فقال : مه ! لا تقولوا لعمي زيد إلاّ خيراً ، رحم الله عمّي ، فلو ظفر لوفى
فقال كان في السحر قرع الباب ، ففتحت له الباب ، فدخل يشهق ويبكي ويقول :
ارحمني يا جعفر يرحمك الله ، ارضَ عنّي يا جعفر رضي الله عنك ، إغفر لي يا
جعفر غفر الله لك.
فقال الصادق عليهالسلام : غفر الله لك ورحمك ورضى عنك ، فما الخبر يا عمّ ؟
قال : نمت فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله داخلاً علَيَّ وعن يمينه الحسن ، وعن يساره
الحسين ، وفاطمة خلفه وعليّ أمامه ، وبيده حربة تلتهب التهاباً كأنّها نار وهو
يقول : إيهاً يا زيد ، آذيت رسول الله في جعفر ، والله لئن لم يرحمك ويغفر لك
ويرضى عنك لأرمينّك بهذه الحربة ، فلأضعها بين كتفيك ، ثمّ لاُخرجها من
صدرك ، فانتبهت فزعاً مرعوباً ، فصرت إليك فارحمني يرحمك الله.
فقال : رضى الله عنك ، وغفر الله لك ، أوصني فإنّك مقتول مصلوب محروق بالنار ،
فوصّى زيد بعياله وأولاده وقضاء الدين عنه » (1).
5 ـ هل أوامر المعصومين حجّة للرائي
بقي في المقام شيء ، وهو : إذا رأى غير المعصوم في منامه النبيّ أو أحد من
الأئمّة الهداة عليهالسلام ، وأمره بأمره أو نهاه عن شيء ، فهل يجب العمل به ، أو الكفّ
عمّا نهاه عنه ، أو لا يجيب ؟
قال المحدّث الخبير السيّد عبد الله شبّر : « ظاهر الحديث المذكور أنّه صلىاللهعليهوآله إذا
رؤي في النوم وأوجب على الرائي أمراً ، وحرّم عليه شيئاً ، يكون واجباً وحراماً
كما في اليقظة ، وفيه إشكال ، بل الظاهر أنّه لم يقل بذلك أحد من الأصحاب.
_________________________
(1) مناقب آل أبي طالب : 4 / 225.
وحكى المحدّث الشريف في شرح العيون عن الفاضل الصفدي بأنّه قال : « قد
تكلّم الفقهاء فيمن رأى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأمره بأمر هل يلزم العمل به أم لا ؟
قالوا : انّ أمره بما يوافق أمره يقظة ، فلا كلام فيه ، وإن أمره بما يخالف أمره
يقظة ، فإن قلنا إنّ من رآه صلىاللهعليهوآله على الوجه المنقول صفته ، فرؤياه حقّ ، فهذا من
قبيل تعارض الدليلين والعمل بأرجحهما ، وما ثبت في اليقظة فهو أرجح ،
فلا يلزمنا العمل بما أمره فيما خالف أمره يقظة.
قال : وقال العلاّمة طاب ثراه : يجوز العمل بما يسمع في المنام عن
النبيّ والأئمّة إذا لم يكن مخالفاً للإجماع ؛ لما روي من أنّ الشيطان
لا يتمثّل بصورتهم.
وحكى المحقّق البحراني : إنّ السيّد مهنّا بن سنان سأل العلاّمة رحمهالله فقال : ما
يقول سيّدنا فيمن رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامه أو بعض الأئمّة ، وهو يأمره بشيء
أو ينهاه عن شيء ، فهل يجب امتثال ما أمر به ، أو نهى عنه ، أم لا يجب ذلك مع ما
صحّ عن سيّدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : من رآني في منامه فقد راني ، فإنّ الشيطان
لا يتمثّل بي ، وغير ذلك من الأحاديث ؟
وما قولكم لو كان ما أمر به أو ما نهى عنه على خلاف ما في أيدي الناس من
ظاهر الشريعة ، هل بين الحالين فرق أم لا ؟ أفتنا في ذلك مبيّناً جعل الله كلّ
صعب عليك هيّناً.
فأجابه رحمهالله بما لفظة : أمّا ما يخالف الظاهر ، فلا ينبغي المصير إليه ، وأمّا يوافق
الظاهر فالأوْلى المتابعة من غير وجوب ؛ لأنّ رؤية صلىاللهعليهوآله لا تعطي وجوب
الاتّباع في المنام.
وحاصل جواب العلّامة رحمهالله أنّه وإن كان قد رآه في المنام ، إلاّ أنّه لم يقم دليل
على وجوب الإتّباع في الرؤية النوميّة ، وهو جيّد.
أمّا أوّلاً فلأنّ الأدلّة الدالّة على وجوب متابعتهم ، وأخذ الأحكام منهم عليهالسلام إنّما
تحمل على ما هو المعروف المتكرّر دائماً من الأفراد الشائعة التي ينصرف إليها
الإطلاق دون النادرة.
وأمّا ثانياً فلأنّ الرؤيا وإن كانت صادقة فإنّها قد تحتاج إلى تأويل وتفسير ،
وهو لا يعرفه ، فالحكم بوجوب العمل بها والحال كذلك مشكل.
وأمّا ثالثاً فلأنّ الأحكام الشرعيّة إنّما بنيت على العلوم الظاهرة لا على العلم
بأي وجه اتّفق ، ألا ترى أنّهم عليهالسلام إنّما يحكمون في الدعاوي والبيّنات
والأيمان ، وربّما عرفوا المحقّ من المبطل واقعاً ، وربّما عرفوا كفر المنافقين ،
وفسق الفاسقين ، ونجاسة بعض الأشياء بعلومهم المختصّة بهم ، إلاّ أنّ الظاهر
أنّهم ليسوا مأمورين بالعمل بتلك العلوم في الأحكام الشرعيّة ، بل إنّما يعملون
على ظاهر علوم الشريعة ، وقد روى عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : إنّا نحكم بالظاهر ، والله
المتولّي للسرائر »(1).
6 ـ هل علم التعبير من مختصّات النبيّ والإمام
إنّ من جملة الاُمور الغامضة والصعبة جدّاً هو مسألة تعبير الرؤيا وما يراه
النائم ، فقد لا يهتدي إلى ذلك كثير من الناس ، والعلّة في ذلك أنّ علم التعبير من
العلوم الإلهيّة التي علّم الله أنبياءه وأوصياءهم بإلهام منه إليهم أو بغير ذلك ممّا
خفي علينا.
كما علّم سيّدنا يوسف عليهالسلام لمّا أدخله الملك السجن بإلهام منه عزّ وجلّ.
وقد مرّ عليك الآيات في سورة يوسف قوله تعالى : ( وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ
وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) (2).
_________________________
(1) مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار : 2 / 14.
(2) يوسف 12 : 6.
وقوله تعالى : ( لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا
ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ) (1).
وقوله تعالى : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وقَالَ يَا أَبَتِ هٰذَا
تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً ) (2).
وقوله تعالى : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) (3).
قال الصادق عليهالسلام : « لمّا أمر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تأويل
الرؤيا ، فكان يعبّر لأهل السجن رؤياهم » (4).
وعلّم سبحانه وتعالى من قبل نبيّه يعقوب عليهالسلام ، حيث فسّر لولده يوسف ما رآه
في المنام ، ونهاه أن يقصّ رؤياه على إخوته.
وهكذا علّم الله نبيّه دانيال تأويل الأحاديث كما ورد عن الباقر عليهالسلام ، فعن جابر
الجعفي عنه عليهالسلام ، قال : « سألته عن تعبير الرؤيا عن دانيال هو صحيح ؟
قال : نعم ، كان يوحى إليه ، وكان نبيّاً ، وكان ممّا علّمه الله تأويل الأحاديث ، وكان
صدّيقاً حكيماً »(5).
وهكذا علّم نبيّه الخاتم صلىاللهعليهوآله ، وأخذ الإمام أمير المؤمنين وبقيّة المعصومين
هذا العلم منه صلىاللهعليهوآله ، وفسّروا كثيراً من المنامات لهم ولغيرهم ، كما فسّر النبيّ صلىاللهعليهوآله
كثير من مناماته ومنامات غيره.
وأمّا معرفة هذا العلم بالنسبة إلى غيرهم فهو وإن أمكن ذلك ، لكن من الصعب
جدّاً وصول الإنسان إلى هذا العلم بتمامه وكماله ، وعلى الخصوص معرفة إنسان
_________________________
(1) يوسف 12 : 37.
(2) يوسف 12 : 100.
(3) يوسف 12 : 101.
(4) و (5) دار السلام : 4 / 228.
غير عارف بطريقة النبيّ والإمام ، حيث يبعد غاية البعد أن يعرف الحقيقة كما
هي ، ويفسّر الرؤيا كما فسّره النبيّ والإمام.
قال العلاّمة المجلسي : « كان هذا العلم من معجزات الأنبياء
والأولياء ـ الأوصياء ـ وليس لغيرهم من ذلك إلاّ حظّ يسير لا يسمن ولا يغني
من جوع » (1).
نعم ، يفهم من بعض الروايات أنّه يمكن الوصول إلى هذا العلم ، لكن لا بدّ من
معرفة اُصول التعبير من الروايات والأحاديث الإسلاميّة المعتبرة ، أو من تشبيه
النبيّ في تفسيره لبعض المنامات بعض الأشياء ببعض ، أو من تطبيق النبيّ بعض
المنامات على بعض الآيات القرآنيّة ، أو غير ذلك ، لا أنّه يعبّر رؤيا أو رؤيا
الآخرين حسب ما تشتهيه نفسه أو ما يؤدّي إليه نظره.
ويفهم أيضاً من ردّ النبيّ تعبير عائشة لرؤيا بنت عميس أو ردّ الإمام
الصادق عليهالسلام لما أوّله أبو حنيفة ممّا رآه محمّد بن مسلم أنّهما أخطاءا في هذا
المورد إن لم نقل أنّهما لم يكونا أهلاً لتعبير الرؤيا.
فما روي عن ابن سيرين وغيره من المعبّرين ، فلا شكّ أنّه غير معتبر عندنا ؛
لأنّه لم يأخذ العلم عن أصله ، فهو وإن أصاب في تعبيره بعض المنامات ، ولكن
أخطأ في كثير منها. فلذلك نفى العلاّمة المجلسي بعد ما نقل عن بعض أهل
التعبير ، قال : « انتهى ما أخرجناه من كتبهم المعتبرة عندهم ، ولا يعتمد على
أكثرها ؛ لابتنائها على مناسبات خفيّة ، وأوهام رديّة ، والأخبار التي رووها
أكثرها غير ثابتة ، وقد جرت التجربة في كثير منها على خلاف ما ذكروه »(2).
فتخلّص : أنّه يمكن الوصول إلى ذلك بشكل ناقص ، لكن لا يصل إليه إلاّ
باتّباعهم والأخذ عنهم.
_________________________
(1) و (2) بحار الأنوار : 58 / 232.
7 ـ هل يمكن تفسير الرؤيا على أساس تأويل المعصومين
من المباحث المهمّة التي تهمّ الباحث للوصول إليها ، والتعرّف على اُصولها
وحدودها ، أن يفتح له نافذة ولو صغيرة ليعبّر ما يراه أو يرى غيره من الرؤى
والمنامات على أساس تأويل النبيّ والعترة الطاهرة من خلال الروايات أو بعض
المنامات التي رأوها أو رؤي في عصرهم وفسّروها ، حتّى تكون هذه الموارد
كقاعدة كليّة في هذا المجال.
أقول : يمكن ذلك بالنسبة إلى بعض الأشياء أو الأفراد أو الأماكن والموارد ،
لكن ليست هذه قاعدة كلّيّة حتّى تطبّق كلّ ما قيل على كلّ من رأى أو شاهد في
منامه شيئاً.
فمثلاً : إذا أطلقوا عليهالسلام كلمة كلّ إثر تفسير رؤيا لأحد من الناس حتّى يشمل
عموم الأشخاص والأفراد ، أو جاء التشبيه ببعض الأشياء بعضها الآخر في
تفسيرهم للرؤيا ، وهكذا لو استفيد من بعض الآيات القرآنيّة أو أماكن خاصّة أو
أشخاص معيّنين لتفسير رؤياهم أو رؤيا الآخرين.
كقول الصادق عليهالسلام لموسى الزوّار العطّار : « إنّ كلّ من عانق سمّى الحسين يزوره
إن شاء الله » ، وتفسيره القشر بكسوة اللّب ، وتطبيقة على ثوب الإنسان الذي هو
كسوة له ، أو الأمن الخوف فيمن رأى أنّه دخل الحرم ، أو من رأى معه قناة ، أو
تفسيره الغرّة البيضاء بالدين ، أو طلوع الشمس على الرأس بالأمر الجسيم ،
والنور الساطع ، أو طلوع الشمس على القدمين بالوصول إلى مال من نبات
الأرض ، أو شرب اللبن بالعلم ، وهكذا الحكم لو روى عنه صلىاللهعليهوآله قوله : من رأى ،
فإنّه يشمل الآخرين أيضاً ، كقوله صلىاللهعليهوآله : من رأى أنّه يشرب لبناً فهي الفطرة ، ومن
رأى أنّ عليه درعاً من حديد فهي حصانة دينه ، ومن رأى أنّه يبني بيتاً فهو عمل
يعمله ، ومن رأى أنّه غرق فهو في النار » (1).
8 ـ المصنّفون حول الرؤيا
صنّف جمع كثير من القدماء والمتأخّرين والمعاصرين حول الرؤيا والأحلام ،
وما جاء فيها من الأحاديث ، وقد جمع هذه الكتب في بعض الكتب الرجاليّة
والفهارس ، واحتفظ ببعضها في بعض المكتبات العامّة وإليك ما جاء ذكرهم في
كتاب الرجالي الكبير أحمد بن عليّ النجاشي ، وفهرست الشيخ الطوسي ،
والذريعة ، وغيرهم ، ما يلي :
1 ـ إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهالسلام : « سكن
مصر وولده بها ، وله كتب يرويها عن أبيه ، عن آبائه ، منها ... كتاب الرؤيا » (2).
2 ـ أحمد بن محمّد بن خالد بن عبد الرحمن البرقي أبو جعفر : « صنّف كتباً
منها ... كتاب تعبير الرؤيا (3).
3 ـ أحمد بن إصفهبذ أبو العبّاس القمّي الضرير المفسّر : « لا يُعرف له كتاب
إلاّ تعبير الرؤيا ، وقال قوم ، إنّه لأبي جعفر الكليني » (4).
4 ـ عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الأزدي البصري : « له
كتب قد ذكرها الناس ، منها ... كتاب الرؤيا « (5).
5 ـ عليّ بن محمّد بن العبّاس بن فسا بخس : « ... له كتب منها ... كتاب
_________________________
(1) دار السلام : 4 / 329.
(2) رجال النجاشي : 19.
(3) المصدر المتقدّم : 56. معالم العلماء : 11. الفهرست : 21.
(4) رجال النجاشي : 71.
(5) رجال النجاشي : 167 و170.
المنامات ، بخطّه » (1).
6 ـ محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي ، المعروف بالعيّاشي :
« ... صنّف كتباً منها ... كتاب الرؤيا » (2).
7 ـ محمّد بن إبراهيم بن سليم أبو الفضل الجعفي الكوفي ، المعروف
بالصابوني : « ... له كتب منها ... كتاب تعبير الرؤيا » (3).
8 ـ محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني : « ... له كتاب تعبير الرؤيا » (4).
9 ـ إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود الثقفي :
« ... وله تصنيفات كثيرة انتهى إلينا منها ... الرؤيا ... » (5).
10 ـ تعبير الرؤيا للمولى محمّدباقر بن محمّد تقيّ اللاهيجي المعاصر
للعلاّمة المجلسي (6).
11 ـ تعبير الرؤيا لبعض المتأخّرين (7).
12 ـ تعبير الرؤيا لبعض الأصحاب (
.
13 ـ تعبير الرؤيا للشيخ ابن سينا (9).
14 ـ تعبير الرؤيا للشيخ عبدالله بن سيرين (10).
15 ـ تعبير الرؤيا للمولى الأردكاني (11).
_________________________
(1) رجال النجاشي : 191.
(2) المصدر المتقدّم : 248.
(3) المصدر المتقدّم : 265.
(4) المصدر المتقدّم : 267.
(5) المصدر المتقدّم : 13.
(6 ـ 9) الذريعة : 4 / 207.
(10) المصدر المتقدّم : 208.
(11) و (2) الذريعة : 4 / 208.
16 ـ تعبير طيف الخيال للجزائري الشيرازي (1).
17 ـ الرؤيا الصادقة للسيّد محمّد جواد ابن السيّد محمّدرضا الخراساني (2).
18 ـ الرؤيا الصادقة لمحمّد حسن الكاشاني (3).
19 ـ تعبير الأحلام لمحمّد بن سيرين (4).
20 ـ تعبير خواب لحاج غلام عليّ البهاونگري (5).
21 ـ تعبير الرؤيا للسيّد شبّر بن محمّد بن ثنوان الموسوي (6).
22 ـ كامل التعبير لحبيش بن إبراهيم (7).
23 ـ منظومة في تعبير الرؤيا للفتّاحي النيسابوري (
.
24 ـ النهاية المرتضويّة للغفّاري البغدادي (9).
25 ـ تعبير الرؤيا للمولى الهروي (10).
26 ـ الآثار الرائعة في أسرار الواقعة للموصلي (11).
27 ـ الاُرجوزة في التعبير للمغافري (12).
_________________________
(1) الذريعة 4 / 208.
(2) و (3) الذريعة : 11 / 307.
(4) و (5) الذريعة : 4 / 206.
(6) الذريعة : 7 / 267.
(7) الذريعة : 17 / 253.
(
الذريعة : 23 / 97.
(9) الذريعة : 24 / 407.
(10) الذريعة : 26 / 211.
(11) و (12) دار السلام : 1 / 36.
28 ـ إيضاح التعبير للمقدسي (1).
29 ـ تحفة الملوك للسجستاني (2).
30 ـ التعبير لإسماعيل بن الأشعث (3).
31 ـ التعبير لابن المقرئ (4).
32 ـ تعبير القادري للدنيوري (5).
33 ـ التعبير المنيف للرومي (6).
34 ـ كتاب النوم والرؤيا للموصلي (7).
35 ـ تعبير النوم والرؤيا كاظم قاسم نيا (
.
36 ـ النوم والرؤيا لمحمّد مهدي عليخواه (9).
37 ـ الرؤيا من وجهة نظر الدين وعلم النفس لمحمّد رضوان طلب (10).
39 ـ بحث حول الرؤيا ومعرفة النفس لمحّمد رضا علومي (11).
40 ـ تعبير الرؤيا لوالديانوس (12).
41 ـ تعبير النوم والرؤيا لإسماعيل شبوعي (13).
42 ـ تعبير المنام لا بن سيرين ودانيال لأبي الفضل التفليسي (14).
43 ـ تفسير الأحكام الميمي بتقسيم الرؤيا لعبد الأمير الأنصاري (15).
44 ـ ترجمة قسم من كتاب تعبير الرؤيا لحسين بن عبدالله ابن سينا (16).
_________________________
(1 ـ 7) دار السلام 1 / 36.
(8 ـ 16) راجع مكتبة السيّد المرعشي النجفي قدسسره.
تقسّم الرؤيا والأحلام على أساس بعض الأحاديث الإسلاميّة إلى صادقة
وكاذبة ، وتحزين من الشيطان ، وبُنيت لهذه الأقسام الثلاثة علائم ومميّزات.
القسم الأوّل : الرؤيا الصادقة
وهي التي تكون بمثابة الرؤية في حالة اليقظة من صحّتها وصدقها وانطباقها
على الواقع ، وكان هذا ممّا يراه الأنبياء والأولياء والصلحاء وأهل الإيمان.كما
رأى ذلك إبراهيم خليل الرحمن ، ويوسف الصدّيق ، ونبيّنا محمّد بن
عبد الله صلىاللهعليهوآله ، حيث جاء التصريح بذلك في القرآن الكريم.
واُطلق على هذا القسم من الرؤيا بالبشرى ، وهو ما يراه المؤمن بحيث عدّ
هذا النوع من الرؤيا أنّها جزء من سبعين جزءً من النبوّة ، كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله (1).
علامات الرؤيا الصادقة
واُشير في بعض الأحاديث إلى علامات هذه الرؤيا ، منها :
_________________________
(1) بحار الأنوار : 58 / 176 و : 191 عن الصادق عليهالسلام. حلية المتّقين : 80.
1 ـ الصادقة من الملائكة ، والكاذبة من الجنّ
« سأل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام نصرانيّان : ما الفرق بين الرؤيا
الصادقة والرؤيا الكاذبة ومعدنها واحد ؟
فقال عليهالسلام : إنّ الله تعالى خلق الروح وجعلها لها سلطاناً ، فسلطانها النفس ، فإذا نام
العبد خرج الروح وبقي سلطانه ، فيمرّ به جيل من الملائكة وجيل من الجنّ ؛ فمهما كان
من الرؤيا الصادقة فمن الملائكة ، ومهما كان الرؤيا الكاذبة فمن الجنّ ، فأسلما
على يديه وقتلا معه يوم صفّين » (1).
2 ـ لا يراها إلاّ اُولو النهى
وفي كتاب الغايات : « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خياركم اُولو النهى.
قيل : يا رسول الله ، ومن اُولو النهى ؟
فقال : اولو النهى اُولو الأحلام الصادقة » (2).
3 ـ لا يراها إلاّ المؤمن
وعن عبادة بن الصامت ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى : ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ، قال : « هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو تُرى له ... » (3).
4 ـ إذا اقترب الزمان
وعن أبي هريرة ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا
المؤمن تكذب ، وأصدقهم رؤياً أصدقهم حديثاً » (4).
_________________________
(1) مناقب آل أبي طالب : 2 / 357.
(2) بحار الأنوار : 58 / 190.
(3) الدّار المنثور : 3 / 313.
(4) المصدر المتقدّم : 312.
5 ـ إذا رآها بعد الثلثين من الليل
قال الصادق عليهالسلام في جواب أبي بصير حينما سأله عن الرؤيا الصادقة
والكاذبة : « وأمّا الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من اليلل مع حلول الملائكة ـ وذلك قبل
السحر ـ فهي صادقة لا تختلف إن شاء الله ، إلاّ أن يكون جنباً أو يكون على غير طهر أو
لم يذكر الله عزّ وجلّ حقيقة ذكره » (1).
القسم الثاني : الأحلام الكاذبة
وهي التي تسمّي بأضغاث الأحلام ، فهذه الأحلام ممّا تشاهده النفس عند
استيلاء القوّة الشهويّة أو الغضبيّة ، فإنّ ذلك ممّا يحصل به الاُمور الشريرة باعتبار
الشخص في الاُمور الواقعة في العالم الجسماني باعتبار حصوله عن هذه النفس
الشيطانيّة ، وكذا لا يراه الإنسان من الاُمور المر تسمة في نفسه من القوّة المتخيّلة
والمتوهّمة ؛ لأنها صور لا حقائق لها ، وهاتان المرتبتان تقعان مع التعبير بحسب
ما تعبّران (2).
قال العلاّمة المجلسي في سبب المنامات الصادقة والكاذبة : « إعلم أنّ التي
تركبها المتخيلة قد تكون كاذبة وقد تكون صادقة ، أمّا الكاذبة فوقوعها على
ثلاثة أوجه :
الأوّل : أنّ الإنسان إذا أحسّ بشيء وبقيت صورة ذلك المحسوس في
خزائنه الخيال ، فعند النوم ترتسم تلك الصورة في الحسّ المشترك فتصير
مشاهدة المحسوس.
_________________________
(1) الكافي : 8 / 91.
(2) مجمع البحرين : 34.
والثاني : أنّ القوّة المفكّرة إذا ألقت صورة ارتسمت تلك الصورة في
الخيال ، ثمّ وقت النوم تنتقل إلى الحسّ المشترك فتصير محسوسة ، كما أنّ
الإنسان إذا تفكّر في الإنتقال من بلد إلى بلد في خطارة شيء أو خوف
عن شيء ، فإنّه يرى تلك الأحوال في النوم.
والثالث : أنّ مزاج الروح الحامل للقوّة المفكّرة إذا تغيّر فإنّه تتغيّر
أحوال القوّة المفكّرة ، ولهذا السبب فإنّ الذي يميل مزاجه إلى الحرارة يرى
في النوم النيران والحريق والدخان ، ومن مال مزاجه إلى البرودة يرى الثلوج ،
ومن مال مزاجه إلى الرطوبة يرى الأمطار ، ومن مال مزاجه إلى اليبوسة يرى
التراب والألوان المظلمة ، فهذه الأنواع الثلاثة لا عبرة بها البتّة ، بل
هي من قبيل أضغاث الأحلام » (1).
علامات الأحلام الكاذبة
1 ـ أن يراها في أوّل الليل
فمن علائم الأحلام الكاذبة أن يراها الإنسان في أوّل الليل ، كما عن أبي
بصير ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : « قلت لأبي عبدالله : جعلت فداك ، الرؤيا الصادقة
والكاذبة مخرجهما من موضع واحد ؟
قال : صدقت ، أمّا الكاذبة مختلفة ، فإنّ الرجل يراها في أوّل الليل في سلطان
المردة الفسقة ، وإنّما هي شيء يخيّل إلى الرجل ، وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها » (2).
2 ـ ما رآه روح المؤمن في الأرض
ومن علائم أضغاث الأحلام أيضاً أن يرى المؤمن ما يراه النائم على وجه
_________________________
(1) بحار الأنوار : 58 / 199.
(2) الكافي : 8 / 91.
الأرض ، كما رواه لنا الصدوق في مجالسه : بسنده عن محمّد بن القاسم
النوفلي ، قال : « قلت لأبي عبدالله الصادق عليهالسلام : المؤمن يرى الرؤيا فتكون كما
رآها ، وربّما رأى الرؤيا فلا تكون شيئاً.
فقال : إنّ المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء ،
فكلّما رآه روح المؤمن في ملكوت السماء في موضع التقدير والتدبير فهو الحقّ ،
وكلّما رآه في الأرض فهو أضغاث أحلام » (1).
3 ـ كثرة المنام
ومن علائم الأحلام الكاذبة ـ أيضاً ـ : كثرة النوم ، حيث قال الإمام الحسن
العسكري عليهالسلام : « من أكثر المنام رأى الأحلام » (2).
ومن أنّ الحلم من الشيطان كما قال به النبيّ صلىاللهعليهوآله (3) ثبت أنّ ما يراه النائم إثر كثرة
نومه دليل على كذبه.
القسم الثالث : تحزين من الشيطان
والقسم الأخير من المنامات ما يحزن الرائي ممّا يراه ثمّ يستيقظ من ذلك
فزعاً مرعوباً ، فهذا النوع من الرؤيا هو تخويف من الشيطان ، كما رواه عوف بن
مالك ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الرؤيا ثلاثة : منها تخويف من الشيطان ليحزن به
ابن آدم ، ومنها الأمر يحدّث به نفسه في اليقظة فيراه في المنام ، ومنها جزء من ستّة
وأربعين جزءً من النبوّة » (4).
_________________________
(1) أمالي الصدوق : 88. بحار الأنوار : 58 / 32.
(2) حياة الإمام العسكري : 154.
(3) بحار الأنوار : 58 / 191.
(4) الدرّ المنثور : 3 / 313. راجع حلية المتّقين : 80.
وعن ابن بابويه في كتاب التبصرة ـ مثل ما تقدّم ـ بسنده عن موسى بن
إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : « قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله : الرؤيا ثلاثة : بشرى من الله ، وتحزين من الشيطان ؛ والذي يحدّث به
الإنسان نفسه فيراه في منامه » (1).
وروى الكليني في الكافي ما يقرب منه هذا الحديث عن الصادق عليهالسلام ، إلاّ أنّه
قال فيه : « وتحذير من الشيطان » (2) بدل « تحزين ».
فلعلّ المراد من تحذير الشيطان أنّه يحذّر ويخوّف الناس ، وعلى الخصوص
المؤمنون عن ارتكاب الأعمال الصالحة.
والمراد من التحزين أيضاً أنّه يحزن أولياء الله وعباده المخلصين ، ويؤذيهم في
منامهم ، كما أقسم بعزّة الله أن يغوي الناس ، ولكن لمّا لم يكن له سبيل على
المخلصين فلا يرجع يده عن أذاهم. والشاهد على ذلك ما روي من أنّه تمثّل
بصورة حيّة وأراد صرف الإمام السجّاد عن صلاته ومناجاته ، ومنها ما ورد في
رؤيا السيّدة فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله ، وإليك ما نقل في هذا المجال :
روى القمّي في تفسيره في ذيل قوله تعالى : ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ الله وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (3)
حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « كان سبب نزول
هذه الآية أنّ فاطمة عليهاالسلام رأت في منامها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله همّ أن يخرج هو وفاطمة
وعليّ والحسن والحسين صلوات الله عليهم من المدينة ، فخرجوا حتّى جاوزوا حيطان
المدينة ، فعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات اليمين حتّى انتهى بهم إلى
_________________________
(1) بحار الأنوار : 58 / 191 ، عن الإمامة والتبصرة.
(2) الكافي : 8 / 90.
(3) المجادلة : 58 : 10.
موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله شاة كبرا ، وهي التي في أحد اُذنيها نقطة
بيض ، فأمر بذبحها. فلمّا أكلوا ماتوا في مكانهم.
فانتبهت فاطمة عليهاالسلام باكية ذعرة ، فلم تخبر رسول الله بذلك ، فلمّا أصبحت جاء
رسول الله صلىاللهعليهوآله بحمار فأركب عليه فاطمة وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن
والحسين عليهمالسلام من المدينة ـ كما رأيت فاطمة في نومها ـ فلمّا خرجوا من حيطان المدينة
عرض لهم طريقان ، وأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات اليمين ، كما رأت فاطمة ، حتّى انتهوا
إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله شاة كبراء ـ كما رأيت فاطمة ـ فأمر
بذبحها ، فذبحت وشويت ، فلمّا أرادوا أكلها قامت فاطمة عليهاالسلام وتنحّـت ناحية منهم
تبكي مخافة أو يموتوا.
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى وقع عليها وهي تبكي ، فقال : ما شأنك يا بنيّة ؟
قالت : يا رسول الله ، إنّي رأيت البارحة كذا وكذا في نومي ، وقد فعلت أنت كما
رأيت ، فتنحّيت عنكم لأن لا أراكم تموتون.
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله وصلّى ركعتين ثمّ ناجى ربّه ، فنزل جبرئيل ، فقال : يا محمّد ،
هذا شيطان يقال له « الدهاء » ، وهو الذي أرى فاطمة عليهاالسلام هذه الرؤيا ، ويؤذي
المؤمنين في نومهم ما يغتمّون به ، فأمر جبرئيل فجاء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال له :
أنت أريت فاطمة هذه الرؤيا ؟
فقال : نعم ، يا محمّد ، فبزق عليه ثلاث بزقات قبيحة في ثلاث مواضع.
ثمّ قال جبرئيل لمحمّد صلىاللهعليهوآله : يا محمّد ، إذا رأيت في منامك شيئاً تكرهه ، أو رأى
أحد من المؤمنين فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقرّبون ، وأنبياءه المرسلون ،
وعباده الصالحون ، من شرّ ما رأيت من رؤياي ، ويقرأ الحمد والمعوذتين ، و ( قُلْ هُوَ
اللهُ أَحَدٌ ) ، ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فإنّه لا يضرّه ما رأى » (1).
_________________________
(1) درر الأخبار : 2 / 270.
علل الرؤيا المفزعة والأحلام المرعبة
نجد كثيراً من الناس من يرى في المنام ما يفزعه بحيث يستيقظ وهو فزعاً
مرعوباً ، فلا يجد لرؤيته محملاً ليحمله عليه.
فبعض هذه المنامات ـ كما مرّ عليك ـ تحزين وأذى من الشياطين لعباد الله
المؤمنين ، فكما أنّه لا يترك البشر ، وخاصّة عباد الله المخلصين ، حتّى يؤذيهم ،
وإذا تمكّن يغويهم ويمنعهم عن عبادة الله ، فكذلك لا يتركهم حتّى في المنام ،
ليحزنهم على الأقلّ.
وبعضها الآخر تنبيه من الله جلّ شأنه على ما يفعله العبد من المعاصي ليحذر
من ذلك أو من تركه الواجبات ليقبل عليها.
روى المفيد في الإختصاص عن الصادق عليهالسلام : « إذا كان العبد على معصية الله
عزّ وجلّ ، وأراد الله به خيراً أراه في منامه رؤيا تروّعه ، فينزجر بها
عن تلك المعصية » (1).
وفي المحاسن : بسنده عن صفوان ، عن داود ، عن أخيه عبدالله ، قال :
« بعثني إنسان إلى أبي عبدالله عليهالسلام زعم أنّه يفزع في منامه من إمرأة تأتيه. قال :
فصحت حتّى سمع الجيران.
فقال : أبو عبدالله عليهالسلام : إذهب فقل له : إنّك لا تؤدّي الزكاة.
قال : بلى والله إنّي لأؤدّيها.
فقال : قل له : إن كنت تؤدّيها لا تؤدّيها إلى أهلها » (2).
وروي في الوسائل ما يقرب من هذا الحديث عن وليد بن صبيح ، قال : « قلت
_________________________
(1) الإختصاص : 241. درر الأخبار : 2 / 257.
(2) المحاسن : 87. بحار الأنوار : 58 / 159.
لأبي عبدالله عليهالسلام : إنّ شهاباً يقرؤك السلام ويقول لك : إنّه يصيبني فزع في منامي.
قال : قل له : فليزكّ ماله.
قال : فأبلغت شهاباً ذلك ، فقال : قل له : إنّ الصبيان ـ فضلاً عن الرجال ـ
ليعلمون أنّي اُزكّي مالي.
قال : فأبلغته.
فقال : أبو عبدالله : قل له : إنّك تخرجها ولا تضعها في مواضعها » (1).
إذا رأى الإنسان في منامه ما يكره
لقد مرّ عليك أنّ بعض الناس يرى في منامه ما يكره بحيث يخاف ويجزع ممّا
رآه ، فإذا كان كذلك ، فعليه أن يفعل بما اُمِر به في الروايات الصادرة عن
المعصومين ، فمنه :
1 ـ الإستعاذة من الشيطان الرجيم
روى ابن طاووس : بسنده عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله ، قال : « إذا
رأى الرجل في منامه ما يكره ، فليتحوّل عن شقّه الذي كان عليه نائماً وليقل : ( إِنَّمَا
النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ولَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) (2) ، ثمّ
يقول : أعوذ بما عاذت به الملائكة الله المقرّبون ، وأنبيائه المرسلون ، وعباد الله
الصالحون من شرّ ما رأيت ومن شرّ الشيطان الرجيم » (3).
2 ـ تسجد عقيب ما تستيقظ
وعن ابن فهد الحلّي لرفع الرؤيا المكروهة : « أن تسجد عقيب ما تستيقظ منها
_________________________
(1) وسائل الشيعة : 6 / 149.
(2) المجادلة : 58 : 10.
(3) فلاح السائل : 289. مستدرك الوسائل : 5 / 111.
بلا فصل ، وتثني على الله بما تيسّر لك من الثناء ، ثمّ تصلّي على محمّد وآل
محمّد ، وتتضرّع إلى الله تعالى ، وتسأله كفايتها ، وسلامة عاقبتها ، فإنّك لا ترى
أثراً بفضل الله ورحمته » (1).
3 ـ قرائة الحمد والمعوذتين و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ )
روى القمّي في تفسيره : بسنده عن أبي عبدالله ـ في حديث ـ أنّه قال جبرئيل
لمحمّد صلىاللهعليهوآله : قل ـ يا محمّد ـ إذا رأيت في منامك شيئاً تكرهه ، أو رأى أحد
من المؤمنين ، فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقرّبون ، وأنبيائه
المرسلون ، وعباده الصالحون ، من شرّ ما رأيت من رؤياي ، وتقرأ الحمد
والمعوذتين و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) » (2).
4 ـ يتفل عن يساره ثلاث مرّات
وعن ابن طاووس أيضاً : بسنده عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : « شكت فاطمة عليهاالسلام
إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ما تلقاه في المنام ، فقال لها : إذا رأيت شيئاً من ذلك فقولي : أعوذ
بما عاذت به ملائكة الله المقرّبون ، وأنبياء الله المرسلون ، وعباد الله الصالحون ، من
شرّ رؤياي التي أن تضرّني في ديني ودنياي ، واتفلي عن يسارك ثلاثاً » (3).
5 ـ لايحدّث بها أحداً
وعن أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي : بسنده عن الحارث بن ربعي ، قال :
« سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : الرؤيا الصالحة من الله... وإذا رأى رؤيا مكروهة
فليتفل عن يساره ثلاثاً ، ولتعوّذ من شرّ الشيطان ، ولا يحدّث بها أحداً ،
فإنّها تضرّه » (4).
_________________________
(1) و (2) مستدرك الوسائل : 5 / 113.
(3) مستدرك الوسائل : 5 / 112.
(4) المصدر المتقدّم : 113.
6 ـ الدعاء بالمأثور قبل النوم
روى الكليني عن العدّة : عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن
ميمون ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : « كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول :
اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الإحتلام ، ومن سوء الإلام ، وأن يلعب بي الشيطان
في اليقظة والمنام » (1).
_________________________
(1) الكافي : 2 / 536.
فسّر النبيّ والعترة الطاهرة كثير من المنامات التي رأوها بأنفسهم ، كما لم
يفسّروا بعضها الآخر ، وإليك ما فسّروه من مناماتهم :
منامات النبيّ صلىاللهعليهوآله
1 ـ رؤية النبيّ قبل غزوة اُحد
قال الواقدي : « فحدّثني محمّد بن صالح ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن
محمود بن لبيد ، قال : ظهر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أيّها النّاس ،
إنّي رأيت في منامي رؤيا ، كأنّي في درع حصينة ، ورأيت كأنّ سيفي ذا الفقار إنفصم
من عند ظبّته ، ورأيت بقراً تذبح كأنّي مردف كبشاً.
فقال الناس : يا رسول الله ، فما أوّلتها ؟
قال : أمّا الدرع الحصينة فالمدينة ، فامكثوا فيها ، وأمّا انفصام سيفي ظبّته فمصيبة
في نفسي ، وأمّا البقر المذبح فقتلى في أصحابي ، وأمّا أنّي مردف كبشاً ، فكبش
الكتيبة نقتله إن شاء الله ».
وقال أيضاً : وروي عن ابن عبّاس : أنّ رسول الله قال : أمّا انفصام سيفي فقتل
رجل من أهل بيتي ».
وقال أيضاً : « وروى المسوّر بن مخرمة ، قال : قال النبيّ : ورأيت في سيفي فلاًّ
فكرهته ، هو الذي أصاب وجهه عليهالسلام » (1).
2 ـ النبيّ يرى حمزة وجعفراً في المنام
وفي الدعوات للراوندي : عن ابن عبّاس ، قال : « قال لي النبيّ صلىاللهعليهوآله : رأيت فيما
يرى النائم عمّي حمزة بن عبدالمطلّب وأخي جعفر بن أبي طالب ، وبين أيديهما طبق
من نبق ، فأكلا ساعة ، فتحوّل النبق عنباً ، فأكلا ساعة ، فتحوّل العنب لهما رطباً ، فأكلا
الساعة ، فدنوت منهما فقلت لهما : بأبي أنتما ، أيّ الأعمال وجدتما أفضل ؟
قالا : فدينا بالآباء والاُمّهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك ، وسقي الماء ،
وحبّ عليّ بن أبي طالب » (2).
3 ـ النبيّ يفسّر رؤياه
وفي غوالي اللئالي : « قال رسول الله : بينا أنا نائم إذا اُتيت بقدح من لبن ، فشربت
منه حتّى أنّي لأرى الرّي يخرج من بين أظافيري.
قالوا : بما أوّلت ذلك يا رسول الله ؟
قال : العلم » (3).
4 ـ النبيّ يأكل الرطب في المنام
روي عن أنس ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنّا
في دار عقبة بن رافع ، فاُتينا برطب ابن طاب ، فأوّلت الرفعة لنا في الدنيا ، والعاقبة
_________________________
(1) شرح نهج البلاغة : 14 / 221.
(2) الدعوات / الراوندي : 90. كشف الغمّة : 1 / 95.
(3) بحار الأنوار : 58 / 175.
في الآخرة ، وأنّ ديننا قد طاب » (1).
5 ـ رؤيا اُخرى للنبيّ وتفسيرها
وروى أيضاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : « رأيت غنماً كثيرة سوداً ، دخل فيها غنم
كثير بيض.
قالوا : فما أوّلته يا رسول الله ؟
قال : العجم يشاركونكم في دينكم وأنسابكم ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان
معلّقاً بالثريّا لناله رجال من العجم ، فأسعدهم به فارس » (2).
6 ـ ما رآه النبيّ في سيره في المنام
وعن سمرة بن جندب ، قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ممّا يكثر أن يقول
لأصحابه : هل رأى منكم أحد رؤيا ، فيقص عليه من شاء أن يقصّ ؟
وإنّه قال ذات غداة : أنّه أتاني الليلة آتيان فقالا لي : إنطلق ، فانطلقت معهم ،
فأخرجاني إلى الأرض المقدّسة ، فأتينا على رجل مضطجع ، وإذا آخر قائم عليه
بصخرة ، فإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه ، فيتدهده الحجر هاهنا ، فيتبع
الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتّى يصحّ رأسه كما كان ، ثمّ يعود عليه فيفعل به مثل ما
فعل في المرّة الاُولى.
قلت لهما : سبحان الله ! ما هذان ؟
قالا لي : إنطلق ، فانطلقنا فأتينا على رجل مستلقٍ لقفاه ، وإذا آخر قائم عليه بكلّوب
من حديد ، وإذا هو يأتي أحد شقّي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه ،
_________________________
(1) بحار الأنوار : 58 / 221.
(2) المصدر المتقدّم : 230.
وعينه إلى قفاه ، ثمّ يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل في الجانب الأوّل ،
فما يفرغ من ذلك الجانب حتّى يصحّ ذلك الجانب كما كان ، ثمّ يعود فيفعل مثل
ما فعل في المرّة الاُولى.
قلت : سبحان الله ! هذان ؟
قالا لي : إنطلق ، فأنطلقنا فأتينا على مثل التنّور ، فإذا فيه لغط وأصوات ، فاطّلعنا
فيه ، فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك
اللهب ضوضوا.
قلت لهم : ما هؤلاء ؟
قالا لي : إنطلق ، فانطلقنا فأتينا على نهر أحمر مثل الدم ، وإذا في النهر رجل سابح
يسبح ، وإذا على شاطئ النهر رجل عنده حجارة كثيرة ، وإذا ذلك السابح يسبح
ما يسبح ثمّ يأتي الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجراً ، فينطلق فيسبح
ثمّ يرجع إليه ، وكلمّا رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجراً.
قلت لهما : ما هذان ؟
قالا لي : إنطلق ، فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راءٍ ، وإذا هو
عنده نار له يحشّها ويسعى حولها.
قل لهما : ما هذا ؟
فقالا لي : إنطلق ، فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كلّ نور الربيع ، وإذا بين
ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء ، وإذا حول الرجل من
أكثر ولدان ما رأيتهم قطّ.
قلت لهما : ما هؤلاء ؟
قالا لي : إنطلق ، فانطلقنا ، فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أرَ روضة قطّ أعظم