الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
اهل البيت
المواضيع الأخيرة
» كتاب من لايحضره الفقيه ج3
اية التطهير Emptyأمس في 10:09 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  كتاب من لايحضره الفقيه ج4
اية التطهير Emptyأمس في 5:15 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» كتاب من لايحضره الفقيه ج2
اية التطهير Emptyأمس في 7:51 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  فضائل الشيعة فضائل الشيعة المؤلف :أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]
اية التطهير Emptyالإثنين نوفمبر 11, 2024 4:39 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» النصّ الجليّ في إثبات ولاية علي عليه السلام
اية التطهير Emptyالإثنين نوفمبر 11, 2024 4:22 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» اعراب القرأن ج2
اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 4:58 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» اية التطهير
اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:35 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  إعجاز آيات القرآن في بيان خلق الإنسان
اية التطهير Emptyالسبت نوفمبر 09, 2024 5:03 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» إعراب القرآن [ ج ١ ]
اية التطهير Emptyالسبت نوفمبر 09, 2024 4:48 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 اية التطهير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:17 am

(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
سورة الأحزاب : 33



كلمة المؤلّف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد ،
فهذا بحثٌ موضوعيٌّ مع الدكتور علي أحمد السالوس ، الاستاذ بجامعة قطر ، وعميد كلية الشريعة بها ، في رسالته التي كتبها في «آية التطهير» جواباً لتساؤل أكثر من طالب من الشيعة عن المراد ب «أهل البيت» في تلك الآية الكريمة ... كما ذكر في المقدّمة.
ولقد كان الأحرى به أن ينقل عن كتب الشيعة رأيهم وطريقة استدلالهم لما ذهبوا إليه ، ثمّ يناقش أدلّتهم على ضوء الكتاب والسنّة والقواعد العلميّة الرصينة ... لكنّه لم يفعل هذا.


بل إنّه لم يتعرّض إلى عمدة الأدلّة الموجودة في الصحاح والمسانيد المعتبرة ، وإنما اقتصر على أحاديث الطبري ، وحتّى أحاديث الطبري لم يوردها كلّها ، وأغفل موارد الاستدلال منها ... ثمّ جعل يناقش في أسانيد البعض الذي ذكره منها ... وقد كان أهمّ الأسباب في ردّها كون الراوي شيعيّاً ، مع أنّ كبار الأئمة كالبخاري وغيره يحتجّون برواية من جرحه الدكتور بالتشيّع ، بل إنّ بعضهم مثل «خالد بن مخلَّد» يعدّ من كبار مشايخ البخاري ...
على أنّ أعلام الحفّاظ كالحافظ الذهبي والحافظ ابن حجر العسقلاني يصرّحون بأنّ التشيّع لا يضرّ ...
فما معنى «التشيع» عندهم؟
قال الحافظ ابن حجر : «والتشيّع محبّة علي وتقديمه على الصحابة ، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيّعه ويطلق عليه رافضي وإلّا فشيعي ، فإن انضاف إلى ذلك السبُّ أو التصريح بالبغض فغال في الرفض ، وإنْ اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلو» (1).
والقائلون بتقديم أمير المؤمنين علي على أبي بكر وعمر ـ فضلاً عن عثمان ـ في الصحابة والتابعين كثيرون.
فمن الصحابة من ذكرهم الحافظ ابن عبد البر القرطبي في (الاستيعاب) حيث قال :
«وروي عن سلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وخباب ، وجابر ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن الأرقم : أنّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه أوّل من أسلم.
__________________
(1) مقدمة فتح الباري : 460.

وفضّله هؤلاء على غيره» (1).
ومن التابعين وأتباعهم ذكر ابن قتيبة جماعةً في كتابه (المعارف) حيث قال : «الشيعة : الحارث الأعور ، وصعصعة بن صوحان ، والأصبغ بن نباتة ، وعطيّة العوفي ، وطاووس ، والأعمش ، وأبو إسحاق السبيعي ، وأبو صادق ، وسلمة بن كهيل ، والحكم بن عتيبة ، وسالم بن أبي الجعد ، وابراهيم النخعي ، وحبّة بن جوين ، وحبيب بن أبي ثابت ، ومنصور بن المعتمر ، وسفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وفطر بن خليفة ، والحسن بن صالح بن حي ، وشريك ، وأبو إسرائيل الملّائي ، ومحمّد بن فضيل ، ووكيع ، وحميد الرواسي ، وزيد بن الحباب ، والفضل ابن دكين ، والمسعود الأصغر ، وعبيد الله بن موسى ، وجرير بن عبد الحميد ، وعبد الله بن داود ، وهشيم ، وسليمان التيمي ، وعوف الأعرابي ، وجعفر الضبعي ، ويحيى بن سعيد القطّان ، وابن لهيعة ، وهشام بن عمّار ، والمغيرة صاحب إبراهيم ، ومعروف بن خرّبوذ ، وعبد الرزاق ، ومعمر ، وعلي بن الجعد» (2).
ومن العلماء والمحدّثين في القرون اللاحقة من الشيعة من لا يحصي عددهم إلّا الله ...
وقد اضطرب القوم واختلف موقفهم تجاه هؤلاء الرواة من الصحابة والتابعين وتابعيهم ... ولننقل عبارة الحافظ ابن حجر فإنه قال :
«فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله ، إذا كان معروفاً بالتحرّز من الكذب ، مشهوراً بالسلامة من خوارم المروءة ، موصوفاً بالديانة
__________________
(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1090.
(2) المعارف : 341.

والعبادة. فقيل : يقبل مطلقاً ، وقيل : يردّ مطلقاً ، والثالث التفصيل بين أنْ يكون داعيةً لبدعته أو غير داعية ، فيقبل غير الداعية ويردّ حديث الداعية. وهذا المذهب هو الأعدل ، وصارت إليه طوائف من الأئمة ، وادعى ابن حبّان إجماع أهل النقل عليه ، لكن في دعوى ذلك نظر. ثمّ اختلف القائلون بهذا التفصيل ، فبعضهم أطلق ذلك ، وبعضهم زاده تفصيلاً فقال : إنْ اشتملت رواية غير الداعية على ما يشيد بدعته ويزيّنه ويحسنه ظاهراً فلا تقبل ، وإنْ لم تشتمل فتقبل ، وطرّد بعضهم هذا التفصيل بعينه في عكسه في حق الداعية فقال : إنْ اشتملت روايته على ما يردّ بدعته قبل وإلّا فلا. وعلى هذا إذا اشتملت رواية المبتدع سواء كان داعيةً أم لم يكن على ما لا تعلّق له ببدعته أصلاً هل تردّ مطلقاً أو تقبل مطلقاً؟ مال أبو الفتح القشيري إلى تفصيل آخر فيه فقال : إنْ وافقه غيره فلا يلتفت إليه هو إخماداً لبدعته وإطفاءً لناره ، وإنْ لم يوافقه أحد ولم يوجد ذلك الحديث إلّا عنده ـ مع ما وصفنا من صدقه وتحرّزه عن الكذب واشتهاره بالدين وعدم تعلّق ذلك الحديث ببدعته ـ فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنّة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته ، والله أعلم» (1).
أقول :
فالتشيع لا يضر بالوثاقة ولا يمنع من الاعتماد ، وهذا ما نصَّ عليه الحافظ ابن حجر في غير موضعٍ ، ففي كلامه حول «خالد بن مخلّد القطواني الكوفي»
__________________
(1) مقدمة فتح الباري : 382.

قال :
«خ م ت س ق ـ خالد بن مخلَّد القطواني الكوفي أبو الهيثم ، من كبار شيوخ البخاري ، روى عنه وروى عن واحدٍ عنه ، قال العجلي : ثقة وفيه تشيّع. وقال ابن سعد : كان متشيّعاً مفرطاً. وقال صالح جزرة : ثقة إلّا أنه يتشيّع. وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به.
قلت : أمّا التشيّع فقد قدّمنا أنه ـ إذا كان ثبت الأخذ والأداء ـ لا يضرّه ، سيّما ولم يكن داعية إلى رأيه» (1).
بل الرفض غير مضر ... قال الحافظ ابن حجر :
«خ ت ق ـ عبّاد بن يعقوب الرواجني الكوفي أبو سعيد ، رافضي مشهور ، إلّا أنه كان صدوقاً ، وثّقه أبو حاتم ، وقال الحاكم : كان ابن خزيمة إذا حدّث عنه يقول : حدّثنا الثقة في روايته المتّهم في رأيه عبّاد بن يعقوب ، وقال ابن حبّان : كان رافضيّاً داعية ، وقال صالح بن محمّد ، كان يشتم عثمان رضي الله عنه. قلت : روى عنه البخاري في كتاب التوحيد حديثاً واحداً مقروناً وهو حديث ابن مسعود : أيّ العمل أفضل؟. وله عند البخاري طريق أُخرى من رواية غيره» (2).
وقال الحافظ الذهبي في «أبان بن تغلب» :
«أبان بن تغلب [م ، عو] الكوفي ، شيعي جلد ، لكنّه صدوق ، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثّقه أحمد بن حنبل ، وابن معين ، وأبو حاتم ، وأورده ابن
__________________
(1) مقدمة فتح الباري : 398.
(2) مقدمة فتح الباري : 410.

عدي وقال : كان غالياً في التشيّع. وقال السعدي : زائغ مجاهر.
فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع ، وحدّ الثقة العدالة والإتقان؟ فكيف يكون عدلاً مَن هو صاحب بدعة؟
وجوابه : إن البدعة على ضربين ، فبدعة صغرى كغلوّ التشيّع أو كالتشيّع بلا غلوّ ولا تحرّق ، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية ، وهذه مفسدة بيّنة ...» (1).
لكنّ بعض المتعصّبين يقدحون في الرجل إذا كان شيعيّاً ويكرهون الرواية عنه ، ويعبّرون عنه بعباراتٍ شنيعة ، بل حتى وإنْ كان من الصحابة ، مع أنّ المشهور بينهم ـ بل ادّعي عليه الإجماع ـ عدالة الصحابة أجمعين ، وإليك نموذجاً من ذلك :
قال الحافظ ابن حجر : «ع ـ عامر بن واثلة أبو الطفيل الليثي المكي ، أثبت مسلم وغيره له الصحبة ـ وقال أبو علي ابن السكن : روي عنه رؤيته لرسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم من وجوهٍ ثابتة ، ولم يرو عنه من وجهٍ ثابت سماعه. وروى البخاري في التاريخ الأوسط عنه أنه قال : أدركت ثمان سنين من حياة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم. وقال ابن عدي : له صحبة ، وكان الخوارج يرمونه باتّصاله بعلي وقوله بفضله وفضل أهل بيته ، وليس بحديثه بأس. وقال ابن المديني : قلت لجرير : أكان مغيرة يكره الرواية عن أبي الطفيل؟ قال : نعم. وقال : صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه : مكي ثقة. وكذا قال ابن سعد وزاد : كان متشيّعاً. قلت : أساء أبو محمّد ابن حزم فضعّف
__________________
(1) ميزان الاعتدال 1 / 5.

أحاديث أبي الطفيل وقال : كان صاحب راية المختار الكذّاب.
وأبو الطفيل صحابي لا شكّ فيه ، ولا يؤثر فيه قول أحدٍ ولا سيّما بالعصبيّة والهوى. ولم أر له في صحيح البخاري سوى موضعٍ واحدٍ في العلم ، رواه عن علي ، وعنه معروف بن خربوذ. وروى له الباقون» (1).
أضف إلى هذا تصريحهم بعدم قبول جرح من بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد : قال الحافظ : «وممّن ينبغي أنْ يتوقّف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد. فإنَّ الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي اسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك لشدّة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيّع ...» (2).
على أنّه إذا كان المطلوب في الراوي للاعتماد عليه كونه متّفقاً على تعديله ... فهذا في الرواة نادر جدّاً ، إذْ لم يسلم أحد من الثلب والطعن لسببٍ من الأسباب ... حتى البخاري صاحب الصحيح ... فقد أورده الحافظ الذهبي في كتابه في (الضعفاء والمتروكين) وقال : «تركه أبو زرعة وأبو حاتم من أجل مسألة اللفظ» (3). وهذا ما أثار غضب الآخرين كالسبكي حيث قال بعد نقله : «فيا لله والمسلمين : أيجوز لأحدٍ أنْ يقول البخاري متروك ، وهو حامل لواء الصناعة ، ومقدَّم أهل السنّة والجماعة» (4).
وبعد ... فقد ناقشت ما جاء في رسالة الدكتور على ضوء الكتاب والسنّة وآراء
__________________
(1) مقدمة فتح الباري : 410.
(2) لسان الميزان 1 / 16.
(3) المغني في الضعفاء 2 / 557.
(4) طبقات الشافعية الكبرى 2 / 12.

أئمة الحديث والتفسير والجرح والتعديل ... سائلاً المولى العلي القدير أن يوفّقنا لمعرفة الحق واتّباعه ، وأن يجعل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم ، إنه سميع مجيب.
المؤلّف

مقدّمة البحث
يقول الدكتور :
«قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ ...) فهذه الآيات الخمس في نساء النبي كما يبدو ، ولكنّ جدلاً كثيراً دار حول عجز الآية الثالثة والثلاثين : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وهذا الجزء يطلق عليه اسم آية التطهير.
ويرى إخواننا الشيعة الجعفرية الاثنا عشرية أن عجز الآية لا صلة له بما قبله ولا بما بعده ، وإنّما هو خاص بالنبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم والسيدة فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب وابنيهما الحسن والحسين ـ رضي الله تعالى عنهم جميعاً ـ وأنّه يدل على عصمتهم ، ومن ثمَّ يستدلّون به على مذهبهم في الإمامة.
فاستدلالهم ينبني على نقاط ثلاث هي :

تحديد المراد بأهل البيت في الآية الكريمة.
ثمّ دلالة الآية على عصمتهم.
وأخيراً التلازم بين العصمة والإمامة.
وقد ذهبوا إلى أن المراد بأهل البيت هم هؤلاء الخمسة فقط مستدلّين بشيئين :
الأول : الخطاب في قوله تعالى : (عَنْكُمُ) و (يُطَهِّرَكُمْ) بالجمع المذكّر ، يدل ـ كما يقولون ـ على أنّ الآية الشريفة في حقّ غير زوجات رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وإلّا فسياق الآيات يقتضي التعبير بخطاب الجمع المؤنّث ، أي : عنكنّ ، ويطهّركنّ.
فالعدول عنهما إلى الخطاب بالجمع المذكر يشهد بأن المراد من أهل البيت غير الزوجات.
الثاني : أخبار تدل على أنها في الخمسة الأطهار».

الأقوال في المسألة
أقول :
الذي يظهر من الأخبار والآثار وكلمات الأعلام عدم الخلاف بين رجال صدر الاسلام من الصحابة وغيرهم في اختصاص آية التطهير بالنبي وبضعته ووصيه وسبطيه عليه وعليهم الصلاة والسلام ...
أمّا الأخبار فسنذكر طائفةً منها.
وأمّا الآثار فيكفينا منها قول عكرمة البربري : «ليس بالذي تذهبون إليه ، إنّما هو نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (1) ... فإنّه يفيد بكلّ وضوح أنّ ذلك كان هو الرأي السائد بين المسلمين ، كما أنّ قوله هذا ـ كندائه في الأسواق بنزول الآية في زوجات النبي (2) ، وقوله : من شاء باهلته أنها نزلت في نساء
__________________
(1) الدر المنثور 5 / 198.
(2) تفسير الطبري 22 / 7 ، ابن كثير 3 / 415 ، أسباب النزول : 268.

النبي خاصة (1) ـ يفيد أن عكرمة هو الذي أبدى هذا القول.
وأمّا كلمات أعلام الحديث والتفسير فيكفينا منها قول الحافظ ابن الجوزي (2) :
«وفي المراد ب (أهل البيت) هاهنا ثلاثة أقوال :
أحدها : انهم نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّهنّ في بيته. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. وبه قال عكرمة وابن السائب ومقاتل. ويؤكّد هذا القول أن ما قبله وما بعده متعلّق بأزواج رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وعلى أرباب هذا القول اعتراض وهو : إنّ جمع المؤنث بالنون ، فكيف قيل (عنكم) و (يطهّركم)؟
فالجواب : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيهنَّ ، فغلب المذكر.
والثاني : إنّه خاص في : رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. قاله أبو سعيد الخدري. وروي عن : أنس وعائشة وأُمّ سلمة نحو ذلك.
والثالث : إنهم أهل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأزواجه. قاله الضحّاك» (3).
__________________
(1) الدر المنثور 5 / 198 ، ابن كثير 3 / 415.
(2) هو الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الحنبلي البغدادي المتوفّى سنة 597 ، له مؤلفات كثيرةٍ في علومٍ شتّى. وقد اعتمد عليه «الدكتور» في بحوثه.
(3) زاد المسير في علم التفسير 6 / 381 ـ 382.

أقول :
ومن هذا الكلام نفهم :
1 ـ إن هذه الأقوال هي في المراد من «أهل البيت» (هاهنا).
2 ـ إنّ القول باختصاص الآية بالخمسة الطاهرة لا يختص بالشيعة الامامية.
3 ـ إنّ زوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنفسهن من القائلين بالاختصاص.
4 ـ إن القولين الأول والثالث لم يقل بهما أحد من الصحابة ، أمّا الثالث فهو للضحّاك فقط. ـ كما قال ـ وأمّا الأول فلم ينسب إلى أحدٍ منهم سوى ابن عباس ، وهذا ممّا لم يصحّ عنه ، بل ستعلم أنه من القائلين بالاختصاص.
5 ـ إنّ عمدة القائلين بالأول هو : عكرمة البربري. وقد قدّمنا ما كان يقوله في هذه الآية ويصرّ عليه إلى حدّ المباهلة!! بل إن الطبري لم ينسب القول الأوّل إلّا إليه ... فإنّه قال : «واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله (أهل البيت) فقال بعضهم عني به : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ رضوان الله عليهم. ذكر من قال ذلك» فروى بأسانيده القول بذلك عن : أبي سعيد الخدري ، وعائشة ، وأنس ، وأبي الحمراء ، وأُمّ سلمة ، وعلي بن الحسين السجاد عليه‌السلام وغيرهم (1) ثمّ قال : «وقال آخرون : بل عنى أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ذكر من قال
__________________
(1) سنذكر رواياته بالتفصيل.

ذلك : حدّثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا الأصبغ ، عن علقمة قال : كان عكرمة ينادي في السوق : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : نزلت في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصّة» (1).
فهو لا يروي القول الآخر إلّا عن عكرمة ، كما أن عكرمة لا يرويه عن أحدٍ من الصحابة وإنّما هو قول من عنده.
6 ـ إنّ الاعتراض على القول الأول ـ من الأقوال الثلاثة التي ذكرها ابن الجوزي ـ بمجيء (عنكم) و (يطهّركم) دون (عنكنّ) و (يطهّركنّ) اعتراض وارد حتّى عند مثل ابن الجوزي ـ ولا بدَّ له من جوابٍ مقبول ، فإنّ ما أتى به ابن الجوزي تمحّل واضح وتعسّف بيّن ، ولقد كان هذا الاعتراض هو الوجه ـ بالاضافة إلى الأحاديث ـ في سقوط قول عكرمة ، عند غير واحدٍ من أعلام القوم ، كالحافظ أبي حيّان الأندلسي ، فإنّه بعد أن ذكر قول عكرمة ومن تبعه قال : «ليس بجيّد ، إذ لو كان كما قالوا لكان التركيب عنكنّ ويطهّركنّ ، وإن كان هذا القول مرويّاً عن ابن عباس فلعلّه لا يصحّ عنه» (2).
وإنّي لأتعجّب ممن يتّبع عكرمة في القول باختصاص الآية بالأزواج ، أو يتبع الضحاك في القول بنزولها فيهنّ وفي أهل البيت ، لأنهم يدّعون للأزواج ما لا يدّعينه لأنفسهنّ (3)!
__________________
(1) تفسير الطبري 22 / 7.
(2) البحر المحيط 7 / 231.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: رد: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:19 am

(3) ونظير هذا : القول بعدالة الصحابة أجمعين ، فإن الصحابة أنفسهم لم يكونوا يرون هذا ، كما دلّت عليه أقوالهم وأفعالهم.

على أنّ عكرمة ومن قال بقوله ، وكذا الضحّاك إنْ صح ما نسب إليه ابن الجوري ... لا يصلحون لأنْ يتّبعهم أحدٌ في أقوالهم ، لِما جاء بتراجمهم في كتب الرجال :
ترجمة عكرمة :
فإن «عكرمة البربري» من أشهر الزنادقة الذين وضعوا الأحاديث الكثيرة للطعن في الإسلام! وإليك طرفاً من تراجمه في الكتب المعتبرة المشهورة (1) :
1 ـ طعنه في الدين :
لقد ذكروا أنّ هذا الرجل كان طاعناً في الإسلام ، مستهزئاً بالدِين ، من أعلام الضلالة ودعاة السوء.
فقد نقلوا عنه أنّه قال : إنّما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به!
وقال في وقت الموسم : وددت أنّي اليوم بالموسم وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً!
وأنّه وقف على باب مسجد النبيّ وقال : ما فيه إلّا كافر!
وذكروا أنّه كان لا يصلّي ، وأنّه كان في يده خاتم من الذهب ، وأنّه كان يلعب
__________________
(1) طبقات ابن سعد 5 / 287 ، الضعفاء الكبير 3 / 373 ، تهذيب الكمال 20 / 264 ، وفيات الأعيان 1 / 319 ، ميزان الاعتدال 3 / 93 ، المغني في الضعفاء 2 / 84 ، سير أعلام النبلاء 5 / 9 ، تهذيب التهذيب 7 / 263 ـ 273.

بالنرد ، وأنّه كان يستمع الغناء!
2 ـ كان من دعاة الخوارج :
وإنّه إنّما أخذ أهل إفريقية رأي الصفرية ـ وهم من غلاة الخوارج ـ منه ، وقد ذكروا أنّه نحل ذلك الرأي إلى ابن عبّاس!
وعن يحيى بن معين : إنّما لم يذكر مالك عكرمة ، لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.
وقال الذهبي : قد تكلّم الناس في عكرمة ، لأنّه كان يرى رأي الخوارج.
3 ـ كان كذّاباً :
كذب على سيّده ابن عبّاس حتّى أوثقهُ عليُّ بن عبد الله بن عبّاس على باب كنيف الدار. فقيل له : أتفعلون هذا بمولاكم؟! قال : إنّ هذا يكذب على أبي.
وعن سعيد بن المسيّب ، أنّه قال لمولاه : يا برد ، إيّاك أن تكذب علَيَّ كما يكذب عكرمة على ابن عبّاس.
وعن ابن عمر ، أنّه قال لمولاه : اتّقِ الله ، ويحك يا نافع ، لا تكذب علَيَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.
وعن القاسم : إنّ عكرمة كذّاب.
وعن ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك : كذّاب.
وعن ابن ذويب : كان غير ثقة.

وحرّم مالك الرواية عنه.
وأعرض عنه مسلم بن الحجّاج.
وقال محمّد بن سعد : ليس يُحتجّ بحديثه.
4 ـ ترك الناس جنازته :
ولهذه الأُمور وغيرها ترك الناس جنازته ؛ قيل : فما حمله أحد ، حتّى اكتروا له أربعة رجال من السودان.
ترجمة مقاتل :
ومقاتل حاله كحال عكرمة ، فقد أدرجه كلٌّ من : الدار قطني ، والعقيلي ، وابن الجوزي ، والذهبي في (الضعفاء) ... وتكفينا كلمة الذهبي : «أجمعوا على تركه» (1).
ترجمة ابن السائب :
وعزا ابن الجوزي القول باختصاص الآية بالأزواج إلى «ابن السائب» وهو : «محمّد بن السائب الكلبي». لكنّ القرطبي نسب اليه القول باختصاصها بالخمسة الأطهار ، كما سيأتي في عبارته ... وهذا هو الصحيح.
وستقف على ترجمة الكلبي ضمن الكلام على ترجمة عطيّة العوفي.
__________________
(1) سير أعلام النبلاء 7 / 201.

ترجمة الضّحاك :
وأمّا القول الآخر فقد عزاه ابن الجوزي إلى الضحّاك بن مزاحم فقط :
وهذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه كالعقيلي في (الضعفاء) وتبعهما الذهبي فأدرجه في «المغني في الضعفاء» ... ونفوا أنْ يكون لقي ابن عبّاس ، بل ذكر بعضهم أنّه لم يشافه أحداً من أصحاب رسول الله ، وعن يحيى بن سعيد : كان الضحّاك عندنا ضعيفاً.
قالوا : وكانت أُمّه حاملاً به سنتين! (1).
إذن ... فالأصل في القول باختصاص الآية بأزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو «عكرمة» وقد عرفناه ، وعرفنا «ابن السائب» و «مقاتل» معه.
والأصل في القول بأنها نازلة في الخمسة الطاهرة والأزواج ـ كما ذكر ابن الجوزي ـ هو «الضحّاك» وقد عرفناه ... لكن سترى في روايات السيوطي ، أنّ الضحّاك حدّث عن النبيّ أنّه كان يقول : «نحن أهل بيتٍ طهّرهم الله ، نحن شجرة النبوّة وموضع الرسالة و...» ومن المعلوم أنّ الأزواج لسن من شجرة النبوّة ... وهذا ممّا يورث الشكّ في أصل وجود قائلٍ بهذا القول بين القدماء ، وأنّه قول التجأ اليه بعض علماء القوم في القرون المتأخّرة ، لإخراج الآية عن الاختصاص بالخمسة الطّاهرة!!
أمّا الأزواج أنفسهنَّ ... وأعلام الصحابة ... فيقولون باختصاصها بالخمسة.
__________________
(1) تهذيب الكمال 13 / 291 ، ميزان الاعتدال 2 / 325 ، المغني في الضعفاء 1 / 312.

فظهر ما في قول الدكتور : «يرى إخواننا الشيعة الجعفرية الاثنا عشريّة ...» من الإشكال ... فإنّ الشيعة الجعفرية الاثني عشرية تستدل هنا ـ بالاضافة إلى أدلّتها الخاصّة ـ بالأحاديث الواردة في كتب السنّة بالطرق الصحيحة عن الأزواج والصحابة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما سنرى.
ومما ذكرنا يظهر ما في قوله بعد ذلك : «وبالرجوع إلى كتاب الله تعالى نجد قوله (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (1) وهذا خطاب لامرأة إبراهيم عليه‌السلام. وقوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ ...) (2) ومعلوم أن موسى سار بزوجته ابنة شعيب عليهم‌السلام. وقوله سبحانه : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ* فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ) (3) وقوله عزوجل ...
إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تبيّن أن الاستعمال القرآني لا يمنع أنْ يكون المراد ب (أهل البيت) في الآية الكريمة نساء النبيّ ...
واحتجّ طائفة من العلماء على أنّ (الآل) هم (الأزواج) و (الذرّية) بما روي عن الرسول صلّى الله عليه [وآله] وسلّم عند ما سئل : كيف نصلّي عليك؟ فقال : قولوا : اللهم صلِّ على محمّد وعلى أزواجه وذرّيته كما صلّيت على آل إبراهيم ...
__________________
(1) سورة هود : 73.
(2) سورة القصص : 29.
(3) سورة القصص : 12.

وكذلك بما روي عنه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنه قال : من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلّى علينا أهل البيت فليقل : اللهم صلِّ على محمّد النبي وأزواجه امّهات المؤمنين وذرّيته وأهل بيته ، كما صلّيت على آل ابراهيم ، انك حميد مجيد».
فإنّا نقول :
إنّ هذا الذي ذكره كلّه خارج عن البحث ـ بغضّ النظر عمّا هنالك من المناقشة (1) ـ لأنّ الكلام في المراد من «أهل البيت» في نصوص «آية التطهير» ومن هنا يقول الطبري بتفسير الآية : «واختلف أهل التأويل في الذين عُنوا بقوله : (أهل البيت) ...» وقال ابن الجوزي : «وفي المراد ب (أهل البيت) هاهنا ثلاثة أقوال».
وكأنّ الدكتور ملتفت إلى أن ما ذكره إلى الآن لا ربط له بما نحن فيه ، ولذا يقول :
«ولكنْ سواء أشملتهنَّ الآية الكريمة أم لم تشملهن ، فإنّ تخصيص المراد بالخمسة لا يكون إلّا إذا بيّن الرسول صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ذلك. فلننظر ـ إذن ـ في الأخبار».
__________________
(1) ومن ذلك أن في المسند 6 / 296 : أنّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد أن عليهم الكساء وضع يده عليهم ثمّ قال : «اللهم إنّ هؤلاء آل محمّد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمّد وعلى آل محمّد إنك حميد مجيد» وسيأتي نصّه الكامل.

أقول :
ليته قال هذا من أوّل الأمر! بل كان ينبغي له ـ وقد نسب القول بالاختصاص بالخمسة إلى الشيعة الإمامية الجعفرية فحسب ـ أن يورد أدلّتهم بالتفصيل عن كتبهم ويتكلَّم عليها ، لا أن يكتفي بالإحالة إليها :
إذن ... فالمهم تحديد المراد من «أهل البيت» في هذه الآية المباركة من بيان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى الجميع أن يقبلوا ذلك «ويسلّموا تسليماً» ...
من الصّحابة الرواة لحديث الكساء :
ولقد بيّن وعيّن عليه الصلاة والسلام المراد ، قولاً وفعلاً ، في حديث الكساء ، وجاء ذلك في رواية كبار الائمة وأعلام الحديث ، عن عشراتٍ من الصحابة ، منهم :
1 ـ الامام أبو محمّد الحسن السبط الاكبر عليه‌السلام.
2 ـ عائشة بنت أبي بكر.
3 ـ أُمّ سلمة زوجة رسول الله.
4 ـ عبد الله بن العبّاس.
5 ـ سعد بن أبي وقّاص.
6 ـ أبو الدرداء.
7 ـ أنس بن مالك.
8 ـ أبو سعيد الخدري.
9 ـ واثلة بن الأسقع.

10 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.
11 ـ زيد بن أرقم.
12 ـ عمر بن أبي سلمة.
13 ـ ثوبان مولى رسول الله.
14 ـ أبو الحمراء.
15 ـ معقل بن يسار.
من الأئمّة الرواة لحديث الكساء :
ونكتفي بذِكر أشهر المشاهير منهم :
1 ـ أحمد بن حنبل ، المتوفّى سنة 241.
2 ـ عبد بن حميد الكشّي ، المتوفّى سنة 249.
3 ـ مسلم بن الحجّاج ، صاحب الصحيح ، المتوفّى سنة 261.
4 ـ أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي ، المتوفّى سنة 277.
5 ـ أحمد بن عبد الخالق البزّار ، المتوفّى سنة 292.
6 ـ محمّد بن عيسى الترمذي ، المتوفّى سنة 297.
7 ـ أحمد بن شعيب النسائي ، المتوفّى سنة 303.
8 ـ أبو عبد الله محمّد بن عليّ الحكيم الترمذي ، المتوفّى سنة.
9 ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، المتوفّى سنة 310.
10 ـ عبد الرحمن بن محمّد بن إدريس الرازي ، الشهير بابن أبي حاتم ، المتوفّى سنة 327.
11 ـ سليمان بن أحمد الطبراني ، المتوفّى سنة 360.

12 ـ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، المتوفّى سنة 405.
13 ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، المتوفّى سنة 430.
14 ـ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، المتوفّى سنة 458.
15 ـ أبو بكر أحمد بن عليّ ، المعروف بالخطيب البغدادي ، المتوفّى سنة 463.
16 ـ أبو السعادات المبارك بن محمّد ، المعروف بابن الأثير ، المتوفّى سنة 606.
17 ـ شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي ، المتوفّى سنة 748.
18 ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفّى سنة 911.
وستقف على أسامي غير هؤلاء من الرواة لهذا الحديث الشريف عند ما نورد نصوص طائفةٍ من الأحاديث.
فلننظر ـ إذن ـ في الأخبار ...
ولنا مع الدكتور موقفان :
الأوّل : إنّه اقتصر في بحثه على أحاديث الطبري في تفسيره ، وجعل يناقش في أسانيدها ، وأغفل الأحاديث الكثيرة الواردة في الصّحاح والسّنن والمسانيد ، مع أنّ مقتضى القاعدة والإنصاف هو الرجوع إلى تلك الكتب في مثل هذا البحث والتحقيق في أسانيدها وفقهها ، لا إغفالها وكأنها غير موجودة ، عدا رواية أو روايتين.
الموقف الثاني : إنّه ناقش في أسانيد تفسير الطبري ، فهل إنّه ذكر جميع الأسانيد الموجودة فيه؟ وهل إن مناقشاته في الأسانيد صحيحة؟
فلنذكر ـ إذن ـ طائفةً من ألفاظ الحديث في الصحاح وغيرها :

من ألفاظ الحديث
في الصحاح والمسانيد وغيرها
وهذه نبذة من ألفاظ الحديث بأسانيدها (1) :
ففي المسند : «حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدثنا عبد الله بن نمير ، قال : حدثنا بعد الملك ـ يعني ابن أبي سليمان ـ ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : حدّثني من سمع أُمّ سلمة تذكر أنّ النبي كان في بيتها ، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة ، فدخلت بها عليه ، فقال لها : ادعي زوجك وابنيك.
قالت : فجاء عليٌّ والحسين والحسن ، فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ، وهو على منامة له على دكّان تحته كساء خيبري.
__________________
(1) نعم ، هذه نبذة من الروايات ، إذ لم نورد كلّ ما في المسند أو المستدرك أو غيرهما ولا ما في كثير من المصادر المعتبرة في التفسير والحديث وتراجم الصحابة وغيرها.

قالت : وأنا أُصلّي في الحجرة ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
قالت : فأخذ فضل الكساء فغشّاهم به ، ثمّ أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثمّ قال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
قالت : فأدخلت رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله؟
قال : إنّكِ إلى خير ، إنّكِ إلى خير.
قال معبد الملك : وحدّثني أبو ليلى عن أُمّ سلمة مثل حديث عطاء سواء.
قال عبد الملك : وحدّثني داود بن أبي عوف الجحّاف ، عن (1) حوشب ، عن أُمّ سلمة بمثله سواء» (2).
وفي المسند : «حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدثنا عفّان ، حدثنا حمّاد بن سلمة ، قال : حدثنا عليّ بن زيد ، عن شهر بن حوشب ، عن امّ سلمة : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لفاطمة : ائتيني بزوجك وابنيك ؛ فجاءت بهم ، فألقى عليهم كساءً فدكيّاً.
قال : ثمّ وضع يده عليهم ثمّ قال : اللهمّ إنّ هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على محمّد وعلى آل محمّد إنّك حميد مجيد.
قالت أُمّ سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : إنَّكِ على خير» (3).
__________________
(1) كذا.
(2) مسند أحمد 6 / 292.
(3) مسند أحمد 6 / 323.

وفي المسند : «حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدثنا يحيى بن حمّاد ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا أبو بلج ، حدثنا عمرو بن ميمون ، قال : إنّي لجالس إلى ابن عبّاس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا : يا ابن عبّاس ، إمّا أن تقوم معنا وإمّا أنْ تخلونا هؤلاء.
قال : فقال ابن عبّاس : بل أقوم معكم.
قال : وهو يومئذٍ صحيح قبل أنْ يعمى. قال : فانتدوا فتحدّثوا ، فلا ندري ما قالوا.
قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أُفٍّ وتفّ ، وقعوا في رجلٍ له عشر ، وقعوا في رجلٍ قال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فذكر مناقب لعليٍّ ، منها ـ : «وأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثوبه فوضعه على عليٍّ وفاطمة وحسن وحسين فقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)).
وفي صحيح مسلم : «حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ومحمّد بن عبد الله بن نمير ـ واللفظ لأبي بكر ـ ، قالا : حدّثنا محمّد بن بشر ، عن زكريّا ، عن مصعب ابن شيبة ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : قالت عائشة : خرج النبيّ غداةً وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فدخل معه ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله ، ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2)).
وفي صحيح الترمذي : «حدّثنا قتيبة ، حدّثنا محمّد بن سليمان ابن
__________________
(1) مسند أحمد 1 / 330.
(2) صحيح مسلم 7 / 130.

الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عمر بن أبي سلمة ـ ربيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قال : لمّا نزلت هذه الآية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في بيت أُمّ سلمة ، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساء ، وعلي خلف ظهره ، فجلّلهم بكساء ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة : وأنا معهم يا نبي الله؟ قال : أنت على مكانك. وأنت على خير.
قال : هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة».
«حدّثنا عبد بن حميد ، حدّثنا عفان بن مسلم ، حدّثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا علي بن زيد ، عن أنس بن مالك : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
قال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. انما نعرفه من حديث حماد ابن سلمة.
قال : وفي الباب عن : أبي الحمراء ، ومعقل بن يسار ، وأُمّ سلمة» (1).
«حدّثنا قتيبة ، حدّثنا محمّد بن سليمان ابن الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عمر بن أبي سلمة ـ ربيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : نزلت هذه الآية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ
__________________
(1) صحيح الترمذي 5 / 327 ـ 328. كتاب تفسير القرآن.

لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في بيت أُمّ سلمة ، فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساءٍ وعلي خلف ظهره ، فجلّله بكساء ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة : وأنا معهم يا نبي الله؟ قال : أنتِ على مكانك وأنت إلى خير.
قال : وفي الباب عن : أُمّ سلمة ، ومعقل بن يسار ، وأبي الحمراء ، وأنس.
قال : وهذا حديث غريب من هذا الوجه» (1).
«حدّثنا محمود بن غيلان ، حدّثنا أبو أحمد الزبيري ، حدّثنا سفيان ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة : انّ النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم جلّل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءً ثمّ قال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي ، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فقالت أُمّ سلمة : وأنا معهم يا رسول الله؟ قال : إنّك إلى خير.
قال : هذا حديث حسن ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.
وفي الباب عن : عمر بن أبي سلمة ، وأنس بن مالك ، وأبي الحمراء ، ومعقل ابن يسار ، وعائشة» (2).
وفي جامع الأُصول : «6689 ت ، أُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت : إنّ هذه الآية نزلت في بيتي : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت : وأنا جالسة عند الباب فقلت : يا رسول الله ، ألست
__________________
(1) صحيح الترمذي 5 / 621 كتاب المناقب.
(2) صحيح الترمذي 5 / 656 كتاب المناقب.

من أهل البيت؟ فقال : إنّكِ إلى خير ، أنتِ من أزواج رسول الله.
قالت : وفي البيت : رسول الله وعليٌّ وفاطمة وحسن وحسين ، فجلّلهم بكسائه وقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي ، فأذهِب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً.
وفي رواية : إنّ النبيّ جلّل على الحسن والحسين وعليّ وفاطمة ، ثمّ قال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي ، أذهِب الرجس عنهم وطهِّرهم تطهيراً.
قالت أُمّ سلمة : وأنا معهم يا رسول الله؟ قال : إنّكِ إلى خير.
أخرج الترمذي الرواية الأخيرة ، والأُولى ذكرها رزين.
6690 ت ، عمر بن أبي سلمة ، قال : نزلت هذه الآية على النبي : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في بيت أُمّ سلمة ، فدعا النبيّ فاطمة وحسناً وحسيناً ، فجلّلهم بكساءٍ وعليٌّ خلف ظهره ، ثمّ قال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
قالت أُمّ سلمة : وأنا معهم يا نبيَّ الله؟
قال : أنتِ على مكانِكِ ، وأنتِ على خير.
أخرجه الترمذي.
6691 ت ، أنس بن مالك ، إنّ رسول الله كان يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية ، قريباً من ستّة أشهر ، يقول : الصلاة أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
أخرجه الترمذي.
6692 م ، عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : خرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وعليه مرط مرجَّل أسود ، فجاءه الحسن فأدخله ، ثمّ جاءه الحسين فأدخله ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله ، ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الآية.
أخرجه مسلم» (1).
وفي الخصائص : «أخبرنا محمّد بن المثنّى ، قال : أخبرنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدّثنا بكير بن مسمار ، قال : سمعت عامر بن سعد يقول : قال معاوية لسعد بن أبي وقّاص : ما يمنعك أنْ تسبَّ ابن أبي طالب؟!
قال : لا أسبّه ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنْ يكون لي واحدة منهنَّ أحبّ إليّ من حمر النعم :
لا أسبّه ما ذكرت حين نزل الوحي عليه ، فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال : ربّ هؤلاء أهل بيتي وأهلي.
ولا أسبّه ما ذكرت حين خلّفه في غزوةٍ غزاها ...
ولا أسبّه ما ذكرت يوم خيبر ...» (2).
وفي الخصائص : «أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام بن عمّار الدمشقي ، قالا : حدّثنا حاتم ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، قال : أمر معاوية سعداً فقال : ما يمنعك أنْ تسبَّ أبا تراب؟!
فقال : أنا إن ذكرت ثلاثاً قالهنَّ رسول الله فلن أسبّه ، لأن يكون لي واحدة
__________________
(1) جامع الأُصول : 10 / 100 ـ 101.
(2) خصائص عليّ : 81 طبعة النجف الأشرف.

منها أحبّ إليَّ من حمر النعم :
سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له ، وخلَّفه في بعض مغازيه ...
وسمعته يقول يوم خيبر : ...
ولمّا نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا رسول الله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي» (1).
أقول :
أخرجه ابن حجر العسقلاني باللفظ الأوّل في «فتح الباري» بشرح حديث : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون ...» فقال :
«ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقّاص عند مسلم والترمذي قال : قال معاوية لسعد : ما منعك أنْ تسبَّ أبا تراب؟!
قال : أما ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله فلنْ أسبّه ؛ فذكر هذا الحديث.
وقوله : لأُعطينّ الراية رجلاً يحبّه الله ورسوله.
وقوله لمّا نزلت (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) (2) دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي» (3).
__________________
(1) خصائص عليّ : 49.
(2) سورة آل عمران 3 : 61.
(3) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري 7 / 60.

وهذا تحريفٌ للحديث! إذ أُسقط أوّلاً : «فأدخلهم تحت ثوبه» ، ثمّ جُعلت الآية النازلة هي آية المباهلة لا آية التطهير! فتأمّل.
وفي الخصائص : أخرج حديث عمرو بن ميمون عن ابن عبّاس ، المتقدّم عن المسند (1).
وفي المستدرك : «حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، حدثنا العبّاس بن محمّد الدوري ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، حدثنا شريك بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن أُمّ سلمة رضي الله عنها أنّها قالت :
في بيتي نزلت هذه الآية : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، قالت : فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين فقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي.
قالت أُمّ سلمة : يا رسول الله ، وأنا من أهل البيت؟
قال : إنّكِ أهلي خير (2) ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهمّ أهلي أحقّ.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.
حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، أنبأ العبّاس بن الوليد بن مزيد ، أخبرني أبي ، قال : سمعت الأوزاعي يقول : حدّثني أبو عمّار ، قال : حدّثني واثلة ابن الأسقع ، قال : جئت عليّاً فلم أجده. فقالت فاطمة رضي الله عنها : انطلق إلى رسول الله يدعوه فاجلس ، فجاء مع رسول الله فدخل ودخلت معهما. قال :
__________________
(1) خصائص عليّ : 62.
(2) كذا.

فدعا رسول الله حسناً وحسيناً فأجلس كلّ واحدٍ منهما على فخذه ، وأدنى فاطمة من حجره وزوجها ، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا شاهد ، فقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) اللهمّ هؤلاء أهل بيتي.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» (1).
وفي تلخيص المستدرك : وافق الحاكم على التصحيح (2).
ورواه الذهبي بإسنادٍ له عن شهر بن حوشب عن أُمّ سلمة ، وفيه : «قالت : فأدخلت رأسي فقلت : يا رسول الله ، وأنا معكم؟
قال : أنتِ إلى خير ـ مرتين ـ».
ثمّ قال : «رواه الترمذي مختصراً وصحّحه من طريق الثوري ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب» (3).
وفي تفسير ابن كثير :
«وقوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أهل البيت هاهنا ، لأنهن سبب نزول هذه الآية ، وسبب النزول داخل فيه قولاً واحداً ، إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح. وروى ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) نزلت في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة. وهكذا
__________________
(1) المستدرك على الصحيحين 2 / 416 كتاب التفسير.
(2) تلخيص المستدرك 2 / 416.
(3) سير أعلام النبلاء 10 / 346.

روى ابن أبي حاتم قال : حدّثنا علي بن حرب الموصلي ، حدّثنا زيد بن الحباب ، حدّثنا حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) قال : نزلت في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة ، وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في شأن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فإن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن فصحيح ، وإن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن ففي هذا نظر ، فإنه قد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك :
(الحديث الأول) حدّثنا الإمام أحمد ، حدّثنا عفان ، حدّثنا حماد ، أخبرنا علي بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). ورواه الترمذي عن عبد بن حميد ، عن عفان به ، وقال : حسن غريب.
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدّثنا وكيع ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا يونس ، عن أبي إسحاق ، أخبرني أبو داود ، عن أبي الحمراء ، قال : رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة رضي الله عنهما فقال : الصلاة الصلاة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) أبو داود الأعمى هو : نفيع بن الحارث ، كذّاب.
(حديث آخر) وقال الإمام أيضاً : حدّثنا محمد بن مصعب ، حدّثنا

الأوزاعي ، حدّثنا شداد بن عمار ، قال : دخلت على واثلة بن الأسقع رضي الله عنه وعنده قوم فذكروا عليّاً رضي الله عنه فشتموه فشتمته معهم ، فلما قاموا قال لي : شتمت هذا الرجل؟! قلت : قد شتموه فشتمته معهم ، قال : ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قلت : بلى ، قال : أتيت فاطمة رضي الله عنها أسألها عن علي رضي الله عنه ، فقالت : توجّه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله عنهم ، آخذ كل واحد منهما بيده ، حتى دخل فأدنى عليّاً وفاطمة رضي الله عنهما وأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسناً وحسيناً رضي الله عنهما كل واحد منهما على فخذه ، ثمّ لفّ عليهم ثوبه ـ أو قال : كساءه ـ ثمّ تلا صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق.
وقد رواه أبو جعفر ابن جرير عن عبد الكريم بن أبي عمير ، عن الوليد بن مسلم ، عن أبي عمرو الأوزاعي بسنده نحوه ، زاد في آخره قال واثلة رضي الله عنه فقلت : وأنا يا رسول الله صلى الله عليك من أهلك؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وأنت من أهلي. قال واثلة رضي الله عنه : وإنّها من أرجى ما أرتجي.
ثمّ رواه أيضاً عن عبد الأعلى بن واصل ، عن الفضل بن دكين ، عن عبد السلام بن حرب ، عن كلثوم المحاربي ، عن شداد بن أبي عمار ، قال : إني لجالس عند واثلة بن الأسقع رضي الله عنه إذ ذكروا عليّاً رضي الله عنه فشتموه ، فلما قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموه. إني عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم ، فألقى

صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهم كساء له ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، قلت : يا رسول الله وأنا؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وأنت ؛ قال : فو الله إنها لأوثق عمل عندي.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدّثنا عبد الله بن نمير ، حدّثنا عبد الملك ابن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، حدّثني من سمع أُمّ سلمة رضي الله عنها تذكر : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان في بيتها ، فأتته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة ، فدخلت عليه بها فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم لها : ادعي زوجك وابنيك ، قالت : فجاء علي وحسن وحسين رضي الله عنهم فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو يملي على منامة له ، وكان تحته صلى‌الله‌عليه‌وسلم كساء خيبري ، قالت : وأنا في الحجرة أصلي ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت رضي الله عنها : فأخذ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فضل الكساء فغطّاهم به ثمّ أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثمّ قال : اللهم هؤلاء هم أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت : فأدخلت رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّكِ إلى خير ، إنّكِ إلى خير. في إسناده من لم يسم وهو شيخ عطاء (1) ، بقية رجاله ثقات.
(طريق أُخرى) قال ابن جرير : حدّثنا أبو كريب ، حدّثنا مصعب بن المقدام ، حدّثنا سعيد بن زربي ، عن محمّد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن أُمّ سلمة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله صلّى
__________________
(1) هو : عمر بن أبي سلمة ، كما في الأسانيد الأخرى.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: رد: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:21 am

الله عليه وسلّم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحملها على طبق ، فوضعتها بين يديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أين ابن عمك وابناك؟ فقالت رضي الله عنها : في البيت ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ادعيهم فجاءت إلى علي رضي الله عنه فقالت : أجب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم أنت وابناك ، قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فلما رآهم مقبلين مدّ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم يده إلى كساء وكان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه ، ثمّ أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمه فوق رءوسهم ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه فقال : «اللهم هؤلاء هم أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».
(طريق أُخرى) قال ابن جرير : حدّثنا ابن حميد ، حدّثنا عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد ، قال : ذكرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أُمّ سلمة رضي الله عنها فقالت : في بيتي نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت أُمّ سلمة : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بيتي فقال : لا تأذني لأحد ، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ، فلم استطع أن أحجبها عن أبيها ، ثمّ جاء الحسن رضي الله عنه فلم استطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه ، وجاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه عن جدّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأُمّه رضي الله عنها ثمّ جاء علي رضي الله عنه فلم أستطع أن أحجبه فاجتمعوا ، فجلّلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكساء كان عليه ثمّ قال : هؤلاء هم أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط ، قالت : فقلت : يا رسول الله وأنا؟ قالت : فو الله ما أنعم وقال : إنّكِ إلى خير.
(طريق أُخرى) قال الإمام أحمد : حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا عوف بن

أبي المعدل ، عن عطيّة الطفاوي ، عن أبيه ، قال : إن أُمّ سلمة رضي الله عنها حدّثته ، قالت : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيتي يوماً إذ قالت الخادم : إن فاطمة وعليّاً رضي الله عنهما بالسدّة ، قالت : فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قومي فتنحي عن أهل بيتي ، قالت : فقمت فتنحيت في البيت قريباً ، فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين رضي الله عنهم وهما صبيان صغيران ، فأخذ الصبيّين فوضعهما في حجره فقبّلهما واعتنق عليّاً رضي الله عنه بإحدى يديه وفاطمة رضي الله عنها باليد الأُخرى ، وقبّل فاطمة وقبّل عليّاً وأغدق عليهم خميصة سوداء وقال : اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي. قالت : فقلت : وأنا يا رسول الله؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وأنت».
(طريق أُخرى) قال ابن جرير : حدّثنا أبو كريب ، حدّثنا الحسن بن عطية ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أُمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : إن هذه الآية نزلت في بيتي (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت : وأنا جالسة على باب البيت فقلت : يا رسول الله ألست من أهل النبي؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّكِ إلى خير ، أنتِ من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالت : وفي البيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.
(طريق أُخرى) رواها ابن جرير أيضاً ، عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة رضي الله ، عنها بنحوه.
(طريق أُخرى) قال ابن جرير : حدّثنا أبو كريب ، حدّثنا خالد بن مخلّد ، حدّثني موسى بن يعقوب ، حدّثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ،

عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتني أُمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، ثمّ أدخلهم تحت ثوبه ثمّ جأر إلى الله عزوجل ثمّ قال : «هؤلاء هم أهل بيتي» قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فقلت : يا رسول الله أدخلني معهم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنت من أهلي».
(طريق أُخرى) رواها ابن جرير أيضاً ، عن أحمد بن محمّد الطوسي ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن محمّد بن سليمان الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد المكي ، عن عطاء ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أمه رضي الله ، عنها بنحو ذلك.
(حديث آخر) : قال ابن جرير : حدّثنا ابن وكيع ، حدّثنا محمّد بن بشر ، عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : قالت عائشة رضي الله عنها : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله معه ، ثمّ جاء الحسين فأدخله معه ، ثمّ جاءت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها معه ، ثمّ جاء علي رضي الله عنه فأدخله معه ، ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ورواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن محمّد بن بشر ، به.
(طريق أُخرى) قال ابن أبي حاتم : حدّثنا أبي ، حدّثنا شريح بن يونس أبو الحارث ، حدّثنا محمّد بن يزيد ، عن العوام ـ يعني ابن حوشب رضي الله عنه ـ عن عم له ، قال : دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها ، فسألتها عن علي رضي الله عنه فقالت رضي الله عنها : تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه؟ لقد

رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي الله عنهم ، فألقى عليهم ثوباً فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت : فدنوت منهم فقلت : يا رسول الله وأنا من أهل بيتك صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تنحّي فإنّك على خير.
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدّثنا ابن المثنى ، حدّثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي ، حدّثنا مندل ، عن الأعمش ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). قد تقدم أن فضيل بن مرزوق رواه عن عطيّة عن أبي سعيد عن أُمّ سلمة رضي الله عنها كما تقدم. وروى ابن أبي حاتم من حديث هارون بن سعد العجلي ، عن عطيّة عن أبي سعيد رضي الله عنه موقوفاً. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدّثنا ابن المثنى ، حدّثنا أبو بكر الحنفي ، حدّثنا بكير بن مسمار ، قال : سمعت عامر بن سعد رضي الله عنه قال : قال سعد رضي الله عنه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة رضي الله عنهم فأدخلهم تحت ثوبه ـ ثمّ قال : رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي.
(حديث آخر) وقال مسلم في صحيحه : حدّثني زهير بن حرب وشجاع ابن مخلّد ، عن ابن علية ، قال زهير : حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدّثني أبو حيان ، حدّثني يزيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن

مسلمة إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسمعت حديثه وغزوت معه وصلّيت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : يا ابن أخي والله لقد كبرت سنّي وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فما حدّثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلّفونيه. ثمّ قال : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوماً خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثمّ قال : أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول الله ربي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما كتاب الله تعالى وفيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ـ فحثّ على كتاب الله عزوجل ورَغّب فيه ـ ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، ثلاثاً. فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم؟ قال : هم (1) آل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، رضي الله عنهم. قال : كلّ هؤلاء حرم الصدقة بعده؟ قال : نعم.
ثمّ رواه عن محمّد بن الريان ، عن حسان بن إبراهيم ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه ، فذكر الحديث بنحو ما تقدّم ، وفيه : فقلت له : من أهل بيته ، نساؤه؟ قال لا ، وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله
__________________
(1) كذا في تفسير ابن كثير ، وهو تحريف!! إذ في صحيح مسلم 7 / 123 : «هم آل علي وآل عقيل ...».

وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. هكذا وقع في هذه الرواية.
والأُولى أولى والأخذ بها أحرى ، وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه ، إنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة ، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط ، بل هم مع آله ، وهذا الاحتمال أرجح جمعاً بينها وبين الرواية التي قبلها ، وجمعاً أيضاً بين القرآن والأحاديث المتقدمة إن صحت ، فإن في بعض أسانيدها نظراً والله أعلم.
ثمّ الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم داخلات في قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فإن سياق الكلام معهن ، ولهذا قال تعالى بعد هذا كلّه (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) أي واعملن بما ينزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيوتكنّ من الكتاب والسنة. قاله قتادة وغير واحد ، واذكرن هذه النعمة التي خصصتنّ بها من بين الناس ، أن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس ، وعائشة الصدّيقة بنت الصدّيق رضي الله عنهما أولاهنّ بهذه النعمة وأحظاهنّ بهذه الغنيمة وأخصهنّ من هذه الرحمة العميمة ، فإنه لم ينزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الوحي في فراش امرأة سواها كما نص على ذلك صلوات الله وسلامه عليه. قال بعض العلماء رحمه‌الله : لأنه لم يتزوّج بكراً سواها ولم ينم معها رجل في فراشها سواه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورضي الله عنها ، فناسب أن تخصّص بهذه المزيّة ، وأن تفرد بهذه المرتبة العليّة ، ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته فقرابته أحق بهذه التسمية كما تقدم في الحديث «وأهل بيتي أحق» ، وهذا يشبه ما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا سئل عن

المسجد الذي أسّس على التقوى من أول يوم فقال : «هو مسجدي هذا» فهذا من هذا القبيل ، فإن الآية إنما نزلت في مسجد قباء كما ورد في الأحاديث الأخر ، ولكن إذا كان ذاك أسس على التقوى من أول يوم فمسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أولى بتسميته بذلك والله أعلم.
وقد قال ابن أبي حاتم : حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو الوليد ، حدّثنا أبو عوانة ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن ابن جميلة ، قال : إن الحسن بن علي رضي الله عنهما استخلف حين قتل علي رضي الله عنهما ، فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر ، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد ، وحسن رضي الله عنه ساجد ، قال : فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهراً ثمّ برئ ، فقعد على المنبر فقال : يا أهل العراق ، اتقوا الله فينا ، فإنّا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال الله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : فما زال يقولها حتى ما بقي أحد من أهل المسجد إلّا وهو ناح بكّاء.
وقال السدي عن أبي الديلم قال : قال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل من أهل الشام : أما قرأت في الأحزاب (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : نعم ، ولأنتم هم؟! قال : نعم» (1).
وفي الدر المنثور :
«أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه : عن أُمّ سلمة رضي الله عنها ـ زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ان رسول الله
__________________
(1) تفسير القرآن العظيم 3 / 413 ـ 415.

صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري ، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ادعي زوجك وابنيك حسناً وحسيناً ، فدعتهم ، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بفضلة إزاره فغشّاهم ايّاها ، ثمّ أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، قالها ثلاث مرات. قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فأدخلت رأسي في الستر فقلت يا رسول الله : وأنا معكم؟ فقال : إنّكِ إلى خير ، مرتين.
وأخرج الطبراني عن أُمّ سلمة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى أبيها بتريدة لها تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه فقال لها : أين ابن عمك؟ قالت : هو في البيت ، قال : اذهبي فادعيه وابنيك ، فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد ، وعلي رضي الله عنه يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأجلسهما في حجره ، وجلس علي رضي الله عنه عن يمينه ، وجلست فاطمة رضي الله عنها عن يساره ، قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت (1).
وأخرج الطبراني عن أُمّ سلمة رضي الله عنها : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها : ائتني بزوجك وابنيه ، فجاءت بهم ، فألقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهم كساءً فدكياً ، ثمّ وضع يده عليهم ثمّ قال : اللهم إن هؤلاء أهل محمّد ، وفي لفظ آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على
__________________
(1) كذا ، لم ينقل بقيّة الحديث!!

آل محمّد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : إنّكِ على خير.
وأخرج ابن مردويه عن أُمّ سلمة قالت : نزلت هذه الآية في بيتي (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وفي البيت سبعة : جبريل وميكائيل عليهم‌السلام وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وأنا على باب البيت ، قلت : يا رسول الله ، ألست من أهل البيت؟ قال : إنّكِ إلى خير ، إنّكِ من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.
وأخرج ابن مردويه ، والخطيب ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان يوم أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين رضي الله عنها ، فنزل جبريل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحسن وحسين وفاطمة وعلي ، فضمهم إليه ونشر عليهم الثوب ، والحجاب على أُمّ سلمة مضروب ، ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فأنا معهم يا نبي الله؟ قال : أنت على مكانك وإنّكِ على خير.
وأخرج الترمذي وصحّحه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه من طرق : عن أُمّ سلمة رضي الله عنها قالت : في بيتي نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين ، فجلّلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكساء كان عليه ، ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وفاطمة وحسن وحسين (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم : عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غداةً وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما فأدخلهما معه ، ثمّ جاء علي فأدخله معه ، ثمّ قال (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وأخرج ابن جرير ، والحاكم ، وابن مردويه : عن سعد قال : نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الوحي ، فأدخل عليّاً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه عن واثلة بن الاسقع رضي الله عنه قال : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى فاطمة ومعه حسن وحسين وعلي حتى دخل ، فأدنى عليّاً وفاطمة فأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم ثمّ تلا هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والترمذي ـ وحسّنه ـ ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم ـ وصححه ـ ، وابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها إذا

خرج إلى صلاة الفجر ويقول : الصلاة يا أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أذكركم الله في أهل بيتي ، فقيل لزيد رضي الله عنه : ومن أهل بيته ، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.
وأخرج الحكيم الترمذي ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي معاً في الدلائل ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الله قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً ، فذلك قوله (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ) و (أَصْحابُ الشِّمالِ) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثمّ جعل القسمين أثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين. ثمّ جعل الأثلاث قبائل ، فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب.
وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : هم أهل بيت طهّرهم الله من السوء واختصهم برحمته ، قال : وحدّث الضحاك بن

مزاحم رضي الله عنه أن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقول : نحن أهل بيت طهرهم الله ، نحن شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومعدن العلم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما دخل علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعين صباحاً إلى بابها يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم.
وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه : عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال : حفظت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمانية أشهر بالمدينة ، ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلّا أتى إلى باب علي رضي الله عنه ، فوضع يده على جنبتي الباب ثمّ قال : الصلاة الصلاة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : شهدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسعة أشهر ، يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل صلاة فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) الصلاة رحمكم الله ، كلّ يوم خمس مرات.
وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ

لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (1).
وفي الصواعق المحرقة : الآية الأُولى : قال الله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). أكثر المفسّرين على أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين. لتذكير ضمير (عنكم) وما بعده» (2).
أقول :
فهل من العدل إغفال الدكتور كلّ هذه الأحاديث؟!
ممّن نصَّ على صحّة الحديث :
هذا ، وقد قال جماعة من الأئمّة بصحّة الحديث الدالّ على اختصاص الآية الكريمة بأهل البيت ، إذ أخرجوه في الصحيح أو نصّوا على صحّته ، ومن هؤلاء :
1 ـ أحمد بن حنبل. بناءً على التزامه بالصحّة في «المسند».
2 ـ مسلم بن الحجّاج ، إذ أخرجه في (صحيحه).
3 ـ الترمذي ، قال السيوطي وغيره : أخرج الترمذي وصحّحه ...
4 ـ ابن حبّان ، إذ أخرجه في (صحيحه).
5 ـ الحاكم النيسابوري ، إذ صحّحه في «المستدرك».
6 ـ الذهبي ، إذ صحّحه في «تلخيص المستدرك» تبعاً للحاكم.
7 ـ ابن تيميّة ، إذ قال : «فصل : وأمّا حديث الكساء فهو صحيح ، رواه
__________________
(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5 / 199.
(2) الصواعق المحرقة : 85.

أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة ، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة ...» (1).
8 ـ الفخر الرازي ، قال : «واعلم أنّ هذه الرواية كالمتّفق على صحّتها بين أهل التفسير والحديث» (2).
9 ـ ابن حجر المكي ، قال : «وصحَّ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل على هؤلاء كساءً وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي ـ أي : خاصتي ـ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فقالت أُمّ سلمة : وأنا معهم؟ قال : إنّكِ على خير.
وفي رواية أنه قال بعد تطهيراً : أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدوّ لمن عاداهم ؛ وفي أُخرى : عليهم كساءً ووضع يده عليها ثمّ قال : اللهم انّ هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد انك حميد مجيد ...» (3).
__________________
(1) منهاج السُنّة 5 / 13.
(2) التفسير الكبير 8 / 80.
(3) الصواعق المحرقة : 85.

روايات الطبري
وهذه نصوص روايات أبي جعفر الطبري في تفسيره ، قال :
«واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله (أهل البيت) فقال بعضهم : عنى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم.
ذكر من قال ذلك :
1 ـ حدّثني محمّد بن المثنى ، قال : حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي ، قال : حدثنا مندل عن الأعمش ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي رضي الله عنه وحسن رضي الله عنه وحسين رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

2 ـ حدّثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمّد بن بشر ، عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : قالت عائشة : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله معه ثمّ جاء علي فأدخله معه ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
3 ـ حدّثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمّد بن بكر ، عن حماد بن سلمة ، عن عليّ ابن زيد ، عن أنس : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة فيقول : الصلاة أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
4 ـ حدّثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا يحيى بن إبراهيم بن سويد النخعي ، عن هلال ـ يعني ابن مقلاص ـ ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة ، قالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عندي وعلي وفاطمة وحسن وحسين ، فجعلت لهم خزيرة فأكلوا وناموا وغطى عليهم عباءة أو قطيفة ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
5 ـ حدّثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، قال : أخبرني أبو داود ، عن أبي الحمراء ، قال : رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة فقال : الصلاة الصلاة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

6 ـ حدّثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق باسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثله.
7 ـ حدّثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن كلثوم المحاربي ، عن أبي عمار ، قال : إني لجالس عند واثلة ابن الأسقع ، إذ ذكروا عليّاً رضي الله عنه فشتموه ، فلما قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا ، إني عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين ، فألقى عليهم كساء له ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قلت : يا رسول الله وأنا؟ قال : وأنتَ ، قال : فو الله إنها لأوثق عملي عندي.
8 ـ حدّثني عبد الكريم بن أبي عمير ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثنا أبو عمرو ، قال : حدثنا شدّاد أبو عمار ، قال : سمعت واثلة بن الأسقع يحدّث قال : سألت عن علي بن أبي طالب في منزله ، فقالت فاطمة : قد ذهب يأتي برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إذ جاء فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودخلت ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه وعليّاً عن يساره وحسناً وحسيناً بين يديه ، فلفع عليهم بثوبه وقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) اللهم هؤلاء أهلي ، اللهم أهلي أحق. قال واثلة : فقلت من ناحية البيت : وأنا يا رسول من أهلك؟ قال : وأنت من أهلي. قال واثلة : انها لمن أرجى ما أرتجي.
9 ـ حدّثني أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر ابن حوشب ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن أُمّ سلمة ، قالت : لمّا نزلت هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، فجلل عليهم كساء خيبرياً فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة : ألست منهم؟ قال : أنت إلى خير.
10 ـ حدّثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مصعب بن المقدام ، قال : حدثنا سعيد بن زربي ، عن محمّد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن أُمّ سلمة ، قالت : جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلّها على طبق فوضعته بين يديه ، فقال : أين ابن عمك وابناك؟ فقالت : في البيت ، فقال : ادعيهم ، فجاءت إلى عليّ فقالت : أجب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنت وابناك. قالت أُمّ سلمة : فلما رآهم مقبلين مدّ يده إلى كساءٍ كان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه ، ثمّ أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رءوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربّه فقال : هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
11 ـ حدّثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسن بن عطيّة ، قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، عن أُمّ سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن هذه الآية نزلت في بيتها (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت : وأنا جالسة على باب البيت فقلت أنا : يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال : إنّكِ إلى خير ، أنت من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قالت : وفي البيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.

12 ـ حدّثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلّد ، قال : حدثنا موسى بن يعقوب ، قال : ثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتني أُمّ سلمة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جمع عليّاً والحسنين ثمّ أدخلهم تحت ثوبه ثمّ جأر الى الله ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي ، فقالت أُمّ سلمة : أدخلني معهم ، قال : إنّكِ من أهلي.
13 ـ حدّثني أحمد بن محمّد الطوسي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثنا محمّد بن سليمان الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد المكي ، عن عطاء ، عن عمر ابن أبي سلمة ، قال : نزلت هذه الآية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيت أُمّ سلمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه ، ودعا عليّاً فأجلسه خلفه فتجلل هو وهم بالكساء ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة : أنا معهم؟ قال : مكانك وأنت على خير.
14 ـ حدّثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا الصباح ابن يحيى المري ، عن السدي ، عن أبي الديلم ، قال : قال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام : أما قرأت في الأحزاب (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : ولأنتم هم؟! قال : نعم.
15 ـ حدّثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثنا بكير بن مسمار ، قال : سمعت عامر بن سعد ، قال : قال سعد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة وأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال : رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: رد: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:23 am

16 ـ حدّثنا ابن حميد ، قال : حدثنا عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد ، قال : ذكرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أُمّ سلمة قالت : فيه نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت أُمّ سلمة : جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بيتي فقال : لا تأذني لأحد ، فجاءت فاطمة فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها ، ثمّ جاء الحسن فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جدّه وأمه ، وجاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه ، فاجتمعوا حول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على بساط ، فجلّلهم نبي الله بكساء كان عليه ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط. قالت : فقلت : يا رسول الله : وأنا؟ قالت : فو الله ما أنعم وقال : إنّكِ الى خير (1).
وقال آخرون : بل عني بذلك أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ذكر من قال ذلك :
حدّثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الأصبغ ، عن علقمة ، قال : كان عكرمة ينادي في السوق (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : نزلت في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصّة» (2).
__________________
(1) لا يخفى عدم ذكر مجيء علي في الحديث مع التصريح بنزول الآية فيه ، فما هو السبب؟!
(2) تفسير الطبري 22 / 5 ـ 7.

مع الدكتور في أخبار الطبري
لقد أغفل الدكتور عدّةً من أخبار الطبري ، فلما ذا؟! أليس لوضوح دلالتها وصحّتها سنداً؟!
فالحديث عن سعد بن أبي وقاص مثلاً ، هو عن :
«محمّد بن المثنّى» ثقة ثبت ، من رجال الكتب السّتة (1) عن :
«أبو بكر الحنفي» وهو : عبد الكبير بن عبد المجيد (2) ، من رجال الكتب الستة (3) عن :
__________________
(1) تقريب التهذيب 2 / 204.
(2) تهذيب الكمال 18 / 243 ـ 244.
(3) تقريب التهذيب 1 / 515.

«بكير بن مسمار» صدوق ، من رجال مسلم والترمذي النسائي (1) عن :
«عامر بن سعد» ثقة ، من رجال الكتب الستة (2) عن :
«سعد بن أبي وقاص» ، وهو الصحابي الكبير.
وهذا الحديث ممّا أُغفل!! ... فما هكذا تورد يا سعد الابل!!
الحديث الأول وكلام الدكتور حوله :
قال الدكتور : «قال محمّد بن جرير الطبري : حدّثني محمّد بن المثنّى ...» فأورد الحديث الأول كما نقلناه عن تفسير الطبري ثمّ قال : «وذكر الطبري بعد هذا كثيراً من الأخبار التي تبيّن أنّ الآية الكريمة تعني هؤلاء المذكورين أو بعضهم. ثمّ ذكر أخيراً ما روي عن عكرمة من أنها نزلت في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصةً.
والخبران : الأول والأخير فيهما نظر.
فأمّا الأول ففي سنده عطيّة عن أبي سعيد الخدري ، وعطيّة هذا هو «عطيّة ابن سعد بن جنادة العوفي».
تحدث عنه الإمام أحمد بن حنبل وعن روايته عن أبي سعيد فقال بأنه ضعيف الحديث ، وأن الثوري وهشيماً كانا يضعفان حديثه ، وقال : بلغني أن عطيّة كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير ، وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول :
__________________
(1) تقريب التهذيب 1 / 108.
(2) تقريب التهذيب 1 / 387.

قال أبو سعيد فيوهم أنه الخدري.
وقال ابن حبان : سمع عطيّة من أبي سعيد الخدري أحاديث ، فلما مات جعل يجالس الكلبي ، فإذا قال الكلبي : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كذا ، فيحفظه ، وكناه أبا سعيد ، وروى عنه ، فإذا قيل له : من حدثك بهذا؟ فيقول : حدّثني أبو سعيد ، فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري ، وإنما أراد الكلبي ، قال : لا يحل كتب حديثه ، إلّا على التعجب. وقال الإمام البخاري في حديث رواه عطية : أحاديث الكوفيين هذه مناكير ، وقال أيضاً : كان هشيم يتكلّم فيه.
وقد ضعّفه النسائي أيضاً في الضعفاء ، وكذلك أبو حاتم. ومع هذا كلّه وثّقه ابن سعد فقال : كان ثقة إن شاء الله ، وله أحاديث صالحة ، ومن الناس من لا يحتج به.
وسئل يحيى بن معين : كيف حديث عطية؟ قال : صالح. وما ذكره ابن سعد وابن معين لا يثبت أمام ما ذكر من قبل.
وقد يقال هنا : إن الإمام أحمد روى عن عطيّة في مسنده ، فإذا كان يرى ضعف حديثه فلما ذا روى عنه؟
والجواب : أن الإمام أحمد إنما روى في مسنده ما اشتهر ، ولم يقصد الصحيح ولا السقيم. ويدل على ذلك أن ابنه عبد الله قال : قلت لأبي : ما تقول في حديث ربعي ابن خراش عن حذيفة؟ قال : الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلت : نعم ، قال : الأحاديث بخلافه ، قلت : فقد ذكرته في المسند؟ قال : قصدت في المسند المشهور ، فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلّا

الشيء بعد الشيء اليسير.
وقد طعن الإمام أحمد في أحاديث كثيرة في المسند ، ورد كثيراً مما روى ولم يقل به ، ولم يجعله مذهباً له.
وعند ما عدّ ابن الجوزي من الأحاديث الموضوعة أحاديث أخرجها الإمام أحمد في مسنده ، وثار عليه من ثار ، ألف ابن حجر العسقلاني كتابه «القول المسدد في الذبّ عن المسند» ، فذكر الأحاديث التي أوردها ابن الجوزي ، ثمّ أجاب عنها ، ومما قال : الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام ، والتساهل في إيرادها مع ترك البيان بحالها شائع ، وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا : إذا روينا في الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا. وهكذا حال هذه الأحاديث.
وما ذكره ابن حجر ينطبق على الأحاديث التي رويت عن عطيّة في المسند.
فالخبر الأول ـ إذن ـ ضعيف».
أقول : إنّ هذا الذي قاله في «عطيّة العوفي» هنا قد قاله حرفاً بحرفٍ في رسالته التي نشرها حول حديث الثقلين بعنوان «حديث الثقلين وفقهه» (1) وقد أجبنا عنه بأن :
الطعن في «عطية» عجيب جدّاً ، لأنّه إن كان المطلوب كون الرجل مجمعاً على وثاقته حتى تقبل روايته ، فلا إجماع على عطيّة ، بل لا اجماع حتى على
__________________
(1) حديث الثقلين وفقهه ، الدكتور علي أحمد السالوس ، ط دار إصلاح 1406. ولاحظ : حديث الثقلين تواتره وفقهه ، نقد لِما كتبه الدكتور السالوس. ط قم إيران 1413.

البخاري ، وأمثاله (1) ، ... إذنْ ، لا بدَّ من التحقيق والنظر الدقيق ، لنعرف من روى عن عطيّة واعتمد عليه ، ولنفهم السبب في طعن من طعن فيه ...
ترجمة عطيّة العوفي :
لقد أمر «الدكتور» بالرجوع إلى (تهذيب التهذيب) و (ميزان الاعتدال) وعند ما نرجع إلى الأول منهما وهو أجمع الكتب الرجالية للأقوال (2) نجد :
1 ـ عطيّة من التابعين :
إنه يروي عن : أبي سعيد ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وابن عمر ، وزيد بن أرقم.
وقد رويتم في الصحيح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «خير القرون قرني ثمّ الذين يلونهم» (3).
وفي (معرفة علوم الحديث) : «النوع الرابع عشر من هذا العلم معرفة التابعين ، وهذا نوع يشتمل على علومٍ كثيرة ، فإنهم على طبقاتٍ في الترتيب ، ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يفرّق بين الصحابة والتابعين ، ثمّ لم يفرّق أيضاً بين التابعين وأتباع التابعين. قال الله عزوجل : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
__________________
(1) قد أورد الحافظ الذهبي ، البخاري في كتاب (المغني في الضعفاء) فراجع.
(2) تهذيب التهذيب 7 / 200.
(3) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم. جامع الاصول 9 / 404.

عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.) وقد ذكرهم رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ... فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وحفظ عنهم الدين والسنن ، وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل ...» (1).
2 ـ عطيّة من رجال البخاري في الأدب المفرد :
والبخاري ـ وانْ لم يخرج عن عطيّة في كتابه المعروف بالصحيح ـ أخرج عنه في كتابه الآخر (الأدب المفرد) ... وهذا الكتاب وانْ لم يلتزم فيه بالصحّة لكنْ من البعيد أن يخرج فيه عمّن يراه من الكذّابين!!
3 ـ عطيّة من رجال أبي داود :
وأبو داود السجستاني أخرج عنه في كتابه الذي جعلوه من الصحاح الستة ، وقال الامام الحافظ إبراهيم الحربي لمّا صنف أبو داود كتابه : «أُلين لأبي داود الحديث كما أُلين لداود الحديد» نقله قاضي القضاة ابن خلّكان (2) وفي المرقاة في شرح المشكاة : «قال الخطابي شارحه : لم يصنّف في علم الدين مثله ، وهو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من الصحيحين. وقال أبو داود : ما ذكرت فيه حديثاً أجمع الناس على تركه. وقال ابن الأعرابي : من عنده القرآن وكتاب أبي داود لم يحتج معهما إلى شيء من العلم البتة. وقال الناجي : كتاب الله أصل
__________________
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري : 41.
(2) وفيات الأعيان 2 / 138.

الإسلام وكتاب أبي داود عيد الإسلام ، ومن ثمَّ صرّح حجة الإسلام الغزالي باكتفاء المجتهد به في الأحاديث ، وتبعه أئمة الشافعيّة على ذلك» (1).
فهذا طرف من كلمات القوم في وصف كتاب أبي داود الذي أخرج فيه عن عطيّة العوفي.
4 ـ عطيّة من رجال الترمذي :
والترمذي أيضاً أخرج عن عطيّة في كتابه المعدود من الصحاح الستّة عندهم ، والذي حكوا عنه أنه قال : «صنّفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به ، وعرضته على علماء العراق فرضوا به ، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به ، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلّم» (2).
5 ـ عطيّة من رجال ابن ماجة :
وابن ماجة القزويني أيضاً أخرج عن عطيّة في كتابه الذي نصَّ ابن خلكان على كونه أحد الصحاح الستة (3) ، وقد نقل عن ابن ماجة قوله : «عرضت هذه السنن على أبي زرعة فنظر فيه وقال : أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع أو أكثرها. ثمّ قال : لعلّه لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً ممّا في إسناده ضعف» (4).
__________________
(1) المرقاة في شرح المشكاة 1 / 22.
(2) انظر مقدّمة الشيخ أحمد محمّد شاكر لصحيح الترمذي.
(3) وفيات الأعيان 2 / 407.
(4) تذكرة الحفاظ 2 / 189.

6 ـ عطيّة من رجال أحمد في المسند :
وأحمد بن حنبل أخرج عنه فأكثر ، ومن ذلك روايات آية التطهير وحديث الثقلين ، ولا بدَّ من البحث هنا في جهاتٍ :
الأولى : في رأي أحمد في مسنده وأنه هل شرط فيه الصحيح أو لا؟
والثانية : في رأي العلماء في مسند أحمد.
والثالثة : في رأي أحمد في عطية.
أما رأيه في عطيّة فسنتكلّم عليه عند ما نتعرّض لطعن من طعن فيه.
رأي أحمد في المسند :
أمّا رأي أحمد بن حنبل في مسنده فقد ذكر الحافظ السيوطي عن بعض العلماء : أن أحمد شرط في مسنده الصحيح (1). وذكر قاضي القضاة السبكي بترجمة أحمد من (طبقاته) عن عبد الله بن أحمد قال : «قلت لأبي : لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند؟ فقال : عملت هذا الكتاب إماماً إذا اختلف الناس في سنّةٍ عن رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم رجع إليه».
قال السبكي : «قال أبو موسى المديني : لم يخرج إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته ، دون من طعن في أمانته. ثمّ ذكر باسناده إلى عبد الله ابن الامام أحمد رحمه‌الله قال : سألت أبي عن عبد العزيز بن أبان ، قال : لم أخرج عنه في المسند شيئاً ، لمّا حدّث بحديث المواقيت تركته».
__________________
(1) تدريب الراوي 1 / 171 ـ 172.

وأورد السبكي ما ذكره المديني بإسناده إلى حنبل بن اسحاق قال : «جمعنا عمّي ـ يعني الإمام أحمد ـ لي ولصالح ولعبد الله ، وقرأ علينا المسند ، وما سمعه معنا ـ يعني تماماً ـ غيرنا ، وقال لنا : إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فارجعوا إليه ، فإنْ كان فيه وإلّا ليس بحجة».
قال السبكي : «قال أبو موسى : ومن الدليل على أنّ ما أودعه الإمام أحمد رحمه‌الله مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً ، لم يورد فيه إلّا ما صحَّ عنده : ما أخبرنا به أبو علي الحداد ، قال : أنا أبو نعيم وأنا ابن الحصين وأنا ابن المذهّب ، قال : أنا القطيعي ، حدثنا عبد الله ، قال : حدّثني أبي ، حدثنا محمّد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي التياح ، قال : سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنه قال : يهلك أمتي هذا الحي من قريش. قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال : لو أنّ الناس اعتزلوهم. قال عبد الله : قال أبي في مرضه الذي مات فيه : اضرب على هذا الحديث ، فإنه خلاف الأحاديث عن النبي. يعني قوله : اسمعوا وأطيعوا. وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذّ لفظه مع الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه. فكان دليلاً على ما قلناه» (1).
وقال شاه ولي الله الدهلوي بعد ذكر طبقةٍ من الكتب : «وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة ، فإنّ الإمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم. قال : ما ليس فيه فلا تقبلوه» (2).
__________________
(1) طبقات الشافعية الكبرى 2 / 31 ـ 33.
(2) حجة الله البالغة : 134.

آراء العلماء في المسند :
وقال جماعة من أعلام الحفّاظ بصحّة أحاديث المسند كلّها ، ومنهم :
الحافظ أبو موسى المديني.
وقاضي القضاة السبكي.
والحافظ أبو العلاء الهمداني.
والحافظ عبد المغيث بن زهير الحربي ، وله في ذلك مصنَّف.
والحافظ ابن الجوزي عدّ المسند من دواوين الإسلام ، وذكره قبل الصحيحين. وهذه عبارته في مقدمة كتابه الموضوعات :
«فمتى رأيت حديثاً خارجاً عن دواوين الإسلام كالموطّإ ومسند أحمد والصحيحين وسنن أبي دواد والترمذي ونحوها ، فانظر فيه. فإنْ كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره ، وإنْ ارتبت فيه فرأيته يباين الأصول فتأمّل رجال اسناده ، واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمّى بالضعفاء والمتروكين ، فإنك تعرف وجه القدح فيه» (1).
وقاضي القضاة السبكي ، في كتابه الذي ألّفه في زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتعرّض فيه للردّ على ابن تيمية ، قال في البحث حول حديث : «من زار قبري وجبت له شفاعتي» بعد ذكر أنه في مسند أحمد : «وأحمد رحمه‌الله لم يكن يروي إلّا عن ثقة ، وقد صرّح الخصم ـ يعني ابن تيمية ـ بذلك ، في الكتاب الذي صنّفه في الردّ على البكري ، بعد عشر كراريس
__________________
(1) الموضوعات 1 / 99.

منه ، قال : إنّ القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان ، منهم من لم يرو إلّا عن ثقة عنده كمالك ... وأحمد بن حنبل ...
وقد كفانا الخصم مئونة تبيين أن أحمد لا يروي إلّا عن ثقة.
وحينئذٍ لا يبقى له مطعن فيه» (1).
وقال الحافظ جلال الدين السيوطي : «قال شيخ الإسلام ـ يعني ابن حجر العسقلاني ـ في كتابه : تعجيل المنفعة في رجال الأربعة : ليس في المسند حديث لا أصل له إلّا ثلاثة أحاديث أو أربعة ، منها حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة زحفاً ، قال : والاعتذار عنه أنه ممّا أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهواً ، أو ضرب وكتب من تحت الضرب».
قال السيوطي : «وقال في كتابه : تجريد زوائد مسند البزار : إذا كان الحديث في مسند أحمد لم نعزه إلى غيره من المسانيد».
قال : «وقال الهيثمي في زوائد المسند : مسند أحمد أصح صحيحاً من غيره».
قال : «وقال ابن كثير : لا يوازي مسند أحمد كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته ...».
قال : «وقال الحسيني في كتابه التذكرة في رجال العشرة : عدة أحاديث المسند أربعون ألفاً بالمكرر» (2).
وقال الدكتور أحمد عمر هاشم ـ استاذ الحديث بجامعة الأزهر ـ في تعليقه
__________________
(1) شفاء الاسقام في زيارة خير الأنام 10 ـ 11.
(2) تدريب الراوي 1 / 139.

على كتاب تدريب الراوي في هذا الموضع : «وللشيخ ابن تيميّة في ذلك كلام حسن ، فقد ذكر في التوسّل والوسيلة : انه إنْ كان المراد بالموضوع ما في سنده كذّاب ، فليس في المسند من ذلك شيء ، وإنْ كان المراد ما لم يقله النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لغلط راويه وسوء حفظه ، ففي المسند والسنن من ذلك كثير».
7 ـ توثيق عطيّة من قبل الأئمّة :
هذا ، وبالاضافة إلى كلّ ما تقدّم ... نجد في ترجمة عطية :
وثّقه ابن سعد وقال : له أحاديث صالحة.
وقال الدوري عن ابن معين : صالح.
ووثّقه الحافظ سبط ابن الجوزي (1).
وقال الحافظ أبو بكر البزار : يعدّ في التشيع ، روى عنه جلّة الناس.
وأبو حاتم وابن عدي ـ وإنْ ضعّفاه ـ قالا : يكتب حديثه.
8 ـ طعن بعضهم في عطيّة بسبب تشيّعه :
ثمّ إنّ المستفاد من كلمات القوم بترجمة عطية : إن السّبب العمدة في تضعيفه هو تشيّعه ، فعند ما نراجع تهذيب التهذيب نجد :
إن الجوزجاني لم يضعّفه وإنما قال : «مائل». وعن ابن عدي : «قد روى عن جماعةٍ من الثقات ، ولعطيّة عن أبي سعيد أحاديث عدّة وعن غير أبي سعيد ، وهو مع ضعفه يكتب حديثه ، وكان يعدّ مع شيعة أهل الكوفة». والبزار لم
__________________
(1) تذكرة خواص الأمة : 42.

يضعّفه وإنما ذكر تشيّعه ونصَّ على أنه مع ذلك فقد روى عنه جلّة الناس ، والساجي قال : «ليس بحجة» ولم يذكر لقوله دليلاً إلّا : «كان يقدّم عليّاً على الكل».
وقال ابن حجر : «قال ابن سعد : خرج عطيّة مع ابن الاشعث ، فكتب الحجاج الى محمّد بن القاسم أنْ يعرضه على سبّ علي ، فإنْ لم يفعل فاضربه أربعمائة سوط واحلق لحيته ، فاستدعاه فأبى أنْ يسب ، فأمضى حكم الحجاج فيه ، ثمّ خرج إلى خراسان ، فلم يزل بها حتى ولي عمر بن هبيرة العراق ، فقدمها فلم يزل بها إلى أنْ توفي سنة 111».
9 ـ النظر في الطاعن وكلامه :
لقد ضُرب الرجل أربعمائة سوطاً وحلقت لحيته ... بأمر من الحجّاج ... ثمّ جاء من لسانه وسوط الحجاج شقيقان فقال عنه : «مائل» أو ضعّفه ، أو اتّهمه ... وما ذلك كلّه إلّا لأنّه أبى أنْ يسبَّ عليّاً ...!!
لقد عرفت في المقدمة أنّ التشيع لا يضرّ بالوثاقة ، كما نصّ عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني في (شرح البخاري) ، وبنى عليه في غير موضع ، منها في ترجمة خالد بن مخلّد حيث قال : «أمّا التشيّع فقد قدّمنا أنّه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضرّه ، لا سيّما ولم يكن داعيةً إلى رأيه» (1).
والجوزجاني الذي قال عن عطيّة «مائل» : كان ناصبيّاً منحرفاً عن علي عليه‌السلام ، وكان يطلق هذه الكلمة على الرواة الشيعة ... فاستمع إلى ابن
__________________
(1) مقدمة فتح الباري : 398.

حجر يقول :
«خ د ت : إسماعيل بن أبان الورّاق الكوفي ، أحد شيوخ البخاري ولم يكثر عنه ، وثّقه النسائي ، ومطين ، وابن معين ، والحاكم أبو أحمد ، وجعفر الصائغ ، والدار قطني ، وقال في رواية الحاكم عنه : أثنى عليه أحمد وليس بقوي.
وقال الجوزجاني : كان مائلاً عن الحق ولم يكن يكذب في الحديث. يعني : ما عليه الكوفيون من التشيع.
قلت : الجوزجاني كان ناصبياً منحرفاً عن علي ، فهو ضد الشيعي المنحرف عن عثمان. والصواب موالاتهما جميعاً ، ولا ينبغي أنْ يسمع قول مبتدع في مبتدع» (1).
أقول :
فلا يسمع قول الجوزجاني في عطيّة وأمثاله إلّا ناصبي منحرف عن علي!!
وأيضاً : قد عرفت ـ في المقدمة ـ تنبيه الحافظ ابن حجر على عدم الاعتداد بالطعن بسبب الاختلاف في العقائد قائلاً : «واعلم أنه وقع من جماعةٍ الطعن في جماعةٍ بسبب اختلافهم في العقائد ، فينبغي التنبّه لذلك وعدم الاعتداد به إلّا بحق» (2).
وقد ذكرنا أنّ الحافظ ابن أبي حاتم الرازي أورد إمامهم الأكبر البخاري في كتاب (الجرح والتعديل) ، وأورده الحافظ الذهبي في كتاب (المغني في الضعفاء)
__________________
(1) مقدمة فتح الباري : 387.
(2) مقدمة فتح الباري : 382.

لطعن جماعةٍ من الأئمة في البخاري بسبب اختلافه معهم في مسألة اللفظ ، وهي من أهم المسائل في العقائد ... حتى تضجّر العلّامة السبكي والعلّامة المنّاوي من فعل الحافظ الذهبي هذا!!
وممّا يؤكّد ما ذكرنا من كون الرجل من رجال الصحاح ، وأنّ تضعيف بعضهم إيّاه إنما هو لأجل الاختلاف في العقائد ، وأنه لا يعتدّ به : حذف الحافظ ابن حجر اسم عطيّة العوفي من ميزان الاعتدال ، وعدم ذكره في (لسان الميزان) ، مشيراً إلى أنّه لا ينبغي الاصغاء إلى تكلّم الجوزجاني ومن كان على شاكلته ... في مثل عطيّة التابعي الثقة المعتمد عليه في الكتب المعوّل عليها عندهم ...
10 ـ رأي أحمد في عطية :
بقي أنْ نعرف رأي أحمد في عطيّة الذي أكثر عنه في المسند :
جاء في تهذيب التهذيب عن أحمد أنه قال : «هو ضعيف الحديث. ثمّ قال : بلغني أن عطيّة كان يأتي الكلبي فيسأله عن التفسير ، وكان يكنّيه بأبي سعيد فيقول : قال أبو سعيد.
قال أحمد : وحدّثنا أبو أحمد الزبيري : سمعت الكلبي يقول : كنّاني عطيّة أبو سعيد».
أقول :
هنا نقاط نضعها على الحروف ، أرجو أن يتأمّلها المحقّقون المنصفون ، بعد

الالتفات إلى ما ذكرناه حول ـ رأي أحمد في المسند ـ وبعد البناء على ثبوت هذا النقل عن أحمد الذي أكثر من الرواية عن عطيّة عن أبي سعيد :
1 ـ إنّ السبب في قوله : «ضعيف الحديث» هو ما ذكره قائلاً : «بلغني ...» ثمّ نظرنا فإذا في الجملة اللاحقة يذكر السند الذي بلغه الخبر به وهو : «أبو أحمد الزبيري سمعت الكلبي يقول ...».
2 ـ هذا الكلبي هو : محمّد بن السائب المفسّر المشهور ، ووفاته سنة (146) (1) وقد عرفت أن عطيّة مات سنة (111) (2) ، وهذا ما يجعلنا نتردّد في أصل الخبر ، ففي أيّ وقت حضر عطيّة التفسير عند الكلبي؟ وأيّ مقدارٍ سمع منه؟
3 ـ قال ابن حجر : «قال ابن حبّان ـ بعد أنْ حكى قصته مع الكلبي بلفظ مستغربٍ فقال : سمع من أبي سعيد أحاديث ، فلمّا مات جعل يجالس الكلبي يحضر بصفته ، فإذا قال الكلبي : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كذا فيحفظه ، وكنّاه أبا سعيد ، ويروي عنه ، فإذا قيل له : من حدّثك بهذا؟ فيقول : حدّثني أبو سعيد ، فيتوهّمون أنه يريد أبا سعيد الخدري ، وانما أراد الكلبي ـ قال : لا يحلّ كتب حديثه إلّا على التعجّب».
يفيد هذا النقل :
(أ) أنّ السبب في تضعيف ابن حبّان أيضاً هو هذه القصّة ...
__________________
(1) انظر : العبر وغيره حوادث 146.
(2) وهو قول ابن سعد ومطيّن والذهبي. قال الذهبي في تاريخ الإسلام : «وقال خليفة : مات سنة 127. وهذا القول غلط».

(ب) أنّ القصة ـ إنْ كان لها أصل ـ قد زاد القوم عليها أشياء من عندهم.
(ج) أنّ هذا اللفظ مستغرب بحيث التجأ ابن حجر إلى الطعن فيه.
واعلم أنّ «الدكتور» أورد اللفظ المذكور عن ابن حبان بواسطة ابن حجر وأسقط كلمة «بلفظٍ مستغرب»!!
4 ـ إنّ الكلبي المذكور رجل قد أجمعوا على تركه ، متّهم عندهم بالكذب والرفض ، قال ابن سعد : «قالوا : ليس بذاك ، في روايته ضعيف جداً» (1).
وقال الذهبي في وفيات سنة (146) : «فيها : محمّد بن السائب أبو نضر الكلبي الكوفي ، صاحب التفسير والأخبار والأنساب ، أجمعوا على تركه ، وقد اتهم بالكذب والرفض. قال ابن عدي : ليس لأحدٍ أطول من تفسيره» (2).
وفي طبقات المفسّرين : «محمّد بن السائب بن بشر الكلبي ، أبو النضر الكوفي النسابة المفسر ، روى عن : الشعبي وجماعة. وعنه : ابنه ، وأبو معاوية ، ويزيد ، ويعلى بن عبيد ، وخلف. متهم بالكذب ، ورمي بالرفض. قال البخاري : تركه القطّان وابن مهدي. قال مطيّن : مات سنة (146).
أخرج له : أبو داود في المراسيل ، والترمذي وابن ماجة في التفسير.
وله تفسير مشهور ، وتفسير الآي الذي نزل في أقوامٍ بأعيانهم ، وناسخ القرآن ومنسوخه» (3).
__________________
(1) تهذيب التهذيب 9 / 159.
(2) العبر 1 / 158.
(3) طبقات المفسرين 2 / 149.

فأقول :
إذا كان هذا الرجل مجمعاً على تركه ومتّهماً بالكذب والرفض ، فكيف روى عنه الجماعة وحتى بعض أصحاب الصحاح؟!
الواقع : إنهم كانوا يعتمدون عليه في التفسير ، فقد ذكر ابن حجر عن ابن عدي : «حدّث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير» ولذا روى عنه الترمذي وابن ماجة في التفسير كما عرفت ، ولم يكونوا يعتمدون عليه في الحديث ، كما عرفت من عبارة ابن سعد حيث قال : «في روايته ضعيف جداً» ، بل إنّ مثل عطيّة الذي لازم جماعةً من كبار الصحابة وروى عنهم في غنىً عن الرواية عن الكلبي.
لكنّهم حيث كانوا يأخذون منه التفسير كانوا يحاولون التستّر على ذلك ... لأنّه كان يفسّر الآي ويذكر الأقوام الذين نزلت فيهم بأعيانهم ـ ولعلّه لذا رمي بالكذب والرفض ـ وكذلك كان عطيّة ، فإنّه كان يكنّيه لئلّا يعرف الرجل فتلاحقه السلطات ، لا لغرض التدليس والتلبيس ...
ويشهد بذلك كلام قاضي القضاة ابن خلكان بترجمة الكلبي : «روى عنه سفيان الثوري ومحمّد بن اسحاق ، وكانا يقولان : حدّثنا أبو النصر ، حتى لا يعرف» (1). فلو كان ما يفعله عطيّة مضراً بوثاقته لتوجّه ذلك بالنسبة إلى سفيان وابن إسحاق ...
بل لَتَوَجّه الطعن في البخاري وكتابه المشهور بالصحيح ، فإنّه كان يروي عن «محمّد بن يحيى الذهلي» ـ الذي طرد البخاري من نيسابور ، وكتب إلى
__________________
(1) وفيات الأعيان 3 / 436.

الري ضدّه ، فترك أئمة القوم في الري الحضور عنده والسماع منه ـ فقد جاء بترجمة الذهلي : «أن البخاري يروي عنه ويدلّسه كثيراً ، لا يقول : (محمّد بن يحيى) بل يقول : (محمّد) فقط ، أو (محمّد بن خالد) أو (محمّد بن عبد الله) ينسبه إلى الجد ويعمّي اسمه ، لمكان الواقع بينهما» (1).
فهذا واقع الحال في رواية عطيّة عن الكلبي إن ثبت أصل القضية.
ويؤكّد ما ذكرنا توثيق ابن سعد وابن معين وغيرهما عطيّة ، وروايتهم عنه ، فلو كان صنيع عطيّة مضراً بوثاقته لما وثّقوه ولا رووا عنه.
ولا سيّما أحمد وأرباب الصحاح ... ويحيى بن معين الذي روى عنه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وسائر الأئمة ، وقد وصفوه بإمام الجرح والتعديل وجعلوه المرجع إليه في معرفة الصحيح والسقيم ، وربّما قدّموا رأيه على رأي البخاري في الرجال ...
الكلمة الأخيرة :
وأخيراً ... لو كان أحمد يرى ضعف حديث عطيّة ، فلما ذا روى عنه بكثرة في المسند الذي عرفت رأيه فيه؟
لقد تنبّه «الدكتور» إلى هذا الاعتراض فانبرى للجواب عنه ، وقال :
«وقد يقال هنا : إذا كان الامام أحمد يرى ضعف حديث عطيّة فلما ذا روى عنه؟ والجواب : ان الإمام أحمد إنما روى في مسنده ما اشتهر ، ولم يقصد
__________________
(1) سير أعلام النبلاء 12 / 275.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: رد: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:31 am

الصحيح ولا السقيم. ويدل على ذلك انّ ابنه عبد الله قال : قلت لأبي : ما تقول في حديث ربعي بن خراش عن حذيفة؟ قال : الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلت : نعم. قال : الأحاديث بخلافه. قلت : فقد ذكرته في المسند؟! قال : قصدت في المسند المشهور ، فلو أردت أن أقصد ما صحّ عندي لم أرو من هذا المسند إلّا الشيء بعد الشيء اليسير. وقد طعن الامام أحمد في أحاديث كثيرة في المسند ، وردَّ كثيراً ممّا روى ، ولم يقل به ، ولم يجعله مذهباً له.
وعند ما عدّ ابن الجوزي من الأحاديث الموضوعة أحاديث أخرجها الإمام أحمد في مسنده ، وثار عليه من ثار ، ألّف ابن حجر العسقلاني كتابه (القول المسدّد في الذبّ عن المسند). فذكر الأحاديث التي أوردها ابن الجوزي ، ثمّ أجاب عنها ، وممّا قال : الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الاحكام في الحلال والحرام. والتساهل في ايرادها مع ترك البيان بحالها شائع. وقد ثبت عن الامام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا : إذا روينا في الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوه تساهلنا. وهكذا حال هذه الأحاديث.
وما ذكره ابن حجر ينطبق على الأحاديث التي رويت عن عطيّة في المسند».
نقول :
هذه عبارة «الدكتور» كما هي بلا زيادةٍ ولا نقصان.
والمهمّ فيها هو الجواب عن السؤال ... والجواب هو قوله :

«ما ذكره ابن حجر ينطبق على الأحاديث التي رويت عن عطيّة في المسند».
أي : إن أحمد يرى ضعف حديث عطيّة ، لكنّه روى أحاديث آية التطهير في الخمسة وفضائل أهل البيت والتمسّك بالعترة عن عطيّة وأمثاله لتساهله في الفضائل.
لكن هذا الجواب غير مسموع ، ولو كلّف «الدكتور» نفسه وراجع روايات أحمد عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري فقط ، لوجد فيها الفضائل ، والأحكام في الحلال والحرام ، والتفسير ، والمواعظ ...
وبتعبير آخر : إنّ هذا الجواب من «الدكتور» يؤكّد الأدلّة التي أقمناها على وثاقة عطية عند أحمد وغيره من الأئمة ، والبيان الذي ذكرناه لقصّة روايته على الكلبي ـ إنْ صحّت ـ ... لأنّ المفروض أنه «قد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا : إذا روينا في الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا» هذا هو المفروض ... وقد وجدنا أحمد يروي عن عطيّة الحلال والحرام ...
فهل «الدكتور» يجهل هذا؟ أو يتجاهله؟!
نعم ... إن أحمد كما روى حديث نزول آية التطهير في الخمسة ، وحديث التمسك بالعترة عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري ... وهما من أحاديث الفضائل ، كذلك روى عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري ... من أحاديث الحلال والحرام بكثرة ...
ففي نظرةٍ سريعة في الجزء الثالث ، في مسند أبي سعيد الخدري ، الذي يبدأ

من الصفحة (2) وينتهي في صفحة (98) ، نجد روايته عنه في الصفحات : 7 ، 9 ، 10 ، 13 ، 14 ، 17 ، 20 ، 21 ، 22 ، 27 ، 31 ، 32 ، 38 ، 39 ، 40 ، 42 ، 43 ، 45 ، 54 ، 55 ، 65 ، 73 ، 74 ، 80 ، 83 ، 89 ، 93 ، 97 ، 98 ...
فمثلاً في الصفحة (43) روى عنه حديثاً في حكم الأضحية.
وفي الصفحة (45) حديثاً في أن الجنين ذكاته ذكاة أُمّه.
وفي الصفحة (54) و (73) في حكم غسل الجنابة ...
وهكذا ...
هذا في رواياته عن عطيّة عن أبي سعيد الخدري ... ولو وجدنا متّسعاً لعددنا روايات أحمد عن عطيّة عن غير أبي سعيد من الصحابة ، لا سيّما ما كان منها في الاحكام والحلال والحرام .. إلّا أن في ما ذكرنا غنىً وكفاية.
فإذا ثبتت وثاقة «عطيّة» على ضوء كلمات القوم ... وكان الخبر «من الأخبار التي تبيّن أن الآية الكريمة تعني هؤلاء» باعتراف الدكتور ... كان الحديث دليلاً تامّاً للقول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار ، والحمد لله رب العالمين.
موقف الدكتور من قول عكرمة :
ثمّ قال الدكتور بالنسبة إلى ما حكاه الطبري عن عكرمة :
«أمّا الخبر الأخير فذكر أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس. وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في شأن نساء النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم. فإن كان المراد أنهنَّ رضي الله تعالى عنهنّ كنّ سبب النزول دون غيرهن ، فهذا

يتّفق مع ما ذهب إليه كثير من المفسرين ، ولا عبرة بمعارضة رواية عطيّة. وإنْ اريد أنهن المراد فقط دون غيرهنّ ، فهذا معارض بكثير من الأخبار. ولذلك فالخبر لا يقبل إلّا على الوجه الأول».
أقول :
هنا ملاحظات :
أولاً : إن هذه العبارة التي ذكرها : «فإنْ كان المراد ...» هي من كلام ابن كثير في تفسيره ، وقد كان الأولى له أن ينسب الكلام الى قائله!
وثانياً : إنّه ناقش في وثاقة «عطيّة» وأطنب ، فكان من الحق أنْ يذكر النقاش في «عكرمة» ولو مع الدفاع عنه والردّ على ما قيل فيه ...
وقد عرفت أن هذا الرجل لا يجوّز الاعتماد عليه إلّا من كان على شاكلته.
وثالثاً : إن هذا الذي حكي في تفسير الطبري عن «عكرمة» إنّما هو قول من عنده ، وليس راوياً له عن ابن عباس أو غيره! ... وقد تقدّم نصّ عبارة الطبري.
الحديث الثاني وكلام الدكتور حوله :
قال : «وأخبار الطبري الأُخرى منها : ما رواه عن أُمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله معه. ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وهذا الخبر يقتصر على الحسن ، ولكنه ـ بلا شك ـ لا يمنع كون غيره من أهل

البيت. وروى الامام مسلم عنها روايةً مماثلةً وفيها دخول باقي الخمسة الأطهار».
أقول :
وهنا ملاحظات :
1 ـ لقد أسقط الدكتور من هذا الخبر جملة : «ثمّ جاء علي فأدخله معه».
2 ـ إنه لم يناقش في سنده ، فهو يعترف بصحته.
3 ـ إن هذا الخبر الصحيح سنداً والواضح دلالةً ـ لا سيّما بقرينة رواية مسلم ـ بيانٌ تام من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمراد من «أهل البيت» في «آية التطهير» وعلى المسلمين قاطبةً التسليم بما جاء به النبي والانقياد له.
الحديث الثالث وكلام الدكتور حوله :
قال : «وروى الطبري عن أنس : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر كلّما خرج الى الصلاة ، فيقول : الصّلاة أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وهذا الحديث الشريف كذلك ، لا يمنع شمول الآية لغير من ذكر».
أقول :
هنا ملاحظات :

أولاً : حديث مروره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببيت فاطمة كلّما خرج إلى الصلاة ، وخطابه أهل البيت بالآية المباركة ... رواه عدّة من الصحابة ، منهم :
1 ـ أُمّ سلمة.
2 ـ أبو سعيد الخدري.
3 ـ عبد الله بن عباس.
4 ـ أبو الحمراء ـ خادم رسول الله ـ.
5 ـ أبو برزة.
6 ـ معقل بن يسار.
وثانياً : عدم مناقشة الدكتور في سند حديث الطبري يدل على قبوله له.
وثالثاً : إنّ هذا الحديث يمنع شمول الآية لغير أهل البيت الذين خاطبهم مدّة ستة أشهر فيما رواه أنسٌ ، أو تسعة أشهر ، أو بعد كل فريضة ، فيما رواه غيره ... فإنّ فعله هذا والتزامه به يؤكّد ما فعله من قبل في حديث الكساء ، حيث لم يأذن لغيرهم بالدخول تحته ... في ما رواه كبار الأئمّة والحفّاظ كما رأيت.
الحديث الرابع والعاشر :
قال الدكتور : «وروى عدّة روايات عن أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت : «كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي ، وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فجعلت لهم خزيرة ، فأكلوا وناموا ، وغطّى عليهم عباءة أو قطيفةً ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
وفي رواية اخرى : أنه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أجلسهم على كساء ، ثمّ

أخذ بأطرافه الأربعة بشماله ، فضمه فوق رءوسهم ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه فقال : هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
وهاتان الروايتان تتّفقان مع رواية الامام مسلم عن أُمّ المؤمنين عائشة في دخول الخمسة في الآية. ولكنّ هذا لا يحتّم عدم دخول غيرهم».
أقول :
وهنا ملاحظات :
الأُولى : إنه لم يناقش في سند الحديثين.
والثانية : إنه أورد الحديث الأول بلفظه الكامل. أمّا الحديث الثاني فقد نقصه ولم يذكر منه مورد الحاجة! والحديث هو :
«عن أبي هريرة ، عن أُمّ سلمة ، قالت : جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدةً تحلّها على طبق ، فوضعته بين يديه فقال : أين ابن عمّك وابناك؟ فقالت : في البيت. فقال : ادعيهم. فجاءت إلى علي فقالت : أجب النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنت وابناك. قالت أُمّ سلمة : فلمّا رآهم مقبلين مدّ يده إلى كساءٍ كان على المنامة ، فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه ، ثمّ أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رءوسهم ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربّه فقال : هؤلاء أهل البيت ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».
والثالثة : إن قوله : «ولكنّ هذا لا يحتّم عدم دخول غيرهم» مردود بما جاء في نص الحديث العاشر ، فالنبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أمر فاطمة

باحضار علي وابنيه ، وأجلسهم على الكساء ... ولم يقل لأمّ سلمة ـ الحاضرة في الدار ـ شيئاً ، كما أنها لم تطلب الجلوس على الكساء معهم أصلاً ...
فظهر السبب في عدم إيراد «الدكتور» الحديث بكامله!!
الحديثان الخامس والسادس :
أغفلهما «الدكتور»!!
وقد اشتهر عن أبي الحمراء حديث مرور النبي بباب فاطمة عليها‌السلام وقوله : «الصلاة ، الصلاة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، فقد رواه عنه الأئمة بأسانيد متكاثرة ، فكان من الأحاديث الثابتة القطعيّة.
فلما ذا الإغفال من «الدكتور»؟!
الحديثان السابع والثامن :
قال الدكتور : «وذكر الطبري روايتين عن واثلة بن الأسقع تتفقان مع الروايات الثلاث السابقة ، وتدخلانه هو مع أهل البيت ...» فذكر الحديثين.
أقول :
إنّه يذكر هذين الحديثين في حين لا يذكر المتن الكامل للحديث العاشر! ويغفل حديث المرور ببيت فاطمة عن أبي الحمراء!

إنّه ليس في هذين الحديثين ما يدلّ على دخول واثلة مع «أهل البيت»!
إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انما الكساء على الخمسة فقط وبيّن أنهم المراد من «أهل البيت» في الآية المباركة ... كلّ ذلك في حضور غير هؤلاء الخمسة ... يقول واثلة : قلت : يا رسول الله ، وأنا؟ قال : وأنت. وفي الأُخرى : فقلت من ناحية البيت : وأنا يا رسول الله من أهلك؟ قال : وأنت من أهلي ...
فهو ـ بحسب هذا الحديث ـ من أهل النبي ، ولكنْ ليس من «أهل البيت» في «آية التطهير» ولو كان هو ـ أو غيره ـ منهم لأدخله من أوّل الأمر.
هذا مفاد هذا الحديث ... وهكذا فهِم الأئمة الأعلام ـ كالطحاوي ـ منها ، وسنورد عبارته ...
وأمّا بحسب ما أخرجه الحاكم في المستدرك ـ وصحّحه على شرط مسلم ـ عن واثلة بن الأسقع ، فليس في لفظه : «فقلت : يا رسول الله ...» وهذا شاهد آخر على عدم دخول واثلة في «أهل البيت» بالمعنى المقصود منه في «آية التطهير».
الحديثان التاسع والحادي عشر وكلام الدكتور حولهما :
وذكر «الدكتور» الحديثين التاسع والحادي عشر الصريحين في عدم دخول الزوجات.
فقال : «ينتهي الاسناد إلى عطيّة عن أبي سعيد عن أُمّ سلمة. وقد بيّنت ضعف عطيّة ورواياته عن أبي سعيد».

أقول :
قد بيّنت ما في كلامه بالتفصيل ... فالسند معتبر على ضوء ما ذكرنا والدلالة واضحة ، فالبيان تام.
الحديث الثاني عشر وكلام الدكتور حوله :
وذكر «الدكتور» الحديث الثاني عشر الصريح كذلك في عدم دخول الزوجات ، فتكلّم فيه لاشتمال السند على رجلين :
1 ـ خالد بن مخلّد. قال : «وهو متكلّم فيه ، وثّقه عثمان بن أبي شيبة وابن حبان والعجلي ، وقال ابن معين وابن عدي : لا بأس به. وقال أبو حاتم : يكتب حديثه. وقال الآجري عن أبي داود : صدوق ولكنه يتشيّع. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : له أحاديث مناكير. وقال ابن سعد : كان متشيّعاً منكر الحديث في التشيع مفرطاً ، وكتبوا عنه للضرورة. وقال صالح بن محمّد جزرة : ثقة في الحديث إلّا أنه كان متّهماً بالغلو. وقال الجوزجاني : كان شتّاماً معلناً لسوء مذهبه. وقال الأعين : قلت له : عندك أحاديث في مناقب الصحابة؟ قال : قل في المثالب أو المثاقب ـ يعني بالمثلّثة لا بالنون ـ وحكى أبو الوليد الباجي في رجال البخاري عن أبي حاتم أنه قال : لخالد بن مخلّد أحاديث مناكير ويكتب حديثه. وقال الازدي : في حديثه بعض المناكير وهو عندنا في عداد أهل الصدق. وذكره الساجي والعقيلي في الضعفاء.
من هنا نرى أن ما يرويه خالد بن مخلّد متّصلاً بمذهبه الشيعي لا يحتج به.
وقد يقال : كيف لا يحتج به وهو من شيوخ البخاري؟ فأقول : من الثابت أن

له مناكير ـ كما قال الامام أحمد بن حنبل وغيره ـ والامام البخاري يعرف متى يكتب ومتى يترك. ولذا جاء في كتاب (توجيه النظر إلى أصول الأثر) لطاهر ابن صالح بن أحمد الجزائري الدمشقي (ص 103) في الحديث عن خالد بن مخلّد : «أما المناكير فقد تتبّعها أبو أحمد بن عدي من حديثه وأوردها في كامله ، وليس فيها شيء مما أخرجه له البخاري ، بل لم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد ، وهو حديث أبي هريرة : من عادى لي وليّاً. الحديث».
2 ـ موسى بن يعقوب. قال : «وهو متكلم فيه أيضاً ، وثّقه ابن معين وابن حبان وابن القطّان ، وقال الآجري عن أبي داود : هو صالح ، وقال ابن عدي : لا بأس به عندي ولا برواياته. وقال علي ابن المديني : ضعيف الحديث منكر الحديث. وقال النسائي : ليس بالقوي. وقال أحمد : لا يعجبني».
ترجمة خالد بن مخلَّد :
أقول : ان «خالد بن مخلَّد» متكلَّم فيه كما قال ، ولكن إذا كان المقصود الاعتماد على من لم يتكلَّم فيه أصلاً فحسب ، فلا يوجد في الأئمة والرواة من لم يتكلَّم فيه ... حتّى البخاري ومسلم ... هذا أوّلاً.
وثانياً : إنَّه قد تقرر عند القوم عدم الاعتناء بالقدح المستند إلى الاختلاف في الاعتقاد. وقد قدّمنا عبارة الحافظ ابن حجر في المقدمة ، فلاحظ.
وثالثاً : انه ليس القدح في «خالد بن مخلَّد» إلّا لتشيعه ، نصّ على ذلك الحافظ ابن حجر حيث قال : «خ م ت س ق (1) ـ خالد بن مخلَّد القطواني
__________________
(1) هذه الرموز «خ» البخاري ، «م» مسلم ، «ت» للترمذي ، «س» للنسائي ، «ق» لابن ماجة القزويني.

الكوفي ، أبو الهيثم ، من كبار شيوخ البخاري. روى عنه وروى عن واحدٍ عنه. قال العجلي : ثقة وفيه تشيع. وقال ابن سعد : كان متشيعاً مفرطاً. وقال صالح جزرة : ثقة إلّا أنه يتشيّع. وقال ابو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به.
قلت : أما التشيع فقد قدمنا أنّه ـ إذا كان ثبت الأخذ والأداء ـ لا يضره سيّما ولم يكن داعيةً الى رأيه» (1).
أقول :
فالرجل من كبار شيوخ البخاري ....
ومن قال : «في حديثه بعض المناكير» فقد نصّ في نفس الوقت على أنه «صدوق» ... ومن هنا يظهر أن رواية المناكير لا تضرّ ... ثمّ من الذي خلصت جميع رواياته عن رواية منكرة؟!
على أنّ هذا الحديث ليس من المناكير قطعاً.
رابعاً : الكلام الذي نقله عن (توجيه النظر إلى أصول الأثر) هو للحافظ ابن حجر ، فإنه قال بعد : «أما التشيّع ...» في العبارة التي نقلناها عنه : «وأمّا المناكير فقد تتبّعها أبو أحمد ابن عدي من حديثه وأوردها في كامله وليس فيها شيء ممّا أخرجه له البخاري ، بل لم أر له عنده من افراده سوى حديث واحد وهو حديث أبي هريرة : من عادى لي ولياً. الحديث. وروى له الباقون سوى أبي داود».
__________________
(1) مقدمة فتح الباري في شرح البخاري : 398. وقد أوردنا هذا في مقدمة الكتاب أيضاً.

وإنْ شئت فراجع كتاب (اصول النظر) فقد جاء (في ص 100) ما نصّه : «وقد اتبع الحافظ ابن حجر هذا الفصل بفصلٍ آخر يناسبه ، قال في أوّله : الفصل التاسع : في سياق أسماء من طعن فيه من رجال هذا الكتاب (يعني البخاري) مرتّباً لهم على حروف المعجم ، والجواب عن الاعتراضات موضعاً موضعاً ...» ثمّ قال الجزائري (ص 101) : «وقد أحببت أنْ أُورد من هذا الفصل شيئاً ليقف المطالع على مسلكهم في البحث عن حال الرجال ، الذي هو من أهمّ المباحث عند أهل الأثر ...» إلى أن قال (ص 103) : «حرف الخاء (خ م ت س ق) : خالد بن مخلّد القطواني الكوفي ، أبو الهيثم ، من كبار شيوخ البخاري ... قلت : أمّا التشيّع ، فقد قدّمنا ... وأمّا المناكير ، فقد تتبّعها أبو أحمد ابن عدي ... وروى له الباقون سوى أبي داود».
لكن الدكتور نسب الكلام الى الجزائري ليتسنّى له ـ بزعمه ـ إسقاط صدر الكلام «وأما التشيع ...» وذيله : «وروى له الباقون سوى أبي داود». فحيّا الله العلم والتحقيق والأمانة!.
ترجمة موسى بن يعقوب :
وأما موسى بن يعقوب فقد راجعنا ترجمته في (تهذيب التهذيب) (1) كما أمر «الدكتور» فوجدناه :
1 ـ من رجال البخاري في (الأدب المفرد) وهذا الكتاب ـ وإنْ لم يلتزم فيه بالصحَّة ـ لكنه من البعيد جداً أن يروي فيه عمّن لم يثبت عنده صدقه.
__________________
(1) تهذيب التهذيب 10 / 337.

2 ـ من رجال الكتب الأربعة ... وهي من الصحاح الستّة.
3 ـ وثّقه : يحيى بن معين ، والقطان ، وابن حبان.
4 ـ قال أبو داود : صالح. وقال ابن عدي : لا بأس به عندي ولا برواياته.
أقول :
وهذا القدر كافٍ لأن نحتج بروايته ... إذ العمدة صدقه ووثاقته عندهم ، والقدح فيه إنما كان من ناحية حفظه. ولذا قال ابن حجر الحافظ نفسه :
«صدوق سيّئ الحفظ» (1).
الحديث الثالث عشر وكلام الدكتور حوله :
وأورد الحديث الثالث عشر ـ الصريح كذلك في عدم دخول الزوجات ـ وتكلّم في سنده لاشتماله على :
1 ـ عبد الرحمن بن صالح. فقال : «هو من شيعة الكوفة ومتكلّم فيه : وثّقه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما. وقال موسى بن هارون : كان ثقة وكان يحدّث بمثالب أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وقال الآجري عن أبي داود : لم أر أن أكتب عنه ، وضع كتاب مثالب في أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : وذكره مرّةً أُخرى فقال : كان رجل سوء. وقال ابن عدي : معروف مشهور في الكوفيين ، لم يذكر بالضعف في الحديث ولا اتّهم إلّا
__________________
(1) تقريب التهذيب 2 / 289.

أنه محترق فيما كان فيه من التشيّع».
2 ـ محمّد بن سليمان الأصبهاني. قال : «ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال أبو حاتم : لا بأس به يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي : مضطرب الحديث قليل الحديث ، ومقدار ما له قد أخطأ في غير شيء منه. وضعّفه النسائي».
ترجمة عبد الرحمن بن صالح :
أقول :
أمر «الدكتور» بالرجوع إلى «تهذيب التهذيب» (1) ونحن نرى ذكر العبارة كاملةً لنعرف الرجل معرفةً تامّةً (2) ، قال :
«وعنه : إبراهيم بن إسحاق الجزري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وعباس الدوري ، وعبد الله بن أحمد الدورقي ، وعثمان بن خرزاذ ، ومحمّد بن غالب تمتام ، ويعقوب بن سفيان ، وأبو قلابة الرقاشي ، وأحمد بن علي البربهاري ، وأبو بكر ابن أبي خيثمة ، وابراهيم بن فهد ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأبو يعلى أحمد ابن علي بن المثنى ، وآخرون.
قال يعقوب بن يوسف المطوعي : كان عبد الرحمن بن صالح رافضيّاً يغشى أحمد بن حنبل فيقرّبه ويدنيه فقيل له فيه ، فقال : سبحان الله رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ثقة. وقال سهل بن علي
__________________
(1) تهذيب التهذيب 6 / 178 ، تهذيب الكمال 17 / 177.
(2) ولنعرف «الدكتور» ونقدّر سعيه في العلم والتحقيق!

الدوري : سمعت يحيى بن معين يقول : [يقدم] عليكم رجل من أهل الكوفة يقال له عبد الرحمن بن صالح ، ثقة صدوق شيعي لأنْ يخرّ من السماء أحب إليه من أن يكذب في نصف حرف. وقال محمّد بن موسى البربري : رأيت يحيى بن معين جالساً في دهليزه غير مرة يكتب عنه. وقال الحسين بن محمّد بن الفهم : قال خلف بن سالم لابن معين : نمضي إلى عبد الرحمن بن صالح؟ فزجره وقال : عنده سبعون حديثاً ما سمعت منها شيئاً. وقال ابن محرز عن ابن معين : لا بأس به. وقال أبو حاتم : صدوق. وقال موسى بن هارون : كان ثقةً وكان يحدّث بمثالب أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه. وقال في موضع آخر : خرقت عامة ما سمعت منه. وقال أبو القاسم البغوي : سمعته يقول : أفضل هذه الأمّة بعد نبيّها أبو بكر وعمر. وقال عبد المؤمن بن خلف عن صالح بن محمّد : كوفي إلّا أنه كان يقرض عثمان. وقال علي بن محمّد بن حبيب عن صالح ابن محمّد : صدوق. وقال الآجري عن أبي داود : لم أر أنْ اكتب عنه ، وضع كتاب مثالب في أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قال : وذكره مرة اخرى فقال : كان رجل سوء. وذكره ابن حبّان في الثقات. وقال ابن عدي : معروف مشهور في الكوفيين لم يذكر بالضعف في الحديث ولا اتّهم فيه إلّا أنه محترق فيما كان فيه من التشيع. وقال الحضرمي وغيره : مات سنة 235».
هذه هي الكلمات في حقّ هذا الرجل ، وفيها :
1 ـ «كان يغشى أحمد بن حنبل فيقرّبه ويدنيه ، فقيل له فيه ، فقال : سبحان الله ، رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي وهو ثقة» فأحمد كان مع علمه بعقيدة الرجل «يقرّبه ويدنيه» ويجيب عما قيل فيه ويدافع عنه.
و «الدكتور» لم ينقل هذا أصلاً.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: رد: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:32 am

كما أن ابن حجر ـ أو الطابع لكتابه ـ حرّف كلام أحمد ، إذ العبارة هي : «سبحان الله ، رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نقول له لا تحبّهم؟! هو ثقة» (1).
2 ـ شهادة يحيى بن معين بثقته وصدقه وأنه «لأنْ يخرّ من السماء أحبّ إليه من أن يكذب في نصف حرف» و «يحيى بن معين» هو هو في الجرح والتعديل عندهم.
وهذا أيضاً أسقطه «الدكتور»!
3 ـ شهادة أبي حاتم بصدقه.
وهذا أيضاً أسقطه «الدكتور».
وقال الحافظ الذهبي عن أبي حاتم : أنّه «إذا وثّق رجلاً فتمسّك بقولهِ ، فإنّه لا يوثّق إلّا رجلاً صحيح الحديث» (2).
4 ـ توثيقات الآخرين.
5 ـ وأنّ السبب في تكلّم البعض فيه هو «التشيّع» وأنه «كان يحدّث بمثالب الأزواج والأصحاب». وقد عرفنا أنّ هذا لا يوجب الطرح ، لا سيّما وقد علمنا أنّه «لا يكذب في نصف حرف».
6 ـ ولما ذكرنا قال الحافظ بترجمته : «صدوق ، يتشيّع» (3).
__________________
(1) تهذيب الكمال 17 / 180.
(2) سير أعلام النبلاء 13 / 247.
(3) تقريب التهذيب 1 / 484.

ترجمة محمّد بن سليمان الأصبهاني :
و «محمّد بن سليمان بن الأصبهاني» من رجال هذا الحديث عند الترمذي في صحيحه ، كما في الاحاديث المتقدّمة عنه.
وهو من رجال النسائي وابن ماجة ، كما في (تهذيب التهذيب) (1) وغيره.
ولم يرمَ بشيءٍ إلّا الاضطراب والخطأ في الحديث ، ولذا قال الحافظ ابن حجر : «صدوق ، يخطئ» (2).
فالرجل صادق ... باعتراف الأئمة الأعلام ورواياتهم عنه بلا كلام.
الحديث الرابع عشر وإغفال الدكتور إيّاه!
وأغفل الدكتور الحديث عن الامام علي زين العابدين عليه‌السلام الذي هو نصٌّ في أن «أهل البيت» في «آية التطهير» «هم» فقط.
وإغفاله إياه دليلٌ على صحّة سنده عنده أيضاً!!
الحديث الخامس عشر وإغفال الدكتور إيّاه!
وهو الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص ... وقد أوضحنا صحته سنداً في السابق ... ودلالته واضحة جداً ....
فكان من اللازم أنْ يغفله «الدكتور»!!
__________________
(1) تهذيب التهذيب 9 / 178.
(2) تقريب التهذيب 2 / 166.

الحديث السادس عشر وكلام الدكتور حوله :
وأورد الحديث السادس عشر ـ الصريح في عدم دخول الزوجات ـ وتكلّم فيه من ناحية السند فقط ، لاشتماله على «عبد الله بن عبد القدوس».
قال : «وهو شيعي متكلَّم فيه ، حكي عن محمّد بن عيسى أنه قال : هو ثقة ، وقال البخاري : هو في الأصل صدوق إلّا أنه يروي عن أقوام ضعاف ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : ربما اغرب. وقال عبد الله بن أحمد : سألت ابن معين عنه فقال : ليس بشيء ، رافضي خبيث. وقال محمّد بن مهران الجمال : لم يكن بشيء كان يسخر منه يشبه المجنون ، يصيح الصبيان في أثره. وقال أبو داود : ضعيف الحديث كان يرمى بالرفض ، قال : وبلغني عن يحيى أنه قال : ليس بشيء. وقال أبو أحمد الحاكم : في حديثه بعض المناكير. وضعّفه النسائي والدار قطني».
ترجمة عبد الله بن عبد القدّوس (1) :
أقول :
أوّلاً : الرجل من رجال البخاري في التعاليق ... وهل من دأب البخاري الرواية عن الكاذبين في التعاليق؟!
وثانياً : الرجل من رجال صحيح الترمذي.
وثالثاً : تصريح البخاري بكونه صدوقاً يكفي في الاحتجاج به ... مضافاً إلى توثيق ابن حبّان وغيره.
__________________
(1) تهذيب التهذيب 5 / 265.

ورابعاً : كونه رافضياً لا يضرّ وإلّا لم يحكم البخاري بصدقه ... وكذا غير ذلك مما في بعض الكلمات.
وخامساً : ولِما ذكرنا حكم الحافظ بصدقه فقال : «صدوق ، رمي بالرفض ، وكان أيضاً يخطئ» (1).
نتيجة البحث عن الروايات :
قد عرفنا ـ إلى الآن ـ أنَّ حديث اختصاص «آية التطهير» ب «الخمسة الأطهار» مخرَّج في الصحاح ، كصحيح مسلم ، وصحيح الترمذي ، وصحيح ابن حبّان ، والخصائص للنسائي ، وفي المسانيد ، كمسند أحمد بن حنبل ، وفي المستدرك على الصحيحين وتلخيصه للذهبي ، وفي كتب الحديث المشهورة والتفاسير المعتبرة ...
وعرفنا أنّ غير واحدٍ من الأئمة الأعلام ينصّون على صحّته ، ...
لكنّ «الدكتور» أغفل كلّ ذلك ....
واقتصر «الدكتور» على روايات الطبري ـ مع إغفال بعضها كذلك ـ وقد عرفنا اندفاع مناقشاته في أسانيدها ...
لقد أقمنا الحجّة التامّة للقول باختصاص الآية بالخمسة الطاهرة.
ولم يكن هناك أيّ دليلٍ على ما يخالف هذا القول ، إلّا ما حكي عن «عِكرمة» وأضرابه الّذين عرفناهم.
__________________
(1) تقريب التهذيب 1 / 430.

مَن قال من الأئمة باختصاص الآية بالخمسة
ومن هنا نرى أنّ جماعةً من الأئمة يصرّحون باختصاص الآية المباركة بالخمسة الطاهرة ... منهم : الإمام الحافظ ابن حبان صاحب الصحيح ، ومنهم : الإمام الحافظ الكبير أبو جعفر الطحاوي (1) ، وهذه عبارته :
__________________
(1) أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة المصري الحنفي ـ المتوفّى سنة 321 ـ توجد ترجمته مع الثناء البالغ في : طبقات أبي إسحاق الشيرازي : 142 ، والمنتظم 6 / 250 ، ووفيات الأعيان 1 / 71 ، وتذكرة الحفّاظ 3 / 808 ، والجواهر المضيّة في طبقات الحنفية 1 / 102 ، وغاية النهاية في طبقات القرّاء 1 / 116 ، وحسن المحاضرة وطبقات الحفّاظ : 337 ، وغيرها.
وقد عنونه الحافظ الذهبي بقوله : «الطحاوي الإمام العلّامة ، الحافظ الكبير ، محدِّث الديار المصرية وفقيهها» قال : «ذكره أبو سعيد ابن يونس فقال : عداده في حجر الأزد ، وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً لم يخلّف مثله» قال الذهبي : «قلت : من نظر في تواليف هذا الإمام علم محلّه من العلم وسعة معارفه ...» سير اعلام النبلاء 15 / 27 ـ 32.

كلام الإمام الطحاوي :
«بابُ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المراد بقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) من هم؟
حدّثنا الربيع المرادي ، حدّثنا أسد بن موسى ، حدّثنا حاتم بن إسماعيل ، حدّثنا بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، قال : لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً عليهم‌السلام وقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي.
فكان في هذا الحديث أنّ المراد بما في هذه الآية هم : رسول الله وعليٌّ وفاطمة وحسن وحسين.
حدّثنا فهد ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن جعفر ، عن عبد الرحمن البجلي ، عن حكيم بن سعيد ، عن أُمّ سلمة ، قالت : نزلت هذه الآية في رسول الله وعليّ وفاطمة وحسن وحسين عليهم‌السلام (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
ففي هذا الحديث الذي في الأوّل».
ثمّ إنّه أخرج بأسانيد عديدة هذا الحديث عن أُمّ سلمة ، وفيها الدلالة الصريحة على اختصاص الآية بأهل البيت الطاهرين ، وهي الأحاديث التي جاء فيها أنّ أُمّ سلمة سألت : «وأنا معهم؟» فقال رسول الله : «أنتِ من أزواج النبيّ ، وأنتِ على خير ـ أو : إلى خير ـ».
وقالت : «فقلت : يا رسول الله ، أنا من أهل البيت؟ فقال : إنّ لكِ عند الله

خيراً. فوددت أنّه قال نعم ، فكان أحبّ إليَّ ممّا تطلع عليه الشمس وتغرب».
وقالت : «فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه رسول الله وقال : إنّكِ على خير».
قال الطحاوي : «فدلَّ ما روينا من هذه الآثار ـ ممّا كان من رسول الله إلى أُمّ سلمة ـ ممّا ذكرنا فيها لم يرد به أنّها كانت ممّا أُريد به ممّا في الآية المتلوّة في هذا الباب ، وأنّ المراد بما فيها هم : رسول الله وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين دون مَن سواهم ـ يدلّ على مراد رسول الله بقوله لأُمّ سلمة في هذه الآثار مِن قوله لها : أنتِ من أهلي :
ما قد حدّثنا محمّد بن الحجّاج الحضرمي وسليمان الكيساني ، قالا : حدّثنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، أخبرني أبو عمّار ، حدّثني واثلة ... فقلت : يا رسول الله ، وأنا من أهلك؟ فقال : وأنتَ من أهلي.
قال واثلة : فإنّها مِن أرجى ما أرجو!
وواثلة أبعد منه مِن أُمّ سلمة منه ، لأنّه إنّما هو رجل من بني ليث ، ليس من قريش. وأُمّ سلمة موضعها من قريش موضعها الذي هي به منه ، فكان قوله لواثلة : وأنتَ من أهلي ، على معنى : لاتّباعك إيّاي وإيمانك بي ، فدخلت بذلك في جملتي.
وقد وجدنا الله تعالى قد ذكر في كتابه ما يدلّ على هذا المعنى بقوله : (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) (1) فأجابه في ذلك بأنْ قال :
__________________
(1) سورة هود 11 : 45.

(إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) (1) إنّه يدخل في أهله من يوافقه على دينه وإنْ لم يكن من ذوي نسبه.
فمثل ذلك أيضاً ما كان من رسول الله جواباً لأُمّ سلمة : «أنتِ من أهلي» يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضاً ، وأن يكون قوله ذلك كقوله مثله لواثلة.
وحديث سعدٍ وما ذكرناه معه من الأحاديث في أوّل الباب معقول بها مَن أهل الآية المتلوّة فيها ، لأنّا قد أحطنا علماً أنّ رسول الله لمّا دعا مِن أهله عند نزولها لم يبق مِن أهله المرادين فيها أحد سواهم ، وإذا كان ذلك كذلك استحال أن يدخل معهم فيما أُريد به سواهم. وفيما ذكرنا من ذلك بيان ما وصفنا.
فإنْ قال قائل : فإنّ كتاب الله تعالى يدلّ على أنّ أزواج النبيّ هم المقصودون بتلك الآية ، لأنّه قال قبلها في السورة التي هي فيها : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ ...) (2) * فكان ذلك كلّه يؤذن به ، لأنّه على خطاب النساء لا على خطاب الرجال ، ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الآية.
فكان جوابنا له : إنّ الذي تلاه إلى آخر ما قبل قوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) الآية .. خطاب لأزواجه ، ثمّ أعقب ذلك بخطابه لأهله بقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) الآية ، فجاء به على خطاب الرجال ، لأنّه قال فيه : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ) وهكذا خطاب الرجال ، وما قبله فجاء به بالنون وكذلك خطاب النساء.
فعقلنا أنّ قوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) الآية ، خطاب لمن أراده من الرجال بذلك ،
__________________
(1) سورة هود 11 : 46.
(2) سورة الأحزاب 33 : 28.

ليعلمهم تشريفه لهم ورفعه لمقدارهم أن جعل نساءهم ممّن قد وصفه لِما وصفه به ممّا في الآيات المتلوّة قبل الذي خاطبهم به تعالى.
وممّا دلّ على ذلك أيضاً ما حدّثنا ... عن أنس : أنّ رسول الله كان إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) الآية.
وما قد حدّثنا ... حدّثني أبو الحمراء ، قال : صحبت رسول الله ...
في هذا أيضاً دليل على أنّ هذه الآية فيهم. وبالله التوفيق» (1).
رأي الدكتور في كلام الإمام الطحاوي :
ولم يورد «الدكتور» كلام الإمام الطحاوي ، بل أشار إليه وجعل يناقشه ...
فقال : «وممّن صيّر الآية لأهل الكساء خاصّة : أبو جعفر الطحاوي ، فقد انتهى الى هذا في كتابه (مشكل الآثار) وبنى رأيه على مجرَّد احتمالات ...».
أقول :
قد أوردنا كلام هذا الإمام العظيم في المسألة بنصه وكماله ، لينظر المحقّقون المنصفون فيه نظر تدبّر ، وليظهر لهم أن رأيه ليس مبنيّاً على مجرّد احتمالات كما يقول «الدكتور».
ولقد كان الأولى أن ينقل كلام الطحاوي ، كما فعل بالنسبة إلى كلام غيره ، كما سنذكر!
__________________
(1) مشكل الآثار 1 / 332 ـ 339.

سقوط الاستدلال بالسياق :
وتلخّص : أنّ الأدلّة ـ من السنّة وأقوال الصحابة وكلمات الأعلام من الأئمة ـ قائمة على القول باختصاص الآية بأهل الكساء ... وأنّه ليس في المقابل إلّا قول «عكرمة» وأمثاله ... وقد عرفناهم.
وبعد هذه الاحاديث الصحيحة والشواهد القويّة لا يبقى مجالٌ للاستدلال بالسياق ـ أي : وقوع آية التطهير ضمن الآيات التي خوطب بها زوجات النبيّ ـ للقول باختصاصها بالزوجات أو القول بمشاركتهنّ مع أهل الكساء فيها ... لأنّ السياق إنْ هو إلّا قرينة من القرائن ، والقرينة لا تقاوم الدليل الواحد ، فكيف بالأدلّة الكثيرة ...!
ولذا نرى كثيراً من القائلين بالقولين الآخرين ـ كابن تيميّة في (منهاجه) ، وسنذكر كلامه ـ لا يستدلّون بالسياق.

النظر في رأي الدكتور في كلامٍ للترمذي
وقال الدكتور : «وذكر الترمذي روايةً عن أُمّ سلمة وفيها : «وأنا معهم يا نبي الله؟ قال : أنت على مكانك ، وأنتِ إلى خير» ثمّ عقب على الحديث بقوله : «إنه غريب» (1).
وفي أبواب العلل يتحدّث عن «الغريب» فيقول :
«أهل الحديث يستغربون الحديث لمعان : رب حديث يكون غريباً لا يروى إلّا من وجهٍ واحد. ورب حديث إنما يستغرب لزيادةٍ تكون في الحديث ، وانما تصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه .. ورب حديث يروى من أوجهٍ كثيرة وانما يستغرب لحال الإسناد.
__________________
(1) في الهامش : كتاب المناقب من سننه ، باب مناقب أهل بيت النبي «ص».

ومعنى الحديث يتّفق مع ما جاء في صحيح مسلم. فلعل الترمذي استغربه من أجل هذه الزيادة».
أقول :
هذا كلام الدكتور ، ولقد أتعب نفسه!! ولكنْ هنا مؤاخذات وملاحظات :
أوّلاً : الشّيعة يستندون إلى جميع الأحاديث الواردة في الباب ، وعمدتها ثلاث طوائف وهي :
1 ـ حديث الكساء ، وأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أدخل عليّاً وفاطمة والحسنين فقط معه ، ولم يدخل غيرهم ... كالحديث عن عائشة في صحيح مسلم وغيره.
2 ـ حديث مروره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببيت فاطمة وقوله مخاطباً أهله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، كالحديث عن أنس وأبي الحمراء وغيرهما.
3 ـ حديث طلب زوجته الدخول معه ، كعائشة حيث قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها «تنحّي فإنك على خير» ... أخرجه ابن كثير وغيره ، وكأمّ سلمة ، وهو الحديث المشهور عنها.
فقول الدكتور : «الشيعة يستندون في استدلالهم على ما روي عن أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة» غير صحيح.
وثانياً : لم يذكر «الدكتور» نصّ كلام الترمذي في كتاب المناقب ، وهذه عبارته بعد الحديث : «وفي الباب عن : أُمّ سلمة ، ومعقل بن يسار ، وأبي

الحمراء ، وأنس. قال : وهذا حديث غريب من هذا الوجه».
فأسقط منه جملة : «وفي الباب ...» و «من هذا الوجه»!
وثالثاً : لقد أورد الترمذي هذا الحديث وبنفس السند في (كتاب تفسير القرآن) وقال هناك بعده : «هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة» فأوضح هناك قوله «من هذا الوجه» في كتاب المناقب ، وبذلك يتّضح أن الاستغراب ليس «لزيادةٍ تكون في الحديث» كما توهّم الدكتور.
ورابعاً : على أنّ الترمذي قال : «وإنها تصحّ إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه» وحديثنا من هذا القبيل.
وخامساً : إن التعبير بالزيادة إنّما يصحّ فيما إذا علمنا بأنّ الذين رووا الحديث بدونها لم ينقصوا من الحديث ، أمّا إذا احتملنا بأن الجملة من صلب الحديث ـ ومن لم يروها فقد أسقطها متعمّداً أو لم تصل اليه بطريقٍ معتبر عنده ـ لم يصح التعبير بالزيادة ... فقول الدكتور : «فلعل الترمذي استغربه من أجل هذه الزيادة» فيه نظر.
وسادساً : وبغضّ النظر عن كلّ الوجوه ـ فإنّ الترمذي أخرج الحديث في (صحيحه) في مناقب فاطمة ونصّ بعده قائلاً : «هذا حديث حسن وهو أحسن شيء روي في هذا الباب ، وفي الباب عن ...» كما نقلناه في محلّه سابقاً ، ولذا صرّح غير واحدٍ من الحفاظ كالذهبي بأنّ الترمذي أخرج هذا الحديث وصحّحه.
فلما ذا يغفل الدكتور هذه الرّواية ، ويضع يده على التي قال في سندها : «غريب من هذا الوجه»؟! أهكذا يكون البحث والتحقيق؟! يا منصفون؟!

استشهاد الدكتور
بكلمات ابن تيميّة وابن كثير والقرطبي
ثمّ إن الدكتور استشهد بآراء ابن كثير ، وابن تيمية ، والقرطبي ، وهؤلاء من العلماء الأعلام من أهل السنّة بلا ريب ، ولكنّ من البديهي جداً أنّ آراءهم لا تكون حجةً على الشيعة الامامية الاثني عشرية ، والمفروض أنّه قد ألّف كتابه جواباً لهم.
على أن هذه الآراء اجتهادات في مقابلة النصوص الصحيحة الواردة في الصحاح والمسانيد وغيرها ، مع تصريح كبار الائمة بصحتها ...
مع ذلك كلّه ننظر فيما نقله الدكتور وقاله :
كلام ابن كثير :
قال الدكتور : «والحافظ ابن كثير ذكر الآية الكريمة وقال : إنها نص في

دخول أزواج النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في أهل البيت هاهنا ، لأنهنّ سبب نزول هذه الآية ، وسبب النزول داخل فيه قولاً واحداً ، إما وحده على قول ، أو مع غيره على الصحيح.
وذكر أخبار الطبري وأخباراً أُخرى ، ثمّ ذكر حديثاً في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم ، قال : قام فينا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يوماً خطيباً بماءٍ يدعى خمّاً بين مكة والمدينة ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثمّ قال : أما بعد ، أيها الناس ، فإنما أنا بشر يوشك أنْ يأتيني رسول ربي فأُجيب وأنا تارك فيكم الثقلين ، أوّلهما كتاب الله تعالى وفيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحثّ على كتاب الله عزوجل ورغّب فيه ثمّ قال : وأهل بيتي. أُذكّركم الله في أهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي. ثلاثاً. فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال : ومن هم؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، رضي الله عنهم.
وذكر ابن كثير رواية مسلم الأُخرى عن زيد أيضاً بنحو ما تقدم وفيها : فقلت له : من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا وأيم الله ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
ثمّ قال ابن كثير : هكذا وقع في هذه الرواية. والأولى أولى والأخذ بها أحرى. وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه ، إنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة. أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط بل هم مع آله. وهذا الاحتمال أرجح جمعاً بينها وبين الرواية

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: رد: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:33 am

قبلها. وجمعاً أيضاً بين القرآن والأحاديث المتقدّمة إن صحت ، فإن في بعض أسانيدها نظراً. والله أعلم.
قال الدكتور : «ويؤيّد هذا الاحتمال الذي ذكره ابن كثير : أن السؤال في الحديث الأول فيه من التبعيضية «أليس نساؤه من أهل بيته»؟ وفي روايةٍ مماثلة عن زيد أيضاً في مسند الامام أحمد : قال حصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : إن نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. فهنا تأكيد أن نساءه من أهل بيته».
أقول :
1 ـ أمّا أنّ الآية «نص في دخول أزواج النبيّ ...» فينبني على كونهنّ «سبب نزول هذه الآية» وهذا أوّل الكلام ... إذ إنّ «آية التطهير» نازلة في قضية خاصّة وواقعةٍ معيّنةٍ ... كما أفادت النصوص الصحيحة الواردة عن أزواج النبي وكبار الصحابة.
2 ـ وأمّا أن ابن كثير ذكر أخبار الطبري وأخباراً اخرى ، فقد تقدمت نصوص تلك الأخبار كلّها ، ولكن الدكتور لم يذكر شيئاً منها!! ... وكان من جملة ما رواه ابن كثير حديث الكساء عن عائشة وطلبها الدخول معهم وقول النبي لها : «تنحَّي»!! والحديث عن الامام السبط الحسن الصريح في اختصاص الآية بالخمسة الأطهار ، وكذا عن الامام السجاد زين العابدين.
3 ـ لكنّ الدكتور أورد حديث الثقلين بلفظه! ويقصد من ورائه إثبات أنّ «الأزواج» من «أهل البيت» على ضوء قول زيد بن أرقم؟!

4 ـ لكنه وابن كثير وجدا المنقول عن زيد بن أرقم مختلفاً متعارضاً ، ففي روايةٍ : «نساؤه من أهل بيته» وفي اخرى يقول : «لا وأيم الله ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها» فوقعا في مأزق.
5 ـ فالتجأ إلى الاحتمال!!
6 ـ لكنّ «الدكتور» أعرض عمّا ذكره الامام الطحاوي بزعم «انه مجرّد احتمالات» وهنا يبني كلامه على «الاحتمال» ويستنتج أن نساءه من أهل بيته.
كلام ابن تيمية :
قال الدكتور بعد كلام ابن كثير : «وبمثل هذا قال ابن تيميّة من قبل» ... وأرجع القارئ إلى المنتقى من منها ج الاعتدال 168 ـ 169.
أقول :
لما ذا لا ينقل الدكتور كلام ابن تيميّة ، مع أنه الإمام المقتدى له ولأمثاله من الكتّاب المعاصرين؟!
ونحن نورد هنا نصّ كلامه في (منهاجه) ليظهر الجواب عن هذا السؤال ، قال :
«فصل : وأمّا حديث الكساء فهو صحيح ، رواه أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة ، ورواه مسلم في صحيحه ، من حديث عائشة ، قال : خرج النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فأدخله ، ثمّ جاءت فاطمة

فأدخلها ، ثمّ جاء علي فأدخله ، ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)
وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فليس هو من خصائصه. ومعلوم أنّ المرأة لا تصلح للامامة.
فعلم أن هذه الفضيلة لا تختص بالأئمة ، بل يشركهم فيها غيرهم» (1) انتهى موضع الحاجة.
هذه عبارة ابن تيمية. وفيها :
1 ـ الاعتراف بصحة الحديث الدالّ على نزول الآية المباركة في أهل الكساء دون غيرهم.
2 ـ الاعتراف بأنه فضيلة.
3 ـ الاعتراف بعدم شمول الفضيلة هذه لغير علي وفاطمة والحسن والحسين ، فأين قول عكرمة؟! وأين السياق؟! وأين ما ذهب اليه ابن كثير؟!
فهل دريت لما ذا لم ينقل الدكتور كلّ ما قال ابن تيميّة؟!
نعم ، لابن تيميّة ايراد على الاستدلال بالآية على العصمة ، سنذكر جواب علمائنا عنه.
كلام القرطبي :
ثمّ نقل الدكتور كلام القرطبي قائلاً :
__________________
(1) منهاج السنّة 5 / 13.

«وقال القرطبي : قوله تعالى : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) هذه الألفاظ تعطي أن أهل البيت نساؤه. وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت من هم؟ فقال عطاء وعكرمة وابن عباس : هم زوجاته خاصة لا رجل معهنّ. وذهبوا الى أن البيت اريد به مساكن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لقوله تعالى : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ). وقالت فرقة ـ منهم الكلبي ـ هم : علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة. وفي هذا أحاديث عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم. واحتجوا بقوله تعالى : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ) ، بالميم ، ولو كان للنساء خاصة لكان : عنكن ويطهركنّ. إلّا انه يحتمل أن يكون خرج على لفظ الاهل ، كما يقول الرجل لصاحبه : كيف أهلك؟ أي : امرأتك ونساؤك. فيقول : هم بخير. قال تعالى : (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ.)
والذي يظهر من الآية أنّها عامّة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم ، وإنما قال : ويطهّركم ، لأن رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وعليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً كان فيهم ، وإذا اجتمع المذكر والمؤنّث غلب المذكر. فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت ، لأن الآية فيهنَّ ، والمخاطبة لهن ، يدل عليه سياق الكلام. والله أعلم».
أقول :
لقد ارتضى الدكتور ما قاله القرطبي ... ولم يلتفت الى التناقض الموجود فيه!

إنه قال : «وقد اختلف أهل العلم في (أهل البيت) من هم؟ فقال عطاء وعكرمة وابن عباس : هم زوجاته خاصة لا رجل معهنّ ، وذهبوا إلى أن البيت أريد به مساكن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لقوله تعالى (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ). وقالت فرقة ـ منهم الكلبي ـ : هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة. وفي هذا أحاديث عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم».
فقال في القول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار «في هذا أحاديث عن النبي عليه‌السلام» ولم يُسند القول الآخر إلى النبي ولو بحديث ضعيف!!
ففي القول باختصاص قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ ...) بالخمسة عليهم‌السلام أحاديث ... وعلينا أن نطيع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ما قال وفعل ، فأيّ معنى للسؤال : «فكيف صار في الوسط كلاماً منفصلاً لغيرهنّ ...»؟!

جواب شبهة شمول الآية لباقي قرابة النبي
وبما ذكرنا ـ من أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي بيّن وعيّن المراد ب «أهل البيت» في الآية ، كما في الأحاديث الصحيحة ، وعلى الجميع متابعته واطاعته ـ تندفع شبهة طرحها الدكتور قائلاً :
«إذا كان لأحدٍ أن يتكلَّم في شمولها لهن (أي : شمول الآية للازواج) فليس هناك دليل على الاطلاق يخرج باقي قرابة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فأي دليل يمنع شمولها لباقي بنات النبي؟ ومفارقتهنّ للحياة قبل نزول الآية لا يعني عدم إرادة تطهيرهن في حياتهن ، وما الذي يمنع دخول باقي ذرية أمير المؤمنين علي ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل عباس ، ...؟».
ونقول مرةً أُخرى :
هذه أحاديث صحيحة ، في صحيح مسلم ، والترمذي ، ومسند أحمد ،

والمستدرك ، وتلخيص المستدرك ، وتفسير الطبري وو و... ونصّ الأئمة الأعلام على صحّتها ... تحكي قول النبي وفعله ... فإنّه مع وجود آخرين في الدار ـ من الأزواج وغيرهن ـ لم يدخل غير هؤلاء ... بل إنه أرسل فاطمة لتحضر عليّاً وابنيها ... وأدخلهم تحت الكساء ، وقال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي».
فلو كان اعتراضٌ فهو على النبيّ ... إذ كان بإمكانه ان يستدعي غير هؤلاء ، من قرابته أو غيرهم ... لكنّه لم يفعل ....
ولذا نقول : أن في «آية التطهير» معنىً خاصّاً ، لا بدّ من فهم ذلك المعنى والتوصّل إليه!!

حاصل معنى «آية التطهير» على ضوء الأحاديث
وعلى الجملة ، فإنّ هذه الأحاديث أفادت أمرين :
الأول : إن المراد ب «أهل البيت» في «آية التطهير» هم : النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، لا يشركهم احد ، لا من الأزواج ولا من غيرهنّ مطلقاً.
أمّا الأزواج ، فلأنّ الأحاديث نصّت على أنّ النبيّ لم يأذن بدخول واحدةٍ منهنّ تحت الكساء.
وأمّا غيرهنّ ، فلأنّ النبيّ أمر فاطمة بأنْ تجيء بزوجها وولديها فحسب ، فلو أراد أحداً غيرهم ـ حتّى من الأُسرة النبويّة ـ لأمر بإحضاره.
وثانياً : إنّ الآية المباركة نزلت في واقعةٍ معيَّنة وقضيّةٍ خاصّة ، ولا علاقة لها بما قبلها وما بعدها ... ولا ينافيه وضعها بين الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ ، إذ

ما أكثر الآيات المدنية بين الآيات المكّية وبالعكس ، ويشهد بذلك :
1 ـ مجيء الضمير : «عنكم» و «يطهّركم» دون : عنكنّ ويطهّركنّ.
2 ـ اتّصال الآيات التي بعد آية التطهير بالتي قبلها ، بحيث لو رفعت آية التطهير لم يختلّ الكلام أصلاً ... فليست هي عجزاً لآية ولا صدراً لأُخرى ... كما لا يخفى.
ثمّ ما ألطف ما جاء في الحديث جواباً لقول أُمّ سلمة : «ألستُ من أهل البيت؟» قال : «أنتِ من أزواج رسول الله»!! فإنّه يعطي التفصيل مفهوماً ومصداقاً بين العنوانين : عنوان «أهل البيت» وعنوان «الأزواج» أو «نساء النبيّ».
فتكون الآيات المبدوءة ـ في سورة الأحزاب ـ ب (يا نِساءَ النَّبِيِّ) (1) * خاصّةً ب «الأزواج» والآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) خاصّةً بالعترة الطاهرة.
__________________
(1) سورة الأحزاب 33 : 32.

دلالة الآية على العصمة
قال الدكتور : «وننتقل بعد هذا إلى دلالة الآية الكريمة على العصمة :
قال الطوسي : استدل أصحابنا بهذه الآية على أن في جملة أهل البيت معصوماً لا يجوز عليه الغلط ، وأن إجماعهم لا يكون إلّا صواباً. بأنْ قالوا : ليس يخلو ارادة الله لإذهاب الرجس عن أهل البيت بأنْ يكون هو ما أراد منهم من فعل الطاعات واجتناب المعاصي ، أو يكون عبارة عن أنه أذهب عنهم الرجس بأنْ فعل لهم لطفاً اختاروا عنده الامتناع من القبائح. والأول لا يجوز أن يكون مراداً ، لأن هذه الارادة حاصلة من جميع المكلّفين فلا اختصاص لأهل البيت في ذلك ، ولا خلاف أن الله تعالى خصّ بهذه الآية أهل البيت بأمرٍ لم يشركهم فيه غيرهم ، فكيف يحمل على ما يبطل هذا التخصيص ويخرج الآية من أن يكون لهم فيها فضيلة ومزية على غيرهم؟ على أن لفظة إنما تجري

مجرى ليس ، فيكون تلخيص الكلام : ليس يريد الله إلّا إذهاب الرجس على هذا الحد عن أهل البيت. فدل ذلك على أن إذهاب الرجس قد حصل فيهم. وذلك يدل على عصمتهم».
أقول :
وتوضيحه : أن في الآية المباركة ألفاظاً تتحقق الدلالة على العصمة بالنظر إليها مع التأمّل ، وهي :
1 ـ «إنّما» وهي تفيد الحصر ، فالله سبحانه حصر إرادة إذهاب الرجس عنهم.
2 ـ «الإرادة» وهي في الآية الكريمة تكوينية ، من قبيل الإرادة في قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (1) لا تشريعية من قبيل الإرادة في قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (2) ، لأنّ التشريعية تتنافى مع نصّ الآية بالحصر ، إذ لا خصوصيّة لأهل البيت في تشريع الأحكام لهم.
وتتنافى مع الأحاديث ، إذ النبيّ طبّق الآية عليهم دون غيرهم.
3 ـ «الرجس» وهو في الآية : «الذنوب» و «القبائح».
وتبقى شبهة : إنّ الإرادة التكوينية تدلّ على العصمة ، لأنّ تخلّف المراد عن إرادته عزوجل محال ، لكنّ هذا يعني الالتزام بالجبر وهو ما لا تقول
__________________
(1) سورة يس 36 : 82.
(2) سورة البقرة 2 : 185.

الإمامية به.
وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة ـ بناءً على نظرية : لا جبر ولا تفويض ، بل أمرٌ بين الأمرين ـ بما حاصله :
إنّ مفاد الآية أنّ الله سبحانه لمّا علم أنّ إرادة أهل البيت تجري دائماً على وفق ما شرّعه لهم من التشريعات ، لِما هم عليه من الحالات المعنوية العالية ، صحَّ له تعالى أنْ يخبر عن ذاته المقدَّسة أنّه لا يريد لهم بإرادته التكوينية إلّا إذهاب الذنوب عنهم ، لأنه لا يوجد من أفعالهم ، ولا يُقدرهم إلّا على هكذا أفعالٍ يقومون بها بإرادتهم لغرض إذهاب الرجس عن أنفسهم ...
ثمّ إنّه لو لا دلالة الآية المباركة على هذه المنزلة العظيمة لأهل البيت ، لَما حاول أعداؤهم من الخوارج والنواصب إنكارها ، بل ونسبتها إلى غيرهم ، مع أنّ أحداً لم يدّعِ ذلك لنفسه سواهم.
هذا ، ولم يُجب «الدكتور» عن هذا الاستدلال إلّا بأن قال : «وهو استدلال عقلي».
وقال : «قد انفرد اخواننا الشيعة الجعفرية بهذا القول ، وخالفوا أهل التأويل جميعاً».

ذكر الدكتور حديثين إزراءً بعليٍّ والزهراء
ثمّ ذكر أموراً لا تستحق الذكر ... ثمّ قال :
«ويزيد ذلك تأييداً ما روي بسندٍ صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال : أتاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا نائم وفاطمة ، وذلك في السحر ، حتى قام على الباب فقال : ألا تصلّون؟ فقلت : مجيباً له : يا رسول الله ، إنما نفوسنا بيد الله ، فإذا شاء أن يبعثنا. قال : فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يرجع إلى الكلام ، فسمعته حين ولّى يقول ـ وضرب بيده على فخذه (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً.)
وفي روايةٍ أُخرى عن الإمام علي أيضاً قال : دخل عليَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى فاطمة من الليل ، فأيقظنا للصلاة. قال : ثمّ رجع الى بيته ، فصلّى هويّاً من الليل. قال : فلم يسمع لنا حسّاً قال : فرجع إلينا فأيقظنا وقال :

قوما فصلّيا. قال : فجلست وأنا اعرك عيني وأقول : إنا والله ما نصلّي إلّا ما كتب لنا ، إنما انفسنا بيد الله. فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. قال : فولّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقول ويضرب بيده على فخذه : ما نصلّي إلّا ما كتب لنا! ما نصلّي إلّا ما كتب لنا! (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً.)
فهنا يتّضح حرص الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم على إذهاب الرجس عن أهل بيته وتطهيرهم تطهيراً ، وغضبه لما بدر من زوج الزهراء ، رضي الله تعالى عنهما».
أقول :
إن تصحيح «الدكتور» هذين الحديثين واستناده إليهما عجيب جدّاً!!
إنّ هذين الحديثين لا ينفيان عصمة علي والزهراء فحسب ، بل يدلّان على استهانتهما بعبادة الله وطاعته ، وبالرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ما لا يجوز صدوره من أقلّ فردٍ مسلم ملتزمٍ بالشريعة ، فكيف يرتضي الدكتور نسبته إلى أمير المؤمنين وإلى بضعة سيد النبيين؟!
ليس العجب من واضع هذين الحديثين ـ وهو رجل شرطي من شرطة بني أمّية ، كما سنعرفه ـ بل العجب من الدكتور قبوله لهما ، وهو من رجال التحقيق ، لا من أنصار بني أمّية وأتباعهم!!
سند الحديث الأوّل : «حدّثنا عبد الله ، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحرّاني ، حدثنا محمّد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن أبيه ، قال : سمعت عليّاً يقول ...».

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري
الشيخ شوقي البديري


عدد المساهمات : 2847
نقاط : 4448
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
العمر : 59
الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

اية التطهير Empty
مُساهمةموضوع: رد: اية التطهير   اية التطهير Emptyالأحد نوفمبر 10, 2024 10:35 am

سند الحديث الثاني : «حدّثنا عبد الله قال : كتب إليَّ قتيبة بن سعيد : كتبت إليك بخطّي وختمت الكتاب بخاتمي يذكر : ان الليث بن سعد حدّثهم عن عقيل ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين : ان الحسين بن علي حدّثه عن علي بن أبي طالب ...» (1).
مدارهما على «الزهري» :
وهذان الحديثان ـ بغض النظر عن أنّهما ليسا من (المسند) بل من زياداته لعبد الله بن أحمد ، وعن سائر رواتهما ـ مدارهما على «الزهري».
وهذا الرجل الذي توثّقه مدرسة بني أُمية وتعتمد عليه ... كان شرطياً لبني أُمية :
روى الحافظ الذهبي بترجمة شعبة بن الحجاج ـ أمير المؤمنين في الحديث كما وصفه ـ قال : «أبو بكر ابن شاذان البغدادي : حدّثنا علي بن محمّد السوّاق ، حدّثنا جعفر بن مكرم الدقّاق ، حدّثنا أبو داود ، حدّثنا شعبة ، قال : خرجت أنا وهشيم إلى مكة ، فلما قدمنا الكوفة ، رآني هشيم مع أبي اسحاق فقال : من هذا؟ قلت : شاعر السبيع. فلما خرجنا جعلت أقول : حدّثنا أبو إسحاق ، قال : وأين رأيته؟ قلت : هو الذي قلت لك : شاعر السبيع. فلما قدمنا مكة ، مررت به وهو قاعد مع الزهري فقلت : أبا معاوية من هذا؟ قال : شرطي لبني أُمية. فلما قفلنا جعل يقول : حدّثنا الزهري ، فقلت وأين رأيته؟ قال : الذي رأيته معي ، قلت : أرني الكتاب. فأخرجه ، فخرّقته» (2).
__________________
(1) مسند أحمد 1 / 77.
(2) سير أعلام النبلاء 7 / 226.

وروى الذهبي عن خارجة بن مصعب أنه قال : «قدمت على الزهري وهو صاحب شرطة بني اميّة ، فرأيته ركب وفي يديه حربة وبين يديه الناس في أيديهم الكافركوبات فقلت : قبّح الله ذا من عالم ، فلم أسمع منه» (1).
وكان الزهري من أشهر المنحرفين عن علي أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان يسبّه (2).
وكان يضع الحديث عليه على لسان ولدِه ، وهذا منها.
كلّ ذلك خدمةً لبني أُمية وتشييداً لسلطانهم ... ولذا كتب إليه الامام علي ابن الحسين زين العابدين عليه‌السلام كتاباً يعظه ويحذّره من مغبّة ما هو فيه ، ويذكّره الله والدار الآخرة ... ولم ينفعه ...!! (3).
هذا ، وكيف يصدّق الدكتور هكذا خبرٍ عن علي ، وهو هو؟!
أخرج الحاكم ـ ووافقه الذهبي ـ قال : «سمعت القاضي أبا الحسن علي بن الحسن الجراحي وأبا الحسين محمّد بن المظفر الحافظ يقولان : سمعنا أبا حامد محمّد بن هارون الحضرمي يقول : سمعت محمّد بن منصور الطوسي يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه» (4).
قلت : ولهذا وغيره كان كثير من أعلام الأصحاب يصرّحون بتفضيله على
__________________
(1) ميزان الاعتدال 1 / 625.
(2) شرح نهج البلاغة 4 / 102.
(3) إحياء علوم الدين 2 / 143 ولم يصرّح باسم الإمام عليه‌السلام!! وهو مذكور في كتب أصحابنا عنه.
(4) المستدرك على الصحيحين 3 / 107.

غيره من الأصحاب مطلقاً ، في حياة النبي وبعده (1).
وأمّا الزهراء فيكفي كونها بضعةً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمر الذي من أجله فضَّلها غير واحدٍ من الأئمة على الشيخين (2).
وعلى الجملة ... فإنّ وضع أمثال هذه الأحاديث للحطّ من شأنهما من أتباع بني أمّية كثير ... وليس بغريب ... وانما الغريب العجيب تصديق مثل الدكتور ذلك ، مع أنه ليس منهم!!
وهل يرتكب كلّ ذلك للإعراض عن السنّة الثابتة الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمخرّجة في الصحاح والمسانيد ومعاجم الحديث وكتب التفسير ... بلا أيّ معارضٍ ولا أيّ مخالف إلّا «عكرمة»؟!
اللهم إنّا نسألك السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1090 وقد تقدّم في المقدّمة.
(2) منهم : الحافظ السهيلي ، كما في فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 4 / 421 ، وهو عبد الرحمن بن عبد الله ، العلّامة الأندلسي ، الحافظ العلم ، صاحب التصانيف ، برع في العربية واللغات والأخبار والأثر ، وتصدّر للإفادة ، من أشهر مؤلّفاته : الروض الأنف ـ شرح «السيرة النبوية» لابن هشام ـ توفّي سنة 581 ، له ترجمة في : مرآة الجنان 3 / 422 ، النجوم الزاهرة 6 / 101 ، العبر 3 / 82 ، الكامل في التاريخ 9 / 172.


فهرس الموضوعات
كلمة المؤلّف 5
مقدّمة البحث 13
الأقوال في المسألة 15
ترجمة عكرمة 19
1 ـ طعنة في الدين : 19
2 ـ كان من دعاة الخوارج : 20
3 ـ كان كذّاباً : 20
4 ـ ترك الناس جنازته : 21
ترجمة مقاتل : 21
ترجمة ابن السائب : 21
ترجمة الضّحاك : 22
من الصحابة الرواة لحديث الكساء : 25

من الأئمّة الرواة لحديث الكساء : 26
ولنا مع الدكتور موقفان : 27
من ألفاظ الحديث في الصحاح والمسانيد وغيرها 28
ممّن نصَّ على صحّة الحديث 53
روايات الطبري 55
مع الدكتور في أخبار الطبري 61
الحديث الأول وكلام الدكتور حوله : 62
ترجمة عطيّة العوفي : 65
1 ـ عطيّة من التابعين : 65
2 ـ عطيّة من رجال البخاري في الأدب المفرد : 66
3 ـ عطيّة من رجال أبي داود: 66
4 ـ عطيّة من رجال الترمذي : 67
5 ـ عطيّة من رجال ابن ماجة : 67
6 ـ عطيّة من رجال أحمد في المسند : 68
رأي أحمد في المسند : 68
آراء العلماء في المسند : 70
7 ـ توثيق عطيّة من قبل الأئمّة : 72
8 ـ طعن بعضهم في عطيّة بسبب تشيّعه : 72
9 ـ النظر في الطاعن وكلامه : 73
10 ـ رأي أحمد في عطيّة : 75
الكلمة الأخيرة : 79
موقف الدكتور من قول عكرمة : 82

الحديث الثاني وكلام الدكتور حوله : 83
الحديث الثالث وكلام الدكتور حوله 84
الحديث الرابع والعاشر : 85
الحديثان الخامس والسادس : 87
الحديثان السابع والثامن : 87
الحديثان التاسع والحادي عشر وكلام الدكتور حولهما : 88
الحديث الثاني عشر وكلام الدكتور حوله : 89
ترجمة خالد بن مخلَّد : 90
ترجمة موسى بن يعقوب : 92
الحديث الثالث عشر وكلام الدكتور حوله : 93
ترجمة عبد الرحمن بن صالح : 94
ترجمة محمّد بن سليمان الأصبهاني : 97
الحديث الرابع عشر وإغفال الدكتور إيّاه! 97
الحديث الخامس عشر وإغفال الدكتور إيّاه! 97
الحديث السادس عشر وكلام الدكتور حوله : 98
ترجمة عبدالله بن عبد القدّوس : 98
نتيجة البحث عن الروايات : 99
من قال باختصاص الآية بالخمسة من الأئمة 100
كلام الإمام الطحاوي : 101
رأي الدكتور في كلام الإمام الطحاوي : 104
سقوط الاستدلال بالسياق : 105
النظر في رأي الدكتور في كلامٍ للترمذي 106

استشهاد الدكتور بكلمات ابن تيميّة وابن كثير والقرطبي 109
كلام ابن كثير : 109
كلام ابن تيمية : 112
كلام القرطبي : 113
جواب شبهة شمول الأية لباقي قرابة النبي 116
حاصل معنى «آية التطهير» على ضوء الأحاديث 118
دلالة الآية على العصمة 120
ذكر الدكتور حديثين إزراءً بعليّ والزهراء 123
مدارهما على «الزهري» :
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shawki-66.roo7.biz
 
اية التطهير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اية التطهير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 35-منتدى كتب سيرة اهل البيت عليهم السلام-
انتقل الى: