الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
اهل البيت
المواضيع الأخيرة
» مقاتل الطالبيّين مقاتل الطالبيّين المؤلف :أبي الفرج الاصفهاني
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 11:42 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج1
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 10:27 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج2
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 9:59 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج3
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 9:34 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  كلام جميل عن التسامح
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 8:57 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مفهوم التسامح مع الذات
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 8:48 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال الحكماء والفلاسفة
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 10:01 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال وحكم رائعة
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 9:55 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أحاديث / شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا) شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا)
عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyأمس في 9:50 am من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:11 am

    الإهداء
    إن كان الناس يتقربون الى الأكابر والعظماء بتقديم مجهوداتهم فليس لنا أن نتقرب الى أحد سوى سيدنا ومولانا إمام زماننا وحجة عصرنا الامام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، فإليك يا حافظ الشريعة بألطافك الخفية ، وإليك يا صاحب الأمر وناموس الكون اقدّم مجهودي المتواضع في سبيل إعلاء كلمة الدين وشريعة جدك المصطفى وبقية آثار آبائك الطاهرين دينا قيما لا عوج فيه ولا أمتا ورجائي القبول والشفاعة في يوم لا ترجى إلا شفاعتكم أهل البيت.
    ابراهيم الموسوي الزنجاني


    المدخل
    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    الحمد لله الواحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وسلام على أنبيائه العظام وسفرائه الكرام لا سيما الرسول الأعظم والنبي الأكرم محمد بن عبد الله وعلى آله المعصومين لا سيما وصيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، أما بعد فيقول الفقير الى الله عزوجل السيد ابراهيم الموسوي الزنجاني نزيل النجف الأشرف ابن السيد ساجدين بن المرحوم السيد باقر بن ابراهيم بن بهرامعلي بن مير الله وردي بن محمد بن مراد علي بن أمين بن محمد بن علي أكبر بن محمد بن عبد الله ابن قاسم بن ميريادگار تاج الدين المعروف ابن علي بن محمد بن أحمد بن حسين بن علي بن محمد بن حسن بن موسى بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمود بن أحمد بن حسين بن مرتضى بن محراب بن محمد بن محمود بن أحمد بن حسين بن محمد العابد المدفون في شيراز بن الامام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عبد الله بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.
    يجد القارئ في هذا الجزء الثاني أجوبة شافية ردا على مزاعم الماديين وأدلة قطعية على وجود الصانع جل جلاله ووحدانيته والنبوة والمعاد والحشر والبرزخ والميزان والحساب وعالم الخلود والجنة والنار وبيان الوسيلة واللواء والحوض والشفاعة وشهادة الغربيين في القرآن وفي النبوة وفي الامامة ، وخاتمة في بيان بعض علائم الظهور.


    عقائد الامامية الاثنى عشرية
    في الاصول
    التوحيد :
    قد ذكرت أدلة اصول الدين مشروحة مفصلة في الجزء الأول من كتابنا عقائد الامامية الاثنى عشرية وذكرنا فيه أن الشيعة أقامت براهين قيّمة على أنه تعالى واحد لا شريك له ولا نظير ولا شبيه له لم يلد ولم يولد وهي تكافح كل لون من الشرك وأي انحراف عن صراط التوحيد كما تكافح عبادة الانسان والأصنام بكل حول وطول أجمعت على أن العالم مخلوق لله ومصنوع له لم يشاركه فيه أحد من خلقه ولم ينازعه أحد في ملكه ولا خالق إلا الله ، وهذا الأصل هو الذي أرشدهم الى القول بأن كل ما في الكون من حقير وخطير ليس فيه إلا الخير والصلاح وأن كل انحراف وفساد فهو من فعل الانسان المنحرف.
    اتفقت الشيعة على تنزيه الله تبارك وتعالى عن الجسم ولوازم الجسمانيات وأنه تعالى فوق المادة والماديات فليس هو في حيّز ولا يحيط به شيء وعلمه قد أحاط بكل شيء وهو أقرب الى عبده من حبل وريده بصير سميع لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو محيط بكل الأزمنة والأمكنة فالماضي والمستقبل

    والقاضي والداني عنده سواء والموجودات بهوياتها وحقائقها الخارجية حاضرة لديه منكشفة له أتم الانكشاف يعلم خائنة الأعين وما تخفى.
    الشيعة توحد الله أتم التوحيد فالله جل وعلا عندهم بسيط لا جزء تركيبي له خارجا وذهنا حتى أن صفاته الجمالية كعلمه وقدرته عين ذاته لا زائدة عليها فليست هاهنا ذات وراء الصفات حتى تكون معروضة لها كما في غيره من الممكنات ولا تحديد لوجوده فهو أزلي أبدي غير متناه من جميع الجهات وهو جل وعلا لا يجانس أحدا من مخلوقاته في صفاته وأوصافه إذ لا سنخية بينه وبين مصنوعاته إلا بالعلية والمعلولية ولا تشابه بين المتناهي وغير المتناهي.
    اتفقت الشيعة الامامية الاثني عشرية على أن الله تعالى هو الغافر لذنوب عباده وزلات خلائقه دون غيره ولا يشاركه في ذلك أحد ولا يشفع أحد من أنبيائه وأوليائه إلا بإذنه.
    النبوة وبعثة الرسل :
    اتفقت الشيعة الامامية الاثني عشرية على أن الله تعالى بعث الى عباده رسله وأنبيائه وهم خيار خلائقه ليهدوهم الى صراط الحق ويخرجوهم من ظلام الجهل الى نور العلم والإيمان لأنه لم يخلقهم إلا للفوز بالسعادة ، وقد جبلهم على مؤهلات في أنفسهم تحبب إليهم الخير والسعادة ، وفطرهم على النزوع إلى الخير وحب الصلاح ومعاداة الظلم والانحراف وما شابه ذلك من مساوئ الأخلاق.
    المعاد :
    وهو أصل اسلامي خطير وقد اتفقت السنة والشيعة الامامية على أن الله يعيد الناس يوم القيامة ويضع الموازين القسط فلا يظلم أحد مثقال ذرة ووفيت كل نفس ما عملت فإما الى النعيم الدائم وإما الى العذاب المسقم.

    امتيازات الشيعة الامامية :
    هذه الاصول الثلاثة تشترك فيها عامة فرق المسلمين البالغ عددهم 000 ، 000 ، 800 مليون في أقطار العالم ، غير أن للشيعة اصولا اختصت وتفردت بها عن سائر الفرق وهي الإمامة والخلافة.
    الامامة :
    كما قلنا منصب إلهي يمنحه الله لخاصة عباده وهم الأئمة الاثنا عشر خلفاء الله وخلفاء نبيه.
    العدل :
    اتفقت الشيعة الامامية على عدله تعالى ومجانبته للظلم فلا يظلم عباده مثقال ذرة لأن الظلم ينشأ إما عن الجهل بقبحه وإما عن التمرد على الحق وهو آية النص وهو تعالى منزّه عن كل ذلك لكماله المطلق ، وعلى هذا الأساس قالت الشيعة ببطلان الجبر في أفعال العباد وأن المكلفين غير مجبورين في أفعالهم وأقوالهم خلقهم الله مختارين في ما يفعلونه ويتركون غير مضطرين في طاعة أو معصية جعل الانسان تام التصرف في ما يسعد به ويشقى وأنه لا تزر وازرة وزر اخرى وأن ليس للانسان إلا ما سعى.
    لكن إخواننا أبناء السنة لما لم يعترفوا بالحسن والقبح العقليين ولم يعتقدوا بأن الانسان يعرف من نفسه قبح ظلمه وحسن إنصافه وعدله قالوا بأن ما حسّنه الشرع فهو حسن حتى لو أمر بالظلم والعدوان وكل ما قبّحه الشرع فهو قبيح حتى لو نهى عن العدل والاحسان وصارت النتيجة عندهم أنه لا مفهوم للحسن والقبح ولا للعدل والظلم بالنسبة إليه تعالى.

    أدلة إثبات الصانع
    (أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
    ان كان هناك شيء من أوضح الواضحات وأجلى البديهيات فهو وجود الله تعالى الموجد لهذه النفوس والمعطي لها هذه القابليات الخارقة البديعة ، فالطفل يشعر بهذا الشعور وهو وجود موجد له وصانع لما يرى حوله ، ذلك لأن الله تعالى قد أوجد فيه قابلية التفكير ، فهو اذا بلغ السنة الرابعة أو الخامسة يبدأ فيسأل لما ذا ولأي سبب؟ من صنع هذا؟ من أوجد هذا؟ ومن أين وجد ذاك؟
    إن الله تعالى قد أتم الحجة على عباده بأن غرس فيهم قابلية التفكير وإرجاع الأشياء (المسببات) الى أسبابها ، فالطفل على سذاجته وطبيعته الفطرية يعترف بوجود خالق له ، كيف لا وهو يرى أن ليس له أن يتصرف من نفسه وهو في غاية العجز وأنه لم يصنع عضوا من أعضاء بدنه ، ثم إن الله قد جهّز عقله بإرجاع كل معلول الى علة وكل مسبب الى سبب وهو القائل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) أي أن الانسان بالفطرة وبصورة طبيعية يعترف بوجود خالقه وموجده ، ولذلك سمي دين الاسلام بدين الفطرة أي أن كل ما فيه فطري وضروري يعترف به العقل بصورة طبيعية ارتكازية وأن هذا الاعتراف بوجود الخالق شيء مرتكز من قبل الله تعالى في عقل الانسان منذ نعومة أظفاره ، وعدا ذلك فإن الله يقول جل من قائل :

    (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) سورة الأعراف 173.
    قد أتم الحجة على عباده فحسب مفاد هذه الآية المنفية ان الله تعالى قد أحضر من عالم الذر كل انسان ذكر أو انثى وجعلهم شهودا على أنفسهم وأخذ منهم الاعتراف على وجوده ووحدانيته بقوله ألست بربكم فقالوا بلى شهدنا أي أخرجهم الله من أصلابهم على نحو توالدهم نسلا بعد نسل الى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرّفهم نفسه وأراهم صنعه كما في بعض التفاسير.
    وقال بعض المحققين : إن في قوله تعالى ألست بربكم إشارة لطيفة فإنه سبحانه استفهم الاقرار بهم بربوبيته لا بوجوده تبينا على أنهم كانوا مقرين بوجوده في بداية عقولهم وفطرة نفوسهم.
    وها هو في عصر الذرة حين أن بركسون Bergson الفيلسوف الفرنسي الموحد الذي أتعب نفسه في العلوم الرياضية برهة من الزمن عند ما ينظر الى تلك المعادلات والخوارق في الذرة يقول : إن الله موجود في الذرة يبدعها إبداعا وينظمها تنظيما ، فيركسون عند ما يرى في الذرة حركات في غاية الحكمة لا ربط لها بالصدفة يذعن أن يدا ربانية موجودة في الذرة نفسها تعمل في هذا الترتيب الحكيم.
    اعتراف علماء رياضيين بوجود الخالق :
    تكاد لا تجد فيلسوفا درس الرياضيات العالية أو الفيزياء الرياضية العالية أو الفلك العالي وتوغل فيها ملحدا ينكر وجود الخالق فأنشتين وبركسون وكاميل فلامريون وأمثالهم موحدون ، ذلك لأنه عند ما يرى أحدهم أن جميع أجزاء الكون مرتبطة بعضها ببعض بدساتير رياضية متقنة وأن الرياضيات مفتاح فهم

    ظواهر الطبيعة عند ذلك يعلم أنه لا بد من عاقل قد ربط أجزاء هذا الكون بعضها ببعض وأن هذا العاقل الجبار هو الله تعالى واجد الوجود ومرتب أجزاء هذا الوجود ترتيبا محكما بقوانين رياضية لم يصل العلم الحديث إلا إلى جزء ضئيل وضئيل منها جدا.
    انظروا الى دكارت وهو الفيلسوف الفرنسي الرياضي كيف توصل الى وجود الخالق جل جلاله لعدم تلويثه نفسه بما يبعدها عن الاعتراف بأوضح الواضحات أنه شك أولا في وجود نفسه فقال : أنا افكر إذن أنا موجود ، ثم قال : إن لديّ فكرة الكمال وأنا غير كامل فلو كنت مخلوقا من قبل ذاتي لكنت خلقت ذاتي كاملا لأنني أمتلك فكرة الكمال ولأن إعطائي لذاتي ضروب الكمال سيكون ولا ريب أقل صعوبة من أن أجذب نفسي من العدم وبما أني غير كامل فأنا اذن لم أخلق نفسي بنفسي.
    يقول ولتر أن الموجودات برمتها تنادي برفيع صوتها ان لها بارئا قد برأها وصانعا قد أتقن صنعها.
    وأما لينه العالم المعروف فإنه يقول يمر أمام عيني ربي الذي خلق كل شيء اني لا أراه ببصري ولكن نفسي تراه حين تشع عليها آثار عظمته وجلاله وترى ما اودع في هذا الكون من جلائل الأعمال وخوارق لا تعد يكفيني أن أرى الكائنات الحية الصغيرة جدا التي لا ترى بالعين المجردة كيف جهّزها الله بجوارح وأعضاء تحير العقول.
    أليست القوانين نتيجة تدبّر وتفكر وتعقل وهل يجوز أن يوجد الترتيب والتنظيم دون مرتب ومنظم وهل من الممكن أن توجد عوالم الجماد والحيوان والنبات وما في السموات والأرض وحركة الكواكب والليل والنهار والأمطار والأنهار وأن ترتبط هذه الأشياء بعضها ببعض ارتباطا وثيقا دون مدبر حكيم عليم وأنه لا يحصل انتظام وترتيب في ما لا يحصى من أشياء متسلسلة مستندة بعضها على بعض بالصدفة ومع ذلك فلا بد من موجد لهذه الأجزاء المرتبطة بعضها

    ببعض والتي تكاد لا تحصى بقوانين تحير العقول حتى يأتي دور الصدفة كيف حصل العقل من المادة على ما يقوله الماديون وكيف وجد الروح هل القوة كانت قبلا أم المادة وكيف انقلبت القوة الى مادة فلو قلنا أن هناك يدا خفية ولا بد منها أن تعمل في حدوث شيء من شيء آخر وتكامل بعض النباتات والحيوانات فذاك هو الله تعالى.
    اعتراف جان بوجود الله تعالى :
    يقول جان جاك روسو أن نعتقد أن مادة ميتة تقوى على إيجاد هذه الكائنات الحية الكثيرة ، وأن الضرورة العمياء تتمكن من خلق الموجودات العاقلة ، وأن شيئا عديم العقل يستطيع أن يوجد أشياء مدركة عقلا ، ومن البديهي أن الحركة ليست بأمر ذاتي من الجسم فلا بد من محرّك ومتصرف ، وأن سلسلة الحركات الكونية كلها تنتهي الى المحرك الأول وهو الله تعالى.
    يقول هرشل :
    كلما توسع افق العلم كلما ازددنا معرفة بالله ذلك لأن العلم يزودنا ببراهين قطعية على وجود الخالق الأزلي القدير الذي لا حد لقدرته.
    النظر في أحوال الكون
    يدل على خالق الكون :
    ذكر الاستاذ المؤرخ أحمد أمين في الجزء الأول من كتابه التكامل ص 195 يرى المطالع في أحوال الكون أن الأنجم تسير في أفلاك معينة لا تحيد عنها وكل هذه الأفلاك أو المدارات التي تضبط بمعادلات رياضية متقنة تشير الى النظام الرائع والانتظام البديع الذي أودعه الله في هذا الكون ، يرى أن للخسوف أو الكسوف حسابات خاصة ودساتير معينة على وجه يمكن حساب زمان وقوعهما قبلا ومدة دوامهما.

    يرى أنه لو لا ميلان مدار الأرض عن دائرة الكسوف 23 درجة و 37 دقيقة لما حدث اختلاف الليل والنهار الذي ينتج منه الحر والبرد واختلاف الفصول وفوائد لا تعد ولا تحصى (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) سورة الحج.
    يرى المطالع في أحوال الكون لو لا حركة الأرض الوضعية لكان النصف من الكرة الأرضية في ظلام دائم والنصف الآخر في ضياء دائم واحتراق شديد (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) سورة النحل.
    (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) سورة القصص.
    يرى أن الحكمة البالغة جعلت السيارات (الكواكب) تدور على سير اهليلجي (قطع ناقص) حول الشمس على أن تكون الشمس أحد محراقيه (بؤرتيه).
    يرى المطالع : أن الشعاع الحامل الذي يوصل الشمس باحدى السيارات (الكواكب) يقطع من أزمنة متساوية سطوحا متساوية وفي ذلك من الحكمة الفائقة.
    يرى : أن مربعات أزمنة الدور النجومي للسيارات (الكواكب) تتناسب مع مكعبات نصف المحور الأطول لمداراتها وفي ذلك الحكمة العالية.
    يرى المطالع في أحوال الكون : أن نظرية (لابلاس) في تشكيل المنظومة الشمسية موجودة بشكل صحيح لا يقبل الجرح والتعديل في القرآن الكريم :
    (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ).

    يرى أن تشكل المطر أو الودق قد جاء ذكره في القرآن لتوجيه الناس الى عظيم صنع الله بقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً) أي يسوق السحاب أو البخار ، (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ).
    والجبال التي فيها من برد هي الثلاجات تتوجه من نوروج الى خليج مكزيك في المحيط الأطلسي.
    الجاذبية العامة :
    يرى المطالع في أحوال الكون : أن قوة خارقة تسيّر السيارات (الأنجم) بانتظام خاص وتمنعها عن الميدان والانحراف والاضطراب ، وهذا ما يعبّر عنه بالجاذبية العامة (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) سورة فاطر آية 40.
    يرى المطالع : أن الأشعة الكونية لها من الآثار والقوانين ما يعجز عن استقصائها العلماء وان اشتغلوا مئات السنين حتى يقول الفيزياوي نحن في ساحل بحر من المجهولات لا تدرك نهايته (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) سورة الحجر.
    يرى : أن الأجزاء الصغيرة من الماء المعلقة في الهواء أو الأبخرة عند انقلابها الى الثلج الصقيع تأخذ أشكالا هندسية منظمة بديعة يعجز عن صنعها المهندسون.
    يرى المطالع : من النظام المودع في مختلف أجزاء بدنه ووظائف كل من أعضائه وكذا في بقية الحيوانات (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة النور.

    يرى المطالع : أنه لو كتب عشرات الكتب في ما اودع الله من خواص وقوانين في عين الانسان لكان هناك أيضا حقائق لا تعد ولا تحصى يجب أن تدوّن.
    يرى : أن الحيوانات قد جهّزت بوسائل للدفاع عن نفسها الى درجة معينة لغرض خاص وأنها أقل من أن تفكر لنفسها في ما يسد رمقها ولكنها ترزق وتعيش على الرغم منها (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
    يرى المطالع : أن في الأرض أدوية متنوعة لأمراض الانسان فلا يدري هل وجد الداء قبلا أم الدواء وما المناسبة بينهما وفي أي محل عقد مؤتمر حفظ النسل الانساني من الأمراض الفتاكة ومن أين أتت الحياة الى هذه الجراثيم الحية المولدة لشتى الأمراض.
    يرى : عجائب لا تعد ولا تحصى في عالم النبات من بري وبحري والأمراض التي تعتريها وطرق معالجتها وأن الرياح تلعب دورا في تحقيق مهمة اللقاح ولم يكن هناك توافق نظر بين الرياح والنباتات.
    يرى المطالع : الخوارق في حياة النحلة وكذا في كثير من الحيوانات وتلك النقوش البديعة على أجنحة الطيور والحشرات يستوحي منها كبار المصورين ويعجز عن ابتداعها الفنانون.
    يرى في الكيمياء : النظام الرائع في تركيب العناصر وتشكل أجسام جديدة شتى (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) سورة الرعد.
    يرى : ويحار من توزع الالكترونات حول البروتونات في بطن الذرة بطراز هندسي عجيب ويرى أن الالكترون يسيّر بإرادة عالية حكيمة من الخارج ولا يتبع المصادفات بوجه من الوجوه.
    يرى : أنه لو كتب آلاف الكتب في تحقيق خواص الذرة ومعادلاتها لبقيت

    هنالك أيضا حقائق مجهولة يجب الاعتراف بجهله لها (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ).
    يرى المفكر في أحوال الكون : أن كل شيء قد أخذ قسطا من الكمال بقدر استعداده وقابليته (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) سورة الرعد ، وأن الكمال سائد في كل شيء ولا يشذ شيء عنه ، فالذرة كاملة والبروتون كامل والنيوترون كامل والايونات كاملة والوردة كاملة وشعاع روتنكن كامل (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) سورة بني اسرائيل.
    أي أن كل شيء من تمام كماله وكمال تكامله وأنه يشير الى تنزه الباري جل جلاله من كل نقص والى حسن ابداعه وجليل إتقانه الخلق سبحانه وتعالى عما يشركون ولكنا لا نفقه درجة هذا الكمال وحقيقة هذا التنزيه إلا بقدر ما توصلت إليه معلوماتنا ومعارفنا ولم تصل معلوماتنا الى حد نفقه بها تسبيح الأشياء والكمال المودع فيها إلا ظواهر ومعلومات ضئيلة نسلي بها أنفسنا.
    ومن هنا ظهر معنى الحديث الشريف : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه ، فالمولود يولد موحدا معترفا بخالقه.
    سؤال رجل ملحد لأبي الحسن :
    دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) وعنده جماعة فقال أبو الحسن عليه‌السلام : أيها الرجل أرأيت إن كان القول قولكم وليس هو كما تقولون ألسنا وإياكم سواء شرعا لا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟ فسكت الرجل ، ثم قال أبو الحسن عليه‌السلام : وان كان القول قولنا وهو قولنا ألستم قد هلكتم ونجونا؟ فقال : رحمك الله أوجدني كيف هو وأين هو؟ فقال : ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط ، هو أيّن الأين بلا أين وكيّف الكيف بلا كيف فلا يعرف بكيفوفية ولا بأينونية ولا يدرك بحاسة ولا يقاس بشيء.

    فقال الرجل : فإذن انه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس ، فقال أبو الحسن عليه‌السلام : ويلك لما عجزت حواسك عن ادراكه أنكرت ربوبيته ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا بخلاف شيء من الأشياء. قال الرجل : فأخبرني متى كان ، قال أبو الحسنعليه‌السلام : أخبرني متى لم يكن فاخبرك متى كان ، قال الرجل : فما الدليل عليه؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : أين ما نظرت الى جسدي ولم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآيات العجيبات المبينات علمت أن لهذا مقدرا ومنشئا.
    ومن الواضح أنه لا يعرف الله تعالى أحد حق معرفته إلا هو ، فقد جاء في الحديث سبحان من لا يعلم كيف هو إلا هو.
    اقرار فلاسفة العالم بوجود الله تعالى :
    فالله تبارك وتعالى قد غرس اصول التوحيد والايمان في النفس الانسانية في عالم الذر في عالم الأرواح إتماما للحجة (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) سورة الأنعام 139 ، فهناك رسولان رسول باطني وهو العقل جعل الله الانسان مسئولا تجاهه فالعقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان ، ورسول ظاهري وهم الأنبياء سلام الله عليهم أجمعين.
    فالناس كانوا في قديم الزمان في وقت لا يحدده التاريخ مؤمنين بالله يوحدونه ويقدسونه ولكن الشيطان قد تسول لهم فأطاعوه بتلويث نفوسهم بالفسق والظلم فاظلمت النفوس وزاغت عن الصراط (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) سورة الصف 5.
    عن زرارة عن الباقر خامس أئمة الاثنا عشر عليه‌السلام قال : سألته عن قول

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:13 am

    الله عزوجل (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) قال : الحنيفية من الفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ، ثم قال : فطرهم على المعرفة.
    نرى أن من 390 فيلسوفا 91% منهم مؤمنون و 5% منهم لاأدريون يعني (لا يعلمون) و 4% منهم ملاحدة.
    ذلك لأن العلم وما أودع الله من دقيق الصنع وشتى المعادلات في تكوين هذا الكون يجر الانسان الباحث الى الاعتقاد بالله العلي القدير.
    في وجود الانسان دلائل على وجود الله :
    يقول پاستور : لا تنافي بين العلم والإيمان بالله وكلما زاد علم الانسان زاد إيمانه بالله.
    ويقول الكيميائي الشهير الدكتور (وتز) وإذا أحسست في حين من الأحيان أن عقيدتي بالله تزعزعت وجهت وجهي الى أكاديمية العلوم (أي الجامعة) لتثبيتها ، التكامل ج 4 ص 7.
    لطيفة علم التشريح :
    يقول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
    إن الله جعل جسم الانسان كمدينة فابتدع لها أربع طبائع منفردات ثم ألف بين اثنين منها فكانت أربع أركان مزدوجات ثم كان منها أربعة أخلاط سببت تسعة جواهر وبتركيبها بعضها فوق بعض كان عشر طبقات اقيمت على 348 عمودا ثم مد لها 750 حبلا وجعل فيها 11 خزانة مملوءة من الجواهر وجعل لها 320 مسلكا وجعل أنهارها 390 جدولا وفتح على سورها اثنى عشر روزنا مزدوجات مسالك لجريانها وجعل لها خمسة حراس وجعلها على عمودين.

    فهذه ثلاثة عشر نوعا : الطبائع ـ الأركان ـ الأخلاط ـ الجواهر ـ الطبقات ـ الأعمدة ـ الحبال ـ الخزائن ـ المسالك ـ الأنهار ـ الأبواب ـ الحراس ـ العمودان.
    1 ـ الطبائع أربعة : الحرارة ، البرودة ، الرطوبة ، اليبوسة.
    2 ـ الأركان على رأي القدماء أربعة : النار ، الهواء ، الماء ، الأرض ، والعلم الحديث جعل هذه الأربعة لحد الآن مركبات من عناصر تبلغ نحو 100 ولكن نتيجة العلم واحدة لأن المتقدمين والمتأخرين يرجعون الجميع الى أصل واحد وهو الهيولى وبعبارة اخرى شيء لا وزن له ولا لون بل يكاد يكون فرضيا.
    3 ـ الأخلاط هي الأربعة المتعادية وهي : الصفراء ، الدم ، البلغم ، السوداء ، وفلاسفة العصر زادوا غير ذلك.
    4 ـ الجواهر تسعة : عظم ، سنح ، عصب ، عرق ، دم ، لحم ، جلد ، ظفر ، شعر.
    5 ـ الطبقات عشر : رأس ، رقبة ، صدر ، بطن ، جوف ، حقو ، وركان ، فخذان ، ساقان ، قدمان.
    6 ـ الأعمدة : 348 هي العظام.
    7 ـ الحبال : 750 حبلا هي الرباطات الممتدة المشدودة على العظام وهي الأعصاب.
    8 ـ الخزائن احدى عشرة : هي الدماغ والنخاع والرئة والقلب والكبد والطحال والمرارة والمعدة والأمعاء والكليتان والانثيان.
    9 ـ والمسالك والشوارع والطرقات : هي العروق الضوارب 360.
    10 ـ وأنهارها هي الاوردة 390.

    11 ـ والأبواب الاثنا عشر : العينان ، الاذنان ، المنخران ، السبيلان ، الثديان ، الفم ، السرة.
    12 ـ العمودان هما الرجلان.
    هذا جمال القول في الجسم أما التفصيل فبعيد الغور.
    نظام الأجنة في الأرحام :
    قال الجوهري في تفسيره ج 1 ص 46 إن الماء المهين في الرحم يمرّ في درجات مختلفات من النظام الحيواني فيكون : 1 ـ كالجراثيم النقاعية وهي الطبقات الدنيا من الحيوان فيما تقدم. 2 ـ ثم يكون علقة ملتفة شبه أرباع الدائرة.
    3 ـ ثم يصير شبه الضفدع. 4 ـ ثم يظهر العمود الفقري وله منقار طائر وجسم الحشرة وهو الممر ما بين عالم الطير ومرتبة الحيوانات الثديية. 5 ـ يصير كذوات الأربع فيشبه القرد. 6 ـ وتنمو الرأس وترسم الذراعان وله ذنب وتتهيأ مواضع الأعضاء للنمو وترتسم العينان والمنخران والفم ثم يقصر ذنبه ويظهر التأنيث فيه وهذا من الشهر الرابع ويظهر تصوير الجنين فيه.
    وفي الشهر الخامس يفرق بين الذكر والانثى ، وفي السادس يكون طوله من 11 عقدة الى 16 عقدة ، وفي السابع من 13 عقدة الى 16 عقدة ، وفي الثامن تفتح العينان ويكسى جلد الرأس بالشعر بالشعر ويكون طوله من 16 إلى 18 عقدة ، وفي الشهر التاسع من 18 الى 30 عقدة ، فترى أن الجنين من أول أمره لا يعرف من أي طبقة هو ولقد رسموا جنين الدجاج والانسان والسلحفاة والكلب فلم يجدوا فيها فرقا ، هذه هي الآراء المعروفة اليوم في علم الأجنة.
    نظام الجسم الانساني :
    ويا ليت شعري أي هندسة وأي نظام وأي مقياس كان في الرحم حتى صنع هذه المقاييس ، يمر الجنين في أطوار الحيوانات النقاعية والهلامية والفقرية من

    الطير وذوات الثدي وآخرها القرد ثم ترسم أعضاؤه وحواسه مترتبة منظمة ، بحيث تكون قامته ثمانية أشبار بشبره هو ويكون من رأس ركبتيه الى أسفل قدميه شبران ومن ركبتيه الى حقويه شبران ومن رأس فؤاده الى مفرق رأسه شبران ومن حقويه الى رأس فؤاده شبران بنسب متساوية كما تساوت نسب الأصابع في اليدين وفي الرجلين في الانسان وفي الحيوان. وإذا فتح يديه ومدهما يمنة ويسرة كما يفتح الطائر جناحيه وجد ما بين أصابع يده اليمنى الى رأس أصابع يده اليسرى ثمانية أشبار النصف من ذلك عند ترقوته والربع عند مرفقيه. وإذا مدّ يديه الى فوق رأسه ووضع رأس البركار على سرته وفتح الى أصابع يديه ثم أدير الى رأس أصابع رجليه كان البعد بينهما مساويا عشرة أشبار وذلك طول قامته وربعها. وطول وجهه من رأس ذقنه الى منبت الشعر فوق جبينه شبر وثمن شبر. والبعد ما بين اذنيه بشبر وربع. وطول شق عينيه كل واحدة ثمن شبره. وطول أنفه ربع شبره. وطول إبهامه وطول خنصره متساويان ، هذا قلّ من كثر من المقاييس العجيبة التي في جسم الانسان ، هذا كله اذا كان معتدلا وقد يزيد وينقص جل الخالق.
    تشريح الاذن :
    ذكرت أن الجسم الانساني مركبا من أعضاء وحواس وعروق الخ.. وترى حاسة السمع وحدها لا تقل عن جسم الانسان بل عن العالم كله من عجائب تركيبها وكثرة تفاصيلها وبدائع دقتها وأنظمتها الدقيقة البديعة فتأمل عظمة الخالق جل جلاله.
    تجد الآن أمام مدينتين وبحر المدينة الاولى خالية من السكان مقوسة البنيان دائرية السور ليس فيها إلا الهواء يغدو ويروح ثم ترد عليها الرسل أفواجا كل آن بأشكال مختلفة يريدون أن يتوصلوا الى الملك المعظم الذي هو جالس خلف ذلك النهر على عرشه العظيم ، وتلي هذه المدينة المدينة الثانية وفيها أماكن للبريد كل منها يوصل للآخر ما يرد له من الرسائل.

    ويلي هذه المدينة النهر وهو أهم من السابقتين فلو رأيته لأدهشك ما فيه من العجب فإنك تراه نهرا عظيما متلاطم الأمواج وهذا النهر ليس كالأنهار يجري على شبه استقامة بل هو ملتو ثلاث كما تلتوي الحيات من ناحية ومن الناحية الاخرى ملتف كما تلتف القوقعة وتجد من مائه كرات كثيرة من الحجارة وآلات برقية تلغرافية تبلغ ثلاثة آلاف نبتة من الجهة التي تشبه القوقعة وعلى شواطئ البحر تجد أسلاكا اخرى برقية (تلغرافية) ووراء هذا البحر الملك وعنده أصحاب البريد ينبشون جهة الأسلاك البرقية على الشاطئ وجهة الأسلاك التي في البحر وترى اولئك الرسل الذين يأتون المدينة الاولى يرسلون الأخبار الخارجية الى المحطة الاولى في المدينة الثانية ومنها الى الثانية ومن الثانية الى الثالثة ثم تنقل الأخبار الخارجية الى البحر خلفهما فتنقل في تلك الأسلاك التي هي ثلاثة آلاف بعد مرورها على تلك الكرات الحجرية النافعة لحفظها ويتلقفها رسل الملك المنبثون في تلك الجهات وبذاك يعرف أخبار الممالك الاخرى ، هذه هي أوصاف الاذن.
    أما المدينة الاولى فهي التي يسمونها الاذن الظاهرة المؤلفة من الصوان الذي يجمع أمواج الصوت ومن الصماغ السمعي الظاهر وهو خرق الاذن الذي يؤدي تلك الأمواج الى الاذن المتوسطة وطوله نحو قيراط.
    وأما الأفواج التي ترد عليها فهي الحروف الهجائية ومركباتها وأصوات الغناء والألحان وكل ما يسمع وهذه لا حصر لعدّها.
    وأما المدينة الثانية فهي الاذن المتوسطة أو الطبلة وهي تجويف بين الاذن الظاهرة والباطنة وتنفصل عن الظاهرة بالغشاء الطبلي.
    وأما الأماكن الثلاثة التي للبريد فهي ثلاث عظمات دقيقة يتصل بعضها ببعض تسمى احداها المطرقة والثانية بالسندان والثالثة بالركاب للمشابهات التي بينها وبين هذه الثلاثة.

    وأما البحر العظيم وراءها فهو المسمى بالاذن الداخلة أو التيه وهي عضو السمع الخاص وإنما سميت بالتيه لكثرة ما فيها من التجاويف والعجائب ، وفيها سائل فيه خيوط دقيقة شعرية وكتل متبلورة وفيه ثلاثة آلاف جسم صغير تسمى حصى (كورتي) فهذه هي آلات البرق المذكورة فيما تقدم ، فإذا قرع الاذن الظاهرة صوت اتجهت أمواجه الى الاذن المتوسطة بسبب حفظ الصوان للصوت فيقع على الغشاء الطبلي فتهتز العظمات الثلاث في الاذن المتوسطة وينتقل الى السائل ويصادف تلك الكرات الدقيقة التي سميناها حجارة فيما مضى ، وإذ ذاك يتلقف كل سلك من الأسلاك المسماة عصى (كورتي) التي تبلغ ثلاثة آلاف خبرا من الأخبار وصوتا من الأصوات بحيث يكون مناسبا له ، وكأن هذه الثلاثة آلاف مختلفات القوى كاختلاف الأصوات وكل صوت يتجه الى مقدم ، فإن المسموعات كثيرة جدا من حيوان وشجر وحجر توزع على تلك الثلاثة آلاف بحيث يمر كل صوت في السلك المناسب له الى السلك المناسب له ثم هذه تتصل بالشعرات التي في تلك القنوات التي عبّرنا عنها بأسلاك برقية أيضا وهناك يمتد العصب السمعي واصلا من المخ فيلتقط تلك الأخبار ويوصلها للمخ الذي عبرنا عنه بالملك في عرشه.
    (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ).
    نتبين من نظم خارقة رائعة نشاهدها في المخلوقات لا سيما الانسان أن الحكمة متجلية في كل زاوية من زوايا الكون.
    (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ).
    قال علي عليه‌السلام :
    أتزعم أنك جرم صغير
    وفيك انطوى العالم الأكبر

    دواؤك فيك وما تشعر
    وداؤك منك وما تبصر




    وأنت الكتاب المبين الذي
    بأحرفه يظهر المضمر

    قال الامام الصادق عليه‌السلام : أول العبر والأدلة على الباري جل قدسه تهيئة هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه فإنك اذا تأملت العالم بفكرك وميزته بعقلك وجدته كالبيت المبنى المعدّ فيه جميع ما يحتاج إليه عباده فالسماء مرفوعة كالسقف والأرض ممدودة كالبساط والنجوم منضودة كالمصابيح والجواهر مخزونة كالذخائر وكل شيء فيها لشأنه معدّ.
    والانسان كالملك ذلك البيت والمحوّل إليه جميع ما فيه وضروب النبات مهيأة لمآربه وصنوف الحيوانات مصروفة في مصالحه ومنافعه.
    وفي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملائمة ، وأن الخالق له واحد وهو الذي أوجده وألّفه ونظّمه.
    قال ابن أبي الحديد في مقام التوحيد :
    فيك يا اعجوبة الكون غدا الفكر كليلا
    أنت حيّرت ذوي اللب وبلبلت العقولا

    كلما قدّم فكري فيك شبرا فرّ ميلا
    ناكصا يخبط في عمياء لا يهدي سبيلا

    وفي الذرة آتوم دلائل على وجود الله تعالى :
    (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ).
    ومما لا يمكن إبصاره الذرة فإنها من الصغر بحيث لا يمكن للانسان أن يبصرها حتى بأدق الآلات ، وقد أصبح اليوم التعرف إلى الذرة وما أودع الله فيها من تركيب وقوانين ومعادلات من أهم العلوم الحديثة وأدقها وإصبعها ، وأصبح علم الذرة علما هاما يتخصص فيه بعد دراسة الفيزياء العالية على ضوء الرياضيات العالية ، لذلك يجدر بنا أن نتكلم عن الذرة وهي من النوع غير المنظور ما خلق الله تعالى بشيء من التفصيل.

    كان يقول ديموقراطيس الفيلسوف اليوناني منذ زمن بعيد (قبل الميلاد بخمسة قرون) أنه لو قسمت قطعة من الحديد مثلا إلى جزءين ثم قسم أحد الجزءين إلى جزءين آخرين أيضا وكررت هذه العملية مرات متعددة جدا فإننا سنصل إلى مرحلة لا نتمكن فيها من تقسيم الجزء الأخير إلى جزءين آخرين مع الاحتفاظ بخواص الحديد ، أي أنه لو قسم الجزء الأخير أيضا لا نحصل على الحديد بل يكون شيئا غير الحديد فصار الجزء الأخير الذي لا يمكن تجزئته بجزء لا يتجزأ وهذا ما يسمى اليوم بالذرة آتوم Atme ومعناها في اليونانية غير المنظور.
    وهكذا ذكرها فلاسفة الاسلام من الملا صدرا في الأسفار والميرداماد ملا هادي السبزواري وغير ذلك من الفلاسفة.
    وان البحوث الأخيرة في علم الفيزياء أيّدت هذه النظرية أيضا وبرهنت على صحتها.
    وذلك أن كل عنصر كالحديد أو الذهب يمكن تجزئته إلى أجزاء متعددة إلى مرحلة يقف امكان التجزئة فيها مع الاحتفاظ بخاصية ذلك العنصر حتى تبلغ إلى جزء لا يتجزأ أي جزء لا يمكن تقسيمه وتجزئته مع الاحتفاظ بخاصية ذلك العنصر أي لا يكون بعد ذلك جزء الحديد حديدا أو جزء الذهب ذهبا ، والذرة هي هذا الجزء الذي لا يتجزأ.
    وإن العالم المادي مكون من عناصر مختلفة كالحديد والذهب والكاربون وغاز الهيدروجين أو الايدروجين وغاز الاوكسجين الخ. وأصبح عدد هذه العناصر التى اكتشفها العلم الحديث 100 عنصر لحد اليوم.
    وقد أعلن من عام 1897 السير تومسون وغيره أنهم تمكنوا من أن يفصلوا من جميع أنواع الذرات التي هي في حالة تعادل جسميات متساوية في الوزن وذات شحنات كهربائية سالبة متساوية أطلقوا عليها اسم الالكترونات بالنسبة لشحنتها السالبة وإن ذلك يدل أن الذرة المتعادلة لا بد أن تكون مكونة من جزءين

    أحدهما موجب التكهرب والآخر سالب التكهرب ومن شحنتين كل منهما مساوية ومضادة للاخرى.
    فعلم بعد هذا الاكتشاف أن كل ما في الكون من مظاهر مادية وجميع ما هنالك من عناصر كالحديد والراديوم وجدت من شيء واحد هو الطاقة وأن هذه الطاقة هي القوة الكهربائية السالبة التي تتجلى في البروتونات وكهربائية متعادلة موجبة سالبة وتتجلى في النيوترونات وعلم أن العالم المادي هي قوة كهربائية موجبة وسالبة أو طاقات هائلة تكدست فكانت ذرات وأجساما فليس هناك مادة بالمعنى الذي يفهمه المادي وإنما هي قوى وطاقات خلقها الله بقدرته وإرادته ورتبها ترتيبا بديعا خاضعا لمشيئته تعالى.
    وخلاصة ما قلنا ان الذرة مكونة من :
    1 ـ بروتونات موجبة.
    2 ـ الكترونات سالبة شحنتها مساوية ومضادة لشحنة البروتونات.
    ومن نيوترونات كل منها من اتخاذ بروتون موجب والكترون سالب.
    فتكون الذرة في مجموعها مكونة من جزءين أحدهما موجب التكهرب (كهربائية موجبة) وشحنتاهما متساويان ومتضادتان.
    وهذا مما يجعلنا أن نتصور العالم مكونا من جسميات مكهربة ، لذلك كان يقول آنشتين أن العالم (يعني ما سوى الله) مجموع قوى كهربائية ومغناطيسية ، فأين المادة التي يتشدق بها المادي.
    وقد صور (رذر فورد) تكوين الذرة بصورة المجموعة الشمسية وقد أدخل عليها بعض التعديلات.
    وهذا دليل على عدم تناهي ما أودع الله من خواص وقوانين في دقائق هذا الكون وأن الالكترونات وهي عديمة الوزن تقريبا تدور بسرعة هائلة حول

    مركز الذرة (البروتونات) وهي تقع عن المركز بفواصل معينة كما في النظام الشمسي وأن الأبعاد بين الالكترونات الدائرة ونواة الذرة هي تقريبا تساوي الأبعاد بين الشمس والكواكب السيارة حولها مع حفظ النسبة فإذن كل ذرة هي مجموعة شمسية.
    وقد ذكر الفيلسوف فريد الدين العطار النيشابوري الخراساني أن ذرات العالم في عمل مستمر وأنه توجد في كل ذرة شمس ظاهرة وروح باطنة.
    وقال هاتف الاصفهاني الذي توفي سنة 1198 ه‍ :
    دل هر ذرة را كه بشكافى
    آفتابيش در ميان بيني

    كه يكى هست وهيچ نيست جز أو
    وحده لا شريك إلا هو

    أي اذا كشف عن باطن كل ذرة لألقيت شمسا في وسطها ، وان غير الله جل جلاله لا يوجد فيها.
    فهو قد توصل الى كشف هذه الحقيقة بإلهام رباني ونور قذفه الله تعالى في قلبه فقد ورد في الحديث عن الصادق عليه‌السلام : العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء.
    وكم قذف الله من أنوار في قلوب المخترعين والمكتشفين وكم هيأ لهم أسبابا تمكنوا بها من العثور على حقائق جديدة.
    اعتراف الماديين بخالق الكون :
    فحريّ بالمادي الذي يعترف بالذرة ويستخدمها في حقول شتى ويستدل بالآثار على وجودها ووجود الالكترونات فيها وهو لم ير شيئا منها حتى بالآلات أن يتبع نفس الطريقة في الاستدلال على وجود الله تبارك وتعالى وأن لا يقول لا سبيل الى الاعتقاد بغير المنظور.
    مع العلم أن غير المنظور في هذا الكون المادي أشد تأثيرا وفعالية من

    المنظور كالكهرباء والمغناطيسية وأمواج (هرتز) الى ما هنالك فالعالم المادي كله قوى كهربائية ومغناطيسية وجاذبية وكل اولئك من النوع غير المنظور ، بل وفي وجود الماديين ملايين الدلائل على وجود الله يعترفون به من غير شعور.
    وما أعظم قوله تعالى (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) وهكذا يقول جل من قائل (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) سورة يونس 101.
    وقد صرح كرستاولون في آرائه الفلسفية أن تحول المادة الى القوة مما أوجب افلاس الماديين.
    فوجب اذن أن نعترف بأن قوة خفية مدبرة عظيمة تسيطر على المادة التي هي مخلوقة لها فتعطيها الحياة وتجعلها نباتا فحيوانا فإنسانا وهو الله تبارك وتعالى وأن جوهر الحياة ليس بمادي.
    يتألف محرك الصاروخ من 000 ، 300 قطعة ، فاذا كان صنع احدى هذه القطع خالف الهندسة التي يجب أن تصنع لسحبها مخالفة بسيطة ولم تبذل الدقة المتناهية في انتاج كل قطعة أخفق الصاروخ عند إطلاقه وفشل.
    فكيف بهذا العالم المؤلف مما لا يتناهى من قطع من عالم الجماد والنبات والحيوان والكواكب ثم ارتباط هذه العوالم بعضها ببعض عدا عوالم الأرواح والعقول.
    كما أن للمفكر أن يفكر من الذي هندس القطع التي تتألف منها محرك الصاروخ أم وجدت من تلقاء نفسها أم وجدت بصنعة صانع إذن وجب بحصر عقلي أن يعترف العقل أن هناك خالقا قديرا وقد أعلى الوجود وأوجد الأشياء بقدرته ورتبها بحكمته.
    (سبحان الله خالق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون).

    وفي خلق الله تعالى جميع ما في الكون من حيوان ونبات وجماد والأنجم بصورة زوجية حكمة بالغة كي يؤمن هذا الانسان أن الوحدة خاصة بالله تعالى لا يشاركه فيها أحد وأن كل شيء من المخلوقات لا بد له من شريك وزوج ، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم.
    (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ).
    هل توصل الماديون إلى فلسفة اختلاف الألسنة والألوان بصورة صحيحة عميقة دون الاكتفاء بالظواهر وهل درى عوامل اختلاف الألسنة وكيف تكلم الانسان وكيف ارتبط اللسان بالفكر حتى أمسى معبرا عما يختلج في نفسه.
    الاختلاف في اللسان :
    ذكر الفيلسوف طنطاوي في تفسيره ج 15 ص 56 أن الاختلاف في اللسان وهو قسمان : قسم لفظي وقسم خطي ، قالوا ان اللغات تفرعت من أصل واحد الى لغات مرتقية وغير مرتقية هي أولا الزنجية وهي في الأرخبيل الهندي وفي أواسط افريقيا ، ثانيا : الأمريكية التي يتكلم بها أهل أمريكا الأصليون ، ثالثا : اللغة المستعملة في البلاد الشرقية الشمالية الآسيوية في جزائر سفالين ونحوها رابعا : اللغة الصينية وهي أحادية لا فرق فيها بين الاسم والفعل والحرف ، أما المرتقية فهي إما غير متصرفة وإما متصرفة فغير المتصرفة هي اللغات الطورانية كالتركية والمغولية والقفازية والإغرانية.
    واللغة المتصرفة تنقسم الى قسمين : الآرية والسامية ، فالآرية هي أولا : الجرمانية المان وفروعها : الاسيلاندي ، النرويجي ، السويدي ، الدانماركي ، الانجليزي ، الهولندي.
    وثانيا : الصقلابية السربية ، البلغارية ، البوهيمية ، البولونية ، والدوسية. وثالثا : الهندية. ورابعا : الفارسية. وخامسا : الأرمنية. وسادسا : اليونانية. وسابعا : اللاتينية الكلية.

    فروع اللغة الفارسية ثلاثة :
    لغة الماديين ولغة بن ساسان والفارسي الجديد. فروع اللغة اللاتينية هي : الفرنسية ، والإسبانية ، والبرتغالية ، ولغة رومانيا المعروفة الآن في البلقان وبهذا افرق الكلام على اللغات الآرية.
    أما اللغة السامية فهي اللغة المصرية وقد قيل إنها أصل اللغات السامية وأقول قد قال كمال بك مؤلف قاموس اللغة المصرية القديمة ما نصه.
    إن اللغة العربية بحالها اليوم ناقصة ولا يكملها إلا قدماء المصريين ، واللغة البابلية والآشورية ، والعربية ، والحبشية ، والحمرية ، والسريانية أو الآرامية ، والفينيقية ، ووصلت إختلاف اللغات إلى نحو خمسة آلاف لغة ففي أوروبا 587 وفي آسيا 937 وفي إفريقيا 376 وفي أمريكا 1624.
    أليس من العجب أن الهواء الخارج من الرئتين الذي لم تكن وظيفته إلا إدخال الصالح للحياة وإخراج الضار لها قد نال وظيفة شريفة عالية غالية وهي الإفهام وحمل جميع العلوم وتنوع إلى نحو خمسة آلاف لغة وبعض اللغات قد تبلغ عشرات الالوف من الكلمات يا سبحان الله قد تنوعت اللغات كما تنوعت المادة لأن اللغات دالة والمادة مدلول عليها فتنوع الدال وتنوع المدلول ولو لا حركة هذه الكائنات لم يتنوع الدال ولم يتنوع المدلول.
    الاختلاف في الألوان :
    انظر إلى الألوان فهي مثل السواد والصفرة والبياض والنحاسية كأهل السودان ، والصين واوروبا ، وأمريكا الأصليين حمر الوجوه انظر كيف ترى أن النوع الأبيض من هذا الإنسان يتفقون جميعا في اللون ولكن يستحيل أن يكون بياض زيد كبياض عمرو وهذا هو العجب بل هذا هو الآية الإلهية يسع البياض مثلا مئات آلاف الآلاف من الناس ، ولكن لكل واحد من لونه هيئة تخالف لون الآخر هذا معنى قوله تعالى وإختلاف ألسنتكم وألوانكم.

    الانسان آلة ميكانيكية عجيبة :
    إحصاء حركة أجزاء الجسم :
    ليس في الأمر غلو ولا مبالغة فإن هذه البيانات التي نقدمها هنالك استدل لك على القوة العظيمة التي ينطوي عليا الجسم البشري فجسم الإنسان يحتوي على 500 عضل وهذه العضلات تقوم بتسيير 15 كيلوغراما من الدم لتغذية هذه الآلة ومحركه الرئيسي القلب ، والقلب وقطره لا يزيد على 15 سنتيمترا ينبض في الدقيقة الواحدة 70 مرة و 4200 مرة في الساعة و 36792000 مرة في السنة وفي كل مرة من هذه المرات يقذف القلب في الشرايين الصغيرة 44 غراما من الدم أي ما يبلغ في اليوم الواحد 4435 كيلوغراما ومجموع هذا الدم يمر 3 مرات في الدقيقة وتحتوي الرئة في الحالة العادية على خمسة لترات من الماء ويتنفس الإنسان بها 1200 مرة في الساعة ، وهي تنقي في أثناء هذه الفترة 6000 لتر من الهواء فتغذي بها السكرات الحمراء الموجودة في الدم وتمده بالفيتامين.
    أنى للذكر أن يخلق لنفسه انثى :
    انظروا كيف يتم الله تعالى الحجة على عباده ويأتي بدليل قاطع على وجوده بقوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 20.
    أنى للذكر أن يخلق لنفسه أنثى ومن أين جاءت هذه الحاجة وكيف فكر هذا الذكر أن يجعل الانثى بشكل يؤدي إلى استدامة النسل مع تعقد المراحل في تشكل الجنين هذا ما يقوله الفيلسوف مونتز : حقا إن إنكار الله تعالى ضرب من الجنون فهؤلاء المنكرون هم مجانين جنوا على أنفسهم وعلى من هم على شاكلتهم فذهبت عقولهم.
    في عهد الرسالة صادف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في طريقه رجلا خريط في عقله

    فقال له أحد أصحابه أنه مجنون فأجابه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مؤدّاه أنه مريض والمجنون من لا يفكر في آخرته.
    إبطال أقوال الماديين :
    (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) : سورة الأنعام 95.
    فالله تبارك وتعالى بعظيم قدرته تلك القدرة التي ليس للبشر أن يصل إلى شيء من حقيقتها يفلق الحب والنوى فيكون نباتا وشجرة ذات جذور وساق وأغصان وأوراق وأزهار ولو كتب في هذا اليد التكاملي للنبات مئات الصفحات للزم أن تدون أيضا آلاف الصفحات أفيكون كل هذا من تلقاء نفسه هذا ما لا يقره حيوان فيكف بإنسان ولكن مع الأسف يغلق هذا الإنسان على نفسه الاعتراف بوجود الله بما كسبت يداه فهل علم العلم الحديث كيف يخرج الله الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وما حقيقة الحياة وكيف تتولد هذه الحياة ومن المعطى لها.
    إن ما يقوله الماديون لا يستند على تفكر علمي مركز خال من الهذيان.
    وهل رأيت سيارة توجد مرتبة أجزاؤها ترتيبا بعضها إثر بعض محكما بالصدفة أو صاروخا يحدث صدفة وأيهما أعقد المكروب مع ما فيه من حياة أم القمر الصناعي المسير بقوة الصاروخ أولا ثم حسب ما أودع الله في الكون من قوة جاذبية ثانيا وما قيمة القمر الصناعي تجاه قدرة الله تعالى.
    على أن الإنسان لو لم يجهز بعقل فعال ولم يكن قد خلق الله قبلا ما يصنع منه الصاروخ من عناصر ومواد وقوى فهل كان من الممكن الوصول إلى القمر الصناعي ثم من هو الذي أوجد المادة الاولى وأوجد فيها تلك القابلية الهائلة حتى يتكوّن منها هذه القوى الهائلة المدبرة المرتبة.
    ومن جهزها بعقل حتى تودع هذا اليد التكاملي في النبات والحيوان وتعطي

    الحياة للكائنات الحية وتجهز الإنسان بعقل مرتب منظم فإن فاقد الشيء لا يعطيه فلا بدّ من العاقل الأزلي العاقل الذي لا يدرك مدى عقله وحكمته هو الذي خلق العقل وهو الله سبحانه تعالى الله عما يشركون.
    يقول (لاوازيه) : إن المادة لا تخلق من تلقاء نفسها أن لا بدّ من وجود خالق أزلي حكيم هو خالق الأشياء كافة أودع فيها نظما ودساتير عميقة وإن المخلوقات تتأثر بعوامل شتى وليس الله يتأثر بشيء وهو المؤثر وحده وهو خالق الزمان والمكان ولا يمكن أن يتصور وقت لم يكن الله فيه موجودا فهو أزلي أبدي سرمدي.
    وقد أثبت العلم الحاضر أن جميع ما في الكون من مواد وعناصر تتلاشى فلا يبقى إلا وجه الله الكريم كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون. سورة القصص 218.
    وذلك لأنهم رأوا أن الإلكترون الموجب يتصادم مع الإلكترون السالب في بعض الأحيان فينعدم كلا الإلكترونين ويفنيان وهذا ما يدعي أي انعدام المادة أو موت المادة إن الله تعالى يقول كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام 27 / 55.
    اجتماع الفلاسفة عند أنشتاين :
    قد اختلف جماعة من اللاهوتيين والاخلاقيين والعقليين والماديين في ما هم عليه من عقائد ونزعات فأحبوا أن يتحاكموا إلى أنشتاين ليروا رأيه من الله جلّ جلاله ، فأجاز لهم أن يمكثوا عنده 15 دقيقة لكثرة أشغاله.
    فعرضوا عليه سؤالهم قائلين ما رأيك في الله :
    فأجاب قائلا لو وقفت أن اكتشف آلة تمكنني من التكلم مع الميكروبات فتكلمت مع ميكروب صغير واقف على رأس شعرة من شعرات رأس إنسان

    وسألته أين تجد نفسك لقال لي اني أرى نفسي على رأس شجرة شاهقة أصلها ثابت وفرعها في السماء عند ذلك أقول له أن هذه الشعرة التي أنت على رأسها هي شعرة من شعرات رأس إنسان وإن الرأس عضو من أعضاء هذا الإنسان ما ذا تنظرون هل لهذا الميكروب المتناهي في الصغر أن يتصور جسامة الإنسان وكبره كلا إنى بالنسبة إلى الله تعالى لأقل وأحط من ذلك الميكروب بمقدار لا يتناهى فأنى لي أن أحيط بالله الذي أحاط بكل شيء بقوى لا تتناهى وعظمة لا تحد.
    فقام هؤلاء المتشاجرون من عند أنشتاين وعلموا أن الحق مع جماعة اللاهوتيين أنه تعالى يقول ألا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.
    وكم قرآنا في تاريخ الاسلام :
    ان أناسا أسلموا بمجرّد سماع آيات الله البيّنات القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فقالوا ما هذا بكلام الآدميين وإنما هو كلام سماوي أنزله رب العالمين كل ذلك لصفاء في نفوسهم وفطرة لم تتلوث بالظلم والموبقات.
    وهذا خير دليل على أن الإنسان لو خلى ونفسه ولم يتلوث نفسه بالجرائم والموبقات يعترف بخالقه وبكل ما أنزل الله بصورة فطرية ويرى ذلك من أوضح الواضحات ومن البديهيات ولا يشك في ذلك قيد شعرة على حد قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) عنكبوت 61.
    وسئلت عجوز عن الدليل على وجود الصانع فقالت : (دولابي هذا إن حركته تحرك وإن لم احركه سكن) كل ذلك لأن فكرة الاعتراف بوجود الخالق مرتكزة في النفس الإنسانية في القديم أي إن الله أودع هذه الفكرة في النفس الإنسانية عند خلقه إياها فهي إن لم تتلوث تعترف لا محالة بخالقها بالفطرة.
    ويقول جان لاك : إن العقل هو الذي يرشدنا إلى وجود الخالق ذلك لأن

    نوقن بوجودنا ونوقن بأن وجودنا حادث ولم نكن موجودين قديما ونرى أن العقل يحكم أن ليس للعدم أن يوجد شيئا ، إذن تجزم يقينا أن ذاتا أخرى قد أوجدتنا وكوّنتنا وهذه الذات وهي ذات الباري كانت موجودة بصورة دائمة أي أن الخالق أزلي سرمدي وبما أننا مخلوقون من قبل الغير فكل ما فينا من قابليات وإمكانيات فهي منه إذن وجب أن يكون الموجد في كمال القدرة وبما أن لنا عقلا ندرك به الأشياء فوجب أن يكون لموجدنا عقل أيضا ويأتي هذا الفيلسوف بدليل آخر ويقول بما أن جميع ما في هذا الكون حادث ولم تكن قبلا ، فلا بدّ من وجود أزلي أوجد هذه الأشياء ولم يوجده شيء آخر.
    (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ).
    وقد علم أخيرا أن في الفضاء منظومات شمسية تعد بالملايين تشبه نظامنا الشمسي أي أن كلا منا له سيارات فتقت منه وتدور حوله وتوابع وأقمار فتقت من سيارات وتلف حولها وأنه بسبب إبعاد النجوم الساحقة وضآلة الضوء المنعكس من السيارات وضعف قوة المراقب الحالية لا يمكن إثبات وجود هذه الأنظمة (المنظومات الشمسية بالمشاهدة الفعلية).
    فانظر كيف تتحقق الآية الكريمة المذكورة سابقا.
    وقد نزلت في وقت لم تكن هناك مراقب (تلسكوبات).
    ولم يكن يعلم أحد أن هذه السماء تتوسع يوما بعد يوم بنظام خاص أودعه الله فيها وطاقات هائلة جهزها الله بها فقد حدث انفجار في الشمس سنة 1956 م قدرت الطاقة المتحررة فكانت تعادل طاقة 100 مليون قنبلة هيدروجينية.
    مع العلم أن طاقة قنبلة هيدروجينية تعادل طاقة ألف قنبلة ذرية والقنبلة الذرية لا تبقي ولا تذر فسبحان الذي خلق هذه الطاقات الهائلة بإرادته وشكلها كما يشاء بحكمته وأودع فيها من النظم والقوانين والمعادلات كما أراد بتدبيره وهو

    القائل ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم سورة الكهف 52
    إن الإنسان ليندهش حين يرى أن عليا عليه‌السلام يجيب عند ما يسأل عن المسافة بين السماء والأرض بقوله عليه‌السلام دعاء مستجاب ذلك لأنه ليس هناك عدد يمكن أن يعبّر به عن هذه المسافة التي لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى إلا أن يقال دعاء مستجاب فإن الله تعالى لا يخلو منه مكان وهو القائل ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (ق 12) ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ، سورة المجادلة 70.
    انظر كيف لا يعظم ولا يقدس خالقه الذي جهز مخه 20000000 عصب لكل واحد منها وظيفته فلو حبس أحدها حدثت عوارض تختلف عما لو حبس غيره ولو حسبنا بحساب رياضي (حساب الاحتمالات) نرى أن ليس هناك أية صدفة تجعل عشرين مليون عصب تترتب بهذا الترتيب الدقيق حتى تتوارى عليها الإحساسات فتشعر الروح بواسطتها بما حدث فهي دون ما تشبيه كآلة الراديو فكما أن الراديو ليس هو الصوت والمتكلم هكذا هذه الأعصاب الكثيرة في المخ الإنسان ليست هي الروح والنفس وإنما واسطة لتحسس الروح أو النفس.
    على أن للمتفكر أن يقول ومن أين جاءت هذه الأجزاء التي كل منها بدورها شكل من جزئيات أخرى بصورة دقيقة وهندسية (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) سورة الحج 46.
    قيل لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام : ما الدليل على حدوث العالم قال أنت لم تكن ثم كنت وقد علمت أنك لم تكوّن نفسك ولا كونك من هو مثلك.
    خلاصة الكلام في المقام أن الاعتقاد بوجود الخالق أمر ارتكازي في الإنسان ولكن هذا الإنسان بارتكابه المعاصي وباتباعه أوامر الشيطان يحيد عن الفطرة فينكر خالقه ويتخذ لنفسه مما صنع بيده آلهة فيعبد الأوثان والحيوانات إلى ما

    هنالك لذا يسأل أتباع موسى نبيّهم موسى عليه‌السلام أن يجعل لهم إلها.
    سئل أعرابي عن الدليل على وجود الصانع (الله) فقال البعرة تدل على البعير وآثار الأقدام تدل على المسير أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا يدلان على الصانع الخبير.
    في البحار ج 3 طبع جديد ص 29 روي عن هشام بن الحكم أنه قال كان من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه‌السلام قال : ما الدليل على صانع العالم فقال ابو عبد الله عليه‌السلام :
    وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعها صنعها ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيّد مبين علمت أن له بانيا وإن كنت لم تر الباني ولم نشاهده ، قال وما هو قال هو شيء بخلاف الأشياء الخ.
    سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن إثبات الصانع فقال البعرة تدل على البعير والروثة تدل على الحمير وآثار القدم تدل على المسير فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة كيف لا يدلان على اللطيف الخبير. وقال عليه‌السلام أيضا بصنع الله يستدل عليه وبالعقول تعتقد معرفته وبالتفكر تثبت حجته معروف بالدلالات مشهور بالبينات ، سئل امير المؤمنين عليه‌السلام ما الدليل على إثبات الصانع قال : ثلاثة أشياء تحديد الحال وضعف الأركان ونقض الهمة البحار طبع جديد ص 55 ج 3.
    عن هشام بن الحكم قال دخل ابن أبي العوجاء على الصادق عليه‌السلام فقال له الصادق: يا ابن أبي العوجاء أمصنوع أنت أم غير مصنوع قال : لست بمصنوع ، فقال له الصادقعليه‌السلام : فلو كنت مصنوعا كيف كنت تكون فلم يجد ابن أبي العوجاء جوابا وقام وخرج.
    أقول لما كان التصديق بوجود الصانع تعالى ضروريا نبه عليه‌السلام بأن العقل

    يحكم بديهة بالفرق بين المصنوع وغيره وفيك جميع صفات المصنوعين فكيف لم تكن مصنوعا.
    (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) سورة الحج 73.
    خلاصة الكلام :
    أن العلم بأحوال الكون يجعل الفرد المؤمن يركع لله تعالى خشوعا ويسجد له تواضعا وتفيض عيناه بالدموع حبا وتسبيحا وخضوعا لو كان قد بلغ مرتبة من اليقين لأعمال كان يقوم بها صالحة مع تهجد وتزكية وتحلية وتطهير وهو القائل (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ).
    اعتراف علماء النفس بوجود الصانع :
    لقد أجمع علماء النفس أن التدين والاعتراف بوجود الصانع أمر فطري عند البشر وأن المفاهيم البشرية كالمادية وغيرها من نزعات قد تعيش برهة من الزمن نتيجة لطغيان هذه النفس الطائشة الأمارة بالسوء إلا أنها سرعان ما تموت وترجع الفطرة إلى فعاليتها الطبيعية وتدين بما وراء الطبيعة بدرجة تكاملها وقطعها مراحل في عوالم تطهير النفس وتزكيتها.
    رد على كارل ماركس المادي :
    ويقول كارل أن الأشياء إنما وجدت نتيجة التكامل في الأضداد فليوضح لنا كيف أن الشيء أوجد ضده وكيف أن الرجل أوجد لنفسه أنثى لذلك يقول (مونتين) وهو أحد فلاسفة فرنسا مهما يكن من شيء فليس للرجل أن يخلق امرأة لها عضو التناسل إبقاء للجنس البشري.

    فإذن الخالق هو الله تعالى الذي خلق المرأة كما خلق الرجل وهكذا بقية الحيوانات والحشرات والنباتات (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة النمل 61
    أنى للكهربائية السالبة (الالكترون):
    أن توجد لنفسها كهربائية موجبة ثم تترتب ترتيبا بديعا لا تحيد عنه ولا تتغير منذ خلق الله الذرة خلافا لما يقوله المادي من (نظرية التغير) التي لا يحققها العلم الحاضر إن هي إلا نظرية عشواء كواضعها.
    نحن لا نرى أي تضاد في الذرة فهل المرأة ضد الرجل بل نرى في الذرة وفي كل زوجين خلقهما الله تعالى تكاملا وتوافقا فلا تتم الحياة ولا تستقر ولا تستمر إلا بذكر وأنثى ولا تتم الذرة ولا تحقق إلا بالألكترون والبروتون فهذه هي الزوجية التي أودعها الله تعالى في جميع ما خلق حتى في الجمادات لتبقى الوحدانية له تعالى.
    (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) سورة الذاريات 49.
    اعتراف ماركسية بخالق الكون :
    يقول علماء الذرة وكبار العلماء في العلوم الطبيعية وغيرها أنه لا يوجد في كل ما اكتشف من قوانين وخواص في عالم الطبيعة شيء يدل على عدم وجود الخالق جل جلاله بل كلما نزداد بحثا وكشفا للحقائق الكونية والمعادلات والدساتير والخواص المودعة في أجزاء هذا الكون وارتباط هذه الدساتير والخواص بعضها ببعض نزداد يقينا بالخالق جل جلاله بإله متناه في إتقانه الخلق بدقة وحكمة فائقتين وقد قيل :
    وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد.

    وهكذا يخاطبنا الله تعالى بقوله : (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إنه تعالى يقول (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ).
    فكرة التوجه إلى الخالق متمركزة لدى الانسان :
    فلو لم تكن فكرة التوجه إلى الخالق متمركزة لدى الإنسان لما توجه إلى خالقه عند نزول كارثة من الكوارث.
    سئل الصادق عليه‌السلام وهو الإمام الصادق سادس أئمة أهل البيت عن الله تعالى فقال للسائل يا عبد الله هل ركبت سفينة قط قال بلى فقال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك قال بلى قال فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا من الأشياء قادر أن يخلصك من ورطتك قال بلى قال الصادق عليه‌السلام فذلك الشيء هو الله القادر على الانجاء حين لا منجى وعلى الإغاثة حين لا مغيث.
    إن الله يقول : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) سورة يونس 13.
    الطريقة في إثبات الخالق هي طريقة نظر وتفكر وتدبر :
    إذا نظر الإنسان إلى هذا الكمال الرائع الذي أودعه الله في تمام مخلوقاته من آميبا (وهي الكائن الحي ذي الخلية الواحدة) إلى الإنسان : في الجماد والنبات والحيوان ثم إلى ربط التنظيمات الأرضية بالتنظيمات السماوية ربطا لا ينفك بعضها عن بعض (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) سورة الملك ثم إلى هذه القوانين التي ترتبط الحوادث الكونية من فلكية وفيزيائية وكيميائية بعضها ببعض ثم إلى المعادلات التي يراها في ما يشكل الذرة من الكترون وبروتون ونيوترون وغيرها ثم ما يعترف به من عجز في تفهم حقائق لا تتناهى في هذا الكون (وَلَوْ أَنَّ ما

    فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
    يقطع بأن المنظم لهذا الكون حكيم قادر متعال وليس للإنسان إلا أن يخضع له اجلالا وتعظيما خشوعا لذلك كله فإن الطريقة في إثبات وجود الخالق جلّ جلاله هي طريقة نظر وتدبر واعتبار وتفكر انظروا إلى هذه الآيات الشريفة وتدبروا فيها.
    إثبات الصانع والاستدلال بعجائب مصنوعاته
    على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته :
    الآيات البقرة : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) 22 وقال تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) 164.
    يونس : (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) 6.
    وقال : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) 101.
    الرعد : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ. وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:15 am

    يَتَفَكَّرُونَ. وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) 2 ـ 4.
    ابراهيم : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ. وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) 32 ـ 34.
    الحجر : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ. وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ. وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ. وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ. وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) 16 ـ 23.
    النحل : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ. وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ، وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) 4 ـ 8. وقال تعالى هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون. ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون. وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون. وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مؤاخر فيه وتبتغوا من فضله

    ولعلكم تشكرون. وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون. وعلامات وبالنجم هم يهتدون 10 ـ 16. وقال تعالى والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون. وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين. ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون. وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذنى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون.
    أنى للمحاط (الانسان):
    أن يحيط بالمحيط وهو الله تعالى لذلك يقول علي عليه‌السلام تكلموا في خلق الله (يعني في مصنوعات الله) ولا تكلموا في الله فإن التكلم في الله لا يزداد صاحبه إلا تحيرا وقال أيضا كيف أصفه بالكيف وهو الذي كيّف حتى صار كيفا.
    نقل قول الاستاذ الفلكي :
    فقد كان في جامعة بيروت الأمريكية استاذ للفلك العالي كان إذا تكلم عما أودع الله من معادلات وقوانين مدهشة في نظام الكواكب والأنجم ، فاضت عيناه بالدموع فيسأل عن السبب فيجيب لو رأيتم ما أرى لذبتم خضوعا وخشوعا لمن أقام هذا السماء بهذا الترتيب البديع الذي يحار في استقصائه أولو الألباب. ويشهد قول الحسين عليه‌السلام كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى هو المظهر لك.
    يقول الحسين بن علي عليه‌السلام في دعائه :
    مخاطبا رب العباد سبحانك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها

    رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا.
    وفي الحديث عن علي عليه‌السلام :
    ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه.
    انظروا كيف يتم تعالى الحجة على عباده ويأتي بدليل على وجوده بقوله : سورة النحل آية 73 (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
    (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) 74.
    الاسرى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) آية 12.
    طه 52 : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى 53 كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى 54 مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى).
    الأنبياء :
    (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) 30.
    (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ).
    (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) 32 ـ 33.
    المؤمنون : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ ، فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ. وَإِنَ

    لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) 18 ـ 22.
    إثبات الصانع لا يحتاج إلى الدور والتسلسل :
    جاء في بعض الكتب الكلامية بشأن إثبات وجود الخالق أننا لو فرضنا أن ب مثلا خلق أوج خلق ب ود خلق م وهكذا.. ينتهي بنا الغرض إلى ما لا نهاية له من الموجودات خلق المتقدم منها المتأخر وهذا تسلسل والتسلسل باطل لأنه لا بدّ من خالق لم يخلقه آخر حتى ينتهي الأمر إلى خالق هو في الحقيقة خالق جميع الأشياء.
    ومما لا شك فيه أن المخلوق ليس فيه قابلية الخلق لأنه إن كان فيه قابلية الخلق لأوجد شيئا من العدم أو تصرف في نفسه والمصنوع ليس بصانع شيء من العدم أما صانع التلفزيون والراديو وغيرهما فهو قد جمع أجزاءه مما وجده قبلا ووجد أن له عقلا يعقل ويستنتج وهو لا يعلم كيف أتاه ، يرى نفسه يأكل وتخرج فضلاته وتقوم أجهزته بأعمال دقيقة مختلفة وهو لا يحيط بكل ما هنالك من أسباب وعلل ، ولا يعلم كيف كان كل ذلك فليس للمخلوق أن يخلق شيئا من العدم ، ومن أين يأتي لهذا المخلوق قابلية الخلق من العدم وهو عاجز عن التصرف في نفسه فإذن لم يبق مجال للقول بهذا التسلسل أو الدور من المخلوقات ، وأن الإنسان قد جهز بفضله تعالى بعقل يحكم بوجود خالقه.
    العلم والايمان :
    قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام بالعلم يعرف الله ويوحد ، فالعلم خير وسيلة لمعرفة الخالق جلّ جلاله والتعرف على ما أودع الله تعالى من دقائق الصنع وخواص مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا وثيقا لا يجاد عوالم من الجماد والنبات والحيوان ولسير هذه الأفلاك بهذا النظام الرائع البديع نظام يجعل

    عيني الفلكي الذي لم يقس قلبه بالموبقات تفيضان بالدموع خضوعا وتقديسا لله تعالى لما يرى هناك من دقيق المعادلات وبديع القوانين.
    نظام يجعل هانري بركسون مؤمنا بوحدانية الله تعالى معظما اياه حين يتتبع نظام الذرة وما فيها من معادلات وقوانين تبهر العقول هذه الذرة التي قد بلغت من الصغر بحيث لو وضعت (000 ، 000 ، 10) منها على سطح الكرة بعضها جنب بعض لكان طولها مليمترا واحدا.
    نظام يجعل الطبيب الذي لم يلوّث باطنه بسكر أو فسق يركع أمام عظمته تعالى حين يرى أنه تعالى قد رتب في المخ البشري (000 ، 000 ، 200) عصب موضوعة بعضها جنب بعض بحساب دقيق بحيث لو خرب أحد هذه الأعصاب لحدثت عوارض تخص هذا العصب المخروب دون غيره.
    نظام يخشع تجاهه العالم بالميكانيك السماوي والفيزياء حين يرى كيف رتب الله تعالى الأبعاد بين الأجرام السماوية ومنها بعد أرضنا عن الشمس وبعد القمر عن الأرض وهو القائل : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) سورة الواقعة 75 / 76.
    فلو كان بعد الأرض عن الشمس ضعف ما عليه الآن لنقصت الحرارة التي تأتينا من الشمس إلى (ربع) ما عليه الآن (حسب قانون فيزياوي شدة الحرارة على سطح ما تتناسب تناسبا عكسيا مع ربع المسافة عن مصدر الحرارة).
    ولنقصت سرعة حركة الأرض حول مدارها إلى النصف ولطال فصل الشتاء إلى ضعف ما عليه الآن ولا نجمد نتيجة لذلك جميع ما على الأرض من كائنات حية ولاستحالت الحياة عليها.
    ولو كان بعد الأرض عن الشمس نصف ما عليه الآن لأصبحت حرارة الأرض أربعة أمثال ما عليه الآن بنفس السبب وتضاعفت سرعة الحركة حول المدار ولنقص طول مدة كل فصل من الفصول الأربعة (الربيع الصيف الخريف الشتاء) إلى النصف وتبخر ما على الأرض من مياه ولما أمكن السكن عليها من شدة

    الحرارة وذلك يقربها من الشمس قدرة إلهية ويد ربانية في كل الموجودات.
    ولو أن الله تعالى قد أحاط أرضنا بغلاف غازي (جوي) ثخنه (800) كم لحفظها مما تتوجه نحوها من أحجار سماوية (000 ، 000 ، 20) حجارة في كل ثانية 50 كم (أي تقطع هذه الأحجار السماوية مسافة قدرها خمسون كيلومترا في الثانية أي سرعتها في الساعة (000 ، 180) كيلومتر). لما عاش على سطحها كائن حي ولاستحالت الحياة على وجه البسيطة على أن لهذا الغلاف الغازي أو الدرع الحصينة أثرا هاما في إيصال حرارة الشمس إلى الأرض بدرجة من الاعتدال والتناسب كي يمكن أن تعيش على سطحها النباتات والحيوانات والإنسان ، وكذلك في نقل المياه وبخار الماء من المحيطات (البحر المحيط) إلى القارات فلولا هذا الغلاف الجوي لتحولت القارات إلى أرض قاحلة.
    فلو كانت الأرض بقدر القمر وكان قطرها ربع ما عليه الآن لما كانت قوة الجذب (أي سطح الأرض) تكفي لجذب المياه والهواء ولما استقر الماء على سطحها لأن قوة الجذب تكون إذ ذاك سدس قوة جاذبية الأرض اليوم ولارتفعت درجة الحرارة إلى حد يؤدي إلى إبادة الحياة عليها.
    ولو كان قطر الأرض ضعف ما عليه الآن لكان سطح الأرض أربعة أمثال ما عليه الآن وكانت قوة الجذب ضعف قوة جذب الأرض الحالية ولنقص ارتفاع الجو إلى حد مخطر ولارتفع الضغط الجوي من كيلوغرام واحد على كل سنتيمتر مربع إلى كيلوغرامين ولأشكلت الحياة على وجه الأرض.
    ولو كانت الأرض من حيث الكبر بقدر الشمس لصارت قوة الجذب عليها (150) مرة اكثر مما عليه الآن حسب قانون (نيوتون) ولنقص ارتفاع الجو حوالي (10) كيلومترات ولما أمكن تبخر المياه ولاستحالت الحياة العقلية لمثل هذه الموجودات.
    ومن هذا البيان ظهر أن يدا ربانية وقدرة إلهية قد جعلت أرضنا هذه من

    حيث الكبر والبعد عن الشمس والقمر وسائر الأنجم ومن حيث الكتلة وقوة الجذب بدرجة يتمكن معها الحياة على سطحها فإن زل أحد هذه الأشياء أو غيرها مما نعلمه أو لا نعلمه لاستحالت الحياة عليها (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) سورة فاطر 41 ((إِنْ أَمْسَكَهُما) أي ما أمسكهما).
    البروتين جزء هام من مادة البروتوبلازم وهي أي البروتوبلازم المادة الزلالية الحية التي تتكون منها خلية الأجسام النباتية والحيوانية فهو مصدر كل حياة.
    وهذه الخلايا الحية مؤلفة من عناصر خمسة الكاربون والايدروجين والنيتروجين والاكسجين والكبريت وعلم أنه يوجد في الجزء الثقيل منها 40000 ذرة.
    ولسائل أن يسأل كيف وجدت هذه العناصر الخمسة ابتداء وما هو الأساس وهل للمادة العمياء أن ترتب وتنظم وتنظر إلى المستقبل على أن البروتين مادة كيماوية فاقدة الحياة وأن الحياة أمر هام خطير جدا تأتيها من الخارج وأن الله تعالى هو الذي نفخ فيها الروح وجعلها حية بعد أن كانت مادة ميتة لا حياة فيها.
    فما أعظم قول الله تعالى بالنسبة إلى ولوج الحياة في الخلية الميتة حين يقول :
    يا أيها الناس ضرب له مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وأن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب.
    فلا بدّ إذن من مدبر منظم حكيم عارف بقوانين الميكانيك والتفاعلات الكيمياوية والرياضيات العالية والطبيعيات طرا وهو الله تعالى (لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
    أيضا لسائل أن يسأل كيف وجدت هذه الأجزاء ابتداء وكيف تسلسلت متكاملة بعضها عن بعض ثم استمرت وهي متكاملة ومن الموجد لها أولا قبل

    أن تترتب وما هو أساس الوجود المادي وما هو أساس الوجود الروحي وكيف جاءت هذه الحياة وما حقيقتها.
    فلا مناص من الاعتراف بمن هو واجب وجوده من الأزل لايجاد هذا الكون الواسع بهذا الترتيب العجيب وهو الله تعالى واجب الوجود (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) أي قدر كل ما خلقه تقديرا مناسبا للحكمة ومؤديا للأغراض التي خلقه من أجلها على أحسن حال.
    لذلك يقول (إسحاق نيوتن) وهر أعظم علماء القرن الثامن عشر : لا شك في الخالق فإن هذا التنوع من الكائنات وما فيها من ترتيب أجزائها ومقوماتها وتناسبها مع غيرها ومع الأزمنة والأمكنة لا يعقل إلا من حكيم عليم.
    يقول باستور : كان ينكر إله الكنيسة إلا أنه كان مؤمنا بالخالق المعبود إله العالمين خالق الجراثيم... على حد تعبيره.
    إن قلت كيف نعتقد بوجود الله تعالى مع أنا لا نراه إلا بالباصرة. قلنا إن العلم الحديث يتعرف بالأشعة الكونية وهي لا ترى ولها آثارها العجيبة ويعترف بالبث الالكتروني وبأمواج الراديو واللاسلكي والتلفزيون وكل اولئك قوى وطاقات لا ترى بالعين وموجودة في الفضاء ولها آثارها.
    أول من ظفر بأن في الفضاء أمواجا كهربائية :
    ان أول من ظفر بأن في الفضاء أمواجا كهربائية مغناطيسية تشبه أمواج الضوء المرئي في خواصها وقوانينها هو (جيمز) انه اثبت بمعادلات رياضية وجود هذه الأمواج في الجو وما كان ليصدقه أحد لأن غيره ما كان يرى ما يراه (جيمز) بعقله فإن ما لا يرى بالعين المجردة اكثر مما يرى بها وهو موجود وإن الموجات التي لا ترى بالعين اكثر فعالية وتأثيرا مما يرى بالعين فالكهرباء اكثر فعالية من الخشبة والنفس اكثر فعالية من الكهرباء والعقل اكثر فعالية من النفس فإذن الله جلّ جلاله موجود.

    الحاصل :
    ان الفطرة الإنسانية كلها معترفة بالدين والذي عرف الامم الآن هذه الآثار التي كشفوها فقد تطابقت الآثار في القارات كلها وفي الجزائر النائية أن جميع الامم لها اتجاه ديني وكلها تؤمن باليوم الآخر وهذا الإجماع من تلك الامم برهان قاطع على وجود مدبر للعالم وجود صانع وخالق له ها هي غريزة الطعام والشراب والاستكان من الحر والبرد والسعي على الرزق وحب الحياة والذرية وتقابل الذكر والانثى كل ذلك فطرة صادقة ومسألة الدين إحدى تلك الفطر.
    فالله تعالى قد غرس أساس التوحيد في النفس الإنسانية عملا بسنة الكمال فالذي ينحرف إنما ينحرف لظلمات في نفسه جاءته من ناحية الذنوب وعدم القيام بمعطيات الفطرة فالله الذي لا يصدر عنه إلا الكمال قد اكمل الإنسان من النواحي الروحية بأن غرس فيه اصول المعارف الإلهية وقد جاء في الحديث كل مولود يولد على الفطرة فإنما أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه.
    كيف حصل العقل من المادة :
    أليست قوانين الرياضية نتيجة تدبر وتفكر وتعمل وهل يجوز أن يوجد الترتيب والتنظيم دون مرتب ومنظم وهل من الممكن أن توجد عوالم الجماد والحيوان والنبات وما في السموات والأرض وحركة الكواكب والليل والنهار والأمطار والأنهار وأن ترتبط هذه الأشياء بعضها ببعض ارتباطا وثيقا ودقيقا.
    دون صانع ومدبر حكيم فلا بدّ من موجد لهذه الأشياء المترتبة بعضها ببعض ونقول في جواب الماديين كيف حصل العقل من المادة على ما يقوله الماديون وكيف وجد الروح هل القوة كانت قبلا أم المادة وكيف انقلبت القوة إلى مادة فلو قلنا أن هناك يدا خفية (ولا بدّ منها) تعمل في حدوث شيء من شيء آخر وتكامل بعض النباتات والحيوانات ، فذاك هو الله تعالى.

    يقول جان جاك روسو : أن نعتقد أن مادة ميتة تقوى على إيجاد هذه الكائنات الحية الكثيرة وأن الضرورة العمياء تتمكن من خلق الموجودات العاقلة وأن شيئا عديم العقل يستطيع أن يوجد أشياء مدركة (عقلا) ومن البديهي أن الحركة ليست بأمر ذاتي في الجسم فلا بدّ من محرك ومتصرف في الكون وأن سلسلة الحركات الكونية كلها تنتهي إلى المحرك الأول هو الله تعالى.
    وأما هرشل فيقول كلما توسع أفق العلم كلما ازددنا معرفة بالله ذلك لأن العلم يزودنا ببراهين قطيعة على وجود الخالق الأزلي القدير الذي لا حد لقدرته.
    يقول المادي : ان الإلهيين يؤمنون بخالق لا يدرك بحواسنا ، الجواب أن هناك أشياء كثيرة موجودة ولا تدرك بحواسنا ، ولكن العقل يحكم بوجودها كالالكترون يقول الله تعالى في سورة الحاقة : (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ). وأن الإنسان الذي جهز بحب الاستطلاع إن لم يلوث الفطرة بخموره وفجوره يعترف بصورة طبيعية بالله تعالى كما يعترف الفيزيائي بوجود الالكترون ومعلوم أن الالكترون لا يمكن إدراكه ماديا ومع ذلك فهو معروف بآثاره اكثر من قطعة من الخشب.
    قال أمير المؤمنين علي عليه‌السلام : وبأسمائك التي ملأت أركان كل شيء.
    فما من شيء في الكون إلا وهو ينادي لما فيه من نظام وجمال وكمال بعظمة الله تعالى يسبحه ويقدسه أليست هذه القوة قوة الجذب بين الكرات هذه القوة التي يجهل حقيقتها العلم الحديث تدل على أن الكون يسير بإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته. (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (سورة فاطر : 41).
    وما أعظم ما جاء في دعاء علمه أمير المؤمنين علي عليه‌السلام كميلا حين يقول : اللهم إني اسألك برحمتك التي وسعت كل شيء... إلى أن يقول وبعظمتك التي ملأت كل شيء وبسلطانك الذي علا كل شيء وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء

    وبأسمائك ملأت أركان كل شيء وبعلمك الذي أحاط بكل شيء وبنور وجهك الذي أضاء له كل شيء يا نور يا قدوس يا أول الأولين ويا آخر الآخرين.
    حقا إن من يتتبع العلوم الحاضرة والحديثة وما اكتشف من حقائق وعوالم ونظم ودساتير وخواص لا تعد يعلم ، إن ما جاء في الدعاء المتقدم يفسر تماما حالة الأجسام اعتبارا من الذرة إلى السماوات العلى فكل شيء لو حلل تحليلا نهائيا يضيء بنور الله ويقدس الله تعالى وينزهه من كل نقص وينادي بصوت رفيع أن لا إله إلا الله العلي القدير خالق الطاقات ومرتبها ترتيبا حكميا وأنه لا متصرف في الكون إلا الله تعالى.
    في آخر الزمان أقوام متعمقون :
    من تفسير نور الثقلين في سورة الحديد ناقلا عن الاصول الكافي عن عاصم بن حميد قال سئل علي بن الحسين عليه‌السلام عن التوحيد فقال : إن الله عزوجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى قل هو الله أحد والآيات من سورة الحديد إلى قوله عليم بذات الصدور فمن رام وراء ذلك فقد هلك.
    توحيد خليل الرحمن :
    يقول الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ، فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ، فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام 79). إن هذه الآية تعلمنا الطريقة التي يجب أن نسير عليها لإرجاع المنحرفين إلى الفطرة ، فإن

    ابراهيم يفرض أن ربه وخالقه كوكب رآه في الليل ، ثم رآه آفلا غائبا عن الأنظار فعلم أنه متغير ومتحول من مكانه والمتحول لا بدّ له من تحول فهو إذن يحتاج إلى غيره مسير بإرادته وأن شيئا كهذا غير قائم بنفسه لا يكون ربا بل هو مربوب ، والرب هو المحرك لهذه الكواكب والمنظم لحركاتها لافولها وشروقها وحركاته الاخرى يستنتج من كل ذلك أن لا بدّ للحدث من محدث ولا بدّ للنظام من منظم لا سيما إذا كان هذا النظام بالغا أسمى مراتب الدقة فيه من المعادلات والدساتير ما لا يحيط به البشر مهما تسامى في عالم التفكر إذن وجب أن يكون هناك خالق قدير عليم خلق هذا الكون بقدرته.
    تمثيل ايقاظي :
    فإذن ما أسهل كذلك أن تتيقن أن وجود الباري تعالى جل شأنه وعظم كبرياؤه ليس كوجود الدار عن البناء وكوجود الكتابة عن الكاتب الثابت المعين المستقل بذاته عن الكاتب بعد فراغه لكن كوجود الكلام عن المتكلم إن سكت بطل وجود الكلام بل كوجود ضوء الشمس في الجو المظلم الذات ما دامت الشمس طالعة فإن غابت الشمس بطل وجدان الضوء من الجو وهذا معنى قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في دعاء كميل بأسمائك التي ملأت أركان كل شيء.
    سئل الإمام الصادق عليه‌السلام من الله تعالى فقال للسائل يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال : بلى ، فقال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك ، قال : بلى ، قال : فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا من الأشياء قادر أن يخلصك من ورطتك ، قال : بلى ، قال الصادق عليه‌السلام : فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حين لا منجى وعلى الإغاثة حين لا مغيث.
    فلو لم تكن فكرة التوجه إلى الخالق متمركزة لدى الإنسان لما توجه إلى خالقه عند نزول كارثة من الكوارث حتى الحيوانات تتوجه إلى خالقها.

    أحدث شكل لذرة الهليوم :
    ذكر الاستاذ احمد امين في كتابه الشريف الجزء الثالث ص 102 إن من جملة ما لا يمكن إبصاره حتى بالآلات الدقيقة هو الذرة ومع ذلك كله فإن العلم الحديث قد استخدم ما كان يعرفه من قوانين الكتلة والطاقة في استنباط صفاتها وتركيبها وخواصها مع كونها غير منظورة ولقد أيدت القنبلة الذرية الاولى ما كشف من قوانين ونظريات حول تركيب الذرة غير المنظورة ووظائفها.
    إن العلم الحديث قد استدل على تلك الظواهر التي تتعلق بالذرة بآثارها وهي من ما لا تبصرون معتمدا في ذلك على الاستدلال المنطقي الصرف وعلى ما كان معلوما من حقائق أولية بسيطة تتعلق بهذه الظواهر والأشياء ، فحري بالمادي أن يعترف بالذرة ويستخدمها في حقول شتى ويستدل بالآثار على وجودها ووجود الإلكترون فيها وهو لم ير شيئا منها حتى بالآلات أن يتبع نفس الطريقة في الاستدلال على وجود الله تعالى.
    وأن لا يقول لا سبيل إلى الاعتقاد بغير المنظور مع العلم أن غير المنظور في هذا الكون المادي أشد تأثيرا وفعالية من المنظور كالكهرباء والمغناطيسية وأمواج هرتز إلى ما هنالك فالعالم المادي كله قوى كهربائية ومغناطيسية وجاذبية وكل اولئك من غير المنظور ، وما أعظم قول الله تعالى حين يقول : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) سورة الحج 46.
    ويقول تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ ، وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ). وهكذا يقول جلّ من قائل (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) يونس 101.
    إبطال أقوال الماديين :
    (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) سورة الأنعام 95.

    فالله تبارك وتعالى بعظيم قدرته تلك القدرة التي ليس للبشر أن يصل إلى شيء من حقيقتها يفلق الحب والنوى فيكون نباتا وشجرة ذات جذور وساق وأغصان وأوراق وأزهار ولو كتب في هذه اليد التكاملي للنبات مئات الصفحات للزم أن تدوّن أيضا آلاف الصفحات أفيكون كل هذا من تلقاء نفسه هذا ما لا يقره حيوان فكيف بإنسان ولكن مع الأسف يغلق هذا الإنسان على نفسه الاعتراف بوجود الله بما كسبت يداه ، فهل علم العلم الحديث كيف يخرج الله الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وما حقيقة الحيوية وكيف تتولد هذه الحياة ومن المعطى لها ، بناء على هذا إن ما يقوله الماديون لا يستند على تفكر علمي مركز خال من الهذيان ، وأن الماديين يتذرعون بما قاله دارون عن تكامل الأنواع وهو ليس ممن أنكر الخالق وقد قال أين لا أعلم كيف جهز هذا الإنسان بالعقل والمنطق.
    الكون الواسع يدل على وجود الخالق :
    إن الله تعالى يأمرنا بأن نتتبع السماء والأرض وأن ننظر إلى ما خلق من عوالم شتى من كواكب وشموس ومجرات وسدم وكيف تتكون الأنجم وكيف تبيد ، وذلك بقوله : (جل من قائل (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) سورة سبأ.
    (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) سورة آل عمران.
    (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) سورة الغاشية.
    إن الله تبارك وتعالى يريد منا أن نتوغل في عوالم السماء وما خلق من عوالم أخرى لكي نزداد يقينا بوجود الله تعالى : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى

    يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) سورة الرعد : 3.
    حقا إن علم الفلك اللاسلكي والميكانيك الرياضي فتحا على الإنسان أبواب المعرفة بالنسبة إلى ما لا يتناهى من شموس ومجرات وسدم ونيازك إلى ما هنالك من عوالم تدهش الألباب ولذا ورد عن بعض أعاظم الحكماء من لم يعرف الهيئة فهو غني المعرفة.
    فإن التلسكوب اللاسلكي يلتقط إشارات عن مسافة قدرها ثمانية آلاف مليون سنة ضوئية ، والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعة 300000 كيلومتر في الثانية خلال سنة كاملة أي هي مسافة التي طولها 9460000000000 كيلومتر أو 5879000000000 ميل فإن القمر لا يبعد عنا إلا بقدر ثانية وثلث الثانية من السنة الضوئية والشمس تبعد عنا 8 دقائق و 20 ثانية من السنة الضوئية والشمس خلال هذه المدة أي 8 دقائق و 20 ثانية وهي المدة التي يجب أن تنقضي لوصول شعاعها إلينا تقطع في الفضاء في سيرها الطبيعي المقرر من جانب الله تعالى خمسة ملايين كيلومتر مع العلم أن الضوء يسير من أقصى الأرض إلى أقصاها خلال 1 / 14 من الثانية كما في التكامل ج 4 ص 63 وكل هذه الموجودات تدل على وجود الخالق.
    وإليه أشير قول الفيلسوف السبزواري :
    ما من بداية إلى نهاية
    في الواحد انطوائه عناية

    فالكل من نظامه الكياني
    ينشأ من نظامه الرباني

    من الذي أوجد الحياة :
    يقول الباحثون في علم الحياة أن الجراثيم الحية متكوّنة علميا من العناصر الأربعة ـ الهيدروجين ـ النتروجين ـ الأوكسجين ـ الكاربون وهذه العناصر إذا اتحدت بعضها ببعض أوجدت أشياء تختلف بعضها عن البعض الآخر فإذا

    اتحد الأوكسجين بالهيدروجين تكوّن منهما الماء وإذا اتحد الأوكسجين بالنتروجين تكوّن منهما غاز سام ، وهذه العناصر كلها غير حية والكثير منها مضر بالحياة.
    لنا أن نسأل علماء المادة والمتخصصين بعلم الحياة والقائلين بالصدفة من الذي جمع بين هذه العناصر اللاحية والمضادة للحياة وكوّن منها جرثومة الحياة وجعلها في عالم الحيوان العجيب إنسانا وفيلا وحصانا وفراشة وسمكة وطيرا ومن هو الذي جعل جرثومة الحياة المتكوّنة من العناصر الأربعة اللاحية لا تغلط في سيرها ومجال اختصاصها فما خص منها أن يكون فيلا لا تغلط فيكون إنسانا وما اختار منها أن يكون أرنبا لا تغلط فتكوّن قردا أهي الصدفة العمياء ، الاتفاق غير المقصود أم هناك خالق قادر مدبر حكيم.
    نظرة فاحصة في جسم الإنسان وما اشتمل عليه من الأجهزة المحيرة للعقول والمعامل التحليلية في جسم الإنسان التي عجز عن بحثها العلماء وخفي الكثير من أسرارها على كبار الأطباء والمهرة من الجراحين والتي لم يتوصل إلى الكشف عن خفاياها العلم وهو في أسمى مراتب الرقي هذه النظرة تكفي لأن تبعد فكر الإنسان عن أنه وليد الصدفة وأن الأشياء ما حوله وجدت عن طريق الاتفاق غير المقصود وتخضعه للإرادة الحكيمة العاقلة التي اتقنت وجوده وتكوينه وخلقه في أحسن تقويم.
    يقول علماء الشرع والطب : في وصف أصغر جهاز مركب في الإنسان وهو جهاز البصر أنه مع صغره مدهش للعقول محيّر للأفكار في تركيبه العجيب المنقطع النظير ، إن الشبكة التي تعكس العدسة عليها النور تتكون من تسع طبقات منفصلة لا يزيد سمكها جميعا على ورقة خفيفة ، وأن الطبقة الأخيرة منها تتكون من ثلاثين مليون من الأعداد ، وثلاثة ملايين من المخروطات ، وقد نظمت هذه الأعداد والمخروطات تنظيما دقيقا محكما رائعا وأن الأشعة الضوئية ترتسم عليها معكوسة وشاءت العناية الإلهية أن تزود جهاز الأبصار من وراء

    تلك الشبكة بملايين من خريطات الأعصاب فعندها تحدث التغيرات الكيميائية ويحصل الإنسان على إدراك الصور بوضعها الصحيح ، ومن هذا البيان يستكشف أن وراء هذا الكون خالق عظيم ومدبر قادر ومبدع حكيم لا يمكن الإحاطة بقدرته ولا تقع تحت الحصر مبدعاته في هذا العالم الذي لم تتوصل إلى معرفة كنه العقول ، ولم يبلغ الإنسان مدى ما فيه ولا عرف له بداية ونهاية.
    قال الصادق عليه‌السلام : وفي كفاية الموحدين ناقلا عن هشام بن الحكم قال سأل الإمام الصادق عليه‌السلام عن ابن أبي العوجاء (أمصنوع أنت أم غير مصنوع؟ قال ابن أبي العوجاء لست بمصنوع. قال الصادق عليه‌السلام : فلو كنت مصنوعا كيف كنت؟ فلم يجد ابن أبي العوجاء جوابا ثم قام وخرج).
    نظام الأكوان وما فيها من الاحكام والاتقان :
    يرى كل من له قلب أنوار وجود الله تعالى يستطع على صفحات ذرات الكون كالشمس ليس دونها حجاب فإنه لما كان في غاية النظام والأحكام استلزم بداهة وجود مدبر عالم بديع الصنع. بيانه : إنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على حال من الترتيب والإحكام وربط الأسباب بالمسببات واستحالة بعض الموجودات إلى بعض لا تنقض عجائبه ولا تنتهي غاياته ، فبالضرورة هذا الترتيب المحكم لا يكون له وجود لو لا وجود خالق مدبر لنظامه مريد لسيره في سننه ترى من يسعه أن يفرض أن آلة التلسكوب أوجدت نفسها للاستطلاع على حركات الأجرام وهل يمكن أن يوجد صنعة بلا صانع فمن الضرورة وجود صانع رسم صورته وفصله لكي يكون جديرا بالسكنى فما بالك بنظام الكون وتركيبه لا جرم أنه أعلى وأعظم من صنع البشر بما لا يقاس وعلامات الإرادة فيه ظاهرة.
    لا بد من خالق يبعث الحياة في الأحياء :
    ألف الاستاذ كولان أحد علماء فرنسا كتابا بعنوان من المادة إلى الحياة


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:17 am


    ونشره. بحث فيه من وجهة العلوم الطبيعية كل ما قيل في سبب وجود الحياة في الأحياء ثم توصل بعد ذلك إلى هذه النتيجة أن تطورات المادة وعوامل الطبيعة فيها لا يمكن أن توصلنا إلى تعليل وجود الحياة في الأحياء فلا بدّ من وجود خالق بعث الحياة في النبات والحيوان في أول سلم نشوئهما وعنده ان كل من يقول بغير ذلك ضعيف العقل أو دجال يتكلم باسم العلم بغير علم.
    عظمة الكون :
    من كوّن هذا الكون من سن له النواميس التي يجري عليها ومن يستطع أن يدرك عظمته من يستطع أن يعلم قصده من خلق كم من ملايين السنين مرّ منذ كوّن نظامنا الشمسي وجهزه بقوة لا يحد العقل مقدارها بقوة تمكن هذا النظام من السير بها والدوران المتوالى ملايين من القرون ما لنا نحاول إدراك ما يستحيل علينا الوصول إليه من إجرام السماء ونحن أعجز من أن ندرك نواميس ما في أرضنا من الكائنات بل في بيوتنا من الأحياء ، بل ما في أجسامنا من الأعضاء كيف يتحول طعامنا إلى دم ان كنت تعلم ذلك فاصنع من الطعام قطرة دم كيف تنقبض قلوبنا وتنبسط ثانية بعد ثانية مدى الحياة إن كنت تعلم ذلك فاصنع قلبا ينقبض وينبسط لذاته ولو ساعة واحدة أي معمل من معامل فورد أو كردبلي يستطيع أن يصنع آلة تتغذى من الخبز واللحم وتتحرك دواما سنة بعد أخرى كما تتحرك قلوبنا وقس على ذلك المعدة والأمعاء والكبد والطحال والرئتين والكليتين وما يصدق على جسم الإنسان يصدق على أجسام الحيوانات كلها حتى النمل والبعوض ، وما لا يرى منها لصغره ويصدق أيضا على أنواع النبات والمكروبات.
    الكون عظيم فلا بدّ من أن يكون المكوّن أعظم وأن تكون قدرته شاملة وعينه ترقب مخلوقاته ونحن كلنا عراة لديه ظواهرنا وبواطننا.

    الحياة الحيوانية والنباتية على وجه كرة الارض
    تدل على وجود الخالق والصانع :
    من أظهر البراهين على وجوده تعالى الحياة على الأرض نباتية كانت أو حيوانية فإن الحي لا يتولد إلا من حي وبه يستدل على نفي التولد الذاتي وهو زعم تولد الحي من المادة لأن المادة خالية من الحياة ساكنة خاضعة للنظام الذي وضعه لها خالقها ويستحيل أن تولد حياة في ذاتها أو غيرها لا سيما العقل الإنساني بجميع قواه وغرائزه فإنه لا بدّ له من خالق عالم حكيم إذ المواد لا تولد عقلا ولا تستطيع أن تخرج كائنا جهازيا متصفا بأوصاف مباينة لنظام المادة ومما استدل به على نفي التولد الذاتي ثلاثة أدلة ، الأول أن الحياة إما قديمة وإما حادثة والأول باطل لخلو المادة منها دهورا كما تبين من المباحث الجيولوجية (وهي التي تبحث عن طبقات الأرض وعن المستحجرات من النباتات والحيوانات) فثبت أنها حادثة لعدم الواسطة بين القدم والحدوث فلو ثبت التولد الذاتي وأن لا خالق للحياة لزم أنها حدثت من لا شيء فالتولد الذاتي باطل ولا بدّ للحياة من خالق الثاني : أنه قد ثبت أن الحياة محدثة فلا بدّ لها من محدث وهو إما المادة أو غيرها والأول باطل ، وإلا لزم ان المادة تنفك عن الحياة قط ضرورة لزوم العلة لمعلولها وعدم انفكاكها عنه ، وقد بين بطلانه فانتفى التولد الذاتي وثبت أن للحياة خالقا غير المادة وأنه خالق مختار تقدمت ذاته وجلت صفاته ، الثالث : أن علماء الماديين وغيرهم في هذا العصر بذلوا جهدهم في اختراع التولد الذاتي وشغلوا بالامتحانات سنين كثيرة فلم يأتوا بنتيجة ، وقال جمهور العقلاء أرباب الارتقاء لا حي إلا من حي وهزؤا بالقول بالتولد الذاتي وعدوّه هذيانا.
    الآيات القرآنية :
    الطريق التي نبّه الكتاب العزيز عليها ودعا الكل من بابها إذا استقرئ الكتاب العزيز وجدت تنحصر في جنبتين أحدهما طريق الوقوف على العناية

    بالإنسان وخلق جميع الموجودات من أجلها ولنسم هذه دليل العناية ، والطريقة الثانية ما يظهر من اختراع جواهر الأشياء الموجودات التي هاهنا موافقة لوجود الإنسان والأصل الثاني أن هذه الموافقة هي ضرورة من قبل فاعل قاصد لذلك مريد إذ ليس يمكن أن تكون هذه الموافقة بالاتفاق فاما كونها موافقة لوجود الإنسان فيحصل اليقين بذلك باعتبار موافقة الليل والنهار والشمس والقمر لوجود الإنسان وكذلك موافقة الأزمنة الأربعة والفصول الأربعة له والمكان الذي هو فيه أيضا وهو الأرض وكذلك تظهر أيضا موافقة كثير من الحيوان له والنبات والجماد وجزئيات كثيرة مثل الأمطار والأنهار والبحار وبالجملة الأرض والماء والنار والهواء ، وكذلك أيضا تظهر العناية في أعضاء البدن وأعضاء الحيوان أعني كونها موافقة لحياته ووجوده في الجملة فمعرفة ذلك أعني منافع الموجودات داخلة في هذا الجنس ، ولذلك وجب على من أراد أن يعرف الله تعالى المعرفة التامة أن يفحص عن منافع الموجودات ، وأما دلالة الاختراع فيدخل فيها وجود الحيوان كله ووجود النبات ووجود السموات وهذه الطريقة تتبين على أصلين موجودين بالقوة في جميع فطر الناس أحدهما أن هذه الموجودات مخترعة وهذا معروف بنفسه في الحيوان والنبات كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) فإنا نرى أجساما جمادية ثم تحدث فيها الحياة فنعلم قطعا أن هاهنا موجدا للحياة ومنعما بها وهو الله تبارك وتعالى ، وأما السموات فنعلم من قبل حركاتها التي لا تفلت أنها مأمورة بالعناية بما هو هاهنا ومسخرة لنا والمسخر المأمور مخترع من قبل غيره ضرورة ، وأما الأصل الثاني فهو أن كل مخترع فله مخترع فيصح من هذين الأصلين أن للموجود فاعلا مخترعا له ، وفي هذا الجنس دلائل كثيرة على عدد المخترعات ، ولذلك كان واجبا على من أراد معرفة الله حق معرفته أن يعرف جواهر الأشياء ليقف على الاختراع الحقيقي في جميع الموجودات لأن من لم يعرف حقيقة الشيء لم يعرف حقيقة الاختراع وإلى هذه الإشارة بقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ).

    وكذلك أيضا من تتبع معنى الحكمة في موجود أعني معرفة السبب الذي من أجله خلق والغاية المقصودة به كان وقوفه على دليل العناية ، فهذان الدليلان هما دليلا الشرع ، وأما الآيات المبينة على الأدلة المفضية إلى وجود الصانع سبحانه في الكتاب العزيز فكثيرة من الآيات الدالة بدلالة العناية على وجود الصانع فمثل قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً) إلى قوله (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) ومثل قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً). ومثل قوله : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) الآية ومثل هذا كثير في القرآن. وأما الآيات التي تتضمن دلالة الاختراع فقط فمثل قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ). ومثل قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) ، ومثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ). ومن هذا قوله تعالى حكاية عن قول إبراهيم : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى.
    علم الجنين يحيل الصدف :
    تكوّن الانسان في ظلمات ثلاث (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) 39 / 6.
    هذه الظلمات هي :
    1 ـ ظلمة البطن.
    2 ـ ظلمة الرحم.
    3 ـ ظلمة المشيمة.
    ثم في جدار الرحم ظلمات اخرى هي الجدر الثلاثة من بقايا النطفة. وفي

    نطفة الانثى أيضا ظلمات ثلاث فإنها حويصلة هي في شح وهو في بيضة تدفق من ترائب الانثى ، فهذه ظلمات ثلاث في بيئات ثلاث.
    بيضة الانثى :
    (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) 86 / 7.
    هذه البيضة الدافقة من ترائب الانثى هي كبيضة الدجاجة لكنها أصغر منها بكثير قطرها يتراوح بين جزءين أو جزء من عشرة أجزاء من المليمتر ، ووزنها جزء من مليون جزء من الغرام وفيها شح وفي الشح الحويصلة الجرثومية التي يبلغ قطرها جزء من القيراط وفيها تكمن النطفة الجرثومية التي يبلغ قطرها جزء من ثلاثة آلاف جزء من القيراط.
    ويقول يوسف مروّة : إن القوانين الرياضية والفيزيائية التي اكتشفها العلماء منذ فجر الحضارة البشرية حتى اليوم في حقول العلوم الطبيعية عامة والفيزياء الفلكية والنظرية خاصة تدل دلالة واضحة على أن الكون يسوده النظام ويخضع لقوانين وأنظمة وقواعد مرسومة لا مجال فيه لاحتمالات الفوضى والصدفة العشوائية والخطأ والشذوذ بل يبدو واضحا في كل حركة ونسبة من حركات ذراته وأجرامه النظام والتدبير والارتباط والدقة والإرادة والقصد ، ويستدل من دراسة مواضيع الرياضيات العادية والعالية مثل التوافق والتبادل والتراكيب العادية والأعداد التخيلية المركبة وحسابات التفاضل والتكامل على وجود براهين رياضية متعددة تدل على الوحدانية في هذا الكون وخالقه.
    ويقول حسن كامل الصباح في بعض رسائله : إن الاعتقادات الدينية وعلى الأخص في ما يتعلق بالقدرة الإلهية منطبقة تمام الانطباق على الطبيعي الصحيح لأن القرآن يحتوي على نصوص كثيرة تحثّ على التفكر في خلق السموات والأرض ، وما النواميس التي يتمثل عليها الكون إلا كلمات الله وإرادته ، واني لأعرف من تجاربي أني كلما فهمت ناموسا طبيعيا من النواميس التي تتمشى عليها

    الكهارب والالكترونات والنور أعظمت حكمة الخالق وزاد إيماني ، بل كلما فكرت عند ما كنت نطفة لا أملك ولا يملك لي أبواي ضرا ولا نفعا كانت النواميس التي تمثل مشيئة الباري هي وحدها التي تكفلني وتجعلني أنمو مادة وعقلا.
    وقد عرض الاستاذ يوسف مروة في كتابه عن الصباح (عبقرية من بلادي) لجميع اختراعات كامل الصباح (76) اختراعا وتاريخ تسجيلها ورقم التسجيل والشركات التي سجلتها والدول التي سجلت فيها الاختراعات أيضا.
    العلوم الرياضية تحيل الصدف :
    ويقول (كرسي مورسين رئيس المجمع العلمي في نيويورك أمريكا سابقا) : لسنا إلا في فجر العلوم ولكن كل إلمامة جديدة وكل تزايد لنور المعرفة تأتينا ببرهان جديد على أن كوننا هو حقا صنيعة عمل خلّاق فعّال كذا يعتمد الايمان على المعرفة ويشعر العالم في كل مرحلة جديدة يقطعها أنه يقترب من الله.
    ويقول الاستاذ مروة في كتابه (العلوم الطبيعية في القرآن) : من الملاحظ لدى جميع العلماء من فلكيين وفيزيائيين وكيميائيين وبيولوجيين أن الكون يسوده النظام والترتيب وهذا ما يدعو الانسان العاقل للرجوع بفكره وعقله الى المدبر الأعظم المنظم العاقل الذي يشرف على كل عمليات التنظيم والترتيب التي تتصف بها حركات وتصرفات جميع الجمادات والمخلوقات الحية في هذا الكون.
    الحكماء الالهيون والفلاسفة الجدد في إثبات المبدأ تعالى :
    قال أبو النصر الفارابي المعلم الثاني محمد بن محمد ترك الشيعة : إنا لو نظرنا في الوجود من حيث هو لوجدنا أنه إما أن يكون واجبا أي يلزم من افتراض عدمه المحال وإما أن يكون ممكنا وهو الذي لا يلزم من فرض عدمه محال ، وهذا الممكن الذي ليس وجوده من ذاته يستوي وجوده وعدمه بحيث لا بد أن

    يكون وجوده من غيره ولكن لا يمكن أن يذهب تسلسل العلية والمعلولية الى غير نهاية وإلا لما وجد الممكن بل لا بد من انتهائه الى شيء واجب الوجود بذاته هو المبدأ الأول الذي هو علة جميع الممكنات.
    وهذا الطريق لدى الحكماء الإلهيين أوثق باعتبار أنه لا يستند الى العقل ونظره في معنى الوجود وإليه يشير قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
    الرسول يحتج على الدهرية :
    ذكر سماحة العلامة الحجة الشيخ محمد صادقي في (الحوار) : لما أتته قادة الأحزاب الخمسة الدهرية والثنوية والمشركون واليهود والنصارى كل يحتج عليه بما عنده زعم البرهان أقبل على الدهرية القائلة أن الأشياء لا بدء لها قائلا :
    وأنتم فما الذي دعاكم الى القول بأن الأشياء لا بدء لها وهي دائمة لم تزل ولا تزال.
    الدهرية : لأنا لا نحكم إلا بما نشاهد ولم نجد للأشياء حدثا فحكمنا بأنها لم تزل ولم نجد لها انقضاء وفناء فحكمنا بأنها لا تزال.
    الرسول الأعظم عليه‌السلام : أفوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاء أبد الأبد فإن قلتم أنكم وجدتم ذلك أثبتم لأنفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك ، ولئن قلتم هذا دفعتم العيان وكذّبكم العالمون الذين يشاهدونكم.
    الدهرية : بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الأبد.
    براهين أربعة على حدوث العالم :
    1 ـ الرسول الأعظم عليه‌السلام : فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم والبقاء دائما

    لأنكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضائها أولى من تارك التميز لها مثلكم فيحكم لها بالحدوث والانقطاع لأنه لم يشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الأبد.
    2 ـ أو لستم تشاهدون الليل والنهار وأحدهما بعد الآخر... نعم.
    أفترونها لم يزالا ولا يزالان... نعم.
    أفيجوز عندكم اجتماع الليل والنهار... لا.
    فإذا ينقطع أحدهما عن الآخر فيبقى أحدهما ويكون الثاني جاريا بعده..
    كذلك هو.
    الرسول الأعظم عليه‌السلام : فقد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل ونهار وأنتم لم تشاهدوهما فلا تنكروا لله قدرة.
    3 ـ أتقولون ما قبلكم من الليل والنهار أم غير متناه فإن قلتم غير متناه فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله وان قلتم أنه متناه فقد كان ولا شيء نهار والجمع بين الأزلية والانتهاء شيء جمع بين المتناقضين حيث الأزلية هي اللاحدية فلو كان للأزلي آخر كان محدودا.
    الدهرية : نعم إنه متناه.
    الرسول الأعظم عليه‌السلام : أقلتم ان العالم قديم غير محدث وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به وبمعنى ما جحدتموه.
    الدهرية : نعم.
    4 ـ فهذا الذي نشاهده من الأشياء بعضها الى بعض مفتقر لأنه لا قوام للبعض إلا بما يتصل به كما ترى البناء محتاجا بعض أجزائه الى بعض وإلا لم يتسق ولم يستحكم وكذلك سائر ما نرى استدلال على حدوث الكون بظاهرة التركب ، فإذا كان هذا المحتاج بعضه الى بعض لقوته وتمامه هو القديم فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون وما ذا كانت تكون صفته فصمتوا وعلموا أنهم

    لا يجدون للحدث صفة يصفونه بها إلا وهي موجودة في هذا الذي زعموا أنه قديم ، فوجموا وقالوا : ننظر في أمرنا (البحار طبع الجديد ج 9 ص 361).
    قال راوي الحديث الامام الصادق عليه‌السلام : فو الذي بعثه بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم إلا ثلاثة أيام حتى أتوا رسول الله فأسلموا وكانوا خمسة وعشرين رجلا من كل فرقة وقالوا : ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد أنك رسول الله.
    بيان :
    إن الرسول الأعظم عليه‌السلام في حجاجه هذا : المثير مع الدهريين يسير سيرا حثيثا وفيقا فيمشيهم بخطواتهم أنفسهم الى تصديق ما كانوا ينكرون تدرجا في حجاجه عليهم يدعمه على دعائم أربع :
    1 ـ تزييف القول أن عدم الوجدان دليل على عدم الوجود بأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود فعدم وجدان الحدوث لا يدل على الأزلية كعدم وجدان الفناء حيث يحكم على الأبدية ، إذا فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم والبقاء دائما لأنكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضائها أولى من تارك التميز لها مثلكم فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع لأنه لم يشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الأبد.
    2 ـ امكان الاستدلال بحدوث الحاضر من شيء على حدوث الغابر من نسخه أولستم تشاهدون الليل والنهار.
    3 ـ الحكم بتناهي الحادث مهما كثرت أفراده فإن قلتم غير متناه فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله.
    4 ـ الحكم بحدوث كافة الأشياء لبناء حاجة بعضها الى بعض والحاجة والافتقار آية الحدوث حيث القديم والحادث يختلفان في الصفات كما في الذات اختلاف المتناقضين ومحال أن يكون القديم مفتقرا حيث الافتقار من آيات الحدوث وكافة صفات الحدوث مندمجة في الكون اطلاقا.

    علم النجوم يحيل أزلية المادة :
    يقول ايرفنج وليام نوبلوتش : المادة وحدها لا تكفي.
    علم الفلك يشير إلى أن لهذا الكون بداية قديمة وأن الكون يسير إلى نهاية محتومة وليس مما يتفق مع العلم أن نعتقد أن هذا الكون أزلي ليس له بداية أو أبدي ليس له نهاية ، فالكون قائم على أساس التغير ، وفي هذا الرأي يلتقي العلم بالدين.
    يقول دونالد روبرت كار : يستخدم في الوقت الحاضر عدد من الطرق المختلفة لتقدير عمر الأرض بدرجات متفاوتة من الدقة ، ولكن نتائج هذه الطرق متقاربة إلى حد كبير وهي تشير إلى أن الكون قد شاء منذ نحو خمسة بلايين وعلى ذلك فإن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليا ولو كان كذلك لما بقيت فيه أي عناصر إشعاعية ويتفق هذا الرأي مع القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارة.
    علم الفيزياء يحيل أزلية المادة :
    يقول ادوار لوثر كيسيل : يرى البعض أن الاعتقاد في أزلية هذا الكون ليس أصعب من الاعتقاد في وجود إله أزلي ، ولكن القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارة المعبر عنه بقانون ترموديناميك يثبت خطأ هذا الرأي فالعلوم تثبت بكل وضوح أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليا ، فهناك انتقال حراري مستمر من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة ، ولا يمكن أن يحدث العكس بقوة ذاتية بحيث تعود الحرارة فترتد من الأجسام الباردة إلى الأجسام الحارة.
    ومعنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها حرارة جميع الأجسام وينضب فيها معنى الطاقة ، ويومئذ لن تكون هناك عمليات كيمياوية أو طبيعية

    ولن يكون هناك أثر للحياة نفسها في هذا الكون ، ولما كانت الحياة ولا تزال قائمة (لا يعني بذلك أزلية الحياة بل طول بقائها) ولا تزال العمليات الكيمياوية والطبيعية تسير في طريقها ، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليا وإلا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد وتوقف كل نشاط في الوجود وهكذا توصلت العلوم دون قصد إلى أن لهذا الكون بداية وهي بذلك تثبت وجود الله تعالى.
    لأن ما له بداية لا يمكن أن يكون قد بدأ نفسه ولا بدّ من مبدئ أو محرّك أول أو من خالق وهو الإله (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ.)
    ولا يقتصر ما قدمته العلوم على إثبات أن لهذا الكون بداية فقد أثبت فوق ذلك أنه بدأ دفعة واحدة منذ خمسة بلايين سنة.
    واليوم لا بدّ لمن يؤمنون بنتائج العلوم أن يؤمنوا بفكرة الخلق أيضا وهي فكرة تستشرف على سنن الطبيعة لأن هذه السنن إنما هي ثمرة الخلق.
    ولا بدّ لهم أن يسلموا بفكرة الخالق الذي وضع قوانين هذا الكون الوسيع.
    وما إن أوجد الله مادة هذا الكون والقوانين التي تخضع لها حتى سخرها جميعا لاستمرار عملية الخلق عن طريق التطور.
    يقول فرانك ألن : إذ نحن والماديون نشترك في الإذعان بأزلية ما في الكون فإما أن ننسب الأزلية إلى عالم ميت ، وإما أن ننسبها إلى إله حي يخلق ما يشاء.
    وليس هناك صعوبة فكرية في الأخذ بأحد هذين الاحتمالين اكثر مما في الآخر ، ولكن قوانين الديناميكا الحرارية تدل على مكونات هذا الكون تفقد حرارتها تدريجيا وأنها سائرة حتما إلى يوم قصير فيه جميع الأجسام تحت درجة من الحرارة بالغة الانخفاض هي الصفر المطلق (المراد من الصفر المطلق لا يعني الصفر المشهور بل هو الصفر الذي يفقد كافة درجات الحرارة والحركة الجزئية
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:18 am

    (المولكولية) والذرية (الآتومية) وما إليهما ، وفي هذه المرحلة تنعدم المادة إطلاقا فإنها تلازم الحركة كينونة ، فمن هذه الجهة قوانين الديناميكا الحرارية تحكم بفناء المادة ذاتية إلا من ورائها من الخالق الأزلي المجرّد اللانهائي وهو الله تعالى.
    ويومئذ تنعدم الطاقة عند ما تصل درجة حرارة الأجسام إلى الصفر المطلق بمضي الوقت.
    أما الشمس المحرقة والنجوم المتوهجة والأرض الغنية بأنواع الحياة فكلها دليل واضح على أصل الكون أو أساسه يرتبط بزمان بدأ من لحظة معينة فهو إذا حدث من الأحداث.
    ومعنى ذلك أنه لا بدّ لأصل الكون من خالق أزلي عالم قادر ليس له بداية ، عليم محيط بكل شيء قوي ليس لقدرته حدود ولا بدّ أن يكون هذا الكون من صنعه.
    وهذا شطر من شهادات العلم والعلماء على استحالة أزلية المادة والكون بأجمعه ويحتاج إلى خالق مكوّن.
    الامام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام في براهين لفكرة الاله :
    فمن برهان له على حدوث المادة ، فحيث أن الأجسام لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو متفرقة أو متحركة أو ساكنة ، والاجتماع والافتراق والحركة والسكون محدثة علمنا أن الجسم محدث لحدوث ما لا ينفك منه ولا يتقدمه. البحار ج 3 طبع الجديد ص 230 جمع عن ابن الحنفية عنه عليه‌السلام.
    بيان :
    يستدل الإمام عليه‌السلام في هذا الحديث بآثار الحدوث في المادة على استحالة أزليتها وأنها حادثة الذات ، إذ أن الأزلي لا يتصف ومحال أن يتصف بصفات

    الحادث لاستحالة الجمع بين المتباينين المتناقضين ، وإن كان جمعا بين الصفة والموصوف إذ أن الموصوف لا يتصف إلا بما يلائمه من الصفات لا ما يناقضه كليا والاجتماع والافتراق من صفات الجسم كالحركة والسكون ، إذ أنه لا اجتماع إلا بعد افتراق ولا افتراق إلا بعد اجتماع وهما حادثان ، فالمادة إذا حادثة لحدوث ما لا ينفك منه من الأحداث.
    الامام الصادق عليه‌السلام في محاورات :
    محاورات للإمام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام مع الزنادقة ، فمن حوار له عليه‌السلام مع ابن أبي العوجاء حين التقيا في المسجد الحرام.
    ابن أبي العوجاء : إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر ، إن من فكر في هذا وقدّر ، علم أنه فعل غير حكيم ولا ذي نظر ، فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسسه ونظامه.
    الإمام عليه‌السلام : إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذ به وصار الشيطان وليه وربه ويورده موارد الهلكة ولا يصدره ، وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه فحثهم على تعظيمه وزيارته وجعله قبلة للمصلين له فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال خلقه الله تعالى قبل دحو الأرض بألفي عام فأحق من اطيع فيما أمر وانتهى عما نهى عنه وزجر الله المنشئ للأرواح والصور.
    ابن أبي العوجاء : ذكرت الله فأحلت على غائب.
    الإمام عليه‌السلام : ويلك كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد وإليهم أقرب من حبل الوريد يسمع كلامهم ويعلم أسرارهم ، لا يخلو منه مكان ولا يشغل به مكان ولا يكون من مكان أقرب منه إلى مكان يشهد له آثاره ويدل عليه أفعاله

    والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاءنا بهذه العبادة فإن تشككت في شيء من أمره فسئل عنه أوضحه لك.
    ابن أبي العوجاء : أبلس ولم يدر ما يقول وانصرف من بين يديه عليه‌السلام فقال لأصحابه سألتكم أن تلتمسوا لي جمرة فالقيتموني على جمرة. البحار ج 10 ص 310.
    الزنديق : ما الدليل على حدث العالم؟
    قال الإمام جعفر بن محمد عليه‌السلام : وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعها صنعها ، (حيث الأفاعيل حادثة مختلفة منسجمة منظمة فالفعل يدل على الفاعل واختلافه على نظمه يدل على علمه وحكمته ووحدته وسواء من دلالة الفعل على حدوثه ، كان الفاعل نفس المادة أو سواها إذ أن عروض الفعل والتغير للمادة أصدق شاهد على حدوثها لأن التغير صفة الحادث وهي لا تعرض الأزلي إطلاقا فالفعل مهما كان يدل على أنه حادث دون مراء).
    ألا ترى إنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبين علمت أن له بانيا ، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده.
    الزنديق : ما هو ، (سؤال عن ماهيته تعالى والحق ماهية انيته الإلهية).
    الإمام عليه‌السلام : هو شيء بخلاف الأشياء لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا يغيره الزمان.
    الزنديق : فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا.
    بيان :
    (يريد السائل أنك إذا وجدت ربك فقد توهمته وكل متوهم مخلوق لما أنه صورة ذهنية عن الحقيقة الخارجية والصورة الذهنية مهما كانت ، إنما هي مخلوقة فليكن ذو الصورة أيضا محدودا مخلوقا ويجيبه الإمام عليه‌السلام بأن الوهم على قسمين :
    1 ـ وهم على سبيل الإحاطة بالموهوم فهذا نفي عنه تعالى.

    2 ـ ووهم بمعنى مجرد انه تعالى ان هناك موجودا دون أن نتصور منه أمرا إيجابيا حتى يستلزم الإحاطة بل إنما نعلم أنه موجود أي ليس بمعدوم دون أن ندرك من وجوده شيئا إلا نفي العدم).
    الإمام عليه‌السلام : لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد منا مرتفعا فإنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم (وهما بمعنى العلم أن هناك وجودا أزليا دون إحاطة به لا بمعنى التصور العقلي والإشارة المحيطة به تعالى).
    لكنا نقول : كل موهوم بالحواس مدرك بها تحده الحواس ممثلا فهو مخلوق ولا بدّ من إثبات صانع الأشياء خارجا من الجهتين المذمومتين إحداهما النفي إذ كان النفي هو الابطال والعدم والجهة الثانية التشبيه بصفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف فلم يكن بدّ من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار منهم إليه أمنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم ، إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهرة التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد ان لم يكونوا وتنقلهم من صغر إلى كبر وسواد إلى بياض وقوة إلى ضعف وأحوال موجوده لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها.
    الزنديق : فأنت قد حددته إذا ثبتت وجوده.
    الإمام عليه‌السلام : لم أحدده ولكن أثبته إذ لم يكن بين الإثبات والنفي منزلة.
    الزنديق : فله انية ومائية.
    بيان :
    يعني بالإنية أصل الوجود وبالمائية حده وحد الوجود على ضربين :
    1 ـ حد بمعنى الكيفية المائزة عما يشاركه في الحقيقة.
    2 ـ حد بمعنى مطلق الميز عما لا يشاركه بنفي المشارك عنه.
    الإمام عليه‌السلام : نعم لا الشيء إلا بانية ومائية.

    الإمام عليه‌السلام : يثبت لله تعالى المائية مضافة إلى الوجود لا بالمعنى الاول إذ لا يشاركه شيء حتى يحد بما يميزه عن المشارك وإنما يعنيها بالمعنى الثاني بعدم الكيفية التي هي جهة الصفة والإحاطة لأنه ذات بسيطة غير متناهية الحقيقة وأن حده تعالى ومائيته أنه لا يشبه خلقه إطلاقا ولما كان الخلق محدودا حده ومائيته غير وجوده.
    الامام الرضا عليه‌السلام مع زنديق :
    الإمام عليه‌السلام : أرأيت ان كان القول قولكم. وليس هو كما تقولون ألسنا وإياكم شرعا سواء ولا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا فسكت الزنديق.
    الإمام عليه‌السلام : ان يكن القول قولنا وهو كما نقول ألستم قد هلكتم ونجونا.
    الزنديق : رحمك الله فأوجدني كيف هو وأين هو.
    الإمام عليه‌السلام : ويلك ان الذي ذهبت إليه غلط هو أين الأين (بيان) فلو كان له أين كما تصوره الزنديق لزم حدوثه لحدوث الأين أو قدم الأين رغم حدوثه لقدمه تعالى).
    وكان ولا أين وهو كيف وكان ولا كيف فلا يعرف بكيفوفية ولا بأينونة ولا بحاسة ولا يقاس بشيء.
    الزنديق : فإذن انه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس.
    الإمام عليه‌السلام : ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه انكرت ربوبيته او نحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا انه ربنا وانه شيء بخلاف الأشياء.
    بيان :
    (فإن المدرك بالحاسة محسوس والمحسوس مادي وهو حادث فلو كان محسوسا كان لا شيء ادل على حدوثه من كونه محسوسا فعدم محسوسيته يخرجه عن الحدث وخروجه عن الحدث ألوهيته).

    الزنديق : فاخبرني متى كان.
    الإمام عليه‌السلام : أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان.
    الزنديق : فما الدليل عليه (على وجود الله تعالى).
    الإمام عليه‌السلام : إني لما نظرت إلى جسدي فلم يمكنني فيه زيادة ولا نقصان من العرض والطول ورفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه ، علمت ان لهذا البنيان بانيا فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآيات العجيبات علمت ان لهذا مقدرا ومنشئا.
    شعر
    فإذا نظرت إلى السماء بنظرة
    فأرى السماء تدل انك واحد

    وإذا نظرت إلى الكواكب نظرة
    فأرى الكواكب للمكوكب شاهد

    شعرا فارسيا
    همه هستند سر گردان چو بد كار
    پديدآرنده خود را طلب كار

    لم احتجب الله.
    الزنديق : فلم احتجب (أي المعرفة لا الرؤية لأنه عليه‌السلام يقرّ الحجاب المسئول عنه ولا ينفيه في الجواب).
    الإمام عليه‌السلام : ان الحجاب على الخلق لكثرة ذنوبهم ان الخلق محجوبون عن معرفته لكثرة ذنوبهم وهو غير محجوب عنهم لغاية علمه (فأما هو فلا تخفى عليه خافية في آناء الليل أي حجاب الخلق عنه فإنه لا تخفى عليه خافية).

    الزنديق : فلم لا تدركه حاسة البصر (لكي يشترك في معرفته المذنب والمطيع فلا ينكره المذنبون).
    الإمام عليه‌السلام : للفرق بينه وبين خلقه الذين تدركهم حاسة الأبصار منهم ومن غيرهم ثم هو أجل من أن يدركه بصر او يحيط به وهم او يضبطه عقل.
    (يريد عليه‌السلام ان إدراكه بالحاسة مستحيل لاستلزامه كون المدرك محسوسا ومادة فحادثا).
    الزنديق : فحده لي.
    الإمام عليه‌السلام : لا حد له.
    الزنديق : ولم.
    الإمام عليه‌السلام : لأن كل محدود متناه إلى حد ، وإذا احتمل قبل التحديد احتمل الزيادة وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان فهو غير محدود ولا متزائد ولا متناقص ولا متجزي ولا متوهم (احتمال الزيادة مستلزم لعدم اللانهاية في ذاته تعالى فهو إذا يحتمل النقصان كما احتمل الزيادة لأنه غير أزلي فقير فلا يملك ذاته) (فما برح الزنديق حتى أسلم) البحار ج 3 ص 39 حديث 11.
    أعصاب المخ تحيل الصدف :
    وبنيت الأبحاث الجارية حول تركيب المخ البشري أنه يتألف من 000 ، 000 ، 20 عصب لكل واحد منها وظيفته الخاصة به ، وإذا قام أحدها بوظيفته لسواها أو أخطأ في حس أو إدراك ما إذا يفسد عمل الجهاز العصبي بأسره.
    ويشير حساب الاحتمالات إلى أنه ليس هناك أية صدفة عشوائية تجعل عشرين مليون عصب تترتب بهذا الترتيب الدقيق حتى تتوارد عليها الإحساسات فتشعر بواسطتها روح الجسم بالأحداث الخارجية أن روح الجسم مستقل عن أجهزته كاستقلال الصوت الذي ينقله جهاز الراديو عن الأجهزة والأنابيب الدقيقة

    التي يتألف منها أو كاستقلال الصورة التي تظهر على شاشة التليفزيون نفسه.
    فإذن العقل البشري العلمي الرياضي والفلسفي يعترف بوجود خالق الكون.
    حدوث المادة في ذاتها وتحولاتها :
    تدلنا على حدوث ذات المادة ذاتها بما هو لزام لكيانها من الحركة والتغير والزمان والتركب أسس أربعة تبرهن لنا حدوث المادة الأصلية وتدلنا على حاجتها الذاتية إلى سواها مختلف ألوانها وتراكيبها عن حالتها الاولية البسيطة.
    وذكرنا أن الذات الأزلية محال أن تتصف بالصفات الحادثة وزيادة على ذلك فهذه الأفعال والحركات المختلفة محال أن تنبثق من ذات المادة على وحدتها في أصلها وعلى جهلها وعدم إرادتها واختيارها وكما تنادون ليل ونهار أن المادة جاهلة فالواحد لا يصدر منه إلا سنخ واحد من الأفعال ، والأفعال المختلفة دليل على الخالق القادر ذي علم واختيار يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
    الفطرة تدلنا على خالق الكون :
    ولما اعترف المادي أن للكون إلها عليما حكيما بما دل عليه العلم بمختلف ألوانه.
    سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد 41 / 53.
    فكما أن الله تعالى إله الكون وخالقه اجمع. كذلك معرفته تعم كافة الخلائق بشتى أساليب وسبل.
    فهناك في الكون آيات ودلالات آفاقية وأخرى أنفسية عقلية وفطرية تعم كافة العقلاء بل والمجانين أيضا حيث لا يفقدون الفطرة الإنسانية والحس مهما فقدوا العقل.

    فآيات وجود الخالق الحكيم قبل كل سفر مسطورة في سفر الفطرة وهي التي تنادي ان هناك في الكون إلها بيده ناصية كل شيء ، وقد أمرنا ان نقيم وجوهنا لهذه الفطرة المعبر عنها بالدين الحنيف او الدالة عليه كما يقول (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) 30 / 30.
    من كلام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام في ماهيته تعالى في تأويل الصمد :
    ذكر الصدوق ره في كتابه التوحيد ص 312 بالاسناد عنه عليه‌السلام لا اسم ولا جسم ولا مثل ولا شبه ولا صورة ولا تمثال ولا حد ولا حدود ولا موضع ولا مكان ولا كيف ولا اين ولا هنا ولا شمة ولا ملأ ولا خلاء ولا قيام ولا قعود ولا سكون ولا حركة ولا ظلماني ولا نوراني ولا روحاني ولا نفساني ولا يخلو منه موضع ولا على لون ولا على خطر قلب ولا على شم رائحة.
    بيان يضم هامة المعارف الالهية في هذا الحديث :
    (لا اسم) لفظي ولا تكويني يميز ولا معنوي (لأنه ورد في الحديث عن الصادقعليه‌السلام فمن عبد الاسم دون المسمى فقد كفر ومن عبد الاسم والمسمى فقد اشرك ومن عبد المسمى فذاك التوحيد) فالاسم اللفظي ليس شأنه إلا الحكاية اللفظية دون ان تكون له أية أصالة (فأسماؤه تعبير سمي في الرواية عن الإمام الرضا عليه‌السلام).
    والاسم العيني وهو كلما يدل بوجوده وكيانه على وجوده تعالى وصفاته العليا وهذا الاسم يباين ذاته كليا فكيف يكون ذاته أو من ذاته تعالى.
    والاسم المعنوي وهو المعنى المحكى بالأسماء اللفظية كالعلم بالعالم والقدرة بالقادر والحياة بالحي صفات ذاتية دون أي تعدد وتركب وكالسمع بالسميع والخلق بالخالق وما إليها من صفات الفعل التي ترجع إلى الذاتية رجوع الفرع إلى

    أصله فهذه الأسماء والصفات الذاتية والفعلية ليست بالتي تحكى عن حيثيات مختلفة مركبة منها الذات وإلا أصبحت الذات مركبة فمحتاجة فممكنة ، وإنما هي ولا سيما الصفات الذات ـ تعابير عن ذات واحدة اختلفت لفظيا لكي نتعرف إلى جمعية الذات لكافة الكمالات ، ولكنه علينا من وراء ذلك أن تجرد ذاته تعالى عن الكثرات والتركبات إذا فليس ذاته اسما لا لفظيا ولا تكوينيا ـ من خلقه ولا جوهريا معنويا في ذاته ، وإنما هو الذات المجردة عن أي تركب وعروض وحدوث وعن كل ما يتنافى في ألوهيته وسرمديته وغناه.
    وقول من قال أنه تعالى جسم لا كالأجسام لا يخرجها عن الجسمانية أو أنه تناقض ، فإن كيان الجسم مهما كان هو التركب وإمكان وواقعية الحركة والسكون والحد والتغير وأخيرا لا أقل من تركب ما ، وحد ما.
    وهما ينافيان الأزلية اللانهائية ، فإن كان ذاته تعالى جسما لا كالأجسام في الكثير من لوازم الجسمية فلا بدّ أن يشاركها في أصل الجسمية حتى يصدق عليه أنه جسم ولو عني هذا القائل من نفي الجسمية عنه تعالى نفيه إطلاقا ، فلما ذا يقول أنه جسم ألفظا دون أن يحمل معناه الموضوع له فمهمل أو يحمله فمتناقض ويرجع القول أنه جسم لا كالأجسام إلى القول أنه جسم لا جسم مجمع المتناقضين في الذات وأما النقض بالقول أنه شيء لا كالأشياء كما في الرواية فغير ناقض لأن أصل الشيئية لا تقتضي اقتضاء الجسمية من التركب والحد بل تغني الشيئية هنا أصل الوجود ، ولكن لا كسائر الوجود صيغة أخرى عن القول (أنه خارج عن الحدين : حد الابطال وحد التشبيه) فهو تعالى شيء ولكنه يبرأ من ـ حد التناقض كافة ما سواه في الذات وفي الصفات.
    (ولا مثل) بمعنى الآية الدالة على ذي الآية ، فالكون كله مثله أي آيته على شتى المراتب (وله المثل الأعلى في السماوات والأرض). والمثل فرع يدل على الممثل عنه وليس الله فرعا للكون حتى يصبح مثلا له لا مثلا أعلى ولا سواه.
    (ولا شبه) لا يشبهه شيئا ولا يشبهه شيء إذ أن المشابهة تقتضي الشركة في

    حقيقة ما بين المتشابهين ذاتا وصفاتا وهذه الشركة بين الخالق والمخلوق تقتضي إمكان الخالق أو وجوب أزلية المخلوق أو الجمع بين نقيضي الحدوث والأزلية في ذاتي الخالق والمخلوق.
    (ولا صورة) من تمثال أو سواه فإنها فرع ذي الصورة ومحدود بحدوده.
    (ولا تمثال) لأن التمثال شبهه ومثل لأصل ما ، وهو معطى لا صورة تمثال أو سواه ولا تمثال ذو الصورة والتمثال لاشتراكها في الحد والتركب والحاجة.
    (ولا حد ولا حدود) لا حد واحد كما في كل واحد من جزئي المادة الاولية فإن لكل حدا مرموزا حين الاتصال ثم بالانفصال يتحلل عن هذا الحد أيضا تحلله عن الوجود فهذا الحد الواحد وهو أقل ما يلازم المادة هو أيضا منفى عنه تعالى لأنه ليس ماديا إطلاقا ، فهو ليس أصل المادة في أحد جزئيها لا حد ولا فرعها ولا حدود ، وهي المركبات اللاحقة للمادة بعد الحد الأول وهي المادة التي لها حدود حدين كما في الجزء الذي لا يتجزأ وأكثر منهما كما في التركبات اللاحقة لها في الذرات والجزئيات والعناصر و... كل ذلك لأنه ليس ماديا ولا مادة والحد مهما كان فإنما هو للمادة.
    (ولا موضع) لا أن يكون هو موضعا يحل في ذاته من سواه ، ولا أن يكون له موضع يحل هو فيه أو يجلس عليه من عرش أو كرسي وحاشاه.
    (ولا مكان) وإن كان هو الكون أجمع فإنه لا يضمنه كائن ولا يضمنه مكان لأنه الخالق للموضع والمكان وقبلهما فكيف يحل فيهما.
    (ولا كيف) لا جسماني لأنه ليس جسما ولا روحاني ولا سواهما إذ الكيف يستلزم الحد والصورة وذاته تعالى لا كيف لها ولا رسم ولا حد.
    (ولا أين) لأنه لا يخلو منه مكان من علمه وقدرته ، وإنما يقال أين لمن يخلو عنه أين آخر ، ويقال أين لمن يتمكن في مكان وهو تعالى لا يتمكن في مكان وعلمه وقدرته نافذان في كل مكان.

    (ولا هنا ولا ثمة) تمكنا جسمانيا ، ولكنه هنا وثمة وفي كل مكان علما وقدرة بل هو أقرب إلى كل شيء من الشيء نفسه.
    (ولا ملأ ولا خلاء) فإنهما ماديا من لوازم الجسم ، ولكنه ملأ الكمالات غير المادة وهو الصمد.
    (ولا قيام ولا قعود) لأنهما حالات وتغيرات تعرض الجسم.
    (ولا سكون ولا حركة) إذ لا سكون إلا بعد حركة ولا حركة إلا بعد سكون فهما إذا حادثان فلا تتصف بهما الذات الأزلية.
    (ولا ظلماني ولا نوراني) في قياس الأجسام الظلمانية والنورانية ، بل هو نور السماوات والأرض خالقهما ومدبرهما وهادي الخلق إلى ما يصلحه.
    (ولا يخلو منه موضع) خلو العلم والقدرة لا خلو الذات (فإنه خلو من خلقه وخلقه خلو منه).
    (ولا يسعه موضع) سعة لذاته أن يضمه فيه ، ولا على لون فإنه عارض الجسم دون المجرد.
    (ولا خطر على قلب) فالقلوب تعرفه دون أن تكنهه فلا يخطر على قلب خطور الإدراك والإحاطة به والتصور والتحديد له.
    (ولا على شم رائحة) فإنها من لوازم الجسم.
    (منفى عنه هذه الأشياء) أي المادة بلوازمها.
    من كلام الامام الصادق عليه‌السلام مع الزنديق :
    الزنديق : كيف يعبد الله الخلق ولم يروه.
    الإمام عليه‌السلام : رأته القلوب بنور الإيمان وأثبتته العقول بيقظتها إثبات العيان وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب وإحكام التأليف ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها.

    الزنديق : أليس هو قادرا أن يظهر لهم حتى يروه ويعرفوه فيعبد على يقين.
    الإمام عليه‌السلام : ليس للمحال جواب (إلا أنه محال لا تتعلق به القدرة).
    الزنديق : من أي شيء خلق الأشياء.
    الإمام عليه‌السلام : لا من شيء.
    الزنديق : فكيف يجيء من لا شيء شيء.
    الإمام عليه‌السلام : ان الأشياء لا تخلو أن تكون خلقت من شيء أو من غير شيء ، فإن كانت خلقت من شيء كان معه (مع الله أزليا) ، فإن ذلك الشيء قديم لا يكون حديثا ولا يفنى ولا يتغير ولا يخلو ذلك الشيء من أن يكون جوهرا واحدا ولونا واحدا ، فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة والجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم من ضروب شتى ، ومن أين جاء الموت إن كان الشيء الذي أنشأت منه الأشياء حيا أو من أين جاءت الحياة إن كان ذلك الشيء ميتا ولا يجوز أن يكون من حي وميت قد عين لم يزالا لأن الحي لا يجيء منه ميت وهو لم يزل حيا (ولا يجوز أيضا أن يكون الميت قديما لم يزل بما هو به الموت ، لأن الميت لا قدرة له ولا بقاء).
    بداية الخلقة : من شيء أو من لا شيء أو لا من شيء.
    كان الزنديق لم يتفهم أو لم يرد أن يفهم المعنى من قوله عليه‌السلام : (ان الله خلق الأشياء لا من شيء) حيث اعترض كيف يجيء من لا شيء شيء (والإمام بدل أن يكرر قوله لا من شيء كما بدء أخذ في البرهنة على الخلق لا من شيء ، ان الأشياء اما انها مخلوقة في البدء من شيء أو لا من شيء فرضين معقولين دون أن يعتبر خلقها من لا شيء ولو احتمالا ثم زيف احتمال خلقها من شيء بأن هذا الشيء المخلوق منه الأشياء لا بدّ أن يكون مع الله أزليا إذ أن حدوثه مهما كان انتقال إلى الغرض الاول ان الأشياء خلقت لا من شيء) ثم الأزلي لا يفنى ولا يتغير.

    وهذا الشيء على فرض أنه كان جوهرا ولونا واحدا يستحيل أن يتبدل إلى ألوان مختلفة إذ أن التغير والتبدل من صفات الحادث : المستحيلة على الأزلي ، ثم إن كان هذا الجوهر الاول حيا فكيف جاء منه الموت أو كان ميتا كيف يجيء منه الحي مع أن الميت لا يمكن أن يكون أزليا إذ أن الأزلية غني مطلق دون أي نقص وحالة منتظرة ، فهذه البراهين سنادها في حدوث العالم ، إنما هو التغير المحسوس فيه ظاهرة بينة تدلنا على الحدوث دون مراء.
    الزنديق : فمن أين قالوا ان الأشياء أزلية.
    الإمام عليه‌السلام : هذه مقالة قوم جحدوا مدبر الأشياء ، فكذبوا الرسل ومقالتهم والأنبياء وما أنبئوا عنه وسموا كتبهم أساطير الأولين ووضعوا لأنفسهم دينا بآرائهم.
    الحركة والتغير والزمان من براهين الحدوث ان الأشياء تدل على حدوثها ، من دوران الفلك بما فيه وهي سبعة أفلاك وتحرك الأرض ومن عليها وانقلاب الأزمنة واختلاف الوقت والحوادث التي تحدث في العالم من زيادة ونقصان وموت وبلى واضطرار النفس إلى الإقرار بأن لها صانعا ومدبرا.
    (أما ترى الحلو يصير حامضا والعذب مرا والجديد باليا وكل إلى تغير وفناء) هذا استدلال بالحركة والتغير والزمان في المادة مع حدوثها كما سبق البحث عنها.
    (ان الله عالم بالأشياء قبل الإيجاد)
    الزنديق : فلم يزل صانع العالم عالما بالأحداث التي أحدثها قبل أن يحدثها.
    الإمام عليه‌السلام : لم يزل يعلم فخلق ما علم.
    الزنديق : أمختلف هو أم مؤتلف.
    الإمام عليه‌السلام : لا يليق به الاختلاف ولا الايتلاف ، إنما يختلف المتجزئ ويأتلف المتبعض فلا يقال له : مؤتلف ولا مختلف.

    الزنديق : فكيف هو الله الواحد.
    الإمام عليه‌السلام : واحد في ذاته فلا واحد كواحد لأن ما سواه من الواحد متجزئ وهو تبارك وتعالى واحد لا متجزئ ولا يقع عليه العد (أي ان وحدته لا تنقلب ومحال أن تنقلب إلى التعدد والكثرة كما انها ليست بعد الكثرة) وهذا معنى قولهم عليهم‌السلام واحد لا بعدد لا عن عدد لا بتأويل عدد.
    الوحي يحيل الصدف :
    نظرة عامة جامعة في الكون بأطرافه ، من طرف رفيق ونظر رفيق تفكير شامل فيه الأنظار المستوحاة من خالق الكون يصدرها ويلقيها الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام وو هو سادس خلفاء الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، جوابا عن شكوك الأوهام وشبهات الافهام ومزالق الاقدام إملاء لمفضل بن عمر.
    أول العبر : الآيات الآفاقية :
    أول العبر والأدلة على الباري جل قدسه تهيئته هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه.
    فإنك إذا تأملت العالم بفكرك وميزته بعقلك وجدته كالبيت المبين المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده ، فالسماء مرفوعة كالسقف والأرض ممدودة كالبساط والنجوم منضودة كالمصابيح والجواهر مخزونة كالذخائر وكل شيء فيها شأنه معد والإنسان كالمملك ذلك البيت والمخول جميع ما فيه وضروب النبات مهيأة لمآربه وصنوف الحيوان معروفة في مصالحه ومنافعه ، ففي هذا دلالة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملائمة ، وأن الخالق له واحد وهو الذي ألفه ونظمه بعضا إلى بعض جل قدسه وتعالى مجده وكرم وجهه ولا إله غيره تعالى عما يقول الجاحدون وجل وعظم عما ينتحله الملحدون.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:20 am

    مم نبتدئ من آيات الكون :
    نبتدئ بأنفسنا فهي أقربها إلينا ، نبتدئ يا مفضل بذكر خلق الإنسان فاعتبر به ، فأول ذلك ما يدبر به الجنين من الرحم وهو محجوب في ظلمات ثلاث : ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة ، فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات ، فلا يزال ذلك غذائه حتى إذا كمل خلقه واستحكم بدنه وقوي أريحه على مباشرة الهواء وبصره على ملاقات الضياء هاج المطلق بأمه فأزعجه أشد ازعاج وأعنقه حتى يولد.
    وإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثدييها فانقلب الطعم واللون إلى ضرب آخر من الغذاء وهو أشد موافقة للمولود من الدم فيوافيه في وقت حاجته إليه ، فحين يولد قد تلمظ (أخرج لسانه) وحرك شفتيه طلبا للرضاع فهو يجد ثديي أمه كالإداوتين المعلقتين لحاجته إليه ، فلا يزال يغتذي باللبن ما دام رطب البدن رقيق الأمعاء ليس الأعضاء حتى إذا تحرك واحتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتد ويقوي بدنه طلعت له الطواحن من الأسنان والأضراس ليمضغ به الطعام فيلين عليه ويسهل له اساغته فلا يزال كذلك حتى يدرك ، فإذا أدرك وكان ذكرا طلع الشعر في وجهه ، فكان ذلك علامة الذكر وعزّ الرجل الذي به يخرج عن حد الصباء شبه النساء ، وإن كانت أنثى يبقى وجهها نقيا من الشعر تبقى لها البهجة والنضارة التي تحرك الرجال لما فيه من دوام النسل وبقائه.
    فهل ترى يمكن أن يكون كل ذلك بالإهمال (أو الصدفة) ، فإن كان الإهمال يأتي بمثل هذا التدبير فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطإ والمحال لأنهما ضد الإهمال ، فهذا فظيع من القول وجهل من قائله ، لأن الإهمال لا يأتي بالصواب والتضاد لا يأتي بالنظام تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا.

    الحكمة في بكاء الأطفال :
    اعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة ، وأعلم ان في أدمغة الأطفال رطوبة إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة من ذهاب البصر وغيره ، فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رءوسهم فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم والسلامة في أبصارهم.
    أفليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك فهما دائبان ليسكتاه ويتوخيان في الامور مرضاته لئلا يبكي وهما لا يعلمان أن البكاء أصلح له وأجمل عاقبة.
    بكاء الاطفال دعاء للوالدين ، وإقرار بالتوحيد والرسالة :
    في عقائد الإمامية الاثنى عشرية للمؤلف ص 13 ج 1 عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا تضربوا أطفالكم على بكائهم ، فإن بكاءهم أربعة أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله وأربعة أشهر الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأربعة أشهر الدعاء لوالديه.
    فهكذا يجوز أن يكون في كثير من الأشياء منافع لا يعرفها القائلون بالإهمال ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشيء أنه لا منفعة فيه من أجل أنهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه ، فإن كل ما لا يعرفه المنكرون يعلمه العارفون محيط به علم الخالق جل قدسه وعلت حكمته.
    الحكمة فيما يسيل من أفواه الأطفال :
    فأما ما يسيل من أفواه الأطفال من الريق ، ففي ذلك خروج الرطوبة التي بقيت في أبدانهم ولولاه لأحدثت عليهم الامور العظيمة كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى حد البله والجنون والتخليط إلى غير ذلك من الأمراض كالفالج واللقوة وما أشبههما.
    فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم لما لهم في ذلك من الصحة

    في كبرهم فتفضل على خلقه بما جهلوا ونظر لهم بما لم يعرفوه ، ولو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك عن التماري في معصيته ، فسبحانه ما أجل نعمته واسبغها على المستحقين وغيرهم من خلقه وتعالى عما يقول المبطلون علوا كبيرا.
    أعضاء البدن :
    فكر يا مفضل في أعضاء البدن وتدبير كل منها للإرب (الحاجة). فاليدان للعلاج والرجلان للسعي والعينان للاهتداء والفم للاغتذاء والمعدة للهضم والكبد للتخليص والمنافذ لتنفيذ الفضول والأوعية لحملها والفرج لإقامة النسل ، وكذلك جميع الأعضاء إذا تأملتها وأعملت فكرك فيها ونظرت وجدت كل شيء منها قد قدر شيء على صواب وحكمة.
    قال يا مولاي : هل هذا من فعل الطبيعة؟
    إن قوما (مثل الماديين في زماننا هذا) يزعمون أن هذا من فعل الطبيعة.
    قال الإمام عليه‌السلام : سلهم عن هذه الطبيعة أهي شيء له علم وقدرة على مثل هذه الأفعال أم ليست كذلك ، فإن أوجبوا لها العلم والقدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق.
    فإن هذه صنعته وإن زعموا أنها تفعل هذه الأفعال بغير علم ولا عمد ، وكان في أفعالها ما قد تراه من الصواب والحكمة علم أن هذا الفعل للخالق الحكيم وان الذي سموه طبيعة هو سنته في خلقه الجارية على ما أجراها عليه مكائن البدن وعجائب الصنع فيها.
    فكر يا مفضل في وصول الغذاء إلى البدن وما فيه من التدبير ، فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق رقاق وانسجته بينها قد جعلت كالمصفي للغذاء كيلا يصل إلى الكبد منه شيء فينكأها ، وذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف ، ثم أن الكبد تقبله فيستحيل بلطف التدبير دما

    وينفذ إلى البدن كله في مجاري مهيأة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء حتى يطرد في الأرض كلها وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مفائض قد أعدت لذلك ، فما كان منه من جنس المرة الصفراء جرى إلى المرارة وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال ، وما كان من البلة والرطوبة جرى إلى المثانة.
    فتأمل حكمة التدبير في تركيب البدن ووضع الأعضاء منه مواضعها واعداد هذه الأوعية فيه لتحمل لك الفضول لئلا تنشر في البدن فتسقمه وتنهكه وتبارك من أحسن التقدير وأحكم التدبير وله الحمد كما هو أهله ومستحقه.
    أطل الفكر في الصوت والكلام وتهيئة آلاته في الانسان :
    فالحنجرة كالانبوبة (كالارجوزة بين العقدين من القصب) لخروج الصلاة واللسان والشفتان والأسنان لصياغة الحروف والنغم الا ترى من سقطت أسنانه لم يقم السين ومن سقطت شفته لم يصحح الفاء ومن ثقل لسانه لم يفصح الراء وأشبه شيء بذلك المزمار الأعظم.
    فالحنجرة تشبه قصبة المزمار والرئة تشبه الزق الذي ينفخ فيه لتدخل الريح والعضلات التي تقبض على الرئة لتخرج الصوت كالأصابع التي تقبض على الزق حتى تجري الريح في المزمار والشفتان والأسنان التي تصوغ الصوت حروفا ونغما كالأصابع التي تختلف من فم المزمار فتصوغ صغيره ألحانا غير أنه ، وإن كان مخرج الصوت يشبه المزمار بالدلالة والتعريف بالحقيقة هو المشبه بمخرج الصوت. ثم فيها مآرب أخرى.
    فالحنجرة يسلك فيها هذا النسيم إلى الرئة فتروّح على الفؤاد بالنفس الدائم المتتابع الذي لو احتبس شيئا يسيرا لهلك الأسنان ، وباللسان تذاق الطعوم وفيه مع ذلك معونة على اساغة الطعام والشراب والأسنان تمضغ الطعام حتى تلين ويسهل إساغته ، وهي مع ذلك كالسند للشفتين تمسكهما وتدعهما من داخل الفم

    واعتبر ذلك بأنك ترى من سقطت أسنانه مسترخي الشفة ومضطرب الشفة ، وبالشفتين يترشف الشراب حتى يكون الذي يصل إلى الجوف منه بقصد وقدر لا يشج شجا فيغص به الشارب أو ينكأ في الجوف ، ثم هما بعد ذلك كالباب المطبق على الفم يفتحها الإنسان إذا شاء.
    خصوصية الدماغ :
    ولو رأيت الدماغ إذا كشف عنه لرأيته قد لفّ بحجب بعضها فوق بعض لتصونه من الأعراض وتمسكه فلا يضطرب.
    خصوصية الرأس :
    ولو رأيت عليه الجمجمة بمنزلة البيضة كيما يفتته والصكة أي الضرب الشديد أو اللطم التي ربما وقعت في الرأس ، ثم قد جللت الجمجمة بالشعر حتى صار بمنزلة الفرو للرأس يستره من الحر والبرد.
    اعرفوا قدرة الله في الانسان :
    فمن حصّن الدماغ هذا التحصين إلا الذي خلقه وجعله ينبوع الحس والمستحق للحيطة والصيانة بعلو منزلته من البدن وارتفاع درجته وخطر مرتبته.
    تجليات الله تعالى في القلب :
    من غيّب الفؤاد في جوف الصدر وكساه المدرعة التي هي غشائه وحصّنه بالجوانح وما عليها من اللحم والعصب لئلا يصل إليه ما ينكؤه.
    من جعل في الحلق منفذين أحدهما لمخرج الصوت وهو الحلقوم المتصل بالرئة والآخر منفذ الغذاء وهو المرة المتصل بالمعدة الموصل الغذاء إليها ، وجعل على الحلقوم طبقا يمنع الطعام أن يصل إلى الرئة فيقتل.

    من جعل الرئة مروحة الفؤاد لا تفتر ولا تخل لكيلا تتحيز الحرارة في الفؤاد فتؤدي إلى التلف.
    من جعل لمنافذ البول والغائط أشراجا تضبطهما لئلا يجريا جريانا دائما فيفسد على الإنسان عيشه ، فكم عسى أن يحصى المحصي من هذا بل الذي لا يحصى منه ولا يعلمه الناس اكثر.
    من جعل المعدة عصبانية شديدة وقدرها لهضم الطعام الغليظ.
    ومن جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء ولتهضم وتعمل ما هو ألطف من عمل المعدة إلا الله القادر المتعال.
    أترى الإهمال يأتي بشيء من ذلك؟
    كلا : بل هو تدبير من مدبر حكيم قادر عليم بالأشياء قبل خلقه إياها لا يعجزه شيء وهو اللطيف الخبير.
    فكر يا مفضل لم صار المخ الرقيق محصنا في أنابيب العظام هل ذلك إلا ليحفظه ويصونه.
    لم صار الدم السائل محصورا في العروق بمنزلة الماء في الظروف إلا لتضبطه فلا يفيض.
    لم صارت الأظفار على أطراف الأصابع إلا وقاية لها ومعونة على العمل.
    لم صار داخل الاذن ملتويا كهيئة اللولب إلا ليطرد فيه الصوت حتى ينتهي إلى السمع وليتكسر حمة الريح فلا ينكأ في السمع.
    لم حمل الإنسان على فخذيه وأليتيه هذا اللحم إلا ليقيه من العرض فلا يتألم من الجلوس عليها ، فهنالك الأهداف العالية تظهر من خلايا الصنع فكيف الإهمال.
    من جعل الإنسان ذكرا وأنثى إلا من خلقه تناسلا.

    ومن خلقه تناسلا إلا من خلقه مؤملا.
    ومن خلقه مؤملا ومن أعطاه آلات العمل إلا من خلقه عاملا.
    ومن خلقه عاملا إلا من جعله محتاجا.
    ومن جعله محتاجا إلا من ضربه بالحاجة.
    ومن ضربه بالحاجة إلا من توكل بتقويمه.
    ومن خصه بالفهم إلا من أوجب له الجزاء.
    ومن وهب له الحيلة إلا من ملكه الحول.
    ومن ملكه الحول إلا من ألزمه الحجة.
    من يكفيه ما لا تبلغه حيلته إلا من لم يبلغ مدى شكره ، فكر ودبر ما وصفته هل تجد الإهمال على هذا النظام والترتيب تبارك الله عما يصفون.
    الفؤاد :
    أصف لك الآن الفؤاد ، أعلم فيه ثقبا موجهة نحو الثقب التي في الرئة تروح عن الفؤاد حتى لو اختلفت تلك الثقب وتزايل بعضها عن بعض لما وصل الروح إلى الفؤاد ولهلك الإنسان.
    أفيستجيز ذو فكرة وروية أن يزعم أن مثل هذا يكون بالإهمال ولا يجد شاهدا من نفسه ينزعه عن هذا القول فتبا وخيبة لمنتحلي الفلسفة المادية أو ما يشاكلها في الانحراف عن خالق الكون وصفاته ، كيف عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة حتى أنكروا التدبير والعمد فيها.
    لقد قال قوم من جهلة المتكلمين وضعفة المتفلسفين الماديين بقلة التميز وقصور العلم ، لو كان بطن الإنسان كهيئة القباء يفتحه للطبيب إذا شاء فيعاين ما فيه ويدخل يده فيعالج ما أراد علاجه ، ألم يكن أصلح من أن يكون مصمتا

    محجوبا عن البصر واليد ، لا يعرف ما فيه إلا بدلالات غامضة كمثل النظر إلى البول وحسّ العرف وما أشبهه ذلك مما يكثر فيه الغلط والشبهة حتى ربما كان ذلك سببا للموت.
    فلو علم هؤلاء الجهلة أن هذا لو كان هكذا كان أول ما فيه أنه كان يسقط عن الإنسان الوجل من الأمراض والموت وكان يستشعر البقاء ويغتر بالسلامة فيخرجه ذلك إلى العتو والأشر اكثر فأكثر.
    ثم كانت الرطوبات التي في البطن تترشح وتتحلب فيفسد على الإنسان مقعده ومرقده وثياب بذلته وزينته بل كان يفسد عليه عيشه.
    ثم ان المعدة والكبد والفؤاد إنما تفعل أفعالها بالحرارة الغريزية التي جعلها الله مختبئة في الجوف فلو كان في البطن فرج ينفتح حتى يصل البصر إلى رؤيته واليد إلى علاجه لوصل برد الهواء إلى الجوف فمازج الحرارة الغريزية وبطل عمل الأحشاء فكان في ذلك هلاك الإنسان سوى ما جاءت به ، أفلا ترى ان كل ما تذهب إليه الأوهام في الخلقة خطأ أو خطل.
    في النفس وقواها :
    قال السبزواري :
    النفس في وحدتها كل القوى
    وفعلها في فعلها قد انطوى

    تأمل هذه القوى التي في النفس وموقعها من الإنسان أعني الفكر والوهم والعقل والحفظ وغير ذلك.
    الحفظ والنسيان :
    أفرأيت لو نقص الإنسان من هذه الخلال الحفظ وحده ، كيف كانت تكون حالته وكم من خلل كان يدخل عليه في أموره ومعاشه وتجاربه إذا لم يحفظ ماله

    وما عليه وما أخذه وما أعطى وما رأى وما سمع وما قال وما قيل له ولم يذكر من أحسن إليه ممن أساء به وما نفعه مما ضره ثم كان لا يهتدي لطريق لو سلكه ما لا يحصى ولا يحفظ علما ولو درسه عمره لا ينتفع بتجربة ولا يستطيع أن يعتبر شيئا على ما مضى بل كان حقيقا أن ينسلخ من الإنسانية أصلا فانظر إلى النعمة على الإنسان في هذه الخلال وكيف موقع الواحدة منها دون الجميع.
    وأعظم من النعمة على الإنسان في الحفظ النعمة في النسيان ، فإنه لو لا النسيان لما سلا أحد عن مصيبة ولا انقضت له حسرة ولا مات له حقد ولا استمتع بشيء من متاع الدنيا مع تذكر الآفات ولا رجى غفلة من سلطان ولا فترة من حاسد.
    أفلا ترى كيف جعل في الإنسان الحفظ والنسيان وهما مختلفان متضادان وجعل له في كل منهما ضرب من المصلحة.
    وما عسى أن يقول الذين قسموا الأشياء بين خالقين متضادين في هذه الأشياء المتضادة المتباينة وقد تراها تجتمع على ما فيه الصلاح والمنفعة.
    من عجائب الصنع في الحيوان :
    فكر في الفطن التي جعلت في البهائم لمصلحتها بالطبع والخلقة لطفا من الله عزوجل لهم لئلا يخلو من نعمه عزوجل أحد من خلقه لا بعقل وروية.
    النجوم :
    فكر في النجوم واختلاف سيرها فبعضها لا تفارق مراكزها من الفلك ولا تسير إلا مجتمعة وبعضها مطلقة تثقل في البروج وتفترق في سيرها فكل واحد منها يسير سيرين مختلفين أحدهما عام مع الفلك نحو المغرب والآخر خاص لنفسه نحو المشرق فاسأل الزاعمين أن النجوم صارت على ما هي عليه بالإهمال من غير عمد ولا صانع لها ما منعها أن تكون كلها مرتبة أو تكون كلها منتقلة ، فإن الإهمال معنى واحد فكيف صار يأتي بحركتين مختلفتين على وزن وتقدير ، ففي

    هذا بيان أن سير الفريقين على ما يسيران عليه بعمد وتدبير وحكمة وتقدير وليس بإهمال كما تزعم المعطلة.
    الله يباين الكون من كل جهة :
    إن قالوا كيف يعقل أن يكون مباينا لكل شيء متعاليا.
    قيل لهم : الحق الذي تطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه :
    فأولها أن ينظر أموجود هو أم ليس بموجود.
    والثاني أن يعرف ما هو في ذاته وجوهره.
    والثالث أن يعرف كيف هو وما صفته.
    والرابع أن يعلم لما ذا هو ولأية علة.
    فليس من هذه الوجوه شيء يمكن المخلوق أن يعرفه من الخالق حق معرفته غير أنه موجود فقط فإذا قلنا كيف وما هو فممتنع علم كنهه وكمال المعرفة به.
    ثم ليس علم الإنسان بأنه موجود يوجب له أن يعلم ما هو كما أن علمه بوجود النفس لا يوجب أن يعلم ما هي وكيف هي وكذلك الامور الروحانية اللطيفة.
    فهذه نماذج من النظرة العميقة المستوحاة من خالق الكون يصدرها سادس الأئمة الاثنى عشر جعفر بن محمد عليهما‌السلام ناقلا عن الحوار ص 185.
    الصورة الانسانية اكبر برهان على وجود الله تعالى :
    وورد عن أهل بيت العصمة إن الصورة الإنسانية هي اكبر حجة الله على خلقه ، وهي الكتاب المبين كتبه بيده وهي الهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجموع صور العالمين وهي المختصر من العلوم في اللوح المحفوظ وهي الشاهد على كل غائب.
    حكايات في معرفة الخالق تعالى :
    سئلت إعرابية تبيع لبنا ما الدليل على أن الله تعالى موجود ، فقالت أكل

    موجود يرى فأين دهن هذا اللبن أرونيه أين هو.
    كانت عجوز تغزل القطن والصوف فسألها بعض الناس عن الدليل على وجود الخالق ، فأدارت مغزلها فتحرّك ودار ثم تركته فوقف فقالت له هذا المغزل لا يدور بدون أن يديره أحد فالشمس والقمر والنجوم التي تسير وتتحرّك في الليل والنهار لا يمكن أن تكون بدون مسيّر ومحرّك.
    وكان رجل دهري في مجلس بعض أئمة أهل البيت عليهم‌السلام.
    فقال الإمام عليه‌السلام : أرأيت سفينة تسير في البحر من مكان إلى مكان سيرا مستقيما وليس فيها ربان ، فقال الدهري : هذا محال ، فقال له الإمام عليه‌السلام سفينة تسير في البحر بغير ربان عندك محال ، وهذه الشمس والقمر والنجوم تسير سيرا منتظما في الليل والنهار بغير مسيّر ليس بمحال فانقطع الدهري.
    استدلال علي بن أبي طالب عليه‌السلام على إثبات الصانع :
    وأثبت مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام الصانع لما سئل عن الدليل على إثبات الصانع فأجاب عليه‌السلام بثلاثة أشياء :
    الأول : تحويل الحال (يعني من حال إلى حال كالعدم إلى الوجود والعسر إلى اليسر والحياة إلى الممات والقوة إلى الضعف فيتحول من حال إلى حال وليس الله كذلك).
    الثاني : ضعف الأركان (يعني ضعف قوى الإنسان وليس الله كذلك بل هو قوي فوق كل شيء ولا شيء كمثله).
    الثالث : نقض الهمة (يعني نقض همة الإنسان على القيام والقعود والركوب والأكل والشرب وغير ذلك وليس هو كذلك بل هو قادر على كل شيء).

    الجنة ثواب الاقرار بالله تعالى :
    قال الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله تبارك وتعالى وعدني وأهل بيتي خاصة من أقر منهم بالتوحيد فله الجنة ، قال وما جزاء من أنعم الله عليه بالتوحيد إلا الجنة.
    وفي وصية أمير المؤمنين عليه‌السلام لولده الحسن عليه‌السلام :
    اعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه وعن الباقر عليه‌السلام تكلموا في كل شيء ولا تتكلموا في ذات الله تعالى ، وعنه عليه‌السلام اياكم والتفكر في الله ، ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمة الله فانظروا إلى عظيم مخلوقاته.
    عن مولانا الحسين بن علي عليهما‌السلام في تفسير الصمد :
    عن الصادق عن الباقر عن الإمام زين العابدين عليهم‌السلام عن الإمام الحسين سيد الشهداء عليه‌السلام ان أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي يسألونه عن الصمد فكتب إليهم بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فلا تخوضوا في القرآن ولا تجادلوا ولا تتكلموا فيه بغير علم ، فقد سمعت جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار ، وإن الله قد فسر الصمد ، فقال : الله أحد الله الصمد ، ثم فسره فقال : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
    لم يلد لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ولا شيء لطيف كالنفس ولا يتشعب من البداوات (يعني الحالات المختلفة) كالنسيان والنوم والخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع تعالى أن يخرج منه شيء وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف ، ولم يولد لم يتولد من شيء ولم يخرج من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة

    والنبات من الأرض والماء من الينابيع والأثمار من الأشجار ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الاذن والشم من الأنف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتمييز من القلب وكالنار من الحجر لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الذي لم يلد ولم يولد عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ولم يكن له كفوا أحد.
    عن علي بن الحسين عليه‌السلام في تفسير الصمد :
    قال وهب بن وهب القرشي وسئل علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام عن الصمد ، فقال : الصمد الذي لا شريك له والذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ، والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها اضدادا وأشكالا وأزواجا وتفرد بالوحدة بلا ضد ولا شكل ولا مثل ولا ند.
    عن الامام الباقر عليه‌السلام في تفسير الصمد :
    قال الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر وناه (تفسير نور الثقلين) ج 5 ص 711.
    ليس في وسع المخلوق أن يتصور كنه الخالق المتعال :
    عن مولانا الإمام الباقر عليه‌السلام كلما ميزتموه بأوهامكم بأدق معانيه فهو مخلوق لكم ومردود إليكم (عقائد الإمامية الاثنى عشرية للمؤلف) ج 1 ص 21.
    عن مولانا الصادق عليه‌السلام :
    إياكم والتفكر في الله فإن التفكر في الله لا يزيده إلا تيها.

    الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام في توحيد الله تعالى :
    قال إن الله لا إله إلا هو كان حيا بلا كيف ولا أين ولا كان في شيء ولا كان على شيء ولا ابتدع لمكانه مكانا (ليس لكينونته مكان لا حادث ولا قديم) ولا قوي بعد ما كوّن الأشياء ولا يشبهه شيء مكوّن ولا كان خلوا من القدرة على الملك قبل إنشائه ولا يكون خلوا من القدرة بعد ذهابه.
    كان عزوجل إلها حيا بلا حياة حادثة (وإنما هي حياة ذاتية أزلية هي عين ذاته) ملكا قبل أن ينشئ شيئا ومالكا بعد إنشائه ، وليس لله حد ولا يعرف بشيء يشبهه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ولا يهرم للبقاء (لأنه ليس بقاء زمنيا يهرم) ولا يصعق لذعرة شيء ولخوفه تصعق الأشياء كلها.
    فكان الله حيا بلا حياة حادثة ولا كون موصوف ولا كيف محدود ولا أين موقوف ولا مكان ساكن بل حي لنفسه ومالك لم يزل له القدرة إنشاء ما شاء حين شاء بمشيته وقدرته ، كان أولا بلا كيف ويكون آخرا بلا أين (قبل كل شيء أزليا وبعد كل شيء أبديا) وكل شيء هالك إلا وجهه له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين البحار ج 4 ص 298.
    الامام الرضا عليه‌السلام في خطبة توحيدية جامعة :
    ان المأمون العباسي لما أراد أن يستعمل الرضا عليه‌السلام جمع بني هاشم فقال : إني أريد أن استعمل الرضا عليه‌السلام على هذا الأمر من بعدي فحسده بنو هاشم فقالوا له : يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه فصعد عليه‌السلام المنبر فقعده مليا لا يتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضة واستوى قائما بعد الحمد والثناء وقال :
    أول عبادة الله معرفته وأصل معرفة الله توحيده ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه لشهادة العقول ان كل صفة وموصوف مخلوق وشهادة كل موصوف

    ان له خالقا ليس بصفة ولا موصوف وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث وشهادة الحدث بالامتناع عن الأزل.
    بيان :
    هذه براهين ثلاثة على أن صفاته تعالى الذاتية ـ ليست زائدة على ذاته ، تتحيث الذات بحيثية زائدة لعروضها أو قرنها وكينونتها للذات :
    1 ـ ان العقول شاهدة على أن كل صفة وموصوف مخلوق لحاجة الموصوف إلى الصفة بغية الكمال الذي لو لا الصفة لم يكن ، ولحاجة الصفة إلى الموصوف لقيامها به وحلولها فيه والمحتاج إلى غيره ، ممكن مهما كانت الحاجة داخل الذات أو خارجها.
    2 ـ ان الموصوف المعروض للصفة الكمالية مخلوق للحاجة والتركب فليكن خالقه لا صفة ولا موصوفا فإنهما حادثان مخلوقان ، والمخلوق لا يخلق مثله لعدم الأولوية والقدرة.
    3 ـ إن الصفة لا تتحقق إلا عارض الموصوف ولا الموصوف إلا معروض الصفة فهما مقترنان ، والاقتران آية الحدوث سواء كان حادثا بعد وجود المقترنين أم معهما ، ففي الاولى كان الاقتران حادثا وعروض الحادث على شيء آية حدوث ذلك الشيء حيث الأزلي لا يتصف بصفات الحادث.
    وفي الثانية أيضا هما حادثان بشهادة التركب المندغم في ذاتيهما ، والحادث يمتنع من الأزل كما أن الأزل يمتنع من الحدث قضية تباينهما كليا من الذات وفي الصفات.
    إذا فالصفات الزائدة على الذات منفية عنه تعالى كيفما كانت الزيادة حيث تستلزم تركبه وحاجته فحدوثه تعالى ثم نفي الصفات عن ذاته تعالى إطلاقا يستلزم نفي حياته تعالى وعلمه وقدرته فنفي ألوهيته.

    إذا فكما أن ذاته تعالى خارجة عن الحدين حدّ الابطال وحدّ التشبيه ، فلا نقول أنه ليس ولا أنه شيء كالأشياء.
    كذلك صفاته الذاتية خارجة عن الحدين حدّ الابطال فلا يقال ليست له صفة ، وحدّ التشبيه فلا يقال أنه موصوف كسائر خلقه لا هذا ولا ذاك. وإنما صفاته تعالى أمر بين أمرين وبرزخ بين عالمين.
    خلاصة الكلمة التي تناسب ساحة الألوهية :
    أن صفاته عين ذاته دون أن تزيد عليها أو تحيثها بمختلف الحيثيات والجهات بل أنه تعالى في وحدته وأحديته المطلقة كل الكمال الكمال الكل فأسماؤه وصفاته المختلفة تعبيرات عن ذات واحدة لا أن ذاته مجمع ذوات أو صفات مختلفة كلا فإنما أسمائه تعبير وأفعاله تفهيم ، فمن سوى الله حياته وعلمه وقدرته غير ذاته قد تتصف وقد تفقدها قد تزيد فيها وقد تنقص.
    ولكن الله تعالى ذاته العلم كله وذاته القدرة :
    كلها دون إختلاف بينها أنفسها ولا بينها وبين الذات إلا في تعبير اللغات وتعبير العبارات تقريبا لأفهامنا.
    ما الدليل على أن لك صانعا :
    من كلام الإمام الصادق عليه‌السلام مع أبي شاكر الديصاني.
    أبو شاكر أتأذن لي في السؤال؟
    الإمام عليه‌السلام؟ سل عما بدا لك.
    أبو شاكر : ما الدليل على أن لك صانعا؟
    الإمام عليه‌السلام : وجدت نفسي لا تخلو من إحدى جهتين : إما أن أكون صنعتها أنا فلا أخلو من أحد معنيين وإما أن أكون صنعتها ، وكانت موجودة أو صنعتها وكانت معدومة فإن كنت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنيت

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:21 am

    بوجودها عن صنعتها ، وإن كانت معدومة فإنك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئا فقد ثبت المعنى الثالث أن لي صانعا وهو الله رب العالمين. أبو شاكر قام وما أجاب جوابا (البحار : ج 3 ص 50).
    هذا البرهان مستوحى من قوله تعالى : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ).
    قول الامام العاشر في التوحيد :
    في تحف العقول ص 482 قال ابو الحسن الثالث علي بن محمد ان الله لا يوصف إلا بما وصف به نفسه وأنى يوصف الذي تعجز الحواس ان تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والأبصار عن الإحاطة به نأي في قربه وقرب في نأيه كيف الكيف بغير أن يقال كيف وأين الاين بلا أن يقال أين هو منقطع الكيفية والأينية الواحد الأحد جل جلاله وتقدست أسماؤه.
    قال الصادق عليه‌السلام في التوحيد :
    الناس في التوحيد على ثلاثة أوجه : مثبت وناف ومشبه فالنافي مبطل والمثبت مؤمن والمشبه مشرك.
    قول الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الله تعالى :
    قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه ، وقال : من كان بالله أعرف كان من الله أخوف.
    قول الامام الصادق عليه‌السلام في إثبات المبدأ :
    وكان جعفر بن محمد يقول من زعم إن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك قال أنه لو كان على شيء لكان محمولا ، ولو كان في شيء لكان محصورا ، ولو كان من شيء لكان محدثا.

    عن الامام الصادق عليه‌السلام في لفظة الله :
    ففي الكافي ذكر علي بن ابراهيم عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام بن الحكم أنه سئل أبا عبد الله عليه‌السلام عن أسماء الله تعالى واشتقاقها والله مما هو مشتق.
    قال : فقال عليه‌السلام لي : يا هشام الله مشتق من إله والإله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى ، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين ، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد.
    أفهمت يا هشام؟ قال : فقلت زدني ، قال عليه‌السلام : إن الله تعالى تسعة وتسعين اسما ، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره.
    يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق (الخ). ومعنى أله يأله إلها أي تحير العقول في كنهه الباري تعالى (مفهومه من أعرف الأشياء وكنهه في غاية الخفاء واستعماله بين الأنام يقتضي أن يكون في الوجود ذات معبود ينطلق من هذا الاسم ، فإن الاسم غير المسمى إذ الاسم عبارة عن اللفظ أو المفهوم منه والمسمى هو المعنى المقصود من اللفظ الذي هو مصداقه).

    عقائد الامامية الاثنى عشرية
    في التوحيد
    قال الله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) ، وقال تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ، وقال تعالى : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) ، وقال تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).
    واعلم أن التوحيد في الجملة فطري والمراد من التوحيد معنيان أحدهما عدم الجزئية والثاني عدم الشريك ، فروي الصدوق (رض) في كتاب التوحيد مسندا عن هاني بن شريح قال إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أتقول إن الله واحد فحمل الناس عليه وقالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسيم ، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ، ثم قال عليه‌السلام : يا أعرابي ان القول إن الله واحد على أربعة أقسام : فوجهان منهما لا يجوزان على الله عزوجل ، ووجهان يثبتان فيه ، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لا يجوز وقول القائل هو واحد لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد ، أما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلاثة (كما قال النصارى) وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لأنه تشبيه جلّ ربنا عن ذلك وتعالى عنه ، وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو

    واحد ليس له في الأشياء شبيه كذلك ربنا وقول القائل أنه ربنا عزوجل أحدي المعنى يعنى به أنه لا ينقسم من وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عزوجل وإليه أشير قول الباقر الإمام الخامس عليه‌السلام كلما ميزتموه بأوهامكم بأدق معانيه فهو مخلوق لكم ومردود إليكم ، فالذي يدل على التوحيد بمعنى نفي الشريك امور :
    الأول : ان من تأمل بفكر سليم وعقل مستقيم في هذا العالم الكبير الذي هو ما سوى الله رآه من مبدئه وهو عالم العقول والأرواح إلى منتهاه وهو عالم الأجسام كما قال الفيلسوف السبزواري :
    بل جعل القوم أولو الفطانة
    عناصرا كحجر المثانة

    فبالنظام الجملي العالم
    شخص من الحيوان لا بل آدم

    عالم الأجسام كسلسلة مشتبكة منتظمة بعضها في بعض وكل جزء منها مرتبط بما يليه، فإن الفقير محتاج إلى الغنى وبالعكس والعالم إلى الجاهل وبالعكس وهكذا الصغير والكبير والجليل والحقير والأرض والسماء وكذا جميع الموجودات ، فالعالم كبيت واحد يفسده تعدد المدبر أو كبدن يفسده تعدد الروح وكما أنه إذا تعدد رئيسان في منزل أو حاكمان في بلد أو سلطانان في مملكة أورث اختلال نظامها وأوضاعها فكذا لا تنتظم السماوات والأرضون وما فيها وما بينهما بإلهين وكما أن ائتلاف أعضاء الشخص الواحد الإنساني منتظمة في رباط واحد منتفعا بعضها من بعض مع اختلافها وامتياز بعضها عن بعض يدل على أن مدبرها واحد وممسكها عن الانحلال قوة واحدة ومبدأ واحد.
    فكذلك ارتباط الموجودات بعضها ببعض على الوصف الحقيقي والنظم الحكمي دليل على أن مبدعها ومدبرها وممسك رباطها أن تنفصم واحد حقيقي يمسك السموات والأرض أن تزولا ، وإلى هذا اشير في القرآن بقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقوله (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً

    لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ).
    الثاني : ان وجود آثار الصانع من خلق مخلوقاته وإرسال رسله دليل عليه فانتفاء ذلك مما يفرض شريكه دليل على انتفائه إذ الفطرة السليمة شاهدة والعالم العادي قاض بأنه لو كان مع الصانع إله آخر لم تحتجب عن أحد آثاره ولوصل خبره إلى الناس ولعلم حاله مع الباري جلّ ذكره من التوافق وعدمه ولأرسل إلى الخلق رسلا بأوامر ونواهي ووعد ووعيد وتجويز كما ذكر مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيته لولده الحسن أو محمد بن الحنفية على إختلاف الرواية واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته ولكنه إله واحد كما وصف نفسه.
    الثالث : أن التفرد بالصنع كمال فوق كل كمال وسلب الكمال عن ذات الواجب محال فلا يكون له شريك ولا نظير.
    الرابع : أنه تعالى غني بوجوب ذاته عما سواه فيكون غنيا عن الشريك ولأن الشركة نقص إذ التصرف الكامل لا يجوز لأحد الشريكين فيكون كل منهما ناقصا.
    الخامس : وحدة العالم وهي دليل على وحدة فاعله ومبدعه ووحدة العالم معلوم بالضرورة لشدة الارتباط بين أجزائها واحتياج بعضها إلى بعض في الوجود والبقاء ، فكأن جميعها حقيقة واحدة إلهية المسماة بالفيض المقدس في لسان الحكماء وبالنفس الرحمانية في لسان آخرين وبالرحمة الواسعة في لسان الأخبار المروية عن الأئمة الاطهار :
    عباراتنا شتى وحسنك واحد
    وكل إلى ذاك الجمال تشير

    فتلخص من جميع ذلك أن وحدة العالم تدل على وحدة إله العالم.
    السادس : أن كلا منهما إن لم يقدر على إقامة النظام كانا عاجزين فيكونا

    بالالوهية غير لائقين وإن قدر كل منهما على إقامة النظام كان الآخر عبثا ، وإن كان أحدهما قادرا والآخر عاجزا تعين الاول للالوهية.
    السابع : ان كل من جاء من الأنبياء وأصحاب الكتب المنزلة إنما دعا للاستناد إلى واحد استند إليه الآخر ونفي الشريك وآخر عن الإله بأنه لا شريك له فإن كان من أرسلهم صادقا في ذلك ثبت المطلوب ، وإن كان كاذبا لم يكن لائقا للإلهية حتى يكون شريكا.
    الثامن : أنه لو كان القديم اثنين متغايرين لزم أن يكون بينهما فرجة قديمة فتكون القدماء ثلاثة وإذا كانوا ثلاثة كانوا خمسة وإذا كانوا خمسة كانوا سبعة لما ذكر وهكذا إلى ما لا نهاية له والمدعى معترف بالبطلان فيما زاد على اثنين فالملزوم مثله.
    وقال الصادق عليه‌السلام في جواب الزنديق الذي قال له لم لا يجوز أن يكون صانع العالم اكثر من واحد : لا يخلو قولك انهما اثنان من أن يكون قديمين قويين أو ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني ، وإن قلت انهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أن المدبر واحد.
    وفي كتاب التوحيد عن هشام بن الحكم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما الدليل على أن الله واحد ، قال : اتصال التدبير وتمام الصنع كما قال الله عزوجل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.
    وعن الفضل بن شاذان قال : سأل رجل من الثنوية أبا الحسن الرضا عليه‌السلام وأنا حاضر فقال له : إني أقول أن صانع العالم اثنان فما الدليل على أنه واحد

    فقال عليه‌السلام قولك اثنان دليل على أنه واحد لأنك لم تدع الثاني إلا بعد إثباتك للواحد ، فالواحد مجمع عليه وأكثر من واحد مختلف فيه.
    وأما الدليل على التوحيد بالمعنى الثاني أنه أحدي الذات لا تركيب فيها فلأنه تعالى لو كان منقسما في وجود أو عقل أو وهم لكان محتاجا لأن كل ذي جزء فإنما هو بجزئه يتقدم وبتحققه يتحقق وإليه يفتقر وهو الله سبحانه غني عن العالمين.
    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية في توحيد
    الذات والصفات والأفعال والآثار :
    أعلم أن مراتب التوحيد أربع : توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال وتوحيد الآثار ، وبعبارة أخرى توحيد العوام وتوحيد الخواص وتوحيد خاص الخاص وتوحيد أخص الخواص ، والاولى مدلول كلمة لا إله إلا الله والثانية معنى كلمة لا هو إلا هو والثالثة مفاد لا حول ولا قوة إلا بالله والرابعة تشير إلى أن لا مؤثر في الوجود إلا الله.
    والشيعة تشارك سائر المسلمين في الاعتقاد بالمرتبة الاولى وتساهم بعض طوائف المسلمين في الاعتقاد بالمرتبة الثانية ، ولكن الشيعة تمتاز عنهم جميعا بعقيدة توحيد خاص الخاص وهو مجموع توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال ، وتمتاز أيضا بتوحيد أخص الخواص وهو مجموع توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال وتوحيد الآثار وأخذوها من أمامهم الأعظم سيد الموحدين ورئيس العارفين أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام حيث قال في نهج البلاغة أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفات فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزاه فقد جهله ومن جهله فقد

    أشار إليه ومن أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده ومن قال فيتم فقد ضمنه ومن قال علام فقد أخلى منه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
    تفصيل المقام في الله تعالى :
    نعتقد أن الله تعالى واحد أحد ليس كمثله شيء قديم لم يزل ولا يزال هو الاول والآخر عليم حكيم عادل حي قادر غني سميع بصير ولا يوصف بما توصف به المخلوقات فليس هو بجسم ولا صورة وليس جوهرا ولا عرضا وليس له ثقل أو خفة ولا حركة أو سكون ولا مكان ولا زمان ولا يشار إليه كما لا ندّ له ولا شبيه ولا ضد ولا صاحبة له ولا ولد ولا شريك ولم يكن له كفوا أحد لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار.
    ومن قال بالتشبيه من خلقه بأن صوّر له وجها ويدا وعينا أو أنه ينزل إلى السماء الدنيا أو أنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر أو نحو ذلك فإنه بمنزلة الكافر به جاهل بحقيقة الخالق المنزه عن النقص بل كلما ميزناه بأوهامنا في أدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلنا مردود إلينا على حد تعبير الإمام الباقر عليه‌السلام كما ذكرنا حديثه وما أجله من حكيم وما أبعده من رأى علمي دقيق ، وكذلك يلحق بالكافر من قال أنه يترأى لخلقه يوم القيامة وإن نفي عنه التشبيه بالجسم لقلقة من اللسان ، فإن أمثال هؤلاء المدعين جحدوا على ظواهر الالفاظ في القرآن الحكيم أو الحديث الضعيف وأنكروا عقولهم وتركوها وراء ظهورهم فلم يستطيعوا أن يتصرفوا بالظواهر حسبما يقتضيه النظر والدليل وقواعد الاستعارة والمجاز.
    التوحيد الذي يثبت به الاسلام :
    اعلم أن التوحيد الذي يثبت به الاسلام له أربعة معاني :

    الأول : توحيد الوجود بأن يكون واجب الوجود لا شريك له في وجوبه ووجوده كما مرّ مفصلا.
    الثاني : توحيد صانع العالم ومدبّر النظام ، وقد خالف في ذلك الثنوية وعرفت جوابه.
    الثالث : توحيد الإله وهو المستحق للعبادة ونفي الشريك عنه في استحقاق العبودية والمخالف في ذلك عبّاد الأصنام والأوثان ، فإن من يسجد لغير الله من الأصنام والأوثان لا يزعم أن وثنه ونحوه واجب الوجود لذاته ولا قديما ، ولكن زعموا أنه مستحق للسجود والعبادة ليقرّبهم الى الله كما حكى الله عنهم : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ، وربما اعتذر بعضهم بأن توجههم الى الأصنام كتوجه أهل الاسلام الى بيت الله الحرام ، فردّ الله عليهم ذلك بقوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) ، فإن الله لم يأمر بهذا كما أمر بالتوجه الى حرمه والاستشفاع بأنبيائه ورسله ، وقد ردّ الله على هؤلاء في القرآن بآيات كثيرة مشتملة على براهين عقلية وأدلة يقينية ، قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، وقال تعالى : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) ، وقال تعالى : (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
    الرابع : التوحيد في الخلق والرزق كما قال تعالى : ((أَلا لَهُ الْخَلْقُ) و (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) و (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) ومن يرزقكم من دون الله). والمخالف في هذا المقام المفوّضة والغلاة لعنهم الله حيث قالوا بأن الأمر في التدبير والخلق

    والرزق مفوّض إلى الأئمة ، نعوذ بالله من هذا الاعتقاد الفاسد ، والشيعة الاثنى عشرية بريئة من هذا الاعتقاد.
    بيان اجمالي لمراتب التوحيد
    في معتقدات الامامية الاثنى عشرية :
    تعتقد الشيعة الامامية الاثنى عشرية بأنه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات ، فكما الاعتقاد يجب بتوحيده في الذات ونعتقد بأنه واحد في ذاته ووجوب وجوده.
    كذلك يجب الاعتقاد ثانيا بتوحيده في الصفات وذلك بالاعتقاد بأن صفاته عين ذاته وبالاعتقاد بأنه لا شبيه له من صفاته الذاتية فهو من العلم والقدرة لا ينظر له وفي الخلق والرزق لا شريك له وفي كل كمال لا ندّ له.
    وكذلك يجب الاعتقاد ثالثا بتوحيده في العبادة فلا يجوز عبادة غيره تعالى بوجه من الوجوه وكذا إشراكه في أي نوع من أنواع العبادة واجبة أو غير واجبة في الصلاة وغيرها من العبادات ، ومن أشرك في العبادة غيره فهو مشرك كمن يرائي في عبادته ويتقرب الى غير الله تعالى ، وحكمه حكم من يعبد الأصنام والأوثان لا فرق بينهما.
    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية في صفاته تعالى :
    قد مرّ أن اكتناه حقائق الأشياء ليس في وسع البشر وما هو نصيبه ليس إلا معرفة الآثار ولا ريب أن الآثار تختلف حسب اختلاف المدارك والاعصار فربّ شيء لا يدرك آثاره إلا بعد قرون وأعصار ، وحيث أن آثار الأشياء مختلفة فمن أدرك أثرا من آثار شيء يحكم بأنه هو هذا الشيء ، ومن ثم جاء الاختلاف.
    مثلا : العلم الذي به قوام حياة البشر ، حياته الروحانية ، كم اختلفوا فيه ،

    فمن قائل بأنه نحو وجود ، ومن قائل بأنه كيف نفساني ، ومن قائل بأنه فعل ، ومن قائل بأنه انفعال ، ومن قائل بأنه معنى سلبي أي سلب المادة عن النفس الى غير ذلك من الأقوال ، والكل صادق من وجهة نظره لأن الآثار متعددة وكل واحد أدرك أثرا منها ، واذا كان درك الحقائق الممكنة جوهرية كانت أو عرضية هكذا فما ظنك بصفات الباري تعالى التي هي فوق درك العقول كلها.
    طريق معرفة الصفات :
    الصفات عناوين خاصة يشار بها الى الذات ويعبّر بها عنه واللازم هو التأمل والدقة في الذات المعنون لها ثم النظر في أنه هل يبقى مجال للبحث عن الصفات أم لا ، فنقول الذات المعنون للصفات كما مرّ سابقا هو الكمال المطلق فوق ما نتصوره من معنى الكمال والإطلاق المحيط بما سواه فوق ما نتعقله من معنى المسلوب عنه جميع النقائص الواقعية والادراكية ، وحينئذ فمع توجه العقل بهذا النحو من الذات والإذعان به والحكم بتحققه هل يبقى مجال للبحث عن الصفات وهل له طريق إلا الإذعان بكلمة أمير المؤمنين عليه‌السلام : كمال الإخلاص نفي الصفات عنه ، فالبحث عن الصفات إن كان بحسب الواقع فهو مع فرض كون الذات عبارة عما ذكرناه تطويل بلا طائل وان كان بحسب مقام التعبير والتفهم فله وجه كما في الخطبة المعروفة عن مولانا الرضا عليه‌السلام أسمائه تعالى تعبير الخ.
    وعلى أي حال بالغوا في البحث عن أي منها عين الذات وأي منها زائدة على الذات فغاية ما يجد العقل طريقا الى كماله المطلق هو سلب النقائص عنه سبحانه فيعبر عن سلب نقص الجهل بالعلم ، وعن سلب العجز بالقدرة وعن سلب منقصة عدم منشئية الأثر بالحياة الى غير ذلك ، هذا ولكن نحن نذكر هذه الصفات تبعا للقوم في الجملة.
    الكلام في صفات الثبوتية التي يقال صفات الكمال والجمال :
    اعلم أن صفات الكمال والجمال لا تنحصر لأن الخلو عن الكمال نقص وكل

    نقص منفي وكل كمال ثابت له تعالى وإلا لاستحال كونه صانعا لأن كل صانع لا يمكن أن يكون صانعا إلا اذا كان كاملا في صنعه فلا بد أن يكون صانع جميع العالم كاملا بكل كمال بالذات من جميع الجهات ، والمقصود من الصفات الثبوتية نفي أضدادها ، إذ صفاته تعالى لا كيفية لها ولا سبيل الى إدراكها ، فالقصور منها سبب أضدادها فهي مسلوب في الحقيقة ، فمعنى قوله تعالى قادرا عالما أي ليس بعاجز ولا جاهل لأن العجز والجهل نقصان لا يليق بالكامل بالذات من جميع الجهات وهكذا في جميع الصفات.
    فصفات الله تعالى الثبوتية ثمانية : القدرة والعلم والحياة والإرادة والكراهة والادراك والكلام والسرمدية.
    الأول في قدرته تعالى :
    أنه قادر ليس بعاجز لا يعجز عن شيء من الأشياء ، والدليل على ذلك :
    أولا : استحالة الصانعية والخالقية بدون القدرة التي هي من صفات الكمال.
    ثانيا : أن العجز نقص لا يليق بالكامل وقد تقدم وجوب كمال الواجب.
    ثالثا : صدور الأفاعيل العجيبة منه تعالى الدالة على كمال قدرته ، ويكفي في كمال قدرته التفكير في عجائب مخلوقاته التي خلقت من الانسان فضلا عن غيره ويتدبر فيما للأطفال في البكاء من المنافع العظيمة حيث أن في أدمغتهم رطوبة عظيمة إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة من ذهاب البصر وغيره ، وكيف جعلت آلات الجماع في الذكر والانثى جميعا على وفق الحكمة فجعل في الذكر آلة منتشرة تمتد حتى تصل النطفة الى الرحم إذ كان محتاجا الى أن يقذف ماءه في غيره ، وخلق للانثى وعاء قعر ليشتمل على الماءين جميعا ويحتمل الولد ويصونه ، وتفكر في منافع أعضاء البدن فاليدان للعلاج والرجلان للسعي والعينان للاهتداء والفم للاغتذاء والمعدة للهضم والكبد للتخليص والمنافذ لتنفيذ الفضول والأوعية لحملها والفرج لإقامة النسل وهكذا.

    ويتفكر في وصول الغذاء إلى البدن وما فيه من التدبير ، فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد ويستحيل في الكبد بلطف التدبير دما وتنفذه إلى البدن كله في مجاري مهيأة لذلك ، وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مفايض قد اعدت لذلك فما كان منه من جنس المرة والصفراء جرى إلى المرارة ، وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال ، وما كان من البلة والرطوبة جرى إلى المثانة ، وانظر إلى ما خص به الإنسان في خلقه تشريفا وتفضيلا على البهائم فإنه خلق ينتصب قائما ويستوى جالسا مستقبل الأشياء بيديه وجوارحه ويمكنه العلاج والعمل بهما ، فلو كان مكبوبا على وجهه كذات الأربع لما استطاع أن يستعمل شيئا من الأعمال وإلى ما خصّ به الإنسان من الحواس من خلقه وشرف بها على غيره.
    كيف جعلت العينان في الرأس كالمصابيح فوق المنارة وليتمكن من مطالعة الأشياء ولم تجعل في الأعضاء التي تحتهن كاليدين والرجلين فتعرضها الآفات وتصيبها من مباشرة العمل والحركة ما يعللها ويؤثر فيها وينقص منها ولا في الأعضاء التي وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر اطلاعها نحو الأشياء ، وفكر في الأعضاء التي خلقت زوجا وفردا ، فإن الرأس مثلا لو كان زوجا لكان كلا على الإنسان لا فائدة فيه بخلاف اليدين والرجلين والعينين ونحوها ، فإن حكم تعددها لا يخفى ، وتأمل في الجفن على العين كيف جعل كالغشاء والاشفار كالعرى.
    وتفكر في نعمة الله تعالى على الإنسان لا تعد ولا تحصى في مطعمه ومشربه وآلاتهما وتسهيل خروج الأذى منه ، وكيف جعل منفذ الخلاء من الإنسان في الستر موضع منه فلم يجعل بارزا من خلقته ولا ناشرا من بين يديه بل هو مغيب في موضع غامض من البدن مستور محجوب تلتقي عليه الفخذان وتحجبه الأليتان بما عليهما من اللحم فيواريانه ، فإذا احتاج الإنسان إلى الخلاء وجلس تلك الجلسة وجد ذلك المنفذ منه منصبا مهيئا لانحدار الثقل.

    وتفكر في هذه الطواحن التي جعلت للإنسان فبعضها محدد لقطع الطعام وقرضه وبعضها عرائض لمضغه ورضه.
    وتفكر فيما أنعم الله على الإنسان من النطق بمفاد قوله تعالى علمه البيان الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه ، ولو لا ذلك كان بمنزلة البهائم التي لا تخبر عن نفسها بشيء ، وكذلك الكتابة التي بها تقيد أخبار الماضين وأخبار الباقين وبها ترقم العلوم والآداب وبها يحفظ الإنسان ذكر ما يجري بينه وبين غيره من المعاملات والحسابات ولولاه لاختلت امور الناس في معادهم ومعاشهم وفيما اعطي الإنسان علمه وما منع منه وستر عنه فأعطي علم جميع ما فيه صلاح دينه من معرفة خالقه وتكاليفه وما فيه صلاح دنياه من الزراعة والغرس والنساجة والحياكة والخياطة والصيد وغير ذلك من الأعمال والأفعال وكيف ستر عنه العلم بعمره ، فإنه لو علمه قصيرا لم يتهنأ دينه ودنياه بالعيش مع ترقب الموت ولو علمه طويلا وثق بالبقاء وانهمك باللذات والمعاصي وفسد عليه دينه ودنياه ، وبالجملة تعداد مصنوعات الله ومقدوراته يحتاج إلى مجلدات كبيرة وما ذكرنا كما يدل على القدرة ، كذلك يدل على مسألة الصفات الكمالية ويكفي في ثبوت القدرة النقل أيضا ، قال الله تعالى في مواضع : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، وقال تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).
    الثاني : أنه تعالى مختار في أفعاله إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ، وليس بموجب مضطر في صدور الأفعال عنه كالنار في الإحراق والشمس في الإشراق ، والدليل عليه مضافا إلى ما تقدم في أدلة القدرة ، ومضافا إلى النقل كقوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) ، وقوله تعالى : (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) وغير ذلك من النقل القطعي أن الايجاب عجز والاضطرار نقص ، فلا يجوز عليه تعالى.
    وبعبارة واضحة هو أنه تعالى أوجد كل الأشياء باختياره ، فلو لم يكن مختارا على خلقها وتكوينها لزم أن يكون مجبرا على خلقها من قبل قوة قاهرة

    تجبره على الخلق ، وحيث لم تكن هناك قوة قاهرة تجبره على الخلق مثبت أنه تعالى مختار.
    الثالث : عالم حكيم ويدل عليه أنه تعالى لو لم يكن عالما لكان جاهلا ، والجهل من أهم عوامل النقص في الذات ، والذات لا تكمل إلا بإزالة كل ما ينقصها ، واحتمال وجود النقص في ذات واجب الوجود يجعله مفتقرا ومحتاجا إلى من يكمل فيه النقص ، وإن الله تعالى كامل بذاته لا يتصور فيه النقص وتشهد حكمته وتدبيره واتقانه خلق كل شيء على علمه.
    فالدقة في الصنعة ومكنونات العالم والروعة في كل ما خلق من أكبر الأدلة على علمه بكل شيء كان وما سيكون وما هو كائن.
    أما النقل فيدل عليه قوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، وقال تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، وقال تعالى : (أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ). ويكفي في ثبوت علمه تعالى الآيات الكثيرة والأخبار المتواترة بناء عليه لا يخفى خرافات المتكلمين وبعض فلاسفة العالم ، وأن العلم فيه تعالى حضوري أو حصولي بل إن الله تعالى يعلم الأشياء قبل وجودها كعلمه بها بعد وجودها لا تخفى عليه خافية يعلم السر وأخفى وما تكن الصدور ولا يجهل شيئا ، والحكيم يطلق على معان : أحدها وضع الأشياء في محلها وضده الظلم والسفه ، وثانيها العلم بالأشياء كما هي عليه وضده الجهل ، وثالثها ترك القبيح الذي هو الإخلال بالواجب ، ورابعها العلم بالأشياء ومعرفتها بأفضل العلوم ، وأفضل العلوم العلم بالله تعالى وأجل الأشياء هو الله تعالى ، والله سبحانه لا يعرفه كنه معرفته غيره وجلالة العلم بقدر المعلوم فهو الحكيم حقا لعلمه أجل الأشياء بأجل العلم ، ويدل على أنه حكيم ايجاد الموجودات ومكونات العالم بأحسن نظام ،

    وفي الذرة دلائل على وجود حكمته تعالى بل في كل زاوية الكون الحكمة متجلية كما ذكرنا في إثبات وجود المبدأ سابقا.
    ويدل عليه قول الرضا عليه‌السلام في دعائه : سبحانه من خلق الخلق بقدرته واتقن ما خلق بحكمته ووضع كل شيء منه موضعه بعلمه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
    وأيضا كما أن جميع الممكنات أثر لوجوده فكذا جميع كمالاتها أثر لكمال والذي ينتهي إليه جميع العلوم لا يجهل شيئا.
    علمه تعالى عام :
    واعلم أن علمه تعالى عام يعم جميع المعلومات كلياتها وجزئياتها لوجهين :
    الأول : لو لم يكن كذلك لزم الجهل ولو في البعض وهو نقص يجب تنزيهه تعالى عنه.
    الثاني : أنه تعالى منزه عن المكان والزمان كما يأتي فلا نسبة بينه تعالى وبين مخلوقاته إلا وجوب ذاته وإمكان مخلوقاته وقدرته عليها.
    وما زعمه بعض حكماء اليونان من عدم عموم علمه تعالى بل انحصاره كالعلم بأن الإنسان حيوان ناطق والحمار حيوان ناهق دون الجزئيات كزيد وعمرو وبكر ، ومرض كل منهم وصحته وطوله وقصره لأنها متجددة حادثة والعلم يتبع المعلوم فيلزم تغير العلم وتجدده فيكون تعالى محلا للحوادث فهو فاسد لأن علم الخالق لا يقاس بعلم المخلوق والعلم التابع للمعلوم إنما هو علم المخلوق دون الخالق إذ هو تعالى عالم إذ لا معلوم ، وعالم بما كان قبل أن يكون فلا تغير ولا حدوث في علمه الأزلي فله معنى العالمية إذ لا معلوم كما له تعالى معنى القادرية إذ لا مقدور ومعنى الخالقية إذ لا مخلوق ، ولنضرب لذلك مثالا للتفهيم ، فنقول إذا أراد زيد يوم السبت إنشاء كلام يوم الخميس فهو عالم يوم السبت بما ينشئ يوم الخميس

    وكذلك عالم يوم الجمعة بما أنشأ يوم الخميس ، فلا تغير ولا حدوث في علمه أصلا.
    الرابع : في أنه تعالى حي كما قال تعالى هو الحي القيوم والمراد بالحياة صفته يتأتى معها العلم والقدرة ، ويدل على ذلك مضافا إلى النقل ثبوت القدرة والعلم له تعالى بما تقدم وثبوتهما دليل على الحياة بل لازمهما فهو الحي الذي لا يموت وتوضيح ذلك إنا لما رأينا هذا العالم من السماوات والأرضين وما بينهما علمنا أن له بانيا قادرا عالما بناه بقدرته وعلمه ، ولما رأيناه تجدد الحوادث فيه وانتظامه من الإماتة والإحياء ونمو النبات ونزول الماء وسكون الأرض وتحرك الهواء ودوران الفلك الدوار وسير الشمس والقمر بالليل والنهار والإفقار والإغناء والتمليك والإفناء والإضحاك والإبكاء والتمريض والشفاء ونحو ذلك علمنا أن فاعل هذه الأفاعيل حي ، واعلم أن حياة الممكنات إنما تحقق بعروض صفة زائدة لها ، وحياة الله تعالى عين ذاته كسائر صفاته غير زائدة عليها ، ومرجعها إلى القدرة والعلم ، ومرجع جميع الصفات إلى الذات المقدسة كما يأتي توضيحه إن شاء الله تعالى والتعبير بهذه العبارات للإفهام :
    عباراتنا شتى وحسنك واحد
    وكل إلى ذاك الجمال يشير

    الخامس : قديم أزلي أبدي سرمدي ، إن من مستلزمات ذات العالم القادر والوجود الواجب الحياة والبقاء لأنهما لو عدما من ذاته كان ممكنا لا واجبا لأن الفناء والانعدام يستلزمان وجود المفنى والمعدم أو قوة تطرؤهما على الذات من الخارج ، وقد ذكرنا بأدلة قاطعة أن وجود الواجب الوجود هو ما يستلزمه بقاء المخلوقات والموجودات ، وقلنا إن من خصائص المادة الحركة ، والحركة تلزم وجود المحرك لها وبدون المحرك تتوقف الحركة ، فذاته تعالى باق إلى الأبد حتى فناء مخلوقاته لأن انعدام الحركة لا يوجب انعدام المحرك ، إما أنه قديم أبدي فإنه لو لم يكن قديما لكان حادثا ، والله ليس بحادث لأن الحدوث من صفات الممكنات.

    وبعبارة واضحة أنه تعالى قديم أزلي أبدي سرمدي ليس مسبوقا بعلة ولا يعتريه عدم ، بل هو الأول بلا أول يكون قبله والآخر بلا آخر يكون بعده ولم يسبق له حال حالا فيكون أولا قبل أن يكون آخرا ، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا ، قال تعالى : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) والدليل على ذلك مضافا إلى النقل الصحيح أنه لو جاز عليه ذلك لاحتاج إلى مؤثر في إيجاده وإعدامه فيكون ذلك المؤثر أولى بأن يكون هو الواجب ، ولأنه لو لم يكن كذلك لم يكن وجوده واجبا ولا أزليا فيكون محتاجا ، تعالى الله عن ذلك بل هو الغنى بذاته عما سواه.
    سئل مولانا إمامنا الباقر عليه‌السلام عن الله متى كان ، فقال : متى لم يكن حتى أخبرك متى كان.
    وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام إنما يقال : متى كان لما لم يكن ، فإما ما كان فلا يقال : متى كان ، كان قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد.
    السادس : مدرك متكلم اجمع المسلمون على أن الله تعالى يدرك حقائق الكون ودقائق الوجود ، ومن إدراكه أنه سميع بصير كما لا خلاف بين المسلمين ان الله تعالى متكلم وكيفية سمعه وأبصاره وكلامه تختلف عن كيفية سمع مخلوقاته وأبصارهم وتكلمهم لأنهم يسمعون ويبصرون ويتكلمون بآلة السمع وجهاز الابصار واللسان ، أما هو تعالى فإنه يتكلم بخلق الأصوات والكلمات في بعض مخلوقاته فتنطق بما يريد وتتكلم بما يدل على إرادته مثال ذلك كلامه مع النبي موسى عليه‌السلام كما في القرآن : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) النساء 164) فإنه تعالى خلق الكلام في الشجرة في البقعة المباركة ، وذلك كما جاء في قوله تعالى : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) سورة القصص / 30.
    كما أنه تعالى يسمع ويبصر لأنه يدرك المسموعات والمبصرات بعلمه وبقدرته ودليل ذلك قوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ

    الْخَبِيرُ) ويدل أيضا على ذلك ما تقدم في العلم من أنه تعالى عالم بجميع المعلومات التي من جملتها المدركات فيكون مدركا بهذا المعنى وهو المطلوب.
    السابع : مريد كاره : ذكرنا فيما تقدم أن الله تعالى مختار ومن الاختيار أنه يريد ويكره ، فلولا وجود الإرادة فيه لما خلق الدنيا وما فيها ، ووجود الإرادة تثبت وجود إرادة الشيء ونفي ضده ، ولما كان الله تعالى حكيما فإنه يريد الخير ويكره الشر ، يريد من عباده الطاعة ويكره منهم العصيان ، ولو لا وجود الإرادة والكره لما كان الله مختارا ولكان مجبرا على أفعاله ، والدليل على أنه تعالى مريد لأفعاله أنه خصّص إيجاد الحوادث بوقت دون وقت وعلى صفة دون اخرى مع عموم قدرته وكون الأوقات والصفات كلها صالحة للإيجاد بمقتضى القدرة ، فلا بد من مرجّح للوقت والشكل لاستحالة الترجيح بلا مرجّح عقلا وذلك هو الإرادة ، فيكون تعالى مريدا لأفعاله وهو المطلوب.
    الثامن : في أنه تعالى صادق ولا يجوز عليه الكذب مطلقا لأن الكذب قبيح وهو تعالى منزّه عن القبائح ، والكذب للإصلاح إنما جاز للمخلوق لارتكاب أقل القبيحين لأجل عجزهم وعدم قدرتهم على دفع فساد الصدق ، والله تعالى لا يوصف بعجز ، ولأن الصدق كمال وضده نقص والواجب يجب أن يكون كاملا من جميع الجهات كما تقدم.
    صفاته تعالى عين ذاته وجودا وعينا :
    الصفات الكمالية كالعلم والقدرة والاختيار والحياة والإرادة والكراهة والسمع والبصر والسرمدية ونحوها من صفات الكمال هي عين ذاته تعالى وجودا وعينا وفعلا وتأثيرا ، بمعنى أن ذاته تعالى بذاته يترتب عليه آثار جميع الكمالات ويكون هو من حيث ذاته مبدأ لانتزاعها منه ومصدقا لحملنا عليه ، وان كانت هي غيره من حيث المفهوم والمعنى ، وذلك لجواز أن يوجد الأشياء المختلفة والحقائق المتباينة بوجود واحد ونظير ذلك للافهام المخلوق ، فإنه مع كونه

    واحد يصدق عليه أنه مقدور معلوم ومحيى ومراد ومخلوق ومرزوق باعتبارات متعددة وحيثيات مختلفة ، وبالجملة فليست صفاته تعالى مغايرة للذات كما في صفاتنا فإن علمنا وقدرتنا وحياتنا مثلا غير ذواتنا بل زائدة عليها ضرورة فإنا كنا معدومين ثم وجدنا وكنا جاهلين فعلمنا وكنا عاجزين فقدرنا وهكذا... والله تعالى ليس كمثله شيء ولا يشبه خلقه فصفاته عين ذاته غير زائدة عليها.
    ويدل عليه ما تقدم من العلم والقدرة من أنها لو كانت غير ذاته لكان تعالى محتاجا في كامليته الى صفاته واذا كان محتاجا كان ممكنا فلا يكون واجبا صانعا وقد تقدم بطلانه ، وأيضا إن الصفة متأخرة عن الموصوف فيلزم أن يكون الله تعالى عاجزا جاهلا في وقت ثم صار قادرا عالما تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا.
    صفات الله السلبية :
    المراد بالصفات السلبية الصفات المضادة للصفات الثبوتية الذاتية كالجهل المضاد للعلم والعجز المضاد للقدرة والفناء المضاد للبقاء وهكذا وجود الشريك لله المنافي لوحدانيته فليس لله تعالى ضد ولا كفؤ ولا ندّ ولا هو بجوهر كالجسم والمادة ولا هو عرض كاللذة والشهوة والكيفية ولا متحيز في مكان ولا حال في وجود موجود آخر ولا شكل له ولا صورة ولا هو في جهة دون جهة ومكان دون مكان لا تدركه العيون والأبصار.
    أما انه ليس بجوهر ولا عرض لأن الجواهر والأعراض من الموجودات الممكنة المفتقرة إلى من يؤثر فيها الوجود أو هي من مستلزمات الموجودات كملازمة العقل والروح والشهوة للأجسام الحية ، وكونه ليس بمادة ولا جسم لأن من خصائص الجسم والمادة الحركة ومن مستلزمات الحركة وجود المحرك فسواء كان الجسم بسيطا أو مركبا فهو مفتقر الى من يخرجه من العدم ويخلقه لأنه قبل الوجود كان معدوما وإخراجه من العدم لا يتم إلا بوجود آخر وليس

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:23 am

    لله تعالى شكل ولا صورة لأن الشكل من مستلزمات الأجسام والصورة لا تنتقش في العين إلا بعد وجود الشكل والشكل لا ينتقش في الذهن إلا بعد تصوّر الجسم فالجسم والشكل والصورة من مستلزمات وجود الممكن.
    فلا يصح أن يقال عن الله تعالى أين هو وكيف هو ، لأن السؤال عن الأينونة والكيفية يستلزم أن يكون للمسئول عنه كيفية خاصة ومتحيزا في جهة ومكان وهذا ما لا يجوز على واجب الوجود الخالق للمكان والموجد للكيفية ، كما لا يصح أن يقال عنه تعالى أنه حل في موجود من الموجودات كما تدّعي النصارى أنه حلّ في المسيح ، وما ادعاه بعض الصوفية أن الله تعالى حل في جسمه لأن الحلول هو قيام وجود في وجود آخر على سبيل التبعية الأمر الذي يجعل التابع محتاجا إلى المتبوع ، ولا يمكن رؤيته تعالى بالعيون والأبصار.
    ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتصوره الانسان ويصفه بما يخرجه عن كونه واجب الوجود ويجعله شبيها أو مقارنا للمخلوقات في الذات أو الصفة كما تعتقد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية.
    وأن ما استدل به جماعة من المسلمين من غير الشيعة من أن لله تعالى يدا ووجها وعينا وساق وأنه متربّع على العرش شأنه شأن الملوك والسلاطين واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن الحكيم كقوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) ، (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) ، (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) وغيرها من الآيات على ما ذكر الشيخ عبد الله بن علي القصيمي في كتاب (الصراع بين الاسلام والوثنية) وأن كل ما قالوه في ذلك غير وارد وغير صحيح بعقيدة الشيعة الجعفرية.
    قال الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية :
    إن ما ورد في القرآن من نسبة الوجه واليد والاستواء لله تعالى كلها مجازات استعملت في غير معانيها الحقيقية ، ولا ينكر أحد بأن في القرآن الكريم ألفاظ استعملت على سبيل المجاز كما استعملت في الحديث الشريف ، وكلمات البلغاء

    من العرب ، وأن استعمال اليد والوجه والساق والاستواء في وصف الله تعالى على معانيها الحقيقية يوجب التجسيم والقول بأن لله يد مثل يد الانسان ووجه مثل وجه الانسان وأنه متربّع على العرش كما يتربع كسرى على عرشه ، يجعل لواجب الوجود جسما مركّبا من الأعضاء كسائر مخلوقاته.
    ونضيف على ما سبق من كلمات الامام علي عليه‌السلام التي تنفي أن يكون لله تعالى جارحة ، يد أو ساق أو يمكن لمسه ورؤيته وذلك فيما قاله عليه‌السلام يرد على ذعلب اليماني وقد سأله :
    هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟
    فقال علي عليه‌السلام : أفأعبد لما لا أرى.
    فقال ذعلب : وكيف تراه؟
    فقال عليه‌السلام : لا تراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان ، قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين ، متكلم لا برويّة ، مريد لا بهمة ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ، بصير لا يوصف بالحاسة ، رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتجيل القلوب من مخافته.
    ومن كلماته عليه‌السلام :
    الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد ولا تراه النواظر ولا تحجبه السواتر ، الدال على قدمه بحدوث خلقه وبحدوث خلقه على وجوده.
    صفات أفعاله تعالى :
    اعلم أن صفات الله سبحانه وتعالى تنقسم الى ثلاثة أقسام :
    ثبوتية ذاتية وسالبية أي ممتنعة لا يمكن أن يوصف بها وصفات أفعاله ، وقد تقدم شرح الصفات الثبوتية والسلبية.

    أما صفات أفعاله فهي الصفات الناتجة من أفعاله وهي غير مستلزمة لذاته ولا منتفية عنه كالمحيي والمميت والمعطي والمعزّ والمذلّ وغيرها من الصفات التي تتحقق عند صدور الفعل منه تعالى ، هذه الصفات هي غير مستلزمة لذاته لأنها لو كانت ذاتية لما جاز فعل ضدها كالمحيي ، فلو كان الإحياء من صفاته الذاتية لما جاز أن يميت الأحياء ، وهكذا لو كان العطاء من الصفات الذاتية لما صح منه المنع ، والله تعالى هو المحيي والمميت والمعطي والمانع والمعز والمذل يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء يعفو عمن يشاء ويعذّب من يشاء ، فلو كان العفو صفة ذاتية لما جاز أن يعذب أحدا.
    ولا خلاف بين المسلمين في أن الله تعالى متصف بالصفات الذاتية منتف عنه الصفات المضادة لها السلبية ، فصفات الذات كالوجود والعلم والقدرة والحياة السرمدية ونحوها هي عين ذاته كما تقدم ، وصفات فعل كالخالقية والرازقية والإحياء والإماتة فهي حادثة وهي امور اعتبارية انتزعت باعتبار المخلوق والمرزوق والمحيي والمميت ، وليست هذه الصفات قديمة وإلا لزم قدم العالم فقد كان الله ولم يكن خالقا ولا رازقا ولا محييا ولا مميتا ، وهذه الصفات ليست صفات كمال حتى يلزم النقص من انتفائها عنه تعالى بل الكمال إنما هو قدرته تعالى على الخلق وعلمه بمصلحة وقت إيجادهم ، بل ربما كان استمرار هذه الصفات وقدمها وأبديتها نقصا ، كما إذا كان الصلاح من إيجاد مزيد في هذا اليوم لا قبله ولا بعده فإيجاده قبل ذلك أو بعده نقص على الله تعالى وكذا الكلام في إغنائه وإفقاره وإماتته وإحيائه ونحوها.
    والضابط في الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل أن صفات الذات ما اتصف الله تعالى بها وامتنع اتصافه بضدها كالعلم والقدرة والحياة ونحوها ، فلا يجوز أن يقال إن الله عالم بكذا وغير عالم بكذا وقادر على كذا وغير قادر على كذا وسميع وبصير بكذا وغير سميع وبصير بكذا ونحو ذلك.
    وصفات الفعل ما يتصف تعالى بها وبضدها فيقال إن الله تعالى خلق زيدا

    ولم يخلق ابنه وأحيا زيدا وأمات عمرا وأفقر بكرا وأغنى خالدا ونحو ذلك.
    قال الباقر عليه‌السلام : هل سمّي عالما قادرا إلا لأنه وهب العلم للعلماء والقدرة للقادرين ، وكلما ميّزتموه بأوهامكم في أدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم ، والباري تعالى واهب الحياة ومقرر الموت... الحديث.
    وعنه أيضا يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه وبصرك لو وضع عليه خرّة ابرة لغطّاه تريد أن تعرف بهما ملكوت السموات والأرض ان كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول.
    ملخص المقال في صفات الله تعالى :
    قد مرّ أن اكتناه الحقائق ليس في وسع البشر وما هو نصيبه ليس إلا معرفة الآثار ، وذكرنا أيضا أن الصفات عناوين خاصة يشار إليها الى الذات ويعبّر بها عنه ، واللازم هو التأمل والدقة في الذات المعنون لها ثم النظر في أنه هل يبقى مجال للبحث عن الصفات أم لا ، فنقول : الذات المعنون للصفات كما مرّ سابقا هو الكمال المطلق فوق ما نتصوره من معنى الكمال والإطلاق المحيط بما سواه فوق ما نتعقّله من معنى الإحاطة المسلوب عنه جميع النقائص الواقعية والإدراكية وحينئذ مم توجه العقل بهذا النحو من الذات والإذعان به والحكم بتحققه هل يبقى للبحث عن الصفات ونفي الصفات هل له طريق إلا الإذعان بكلمة أمير المؤمنين عليه‌السلام كمال الإخلاص نفى الصفات عنه فالبحث عنها تطويل بلا طائل.
    العدل من اصول الدين :
    وبه يتم التوحيد بل تتوقف عليه سائر الاصول من النبوة والإمامة والمعاد وهو وان كان داخلا في جملة صفاته تعالى وقد تقدم الكلام فيه مبرهنا في جملة

    الصفات لأن معنى قولنا عادل أنه حكيم ليس بظالم ، فهو إما من الصفات الكمالية أو الجلالية ولكنه أفرد لكثرة متعلقاته واصوله.
    قال أمير المؤمنين عليه‌السلام :
    التوحيد أن لا تتوهمه والعدل أن لا تتهمه.
    وبالجملة فالعدل هو اعتقاد أنه تعالى عادل في مخلوقاته غير ظالم لهم لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب ولا يجوز في قضائه ولا يحيف في حكمه.
    الله تعالى لا يفعل القبيح :
    لا خلاف بين الناس من أن فعل الخير حسن وفاعله يستحق المدح وفعل الشر قبيح وفاعله يستحق الذم واختلف الناس في مصدرهما.
    قالت المجوس : إن مصدر الخير من الله تعالى ومصدر الشر من الشيطان.
    وقالت الثنوية : إن مصدر الخير من النور ومصدر الشر من الظلمة.
    واختلف المسلمون في مصدرهما.
    قالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية وتبعتها المعتزلة : إن الله تعالى هو مصدر الخير والفيض سبقت رحمته غضبه وهو الرحمن الرحيم ، وأنه منزّه عن فعل القبيح ومنه الشر لأن من صفاته الذاتية العلم ومن صفاته الحسن الحكمة ، وفعل القبيح منه تعالى يستلزم إما نفي العلم عنه بقبح فعل الشر أو نفي الحكمة عنه تعالى لسوء التدبير ، وإن نفي العلم عنه بقبيح فعل الشر يوجد النقص في علمه وإكمال النقص فيه يحتاج الى من يكمله ليكون عالما مطلقا له تمام العلم ووجود من يكمل فيه هذا النقص يجعله ممكن الوجود كسائر المخلوقات المفتقرة الى الكمال ويخرج عن كونه واجب الوجود ، وأن نفي الحكمة عنه يجعله غير قادر على إيجاد الفعل على الوجه الأكمل ، ولا يحسن تدبير الأشياء تدبيرا متقنا ويحمله على أن يأمر بما نهى عنه وينهى بما أمر به لأن من مستلزمات الحكيم أن

    يفعل الأشياء على الوجه الأكمل ويتصرف في الامور تصرفا حسنا ويدبّرها تدبيرا متقنا وإن فعل الشر مذموم وفاعله يستحق الذم.
    والمسلمون أجمع متفقون على أن الله تعالى حكيم ومدبّر وحمده واجب على العباد وأنه نهى عن فعل القبيح ووعد مرتكب القبائح بعذاب أليم ولهم أدلة اخرى ستأتي في سياق الرد على من جوّز على الله تعالى فعل القبيح.
    وقالت الأشاعرة وأصحاب الجبر : ان مصدر الخير والشر وخالقهما واحد وهو الله تعالى لأنه خلق كل شيء وقدّر كل شيء وأوجد كل شيء ومنها الشر والقبيح وأن استثناء فعل القبيح عنه ينافي كونه خالقا لكل شيء واستدلوا على رأيهم هذا بأن القدرة لم تسبق الفعل والفعل لم يكن متأخرا عن القدرة لأنه حال فيها ، والله لو لم يفعل الشر كانت قدرته ناقصة وثبت عجزه في خلق بعض الأشياء كالشر والفساد ، فالخير والشر والكفر والايمان والهدى والضلال والحسنات والسيئات كلها من فعل الله تعالى.
    فردّ الشيعة الإمامية الاثنى عشرية على دعوى الاشاعرة والمجبرة بأدلة نذكر ما يكفي المطلوب من تلك الأدلة.
    أولا : قال الشيعة إن قدرة الله تعالى على فعل كل شيء واستطاعته على إيجاد كل شيء ، لا ينافي امتناعه من فعل بعض الأشياء لامور منها أنه لم يكن مجبرا على خلق الأشياء لأن الإجبار يسلب عنه تعالى الاختيار كما شرحناه ، ومنها أنه لم يكن قد خلق الأشياء عن طريق العلة والمعلول والسبب والمسبب كالنار والاحتراق بحيث إذا وجدت النار وجد الاحتراق ، فقدرة الله تعالى التي هي عين ذاته لا تجبره على فعل الشيء.
    ثانيا : ان كل فعل يصدر من فاعل عاقل لا بدّ وأن يسبق الفعل وجود الإرادة في إيجاده ، فإذا كان فعل الكفر من الله لزم أن تكون له إرادة في فعله ، فإرادة الله تعالى الكفر لعباده ينافي قوله تعالى ولا يرضى لعباده الكفر.

    ثالثا : إن ما ذهب إليه الأشاعرة من أن القدرة لم تسبق الفعل ، والفعل لم يتأخر عن القدرة لأنه حال فيها هو زعم باطل وقول لا دليل عليه ، والبرهان ثابت في عكسه وهو ان إيجاد كل فعل يصدر من عاقل يتوقف على أمرين الإرادة والقدرة ، فالإرادة هي المحركة للقدرة ، والقدرة هي الموجدة للفعل ، فلا فعل بلا إرادة كما لا حركة بدون محرّك مثال ذلك فعل المشي المقصود المتوقف على حركة القدمين بفعل الإرادة والقدرة على الحركة إذ لو لا إرادة المشي والقصد منه ووجود القوة لتحريك القدمين لم يحصل المشي المقصود.
    رابعا : ان لإيجاد فعل القبيح عوامل وبواعث تحمل الفاعل على ارتكاب فعل القبيح كالجهل والحاجة والعبث والاستهتار ولسوء التدبير والتصرّف والتشفي والضرر بالآخرين لمجرّد اللذة والشهوة هذه العوامل وغيرها لا يمكن أن يوصف بها الله تعالى لأنه عالم بالأشياء قبل حدوثها وحال حدوثها وبعد حدوثها ، وأنه غني عن عباده وغير مفتقر إليهم ، وأنه لم يخلق شيئا عبثا ، وأنه حكيم لا يسيء التصرف والتدبير ، ولأنه رءوف عطوف رحمن رحيم سبقت رحمته غضبه وتمم خيره الموجودات كلها ، وأنه أحسن خلق كل شيء واتقن تدبير كل ما خلق.
    خامسا : لو كان الله تعالى هو الفاعل للقبيح وهو مصدر الشرور والسيئات كلها لما نهى عنها بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) النحل / 90 ، وبمقتضى الحكمة لا يجوز له أن يفعل ما نهى عنه ولا ينهي عما يفعله.
    وليس في شرائع الدنيا وأديان الناس من وصف إلهه بأنه مصدر الشر والقبيح حتى من صنع إلهه بيده وعبده كالمشركين وعبدة الأصنام ، فالمجوسية الضالة والثنوية الملحدة لم تسند فعل الشر إلى فاعل الخير كما تقدم.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في الجبر والاختيار والتفويض
    إن من أهم البحوث العقائدية عند المسلمين هو البحث عن الجبر والاختيار والتفويض ، وقد ذهب علماء الإسلام في البحث عنها مذاهب شتى ودونوا العديد من الكتب والمؤلفات ومما تجدر الإشارة إليه أن كل من كتب وألف سلك فيما كتب مسلكا علميا لا يهتدي إلى فهمه إلا من ألم بعلم الكلام الفلسفة الإلهية إلماما تاما وعرف مصطلحاتها وتمكن من حلّ قضاياها على ضوء القواعد العلمية الخاصة بعلم الفلسفة الإلهية ، ولما كانت معرفة ذلك من واجب عامة المكلفين لمساسها بالعقيدة والمبادئ الإسلامية ، وجدنا من الواجب بسط الموضوع بسطا واضحا يسهل فهمه على عامة المكلفين.
    الجبر : لغة هو الإكراه والقهر ، والمراد منه في الفلسفة الإلهية علم الكلام هو إجبار الله تعالى عباده على الفعل خيرا كان أو شرا حسنا كان أو قبيحا دون أن يكون للعبد إرادة واختيار وقدرة على الرفض والامتناع.
    التفويض : لغة هو ايكال فعل الشيء إلى الآخرين على وجه الاستقلال في التصرّف دون أن يكون للمفوض (بكسر الواو) سلطان على فعل المفوض (بفتح الواو) والمراد منه في هذا البحث هو أن الله تعالى فوّض أفعال العباد إليهم يفعلون

    ما يشاءون على وجه الاستقلال دون أن يكون لله سلطان على أفعالهم وأباح لهم فعل ما يشتهون.
    الاختيار : لغة هو وجود الإرادة والتمكن في الفاعل على فعل الشيء وتركه والمراد منه هنا هو إن الله تعالى كلّف عباده ببعض الافعال ونهاهم عن بعضها وأمرهم بطاعته فيما أمر به ونهى عنه بعد أن أوضح لهم الدليل وهداهم إلى ما يريد فعله وما يريد تركه بواسطة الأنبياء والمرسلين ، وجعل لهم الاختيار فيما يفعلون دون أن يجبر أحدا على الفعل خيرا كان أو شرا إيمانا كان أو كفرا وترك لعباده الاختيار فيما يفعلون بعد أن منحهم القوة في الفعل والترك ، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فعليها ، وإذا عرفت أيها القارئ الكريم ما هو الجبر وما هو التفويض والاختيار هلم نبحث ما اختلف فيه المسلمون.
    قالت الأشاعرة والجهمية والمرجئة بالجبر كما عرفت معناه إن الله تعالى هو الخالق لكل شيء ، ومنه الخير والشر والهدى والضلال والكفر والإيمان وكل أفعال العبد مستندة إليه تعالى وليس للعبد قدرة وإرادة واختيار في فعل الشيء وتركه لأنه مجبر ومكره على كل ما يفعله من خير وشر ، فالقدرة والمقدور واقعان بقدرة الله وليس لقدرة العبد أثر في أفعاله واستدلوا على ذلك بأدلة أهمها هي :
    أولا : إن الله تعالى لو أراد من الكافر الإيمان وأراد الكافر الكفر وحصلت إرادة الكافر كان الله تعالى مغلوبا وكانت إرادة الكافر الكفر أقوى من إرادة الله تعالى له الإيمان ، ولما كان الله لا يغلب على أمره ، كانت إرادة الكفر للكافر من الله.
    ثانيا : إن كل ما علم الله تعالى وقوعه فهو واقع لا محالة وما علم امتناع وقوعه فهو يمتنع حتما ، فإذا علم الله وقوع الكفر من الكافر استحالت على الكافر إرادة الايمان.

    ثالثا : قالوا ان في القرآن من الآيات ما يثبت إن الله تعالى هو خالق العباد وخالق أفعالهم ، وان الحسنات والسيئات آتية من الله تعالى وكلها من عنده ، ومن تلك الآيات قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) الصافات / 96. (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) النساء / 78. وهكذا تمسكوا بقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ابراهيم / 4 وقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ، وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) النحل / 93. وغيرها من الآيات التي وردت فيها كلمة الهدى والضلال كما سيأتي في بيان الردّ لهذا الفريق من المسلمين.
    بطلان الجبر :
    وقالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية بالاختيار وهو أن الله تعالى كلف عباده بما يريد ونهاهم عما لا يريد بعد ان أقام الحجة وأوضح لهم الدليل وهداهم إلى ما يريده منهم وما نهاهم بعد أن أعطاهم القوة على فعل الشيء وتركه واستدلوا على رأيهم هذا بقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) الإنسان / 3. (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) البلد / 8. (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة / 256. (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف / 29 إلى غير ذلك من الآيات.
    وقالوا لو كان الله تعالى يجبر بعض عباده على فعل الشر والكفر والقبيح ويجبر البعض الآخر على الهدى والإيمان والخير لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد ولتساوى المؤمن والكافر بالطاعة ، لأن كل واحد منهما يفسد إرادة الله تعالى ولا يخالف أمره وثبت إن الله تعالى يريد الشيء ويكره ، يأمر بفعل وينهي عنه ويرغم الكافر على الكفر ويعاقبه عليه ويجبر المؤمن على الايمان ليثيبه عليه.

    امور تدل على بطلان الجبر :
    أولا : قالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في مقام الردّ على من قال بالجبر لو كان الله تعالى يجبر بعض العباد على الإيمان والخير والهدى ، وتجبر الآخرين على الكفر والشر والضلال ، وكان البعض منهم مكرها على الطاعة ، والآخر مرغما على العصيان لبطل التكليف وألغيت كل التعاليم والأوامر الصادرة منه تعالى إلى المكلفين لأن من شروط التكليف أن يقع الفعل من الفاعل بمحض اختياره وإرادته ، أما إذا كان المكلف مرغما والمأمور مجبرا على تنفيذ الأمر ، وكان المكلف (بكسر اللام) قد خلق الفعل في الفاعل وأوجده فيه دون أن يكون له اختيار وإرادة في خلق الفعل ولا قوة له ولا قدرة على مخالفته والامتناع من حدوثه لم يتم الفعل تكليفا لأن المكلف به محقق الوجود ، وما كلف به العبد تحصيل حاصل ولا معنى لتكليف العبد بفعل حاصل بقدرة المكلف بكسر اللام وإرادته لأنه متمم الوقوع إن شاء العبد ذلك أو لم يشأ إرادة العبد أم لم يرده لأنه مسلوب الإرادة والاختيار.
    ثانيا : إذا كان المؤمن مجبرا على الإيمان والكافر على الكفر بإرادة الله وقدرته ومشيئته، كان الكافر والمؤمن متساوين في الطاعة ، لأن الكافر لم يختر الكفر بإرادته والمؤمن لم يرد الإيمان باختياره ، ووجب على الله تعالى أن يعامل المؤمن والكافر معاملة واحدة فيعاقبهما معا أو يثيبهما معا لأنهما لم يختار الكفر والإيمان لنفسهما ، وإنما تم الاختيار بإرادة الله ومشيئته لهما ، وعلى هذا الزعم يبطل الحساب والعقاب والجنة والنار والوعد والوعيد ، ويكون الظالم الشريد والخير العادل والمؤمن والكافر في حكم واحد ووجب أن يشطب من تعاليم الله تعالى كلمة الطاعة والمعصية والكفر والإيمان.
    ثالثا : لو كان الكافر مجبرا على الكفر والظالم مكرها على فعل الظلم لكان للكافر والظالم الحجة على الله إذا أدخلهما النار وعاقبهما على فعلهما لأنه هو الخالق

    فيهما الكفر والظلم وهذا يخالف ما جاء في القرآن الكريم : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) الانعام / 149.
    رابعا : إذا كان الله تعالى هو خالق الشر والكفر والضلال في الإنسان ولا إرادة للإنسان ولا قدرة على مخالفته ، وإذا كان الله يجبر بعض العباد على الإيمان وبعض الآخر على الكفر ، كانت الشرائع والأديان والكتب المنزلة من عنده على أنبيائه ورسله عبثا ، وكانت دعوة الأنبياء الناس إلى الإيمان بالله وفعل الخير والتجنب من الشر والفساد باطلة ، ولا أثر للشرائع والأديان في توجيه الإنسان ولا يترتب عليها شيء من أفعال الإنسان ولا تلزم الناس أحكامها لأنهم جميعهم مسيّرون بإرادة الله الذي خلق فيهم أفعالهم من خير وشر وكفر وإيمان ولا قدرة لهم على مخالفة ما أراده الله لهم ، وكانت دعوات الأنبياء للناس : آمنوا بالله ، اقيموا العدل اجتنبوا الفحشاء ، لا أثر لها في نفوس العباد لأن الذي خلق الله فيه الكفر لا يقدر على الإيمان ومن خلق فيه الايمان لا يقدر على الكفر كما يقول الأشاعرة والمجبرة والجهمية وغيرهم.
    خامسا : لو صح ما ذهب إليه الأشاعرة ورفاقهم من أن الإنسان لا إرادة له ولا اختيار فيما يفعل من خير وشر ، وإن القدرة والمقدورة واقعان بقدرة الله تعالى وليس للعبد قدرة وإرادة واختيار لكانت القوانين الشرعية والوضعية الخاصة بالعقاب والتأديب غير ملزمة للإنسان ، وأنها مهما وصفت بالعدل كانت ظالمة للإنسان الذي يرتكب الشر ويقترف الجرائم بفعل غيره فهو إذ يقتل يقتل لا بإرادته وهو إذ يسرق لا يسرق باختياره ، وإنما يفعل ذلك مجبورا ومكرها ومرغما على فعل القتل والسرقة ، لا سبيل له غير تنفيذ إرادة من قهره وأجبره فأخذ القاتل بالقتل وقطع يد السارق ومعاقبة أي مجرم في ذلك ظلم لا يتفق مع العدل وترك القاتل يقتل والمفسد يفسد في الأرض لا يتفق والمحافظة على الكيان البشري ولا يقول به أي إنسان لأن في العقاب سلامة المجتمع وأمنه ،

    وفي القصاص من القاتل حياة الإنسان وبقاءه ، كما في قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة / 179.
    سادسا : على زعم المجبرة واتباعهم لا يوجد في الدنيا من هو أظلم من الله تعالى الله عما يقول الجاهلون : وأي ظلم أعظم وأفظع من ظلم الله تعالى للإنسان والعياذ بالله لأنه على زعم المجبرة يجبر الإنسان على فعل الشر ويكرهه عليه ثم يعاقبه في الدنيا بحكم ما شرعه من الأحكام الموجبة للعقاب ، وفي الآخرة يأخذه ويدخله النار ويخلده في عذاب أليم جزاء لما ارتكبه من فعل الشر المرغم عليه إن فلت من عقاب الدنيا.
    ولنا أن نسأل المجبرة إذا كان الله تعالى أجبر بعض عباده على الإيمان وأكره بعض الآخر على الكفر ، فما وجه السؤال في ولتسئلن عما كنتم تعملون.
    أيسألهم عن فعل خلقه هو فيهم وأجبرهم بقدرته وقوته على عمله.
    والجواب لا يخرج من وجهين إما أن يكون السؤال عن عملهم الذي عملوه باختيارهم فيبطل بذلك الجبر ويثبت الاختيار ، وإما أن يكون السؤال عن أفعال أرادها لهم ، وأجبرهم على القيام بها. فعلى هذا لا وجه للسؤال إذ هو العالم بكل شيء والفاعل لكل شيء ، فلا العالم بالشيء يحتاج أن يسأل عنه ، ولا الفاعل للشيء يحتاج إلى من يعلمه فعله الذي تم على يده ، ثم أليس هو الفاعل والعامل والخالق لأفعال عباده من خير وشر وحسن وقبيح ، والعباد مجبرون على تنفيذ ما أراده الله لهم ، فما هو الشيء الذي يترتب على سؤال العباد من المسئولية التي نفاها الله تعالى عن المكره والمرغم على فعل الشيء بقوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).
    القرآن الكريم ينفي الجبر :
    من أدلة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية على نفي الجبر عن الله تعالى وإثبات

    الاختيار للعبد في أفعاله هي ما ورد في القرآن المجيد من الآيات البيّنات الدالة على وجود الاختيار للإنسان ، وأنه لم يكن مجبرا ولا مكرها في كل ما يعمله ويفعله من خير وشر ، وقد صنف بعض العلماء من الشيعة الآيات الكريمة الدالة على ذلك بعشرة أصناف :
    الصنف الاول :
    الآيات الدالة على إضافة الفعل إلى العبد ونسبته إليه ، وإنه مطلق التصرف فيما يفعله من خير أو شر وهي على سبيل المثال لا الحصر ، قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة / 79. (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد / 11. (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) يوسف / 8. (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) المائدة / 30. (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) المدثر / 38. (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) الطور / 21. (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فصّلت / 46. (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) البقرة / 289.
    الصنف الثاني :
    الآيات الدالة على نفي الظلم من الله تعالى ويكاد يكون الظلم مصداقا لكل الشرور بل هو محور الشر وركيزة القبائح كلها ، وقد تكرر نفي الظلم عن الله تعالى في مواطن عديدة وفي آيات كثيرة ، ومنها قوله تعالى ينفي عن نفسه الظلم ويسنده إلى العبد : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) الحج / 10 (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) غافر / 17 (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً

    عَظِيماً) آية 40. (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) النحل / 118.
    (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يس / 54.
    الصنف الثالث :
    الآيات الدالة على وجود الإرادة والاختيار في العباد على احداث أفعالهم وأنهم مخيّرون في ما يعملونه من خير وشر وحسن وقبح نورد منها على سبيل المثال قوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فصلت / 40. (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً) الكهف / 29 (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) المدثر / 54 ـ 55. (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) المزمل / 19.
    الصنف الرابع :
    الآيات الدالة على ذم المخالفين لأوامر الله تعالى عن طريق الاستفهام الإنكاري : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) الاسراء / 94. (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ـ (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) الاعراف / 12. (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) البقرة / 28. (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) المدثر / 49. (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) آل عمران / 71.
    الصنف الخامس :
    الآيات الدالة على أن الله تعالى يجزي العباد على أعمالهم وما كسبته أيديهم وهي كثيرة ، منها قوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) غافر / 17. (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الجاثية / 28

    (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) الانعام / 160 (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) طه / 15. (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ) الانعام / 93. (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) إبراهيم / 51. (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) طه / 124.
    الصنف السادس :
    الآيات الدالة على المسارعة إلى الأعمال الخيرية لطلب المغفرة من الله تعالى وتلبية أوامره وتعاليمه ، منها قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) آل عمران / 133. (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) الاحقاف / 32 (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) الزمر / 54. (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ).
    الصنف السابع :
    الآيات الدالة على اعتراف المجرمين بذنوبهم في يوم القيامة ، منها (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا : بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) الملك / 8 ـ 9. (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) الملك / 11. (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) المدثر / 42.
    الصنف الثامن :
    الآيات الدالة على ندم المجرمين وطلبهم العودة إلى الدنيا ليعملوا الصالحات عند ما يحدق بهم العذاب واعترافهم بذنوبهم وما عملوها من السيئات ، منها قوله تعالى : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) المؤمن / 11. (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً ـ وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ

    ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) السجدة / 12. (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الزمر / 58.
    الصنف التاسع :
    الآيات الدالة على الاستعانة بالله وطلب الرحمة والهداية منه على الأعمال الخيرة ، منها قوله تعالى : (اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا) الاعراف / 128. (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الاعراف / 200. (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) النحل / 98. (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الحمد / 4.
    الصنف العاشر :
    الآيات الدالة على طلب المغفرة والعفو والصفح منه تعالى على ما صدر ما يخالف أمر الله تعالى ، كقوله تعالى : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) الاعراف / 23. (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة / 285. (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) ص 24 (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) آل عمران / 13. (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) إبراهيم / 41. (إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) ـ (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) الشعراء / 86. (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) مريم / 47.
    من المناسب أن نذكر الحديث الذي دار بين الإمام موسى بن جعفر الكاظمعليه‌السلام وبين أبي حنيفة كما يرويه الشيخ المفيد في كتابه تصحيح الاعتقاد. قال إن أبا حنيفة سأل الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه‌السلام عن أفعال العباد ، فقال

    الإمام عليه‌السلام إن أفعال العباد لا تخلو من ثلاثة ، إما أن تكون من الله خاصة أو من الله تعالى ومن العبد على وجه الاشتراك أو تكون من العبد خاصة ، فلو كانت من الله تعالى خاصة ، كان الله أولى بالحمد على صنعها والذم على قبحها ولم يتعلق بغيره حمد ولا لوم ، وإن كانت من الله تعالى ومن العبد على وجه الاشتراك كان الحمد لهما والذم عليهما معا ، وإذا بطل الوجهان ثبت أنها من العبد ، فإن عاقبه الله تعالى على جنايته بها فله ذلك ، وإن عفى عنه فهو أهل التقوى والمغفرة.
    بطلان التفويض :
    التفويض له معان ، الاول : تفويض الله الأمر إلى العباد بحيث لا يكون لأوامره تعالى ونواهيه وبواعثه وزواجره وتوفيقه وإحسانه وتأييده وتسديده وخذلانه مدخل فيه ويلزم إخراج القادر المطلق عن سلطانه ونسبة العجز الظاهر إلى من لا يدخل النقص في شأنه. الثاني : هو رفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال. الثالث : هو تفويض أمر الخلق والرزق إلى بعض عباده كما ذهب إليه المفوّضة وكل أقسامه باطلة عقلا ودينا ، فالعقل والكتاب ـ القرآن والسنة المحمدية وإجماع المسلمين على خلافه.
    أما دليل بطلانه عقلا فهو لو صح التفويض لكان الله تعالى بعد أن خلق الخلق ومكنهم من أفعالهم عجز عن تدبير أمرهم وإدارة شئونهم ، ففوّض خلقه بذلك وهذا يثبت عجز الخالق وقدرة المخلوق ، وقد سبق إنا أثبتنا أن واجب الوجود لذاته لا يتصف بالعجز لأن العجز يجعله في عداد الممكنات أي المخلوقات المفتقرة إلى الكمال.
    أما إبطاله بالكتاب والسنة فهو لا يحتاج إلى دليل لاشتمالهما على أوامر الله تعالى ونواهيه التي حددت للعباد أعمالهم وإلزامهم بفعل ما هو حسن ومنعهم من القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد ، ولم يكن الله تعالى في تمكين عباده

    مجبرا لهم عليها كما تقدم ، ولا مفوّضا إليهم أعمالهم ، وبالعكس جعل من كمال العبادة والطاعة تفويض العباد أمرهم إليه تعالى لقوله : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) سورة المؤمن / 44.
    أما بطلانه بدليل الإجماع هو أن المسلمين جميعا لم يختلفوا في أن الله تعالى كلف عباده بالطاعة والعبادة ونهاهم عن معصيته والكفر والشرك به.
    وأما بطلانه بالسنة فقد ورد عن الإمامين الصادق والرضا عليهما‌السلام ما ينفي الجبر والتفويض.
    وعن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام قال : سألته ، فقلت له : الله فوّض الأمر إلى العباد ، فقال الله : أعز من ذلك ، قلت : فاجبرهم على المعاصي ، قال الله : أعدل واحكم من ذلك ، ثم قال : قال الله يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني ، عملت بالمعاصي بقوتي التي جعلتها فيك ، وعن سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عليه‌السلام قال : ذكر عنده الجبر والتفويض ، فقال : ألا أعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا تخاصمون فيه أحدا إلا كسرتموه ، قلنا : إن رأيت ذلك ، فقال : إن الله عزوجل لم يطمع بالإكراه ولم يعص بغلبة ولم يهمل العباد في ملكه هو المالك ، لما ملككم والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن استمر بمعصية الله فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه.
    ففي كتاب توحيد الصدوق (ره) في باب نفي الجبر والتفويض بسنده عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : لا جبر ولا تفويض ، ولكن أمر بين أمرين :
    فالجبر والتفويض عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية باطل واعتقادهم هو أن العبد في أفعاله مختار وهو ما أشار به الإمام الصادق عليه‌السلام لا جبر ولا تفويض ، ولكنه أمر بين أمرين وأقربه فخر الرازي من أعاظم علماء العامة في

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:24 am

    تفسيره حيث قال والحق ما قاله في هذا المقام جعفر بن محمد لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين :
    الخير من الله تعالى والشر من نفس الانسان :
    وقالت الإمامية الاثنى عشرية الخير من الله بمعنى أنه أراده وأمر به ، ومن العبد أيضا لأنه صدر منه باختياره ومشيته ، أما الشر فمن العبد فقط لأنه فاعله وليس من الله لأنه نهى عنه والقبائح يستحيل فعلها على الله عزوجل ، وقالت السنة : الخير والشر من الله وأنه هو الذي فعل ويفعل الظلم والشر وجميع القبائح لأنه خالق كل شيء.
    والدليل على ما ذهبت إليه الإمامية قوله تعالى آية 81 من سورة النساء : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً).
    وأيضا إذا كان الله تعالى هو خالق الشر والكفر والضلال في الإنسان ، ولا إرادة للإنسان ولا قدرة على مخالفته ، وإذا كان الله يجبر بعض العباد على الإيمان وبعض الآخر على الكفر.
    كانت الشرائع والأديان والكتب المنزلة من عنده تعالى على أنبيائه ورسله عبثا ، وكانت دعوة الأنبياء الناس إلى الإيمان بالله وفعل الخير والتجنب من الشر والفساد باطلة كما تقدم مفصلا في مسألة الجبر.

    عقيدة الامامية الاثنى عشرية
    في القضاء والقدر
    من الامور المختلف فيها بين المسلمين القضاء والقدر المنسوبين إلى الله تعالى قال : المجبرة إن القضاء والقدر الإلهيين هما خلق الأفعال من قبل الله خيرا كانت أو شرا وإلزام العباد بها دون أن يكون للعباد فيها إرادة واختيار ، وقالوا إن الله تعالى هو الذي قضى وقدر أي خلق وألزم كل ما يتعلق بعباده من الأفعال والأعمال فهو الذي قدّر الكفر على الكافرين وقضى به عليهم وهو الذي قدر الإيمان على المؤمنين وقضى به عليهم دون أن يكون للعباد قدرة على المخالفة أو يكون لهم اختيار في العمل والترك.
    وقالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية وتبعهم في ذلك المعتزلة إن الله تعالى منزه عن فعل القبيح ومنه الإضلال والكفر وان عدله وغناه عن العباد ينافيان إجبار خلقه على ارتكاب الشر والقبيح ومنهما الكفر والضلال ، وأن حكمته تنافي إلزام العباد بما نهاهم عنه وحملهم على الفعل الذي لا يرتضيه ، وقد تقدم الدليل على ذلك في البحث عن الجبر والتفويض ، وقالوا إن للقضاء والقدر معاني غير الخلق والإجبار ، فمن معاني القضاء الأمر والإيجاب كقوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) الاسراء / 23. أي أمر وأوجب على العباد أن يعبدوه

    ولا يعبدوا غيره ، فلو كان القضاء إلزاما بالجبر لما نهاهم عن عبادة غيره ، ومن معاني القضاء، الحكم كقوله تعالى : (لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) الشورى / 14. أي لحكم فيما بينهم ، ومنها إتمام الشيء والوفاء به ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ) القصص / 29. أي لما أتم ووفي الأجل الذي كان بينه وبين شعيب ، ومنها الأخبار والإعلام كقوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) الاسراء / 4. أي أخبرناهم وأعلمناهم ، ومنها الخلق كقوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) فصّلت / 12. أي خلقهن.
    ومن معاني القضاء الإرادة ، كقوله تعالى : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) البقرة / 117.
    وللقدر كما للقضاء معاني شتى منها التقدير والتحديد ، كقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) المؤمنون / 18. وقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) الحجر / 21.
    ومن معانيه الإعلام والأخبار ، كقوله تعالى : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) النمل / 57. أعلمنا وأخبرنا عنها أنها من الغابرين ، ومنها الخلق كقوله تعالى : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ) ومنها التضيق ، كقوله تعالى : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) أي ضيق عليه رزقه الفجر / 16.
    ومنها الكتابة كقول الشاعر :
    واعلم بأن ذو الجلال قدره
    في الصحف الاولى التي قد سطره

    وهناك معاني أخر للقضاء والقدر ، وكلها لا تدل على أن الله تعالى قضى على بعض عباده الكفر وقدر على بعض آخر الإيمان بحيث لا يسعهم مخالفة ما قضى به وقدره عليهم كما يقول المجبرة وأحسن دليل على إبطال ما ذهبوا إليه هو أن المسلمين جميعا متفقون على وجوب الرضا بقدر الله وقضاه ، فلو كان الكفر

    والضلال مقدّرين على العباد لوجب الرضا بهما ، والرضا بما لا يرضى الله عنه باطل بالإجماع وقبيح عقلا ، فمن قوله تعالى : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) الزمر / 7.
    خلاصة المقال في القضاء والقدر :
    انّا ذكرنا في الجزء الأول من عقائد الإمامية في جواب من قال إن أفعال العباد وما وجد واقع بقضاء الله وقدره إن أردت إن الله تعالى قضى عليهم بها أي حكم عليهم بها وألزمها عباده وأوجبها أو بيّن مقاديرها من حسنها وقبحها ومباحها وحظرها وفرضها ونفلها فهو صحيح لا غبار عليه ، قد دل عليه الكتاب والسنة وحكم به العقل الصحيح ، وكذا إن أريد به أنه بينها وكتبها وعلم أنه سيفعلونها لأنه تعالى قد كتب ذلك أجمع في اللوح المحفوظ وبينته لملائكته ، وعلى هذا ينطبق وجوب الرضا بقضاء الله وقدره ، وإن أريد أنه قضاها وقدرها بمعنى أنه تعالى خلقها وأوجدها ، فباطل لأنه تعالى لو خلق الطاعة والمعصية لسقط اللوم عن العاصي ، ولم يستحق المطيع ثوابا على عمله ، وأما أفعال الله تعالى فنقول أنها كلها بقدر أي سابقة في علمه تعالى.
    وقد أوضح الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام القضاء والقدر لأحد أعيان الشيعة وهو أصبغ بن نباتة وكان من الملازمين له كما في الخبر المشهور.
    إن أصبغ بن نباتة قام إلى الإمام علي بعد انصرافه من حرب الشام فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره؟ فقال الإمام عليه‌السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما وطئنا موطنا ولا هبطنا واديا ولا علونا قلعة إلا بقضاء الله وقدره ، فقال أصبغ : عند الله احتسب عنائي ما أرى لي من أجر ، فقال الإمام : مه أيها الشيخ بل عظم الله أجوركم في سيركم وأنتم سائرون ، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين ، فقال أصبغ : كيف والقضاء والقدر ساقانا إلى

    ذلك ، فقال الإمام : ويحك ظننت قضاء لازما وقدرا محتوما لو كان ذلك لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي ، ولم تأت لائمة من الله لمذنب ولا محمدة لمحسن ، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ولا المسيء أولى بالذم من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان وجنود الشيطان وشهود الزور وأهل العمى عن الصواب وهم قدرية هذه الامة ومجوسها ، إن الله تعالى أمر تخييرا ونهى تحذيرا وكلف مسيرا لم يعص الله مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يرسل الرسل عبثا ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. فقال أصبغ : وما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلا لهما ، فقال الإمام : هو الأمر من الله تعالى والحكم ، وتلى قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) ، فقام أصبغ وهو يقول :
    أنت الإمام الذي نرجو بطاعته
    يوم النشور من الرحمن رضوانا

    أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا
    جزاك ربك عنا منه إحسانا

    وفي الصحيح عن الإمام الصادق عليه‌السلام سادس الأئمة قال : إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل يزعم أن الله تعالى أجبر الناس على المعاصي ، فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر ، ورجل يزعم أن الأمر مفوّض إليهم ، فهذا قد وهن الله في سلطانه فهو كافر ، ورجل يقول إن الله كلف العباد ما يطيقون ، ولم يكلفهم ما لا يطيقون ، وإذا أحسن حمد الله وإذا اساء استغفر الله فهو مسلم بالغ.
    وجوب اللطف على الله تعالى :
    مذهب الإمامية الاثنى عشرية والمعتزلة وجوب اللطف على الله تعالى وهو ما يقرّب العبد إلى طاعة الله ويبعده عن معصيته بغير الجاء أي إكراه ولا

    إجبار ، إذ لا إكراه في الدين ولا دخل له في أصل القدرة ، إذ قد أعطى سبحانه كل مكلف قدرة الفعل والترك فيما كلفهم على ما كلفهم كما قال تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) و (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها).
    من اللطف الواجب إرسال الرسل والأنبياء ونصب الأئمة والأوصياء في كل زمان لما يأتي من وجوب الأصلح على الله تعالى ووجوب نصب الحجج عقلا ونقلا.
    جميع أفعال الله تعالى حكمة :
    اعلم أن مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية أنه : جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب وحق ليس فيها ظلم ولا جور ولا كذب ولا عيب ولا فاحشة ، والفواحش والقبائح والكذب والجهل من أفعال العباد ، والله تعالى منزه عنها وبريء منها لما تقدم من علمه تعالى وقدرته ، ويلزم على القائلين بأنه تعالى خالق الخير والشر وأن لا مؤثر في الوجود غيره ، أن جميع الفواحش والقبائح كلها صادرة منه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
    لا يجوز المعاقبة في أفعال غير اختيارية :
    لا يجوز أن يعاقب الله الناس على فعله ولا يلومهم على صنعه فيهم كالسواد والبياض والطول والقصر والشباب والشيب ونحوها من الامور غير اختيارية.
    وإنما يعاقب الله الإنسان على أفعاله القبيحة كالزنا واللواط ونحوهما ، ويلزم الأشاعرة القائلين بأن أفعال العباد مخلوقة له تعالى ، أنه تعالى يعاقب الناس على ما لم يفعلوه بل على فعله فيهم كالقسم الأول تعالى الله عن ذلك.
    أفعال الله معللة بالأغراض :
    مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية الذي دلت عليه العقول وطابقه المنقول أن أفعال الله تعالى معللة بالأغراض لأنه حكيم ، وفعل الحكيم لا يخلو عن حكمة

    والذي يفعل العبث بلا حكمة وغرض سفيه تعالى الله عن ذلك ، وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ، سبحانك ما خلقت هذا باطلا ، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، والحديث الشريف كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف.
    وذلك الغرض والنفع غير راجع إليه تعالى لأنه غني عن العالمين ، وإنما هو راجع إليهم بتحصيل الثواب في الجنان والرضوان والتخلص من العقاب والخسران ولا نقص في ذلك على الله تعالى فإنه تام في حدّ الذات وكامل من جميع الجهات وزعمت الأشاعرة أنه لا يجوز أن يفعل شيئا لغرض من الأغراض ولا لمصلحة ، ويجوز عليه أن يؤلم العبد بغير مصلحة ولا غرض تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
    عقيدة الامامية في البداء :
    قد ذكرنا في الجزء الأول من عقائد الإمامية أنه قد أجمعت الأنبياء وأئمة الدين طرا على تحقق البداء بالسنة إلى الله تعالى ، وفي الكافي عن مولانا الصادق عليه‌السلام ما عظم الله بمثل البداء ، وفيه عنه عليه‌السلام إن لم يبعث نبيا قط إلا صاحب سيرة صافية ، فما بعث الله نبيا قط حتى يقول له بالبداء ، وعنه عليه‌السلام في خبر هشام ما عظم الله وما عبد الله بشيء بمثل البداء ، وعنه عليه‌السلام لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه الخبر.
    فلباب القول في معنى البداء :
    هو بقاء اختياره تعالى بعد حدوث الأشياء كثبوت الاختيار له تعالى عند حدوثها ، فكما أنه تعالى قبل إيجاد الأشياء له أن يختار الإيجاد ، وله أن يختار العدم ، فكذا بعد الإيجاد له أن يختار الإبقاء ، وله اختيار عدم البقاء ، ففي كل آن هو في شأن من الإيجاد بالنسبة إلى ما لم يوجد بعد والإبقاء بالنسبة إلى ما وجد.

    عن هشام بن سالم عن الصادق عليه‌السلام في قول الله تعالى وقالت : اليهود يد الله مغلولة ، فقال : كانوا يقولون قد فرغ من الأمر ـ الخبر.
    وعن مولانا الرضا عليه‌السلام لسليمان المروزي ما أنكرت من البداء يا سليمان والله تعالى يقول : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً). ويقول : (هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ). ويقول : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). ويقول : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ). ويقول : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) الخ. فترى أن الإمام عليه‌السلام استدل على البداء بوجود الاختيار فيه تعالى وإيجاد الأشياء واختياره تعالى فيه حدوثا وبقاء إيجادا وعدما ، فراجع إلى الجزء الأول من العقائد.
    عقيدة الشيعة في التكليف :
    نعتقد أنه تعالى لا يكلف عباده إلا بعد إقامة الحجة عليهم ولا يكلفهم إلا ما وسعهم وما يقدرون عليه وما يطيقونه وما يعلمون لأنه من الظلم تكليف العاجز والجاهل غير المقصر في التعليم ، أما الجاهل المقصر في معرفة الأحكام والتكاليف فهو مسئول عند الله تعالى ، ومعاقب على تقصيره إذ يجب على كل إنسان أن يتعلم ما يحتاج إليه من الأحكام الشرعية ، ونعتقد أنه تعالى لا بدّ أن يكلف عباده ويسن لهم الشرائع ، وما فيه صلاحهم وخيرهم ليدلهم على طريق الخير والسعادة الدائمة ويرشدهم إلى ما فيه الصلاح ويزجرهم عما فيه الفساد والضرر عليهم وسوء عاقبتهم ، وإن علم أنهم لا يطيعونه لأن ذلك لطف ورحمة بعباده وهم يجهلون أكثر مصالحهم وطرقها في الدنيا والآخرة ، ويجهلون الكثير مما يعود عليهم بالضرر والخسران ، والله تعالى هو الرحمن الرحيم بنفس ذاته وهو من كماله المطلق الذي هو عين ذاته ويستحيل أن ينفك عنه ولا يرفع هذا اللطف وهذه الرحمة أن يكون العباد متمردين على طاعته غير منقادين إلى أوامره ونواهيه.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في النبوة
    نعتقد أن النبوّة وظيفة إلهية وسفارة ربانية يجعلها الله تعالى لمن ينتجبه ويختاره من عباده الصالحين وأوليائه الكاملين في إنسانيتهم ، فيرسلهم إلى سائر الناس لغاية إرشادهم إلى ما فيه منافعهم ومصالحهم في الدنيا والآخرة ، ولغرض تنزيههم وتزكيتهم من دون مساوئ الأخلاق ومفاسد العادات وتعليمهم الحكمة والمعرفة وبيان طرق السعادة والخير لتبلغ الإنسانية كمالها اللائق بها فترتفع إلى درجاتها الرفيعة في الدارين دار الدنيا ودار الآخرة.
    وبعبارة واضحة : يجب على المسلم عن طريق العقل أن يؤمن بأن من العدل أن يرسل الله إلى عباده مبشرا وهاديا يعلم الناس الأحكام ويبين لهم الحلال من الحرام ويرشدهم إلى طريق الصواب ويحكم بينهم بالعدل ، وأن ذلك واجب على الله تعالى باعتباره لطفا منه ، واللطف واجب على الإله الذي مرت صفاته في تعريف ذاته من قبل ، وقد يكون الإيمان بوجوب إرسال الرسل يمثل جانبا من العدل بحيث لا يمكن أن يستقيم هذا العدل تماما من غير وجود بشير أو نذير أو هاد أو مرشد يتمثل في صورة نبي يأتي إلى عباده ليعلمهم ما ينبغي

    عليهم أن يتعلموه ليعلموا به ، وما ينبغي عليهم أن يتعلموه ليتجنبوه حتى يكونوا صلحاء.
    وتعبير آخر : أن الشيعة الإمامية الاثنى عشرية تعتقد أن جميع الأنبياء الذين نص عليهم القرآن الكريم والرسول الخاتم رسل من الله وعباده المكرمون أرسلهم الله لدعوة الخلق إليه ، وأن محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء بنص القرآن الكريم : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) وهو خاتم النبيين وسيد الرسل ، وأنه معصوم من الخطأ والخطيئة ، وأنه ما ارتكب معصية مدة عمره ، وما فعل إلا ما يوافق رضا الله سبحانه حتى قبضه الله إليه ، وأن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين القرآن الكريم هو الكتاب الذي أنزله الله إليه للإعجاز والتحدي ولتعليم الأحكام وتميز الحلال من الحرام ، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة كما أثبتنا في الجزء الأول من عقائد الإمامية ، وأن كل من اعتقد أو ادعى نبوّة بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو نزول وحي أو كتاب فهو كاذب كافر.
    في بيان اضطرار الناس الى الرسول وخليفته :
    إن احتياج الناس والخلق إلى الرسول والإمام بعده ووجوب إرسال الرسل ونصب الأئمة والخليفة على الله تعالى ضروري ، والبرهان على ذلك من وجوه :
    الأول : إن ذلك من باب اللطف الواجب وهو ما يقرّب العبد إلى طاعة الله تعالى ويبعده عن معصيته بغير إيجاد ولا إكراه ولا إجبار ، إذ لا إكراه في الدين ولا دخل له في أصل القدرة ، إذ قد أعطى سبحانه كل مكلف قدرة الفعل والترك فيما كلفهم به كما قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) و (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) ، فاللطف أمر زائد على ذلك.
    الثاني : إنّا ذكرنا في بحث وجود الله تعالى أن الغرض والحكمة في إيجاد الخلق المعرفة والعبادة كما قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ،

    وذلك يتوقف على تعيين واسطة بين الحق والخلق نبيّا كان أو إماما يعلمهم ذلك لاستحالة الإفاضة والانتفاضة بلا واسطة ، إذ لا ربط ولا نسبة بين النور والظلمة وكمال الكمال ومنتهى النقص فتستحيل المشاهدة والمكالمة إلا بالواسطة ، كما قال تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ). وإنما كان الواسطة قابلا لذلك لأن له جهتين نورانية وجسمانية ، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أول ما خلق الله نوري ، وقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ).
    الثالث : أنه كما لا بدّ في العناية الإلهية لنظام العالم من المطر ، ورحمة الله لم تقصر عن إرسال الماء مدرارا لحاجة الخلق ، فنظام العالم لا يستغني عمن يعرفهم موجب صلاح الدنيا والآخرة ، نعم من لم يهمل إنبات الشعر على الحاجبين المزينة وكذا تقعير الأخمص في القدمين ، كيف اهمل وجود رحمة للعالمين مع أن ما في ذلك من النفع العاجل والسلامة في العقبى والخير الآجل ، ولم يترك الجوارح والحواس حتى جعل لها رئيسا يصحح لها الصحيح ويتقن به ما شكت فيه وهو الروح ، كيف يترك الخلائق كلهم في حيرتهم وشكهم وضلالهم ، لا يقم لهم هاديا يردون إليه شكهم وحيرتهم كما تقدم.
    ويجب أن يكون ذلك الواسطة إنسانا لأن مباشرة الملك لتعليم الإنسان على هذا الوجه مستحيل ، كما قال الله عزوجل : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) ، ودرجة باقي الحيوانات أنزل ولأن خوارق العادات لا تحال عليهم والنفوس لا تركن إلا إلى أبناء نوعهم ، ولنهاية المباينة بين الإنسان الناسوتي والملك الملكوتي ، ولا يمكن الاستغناء عن الأنبياء بتوجيه الخطاب من الله تعالى بخلق الأصوات وإيجاد الكلمات لقيام الوجوه والاحتمالات وضعف عقول سائر الناس واحتمالهم أن يكون صدور ذلك من بعض الجان أو الشيطان

    ولا بدّ من تخصصه بآيات من الله سبحانه دالة على أن شريعته من عند ربهم العالم القادر الغافر المنتقم يخضوا له ويلزم من وقف عليها أن يقر بتقدمه ورئاسته وهي المعجزات البينات والبراهين الواضحات نذكرها جملة منها في معجزات خاتم الأنبياء إنشاء الله.
    الرابع : قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) ، (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً). وقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً). وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ). وقال : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ). وغير ذلك من الآيات التي يؤمن بمنطوقها الشيعة الاثنى عشرية كركن ثالث من أركان الدين الخمسة ويناقشونها منطقيا حتى يؤمنوا بواقعها بالأدلة القاطعة.
    الخامس : في الكافي عن هشام بن الحكم عن الصادق عليه‌السلام أنه قال للزنديق الذي سأله من أين اثبت الأنبياء والرسل؟ قال : إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم ، وفي تركه فناؤهم فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه المعتبرون عزوجل هم الأنبياء وصفوته في خلقه حكماء مؤدين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب في شيء من أحوالهم مؤيدين عند الحكيم العليم بالحكمة ، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته.

    فلسفة بعث الأنبياء :
    السبب في بعث الأنبياء وإنزال الكتب وبعبارة أخرى العلة في الدعوة الدينية ، وهو أن الإنسان بحسب طبعه وفطرته سائر نحو الاختلاف كما أنه سالك نحو الاجتماع المدني ، وإذا كانت الفطرة هي الهادية إلى الاختلاف لم تتمكن من رفع الاختلاف ، وكيف يدفع شيء ما يجذبه إليه نفسه ، فرفع الله هذا الاختلاف بالنبوّة والتشريع بهداية النوع إلى كماله اللائق بحالهم المصلح لشأنهم ، وهذا الكمال كمال حقيقي داخل في الصنع والإيجاد ، فما هو مقدمته كذلك ، وقد قال تعالى : (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) طه / 50. فبين أن من شأنه وأمره تعالى أن يهتدي كل شيء إلى ما يتم به خلقه ، ومن تمام خلقة الإنسان أن يهتدي إلى كمال وجوده في الدنيا والآخرة ، وقد قال تعالى أيضا : (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) الاسراء / 20. وهذه الآية تفيد أن شأنه تعالى هو الإمداد بالعطاء يمد كل من يحتاج إلى إمداده في طريق حياته ووجوده ويعطيه ما يستحقه وأن عطائه غير محظور ولا ممنوع من قبله تعالى.
    وإذا كانت الطبيعة الإنسانية هي المؤدية إلى هذا الاختلاف العائق للإنسان عن الوصول إلى كماله السحري به وهي قاصرة عن تدارك ما أدت إليه وإصلاح ما أفسدته ، فالإصلاح لو كان يجب أن يكون من جهة غير جهة الطبيعة ، وهي الجهة الإلهية التي هي النبوّة بالوحي.
    ولذا عبر تعالى عن قيام الأنبياء بهذا الإصلاح ورفع الاختلاف بالبعث ولم ينسبه في القرآن كله إلا إلى نفسه.
    إنما بعث الله تعالى الأنبياء لرفع الاختلاف ولتكميل البشر بصورة تدريجية

    في عوالم النفس ، ذلك لأن الإنسان إنسان بنفسه وروحه لا بعظامه وعضلاته.
    وليس من وظائف الأنبياء تعليم الناس الفيزياء والرياضيات والكيمياء ، وذلك قوانين الفيزياء والدساتير لا تمت إلى النفس الإنسانية بصلة ولا علاقة بينها وبين مراحل تكميل النفس الإنسانية ، فالمهندس يعمل حسب ذكاء أودعه الله فيه ، وكذلك الفيزياء والكيمياء سواء كان مؤمنا أو كافرا.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في عصمة الأنبياء والأوصياء
    قال الصدوق (ره) : اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة والملائكة أنهم معصومون مطهّرون من كل دنس ، وأنهم لا يذنبون ذنبا لا صغيرا ولا كبيرا ولا يعصون الله تعالى ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم ، فقد جهلهم ومن جهلهم فهو كافر واعتقادنا فيهم أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل امورهم وأواخرها لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل.
    قال العلامة ره : الثاني في وجوب عصمته العصمة لطف خفي يفعل الله تعالى بالمكلف بحيث لا يكون له داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك لأنه لو لا ذلك لم يحصل الوثوق بقوله فانتفت فائدة بعثته الأنبياء وهو محال توضيح هذه النتيجة : أن العصمة على ثلاثة أقسام العصمة عن الخطأ في تلقي الوحي والعصمة عن الخطأ في التبليغ والرسالة والعصمة عن المعصية ، وهي ما فيه هتك العبودية ومخالفة مولوية ، ويرجع بالاخرة إلى قول أو فعل ينافي العبودية منافاة ما ، ونفى بالعصمة وجود أمر في الإنسان المعصوم يصونه عن الوقوع فيما لا يجوز من الخطأ أو المعصية.

    القرآن يدل على عصمة الأنبياء (ع):
    والقرآن يدل على عصمتهم عليهم‌السلام في جميع الجهات الثلث ، أما العصمة عن الخطأ في تلقي الوحي وتبليغ الرسالة فيدل عليه قوله تعالى في الآية : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ). فإنه في أن الله سبحانه إنما بعثهم بالتبشير والإنذار وإنزال الكتاب (وهذا هو الوحي) ليبنوا للناس الحق في الاعتقاد والحق في العمل ، وبعبارة أخرى : لهداية الناس إلى حق الاعتقاد وحق العمل ، وهذا هو غرضه سبحانه في بعثهم ، وقد قال تعالى : (لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) طه / 52. فبين أنه لا يضل في فعله ولا يخطئ في شأنه ، فإذا أراد شيئا فلا يضل في سلوكه ، وكيف لا وبيده الخلق والأمر وله الملك والحكم ، وقد بعث الأنبياء بالوحي إليهم وتفهيمهم معارف الدين ، ولا بدّ أن يكون ، وبالرسالة لتبليغها للناس ، ولا بدّ أن يكون ، قال تعالى أيضا : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق / 3.
    ويدل على العصمة عن الخطأ أيضا قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) الجن / 28. فظاهره أنه سبحانه يختص رسله بالوحي فيظهرهم ويؤيدهم على الغيب بمراقبة ما بين أيديهم وما خلفهم والإحاطة بما لديهم لحفظ الوحي عن الزوال والتغير بتغير الشياطين وكل مغير غيرهم ليتحقق إبلاغهم رسالات ربهم.
    ويدل على عصمتهم مطلقا حتى عن المعصية ، قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) الأنعام / 90. فجميعهم عليهم‌السلام كتب عليهم الهداية ، وقد قال تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ

    مُضِلٍّ) الزمر / 36. وقال تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) الكهف / 17. فنفى عن المهتدين بهدايته كل مضل يؤثر فيهم الضلال فلا يوجد فيهم ضلال وكل معصية ضلال كما يشير إليه قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) يس / 62. فعد كل معصية ضلالا بإضلال الشيطان بعد ما عدّها عبادة للشيطان فإثبات هدايته تعالى في حق الأنبياء عليهم‌السلام ، ثم نفى الضلال عمن اهتدى بهداه ، ثم عدّ كل معصية ضلالا تبرئة منه تعالى لساحة أنبيائه عن صدور المعصية منهم ، وكذا عن وقوع الخطأ في فهمهم الوحي وإبلاغهم إياه.
    ويدل عليها أيضا قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) النساء / 68. وقال أيضا : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) الحمد / 7. فوصف هؤلاء الذين أنعم عليهم من النبيين بأنهم ليسوا بضالين ولو صدر عنهم معصية لكانوا بذلك ضالين ، وكذا لو صدر عنهم خطأ في الفهم أو التبليغ ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى فيما يصف به الأنبياء : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ) مريم / 59.
    النبوّة والعصمة :
    أظن أن تصور معنى النبوّة ملازم للعصمة ، فالذي عليه الشيعة الإمامية الاثنى عشرية مضافا إلى ما ذكرنا أنه يجب في الحجة أن يكون معصوما من الكبائر والصغائر منزها عن المعاصي قبل النبوّة وبعدها على سبيل العمد والنسيان ، ويدل عليه أمور :
    الأول : أنه لو انتفت العصمة لم يحصل الوثوق بالشرائع والاعتماد عليها ، فإن الرسول إذا جوز عليه الكذب وسائر المعاصي جاز أن يكذب عمدا أو نسيانا

    أو يترك شيئا مما أوحى إليه أو يأمر من عنده فكيف يبقى اعتماد على أقواله.
    الثاني : أنه ان ارتكب المعصية فإما أن يجب علينا اتباعه فيكون قد وجب علينا فعل ما وجب تركه واجتمع الضدان ، وإن لم يجب انتفت فائدة البعثة.
    الثالث : أنه لو جاز أن يعص لوجب ايذاؤه والتبري منه لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكن الله تعالى نص على تحريم ايذاء النبي فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).
    الرابع : أنه يلزم بعصيانه سقوط محله ورتبته عند عامة الناس فلا ينقادون إلى طاعته فتنفي فائدة البعثة.
    الخامس : أنه لو لم يكن معصوما لانتفى الوثوق بقوله ووعده ووعيده فلا يطاع في أقواله وأفعاله فيكون إرسال الأنبياء عبثا.
    السادس : أنه يقبح من الحكيم أن يكلف الناس باتباع من يجوز عليه الخطأ فيجب كونه معصوما ولأنه يجب صدقه ان لو كذب والحال ان الله امرنا باطاعته لقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ). (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) لسقط محله عن القلوب فتنتفي فائدة البعثة.
    النبوة وروح القدس :
    لا كمال للإنسان إلا بكمال روحه ولا كمال للروح إلا بكثرة الإحاطة فالروح المحيطة بما سوى الله تعالى هو الكمال المطلق وهو روح القدس والإنسان المؤيد بتلك الروح هو الإنسان الكامل فقط وهو محبة الله تعالى في خلقه.
    وفي الكافي عن مولانا الإمام الباقر عليه‌السلام لجابر : يا جابر ان في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح : روح القدس وروح الايمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة. فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت

    الثرى ثم قال : يا جابر ان هذه الأربعة يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب.
    وفي الكافي أيضا عن المفضل عن الامام الصادق عليه‌السلام قال : سألت عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرضى عليه ستره ، فقال عليه‌السلام : يا مفضل إن الله جعل في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة أرواح : روح الحياة فيه دبّ ودرج ، وروح القوة فيه نهض وجاهد ، وروح الشهوة فيه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال ، وروح الإيمان فيه أمن وعدل ، وروح القدس فيه حمل النبوّة ، فإذا قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انتقل روح القدس فصار إلى الإمام عليه‌السلام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو والأرواح الأربعة تنام وتغفل وتلهو وتزهو.
    وما ورد في ظاهر الكتاب والسنة من نسبة
    الذنوب والمعاصي إلى الأنبياء والأوصياء :
    فله محامل صحيحة عديدة وتأويلات سديدة مذكورة في مظانها ، ومنها أن الأنبياء لما كانوا مستغرقين في طاعة الله عزوجل ومراضيه ويعلمون أنهم بمرأى من الله ومسمع ومطلع على ظواهرهم وبواطنهم وسرائرهم وعلانيهم ، فإذا اشتغلوا أحيانا عن ذكر ربهم لبعض المباحات زيادة على القدر الضروري عدوا ذلك ذنبا ومعصية في حقهم واستغفروا منه ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
    اسناد السهو الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
    أما ما ذهب الصدوق (ره) واستاذه محمد بن الحسن بن الوليد إلى جواز السهو عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالا ليس سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كسهونا لأن سهوه من الله عزوجل اسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ معبودا دونه ، وسهونا من الشيطان ، وليس

    للشيطان على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والائمة سلطان ، واستند في ذلك إلى بعض الأخبار الشاذة الموافقة للعامة مما لا يمكن المساعدة عليها لوجوه :
    أولا : مخالفتها للآية القرآنية كقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى). وقوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). وقوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى). وقوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ). وقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وأمثال ذلك من الآيات.
    وثانيا : أنها مخالفة للأخبار الصحاح المعتضدة بإجماع الإمامية الدالة على نفي السهو والشك والنسيان عنهم عليهم‌السلام.
    وفي التهذيب عن ابن بكير عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : هل سجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سجدتي السهو؟ قال : لا ، وفي الحديث المشهور بين الفريقين ، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلوا كما رأيتموني اصلي خذوا عني مناسككم.
    وفي الكافي عن الرضا عليه‌السلام في وصف الإمام عليه‌السلام عالم لا يجهل راع لا ينكل إلى أن قال : ان الأنبياء والائمة عليهم‌السلام يوفقهم الله ويأتيهم من مخزون علمه.
    وعن الصادق عليه‌السلام في حديث قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس لا يزل ولا يخطئ في شيء مما يسوس به الخلق.
    وثالثا : أنه لو جاز شيء من ذلك على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأوصياء لزم التنفر عنهم وعدم قبول أقوالهم وأفعالهم وهو نقض للغرض.
    ورابعا : إنا مأمورون باتباع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام عليه‌السلام ، وترك الاعتراض عليهم ، فلو جاز الخطأ والسهو والنسيان لوجب متابعتهم ، وكنا مأمورين به والأمر باتباع الخطأ قبيح لا يصدر من الحكيم.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:25 am

    وخامسا : أنه لو جاز عليه السهو والنسيان في غير التبليغ لجاز منه الكذب سهوا في غير التبليغ أيضا ، فلا يوثق بشيء من أقواله في غيره وبطلانه قطعي.
    وسادسا : إمكان وقوع المعصية وفعل المحرم وترك الواجب سهوا ، وهو باطل وملخّص الكلام ، أن العصمة قوة تمنع الإنسان عن الوقوع في الخطأ ، وعن فعل المعصية وعن النسيان والسهو ، ومؤيد من عند الله تعالى من بدو أمره إلى نهاية عمره.
    ثم إن القرآن صرح بأن الأنبياء كثيرون ، وان الله تعالى لم يقصص الجميع في كتابه ، قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) المؤمن : 78 ، إلى غير ذلك.
    والذين قصّهم الله تعالى في كتابه بالاسم خمسة وعشرون نبيا وهم : آدم ونوح وإدريس وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل واليسع وذو الكفل والياس ويونس وإسحاق ويعقوب ويوسف وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وزكريا ويحيى وإسماعيل صادق الوعد وعيسى ومحمد صلّى الله عليهم أجمعين.
    عدد الأنبياء :
    لا أعلم خلافا في عدد الأنبياء فيما بين الشيعة الإمامية الاثنى عشرية أن عددهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي ، ولكن قد خفيت علينا أكثر أسمائهم ولم نحط بمجمل أحوالهم.
    قال الصدوق (ره) في اعتقاداته : اعتقادنا في عدد الأنبياء أنهم مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ومائة ألف وصي وأربعة وعشرون ألف وصي لكل نبي منهم وصي اوصى إليه بأمر الله تعالى ، ونعتقد فيهم أنهم جاءوا بالحق من عند الحق وأن قولهم قول الله تعالى وأمرهم أمر الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله وأنهم لم ينطقوا إلا عن الله وعن وحيه.

    وأن سادة الأنبياء خمسة عليهم دارت الرحى وهم أصحاب الشرائع ، من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه ، وهم خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم‌السلام وهم أولو العزم وأن محمدا سيدهم وأفضلهم جاء بالحق وصدّق المرسلين ، انتهى.
    وفي الخصال والأمالي مسندا عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله عزوجل مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي أنا أكرمهم على الله ولا فخر ، وخلق الله عزوجل مائة ألف وصي وأربعة وعشرون ألف وصي فعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام أكرمهم على الله وأفضلهم.
    عدد المرسلين :
    وفي الخصال ومعاني الأخبار مسندا عن أبي ذر (ره) قال : قلت يا رسول الله كم النبيون؟ قال : ألف وأربعة وعشرون ألف نبي. قلت : كم المرسلون منهم؟ قال : ثلاث مائة وثلاثة عشر جما غفيرا. قلت : من كان أول الأنبياء؟ قال : آدم. قلت : وكان من الأنبياء المرسلين؟ قال : نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ، ثم قال : يا أبا ذر : أربعة من الأنبياء سريانيون آدم وشيث واخنوخ وهو إدريس وهو أول من خطّ بالقلم ونوح ، وأربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ونبيك محمد ، وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وستمائة نبي. قلت : يا رسول الله كم أنزل الله تعالى من الكتب : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشرين صحفة وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، الحديث.
    أوصياء الأنبياء عليهم‌السلام :
    وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام وصي خاتم الأنبياء :
    روى الصدوق (ره) في الإكمال والفقيه بإسناده عن الصادق عليه‌السلام قال :

    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد النبيين ووصيي سيد الوصيين وأوصياؤه سادات الأوصياء ، إن آدم عليه‌السلام سأل الله عزوجل أن يجعل له وصيا صالحا فأوحى الله عزوجل إليه إني أكرمت الأنبياء بالنبوة ثم اخترت خلقا وجعلت خيارهم الأوصياء ، فقال آدم : يا رب فاجعل وصيي خير الأوصياء فأوحى الله عزوجل إليه يا آدم أوص إلى شيث وهو هبة الله ابن آدم فأوصى إلى شيث وأوصى شيث الى ابنه شبان وهو ابن نزلة الحوراء التي أنزلها الله عزوجل الى آدم من الجنة فزوّجها شيث وأوصى شبان الى ابنه محيث وأوصي محيث الى محرق وأوصى محرق الى عثميثا وأوصى عثميثا الى اخنوخ وهو ادريس النبي عليه‌السلام وأوصى ادريس الى ناخور ودفعها ناخور الى نوح وأوصى نوح الى سام وأوصى سام الى عشامر وأوصى عشامر الى برعيثاثا وأوصى برعيثاثا الى يافث وأوصى يافث الى برّة وأوصى برة الى خفيسة وأوصى خفيسة الى عمران ودفعها عمران الى ابراهيم الخليل وأوصى ابراهيم الى ابنه اسماعيل وأوصى اسماعيل الى اسحاق وأوصى اسحاق الى يعقوب وأوصى يعقوب الى يوسف وأوصى يوسف الى بثريا وأوصى بثريا الى شعيب وأوصى شعيب الى موسى بن عمران وأوصى موسى الى يوشع بن نون وأوصى يوشع بن نون الى داود وأوصى داود الى سليمان وأوصى سليمان الى آصف بن برخيا وأوصى آصف الى زكريا ودفعها زكريا الى عيسى وأوصى عيسى الى شمعون بن حمون الصفاء وأوصى شمعون الى يحيى بن زكريا وأوصى يحيى بن زكريا الى منذر وأوصى منذر الى مسيلمة وأوصى مسيلمة الى برده ، ثم قال رسول الله : ودفعها إليّ برده وأنا أدفعها أليك يا علي وأنت تدفعها الى وصيك ويدفعها وصيك الى أوصيائك من ولدك واحدا بعد واحد حتى تدفع الى خير أهل الأرض وهو الحجة ابن الحسن الامام المنتظر عليه‌السلام بعدك ولتكفرن بك الامة ولتختلفن عليك اختلافا شديدا الثابت عليك كالمقيم معي والشاذ عنك في النار والنار مثوى للكافرين.

    لا اختيار للخلق في اختيار الواسطة نبيا كان أو إماما :
    حيث ثبت وجوب عصمة الواسطة نبيا كان أو إماما فلا خيرة للخلق حينئذ في الاختيار بلا خلاف في النبي وخالف العامة في ذلك بالنسبة الى الإمام والفرق بينهما تحكم لأن العصمة من الامور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا علّام الغيوب ، فيمكن أن يكون ما نراه صالحا أو طالحا لأنهم لا يعلمون والله يعلم المفسد من المصلح ، فقد رأينا مثل موسى نبي الله من أولو العزم قد اختار من قومه سبعين فأوحى الله إليه أنهم فاسقون كما نطق بذلك القرآن الكريم ، فكيف لسائر الناس بمعرفة الصالح من الطالح ، ولقوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ).
    فقد ذكر المفسرون من العامة أن هذه الآية نزلت في الردّ على من قال لم لم يرسل غير هذا الرسول وحينئذ فهي دالة على أن صاحب الاختيار لا سيما في امور الدين هو الله الواحد القهار ولاختلاف آراء الناس في الاختيار فينجر الى الفساد والاختلاف كما وقع في سقيفة بني ساعدة حيث قالوا منا أمير ومنكم أمير ، ولقصة موسى ولأن ذلك لطف من الله لعباده وهو واجب على الله تعالى كما تقدم.
    الواسطة أفضل أهل زمانه :
    يجب أن يكون ذلك الواسطة أفضل أهل زمانه عالما بجميع العلوم التي تحتاج الامة إليها لاستحالة الترجيح بلا مرجّح وقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا ونقلا آية ورواية (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ، ولقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ، وقوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ، ولأن الملائكة لما سألوا عن ترجيح آدم عليهم أجيبوا بالأعلمية كما قال تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي

    بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) الآية ، وقال تعالى في سبب ترجيح طالوت لما قالوا : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) أي في الشجاعة.
    تنزيه الأنبياء عن كفر الآباء والامهات :
    المشهور بين الإمامية بل حكى عليه الإجماع أنه يجب تنزيه الأنبياء عن كفر الآباء والامهات وعهرهن لئلا يعيّروا ويعابوا في ذلك ولئلا ينفّر عنهم فإن ما في الآباء من العيوب يعود الى الأبناء عرفا لقوله تعالى : (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) من انتقالك في أصلاب الساجدين لله الى أرحام الساجدات ، وقوله تعالى : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا).

    عقيدة الامامية الاثنى عشرية
    بأن نبينا محمد بن عبد الله أفضل الأنبياء
    وأوصياؤه أيضا أفضل الأوصياء
    يجب الإيمان والاعتقاد بأن نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من الأنبياء والمرسلين ومن الملائكة المقرّبين لتضافر الأخبار بذلك وتواترها هناك ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا : أنا سيد ولد آدم وأول من تنشقّ عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا وأنا خطيبهم إذا وفدوا وأنا مبشّرهم إذا يئسوا ، لواء الحمد بيدي وأنا أكرم ولد آدم على الله وخاتم الأنبياء ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: أنا أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن الآخرون السابقون ، وقال : إن الله اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل واصطفى من ولد اسماعيل كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم.
    الكلام في النبوّة الخاصة ونبوّة محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
    قد مرّ أن النبوة والرسالة احداث الدعوة إلى الله تعالى بداع يختاره الله من

    البشر والوصاية إبقاء دعوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بداع يختاره الله والنبي ويقع الكلام فعلا في نبوة نبينا الأكرم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
    ولمعرفة ذلك طرق أحدها المعجزة الخارقة للعادة كما قال الله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) فإن الخلق إذا عجزوا عن الاتيان بمثله جزموا بأنه من الله فيصدق المدعي.
    أشرف معجزات نبينا الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العلم والحكمة :
    أعلم ان أشرف معجزات الأنبياء وأفضلها العلم والحكمة وهما للخواص وخوارق العادات للعوام والبلهة ، وأما أهل التعصب والعناد منهم فلا ينفعهم إلا السيف ، وإلى ذلك أشير في القرآن الكريم : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ). فأسرار الكتاب والميزان وهو البرهان العقلي بأقسامه للخواص الذين لهم قريحة نافذة وفطنة قوية ، وقد خلا باطنهم عن التقليد والتعصب لمذهب موروث ومسموع فإنهم يؤمنون بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بميزان العلم والمعرفة والحكمة ولا يحتاجون إلى خوارق العادات ، وأما الذين ليس لهم فطنة لفهم الحقائق أو كان لهم ذلك ، ولكن ليست لهم داعية الطلب بل شغلتهم الصناعات والحرف ، وليس فيهم أيضا داعية إلى الجدال والتحذق من الخوض في العلم مع قصور فهمهم عنه فإنهم يعالجون بالموعظة وإظهار المعجزات ثم يحالون على ظواهر الكتاب ليس لهم التجاوز عنها إلى أسرار الكتاب والجديد لأهل الجدل والشغب الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب مع أهليتهم له ابتغاء الفتنة فإنه يتلطف بهم أولا ويجادل معهم بالتي هي أحسن بأخذ الاصول المسلمة عندهم وارتساخ الحق فيهما بالميزان بالقسط ، فإن لم ينفعهم فالحديد الذي فيه بأس شديد وإلى الثلاثة أيضا أشير في الكتاب بقوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

    ومن هنا يتبين فلسفة دفاع النبي الأكرم عن حوزة الإسلام ، وقد عامل نبينا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس بما أمر الله به في كتابه الكريم وبما يليق بحالهم فقوم أخذهم بالرفق واللين لصفاء قلوبهم ورقة أفئدتهم فانقادوا عاجلا ودخلوا في شرعه سريعا والطريق الآخر أخذهم بالسيف والحسام والشدة والقتال حتى أدخلهم في دينه قهرا وقادهم إليه قسرا ثم تألفهم بإحسانه واستمالهم بمواعظ لسانه حتى طابت له نفوسهم وانشرحت صدورهم ، وذلك معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عجبا من قوم يدخلون الجنة في السلاسل أي يدخلون في الإسلام الذي هو سبب دخولهم الجنة.
    الحجة والمعجزة :
    الحجة هي الداعي إلى الغيب والمعجزة هي علامة من علامات عالم الغيب يظهرها الداعي لتصديق ما يدعو الله وهي اقتدار نفس الحجة على إبراز الغيب وإظهار ما يعجز عنه نوع البشر على ما اقتضته المصلحة المختلفة بإختلاف الأعصار والدهور ، ومنشأ ذلك الاقتدار كمال النفس وقربها من الباري تعالى واتصالها بروح القدس ، فتصير عناصر الأشياء منقادة لها وتطيعها الموجودات برمتها.
    الحجة والرسالة والامامة :
    الدعوة إلى الله والتخلق بأخلاقه وإصلاح الشخص والنوع بما يريد الله تعالى هو دين الله الذي ارتضاه لخلقه ومحدث هذه الدعوة في الخلق ومظهرها بعد ان لم تكن هو الرسول ، ومبقي الدعوة وحافظها بعد ما حدثت وظهرت هو الإمام والوصي والخليفة ، فلا فرق بين الرسول والإمام في الحجية إلا من حيث الحدوث والبقاء ، وكما أن الرسالة منصب إلهي لله تبارك وتعالى وليس للعباد فيها صنع واختيار كذلك الإمامة والخلافة لأن الإمام الكامل الواقعي الحافظ للواقعيات التي جاء بها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمبقي لها ، وليس في وسع البشر الإحاطة بالواقعيات حتى يطلعوا على الكامل الواقعي ويجعلونه إماما ، والرسول يلقي بذر المعنويات

    والمعارف الربوبية في نفوس البشر ، والإمام يربيها ويستعملها كي تنتج تلك البذور ويصل البشر من الجهل والغرور والغفلة والشهوات الحيوانية إلى النور والعلم ، فالدعوة إلى الخلافة الكبرى والإمامة نتيجة النبوّة والرسالة لأن الدعوة إليهما دعوة إلى إبقاء الشريعة الإسلامية بما فيها من العلم والمعارف.
    فكل نبي ورسول إذا لم يهتم بتعيين الخليفة من بعده فيما جاء به وأظهره من العلوم والمعارف الواقعية الإلهية مع التفاته بأنه ليس في وسع البشر الإحاطة بالواقعيات فهو ناقص النبوة والرسالة في مجمع العقلاء ، وقد ضيع ملايين من امته التي في أرحام الامهات وأصلاب الآباء لأن حدوث الدعوة إلى الواقعيات وإظهاره بما هو حدوث وإظهاره من غير نظر إلى بقائها وإبقائها مع الالتفات بكثرة أغراض البشر وشهواته من غير نظر إلى بقائها وإبقائها أمر غير مرغوب فيه في الفكر العميق فكيف بالرسول الأعظم وهو خاتم الأنبياء بنص الآية ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، ولكن رسول الله وخاتم النبيين لا فكر له إلا ما اطلع عليه من علم الله تعالى.
    من معجزات نبينا الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصياؤه المعصومون :
    لقد أجاد القائل إن من معجزات نبينا أوصياؤه المعصومون عليهم‌السلام وظهورهم واحدا بعد واحد من ذريته في كل حين إلى يوم الدين ، فإن كلا منهم صلوات الله عليهم أجمعين حجة قائمة على صدقه وآية بينة على حقيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.
    تاريخ ولادة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
    ولادة محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكة في المكان المعروف بسوق الليل فجر يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول عام الفيل وهو قدوم أبرهة الأشرم ملك اليمن إلى مكة ليهدم الكعبة المكرمة.

    تاريخ ولادته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالميلادي :
    في يوم 20 آب عام 570 للميلاد وبينه وبين حادثة الفيل خمسون يوما ، وقد كانت ولادته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأربعين سنة من حكم كسرى انوشيروان الملك العادل ، وكانت أمه تحدث أنها لم تجد منذ حملت به حتى وضعته ما تجده الحوامل من ثقل وتعب ، ولما ولدته أرسلت إلى جده عبد المطلب وكان يطوف في البيت تلك الليلة جاء إليها ، فقالت له : يا أبا الحارث ولد لك مولود عجيب فذعر وقال : أليس بشرا سويا؟ قالت : نعم ، ولكن سقط ساجدا ثم أخذه ودخل به الكعبة ، وهو الذي سماه محمدا ، وقال : اني لأرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم.
    ما وقع عند ولادته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العجائب :
    ومن عجيب ما وقع عند ولادته من ارتجاج ايوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته ، وغيض بحيرة طبريا في فلسطين ، وخمود نار فارس ، وكانت مضت عليها مدة طويلة لم تخمد كما روى ذلك البيهقي وأبو يعقوب والخرائطي في الهواتف وابن عساكر واليعقوبي وعلماء الخاصة والعامة ، وفي السابع من ولادته عتق عنه جده عبد المطلب بكبش وبشرت بولادته ثويبة الأسلمية وكانت جارية عند عمه أبي لهب فأعتقها لذلك ، وتوفيت أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بعد ان أتى عليه‌السلام ست سنوات ولها من العمر ثلاثون سنة ، وذلك في مكان يقال له الابواء بين مكة والمدينة ، وكفّله جده عبد المطلب مدة وبعد وفاة الجد الكفيل ضمه إليه عمه ابو طالب كافلا له فكان خير كافل. واستمرت هذه المحافظة من الكفيل العم الماجد ابو طالب عليه‌السلام بكل ما أوتي من حفاظ حتى اختاره الله إليه ، ولم يكن ذلك منه لوشيجة وصلة رحم كما زعم عبد الفتاح عبد المقصود الجيلاني في كتابه الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام بل بدافع العقيدة بمبدإ ابن اخيه بدلائل كثيرة ذكرت في مطولات الكتب منها قوله من قصيدة طويلة :


    ولقد علمت بأن دين محمد
    من خير أديان البرية دينا

    والله لن يصلوا إليك بجمعهم
    حتى أوسد في التراب دفينا

    مرضعاته :
    أرضعته ثماني نسوة هي أمه آمنة وثويبة الأسلمية وخولة بنت المنذر وحليمة السعدية وامرأة من بني سعد غير حليمة السعدية وثلاث نسوة من العواتك وأم أيمن وأكثرهن إرضاعا له حليمة السعدية ، وكانت حليمة كلما مرّ بها جماعة من اليهود خذلهم الله تعالى وحدثتهم عنه حضوا على قتله ، وكلما عرضته على العرافين صاحوا بقتله ، وكانوا يقولون اقتلوا هذا الصبي فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم.
    سفره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام :
    ولما بلغ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التاسعة من عمره ارتحل إلى الشام مع عمه أبي طالبعليه‌السلام في ركب للتجارة سنة 579 للميلاد ، ثم ارتحل في الخامسة والعشرين من عمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رحلته الثانية إلى بصرى من أرض الشام ، ولقي الراهب ما لقي من العجائب البلد التاريخي المعروف ، وكانت هذه الرحلة على حساب خديجة قبل تزويجه منها.
    نشأته :
    لقد نشأ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أواسط جزيرة العرب في مكة المكرمة مع بني قومه نشأ كأحدهم لم تشمله يد التعليم ، ولم يدخل مدرسة لتحصيل الثقافة ولم يخط بيده كتابا ، ولم يتعلم جغرافية ولا حسابا ، ولم يخالط الامم المجاورة خلطة يكتب منهم فنونا من العلم وفروعا من الحكمة والأدب ، ولم يكن يحتفل مع كبار قريش في بلده مكة ، بل يقضي اكثر أيامه في البادية مع رجال القبائل

    وخصوصا بني سعد باعتبار أن مرضعته حليمة السعدية ، وكانت له علاقة خاصة بها وبأبنائها اخوته من الرضاعة ، وكان أفصح قريش منطقا وأبسطهم فكرا وأسرعهم تصديقا وأوفاهم بالعهود وأحذرهم من القبائح مصيبا في الرأي قويا في العزيمة أمينا عند كل أحد معتمدا للناس شديد البأس عونا للضعفاء دأبه الجود والانصاف وكله الحياء والعفاف. وهذه المزايا ارتضعها الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ثدي البداوة لأنها تنشأ عليها رجال البادية ، وقد مات ابوه في المدينة وقبره معلوم وقد زرته مرارا عديدة رزقنا الله زيارته أيضا ، وهو حمل في بطن أمه وماتت أمه وله من العمر ست سنوات. وكانت قريش تلقبه باليتيم ، وقد كفلته مرضعته حليمة السعدية بأمر من عبد المطلب جده سيد قريش وأخرجته إلى بني سعد ، وكانت القبيلة المذكورة تتبرك به ويزداد بيت حليمة بركة ورفاهية ، ولم يتم له ثلاث سنوات حتى أحس بخروج أولاد حليمة في البادية لرعي المواشي فكان يتبعهم ويواسيهم ، ثم رجع إلى مكة بعد أن اكمل خمس سنوات ، وكان عبد المطلب يلاحظ جانبه ويقدمه على كبار ولده لما تفرّس فيه من شأن النبوّة ثم نشأ بين ظهراني قريش على أحسن حال من العفة والكرم ورجاحة العقل والشجاعة والحياء والاجتناب عن الذمائم والقبائح والملاهي ، ويأبى عبادة الأصنام والتقرب إليها والاستشفاء بها ومناولة النذور والقرابين واعتاد صدق الحديث وأداء الأمانة حتى لقب بالأمين ، وكانت قريش يلجئون إليه في حل مشاكلهم الاجتماعية ، وقد تشاحوا في نصب الحجر الأسود بعد نبأ البيت حتى كادوا يقتتلون ، فتحاكموا إليه فكشف عنهم الابهام وأزال عنهم الخلاف ، فعمد إلى عباءته ووضع الحجر وسطها ، ثم شرك رجال قريش في حمله فرفع بينهم التحاسد والبغض ، وكان يترأس في صباه على صبيان أهل بني هاشم مكة ، وكان يأتي كل يوم برطب فيقسمه عليهم.
    هل كان الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اميا؟
    لقد آن لنا أن نتخلص من الاسطورة الرائجة عن أمّية محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

    فقد درج القوم على إسناد تلك الامية المزعومة إلى أساس مغلوط وهو أنه ورد في القرآن الكريم تسميته (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ).
    (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف 157.
    وقد فاتهم أن القرآن أخذ هذه الصفة هنا لا بمعناها اللغوي بل بمعناها الاصطلاحي الذي أشاعه اليهود في مهاجرهم والحجاز فكل من عداهم من الناس اميون أي من الامم الذين لا كتاب لهم منزل ، فالعرب كتابيون واميون.
    (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ) آل عمران : 30.
    لذلك فمحمد نبي امي أي من الاميين.
    (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) الجمعة : 3.
    ويظهر من كثير من الأحاديث الواردة أنه كان اميا نسبة الى أمّ القرى وهي مكة وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قادرا على القراءة والكتابة كما كان قادرا على ما يعجز عنه مثله ، ولكنه لم يكتب لمصلحة ، وكان يأمر غيره بقراءة الكتب وكتابة الوحي.
    ففي بصائر الدرجات عن الصولي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه‌السلام الامام التاسع قلت له يا ابن رسول الله لم سمي النبي الامي؟ قال : ما يقول الناس؟ قلت : يقولون إنما سمي الامي لأنه لم يكتب ، فقال : كذبوا عليهم لعنة الله أنى يكون ذلك والله تعالى يقول في محكم كتابه (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ، فكيف يعلمهم ما لم يحسن وإنما سمي الامي لأنه كان من مكة ومكة أمّ القرى لقوله تعالى : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها).

    أسماء الذين كانوا يكتبون له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
    أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، أبو بكر ، عمر بن الخطاب ، عثمان ابن عفان ، الزبير بن كعب ، زيد بن ثابت ، محمد بن مسلمة ، الأرقم بن أبي الأرقم ، أبان بن سعيد بن العاص ، خالد بن سعيد بن العاص ، ثابت بن قيس ، حنظلة بن الربيع ، خالد بن الوليد ، عبد الله بن الأرقم ، عبد الله بن زيد ، العلاء ابن عتبة ، المغيرة بن شعبة ، ومعاوية بن أبي سفيان كان كاتب خراج.
    كلمات أكابر الغربيين والمستشرقين
    في حق عظمة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعاليمه :
    لقد أدرك الغربيون والمستشرقون عظمة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعاليمه فاعترفوا له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحاسن العظمة والكرامة وهذه آراؤهم :
    1 ـ فرنسوا فولتر الفرنسي.
    قال في كتابه المعروف (محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) :
    إن في نفس محمد شيئا عجيبا طريفا رائعا يحمل الإنسان على الإعجاب والتقدير ولعمري أن الرجل وقف وحده يدعو إلى الله ويتحمل الأذى في سبيل هذه الدعوة سنوات عديدة (23 سنة) وأمامه الجموع المشركة تعمل جهدها لمعاكسته وقتل فكرته ، انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا يستحق كل تقدير وتمجيد.
    2 ـ الدكتور مظهر لوقا.
    قال في كتابه (محمد والرسالة والرسول) المطبوع في مصر سنة 1959 م : يا رسول الخير والصدق والحق فالناس بخير وحكومتهم ما بقي للحق في قلوبهم مكان وللغيرة على العدل في قلوبهم الكلمة والسلطان.
    3 ـ القس لوازون الفرنسي.

    نقلا عن مجلة المقتطف المجلد الرابع العدد السابع.
    قال في إحدى محاضراته :
    وآخر جميع الأنبياء كما يعتقد المسلمون هو محمد الذي ولد في مكة لعشر ليال مضت من أبريل سنة 570 للميلاد وكانت عائلته أشرف عائلة في قريش وهي إحدى القبائل الشهيرة في بلاد العرب وصاحب النسب المرتقى الى اسماعيل ابن ابراهيم الخليل وكان جده متوليا سدانة الكعبة وكانت دار حكومتهم ومعبد ديانة العرب الوثنية ، وتوفي والده عبد الله قبل ولادته وتوفيت أمه وهو ابن ست سنوات ، وكان على أعظم ما يكون من كريم الطباع وشريف الأخلاق ومنتهى الحياء وشدة الإحساس وقد كفله عمه أبو طالب وهو ابن ست سنوات ، وأثناء كفالته بدأت تظهر من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علامات الذكاء ورجاحة العقل ، فقد مرّ بصبية يلعبون فدعوه الى اللعب معهم فأجابهم إن الإنسان خلق للأعمال الجليلة والمقاصد الشريفة لا للأعمال السافلة والامور الباطلة ، وكان على خلق عظيم وشيم مرضية شفوقا على الأطفال مطبوعا على الإحسان وكان حائزا قوة إدراك عجيبة وذكاء مفرط وعواطف رقيقة شريفة.
    4 ـ السير وليم سويد الانكليزي.
    قال في كتابه (سيرة محمد) ص 31 :
    امتاز محمد بوضوح كلامه ومبرّ دينه وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب لم يشهد التاريخ مصلحا أيقظ النفوس وأحيا الأخلاق الحسنة ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.
    5 ـ الكاتب الشهير دريترس الالماني.
    ولد في برلين 1821 ـ 1888 مستشرق ألماني مدرّس العربية له كتب عربية فلسفية قال في مقولات ارسطاطاليس أن علوم الطبيعة والفلك والفلسفة

    والرياضيات التي أنعشت اوروبا في القرن العاشر للميلاد مقتبسة من قرآن محمد ، بل إن اوروبا مدينة للاسلام الذي جاء به محمد.
    6 ـ المستر جيبون الكندي.
    قال في كتابه (محمد في الشرق) ص 17 :
    إن دين محمد خال من الشكوك والظنون والقرآن أكبر دليل على وحدانية الله تعالى بعد أن نهى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عبادة الأصنام والكواكب ، وبالجملة دين محمد أكبر من أن تدرك عقولنا الحالية أسراره ، ومن يتهم محمدا أو دينه فإنما ذلك من سوء التدبير أو بدافع العصبية ، وخير ما في الإنسان أن يكون معتدلا في آرائه ومستقيما في تصرفاته.
    7 ـ بشارة الخوري اللبناني.
    صاحب جريدة البيرق يقول :
    ان للرسول وهو في عنفوان شبابه من المعجزات ما يقف دونه الفكر صاغرا ولكن له وهو في حداثته ما تصغر عنه عظمة العظيم ويبطل عنده سحر الساحر انه وقد أخرج امة بأسرها من ظلمات الجاهلية الى أضواء المدنية انه وقد أبدل معايب الجاهلية بمحاسن الاسلام انه وقد أبطل وأد البنات وحرّم الزنى ونقى القلوب من العداوات ، والطهر في قلبه والأمل في عينيه والحكمة في شفتيه انه وهو حاكم قريش يوم الفتح ليس بأعظم منه وهو حكمها يوم الرداء وغيّر الجاهلية والوثنية إلى عبادة الله أخرجها من خشونة الجهل إلى نعومة العلم إلى آخر كلامه.
    8 ـ وقال المستشرق الألماني ماكرمنز :
    ان الرجل العربي الذي أدرك خطايا المسيحية واليهودية وقام بمهمة لا تخلو من الخطر بين أقوام مشركين يعبدون الأصنام يدعوها الى التوحيد ويزرع فيها أبدية

    الروح ليس من حقه أن يعدّ بين صفوف رجال التاريخ العظام فقط بل جدير بنا أن نعترف بنبوته.
    9 ـ وقال المستر جون ريفوتبوت :
    هل بالإمكان إنكار فضل محمد الذي قام باصلاحات عظيمة خالدة لبلاده بأن جعل أهلها يعبدون الله ويهجرون عبادة الأصنام ذلك الذي منع قتل الموؤدة وحرّم شرب الخمر والميسر.
    10 ـ قال المستر بوسورت سميث :
    من حسن الحظ الوحيد في التاريخ دون غيره هو أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسس في وقت واحد ثلاثة أشياء من عظائم الامور وجليل الأعمال فإنه مؤسس لامة وامبراطورية وديانة.
    11 ـ وقال القس لوازون الفرنسي :
    محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا التباس ولا نكران من النبيين والصدّيقين وهو رسول الله ، بل انه نبي عظيم جليل القدر والشأن ، أمكنه بإرادة الله تكوين الملة الاسلامية وإخراجها من العدم إلى الوجود بما صار أهلها يربو على الثلاثمائة مليون مسلم في أقطار العالم.
    12 ـ المسيو سيرللو السويسري.
    قال في كتابه (تاريخ العرب) ص 58 :
    ولقد بلغ محمد من العمر خمسا وعشرين سنة استحق بحسن سيرته واستقامته مع الناس أن يلقب بالأمين ثم استمر على هذه الصفات الحميدة حتى نادى بالرسالة ودعا قومه إليها فعارضوه أشد معارضة ، ولكن سرعان ما لبّوا دعوته وناصروه ، وما زال في قومه يعطف على الصغير ويحنو على الكبير ويفيض عليهم من عمله وأخلاقه.

    13 ـ ويقول سيزتن الاسوجي.
    في تاريخ حياة محمد اذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية مصرا على مبدئه وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف الى النصر المبين فأصبحت شريعته أكمل الشرائع وهو فوق عظماء التاريخ.
    14 ـ السير بولير الانكليزي.
    قال في كتابه (تاريخ محمد) ص 20 :
    إن محمدا نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه ، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف ولا يعرفه من جهله ، وخبير به من أنعم النظر في تاريخه المجيد ذلك التاريخ الذي ترك محمدا في طليعة الرسل ومفكري العالم.
    15 ـ ويغان سكيم الفرنسي ولد في بروكسل عام 1867 م ، له مذكرات قيمة في حفلة ميلاد الرسول الأعظم.
    في 1925 ألقى خطابا في بيروت :
    مهما احتفل المسلمون بعيد ميلاد محمد عليه‌السلام فهو قليل لأنه جاءهم بدين هو فوق الأديان وهو في نفسه كبير وفي أخلاقه عظيم وفي شريعته سيد الأنبياء فعلى المنصفين أن يحتفلوا بذكرى عظماء التاريخ وفي طليعتهم محمد الرسول والقائد الأعلى لتحقيق شريعة الله على الأرض وتركيزها في صدور الناس.
    16 ـ المسيو سفيتردى ساس الفرنسي.
    له مؤلفات في الشئون الشرقية ولد في بلدة سيلوم 1750 م قال :
    لست أرى بدا من القرآن بأن الإسلام جامع مانع وفيه التعاليم الحيوية كيف لا وبانيه محمد بن عبد الله عليه‌السلام المفكر العظيم والفيلسوف الكبير ودينه صالح

    لأن يبقى ولا يتغير ، ومن المعلوم أن محمدا كان معروفا منذ الصغر بالصدق والأمانة والوفاء والتواضع ، وقد عرف عنه أنه بليغ في منطقه سديد في رأيه نشيط في دعوته.
    17 ـ الدكتور ايليوس جرمانوس المجري ولد عام 1886 م استاذ بجامعة بودابست مستشرق هنغاري قال :
    إن تعاليم القرآن هي أوامر الله وهي مرشد أبدي للبشر ، إن القرآن كتاب ملؤه الصراحة والوضوح لمن صدقت رغبته في تفهمه وأن محمدا لأعظم مصلح ثوري عرفه التاريخ مؤيد بوحي من عند الله ونحن مأمورون أن نفهم تعاليمه ونطبقها على شئون حياتنا الدنيوية مع الإيمان بأن ما اوحي به إليه إنما هو أساس لا يهتز ولا يتعثر لكونه إلهيا.
    ولقد أخطأ المسيحيون إذ لم يفهموا الإسلام على حقيقته وبالتالي يتشبعوا بروحه. إن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو إدراكه أن الكون تحكمه قوانين روحية وتسيره قوى غير محسوسة.
    18 ـ الصوامع تبشر بمقدم آخر الأنبياء.
    يعني الرسول الأعظم محمد بن عبد الله عليه‌السلام.
    قال بطرس البستاني في دائرة المعارف عام 1883 م :
    خرج رسول الله في تجارة خديجة إلى الشام فوصل إلى صومعة بحيرا فتفرس فيه (نسطور سرجياس) الراهب وهو في صومعته والنبي مع غلامه مسيرة وأظلته غمامة فقال هذا نبي وهذا آخر الأنبياء ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في صحبة عمه أبي طالب في طريقهما الى الشام وهو في التاسعة من عمره إذ رآه بحيرا (جرجيس الراهب) وهو في صومعته تظله غمامة حيث ما جلس فعرفه بصفته ودلائله وما كان يجده في الكتب السماوية فنزل من صومعته حتى نظر إلى خاتم النبوة بين كتفي رسول الله ووضع يده على موضعه وآمن به وأعلم عمه أبا

    طالب بقصته وما يكون من أمره وأنه الموعود في لسان التوراة ثم حذّره عليه من أهل الكتاب اليهود خذلهم الله تعالى.
    كما يظهر من التتبع لأحوالهم وملاحظة آثارهم والاطلاع على فضائلهم ومناقبهم والآيات الصادرة منهم والكرامات الظاهرة على أيديهم سبب متابعتهم إياه واقتدائهم بهدايته وهداه لأن بهم تقض حوائج العباد وببركتهم يدفع الله أنواع البلاء عن البلاد وبدعائهم تنزل الرحمة وبوجودهم تصرف النقمة إلى غير ذلك من بركات خيراتهم.
    فكما أن القرآن معجزة نبينا باقية إلى يوم الدين يظهر منه صدقه وحقيته شيئا فشيئا ويوما فيوما لمن تأمله من اولي النهى فكذلك كل من عترته المعصومين له معجزة باقية النوع إلى يوم الدين دالة على حقيقته لمن عرفهم بالولاية والحجية من الشيعة اولي الألباب ولهذا قال الرسول الأكرم عليه‌السلام : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
    الدليل الثاني على نبوة خاتم الأنبياء :
    أنه ادعى النبوة وأظهر المعجز الخارق للعادة المطابق للدعوى وكل من كان كذلك فهو نبي لما تقدم أما المقدمة الاولى وهو أنه ادعى النبوة فمما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه إذ لا يشك أحد ولا يخالف في أن رجلا اسمه محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عليه‌السلام المعروف ظهر بمكة المتولد في عام الفيل 25 اغسطس سنة 570 ميلادية لأربعين سنة خلت من حكم كسرى انوشروان العادل خسرو بن قباذ بن فيروز وادعى النبوة ، وأما المقدمة الثانية وهي أنه أظهر المعجز الخارق للعادة لذلك فهو متواتر لا يشك فيه من سلك سبيل الإنصاف وتجنب طريق التعسف والاعتساف حتى أنه ضبط له عليه‌السلام ألف معجزة أو أربعة آلاف وأربعمائة معجزة سماوية وأرضية على قول ابن شهرآشوب في مناقبه ، بل كله من القرن إلى القدم معجزة.

    ولقد كانت أقواله وأحواله كلها معجزات باهرات وآيات واضحات تدل على صدقه وحقيقة نبوته ورسالته وكفى بكتاب الله معجزا عظيما كما يشير بيانه بل معجزاته عليه‌السلام أقوى من معجزات الأنبياء السابقين ظهورا وأقرب صدورا وأوفر عددا وأصح سندا بل معلوم بالتواتر الذي يفيد العلم بالضرورة.
    فمنها انشقاق القمر فقد روى الشيخ الطوسي (ره) في تفسير التبيان عن ابن عباس أنه اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا إن كنت صادقا فشق لنا القمر فلقتين ، فقال لهم : إن فعلت تؤمنون ، قالوا : نعم. وكانت ليلة بدر فسأل ربه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر فلقتين ورسول الله ينادي يا فلان يا فلان اشهدوا.
    وقال ابن مسعود : انشق القمر على عهد رسول الله شقتين فقال لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اشهدوا اشهدوا.
    وروي أيضا عن ابن مسعود أنه قال : والذي نفسي بيده لقد رأيت الحراء بين فلقي القمر.
    وعن جبير بن مطعم قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى صار فرقتين على هذا الجبل.
    وحديث انشقاق القمر مروي عن جماعة كثيرة من الصحابة منهم عبد الله ابن مسعود وانس بن مالك وحذيفة بن اليمان وابن عمر وابن عباس وعليه جماعة المفسرين فلا يسمع ما نقل عن بعض العامة من عدم انشقاق القمر في الماضي بل في المستقبل يعني في القيامة.
    إن قلت : انشقاق القمر لو كان لم يخف على أهل الأقطار ولدونوا ذلك في دفاترهم ، والحال أنهم لم يكتبوا ذلك في تواريخهم ، فيحمل قوله تعالى في سورة القمر وانشق القمر على أنه يقع ذلك فيما بعد ، قلت أولا : وقع الانشقاق ولكن الخفاء وعدم تدوين بعض أهل الأقطار يكون بلحاظ أن كروية الأرض مانعة

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:27 am

    لرؤية بعض أهل الأقطار. وثانيا : يجوز أن يحجبه الله عنهم بغيم. وثالثا : أنه كان ليلا فيجوز أن يكون الناس نياما فلم يعلموا به لأنه لم يستمر الزمان الطويل بل رجع فالتأم في الحال ، فالمعجزة تمت بذلك ، وحمل الآية على الاستقبال مجاز لأن انشق يفيد الماضي كما في مجمع البيان.
    ومنها نبوع الماء من بين أصابعه حتى اكتفى الخلق الكثير من الماء القليل بعد رجوعه من غزوة تبوك.
    ومنها إشباع الخلق الكثير من الطعام القليل.
    ومنها تسبيح الحصى في كفه.
    ومنها كلام الذراع المسموم.
    ومنها حنين الجذع حيث كان يخطب عند الجذع فاتخذ له منبرا فانتقل إليه فحنّ الجذع إليه حنين الناقة إلى ولدها فالتزمه فسكن.
    ومنها كلام الحيوانات الصامتة كما شهد له بالرسالة ، فإن رهبان ابن أوس كان يرعى غنما له ، فجاء ذئب فأخذ شاة فسعى نحوه ، فقال له الذئب العجب من أخذي شاة هذا محمد يدعو إلى الحق فلا تجيبونه ، فجاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأسلم ، وكان يدعى مكلّم الذئب.
    ومنها استجابة دعائه «ص» كما دعا لعلي عليه‌السلام بأن يصرف الله تعالى عنه الحر والبرد ، فكان لباسه في الصيف والشتاء واحدا ، وكما دعا الشجرة فأجابته وجاءته تخد الأرض من غير جاذب ولا دافع ثم رجعت إلى مكانها.
    ومنها الأخبار بالمغيبات في مواضع كثيرة كما أخبر بقتل الحسين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرواحنا وأرواح العالمين له الفداء وموضع القتل به فقتل في ذلك الموضع.
    تواترت الأحاديث من طرق السنة والشيعة ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبر عن أشياء تحدث بعده فحدثت بكاملها على ما قال.

    منها أخباره عن عائشة وكلاب الحوأب.
    ومنها أن الفئة الباغية تقتل عمارا برئاسة معاوية.
    ومنها أخباره بقتل الحسين عليه‌السلام وحجر بن عدي.
    ومنها أخباره أن ابن عباس يفقد بصره في كبره ، وكذلك زيد بن ارقم.
    ومنها قوله سيكون في هذه الامة الوليد بن يزيد ، وهو شر لا خير من فرعون لقومه ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا بلغ بنو ابي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دغلا وعباد الله خولا ومال الله دولا.
    ومنها أخباره بأن الأرض اكلت ما كان في الصحيفة التي كتبتها قريش ضد بني هاشم وعلقتها بالكعبة.
    ومنها أن العرب ينتصرون على الفرس.
    ومنها قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام متخضب هذه من هذه وأنه يدفن بضعة منه بطوس وهو مولانا الرضا ثامن الائمة عليه‌السلام.
    ومنها أخباره بأن الأئمة بعده اثنى عشر وتسميتهم بأسمائهم ، وبأن أمير المؤمنينعليه‌السلام يقاتل بعده الناكثين والقاسطين والمارقين.
    وأخباره بجميع الفتن التي وقعت بعده ، وأن أبا ذر (ره) يموت وحيدا غريبا ، وبأن آخر رزق عمار من الدنيا صاع من لبن من الخصوصيات كإخباره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بملك بني أمية وملك بني العباس وكيفية شهادة كل واحد من أولاده الطاهرين وبقاء ملك النصارى.
    وأخباره بشهادة جعفر الطيار وزيد وعبد الله بن رواحة حين استشهدوا في غزوة مؤتة وبقتل حبيب بن عدي في مكة ، وبالمال الذي أخفاه عمه العباس في مكة.
    ومن جملة معاجزه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطاعة الشمس له في التوقف عن الغروب مرة ،

    وفي الطلوع بعد الغروب اخرى ، واطاعة الشجرة له بالإتيان حتى انقلعت من مكانها وخدّت الأرض جارة عروقها مغبرة فوقفت بين يديه وسلمت عليه ، ثم رجعت بأمره إلى مكانها كما هو مذكور في نهج البلاغة ، وتسليم الأحجار عليه وتظليل الغمامة على رأسه دون القوم في طريق الشام ، وتظليل الملكين عليه حين رأته خديجة ونساؤها وعبدها مسيرة ، وتسبيح الحصى في كفه المبارك وظهور البركات والآيات في بني سعد بإرضاع حليمة السعدية إياه ، ونبات الشعر من رءوس الأقرعين من الصبيان بإمرار يده الشريفة عليها وانفجار البئر التي شكا أهلها ملوحتها بالماء الزلال ، وكانت غائرة ، واعطائه رجلا عرجونا في ليلة مظلمة فأضاء له واعطاء آخر قطعة من جريد النخل خضراء حين اشتكى انقطاع سيفه فصارت سيفا في يده ، وإلقاء بصاقه على كف ابن عفر المقطوعة فلصقت من ساعته ودعاؤه آية للدوسي ليدعو قومه إلى الإسلام ، فوقع بين عينيه مثل المصباح ، ثم حول ذلك إلى رأس سوطه لما خاف أن يظنوا به المثلة وعصمة الله ممن كان يؤذيه من المستهزئين وردّ كيدهم عليهم وحيلولة جبرائيل بينه وبين أبي جهل لعنه الله في صورة فحل أو أسد قدر الفحل من الإبل حين أراد إلقاء الصخرة عليه في سجوده.
    الثالث من معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن الكريم
    عقيدة الامامية فيه :
    اتفق الإمامية الاثنى عشرية بكلمة واحدة على أنه لا زيادة في القرآن وجزموا بكلمة قاطعة أن بين الدفتين هو القرآن المنزل دون زيادة ونقصان واليوم أصبح هذا القول ضرورة من ضرورات الدين ، بل عقيدة لجميع المسلمين إذ لا قائل بالنقيصة لا من السنة ولا من الشيعة ، وذكر سيدنا واستاذنا في العلوم العقلية ، آية الله السيد ابو القاسم الخوئي النجفي في تفسيره واصوله ، وأما دعوى التحريف فإنا نمنع وقوعه أولا ، ولم يقل به إلا بعض العامة وتبعه نفر من الخاصة الذين لا تحصيل له ، فإن القرآن بلغ من الأهمية عند المسلمين في

    زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى حفظه الصدور مضافا إلى الكتابة ، ولم يكن أمر خفيا عن الناس ليمكن تحريفه حتى عن الصدور الحافظة له كلا أو بعضا ، أم ما نقل من الأخبار الشاذة على تحريف القرآن ، فالمراد منها على فرض صحتها التحريف من حيث التقديم والتأخير أو التأويل والتدليل على عدم وقوع التحريف ولو حرفا واحدا ، قوله تعالى في سورة الحجرات : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) آية 8. وقوله تعالى في سورة فصّلت آية 41 (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في القرآن
    نعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالى على لسان نبيه الأكرم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه تبيان كل شيء وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة ، وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف ، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون زيادة ونقصان ومن ادعى فيه غير ذلك ، فهو منحرف أو مغالط او مشتبه وكلهم على غير هدى ، فإنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
    ومن دلائل إعجازه أنه كلما تقدم الزمن وتقدمت العلوم والفنون ، فهو باق على طراوته وعلى سمو مقاصده وأفكاره ، ولا يظهر فيه خطأ في نظرية علمية ثابتة ، ولا يتحمل نقض حقيقة فلسفية يقينية على العكس من كتب العلماء وأعاظم الفلاسفة مهما بلغوا في منزلتهم العلمية ومراتبهم الفكرية ، فإنه يبدو بعض منها على الأقل تافها او نائيا او مغلوطا كلما تقدمت الأبحاث العلمية وتقدمت العلوم النظرية المستحدثة حتى من مثل أعاظم فلاسفة اليونان كسقراط

    وبقراط وأفلاطون وأرسطو الذين اعترف لهم جميع من جاء بعدهم بالابوة العلمية والتفوّق الفكري.
    وإليه يشير قول الصادق عليه‌السلام فيما قال له الراوي ما بال القرآن لا يزال على النشر والدرس إلا (غضا أي جديدا). فقال الصادق عليه‌السلام : لأن الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، فهو في كل زمان جديد ، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة.
    فقد قال ابن عباس الذي هو من تلامذة علي بن ابي طالب عليه‌السلام : (إن في القرآن معان يكشفها الزمن).
    وكلما مرّت الأزمان والدهور يعلم عظمة القرآن ، وفي الأرض لا يوجد كلام الله الذي لا يكون محرفا غير القرآن الكريم وبقية الكتب السماوية محرفة.
    من دلائل اعجاز القرآن الآيات الكونية :
    لم يدوّن الله تعالى الآيات الكونية وغيرها التي تربو على (750) آية من القرآن الكريم لتعليمنا علم طبقات الأرض او الفلك او غيرها من العلوم ذلك لأن ما اودع الله تعالى من قوانين وخواص في حقل طبقات الأرض او في حقل علم الفلك وغيرها من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها او عدّها ، (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) الكهف / 109.
    من أي شيء خلق الانسان :
    (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) سورة الرحمن آية 14.
    الصلصال هو الطين اليابس والطين هو التراب الممزوج مع الماء.
    (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) روم آية 20.
    وهذه صريحة بأن خلقنا من التراب لا ريب فيها ، هذه بداية الإنسان ، ثم

    يمر في مراحل حتى يكون نطفة ، (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً). الأمشاج أي المختلط فهذه النطفة تتولد من الدم الذي يتكوّن من المادة اللبنية الناتجة من الكيلوس ، ومادة الكيلوس عبارة نواتج هضم الغذاء الذي أصله من الحيوان والنبات والماء ، فأما الحيوانات فمعتمدة على الحيوانات الاخرى ، والنباتات والحيوانات الثانية جميعها معتمدة على النباتات ، والنباتات معتمدة على الماء والتربة ، والمواد الموجودة في الماء نفسها موجودة في التربة ، فالأصل يرجع إلى التربة.
    العلم الحديث :
    أما الأشياء العلمية التي اكتشفت حديثا بواسطة علم التشريح واختراع الآلات الدقيقة المساعدة للفحوص فنتج منها أخيرا أن المواد الموجودة في التربة نفسها موجودة في جسم الإنسان بعد التحيل الدقيق للمادتين ، وأنهما يتكونان من الكاربون الهيدروجين ـ الأوكسجين ـ الكبريت ـ الفسفور ـ النتروجين ـ الكالسيوم ـ البوتاسيوم ـ الصوديوم الخ. أن هذه العناصر نفسها موجودة في التراب وجسم الإنسان ، ولكن توجد نسبة بينهما كما توجد نسبة بين إنسان وآخر.
    وهذه إحدى العلوم الساطعة من الآيات :
    (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) النور / 45.
    أين محل النطفة من جسم الانسان :
    (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا : بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) الاعراف / 172.
    إن هذه الآية الكريمة هي إحدى الآيات التي فيها العلوم الساطعة. يقول

    تعالى على ما جاء في التفسير إن الله عند ما خلق آدم أخرج ذريته من اصلاب آبائهم إلى أرحام امهاتهم ، فعرّفهم بما خلق من آيات ربهم من القدرة فأشهدهم ، ألست أنا الذي خلقتكم؟ قالوا : بلى أنت الرب ونشهد بتوحيدك بعد أن جعل في عقولهم أدلة على وحدانيته. وبعد معرفتنا علم الأجنة يظهر لنا سر قوله تعالى من ظهورهم ، تقول المصادر الموثوقة بأن الجنين عند تكوينه في الرحم تنبت الخصيتان في ظهره عند أسفل الكليتين تماما وتبقيان كذلك في ظهره حتى أشهره الأخيرة في بطن أمه ، ثم تنحدران إلى الأسفل ، وعند الولادة تكونان في المركز المعتاد ، وفي بعض الأحوال يتأخر انحدارهما فيولد الجنين وخصيتاه في ظهره فيسمى عندئذ بذي الخصية غير النازلة.
    وكذلك مركز المبيض في الانثى فإنه في الظهر تماما تحت الكلية ذكرا كان أم انثى ، ومعلوم أن الخصيتين والمبيض هما مستقر النطفة التي هي مبدأ خلقة الإنسان وهما في الظهر ، وهذا هو ما صرّح به القرآن قبل 1400 سنة تقريبا.
    (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) سورة النحل / 89.
    من أين يخرج الانسان :
    (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) سورة الطارق / 4 ـ 7.
    الصلب هو عظام فقرات الظهر السفلى ، أما الترائب جمع تريبة وهو عظام الصدر السفلى ، والآية الكريمة تقول : والله العالم أن حويمن الرجل وبويضة المرأة منشأهما ومخرجهما من بين الصلب والترائب. أما العلوم الساطعة في هذه الآيات اللامعة حسب ما اكتشفه علم التشريح ، فتقول إحدى المصادر الموثوقة بعد الشهر الأول وآخر الشهر الثاني من حياة الجنين المتكوّن في الرحم ينشأ جسم (وولف)

    وقناته على كل جانب من جوانب العمود الفقري ، ثم ينشأ من جزء منه الكلى ، وبعض المجاري البولية كما تنشأ من الجزء الآخر خصية الذكر ومبيض الانثى وأنهما مجاوران للكلية أي واقعان بين منتصف العمود الفقري تقريبا ومقابل أسفل الضلوع أي أنهما واقعان بين الصلب والترائب.
    وكذلك تقول المصادر أن الخصية والمبيض يعتمدان على شريان يمدهما بالدم أصل هذا الشريان من الشريان اللاورطي في مكان يقابل مستوى الكلية الذي يقع بين الصلب والترائب ، فتقول إحدى المصادر أن مني الرجل يتكوّن من صلبه أي ظهره ، وأن بويضات المرأة تتكوّن من عظام صدرها أي ترائبها.
    ونرى أن جميع المصادر تتفق مع هذا القول ، فانظر كيف كانت هذه العلوم الساطعة مخزونة في هذه الآية اللامعة مع العلم أنها نزلت في عصر جاهلي أربعة عشر قرن قبل هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين.
    كيف يتكوّن الجنين :
    (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) سورة المؤمنون / 11 ـ 14.
    النطفة هي حويمن الرجل وبويضة المرأة ، حويمن الرجل عند التناسل يفرز الرجل 26 مليون حويمن وهو حيوان مجهري صغير طوله 55 ميكرو مليمتر ولا يرى بالعين ويتكوّن من ثلاثة أقسام : من رأس مفلطح بيضي الشكل وعنق قصير وذنب طويل ينتهي باستطالته.
    البويضة ـ هي مجيرة صغيرة جدا بيضوية الشكل تحوي على قشرة فيها مادة البروتوبلازم وفي وسطه النواة ، وعند الجماع يدخل الحويمن إلى الرحم ويتحرك بكل سرعة يمنة ويسرة للحصول على البويضة ، والبويضة تكون

    مراكدة في البوق ، (للبوق قناة على طرفي الرحم من الداخل مكسوة بغشاء مخلطي ولها ذبذبات حريرية تنتهي بشرفات كثيرة تجلس عليها البويضة المنحدرة من المبيض ثم تنزل إلى الرحم) ، وبعد التلقيح تنزل البويضة من البوق إلى الرحم ، وعن أحد المصادر يقول : وفي الرحم تنقسم البويضة إلى قسمين ثم أربع فثمان فست عشر ، وهكذا تكون شكلا مستطيلا مشابها لعلقة الناموس التي تعرف بالبوقات ، ويستمر الجنين علقة بشكله المستطيل مدة تقرب من أربعين يوما ، وبعد ذلك تسدد هذه النقطة التي زادت بانقسامها وتتكوّر بغير انتظام وتشابه ، عند ذلك قطع اللحم الممضوغة في تكويرها وليوفتها ، وتسمى بالمضغة ولا يزيد طولها عن ربع انج ، والآن أصبح خمسين مرة بقدر البويضة ، وتأخذ بعد ذلك المضغة بالانقسام ، فالجزء الخارجي من المضغة يكون الجلد والجهاز العصبي ، والجزء الأوسط يكون العظام والعضلات والأوعية ، والجزء الداخلي يكون الاحشاء.
    كيفية الجنين في شهوره التسعة :
    ففي الشهر الأول تكون البويضة بقدر حجم بيضة الحمامة تقريبا وتتغذى من الحويصلة السرية ، وفي الشهر الثاني تكون البويضة بقدر حجم بيضة الدجاجة ويظهر بعض نقاط عظيمة في الترقوة والفك السفلي ، وفي الشهر الثالث تصبح البويضة بقدر حجم البرتقالة ، وان أعضاء التناسل تبدأ بالظهور ولا يمكن تميزها ويبدأ ظهور بعض آثار الأظافر وظهور آثار بعض العظام ، وفي الشهر الرابع تنضج الأعضاء التناسلية ويبدأ ظهور الوبر على الجلد ، وفي الشهر الخامس يظهر الشعر في الرأس ، وفي الشهر السادس يبدأ بظهور الاهداب والحاجبين وظهور الصفراء في الامعاء ، وتبدأ المواد الشحمية بالظهور تحت الجلد ، وفي الشهر السابع يبدأ الوبر بالزوال ، وان الجنين يعتبر قابلا للحياة إذا ولد في نهاية هذا الشهر ، وفي الشهر الثامن ازدياد المواد الشحمية تحت الجلد وزوال الوبر ، وفي الشهر التاسع زوال اللون الأحمر اللامع للجلد ، وفي الشهر العاشر وهو نهاية الحمل يصبح طول

    الجنين 50 سم ووزنه 3175 غرام ، والذكر اثقل من الانثى ، وأن الوبر قد يزول من جميع الجسم ما عدا الأكتاف. (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) سورة فصّلت / 3.
    ما حالة الانسان في الرحم :
    (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) سورة المؤمنون / 12 ، لقد شرحنا الفقرات الاولى من الآية الكريمة.
    أما الآن فنريد أن نعرف ما هو القرار المكين ، جاء في التفسير إن في الرحم يوجد ماء يحافظ على الجنين ، ولكن اكثر من هذا لم يعرفوا مع العلم أنهم كانوا في عصر متأخر من الناحية العلمية ، فكيف يتمكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يفهمهم وأنهم على تلك الحال من قلة العلم ، فقد أعطاهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرءوس المهمة فقط.
    أما القرار المكين فيقول العلم الحديث ما هو نصه ، أن المضغة تتكون من قرص مضغي أسفله كهف يسمى الكيس الصفاري الذي ينفصل في الشهر الثاني للمضغة ، وأعلاه كهف آخر تنشأ منه قربة ممتلئة بالماء تسمى السلى تحيط بالمضغة إحاطة تامة إلى حيث يتصل بها الحبل السري الغليظ ، وهكذا تسبح المضغة في غلاف مائي يمنع عنها الصدمات ، وهو يحافظ على توازن الرحم ويشد أزر الجنين ويحميه من الميل والسقوط يطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل ويقصر إلى طوله الطبقي تدريجيا بعد الولادة ، وعند نهاية الحمل تفرز غدد ، فمن الغدد ما هو يساعد على انقباضات الرحم وتقلصاته ، وغدد تساعد على عملية انزلاق الجنين ، وغدد تساعد الجنين على نزوله بصورة طبيعية ، فأي مكان آمن من هذا المكان (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
    كيف موضع الجنين :
    (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) سورة الزمر / 6.

    أما خلقا من بعد خلق فقد فسرت في تكوين الجنين ومراحله ، أما في ظلمات ثلاث فقد فسره ابن عباس ومجاهد والسدى وابن زيد فكلهم قالوا الظلمات الثلاث هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة.
    أما العلوم الساطعة في هذه الآيات اللامعة فظهرت في العصور المتأخرة جدا بعد الكشف الدقيق ، فتقول التقارير المتأخرة أن الجنين في بطن أمه محاط بثلاث أغشية حسماء لا ينفذ منها الماء ولا الضوء ولا الحرارة ، وهذه الأغشية تعرف بالمبناري والامينوين والخزربوين والغشاء الذي لا ينفذ منه الضوء والحرارة والماء يدعى باللغة العربية ظلمة.
    كيف يخرج الانسان الى عالم الدنيا :
    (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ، هذه الآية تدل على أن الله هو الذي يخرجنا من بطون امهاتنا ، وليس للإنسان دخل في هذا الموضوع ، وقد قررت التقارير الواردة أن العلم لم يتمكن من تعيين يوم الولادة بالضبط حيث أنه يخرج قبل اليوم المعتاد بعدة أيام أو يتأخر عن اليوم المعتاد.
    وأن التقرير يقول مدة الحمل تتراوح بين 272 ـ 288 يوما ، وفي بعض الحالات وصلت إلى 349 يوما ، وكذلك يقرر العلماء أن الولادة لا دخل لأي إنسان فيها ، وكم مليون مولود ولد بدون مساعدة أحد سوى الله حيث ينقبض الرحم على الجنين ليطرده إلى الخارج ، وأما العلوم الساطعة في هذه الآيات اللامعة فتقول إحدى المصادر أن الطفل عند ما يولد يسمع ولا يرى لعدة أيام ، ثم يبدأ في تميز الضوء والظلام ولا يرى إلا بعد خمسة عشر يوما ، وأما العقل الأفئدة جمع فؤاد وهنا جاء بمعنى العقل حيث له عدة معاني ، والحواس الاخرى فلا يستطيع استعمالها إلا بعد مدة طويلة ، فالآن ارجع إلى الآية الكريمة ، فانظر كيف أنها مرتبة حسب التكوين السمع والبصر والفؤاد ، إن الله يقول نحن نخبركم بهذه ولم

    تعلموها من قبل ، فهل أنتم شاكرون لنعمتي (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) سورة آل عمران / 54.
    معجزة القرآن :
    (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ).
    إن في عصرنا نرى أن التحريات تأخذ صورة بصمة الابهام من المجرمين الذين أجرموا حتى يعرفوا ، ومن عامة الناس المشبوهين لئلا يرتكبوا الجرائم ، ان أهمية الابهام لم تكن معروفة إلى العصور المتأخرة ، وأخيرا توصل العلم الحديث بأن لم يوجد في العالم رجلان صورتا ابهامهما متشابهتان ، وهذا أخيرا عرفه العلم وأجرى عليه هذه الخطة لطبع الأصابع ، ولعل قول الله بلى قادرين على أن نسوي بنانه ، يشير إلى هذا أي أن نسوي صورة الابهام والأصابع التي كان يملكها الشخص في حياته ، وهل ترى أين كانت هذه العلوم الساطعة.
    ما هو النوم :
    (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) سورة الروم / 23.
    إنا نلاحظ المرأة تحتاج إلى النوم اكثر من الرجل ، والمشتغلون اكثر من القاعدين ، والشاب اكثر من الشيخ ، والطلاب اكثر من غيرهم ، ما هو السبب في ذلك.
    تقول التقارير الواردة أن النوم يتناسب تناسبا طرديا مع العمل الذي يقوم به الشخص ، فإذا كان عمله مرهقا يحتاج إلى النوم اكثر من غيره وهكذا.
    (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) سورة عم / 8.
    ومنشأ النوم أو سببه لم يعرف لحد الآن فتقول المصادر أن منشأه من الخلية

    الدماغية حيث تكون بحاجة إلى الراحة ، وهذه الراحة لا تشبع إلا بالنوم.
    وتقول المصادر الاخرى أن الجسم يقوم بأعمال في النهار وفي آخر النهار ينتج فضلات السموم الواردة من نتيجة الأعمال ، وأحسن وسيلة لطرد هذه السموم واسترجاع قوى الأجهزة العاملة هو النوم والمصادر الباقية تقول أن العلم لم يعرف هذا لحد الآن ، ولذا نرى أي كائن حي يحتاج إلى النوم قدر الأعمال التي يقوم بها ، فأثبت العلم أن جميع الحيوانات البرية والبحرية والطائرة تنام ، ولكن في بعض الحيوانات يصعب على الإنسان تميزها ، فمثلا الحمام ينام ، ولكن لما ذا لا يقع لأنه واقف على رجليه فقط على غصن بالرغم من أن جناح الحمام يجب أن يسترخي عند النوم كباقي جسمه ، فيقول العلم الحديث أن الأوتار التي تحدث البسط والقبض في مخالب الطائر تلتف حول مفصل الساق ، فحين ينام يشن ثقله هذا المفصل فتشد الأوتار مخالبه ، فيزيد تماسكا بالغصن ، أما باقي الحيوانات فتراها تمشي وهي نائمة ، وكثير من هذه الحيوانات تحلم كالإنسان وغير ذلك ، ومن العجب أن العلم يقرر أن النبات أيضا ينام ، واثبت هذا بعد التجارب المتكررة وهناك نباتات تنام بالليل ، وهناك نباتات تنام بالنهار وقت الظهر حيث ان في المناطق التي تنمو هذه النباتات أولاد الفلاحين يعرفون وقت الظهر من هذه النباتات أضبط مما يعرفونه من العوارض الاخرى ، واختصارا للموضوع أن كل جسم حي محكوم عليه أن ينام إلا الله عزوجل ، (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) سورة البقرة / 259.
    ما هو الحيوان :
    (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) سورة الانعام / 38.
    تقول الآية اللامعة ان ما من حيوان يمشي على وجه الأرض ولا طائر يطير في السماء إلا امم وشعوب ولها عادات وأنظمة وقوانين وغير ذلك مما عندكم أيها

    البشر ما ذا أشرح من العلوم الساطعة في هذه الآية اللامعة لأنها مشتملة على جميع أصناف الحيوانات غير ذلك من الآيات الكونية يطول ذكرها في المقام.
    شهادة الغربيين في القرآن :
    قال الاستاذ سناليس : ان القرآن هو القانون العام لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو صالح لكل مكان وزمان ، فلو تمسك به المسلمون حقا وعملوا بموجب تعاليمه وأحكامه لأصبحوا سادة الامم كما كانوا ، أو بالأقل لصار حالهم حال الأقوام المتمدنة.
    وقال المستر بورسودت سميث : من حسن الحظ الوحيد في التاريخ أن محمدا أتى بكتاب هو آية في البلاغة ودستور للشرائع وللصلاة والدين في آن واحد.
    وقال الاستاذ المستشرق الفرنسي سنيط : ان القرآن العظيم فرض العدل في الدين والتمدن والسياسة بين طبقات المسلمين من غير تميز للأصل ولا للجنسية.
    وقال طيلو رئيس الكنيسة الانكليزية : ينير لواء المدنية التي تعلم الإنسان ما لم يعلم ، والتي تقول بالاحتشام في الملبس ويأمر بالنظافة والاستقامة وعزة النفس القرآن.
    وقال واشنطن : القرآن فيه قوانين زكية سنية.
    وقال جبون : القرآن مسلم به من حدود الاتلانتيكي إلى نهر الكابح بأنه الدستور الأساسي ليس لاصول الدين فقط بل للأحكام الجنائية والمدنية والشرائع التي عليها مدار نظام حياة النوع الإنساني وتدبير شئونه.
    وقال الدكتور غوستاف لوبون : ان التعاليم الأخلاقية التي جاء بها القرآن هي صفوة الآداب العالية وخلاصة المبادي الخلقية الكريمة ، فقد حض على الصدقة والإحسان والكرم والعفة والاعتدال ، ودعا إلى الاستمساك بالميثاق والوعد والوفاء بالذمة والعهد ، وأمر بحب الجار وصلة الرحم وإيتاء ذي القربى ورعي الأرامل والقيام على اليتامى ووصى في عدة مواضع من الآيات أن تقابل

    السيئة بالحسنة تلك هي الآداب السامية التي دعا إليها القرآن وهي أسمى بكثير من آداب الإنجيل.
    وقال ربنورت : يجب أن نعترف بأن العلوم الطبيعية والفلك والفلسفة والرياضيات التي انعشت اوربا في القرن العاشر مقتبسة من القرآن بل ان اوربا مدينة للإسلام.
    وقال السر وليم مولر : القرآن كتاب طافح الحجج كثير البراهين المنزلة من جانب القدرة الإلهية لإقامة الدليل والبرهان على وجود الله ، وعلى أنه هو الحاكم القوي والسلطان الأكبر ولأعلامنا أحكامه الجليلة على الإنسان ، وبيان المكافأة على العمل الصالح والقصاص على الخبيث في العالم الآتي ، ووجوب إتباع الفضيلة واجتناب الرذيلة وطاعة الخلق وسعادتهم في عبادة الخالق والسجود له ، وهكذا من أمثال هذه النبذ الموضحة بعبارات الرقة والانسجام والفائضة بالبلاغة الحقة وكذلك أيضا النصوص المعقولة عن ذكر يوم القيامة ، فإنها مذكورة بكثير من العبارات المؤثرة على النفس.
    وقال جونسون : ان القرآن لصوت بني سام (نسبة إلى سام بن نوح) نافذ إلى صميم الفؤاد يحمل معنى عاليا أبديا ستحمله جميع الأصوات في جميع الأمصار شاءت أم أبت ، وسيسمع صداه فوق القصور العالية والصحاري المقفرة والمدن والممالك والإمبراطوريات أضاء أولا نوره في القلوب المختارة لفتح العالم ، ثم جمع نفسه في قوة مجددة كل نور في آسيا واليونان ، فاخترق ظلمة اوربا النصرانية حين لم تكن النصرانية إلا مالكة الليل (آلهة قديمة للنور عند الايطاليين).
    وقال سن فيبل المثبر : ان القرآن هو القانون المدني والقانون الديني للمسلمين ومتى تنصل أحدهم أضاع مكاسبه واعتبر كجاحد مارق.
    وقال غوته الالماني : مهما اكثرنا من النظر في القرآن تشمئز منه أنفسنا لأول وهلة ، لكنه لا يلبث أن يستميلنا ويدهشنا ، وفي النهاية يخبرنا على تعظيم

    اسلوبه في مطابقته لمعانيه وأغراضه ، قوي عظيم رائع شيئا فشيئا يجذبك إلى أن تتحقق علوه، وهكذا يشمئز هذا الكتاب أعظم التأثير في جميع الأمصار.
    وقال ديتو نيورت : يجب أن نعترف أن علوم الطبيعة والفلك والفلسفة مقتبسة من القرآن.
    وقال الاستاذ شرومف بيبرون : من المؤكد أن المسلم إذا حافظ على الشريعة القرآنية فيما يتعلق بالمشروبات الروحية يفوق في القوة البدنية.
    وقال اوجين يونغ في كتابه : ان محدودية الآيات القرآنية ورقتها كان الأثر الأكبر في نشر الدعوة الإسلامية التي دعت بوضوح إلى مبادي معينة كإصلاح المساوئ القديمة مثل قتل الأطفال ووأد البنات وتحسين مركز النساء والرقيق وتعظيم فكرة الله وتقريبها إلى الفهم ، ومحق الوثنية والعقائد الخرافية والتعاون بين القبائل ونشر الإخاء والتعاون في سبيل المبدأ الواحد.
    وقالت مجلة العلم الامريكية : إن أسباب انتشار العلوم الذي صحب الإسلام عند ظهوره توجد في القرآن نفسه ، ولا نجاة لبلاد الإسلام إلا بتعليم الأهالي كما هو مأمور بذلك في القرآن.
    وقال الفيلسوف سيمر : من تأمل ما ورد في القرآن رأى أن محور الإسلام الوحدانية وقطبية المؤاخاة وتحسين شئون العالم بالتدرج بواسطة العلم ، فهذه حقيقة أسباب نصرة الإسلام.
    قال لوماكس الاميركاني : أول قبس يشع نوره من القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ، ففي كلمة الرحمن يشعر المؤمن ان الله تعالى هو الإله الواحد الذي سبغ على عباده النعم في الحياة الدنيا والحياة الاخرى إلى أن قال فمن هنا نرى حقيقة لا يدانيها الشك ان هذا هو النور الأعظم وهو نور الإله ، إنما هو الشفقة والرحمة.
    وقال الأب لامنس : في فاتحة أحد مؤلفاته ان القرآن لم يدخل العرب في

    الإسلام فحسب بل ادخل ثلاثمائة من مختلف الشعوب ، وان ضلاله ينبسط يوما فيوما على افريقية وآسية ، بينما المبشرون ينظرون ولا يستطيعون شيئا.
    وقال الاستاذ مونته وهو استاذ اللغات الشرقية بجامعة جنيف في كتابه محمد والقرآن : ولقد منع القرآن الذبائح البشرية ووأد البنات والخمر والميسر ، وكان لهذه الإصلاحات تأثير غير متناه في الخلق بحيث ينبغي أن يعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صف أعاظم المحسنين للبشرية ، وقال ان الانقياد لإرادة الله تتجلى في القرآن بقوة لا تعرفها النصرانية.
    وقال الدكتور ماركس وهو دكتور في الفلسفة في لندن : ففي كتاب الله أي القرآن آيات جمة تحض على طلب العلم والتعمّق في البحث والدرس ، ولا يسعني إلا أن ألفت نظرك إلى نقطة مهمة ، ألا وهي ان القرآن الحكيم قد صحح كثيرا من الأغلاط التي كان البشر يتخبط فيها إلى أن جاءنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلمنا الحقيقة على ضوء العقل من العصور الاولى للإسلام.
    وقال رينه : ان الأب اليسوعي لا منسر صاح متأوها من كون القرآن ، جاء وصرف العرب عن حلاوة الإنجيل التي كانوا بدوا يذوقونها ، ولم يقدر أن يغفر للقرآن ذنب إدخاله في الإسلام ثلاثمائة مليون أو 800 مليون نسمة من جميع أجناس البشر واستتبابه إلى يوم الناس هذا ينمو وينتشر في إفريقيا وآسيا بمرأى ومسمع من المبشرين المسيحيين.
    وقال لابيني راوجست كونت وسبنسروهم من فطاحل الالمان وفرنسا والانكليز وغيرهم : القرآن المجيد كثيرا ما يحتاج إلى العلوم البشرية لأن المعارف الدنيوية والتجارب المفيدة والمباحث الدقيقة توضح آياته كما توضحها الاجتهادات العقلية والفيوضات الروحية ، ان كثيرا من الآيات القرآنية المبهمة لا تلبث أن يظهر معناها عند ما تظهر حقائق جديدة كانت خفية على الإنسان ، سمعت مرة إنجليزيا من المهتدين إلى الإسلام يقول : هل يتأتى لجميع فلاسفة العالم أن يثبتوا

    غلطة في القرآن واحدة ولو ارتكنوا على كل ما في أيديهم من العلوم العصرية ، فلا يتأتى لهم ذلك ولو وجدوا فيه خطأ صغيرا ، ما كانوا إلا مظهريه ، ولكن أنى لهم ذلك والعلوم كل يوم في تبديل وتغير ، وكل لحظة تظهر بها معان باهرة للآيات ما كنا لنفهم معناها إلا بعد تقدم العلوم ، فلنضرب لكم مثلا كان الفلكيون يدعون أولا ان الأرض ثابتة والشمس متحركة ، ثم قالوا بل الأرض متحركة والشمس ثابتة ، ثم جاءوا اليوم يقولون علمنا الآن ان كلا في فلك يسبحون ، وان الشمس حقيقة تجري لمستقر لها ، فمن ذلك نتأكد ان العلوم تتغير وتترقى والقرآن ثابت لا يتغير بالحوادث ، فإن وجد في الكتاب الحكيم شيء لا نفهمه وجب علينا أن ننظر رقي العلوم ، ولا نشك لحظة في صحة القرآن.
    وفي دائرة معارف فريد وجدي الجزء الخامس كتب المسيو شانلبيه وهو مدرّس العلوم الاجتماعية في كلية فرنسا : مباحث في حالة المسلمين ، منها ان اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن أهم رابطة وأوثق عروة بين أعضاء الاسرة الإسلامية الكبرى لأنه إذا كان لا يتكلم بهذا اللسان في المعاملات اليومية الجارية إلى أن قال فمما لا مشاحة فيه ان النطق به جار على السنة المسلمين كافة فيما يرتلونه من الآيات القرآنية بين بلاد الصين وإفريقية الجنوبية من جهة وبين جزائر الفلبين ومراكش من جهة أخرى فضلا عن ان الكتابة بها عامة بين سائر المسلمين الذين يقرءون القرآن.
    قال المسيو جول لابوم الفرنسي : القرآن اكثر من الوعظ والزجر والترغيب والترهيب ، فلم يوجّه الكلام في واحدة للكبراء والقادة ، ولكنه وجهه للناس كافة.
    وقال الكاتب الانكليزي وليز : من نظر إلى القرآن وجد فيه آراء علمية قانونية واجتماعية ، فالقرآن كتاب علمى وديني واجتماعي وتهذيبي واخلاقي

    وتاريخي وكثير من النظامات التي جاء بها القرآن يعمل بها في هذا العصر وستبقى إلى قيام الساعة.
    وقال فس ج م رودويل في مقدمة القرآن : يجب أن تعترف اوربا بأنها مدينة للقرآن الذي بزغت شمس العلم منه في القرون الوسطى في اوربا.
    وقال الفيلسوف دينورت : أن العلوم الطبيعية والفلسفية والرياضية والنجوم كلها أخذت من القرآن ، وهذه العلوم قد دخلت اوربا من القرآن بعد الميلاد.
    وقال ماردريس المستشرق الفرنسي في مقدمة ترجمة القرآن : ان اسلوب القرآن هو اسلوب إلهي وهو يصل إلى كنه الحقائق والكائنات وهو الدستور الوحيد المبشر.
    وقال جرجي زيدان المسيحي المؤرخ الشهير في تاريخه العرب قبل الإسلام ما يأتي : ان اقدم المصادر العربية لتاريخ العرب واقربها إلى الصحة القرآن ، فقد جاء فيه ذكر بعض القبائل البائدة كعاد وثمود وبعض أخبار ملوك اليمن كسيل العرم وغيره ، وفرعون احتفظ جسده في الاهرام في القاهرة ، وإذا قرأت تلك الأخبار فيه تجد ما ذكره القرآن صحيحا تؤيده الاكتشافات الحديثة.
    وقال المستر بيكتول : لقد سرني ما علمته من رغبة شباب المدنية وانصرافهم إلى تلقي العلوم والمعارف وليست هذه الرغبة جديدة ، ذلك أن محمدا قد أمر بها ودعا إليها ، وذلك ان القرآن الكريم قد أوجبها على كل مسلم ومسلمة.
    وقال جيبون : ان دين محمد خال من الشكوك والظنون والقرآن أكبر دليل على وحدانية الله بعد أن نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عبادة الأصنام والكواكب ، وهذا الدين أكبر من أن تدرك عقولنا الحالية أسراره.
    وقال السير وليم ميور في كتابه حياة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان القرآن ممتلئ بأدلة عن الكائنات المحسوسة والدلائل العقلية على وجود الله تعالى وأنه هو الملك القدوس وأنه سيجزي عن عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر ، وأن اتباع

    الفضائل واجتناب الرذائل فرض على العالمين ، وان الواجب على كل مكلف أن يعبد الله وهي علة سعادته وقس على هذا ، ما هو موضح بأدلة مؤكدة بليغة ويكثر في القرآن الشعر والمراد به حسن التمثيل وبديع التصوير لا الشعر بمعناه المتعارف ويمثل حقيقة البعث بأمثال كونية صادقة وتشبيهات مدهشة مثل قوله (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً ، فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ).
    وقال الدكتور موريس الفرنسي : ان القرآن أفضل كتاب أخرجته يد الصناعة الأزلية لبني البشر.
    وقال الدكتور جان ساي العالم الفرنسي : اني أتعجب من هؤلاء الغربيين الذين ملئوا الدنيا بأقوالهم عن القرآن ، وكيف أعمالهم التعصب المسيحي أو اللاديني ومنعهم من أن يفقهوا بما في القرآن من هدى وحكمة ، وأرى أن يكون حتما واجبا على المسلمين أن يبشروا البشرية كلها بهذا القرآن الذي هو كتاب الانسانية كلها ، وأرى في المسلمين كفاية تامة للقيام ببيان تعاليمها ونشرها.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في المعاد الجسماني والروحاني
    اعلم أن المعاد يطلق على ثلاثة معاني أحدها المعنى المصدري من العود وهو الرجوع إلى مكان ، وثانيها وثالثها مكان العود وزمانه ، ومآل الكل واحد وقد أيد المعاد جميع الشرائع والأديان وعدوا الاعتراف بعودة الإنسان إلى الحياة ركنا أساسيا في أديانهم.
    والذي عليه الشيعة الإمامية الاثنى عشرية هو القول بالمعاد الروحاني والجسماني معا ، وأغلب المسلمين أيضا ذهب إلى هذا القول أي معاد هذا الذي كان في الدنيا بروحه وجسمه يوم القيامة.
    قال الرازي في كتاب نهاية العقول :
    قد عرفت أن من الناس من اثبت النفس الناطقة فلا جرم اختلفت أقوال أهل العالم في أمر المعاد على وجوه أربعة : أحدها قول من قال ليس إلا للنفس وهذا مذهب الجمهور من الفلاسفة. وثانيها قول من قال ليس إلا لهذا البدن ، وهذا قول نفاة النفس الناطقة ، وهم اكثر أهل الإسلام. وثالثها قول من أثبت المعاد للأمرين وهم طائفة كثيرة من المسلمين مع اكثر النصارى. ورابعها قول

    من نفي المعاد عن الأمرين ولا اعرف عاقلا ذهب إليه بل كان جالينوس من المتوقفين في أمر المعاد.
    في المعاد وشرف علم المعاد وعلو مكانه
    وسمو معرفة بعث الأرواح والأجساد :
    اعلم ان هذه المسألة بما فيها من احوال القبر والبرزخ والبعث والحشر والنشر والحساب والكتاب والميزان ومواقف الصراط والجنة وطبقاتها وأبوابها والنار وأبوابها ودركاتها هي ركن عظيم في الإيمان وأصل كبير في الكلام والفلسفة وهي من أغمض العلوم وألطفها وأشرفها مرتبة وأرفعها منزلة وأعلاها شأنا وأدقها سبيلا وأخفاها دليلا إلا على ذي بصيرة ثاقبة وقلب منور بنور من الله تعالى ، ومن أحاديث محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيت قل من اهتدى إليها من أكابر الحكماء السابقين واللاحقين ، فأكثر الفلاسفة وان بلغوا جهدهم في احوال المبدأ من التوحيد والصفات وسلب النقائص والتغيرات في الأفعال والآثار ، لكنهم قصرت أفكارهم عن درك منازل المعاد لأنهم لم يقتبسوا أنوار الحكمة من مشكاة نبوة خاتم الأنبياء ومعادن الحكمة أهل البيت حتى رئيسهم في كتابه الشفاء اعترف بالعجز عن إثبات المعاد بالدليل العقلي ، بل قال نحن نقلد في هذه المسألة سيدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانه أخبر عن المعاد وأنه مخبر صادق.
    إثبات المعاد الجسماني :
    إثبات المعاد الجسماني يحتاج إلى بيان مقدمات :
    الاولى : ان الوجود في كل شيء هو الأصل في الموجودية والماهية أمر اعتبارية تبع له كما قرر في الفلسفة.
    الثانية : ان تشخص كل شيء وما يتميز به هو عين وجوده الخاص ، وأن الوجود والتشخص متحدان ذاتا متغايران مفهوما واسما كما بيّن في محله.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:28 am

    الثالثة : أن طبيعة الوجود قابلة للشدة والضعف بنفس ذاتها البسيطة التي لا تركيب فيها خارجا ولا زمنا ولا اختلاف بين أفرادها بميز ذاتي وبمصنف عرضي أو بمشخص زائد على أصل الطبيعة وإنما تختلف أفرادها وآحادها بالشدة والضعف الذاتي والتقدم والتأخر الذاتين كالنور.
    الرابعة : أن الوجود مما يقبل الاشتداد والتضعيف يعني أنه يقبل الحركة الاشتدادية وأن الجوهر في جوهريته أي وجوده الخاص يقبل الاستحالة الذاتية.
    الخامسة : أن كل مركب بصورته هو هو لا بمادته فالسرير سرير بصورته لا بمادته والسيف سيف بحدته لا بحديده والحيوان بنفسه لا بجسده وإنما المادة حاملة قوة الشيء وإمكانه وموضوعه انتقالاته وحركاته حتى لو فرضت صورة المركب قائمة بلا مادة لكان الشيء بتمام حقيقته موجودة وبالجملة نسبة المادة الى الصورة نسبة النقص الى التمام فالنقص يحتاج الى التمام والتمام لا يحتاج الى النقص.
    السادسة : أن هوية البدن وتشخصه إنما يكونان بنفسه لا بجرمه فزيد مثلا زيد بنفسه لا بجسده ولأجل ذلك يستمر وجوده وتشخصه ما دامت النفس باقية فيه وإن تبدلت اجزاؤه وتحولت لوازمه من أينه وكمّه وكيفه ووضعه كما في طول عمره وكذا القياس لو تبدلت صورته الطبيعية بصورة مثالية كما في المنام وفي عالم القبر والبرزخ الى يوم البعث أو بصورة اخروية كما في الآخرة فإن الهوية الإنسانية في جميع هذه التحولات والتقلبات واحدة هي هي بعينها لأنها واقعة على سبيل الاتصال الوحداني التدريبي ولا عبرة بخصوصيات جوهرية وحدود وجودية واقعة في طريق هذه الجوهرية وإنما العبرة بما يستمر ويبقى وهي النفس لأنها الصورة التمامية في الإنسان التي هي أصل هويته وذاته وتجمع ماهيته وحقيقته ومنبع قواه وآلاته ومبدأ أبعاضه وأعضائه وحافظها ما دام الكون الطبيعي باقيا ثم نبدلها على التدريج بأعضاء روحانية وهكذا الى أن تصير بسيطة عقلية إذا بلغت الى كمالها العقلي بتقدير رباني وجذبة إلهية فإذا سئل عن بدن زيد مثلا هل هو عند الشباب ما هو عند الطفولة وعند الشيخوخة

    كان الجواب بطرفي النفي والاثبات صحيحا باعتبارين أحدهما اعتبار كونه جسما بالمعنى الذي هو مادة وهو في نفسه محصل والثاني اعتبار كونه جسما بالمعنى الذي هو جنس وهو أمر مبهم فالجسم بالمعنى الأول جزء من زيد غير محمول عليه متحد معه وأما إذا سئل عن زيد الشباب هل هو الذي كان طفلا وسيصير هو بعينه كهلا وشيخا كان الجواب واحدا وهو نعم لأن تبدل المادة لا يقدح في بقاء المركب بتمامه لأن المادة معتبرة لا على وجه الخصوصية والتعين بل على وجه الجنسية والابهام. إذا علمت هذه المقدمات ، فاعلم أن من تأمل وتدبر في هذه المقدمات لم يبق له شك وريب في مسئلة المعاد وحشر النفوس والأجساد ويعلم يقينا ويحكم بأن هذا البدن بعينه لا بدن آخر متباين له عنصريا كان كما ذهب إليه جمع من فلاسفة الإسلام ، أو مثاليا كما ذهب إليه الاشراقيون فهذا هو الاعتقاد الصحيح المطابق للشريعة والملة الموافق للبرهان والحكمة فمن صدّق وآمن بهذا فقد آمن بيوم الجزاء وقد أصبح مؤمنا حقا والنقصان عن هذا الايمان خذلان وقصور عن درجة العرفان. هكذا قرر صدر الفلاسفة في كتاب أسفاره.
    اثبات المعاد الجسماني ببرهان آخر ذكره شيخنا
    المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء :
    وقال : إن من الواضح المعلوم بل المحسوس لكل ذي حس أن كل شخص من البشر مركب من جزءين : الجزء المحسوس وهو البدن العنصري الذي يشاهد بعين الباصرة ويشغل حيزا من الفضاء وجزء آخر يحسّ بعين البصيرة ولا تراه عين الباصرة ولكن يقطع كل أحد بوجود شيء من الانسان بل والحيوان غير هذا البدن بل هو المصرّف والمتصرّف في البدن ولولاه لكان هذا البدن جمادا لا حس فيه ولا حركة ولا شعور ولا إرادة ، إذا فيلزمنا للوصول إلى الحقيقة والغاية المتوخاة البحث عن هذين الجزءين فإذا عرفناهما حق المعرفة فقد عرفنا

    كل شيء واندفع كل إشكال إن شاء الله. (وأليك البيان) يشهد العيان والوجدان وهما فوق كل دليل وبرهان ، وإليهما يرجع أكثر الأدلة أن هذا البدن المحسوس الحي المتحرك بالإرادة لا يزال يلبس صورة ويخلعها ، وتفاض عليه اخرى. وهكذا لا تزال تعتور عليه الصور منذ كان نطفة فعظاما فجنينا فمولودا فرضيعا فغلاما فشابا فكهلا فشيخا فميتا فترابا. تكونت النطفة من تراب ثم عادت الى التراب. فهو لا يزال بعد أن أنشأه باريه من أمشاج ، فجعله سميعا بصيرا إما شاكرا أو كفورا ، في خلع ولبس. أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ، يخلع صورة ويلبس اخرى ، وينتقل من حال الى حال ومن شكل الى آخر ، مريضا تارة وسالما وهزيلا وسمينا ، وأبيضا وأسمرا وهكذا تعتوره الحالات المختلفة ، والأطوار المتباينة. وفي كل ذلك هو هو لم تتغير ذاته وإن تبدلت أحواله وصفاته ، فهو يوم كان رضيعا هو يوم صار شيخا هرما لم تتبدل هويته ، ولم تتغير شخصيته. بل هناك أصل محفوظ ليحمل كل تلك الأطوار والصور ، وليس عروضها عليه وزوالها عنه من باب الانقلاب فانقلاب الحقائق مستحيل في فطرة العقول ، فصورة المنوية لم تنقلب دموية أو علقية. ولكن صورة المني تبدلت بصورة الدم. وهكذا فالصور متعاقبة متبادلة ، لا متعاقبة منقلبة. كما قال الفيلسوف السبزواري في المنظومة : (إذ صورة لصورة لا تنقلب وهذه الصور كليا متعاقبة في الزمان لضيق وعائه مجتمعة في وعاء الدهر لسعته ، والمتفرقات في وعاء الزمان مجتمعات في وعاء الدهر ، ولا بد من محل حامل وقابل لتلك الصور المتعاقبة ما شئت فسمه مادة أو هيولى أو الأجزاء الأصلية كما في الخبر الآتي ، وكما أن المادة ثابتة لا تزول ، فكذلك الصور كلها ثابتة في محلها في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
    ثم إن هذا البدن المحسوس العنصري لا ريب في أنه يتحصل من الغذاء وأن أجزائه تتحلل وتتبدل. فهذا الهيكل الجسماني بقوة الحرارة الغريزة التي فيه

    المحركة للقوى الحيوانية العاملة في بنائه وحفظه وتخريبه وتجديده كالجاذبة والهاضمة والدافعة والماسكة وغيرها لا يزال في هدم وبناء وإتلاف وتعويض كما قال الشاعر الحكيم في بيته المشهور :
    المتلف الشيء ضامنه
    وقاعدة المتلف ضامن

    وفي بيان أوضح أن علماء (الفزيولوجيا) علم أعضاء الحيوان قد ثبت عندهم تحقيقا أن كل حركة تصدر من الانسان بل ومن الحيوان يلزمها يعني تستوجب احتراق جزء من المادة العضلية والخلايا الجسمية ، وكل فعل إرادي أو عمل فكري لا بدّ وأن يحصل منه فناء في الأعصاب وإتلاف من خلايا الدماغ بحيث لا يمكن لذرة واحدة من المادة أن تصلح مرتين للحياة. ومهما يبدو من الإنسان بل مطلق الحيوان عمل عضلي أو فكري فالجزء من المادة الحية التي صرفت لصدور هذا العمل تتلاشى تماما ثم تأتي مادة جديدة تأخذ محل التالفة وتقوم مقامها في صدور ذلك العمل مرة ثانية وحفظ ذلك الهيكل من الانهيار والدمار ، وهكذا كلما ذهب جزء خلفه آخر خلع ولبس كما قال عز شأنه : «أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد». ويكون قدر هذا الإتلاف بمقدار قوة الظهورات الحيوية والأعمال البدنية فكما اشتد ظهور الحياة وتكثرت مزاولة الأعمال الحاجية ازداد تلف المادة وتعويضها وتجديدها.
    ومن هنا تجد أرباب الأعمال اليدوية كالبنائين والفلاحين وأضرابهم أقوى أجساما وأعظم أبدانا بخلاف ذوي الاعمال الفكرية الذين تقل حركاتهم وتسكن عضلاتهم ثم إن هذا التلف الدائم لا يزال يعتوره التعويض المتصل من المادة الحديثة الداخلة في الدم المتكوّن من ثلاث دعائم من دعائم الحياة واسسها الجوهرية الهواء والماء والغذاء ولو فقد الانسان واحدا منها ولو بمدّة قصيرة هلك وفقدت حياته.
    وهذا العمل التجديدي عمل باطني سرّي لا يظهر في الخارج إلا بعد دقة في الفكر وتعمّق في النظر ولكن عوامل الاتلاف ظاهرة للعيان يقال عنها أنها

    ظواهر الحياة وما هي في الحقيقة إلا عوامل الموت لأنها لا تتم إلا بإتلاف أجزاء انسجتنا البدنية وأليافنا العضوية فنحن في ساعة نموت ونحيا ونقبر وننشر حتى تأتينا الموتة الكبرى ونحيا الحياة الاخرى.
    وعليه فإننا في وسط تنازع هذين العاملين عامل الإتلاف والتعويض يفني جسمنا ويتجدّد في مدار الحياة عدّة مرات بمعنى أن جسمنا الذي نعيش به من بدء ولادتنا الى منتهى أجلنا في هذه الحياة تفنى جميع أجزائه في كل برهة وتتحصّل أجزاء يتقوّم بها هذا الهيكل وليس فيها جزء من الأجزاء السابقة ولا يمكن تقدير هذه البرهة على وجه التحقيق يعني في أي مقدار به تتلاشى تلك الأجزاء جميعا وتجدد غيرها بموضعها.
    والمنسوب الى العالم الفسيولوجي (مولينت) أن مدة بقائها ثلاثين يوما ثم تفنى جميعا أما المنقول عن (فلورنس) بأن المدة هي سبع سنين وقد أجرى العلماء المحققون في هذه الأمصار الامتحانات الدقيقة في بعض الحيوانات كالأرانب وغيرها فأثبت لهم البحث والتشريح تجدد كل انسجتها بل وحتى عظامها ذرّة ذرّة في مدة معيّنة.
    وإذا ثبت هذا التغير ثبت وجود النفس المجردة بسهولة من قوة التذكر والتفكر فلو كانت قوة التذكر والتفكر مادية قائمة في خلايا الدماغ وأنها الجسد أو جزء من الجسد لكان اللازم أن تضطر في كل سبع سنين الى تجديد كل ما علمنا وتعلمناه سابقا.
    والوجدان عندنا أن تجدد المادة المتواصل لم يندثر بسبب التفكر والتذكر منّا ولم يحدث أدنى تغير في ذاكرتنا ولم تخب أي شعلة من علومنا ومعارفنا وهو أقوى دليل على وجود قوة فينا مدركة شاعرة مجردة عن المادة باقية بذاتها مستقلة في وجودها بقيمومية مبدئها محتاجة الى آلاتها في تصرفها متحدة معها في أدنى مراتبها وأن دثور المادة لا يستوجب دثورها ولا دثور شيء من كمالاتها وملكتها ولا من مدركاتها ولا من معلوماتها كيف لا ولا تزال تخطر على بالنا

    في وقت الهرم امور وقعت لنا أيام الشباب بل أيام الصبا وما قبلها وكيفما كان فإن من الوضوح بمكان أن كل ما فينا يؤيد ثبات شخصيتنا وعدم تغيرها وتبدل جميع ذرات أجسامنا.
    شبهة الآكل والمأكول في معاد الجسد :
    وشبهة الآكل والمأكول ـ يدفعها من كان من فحول ـ كما قال السبزواري أن كسرة الخبز التي نأكلها وقطعة اللحم التي نمضغها وتدخل في جوفنا تقرر علينا بمدة صورة تخلع صورة وتلبس أخرى من الكيموس الى أن تصير دما ثم توزعه حكمة الله فتجعل من ذلك الدم لحما وعظما وشحما وعصبا وكبدا وقلبا وطحالا الى آخر ما يحتوي ويتكون منه هذا الهيكل الانساني والجسد الحيواني فكيف نشأ من هذه الكسرة تسعون نوعا من الانواع المختلفة والأجناس المتباينة فأين العظم من اللحم وأين الشحم من الغاز من المخ وأين المخ من الشعر وهكذا وهلمّ جرا كل هذا تكون من لقمة الخبز كل هذه الأنواع مندمجة أم انقلبت وتحولت من صورة الى صورة ومن حقيقة الى اخرى ومهما قيل فيها فإن تلك اللقمة التي تدخل في جوفنا وتتصرف بها المشية تلك التصاريف المتنوعة لم تدخل هي في كياننا ولم تصر جزءا من أجسامنا بل تطورت عدة أطوار وتعاقبها صورة بعد صورة ودخلت في معامل ميكانيكية وتحليلات كيماوية الى أن بلغت هذه المرحلة ونزلت في أجسامنا بتلك المنزلة.
    وأن ما يرد من الاعتراض على إمكان بعث الإنسان الى الحياة روحا وجسدا واستحالة معادته على هيكله السابق بسبب ما يتداخل من كل جسم في جسم آخر مما يتعذر به معاقبة المذنب وقد شاركت في جسده أجزاء من جسد الصالح أو مكافأة الصالح جسدا وقد شاركت في تكوين جسده أجزاء من جسد الطالح فإن مثل الاعتراض يرده بما مر من التفاعلات والتحليلات ويضرب المثل بقوله فلو أن مؤمنا أكل كل لحم في بدن الكافر أو أكل الكافر كل لحم في بدن

    المؤمن فلا لحم الكافر صار جزءا من بدن المؤمن ولا لحم المؤمن دخل في بدن الكافر بل اللحم لما دخل في الفم وطحنه الانسان وهو الهضم الأول زالت الصورة اللحمية منه وارتحلت الى رب نوعها (حافظ الصور) واكتسبت المادة صورة اخرى وهكذا صورة بعد صورة.
    ومن القواعد المسلمة عند الحكماء بل عند كل ذي لب أن شبه الشيء بصورته لا بمادته فأين إذن تقع شبهة الآكل والمأكول؟
    ويزيد هذا وضوحا أن جميع المركّبات العنصرية يطرد فيها ذلك الناموس العام ناموس التحول والتبدل والدثور والتجدد انظر حبة العنب مثلا فهل هي إلا ماء وسكر وهل فيها شيء من الخمر أو الخل أو الكحول ولكنها بالاختمار تصير خلا ثم خمرا ثم غازا أو بخارا وهكذا أترى أن العنب صار جزءا من الخل والخل صار جزءا من الخمر إذن فمن أين تجيء شبهة الآكل والمأكول كما (في الفردوس الأعلى) لشيخنا المصلح الأكبر الكاشف الغطاء (ره).
    فلسفة المعاد :
    (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ).
    هكذا يخاطبنا الله تعالى في كتابه الكريم. فمن شاهد هذه القوانين المحكمة الرصينة في عالم الوجود عالم الذرة (اتوم) وعالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الانسان في الفيزياء والكيمياء والفلك العالي وفي علم الأحياء والمتبحرات يقطع بأن الذي رتبها ونظمها لا يلهو ولا يلعب وهو القائل : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ). وفي آية اخرى : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). فإذا تتبع الإنسان حياته النفسية في هذه الدنيا وما عليه نفسه من مساوئ أخلاقية : حسد وبغضاء وحقد وغيبة وظلم وبغي وبطش بغير حق ، ثم ما يراه من حيف وظلم وقسوة وجفاء وبهتان وغيرها من آخرين ، وما يرى من تشاجر وتطاحن لامور مادية سخيفة وما يرى من ظلم واستعمار وغصب

    للحقوق بين الناس ، وما يشاهد من حروب لا تبقى ولا تزر ، يقطع بأن الله الذي خلق هذا العالم المادي من سماء وأرض ، وما خلق فيه من جماد وحيوان ، وما أودع فيه من كمال ما بعده كمال ، لا يريد بهذا الانسان إلا الكمال ، وذلك لأنه يقطع بأن الكامل على الاطلاق وهو الله تعالى لا يصدر منه إلا الكمال ، ويقطع بأن البشر غير كامل في هذه الدنيا من النواحي النفسية والاخلاقية والاجتماعية ، وهو في هذه الحالة إلا من شذ فصار يتكامل على ما رسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشبه بالحيوانات الضارية يضر بعضه البعض إن وجد الى ذلك سبيلا ، يقطع بأن الله الذي أكمل كل شيء من مخلوقاته ، سوف يجعل لهذا الانسان عالما آخر (القيامة) كله اطمئنان وخلود وكله حبور وسرور ، عالما فيه (ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) سورة الزخرف 71.
    عالما لا تشاجر فيه ولا تجاوز ولا اعتداء ، (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ ، وَقالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ ، لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). سورة الاعراف 23.
    عالما ليس فيه ما يلوّث النفس الانسانية من سير (قمار) ولحم خنزير وفسق وفجور وخمرة تذهب بالعقل ، (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ). سورة الواقعة.
    التكامل غاية الغايات في هذا الكون ، فمن أيقن به علم أن لا بد وأن تكون وراء هذه الحياة القلقة (المضطربة) حياة طمأنينة ودعة وهدوء وسرور وأن وراء هذه الحياة الناقصة حياة كاملة بكل ما في الكمال من معنى ليس لهذا الانسان أن يتصور مداه ما دام في هذه الدنيا.
    اعتراف كبار علماء الفيزياويين
    بالمعاد والبعث ويوم القيامة :
    يقول عدد من الفيزياويّين المحدثين أن هنالك عالما آخر وراء العالم الذي

    تنحصر فيه الفيزياء أن العالم الآخر وحدة روحية أو عقلية وما المادة سوى مظهر من مظاهرها أن العقل وحده هو الشيء الحقيقي وأن المادة هي من مخلوقات العقل.
    وقد توصل ثمانية من العلماء من رجال الفلك بمرصد (مولارد) نتيجة بحث استغرق 8 سنوات أن هذه الأرض إنما هي شظيّة من إحدى الشظايا التي تطايرت نتيجة لانفجار هائل حدث قبل عشرة آلاف مليون سنة على حدّ قوله تعالى في سورة الأنبياء ـ 30 (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً) أي كانتا مرتوقتين مضمومتين ملتحمتين أي أن السماوات والأرض كانتا جميعا كتلة واحدة (ففتقناهما) أي ففصلنا بعضها عن بعض وجعلناها شموسا وكواكب ونجوما وأقمارا ، توابع للنجوم ومجرات إلى ما هنالك.
    وقد استعمل هؤلاء في اكتشاف الفضاء عدة أجهزة جبّارة من بينها تلسكوب (يرقب) وجهاز التقاط للاشارات وحكموا أن الكون سوف ينتهي في يوم من الأيام.
    (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) سورة ابراهيم 39.
    واعترفوا أن في الكون مسافات هائلة يعجز الذهن عن تخيلها (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) سورة الذاريات. كما أثبتوا أن هناك أجساما شمسية ميتة فوق حافة الكون وهذا ما يؤكد أن الكون يقترب من نهايته وهذا هو عين ما يدرس في جامعات العالم في فرع الفيزياء الرياضة العالية ، من أن الشمس آخذة بالافول والاندثار (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) سورة لقمان 32.
    وأن هؤلاء العلماء الثمانية توصلوا أيضا الى أن كل الأجسام الموجودة في الكون من كواكب ونجوم وشموس وغير ذلك تنطلق في الفضاء بسرعة خيالية تاركة ثغرة في الوسط.

    وأنه قد كانت لهذا الكون بداية قطعا كما جاء في القرآن الكريم (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة العنكبوت. وان الكون لن يدوم الى الأبد وأنه يتغيّر مع الزمن حتى تقترب النهاية لشروع عالم آخر تتحقق فيه عوالم يوم القيامة.
    فنرى أن العلم الحديث يقترب من الاعتراف بما جاء في القرآن الكريم عن البداية والنهاية (المعاد).
    كل شيء آئل الى زوال وفناء :
    كما أن العلم الحديث يقدر أنه عند بلوغ سنة 000 000 47000 بعد الميلاد سوف تتلقى شمسنا وثيقة إعدامها.
    ومن الامور المعروفة عند علماء الطبيعة والفيزياء والفلك أن الكون الصلدة آخذة في الانحلال والتلاشي اثناء تحولها الى شعاع وأن وزن الشمس يقل كل يوم 340 ألف مليون طن أي أن هذا القدر من مادتها يتلاشى لكي تشع كل ما تشعه يوميا وهذه الأشعة التي تنطلق فيها تسير في الكون وستظل سائدة فيه الى نهاية الدنيا وتحوّل المادة الى اشعاع عمل جار الآن في كل النجوم وان الأرض تخسر من وزنها يوميا بالاشعاع تسعين رطلا والله تعالى يقول (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) سورة الرعد 42. وفي آية اخرى (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) سورة الأنبياء 46.
    فتشير الآيتان أن الأرض منذ أن خلقها الله تتناقص من أطرافها وهي ظاهرة كونية لم يلتفت إليها العلماء إلا في السنوات الاخيرة إذ أثبتت الابحاث العلمية عن شكل الأرض ان قطرها الواصل بين القطبين يتناقص بكمية قليلة جدا

    إلا أن عملية التناقص هذه مستمرة منذ أن خلق الله تعالى الأرض حتى ان شكلها تطور بمرور الزمن من الشكل الكروي الى الشكل البيضوي تطورا مستمرا لا انقطاع فيه يقول تعالى: (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) أي (أزيلت).
    وعليه كل شيء آئل الى زوال وفناء حتى يبدأ بعد ذلك بإذن الله وإرادته عالم من جديد (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ).
    وفي هذه الآية إشارة الى يوم القيامة وتخبرنا بعلامة من علاماتها ، فالمعروف علميا أن كل نجم أو شمس كشمسنا لا بد وأن تطرأ عليه حالة يتمدد فيها سطحه قبل أن يصل الى حالة الاستقرار ، وشمسنا بالذات لم تمر بعد بهذا الدور وهي لا تزال في مقتبل عمرها وعند ما تتمدد يصل لهبها وغازات جوها المستعرة الى الأرض حسب قوله تعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) سورة القيامة.
    فالعلم الحديث يخبرنا بالمارد الذري السابح في الفضاء وهو (البروتون) Proton السالب الذي إذا اصطدم بشيء من الأشياء أرجعه في طرفة عين الى اشعاعات وطاقات بل جعله نسيا منسيا ، وقالوا إن هذا المارد يفني ما يصطدم به من مادة فيتحقق افناء المادة بهذا الاصطدام فلا يبقى شيء.
    معجزة القرآن الكريم :
    يقول الله تعالى في سورة يونس 24 (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فوصف الله حالة الارض بعد أن يبلغ أهلها ذروة الطيش والغرور وكيف انها تكون هباء منشورا في طرفة عين.

    يشير الله الى حركة الارض :
    ثم ان الله تعالى بقوله في الآية المتقدمة (أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً) يشير إلى حركة الأرض حول نفسها ، وذلك لأن الليل والنهار يكونان على الكرة الأرضية في وقت واحد ، والله تعالى لا يتردد في عمله ولا يتردد في وقت يريد فيه إفناء الأرض هل يكون ذلك ليلا أم نهارا وهو خالق كل شيء والعالم بما سيكون فيشير قوله تعالى ليلا أو نهارا الى أن قسما من الأرض يتلقى أمر الإفناء من جانب الله تعالى ليلا والقسم الآخر في نفس اللحظة يتلقى هذا الأمر نهارا ، وهذا لا يتم إلا بحركة الأرض حول نفسها ، وحدوث الليل والنهار في نفس الوقت نتيجة هذا الدوران.
    وملخص القول في المعاد :
    ويتلخّص الايمان بالمعاد في أن يعتقد المسلم والشيعة الإمامية الاثنا عشرية خاصة أن الانسان عائد الى الحياة يوم يريد الله ذلك ، وان الذي يعود يوم القيامة يعود بنفسه المتعلقة به فليس المعاد للحساب عما فعل هو جسم الانسان فقط كما يرى البعض ولا مثيله ولا روحه كما يرى البعض الآخر وإنما يعود بروحه وجسمه.
    أما ما نص على المعاد من الآيات القرآنية فهو كثير جدا : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) وقوله تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) وقوله تعالى : (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) وقوله تعالى : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) وقوله تعالى : (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) وقوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) وقوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ، قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى

    وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى) وقوله تعالى : (وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) وقوله تعالى : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) وقوله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) سورة الزمر 47.
    (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ : مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) سورة يس 81.
    (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.) قال الفخر الرازي في تفسيره في هذه الآيات الى آخر السورة غرائب وعجائب نذكرها بقدر الامكان فنقول : المنكرون للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلا ولا شبهة واكتفى بالابتعاد وادّعى الضرورة وهم الاكثرون ، ويدل عليه قوله تعالى حكاية عنهم في كثير من المواضع بلفظ الابتعاد كما قال تعالى : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ، أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) الى غير ذلك من الآيات فكذا هاهنا قال : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) على طريق الابتعاد فبدأ أولا بابطال ابتعادهم بقوله : (نَسِيَ خَلْقَهُ) أي أنسى إنا خلقناه من تراب ومن نطفة متشابهة الأجزاء ثم جعلنا لهم من النواصي الى الاقدام اعضاء مختلفة والقوام ، وما اكتفينا بذلك حتى أودعناهم ما ليس من قبيل هذه الاجرام وهو النطق والعقل بهما استحقوا الإكرام ، فان كانوا يقنعون بمجرد الاستبعاد فهل لا يستبعدون ، اعادة

    النطق والعقل الى محل كانا فيه ثم ان استبعادهم كان من جهة ما في المعاد من التفتت والتفرّق حيث قال : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) اختاروا العظم للذكر لأنه أبعد عن الحياة لعدم الاحساس فيه ، ووصفوه بما يقوي جانب الاستبعاد من البلى والتفتت والله تعالى دفع استبعادهم من جهة ما في المعيد من العلم والقدرة فقال : ضرب لنا مثلا أي جعل قدرتنا كقدرتهم ونسي خلقه العجيب وبدنه الغريب ومنهم من ذكر شبهة وان كان آخرها يعود الى مجرد الاستبعاد وهي أنه بعد العدم لم يبق شيء فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود وأجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله : (الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعني كما خلق الانسان ولم يكن شيئا مذكورا كذلك يعيده وان لم يكن شيئا مذكورا.
    شأن نزول الآية الكريمة :
    قال المفسرون : نزلت هذه الآية في أبي بن خلف خادم رسول الله ، وأتاه بعظم قد رمّ وبلي ففته بيده وقال : يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما رم؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم ويبعثك ويدخلك النار (وهذا مما يقلع عرق التأويل بالكلية) ولذلك قال الفخر الرازي : الانصاف أنه لا يمكن الجمع بين الايمان بما جاء به النبي وبين انكار الحشر الجسماني (قلت ولا الجمع بين القول بقدم العالم على ما يقوله الفلاسفة وبين الحشر الجسماني ، لأن النفوس الناطقة على هذا التقدير غير متناهية فيستدعي حشرها جميعا ابدانا غير متناهية وأمكنة غير متناهية وقد ثبت تناهي الابعاد بالبرهان).
    قوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) سورة الأنبياء. وقوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ ، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) سورة الزمر 68. وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا

    رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) سورة الحج.
    القرآن يدل على نهاية الكون :
    ويخبرنا الله تعالى عن ذلك بقوله : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ). (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ، يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ ، وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ، يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً).
    ذكر العلامة السيد عبد الله شبّر (ره) في حق اليقين : ان الله سبحانه للطفه ورأفته بعباده ، قد أكثر ذكر المعاد في القرآن الكريم والفرقان العظيم بطرق عديدة وسبل سديدة لصعوبته على الافهام.
    فتارة حكم تعالى بأنه كائن لا محالة من دون ذكر دليل بل انه يجب الاعتقاد والاذعان به والتصديق من دون تطلب دليل لذلك ، لا سيما بالنسبة الى العوام والضعفاء كما في قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقوله تعالى : (أَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) وقوله تعالى : (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) ونحو ذلك ، وتارة ذكره الله مشفوعا بالقسم لكثرة الشبه والاشتباه فيه. فقال تعالى في سورة النحل : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ، بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وقال تعالى في سورة التغابن : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ).
    وتارة أثبت الله تعالى المعاد مستدلا بكونه قادرا على كل شيء وعلى امور تشبه الحشر والنشر ، فلا تستبعد قدرته تعالى على الحشر والنشر ، كقوله تعالى

    في سورة الواقعة ردا على منكري المعاد : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ).
    ووجه الاستدلال بها على ما في تفسير الفخر الرازي : ان المني يحصل من فضلة الهضم الرابع وهو كالظل المنبث في أطراف آفاق الاعضاء ، ولهذا تشترك الأعضاء في الالتذاذ بالوقاع ويجب غسلها كلها من الجنابة لحصول الانحلال عنها كلها ، ثم ان الله قد سلط قوة الشهوة على البنية حتى انها تجمع تلك الأجزاء الظلية المتفرقة في أوعية المني ، فالحاصل ان تلك الأجزاء كانت مفترقة جدا ، أولا في أطراف العالم ثم انه أخرجها ماء دافقا الى قرار الرحم ، فاذا كانت هذه الأجزاء متفرقة فجمعها وكوّن منها ذلك الشخص ، فاذا تفرقت بالموت مرة اخرى فكيف يمتنع عليه جمعها مرة اخرى.
    فهذا تقرير هذه الحجة في هذا المنهج ومن هذا النهج قوله تعالى في سورة الحج : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) الى قوله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً ، ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وقال تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى) وقال تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) وتارة بيّن تعالى قدرته على المعاد بذكره مرتبا على ذكر المبدأ اشارة الى ان القادر على الايجاد قادر على الاعادة ، كما قال تعالى في البقرة : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) وقال تعالى في الروم : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) وقال تعالى في ياسين (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) وتارة أسدل تعالى على البعث والحشر من جهة وجوب المجازاة واثابة المحسن وتعذيب العاصي وتميزها عن الآخر ليتم عدل الله وحكمته في العباد اذ لو لا الحساب والعقاب والجزاء والثواب للزم الجور وبطل العدل وضاعت الحقوق عن اربابها واستقرت الظلامات على اصحابها ولم يبق فرق بين

    احسان المحسن واساءة المسيء ، بل لكان النفع ضرا والضر نفعا ، فان الخير والإحسان في أغلب الازمان يوجب المشقة والمضرة ونقصان القوة والمال وفوات اللذة بحسب الدنيا والشر والاساءة فلا بد من نشأة اخرى تقع فيها المجازاة على اعمال الناس والانتقام للمظلومين من الظالمين وايصال ذوي الحقوق الى حقوقهم.
    وقد أشار تعالى الى هذا المضمون في مواضع منها في يونس قال تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ). وقال تعالى في طه : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى). وقال تعالى : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى). وقال تعالى في سورة ص : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ. أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).
    وتارة استدل تعالى بإحياء الموتى في الدنيا على صحة الحشر والنشر في الآخرة كما في خلق آدم ابتداء من غير مادة لأب وام ، ومنها قوله تعالى في البقرة : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) ، ومنها في قصة الخليل وقوله : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ، قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) ، ومنها في قصة حزقيل وقوله : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) ، ومنها في قصة أصحاب الكهف وقوله تعالى : (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها) ، ومنها في قصة أيوب وقوله : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) ، وغيرها من الآيات التي وردت في القيامة والمجازات والبعث (851 آية).
    قال المحقق الدواني (ره) أعلم أن المعاد الجسماني :
    مما يجب الاعتقاد به ويكفر منكره. أما المعاد الروحاني : أعني التذاذ النفس بعد المفارقة وتألمها باللذات والآلام العقلية فلا يتعلق التكليف باعتقاده ،

    ولا يكفر منكره ولا منع شرعا ولا عقلا من اثباته. قال الفخر الرازي :
    أما القائلون بالمعاد الروحاني والجسماني فقد أرادوا أن يجمعوا بين الحكمة والشريعة ، فقالوا : دل العقل على أن سعادة الأرواح بمعرفة الله تعالى ومحبته ، وأن سعادة الأجساد في ادراك المحسوسات ، والجمع بين هاتين السعادتين في هذه الحياة غير ممكن ، لأن الانسان مع استغراقه في تحلي أنوار عالم القدس لا يمكنه أن يلتفت الى شيء من اللذات الجسمانية ومع استغراقه في استيفاء هذه اللذات لا يمكنه أن يلتفت الى اللذات الروحانية ، وإنما تعذر هذا الجمع لكون الأرواح البشرية ضعيفة في هذا العالم فإذا فارقت الموت واستمدت من عالم القدس والطهارة قويت وصارت قادرة على الجمع بين الأمرين.
    الأخبار التي وردت في المعاد الجسماني والروحاني ، ويشهد لذلك ما روى مستفيضا في الاحتجاج وأمالي الشيخ الطوسي (ره) وغيرهما أن ابن أبي العوجاء سأل الصادق عليه‌السلام عن قوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) ما ذنب الغير؟ قال : ويحك هي هي وهي غيرها. قال : فمثل لي ذلك بشيء من أمر الدنيا. قال : نعم أرأيت لو أن رجلا عمد الى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبّلها ثم ردّها في ملبنها فهي هي وهي غيرها. وفي رواية الأمالي : أرأيت لو أن رجلا عمد الى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبّلها ثم ردّها الى هيئتها.
    الأولى ، ألم يكن هي هي وهي غيرها؟ فقال : بلى أقنع الله بك ، فإن الظاهر أن مراده عليه‌السلام أنه يعود شخصه بعينه وإنما الاختلاف في الصفات والعوارض غير المشخّصات أو أن المادة متحدة ، وإن اختلفت التشخصات والعوارض.
    الثاني : ما ورد من قول الصادق عليه‌السلام في البدن البرزخي لو رأيته لقلت : هذا فلان.
    الثالث : ما ورد من أهل الجنة جرد مرد.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:31 am

    الرابع : ما ورد أن المتكبرين يحشرون على صورة الذر.
    الخامس : ما ورد عن طرق جمهور العامة أنه يحشر بعض الناس على صور تحسن عندها القردة والخنازير وكون ضرس الكافر مثل جبل احد تغليظا للعقوبة.
    السادس : عن الإمام زين العابدين عليه‌السلام قال : عجبا كل العجب لمن أنكر الموت وهو يرى من يموت كل يوم وليلة والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الآخرة وهو يرى النشأة الاولى.
    السابع : روى الصدوق في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا ، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم.
    الثامن : ما روى القمي في تفسيره بسند صحيح عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أن ابراهيم عليه‌السلام نظر الى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البر وسباع البحر ثم تثب السباع بعضها بعض فيأكل بعضها بعضا فتعجب ابراهيم فقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى؟ قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قالَ : بَلى ، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي. قالَ : فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) الآية. فأخذ ابراهيم الطاوس والديك والحمام والغراب. قال الله تعالى: فصرهنّ أي قطعهن ، ثم اخلط لحمهنّ وفرقها على عشرة جبال ثم خذ مناقيرهنّ وادعهن يأتينك سعيا. ففعل ابراهيم ذلك ، وفرقهن على عشرة جبال ، ثم دعاهن فقال : أجبنني بإذن الله تعالى ، فكانت تجتمع ويتألف لحم كل واحد وعظمه الى رأسه وطارت الى ابراهيم. فعند ذلك قال ابراهيم : إن الله عزيز حكيم.
    التاسع : ما في الاحتجاج عن هشام بن الحكم أنه قال الزنديق للصادق عليه‌السلام : أين للروح بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرقت فعضو في بلدة تأكله سباعها وعضو باخرى تمزقه هوامها وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط؟ قال عليه‌السلام : الذي أنشأه من غير شيء وصوّره على غير مثال كان سبق

    إليه ، قادر أن يعيده كما بدأه. قال : أوضح لي ذلك. قال : إن الروح مقيمة في مكانها ، روح المحسن في ضياء وفسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا ، منه خلق. وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك من التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ، ويعلم عدد الأشياء ووزنها ، وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب. فإذا كان حين البعث مطرت الأرض فتربو أي تنمو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مخض ، فيجتمع تراب كل قالب فينقل بإذن الله تعالى الى حيث الروح فتعود الصور بإذن المصوّر كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا الخبر.
    العاشر : ما في الجزء السابع من بحار الانوار طبع الجديد ص 40 بسند صحيح عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله لجبرئيل : يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة؟ قال : نعم فخرج الى مقبرة بني ساعدة فأتى قبرا ، فقال له اخرج بإذن الله فخرج الرجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول : والهفاه واللهف هو الثبور ثم قال : ادخل فدخل ثم قصد به الى قبر آخر فقال : اخرج بإذن الله فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ثم قال : هكذا يبعثون يوم القيامة يا محمد.
    عن علي عليه‌السلام عن رسول الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة : حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأني رسول الله بعثت بالحق ، وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت ، وحتى يؤمن بالقدر.
    إجماع جميع الأنبياء على وقوع المعاد :
    قد أجمعت جماعة الأنبياء طرا على وجوب الاعتقاد بالمعاد الجسماني والروحاني

    معا وأن المنكر له كافر لا خلاق له في الاسلام وقد أيّد المعاد أرباب الشرائع الإلهية طرا.
    إجماع المسلمين واليهود والنصارى على المعاد :
    قال العلامة المجلسي (ره) اعلم أن القول بالمعاد الجسماني مما اتفق عليه جميع المليين وهو من ضروريات الإسلام والدين ، ومنكره خارج عن عداد المسلمين ، والآيات الكريمة في ذلك صريحة لا يعقل تأويلها ، والأخبار فيه متواترة ، لا يمكن ردها كما ذكرناها.
    قال الصدوق (ره) : اعتقادنا في البعث بعد الموت أنه حق. قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا بني عبد المطلب إن الرائد لا يكذب أهله والذي بعثني بالحق نبيا لتموتن ولتبعثن كما تستيقظون وما بعد الموت دار إلا الجنة والنار وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عزوجل كخلق نفس واحدة ذلك قوله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ).

    عقيدة الامامية الاثنى عشرية
    في الرجعة
    وهي من متفردات الامامية. قال الصدوق (ره) : اعتقادنا في الرجعة أنها حق.
    معنى الرجعة :
    الرجعة عبارة عن حشر قوم عند قيام القائم الحجة بن الحسن عليه‌السلام ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته وقوم من اعدائه ينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب والقتل على أيدي شيعته وليبتلوا بالذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته.
    وهي عندنا الامامية الاثنا عشرية تختص بمن محّض الايمان ومحّض الكفر والباقون سكوت عنهم.
    ويدل على ثبوتها مضافا الى الاجماع بل ضرورة المذهب الكتاب والسنة.
    أمّا الكتاب فعدة آيات :
    الاولى : قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا) ، حيث دلت هذه الآية على أن هذا الحشر خاص ببعض دون بعض فتعيّن أن

    يكون غير الحشر الأكبر الذي في القيامة لأنه عام بالاتفاق ، ولقوله تعالى فيه : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً). وروى القمي في تفسيره عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن تفسير الآية الاولى فقال عليه‌السلام : ما يقول الناس فيها ، قلت يقولون أنها في القيامة ، فقال عليه‌السلام : يحشر الله يوم القيامة من كل أمة فوجا ويترك الباقين إنما ذلك في الرجعة فأما آية القيامة فهذه : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) ، والأخبار بهذا المضمون كثيرة.
    الثانية : قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ). فعن الباقرعليه‌السلام في تفسيرها قال ما أحسب نبيكم إلا سيطلع عليكم اطلاعة ، وعن الصادقعليه‌السلام في تفسيرها قال لا والله لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتى يجتمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي فيلتقيان ويبيتان بالثوية ، وهو موضع بالكوفة مسجدا له اثني عشر ألف باب وعن السجاد في الآية قال : يرجع إليكم نبيكم وعن الباقر عليه‌السلام قال : يرحم الله جابرا لقد بلغ علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية إن الذي فرض الآية يعني الرجعة.
    الثالثة : قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ... لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ). فروى القمي عن الباقر عليه‌السلام أن المراد القتل في سبيل عليّ وذريته. فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، وليس أحد يؤمن بهذه الآية إلا وله قتلة وميتة أنه من قتل في فينشر حتى يموت ومن مات ينشر حتى يقتل. وقال عليه‌السلام في قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) : ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه ، إن من قتل لا بد أن يرجع الى الدنيا حتى يذوق الموت.
    الرابعة : قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). روى القمي (ره) عن الصادق عليه‌السلام قال : العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف والعذاب الأكبر في القيامة ومعنى لعلّهم يرجعون يرجعون في الرجعة فيعذبون.
    الخامسة : قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

    وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ). فروى القمي في تفسيره وسعد بن عبد الله عن الصادقعليه‌السلام قال : ذلك والله في الرجعة. أما علمت أن أنبياء الله كثيرا لم ينصروا في الدنيا وقتلوا والأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا في الدنيا فذلك في الرجعة.
    السادسة : قوله تعالى : (جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً). عن سليمان الديلمي قال : سالت أبا عبد الله عليه‌السلام عنها ، فقال : الأنبياء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابراهيم واسماعيل وذريته والملوك الأئمة ، فقلت : وأي ملك اعطيتهم فقال : ملك الجنة وملك الكرة ولا يكون هذا إلا في الرجعة.
    السابعة : قوله تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ). روى القمي عن الصادق عليه‌السلام. قال ذلك في الرجعة يعني أحد الإحياءين في الرجعة والآخر في القيامة وإحدى الإماتتين في الدنيا والاخرى في الرجعة والآية ظاهرة كمال الظهور في الرجعة.
    الثامنة : قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). روى القمي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رجع آمن به الناس كلهم وعن شهر بن حوشب قال قال لي الحجاج : آية في كتاب الله قد اعيتني ، فقلت : أيها الأمير أية آية هي؟ فقال قوله تعالى : «(وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) (الآية) والله إني لآمر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتى يخمد. فقلت : أصلح الله الأمير ليس على ما تأولت. قال : كيف هو. قلت : إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة الى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودى ولا غيره إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي. قال : ويحك أنى لك هذا ، ومن أين جئت به؟ فقلت : حدّثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه‌السلام. فقال الحجاج : جئت والله بها من عين صافية.
    التاسعة : قوله تعالى : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ). روى القمي في الصحيح عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام والباقر عليه‌السلام قالا : كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون ، فهذه الآية من أعظم

    الدلالة على الرجعة. لأن أحدا من أهل الإسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون الى القيامة من هلك ومن لم يهلك فقوله : لا يرجعون عنى الرجعة فأمّا الى القيامة يرجعون حتى يدخلوا النار.
    العاشرة : قوله تعالى : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ). يعني إذا وجب العذاب والوعيد عليهم أو أنزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم بلسان يفهمونه بأن يقول لهم : أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. وقد تضافر في أخبارنا أن المراد بهذه الدابة أمير المؤمنينعليه‌السلام وأنه يخرج قبل يوم القيامة ومعه عصا موسى وخاتم سليمان فيضرب المؤمن فيما بين عينيه بالعصى فينتقش فيها أنه مؤمن حقا ويسم الكافر بين عينيه فينتقش فيه أنه كافر حقا.
    وروى القمي في تفسيره عن الصادق عليه‌السلام في الصحيح قال انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحرّكه برجله ثم قال : قم يا دابة الله ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله أنسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال : لا والله ما هو إلا له خاصة وهو الدابة التي ذكرها الله في كتابه ، وإذا وقع القول الخ... ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك مسيم تسم به أعداءك. قال قال رجل لعمّار بن ياسر يا أبا اليقظان آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي ويشككني. قال عمّار : وأية آية هي قال قول الله : وإذا وقع القول الآية ، فأية دابة هذه قال عمار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى اريكها فجاء عمار مع الرجل الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يأكل تمرا وزبدا ، فقال : يا أبا اليقظان هلمّ فجلس عمار وأقبل يأكل معه فتعجب الرجل منه ، فلما قام عمار قال الرجل : سبحان الله ، يا أبا اليقظان حلفت أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينها. قال عمار قد أريتكها إن كنت تعقل.
    وقد روى العامة في كتبهم ، عن عمار وابن عباس وغيرهما وروى الزمخشري

    في الكشاف أنها تخرج من الصفاء ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتضرب المؤمن في مسجده أو فيما بين عينيه بعصا موسى فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه كأنه كوكب دري ، أو تكتب بين عينيه مؤمن ، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتى يسود لها وجهه أو تكتب بين عينيه كافر.
    وقد روى العامة والخاصة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال في مواطن كثيرة في خطبه أنا صاحب العصا والميسم.
    وروى العامة عن أبي هريرة وابن عباس والأصبغ بن نباتة أن دابة الأرض في الآية أمير المؤمنين عليه‌السلام.
    الحادي عشر : قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ). فقد ورد في أخبار كثيرة أن هذه النصرة تكون في الرجعة ، وعن الصادق عليه‌السلام في هذه الآية قال : ما بعث الله نبيا من لدن آدم إلا ويرجع الى الدنيا فينصر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقوله : لتؤمنن به يعني رسول الله ولتنصرنه يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام. وعن الصادق عليه‌السلام في الآية قال : ليؤمنن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولينصرن عليا قال : نعم والله من لدن آدم وهلم جرا فلم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا ردّ جميعهم الى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي ابن أبي طالب عليه‌السلام.
    الثاني عشر : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ). قال الصدوق (ره) : اعتقادنا في الرجعة أنها حق. وقد قال الله في كتابه العزيز وذكر الآية ، وقال في تفسيرها كانوا هؤلاء سبعين الف بيت ، وكان قد يقع فيهم الطاعون كل سنة ، فيخرج الأغنياء لقوتهم ويبقى الفقراء لضعفهم فيقل الطاعون في الذين يخرجون ويكثر في الذين يقيمون

    فيقول الذين يقيمون لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ويقول الذين خرجوا لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم فأجمعوا أن يخرجوا جميعا من ديارهم اذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا جميعهم فنزلوا على شط بحر فلما وضعوا رحالهم ناداهم الله موتوا فماتوا جميعا ، فكستهم المارة عن الطريق فبقوا بذلك ما شاء الله ، فمرّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له ارميا فقال لو شئت يا رب لأحييتهم فيعمروا بلادك ويلدوا عبادك ويعبدونك مع من يعبدك ، فأوحى الله تعالى إليه أفتحب أن احييهم لك؟ قال : نعم يا رب ، فأحياهم الله له وبعثهم معه ، فهؤلاء ماتوا ورجعوا الى الدنيا ثم ماتوا بآجالهم.
    فأما السنة فكثيرة ، فقد ادعى تواترها :
    منها ما رواه في البصائر عن الخثعمي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن إبليس قال انظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله ذلك عليه فقال إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ، فإذا كان يوم الوقت ظهر إبليس في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين عليه‌السلام فقلت وانها لكرات قال نعم إنها لكرات وكرات ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله تعالى المؤمن الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين عليه‌السلام في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له الروحاء قريب من كوفتكم فيقتلون قتالا لم يقتل مثله منذ خلق الله عزوجل العالمين فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد رجعوا الى خلفهم القهقرى مائة قدم وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات فعند ذلك يهبط الجبار أي ينزل آيات عذابه في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر رسول الله أمامه بيده حربة من نور فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقرى أي ناكصا على عقبيه فيقولون له أصحابه أين تريد وقد ظفرت فيقول إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين فيلحقه النبي عليه‌السلام فيطعنه طعنة بين كتفيه فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه فعند

    ذلك يعبد الله عزوجل ولا يشرك به شيئا ويملك أمير المؤمنين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعا وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي ألف ولد من صلبه ذكرا في كل سنة ذكرا وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما يشاء الله.
    وبهذا الإسناد عن الصادق عليه‌السلام قال : إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي (الحديث).
    وفي البصائر أيضا بأسانيد عديدة عن الباقر عليه‌السلام قال : إن أول من يرجع لجاركم الحسين فيملك حتى يقع حاجباه على عينيه من الكبر.
    وروى الصدوق (ره) في العيون بإسناد معتبر عن الحسن بن الجهم قال : قال يا أبا الحسن ما تقول في الرجعة ، فقال عليه‌السلام انها الحق قد كانت في الامم السالفة ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكون في هذه الامة كل ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
    وفي كامل الزيارة لابن قولويه عن الصادق عليه‌السلام في زيارة الحسين ونصرتي لكم معدة حتى يحكم الله ويبعثكم فمعكم معكم لا مع عدوكم إني من المؤمنين برجعتكم لا أنكر لله قدرة ولا اكذب له مشيئة ولا أزعم أن ما شاء لا يكون.
    وروى الكليني (ره) والقمي في تفسيره عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) إنما عنى الحسن والحسين عليهما‌السلام ثم عطف على الحسين فقال : (حملته أمه كرها ووضعته كرها) وذلك أن الله أخبر رسوله وبشّره بالحسين قبل حمله وأن الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده ثم عوّضه بأن جعل الإمامة في عقبه وأعلمه أن يقتل ثم يرده إلى الدنيا وينصره حتى يقتل أعدائه ويملكه الأرض ، وهو قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) الآية... فبشر الله

    نبيه أن أهل بيتك يملكون الأرض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم.
    وفي اختصاص المفيد ص 257 عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول والله ليملكن رجل منا أهل البيت بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا ، قال : فقلت فمن يكون ذلك قال فقال بعد موت القائم عليه‌السلام قلت له وكم يقوم القائم في عالمه حتى يموت قال فقال تسعة عشر سنة من يوم قيامه إلى يوم موته قلت له فيكون بعد موته الهرج قال نعم خمسين سنة ثم يخرج المنتصر الى الدنيا فيطلب بدمه ودماء أصحابه فيقتل حتى يقال لو كان هذا من ذرية الأنبياء ما قتل الناس كل هذا القتل فيجتمع عليه الناس أبيضهم وأسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئوه الى حرم الله فإذا اشتد البلاء عليه وقتل المنتصر خرج السفاح الى الدنيا غضبا للمنتصر فيقتل كل عدو لنا وهل تدري من المنتصر ومن السفاح يا جابر؟ المنتصر الحسين بن علي عليه‌السلام والسفاح علي بن أبي طالب عليه‌السلام.
    وفي إرشاد المفيد روى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يخرج مع القائمعليه‌السلام من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونوا بين يديه أنصارا وحكاما.
    وفي منتخب البصائر عن الصادق عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا الفاروق الأكبر وصاحب الميسم وأنا صاحب النشر الأول أي الرجعة والنشر الآخر وصاحب الكرات ودولة الدول وعلى يدي يتم موعد الله وتكمل كلماته وبي يكمل الدين.
    وفي الاختصاص قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع إلا من محّض الإيمان محضا أو محّض الشرك محضا.

    وفي تفسير العياشي في قوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال خروج الحسين عليه‌السلام في الكرة في سبعين رجلا من أصحابه الذين قتلوا معه عليهم البيض المذهبة لكل بيضة وجهان.
    وفي الزيارة المعروفة بالوارث ، يا أبا عبد الله أشهد الله وملائكته وأنبيائه ورسله أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن.
    وفي زيارة العباس عليه‌السلام ونصرتي لكم معدة حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين فمعكم معكم لا مع عدوكم إني بكم من المؤمنين.
    وفي زيارة الفطر والأضحى : وأنا بكم مؤمن وبإيابكم موقن.
    وفي زيارة الأربعين للحسين عليه‌السلام وأشهد أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلم وأمري لأمركم متبع ونصرتي لكم معدة حتى يأذن لكم فمعكم معكم لا مع عدوكم.
    وفي الجامعة : معترف بكم مؤمن بإيابكم مصدق برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم.
    وفي دعاء العهد : اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حقا مقضيا فاخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي.
    وفي الجامعة الكبيرة عن علي الهادي عليه‌السلام : ونصرتي لكم معدة حتى يحيي الله تعالى دينه بكم ويردكم في أيامه ويظهركم لعدله ويمكنكم من أرضه ، واجعلني ممن يقتص بآثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكبر في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكن في أيامكم وتقرّ عينه غدا برؤيتكم.
    عن الشيخ الطوسي عن الحسين بن روح (ره) في الزيارة الواردة في المشاهد المشرفة في شهر الرجب : يسأل الله إليكم المرجع وسعيه إليكم غير منقطع وأن

    يرجعني من حضرتكم خير مرجع الى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة ومهل الى حين الاجل وخير مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل ودوام الأكل وشرب الرحيق والسلسل ، وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ، ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم ، حتى العود إلى حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم.
    في الخصال عن الباقر عليه‌السلام أيام الله ثلاثة يوم القائم ويوم الكرّة ويوم القيامة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (سورة التوبة 23).
    عن تفسير الطبري ج 10 ص 82. فقال بعضهم ذلك عند خروج عيسى حين تصير الملل كلها واحدة.
    عن الصادق عليه‌السلام قال ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا ويستحل متعتنا.
    وفي احتجاج الطبرسي : روى أن أبا حنيفة قال يوما من الأيام لمؤمن الطاق إنكم تقولون بالرجعة. قال نعم. قال أبو حنيفة : فأعطني الآن ألف درهم حتى اعطيك ألف دينار إذا رجعنا. قال الطاق لابي حنيفة : فأعطني كفيلا بأنك ترجع انسانا ولا ترجع خنزيرا.
    وفي حق اليقين شبر (ره) عن الصادق عليه‌السلام قال : من دعا إلى الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا ، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وفيه : اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجرّدا قناتي ملبيا دعوة الداعي (هو بقية الله حجة ابن الحسن عليه‌السلام).
    وفي تفسير الفرات بن ابراهيم ومناقب شاذان بن جبرئيل وتفسير محمد بن العباس بن مهيار بأسانيدهم عن الصادق في قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ). قال : الراجفة الحسين بن علي والرادفة علي بن أبي طالب

    وأول من ينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي عليه‌السلام في خمسة وسبعين ألفا ، وهو قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).
    وعن الصادق (ره) في كتاب صفات الشيعة عن الصادق عليه‌السلام قال : من أقرّ بسبعة أشياء فهو مؤمن ، وذكر منها الإيمان بالرجعة.
    وفي كتاب حق اليقين شبر (ره) ص 30 عن الرضا عليه‌السلام قال : من أقرّ بتوحيد الله وساق الكلام إلى أن قال : وأقرّ بالرجعة والمتعتين وآمن بالمعراج والمسألة في القبر والحوض والشفاعة وخلق الجنة والنار والصراط والميزان والبعث والنشور والجزاء والحساب فهو مؤمن حقا وهو من شيعتنا أهل البيت.
    رجعة الأئمة عليهم‌السلام :
    حق اليقين للشبر (ره) ص 10 ومختصر البصائر ص 37 عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال الحسين لأصحابه عليهم‌السلام قبل أن يقتل : إن رسول الله قال لي : يا بني إنك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين وهي أرض تدعى عمورا وإنك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة من أصحابك ولا يجدون ألم مسّ الحديد ، وتلا : (قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) يكون الحرب بردا وسلاما عليك وعليهم ، فأبشروا فو الله لئن قتلونا فانا نرد على نبينا ثم أمكث ما شاء الله فأكون أول من تنشق الأرض عنه فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين عليه‌السلام وقيام قائمنا وحياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم لينزلن علي وفد من السماء من عند الله عزوجل لم ينزلوا إلى الأرض قط وينزلن إلى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وجنود من الملائكة وينزلن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وأنا وأخي وجميع من منّ الله عليه في حمولات من حمولات الرب خيل أبلق من نور لم يركبها مخلوق ثم ليهزن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوائه وليدفعنه إلى قائمنا محمد عليه‌السلام مع سيفه ثم إنا نمكث ما شاء الله ثم إن الله تعالى يخرج من

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:33 am

    مسجد الكوفة عينا من دهن وعينا من لبن وعينا من ماء ، إلى أن قال : ولا يبقى رجل من شيعتنا إلا أنزل الله إليه ملكا يمسح عن وجهه التراب ويعرّفه أزواجه ومنازله في الجنة ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلا كشف الله عنه بلائه بنا أهل البيت الخبر.
    يقول السيد ابراهيم الموسوي الزنجاني : إن اعتقادي هو ما ورد في التفاسير والأحاديث والأدعية واعتقاد علماء الاثنا عشرية قدس الله أسرارهم من أن الله تعالى يعيد عند ظهور الإمام الثاني عشر جماعة من الشيعة إلى الدنيا ليفوزوا بثواب نصرته ومشاهدة دولته ويعيد جماعة من الظلمة والغاصبين والظالمين لحق آل محمد عليهم‌السلام لينتقم منهم والبرهان على المدعي الآيات التي ذكرنا بمعونة التفسير الوارد عن عدل القرآن والأحاديث المتواترة وإجماع علماء الحقة بعد إمكانها بل وقوعها في الامم الماضية.
    وقال العلامة المجلسي (ره) أجمعت الشيعة على ثبوت الرجعة في جميع الآثار واشتهر بينهم كالشمس في رابعة النهار حتى نظموها في أشعارهم واحتجوا على المخالفين في جميع أمصارهم وشنع المخالفون عليهم في ذلك وأثبتوا في كتبهم وأسفارهم منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما وكيف يشك مؤمن بحقية الأئمة الأطهار فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام كثقة الإسلام الكليني والصدوق محمد بن بابويه والشيخ أبي جعفر الطوسي والسيد المرتضى والنجاشي والكشي والعياشي وعلي بن ابراهيم وسليم الهلالي والشيخ المفيد والكراجكي والنعماني والصفار وسعيد ابن عبد الله وابن قولويه وعلي بن عبد الحميد والسيد علي بن طاوس وولده صاحب كتاب زوائد الفوائد ومحمد بن علي بن ابراهيم وفرات بن ابراهيم وأبي الفضل الطبرسي وأبي طالب الطبرسي (ره) وابراهيم بن محمد الثقفي ومحمد بن العباس ابن مروان والبرقي وابن شهرآشوب والحسن بن سليمان والقطب الراوندي والعلامة الحلي والسيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم وأحمد بن داود بن سعيد

    والحسن بن علي بن أبي حمزة والفضل بن شاذان والشيخ الشهيد محمد بن مكي والحسين بن حمدان والحسن بن محمد بن جمهور والحسن بن محبوب وجعفر بن محمد بن مالك الكوفي وطهر بن عبد الله وشاذان بن جبرئيل ، وإذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أي شيء يمكن دعوى التوتر مع ما روته كافة الشيعة خلفا عن سلف ، وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمة الدين. (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
    وقد صنّف جماعة من القدماء كتبا في حقية الرجعة ، فمنهم أحمد بن داود ابن سعيد الجرجاني قال الشيخ في الفهرست له كتاب المتعة والرجعة ومنهم الحسن ابن علي بن أبي حمزة البطائني وعدّ النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة ، ومنهم الفضل بن شاذان النيسابوري ، ذكر الشيخ في الفهرست والنجاشي أن له كتبا في إثبات الرجعة ، ومنهم الصدوق (ره) فإنه عدّ النجاشي من كتبه كتاب الرجعة ، ومنهم محمد بن مسعود النجاشي ذكر النجاشي والشيخ في الفهرست كتابه في الرجعة ، ومنهم الحسن بن سلمان.
    ولذا تضافرت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام ، ليس منا من لم يؤمن برجعتنا كما ذكرناها مفصلا ، وقد ذكر السيد بن طاوس (ره) في كتاب الطرائف روى مسلم في صحيحه في أوائل الجزء الأول بإسناده إلى الجراح قال : سمعت جابرا يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر محمد الباقر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تركوها كلها ، ثم ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمد بن عمر الرازي قال : سمعت حريزا يقول : لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنه كان يؤمن بالرجعة ، ثم قال : انظر ، رحمك الله ، كيف حرموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برواية أبي جعفر الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسك بهم.
    قد عرفت من الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة وكلام جملة من المتقدمين والمتأخرين من شيعة الأئمة الطاهرين أن أصل الرجعة حق لا ريب فيه ولا شبهة

    تعتريه ومنكرها خارج من رتبة المؤمنين ، فإنها من ضروريات مذهب الأئمة الطاهرين ، وليست الأخبار الواردة في الصراط والميزان ونحوهما مما يجب الإذعان به أكثر عددا وأوضح سندا وأصرح دلالة وأفصح مقالة من أخبار الرجعة وإختلاف خصوصياتها لا يقدح في حقيقتها كوقوع الاختلاف في خصوصيات الصراط والميزان ونحوهما ، فيجب الإيمان بأصل الرجعة إجمالا وان بعض المؤمنين وبعض الكفار يرجعون إلى الدنيا وإيكال تفاصيلها إليهمعليهم‌السلام ، والأحاديث في رجعة أمير المؤمنين والحسين متواترة معنى وفي باقي الأئمة قريبة من التواتر ، وكيفية رجوعهم هو هو على الترتيب أو غيره ، فكل علمها إلى الله سبحانه وإلى أوليائه.
    القول في الموت :
    يجب الإقرار بأن كل حي سوى الله يموت ، قال الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ). وقال تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) والموت مصلحة للمؤمن والكافر ، كما قال الباقر عليه‌السلام لأن الله تعالى يقول : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) ويقول : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ، إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) وليس الموت أمرا يعدمنا بل هو الحياة الحقيقية كما قال عليه‌السلام : (خلقتم للبقاء لا للفناء) وفي حديث آخر : خلقتم للأبد وإنما تنقلون من دار إلى دار. وقال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقال : الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا وقيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : صف لنا الموت ، فقال : على الخبير سقطتم هو أحد أمور ثلاثة ترد عليه إما بشارة بنعيم الأبد وإما بشارة بتعذيب الأبد وإما تخويف لا يدري من أي الفرق هو ، أما ولينا والمطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد وأما عدونا والمخالف لأمرنا فهو المبشر بعذاب الأبد ، وأما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه ، يأتيه الخبر مبهما

    مخوفا ، ثم لن يسويه الله بأعدائنا ويخرجه من النار بشفاعتنا ، فاحتملوا وأطيعوا ولا تتكلموا ولا تستصغروا عقوبة الله ، فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.
    وسئل الحسن بن علي عليهما‌السلام : ما الموت الذي جهلوه فقال : (أعظم سرور على المؤمنين إذ نقلوا من دار النكد إلى نعيم الأبد ، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذ نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد.
    وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الدنيا سجن الموت وجنة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء الى جحيمهم.
    وعن سيد الشهداء عليه‌السلام في حديث قال فيه : ما الموت إلا قنطرة يعبر بكم من البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ، وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب.
    وقيل لعلي بن الحسين عليهما‌السلام : ما الموت فقال عليه‌السلام : للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة وفك قيود وأغلال ثقيلة والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح وأوطى المراكب وآنس المنازل ، وللكافر كخلع ثياب فاخرة والنقل عن منازل أنيسة والاستبدال بأوسخ وأوحش المنازل وأعظم العذاب.
    وقيل لمحمد بن علي الباقر عليهما‌السلام : ما الموت قال : هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة ، إلا أنه طويل مدته لا ينتبه إلى يوم القيامة ، فمنهم من رأى ما لا يقادر قدره في نومه من أصناف الفرح ، ومنهم من رأى في نومه من أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره.
    وقيل للصادق عليه‌السلام : صف لنا الموت فقال : هو للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعش لطيبه ، فينقطع التعب والألم كله عنه ، وللكافر كلذع الأفاعي وكلسع العقارب وأشد.
    وقال الكاظم عليه‌السلام : إن الموت هو المصفاة يصفي المؤمنين من ذنوبهم

    فيكون آخر ألم يصيبهم وكفارة آخر وزر عليهم ، ويصفي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذة أو نعمة أو رحمة تلحقهم ، وهو آخر ثواب حسنة تكون لهم.
    وجاء رجل إلى النبي الأكرم عليه‌السلام فقال : يا رسول الله ما لي لا احب الموت ، فقال ألك مال قال نعم قال عليه‌السلام قد قدمته قال لا قال فمن ثم لا تحب الموت.
    وقيل لأبي ذر (ره) : ما لنا نكره الموت فقال : لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة ، فتكرهون أن تنتقلوا عن عمران إلى خراب. فقيل له : كيف ترى قدومنا على الله تعالى قال : أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله ، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه ، قيل فكيف حالنا عند الله قال اعرضوا أعمالكم على الكتاب ، إن الله عزوجل يقول : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) قال الرجل فأين رحمة الله قال (رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) وروى ثقة الإسلام في الكافي عن يعقوب الأحمر في الصحيح قال : دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام نعزيه باسماعيل فترحم عليه ثم قال إن الله عزوجل نعى إلى نبيه نفسه فقال (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) وقال (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ثم أنشأ عليه‌السلام يحدث فقال : انه يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد ، ثم يموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرائيل وميكائيل ، قال : فيجيء ملك الموت حتى يقوم بين يدي الله عزوجل فيقول له من بقي ، وهو أعلم ، فيقول يا رب لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرائيل وميكائيل ، فيقال قل لجبرائيل وميكائيل فليموتا ، فيقول الملائكة عند ذلك يا رب رسوليك وأمينيك ، فيقول إني قد قضيت على كل نفس فيها الروح الموت ، ثم يجيء ملك الموت حتى يقف بين يدي الله عزوجل ، فيقال له من بقي وهو أعلم ، فيقول يا رب لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش ، فيقول قل لحملة العرش فليموتوا ، قال ثم يجيء حزينا لا يرفع طرفه فيقال له من بقي فيقول يا رب لم يبق إلا ملك الموت فيقال له مت يا ملك الموت فيموت ، ثم يأخذ الأرض بيمينه

    والسماوات بيساره ، ويقول : أين الذين كانوا يدعون معي شريكا؟ أين الذين كانوا يجعلون معي إلها آخر؟
    القول في ملك الموت وأعوانه ، ينبغي الإقرار بملك الموت ونزعه للروح وأعوانه ، والآيات الواردة في ذلك على أقسام ، ففي بعضها نسبة قبض الروح إلى الله تعالى كما في قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ، وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) ، وقوله تعالى : (وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) ، وفي بعضها نسبة ذلك إلى الملائكة ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) ، وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) ، وقوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) ، وقوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) ، وفي بعضها نسبة ذلك إلى ملك الموت ، كقوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) ، وقد جمع الأكثر بين هذه الآيات بأن لملك الموت أعوانا يتوفون الناس ثم يتوفاهم ملك الموت من الملائكة ، ويتوفاهم الله من ملك الموت.
    والدليل عليه ما رواه الصدوق (ره) في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام ، وقد سئل عن الآيات المذكورة ، فقال عليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الإنس يبعثهم في حوائجه فتتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ويتوفاه الله عزوجل من ملك الموت.
    وروى الطبرسي في الاحتجاج في خبر الزنديق المدعي للتناقض في القرآن ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) و (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) و (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه وفعل رسله وملائكته فعله لأنهم بأمره يعملون فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه وهم الذين قال فيهم الله يصطفى من الملائكة رسلا

    ومن الناس فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولى قبض روحه ملائكة النقمة وملك الموت له أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره وفعلهم فعله ، وكل ما يأتونه منسوب إليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، وفعل ملك الموت فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء ، وإن فعل أمنائه فعله كما قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
    وفي رواية التوحيد عن الصادق عليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى يدبر الامور كيف يشاء ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء ، أما ملك الموت فإن الله عزوجل يوكله بخاصته من يشاء من خلقه ، ويوكل رسله من الملائكة بخاصته من يشاء من خلقه ، أنه تعالى يدبر الامور كيف يشاء (الخبر).
    وفي الكافي عن الصادق عليه‌السلام قال ما من أهل بيت شعر ولا وبر إلا وملك الموت يتصفهم في كل يوم خمس مرات ، وسئل الباقر عليه‌السلام عن لحظة الموت ، فقال عليه‌السلام أما رأيت الناس يكونون جلوسا فتعتريهم السكتة ، فلا يتكلم أحد منهم فتلك لحظة ملك الموت ، وسئل الصادق عليه‌السلام عن ملك الموت يقال الأرض بين يديه كالقصعة يمد يده حيث يشاء منها ، قال : نعم ، وفي الفقيه عن الصادق عليه‌السلام قال : قيل لملك الموت كيف تقبض الأرواح؟ بعضها في المشرق وبعضها في المغرب في ساعة واعدة ، فقال : أدعوها فتجيبني ، قال عليه‌السلام وقال ملك الموت إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما يشاء ، والدنيا عندي كالدرهم في كف أحدكم يقلبه كيف يشاء.
    وقد اختلف في أن أرواح سائر الحيوانات هل يقبضها ملك الموت أيضا أم ملك آخر ، وحيث لم يرد نص في ذلك ، فلا ينبغي الخوض فيه ، ويكفي الإقرار بأن الله هو المحيي والمميت ، وأن له ملائكته يقبضون الأرواح ، وأما نفي ملك الموت وتأويله بالقوى البدنية والنفوس الفلكية والعقل الفعال فهو كفر مخالف لكتاب الله وسنة نبيّه.

    القول في حضور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عند المحتضر : تفيد الروايات الكثيرة الواردة من حضور ساداتنا الميامين الأئمة عليهم‌السلام عند المحتضر سواء كان مؤمنا أو كافرا ، فمن تلك الروايات ما رواها الثقة الجليل فرات بن ابراهيم الكوفي في تفسيره ص 209 عن أبي القاسم العلوي عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك يستكره المؤمن على خروج نفسه ، قال : فقال عليه‌السلام : لا والله قلت : كيف ذاك؟ قال عليه‌السلام : إن المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وجميع الأئمة عليهم‌السلام ، ويحضره جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ملك الموت عليهم‌السلام ، قال : يا رسول الله إنه كان ممن يحبنا ويتولانا فأحبه قال : فيقول رسول الله : يا جبرائيل إنه كان ممن يحب عليا وذريته فأحبه ، قال : فيقول جبرائيل لميكائيل وإسرافيل مثل ذلك : قال : ثم يقول : جميعا لملك الموت أنه كان يحب محمدا وآله ويتولى عليا وذريته فأرفق به ، قال : فيقول ملك الموت : والذي اختاركم وكرمكم واصطفى محمدا بالنبوة وخصه بالرسالة لأنا أرفق به من والد رفيق وأشفق من أخ شفيق (الخبر).
    وروى البرقي في المحاسن بإسناد معتبر عن عقبة والمعلى بن خنيس عن الصادق عليه‌السلام قال : لن تموت نفس أبدا حتى ترى رسول الله وعليا ، قلت : فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع إلى الدنيا ، قال : لا بل يمض أمامه ، فقلت له : يقولان شيئا جعلت فداك ، فقال : نعم يدخلان جميعا على المؤمن ، فيجلس رسول الله عند رأسه وعلي عند رجليه ، فيكب عليه رسول الله فيقول : يا ولي الله أبشر أنا رسول الله فإني خير لك مما تترك من الدنيا ، ثم ينهض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقوم علي عليه‌السلام حتى يكب عليه فيقول : يا ولي الله أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبني (الخبر).
    وفي الكافي عن أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا حيل بينه أي بين المحتضر وبين الكلام ، أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن شاء فجلس رسول الله عن

    يمينه والآخر يعني عليا عن يساره ، فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أما ما كنت ترجو فهو ذا أمامك ، وأما ما كنت تخاف منه فقد أمنته ، ثم يفتح له باب الجنة فيقول : هذا منزلك في الجنة.
    وروى القمي (ره) في تفسيره عن الصادق عليه‌السلام قال : ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا إلا ويحضره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين علي عليه‌السلام والحسن والحسين عليهم‌السلام فيرونه ويبشرونه ، وإن كان غير موال يراهم بحيث يسوء والدليل على ذلك قول أمير المؤمنينعليه‌السلام لحارث الهمداني كما نظمه السيد الحميري :
    قول علي لحارث عجب
    كم ثم اعجوبة له حملا

    يا حار همدان من يمت يرني
    من مؤمن أو منافق قبلا

    يعرفني طرفه وأعرفه
    بعينه وألمسه ما عملا

    وانك عند الصراط تعرفني
    فلا تخف عثرة ولا زللا

    أسقيك من بارد على ظمأ
    تخاله في الحلاوة عسلا

    أقول للنار حين توقف للعرض
    دعيه لا تقتلي الرجلا

    دعيه لا تقربيه إن له
    حبلا بحبل الوصي متصلا

    وفي كشف الغمة وأمالي الشيخ ومناقب ابن شهرآشوب عن الحسين بن عون قال : دخلت على اسماعيل الحميري المعروف بالسيد الحميري عائدا في علته التي مات فيها فوجدته يساق به ووجدت عنده جماعة من جيرانه وكانوا عثمانية ، وكان السيد جميل الوجه رحب الجبهة ، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل نقطة من المداد ، ثم لم تزل تزيد وتنمي حتى طبقت وجهه بسوادها ، فاغتم لذلك من حضره من الشيعة ، وظهر من الناصبة سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك إلا قليلا حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء فلم تزل تزيد أيضا وتنمي حتى أسفر وجهه وأشرق وأقر السيد ضاحكا مستبشرا فقال شعرا :


    كذب الزاعمون أن عليا
    لن ينجي محبه من هنات

    قد وربي دخلت جنة عدن
    وعفى الإله عن سيئات

    فأبشروا اليوم أولياء علي
    وتوالوا الوصي حتى الممات

    ثم من بعده تولوا بنيه
    واحدا بعد واحد بالصفات

    قال العلامة المجلسي (ره) أعلم أن حضور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة مما قد وردت به الأخبار المستفيضة ، وقد اشتهر بين الشيعة غاية الاشتهار ، وأما نحو حضورهم وكيفيته فلا يلزم الفحص عنه بل يكفي فيه وفي أمثاله الايمان به مجملا على ما صدر عنهم صلوات الله عليهم أجمعين.
    القول في البرزخ والقبر وعذابه ومعنى البرزخ :
    البرزخ في اللغة هو الواسطة بين الشيئين والحاجز بينهما ، ومنه قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) ، وقوله عليه‌السلام : يخاف عليكم هول البرزخ ، ومنه الحديث كلكم في الجنة ، ولكن أتخوف عليكم البرزخ. قلت : وما البرزخ؟ قال عليه‌السلام : منذ موته إلى يوم القيامة ، وعن الإمام الصادق عليه‌السلام البرزخ القبر وهو الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة ، وذكر الفيض الكاشاني في الوافي ج 3 / ص 92 البرزخ هو الحالة التي تكون بين الموت والبعث وهي مدة مفارقة الروح لهذا البدن المحسوس إلى وقت العود إليه أعنى زمان القبر ، ويكون الروح في هذه المدة في بدنها المثالي الذي يرى الإنسان نفسه فيه في النوم ، والحديث النبوي النوم أخو الموت.
    وروى الصدوق (ره) بإسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : يا بني عبد المطلب إن الرائد لا يكذب أهله ، والذي بعثني بالحق تموتن كما تنامون ولا تبعثن كما تستيقظون ، وما بعد الموت دار إلا إلى الجنة أو النار.
    وبالجملة ينبغي التصديق بعالم البرزخ والقبر وثوابه وعقابه وبقاء الروح بعد مفارقة البدن وسؤال القبر ومنكر ونكير.

    وقد وردت في آيات متكاثرة وروايات متواترة ، قال الله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ... أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ، ولكن لا تشعرون ، وقال تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ، وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
    وقد تظافرت الأخبار من الخاصة والعامة أن الروح بعد مفارقتها البدن تتعلق بأجسام لطيفة في غاية اللطافة كأجسام الملائكة والجن ، مشابهة للأبدان العنصرية تتعيش بها.
    وروى الشيخ المفيد (ره) بإسناده عن يونس بن ظبيان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : ما تقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم ، قلت : يقولون في حواصل طيور خضر ، فقال : سبحان الله المؤمن أكرم على الله من ذلك إذا كان ذلك يعني الاحتضار أتاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ومعهم ملائكة الله عزوجل المقربون ، فإن انطق الله لسانه بالشهادة له بالتوحيد وللنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة والولاية لأهل البيت شهد على ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين والملائكة المقربون معهم ، وإن اعتقل لسانه خصّ الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعلم ما في قلبه من ذلك فشهد به وشهد على شهادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي وفاطمة والحسن والحسين ومن حضر معهم من الملائكة ، فإذا قبضه الله إليه صيّر تلك الروح إلى الجنة في صورة كصورته فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلك الصور التي كانت في الدنيا.
    وقد روى في إرشاد الديلمي والبصائر وغيرهما ، أن أمير المؤمنين عليه‌السلام رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته ، وأن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أري بعض أصحابه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى

    ابراهيم وجملة من الأنبياء في المعراج ، وأن أمير المؤمنين عليه‌السلام رأى يوشع ابن نون ، وأن الصادق عليه‌السلام رأى الباقر عليه‌السلام بعد موته ، وورد رؤية جماعة من أعدائهم بعد موتهم معذبين. وفي كتاب حق اليقين ج 2 ص 66 عن الاصبغ بن نباتة ، أن أمير المؤمنين عليه‌السلام خرج من الكوفة ومر حتى أتى الغريين فجازه فلحقناه وهو مستلق على الأرض بجسده ليس تحته ثوب ، فقال له : قنبر يا أمير المؤمنين ألا أبسط ثوبي تحتك ، قال : لا هل هي إلا تربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه ، قال : الاصبغ تربة مؤمن قد عرفناها كانت أو تكون فما مزاحمته في مجلسه ، فقال : يا ابن نباته لو كشف لكم لرأيتم أرواح المؤمنين في هذا الظهر حلقا حلقا يتزاورون ويتحدثون إن في هذا الظهر روح كل مؤمن وبوادي برهوت نسمة كل كافر. وعن عبد الله ابن سليمان عن الباقر عليه‌السلام ، قال سألته عن زيارة القبور ، قال : إذا كان يوم الجمعة فزرهم ، فإنه من كان منهم في ضيق وسّع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يعلمون بمن أتاهم في كل يوم ، فإذا طلعت الشمس كانوا سدى أي مهملين غير معذبين ، قلت فيعلمون بمن أتاهم فيفرحون به ، قال : نعم ويستوحشون له إذا انصرف عنهم.
    وروى الكليني في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال : إن المؤمن ليزور أهله فيرى ما يحب ويستر عنه ما يكره وأن الكافر ليزور أهله فيرى ما يكره ويستر عنه ما يحب.
    قال ومنهم من يزور كل جمعة ومنهم من يزور على قدر عمله.
    وعن اسحاق بن عمار عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال : سألته عن الميت يزور أهله قال نعم فقلت في كم يزور قال في الجمعة وفي الشهر وفي السنة على قدر منزلته.
    وعن أحمد بن عمير رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت إن أخي ببغداد

    وأخاف أن يموت بها قال لا تبالي حيثما أنه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه الى وادي السلام فقلت وأين وادي السلام قال ظهر الكوفة وكأني بهم خلق يتحدثون ، وخلاصة الكلام هنا أخبار كثيرة تدل على بقاء الروح بعد الموت معذبة أو منعمة.
    القول في عذاب القبر :
    واعلم أن عذاب القبر وهو العذاب الحاصل في البرزخ أعني ما بين الموت والقيامة مما اتفق عليه المسلمون سلفا وخلفا ، وقال الغزالي في ج 6 ص 151 من إحياء العلوم في بيان سوء الخاتمة : فاعلم أن كل من أنكر عذاب القبر فهو مبتدع محجوب عن نور الله تعالى وعن نور القرآن ونور الإيمان ، بل الصحيح عند ذوي الأبصار ما صحت به الأخبار وهو أن القبر إما حفرة من حفر النار وإما روضة من رياض الجنة وأنه قد يفتح الى القبر المعذب سبعون بابا من الجحيم كما ورد في الأخبار فلا تفارقه روحه إلا وقد نزل به البلاء.
    ويدل عليه قوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ، يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) وهذا العطف يقتضي أن العرض على النار غدوا وعشيا غير العذاب بعد قيام الساعة فيكون في القبر.
    وذكر الصدوق (ره) في عقاب الأعمال في عقاب من صلى بغير وضوء ومر على مظلوم ضعيف ولم تنصره بإسناده عن صفوان بن مهران الجمّال عن الصادق عليه‌السلام قال : اقعد رجل من الأخيار في قبره فقيل له يا أبا خالد إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله فقال لا اطيقها فلم يزالوا حتى انتهوا الى جلدة واحدة فقالوا ليس منها فقال فبم تجلدوني قالوا إنك صليت يوما بغير وضوء ومررت على ضعيف فلم تنصره قال فجلدوه جلدة في عذاب الله فامتلأ وفي ج 3 من بحار الأنوار بإضافة قوله (قبره نارا).
    وقال المحقق الدواني في شرح العقائد العضدية : عذاب القبر للمؤمن والفاسق

    والكافر حق لقوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) وقوله تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ولقوله عليه‌السلام : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن الجنة وإن كان من أهل النار فمن النار فيقال هذا مقعدك حتى نبعثك يوم القيامة ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تنزّهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران.
    وروى الصدوق (ره) في الأماكن وغيره عن الصادق عليه‌السلام قال : من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا المعراج والمسألة في القبر والشفاعة.
    وروى الكليني في الكافي وغيره بأسانيد عديدة عن الصادق عليه‌السلام : أنه لا يسأل في القبر إلا من محّض الإيمان أو محّض الكفر محضا والآخرون يلهون عنهم.
    وقال الصدوق (ره) في رسالته العقائدية : اعتقادنا في المسألة في القبر أنها حق لا بد منها فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره وبجنة نعيم في الآخرة ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره وتصلية جحيم في الآخرة وأكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة وسوء الخلق والاستخفاف بالبول وأشد ما يكون عذاب القبر على المؤمن مثل اختلاج العين أو شرطة حجّام ويكون ذلك كفارة لما بقي عليه من الذنوب التي تكفرها الهموم والغموم والأمراض وشدة النزع عند الموت.
    القول في ضغطة القبر :
    واعلم أن الكلام في ضغطة القبر فهو كثوابه وعقابه اجماعي كما تقدم والذي يظهر من الأخبار المعتبرة في الباب أن ضغطة القبر تقع في البدن الأصلي وليست بعامة وإنما هي تابعة للسؤال فمن لم يسأل لم يضغط.
    وفي تفسير القمي عند قوله تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ،

    قال : البرزخ هو أمر بين أمرين وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة وهو رد من أنكر عذاب القبر والثواب والعقاب قبل يوم القيامة وهو قول الصادق عليه‌السلام : والله ما أخاف عليكم إلا البرزخ فأما إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم.
    وروى الصدوق (ره) وغيره عن الصادق عليه‌السلام قال : أتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل له إن سعد بن معاذ قد مات فقام رسول الله وقام أصحابه معه فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب فلما أن حنّط وكفّن وحمل على سريره تبعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا حذاء ولا رداء ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به الى القبر فنزل رسول الله حتى لحّده وسوّى اللبن عليه وجعل يقول ناولوني حجرا وناولوني ترابا رطبا ليسد به ما بين اللبن فلما أن فرغ وجثى التراب عليه وسوّى قبره قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إني لأعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه فلما أن سوّى التراب عليه قالت أم سعد يا سعد هنيئا لك الجنة فقال رسول الله يا أمّ سعد لا تجزين على ربك فإن سعدا قد أصابته ضمة قال فرجع رسول الله ورجع الناس فقالوا له يا رسول الله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على انك تبعت جنازته الى أن قال قلت ان سعدا قد أصابته ضمة قال فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعم انه كان في خلقه مع أهله سوء.
    وعن بشير النبال عن الصادق عليه‌السلام قال : خاطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبر سعد فمسحه بيده.
    وفي الكافي عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أيفلت من ضغطة القبر أحد قال فقال نعوذ بالله منها ما أقل من يفلت من ضغطة القبر.
    خبر فاطمة بنت اسد :
    روي عن شاذان بن جبرائيل في كتاب الفضائل وغيره لما ماتت فاطمة بنت

    اسد أم أمير المؤمنين أقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام باكيا فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يبكيك لا أبكى الله عينيك قال توفيت والدتي يا رسول الله قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل والدتي يا علي فقد كانت تجوّع أولادها وتشبعني وتشعث أولادها وتدهنني والله لقد كانت في دار أبي طالب نخلة فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط فإذا خرج بنو عمي ناولتني ذلك ثم نهضصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ في جهازها وكفّنها بقميصه وكان في تشييع جنازتها يرفع قدما ويتأنى في رفع الاخرى وهو حافي القدم فلما صلى عليها كبّر سبعين تكبيرة ثم لحدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن قام في قبرها ولقنها الشهادة فلما اهيل عليها التراب وأراد الانصراف جعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لها ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل ابنك ابنك علي بن أبي طالب قالوا يا رسول الله فعلت فعلا ما رأينا مثله قط مشيت حافي القدم وكبّرت سبعين تكبيرة ونومك في لحدها وقميصك عليها وقولك لها ابنك ابنك لا جعفر ولا عقيل فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أما التأني في وضع أقدامي ورفعها سبعون صفا من الملائكة فلكثرة ازدحام ، وأما تكبيري سبعين تكبيرة فإنها صلّى عليها سبعون صفا من الملائكة ، وأما نومي في لحدها فاني ذكرت في حال حياتها ضغطة القبر فقالت : وا ضعفاه فنمت في لحدها لأجل ذلك حتى كفيتها ذلك ، وأ ما تكفيني لها بقميصي فإني ذكرت لها في حياتها القيامة وحشر الناس عراة ، فقالت : وا سوأتاه فكفنتها لتقوم يوم القيامة مستورة ، وأما قولي لها : ابنك ابنك فانها لما نزل عليها الملكان وسألاها عن ربها ، فقالت : الله ربي ، وقالا : من نبيّك؟ قالت : محمد نبيي ، فقالا : من وليّك وإمامك فاستحيت أن تقول : ولدي ، فقلت لها : قولي ابنك عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فأقر الله بذلك عينها.
    ولاية آل محمد تفيد في القبر :
    وروى البرقي في المحاسن عن أبي بصير في الصحيح عن أحدهما عليه‌السلام قال : إذا مات العبد المؤمن دخل معه في قبره ست صور فيهن صورة أحسنهن وجها وأبهاهن هيئة وأطيبهن ريحا وأنظفهن صورة. قال : فتقف صورة عن يمينه

    واخرى عن يساره واخرى بين يديه واخرى خلفه واخرى عند رجليه وتقف التي هي أحسنهن فوق رأسه وإن أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه ثم كذلك إلى يؤتى من الجهات الست. قال أحسنهن صورة ومن أنتم جزاكم الله عني خيرا؟ فتقول التي عن يمين العبد أنا الصلاة وتقول التي عن يساره أنا الزكاة وتقول التي بين يديه أنا الصيام وتقول التي خلفه أنا الحج وتقول التي عند رجليه أنا بر من وصلت من إخوانك ثم من أنت أحسننا وجها؟ فتقول : أنا الولاية لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.
    في بيان محل الروح :
    واعلم في بيان محل الروح والجسد المثالي في عالم البرزخ هو الوادى السلام قد تقدمت جملة من الروايات في ذلك ومنها رواية حبة العرين عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال في جملتها : ما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه : الحقي بوادي السلام ، وهي النجف الأشرف ، وأنها لبقعة من جنة عدن ، ومرفوعة احمد بن عمير عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له أن أخي ببغداد وأخاف أن يموت بها. قال : ما تبالي حيث ما مات انه لا يبقى مؤمن في شرق الارض وغربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام ، فقلت له واين وادي السلام؟ قال : ظهر الكوفة أما كأني بهم خلق قعود يتحدثون.
    في فضل النجف الاشرف :
    في البحار ج 23 ص 350 برواية العلل مسندا عن أبي بصير عن الصادق قال : إن النجف كان جبلا وهو الذي قال ابن نوح : «سآوي إلى جبل يعصمني من الماء» ، ولم يكن على وجه الارض جبل أعظم منه ، فأوحى الله عزوجل إليه يا جبل أيعتصم بك مني؟ فتقطع قطعا قطعا إلى بلاد الشام وصار رمدا رقيقا ، وصار بعد ذلك بحرا عظيما ، وكان ذلك يسمونه نجف.

    وفي البحار عن كامل الزيارة في كتاب فضل الكوفة باسناده رفعه إلى عقبة بن علقمة أبي الحبوب قال : اشترى أمير المؤمنين عليه‌السلام ما بين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة. وفي حديث ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين بأربعين ألف درهم وأشهد على شرائه ، قال : فقيل له : يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا الحال وليس فيه نبت ، فقال : سمعت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : كوفان كوفان يرد أولها على آخرها يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.
    وفي الوسائل ج 3 ص 280 مسندا إلى صفوان عن الصادق عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الكوفة روضة من رياض الجنة فيها : قبر نوح وابراهيم وقبور ثلاثمائة نبي وسبعين نبيا وستمائة وصي وقبر سيد الأولياء أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه‌السلام.
    نقل الموتى الى النجف الأشرف :
    روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه أراد الخلوة بنفسه أتى إلى طرف الغري فبينما هو ذات يوم هناك يشرف على النجف وإذا برجل قد أقبل من البرية راكبا ناقة وقدّامه جنازة ، فحين رأى عليا قصده حتى وصل إليه وسلم عليه ، فرد عليه وقال له : من أين؟ قال : من اليمن ، قال : وما هذه الجنازة؟ قال : جنازة أبي أتيت لأدفنها في هذه الارض ، فقال له عليعليه‌السلام : لم لا دفنته في أرضكم؟ قال : أوصى أبي في ذلك وقال : أنه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، فقال له علي : أتعرف ذلك الرجل؟ قال : لا ، فقال عليه‌السلام : والله ذلك الرجل أنا قم فادفن أباك ، فقام فدفن أباه ، ومن فضل ذلك الحرم الشريف أن جميع المؤمنين يحشرون فيه.

    عقيدة الامامية الاثنى عشرية
    في الميزان
    اعلم أنه لا خلاف بين المسلمين في حقية الميزان ، وقد ذكرها الله في مواضع عديدة من القرآن الكريم قال الله تعالى في سورة الاعراف : (الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ). وقال تعال في الكهف : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) وفي الأنبياء : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) ، وفي المؤمنين : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) ، وفي القارعة : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ). والاخبار أيضا بهذا المضمون كثيرة ، وبالجملة فأصل الميزان مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه وإنكاره كفر.
    قال الخواجة (ره) في التجريد وسائر السمعيات من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب ممكنة دل السمع على ثبوتها فيجب التصديق بها. قال العلامة في شرحه أحوال القيامة من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب امور ممكنة وقد أخبر الله تعالى بوقوعها لكن اختلفوا في كيفية الميزان

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:36 am

    أنه من أساء منكم إساءة مشينا الى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال والله لا يدخل النار منكم رجل فتنافسوا في الدرجات واكمدوا عدوكم بالورع ، وفي البحار ج 15 صفحة 128 عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه قال قال رسول الله : إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عزوجل حكمنا فيها ، فأجابنا ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناه فوهبت لنا ، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من عفا وصفح.
    حب أهل البيت يكفر الذنوب :
    عن الرضا عليه‌السلام أيضا عن آبائه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات) وإن الله تعالى يتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلا ما كان منهم فيها على أضرار وظلم للمؤمنين فيقول للسيئات كوني حسنات.
    عن أبي اسامة زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اسمي في تلك الأسماء يعني في كتاب اصحاب اليمين قال نعم وعنه أيضا قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا زيد كم أتى لك سنة قلت كذا وكذا قال يا أبا أسامة أبشر فأنت معنا وأنت من شيعتنا أما ترضى أن تكون معنا قلت بلى يا سيدي فكيف لن أكون معكم فقال يا زيد ان الصراط إلينا وان الميزان إلينا وحساب شيعتنا إلينا والله يا زيد اني أرحم بكم من أنفسكم والله لكأني أنظر أليك وإلى الحرث بن مغيرة النضري في الجنة في درجة واحدة. الكنى والألقاب ج 1 صفحة 6.
    وفي الخصال في حديث الأربعمائة ، قال عليه‌السلام لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة.

    وفي تفسير القمي (ره) في قوله تعالى : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يشفع احد من انبياء الله ورسله حتى يأذن الله له إلا رسول الله فإن الله اذن له في الشفاعة قبل يوم القيامة ، والشفاعة له وللأئمة من ولده ، ثم من بعد ذلك للأنبياء.
    شفاعة السادات والعلويين يوم القيامة :
    في أمالي الصدوق (ره) وبشارة المصطفى عن ابي بصير عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فتغشاهم ظلمات شديدة فيضجون إلى ربهم ويقولون : يا رب اكشف منا هذه الظلمة ، قال : فيقبل قوم يمشي النور بين ايديهم قد اضاء ارض القيامة ، فيقول اهل الجمع : فهؤلاء ملائكة فيجيئهم النداء من عند الله ، ما هؤلاء بملائكة ، فيقول اهل الجمع : من انتم؟ فيقولون : نحن العلويون نحن ذرية محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحن اولاد علي وليّ الله نحن المخصوصون بكرامة الله نحن الآمنون المطمئنون فيجيئهم النداء من عند الله عزوجل اشفعوا في محبيكم وأهل مودتكم وشيعتكم فيشفعون. وفي عمدة الطالب قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل سبب ونسب وصهر منقطع إلا نسبي وصهري ، فإنه يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبهما ، وفيها أيضا عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، ما خلا سببي ونسبي ، كل قوم عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم.
    الكلام في فضائل السادات والعلويين :
    الآيات والروايات التي وردت في حق السادات بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) الكوثر.

    ذكر الفخر الرازي في تفسيره الكوثر أولاده عليهم‌السلام قالوا : لأن هذه السورة إنما نزلت ردا على من عابه عليه‌السلام بعدم الأولاد ، فالمعنى أنه يعطيه نسلا يبقون على مرّ الزمان ، فأنظر كم قتيل من أهل البيت ثم العالم ممتلى منهم ، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به ، ثم أنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم‌السلام ، والنفس الزكية وأمثالهم.
    وفي سورة الشورى آية 22 (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ).
    وذكر الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره في ذيل الآية روايات في فضائل الذرية والعلوية.
    ذكر الفيض الكاشاني في تفسير الآية : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) المراد من عبادنا العترة الطاهرة خاصة. واعلموا إنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ، وفي قوله : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) ، وفي قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) روض الجنان / 9 : 20.
    الأحاديث الواردة في فضائل السادات والعلويين :
    روى جلال الدين السيوطي في كتاب الجامع الصغير 1 ـ 42 وابن حجر المكي في الصواعق 170 ط 2 عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبياءه وأصفيائه.
    وذكر الشيخ الفقيه في كتابه الشهاب في الحكم والآداب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : اكرموا أولادي الصالحون لله والطالحون لي.

    وأيضا ذكر في جامع السعادات ج 2 / 214 عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكرموا ذريتي الصالح لله والطالح لي ، وذكر في جامع الانساب ناقلا عن سراج الانساب ص 4 قال رسول الله حقت شفاعتي لمن أعان ذريتي بيده ولسانه وماله.
    وروى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا ، المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم عند اضطرارهم والمحب لهم بقلبه ولسانه.
    وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا : اكرموا أولادي وحسنوا آدابي.
    وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا : اكرموا أولادي الصالحون لله والطالحون لي ، وفي جامع الأخبار فصل 102 روى ابن شيرويه في الفردوس عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في امورهم عند ما اضطروا إليه ، والمحب لهم بقلبه ولسانه ، ذكره العلامة المجلسي (ره) أيضا.
    أول من يدخل الجنة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة
    السادات والعلويين :
    في خصائص الوحي المبين في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام في تفسير الثعلبي باسناده عن عمر بن موسى عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم ، قال شكوت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسد الناس لي ، فقال : أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن ايماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا وشيعتنا خلف ذرياتنا.
    في كتاب حول الرؤية تأليف العلامة الخبير السيد شرف الدين ، عن النبي

    صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن لله عزوجل ثلاث حرمات ، فمن حفظهن حفظ الله دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله دنياه ولا آخرته ، حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي.
    في عيون الأخبار عن محمد بن الحسن الصفار عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قالعليه‌السلام : النظر إلى ذريتنا عبادة ، قلت : النظر إلى الأئمة منكم أو النظر إلى ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : بل النظر إلى جميع ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبادة ، ما لم يفارقوا منهاجه ولم يتلوثوا بالمعاصي الوسائل كتاب الحج آخر أبواب العترة.
    وأخرج أبو الشيخ من جملة حديث طويل ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيها الناس إن الفضل والشرف والمنزلة والولاية لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته فلا تذهبن بكم الأباطيل ، الصواعق المحرقة / 174.
    وأخرج الخطيب عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال من صنع صنيعة إلى أحد من خلف عبد المطلب في الدنيا فعلي مكافاته إذا لقيني.
    وفي جامع الأنساب للروضاتي الأصفهاني المعاصر ص 57 ، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيما رجل صنع إلى رجل من ولدي صنيعة فلم يكافه عليها ، فأنا المكافي له عليها ، وفي الامالي للشيخ الطوسي ـ 227 ط طهران 1313 ، ومن كتاب الفردوس عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أول من أشفع له يوم القيامة من امتي أهل بيتي ثم الأقرب فالأقرب.
    حديث غريب ذكره في مقدمة الصحيفة الشريفة السجادية ، قال الصادق عليه‌السلام : ما خرج ولا يخرج منا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحد ليدفع ظلما أو؟؟؟ نعش حقا إلا اضطلمته البلية ، وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا.

    كلمات اكابر العلماء في حق السادات والعلويين :
    باب الاعتقاد في العلوية ، قال الشيخ أبو جعفر : اعتقادنا في العلوية أنهم آل رسول الله ، وأن مودتهم واجبة لأنها أجر الرسالة ، قال الله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) والصدقة عليهم محرمة لأنها أوساخ ما في أيدي الناس ، واعتقادنا في المسيء منهم أن عليه ضعف العقاب ، وفي المحسن منهم أن له ضعف الثواب وبعضهم اكفاء بعض لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نظر إلى بني أبي طالب وعلي وجعفر الطيار قال : بناتنا كبنينا وبنونا كبناتنا ، وسئل الصادق عليه‌السلام عن آل محمد ، فقال : آل محمد من حرم على رسول الله نكاحه وقال الصدوق (ره) في أماليه : ومودة ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كانوا على منهاج آبائهم الطاهرين فريضة واجبة في أعناق العباد الى يوم القيامة ، وهو أجر النبوة لقول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، الامالي ص 38.
    وقال العلامة الحلي (ره) فيما قال لابنه فخر المحققين : وعليك بصلة الذرية العلوية ، فإن الله تعالى قد أكد الوصية فيهم وجعل مودتهم أجر الرسالة والإرشاد ، لقول الله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ، ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا ، رجل نصر ذريتي ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا ، وقال الصادق عليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فينصت الخلائق فيقوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة وأي معروف لنا بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق ، فيقول : بل من أكرم واحدا من أهل بيتي أو برّهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه ، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك فيأتي النداء من عند الله يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافاتهم

    إليك فأسكنهم في الجنة حيث شئت فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم.
    وذكر المحقق النراقي في جامع السعادات : يجب تخصيص الذرية العلوية بزيادة الإكرام والتعظيم ، قال رسول الله حقت شفاعتي لمن أعان ذريتي بيده ولسانه وماله ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربعة انا لهم شفيع يوم القيامة المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في أمورهم عند ما اضطروا إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكرموا اولادي ـ الصالحون لله والطالحون لي ، والأخبار في فضل السادات والعلويين وثواب من يكرمهم ويعينهم اكثر من ان تحصى.
    الاعتقاد في البعث بعد الموت :
    قال الصدوق (ره) اعتقادنا في البعث بعد الموت أنه حق ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بني عبد المطلب ان الرائد لا يكذب أهله والذي بعثني بالحق نبيّا لتموتنّ كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ، وما بعد الموت دار إلا الجنة والنار ، وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عزوجل كخلق نفس واحدة ذلك قوله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ).
    الاعتقاد في الوعد والوعيد :
    ان من وعد الله على عمل ثوابا فهو منجزه ، ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار ، إن عذبه فبعدله ، وإن عفى عنه فبفضله ، وما ربك بظلام للعبيد ، وقال عزوجل : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
    الاعتقاد فيما يكتب على العبد :
    قال الشيخ ابو جعفر اعتقادنا في ذلك أنه ما من عبد إلا وله ملكان موكلا عليه يكتبان عليه جميع أعماله ، ومن همّ بحسنة كتب له حسنة وإن عملها كتب

    له عشر حسنات ، فإن همّ بسيئة لم يكتب عليه حتى يعملها ، وإن عملها أجلّ سبع ساعات ، فإن تاب قبلها لم يكتب عليه ، وإن لم يتب كتب عليه سيئة واحدة ، والملكان يكتبان على العبد كل شيء حتى يكتبان النفخ في الرماد ، وقال الله : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ). ومرّ أمير المؤمنين عليه‌السلام برجل وهو يتكلم بفضول الكلام ، فقال له : يا هذا الرجل انك تملي علي ملكيك كتابا إلى ربك فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك ، وقال علي عليه‌السلام : الرجل المسلم يكتب محسنا ما دام ساكتا ، فإذا تكلم كتب إما محسنا أو مسيئا ، وموضع الملكين من ابن آدم الترقوان ، فإن صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وملكا النهار يكتبان عمل العبد في النهار ، وملكا الليل يكتبان عمل العبد في الليل.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في الاعراف
    وهو سور بين الجنة والنار وعليه رجال يعرفون كلا بسيماهم ، والرجال هم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوصيائه ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه ، وعند الاعراف المرجون لأمر الله ، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم كما قاله الصدوق (ره).
    الاعتقاد في العدل :
    قال الشيخ ابو جعفر (ره) : إن الله تبارك وتعالى أمرنا بالعدل وعاملنا هو بما فوقه وهو التفضل ، وذلك أنه عزوجل يقول : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) والعدل هو أن يثيب بالحسنة الحسنة ويعاقب على السيئة السيئة ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يدخل رجل الجنة بعمله إلا برحمة اللهعزوجل.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في العقبات التي على طريق المحشر
    الاعتقاد في ذلك أن هذه العقبات اسم كل عقبة منها اسم على حدة اسم فرض أو أمر أو نهي ، فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها الفرض ، وكان قد قصر في ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحق الله فيها ، فإن خرج منه بعمل صالح قدمه وبرحمة تداركه نجى منها إلى عقبة أخرى ، فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كل عقبة فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها ، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء فيحيا حياة لا موت فيها أبدا ، ويسعد سعادة لا شقاوة معها ، وسكن في جوار الله مع أنبيائه وحججه ، والصديقين والشهداء والصالحين من عباده ، وان حبس على عقبة فطولب بحق قصر فيه ، فلم ينجه عمل صالح ، ولا أدركته من الله تعالى رحمة زلت به قدمه عن العقبة فهوى في نار جهنم نعوذ بالله منها ، وهذه العقبات كلها على الصراط اسم عقبة منها.
    الولاية لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام يوقف جميع الخلائق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام وأولاده الاحد عشر عليهم‌السلام من بعده ، فمن أتى

    بها نجى وجاز ، ومن لم يأت بها بقي فهوى ، وذلك قول الله عزوجل : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) واسم عقبة منها المرصاد ، وهو قول الله عزوجل : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) ، ويقول الله عزوجل بعزتي وجلالي لا يجوز بي ظلم ظالم واسم عقبة منها الرحم واسم عقبة منها الأمانة واسم عقبة منها الصلاة واسم كل فرض أو أمر أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل عن كل واحد.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في الجنة ونعيمها والنار وعذابها
    القول في حقيقة الجنة والنار يجب الايمان بالجنة والنار الجسمانيتين على نحو ما تكاثرت به الآيات المتضافرة والأخبار المتواترة ، وذلك من ضروريات الدين لم يخالف فيه أحد من المسلمين ، ومن أنكر وجودهما كالملاحدة أو أولهما بما يأتي كبعض الفلاسفة ، فلا ريب في كفره ، والآيات التي وردت في ذكر الجنة في القرآن كثيرة (362) آية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) البقرة ، (وَقالُوا : لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ ، قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) آل عمران 3 ، (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ ، وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) 15 ، وقال تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) 133 ، وقال تعالى : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) وغير ذلك من الآيات.
    وأما الأخبار فقد ذكر في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام عن الهروي قال قلت للرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول الله عليه‌السلام أخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان

    فقال عليه‌السلام : نعم وإن رسول الله قد دخل الجنة لمّا عرج به الى السماء. قال فقلت له : فإن قوما يقولون إنهما اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين ، فقال عليه‌السلام : ما اولئك منّا ولا نحن منهم من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذّب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذّبنا وليس من ولايتنا على شيء وخلّد في نار جهنم ، قال الله عزوجل : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي الى السماء اخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحوّل ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت الى رائحة الجنة شمعت رائحة ابنتي فاطمة ، وفي البحار ج 8 ص 135 : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) الى جماعة سلام عليكم طبتم أي طابت مواليدكم لانه لا يدخل الجنة إلا طيّب المولد.
    وفي ثواب الأعمال عن الصادق عليه‌السلام قال : ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا ، وفي النار منزلا. فإذا سكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، نادى مناديا أهل الجنة اشرفوا فيشرفون على النار وترفع لهم منازلهم في النار ثم يقال لهم : هذه منازلكم التي لو عصيتم ربكم دخلتموها. قال : فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا لما صرف عنهم من العذاب ثم ينادون يا معشر أهل النار ارفعوا رءوسكم فانظروا الى منازلكم في الجنة فيرفعون رءوسهم فينظرون الى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم ، فيقال لهم : هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم دخلتموها. قال : فلو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار ذلك اليوم حزنا ، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء وهؤلاء منازل هؤلاء. وذلك قول الله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
    قال الصدوق (ره) اعتقادنا في الجنة :
    انها دار البقاء ودار السلامة لا موت فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا

    آفة ولا زوال ولا زمانة ولا همّ ولا غم ولا حاجة ولا فقر وإنها دار الغنى ودار السعادة ودار المقامة ودار الكرامة لا يمس اهلها نصب ولا يمسهم فيها لغوب لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وهم فيها خالدون ، وأنها دار أهلها جيران الله تعالى وأوليائه وأحبائه واهل كرامته وهم أنواع على مراتب منهم المتنعّمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة ملائكته ومنهم المتنعمون بأنواع المآكل والمشارب والفواكه والأرائك وحور العين واستخدام الولدان المخلدون والجلوس على النمارق والزرابي ولباس السندس كل منهم إنما يتلذذ بما يشتهي ويريد على حسب ما تعلقت همّته ويعطى من عند الله من أجله.
    قال الصدوق عليه‌السلام : إن الناس يعبدون الله على ثلاثة أصناف : صنف منهم يعبدون شوقا الى جنته ورجاء ثوابه ، فتلك عبادة الخدّام. وصنف منهم يعبدونه خوفا من ناره ، فتلك عبادة العبيد. وصنف منهم يعبدونه حبا له فتلك عبادة الكرام وهم الامناء ، وذلك قوله عزوجل : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ).
    الكلام في النار اعاذنا الله منها :
    الآيات والروايات المتواترة وردت فيها ـ الآيات ـ البقرة : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) 24. وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) 39. وقال : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ، قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ، بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ، وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) آل عمران. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) ، وغير ذلك من الآيات

    الكثيرة التي وردت في خصوص النار.
    وأما الأخبار التي وردت في خصوص النار فقد ذكر العلامة المجلسي (ره) في البحار ناقلا عن ثواب الأعمال والأمالي للصدوق (ره) عن ابن موسى عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن حفص بن غياث عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسقون من الحميم في الجحيم ينادون بالويل والثبور. يقول أهل النار بعضهم لبعض : ما بال هؤلاء الأربعة قد آذونا على ما بنا من الأذى ، فرجل معلق في تابوت من جمر ورجل يجرّ أمعاؤه ورجل يسيل فوه قيحا ودما ورجل يأكل لحمه. فقيل لصاحب التابوت : ما بال الأبعد؟ اي بعد من الخير ، قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول : إن الأبعد قد مات وفي عنقه أموال الناس لم يجد لها في نفسه اداء ولا وفاء. ثم يقال للذي يجر امعاؤه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول : إن الأبعد كان لا يبالي أين اصاب البول من جسده. ثم يقال للذي يسيل فوهه قيحا ودما ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ، فيقول : إن الأبعد كان يحاكى فينظر الى كل كلمة خبيثة فيسندها ويحاكي بها. ثم يقال للذي كان يأكل لحمه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول : إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة ، ويمشي بالنميمة. الصدوق (ره) ذكر في الخصال عن ماجيلويه عن محمد بن العطار عن الصادق عليه‌السلام قال : إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك في الدرك الأسفل من النار ، ومن العلماء من اذا وعظ أنف واذا وعظ عنف فذاك في الدرك الثاني من النار ، ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة والشرف ولا يرى له في المساكين فذاك في الدرك الثالث من النار ، ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين ، فان رد عليه شيء من قوله أو قصر في شيء من أمره غضب فذاك في الدرك

    الرابع من النار ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر علمه ، ويكثر به حديثه ، فذاك في الدرك الخامس من النار ، ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول ولعله لا يصيب حرفا واحدا والله لا يحب المتكلفين ، فذاك في الدرك السادس من النار ، ومن العلماء من يتخذ علمه مروة وعقلا ، فذاك في الدرك السابع من النار. وفي البحار ج 8 ص 311 ناقلا عن علي عليه‌السلام قال : إن في جهنم رحى تطحن خمسا أفلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له : وما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال : العلماء الفجرة والقراء الفسقة والجبابرة الظلمة والوزراء الخونة والعرفاء الكذبة (الخبر).
    وفي نهج البلاغة من عهد له عليه‌السلام الى محمد بن ابي بكر ، واحذروا نارا قعرها بعيد وحرها شديد وعذابها شديد وعذابها جديد. دار ليس فيها رحمة ولا تسمع فيها دعوة ولا تفرّج فيها كربة.
    قال الصدوق (ره) في العقائد : اعتقادنا في النار أنها دار الهوان ودار الانتقام من أهل الكفر والعصيان ، ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر والشرك. فأما المذنبون من أهل التوحيد فإنهم يخرجون منها بالرحمة التي تدركهم والشفاعة التي تنالهم. وروي أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها وإنما يصيبهم الآلام عند الخروج منها فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم ، وما الله بظلام للعبيد. وأهل النار هم المساكين حقا لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا ، وإن استطعموا أطعموا من الزقوم ، وإن استغاثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ، ينادون من مكان بعيد : ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، فيمسك الجواب عنهم أحيانا ، ثم قيل لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون ، ونادوا : يا مالك ليقض علينا ربك قال انكم ماكثون.

    وروي أنه يأمر الله عزوجل برجال الى النار ، فيقول لمالك : قل للنار لا تحرقي لهم أقداما، فقد كانوا يمشون الى المساجد ولا تحرقي لهم أيديا ، فقد كانوا يرفعونها إليّ بالدعاء ولا تحرقي لهم ألسنة فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن ولا تحرقي لهم وجوها ، فقد كانوا يسبغون الوضوء ، فيقول مالك : يا أشقياء فما كان حالكم فيقولون : كنا نعمل لغير الله ، فقيل لنا خذوا ثوابكم ممن عملتم له. ص 90 / 91. والأخبار التي وردت في المقام متواترة.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في نفي الغلو والتفويض
    ذكرنا في الجزء الأول من كتابنا عقائد الإمامية الاثنى عشرية ص 302 ان معنى الغلو عبارة عن حلول الله تعالى في كل شيء ، تعالى الله من ذلك يرون أن البدن واسطة الظهور ، وان الله نور لا يمكن وصفه ، وإنما برز للعيان بطريقة الحلول والاتحاد والكون والمكوّن واحد ، فهذه العقيدة عقيدة الكثيرين من غلاة التصوف ، ومن أبرز صفاتهم اعتقاد الحلول والاتحاد بواحد من الأئمة أو لعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام.
    قال الصدوق (ره) اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله جل اسمه ، وأنهم شر من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية من جميع أهل البدع والأهواء المضلة ، وأنه ما صغر الله جل جلاله تصغيرهم بشيء ، كما قال الله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) ، ثم يقول للناس : (كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). وقال عزوجل : (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) واعتقادنا في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سمم في غزوة خيبر ، فما زالت هذه الأكلة تعاوده حتى قطعت ابهره

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:39 am

    وانتقل إلى دار ربه ، وأمير المؤمنين عليه‌السلام قتله عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله ودفن بالغري ، والحسن بن علي عليه‌السلام سمته امرأته جعدة بنت الأشعث الكندي لعنهما الله فمات من ذلك ، والحسين بن علي قتل بكربلاء قاتله سنان بن انس أو شمر بن ذي الجوشن أو الخولي الاصبحي ، وعلي بن الحسين زين العابدين سمه الوليد ابن عبد الملك لعنه الله فقتله ، والباقر بن علي عليه‌السلام سمه ابراهيم بن الوليد لعنه الله والصادق عليه‌السلام سمه ابو جعفر المنصور الدوانيقي فقتله ، وموسى بن جعفر عليه‌السلام سمه هارون الرشيد فقتله ، والرضا علي بن موسى عليه‌السلام فقتله المأمون الرشيد بالسم ، وأبو جعفر محمد بن علي عليه‌السلام قتله المعتصم بالسم ، وعلي بن محمدعليه‌السلام قتله المتوكل بالسم ، والحسن بن علي العسكري عليه‌السلام قتله المعتمد بالسم. واعتقادنا ان ذلك جرى عليهم على الحقيقة وانه ما شبهه للناس أمرهم كما يزعمه من يتجاوز الحد فيهم من الناس ، بل شاهدوا قتلهم على الحقيقة والصحة لا على الحسبان والخيال ولا على الشك والتهمة ، فمن زعم انهم شبهوا او واحد منهم ، فليس من ديننا على شيء ونحن عنه براء ، وقد أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة انهم مقتولون ، فمن قال انهم لم يقتلوا فقد كذبهم ، ومن كذبهم فقد كذب الله عزوجل وكفر به وخرج به عن الإسلام ، ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين.
    وكان الرضا عليه‌السلام يقول في دعائه : اللهم إني أبرأ إليك من الحول والقوة ولا حول ولا قوة إلا بك اللهم إني أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نعلمه في أنفسنا اللهم لك الخلق ومنك الأمر وإياك نعبد وإياك نستعين اللهم أنت خالقنا وخالق آبائنا الأولين وآبائنا الآخرين اللهم لا تليق الربوبية إلا بك ولا تصلح الإلهية إلا لك ، فالعن النصارى الذين صغروا عظمتك ، والعن المضاهين لقولهم من بريئتك اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك ، لا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، اللهم من زعم ان لنا الخلق وعلينا الرزق ، فنحن إليك منه براء كبراءة عيسى بن مريم عن النصارى اللهم لم ندعهم إلى ما يزعمون فلا تؤاخذنا بما يقولون ، واغفر لنا ما يزعمون رب لا تذر على الأرض من

    الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا.
    واما التفويض :
    فقد روي عن زرارة انه قال : قلت للصادق عليه‌السلام : ان رجلا من ولد عبد الله بن سبأ يقول بالتفويض : فقال عليه‌السلام : ما التفويض؟ فقلت : يقول ان الله عزوجل خلق محمدا وعليا ثم فوّض الأمر إليهما فخلقا ورزقا وأحيا وأماتا ، فقال عليه‌السلام كذب عدو الله إذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ، قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بما قال الصادقعليه‌السلام ، فكأنما القمته حجرا ، فقال : وكأنما خرس ، وقد فوّض الله إلى نبيه امر دينه ، فقال عزوجل : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ، وقد فوض ذلك إلى الأئمة ، وعلامة المفوضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم إلى مشايخهم وعلمائهم القول بالتقصير ، وعلامة الحلاجية من الغلاة دعوى التجلي بالعبادة مع تدينهم بترك الصلاة وجميع الفرائض ودعوى المعرفة بأسماء الله العظمى ودعوى انطباع الحق لهم ، فان الولي إذا خلص وعرف مذهبهم فهو عندهم أفضل من الأنبياء ومن علامتهم أيضا دعوى علم الكيمياء ولا يعلمون منهم شيئا ، اللهم لا تجعلنا منهم والعنهم جميعا.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في الحوض ولواء الحمد
    في بيان الوسيلة واللواء والحوض ، وقد تواترت بذلك الأخبار من طرق العامة والخاصة ، بل كاد أن يكون من ضروريات الدين ، فالإيمان بذلك واجب لا سيما الحوض والكوثر والشفاعة الكبرى كما ذكرنا سابقا بحث الشفاعة مفصلا.
    وروى الصدوق (ره) في العيون عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد وهو سبعون شقة ، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر.
    وفي العلل عن السجاد عليه‌السلام عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنت أول من يدخل الجنة ، فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أدخلها قبلك! قال : نعم لأنك صاحب لوائي في الآخرة كما أنك صاحب لوائي في الدنيا وصاحب اللواء هو المتقدم ، ثم قال : يا علي كأني بك ، وقد دخلت الجنة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد تحته آدم فمن دونه.
    وفي بصائر الدرجات عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة وضع منبر يراه جميع الخلائق فيصعد عليه رجل فيقوم عن يمينه ملك وعن يساره ملك ينادي الذي عن يمينه يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب عليه‌السلام يدخل النار من يشاء.

    وفي تفسير العياشي عن محمد بن جعفر عن أبيه جعفر عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة ، ويجيء علي بن أبي طالب عليه‌السلام وبيده لواء الحمد فيرتقيه ويعلوه ويعرض الخلائق عليه ، فمن عرفه دخل الجنة ، ومن أنكره دخل النار ، وتفسير ذلك في كتاب الله : (قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ، قال هو والله امير المؤمنين عليه‌السلام علي بن أبي طالب.
    وروى العامة والخاصة بطرق عديدة في تفسير قوله تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) ان الخطاب لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام.
    قال الصدوق (ره) في العقائد : اعتقادنا في الحوض أنه حق وأن عرضه ما بين ايلة وصنعاء وهو للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن فيه من الأباريق عدد نجوم السماء ، وأن الساقي عليه يوم القيامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يسقي منه أوليائه ويذود عنه أعدائه ، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لتجلسن قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فانادي يا ربي أصحابي أصحابي ، فيقال لي انك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
    وروي الصدوق (ره) في الأمالي والعيون بإسناده عن آبائه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أنا له الله شفاعتي ، وفي الامالي عنه قال : يا علي أنت أخي ووزيري وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وأنت صاحب حوضي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ، وعنه قال : من أراد أن يتلخص من هول القيامة فليتول وليي ويتبع وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب عليه‌السلام فإنه صاحب حوضي يذود عنه أعداءه ويسقي أوليائه ، فمن لم يسقى منه لم يزل عطشانا ، ولم يرو أبدا ، ومن سقى منه شربة لم يشق ولم يظمأ أبدا ، وغير ذلك من الروايات التي في المقام.

    عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية
    في الامامة
    الإمامة هي الاصل الرابع في معتقدنا وهي اصل الخلاف بين الشيعة وسائر الطوائف الإسلامية.
    تعريف الامامة :
    تعتقد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية أن الإمامة رئاسة في الدين والدنيا ومنصب إلهي يختاره الله بسابق علمه ويأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يدل الامة عليه ويأمرهم باتباعه ، والإمام حافظ للدين وتعاليمه من التغيير والتبديل والتحريف ، وحيث ان الإسلام دين عام خالد كلّف به جميع عناصر البشر ، وتعاليمه فطرية أبدية أراد الله بقاءه إلى آخر الدنيا ، فلا بدّ أن ينصب الله إماما لحفظه في كل عصر وزمان لكي لا يتوجه نقض الغرض المستحيل على الحكيم تعالى ، ولأجله أمر الله نبيّه بأن ينص على علي عليه‌السلام بقوله : يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك ، وان لم تفعل فما بلغت رسالته إلى آخرها كما تقدم في الجزء الاول من كتابنا عقائد الإمامية الاثنى عشرية ص 72 ، ثم أحد عشر إماما من ولد علي ظاهرا مشهورا أو غائبا مستورا. وهذه سنة الله في جميع الأزمان في جميع الأنبياء من لدن آدم إلى خاتم الأنبياء صلّى الله عليهم أجمعين.

    وان البحث في الإمامة كالبحث في النبوّة عند الشيعة ، لا يجوز فيه تقليد الأجداد والآباء والزعماء ، وإنما يجب تمحيص الأمر على ضوء القواعد العقلية ليتم الإيمان بأن الإمام هو خليفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونائبه العام المتبع في حفظ نواميس الشريعة وإقامة كيان الملة والحافظ لقوانينها دينية كانت أو دنيوية.
    وذهب الإمامية إلى أن نصب الإمام واجب عقلا بخلاف بقية طوائف الإسلامية واستدلوا بأدلة عقلية بوجوه :
    الاول : ان عادة الله تعالى من آدم إلى خاتم الأنبياء أنه لم يقبض نبيّا حتى عين له خليفة ووصيا ، وجرت عادة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه متى سافر عين خليفة في المدينة ، وعلى هذا جرت طريقة الرؤساء والولاة ، فكيف تخلفت هذه السنة التي لن تجد لها تبديلا ، وهذه العادة التي لم يكن عنها تحويلا بالنسبة إلى خاتم الأنبياء المرسل الى هذه الامة المرحومة بأن يهملها ويتركها سدى ، هذا كله مع انقطاع شرائع الأنبياء والرسل وبقاء التكليف في الشريعة الإسلامية إلى يوم القيامة.
    الثاني : ان رتبة الإمامة كالنبوّة كما عرفت ، فكما لا يجوز للخلق تعيين نبي فكذا لا يجوز لهم تعيين إمام ، وأيضا العقول قاصرة والافهام حاسرة عن معرفة من يصلح لهذا المنصب العظيم والأمر الجسيم ، والوجدان يغن عن البيان ، فكم رأينا أهل العقل والحل والعقد اتفقوا على تعيين وال في بلد أو قرية أو حاكم ، ثم تبين لهم خطأهم في ذلك ، فغيروه وبدلوه ، فيكف تفي العقول الناقصة بتعيين رئيس عام على جميع الخلائق في أمور الدين والدنيا ، وأيضا العصمة شرط في الإمامة كما تقدم في بحث النبوة ، ويأتي وهي من الامور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا العالم بما في الضمائر والمطلع على ما في السرائر.
    الثالث : انه قد دل العقل والنقل على أنه يجب على الله أن يفعل بعباده ما هو الاصلح لهم ، ولا ريب انه لا يتم انتظام أمر المعاش والمعاد والدين والدنيا إلا بنصب رئيس ومعلم يرشد الناس إلى الحق عند اختلافهم وجهلهم ويردهم إليه

    عند اختصامهم ومجادلاتهم (والمراد من الوجوب درك العقل لا انه حاكم على الله تعالى).
    وقد ذكرت في الجزء الاول ص 89 انه قد عدّ سلطان المحققين الخواجه نصير الدين الطوسي شرائط الإمام إلى ثمانية :
    الاول : العصمة.
    الثاني : العلم بجميع ما تحتاج إليه الامة من أمور الدين والدنيا ، لأن الغرض منه لا يحصل بدون ذلك.
    الثالث : كونه أشجع الامة لدفع الفتن واستئصال أهل الباطل ونصرة الحق لأن فرار الرئيس يورث ضررا جسيما وو هنا عظيما بخلاف الرعية (ونعم ما قاله الفيلسوف الشيخ محمد حسين الاصفهاني في ارجوزته في مقام شجاعة علي عليه‌السلام) :
    سل خندقا وخيبرا وبدرا
    فإنها بما أقول أدرى

    سل أحدا وفيه بالنص الجلى
    نادى الأمين لا فتى إلا علي

    وبطشه هو العذاب الأكبر
    وكادت الأرض بها تدمّر

    الرابع : أن يكون أفضل من جميع رعاياه في جميع الصفات الكمالية كالشجاعة والسخاوة والمروة والكرم والعلم وسائر الصفات لئلا يلزم تقديم المفضول على الفاضل.
    الخامس : أن يكون مبرأ من العيوب الموجبة لنفرة الخلق في الخلق والخلق كالعمى والجذام والبرص والبخل والحرص وسوء الخلق ، والأصل كدناءة النسب والتولد من الزنا والصفات الدنية ، لمنافاتها للطف.
    السادس : أن يكون أزهد الناس وأطوعهم لله وأقربهم.
    السابع : أن تظهر منه المعاجز التي يعجز عنها غيره لتكون دليلا على إمامته.

    الثامن : أن تكون إمامته عامة غير منحصرة فيه لئلا يظهر الفساد ، وعلي ابن أبي طالب أمير المؤمنين عليه‌السلام حاو لجميع هذه الصفات بخلاف المشايخ الثلاثة.
    القول في إمامة علي بلا فصل صلوات الله عليه :
    ويدل عليه وجوه :
    الاول : ان الإمام يجب أن يكون معصوما ، ولا أحد ممن ادعى له الإمامة غير علي بمعصوم اتفاقا ، فلا أحد غير علي بإمام ، والمقدمة الاولى برهانية ، والثانية إجماعية.
    الثاني : ان الإمام يجب أن يكون حافظا للشرع ، عالما بجميع أحكام الله تعالى المودعة في كتابه لانقطاع الوحي بموت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقصور ما يفهمه الناس من الكتاب والسنة عن جميع الاحكام ، فلا بدّ من إمام منصوب من الله تعالى عالم لجميع أحكام الله تعالى منزه عن الزلل في الاعتقاد والقول والعمل ، وغير علي لم يكن كذلك إجماعا ، فتعين أن يكون هو الإمام.
    الثالث : ان الإمامة رئاسة عامة ، وإنما تستحق بأوصاف الزهد والعلم والعبادة والشجاعة والإيمان ، كما تقدم تحقيقه والجامع لهذه الصفات على الوجه الأكمل ، لم يلحقه غيره هو علي فيكون هو الإمام.
    الرابع : ان الإمام يجب أن يكون أفضل من جميع الرعية ، مما تقدم من العقل والنقل، وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام أفضل من الجميع مما تقدم ، فسيأتي في الجزء الثالث إنشاء الله ، فتعين أن يكون هو الإمام.
    لمعرفة الامام طرق ثلاثة :
    الأول : النص من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الإمام بعده ، كما نص نبينا الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خلافة علي بن أبي طالب عليه‌السلام في موارد عديدة قد تقدم جمل منها في الجزء

    الاول من كتابنا العقائد الإمامية ، وينشر بعضها في الجزء الثالث إنشاء الله ، ونص السابق على اللاحق كما يظهر في الأئمة الاثنى عشر ، وهذا الطريق أسهلها وأظهرها وأنسب بلطف الله بعباده.
    الثاني : المعجز المقرون بدعوى الإمامة ومعجزات علي في مواطن عديدة مشهورة في الآفاق ذكرها المخالف والموافق.
    الثالث : أفضليته من جميع الامة.
    الامام الاول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام :
    ولادته ، ولد يوم الجمعة ثالث عشر رجب الحرام بعد عام الفيل بثلاثين سنة. وكان مولده في البيت الحرام بمكة المكرمة ، قال الحاكم في المستدرك ج 3 ص 483 قد تواتر الأخبار ان فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة ، وقد وافقه على ذلك النص من افذاذ علماء أهل السنة شاه ولي الله احمد بن عبد الرحمن المحدث الدهلوي والد عبد العزيز في كتابه إزالة الخفاء ، قال : قد تواتر الأخبار ان فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليا في جوف الكعبة ، فإنه ولد يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ، ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده.
    الائمة الاثنى عشر أولهم أمير المؤمنين
    وآخرهم المهدي عليهما‌السلام :
    في صحيح مسلم في كتاب الإمارة ، روى بسندين عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش ، ورواه احمد بن حنبل أيضا في مسنده ج 5 ص 89 منتخب الأثر ناقلا عن كفاية الأثر احمد بن اسماعيل السليماني ومحمد بن عبد الله الشيباني عن محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك عن الحسن

    ابن محمد بن سماعة عن احمد بن الحرث عن المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : لما انزل الله تبارك وتعالى على نبيه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). قلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عرفنا الله ورسوله ، فمن اولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هم خلفائي وأئمة المسلمين بعدي اولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه عني السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ذلك الذي يفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه ، لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان (الخبر).

    خاتمة في علائم الظهور
    بناية كنيسة ومعبد اليهود في بلاد الاسلام
    وظهور راية عثمانية
    في كتاب اثبات الحجة وعلائم الظهور تأليف المؤلف ص 285 عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : إذا صاح الناقوس وكبر الكابوس وتكلم الجاموس فعند ذلك عجائب وأي عجائب أنار النار بنصيبين وظهرت راية عثمانية بواد سوداء وصباه كل قوم الى آخر ، وفي زماننا هذا / 1395 ظهرت بناية كنيسة ومعابد لليهود.
    ادعاء الناس التساوي في الأموال :
    في كتاب إثبات الحجة تأليف المؤلف ص 308 عن عبد العظيم الحسني المدفون في شاه عبد العظيم قرب طهران عاصمة ايران قلت لأبي عليه‌السلام حدثني بحديث قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فاذا تساووا هلكوا.
    من علائم الظهور تخريب قبور الأئمة وتمايل الناس
    الى مذهب المزدك وتبديل الألبسة الاسلامية :
    في كتاب فجائع الدهور عن عبد الوهاب الشعراني عن كميل بن زياد النخعي

    عن امير المؤمنين عليه‌السلام قال : ومن علائم الظهور خروج ابن الحسن من مكة ، وقتل رجل من اولاد فاطمة الزهراء عند جسر الكوفة وتغيير السنن النبوية وتخريب قبور الأئمة وسلطنة رجل طبري وأعني بها مازندران وتبديل الألبسة الاسلامية وتمايل الناس الى مذهب المزدك يعني الشيوعية.
    حلية العذوبة وترك التزويج :
    من كشكول الشيخ البهائي العاملي ج 3 ص 83 ناقلا عن كتاب التحصين وصفات العارفين ناقلا عن ابن مسعود عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من يفر من شاهق الى شاهق ومن حجر الى حجر كالثعلب بأشباله. قال : يا رسول الله متى ذلك الزمان؟ قال : اذا لم تنل المعيشة إلا لمعاصي الله عزوجل فعند ذلك حلت العزوبة. قال : يا رسول الله أما امرتنا بالتزويج؟ قال : بلى. ولكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يد أبويه ، فإن لم يكن له أبوان فهلاكه على يد زوجته وولده ، فإن لم يكن له زوجة وولد فهلاكه على يد قرابته وجيرانه. قالوا : وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال : يعيّرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق حتى يردونه موارد الهلكة.
    التلفزيون :
    في كتاب فضائل للشيخ الفاضل المعاصر الشيخ جواد مغنية عن الصادق عليه‌السلام يأتي زمان يسمع ويرى من في المشرق في المغرب. أشار بقوله الى الراديو والتلفزيون ، وقال في البحار ناقلا عن ابن مسكان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق يرى أخاه الذي في المغرب وهو بالمغرب يرى أخاه الذي في المشرق.
    اختراع الراديو :
    الوافي للفيض ص 109 عن أبي الربيع الشامي قال : سمعت أبا عبد الله عليه

    السلام يقول : إن قائمنا اذا قام مدّ الله شيعتنا في أسماءهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعوا وينظرون إليه وهو في مكانه.
    اختراع الطيارة :
    في كتاب اثبات الحجة وعلائم الظهور تأليف المؤلف ص 270 عن عبد الله الشعراني في باب امور تكوين الساعة أنه روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لتتصدنكم نار هي اليوم خامدة في واد يقال له برهوت (يعني أمريكا) تغشى الناس فيها عذاب أليم تأكل الأنفس والأموال تدور الدنيا كلها في ثمانية ايام تطير الريح والسحاب حرّها بالليل أشدّها من حرها بالنهار ولها بين السماء والأرض دويّ كدوي الرعد القاصف هي من رءوس الخلائق أدنى من العرش ، فقال حذيفة : يا رسول الله أسلمية هي على المؤمنين والمؤمنات؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأين المؤمنون والمؤمنات؟ الخبر.
    قتل العلماء :
    في رجال ابن داود قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتي على الناس زمان يقتل فيه العلماء كما يقتل فيه اللصوص يا ليت العلماء تحامقوا في ذلك الزمان.
    محب آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبقى :
    إكمال الدين للصدوق عن أبي بصير ومحمد بن مسلم قال سمعنا أبا عبد الله يقول : لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس. قلت : إذا ذهب ثلثا الناس فما بقي؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضون أن تكون الثلث الباقي؟
    الحرب العالمي الثالث وذهاب البشر
    الى كرة القمر وذهاب تسعة أعشار الناس :
    ذكر العلامة المجلسي في البحار ج 13 ص 167 عن ابن عقدة عن هشام عن

    زرارة قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : النداء حق؟ قال عليه‌السلام : اي والله حق يسمعه كل قوم بلسانهم ، وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس.
    أخذ أموال الناس بدون حق بعنوان تعديل الثروة :
    مجموعة ورّام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليأتينكم بعدي دنيا تأكل أموالكم كما تأكل النار الحطب.
    تقسيم الصين وهجوم دول اروبا عليها :
    في مناقب ابن شهرآشوب الساروي المازندراني (ره) إذا قسم الصين وتحرك المغربي وبويع السفياني اذن لوليّ الله. وقوله تحرك المغربي إشارة الى تنازع بينهما.
    منع العراق قفزها ودرهمها
    ورجوع الناس الى الجاهلية :
    في كتاب فتن ناقلا عن كتاب التفسير الجزء الرابع ص 25 ومجمع الزوائد قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم قفيز ولا درهم. قيل من أين؟ قال : من قبل العجم يمنعون ذلك ، ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينار ولا مذى ، قيل من أين ذلك؟ قال : من قبل الروم ، ومنعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها وعدتم من حيث بدأتم يعني يخرج الناس عن الدين فوجا فوجا.
    خروج العبيد عن طاعة ساداتهم وخروج
    الفلاح على المالك وعقد الجسر مما يلي الكرخ :
    ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد علامات من جملة العلامة احراق رجل عظيم

    القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام ببغداد وارتفاع ريح سوداء بها أول النهار وزلزلة حتى ينخسف كثير منها وخوف يشمل أهل العراق وبغداد وموت ذريع فيه ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وجراد يظهر في أوانه وغير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات وقلة ريح وسفك دماء كثيرة فيما بينهم وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم ومسخ القوم من أجل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير. وغلبة العبيد أي الفلاح على أملاك السادات يعني الإصلاح الزراعي.
    وقوع الحرب بين العرب والنصارى :
    مختصر التذكرة في باب ملاحم الروم ص 222 عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ستصالحكم الروم صلحا أمنا ثم تغزون أنتم وهم عدوا فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم تنصرفون حتى تنزلوا البرج ذي تلول فيرفع الرجل بين أهل الصليب الصليب فيقول غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه فيدفعه فعند ذلك يغزو الروم ويشجمون الملحمة فيأتون تحت ثمانين راية تحت كل راية اثنا عشر الفا وتثور المسلمين الى أسلحتهم فيقتلون فيكرم الله تعالى تلك العصابة بالشهادة.
    العساكر التي تقتل بين ابهر وزنجان :
    مناقب ابن شهرآشوب الجزء الثالث ص 403 قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الويل لأهل الدينور والويل لأهل اصفهان من جالوت عبد الله الحجام والويل لأهل العراق والويل لأهل الشام والويل لأهل مصر حتى ذكر العساكر التي تقتل بين حلوان والدينور والعساكر التي تقتل بين أبهر وزنجان وخروج السيد حسن من الديلم وطبرستان.
    من العلائم غاز مسيل في الحرب :
    مختصر التذكرة باب آيات عشرة ص 250 عن حذيفة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

    قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن من أشراط الساعة دخانا يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث في الأرض أربعين يوما فأما المؤمن فيصبه شبه الزكام وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من أنفه ومنخره وعينيه واذنيه ودبره.
    من العلائم في آخر الزمان
    ظهور رجال سفاكين للدماء :
    مجمع الزوائد الجزء السابع ص 326 عن رسول الله سيجيء في آخر الزمان أقوام تكون وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين أمثال الذئاب الضواري ليس في قلوبهم شيء من الرحمة سفاكين للدماء لا يرعون عن قبيح ان تابعتهم واروك وإن تواريت عنهم اغتابوك وإن حدثوك كذبوك الى أن قال : المؤمن فيهم وضيع والفاسق فيهم شريف السنة فيهم بدعة.
    اختراع الراديو :
    قوله تعالى في سورة ق : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ). في تفسير القمي قال : صيحته القائم من السماء وذلك يوم الخروج ، وفي تفسير الصافي تأليف فيض الكاشاني (ره) روي عن القمي ينادي المنادي باسم القائم واسم ابيه من مكان قريب بحيث محل الشاهد يصل نداءه في الكل على السواء ولا يمكن هذا إلا باستعمال الراديو والتلفزيون.
    خروج السيد الحسني صاحب
    طبرستان من الديلم جنب قزوين :
    في بحار الأنوار كتاب السماء والعالم ص 339 عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : يخرج الحسني صاحب طبرستان مع جم كثير من خيله ورجله حتى يأتي نيسابور فيفتحها ويقسّم أبوابها ثم يأتي اصفهان ثم الى قم فيقع

    بينه وبين أهل قم وقعة عظيمة يقتل فيها خلق كثير فينهزم أهل قم فينهب الحسني أموالهم ويسبي ذراريهم ونساءهم ويخرب دورهم فيفزع أهل قم الى جبل يقال له اردهار ، فيقيم الحسني ببلدهم أربعين يوما ويقتل منهم عشرين رجلا ويصلب منهم رجلين ويرحل عنهم.
    استخدام الكافر المسلم من جهة المعيشة :
    في كتاب نوائب الدهور ناقلا عن الملاحم والفتن ص 109 باسناده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ويباع الاحرار للجهد الذي يحل بهم يقرون بالعبودية الرجال والنساء ، ويستخدم المشركون المسلمين ويبيعوهم في الأمصار ، لا يتحاشى لذلك بر ولا فاجر يا حذيفة ، لا يزال ذلك البلاء على أهل ذلك الزمان حتى إذا آيسوا وقنطوا وساءوا الظن ألا يفرج عنهم إذ بعث الله رجلا من أطايب عترتي وابرار ذريتي عدلا مباركا زكيا لا يغادر مثقال ذرة يعز الله به الدين والقرآن والإسلام وأهله ، ويذل به الشرك وأهله إلى أن قال : يمحو الله به البدع كلها ، ويميت به الفتن كلها ، يفتح الله به باب حق ويغلق به كل باب باطل يرد الله به سير المسلمين حيث كانوا ، قلت : فسمّ لنا هذا العبد الذي اختاره الله لامتك وذريتك ، فقال : اسمه كاسمي.
    خراب مسجد براثا :
    الملاحم والفتن ص 106 عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : (لا تنكروا ذلك أي خراب مسجد المدينة) ، فإن هذا المسجد يعمر ، ولكن إذا هدم مسجد براثا بطل الحج ، قيل له : وأين مسجد براثا هذا؟ قال : في غربي الزوراء من أرض العراق ، صلى فيه سبعون نبيا ووصيا ، وآخر من يصلي فيه هذا ، وأشار بيده إلى مولانا علي بن أبي طالب عليه‌السلام.
    سيطرة النصارى واليهود على الاسلام :
    وأيضا فيه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضب لاتبعتموهم ، قال : وقلت :

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:42 am

    يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من اليهود والنصارى ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فمن إلا اليهود والنصارى.
    انتقال العلم من ظهر الكوفة النجف الى قم :
    في منتخب الأثر ص 443 عن بحار الأنوار كتاب تاريخ قم ، روى بأسانيد عن الصادق عليه‌السلام انه ذكر الكوفة ، وقال عليه‌السلام : ستخلو الكوفة من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية من حجرها ، ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم ، وتصير معدنا للعلم والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتى المخدرات في الحجال ، وذلك عند قرب ظهور قائمنا ، فيجعل الله قم وأهله قائمين مقام الحجة ، ولو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها ، ولم يبق في الأرض حجة فيفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب ، فيتم حجة الله على الخلق حتى لا يبقى أحد على الأرض ، لم يبلغ إليه الدين والعلم ثم يظهر القائم ويصير سببا لنقمة الله ولسخطه على العباد ، لأن الله تعالى لا ينتقم من العباد إلا بعد إنكارهم حجة.
    خروج الترك :
    ملاحم وفتن يعمر بن حماد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : للترك خرجتان : أحدهما يخرجون من آذربيجان ، والثانية يسرعون على نهر الفرات ، قال عبد الرحمن في حديثه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فيكون ذبح الله الأعظم لا ترك بعدها ، وأيضا فيه ص 28 باسناده عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا سمعتم بناس يأتون من قبل المشرق أولى دهاء يعجب الناس من ذيهم فقد اظلتكم الساعة.
    ابطال المزامير والأغاني :
    قرة العيون ومفرح القلوب تأليف الإمام أبي ليث السمرقندي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بعثت بإبطال المزامير ، وإن الله عزوجل لا ينظر في ليلة القدر إلى أصحاب المزامير.

    مشورة النساء وإمارة الصبيان :
    نهج البلاغة في باب المختار من حكمه عليه‌السلام (102) وقال يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلا الماحل ولا يظرف فيه إلا الفاجر ولا يضعف فيه إلا المنصف يعدون الصدقة فيه غرما وصلة الرحم منا والعبادة استطالة على الناس ، فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان.
    من العلائم ذهاب العلماء إلى أبواب الامراء :
    مجمع الزوائد جزء الخامس ص 246 عن رسول الله (ص) قال : سيكون بعدي سلطان الفتن على أبوابهم كمبارك الابل لا يعطون أحدا شيئا إلا أخذ من دينه مثله.
    عدم استجابة الدعاء في آخر الزمان :
    الجزء الخامس عشر من بحار الأنوار كتاب الكفر والإيمان ص 160 ناقلا عن كتاب الكافي باسناده عن الإمام الباقر عليه‌السلام عن رسول الله (ص) قال : إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة ، وإذا طفف المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص ، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها ، وإذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم والعدوان ، وإذا نقضوا العهد سلّط الله عليهم عدوّهم ، وإذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط الله عليهم شرارهم فيدعوا خيارهم فلا يستجاب لهم.
    أرزاق الخلائق بيد الحكومة :
    مجمع الزوائد الجزء الخامس ص 228 عن رسول الله (ص) قال : سيكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم يحدثونكم فيكذبون ويعملون ويسيئون العمل لا يرضون منكم

    حتى تحسنوا قبحهم وتصدقوا كذبهم فاعطوهم الحق ما رضوا به ، فإذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيد.
    انقطاع ماء الفرات :
    مختصر تذكرة القرطبي ص 243 عن رسول الله (ص) ، قال (ص) : يوشك الفرات أن ينحسر عن كنز من ذهب ، فلا يأخذ منه شيئا.
    تقارب مسافات بعيدة بين البلاد بواسطة وسائل نقلية اليوم :
    في كتاب نوائب الدهور ص 217 عن رسول الله تكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة أو الاسبوع والاسبوع كاليوم واليوم كالساعة والساعة كاحتراق السعفة أو لا قيمة لها.
    قادة النساء رئاسة النساء :
    مجمع الزوائد الجزء الخامس باب ملك النساء ص 209 عن رسول الله (ص) قال : لن يفلح قوم يملك رأيهم امرأة ، وقال (ص) أيضا : لا يقدس الله أمة قادتهم امرأة.
    تزين الرجال بزي النساء وتزين النساء بزي الرجال :
    سنن أبي داود جزء الرابع ص 86 عن رسول الله (ص) انه قال لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء.
    هجوم الكفار على المسلمين :
    سنن أبي داود ص 158 حديث 4297 عن رسول الله (ص) قال :

    يوشك الامم أن تداعى عليكم كما تداعى الاكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : وهل قلة نحن يومئذ قال (ص) بل أنتم يومئذ كثيرون (000 ، 000 ، 800 مليون نسمة) ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل وينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله (ص) وما الوهن؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت ، (انظر يا رسول الله كيف صار امتك أسراء وذليلين بين يدي الروسي والانكليزي والاميركي ، ما فرحنا بابليس كيف بولده ، وجاءت الصين الشعبية ويأجوج ومأجوج من ناحية أخرى).
    لا يبقى من الاسلام وأحكامه إلا لا إله إلا الله :
    مختصر التذكرة في باب ما جاء في اندراس الإسلام ص 248 عن حذيفة (ره) عن رسول الله (ص) قال : يندرس الإسلام كما يندرس وشى الثوب حتى لا يدرى لا صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة (من الزكاة والخمس) ويسرى على كتاب الله تعالى في ليلة ، فلا يبقى منه في الأرض آية ، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز فيقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقربها ، فقال له رجل اسمه صلة : فما تغن عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة وما صيام وما صدقة وما نسك فاعرض عنه حذيفة «الخبر».
    يكون المسلمون حيارى لا النصارى ولا اليهود :
    مختصر التذكرة في باب ذهاب العلم ورفعه ص 247 عن زياد بن لبيد روى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ذاك عند اوان ذهاب العلم قلت : يا رسول الله كيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرأ به أبناءنا ، ويقرأ به أبناؤنا لأبنائهم إلى يوم القيامة فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثكلتك امك يا زياد ان كنت لا أراك أفقه رجل بالمدينة ، أو ليس هؤلاء اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء منهما.

    ظهور الاشتراكية في البلاد الاسلامية :
    في كتاب فجائع الدهور عن عبد الوهاب الشعراني عن كميل بن زياد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ومن علائم الظهور خروج بني الحسن من مكة وقتل رجل فاطمي عند جسر الكوفة وتغيير سنن النبوية وتخريب قبور الأئمة وسلطنة رجل طبري وتبديل الألبسة الإسلامية وتمايل الناس إلى مذهب المزدك أي الاشتراكية.
    شيوع الاباحية والضوضوية في العالم :
    عن أبي هلال المصري استاد محي الدين ابن العربي قال :
    إذا حكم النصارى في الفروج
    وغالوا في البغال وفي الفروج

    وذلت دولة الإسلام طرا
    وصار الحكم في أيدي العلوج

    فقل للأعور الدّجال هذا
    زمانك ان عزمت على الخروج

    ترك التزويج في سنة 1180 هجرية :
    في تفسير روح البيان ج 1 ص 273 في تفسير الآية الشريفة اسكن انت وزوجك الجنة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أتى على أمتي مائة وثمانون سنة بعد الألف 1180 ، فقد حلّت العزوبة والعزلة والترهب على رءوس الجبال فتربية جرو خير من تربية الولد ، وأن تلد المرأة حية خير من أن تلد الولد.
    تعلم الرجل والمرأة العلم :
    مختصر التذكرة للشعراني عن ابن مسعود عن رسول الله (ص) قال : لا تقوم الساعة حتى يكون التسليم على الخاصة دون العامة وحتى تفشو التجارة وتعيب المرأة زوجها على التجارة وتقطع الارحام ويفشو العلم بين الرجل والمرأة يكونان متعلمين.

    خراج آذربيجان من طرف سوفياتي :
    في كتاب إثبات الحجة وعلائم الظهور تأليف المؤلف المطبوع في طهران سنة 1384 ق نقلت عن مناقب ابن شهرآشوب الساروي المازندراني (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قالعليه‌السلام : تخرب آذربيجان بسنابك الخيل الصواعق ، وهي أي الصواعق عبارة عن المدفع والاسلحة النارية من الطائرة والقنابل وآذربيجان إشارة إلى مدن إسلامية من قبيل بادكوبه وطنجه وشيروان وايروان ونخجوان ولنكران وقازقستان وتاشكند او تاشقند في أثر صدمات الحزب الاشتراكي سنة 1341 ق.
    انتقال العلم من النجف الى قم :
    وأيضا في كتاب إثبات الحجة وعلائم الظهور ص 315 عن الصادق عليه‌السلام في ذكر الكوفة إلى أن قال عليه‌السلام يظهر العلم ببلدة يقال لها قم فتصير معدنا للعلم والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين ، وذلك عند ظهور قائمنا فيجعل الله وأهله قائمين مقام الحجة لو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها.
    تخريب قباب الأئمة بالبنادق :
    ذكر الفاضل المعاصر شيخ عباسعلي الاصفهاني في كتابه علائم الظهور عن كتاب الحقائق لعبد الرءوف الشافعي المصري عن رسول الأعظم (ص) قال : يأتي على الناس زمان يخربون قباب الأئمة الاثنى عشر بالبنادق.
    كثرة النساء وقلة الرجال :
    مختصر التذكرة باب ذكر امور تكون بين يدي الساعة ص 243 عن رسول الله (ص) قال : ان من اشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل ويظهر الزنا وتكثر النساء وتقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد.

    من كثرة القتل يصير العراق محل الحرب
    كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام :
    مناقب ابن شهرآشوب جزء الثالث ص 431 سيخرب العراق بين رجلين يكثر بينهما الجريح والقتيل يعني طرليك والدويلم لكأني اشاهد به دماء ذوات الفروج بدماء أصحاب السروج ويل لأهل الزوراء (يعني بغداد من بني قنطورة) ومعنى طرليك ليس موجودا في كتب اللغة ، وأما دويلم تصغير ديلم ، ويمكن أن يكون قوله (ص) إشارة إلى حرب هلاكو مغول في بغداد في سنة 656 هجري.
    حرق الشام من ناحية الكفار
    ولبنان من ناحية اسرائيل :
    إلزام الناصب ص 209 ناقلا عن كتاب المنتظم في السر الأعظم تأليف محمد ابن طلحة الشافعي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة طويلة ، قال عليه‌السلام : سيحيط بالزوراء (أي بغداد) علج (يعني كافر) من بني قنطوراء (يعني هلاكو مغول) باشرار وأي اشرار وكفار وأي كفار قد سلبت الرحمة من قلوبهم وكلفهم ويذبحون الأبناء ويستحيون النساء ويطلبون شذاذ بني هاشم (أي بني العباس) إلى أن قال وتحرق نارهم الشام وسيهدمون حصون الشامات ويطيفون ببلادها الافات ، فلم يبق إلا دمشق ونواحيها وتراق الدماء بمشارفها واعاليها ، ثم يدخلونها وبعلبك بالأمان ، وتحل البلايا بنواحي لبنان فكم من قتيل بالقفر واسير بجانب النهر ، فهناك تسمع الأعوال وتصحب الأهوال إلى أن قال عليه‌السلام وعند ذلك صاحب الراية المحمدية والدولة الأحمدية القائم بالسيف الجال الصادق في المقال يمهد الأرض ويحيي السنة.

    قول أمير المؤمنين عليه‌السلام اشارة الى حرب الشام
    واسرائيل الكفار خذلهم الله في الدنيا والآخرة :
    الغيبة للشيخ الطوسي ص 283 قال أمير المؤمنين عليه‌السلام بين يدي القائم موت احمر وموت ابيض وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم ، فأما الموت الأحمر فالسيف ، وأما الموت الأبيض فالطاعون ، (محل الشاهد إذا اختلف رمحان بالشام فهو آية من آيات الله تعالى ، قيل ثم مه ، قال ثم رجفة تكون بالشام يهلك فيها مائة ألف يجعله الله رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين ، فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البرازين الشهب والرايات الصفر تقبل من المغرب.
    حرب الموصل :
    مناقب ابن شهرآشوب الجزء الثالث ص 431 قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة له : لكأني أرى منبت الشيخ (وهي أرض بين تكريت والموصل مقابل قلعة موصل) على ظاهر أهل الحصة الحصن قلعة قد وقعت به وقعتان يخسر فيها الفريقان يعني وقعة الموصل حتى سمي باب الاذان ، وويل للصين من ملابسة الإشراك يعني الاشتراكية.
    ظهور خلفاء بني العباس :
    الغيبة للنعماني باب غيبة الإمام ص 133 عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال عليه‌السلام : ملك بني العباس عسر لا يسر فيه دولتهم لو اجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند والبربر والطليان لم يزيلوه ولا يزالون يتمرغون ويتنعمون في غضارة من ملكهم حتى يشذ عنهم مواليهم وأصحاب ألويتهم ، ويسلط الله لهم علجا (يعني كافرا) من حيث بدء ملكهم (تأيس الحكومة من ناحية خراسان وهلاكتهم أيضا من ناحية خراسان هلاكو مغول) ويصفعليه‌السلام أوصاف هلاكو بقوله : لا يمر

    بمدينة إلا فتحها ولا ترفع له راية إلا هدّها ولا نعمة إلا أزالها الويل لمن ناواه فلا يزال كذلك حتى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي يقول بالحق ويعمل به.
    من علائم الظهور كثرة أولاد الزنا :
    الملاحم والفتن ص 81 نعيم بن حماد باسناده عن رسول الله (ص) ، قال : خروج الدابة بعد طلوع الشمس ويلد المؤمن فلا يموت حتى يتم أربعين سنة بعد خروج دابة الأرض ثم يعود فيهم الموت فيمكثون بذلك ما شاء الله ثم يسرع الموت في المؤمنين ، فلا يبقى مؤمن فيتهارجون في الطريق تهارج البهائم ، ثم يقوم أحدهم بامه واخته وابنته فينكحها في وسط الطريق يقوم عنها واحد وينزو عليها آخر لا ينكر ولا يغير فأفضلهم يومئذ من يقول لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن فيكون بذلك لا يبقى أحد من أولاد النكاح ، ويكون جميع أهل الأرض أولاد السفاح أي الزنا ، فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثم يعقم الله أرحام النساء ثلاثين سنة فلا تلد امرأة ، ولا يكون في الأرض طفل يكونون كلهم أولاد الزنا شرار الناس وعليهم تقوم الساعة.
    من العلائم تنقيص ماء النيل والفرات :
    في جامع الأخبار باب 34 قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقع موت العلماء لا يبقى الرجل بعد الرجل وفي الثلاثين ينقص النيل والفرات حتى لا يزرع النيل على شطها.
    معادن ارض المسلمين تكون بيد الكفار
    امريكا والروس وبريطانيا :
    في مجمع الزوائد الجزء السابع باب أمارات الساعة ص 331 عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تظهر معادن كثيرة لا يسكنها إلا أراذل الناس.

    أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة :
    مجمع الزوائد باب عمال السوء عن رسول الله (ص) قال : يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة فمن أدرك ذلك الزمان منكم فلا يكون جابيا ولا عريفا ولا شرطيا.
    من العلائم ظهور عشر آيات :
    مختصر التذكرة للقرطبي باب آيات عشر قبل قيام الحجة (ع) ص 248 عن حذيفة عن رسول الله (ص) قال : انكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات أولها طلوع الشمس من مغربها ثم الدخان ثم الدجال ثم الدابة ثم ثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وخروج عيسى وخروج يأجوج ومأجوج ويكون آخر ذلك نار تخرج من اليمن من قعر عدن لا تدع خلفها أحدا إلا تسوقه الى المحشر.
    لا يعرف العلماء إلا بثوب حسن :
    جامع الاخبار عن رسول الله (ص) قال : سيأتي زمان على امتي لا يعرفون العلماء إلا بثوب حسن ولا يعرفون القرآن إلا بصوت حسن ولا يعبدون الله إلا في شهر رمضان ، فإذا كان كذلك سلط الله عليهم سلطانا لا علم له ولا حلم له ولا رحم له.
    من العلائم الاسلحة النارية وقاذفات وطيارات :
    آية 65 سورة انعام (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).

    من العلائم تسلط الكفار على المسلمين :
    روضة الواعظين علي بن فتال النيسابوري عن رسول الله (ص) قال : إذا فشا فيكم خمس حل بكم خمس : إذا فشا فيكم الزنا كانت الزلزلة ، وإذا فشا فيكم الربا كان الخسف ، وإذا منعت الزكاة هلكت البهائم ، وإذا جار السلطان تحط المطر ، وإذا سلبت الذمة يعني العهد والأمان كانت الدولة للمشركين على المسلمين.
    وقال أيضا صاحب روضة الواعظين في ص 558 عن رسول الله (ص) قال : ان من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويفشو الزنا ويقل الرجال وتكثر النساء حتى أن الخمسين امرأة فيهن واحد من الرجال.
    قتل العلماء :
    وقال أيضا في ص 558 عن رسول الله يأتي على الناس زمان يقتل فيه العلماء كما يقتل اللصوص فيا ليت العلماء تحامقوا في ذلك الزمان.
    ظهور قوانين مجهولة في بلاد الاسلام :
    الإرشاد للديلمي إذا كانت فيكم خمس رميتم بخمس إذا أكلتم الربا رميتم بالخسف وإذا ظهر فيكم الزنا أخذتم بالموت وإذا جارت الحكام ماتت البهائم وإذا أظلم أهل الملّة ذهبت الدولة وإذا تركتم السنة ظهرت البدعة.
    محرمات قبل قيام القائم (ع) تكون حلالا
    وانتشار الاشتراكية في العالم :
    الإرشاد للديلمي طبع النجف في باب اشراط الساعة ص 81 خطب رسول الله

    (ص) فقال أصدق الحديث كتاب الله وأفضل الهدى هدى الله وشر الامور محدثاتها وكل بدعة ضلالة. فقام إليه رجل وقال يا رسول الله متى الساعة. فقال (ص) ما المسئول بأعلم من السائل بها لا تأتيكم إلا بغتة. فقال فأعلمنا اشراطها فقال لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل وتكثر الفتن ويظهر الهرج والمرج وتكثر فيكم الاهواء ويخرب العامر ويعم الخراب ويكون خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وتطلع الشمس من مغربها وتخرج الدابة ويظهر الدجال وينتشر يأجوج ومأجوج ، وهو إشارة الى ظهور الاشتراكية في العالم ، وينزل عيسى بن مريم. فهناك تأتي ريح من جهة اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا فيه مثقال ذرة من الايمان إلا قبضته ، وانه لا تقوم الساعة إلا على الاشرار ثم تأتي نار من قبل عدن تسوق ساير (يعني جميع من على الارض تحشرهم) فقالوا : فمتى يكون ذلك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا داهن قراؤكم أمراءكم وعظمتم أغنياءكم وأهنتم فقراءكم وظهر فيكم الغناء وفشا الزنا وعلا البنيان وتغنيتم بالقرآن وأظهر أهل الباطل على أهل الحق وقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واضيعت الصلوات واتبعت الشهوات وميل مع الهوى وقدم أمراء الجور فكانوا خونة والوزراء فسقة وظهر الحرص في القراء والنفاق في العلماء فعند ذلك ينزل بهم البلاء ، وتزخرف المساجد وتذهب تروّق المصاحف وتعلى المنابر وتكثر الصفوف وترفع الضجات في المساجد. فعند ذلك تنحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتل الناس عليه فيقتل من اعلاه تسعة وتسعون ويسلم واحد.
    في شهر رمضان ظهر في السماء آية :
    الملاحم والفتن ص 35 نعيم بن حماد باسناده عن عبد الوهاب بن ليث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : في رمضان آية في السماء كعمود ساطع وفي شوال البلاء وفي

    ذي القعدة المعمة يعني صوت المجاهدين ، وفي ذي الحجة ينتهي الحاج والمحرم وما المحرم.
    تنازع القبائل في شهر الربيع :
    الملاحم والفتن ص 35 أيضا عن نعيم بن حماد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : تكون آية في رمضان ثم تظهر عصابة في شوال ثم تكون معمعة في ذي القعدة ثم يسلب الحاج في ذي الحجة ثم تنتهك المحارم في المحرم ثم يكون الضرب في صفر ثم تنازع القبائل في شهري ربيع ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب.
    ابتلاء السادات والعلويين بالتشريد
    والابعاد عن الأوطان :
    الملاحم والفتن ص 42 نعيم بن حماد عن عبد الله عن رسول الله (ص) قال : إنا اهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وأن أهل بيتي هؤلاء يلقون بعدي بلاء وتطريدا وتشريدا حتى يأتي قوم من هاهنا نحو المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه مرتين أو ثلاثا فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سئلوا فلا يقتلونها حتى يدفعونها الى رجل من أهل بيتي فيملأ الأرض عدلا كما ملؤها ظلما فمن أدرك منكم فليأتهم ولو صبوا على الثلج فإنه المهدي.
    انقطاع الدرهم عن أهل العراق من قبل العجم :
    مجمع الزوائد ومنتخب كنز العمال وصحيح مسلم وصحيح الترمذي والملاحم والفتن ص 25 ناقلا عن تيسير عن رسول الله (ص) قال : يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم قفيز ولا درهم ، قيل : من أين؟ قال عليه‌السلام : من قبل العجم يمنعون ذلك ، ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينار ولا مدى ، قيل : من أين ذلك؟ قال : من قبل الروم ، ثم سكت هنيئة.

    قراءة القرآن في الراديو :
    محاضرة الابرار ومسامرة الأخيار تأليف محي الدين العربي جزء الثاني ص 155 باسناده يأتي على أمتي زمان تكثر فيه الآراء وتتبع فيه الأهواء ، ويتخذ القرآن مزامير ويوضع على ألحان الأغاني يقرأ بغير خشية ، لا يأجرهم الله على قراءته ، بل يلعنهم ، فعند ذلك تشهى النفوس إلى طيب الألحان ، فتذهب حلاوة القرآن اولئك لا نصيب لهم في الآخرة ، ويكثر الهرج والمرج وتخلع العرب اعنتها.
    وتكثر اللواط والمساحقة بين النساء
    واتخاذ النساء أندية الحرية :
    وتكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويتخذون ضرب القضيب فيما بينهم فلا ينكره منكر بل يتراضون به وهو من إحدى الكبائر الخفية ، فويل لهم من ديان يوم الدين لا تنالهم شفاعتي ، فمن رضى بذلك منهم ندم بذلك يوم القيامة ، وأنا منه بريء ، وعندها تتخذ النساء مجالس وتكون الجموع الكثيرة حتى ان المرأة تتكلم فيها مثل الرجال ، ويكون جموعهن لهوا ولعبا ، وفي غير مرضاة الله ، وهي من عجائب ذلك الزمان ، فإذا رأيتموهم فباينوهم واحذروهم في الله فإنهم حرب لله ولرسوله ، والله ورسوله منهم بريء.
    قصور وبنايات جنب قبر كميل بن زياد :
    في كتاب إثبات الحجة وعلائم الظهور تأليف المؤلف المطبوع في طهران 1344 ش ص 265 ناقلا عن سيد محمد علي بن سيد علي الموسوي الهمداني الأصل النجفي المولد عن كتاب روضة العلوية عن كميل بن زياد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال كميل : يا سيدي ان لي سؤالا معك والحياء يمنعني عن ذلك ، فقال عليه‌السلام : قل يا كميل ما تريد؟ قال : مجاورتي قبري بقربك ، وتوجه إليه فقال : يا كميل ان قبرك هنا ، فقال : يا سيدي انه بعيد عنك ، قال عليه‌السلام : كلا سيكون

    قريبا ، واعلم انه في آخر الزمان تحيط بقربك قصور وحدائق ، وفي كل قصر مصباح ومرآة ينظر بها البعيد والقريب ، وهي علامة قائمنا آل محمد (ص) وقوله (ص) مرآة إشارة إلى التلفزيون ، ما كانت قصور وبناية في جنب قبر كميل ، بل القصور والبنايات حدثت في تاريخ 1375 ق.
    موت خيار الناس :
    مجمع الزوائد الجزء الثامن ص 13 عن رسول الله (ص) قال : لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض فيبقى فيها عجاج لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا. الشريطة (الخيار) والعجاج أي الغوغاء والاراذل.
    غلبة الترك واستيلائه على ملك بني العباس :
    غيبة النعماني في باب علائم الظهور ص 147 عن الإمام الحسين شهيد كربلاء عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام ، ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس إلى أن قال : إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كرمان (كوفان خ د) والملتان وحاز جزيرة بني كاوان ، وقام قائم بجيلان (وهو السيد الحسني ويخرج من أطراف قزوين) واجابته الابر والديلم ، وظهرت لولدي رايات الترك (الاتراك خ د) متفرقات في الاقطار إذا خربت البصرة وقام امير الامراء بمصر وهلك الكافر ، ثم يقوم القائم المأمول والإمام المجهول له الشرف والفضل وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله يظهر بين الركنين ، والترك قبائل مختلفة منسوبة باوغوزخان وقره خان من اولاد منتسبة نسلا بعد نسل إلى ترك بن يافث بن نوح عليه‌السلام وقسم منهم سكنوا في منغوليا وقسم في شمال جبال التائي وأسسوا دولا في العالم حكومة قره خاني في شمال ايران وحكومة غزنوئين في افغان وبنجاب الهند وهما اسلما في قرن 11 ميلادي وقسم منهم سكنوا في تركستان آسيا الصغرى ، وحكومة سلاجقة وتركمان ، ويقال تتر وتاتار وعثمانية من سلسلة واحدة ، وأما تركستان منطقة في آسيا

    الوسطى ، اتحاد جماهير الشوروي في سنة 751 ميلادي اسلموا وهم على أقسام صين الشعبية كتركمنستان وعاصمتها عشق آباد وازبكستان وكازخستان وعددهم في العالم 000 ، 000 ، 700 سبعمائة مليون.
    اسلحة النارية وآلات الحرب الجديد :
    سورة الرعد آية 31 ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة او تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله ان الله لا يخلف الميعاد.
    في آخر الزمان بطن الأرض أحسن من ظهرها :
    مختصر تذكرة القرطبي في باب الدعاء ص 210 في حديث الترمذي عن رسول الله (ص) قال (ص) : إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأمركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها.
    ظهور عدة علامات في سؤال سلمان الفارسي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
    في تفسير علي بن ابراهيم القمي ص 627 في تفسير قوله تعالى : فقد جاء اشراطها باسناده عن ابن عباس في سفر حجة الوداع ، ونظر رسول الله (ص) إلينا وقال : ألا أخبركم باشراط الساعة ، وكان أدنى الناس يعني أقرب الناس يومئذ منه سلمان ، فقال سلمان : بلى يا رسول الله ، فقال : ان من اشراط القيامة : اضاعة الصلوات واتباع الشهوات والميل مع الأهواء ، وتعظيم أصحاب المال وبيع الدين بالدنيا ، فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء ، فما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغير ، قال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله (ص) قال : أي والذي نفسي بيده يا سلمان ان عندها يليهم أمراء

    جورة ووزراء فسقة وعرفاء ظلمة وأمناء خونة ، فقال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله ، قال رسول الله (ص) : نعم ان عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق ، فعندها إمارة النساء ومشاورة الاماء وقعود الصبيان على المنابر ، ويكون الكذب طرفا والزكاة مغرما والغنى مغنما ويجفو الرجل والديه ويبر صديقه ، ويطلع الكوكب المذنب كما خرج في هذا التاريخ 1393 ه‍ ، قال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله ، قال : أي والذي نفسي بيده وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ، فعندها يليهم أقوام ان تكلموا قتلوهم وان سكتوا استباحوهم ليتأثرن بفيئهم وليطؤن حرمتهم وليسفكن دماءهم ولتملأن قلوبهم دغلا ورعبا فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين (كامراء زماننا هذا) قال سلمان : ان هذا لكائن يا رسول الله ، قال (ص) : أي والذي نفسي بيده يا سلمان عندها يؤتى بشيء من المشرق (وهو إشارة بمجيء السوفيت) وبشيء من المغرب (وهو إشارة بدخول امريكا وانكليز). يلوّن أمتي فالويل لضعفاء أمتي منهم فالويل لهم من الله لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا ولا يتجافون عن شيء جثثهم جثث الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين ، قال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله ، قال : أي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها يكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية ، ويشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، ويركبن ذوات الفروج السروج فعليهم من أمتي لعنة الله ، قال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله قال (ص) : أي والذي نفسي بيده يا سلمان ، ان عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس وتحلى بالمصاحف وتطول المنارات وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة ، قال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله (ص) قال : أي والذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تحلى ذكور أمتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج ويتخذون جلود النمور صفافا ، قال سلمان : وان هذا

    لكائن يا رسول الله قال : أي والذي نفسي بيده يا سلمان ، فعندها يظهر الربا والرشا ويوضع الدين وترفع الدنيا ، قال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله قال (ص) : أي والذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يكثر الطلاق فلا يقام لله حد ولن يضر الله شيئا ، قال سلمان : وان هذا لكائن يا رسول الله ، قال : أي والذي نفسي بيده ، وعندها تظهر القينات والمعازف يعني الراقصات والمغنيات ويليهم اشرار أمتي ، وعندها يحج أغنياء امتي للنزهة ويحج اوساطها للتجارة ويحج فقرائها للرياء والسمعة ، ويكون أقواما يتعلمون القرآن ويتخذونها مزامير يعني يقرءون القرآن في الراديو ، ويكون أقواما يتفقهون لغير الله ويكثر اولاد الزنا يتغنون بالقرآن إلى أن قال ، وعندها يتكلم الرويبضة ، قال سلمان : وما الرويبضة يا رسول الله؟ فداك أبي وأمي ، قال : يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم من الأراذل والاوباش.
    موت الفجأة وظهور البواسير :
    في بحار الأنوار مجلد 13 ص 174 قال رسول الله (ص) : ظهور البواسير وموت الفجأة والجذام من اقتراب الساعة.
    من العلائم فقهاء الضلالة والرؤساء الكفرة :
    وفيه أيضا ص 176 عن كتاب مختصر حسن بن سليمان باسناده عن رسول الله (ص) في ضمن حديثه في ليلة المعراج ، قال الله تعالى مخاطبا لرسوله : وأعطيتك من صلبك أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول آخرهم يصلي خلفه عيسى بن مريم يملأ الأرض عدلا كما ملأت جورا وظلما ، انجى به من الهلكة وأهدى به من الضلالة وأبرأ به الأعمى وأشفي به المريض ، قلت إلهي فمتى يكون ذلك فأوحى إليّ عزوجل يكون إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقلّ العلماء وكثر الفتك وقلّ الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة وكثر

    الشعراء واتخذ امتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وامروا امتك به ونهوا عن المعروف واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء يعني يكون اللواط بين الرجال والمساحقة بين النساء دارجا ، وصارت الامراء يعني أولياء الامور كفرة وأوليائهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرأي منهم فسقة ، وعند ذلك ثلاث خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة على يدي رجل من ذريتك يخرج الدجال من سجستان (وهي معربة سيستان) ونار السفياني ، فقلت : إلهي وما يكون بعدي من الفتن ، فأوحى الله إليّ وخبرني ببلاء بني امية وفتنة ولد عمي يعني بني العباس ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأوصيت بذلك ابن عمي يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام حين هبطت إلى الأرض وأديت الرسالة فلله الحمد على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كل شيء وهو خالقه إلى يوم القيامة.
    من العلائم تخريب بعض البلاد :
    مناقب ابن شهرآشوب الساروي المازندراني (ره) الجزء الثالث ص 431 عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها) قال عليه‌السلام تخرب سمرقند وجاخ (وهي قرية جنب حمر الأسد من المدينة) وخوارزم وأصفهان والكوفة من الترك وهمدان والري من الديلم ، والطبرية وهي البحر الميت قريب بيت المقدس ، والمدينة وفارس بالقحط والجوع ومكة من الحبشة والبصرة والبلخ من الغرق والسند من الهند والهند من تبّت وتبّت من الصين ، يعني من جهة الاشتراكية ، وبدخشان وصاغاني ، وهي بلاد اليابان ، وبعض الشام بسنابك الخيل والقتل ويمكن قوله عليه‌السلام إشارة الى حرب اسرائيل والصهاينة ، عليهم لعائن الله ، وابتداء هذا الحرب من تاريخ 1949 ميلادي اسس هذا الحرب لإبادة المسلمين ،



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2   عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2 Emptyالأربعاء أكتوبر 30, 2024 6:44 am

    بمساندة أمريكا وانكليز خذلهما الله تعالى ، واليمن من الجراد وسجستان وبعض الشام بالزنج وشومان أي اليابان بالطاعون وهرات بالحيات وآذربايجان بسنابك الخيل والصواعق أي السوفيت وبخارا بالغرق والجوع وبغداد يصير عاليها سافلها.
    ظهور اختراعات كبيرة قبل قيام القائم عليه‌السلام :
    مجمع الزوائد الجزء السابع ص 326 عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تقوم الساعة يعني القيامة الصغرى ، حتى تزول الجبال عن أماكنها وترون الامور العظام التي لم تكونوا ترونها ، والمراد من قوله (ص) حتى تزول الجبال إشارة الى سكك الحديدية وثقب الجبال.
    ظهور الزنا والزلزلة :
    روضة الواعظين ص 559 عن رسول الله (ص) قال : اذا فشا فيكم خمس قل بكم خمس اذا فشا فيكم الزنا كانت الزلزلة واذا فشا فيكم الربا كان الخسف واذا منعت الزكاة هلكت البهائم واذا جار السلطان قحط المطر واذا حقّرت الذمة كانت الدولة للمشركين على المسلمين.
    ظهور سبعين علامة قبل قيام القائم عليه‌السلام :
    مسامرة الأبرار ومحاضرة الأخيار الجزء الثاني ص 14 في اشراط الساعة عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله (ص) قال (ص) : يا حذيفة قد ذهبت الدنيا أو كأنك بالدنيا لم تكن قلت فداك أبي وأمي فهل من علامة تتبدل بها على ذلك قال : نعم يا حذيفة احفظ بقلبك وانظر بعينيك واعقد بيديك ، اذا ضيعت أمتي الصلاة وأتبعت الشهوات وكثرت الخيانات وقلّت الأمانات وشربوا القهوات واتبعت الشهوات وأظلم الهوى وغار الماء وأغبرت الافق وخيفت الطرق وتشاتم الناس وفسدوا وفجرت الباعة ورفضت القناعة وساءت الظنون وتلاشت

    السنون وكثرت الأشجار وقلّت الثمار وغلّت الأسعار وكثرت الرياح وتبينت الاشراط وظهر اللواط واستحسنوا الخلف وضاقت المكاسب وقلت المطالب واستمروا بالهوى وتفاكهوا بشتم الآباء والامهات وأكل الربا وفشا الزنا وقل الرضا واستعملوا السفهاء وكثرت الخيانة وقلت الأمانة وذكّى كل امرئ نفسه وعمله واشتهر كل جاهل بجهله وزخرفت جدران الدور ورفع بناء القصور وصار الباطل حق والكذب صدقا والصحة عجزا واللوم عقلا والضلال هدى والبيان عمى والصمت بلاهة والعلم جهالة وكثرت الآيات وتتابعت العلامات وتراجموا بالظنون ودارت على الناس رحى المنون وعميت القلوب وغلب المنكر المعروف وذهب التواصل وكثرت التجارات واستحسنوا البطالات وتهادوا أنفسهم بالشهوات وتهاونوا بالمعضلات وركبوا جلود النمور وأكلوا المأثور ولبسوا الحبور وآثروا الدنيا على الآخرة وذهبت الرحمة من القلوب وعم الفساد واتخذوا كتاب الله لعبا ومال الله دولا واستحلوا الخمر بالنبيذ والفحش بالزكاة والربا بالبيع والحكم بالرشا وتكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء وصارت المباهاة في المعصية والكبر في القلوب والجور في السلاطين والسفاهة في سائر الناس فعند ذلك لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق الى شاهق ومن واد الى واد.
    وذهب الإسلام حتى لا يبقى إلا اسمه واندرس القرآن من القلوب حتى لا يبقى إلا رسمه يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم لا يعلمون بما فيه من وعد ربهم ووعيده وتحذيره وتنذيره وناسخه ومنسوخه فعند ذلك تكون مساجدهم عامرة وقلوبهم خالية من الإيمان ، علمائهم شرّ خلق الله على وجه الأرض منهم بدت الفتنة وإليهم تعود ويذهب الخير وأهله ويبقى الشر وأهله ويصير الناس بحيث لا يعبأ الله بشيء من أعمالهم قد صب إليهم الدنيا والدرهم حتى ان الغنى ليحدث نفسه بالفقر.
    ظهور القلانس :
    قرب الأسناد تأليف عبد الله بن جعفر الجزء الأول ص 41 عن رسول

    الله (ص) : اذا ظهرت القلانس المشتركة ظهر الزنا.
    ظهور الحرب العالمي وظهور القائم عليه‌السلام بعده :
    الملاحم والفتن ص 21 نعيم بن حماد باسناده عن رسول الله (ص) قال (ص) : يكون بعدي خلفاء وبعد الخلفاء أمراء وبعد الامراء ملوك وبعد الملوك جبابرة وبعد الجبابرة رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا ومن بعده القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه.
    ظهور الفتن قبل قيام القائم عليه‌السلام :
    الملاحم والفتن نعيم بن حماد باسناده عن رسول الله (ص) قال (ص) : لتأتينكم بعدي أربع فتن ، الاولى يستحل فيها الدماء والثانية يستحل فيها الدماء والأموال والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروخ والرابعة صما عميا مطبقة تمرمر السفينة في البحر حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ تطير بالشام وتغشى العراق.
    ظهور فتن سبعة :
    الملاحم والفتن ص 16 نعيم بن حماد باسناده عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله (ص) قال : احذركم بسبع فتن تكون بعدي ، فتنة تقبل من المدينة وفتنة بمكة وفتنة تقبل من اليمن وفتنة تقبل من الشام وفتنة تقبل من المشرق وهي فتنة السوفياتي وفتنة المغرب من امريكا والانكليز وفتنة من بطن الشام وهي فتنة السفياني وفتنة المدينة عبارة عن خلافة حدثت بعد وفاة النبي (ص) غصبوا خلافة علي بن أبي طالب عليه‌السلام.
    أسلم المواضع قصبة قم ورأس الجبل :
    في بحار الأنوار كتاب السماء والعالم ص 339 طبع أمين الضرب وسئل عن أمير

    المؤمنين عليه‌السلام فقال : أسلم المواضع يومئذ أرض الجبل فإذا اضطربت خراسان ووقع الحرب بين أهل جرجان وطبرستان وخربت سجستان ، فأسلم المواقع يومئذ قصبة قم تلك البلدة التي يخرج منها أنصار خير الناس أبا واما وجدا وجدة وعما وعمة تلك البلدة التي تسمى الزهراء بها موضع قدم جبرائيل وهو الموضع الذي نبع منه الماء الذي من شرب منه أمن من الداء ، ومن ذلك الماء عجن الطين الذي عمل منه كهيئة الطير ومنه يغتسل الرضا عليه‌السلام ومن ذلك الموضع يخرج كبش ابراهيم وعصى موسى وخاتم سليمان.
    غربة الاسلام وذلة المسلمين :
    صحيح الترمذي الجزء التاسع عن رسول الله (ص) قال : لا تقوم الساعة ، أي القيامة الصغرى ، حتى لا يقال في الأرض الله الله وهو كناية عن غربة الاسلام وذلة المسلمين.
    تشييد البنيان من مال الحرام وسب الرجل أباه
    واكرام المنافق وذلة المؤمن وشياع الزنا :
    في جامع الأخبار باب الرابع عشر من باب الملاحم ، روى جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (ص) فقال : اسمعوا اني قائل ما هو بعدي كائن فيبلغ شاهدكم غائبكم ثم بكى رسول الله (ص) حتى بكى الناس لبكائه أجمعون فلما سكت من بكائه قال : اعلموا رحمكم الله ان شككم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه الى أربعين ومائة سنة ثم يأتي من بعد ذلك شوك وورق الى مائتي سنة ثم يأتي من بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتى لا يرى إلا سلطان جائر أو غني بخيل أو عالم راغب في المال أو فقير كذاب أو شيخ فاجر أو صبي وقح أو امرأة رعناء ، ثم بكى رسول الله (ص) فقام سلمان الفارسي فقال : يا رسول الله أخبرني متى يكون ذلك فقال : يا سلمان اذا قلّت علماءكم وذهبت قراءكم وقطعت زكاتكم وأظهرتم منكراتكم وعلت أصواتكم في مساجدكم

    وجعلتم الدنيا فوق رءوسكم والعلم تحت أقدامكم والكذب حديثكم والغيبة فاكهتكم والحرام غنيمتكم لا يرحم كبيركم صغيركم ولا يوقر صغيركم كبيركم ، فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم ويجعل بأسكم بينكم وبقي الدين بينكم لفظا بألسنتكم ، فإذا رأيتم هذه الخصال توقعوا الريح الحمراء أو مسخا أو قذفا بالحجارة ، وتصديق ذلك في كتاب الله عزوجل قل هو القادر على أن يبعث عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض ، انظر كيف نصرّف الآيات لعلهم يفقهون ، فقام إليه جماعة من الصحابة فقالوا يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك فقال : عند تأخير الصلوات واتباع الشهوات وشتم الآباء والامهات حتى يرون الحرام مغنما والزكاة مغرما ، واطاع الرجل زوجته وجفاء جاره وقطع رحمه وذهبت رحمة الأكابر وقلّ حياء الأصاغر وشيدوا البنيان وحكموا بالجور ويسب الرجل أباه ويحسد الرجل أخاه ويعامل الشركاء بالخيانة وقلّ الوفاء وشاع الزنا وتزين الرجال بثياب النساء والنساء بثياب الرجال ، وذهبت عنهن قناع الحياء ، ودبّ الكبر في القلوب كدبيب السم في الابدان ، وقل المعروف وظهرت الجرائم وهونت العظائم وطلبوا المدح بالمال وأنفقوا المال بالغناء وشغلوا بالدنيا عن الآخرة وقلّ الورع وكثر الطمع والهرج والمرج وأصبح المؤمن ذليلا والمنافق عزيزا ، مساجدهم معمورة بالأذان وقلوبهم خالية من الايمان بما استخفوا بالقرآن وبلغ المؤمن عنهم بكل هوان ، فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين وكلامهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الحنظل فهم ذئاب وعليهم ثياب ما من يوم الخ. (الخبر).
    وهنا قد تم الكتاب (عقائد الإمامية الاثنى عشرية) بيد مؤلفه الفاني الحاج السيد ابراهيم بن السيد العارف الكامل صاحب الكشف والكرامة السيد ساجدين ابن سيد باقر الموسوي الزنجاني إمام الحرم المطهر وروضة علي بن أبي طالب عليه‌السلام في النجف الأشرف في بيت الفيلسوف الكبير الشيخ عبد الكريم الزنجاني قدّس

    سره بتاريخ يوم ولادة الإمام الحجة الإمام المنتظر 15 شعبان 1393 ، وهذا الكتاب يوجد في جميع مكتبات النجف الأشرف مثل مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام وآية الله السيد محسن الحكيم وآية الله الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء وآية الله البروجردي ومكتبة الجوادين في الكاظمية ومكتبة استان قدس في مشهد الرضا عليه‌السلام ومكتبة مكتب إسلام وحجتية وفيضية ودار التبليغ في قم وقزوين وزنجان وأبهر وهيدج واصفهان وكركوك وكربلاء في مكتبة الروضة العباسية ومكتبة الوجيه المحترم السيد محمد سعيد آل ثابت في كربلاء ومكتبة الشيخ الخلاني في بغداد وبحرين منامه المكتبة الإسلامية ومكتبة الزهراء في قطر ومكتبة لاهور في باكستان وغير ذلك من المكتبات.
    15 شعبان 1393 ابراهيم الموسوي الزنجاني

    الفهرس
    الاهداء 5
    المدخل 7
    التوحيد 9
    النبوة ، المعاد 10
    الإمامة ، العدل 11
    أدلة إثبات الصانع 12
    اعتراف علماء رياضيين بوجود الخالق 13
    اعتراف جان بوجود الله تعالى واعتراف هرشل 15
    النظر في احوال الكون 15
    الجاذبية العامة 17
    إقرار فلاسفة العالم بوجود الله 20
    لطيفة علم التشريح 21
    نظام الاجنة في الأرحام 23
    نظام الجسم الإنساني 23
    تشريح الاذن 24
    اعتراف الماديين بخالق الكون 30
    احصاء حركة أجزاء الجسم 34
    ابطال أقوال الماديين 35

    اجتماع الفلاسفة عند آنشتين الالماني 36
    اعتراف علماء النفس بوجود الصانع 41
    اعتراف ماركس بخالق الكون 42
    فكرة التوجه إلى الخالق متمركزة في الإنسان 43
    إثبات الصانع بعجائب مصنوعاته 44
    العلم والإيمان 48
    كيف حصل العقل من المادة 53
    احدث شكل لذرة الهليوم 57
    الكون الواسع يدل على وجود الخالق 58
    من الذي أوجد الحياة 59
    نظام الأكوان وما فيها من الاحكام والإتقان 61
    عظمة الكون 62
    الحياة الحيوانية والنباتية على وجه كرة الأرض تدل على وجود الخالق 63
    علم الجنين يحيل الصدف 65
    العلوم الرياضية تحيل الصدف 67
    أقوال الحكماء الإلهيون والفلاسفة الجدد في إثبات الله تعالى 67
    الرسول يحتج على الدهرية 68
    براهين أربعة على حدوث العالم 68
    علم النجوم والفيزياء يحيل أزلية المادة 71
    الإمام علي عليه‌السلام في براهين لفكرة الإله 73
    الإمام الصادق في محاورات 74
    الإمام الرضا عليه‌السلام مع الزنديق 77
    أعصاب المخ البشري تحيل الصدف 79
    الفطرة تدلنا على الكون 80
    في ماهيته تعالى في تأويل الصمد 81

    كلام الإمام الصادق عليه‌السلام مع الزنديق 84
    الوحي يحيل الصدف 87
    أول العبر الآيات الآفاقية 87
    الحكمة في بكاء الأطفال 89
    بكاء الأطفال دعاء للوالدين وإقرار بالتوحيد والرسالة 89
    أعضاء البدن والخالق 92
    من عجائب الصنع في الحيوان 96
    النجوم 96
    الله يتجلى في الكون من كل جهة 97
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في التوحيد 106
    عقيدة الإمامية في توحيد الذات والصفات 110
    التوحيد الذي يثبت به الإسلام 111
    الصفات الثبوتية 114
    الصفات السلبية 123
    العدل 127
    عقيدة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في الجبر والاختيار والتفويض 131
    بطلان الجبر 133
    القرآن ينفي الجبر 136
    بطلان التفويض 141
    الخير من الله تعالى والشر في نفس الإنسان 143
    عقيدة الإمامية في القضاء والقدر 144
    وجوب اللطف على الله تعالى 147
    عقيدة الإمامية في البداء 149
    عقيدة الشيعة في التكليف 150
    عقيدة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في النبوة 151

    في بيان اضطرار الناس إلى الرسول وخليفته 152
    فلسفة بعث الأنبياء 155
    عقيدة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في عصمة الأنبياء والأوصياء 157
    القرآن يدل على عصمة الأنبياء والأوصياء 158
    النبوة والعصمة 159
    النبوة وروح القدس 160
    اسناد السهو إلى النبي 161
    عدد الأنبياء 163
    عدد المرسلين 164
    أوصياء الأنبياء وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام وصي خاتم الأنبياء بلا فصل 164
    الكلام في النبوة الخاصة ونبوة محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله 168
    أشرف معجزات نبينا الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العلم والحكمة 169
    الحجة والرسالة والإمامة 170
    تاريخ ولادة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسفره إلى الشام ونشأته 171
    هل كان الرسول الأعظم أميا 174
    كلمات أكابر الغربيين والمستشرقين في حق نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم 176
    الدليل على نبوة خاتم الأنبياء 182
    عقيدة الإمامية في القرآن الكريم 188
    من دلائل اعجاز القرآن الآيات الكونية 189
    خلقة الإنسان 190
    معجزة القرآن ، ما هو النوم 196
    ما هو الحيوان 197
    شهادة الغربيين في القرآن 198
    عقيدة الشيعة في المعاد الجسماني والروحاني 205
    إثبات المعاد الجسماني بالأدلة العقلية 206

    شبهة الآكل والمأكول 212
    فلسفة المعاد 213
    اعتراف كبار علماء الفيزياويين بالمعاد والبعث ويوم القيامة 214
    القرآن يدل على نهاية الكون 221
    إجماع الأنبياء على وقوع المعاد 226
    إجماع المسلمين واليهود والنصارى على المعاد 227
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في الرجعة 228
    رجعة الأئمة عليهم‌السلام 238
    القول في الموت 241
    الكلام في ملك الموت وأعوانه 244
    القول في حضور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عند المحتضر 246
    القول في البرزخ وثواب القبر 248
    القول في عذاب القبر 251
    القول في ضغطة القبر 252
    ولاية آل محمد تفيد في القبر 254
    في فضل النجف الأشرف ونقل الموتى إلى النجف الأشرف 255
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في الميزان 257
    عقيدة الإمامية في الحساب والسؤال 260
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في مظالم العباد 263
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في السؤال عن الرسل والامم وتطائر الكتب وبعض احوال يوم القيامة 265
    أول من يسأل يوم القيامة هو محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقوله : قد خلفت علي بن أبي طالب عليه‌السلام 266
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في الصراط 270
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في الشفاعة يوم القيامة 273

    القرآن يثبت الشفاعة في الجملة 275
    الأخبار يثبت الشفاعة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وللأئمة الاثنى عشر ولبعض المؤمنين يوم القيامة 279
    شفاعة علي بن أبي طالب عليه‌السلام يوم القيامة 282
    شفاعة السادات والعلويين يوم القيامة 284
    الأحاديث الواردة في فضائل السادات والعلويين يجب على الخلائق احترامهم 285
    أول من يدخل الجنة بعد رسول الله والأئمة السادات والعلويون 286
    عقيدة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية وكلمات أكابر العلماء في حق السادات والعلويين 288
    الاعتقاد في البعث بعد الموت 289
    الاعتقاد فيما يكتب على العبد 289
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في الاعراف 291
    الاعتقاد في العدل 291
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في العقبات التي على طريق المحشر 292
    عقيدة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في الجنة ونعيمها والنار وعذابها 294
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في نفي الغلو والتفويض 300
    عقيدة الإمامية الاثنى عشرية في الحوض ولواء الحمد 303
    عقيدة الشيعة في الإمامة 305
    ولادة علي عليه‌السلام في جوف الكعبة 309
    أخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسماء الأئمة الاثنى عشر 309
    خاتمة في بعض علائم الظهور 311
    بناية كنيسة ومعبد لليهود في بلاد إسلامية 311
    اختراع راديو وتلفزيون 312
    انقطاع ماء الفرات من قبل الشام 320
    هجوم اسرائيل على المسلمين 320

    وانتقال العلم من النجف إلى قم 318
    وهجوم الكفار على المسلمين 320
    ظهور اختراعات كبيرة قبل قيام القائم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم 337
    اختلاط الرجال بالنساء 320
    تشبه الرجال بالنساء 320
    وتشبه النساء بالرجال 320
    وظهور حرب العالمية 339
    بناء قصور وبنايات في جنب قبر كميل بن زياد 331
    ابتلاء السادات والعلويين بالتشريد 330
    والإبعاد عن الأوطان 330
    قراءة القرآن في الراديو 331
    ظهور الاشتراكية والإباحية 322
    تخريب قباب الأئمة 323
    حرق الشام ولبنان 324
    حرب الموصل 325
    تسلط الكفار على المسلمين 328
    موت الفجأة 335
    ظهور سبعين علامة قبل قيام القائم 337
    ظهور الفتن 339

    مصادر البحث
    القرآن الكريم
    نهج البلاغة الإمام علي
    بحار الأنوار المجلسي
    إثبات الحجة وعلائم الظهور للمؤلف
    جامع السعادات للنراقي
    علل الشرائع للصدوق (ره)
    عقائد الإمامية للشيخ محمد رضا المظفر
    الكافي للكليني (ره)
    محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للشيخ خليل ياسين اللبناني
    وسائل الشيعة للحر العاملي
    تفسير علي بن ابراهيم للقمي
    باب الحادي عشر للعلامة الحلي
    صحيح مسلم وصحيح بخاري والمستدرك للحاكم النيسابوري
    شواهد التنزيل للحسكاني النيسابوري الحنفي
    تفسير الميزان لمحمد حسين الطباطبائي التبريزي
    الامالي للصدوق
    الخصال للصدوق
    الجامع الصغير. للسيوطي


    الاسفار الأربعة لفيلسوف الإسلام ملا صدرا الشيرازي
    مفاتيح الغيب لفيلسوف الإسلام ملا صدرا الشيرازي
    التكامل في الإسلام الاستاذ احمد امين
    شرح التجريد علامة الحلي قدس‌سره
    الجواهر التفسير الطنطاوي
    دروس الفلسفة الشيخ عبد الكريم الزنجاني
    عقائد الإمامية الاثنى عشرية الجزء الاول للمؤلف
    حاشية شرح تجريد للمؤلف
    جامع الانساب للمؤلف
    شرح احوال فلاسفة زنجان للمؤلف
    اصول الدين للمؤلف
    المعارف الإلهية للمؤلف
    الفوائد في الموضوعات المختلفة للمؤلف
    فلسفة ابن رشد للمؤلف
    فلسفة دكارت
    فلاسفة الشيعة شيخ عبد الله نعمة اللبناني
    منظومة السبزواري للحاج ملا هادي سبزواري
    الحوار للشيخ الفاضل الشيخ محمد صادقي
    حق اليقين للسيد شبر
    مناقب ابن شهرآشوب للمازندراني
    مختصر التذكرة للقرطبي
    مسامرة الأبرار محي الدين عربي
    الملاحم والفتن سيد ابن طاوس
    نوائب الدهور الاصفهاني
    علائم الظهور ناظم الإسلام الكرماني



    الغيبة للنعماني
    إلزام الناصب لليزدي
    الغيبة للطوسي
    علائم الظهور وفجائع الدهور للشيخ عباسعلي الاصفهاني
    تفسير روح البيان للشيخ اسماعيل حقي
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    عقائد الاماميه الاثنى عشر ج2
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 33- منتدى كتب العقائد والكلام-
    انتقل الى: