقواء.
    (3) ذو صباح ، بضم الصاد : موضع. والرام : ضرب من الشجر.
    (4) الشؤبوب : الدفعة من المطر. ونفيان السيل : ما فاض من مجتمعه. وفي الأصل : « كقادمتي الشؤبوب ذي نفيان ».
    (5) الماتح : المستقى من البئر. وفي الأصل : « ثوبا أنجد » ولا وجه له ، وأثبت ما في كتاب الخيل لابي عبيدة ص 162.
    (6) الوحيدان : ماءان في بلاد قيس. والنقرة : الموضع يجتمع فيه الماء. ورعم ، بالفتح : اسم جبل في ديار بجيلة. بميزانه ، أي بما يوازنه ، كما فسر ياقوت في ( رعم ). وضدوان : جبلان. وقد ورد البيت محرفا :
    فأصبح من ماء الوحيدين فقره
    بميزان زعم قد بدا ضدوان

    وصوابه من معجم البلدان ( رعم ، ضدوان ، الوحيدان ).


    وأصبحن لم يبركن في ليلة السرى
    من السوق إلا عقبة الدبران (1)

    وعرسن والشعري تغور (2) كأنهـا
    شهاب غضا يرمى بـه الرجوانر

    فهل يبلغني أهل دهماء حرة
    وأعيس نضاح القفا مرجان (3)

    __________________
    (1) الدبران : نجم من منازل القمر. وعقبته : نزول القمر به في كل شهر مرة.
    (2) في الأصل : « في الشعري ».
    (3) دهماء : موضع في بلاد مزينة من نواحي المدينة ، يقال له دهماء مرضوض. حرة ، عنى بها الناقة الكريمة. والأعيس : ما فيه أدمة من الإبل ، والأنثى عيساء. وفي الأصل : « أغبس » تحريف. وفي الأصل أيضا : « نضاح القرى » ولا وجه له. أراد أنه ينضح ذفراه بالعرق ، والذفري من القفا هو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن. والمرج ، بالتحريك : الذي يخلى في المرعى يذهب حيث شاء.

    مقدم علي من صفين إلى الكوفة
    نصر ، عن عمر ، عن عبد الرحمن بن جندب قال : لما أقبل علي من صفين أقبلنا معه ، فأخذ طريقا غير طريقنا الذي أقبلنا فيه ، فقال علي : « آئبون عائدون ، لربنا حامدون. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في المال والأهل ». قال : ثم أخذ بنا طريق البر على شاطئ الفرات حتى انتهينا إلى هيت وأخذنا علي صندودا (1) فخرج الأنماريون بنو سعيد ابن حزيم (2) واستقبلوا عليا فعرضوا عليه النزل فلم يقبل ، فبات بها ، ثم غدا وأقبلنا معه حتى جزنا النخيلة ورأينا بيوت الكوفة ، فإذا نحن بشيخ جالس في ظل بيت علي وجهه أثر المرض ، فأقبل إليه علي ونحن معه حتى سلم عليه وسلمنا عليه. قال : فرد ردا حسنا ظننا أن قد عرفه ، فقال له علي : مالي أرى وجهك منكفتا (3) ، أمن مرض؟ قال : نعم. قال : فلعلك كرهته. فقال : ما أحب أنه بغيري (4). قال : أليس احتسابا للخير (5) فيما أصابك منه؟ قال : بلى. قال : أبشر برحمة ربك وغفران ذنبك ، من أنت يا عبد الله؟ قال : بلى. قال : أنا صالح بن سليم. قال : ممن أنت؟ قال : أما الأصل فمن سلامان بن طي ، وأما الجوار والدعوة فمن بني سليم بن منصور. قال : سبحان الله ، ما أحسن
    __________________
    (1) صندوداء ، ضبطت في معجم ياقوت بفتح الصاد وسكون النون وفتح الدل ، مع المد. وهي بلدة في الطريق ما بين الشام والعراق.
    (2) كذا. وفي الطبري ( 6 : 33 ) : « الأنصاريون بنو سعد بن حرام ».
    (3) الطبري : « منكفئا » وهما بمعنى ، أي متغيرا.
    (4) في الأصل : « يعترى » صوابه من الطبري.
    (5) في الأصل : « احتساب بالخير » صوابه من الطبري.

    اسمك واسم أبيك ادعيائك (1) واسم من اعتزيت إليه ، هل شهدت معنا غزاتنا هذه؟ قال : لا والله ما شهدتها ، ولقد أردتها ، ولكن ما ترى بي من لحب الحمى (2) خذلني عنها قال علي : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ). أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا وبين أهل الشام؟ قال : منهم المسرور فيما كان بينك وبينهم ، وأولئك أغشاء (3) الناس ، ومنهم المكبوت الآسف لما كان من ذلك ، وأولئك نصحاء الناس لك. فذهب لينصرف فقال : صدقت ، جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك ، فإن المرض لا أجر فيه ، ولكن لا يدع للعبد ذنبا إلا حطه. إنما الأجر في القول باللسان ، والعمل باليد والرجل ، وإن الله عزوجل يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة [ عالما جما (4) ] من عباده الجنة.
    ثم مضى غير بعيد فلقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري ، فدنا منه وسأله فقال : ما سمعت الناس يقولون في أمرنا هذا؟ قال : منهم المعجب به ، ومنهم الكاره له. والناس كما قال الله تعالى : ( ولا يزالون مختلفين ). فقال له : فما يقول ذوو الرأي؟ قال : يقولون : إن عليا كان له جمع عظيم ففرقه ، وحصن حصين فهدمه ، فحتى متى يبني مثل ما قد هدم ، وحتى متى يجمع مثل ما قد فرق. فلو أنه كان مضى بمن أطاعه إذا عصاه من عصاه ، فقاتل حتى يظهره الله أو يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم. فقال علي : أنا هدمت أم هم
    __________________
    (1) أصل الدعى المنسوب إلى غير أبيه ، وأراد بالأدعياء الأحلاف ، من الدعوة وهي الحلف. يقال دعوة فلان في بني فلان. وفي الأصل : « أعدادك » صوابه من الطبري.
    (2) لحب الحمى : إنحالها الجسم ، ويقال لحب الرجل ، بالكسر ، إذا أنحله الكبر
    (3) في الأصل : « أغنياء الناس » صوابه من الطبري. وهو في مقابل النصحاء.
    (4) هذه التكملة من الطبري (6 : 34).

    هدموا ، أم أنا فرقت أم هم فرقوا (1)؟ وأما قولهم لو أنه مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم فو الله ما غبى عني ذلك الرأي (2) ، وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا (3) ، طيب النفس بالموت. ولقد هممت بالإقدام [ على القوم (1) ] ، فنظرت إلى هذين [ قد ابتدراني ـ يعني الحسن والحسين ـ ونظرت إلى هذين (4) ] قد استقدماني ـ [ يعني عبد الله بن جعفر ومحمد بن علي (4) ] ـ فعلمت أن هذين إن هلكا انقطع نسل محمد من هذه الأمة ، فكرهت ذلك. وأشفقت على هذين أن يهلكا ، وقد علمت (5) أن لولا مكاني لم يستقدما ـ يعني محمد بن علي وعبد الله بن جعفر ـ (6) وايم الله لئن لقيتهم بعد يومي لألقينهم (7) وليس هما معي في عسكر ولا دار.
    قال : ثم مضى حتى جزنا دور بني عوف ، فإذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية ، فقال أمير المؤمنين : ما هذه القبور؟ فقال له قدامة بن عجلان الأزدي : يا أمير المؤمنين ، إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك ، فأوصى أن يدفن في الظهر (Cool ، وكان الناس [ إنما (9) ] يدفنون في دورهم وأفنيتهم ، فدفن الناس إلى جنبه. فقال علي : رحم الله خبابا ، قد أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، وابتلى في جسده أحوالا ، ولن يضيع الله أجر
    __________________
    (1) في الأصل : « تفرقوا » والوجه ما أثبت من الطبري.
    (2) غبى عنه : لم يفطن له. وفي الأصل : « ما غنى عن ذلك الرأي » وفي الطبري : « غبى عن رأيي ذلك » ووجههما ما أثبت.
    (3) في الأصل : « لسخى النفس بالدنيا » صوابه من الطبري.
    (4) التكملة من الطبري.
    (5) في الأصل : « ولو علمت » صوابه من الطبري.
    (6) في الأصل : « يعني بذلك ابنيه الحسن والحسين » صوابه من الطبري.
    (7) في الأصل : « لقيتهم » وأثبت ما في الطبري.
    (Cool الظهر من الأرض : ما غلظ وارتفع.
    (9) هذه من الطبري.

    من أحسن عملا. فجاء حتى وقف عليهم ثم قال : عليكم السلام يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة ، من المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، وأنتم لنا سلف وفرط ، ونحن لكم تبع ، وبكم عما قليل لاحقون. اللهم اغفر لنا ولهم ، وتجاوز عنا وعنهم. ثم قال : الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا (1) ، أحياء وأمواتا ، الحمد لله الذي جعل منها خلقنا ، وفيها يعيدنا ، وعليها يحشرنا. طوبى لمن ذكر المعاد ، وعمل للحساب ، وقنع بالكفاف ، ورضى عن الله بذلك. ثم أقبل حتى دخل سكة الثوريين فقال : خشوا بين هذه الأبيات (2)
    نصر ، عن عمر قال : حدثني عبد الله بن عاصم القائشي ، قال : لما مر علي بالثوريين ـ يعني ثور همدان ـ سمع البكاء فقال : ما هذه الأصوات؟ قيل : هذا البكاء على من قتل بصفين. فقال : أما إني أشهد لمن قتل منهم صابرا محتسبا بالشهادة. ثم مر بالفائشيين فسمع الأصوات فقال مثل ذلك ، ثم مر بالشباميين فسمع رنة شديدة وصوتا مرتفعا عاليا ، فخرج إليه حرب ابن شرحبيل الشبامي (3) فقال علي : أيغلبكم نساؤكم ، ألا تنهونهن عن هذا الصياح والرنين؟ قال : يا أمير المؤمنين ، لو كانت دارا أو دارين أو ثلاثا قدرنا على ذلك ، ولكن من هذا الحي ثمانون ومائة قتيل ، فليس من دار إلا
    __________________
    (1) الكفات ، بالكسر : الموضع الذي يضم فيه الشئ يقبض. وظهر الأرض كفات للأحياء ، وبطنها كفات للأموات. وفي الكتاب العزيز : ( ألم نجعل الأرض كفاتا. أحياء وأمواتا ).
    (2) خشوا : ادخلوا ، خش في الشيء : دخل. وفي الأصل : « حشوا » تحريف. وكلمة « بين » ليست في الأصل ، وصوابه وتكملته من الطبري ، وعبارته : « خشوا ادخلوا بين هذه الأبيات ».
    (3) الشبامي : نسبة إلى شبام ، بالكسر ، وهم حي من همدان. وفي الأصل : « حارب بن شرحبيل الشامي » تحريف.

    وفيها بكاء ، أما نحن معشر الرجال فإنا لا نبكي ، ولكن نفرح لهم [ ألا نفرح لهم (1) ] بالشهادة؟! فقال علي : رحم الله قتلاكم وموتاكم. وأقبل يمشي معه وعلي راكب ، فقال له علي : ارجع. ووقف ثم قال له : ارجع ، فإن مشى مثلك فتنة للوالي ومذلة للمؤمنين. ثم مضى حتى مر بالناعطيين (2) فسمع رجلا منهم يقال له عبد الرحمن بن مرثد (3) ، فقال : ما صنع علي والله شيئا ، ذهب ثم انصرف في غير شيء. فلما نظر أمير المؤمنين أبلس (4) فقال علي : وجوه قوم ما رأوا الشام العام. ثم قال لأصحابه : قوم فارقتهم آنفا خير من هؤلاء. ثم قال :
    أخوك الذي إن أحرضتـك ملمة
    من الدهر لم يبرح لبثك واجما (5)

    وليس أخوك بالـذي إن تمنعت
    عليك أمور ظل يلحاك لائما (6)

    ثم مضى ، فلم يزل يذكر الله حتى دخل الكوفة (7).
    قال نصر : وفي حديث عمرو بن شمر قال : لما صدر علي من صفين. أنشأ يقول (Cool :
    وكم قد تركنا في دمشق وأرضها
    من أشمط موتور وشمطاء ثاكل

    __________________
    (1) التكملة من الطبري.
    (2) الناعطيون ، بالنون : حي من همدان ، نسبة إلى جبل لهم يسمى « ناعط ». الاشتقاق 251 ومعجم البلدان. وفي الأصل : « الباعطيين » تحريف ، وهو على الصواب الذي أثبت في الطبري.
    (3) الطبري : « عبد الرحمن بن يزيد ، من بني عبيد من الناعطيين ».
    (4) الطبري : « فلما نظروا إلى علي أبلسوا ». والإبلاس : أن تنقطع به الحجة ويسكت.
    (5) أحرضه : أفسده وأشفى به على الهلاك. الطبري : « أجرضتك » ، أي أغصتك.
    (6) الطبري : « إن تشعيت ».
    (7) الطبري : « القصر ».
    (Cool سبقت هذه الأبيات في ص 492 ـ 493.


    وغانية صاد الرماح حليلها
    فأضحت تعد اليوم إحدى الأرامل

    تبكي على بعل لها راح غاديا
    فليس إلى يوم الحساب بقافل

    وإنا أناس ما تصيب رماحنـا
    إذا ما طعنا القوم غيـر المقاتل

    قال : وفي حديث يوسف قال : وقال أبو محمد نافع بن الأسود التميمي (1) :
    ألا أبلغا عنـي عليا تحية
    فقد قبل الصماء لما استقلـت

    بني قبة الإسلام بعد انهدامها
    فقامت عليه قصرة فاستقرت

    كأن نبيا جاءنا بعد هدمها
    بما سن فيها بعد ما قـد أبرت

    قال : لما (2) بعث علي أبا موسى لدى يوم الحكمين.
    نصر : عمر بن سعد ، عن مجالد (3) ، عن الشعبي ، عن زياد بن النضر أن عليا بعث أربعمائة رجل ، وبعث عليهم شريح بن هانئ الحارثي ، وبعث عبد الله بن عباس يصلي بهم ويلي أمورهم ، وأبو موسى الأشعري معهم. وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة رجل. قال : فكان إذا كتب علي بشيء أتاه أهل الكوفة فقالوا : ما الذي كتب به إليك أمير المؤمنين؟ فيكتمهم فيقولون له : كتمتنا ما كتب به إليك ، إنما كتب في كذا وكذا ثم يجيء رسول معاوية إلى عمرو بن العاص فلا يدري في أي شيء جاء ولا في أي شيء ذهب ، ولا يسمعون حول صاحبهم لغطا. فأنب ابن عباس أهل الكوفة بذاك وقال : إذا جاء رسول قلتم بأي شيء جاء ، فإن كتمكم قلتم لم
    __________________
    (1) سبقت ترجمته في 492. وفي الأصل : « أبو مجيد » تحريف سلف نظيره. والأبيات التالية تقدمت روايتها في ص 492.
    (2) في الأصل : « ولما » وأرى الكلام تعقيبا على الشعر.
    (3) هو مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي ، توفى سنة 144. وفي الأصل : « عمر بن سعد بن مجالد » تحريف.

    تكتمنا؟ جاء بكذا وكذا. فلا تزالون توقفون وتقاربون حتى تصيبوا ، فليس لكم سر. ثم إنهم خلوا بين الحكمين فكان رأي عبد الله بن قيس أبو موسى في ابن عمر. وكان يقول : والله أن لو استطعت لأحيين سنة عمر.
    قال نصر : وفي حديث محمد بن عبيدالله ، عن الجرجاني قال : لما أراد أبو موسى المسير قام شريح فأخذ بيد أبي موسى فقال : يا أبا موسى ، إنك قد نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه ، ولا يستقال فتقه (1) ، ومهما تقل شيئا لك أو عليك يثبت حقه وير صحته وإن كان باطلا (2) ، وإنه لا بقاء لأهل العراق إن ملكها معاوية ، ولا بأس على أهل الشام إن ملكها علي. وقد كانت منك تثبيطة أيام قدمت الكوفة ، فإن تشفعها بمثلها يكن الظن بك يقينا ، والرجاء منك يأسا. وقال شريح في ذلك :
    أبا موسى رميت بشر خصم
    فلا تضع العراق. فدتك نفسي

    وأعط الحق شامهم وخذه
    فإن اليوم في مهل كأمس

    وإن غدا يجيء بما عليـه
    يدور الأمر من سعد ونحـس

    ولا يخدعك عمرو ، إن عمـرا
    عـدو الله ، مطلع كـل شمـس

    له خـدع يحار العقل فيهـا
    مموهة مزخرفة بلبس

    فلا تجعل معاوية بن حـرب
    كشيخ في الحوادث غير نكـس

    هداه الله للإسلام فردا
    سـوى بنـت النبي ، وأي عـرس

    ـ في غير كتاب ابن عقبة : « سوى عرس النبي وأي عرس » ـ
    فقال أبو موسى : ما ينبغي لقوم اتهموني أن يرسلوني لأدفع عنهم باطلا
    __________________
    (1) ح ( 1 : 195 ) : « ولا تستقال فتنته ».
    (2) في الأصل : « ثبت حقه ويزول باطله » والوجه ما أثبت من ح.

    أو أجر إليهم حقا. وكان النجاشي بن الحارث بن كعب صديقا لأبي موسى ، فبعث إليه :
    يؤمل أهل الشام عمرا وإنني
    لآمل عبد الله عند الحقائق

    وإن أبا موسى ، سيدرك حقنا
    إذاما رمى عمرا بإحدى الصـواعق (1)

    وحققه حتى يدر وريده
    ونحن على ذاكم كأحنـق حانق

    على أن عمرا لا يشق غباره
    إذا ما جرى بالجهد أهل السوابـق

    فلله ما يرمى العراق وأهله
    به منه إن لم يرمـه بالبوائق (2)

    فقال أبو موسى : والله إني لأرجو أن ينجلي هذا الأمر وأنا فيه على رضا الله.
    [ قال نصر ] : وإن شريح بن هانئ جهز أبا موسى جهازا حسنا وعظم أمره في الناس ، ليشرف أبا موسى في قومه ، فقال الشنى في ذلك لشريح :
    زففت ابن قيس زفاف العـروس
    شريح إلى دومة الجندل

    وفي زفك الأشعري البلاء
    وما يقض من حادث ينزل

    وما الأشعري بذي إربة
    ولا صاحب الخطبة الفيصل (3)

    ولا آخذا حظ أهل العـراق
    ولو قيل ها خذه لم يفعل

    يحاول عمرا وعمرو له
    خدائع يأتي بها مـن علي (4)

    فإن يحكما بالهدى يتبعا
    وإن يحكما بالهوى الأميل

    يكونا كتيسين في قفرة
    أكيلي نقيف من الحنظل (5)

    __________________
    (1) ح ( 1 : 196 ) : « البوائق ».
    (2) ح : « بالصواعق ».
    (3) ح : « صاحب الخطة ».
    (4) من على ، بياء ساكنة : من أعلى ، وهي إحدى لغات عل.
    (5) التيس ، هنا : الذكر من الظباء. والنقيف : المنقوف ، الذي يكسر ليستخرج حبه.

    وقال شريح بن هانئ : والله لقد تعجلت رجال مساءتنا في أبي موسى ، وطعنوا عليه بسوء الظن (1) وما الله عاصمه منه (2) ، إن شاء الله.
    وسار مع عمرو بن العاص شرحبيل بن السمط الكندي في خيل عظيمة ، حتى إذا أمن عليه خيل أهل العراق ودعه ثم قال : يا عمرو ، إنك رجل قريش ، وإن معاوية لم يبعثك إلا ثقة بك ، وإنك لن تؤتى من عجز ولا مكيدة ، وقد عرفت أن وطأت (3) هذا الأمر لك ولصاحبك ، فكن عند ظننا بك. ثم انصرف ، وانصرف شريح بن هانئ حين أمن أهل الشام علي أبي موسى ، وودعه هو ووجوه الناس.
    وكان آخر من ودع أبا موسى الأحنف بن قيس ، أخذ بيده ثم قال له : « يا أبا موسى ، اعرف خطب هذا الأمر ، واعلم أن له ما بعده ، وأنك إن أضعت العراق فلا عراق. فاتق الله فإنها تجمع لك دنياك وآخرتك ، وإذا لقيت عمرا غدا فلا تبدأه بالسلام ، فإنها وإن كانت سنة إلا أنه ليس من أهلها ، ولا تعطه يدك (4) فإنها أمانة وإياك أن يقعدك على صدر الفراش فإنها خدعة. ولا تلقه وحده ، واحذر أن يكلمك في بيت فيه مخدع تخبأ فيه الرجال والشهود ». ثم أراد أن يبور (5) ما في نفسه لعلي فقال له : « فإن لم يستقم لك عمرو على الرضا بعلي فخيره أن يختار أهل العراق من قريش الشام من شاءوا ، فإنهم يولونا الخيار فنختار من نريد. وإن أبوا فليختر أهل الشام من قريش العراق
    __________________
    (1) ح : « بأسوأ الطعن ».
    (2) أي وبما الله عاصمه منه.
    (3) ح ( 1 : 196 ) : « أني وطأت ».
    (4) في الأصل : « بيدك » وأثبت ما في ح.
    (5) ح : « يبلو » ، وهما بمعنى.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:46 am

    من شاءوا ، فإن فعلوا كان الأمر فينا ». قال أبو موسى : قد سمعت ما قلت : ولم يتحاش لقول الأحنف.
    قال : فرجع الأحنف فأتى عليا فقال : يا أمير المؤمنين ، أخرج والله أبو موسى زبدة سقائه في أول مخضه ، لا أرانا إلا بعثنا رجلا لا ينكر خلعك. فقال علي : يا أحنف ، إن الله غالب على أمره. قال : فمن ذلك نجزع يا أمير المؤمنين. وفشا أمر الأحنف وأبي موسى في الناس ، فجهز الشنى راكبا فتبع به أبا موسى بهذه الأبيات :
    أبا موسى جزاك الله خيرا
    عراقك إن حظك في العراق

    وإن الشام قد نصبـوا إمامـا
    من الأحزاب معروف النفـاق

    وإنا لا نـزال لهم عدوا
    أبا موسى إلى يوم التلاقي

    فلا تجعل معاوية بن حرب
    إماما ما مشت قدم بساق

    ولا يخدعك عمرو إن عمـرا
    أبا موسى تحاماه الرواقي (1)

    فكن منه على حذر وأنهـج
    طريقك لا تزل بك المراقي

    ستلقاه أبا موسى مليا
    بمر القول من حق الخنـاق

    ولا تحكم بأن سوى علـي
    إماما إن هذا الشر بـاق

    قال : وبعث الصلتان العبدي (2) وهو بالكوفة بأبيات إلى دومة الجندل :
    لعمرك لا ألفي مدى الدهر خالعا
    عليا بقول الأشعري ولا عمرو

    فإن يحكما بالحق نقبله منهما
    وإلا أثرناها كراغية البكـر (3)

    __________________
    (1) عني أنه حية يعجز الراقون عن استخراجها بالرقي لخبثها.
    (2) هو قثم بن خبية ، أحد بني محارب بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس. انظر خزانة الأدب ( 1 : 308 بولاق ).
    (3) انظر ما سبق في نهاية ص 45.


    ولسنا نقول الدهر ذاك إليهما
    وفي ذاك لو قلناه قاصمة الظهر

    ولكن نقول الأمر والنهى كله (1)
    إليه ، وفي كفيه عاقبة الأمر

    وما اليوم إلا مثل أمـس وإننا
    لفي وشل الضحضاح أو لجـة البحر (2)

    فلما سمع الناس قول الصلتان شحذهم ذلك على أبي موسى ، واستبطأه القوم وظنوا به الظنون. وأطبق الرجلان بدومة الجندل لا يقولان شيئا.
    وكان سعد بن أبي وقاص قد اعتزل عليا ومعاوية ، فنزل علي ماء لبني سليم بأرض البادية يتشوف الأخبار ، وكان رجلا له بأس ورأي [ ومكان ] في قريش ، ولم يكن له في علي ولا معاوية هوى ، فأقبل راكب يوضع من بعيد فإذا هو بابنه عمر بن سعد ، [ فقال له أبوه : مهيم (3) ]. فقال : يا أبي ، التقى الناس بصفين فكان بينهم ما قد بلغك ، حتى تفانوا ، ثم حكموا الحكمين : عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص ، وقد حضر ناس من قريش عندهما ، وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه ومن أهل الشورى ، ومن قال له رسول الله : « اتقوا دعواته » ، ولم تدخل في شيء مما تكره هذه الأمة (4) ، فاحضر دومة الجندل فإنك صاحبها غدا. فقال : مهلا يا عمر ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول : « يكون من بعدي فتنة خير الناس فيها الخفي التقى ». وهذا أمر لم أشهد أوله فلا أشهد آخره (5) ، ولو كنت غامسا يدي في هذا الأمر لغمستها مع علي. قد رأيت القوم حملوني على حد السيف فاخترته على النار. فأقم عند أبيك ليلتك هذه. فراجعه حتى طمع في الشيخ. فلما جنه
    __________________
    (1) في الأصل : « الأمر بالحق كله » وأثبت ما في ح ( 1 : 197 ).
    (2) الوشل : الماء القليل. وفي الأصل : « رهق الضحضاح » صوابه في ح.
    (3) مهيم : كلمة يمانية ، معناه ما أمرك وما شأنك.
    (4) في الأصل : « ما تكن هذه الأمة » صوابه في ح.
    (5) في الأصل : « ولن أشهد آخره » والوجه ما أثبت من ح.

    الليل رفع صوته ليسمع ابنه (1) فقال :
    دعـوت أبـاك اليوم والله لِلَّذِى
    دعاني إليه القوم والأمر مقبل

    فقلت لهم : للموت أهون جرعة
    من النار فاستبقوا أخاكم أو اقتـلوا

    فكفوا وقالوا إن سعد بن مالـك
    مزخرف جهل والمجهل أجهل

    فلما رأيت الأمر قد جد جده
    وكاشفنا يوم اغر محجل

    هربت بديني والحوادث جمـة
    وفي الأرض أمن واسـع ومعول

    فقلت معاذ الله من شر فتنة
    لها آخـر لا يستقال وأول

    ولو كنت يوماً لا محالـة وافداً
    تبعت عليا والهوى حيث يجعـل

    ولكنَّنى زاولتُ نفساً شحيحةً
    على دينها تأبى علىَّ وتَبْخلُ

    فأمّا ابنُ هندٍ فالتُّرَابُ بوجْهه
    وإنّ هواىَ عن هواهُ لأمْيَلُ

    فيا عُمَرُ ارجعْ بالنَّصيحة إنّنى
    سأصبِرُ هذا العامَ والصَّبْرُ أجمَلُ

    فارتحل عمر وقد استبان له أمر أبيه.
    وقد كانت الأخبار أبطأت على معاوية ، فبعث إلى رجال من قريش من الذين كرهوا أن يعينوه في حربه : « إن الحرب قد وضعت أوزارها ، والتقى هذان الرجلان بدومة الجندل فأقدموا على ». فأتاه عبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وأبو الجهم بن حذيفة ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري ، وعبد الله بن صفوان الجمحي ، ورجال من قريش ، وأتاه المغيرة بن شعبة وكان مقيما بالطائف لم يشهد صفين. فقال : يا مغيرة ما ترى؟ قال : يا معاوية ، لو وسعني أن أنصرك لنصرتك ، ولكن على أن آتيك بأمر الرجلين.
    __________________
    (1) في الأصل : « أبوه » والصواب ما أثبت.

    فركب حتى أتى دومة الجندل فدخل على أبي موسى كأنه زائر له ، فقال : يا أبا موسى ، ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء؟ قال : أولئك خيار الناس ، خفت ظهورهم من دمائهم ، وخمصت بطونهم من أموالهم. ثم أتى عمرا فقال : يا أبا عبد الله ، ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره هذه الدماء؟ قال : أولئك شرار الناس ، لم يعرفوا حقا ولم ينكروا باطلا. فرجع المغيرة إلى معاوية فقال له : قد ذقت الرجلين ، أما عبد الله بن قيس فخالع صاحبه وجاعلها لرجل لم يشهد هذا الأمر ، وهواه في عبد الله بن عمر. وأما عمرو فهو صاحبك الذي تعرف ، وقد ظن الناس أنه يرومها لنفسه ، وأنه لا يرى أنك أحق بهذا الأمر منه.
    آخر الجزء الثالث عشر من أجزاء شيخنا عبد الوهاب
    نصر : في حديث عمرو ، قال : أقبل أبو موسى إلى عمرو فقال : يا عمرو ، هل لك في أمر هو للأمة صلاح ولصلحاء الناس رضا؟ نولي هذا الأمر عبد الله ابن عمر بن الخطاب ، الذي لم يدخل في شئ من هذه الفتنة ولا هذه الفرقة ـ وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير قريبان يسمعان هذا الكلام ـ فقال عمرو : فأين أنت عن معاوية؟ فأبي عليه أبو موسى.
    قال : وشهدهم عبد الله بن هشام ، وعبد الرحمن بن [ الأسود بن ]

    عبد يغوث (1) ، وأبو الجهم بن حذيفة العدوي ، والمغيرة بن شعبة ، فقال عمرو ، ألست تعلم أن عثمان قتل مظلوما؟ قال : بلى. قال اشهدوا ، فما يمنعك يا أبا موسى من معاوية ولى عثمان ، وبيته في قريش ما قد علمت؟ فإن خشيت أن يقول الناس ولى معاوية وليست له سابقة ، فإن لك بذلك حجة ، تقول : إني وجدته ولي عثمان الخليفة المظلوم ، والطالب بدمه ، الحسن السياسة الحسن التدبير ، وهو أخو أم حبيبة (2) أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه ، وقد صحبه وهو أحد الصحابة. ثم عرض له بالسلطان فقال : إن هو ولي الأمر أكرمك كرامة لم يكرمك أحد قط [ مثلها ]. فقال أبو موسى : اتق الله يا عمرو ، أما ذكرك شرف معاوية فإن هذا الأمر ليس على الشرف يولاه أهله ، ولو كان على الشرف كان أحق الناس بهذا الأمر أبرهة بن الصباح. إنما هو لأهل الدين والفضل. مع أني لو كنت أعطيه أفضل قريش شرفا أعطيته علي بن أبي طالب. وأما قولك إن معاوية ولي عثمان فوله هذا الأمر ، فإني لم أكن أوليه معاوية وأدع المهاجرين الأولين. وأما تعريضك بالسلطان فوالله لو خرج لي من سلطانه ما وليته ، ولا كنت لأرتشي في الله ، ولكنك إن شئت أحيينا سنة عمر بن الخطاب.
    نصر ، عن عمر بن سعد ، عن أبي جناب (3) أنه قال : « والله أن لو استطعت
    __________________
    (1) هو عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري ، ولد على عهد رسول الله ، ومات أبوه في ذلك الزمان ، فلذلك عد في الصحابة. وقال العجلي : من كبار التابعين. الإصابة 5072 وتهذيب التهذيب. وكلمة « الأسود » ساقطة من الأصل وح ، وقد سبق الاسم كاملا في ص 539.
    (2) سبقت ترجمتها في ص 518.
    (3) أبو جناب ، أوله جيم مفتوحة فنون خفيفة ، هو يحيى بن أبي حية الكلبي ، وشهرته بكنيته. ضعفوه لكثرة تدليسه. مات سنة 150. تهذيب التهذيب. وفي الأصل : « أبي خباب » وفي ح : « أبي حباب » والوجه ما أثبت.

    لأحيين اسم عمر بن الخطاب ». فقال عمرو بن العاص : إن كنت تريد أن تبايع ابن عمر فما يمنعك من ابني وأنت تعرف فضله وصلاحه؟ قال : إن ابنك رجل صدق ، ولكنك قد غمسته في هذه الفتنة.
    نصر : عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال أبو موسى لعمرو : إن شئت ولينا هذا الأمر الطيب ابن الطيب عبد الله ابن عمر. فقال عمرو : إن هذا الأمر لا يصلح له إلا رجل له ضرس (1) يأكل ويطعم ، وإن عبد الله ليس هناك. وكان في أبي موسى غفلة (2). فقال ابن الزبير لابن عمر : اذهب إلى عمرو بن العاص فارشه. فقال عبد الله ابن عمر : لا والله ما أرشو عليها أبدا ما عشت. ولكنه قال له : ويلك يا ابن العاص ، إن العرب قد أسندت إليك أمرها بعدما تقارعت بالسيوف وتشاجرت بالرماح ، فلا تردهم في فتنة واتق الله.
    نصر : قال عمر : عن أبي زهير العبسي ، عن النضر بن صالح قال : كنت مع شريح بن هانئ في غزوة سجستان ، فحدثني أن عليا أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص ، قال له : قل لعمرو إن لقيته : إن عليا يقول لك : إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه ، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب إليه وإن زاده. والله يا عمرو إنك لتعلم أين موضع الحق ، فلم تتجاهل؟ أبأن أوتيت طمعا (3) يسيرا فكنت لله ولأوليائه عدوا ، فكأن والله ما أوتيت قد زال عنك فلا تكن للخائنين خصيما ، ولا للظالمين ظهيرا. أما إني أعلم أن يومك الذي
    __________________
    (1) في الأصل : « إلا كل رجل ضرس » صوابه في ح ( 1 : 198 ) والطبري ( 6 : 39 ).
    (2) الطبري فقط : « في ابن عمر غفلة ».
    (3) كذا في الأصل وح والطبري. وأراها : « طعما ».

    أنت فيه نادم هو يوم وفاتك ، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لمسلم عداوة ولم تأخذ على حكم رشوة.
    قال شريح : فأبلغته ذلك فتمعر وجه عمرو وقال : متى كنت أقبل مشورة على أو أنيب إلى أمره وأعتد برأيه؟! فقلت : وما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم صلى الله عليه مشورته. لقد كان من هو خير منك ، أبو بكر وعمر ، يستشيرانه ويعملان برأيه. فقال : إن مثلي لا يكلم مثلك (1). فقلت : بأي أبويك ترغب عن كلامي؟ بأبيك الوشيظ (2) ، أم بأمك النابغة؟ فقام من مكانه ، وأقبلت رجال من قريش على معاوية فقالوا : إن عمرا قد أبطأ بهذه الحكومة ، وهو يريدها لنفسه ، فبعث إليه معاوية :
    نفى النوم ما لا تبتغيه الأضالـع
    وكل امرئ يومـا إلى الصدق راجع (3)

    فيا عمرو قد لاحت عيون كثيرة
    فياليت شعري عمرو ما أنت صانع

    ويا ليت شعري عن حديث ضمنته
    أتحمله يا عمرو؟ ما أنـت ضالـع (4)

    وقال رجال إن عمرا يريدها
    فقلت لهم عمرو لي اليوم تابع

    فإن تك قد أبطأت عني تبـادرت
    إليك بتحقيق الظنون الأصابـع

    فإنـي ورب الراقصات عشية
    خواضع بالركبان والنقـع ساطـع

    بك اليوم في عقد الخلافة واثق
    ومن دون ما ظنوا به السـم ناقع

    __________________
    (1) في الأصل : « إلا مثلك » ، وكلمة « إلا » مقحعة.
    (2) الوشيظ : الخسيس ، والتابع ، والحليف ، والدخيل في القوم ليس من صميمهم ، وفي الأصل : « الوسيط » صوابه في ح والطبري.
    (3) في الأصل : « ما لا يبلغنه ».
    (4) ضالع ، أراد به المطيق القوى ، من الضلاعة وهي القوة وشدة الأضلاع. ولم يرد هذا المشتق في المعاجم ، وفيها « الضليع ».


    فأسرع بها ، أو أبط في غير ريبة
    ولا تعـد ، فالأمر الذي حـم واقع (1)

    عمر بن سعد قال : حدثني أبو جناب الكلبي (2) ، أن عمرا وأبا موسى حيث التقيا بدومة الجندل أخذ عمرو يقدم عبد الله بن قيس في الكلام ويقول : إنك قد صحبت رسول الله صلى الله عليه قبلي وأنت أكبر مني فتكلم ثم أتكلم (3). وكان عمرو قد عود أبا موسى أن يقدمه في كل شيء (4) وإنما اغتره بذلك ليقدمه (5) فيبدأ بخلع علي. قال : فنظرا في أمرهما وما اجتمعا عليه فأراده عمرو على معاوية فأبى ، وأراده على ابنه فأبى ، وأراده أبو موسى على عبد الله بن عمر فأبى عليه عمرو. قال : فأخبرني ما رأيك يا أبا موسى؟ قال : رأيى أن أخلع هذين الرجلين عليا ومعاوية ، ثم نجعل هذا الأمر شورى بين المسلمين يختارون لأنفسهم من شاءوا ومن أحبوا. فقال له عمرو : الرأي ما رأيت. وقال عمرو : يا أبا موسى ، إنه ليس أهل العراق بأوثق بك من أهل الشام ، لغضبك لعثمان وبغضك للفرقة ، وقد عرفت حال معاوية في قريش وشرفه في عبد مناف ، وهو ابن هند وابن أبي سفيان فما ترى؟ قال أرى خيرا. أما ثقة أهل الشام بي فكيف يكون ذلك وقد سرت إليهم مع علي. وأما غضبي لعثمان فلو شهدته لنصرته. وأما بغضي للفتن فقبح الله الفتن. وأما معاوية فليس بأشرف من علي.
    __________________
    (1) في الأصل : « وكم تعدوا الأمر ».
    (2) في الأصل : « أبو خباب » وفي ح ( 1 : 198 ) : « أبو حباب » صوابهما ما أثبت. وانظر ما سبق في ص 541.
    (3) ح : « فتكلم أنت وأتكلم أنا ». الطبري ( 6 : 39 ) : « فتكلم وأتكلم ».
    (4) في الأصل : « قد أعد أبا موسى يقدمه في كل شيء » صوابه وتكملته من الطبري.
    (5) الطبري : « اغتزى بذلك كله أن يقدمه » وهي صحيحة ، ففي اللسان : اغتزاه : قصده. وأنشد ابن الأعرابي ( اللسان 19 : 359 ) :
    * قد يغتزي الهجران بالتجرم *

    وباعده أبو موسى. فرجع عمرو مغموما. فخرج عمرو ومعه ابن عم له غلام شاب ، وهو يقول :
    يا عمرو إنك للأمور مجـرب
    فارفق ولا تقذف برأيك أجمـع

    واستبق منه مـا استطعت فإنه
    لا خير في رأي إذا لم ينفع

    واخلع معاوية بن حرب خدعة
    يخلع عليا ساعة وتصنع

    واجعله قبلك ثم قل مـا بعـده
    اذهب فما لك في ابن هند مطمع

    تلك الخديعة إن أردت خـداعه
    والراقصات إلى منى ، خـذ أودع

    فافترصها عمرو (1) وقال : يا أبا موسى ، ما رأيك؟ قال : رأيى أن أخلع هذين الرجلين ، ثم يختار الناس لأنفسهم من أحبوا. فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون ، فتكلم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه فقال : إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة. قال عمرو : صدق! ثم قال : يا أبا موسى فتكلم. فتقدم أبو موسى ليتكلم فدعاه ابن عباس فقال : ويحك ، إني لأظنه قد خدعك ، إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه قبلك فيتكلم بذلك الأمر قبلك ثم تكلم أنت بعده ، فإن عمرا رجل غدار ، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه ، فإذا قمت به في الناس خالفك.
    وكان أبو موسى رجلا مغفلا ـ فقال : [ إيها عنك ] إنا اتفقنا. فتقدم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يأيها الناس ، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة ، فلم نر شيئا هو أصلح لأمرها وألم لشعثها من ألا تتباين أمورها (2). وقد أجمع رأيي ورأي صاحبي عمرو على خلع علي ومعاوية ، و [ أن ] نستقبل هذا الأمر فيكون شورى بين المسلمين ، فيولون أمورهم من أحبوا. وإني قد خلعت عليا
    __________________
    (1) يقال : فرص الفرصة وافترصها وتفرصها ، أي أصابها.
    (2) في الأصل : « لشعثها الا نبتر أمورها » صوابه في ح.

    ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا من رأيتم لها أهلا. ثم تنحى فقعد.
    وقام عمرو بن العاص مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي معاوية [ في الخلافة ] فإنه ولي عثمان والطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه. فقال له أبو موسى : مالك لا وفقك الله ، قد غدرت وفجرت. وإنما مثلك مثل الكلب ( إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) إلى آخر الآية. قال : فقال له عمرو : إنما مثلك مثل ( الحمار يحمل أسفارا ) إلى آخر الآية. وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه بالسوط ، وحمل على شريح ابن لعمرو فضربه بالسوط ، وقام الناس فحجزوا بينهم ، فكان شريح يقول بعد ذلك : ما ندمت على شيء ندامتي أن لا ضربته بالسيف بدل السوط. والتمس أصحاب علي أبا موسى فركب ناقته فلحق بمكة ، فكان ابن عباس يقول : قبح الله أبا موسى ، حذرته وأمرته بالرأي فما عقل (1). وكان أبو موسى يقول : قد حذرني ابن عباس غدرة الفاسق ولكن اطمأننت إليه ، وظننت أنه لن يؤثر شيئا على نصيحة الأمة. ثم انصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة ، ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي. وقال الشنى :
    ألم تر أن الله يقضى بحكمه
    وعمرو وعبد الله يختلفان

    وليسا بمهدي أمة من ضلالة
    بدرماء سخما فتنة عميـان (2)

    أثارا لما في النفس من كل حاجة
    شديدان ضراران مؤتلفـان (3)

    أصمان عن صوت المنادي تراهمـا
    على دارة بيضاء يعتلجـان

    __________________
    (1) وكذا في الطبري ( 6 : 40 ) وفي ح ( 1 : 199 ) : « وهديته إلى الرأي فما عقل ».
    (2) كذا ورد هذا العجز.
    (3) كذا.


    فيا راكبا بلغ تميما وعامرا
    وعبسا وبلغ ذاك أهل عمان

    فما لكم ، إلا تكونوا فجرتـم
    بإدراك مسعاة الكرام ، يدان (1)

    بكت عين من يبكي ابن عفان بعدما
    نفى ورق الفرقان كل مكان

    كلا فئتيه عـاش حيا وميتا
    يكادان لولا الحق يشتبهان

    ولما فعل عمرو ما فعل واختلط الناس رجع إلى منزله فجهز راكبا إلى معاوية يخبره بالأمر من أوله إلى آخره. وكتب في كتاب على حدة (2) :
    أتتك الخلافة مزفوفـة
    هنيئا مريئا تقر العيونا

    تزف إليك كزف العـروس
    بأهون من طعنك الدارعينا

    وما الأشعري بصلد الزنـاد
    ولا خامل الذكر في الأشعرينا

    ولكن أتيحت له حية
    يظل الشجاع لها مستكينا

    فقالوا وقلت وكنت امرأ
    أجهجه بالخصم حتى يلينا

    فخذها ابن هند على بأسهـا
    فقد دافع الله ما تحذرونا

    وقد صرف الله عن شامكـم
    عدوا شنيا وحربا زبونـا (3)

    وقام سعيد بن قيس الهمداني فقال : والله لو اجتمتما على الهدى ما زدتمانا على ما نحن الآن عليه ، وما ضلالكما بلازمنا ، وما رجعتما إلا بما بدأتما ، وإنا اليوم لعلى ما كنا عليه أمس.
    وتكلم الناس غير الأشعث بن قيس ، وتكلم كردوس بن هانئ فقال :
    __________________
    (1) في الأصل : « معصات » تحريف. وفي اللسان : « والعرب تسمى مآثر أهل الشرف والفضل مساعي ، واحدتها مسعاة ، لسعيهم فيها ، كأنها مكاسبهم وأعمالهم التي أعنوا فيها أنفسهم ». وقال عبدة بن الطبيب في المفضلية 27 :
    فلئن هلكت لقد بنيت مساعيـا
    تبقى لكم منها مآثـر أربع

    (2) في الأصل : « عليحدة ».
    (3) ح : « عدوا مبينا ».

    أما والله إني لأظنك أول راض بهذا الأمر يا أخا ربيعة. فغضب كردوس فقال :
    أياليت من يرضى من الناس كلهم
    بعمرو وعبد الله في لجة البحـر

    رضينا بحكم الله لا حكم غيره
    وبالله ربا والنبي وبالذكر

    وبالأصلع (1) الهادي علي إمامنا
    رضينا بذاك الشيخ في العسر واليسر

    رضينا به حيا وميتا وإنه
    إمام هدى في الحكم والنهي والأمر

    فمن قال لا قلنا بلى إن أمره
    لأفضل ما تعطاه في ليلـة القدر

    وما لابن هند بيعة في رقابنا
    وما بيننا غير المثقفة السمر

    وبيض تزيل الهام عـن مستقره
    وهيهات هيهات الولا (2) آخر الدهـر

    أبت لي أشياخ الأراقم سبـه (3)
    أسب بها حتى أغيب في القبر

    وتكلم يزيد بن أسد القسري ـ وهو من قواد معاوية ـ فقال : يا أهل العراق ، اتقوا الله ، فإن أهون ما يردنا وإياكم إليه الحرب ما كنا عليه أمس ، وهو الفناء. وقد شخصت الأبصار إلى الصلح ، وأشرفت الأنفس على الفناء (4) ، وأصبح كل امرئ يبكي على قتيل. مالكم رضيتم بأول أمر صاحبكم وكرهتم آخره. إنه ليس لكم وحدكم الرضا.
    فتشاتم عمرو وأبو موسى من ليلته ، فإذا ابن عم لأبي موسى يقول :
    أبا موسى خدعت وكنت شيخا (5)
    قريب القعر مدهوش الجنان

    رمى عمرو صفاتك يا ابـن قيس
    بأمر لا تنوء به اليدان

    وقد كنا نجمجم عـن ظنـون
    فصرحت للظنون عن العيان

    __________________
    (1) انظر ما سبق في ص 233 س 6 ـ 7.
    (2) ح ( 1 : 199 ) : « الرضا ».
    (3) انظر للأراقم ما مضى في ص 486.
    (4) في الأصل : « البقاء » صوابه من ح.
    (5) في الأصل : « بليت فكنت شيخا » وأثبت ما في ح.


    فعض الكف من ندم وماذا
    يرد عليك عضـك بالبنان

    قال : وشمت أهل الشام بأهل العراق. وقال كعب بن جعيل الغلتبي (1) ، وكان شاعر معاوية ، قال :
    كأن أبا موسى عشية أذرح
    يطوف بلقمان الحكيم يواربه

    فلما تلاقوا في تراث محمد
    نمت بابـن هند في قريش مضاربه (2)

    سعى بابن عفان ليـدرك ثأره
    وأولى عباد الله بالثأر طالبه

    وقد غشيتنا في الزبير غضاضـة
    وطلحة إذ قامت عليه نوادبـه

    فرد ابن هند ملكه في نصابـه
    ومن غالب الأقدار فالله غالبه

    وما لابن هند في لؤى بـن غالب
    نطير وإن جاشت عليه أقاربه

    فهذاك ملك الشام واف سنامـه
    وهذاك ملك القوم قد جـب غاربه

    يحاول عبد الله عمرا وإنه
    ليضرب في بحر عريض مذاهبـه

    دحا دحوة في صدره فهـوت بـه
    إلى أسفل المهوى ظنون كواذبه

    فرد عليه رجل من أصحاب علي فقال :
    غدرتم وكان الغدر منكم سجية
    فما ضرنا غدر اللئيم وصاحبه

    وسميتم شر البرية مؤمنا
    كذبتم فشر الناس للناس كاذبه

    ولكم (3) بن حـرب بصيرة
    بلعن رسول الله إذ كان كاتبه

    __________________
    (1) في الأصل : « وقال أبا موسى إنما كان غدرا من عمرو » وما بعد « قال » مقحم. وفي الأصل أيضا « كعب بن جعيل الثعلبي ». والصواب ما أثبت ، وهو كعب بن جعيل ابن قمير بن عجزة بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن تغلب بن وائل. انظر الخزانة ( 1 : 458 ـ 459 ).
    (2) وكذا الرواية في معجم البلدان ( أذرح ) وفي ح : « مناسبه » وهما بمعنى. وفي اللسان : « ابن سيده : ما يعرف له مضرب عسلة ، أي أصل ولا قوم ولا أب ولا شرف ».
    (3) كذا وردت هذه الكلمة غير واضحة في الأصل. وهذه المقطوعة لم ترد في ح.

    وقال عمرو بن العاص حين خدع أبا موسى :
    خدعت أبا موسى خديعة شيظم
    يخادع سقبا في فلاة من الأرض (1)

    فقلت له إنا كرهنـا كليهمـا
    فنخلعهما قبل التلاتل والدحـض (2)

    فإنها لا لا يغضيان علـى قذى
    من الدهر حتى يفصلان على أمض (3)

    فطاوعني حتي خلعت أخاهـم
    وصار أخونا مستقيما لدى القبض

    وإن ابـن حرب معطيهم الولا
    ولا الهاشمي الدهر أو بربع الحمض (4)

    فرد عليه ابن عباس فقال :
    كذبت ولكن مثلك اليوم فاسق
    على أمركم يبغي لنا الشر والعزلا

    وتزعم أن الأمر منك خديعة
    إليه وكل القول في شأنكم فضلا

    فأنتم ورب البيت قد صار دينكم
    خلافا لدين المصطفى الطيب العدلا

    أعاديتم حب النبـي ونفسه
    فمـا لكم مـن سابقـات ولا فضلا

    وأنتم ورب البيت أخبث من مشـى
    على الأرض ذا نعليـن أو حافيا رجلا

    غدرتم وكان الغدر منكم سجيـة
    كأن لم يكن حرثا وأن لم يكن نسـلا (5)

    قال : ولحق أبو موسى وهو يطوف بالبيت بمكة.
    نصر ، قال : فحدثني عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن طاوس
    __________________
    (1) في الأصل : « خداعة شيظم » وإنما هي الخديعة. والشيظم : الطويل الجسيم الفتى من الناس والخيل والإبل. والسقب : ولد الناقة.
    (2) التلاتل : الشدائد. والدحض : الزلق والزلل.
    (3) الأمض : الباطل والشك. وحتى ، في البيت ، ابتدائية ، كما في قوله :
    * ولا صلح حتى تضبعون ونضبعا *
    انظر الخزانة ( 3 : 599 ).
    (4) كذا ورد هذا العجز.
    (5) في الأصل : « فإن لم يكن حرثا ».

    قال : سألت أبا موسى وهو يطوف بالبيت فقلت له : أهذه الفتنة التي كنا نسمع بها؟ قال : ابن أخي ، هذه حيصة من حيصات الفتن ، فكيف بكم إذا جاءتكم المثقلة الرداح ، تقتل من أشرف لها ، وتموج بمن ماج فيها.
    وقال الهيثم بن الأسود النخعي :
    لما تداركت الوفود بأذرح
    وبأشعري لا يحل له الغـدر (1)

    أدى أمانته وأوفى نذره
    وصبا فأصبح غـادرا عمرو (2)

    يا عمـرو إن تدع القضية تعتـرف
    ذل الحياة وينزع النصر

    ترك القران فما تأول آية (2)
    وارتاب إذ جعلت له مصر

    قال نصر : وفي حديث عمر بن سعد : ودخل عبد الله بن عمر ، وسعد ابن أبي وقاص ، والمغيرة بن شعبة مع أناس معهم ، وكانوا قد تخلفوا عن علي ، فدخلوا عليه فسألوه أن يعطيهم عطاءهم ـ وقد كانوا تخلفوا عن علي حين خرج إلى صفين والجمل ـ فقال لهم علي : ما خلفكم عني؟ قالوا : قتل عثمان ، ولا ندري أحل دمه أم لا؟ وقد كان أحدث أحداثا ثم استتبتموه فتاب ، ثم دخلتم في قتله حين قتل ، فلسنا ندري أصبتم أم اخطأتم؟ مع أنا عارفون بفضلك يا أمير المؤمنين وسابقتك وهجرتك. فقال علي : ألستم تعلمون أن الله عز وجل قد أمركم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر فقال : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )؟ قال سعد : يا علي ، أعطني
    __________________
    (1) كذا ورد هذا العجز. وفي معجم البلدان ( أذرح ) : « وفي أشعري لا يحل له غدر » وهذا العجز في هذه الرواية من بحر الطويل ، والأبيات من الكامل.
    (2) صبا : خرج ومال بالعداوة. وفي الأصل : « وسما » وبدلها في معجم البلدان : « عنه وأصبح ».
    (3) في الأصل : « ترك القرآن فأول » وصوابه من معجم البلدان.

    سيفا يعرف الكافر من المؤمن ، أخاف أن أقتل مؤمنا فأدخل النار. فقال لهم علي : ألستم تعلمون أن عثمان كان إماما بايعتموه على السمع والطاعة ، فعلام خذلتموه إن كان محسنا ، وكيف لم تقاتلوه إذ كان مسيئا؟! فإن كان عثمان أصاب بما صنع فقد ظلمتم إذ لم تنصروا إمامكم ، وإن كان مسيئا فقد ظلمتم إذ لم تعينوا من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. وقد ظلمتم إذ لم تقوموا بيننا وبين عدونا بما أمركم الله به ، فإنه قال : ( قاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله (1) ). فردهم ولم يعطهم شيئا.
    وكان علي 7 إذا صلى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة يقول (2) « اللهم العن معاوية ، وعمرا ، وأبا موسى (3) ، وحبيب بن مسلمة ، والضحاك بن قيس ، والوليد بن عقبة ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد » ، فبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت (4) لعن عليا ، وابن عباس ، وقيس بن سعد ، والحسن والحسين.
    وقال الراسبي ، من أهل حرورا ـ :
    ندمنا على ما كان منا ومن يرد
    سوى الحق لا يدرك هواه ويندم

    خرجنا على أمر فلم يـك بيننا
    وبين علي غير غاب مقوم

    وضرب يزيل الهام عن مستقـره
    كفاحـا كفاحا بالصفيح المصمـم

    فجاء علي بالتـي ليـس بعدها
    مقـال لـذي حلـم ولا متحلم

    __________________
    (1) من الآية 9 في سورة الحجرات. وقد اشتشهد بالآية مع إسقاط الفاء في أولها ، وهو جائز. انظر حواشي الحيوان ( 4 : 57 ).
    (2) في الطبري ( 6 : 40 ) : « وكان إذا صلى الغداة يقنت ».
    (3) وكذا في ح ( 1 : 200 ) لكن بدله في الطبري : « وأبا الأعور السلمي ».
    (4) وكذا في الطبزي ، لكن في ح : « فكان إذا صلى ».


    رمانا بمر الحق إذ قال جئتم
    إلى بشيخ للأشاعر قشعـم

    فقلتم رضينا با بن قيس وما لنا
    رضا غير شيخ ناصح الجيب مسلم

    وقال : ابن عباس يكون مكانه
    فقالوا له : لا لا ألا بالتهجم

    فما ذنبه فيه وأنتم دعوتم
    إليه عليا بالهـوى والتقحم

    فأصبح عبد الله بالبيت عائذا
    يريد المنى بين الحطيم وزمزم

    ـ من هنا إلى موضع العلامة ليس عند ابن عقبة ـ
    وقال نابغة بني جعدة. وقال : [ هي ] عندنا أكثر من مائة بيت فكتبت الذي يحتاج إليه :
    سألتني جارتي عن أمتي
    وإذا ما عي ذو اللب سـأل

    سألتني عـن أناس هلكوا
    شرب الدهر عليهـم وأكـل (1)

    بلغوا الملك فلما بلغوا
    بخسار وانتهى ذاك الأجل

    وضع الدهر عليهم بركه
    فأبيدوا لم يغادر غير تـل

    فأراني طربا في إثرهم
    طرب الواله أو كالمختبل (2)

    أنشد الناس ولا أنشدهـم
    إنمـا ينشد مـن كان أضـل (3)

    ليت شعري إذ مضى ما قد مضى
    وتجلى الأمر لله الأجل

    ما يظنن بناس قتلوا
    أهل صفين وأصحاب الجمـل

    أينامون إذا ما ظلموا
    أم يبيتون بخوف ووجل

    وقال طلبة بن قيس بن عاصم المنقري :
    __________________
    (1) انظر للكلام على نسبة هذا البيت وروايته الحيوان ( 5 : 28 ).
    (2) الطرب ، هاهنا : الحزن. والواله : كل أنثى فارقت ولدها. وفي الأصل : « الوالد » تحريف.
    (3) أنشد : أطلب. ولا أنشدهم : لا أدل عليهم. وفي الأصل : « من قال أضل » وصوابه من اللسان ( 4 : 433 ).


    إذا فاز دوني بالمودة مالك (1)
    وصاحبـه الأدنى عدي بن حاتم

    وفاز بها دوني شريح بن هانئ
    ففيم ننادي للأمور العظائم

    ولو قيل من يفدي عليا فديته (2)
    بنفسك يا طلب بن قيس بن عاصم

    لقلت نعم تفديه نفس شحيحـة
    ونفدي بسعـد كلها حي هاشم

    نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي قال : سمعت تميم بن حذيم (3) الناجي يقول : لما استقام لمعاوية أمره لم يكن شيء أحب إليه من لقاء عامر بن واثلة ، فلم يزل يكاتبه ويلطف حتى أتاه ، فلما قدم ساءله عن عرب الجاهلية. قال : ودخل عليه عمرو بن العاص ونفر معه فقال لهم معاوية : تعرفون هذا؟ هذا فارس صفين وشاعرها؟ هذا خليل أبي الحسن. قال : ثم قال : يا أبا الطفيل ، ما بلغ من حبك عليا؟ قال : « حب أم موسى لموسى ». قال : فما بلغ من بكائك عليه؟ قال : « بكاء العجوز المقلات (4) ، والشيخ الرقوب (5). إلى الله أشكو تقصيري « فقال معاوية : ولكن أصحابي هؤلاء لو كانوا سئلوا عني ما قالوا في ما قلت في صاحبك. قال : « إنا والله لا نقول الباطل » : فقال لهم معاوية : لا والله ولا الحق. قال : ثم قال معاوية : هو الذي يقول :
    إلى رجب السبعيـن تعترفونني
    مع السيـف في خيـل وأحمي عديدها (6)

    وقال معاوية : يا أبا الطفيل ، أجزها. فقال أبو الطفيل :
    زحوف كركـن الطود كل كتيبـة
    إذا استمكنـت منها يفل شديدها

    __________________
    (1) مالك ، هو مالك بن الحارث ، المعروف بالأشتر النخعي. وفي الأصل : « هالك »
    (2) في الأصل : « ولو قيل بعدي من علي » صوابه ما أثبت.
    (3) الوجه فيه : « بن حذلم » كما سبق في ص 169 ، 245.
    (4) المقلات : التي لا يبقى لها ولد. وفي الأصل : « الملغاة » تحريف.
    (5) الرقوب : الذي لا يبقى له ولد.
    (6) الإجازة هنا تقتضي أن يكون « عديدها » بالرفع ، فيبدو أن في البيت تحريفا


    كأن شعاع الشمس تحت لوائها
    مقارمها حمر النعـام وسودها (1)

    شعارهم سيما النبي وراية
    بها ينصر الرحمن ممن يكيدهـا

    لها سرعان من رجال كأنهـا
    دواهي السباع نمرها وأسودها (2)

    يمورون مور الموج ثم ادعاؤهـم
    إلى ذات أنداد كثير عديدهـا

    إذا نهضت مدت جناحين منهم
    على الخيل فرسان قليل صدودها

    كهول وشبان يرون دماءكـم
    طهورا وثارات لها تستقيدها (3)

    كأني أراكم حين تختلف القنا
    وزالت بأكفال الرجال لبودها (4)

    ونحن نكر الخيل كرا عليكم
    كخطف عتاق الطير طيـرا تصيدها

    إذا نعيت موتي عليكم كثيرة
    وعيت أمور غاب عنكم رشيدها

    هنالك النفس تابعة الهـدى
    ونـار إذا ولـت وأز شديـدها (5)

    فلا تجزعوا إن أعقب الدهر دولـة
    وأصبـح منآكم قريبـا بعيدهـا

    فقالوا : نعم ، قد عرفناه ، هذا أفحش شاعر ، وألام جليس (6) فقال معاوية يا أبا الطفيل ، أتعرف هؤلاء؟ قال : ما أعرفهم بخير ولا أبعدهم من شر. فأجابه [ أيمن بن (7) ] خريم الأسدي :
    إلى رجب أو غرة الشهر بعده
    يصبحكم حمر المنايا وسودها

    __________________
    (1) مقارمها ، كذا وردت.
    (2) السرعان ، بالتحريك : أوائل القوم المستبقون إلى الأمر. وفي الأصل : « لها شرعاء » والوجه ما أثبت. وفي الأصل أيضا : « دواعي السباع » تحريف.
    (3) تستقيدها : تطلب القود فيها. والقود ، بالتحريك : قتل النفس بالنفس. وفي الأصل : « يستعيدها » محرفة.
    (4) الأكفال : جمع كفل ، بالكسر ، وهو الذي لا يثبت على ظهور الخيل.
    (5) كذا ورد هذا البيت.
    (6) في الأصل : « والم جليس ».
    (7) هاتان الكلمتان ساقطتان من الأصل. وانظر 431 ، 502 ، 503.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:48 am

    ثمانين ألفا دين عثمان دينهم
    كتائب فيها جبرئيـل يقودها

    فمن عاش عبدا عاش فينا ومن يمت
    ففي النار يسقى ، مهلها وصديدها

    ـ من هنا عند ابن عقبة ـ
    نصر ، عن عمرو بن شمر عن جابر قال : سمعت تميم بن حذيم (1) الناجي يقول : أصيب في المبارزة من أصحاب علي (2) :
    عامر بن حنظلة الكندي يوم النهر ، وبسر بن زهير الأزدي ، ومالك بن كعب العامري ، وطالب بن كلثوم الهمداني ، والمرتفع بن الوضاح الزبيدي أصيب بصفين ، وشرحبيل بن طارق البكري ، وأسلم بن يزيد الحارثي ، وعلقمة بن حصين الحارثي ، والحارث بن الجلاح الحكمي ، وعائذ بن كريب الهلالي ، وواصل بن ربيعة الشيباني ، وعائذ بن مسروق الهمداني ، ومسلم بن سعيد الباهلي ، وقدامة بن مسروق العبدي ، والمخارق بن ضرار المرادي ، وسلمان بن الحارث الجعفي ، وشرحبيل بن الأبرد الحضرمي ، والحصين بن سعيد الجرشي ، وأبو أيوب بن باكر الحكمي ، وحنظلة بن سعد التميمي ، ورويم بن شاكر الأحمري ، وكلثوم بن رواحة النمري ، وأبو شريح بن الحارث الكلاعي ، وشرحبيل بن منصور الحكمي ، ويزيد بن واصل المهري ، وعبد الرحمن بن خالد القيني ، وصالح بن المغيرة اللخمي ، وكريب بن الصباح الحميري من آل ذي يزن قتله علي (3) ، والحارث بن وداعة الحميري ، وروق بن الحارث الكلاعي ، والمطاع بن المطلب القيني ، والوضاح بن أدهم السكسكي ،
    __________________
    (1) انظر ما سبق في ص 555.
    (2) كذا. ونجد في جملة من سرد من الأعلام أسماء كثير من أصحاب معاوية. وقد تعذر التمييز الدقيق بين هؤلاء وهؤلاء لندرة تراجمهم. كما أن هذه الأسماء تضمنت بعض من قتل في غير صفين.
    (3) قتله علي يوم صفين. انظر الإصابة 7483.

    وجلهمة بن هلال الكلبي ، وابن سلامان الغساني ، وعبد الله بن جريش العكي وابن قيس ، والمهاجر بن حنظلة الجهني ، والضحاك بن قيس ، ومالك بن وديعة القرشي ، وشريح بن العطاء الحنظلي ، والمخارق بن علقمة المازني ، وأبو جهل بن ظالم الرعيني ، وعبيدة بن رياح الرعيني ، ومالك بن ذات (1) الكلبي ، وأكيل بن جمعة الكناني ، والربيع بن واصل الكلاعي ، ومطرف بن حصين العكي ، وزبيد بن مالك الطائي ، والجهم بن المعلي ، والحصين بن تميم الحميريان والأبرد بن علقمة الحرقي من أصحاب طلحة والزبير ، والهذيل بن الأشهل التميمي والحارث بن حنظلة الأزدي ، ومالك بن زهير الرقاشي ، وعمرو بن يثربي الضبي (2) ، والمجاشع بن عبد الرحمن ، والنعمان بن جبير اليشكري (3) ، والنضر بن الحارث الضبي ، والقاسم بن منصور الضبي ، وزامل بن طلحة الأزدي ، وكرز بن عطية الضبي ، ورفاعة بن طالب الجرهمي ، والأشعث بن جابر ، وعبد الله بن المنهال الساعدي ، وعبد الله بن الحارث المازني ، والحكم بن حنظلة الكندي ، وأبرهة بن زهير المذحجي ، وهند الجملي (4) ، ورافع بن زيد الأنصاري ، وزيد
    __________________
    (1) كذا. ولعلها : « زرارة ».
    (2) عمرو بن يثربي الضبي ، كان من رءوس ضبة في الجاهلية ثم أسلم. وهو قاتل علباء بن الهيثم السدوسي ، وهند بن عمرو الجملي ، وزيد بن صوحان العبدي ، قتلهم يوم الجمل ، فأسره عمار بن ياسر فجاء به إلى علي رضى الله عنه فأمر بقتله. ولم يقتل أسيرا غيره. وهو القائل :
    إن تقتلوني فأنا ابن يثربـي
    قاتل علباء وهند الجملي

    ثم ابن صوحان على دين علي
    انظر الإصابة 6513 والاشتقاق 246 ـ 247.
    (3) في الأصل : « والمجاشع بن عبد الرحمن النعماني بن حبير اليشكري ». والوجه ما أثبت.
    (4) هو هند بن عمرو الجملي ، نسبة إلى جمل بن سعد العشيرة ، حي من مذحج. انظر المعارف 48 والاشتقاق 246 واللسان ( مادة جمل ) ، قتله عمرو بن يثربي ، كما سبقت الإشارة إليه في التنبيه الثاني. انظر الإصابة 9056. وفي الأصل : « همد الحملي » تحريف.

    ابن صوحان العبدي (1) ، ومالك بن حذيم الهمداني (2) ، وشرحبيل بن امرئ القيس الكندي ، وعلباء بن الهيثم البكري (3) ، وزيد بن هاشم المري ، وصالح بن شعيب القيني ، وبكر بن علقمة البجلي ، والصامت بن قنسلي الفوطي (4) ، وكليب بن تميم الهلالي ، وجهم الراسبي ، والمهاجر بن عتبة الأسدي ، والمستنير بن معقل الحارثي ، والأبرد بن طهرة الطهوي ، وعلباء بن المخارق الطائي ، وبواب بن زاهر (5) ، وأبو أيوب بن أزهر السلمي. زهاء عشرة آلاف.
    وأصيب يوم الوقعة العظمي أكثر من ذلك ، وأصيب فيها من أصحاب علي ما بين السبعمائة إلى الألف.
    وأصيب بصفين من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا.
    وأصيب بها من أهل العراق خمسة وعشرون ألفا.
    وأصيب يوم النهروان على قنطرة البردان (6) من المحكمة خمسة آلاف.
    __________________
    (1) وهذا زبد قتله كذلك عمرو بن يثربي الضبي في وقعة الجمل. اختلف في صحبته. الإصابة 2991.
    (2) هذا غير مالك بن حريم الهمداني الشاعر الجاهلي الذي ذكره المرزباني في معجمه ص 357.
    (3) هو علباء بن الهيثم بن جرير السدوسي البكري ، نسبة إلى سدوس بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. استشهد في وقعة الجمل ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في ترجمة عمرو بن يثربي ص 557.
    (4) كذا ورد هذا الاسم.
    (5) المعروف في أعلامهم « ثواب ». ومنه المثل : « أطوع من ثواب ».
    (6) قنطرة البردان ، بفتح الباء والراء. والبردان : محلة ببغداد. انظر معجم البلدان. وفي الأصل : « البودان » تحريف.

    وأصيب منهم ألف بالنخيلة بعد مصاب علي.
    وأصيب من أصحاب علي يوم النهروان ألف وثلاثمائة.
    قال : وذكر جابر عن الشعبي وأبي الطفيل ، ذكروا في عدة قتلى صفين والنهروان والنخيلة نحوا مما ذكر تميم الناجي.
    ـــــ
    آخر كتاب صفين
    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيراً


    الفهارس الفنية


    1 ـ فهرس الأعلام (*)
    آدم 7 217 ، 244.
    آكلة الأكباد ( نبز لهند بنت عتبة بن ربيعة ) 179.
    إبراهيم بن الأشتر النخعى 441 ، 490.
    إبراهيم بن أوس بن عبيدة السلمى 229.
    * إبراهيم التيمى 218.
    * إبراهيم الهجرى ( 363 )
    إبراهيم بن الوضاح الجمحى 174 ، 176.
    الأبرد بن طهرة الطهوى 558.
    الأبرد بن علقمة الحرقى 557.
    أبرهة بن زهير المذحجى 557.
    أبرهة بن الصباح بن أبرهة الحميرى 241 ، 457 ، 541.
    إبليس 113 ، 217 ، 239 ، 486
    أبى بن قيس 287.
    الأبيض بن الأغر 231.
    أثال بن حجل 443 ، 444.
    __________________
    (*) تكررت الأعلام التالية تكراراً لا يحتاج معه إلى التنبيه على أرقامها ، وهى : على بن أبى طالب ، عثمان بن عفان ، معاوية بن أبى سفيان ، الأشتر النخعى ، عمرو بن العاص ، عمر بن سعد الراوى ، وعمرو بن شمر الراوى ، فاكتفيت بالإشارة إليها. وما وضع من الأرقام بين قوسين فهو موضع الترجمة ، وما سبق من الأعلام بنجم فهو من الرواة.

    * الأجلح بن عبد الله الكندى 141 ، 462
    الأجلح بن منصور الكندى 174 ، 177 ـ 179
    أخت الأجلح بن منصور = حبلة بنت منصور.
    * أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الوكيل الحريرى (1) ، 71 ، 131 ، 147 ، 213 ، 285 ، 353 ، 423 ، 497
    * أحمد بن على بن محمد الدامغانى 209 ، 281 ، 350 ، 419 494
    أحمر ( مولى أبى سفيان أو عثمان ) 249
    أبو أحمر ( كنية عوف بن مجزأة ) 450
    الأحمر 376 ، 379
    الأحنف بن قيس السعدى التميمى ، أبو بحر 24 ـ 27 ، 116 ، 117 ، 205 ، 340 ، 387 ، 406 ، 501 ، 508 ، 513 ، 536 ، 537
    ابن أخى الأحنف بن قيس = معاوية بن صعصعة 26
    أدهم بن محرز الباهلى 267 ، 268
    * أبو أراكة 274
    أربد ( رجل من بنى فزارة ) 94 ، 95
    ابن أرطاة = بسر 429 ، 462
    * أبو إسحاق السبيعى 133 ، 250 ، 323 ، 329
    * أبو إسحاق الشيبانى 509
    ابن إسحاق = محمد بن إسحاق 81
    إسحاق بن يزيد 520
    إسرائيل بن يونس 133
    أسلم ( فى شعر ) 290
    أسلم بن يزيد الحارثى 556

    أسماء بن الحكم الفزارى 321
    أسماء ( بنت عطارد بن حاجب بن زرارة ) 298 ، 361
    * إسماعيل 216 ، 221
    * إسماعيل بن أبى خالد = إسماعيل بن يزيد 204
    * إسماعيل بن زياد 80
    * إسماعيل السدى 170 ، 171 ، 274 ، 289 ، 342 ، 343 ، 353 ، 524
    * إسماعيل بن سميع 512
    * إسماعيل بن أبى عميرة 6 ، 208
    * إسماعيل بن يزيد 92 ، ( 204 )
    الأسود بن حبيب بن جمانة بن قيس بن زهير 260
    أبو الأسود الدئلى 117
    الأسود بن قطنة 106
    الأسود بن قيس 456 ، 457
    الأسود بن يعفر ( 142 )
    أبو أسيد = مالك بن ربيعة
    الأشتر النخعى ( من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب ). وانظر : مالك ( بن الحارث )
    مولى الأشتر 250
    الأشعث بن جابر 557
    * الأشعث ين سويد 213
    أبو الأشعث العجلى 288
    الأشعث بن قيس الكندى 20 ـ 24 ، 137 ـ 140 ، 165 ـ 167 ، 169 ـ 171 ، 174 ، 180 ، 182 ، 192 ، 193 ، 205 ، 227 ،

    246 ، 302 ، 303 ، 331 ، 337 ، 339 ، 402 ، 408 ـ 410 ، 455 ، 467 ، 480 ، 482 ، 484 ، 498 ، 500 ، 503 ، 506 ، 508 ، 511 ـ 513 ، 547
    الأصبغ بن ضرار الأزدى 466 ، 467
    الأصبغ بن نباتة 5 ، 126 ، 146 ، 158 ، 231 ، 322 ، 406 ، 422 ، 423
    أظلم ( فى شعر ) 289
    الأعمش = سليمان بن مهران
    أعور بنى زهرة = هاشم بن عتبة 427
    أبو الأعور السلمى = سفيان بن عمرو
    الأعور الشنى (Cool ، 46 بلفظ الأعيور ، 405 ، 425 ، 426 ، 465 ، 535 ، 537 ، 564
    أعور طيئ = عدى بن حاتم 427
    أعين بن ضبيعة 24 ، 205
    الأعيور = الأعور 46
    * الإفريقى بن أنعم 332
    ابن أبى الأقلح ( 405 )
    الأقيعس = معاوية بن أبى سفيان 218
    أكيل بن جمعة الكنانى 557
    أمام ( أمامة في شعر ) 265
    أبو أمامة الباهلى 190
    أمينة الأنصارية 256
    أمية ( بن عبد شمس ) 471
    أنعم ( فى شعر ) 289

    أبو أنيس 13
    أوس بن حجر 386
    أويس القرنى ( 324 )
    أيمن بن خريم الأسدى 13 ، 431 ، 502 ، 503 ، 555
    أبو أيوب بن أزهر السلمى 558
    أبو أيوب الأنصارى 93 ، ( 366 )
    أبو أيوب بن باكر الحكمى 556
    * أيوب بن خوط ( 326 )
    أبو أيوب الهمدانى 271
    ب
    أبو بحر ( كنية الأحنف بن قيس ) 387
    * أبو البخترى 324
    ابن بديل = عبد الله
    ابنا بديل 335 357 ، 358 ، 384 ، 401 ، 406
    * ابن البراء 218
    * البراء بن حيان الذهلى 304
    البراء بن عازب الأنصارى 217 ، 448
    أبو بردة بن عوف الأزدى 4 ، 8 ، 263
    أبو برزة ( الأسلمى ) 219
    بريدة الأسلمى ( 507 )
    * بريدة الأسلمى ( آخر ) ( 509 )
    بسر بن أرطاة العامرى 44 ، 157 ، 412 ، 424 ـ 429 ، 459 ، 460 ، 462 ، 305 ، 504 ، 507.

    بسر بن زهير الأزدى 556
    بشر 356
    بشر بن زهير الأزدى 556
    بشر بن العشوش الطائى ثم الملقطى 279
    بشر بن عصمة المزنى ( 269 ) 270 ، 278
    ابن بشير = النعمان بن بشير
    بشير بن عمرو بن محصن الأنصارى ( 175 ) ، 187 ، 357 بلفظ اليثربى بن محصن ( 357 ) بلفظ أبا عمرة بن عمرو بن محصن ، 358 ، 359
    أبو بكر ( الخليفة ) 29 ، 46 ، 91 ، 201 ، 325 ، 415 ، 502 ، 543
    ابن أبى بكر = محمد بن أبى بكر
    بكر بن تغلب السدوسى 170 ، 171
    بكر بن تميم 97 ، 98
    بكر بن علقمة البجلى 558
    بكير بن هوذة النخعى 286
    بكير بن وائل 260
    بلال ( بن رياح ، مولى أبى بكر ) 325
    بلال بن أبى هبيرة الأزدى 207
    * بليد بن سليمان ( 220 )
    بواب بن زاهر ( ولعله ثواب ) 558
    ت
    أبو تراب ( كنية على ) 334 ، 341 ، 375
    تليد بن سليمان = بليد بن سليمان

    تميم = تميم بن حذلم الناجى.
    * تميم بن حذلم ( أو حذيم ) الناجى ( 169 ) ، 230 ، 244 ، ( 245 ) ، 272 ، 273 ، 293 ، 371 ، 378 ، 554 ، 556
    ث
    ثابت بن أم أنمار 325
    ثمامة بن حوشب 507
    أبو ثروان ( كاتب على ) 125 ، 331
    ثوير بن عامر 61
    ج
    * جابر بن عبدالله ( بن عمرو بن حرام الأنصارى ثم السلمى ) 217
    * جابر بن عمير الأنصارى ( 477 )
    * جابر بن يزيد الجعفى 156 ، 167 ، 169 ، 174 ، 179 ، 202 ـ 204 ، 230 ، 236 ، 237 ـ 239 ، 241 ، 243 ـ 245 ، 250 ، 272 ، 273 ، 293 ، 295 ، 398 ، 301 ، 313 ، 315 ، 340 ، 343 ، 371 ، 457 ، 479 ، 480 ، 500 ، 504 ، 554 ، 556 ، 559
    جارية بن قدامة السعدى 24 ، 25 ، 205 ، 295 ، 296
    جارية بن المثنى 335
    جبرائيل 447 ، 556
    جبلة بن عطية الذهلى ، أبو عرفاء 304 ، 305
    * أبو جحيفة 141 ، 462
    * الجرجانى 15 ، 20 ، 23 ، 34 ، 46 ، 52 ، 80 باسم عثمان عبدالله

    الجرجانى ، 82 ، 162 ، 164 ، 185 ، 292 ، 273 ، 300 ، 534
    جرداء بنت سمير 140
    الجرشى = عبدالله بن سويد الحميرى
    جرير بن عبدالله البجلى 15 ، 16 ، 18 ـ 20 ، 22 ، 27 ـ 28 ، 30 ، 31 ، 33 ـ 35 ، 44 ـ 48 ، 51 ، 52 ، 54 ـ 56 ، 59 ـ 62
    ابن أخت جرير بن عبد الله البجلى 16
    جريش السكونى 401
    جعد 512
    جعدة بن هبيرة المخزومى (5) ، 463 ـ 466
    ابن جعفر = عبدالله بن جعفر ذى الجناحين
    * أبو جعفر = محمد بن على الشعبى
    * جعفر الأحمر 217
    جعفر ( بن أبى طالب ) 44 ، 90 ، ( 461 )
    * جعفر بن محمد 218
    الجعفى = عبدالعريز بن الحارث
    جلهمة بن هلال الكلبى 557
    جمل ( بضم الجيم ) 370 ، 371
    ابن جمهان = الحارث بن جمهان
    * أبو جناب الكلبى 499 ، 511 ، 512 ، ( 541 ) ، 544
    جندب بن زهير 121 ، 205 ، 262 ، 263 ، 398 ، 408
    جندب بن عبدالله 319
    أبو جهل 234
    جهم 289

    أبو جهل بن ظالم الرعينى 557
    أبو الجهم بن حذيفة العدوى 539 ، 541
    جهم الراسبى 558
    الجهم بن المعلى الحميرى 557
    أبو جهمة الأسدى 361 ، 362
    ابن جون السكونى 300 ، 340 ، 342
    الجون بن مالك الحضرمى 270
    جيفر بن أبى القاسم العبدى 296 ـ 297
    ح
    حابس بن سعد الطائى 44 ، ( 64 ) ، 65 ، 66 ، 68 ، 207 ، 251 ، 522
    حاتم بن المعتمر الباهلى 207
    الحارث ( من آباء الأشعث ) 409
    ابن الحارث = الأشتر 171
    أبو الحارث ( كنية عبد العزيز بن الحارث ) 308
    الحارث بن أدهم 174 ، 179 ، 457
    الحارث الأعور 121
    الحارث بن بشر 252
    الحارث بن الجلاح ( أواللجلاج ) 315 ، 556
    الحارث بن جمهان الجعفى 154 ، 254 ، 255
    الحارث بن أبى الحارث بن الربيع 105
    * الحارث بن حصيرة (3) ، 92 ، 100 ، 102 ، 121 ، 227 ، 262 ، 263 ، 302 ، 303 ، 320 ، 454

    الحارث بن حنظلة الأزدى 557
    الحارث بن خالد الأزدى 207
    الحارث بن زياد القينى 507
    * الحارث بن سعيد 218
    الحارث بن أبى شمر 503
    الحارث بن عمرو بن شرحبيل 304
    الحارث بن عوف الخشنى ، أبو واقد 382
    * الحارث بن كعب الوالبى 131
    الحارث بن مالك الهمدانى 507
    الحارث بن مرة العبدى 205
    الحارث بن المنذر التنوخى 355
    الحارث بن منصور 270
    الحارث بن نصر الجشمى 423
    الحارث بن نوفل الهاشمى 206
    الحارث بن همام النخعى ثم الصهبانى 172 ، 173
    الحارث بن وداعة الحميرى 316 ، 556
    حارثة بن بدر 24 ، 25
    حازم بن أبى حازم الأحمسى 259
    حباب بن أسمر 128
    حبلة بنت منصور الكندى 178
    * حبة العرنى ( 143 ) ، 147
    أبو حبة بن غزية = عمرو بن غزية الأنصارى
    * حبيب بن أبى ثابت 144 ، 215 ، 216 ، 324 ، 328

    حبيب بن مسلمة الفهرى 196 ، 200 ، 206 ، 213 ، 214 ، 234 ، 245 ، 246 ، 248 ، 489 ، 507 ، 511 ، 552
    حبيب بن منصور الكندى 179
    أم حبيبة ابنة أبى سفيان ( أم المؤمنين ) ( 518 ) ، 541
    حبيش بن دجلة القينى 207
    الحجاج بن أرطاة 151 ، 152
    الحجاج بن خزيمة بن الصمة 77 ، 78
    الحجاج بن غزية الأنصارى 448
    الحجاج ( ابن يوسف ) 80 ، 85 ، 450
    حجر الخير = حجر بن عدى
    حجر الشر = حجر بن يزيد بن سلمة
    حجر بن عدى الكندى ، حجر الخير 103 ، 104 ، 117 ، 195 ، 205 ، ( 243 ) ، 381 ، 507
    حجر بن قحطان الوادعى 438
    حجر بن يزيد 507 ، 511
    حجر بن يزيد بن سلمة ، حجر الشر ( 243 ) ، 244
    حجل بن عامر ( والد أثال ) 443 ، 444
    ابن أبى حذيفة = محمد
    حذيفة بن اليمان ، أبو عبدالله 343
    الحر بن سهم بن طريف الربعى 133 ، 142
    الحر بن الصباح النخعى ( 254 )
    ابن حرب = معاوية بن أبى سفيان 43 ـ 45 ، 48 ، 53 ، 84 ، 137 ، 468

    *أبو حرب بن أبى الأسود ( 217 )
    حرب ( بن أمية ) 471
    حرب بن شرحبيل الشبامى 531
    * أبو حرة 162
    حريث 459
    ابن حريث 342
    حريث ( مولى معاوية ) 272 ، 273 ، 459
    حريث بن جابر الحنفى البكرى 137 ، 138 ، 205 ، 299 ـ 301 ، 485 ـ 488
    حسان بن بحدل الكلبى ( 207 )
    أبو حسان البكرى 11
    حسان بن مخدوج بن ذهل 137 ـ 139
    * الحسن ( البصرى ) 216 ، 221 ، 323 ، 326
    * الحسن بن صالح 323
    الحسن بن على بن أبى طالب 6 ، 7 ، 15 ، 113 ، 249 ، 297 ، 348 ، 387 ، 425 ، 463 ، 507 ، 530 ، 552
    * الحسن بن كثير 142
    * الحسين بن على بن أبى طالب 114 ، 141 ، 249 ، 425 ، 463 ، 507 ، 530 ، 552
    * أبو حشيش 94
    الحصين بن تميم الحميرى 557
    الحصين بن الحارث بن المطلب 506
    الحصين بن سعيد الجرشى 556

    الحصين بن نمير 47 ، 128
    الحضرمى 204
    الحضرمى الشاعر 455
    الحضين بن المنذر الرقاشى 204 ، 205 ، ( 287 ) ، 289 ، 290 ، 300 ، 304 ، 305 ، 309 ، 331 ، 485 ـ 488
    ابن حطان ( هو عمران ) 398
    أبو حفص = عمر بن الخطاب 46
    حفص بن عمران الأزراق البرجمى ( 324 )
    الحكم بن أزهر بن فهد 243 ، 244
    الحكم بن حنظلة الكندى 557
    * الحكم بن ظهير 11 ، 216
    حكيم ( بن جبلة بن حصن العبدى ) ( 54 ) ، 65
    * أبو حمزة الثمالى ( 219 )
    حمزة ( بن عبد المطلب ) 44 ، 90 ، 461
    حمزة بن عتبة بن أبى وقاص 377 ، 378
    حمزة بن مالك الهمدانى 44 ، 196 ، 207 ، 279 ، 507
    حمل بن عبد الله الخثعمى ( 207 )
    حمل بن مالك 514
    حمير بن قيس الناعطى 255
    حنان بن هوذة = حيان بن هوذة
    حنظلة بن الربيع التميمى 8 ، 95 ، 96 ( المعروف بحنظلة الكاتب )
    حنظلة بن سعد التميمى 556
    حنظلة بن أبى سفيان 102

    ابن حنيف = سهل بن حنيف 509
    ابن الحنفية = محمد بن الحنفية
    حوشب ذو ظليم ، أبو مر ( 60 ) ، 61 ، 182 ، 206 ، 289 ، 335 ، 358 ، 364 ، 400 ، 401 ، 406 ، 455 ، 456 ، 525
    حويرثة بن سمى العبدى 383
    حويطب بن عبد العزى 325
    * أبو حيان التميمى 140
    حيان بن هوذة النخعى 286 ـ 287 ، 475
    حيدرة ( لقب لعلى ) 390
    خ
    خارجة بن الصلت 172
    خالد بن خالد الأنصارى 398
    * خالد الخزاعى 81
    خالد بن زيد الأنصارى ، أبو أيوب 93 ، ( 366 ) ، 368
    * خالد بن عبد الواحد الجزرى ( أو الجريرى ) 317
    * خالد بن قطن 152
    خالد بن المعرض السكسكى 507
    خالد بن المعمر السدوسى ( 117 ) ، 195 ، 205 ، 287 ، 288 ، 290 ـ 294 ، 306 ، 334 ، 384 ، 486 ، 487
    خالد بن ناجد 263
    خالد بن الوليد 430

    خباب بن الأرت 325 ، 506 ، 530
    ابن خديج = معاوية بن خديج
    أبو خراش ( كنية عمرو العكى ) 180
    خزيمة بن ثابت الأسدى 243
    خزيمة بن ثابت الأنصارى ، ذو الشهادتين 93 ، ( 363 ) ، 365 ، 398 ، 448
    الخضرية ( كتيبة معاوية ) 297 ، 330 ، 453
    خفاف بن عبدالله 65 ، 66 ، 68
    خليد 12
    خندف بن بكر البكرى 297 ، 302 ، 304
    * الخندف الحنفى 227
    خول ( مرخم خولة ) 35
    أخو خولان = أبو مسلم الخولانى 88
    * خيثمة 217
    خير ( مولى قريش ) 324 ـ ( 325 )
    د
    داود 7 516
    ابن داود = عروة بن داود الدمشقى 259
    أبو داود = عروة بن داود الدمشقى 458 ، 459
    أبو الدرداء ، 190
    دينار عقيصا 267. وانظر : ( عقيصا )

    ذ
    ذات البعير المضطجع = عائشة أم المؤمنين 240
    ذو الشهادتين = خزيمة بن ثابت
    ذو ظليم = حوشب ذو ظليم
    ذو الفقار ( سيف الرسول الكريم ، ثم صار إلى على ) ( 315 ) ، 478
    ذو الكلاع الحميرى 60 ، 161 ، 182 باسم ذو كلع ، 206 ، 213 ، 226 ، 227 ، 239 ، 290 ، 291 ، 296 ، 297 ، 301 ، 303 ، 327 ، 333 ـ 336 ، 341 ، 343 ، 344 ، 347 ، 348 ، 358 ، 401 ، 406 ، 455 ، 456 باسم ذى كلع ، 525
    ابن ذى الكلاع 196 ، 302 ، 303 ، 304. وانظر : عبد الله بن ذى الكلاع
    ذو نواس بن هذيم بن قيس العبدى 270
    ذو الوشاح ( سيف عبيد الله بن عمر ) 298
    ذو يزن 432
    ر
    الراسبى ( شاعر من أهل حرورا ) 552
    راشد ( غلام عمار بن ياسر ) 342
    رافع بن خديج الأنصارى 507
    رافع بن زيد الأنصارى 557
    ربعى بن كأس 12
    ربيع بن خثيم 115
    الربيع بن واصل الكلاعى 557
    ربيعة بن شرحبيل 507

    * أبو ربيعة الإيادى 323
    أخو ربيعة العبدى 5
    ربيعة بن مالك بن وهبيل 287
    الرجراجة ( كتيبة على ) 453
    رعبل بن عمرو السكسكى 507
    رفاعة بن رافع بن مالك الأنصارى ، 506
    رفاعة بن شداد البجلى 205 ، 488
    رفاعة بن طالب الجرهمى 557
    رفاعة بن ظالم الحميرى 244
    أبو رقيقة السهمى 196
    رقية ( بنت الرسول ) 240
    رماح بن عتيك ( انظر : رياح )
    روق بن الحارث الكلاعى 556
    * أبو روق الهمدانى 11 ، 85 ، 101 ، 111 ، 247 ، 271
    رويم بن شاكر الأحمرى 556
    رياح بن عتيك الغسانى 174 ، 175
    ز
    زامل بن طلحة الأزدى 557
    زامل بن عبيد ( عتيك ) الحزامى 174 ، 176
    زامل بن عمرو الجذامى 239
    الزبرقان بن عبدالله السكونى 81 ، 89
    أبو زبيب بن عروة 261

    أبو زبيب بن عوف 100 ، 101 ، 263
    أبو زبيد الطائى 389 ، 390
    زبيد بن مالك الطائى 557
    ابن الزبير = عبد الله بن الزبير 623
    * أبو الزبير 203 ، 443
    الزبير ( بن العوام ) 5 ، 15 ، 18 ، 20 ، 21 24 ، 29 ، 30 ، 34 ، 47 ، 54 ، 58 ، 59 ، 65 ، 72 ، 74 ، 75 ، 83 ، 84 ، 165 ، 359 ، 406 ، 414 ، 415 ، 426 ، 549 ، 557
    الزبير بن مسلم 300
    الزبيرى 186
    زحر بن قيس الجعفى ( 15 ) ، 16 ، 17 ، 19 ، 20 ، 137 ، 408 ، 467 ، 503
    * زر بن حييش ( 216 )
    أبو زرعة بن عمر بن جرير 61
    زفر بن الحارث 78 ، 206 ، 226
    زفر ( من بنى عدى ) 26
    زكريا بن الحارث 94
    زمل بن عمرو ( 511 )
    * الزهرى 222
    * أبو زهير العبسى 95 ، 55 ، 259 ، 542
    ابن زياد = عبد الله
    زياد بن جعفر الكندى 195

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    الجزء السابع  من كتاب صفين  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الجزء السابع من كتاب صفين    الجزء السابع  من كتاب صفين  Emptyالأحد أكتوبر 20, 2024 10:49 am

    زياد بن خصفة التيمى 197 ، 199 ، 261 ، 288 ، 297
    زياد بن رستم 71
    زياد بن سمية 366
    زياد بن مرحب الهمدانى 20 ، 21
    زياد بن النضر الحارثى 101 ، 111 ، 117 ، 118 ، 121 ـ 123 ، 152 153 ، 195 ، 214 ، 253 ، 254 ، 270 ، 396 ، 533
    * زيد بن أرقم الأنصارى 218 ، 448
    * زيد بن بدر 297
    زيد بن جبلة 24
    زيد ( بن حارثة ) 90
    * زيد بن حَسَن 156 ، 204 ، 237 ، 504
    * زيد بن حسين 167
    زيد بن حصين الطائى 99 ، 100 ، 489 ، ( 499 )
    زيد بن أبى رجاء 321
    زيد بن صوحان العبدى 557 ـ 558
    زيد بن عدى بن حاتم 522 ـ 524
    زيد بن على ، أبو الحسين 134
    زيد بن هاشم المرى 558
    * زيد بن وهب الجهنى 232 ، 234 ، 242 ، 249 ، 256 ، 326 ، 391 ، 450
    أبو زينب بن عوف = أبو زبيب
    س
    * سالم بن أبى الجعد ( 217 ) ، 219

    السائل ( فرس ) 369
    سبيع بن يزيد الهمدانى 507 ، 511
    * السدّىّ = إسماعيل
    ابن أبى سرح = عبدالله سعد بن أبى سرح 489
    ابن أبى سرحة ( عبدالله بن سعد بن أبى سرح 186
    سعد ( فى شعر ) 280
    * سعد الإسكاف = سعد بن طريف ( 303 )
    سعد بن طريف 5 ، 98 ، 126 ، 158 ، 231 ، ( 303 )
    سعد بن عمر 285
    سعد بن قيس الهمدانى 195
    سعد بن مالك = سعد بن أبى وقاص 65 ، 72 ، 73 ، 539
    سعد بن مسعود الثقفى 11 ، 117
    سعد بن أبى وقاص ، أبو عمرو 48 ، 65 ، 71 ، ( 72 ) ، 73 ، 74 ، 414 ، 538 ، 539 ، 551
    سعيد بن أبى بردة 509
    * أبو سعيد التيمى المعروف بعقيصا 144 ـ 145
    سعيد بن ثور السدوسى 290
    * سعيد بن حكيم العبسى 142
    سعيد بن خازم السلولى 268
    أبو سعيد الخدرى 216
    سعيد بن العاص ( 247 ) ، 408
    سعيد بن عبد الله بن ناجد 263
    سعيد بن قيس بن مرة الهمدانى 7 ، 117 ، 138 ، 187 ، 205 ، 236 ،

    244 ، 245 ، 250 ، 274 ، 303 ، 331 ، 402 ، 426 ، 427 ، 431 ، 432 ، 434 ، 437 ، 438 ، 453 ، 467 ، 483 ، 484 ، 506 ، 511 ، 520 ، 547
    سعيد بن وهب 105 ، 141
    * أبو السفر ( 329 )
    سفيان ( فى شعر ) 289 ، 356
    أبو سفيان 217 ، 220 ، 249 ، 318 ، 471 ، 544
    سفيان بن زيد 252
    سفيان بن سعيد الثورى ( 323 )
    سفيان بن عمرو السلمى ، أبو الأعور 153 ، 154 ، 157 ، 160 ، 167 ، 181 ، 196 ، 206 ، 213 ، 214 ، 226 ، 328 ، 329 ، 334 ـ 337 ، 362 ، 391 ، 481 ، 493 ، ( 507 ) ، 511
    سفيان بن عوف بن المغفل 261 ، 262
    السكونى الشاعر 21 ، 62 = الزبرقان بن عبد الله السكونى 81
    * سلام بن سويد 231
    ابن سلامان الغسانى 557
    سلمان بن الحارث الجعفى 556
    سلمان الفارسى ( 323 )
    * أبو سلمة 353 ، 354
    ابن أبى سلمة ( عامل البحرين ) 464
    سلمة بن خذيم بن جرثومة 261
    سلمة بن كهيل 323
    السلمى = معاوية بن الضحاك بن سفيان

    السليل بن عمرو السكونى 162
    أبو سليم ( كنية عياش بن شريك ) 260
    سليم بن صرد الخزاعى = سليمان بن صرد
    * سليمان الحضرمى 185
    * أبو سليمان الحضرمى 369
    * سليمان بن أبى راشد 200
    * سليمان بن الربيع النهدى الخزاز (2) ، 71 ، 131 ، 144 ، 213 ، 285 ، 353 ، 423 ، 497
    * سليمان بن صرد الخزاعى (6) ، 205 ، 313 ، 400 ، 519
    * سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدى 219
    * سليمان بن قرم ( 218 )
    سليمان بن المغيرة 10
    * سليمان ( بن مهران ) الأعمش 217 ، 218 ، 220 ، 323 ، 363 ، 366
    أبو سماك الأسدى 339
    سماك بن خرشة الجعفى ( 375 )
    سماك بن مخرمة الأسدى 12 ، 146
    السمط ( والد شرحبيل ) 181
    سمير بن الحارث العجلى 384
    سمير بن كعب بن أبى الحميرى 128
    سمية ( أم عمار بن ياسر ) 325 ، 326
    ابن سمية = عمار بن ياسر ( 199 ) ، 343
    * أبو سنان الأسلمى 223 ، 224
    سنان بن مالك النخعى 155

    سهل بن حنيف 93 ، 208 ، 248 ، 506
    سهم بن أبى العيزار 196
    سهيل بن عمرو 508 ، 509
    سويد بن حاطب 394
    * سويد بن حبة النضرى 287
    سويد بن قيس بن يزيد الأرحبى 268
    سيف بن عمر ، أبو عبدالله 5 ، 6 ، 9 ، 10
    سيف الله ( لقب خالد بن الوليد ) 395
    ش
    شبث بن ربعى التميمى 97 ، 98 ، 187 ، 188 ، 195 ، 197 ، 199 ، 205 ، 294
    أبو الشبلين ( كنية على ) 459
    أبو شجاع الحميرى 302
    أبو شداد = قيس بن مكشوح 258 ، 259
    شداد بن أبى ربيعة الخثعمى 149
    شرح ( مرخم شرحبيل ) 45
    ابن أخت شرحبيل 49
    شرحبيل بن الأبرد الحضرمى 556
    شرحبيل بن امرئ القيس الكندى 558
    شرحبيل بن ذى الكلاع 335
    شرحبيل بن السمط بن جبلة الكندى 44 ـ 52 ، 81 ، 182 ، 196 ، 200 ، 201 ، 536

    شرحبيل بن شريح 252
    شرحبيل بن طارق البكرى 556
    شرحبيل بن منصور الحكمى 556
    شريح ( لعله مرخم شرحبيل ) 289
    أبو شريح الجذامى 478
    أبو شريح الخزاعى 382
    شريح بن العطاء الحنظلى 557
    شريح بن مالك 258
    شريح بن هانى الحارثى 121 ، 122 ، 123 ، 139 ، 152 ، 153 ، 408 ، 467 ، 503 ، 533 ، 534 ـ 536 ، 542 ، 543 ، 546 ، 554
    شريك 219
    ابن شريك = عبدالله بن شريك
    شريك بن الأعور الحارثى 117
    شريك الكنانى 207
    * الشعبى = عامر الشعبى
    * الشعبى = محمد بن على
    شعيب بن نعيم 287
    * ابن أبى شقيق 373
    شقيق بن ثور السدوسى البكرى 288 ، 306 ، 485 ـ 487
    شقيق بن سلمة 497 ، 512
    شمر بن أبرهة بن الصباح الحميرى 222 ، 369

    شمر بن ذى الجوشن 267 ـ 268
    شمر بن الريان بن الحارث 293
    شمر بن شريح 252
    شمر بن عبد الله الخثعمى 257
    الشنى = الأعور
    الشهباء ( بغلة رسول الله ثم على ) 403
    شوذب ( غلام أو مولى زياد بن النضر ) 122
    الشيخ بن بشر الجذامى 376
    الشيخان = طلحة والزبير 64
    ص
    ( صاحب الترس المذهب ) = عبد الرحمن بن خالد بن الوليد 258
    ( صاحب الراية السوداء ) 221 ، 328
    * أبو صادق 204 ، 330
    * أبو صالح 324
    * صالح بن أبى الأسود 221
    صالح بن سليم 528
    * صالح بن سنان بن مالك 155
    صالح بن شعيب القينى 558
    صالح بن شقيق 512
    * صالح بن صدقة 55 ، 59 ، 62 ، 64 ، 77 ، 80 ، 81
    صالح بن فيروز العكى 174
    صالح بن المغيرة اللخمى 556

    الصامت بن قنسلى الفوطى 558
    صباح المزنى ( 320 )
    صباح القينى 290
    صبرة بن شيمان الأزدى ( 117 )
    صخر ( اسم أبى سفيان ) 195
    ابن صخر = معاوية 195
    الصخر ( صخر بن سمى؟ ) 525
    صخر بن سمى 261
    أبو صريمة الطفيل 205
    * صعصعة بن صوحان العبدى 160 ، 162 ، 174 ، 179 ، 206 ، 239 ، 241 ، 301 ، 315 ، 457 ، 480 ، 481
    أبو صفرة بن يزيد 507
    * الصقعب بن زهير 11 ، 519
    * أبو الصلت التيمى 261 ، 286
    الصلت بن خارجة 264
    * الصلت بن زهير النهدى 261 ، 268
    * الصلت بن يزيد بن أبى الصلت التيمى 290
    الصلتان العبدى 300 ، 487 ، ( 537 ) ، 538
    صهيب بن سنان 324 ، 325
    صيفى بن عليه بن شامل ( 128 )
    ض
    ضبيعة بن خزيمة بن ثابت 365

    الضحاك بن قيس الفهرى 12 ، 206 ، 213 ، 226 ، 360 ، 552 ، 557
    ابن ضرار = الأصبغ 467
    * أبو ضرار 473 ، 476
    ط
    أبو طالب بن عبدالمطلب 458 ، 471
    طالب بن كلثوم الهمدانى 556
    * طاوس 219 ، 550
    طرفة بن العبد 192
    أبو طريف ( كنية عدى بن حاتم ) 359
    طريف بن حابس الألهانى 206
    الطفيل بن أدهم 478
    الطفيل بن الحارث بن المطلب 506
    الطفيل أبو صريمة 205
    * أبو الطفيل الكنانى = عامر بن واثلة
    طلبة بن قيس بن عاصم المنقرى 553 ، 554
    طلحة ( بن عبيدالله ) 5 ، 15 ، 18 ، 20 ، 21 ، 24 ، 29 ، 30 ، 34 ، 47 ، 58 ، 59 ، 65 ، 72 ، 74 ، 75 ، 83 ، 84 ، 165 ، 183 ، 186 ، 359 ، 406 باسم طليح ، 414 ، 415 ، 426 ، 549 ، 557
    ابن طلحة الطلحات 417
    * أبو طيبة (9)
    * ابن الطيورى = المبارك بن عبد الجبار 208 ، 280

    ظالم 289
    ظبيان بن عمارة التميمى 155 ، 172
    ع
    عابس ( مولى حويطب ) ( 325 )
    أبو العادية الفزارى 341
    عاصم بن الدلف 26
    عاصم بن المنتشر الجذامى 507
    * عاصم بن أبى النجود ( 216 )
    * عامر 174
    ابن عامر = عبد الله
    ابن عامر 375
    عامر بن الأمين السلمى 364
    عامر بن حنظلة الكندى 556
    * عامر بن شراحيل الشعبى (7) ، 27 ، 51 ، 60 ، 80 ، 179 ، 208 ، 236 ، 237 ، 239 ، 241 ، 243 ، 245 ، 295 ، 298 ، 301 ، 315 ، 330 ، 340 ، 369 ، 387 ، 391 ، 480 ، 518 ، 520 ، 533
    عامر بن عبد القيس 188
    عامر بن عريف 263
    عامر بن واثلة ، أبو الطفيل 202 ( 309 ) ، 310 ، 312 ، 313 ، 359 ، 478 ، 554 ، 555
    عائذ بن كريب الهلالى 556

    عائذ بن مسروق الهمدانى 315 ، 556
    عائشة أم المؤمنين 5 ، 20 ، 65 ، 72 ، 204 بلفظ ذات البعير المضطجع ، 523
    عبادة ( جد قيس بن سعد ) 428
    العباس بن عبد المطلب 502
    العبد الأسود ( نبز لعمار بن ياسر ، نبزه به معاوية ) 339
    عبد بن زيد 252
    عبد خير الهمدانى ( 136 ) ، 342 ، 353 بلفظ عبد الخير
    * أبو عبد الرحمن 218 ، 288
    عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهرى 539 ، ( 540 )
    * عبد الرحمن بن جندب 232 ، 319 ، 528
    عبد الرحمن بن حاطب ( بن أبى بلتعة اللخمى ) ( 394 )
    عبد الرحمن بن خالد القينى 556
    عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومى ، صاحب الترس المذهب 13 ، 195 ، 206 ، 258 ، 362 ، 387 ، 395 ، 396 ، 424 ، 426 ، 427 ، 430 ، 431 ، 507 ، 511 ، 552
    عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمى 382
    عبد الرحمن بن ذى الكلاع الحميرى 507
    عبد الرحمن بن زهير 261
    عبد الرحمن ( هو ابن سعيد بن قيس ) 520
    * عبد الرحمن بن عبدالله 456
    * عبد الرحمن بن عبيد بن أبى الكنود 3 ، 6 ، 92 ، 102 ، 121 ، 131 ، 200 ، 454 ـ 455
    عبد الرحمن بن غنم الأزدى ( 44 )

    عبد الرحمن بن قلع الأحمسى 259
    عبد الرحمن بن قيس القينى 206
    عبد الرحمن بن كلدة 394
    عبد الرحمن بن أبى ليلى الأنصارى 448
    عبد الرحمن بن محرز الكندى ثم الطمحى 276
    عبد الرحمن بن محنف الأزدى 261
    عبد الرحمن بن مرثد 532
    * أبو عبد الرحمن المسعودى 169 ، 215
    * عبد الرحمن بن يزيد بن جابر 133 ، 213
    عبد الرحيم بن عبدالرحمن 235
    * عبد السلام بن عبدالله بن جابر الأحمسى ( 258 ) ، 259
    عبد العزيز بن الحارث الجعفى ، أبو الحارث 308
    * عبدالعزيز بن الخطاب 221
    * عبد العزيز بن سياه 144 ، 215 ، 216 ، 324 ، 328
    * عبد الغفار بن ( أبى ) القاسم 217
    أبو عبدالله ( كنية حذيفة بن اليمان ) 342
    * أبو عبد الله = سيف بن عمر
    أبو عبد الله = عمرو بن العاص
    عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى 102 ، 111 ، 205 ، 208 ، 208 ، 232 ، 234 ، 245 ، 246 ، 248 ، 253 ، 399 ، 400 ، 403 ، 455
    عبد الله بن جدعان ( 324 )
    عبد الله بن جريش العكى 557

    عبدالله بن جعفر ذى الجناحين ( بن أبى طالب ) الهاشمى 373 ، 507 ، 530
    عبد الله بن جمل 334 ، 511
    * عبد الله بن جندب 203
    عبد الله بن الحارث السكونى 424 ، 425
    عبد الله بن الحارث المزنى 557
    عبد الله بن الحجاج 152 ، 263
    عبد الله بن حجل العجلى 205
    عبد الله بن أبى الحصين الأزدى 152 ، 263
    عبد الله بن حنش الخثعمى 257
    عبد الله بن خليفة الطائى 279
    عبد الله بن ذى الكلاع الحميرى 196 ، 302 ـ 304 ، 364
    عبد الله بن أبى رافع 105
    عبد الله بن الزبير 539 ، 540 ، 542
    عبد الله بن أبى سرح = عبد الله بن سعد
    عبد الله بن سعد بن أبى سرح ( 161 ) ، 186 ، 489
    عبد الله بن سويد الحميرى 343
    عبد الله بن شريك 103 ، 121
    عبد الله بن صفوان الجمحى 539
    عبد الله بن ضرار ( من بنى حنظلة بن رواحة ) 260
    عبد الله بن الطفيل العامرى البكائى ( 206 ) ، 277 ، 309 ، 311 ، 312 ، 468 ، 511
    * عبد الله بن عاصم 196
    عبد الله بن عاصم الفائشى 531

    عبد الله بن عامر بن كريز القرشى 106 ، 246 ، ( 248 ) ، 417 ، 507
    عبد الله بن عباس 15 ، 16 ، 105 ـ 107 ، 116 ، 117 ، 205 ، 208 ، 221 ، 222 ، 232 ، 291 ، 317 ، 324 ، 334 ، 410 ـ 416 ، 463 ، 475 ، 499 ، 500 ، 502 ، 503 ، 506 ، 511 ، 533 ، 533 ، 546 ، 550 ، 552 ، 553
    * عبد الله بن عبد الرحمن 185 ، 369
    عبد الله بن عبد الرحمن الأنصارى 459
    عبد الله بن عتبة 188
    عبد الله بن عقبة ( رجل من السكاسك ) 470
    * عبد الله بن عمار بن عبد يغوث 151
    عبد الله بن عمر بن الخطاب 63 ، 65 ، 71 ـ 73 ، 217 ـ 221 ، 539 ، 540 ، 542 ، 544 ، 551
    عبد الله بن عمر العنسى 344
    عبد الله بن عمرو ( من بنى تميم ) 304
    عبد الله بن عمرو بن العاص 34 ، 35 ، 206 ، 227 ، 324 ، 334 ، 342 ، 388 ، 483 ، 507 ، 540
    عبد الله بن عمرو بن كبشة 261
    *عبد الله بن عوف بن الأحمر 116 ، 160 ، 161 ، 172
    عبد الله بن قلع الأحمسى 259
    عبد الله بن قيس = أبو موسى الأشعرى
    عبد الله بن كبار النهدى 268
    * عبد الله بن كردم بن مرثد 14
    عبد الله بن كعب ( المرادى ) 261 ، ( 456 )

    عبد الله بن مسعود 115 ، 216
    عبد الله بن المعتم العبسى (Cool ، 95 ـ 97
    عبد الله بن أبى معقل بن نهيك بن يساف الأنصارى 357
    عبد الله بن المنذر التنوخى 154
    عبد الله بن المنهال الساعدى 557
    عبد الله بن ناجد 263
    عبد الله بن الناصح ( علم إلغازىّ ) 190
    عبد الله بن النزال 261
    عبد الله بن هاشم بن عتبة 348 ، 356
    عبد الله بن هشام 540
    عبد الله بن وديعة الأنصارى 529
    * عبد الله بن أبى يحيى 394
    عبد الله بن يزيد بن عاصم الأنصارى 364
    عبد المطلب ( بن هاشم ) 77 ، 272 ، 414 ، 471
    * عبد الملك بن عبد الله 373
    * عبد الواحد بن حسان العجلى 231
    * عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطى (1) ، 71 ، 131 ، 209 ، 213 ، 281 ، 285 ، 350 ، 353 ، 419 ، 494 ، 497
    عبيد الله بن جويرية 264
    عبيد الله بن أبى رافع ( كاتب على ) 471
    عبيد الله بن زياد 141
    عبيد الله بن عمر بن الخطاب 82 ، 83 ، 186 ، 196 ، 206 ، 221 ، 290 ، 291 ، 293 ، 297 ـ 301 ، 320 ، 330 ، 355 ، 356 ،

    358 ، 361 ، 380 ، 406 ، 414 ، 424 ، 426 ، 427 ، 429 ، 453 ، 455 ، 525
    * أبو عبيدة 140
    عبيدة ( بن الحارث بن عبد المطلب ) ( 90 )
    عبيدة بن رياح الرعينى 557
    عبيدة السلمانى 115 ، ( 188 ) = عبيدة ( بن عمرو )
    عبيدة ( بن عمرو ، أوقيس ) السلمانى ( 115 ) ، ( 188 )
    ابن عتاب 358
    عتاب بن لقيط البكرى 306
    عتبة ( جد معاوية من قِبل أمه ) 102
    عتبة بن جويرية 263 ـ 264
    عتبة بن أبى سفيان 33 ، 39 ، 40 ، 335 ، 360 ، 362 ، 408 ، 409 ، 417 ، 424 ، 459 ، 460 ، 463 ، 465 ، 507 ، 511
    عثمان ( بن بديل ) 245
    عثمان بن حنيف ( 15 )
    * عثمان بن عبيد الله الجرجانى 80
    عثمان بن عفان ( من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب )
    عجل بن عبد الله بن ناجد 263
    * عدى بن ثابت 217
    عدى بن حاتم الطائى ، أعور طيئ 64 ، 65 ، 98 ، 100 ، 117 ، 118 ، 137 ، 143 ، 197 ، 205 ، 359 ، 360 ، 379 ، 380 ، 381 ، 402 ، 403 ، 405 ، 408 ، 426 ، 427 ، 430 ، 431 ، 455 ، 467 ، 482 ، 503 ، 522 ، 523 ، 554

    ابن عدى بن حاتم 403
    عدى بن الحارث 11 ، 397
    العديل بن نائل العجلى 392
    أبو عرفاء ( كنية جبلة بن عطية الذهلى ) 304 ، 305
    عرفجة بن أبرد الخشنى 384
    عروة ( فى شعر ) 356
    عروة بن أدية 513
    عروة البارقى 141
    عروة بن داود الدمشقى 458 ، 459
    عريف 263
    * عطاء بن السائب 243 ، 324
    عطية بن غنى 71
    عفيف بن إياس الأحمسى 259
    العقاب ( راية معاوية ) 376 ، 396
    ابن عقبة = على بن محمد بن محمد بن محمد بن عقبة
    عقبة بن جارية 511
    عقبة بن حجية 507
    عقبة بن سلمة 293
    عقبة بن عامر الجهنى 507
    عقبة بن عمرو الأنصارى 121 ، 132 ، 448
    عقبة بن مسعود ( عامل على ) 313
    عقبة بن أبى معيط 391 ، 489
    ابن العقدية = مالك بن الجلاح ( 269 ) ، 270

    عقيصا = أبو سعيد التيمى ( 145 ) ، 267
    العكبر بن جدير بن المنذر الأسدى 450 ـ 452
    * العلاء بن يزيد القرشى 218
    علاقة التيمى 95
    علباء ( قاتل والدامرئ القيس ) ( 417 )
    علباء بن المخارق الطائى 558
    علباء بن الهيثم البكرى 558
    علقمة بن حصين الحارثى 556
    علقمة بن حكيم 507
    * أبو علقمة الخثعمى 257
    علقمة بن زهير الأنصارى 371
    علقمة بن عمرو 194 ، 195
    علقمة بن قيس النخعى 188 ، 287 ، 509
    علقمة بن مرثد 511
    علقمة بن يزيد الجرمى 507
    علقمة بن يزيد الكلبى 507
    * على بن الأقمر ( 220 )
    * على بن حزور ( 322 )
    على بن الحسين 10
    على بن عمير 261
    * على بن محمد الدامغانى ، أبو الحسن 209 ، 280 ، 350 ، 419 ، 494
    * على بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد بن همام الشيبانى (2) ، 71 ، 77 ، 131 ، 213 ، 285 ، 337 ، 339 ، 353 ، 423 ، 497 ، 505 ، 534 ، 556

    العليمى = مرة بن جنادة
    أبو عمار 323
    أم عمار = سمية 324
    عمار بن الأحوص الكلبى 507
    * عمار الدهنى ( 218 )
    عمار بن ربيعة 473 ، 476 ، 512
    عمار بن السعر 128
    عمار بن ياسر ، أبو اليقظان 15 ، 54 ، 64 ، 101 ، 198 ، ( 199 ) ، 205 ، 208 ، 214 ـ 216 ، 224 ، 232 ، 263 ، 293 ، 319 ـ 326 ، 328 ، 333 ـ 345 ، 364 ، 384 ، 403 ، 405 ، 455
    أبو عمار بن ياسر 365
    عمارة 369
    * عمارة بن ربيعة الجرمى 511
    * عمر = عمر بن سعد
    عمر ( كاتب على ) 507
    ابن عمر = عبيد الله بن عمر
    عمر بن الخطاب أبو حفص 29 ، 32 ، 46 ، 63 ، 75 ، 81 ، 82 ، 201 ، 240 ، 299 ، 333 ، 415 ، 502 ، 521 ، 522 ، 541 ـ 543
    * عمر بن سعد بن أبى الصيد الأسدى ( من الأعلام الشائعة فى الكتاب ) وترجمته في ص (3)
    عمر بن سعد بن أبى وقاص 538 ، 539
    * عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفى 135
    * ابن عمر بن مسلمة الأرحبى 85

    * عمران 231
    عمران بن حطان = ابن حطان
    أبو العمرطة = قيس بن عمرو بن عمير بن زيد
    أبو عمرو ( كنية جرير بن عبد الله البجلى ) 17
    أبو عمرو ( كنية سعد بن أبى وقاص ) 75
    أبو عمرو ( كنية عثمان بن عفان ) 79
    عمرو بن الإطنابة 395 ، 404
    عمرو بن أوس 518
    * عمرو بن ثابت 216
    عمرو بن حجدر 290
    عمرو بن حصين السكسكى 273 ، 274
    عمرو بن الحمق الخزاعى 65 ، 103 ، 205 ، 381 ، 399 ، 482 ، 507
    عمرو بن حمية الكلبى 255
    عمرو بن حنظلة 206
    * عمرو بن خالد 134
    عمرو بن سفيان السلمى 44 ، 503
    * عمرو بن شرحبيل 323
    * عمرو بن شمر ( من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب )
    عمرو بن العاص ( من الأعلام الشائعة الذكر في الكتاب )
    ابن عم عمرو بن العاص 41
    عمرو بن عامر 138
    عمرو بن عثمان بن عفان 20
    عمرو بن عريف 263

    عمرو العكى 180
    عمرو بن عمير الأنصارى ( 448 )
    عمرو بن غزية الأنصارى ، أبو حبة ( 379 )
    عمرو بن محصن = بشير بن عمرو بن محصن ...
    عمرو بن مرجوم العبدى ( 117 )
    عمرو بن يثربى الضبى 557
    عمرو بن يزيد الذهلى 285
    * أبو عمرة ( 185 )
    * أبو عمرة بن عمرو بن محصن = بشير بن عمرو بن محصن
    عمير بن بشر 252
    عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمى 205 ، 309 ـ 311
    عميرة ( كاتب على ) 511
    عنتر بن عبيد بن خالد 586
    العنسى = عبد الله بن عمر العنسى
    عوف ( من أصحاب معاوية ) 194 ، 195
    عوف بن بشر 336 ، 337
    عوف بن جويرية 264
    عوف بن الحارث بن المطلب القرشى 506
    عوف بن مجزأة الكوفى المرادى 450 ـ 452
    * عون بن أبى جحيفة ( 519 )
    * عون بن عبد الله بن عتبة 5
    عياش بن ربيعة العبسى 96
    عياش بن شريك بن حارثة ( أبو سليم ) 260

    عياض الثمالى ( 45 )
    عيسى بن مريم 7 147
    غ
    غريب بن شرحبيل الهمدانى 8
    ابن أبى غزية 73
    ف
    فارس زوف = عوف بن مجزأة 450
    فارس الموسوم = مالك بن الجلاح 269
    الفاروق ( لقب عمر ) 120
    فاطمة بنت أسد بن هاشم 82
    فاطمة ( بنت الرسول ) 103 ، 163
    فرعون ، ذو الأوتاد 217 ، 219 ، 334 ، 339
    فروة بنت نوفل الأشجعى ( 286 )
    الفزارى = أربد 94
    * الفضل بن أدهم 238
    الفضل بن العباس 413 ، 416
    * فضيل بن خديج ( 208 ) ، 250 ، 255 ، 276 ، 285 ، 490 ، 521
    * فطر بن خليفة ( 216 )
    فلان بن مرة بن شرحبيل 304
    * الفيض بن محمد 5

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    الجزء السابع من كتاب صفين
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » الجزء الخامس من كتاب صفين
    »  الجزء السادس من كتاب صفين
    » الجزء الاوّل من كتاب الجامع لمفردات الادوية والاغذية
    »  وقعة صفين
    » رحلة ديللاقاليه الى العراق مطلع القرن السابع عشر

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 34- منتدى الاحداث التي وقعة في خلافة الامام علي عليه السلام-
    انتقل الى: