الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» المحكم في أصول الفقه [ ج2
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyاليوم في 9:34 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في اصول الفقه ج3
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyاليوم في 7:41 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في أصول الفقه [ ج4
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyاليوم في 6:55 من طرف الشيخ شوقي البديري

» الصحيفه السجاديه كامله
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyأمس في 20:49 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد [ ج ١ ]
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyأمس في 14:11 من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مسائل من الاجتهاد والتقليد ومناصب الفقيه
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyأمس في 13:36 من طرف الشيخ شوقي البديري

» قاعدة لا ضرر ولا ضرار
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyأمس في 7:51 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول المبين
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:46 من طرف الشيخ شوقي البديري

» ------التقيه
العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:37 من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     العقائد الاسلاميه ج4

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 19:52

    مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا
    ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    وبعد ، فهذا هو المجلد الرابع من ( العقائد الإسلامية ) وقد اشتمل على قسمين :
    الأول ، في إثبات شفاعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم ..
    وقد مهدنا له بفصل عن شفاعة أحد كبار شيعتهم ( أويس القرني ) رضوان الله عليه ، الذي اتفقت مصادر الجميع على أن النبي 9بشر به أنه يكون بعده ، وأنه من كبار أولياء الله ، وأنه يشفع يوم القيامة لعدد كبير من الناس !!
    ثم عرضنا الأحاديث الشريفة التي تدل على أن شفاعة النبي العظمى يوم القيامة تكون بيد أهل بيته الطاهرين 9.
    وختمنا باب الشفاعة ببعض أحكامها وما ينبغي للمسلم أن يكون اعتقاده وموقفه منها.

    أما القسم الثاني ، فقد بحثنا فيه مسألة التوسل والاستشفاع والاستغاثة بالنبي وآله 9بحثاً مستوفياً لآياتها وأحاديثها ، ورأي علماء المذاهب الأربعة فيها ، وشبهات ابن تيمية وأتباعه عليها ، خاصةً في عصرنا الحاضر.
    وقد أجبنا على هذه الشبهات ، وأوردنا خلاصة إجابات علماء المذاهب الأربعة عليها ، ومقتطفات من أهم الكتب التي ألفوها في الرد عليهم.
    نسأل الله أن يوفقنا لاكمال هذه الدورة العقائدية المقارنة.
    وسيكون المجلد الخامس منها في مسائل العصمة ، إن شاء الله تعالى ، وهو ولي التوفيق.
    مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
    علي الكوراني العاملي


    الفصل الرابع عشر
    شفاعة أحد شيعة أهل البيت :
    أويس القرني أحد كبار الشفعاء
    ثبت في مصادر الطرفين أن النبي 9نص على عدد من الصحابة بأسمائهم ، أن لهم مقاماً كبيراً عند الله تعالى ، وأن الجنة تشتاق اليهم !
    والملاحظ أنهم كلهم من شيعة أهل البيت : ..
    أما من التابعين فمن المتفق عليه أنه 9أخبر عن أويس القرني وبشر بأنه يأتي بعده ، وأنه من كبار أولياء الله تعالى ، وأنه مستجاب الدعوة ، وأنه يشفع عند الله تعالى لمئات الألوف ، أو ملايين الناس !
    ولما رأى المسلمون أويساً بعد وفاة النبي 9استبشروا به وتبركوا به ، وكانوا يحرصون على الفوز بدعاء منه ، ولو بكلمة ( غفر الله لك ) !
    وقد حاول الخلفاء أن يتقربوا اليه ، ولكنه هرب منهم ، وفضل أن يعيش مغموراً مع الفقراء من شيعة علي 7 ، حتى إذا وصلت الخلافة لعلي 7 نهض معه ، وشارك


    في حروبه ، واستشهد تحت رايته في صفين .. وقبره هناك الى جانب قبر عمار بن ياسر ، في مدينة الرقة السورية ، وقد وفقنا الله لزيارته.
    والمتأمل في النصوص الواردة في مصادر السنيين في أويس ، يلاحظ فيها تناقضاً كثيراً ، نشأ من أنهم أرادوا أن يغطوا على فراره من عمر ، وامتناعه من الدعاء له والإقامة عنده ، فوضعوا أحاديث عن لقائه به ، يناقض بعضها بعضاً !
    كما أن سهادة أويس في صفين مع علي 7 ، كانت حجة لعلي والمسلمين على أن معاوية وحزبه هم أهل الباطل ، والفئة الباغية التي أخبر النبي 9أنها تقتل عمار بن ياسر ;.
    لذلك حاول الأمويون وأتباعهم أن ينفوا أصل بشارة النبي 9بأويس ، ومكانته المميزة عند الله تعالى !
    ثم عندما عجزوا عن ذلك حاولوا أن ينفوا أنه قتل في صفين ، وادعوا أنه توفي في طريقه الى الشام ، وجعلوا له في الشام قبراً ومزارا !!
    أويس خير التابعين
    روى مسلم في صحيحه : 7 / 188 :
    عن عمر بن الخطاب قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن خير التابعين رجل يقال له أويس ، وله والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، وكان به بياض فبريء ... وستأتي بقية الحديث.
    ورواه أحمد في مسنده : 1 / 38
    وروى ابن سعد الطبقات : 6 / 161 :
    قال أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال : حدثنا سلام بن مسكين قال : حدثني رجل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خليلي من هذه الأمة أويس القرني.
    قال أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري ، عن

    أبي نضرة ، عن أسير بن جابر بن عمر ، أنه قال لأويس : استغفر لي.
    قال : كيف أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
    قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن خير التابعين رجل يقال له أويس.
    ورواه الحاكم في المستدرك : 3 / 402 ورواه الخطيب في الجمع والتفريق : 1 / 480 ورواه ابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ) : 1 / 324 ونحوه في الجامع الصغير : 3 حديث رقم 4001
    وروى أبو نعيم في حلية الأولياء : 2 / 86 :
    حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا علي بن حكيم ، أخبرنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين : أفيكم أويس القرني ؟
    قال : قلنا نعم ، وما تريده منه ؟
    قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أويس القرني خير التابعين بإحسان. وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضى الله تعالى عنهم.
    وقال أبو نعيم في الحلية : 2 / 82 ، بعد حديث عن أويس : فهذا ما أتانا عن أويس خير التابعين ... انتهى.
    وقال في كنز العمال : 12 / 73 :
    إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، وكان به بياض فبريء ، فمروه فليستغفر لكم ( م. عن عمر ) ...
    خير التابعين أويس ( ك. عن علي ).
    خير التابعين أويس القرني ( ك عن علي ، ق ، كر عن رجل ). انتهى.
    وقد وردت صفة ( خير التابعين ) في أحاديث أخرى ، كما سيأتي.

    خير التابعين صارت : من خير التابعين !!
    قال الهيثمي في مجمع الزوائد : 10 / 22 :
    عن ابن أبي ليلي قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين : أفيكم أويس القرني؟
    قالوا : نعم.
    قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خير التابعين أويس. رواه أحمد ، وإسناده جيد. انتهى.
    ورواه في تاريخ ابن معين رواية الدوري : 1 / 324
    وفي طبقات ابن سعد : 6 / 161 :
    عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين فقال : أفيكم أويس القرني ؟ قالوا نعم ، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من خير التابعين أويساً القرني ، ثم ضرب دابته فدخل فيهم.
    ورواه اللالكائي في كرامات الأولياء / 109 ، بطريقين.
    وفي كنز العمال : 12 / 73 :
    إن من خير التابعين أويس القرني ( حم ، وابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من الصحابة ، حم ، كر ، عن رجل ). انتهى.
    راجع للتدقيق : طبقات ابن سعد : 6 / 113 ، وميزان الاعتدال : 1 / 279 و282 ، ولسان الميزان : 1 / 472 ، وسير أعلام النبلاء : 4 / 21 ، وتاريخ الإسلام للذهبي : 3 / 556 ، والبداية والنهاية : 6 / 225
    راجع أيضاً : اُسد الغابة : 1 / 151 ، وأعلام النبلاء : 4 / 20 ، وكنز العمال : 12 / 74
    هل أن كلمة ( من ) إضافة أموية ؟!
    من الطبيعي أن تكون قصة الرجل الذي سأل عن أويس في صفين ، وشهادة الرسول 9التي رواها في حقه وحق علي 7 ، واحدة من الحجج التي استعملها

    المسلمون لإثبات أن معاوية وأهل الشام على الباطل.
    ويبدو أن الأحاديث في عمار بن ياسر وأنه تقتله الفئة الباغية ، والأحاديث في أويس ، لم يكن لها جواب عند مؤيدي معاوية ، ولكن بعد سيطرته على بلاد المسلمين عمل على تضعيف هذه الأحاديث وإبطال مفعولها.
    ويظهر أن البصريين كانوا أكثر استجابة له من الكوفيين ، فقد قال ابن أبي الوفاء في الجواهر المضية في طبقات الحنفية / 419 :
    أهل المدينة يقولون أفضل التابعين سعيد بن المسيب ، وأهل الكوفة أويس القرني ، وأهل البصرة الحسن البصري. انتهى.
    وقد حاول النووي أن يوفق بين رواية مسلم وبين قول لأحمد بن حنبل !فقال في شرح مسلم ـ بهامش الساري : 9/429 :
    قوله ( ص ) خير التابعين رجل يقال له أويس ... وقد يقال : قد قال أحمد بن حنبل وغيره : أفضل التابعين سعيد بن المسيب ؟!
    والجواب : أن مرادهم أن سعيد أفضل في العلوم الشرعية .. لا في الخير. انتهى.
    وهذا النوع من العمل كثير عند الفقهاء السنيين ، فتراهم يتركون الرواية التي صحت عندهم عن نبيهم 9ـ وهي تقول هنا إن أويساً خير التابعين مطلقاً ، ولا تقيد ذلك بناحية دون ناحية ـ لكي يصححوا قول شخص في مقابل حديث رسول الله 9؟!!
    كان أويس أسمر اللون جسيماً مهيباً
    في حلية الأولياء : 2 / 82 ، عن النبي 9 :
    يا أبا هريرة إن الله تعالى يحب من خلقه الأصفياء الأخفياء الأبرياء ، الشعثة رؤوسهم ، المغبرة وجوههم ، الخمصة بطونهم إلا من كسب الحلال ، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإن خطبوا المتنعمات لم ينكحوا ، وإن غابوا لم

    يفتقدوا ، وإن حضروا لم يدعوا ، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن ماتوا لم يشهدوا.
    قالوا : يا رسول الله كيف لنا برجل منهم ؟
    قال : ذاك أويس القرني.
    قالوا : وما أويس القرني ؟
    قال : أشهل ، ذو صهوبة ، بعيد ما بين المنكبين ، معتدل القامة ، آدم شديد الأدمة ضارب بذقنه الى صدره ، رام بذقنه الى موضع سجوده ، واضع يمينه على شماله يتلو القرآن ، يبكي عليّ نفسه ، ذو طمرين لا يؤبه له ، متزر بإزار صوف ورداء صوف ، مجهول في أهل الأرض معروف في أهل السماء ، لو أقسم على الله لأبر قسمه.
    ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء ، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد ادخلوا الجنة ، ويقال لأويس قف فاشفع ، فيشفع لله عز وجل في مثل عدد ربيعة ومضر.
    وفي حلية الأولياء : 2 / 84 :
    عن هرم بن حيان العبدي قال : قدمت الكوفة فلم يكن لي هم إلا أويس ، أسأل عنه فدفعت اليه بشاطيء الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه ، فعرفته بالنعت فإذا رجل آدم محلوق الرأس كث اللحية مهيب المنظر ، فسلمت عليه ومددت اليه يدي لأصافحه ، فأبى أن يصافحني ! فخنقتني العبرة لما رأيت من حاله ، فقلت : السلام عليك يا أويس ، كيف أنت يا أخي ؟
    قال : وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان ، من دلك عليّ ؟
    قلت : الله عز وجل.
    قال : سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.
    قلت : يرحمك الله من أين عرفت اسمي واسم أبي ، فوالله ما رأيتك قط ، ولا رأيتني !

    قال : عرفت روحي روحك ، حيث كلمت نفسي ، لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله عز وجل وإن نأت بعد بهم الدار وتفرقت بهم المنازل ! انتهى ، ونحن نشك في شهادة هرم لنفسه عن لسان أويس !
    ورواهما في سير أعلام النبلاء : 4 / 28
    صورة من تزاحم المسلمين على أويس
    روى الحاكم : 2 / 365 ، وصححه :
    أخبرني الحسن بن حليم المروزي ، ثنا أبو الموجه ، أنبأ عبدان ، أنبأ عبد الله بن المبارك ، أنبأ جعفر بن سليمان ، عن الجريري ، عن أبي نضرة العبدي ، عن أسير بن جابر قال : قال لي صاحب لي وأنا بالكوفة : هل لك في رجل تنظر اليه ؟ قلت نعم ، قال هذه مدرجته وإنه أويس القرني ، وأظنه أنه سيمر الآن.
    قال : فجلسنا له فمر ، فإذا رجل عليه سمل قطيفة ، قال والناس يطؤون عقبه ، قال وهو يقبل فيغلظ لهم ويكلمهم في ذلك فلا ينتهون عنه ، فمضينا مع الناس ، حتى دخل مسجد الكوفة ودخلنا معه ، فتنحى الى سارية فصلى ركعتين ، ثم أقبل الينا بوجهه فقال : يا أيها الناس مالي ولكم ، تطؤون عقبي في كل سكة ، وأنا إنسان ضعيف ، تكون لي الحاجة فلا أقدر عليها معكم ، لا تفعلوا رحمكم الله ، من كانت له إلي حاجة فليلقني هاهنا.
    شعاره الصدق والجد في أمر الله تعالى
    في مستدرك الحاكم : 3 / 405 :
    أخبرنا أبو العباس السياري ، ثنا عبدالله بن علي ، ثنا علي بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أنا يزيد بن يزيد البكري قال : قال أويس القرني : كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم. انتهى.
    ومعنى كلامه ; : أن خوف الله تعالى يجب أن يكون في نفس المؤمن بدرجة

    عالية ، كأن في رقبته قتل الناس كلهم ، ليكون في تصرفاته مثل القاتل الملاحق دقيقاً حذراً متقياً ، وشعوره بالمسؤولية أمام الله تعالى عميقاً.
    وروى نحوه البيهقي في شعب الايمان : 1 / 524
    وهو صاحب مدرسة في شكر نعم الله تعالى
    في كتاب المجروحين لابن حبان : 3 / 151 :
    أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر ، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه فيقول : اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك عليّ ، فيدع الله له ما يذكره نعمته عليه ، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له ، فليستغفر له. انتهى.
    وقد وردت هذه القصة في أحاديثه ، كما سترى.
    زاهد يضرب بزهده المثل
    في حلية الأولياء : 2 / 87 :
    عن علقمة مرثد قال : انتهى الزهد الى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، وأويس القرني ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خيثم ، ومسروق بن الأجدع ، والأسود بن يزيد ، وأبو مسلم الخولاني ، والحسن بن أبي الحسن. انتهى. وهو يقصد بالأخير الحسن البصري.
    وفي سير أعلام النبلاء : 4 / 19 :
    هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبو عمرو ، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني.
    وقال في هامش سير أعلام النبلاء : 18 / 558 :
    ذكر ابن خلكان في الوفيات : 2 / 263 : أن الذي ضرب به الحريري المثل في المقامات هو دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي

    المتوفى سنة 529 ، من أحفاد المترجم ، وقد وهم المؤلف في ذلك ، وأورد ذكره الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين وهي المقامة العمانية ، وفيها يصف كيف أحاطت الجماعة بأبي زيد تثني عليه ، وتقبل يديه ، حتى خيل إلي أنه القرني أويس ، أو الأسدي دبيس. انظر مقامات الحريري / 342 ( ط : صادر ).
    وفي لسان الميزان : 1 / 471 :
    قال ابن عدي ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا عبد العزيز بن سلام ، سمعت اسحاق بن ابراهيم يقول : ما شبهت عدي بن سلمة الجزري إلا بأويس القرني تواضعاً. وذكره في ميزان الاعتدال : 1 / 279
    زاهد يحمل هم الفقراء ويتصدق عليهم حتى بطعامه وثيابه
    في مستدرك الحاكم : 3 / 406 :
    أخبرني أبو العباس قاسم بن القاسم السياري بمرو ، ثنا عبد الله بن علي ، ثنا علي بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أنا سفيان الثوري قال : كان لأويس القرني رداء إذا جلس مس الأرض ، وكان يقول : اللهم إني أعتذر اليك من كل كبد جائعة وجسد عار ، وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني.
    ورواه البيهقي في شعب الايمان : 1 / 524
    وفي حلية الأولياء : 2 / 87 :
    عبيد الله بن عبد الكريم ثنا سعيد بن أسد بن موسى ضمرة بن ربيعة عن أصبغ بن زيد قال : كان أويس القرني إذا أمسى يقول هذه ليلة الركوع ، فيركع حتى يصبح.
    وكان يقول إذا أمسى : هذه ليلة السجود ، فيسجد حتى يصبح.
    وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب ، ثم يقول : اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ، ومن مات عرياناً فلا تؤاخذني به.

    وفي سير أعلام النبلاء : 4 / 29 :
    عبد الله بن أحمد : حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا أبوبكر بن عياش ، عن مغيرة ، قال : إن كان أويس القرني ليتصدق بثيابه ، حتى يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه الى الجمعة.
    عبد الرحمن بن مهدي : حدثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار ، عن محارب بن دثار قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري يحجزه إيمانه أن يسأل الناس ، منهم أويس القرني ، وفرات بن حيان.
    ( ورواه في كنز العمال : 12 / 74 : وقال : حم ، في الزهد ، حل عن محارب بن دثار وعن سالم بن أبي الجعد ).
    أبو نعيم : حدثنا مخلد بن جعفر ، حدثنا ابن جرير ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا زافر بن سليمان ، عن شريك عن جابر ، عن الشعبي قال : مر رجل من مراد على أويس القرني فقال : كيف أصبحت ؟
    قال : أصبحت أحمد الله عز وجل.
    قال : كيف الزمان عليك ؟
    قال : كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أنه لا يمسي ، وإن أمسى ظن أنه لا يصبح ، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار.
    يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يترك لمؤمن فرحاً ... الخ.
    عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول الله حق لم يترك له صديقاً...
    وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب ، ثم قال : اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ، ومن مات عرياً فلا تؤاخذني به. ( الحلية 2 / 83 )
    وفي حلية الأولياء : 2 / 84 :
    حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي وعبيد الله بن عمر قالا : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار ، عن محارب بن

    دثار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري ، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس ! منهم أويس القرني وفرات بن حيان.
    حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة قال : وكان أويس القرني ليتصدق بثيابه حتي يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه. أي الى الجمعة.
    وفي كتاب الزهد للشيباني / 346 :
    حدثنا عبدالله ، حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة قال : إن أويس القرني ليتصدق بثيابه حتى يجلس عرياناً لا يجدها يروح فيه الى الجمعة.
    وفي لسان الميزان : 1 / 474 :
    سفيان الثوري : حدثني قيس بن يسير بن عمرو ، عن أبيه أن أويساً القرني عري غير مرة فكساه أبي ، قال وكان أويس يقول : اللهم لا تؤاخذني بكبد جائعة ، أو جسد عار.
    وفي ص 280 : وقال ضمرة بن ربيعة ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، قال : كان أويس يجالس رجلاً من فقهاء الكوفة يقال له يسير ففقدته ، فإذا هو في خص له قد انقطع من العري ... وذكره في ميزان الاعتدال : 1 / 282 ، وفي سير أعلام النبلاء : 294 ـ 330 انتهى.
    * *
    وهذه النصوص تكشف عن الفقر الشديد الذي كانت تعيشه طبقة واسعة من المجتمع الإسلامي ، وأن أموال الفتوحات صرفت في الطريق قبل أن تصل اليها ، فكان بعضها لا يملك حتى ثوبين مناسبين يتستر بهما ، بل كان فيهم من يموت من الجوع !!

    ولذلك كان أويس يدعو الله تعالى أن لا يؤاخذه بعري العارين ، وجوع الجائعين ، لأنه لا يملك إلا ثوبيه اللذين يلبسهما ، ولا يملك إلا ما في بطنه من طعام ، وكل ما يحصل عليه من عمله ومن هدايا الناس ، كان يعطيه لهؤلاء للفقراء !!
    وهي تدل أيضاً على أن زهد أويس كان زهداً واعياً يحمل هم الفقراء ، وكان يحمل مسؤولية فقرهم وبؤسهم للخليفة والدولة ، والطبقة المترفة التي كونت ثروتها من الفتوحات ، وكانت تنقم من أويس أنه يهتم بهم ، ويأمر من أجلهم بالمعروف وينهى عن المنكر ، وسيأتي رأيه في الخلفاء غير علي 7 وما لاقاه منهم !
    وقد ربى أويس تلاميذ على سيرته
    في مستدرك الحاكم : 3 / 408 :
    حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا يحيى بن معين ، حدثني أبو عبيدة الحداد ، ثنا أبو مكين قال : رأيت امرأة في مسجد أويس القرني قالت : كان يجتمع هو وأصحاب له في مسجدهم هذا ، يصلون ويقرؤون في مصاحفهم فآتي غداءهم وعشاءهم هاهنا ، حتى يصلوا الصلوات ، قالت : وكان ذلك دأبهم ما شهدوا حتى غزوا ، فاستشهد أويس وجماعة من أصحابه في الرجالة بين يدي علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
    رأيه في الحكام غير علي 7
    قال الشاطبي في الاعتصام : 1 / 30 :
    نقل عن سيد العابدين بعد الصحابة أويس القرني أنه قال : إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً ، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا !! ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين !!
    وفي مستدرك الحاكم : 3 / 405 :
    حدثنا أحمد بن زياد الفقيه الدامغاني ، ثنا محمد بن أيوب ، أنا أحمد بن يونس ،

    ثنا أبو الأحوص ، حدثني صاحب لنا قال : جاء رجل من مراد الى أويس القرني فقال السلام عليكم ، قال وعليكم.
    قال : كيف أنتم يا أويس ؟
    قال : الحمد لله.
    قال : كيف الزمان عليكم ؟
    قال : لا تسأل ! الرجل إذا أمسى لم ير أنه يصبح ، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي !
    يا أخا مراد ، إن الموت لم يبق لمؤمن فرحاً.
    يا أخا مراد ، إن عرفان المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضة ولا ذهباً.
    يا أخا مراد ، إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً ! والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء ، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعواناً ، حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم ، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق !!. انتهى.
    وفي بحار الأنوار : 68 / 367 :
    أعلام الدين : روي عن أويس القرني ; قال لرجل سأله كيف حالك ؟
    فقال : كيف يكون حال من يصبح يقول : لا أمسي ، ويمسي يقول : لا أصبح ، يبشر بالجنة ولا يعمل عملها ، ويحذر النار ولا يترك ما يوجبها.
    والله إن الموت وغصصه وكرباته وذكر هول المطلع وأهوال يوم القيامة ، لم تدع للمؤمن في الدنيا فرحاً ، وإن حقوق الله لم تبق لنا ذهباً ولا فضة ، وإن قيام المؤمن بالحق في الناس لم يدع له صديقاً ، نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيشتمون أعراضنا ، ويرموننا بالجرائم والمعايب والعظائم ، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين !! إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله !
    اضطهاد مخابرات الخلافة لأويس
    يفهم من نصوص أويس أن سلطة الخلافة لم تتحمل منه ابتعاده عن الحكام وامتناعه أن يستغفر لهم ، ثم أمره إياهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وتعريضه

    وإعلانه بسيرته ودعائه كل يوم أنهم مسؤولون عن جوع الجائعين وعري العارين .. وكأنه بذلك يقول للناس إنهم لا يصلحون للحكم بإسم رسول الله 9!!
    لقد عبر هذا الولي الذي هو آية من آيات الله تعالى ، ومعجزة من معجزات رسوله بكلماته القليلة عن محنته ومعاناته من مخابرات السلطة في زمن عمر وأبي بكر وعثمان ، ولم يكن ذنبه أنه نافس أحداً في سلطان ، ولا جمع حوله قبيلته قرن وكون منهم قوة سياسية تطالب بحصة من أموال الفتوحات .. بل كان يعيش عيشة الفقراء مع الفقراء ، ويعبد ربه عز وجل ، ويأمر بالمعروف وينهى المنكر ..
    ولكن السلطة مع ذلك لم تتركه ، فاتخذته عدواً ! وسلطت عليه الفساق واتهمته بالعظائم والجرائم والمعايب ، على حد تعبيره !!
    ولهذا ينبغي أن نبحث عن السلطة وراء كل ما نشك فيه من روايات أويس ، ومن أولها الروايات التي تقول أن القرنيين سئلوا عنه فلم يعرفوه ، والتي احتج بها البخاري على تضعيف أويس ، وعدم قبول روايته !!
    فكيف يتعقل إنسان أن شخصية بمستوى أويس ، كان يبحث عنه الخليفة عمر ، وكل أمله أن ينطق له بكلمة ( غفر الله لك ) لأن الرسول 9قال له إن استطعت أن يستغفر لك فهنيئاً لك !! ثم لا يكون معروفاً عند القرنيين وكل اليمانيين وموضع افتخارهم؟!
    إن نفي القرنيين لمعرفتهم بأويس وتشكيكهم بنسبه ، إما أن يكون مكذوباً ، وإما أن تكون السلطة قد شوهت سمعة أويس وعزلته ، حتى اضطر بعض القرنيين من قبيلته الصغيرة أن ينكروا أنه منهم !!
    وتدل الروايات على أن سلطة الخلافة لم تستطع الانتقام من أويس مباشرة ، بسبب مكانته في قلوب المسلمين .. ولذلك اتبعت أسلوب إيذائه وتحقيره ، ووكلت به رجلاً حكومياً من عشيرته ، يؤذيه ويشيع التهم حول شخصيته ونواياه ، وأنه رجل مراءٍ ومجنون!!

    فابن عمه الذي ورد أنه كان من رجال حاكم الكوفة ، وكان مولعاً بأويس يشتمه ويؤذيه .. كان واحداً من عملاء السلطة المكلفين بتحقير أويس وأذيته ، لاسقاط شخصيته ومنع تأثيره على المسلمين !!
    فقد روى الحاكم في المستدرك : 3 / 404 عن أسير بن جابر ، قال :
    فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان إذا ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره ، ففقدته يوماً فقلت لجليس لنا : ما فعل الرجل الذي كان يقعد الينا ، لعله اشتكى ؟
    فقال : الرجل من هو ؟
    فقلت : من هو ؟
    قال : ذاك أويس القرني.
    فدللت على منزله فأتيته فقلت يرحمك الله أين كنت ، ولم تركتنا ؟
    فقال : لم يكن لي رداء ، فهو الذي منعني من إتيانكم !
    قال : فألقيت اليه ردائي ، فقذفه إلي !
    قال فتخاليته ساعة ، ثم قال :
    لو أني أخذت رداءك هذا فلبسته فرآه علّي قومي قالوا انظروا الى هذا المرائي لم يزل في الرجل حتى خدعه وأخذ رداءه !!
    فلم أزل به حتى أخذه ، فقلت : انطلق حتى أسمع ما يقولون !
    فلبسه فخرجنا ، فمر بمجلس قومه فقالوا : أنظروا الى هذا المرائي لم يزل بالرجل حتى خدعه وأخذ رداءه !!
    فأقبلت عليهم فقلت : ألا تستحيون ؟! لم تؤذونه ؟! والله لقد عرضته عليه فأبى أن يقبله.
    وروى ابن حبان في المجروحين : 3 / 151 :
    عن صعصعة بن معاوية قال : كان أويس بن عامر رجلاً من قرن ، وكان من أهل

    الكوفة وكان من التابعين ، فخرج وبه وضح ، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه فقال : اللهم دع في جسدي ما أتذكر به نعمتك. فترك الله منها ما يذكر به نعمته عليه ، وكان رجلاً يلازم المسجد في ناس من أصحابه ، وكان ابن عم له يلزم السلطان تولع به ، فإن رآه مع قوم أغنياء قال ما هو إلا يشاكلهم ! وإن رآه مع قوم فقراء ، قال ما هو إلا يخدعهم !
    وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيراً !! غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه ! انتهى.
    وستأتي بقيته في روايات لقائه بعمر بن الخطاب.
    أويس من شيعة علي 7
    في مسند أحمد : 3 / 480 :
    حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا أبو نعيم قال : ثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين :
    أفيكم أويس القرني ؟
    قالوا : نعم.
    قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من خير التابعين أويساً القرني. انتهى. وقد رواه أبونعيم في الحلية : 2 / 86 وقال في مجمع الزوائد : 10 / 22 : رواه أحمد وإسناده جيد ورواه ابن سعد في الطبقات : 6 / 163 واللالكائي في كرامات الأولياء / 109 وابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ) : 1 / 324 واللواتي في تحفة النظار : 2 / 190
    وورواه أبو نعيم في الحلية : 2 / 221 ، وقال بعده :
    ورواه جماعة عن شريك ، وقال ابن عمار الموصلي : ذكر عند المعافي بن عمران أن أويساً قتل في الرجالة مع علي بصفين ، فقال معافي : ما حدث بهذا إلا الأعرج ! فقال له عبد ربه الواسطي : حدثني به شريك ، عن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ! قال : فسكت !! انتهى.

    ورواه كذلك في الإصابة : 1 / 221 :
    وقد تقدمت روايته عند الحاكم عن أبي مكين.
    ورواه أبو نعيم أيضاً بذلك في ص 222 ، ثم قال :
    ومن طريق الأصبغ بن نباتة قال : شهدت علياً يوم صفين يقول من يبايعني على الموت ، فبايعه تسعة وتسعون رجلاً فقال : أين التمام ؟
    فجاءه رجل عليه أطمار صوف ، محلوق الرأس فبايعه على القتل ، فقيل : هذا أويس القرني ، فما زال يحارب حتى قتل.
    ورواه الحاكم في : 3 / 402 ، فقال :
    حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا أبو نعيم ، ثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي : أفيكم أويس القرني ؟
    قالوا : نعم.
    فضرب دابته حتى دخل معهم ، ثم قال سمعت رسول الله 9يقول : خير التابعين أويس القرني. انتهى.
    ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام : 3 / 556 ، بنحو رواية أحمد ، قال :
    عن ابن أبي ليلى قال : إن أويساً شهد صفين مع علي ، ثم روى عن رجل أنه سمع رسول الله 9يقول : أويس خير التابعين بإحسان.
    ورواه في سير أعلام النبلاء : 4 / 31 ، بنحو رواية الحاكم ، قال :
    شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين : أفيكم أويس القرني ؟ قلنا نعم وما تريد منه ؟
    قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أويس القرني خير التابعين بإحسان ، وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضي الله عنه. رواه عبد الله بن

    أحمد ، عن علي بن حكيم الأودي ، أنبأنا شريك. وزاد بعض الثقات فيه عن يزيد ، عن ابن أبي ليلى ، قال : فوجد في قتلى صفين.
    وكذا رواه في اُسد الغابة : 5 / 380 وروته مصادرنا بنحوه في اختيار معرفة الرجال : 3141 ، وشرح الأخبار : 2 / 3 ، ومعجم رجال الحديث : 4 / 154 ، وجامع الرواة : 1 / 110 ، وغيرها.
    صاحب البصيرة الزاهد ، شجاعٌ مجاهد
    في ميزان الاعتدال : 1 / 281 :
    وقال فضيل بن عياض : أخبرنا أبوقرة السدوسي ، عن سعيد بن المسيب قال : نادى عمر بمنى على المنبر : يا أهل قرن ، فقام مشايخ ، فقال : أفيكم من اسمه أويس ؟
    فقال شيخ : يا أمير المؤمنين ذاك مجنون يسكن القفار والرمال.
    قال : ذاك الذي أعنيه ، إذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي.
    فعادوا الى قرن ، فوجدوه في الرمال ، فأبلغوه سلام عمر وسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : عرفني أمير المؤمنين ، وشهر اسمي ، ثم هام على وجهه ، فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا ، ثم عاد في أيام علي فقاتل بين يديه فاستشهد بصفين ، فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحة. انتهى.
    راجع أيضاً : لسان الميزان : 1 / 474 ، وتاريخ الإسلام للذهبي : 3 / 558 ، وسير أعلام النبلاء : 4 / 32
    وفي مستدرك الحاكم : 2 / 365 :
    قال ثم قال أويس : إن هذا المجلس يغشاه ثلاثة نفر : مؤمن فقيه ، ومؤمن لم يتفقه ، ومنافق ... لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان ، فقضاء الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا.

    اللهم ارزقني شهادة تسبق كسرتها أذاها ، وأمنها فزعها ، تؤوب الحياة والرزق. ثم سكت.
    قال أسير فقال لي صاحبي : كيف رأيت الرجل ؟
    قلت ما ازددت فيه إلا رغبة ، وما أنا بالذي أفارقه ، فلزمناه فلم نلبث إلا يسيرا حتى ضرب على الناس بعث أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، فخرج صاحب القطيفة أويس فيه ، وخرجنا معه فيه ، وكنا نسير معه وننزل معه ، حتى نزلنا بحضرة العدو.
    قال ابن المبارك : فأخبرني حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أسير بن جابر قال : فنادى علي رضي الله عنه : يا خيل الله اركبي وأبشري.
    قال فصف الثلثين لهم ، فانتضى صاحب القطيفة أويس سيفه حتى كسر جفنه فألقاه ، ثم جعل يقول :
    يا أيها الناس : تموا تموا ، ليتمن وجوه ثم لا تنصرف حتى ترى الجنة.
    يا أيها الناس تموا تموا ، جعل يقول ذلك ويمشي وهو يقول ذلك ويمشي إذ جاءته رمية فأصابت فؤاده فبرد مكانه ، كأنما مات منذ دهر.
    قال حماد في حديثه فواريناه في التراب. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة.
    نسب أويس القرني ونسبته
    قال الطبري في تاريخه : 10 / 145 :
    وأويس القرني من مراد ، وهو يحابر بن مالك بن مذحج ، وهو أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، وهو يحابر بن مالك.
    وقال الجوهري : 6 / 2181 :
    والقرن : موضع ، وهو ميقات أهل نجد ، ومنه أويس القرني.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 19:54

    وقال في هامشه : القرن هنا بتسكين الراء ، وأما أويس القرني فليس منسوباً الى ميقات أهل نجد ، وإنما نسبته الى بني قرن ، بطن من مراد من اليمن.
    وقال الخليل في كتاب العين : 5 / 142 :
    وقرن : حي من اليمن ، منهم أويس القرني.
    وقال السمعاني في الأنساب : 4 / 481 :
    القرني : بفتح القاف والراء وكسر النون .. هذه النسبة الى قرن ، وهو بطن من مراد ، يقال له قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، نزل اليمن ، والمشهور بهذه النسبة المعروف في الأقطار : أويس بن عامر القرني ، وقصته في الزهد معروفة ، وقال الدار قطني : قرن ، بفتحتين ، فهو فيما ذكر ابن حبيب ، قال : في مراد ، قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، قوم أويس بن عامر القرني الزاهد.
    والموضع الذي يحرم منه أهل نجد يقال له : قرن المنازل ، بسكون الراء. وأويس سكن الكوفة ، وكان عبداً زاهداً.
    وفي اُسد الغابة : 1 / 151 :
    أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن مسعدة بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد المرادي ثم القرني ، الزاهد المشهور ، هكذا نسبه ابن الكلبي ، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يره ، وسكن الكوفة وهو من كبار تابعيها.
    وفي إكمال الكمال : 7 / 113 :
    أما قرن بفتح القاف والراء ففي مراد ، قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد. منهم أويس بن عمرو القرني الزاهد وغيره.
    وفي ص 142 : أويس بن عمرو القرني ، ويقال ابن عامر.
    وفي تهذيب التهذيب : 1 / 337 :
    ( مسلم ) أويس بن عامر القرني المرادي سيد التابعين.

    وفي هامشه : قال في التقريب المغني : القرني بفتح القاف والراء بعدها نون ، نسبة الى قرن بن رومان ، والمرادي بمضمومة وخفة راء ودال مهملة ، نسبة الى مراد. اسمه يحابر بن مالك. اهـ.
    وفي سير أعلام النبلاء : 4 / 19 :
    أويس القرني ، هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبوعمرو ، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني. وقرن بطن من مراد. انتهى.
    وبذلك يتضح أن نسبته ( القرني ) بفتح الراء الى قبيلة يمانية ، وليس الى قرن المنازل بسكون الراء ، وقد اشتبه ذلك على الجوهري وغيره ، كما نص عليه ابن الأثير وغيره.
    راجع أيضاً : اختيار معرفة الرجال / 314 ، والتحرير الطاووسي / 74 ، وطرائف المقال : 2 / 192 ، ومجمع البحرين : 1 / 131 ، والأعلام : 1 / 375 ، والبداية والنهاية : 6 / 225
    وبهذا يتضح أن أويساً عربي يماني ، ومن الطبيعي أن يكون أسمر اللون ، ولكن بعض الروايات تذكر أنه كان آدم شديد الأدمة ، وكأنها تريد القول إنه كان أفريقيا أسود ! في محاولة لذم أويس في ذلك المجتمع الأموي المتعصب ضد الأفارقة.
    عشيرة الأويسات أو اللويسات السورية
    في معجم قبائل العرب : 3 / 1019 :
    اللويسات : من عشائر سهل الغاب بجسر الشغور ، أحد أقضية محافظة حلب. ينتسبون الى أويس القرني ، وقد قطنوا الغاب في القرن الحادي عشر ، وقريتهم الحويجة ، ويعدون 32 بيتاً.
    روايات لقائه بعمر واستغفاره له
    قال مسلم في صحيحه : 7 / 188 :
    عن عمر بن الخطاب قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن

    خير التابعين رجل يقال له أويس ، وله والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، وكان به بياض فبريء ، فمروه فليستغفر لكم ...
    كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم : أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس فقال : أنت أويس بن عامر ؟
    قال نعم.
    قال : من مراد ، ثم من قرن ؟
    قال نعم.
    قال : فكان بك برص فبرئت منه ، إلا موضع درهم ؟
    قال نعم.
    قال : لك والدة ؟
    قال نعم.
    قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم. له والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ، فاستغفر لي ، فاستغفر له ...
    عن أسير بن جابر أن أهل الكوفة وفدوا الى عمر وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس ، فقال عمر : هل ها هنا أحد من القرنيين ؟
    فجاء ذلك الرجل فقال عمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس ، لا يدع باليمن غير أم له ، قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدينار أو الدرهم ، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم.
    وروى أحمد : 1 / 38 ، رواية مسلم المطولة ، وفيها :
    قال له عمر رضي الله عنه : استغفر لي.
    قال : أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فقال عمر رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن خير

    التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فدعا الله عز وجل فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته ، فاستغفر له ثم دخل في غمار الناس ، فلم يدر أين وقع ! قال : فقدم الكوفة قال وكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان إذا ذكر هو وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره. انتهى.
    ورواه الحاكم في : 3 / 404 ، والبيهقي في الدلائل : 6 / 376 والذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 / 20
    وقال الحاكم في : 3 / 403 :
    وقد صحت الرواية بذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله. أخبرناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني ... فلما كان في العام المقبل حج رجل من أشرافهم فسأل عمر عن أويس كيف تركته ؟ فقال : تركته رث البيت قليل المتاع ، قال سمعت رسول الله 9يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لابره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل.
    فلما قدم الرجل أتى أويساً فقال استغفر لي فقال : أنت أحدث الناس بسفر صالح فاستغفر لي.
    فقال : لقيت عمر بن الخطاب ؟
    فقال : نعم.
    قال : فاستغفر له ، قال ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه.
    قال أسير : فكسوته برداً ، فكان إذا رآه عليه إنسان قال من أين لأويس هذا ؟!
    هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذه السياقة.
    وروى نحوه في : 3 / 404 ، والذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 / 20
    وفي طبقات ابن سعد : 6 / 113 :
    عن أسير بن جابر قال : كان عمر بن الخطاب إذا أتت عليه أمداد اليمن سألهم

    أفيكم أويس بن عامر ؟ فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس القرني ، قال : سمعت رسول الله يقول يأتي عليك أويس بن عامر من أمداد أهل اليمن من مراد .. بر لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل .. ورواه في سير أعلام النبلاء : 4 / 20 والبيهقي في شعب الايمان : 5 / 319 ، وابن كثير في البداية والنهاية : 6 / 225
    وفي المجروحين لابن حبان : 3 / 151 :
    وكان عمر بن الخطاب يسأل الوفود إذا قدموا من الكوفة : هل تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون : لا ، فقدم وفد من أهل الكوفة فيهم ابن عمه فقال عمر : هل تعرفون أويس بن عامر القرني ؟
    فقال ابن عمه : يا أمير المؤمنين هو ابن عمي وهو رجل فاسد ، لم يبلغ ما أن تعرفه أنت يا أمير المؤمنين !!
    فقال له عمر : ويلك هلكت ويلك هلكت ، إذا أتيته فاقرئه مني السلام ، ومره فليقدم إلي ، فقدم الكوفة فلم يضع ثياب سفره عنه حتى أتى المسجد قال : فرأى أويساً فسلم به وقال : استغفر لي يا ابن عمي !
    قال : غفر الله لك يا ابن عمي !
    قال : وأنت يا أويس يغفر الله لك ، أمير المؤمنين يقرئك السلام.
    قال : ومن ذكرني لأمير المؤمنين ؟
    قال : هو ذكرك وأمرني أن أبلغك أن تفد اليه.
    فقال : سمعاً وطاعةً لأمير المؤمنين ! فوفد اليه حتى دخل على عمر.
    فقال : أنت أويس بن عامر ؟
    قال : نعم.
    قال : أنت الذي خرج بك وضح فدعوت الله أن يذهب عنك فأذهبه فقلت : اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك ؟

    قال : نعم.
    قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر ، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه ، فيقول : اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك عليّ ، فيدع الله له ما يذكره نعمته عليه ، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له. استغفر لي يا أويس بن عامر ، فقال : غفر الله لك يا أمير المؤمنين.
    قال آخر : استغفر لي يا أويس ، وقال آخر : استغفر لي يا أويس ، فلما أكثروا عليه انساب فذهب ! فما رؤي حتى الساعة.
    راجع أيضاً : الطبقات الكبرى 111 / 6 ، الميزان 492 / 4 ، سير أعلام النبلاء : 4 / 25 ، كنز العمال : 14 / 10 ، الموضوعات لابن الجوزي 43 / 2. انتهى.
    فهذه الروايات تدل على أن أويساً جاء من اليمن الى الكوفة وسكن بها ، قبل أن يعرفه عمر ، مع أن طريقه تمر على الحجاز.
    وتدل على أن ايذاء السلطة له في الكوفة كان قبل مجيئه الى المدينة ، الى عمر.
    ومن البعيد أن حاكم الكوفة كان يجرؤ على مضايقة شخصية مثل أويس بدون رأي عمر ، وإذا صحت رواية استدعائه له ، فقد يكون الغرض محاولة كسبه ، وأنها فشلت ، لأنه انسل من المدينة وهرب راجعاً الى الكوفة بدون رضا عمر !
    ولابد أن مشكلته مع حاكم الكوفة ورجاله قد زادت أو بقيت على حالها !
    وفي كنز العمال : 12 / 10 :
    عن صعصعة بن معاوية قال : كان عمر بن الخطاب يسأل وفد أهل الكوفة إذا قدموا عليه : تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون : لا.
    وكان أويس رجلاً يلزم المسجد بالكوفة فلا يكاد يفارقه ، وله ابن عم يغشى السلطان ويؤذي أويساً ، فوفد ابن عمه الى عمر فيمن وفد من أهل الكوفة ، فقال عمر : أتعرفون أويس بن عامر القرني ؟

    فقال ابن عمه : يا أمير المؤمنين إن أويساً لم يبلغ أن تعرفه أنت ، إنما هو إنسان دون ، وهو ابن عمي !
    فقال له عمر : ويلك هلكت ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أنه سيكون في التابعين رجل يقال له أويس بن عامر القرني ، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليفعل ، فإذا رأيته فأقرئه مني السلام ، ومره أن يفد إلي ، فوفد اليه ، فلما دخل عليه قال :
    أنت أويس بن عامر القرني ؟ أنت الذي خرج بك وضح من برص فدعوت الله أن يذهبه عنك فأذهبه ، فقلت اللهم أبق لي منه في جسدي ما أذكر به نعمتك ؟ قال : وأنى دريت يا أمير المؤمنين)
    شراً !
    قال : أخبرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل يقال له أويس بن عامر القرني ، يخرج به وضح من برص فيدعو الله أن يذهبه عنه فيفعل ، فيقول : اللهم اترك في جسدي ما أذكر به نعمتك ، فيفعل ، فيقول اللهم أترك في جسدي ما أذكر به نعمتك ، فيفعل ، فمن أدركه فاستطاع أن يستغفر له فليفعل ، فاستغفر لي يا أويس. قال : غفر الله لك يا أمير المؤمنين ! قال : ولك يغفر الله يا أويس. قال : غفر الله لك يا أمير المؤمنين ! قال : ولك يغفر الله يا أويس بن عامر. فقال الناس : استغفر لنا يا أويس ، فراغ ، فما رئي حتى الساعة ( ع ، وابن منده ، كر ). وفي هامشه : راغ الى كذا : مال اليه سرا وحاد. انتهى.
    وقد روى قوله ( فراغ فما رئي حتى الساعة ) ابن حبان في المجروحين : 3 / 151 ، وفي لسان الميزان : 1 / 471.
    روايات توجب الشك في استغفاره لعمر
    الأمر الثابت في الروايات ، والمنطقي أيضاً ، أن عمر كان يبحث عن أويس لكي يستغفر له ، كما تقدم.
    بل في بعضها أنه كان يبحث عنه الى آخر سنة من خلافته ..

    ففي طبقات ابن سعد : 6 / 113 :
    قال ابن عون عن محمد قال : أمر عمر أن نرى رجلا من التابعين أن يستغفر له ، قال محمد : فأنبئت أن عمر كان ينشده في الموسم ، يعني أويساً .. انتهى.
    وتدل الرواية التالية على أن أويساً لم ير عمر أبداً ، وأنه بقي في اليمن الى خلافة علي 7 ، ولم يقبل دعوة عمر للمجيء الى المدينة !! وعندما وجدوه في اليمن وبلغوه سلام عمر وسلام الرسول 9 ، رد على السلام الرسول وآله ، ولم يرد سلام عمر !!
    وفي كنز العمال : 14 / 10 :
    عن سعيد بن المسيب قال : نادى عمر بن الخطاب وهو على المنبر بمنى :
    يا أهل قرن ! فقام مشايخ فقالوا : نحن يا أمير المؤمنين !
    قال : أفي قرن من اسمه أويس ؟
    فقال شيخ : يا أمير المؤمنين ليس فينا من اسمه أويس إلا مجنون يسكن القفار والرمال ولا يألف ولا يؤلف !
    فقال : ذاك الذي أعنيه ، إذا عدتم الى قرن فاطلبوه وبلغوه سلامي وقولوا له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرني بك ، وأمرني أن أقرأ عليك سلامه.
    فعادوا الى قرن فطلبوه فوجدوه في الرمال ، فأبلغوه سلام عمر وسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أعرفني أمير المؤمنين وشهر بإسمي ؟! السلام على رسول الله ، اللهم صل عليه وعلى آله ، وهام على وجهه فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهراً ، ثم عاد في أيام علي فقاتل بين يديه ، فاستشهد في صفين ( كر ).
    وكذا في سير أعلام النبلاء : 4 / 32
    فهذه الروايات تدل على أنه بقي في اليمن ، ولم ير عمر أصلاً !!
    بينما تقول رواية أخرى إنه قدم من اليمن على عمر في المدينة ، ولكنه لم يستغفر له ، وهرب منه !

    ففي سير أعلام النبلاء : 4 / 24 :
    قال عمر : فقدم علينا ها هنا فقلت : ما أنت ؟ قال : أنا أويس.
    قلت : من تركت باليمن ؟
    قال : أما لي.
    قلت : هل كان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟
    قال : نعم.
    قلت : استغفر لي.
    قال : يا أمير المؤمنين يستغفر مثلي لمثلك ؟!
    قلت : أنت أخي لا تفارقني. فانملس مني ، فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة. انتهى.
    وقال في ص 27 : وفي لفظ : أو يستغفر لمثلك ؟!
    وروى نحواً من ذلك عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه !! انتهى.
    وفي دلائل النبوة للبيهقي : 6 / 376 :
    لما أقبل أهل اليمن جعل عمر ( رض ) يستقرئ فيقول هل فيكم أحد من قرن ؟ ... فوقع زمام عمر أو زمام أويس ... فناوله عمر فقال له : ما اسمك ؟
    قال : أويس.
    فقال له عمر : استغفر لي.
    قال : أنت أحق أن تستغفر لي.
    ونحوه في مسند أحمد : 1 / 38 ، وسير أعلام النبلاء : 4 / 20
    وفي مستدرك الحاكم : 3 / 404 :
    عن أسير بن جابر قال لما أقبل أهل اليمن جعل عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق فيقول : هل فيكم أحد من قرن ؟ حتى أتى عليه قرن فقال : من أنتم ؟
    قالوا : قرن.
    فرفع عمر بزمامه أو زمام أويس فناوله عمر فعرفه بالنعت ، فقال له عمر :

    ما اسمك ؟
    قال أنا أويس.
    قال : هل كان لك والدة ؟
    قال : نعم.
    قال : هل بك من البياض ؟
    قال : نعم ، دعوت الله تعالى فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي.
    فقال له عمر : إستغفر لي.
    قال : أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله. انتهى.
    وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 / 27 ، نصاً طريفاً عن أبي هريرة ، ورده ، وقد جاء فيه :
    فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر ، قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته:
    يا أهل الحجيج من أهل اليمن ، أفيكم أويس من مراد ؟
    فقام شيخ كبير فقال : إنا لا ندري من أويس ، ولكن ابن أخ لي يقال له أويس وهو أخمل ذكراً وأقل مالاً وأهون أمراً من أن نرفعه اليك ، وإنه ليرعى إبلنا بأراك عرفات فذكر اجتماع عمر به وهو يرعى فسأله الاستغفار ، وعرض عليه مالاً ، فأبى. انتهى.
    ثم قال الذهبي : وهذا سياق منكر لعله موضوع. انتهى.
    وسبب حكمه عليه بالوضع أنه ينص على امتناع أويس من الاستغفار لعمر ، وأنه لم يلقه إلا في آخر سنة من عمره !
    ولكن لو صح إشكال الذهبي على هذا النص ، فإن تعارض الروايات الصحيحة عندهم في القول بأنه استغفر لعمر أو لم يستغفر له ، ورفضه أن يأخذ منه شيئاً مادياً أو معنوياً ، وهروبه منه .. كل ذلك يؤيد مانص منها على أنه رفض الإستغفار له !

    ويؤيد ذلك : أن التاريخ لم يذكر أن أويساً بايع أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ، ولا شارك في حروب الفتح تحت إمرة أمرائهم ، بل لم تذكر عنه شيئاً طيلة خلافتهم التي امتدت ربع قرن ، حتى ظهر مع علي 7 ، وبايعه ، وشارك في حروبه.
    ويؤيده : أن روايات ذكرت أن عمر طلب منه أن يبقى عنده وقال له ( أنت أخي لا تفارقني ) فلم يقبل أويس وهرب منه ، ولا تفسير لهروبه إلا أنه خاف أن يحرجه عمر في كلام ، أو يصر عليه أن يوليه عملاً في دولته !
    ويؤيده : أن عمر كان مركزياً شديد المركزية في إدارته ، وكان أويس معروفاً في الكوفة ، فلا يمكن القول بأن اضطهاد حاكم الكوفة لأويس كان بدون أمر من عمر ! وبذلك يكون إحضاره الى المدينة إن صح ، محاولة من عمر لاستمالته ، وقد فشلت !
    ويؤيد أيضاً : تعارض الروايات في وقت لقائه بعمر !
    فبعضها يقول إنه كان يبحث عنه في موسم الحج ، كما في كنز العمال : 14 / 7 ، عن محمد بن سيرين قال : أمر عمر بن الخطاب إن لقي رجلاً من التابعين أن يستغفر له قال محمد : قال فأنبئت أن عمر كان ينشده في الموسم يعني أويساً ( ابن سعد ، كر ).
    وبعضها : يقول إنه وفد عليه من اليمن ، كما في اُسد الغابة : 1 / 151 :
    قال فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس ، لا يدع باليمن غير أم ... فقال له عمر أين تريد ؟ قال : الكوفة ، قال ألا أكتب لك الى عاملها ؟ قال : أكون في غبراء الناس أحب إلي ... ونحوه في كنز العمال : 14 / 5 ، وتاريخ الإسلام : 3 / 556
    وبعضها : ينص على أنه كان في آخر سنة من خلافته يبحث عنه ! كالتي تقدمت من كنز العمال ، وسير أعلام النبلاء : 4 / 27 ، عن أبي هريرة ...
    ويؤيد ذلك أيضاً : تناقضات أسير بن جابر راوي لقاء أويس بعمر ، ففي رواية الحاكم المتقدمة عنه ( 2 / 365 ) أن أسيراً لم يعرف أويساً إلا في الكوفة في خلافة علي 7 ، وأن أويساً لم يلبث بعد معرفته به إلا قليلاً حتى ذهب الى صفين !

    ورواياته الأخرى تقول إنه عرفه من عهد عمر ، أي قبل بضع عشرة سنة من خلافة علي 7.
    هذا ، مضافاً الى تناقض الأحداث والمضامين التي رواها أسير ، والصورة الساذجة التي أعطاها لهذا الولي الواعي ، والدور الذي أعطاه لنفسه في حياة أويس ، كأنه ولي نعمته !
    والمتأمل في روايات أسير يلاحظ أن همه أن يبرز دوره ودور عمر في حياة أويس !
    وقد قال عنه الحاكم في المستدرك : 2 / 365 ( وأسير بن جابر من المخضرمين ، ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله. وهو من كبار أصحاب عمر رضي الله عنه ). انتهى.
    وقد جرح صعصعة بن معاوية في أسير هذا ، وصعصعة هو عم الأحنف بن قيس وقد وثقه النسائي وابن حبان ، وشهد صعصعة بأن أسيراً كان من شرطة دار الامارة بالكوفة وكان عمله إيذاء أويس ( يغشى السلطان ويؤذي أويساً ) !
    وقد اعترف أسير بذلك ولكنه ادعى أنه تاب ، وأن أويساً استغفر له !!
    وإقراره على نفسه حجة ، وادعاؤه التوبة دعوى تحتاج الى دليل.
    أما رواية صعصعة بن معاوية عن لقائه بعمر ، التي رواها كنز العمال : 12 / 10 ، ورواها أبو يعلي في مسنده : 1 / 187 ح 212 ، فهي مقطوعة ، لأن صعصعة لم يدرك عمر ، ولم يذكر ممن سمعها ، وقد ذكروا أن صعصعة أدرك أبا ذر ورآه ، وأنه كان حياً في زمن الحجاج ، ولا يعلم متى قال هذا الكلام ، ولعله بعد زمن علي 7.
    من هم الذين خاطبهم النبي 9في البشارة بأويس ؟
    تتعارض الروايات في تعيين المخاطبين في البشارة بأويس .. فبعضها تقول إن المخاطب بذلك هم المسلمون ، بدون تحديد شخص أو أشخاص.
    وروايات أسير بن جابر تقول إن النبي 9خاطب بذلك عمر بن الخطاب ، فهو

    يزعم أن ذلك إخبار غيبي بخلافة عمر ، أو نوع من الوصية له ، مع أن خلافة أبي بكر وعمر قامتا على أساس أن النبي 9لم يوص لأحد ، وأن عشائر قريش الثلاث والعشرين كلها ترث ملكه 9لأنه ابن قريش !
    وبعض الرويات ، كما في سير الذهبي : 4 / 24 ، تقول إن المخاطب هما عمر وعلي ( يا عمر ويا علي إذا رأيتماه ، فاطلبا اليه يستغفر لكما ، يغفر الله لكما. فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه ). انتهى.
    ومن الطبيعي أن هذه الرواية تريد تلطيف رواية أن المخاطب بذلك عمر وحده ، لأن أويساً كان من شيعة علي ولم يكن من شيعة عمر ، فجعلت الخطاب لهما معاً !
    أما ابن سلام الأباضي فقد ذكر في كتابه بدء الإسلام / 79 ، أن المخاطب بذلك هما أبو بكر وعمر ...
    ولعل بعضهم روى أن المخاطب بذلك عثمان بن عفان ، مع أن اسم عثمان غائب عن أحاديث أويس كلياً ، رغم أن خلافته امتدت بضع عشرة سنة !
    فهذا الاضطراب في تسمية الذين خاطبهم النبي 9في أمر أويس ، يقوي ما ورد في مصادرنا من أن النبي 9خاطب المسلمين عامة ، وخاطب علياً 7 خاصة ، بأن أويساً سيبايعه ويقتل معه ، فجعل الرواة هذه الفضيلة للخلفاء قبله ، كما هو دأبهم في مصادرة فضائل علي 7 وتلبيسها لغيره!
    ولا يتسع البحث للافاضة في هذا الموضوع.
    قال المفيد في الارشاد : 1 / 315 :
    في حديث عن علي 7 أنه قال : الله أكبر أخبرني حبيبي رسول الله 9أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر. انتهى.
    ونحوه في الخرائج والجرائح : 1 / 200 ، وإعلام الورى / 170 ، والثاقب في المناقب / 266 ، وبحار الأنوار : 37 / 299 و38 / 147

    آراء شاذة وأخرى مشبوهة الهدف في أويس :
    1 ـ حاولوا إعطاء شخصية أويس لعدوي وأموي
    مع كثرة الأحاديث والروايات الصحيحة في مصادر الشيعة والسنة حول أويس ، ومع أن اسمه مميز لا يختلط بغيره .. إلا أن بعضهم حاول أن يجعل الشخص الذي بشر النبي 9بشفاعته شخصاً آخر غير أويس !!
    قال ابن الأثير في اُسد الغابة : 3 / 29 :
    صلة بن أشيم العدوي من عدي بن الرباب وهو عدي بن عبد مناة بن أد بن طابخة ، أورده سعيد القرشي ... صلة هذا قتل بسجستان سنة خمس وثلاثين ، وكان عمره ثلاثين ومائة سنة ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صلة فقال فيما روى يزيد بن جابر قال : بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يكون في أمتي رجل يقال له صلة ، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. أخرجه أبو موسى.
    روى يزيد عن جابر قال : بلغنا أن النبي قال : يكون في أمتي رجل يقال له صلة ( ابن أشيم ) يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. انتهى. ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام : 5 / 127
    وترجم الذهبي في سير أعلام النبلاء : 3 / 497 ، لصلة هذا باحترام كبير فقال :
    صلة بن أشيم الزاهد العابد القدوة ، أبو الصهباء العدوي البصري زوج العالمة معاذة العدوية ، ما علمته روى سوى حديث واحد عن ابن عباس.
    حدث عنه أهله معاذة ، والحسن ، وحميد بن هلال ، وثابت البناني ، وغيرهم.
    ابن المبارك في الزهد : عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يكون في أمتي رجل يقال له صلة ، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. هذا حديث معضل. انتهى. ثم ذكر الذهبي أنه استشهد في سجستان سنة اثنين وستين.

    وقال فى هامشه عن معاذة زوجة صلة : من رجال التهذيب ، وحديثها في الكتب الستة. وقال عن الحديث : إسناده ضعيف لاعضاله كما قال المؤلف ، والحديث المعضل هو الذي سقط من إسناده اثنان على التوالي.
    والخبر في حلية الأولياء 2 / 241 من طريق ابن المبارك. انتهى.
    وكفى الله المؤمنين هذا الحديث حيث ضعفه ناقلوه .. لكن تبقى دلالته على أن وجود أويس كان ثقيلاً على السلطة وخاصة الأموية ، لأنه شهادة نبوية حية على أن الحق مع علي 7 ولذلك حاولوا التخلص منه تارة بإنكار وجود أويس من الأساس ! أو بتضعيفه ، أو بإعطاء شخصيته لشخص عدوي قريب من الخليفة عمر.
    وبعضهم سلم بوجود أويس لكن ادعى أنه قتل في سجستان أو آذربيجان ، ولم يقتل مع علي في صفين !!
    وأخيراً .. حاول بعضهم أن يعطي شفاعة أويس لعثمان بن عفان ! فقال في تذكرة الموضوعات / 94 : في المختصر ( يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر ) قيل هو أويس ، والمشهور أنه عثمان بن عفان. انتهى.
    ومعنى قوله ( والمشهور ) أنه يريد أن يجعله مشهوراً ، وإن لم يكن كذلك حتى بين السنيين المحبين لعثمان !!
    2 ـ والبخاري ضعف أويساً ولم يقبل روايته !
    في ميزان الاعتدال : 1 / 278 ولسان الميزان : 1 / 471 :
    أويس بن عامر ، ويقال ابن عمرو القرني اليمني العابد نزيل الكوفة ، قال البخاري يماني مرادي ، في إسناده نظر فيما يرويه ! وقال البخاري أيضاً في الضعفاء : في إسناده نظر : يروي عن أويس في إسناد ذلك.
    قلت هذه عبارته ! يريد أن الحديث الذي روى عن أويس في الاسناد الى أويس نظر ، ولولا أن البخاري ذكر أويساً في الضعفاء لما ذكرته أصلاً ، فإنه من أولياء الله الصادقين ، وما روى الرجل شيئاً فيضعف أو يوثق من أجله !

    وقال أبو داود : حدثنا شعبة قال : قلت لعمرو بن مرة : أخبرني عن أويس ، هل تعرفونه فيكم ؟ قال : لا.
    قلت : إنما سألت عمراً عنه لأنه مرادي ، هل تعرف نسبه فيكم ؟ فلم يعرف. ولولا الحديث الذي رواه مسلم في فضل أويس لما عرف ، لأنه عبد لله تقي خفي ، وما روى شيئاً ، فكيف يعرفه عمرو ، وليس من لم يعرف حجة على من عرفه ! انتهى.
    وشبيه به في سير أعلام النبلاء : 4 / 19 ، قال :
    أويس القرني. هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبو عمرو ، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني. وقرن بطن من مراد.
    وفد على عمر وروى قليلاً عنه ، وعن علي.
    روى عنه يسير بن عمرو ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأبو عبد رب الدمشقي وغيرهم ، حكايات يسيرة ، ما روى شيئاً مسنداً ولا تهيأ أن يحكم عليه بلين ، وقد كان من أولياء الله المتقين ومن عباده المخلصين. انتهى.
    وقال الجرجاني في الكامل : 1 / 12 ، بعد أن أورد عدداً من أحاديث أويس : قال الشيخ : وهذا الحديث معروف لأويس يرويه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة ، وليس لأويس من الرواية شيء ، وانما له حكايات ونتف وأخبار في زهده ، وقد شك قوم فيه ، إلا أنه من شهرته في نفسه وشهرة أخباره لا يجوز أن يشك فيه ، وليس له من الأحاديث إلا القليل ، فلا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف ، بل هو صدوق ثقة مقدار ما يروى عنه. انتهى.
    والذي يقرأ البخاري في صحيحه وتاريخه وبقية مؤلفاته ، يراه حريصاً على الخط المتشدد لمذهب عمر وآرائه ، ولذا فإن موقفه السلبي من أويس يمثل ما كان في عصره من التهوين من شخصيته .. وهو دليل كاف على أن صلة أويس بعمر لم تكن كما يحبون.

    3 ـ ومتشددة الحنابلة قللوا من مقام أويس !
    فقد صرح متعصبوا الحنابلة بتفضيل بعض أصحابهم على أويس القرني !
    قال أبو يعلى في طبقات الحنابلة : 2 / 63 :
    فقال البربهاري إذا كان أويس القرني يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، فكم يدخل في شفاعة أبي الحسن بن بشار ؟!
    قال أحمد البرمكي : صدق البربهاري لأن أويساً كان من الأبدال ، وأبا الحسن كان من المستخلفين ، والمستخلف أجل من البدل وأفضل عند الله ، لأن المستخلف في الأرض مقامه مقام النبيين : !! لأنه يدعو الخلق الى الله ، فبركته عائدة عليه وعلى كافة الخلق ، وبركة البدل عائدة على نفسه !! انتهى.
    لكنا نسأل البرمكي والبربهاري وأبا يعلى الذي ارتضى كلامهما : إن درجات الناس ومقامهم عند الله وتفاضلهم غيب لا سبيل الى العلم به الا من الذي له نافذة على الغيب ! وقد عرفنا مقام أويس من شهادة الرسول 9 ، فمن أين عرفتم مقام صاحبكم !! وأن الله تعالى جعله خليفته في أرضه ! وجعله في رتبة الأنبياء صلوات الله عليهم ؟ !
    إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً ؟!
    أما الذهبي فقد قيد قول النبي 9المطلق في أويس ! وقال إنه أفضل التابعين في عصره فقط .. ويقصد أنه بعد عصره يوجد كثيرون أفضل منه !!
    قال في سير أعلام النبلاء : 4 / 19 :
    أويس القرني ، هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبو عمرو ، أويس ... انتهى.
    وأما ابن تيمية ، فقد تناول أويساً من جهة أخرى قد تكون هي السبب في حساسية بعضهم منه ، فقد أكد على أن أمر الرسول 9لعمر أن يطلب من أويس أن يستغفر له ، لا يدل على أن أويساً أفضل من عمر !

    قال في التوسل والوسيلة / 327 :
    وحتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب من أويس القرني أن يستغفر للطالب ، وإن كان الطالب أفضل من أويس بكثير.
    وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليّ ، فإنه من صلى عليّ مرة صلى الله عليه عشراً ... انتهى.
    فمن أين عرف ابن تيمية أفضلية عمر على أويس ؟! وكيف جعل طلب الإستغفار كطلب الدعاء ؟!
    وكيف شبه أمر النبي لعمر أن يطلب الإستغفار من أويس ، بطلب الرسول منا أن نصلي عليه 9؟!! مع الفارق الكبير بينهما ؟!
    فطلب الرسول منا أن ندعو له بالصلاة عليه إنما هو من أجلنا ، ولم يستمد منا المساعدة !
    أما توجيهه أحداً أن يطلب الإستغفار من أحد ، فلا يكون إلا إذا كان للثاني مقام عند الله تعالى يؤمل به أن ينفع الأول !! فهو من قبيل قوله تعالى ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ... ).
    4 ـ وفضلوا أموياً على أويس القرني !
    في حلية الأولياء : 9 / 223 :
    قال وسمعت أبا سليمان وأبا صفوان يتناظران في عمر بن عبد العزيز وأويس ، فقال أبو سليمان لأبي صفوان : كان عمر بن عبد العزيز أزهد من أويس !
    فقال له : ولم ؟
    قال : لأن عمر بن عبد العزيز ملك الدنيا فزهد فيها.
    فقال له أبو صفوان : وأويس لو ملكها لزهد فيها مثل ما فعل عمر !

    فقال أبو سليمان : أتجعل من جرب كمن لا يجرب ، إن من جرت الدنيا على يديه ولم يكن لها في قلبه موقع.
    وقال في البداية والنهاية : 9 / 233 :
    قال أبو سليمان الداراني : كان عمر بن عبد العزيز أزهد من أويس القرني ، لأن عمر ملك الدنيا بحذافيرها وزهد فيها ، ولا ندري حال أويس لو ملك ما ملكه عمر كيف يكون؟! ليس من جرب كمن لم يجرب ! انتهى.
    فهل تعامى الداراني وأبو نعيم وابن كثير أن أويساً شهد له سيد المرسلين 9بأنه من كبار أولياء الله تعالى ، والشفعاء عنده يوم القيامة ، وأن معنى ذلك أن الملك والخلافة ومغريات الدنيا لو عرضت له وقبلها فسوف لا تغير منه شيئاً !
    بينما لم يشهد 9لعمر بن عبد العزيز بحرف من ذلك !
    فتفضيله على أويس وجعله في درجته ، ماهو إلا الظن والتعصب لبني أمية !
    5 ـ ثم حاولوا إنكار شهادة أويس في صفين
    في سير أعلام النبلاء : 4 / 25 :
    وروى نحواً من ذلك عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه ، وزاد فيها : ثم إنه غزا أذربيجان فمات ، فتنافس أصحابه في حفر قبره. انتهى.
    وقد حاول المعلق على سير الذهبي أن يؤكد الشك في شهادة أويس في صفين ، فقال في هامشه : هناك أخبار مختلفة حول موته والمكان الذي دفن فيه ، ذكرها أبو نعيم في الحلية 2 / 83 ، وابن عساكر في تاريخه 3 / 110 ، وما بعدها.
    وفي حلية الأولياء : 2 / 84 :
    حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني زكريا بن يحيى بن زحمويه ، ثنا الهيثم بن عديّ ، ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن سلمة ، قال غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ، ومعنا أويس القرني ، فلما رجعنا

    مرض علينا ـ يعني أويس ـ فحملناه ، فلم يستمسك فمات ، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب ، وكفن وحنوط ، فغسلناه وكفناه !!
    وفي لسان الميزان : 1 / 473 :
    وأخرج مسلم ... عن أسير بن جابر فذكر اجتماع عمر رضي الله عنه بأويس ، وفيه :
    قال أين تريد ؟
    قال : الكوفة.
    قال : ألا أكتب لك الى عاملها فيستوصى بك ؟
    قال : لا ، بل أكون في غبرات الناس أحب الي .. الحديث ، وفي آخره أنه مات بالحيرة. انتهى.
    وإذا كان يقصد أن الحديث الآخر في مسلم ، فلم نجد فيه ذكراً لموته في الحيرة ! وهذا يوجب الشك في أن نسخ صحيح مسلم متفاوتة ، وأنه أضيف الى بعضها أنه مات بالحيرة !
    وفي لسان الميزان : 1 / 475 :
    وقال ابن حبان في ثقات التابعين : أويس بن عامر القرني من اليمن ، من مراد سكن الكوفة ، وكان زاهداً عابداً ، يروي عن عمر ، اختلفوا في موته ، فمنهم من يزعم أنه قتل يوم صفين في رجالة علي رضي الله عنه ، ومنهم من يزعم أنه مات على جبل أبي قبيس بمكة ، ومنهم من يزعم أنه مات بدمشق ، ويحكون في موته قصصاً تشبه المعجزات التي رويت عنه.
    وقد كان بعض أصحابنا ينكر كونه في الدنيا ، حدثني عبد الله بن الحسين الرحبي ثنا عباس بن محمد قراد أبو نوح ، فذكر ما تقدم ، والأثر الذي تقدم عن لوين أخرج أحمد في مسنده عن أبي نعيم عن شريك به ، وفي آخره سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من خير التابعين أويساً القرني رضي الله عنه. انتهى.

    وفي تاريخ الطبري : 10 / 116 :
    ( ذكر من هلك من التابعين سنة 32 )
    ومنهم أويس بن الخليص القرني. كذلك ذكر ضمرة بن ربيعة عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه قال : سمعت من رجل من قومي يعني من قوم أويس وأنا أحدث بحديثه ، فقال تدري يا أبا عثمان أويس ابن من ؟
    قلت : لا.
    قال أويس بن الخليص.
    وأما يحيى بن سعيد القطان فإنه قال : حدثنا يزيد بن عطاء ، عن علقمة بن مرثد بأنه قال : أويس بن أنيس القرني.
    واختلف في وقت مهلكه فقال بعضهم : قتل مع علي 7 بصفين ، روى محمد بن أبي منصور قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : نادى منادي عليّ 7 يوم صفين ألا اطلبوا أويساً القرني بين القتلى ، فطلبوه فوجدوه فيهم. أو كلاماً هذا معناه. انتهى.
    وفي تاريخ الطبري : 10 / 145 :
    وأويس القرني ، من مراد وهو يحابر بن مالك بن مذحج ، وهو أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد وهو يحابر بن مالك.
    وكان ورعاً فاضلاً روى أنه قتل يوم صفين : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر قال : حدثنا هشام عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر. قال هشام فأخبرني حوشب أنه قال هو أويس القرني.
    وفي وقعة صفين لنصر بن مزاحم / 324 :
    نصر ، عن حفص بن عمران البرجمي ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري قال : أصيب أويس القرني مع علي بصفين.

    وفي أنساب الأشراف / 320 :
    وبعض الرواة يزعم أن أويساً القرني العابد ، قتل مع علي بصفين. ويقال : بل مات بسجستان. قالوا : وكان علي بصفين في خمسين ألفاً ، ويقال : بل في مئة ألف. وكان معاوية ; !! في سبعين ألفاً ، ويقال : في مأة ألف ، فقتل من أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً ، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً ، والله أعلم.
    وقال في هامشه :
    وهذا هو الشائع المعروف بين العلماء ، لم يتردد فيه إلا بعض النواصب ، وقد ذكر الكثيرون من منصفي أهل السنة استشهاد أويس بصفين ، وذكره ابن عساكر بطرق في ترجمة أويس من تاريخ دمشق : 6 / 69 ، وفي ترجمة زيد بن صوحان : 19 / 131 ، وفي تهذيبه : 6 / 14
    قال في مجمع الزوائد : 10 / 22 : وعن ابن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس القرني ؟
    قالوا نعم.
    قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خير التابعين أويس. رواه أحمد بن حنبل وإسناده جيد.
    وقال ابن مسكويه في الحكمة الخالدة / 134 : وذكر ابن أبي ليلى الفقيه أن أويساً وجد في قتلى رجالة علي بن أبي طالب يوم صفين.
    وقال الحاكم في ترجمة أويس من المستدرك : 3 / 402 :
    سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب قال : سمعت العباس بن محمد الدوري يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : قتل أويس القرني بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم صفين.
    وبالسند المتقدم عن أبي العباس محمد بن يعقوب ، عن عباس بن الدوري ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال :

    ولما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي : أفيكم أويس القرني ؟ قالوا : نعم فضرب دابته حتى دخل معهم ثم قال : سمعت رسول الله 9يقول : خير التابعين أويس القرني.
    وأخبرني أحمد بن كامل القاضي ببغداد ، حدثنا عبدالله بن روح المدائني ، حدثنا عبيد الله ابن محمد العبسي ، حدثني إسماعيل بن عمرو البجلي ، عن حبان بن علي العنزي عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال :
    شهدت علياً رضي الله عنه يوم صفين وهو يقول :
    من يبايعني على الموت ؟ ـ أو قال : على القتال ؟
    فبايعه تسع وتسعون قال : فقال :
    أين التمام ؟ أين الذي وعدت به ؟
    قال : فجاء رجل عليه أطمار صوف محلوق الرأس فبايعه على الموت والقتل [كذا] قال فقيل : هذا أويس القرني. فما زال يحارب بين يديه حتى قتل رضي الله عنه.
    وقال في تاريخ الخميس : 2 / 277 : وقتل مع علي خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأويس القرني زاهد التابعين.
    وقال في المختصر الجامع : قتل من أهل العراق خمسة وعشرون ألفا ، منهم عمار بن ياسر ، وأويس القرني ، وخمسة وعشرون بدريا.
    وقال ابن عساكر قبل ختام ترجمة أويس بحديث : أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علية [كذا] بن الحسن الحسيني ، حدثنا القاضي محمد بن عبدالله الجعفي ، حدثنا الحسين بن محمد ابن الفرزدق ، أنبأنا الحسن بن علي بن بزيع ، حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا ابراهيم بن إسحاق ، حدثنا عبدالله بن أذنية البصري ، عن أبان بن أبي عباش عن سليمان [كذا] بن قيس العامري : قال رأيت أويساً القرني بصفين صريعاً بين عمار وخزيمة بن ثابت.
    وتقدم في تعليق الحديث (347) في ص 286 عن ترجمة زيد بن صوحان من تاريخ

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 19:56

    دمشق : 19 / 130 ، وفي تهذيبه : 6 / 14 ، بسند آخر أن أويس القرني قتل في الرجالة يوم صفين. انتهى.
    وكان ينبغي لهؤلاء المؤرخين أن يتقيدوا بمنهجهم في الأخذ بالأحاديث الصحيحة التي نصت على شهادة أويس مع علي 7 في صفين ، وأن لا يشككوا الناس بسرد أحاديث ضعيفة في مقابلها.
    ولكن بغضهم لعلي 7 يدفعهم دائماً الى ترك منهجهم والتشبث بالطحلب لكي يتخلصوا من أويس ، هذه الآية الربانية النبوية التي شهدت على حق علي 7 وباطل خصومه ومقاتليه ، وحكمت عليهم بنصوص صحيحة عندهم بأنهم الفئة الباغية المحاربة لله ورسوله !!
    ترى أحدهم لا يشهد بأن الحق مع علي 7 إلا مجبوراً ، كأنه يساق الى الموت !! ويبقى قلبه مشرباً بحب أعداء علي ومقاتليه ، وكأنه يقول لهم ( أحسنتم وتقبل جهادكم وطاعاتكم ) !!
    قال الحاكم في المستدرك : 3 / 402 :
    ذكر مناقب أويس بن عامر القرني رضي الله عنه.
    أويس راهب هذه الأمة ولم يصحب رسول الله 9إنما ذكره رسول الله 9ودل على فضله ، فذكرته في جملة من استشهد بصفين بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت العباس بن محمد الدوري يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : قتل أويس القرني بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم صفين.
    حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا أبو نعيم ، ثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي أفيكم أويس القرني ؟ قالوا :

    نعم ، فضرب دابته حتى دخل معهم ، ثم قال سمعت رسول الله 9يقول : خير التابعين أويس القرني.
    أخبرني أحمد بن كامل القاضي ببغداد ، ثنا عبد الله بن روح المدايني ، ثنا عبيد الله بن محمد العبسي ، حدثني اسمعيل بن عمرو البجلي ، عن حبان بن على العنزي ، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : شهدت علياً رضي الله عنه يوم صفين وهو يقول : من يبايعني على الموت ، أو قال على القتال ؟ فبايعه تسع وتسعون.
    قال فقال : أين التمام أين الذي وعدت به ؟
    قال فجاء رجل عليه أطمار صوف ، محلوق الرأس ، فبايعه على الموت والقتل ، قال فقيل هذا أويس القرني ، فما زال يحارب بين يديه حتى قتل رضي الله عنه.
    حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا علي بن حكيم ، ثنا شريك قال ذكروا في مجلسه أويس القرني فقال : قتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الرجالة. انتهى.
    وقد تقدم من صحيح مسلم وغيره أن أويساً كان في صفين.
    راجع أيضاً : طبقات ابن سعد : 6 / 113 ـ 114 ، وغيره.
    6 ـ وجعلوا له قبرين في الشام ليبعدوه عن صفين
    في رحلة ابن بطوطة : 1 / 93 :
    أن جماعه من الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة الى الشام ، فتوفي في أثناء الطريق في برية لا عمارة فيها ولا ماء ، فتحيروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطاً وكفناً وماء فعجبوا من ذلك وغسلوه وكفنوه ...
    بعض المشاهد والمزارات بها ( الشام ) : فمنها بالمقبرة التي بين باب الجابية والباب الصغير ... وقبر بلال مؤذن رسول الله ( ص ) ، وقبر أويس القرني ، وقبر كعب الأحبار. انتهى.

    أما ابن تيمية الذي مذهبه تحريم زيارة القبور ، فقد صرح بأن قبر أويس الذي في الشام لا أصل له ، قال في كتابه زيارة القبور / 446 : أما هذه المشاهد المشهورة فمنها ما هو كذب قطعاً مثل المشهد الذي بظاهر دمشق المضاف الى اُبيّ بن كعب ، والمشهد الذي بظاهرها المضاف الى أويس القرني ، والمشهد الذي بمصر المضاف الى الحسين رضي الله عنه ، الى غير ذلك من المشاهد التي يطول ذكرها بالشام والعراق ومصر وسائر الأمصار ، حتى قال طائفة من العلماء منهم عبد العزيز الكناني كل هذه القبور المضافة الى الأنبياء لا يصح شيء منها إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أثبت غيره أيضاً قبر الخليل 7 !!
    7 ـ وزعم بعضهم أن قبر أويس طار من الأرض
    قال في حلية الأولياء : 2 / 84 :
    حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني زكريا بن يحيى بن زحمويه ، ثنا الهيثم بن عدي ، ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن أبيه عن عبد الله بن سلمة ، قال غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ومعنا أويس القرني ، فلما رجعنا مرض علينا ـ يعني أويس ـ فحملناه فلم يستمسك فمات ، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب وكفن وحنوط ، فغسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه !
    فقال بعضنا لبعض : لو رجعنا فعلمنا قبره ، فرجعنا فإذا لا قبر ولا أثر !!
    وقال اللواتي في تحفة النظار في غرائب الأمصار : 1 / 55 :
    فمن بعض المشاهد والمزارات بدمشق التي بين باب الجابية والباب الصغير قبر أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين ، وقبر أخيها أمير المؤمنين معاوية ، وقبر بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رضي الله عنهم أجمعين ، وقبر أويس القرني وقبر كعب الأحبار رضي الله عنهما.
    ووجدت في كتاب المعلم في شرح صحيح مسلم للقرطبي أن جماعة من

    الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة الى الشام فتوفي في أثناء الطريق في برية لا عمارة فيها ولا ماء ، فتحيروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطاً وكفناً وماء ، فعجبوا من ذلك وغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ، ثم ركبوا فقال بعضهم : كيف نترك قبره بغير علامة ، فعادوا للموضع فلم يجدوا للقبر من أثر. انتهى.
    ومن الواضح أنهما روايتان أمويتان تريدان إبعاد قبر أويس عن صفين ، وتنفيان استشهاده مع علي 7 !!
    8 ـ ورووا عن مالك أنه أنكر وجود أويس
    في سير أعلام النبلاء : 4 / 32 :
    قال أبو أحمد بن عدي في الكامل : أويس ثقة صدوق ، ومالك ينكر أويساً ! ثم قال : ولا يجوز أن يشك فيه. أخبار أويس مستوعبة في تاريخ الحافظ أبي القاسم ابن عساكر.
    ميزان الاعتدال : 1 / 279 :
    قال ابن عدي : ليس لأويس من الرواية شيء ، إنما له حكايات ونتف في زهده ، وقد شك قومه فيه ، ولا يجوز أن يشك فيه لشهرته ولا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف ، بل هو ثقة صدوق. قال : ومالك ينكر أويساً يقول : لم يكن. انتهى.
    ولعل إنكار مالك لوجوده فيه إن صح مبني على أن القرنيين قالوا لا نعرف نسبه فينا ، أو شككوا في وجوده بينهم !
    وقد تقدم أن مخابرات الخلافة كلفت ابن عمه بأذاه وتسقيط شخصيته ، فلا يبعد أن تكون هذه الشائعة من صنعهم.
    كما تقدم قول أويس عن رد فعل الخلفاء وعمالهم على نصحه لهم ( حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم ، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق ).
    وقوله ( نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر ، فيشتمون أعراضنا ، ويرموننا

    بالجرائم والمعايب والعظائم ، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين ، إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله ) !.
    ومن المعروف للجميع أن الخلفاء ( ماعدا علياً 7 ) لم يكن يتسع صدرهم للانتقاد ، وأن سياستهم قامت على أن المنتقد عدو ، بل الممتنع عن البيعة عدو .. وقد أرادوا قتل سعد بن عبادة في السقيفة ، وأشعلوا الحطب في اليوم الثاني لوفاة النبي 9في دار علي وفاطمة ليحرقوه بمن فيه ! إن لم يبايعوا !! الخ.
    وعندما يكون منتقد الخليفة شخصية مهمة مبشراً به مشهوداً له من النبي 9فإن جرمه يكون أكبر ، لأن كلامه يكون مؤثراً في الناس أكثر !
    وعليه فليس بعيداً أن تكون السلطة طلبت من القرنيين إنكار أويس ، أو تبرعوا هم بإنكاره خوفاً من تحميلهم مسؤولية معارضته !
    وهو عمل مألوف حتى في عصرنا من العشيرة التي لا تريد أن تتحمل مسؤولية ابنها المعارض للسلطة.
    ويؤيد ذلك سلوك أويس الفريد في العناية بالفقراء ، وتربيته مجموعة من الزهاد السائرين على نهجه ، وكان مركزهم في مسجد بالكوفة .. وأنه ورد عنه أنه كان يكرر ( ماذا لقيت من عمر ) وهو شبيه بالكلام الذي كانت تكرره فاطمة الزهراء 3..
    هذا ، ومن المحتمل أن محبي بني أمية أشاعوا عن مالك تشكيكه في وجود أويس القرني ، لأن أويساً كعمار بن ياسر رضي الله عنهما ظل شهادة صارخة من النبي 9على أنهم أهل الباطل !
    * *
    ومن طريف ما جرى في عصرنا أن الإيرانيين بنوا في صفين ( الرقة ) مسجداً كبيراً ضمنوه قبر عمار بن ياسر وأويس القرني رضي الله عنهما ، وعندما كمل المشروع أقاموا لافتتاحه احتفالاً ودعوا بعض العلماء والمؤرخين لالقاء خطبهم فيه ، ومنهم

    الدكتور سهيل زكار المحب للأمويين ، فتكلم في افتتاح مسجد أويس ، وأنكر وجود شخصيته من أساسها !!
    والطريف أن الملحقية الثقافية الايرانية نشرت خطابه في مجلتها !!
    فإذا كنا الى الآن نرى أن المتعصبين لبني أمية مثل الدكتور زكار ، يثقل عليهم وجود أويس القرني ، ويحاولون إنكاره ، فإن أسلافهم الذين عاصروه أو رأوا تأثيره العميق على الأمة ، أجدر من المتأخرين بإنكار وجوده للتخلص منه !
    * *
    آراء مضادة مغالية في أويس القرني !
    من جهة أخرى غالى بعضهم في أويس وجعلوه خليل رسول الله 9
    ففي طبقات ابن سعد : 6 / 163 :
    أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال : حدثنا سلام بن مسكين قال : حدثني رجل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خليلي من هذه الأمة أويس القرني.
    ورواه في الجامع الصغير : 3 / 298 ، برقم 3942 وفي مختصر تاريخ دمشق : 3 جزء 895 وفي كنز العمال : 12 / 74. انتهى.
    وهذه الرواية لا تصح عندنا ولا عند غيرنا.
    أما عندنا فلأنه ثبت أن النبي 9قال لعلي 7 : أنت أخي ، وخليلي ، وأول من يصافحني يوم القيامة.
    وأما عندهم ، فلأنهم رووا حديثاً ينفي وجود خليل للنبي 9وأنه لو كان متخذاً خليلاً لاتخذ أبا بكر خليلاً !
    وحديثهم عن أبي بكر كحديثهم عن أويس يراد بهما نفي أن يكون خليل النبي علياً 7 ! كما وضعوا حديث أن عمر أول من يصافح الرحمن يوم القيامة ، مقابل حديث أن يكون علياً أول من يصافح النبي 9يوم القيامة !

    قال أحد المعلقين في هامش المجروحين لابن حبان : 3 / 151 :
    وأخبار أويس أورد الكثير منها ابن سعد في الطبقات ، وأورد ابن الجوزي خبراً منها ثم قال : قد وضعوا خبراً طويلاً في قصة أويس من غير هذه الطريق. وإنما يصح في الحديث عن أويس كلمات يسيرة جرت له مع عمر ، وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يأتي عليكم أويس فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل. فأطال القصاص وعرضوا في حديث أويس بما لا فائدة في الاطالة بذكره. انتهى.
    وقد حصر هذا المحشي سبب الوضع في أحاديثه بالقصاص ، ولكن عرفت مشكلة الخلافة والأمويين مع أويس ، وهي دواع للانكار والوضع معاً !!
    ورووا أنه أوصى الى هرم بن حيان وبكى على عمر
    في مستدرك الحاكم : 3 / 406 :
    أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم بن عبد الله بن معاوية السياري شيخ أهل الحقائق بخراسان قال : أنا أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه الفزاري ، أنا عبدان بن عثمان ، أنا عبد الله بن الشميط بن عجلان ، عن أبيه أنه سمع أسلم العجلي يقول : حدثني أبو الضحاك الجرمي ، عن هرم بن حيان العبدي قال :
    قدمت الكوفة فلم يكن لي بها هم إلا أويس القرني أطلبه وأسأل عنه حتى سقطت عليه جالساً وحده على شاطيء الفرات نصف النهار يتوضأ ويغسل ثوبه ، فعرفته بالنعت فاذا رجل لحم آدم شديد الادمة ، أشعر محلوق الرأس يعني ليس له جمة ، كث اللحية عليه إزار من صوف ورداء من صوف بغير حذاء ، كبير الوجه مهيب المنظر جداً ، فسلمت عليه فرد عليّ ، ونظر إليّ فقال : حياك الله من رجل ، فمددت يدي اليه لأصافحه فأبى أن يصافحني وقال : وأنت فحياك الله.
    فقلت رحمك الله يا أويس وغفر لك ، كيف أنت رحمك الله ؟
    ثم خنقتني العبرة من حبي إياه ورقتي له ، لما رأيت من حاله ما رأيت حتى بكيت وبكى. ثم قال : وأنت فرحمك الله يا هرم بن حيان ، كيف أنت يا أخي ، من دلك

    علي؟ قلت : الله. قال : لا الَه إلا الله سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، حين سماني والله ماكنت رأيته قط ولا رآني.
    ثم قلت : من أين عرفتني وعرفت اسمي واسم أبي ؟ فوالله ما كنت رأيتك قط قبل هذا اليوم !
    قال : نبأني العليم الخبير ، عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك. إن الأرواح لها أنفس كأنفس الأحياء ، إن المؤمنين يعرف بعضهم بعضاً ويتحدثون بروح الله وإن لم يلتقوا ، وإن لم يتكلموا ويتعارفوا ، وإن نأت بهم الديار وتفرقت بهم المنازل.
    قال قلت : حدثني عن رسول الله 9بحديث أحفظه عنك.
    قال : إني لم أدرك رسول الله 9ولم تكن لي معه صحبة ، ولقد رأيت رجالاً قد رأوه وقد بلغني من حديثه كما بلغكم ، ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي أن أكون محدثاً أو قاضياً ومفتياً. في النفس شغل يا هرم بن حيان.
    قال فقلت : يا أخي اقرأ عليّ آيات من كتاب الله أسمعهن منك فإني أحبك في الله حباً شديداً ، وادع بدعوات وأوص بوصية أحفظها عنك.
    قال فأخذ بيدى على شاطيء الفرات وقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ، قال فشهق شهقة ثم بكى مكانه ، ثم قال قال ربي تعالى ذكره وأحق القول قوله وأصدق الحديث حديثه وأحسن الكلام كلامه : وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ، ما خلقناهما الا بالحق .. حتى بلغ الى من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم. ثم شهق شهقة ثم سكت ، فنظرت اليه وأنا أحسبه قد غشي عليه ، ثم قال : يا هرم بن حيان ، مات أبوك ، وأوشك أن تموت ومات أبو حيان. فإما الى الجنة وإما الى النار. ومات آدم ومات حواء.
    يا ابن حيان ومات نوح وابراهيم خليل الرحمن.
    يا ابن حيان ومات موسى نجي الرحمن.
    يا ابن حيان ومات داود خليفة الرحمن.

    يا ابن حيان ومات محمد رسول الرحمن.
    ومات أبو بكر خليفة المسلمين.
    يا ابن حيان ومات أخي وصفيي وصديقي عمر بن الخطاب.
    ثم قال : واعمراه ، رحم الله عمر وعمر يومئذ حي !! وذلك في آخر خلافته.
    قال فقلت له : رحمك الله إن عمر بن الخطاب بعد حي !
    قال : بلى إن تفهم فقد علمت ما قلت ! وأنا وأنت في الموتى. وكان قد كان ثم صلى على النبي 9ودعا بدعوات خفاف ثم قال :
    هذه وصيتي اليك يا هرم بن حيان : كتاب الله واللقاء بالصالحين من المسلمين والصلاة والسلام على النبي 9 ، ولقد نعيت على نفسي ونعيتك ، فعليك بذكر الموت ، فلا يفارقن عليك طرفة ، وأنذر قومك إذا رجعت اليهم ، وانصح أهل ملتك جميعاً واكدح لنفسك ، وإياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم ، فتدخل النار يوم القيامة !
    قال ثم قال : اللهم إن هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من أجلك ، اللهم عرفني وجهه في الجنة ، وأدخله عليّ زائراً في دارك دار السلام ، واحفظه ما دام في الدنيا حيث ما كان ، وضم عليه ضيعته ورضه من الدنيا باليسير ، وما أعطيته من الدنيا فيسره له ، واجعله لما تعطيه من نعمتك من الشاكرين ، واجزه خير الجزاء.
    استودعتك الله يا هرم بن حيان ، والسلام عليك ورحمة الله.
    ثم قال لي : لا أراك بعد اليوم رحمك الله فإني أكره الشهرة والوحدة أحب اليّ لاني شديد الغم كثير الهم مادمت مع هؤلاء الناس حياً في الدنيا ، ولا تسأل عني ولا تطلبني واعلم أنك مني على بال ولم أرك ولم ترني !! فاذكرني وادع لي فاني سأذكرك وأدعو لك إن شاء الله تعالى.
    انطلق ها هنا حتى آخذ هاهنا.
    قال فحرصت على أن أسير معه ساعة فأبى عليّ ، ففارقته يبكي وأبكي !

    قال فجعلت أنظر في قفاه حتى دخل في بعض السكك ، فكم طلبته بعد ذلك وسألت عنه فما وجدت أحداً يخبرني عنه بشيء ، ف; وغفر له.
    وما أتت عليّ جمعة إلا وأنا أراه في منامي مرة أو مرتين ! أو كما قال.
    وفي سير أعلام النبلاء : 4 / 28 :
    أخبرنا إسحاق بن أبي بكر ، أنبأنا يوسف بن خليل ، أنبأنا أبو المكارم المعدل ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا حبيب بن الحسن ، حدثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا خالد بن يزيد العمري ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن علقمة بن مرثد ، قال : انتهى الزهد الى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، وأويس القرني ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خثيم ، ومسروق بن الإجدع ، والأسود بن يزيد ، وأبي مسلم الخولاني ، والحسن بن أبي الحسن.
    وروي عن هرم بن حيان ، قال : قدمت الكوفة ، فلم يكن لي هم إلا أويس أسأل عنه ، فدفعت اليه بشاطيء الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه ، فعرفته بالنعت ... الى آخر القصة ، وقال : أوردها أبونعيم في الحلية ، ولم تصح ، وفيها ما ينكر. انتهى.
    ويكفي لرد هذه القصة أنها تنسب الى أويس أن الله تعالى نعى اليه عمر ، وأنه لو صح أنه أخبر بوفاة عمر في الكوفة قبل أن يعرف الناس لشاع ذلك ورواه غير هرم. مضافاً الى تعارض ما فيها ، وما يعارضها من أن هرما هذا كان يبحث عن أويس ولم يجده.
    ثم إن هذه القصة شهادة من هرم لنفسه بأنه الوارث الشرعي لزهد أويس ، وكان ينبغي أن يشهد له بذلك غيره ، كما شهد النبي 9والمسلمون لأويس.
    وأخيراً ، فإن الكرامات الباطلة التي رووها عن هرم توجب الشك في أصل تدينه وفي كل ماروي عنه وله .. فقد رووا أنه سمي هرما لأنه هرم في بطن أمه وبقي حملا لمدة سنتين ، أو أربع سنين !! قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 / 48 :
    وقيل : سمي هرماً لأنه بقي حملاً سنتين حتى طلعت أسنانه !

    قال أبو القاسم ابن عساكر : قدم هرم دمشق في طلب أويس القرني. انتهى.
    وقال في اختيار معرفة الرجال : 1 / 313 :
    قال القتيبي : وإنما سمي هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين. انتهى.
    فهذا هو هرم الذي هرموه ، وكبروه على حساب أويس !
    وادعوا أن أويساً ورث خرقة التصوف ثم ورثها لموسى الراعي
    في طرائف المقال : 2 / 594 :
    عن تذكرة الأولياء أن علياً 7 وعمر أعطيا خرقة النبي 9حسب الوصية أويساً فلما رآه الثاني أن ثوبه وكساه شعر الابل ووبره ، ورأسه ورجليه مكشوفان ، وكان له رئاسة الدنيا والدين تغير حاله فقال عمر : من يشتري الخلافة مني برغيف من الخبز ؟
    وفي لسان الميزان : 6 / 117 :
    ( موسى ) بن زيد الراعي أبو عمران الديلمي نزيل بلخ.
    لم أجد له ذكراً ، وأظن أن بعض من في إسناد خبره اختلقه ، فإنه أسندت عنه خرقة التصوف ، فزعم أول من اختلقه أن أويساً القرني ألبسه الخرقة لما قدم بلاد الديلم ، ومات بها ، وأن عمر ألبسه قميصه بعرفات بحضور علي ، وأن علياً ألبسه رداء ثم ألبسه قميصه بصفين ، وهما لبسا من النبي صلى الله عليه وآله.
    ذكره الفخر الفارسي ، وهو محمد بن ابراهيم الذي تقدمت ترجمته عن أبيه ، عن نصر بن خليفة البيضاوي ، عن ابراهيم بن شهريار ، عن أبي محمد الحسن الأبار الشيرازي ، عن محمد بن خفيف ، عن ابن عمر الاصطخري ، عن أبي تراب النخشبي ، عن أبي عمران المذكور.
    وفي السياق أن كلا من هؤلاء ألبس الذي دونه.
    وهذا خبر باطل مشوش. وأويس قتل بصفين كما ذكرته في ترجمته ، وقيل مات قبل ذلك ، فالله أعلم. انتهى.

    وهذه الروايات وغيرها من الادعاءات الباطلة ، تدل على المكانة التي كانت لأويس رضي الله عنه في وجدان المسلمين ، وعلى تأثير شخصيته ومسلكه في نفوسهم ، حتى كثرت الأحاديث عنه ، وادعى كثير الارتباط به والقرب منه ، أو ادعوا قربه من أئمتهم الذين يحبونهم !
    وهو أمر يزيد من التأكيد على وجود شخصية أويس ، وتأثير سيرته تأثيراً عميقاً في أجيال المسلمين ومتدينيهم .. رضوان الله عليه.
    * *
    صورة عن أويس القرني من مصادرنا
    روائح الجنة تفوح من قرن !
    في الفضائل / 107 :
    مما روي أن رسول الله 9كان يقول : تفوح روائح الجنة من قبل قرن الشمس ، واشوقاه اليك يا أويس القرني ، ألا من لقيه فليقرأه عني السلام.
    فقيل : يا رسول الله ومن أويس القرني ؟
    فقال 9 : إن غاب لم يفقدوه ، وإن ظهر لم يكترثوا له ، يدخل في شفاعته الى الجنة مثل ربيعة ومضر ، آمن بي ومارآني ، ويقتل بين يدي خليفتي علي بن أبي طالب في صفين. انتهى. ورواه في بحار الأنوار : 38 / 155
    وفي شرح الأخبار : 2/35 :
    وأويس بن عامر القرني ، قتل مع علي صلوات الله عليه بصفين ، وهو الذي قال رسول الله 9 : إن من بعدي رجل يقال له : أويس به شامة بيضاء ، من لقيه فليبلغه مني السلام ، فإنه يشفع يوم القيامة لكذا وكذا من الناس.

    خير التابعين وَنَفَسُ الرحمن
    في هامش مجمع البحرين : 3 / 498 :
    هو من التابعين الأخيار ، ممن كانوا على الهدى وثبتوا عليه.
    شهد مع علي 7 حرب صفين ، واستشهد في سبيل حقه. ووصفه المؤرخون بأنه من خواص أمير المؤمنين وحوارييه ، وورد في شأنه مدح كثير وثناء من النبي 9 ، قال 9في وصفه : إنه نفس الرحمن وخير التابعين.
    كان راعي إبل فصار الشفيع الموعود
    في طرائف المقال : 2 / 597 :
    وروى ضمرة عن أصبغ بن زيد قال : أسلم أويس على عهد النبي 9لكن منعه من القدوم بره بأمه.
    واستشهد أويس وجماعة من أصحابه في الرجالة بين يدي علي 7 ، وقد ذكرنا أن أويساً كان راعياً للابل ويأخذ الأجرة على الرعي ، ويصرفها لأمة الصالحة الصادقة. فذات يوم استأذن من أمه أن يذهب الى زيارة النبي 9 ، فأذنت له لكن لم إن يكن النبي 9في بيته فلا تتوقف وارجع معجلاً ، فلما ذهب الى زيارته ولم يكن في البيت رجع الى اليمن ، فلما أتى 9الى بيته فرأى نوراً لم ير مثله ، فسأل أنه هل أتى في درب البيت أحد ؟ فأجيب جاء أحد من اليمن اسمه أويس ، فحيا وذهب. فقال 9 : نعم هذا نور أويس ، جعله هدية في بيتنا. راجع أيضاً : سير أعلام النبلاء : 4 / 27
    أويس من أركان التشيع لعلي 7
    في الاختصاص / 6 :
    ذكر السابقين المقربين من أمير المؤمنين 7 :
    حدثنا جعفر بن الحسين ، عن محمد بن جعفر المؤدب : الأركان الأربعة : سلمان ، والمقداد ، وأبو ذر ، وعمار ، هؤلاء الصحابة.

    ومن التابعين : أويس بن أنيس القرني ، الذي يشفع في مثل ربيعة ومضر...
    وفي الاختصاص / 81 :
    أحمد بن هارون الفامي ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي عبدالله محمد بن خالد البرقي ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر 7 قال : شهد مع علي بن أبي طالب 7 من التابعين ثلاثة نفر بصفين شهد لهم رسول الله 9بالجنة ولم يرهم : أويس القرني ، وزيد بن صوحان العبدي ، وجندب الخير الأزدي ، رحمة الله عليهم. انتهى. ورواه في بحار الأنوار : 29 / 618
    وفي اختيار معرفة الرجال : 1 / 314 :
    وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبي 9ولم يصحبه ، فقال النبي 9ذات يوم لأصحابه : أبشروا برجل من أمتي يقال له أويس القرني ، فإنه يشفع لمثل ربيعة ومضر.
    روى يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن ابن أبي زياد ، عن ابن أبي ليلى عبد الرحمن ، قال : خرج رجل بصفين من أهل الشام ، فقال : فيكم أويس القرني ؟ قلنا نعم. قال : سمعت رسول الله 9يقول : خير التابعين ، أو من خير التابعين أويس القرني ، ثم تحول الينا. انتهى.
    وروى الأول في روضة الواعظين / 289 ، وبحار الأنوار : 38 / 156 ، وجامع الرواة : 1/ 110 ، ووسائل الشيعة : 20 / 144 ، ومعجم رجال الحديث : 4 / 154
    وفي طرائف المقال : 2 / 592 :
    وعن غوث المتأخرين السيد محمد النور بخشي نور الله مرقده في شجرة الأولياء قال : أويس القرني المجذوب قدس سره ، هو الذي وصفه رسول الله 9بالولاية ، وقال : إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن.

    وفيه أيضاً في أوائل الكتاب : محمد بن قولويه ، عن سعد بن عبد الله ، عن علي بن سليمان بن داود الرازي ، عن علي بن أسباط ، عن أبيه أسباط بن سالم ، قال قال أبو الحسن موسى بن جعفر 8 : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين حواري محمد بن عبد الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا اليه ؟
    فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
    ثم ينادي المنادي : أين حواري علي بن أبي طالب 7 وصي رسول الله 9 ، فيقوم عمرو بن الحمق ، ومحمد بن أبي بكر ، وميثم التمار مولى بني أسد ، وأويس القرني ... الحديث. راجع أيضاً : معجم رجال الحديث : 4 / 154
    وقد نقل عن أويس أنه في بعض الليالي يقول : هذه ليلة الركوع ويتم الليلة بركوع واحد ، وفي الليلة الأخرى يقول : هذه ليلة السجود ويتمها بسجدة ، فقيل له : يا أويس كيف تطيق على مضي الليالي الطويلة على منوال واحد ؟
    فقال أويس : أين الليلة الطويلة ؟ فياليت كان من الأزل الى الأبد ليلة واحدة حتى نتمها بسجدة واحدة ، ونتوفر على الأنين والبكاء الى آخرها.
    أويس ختام المسك الموعود في حرب الجمل
    قال المفيد في الارشاد : 1 / 315 :
    نقلاً عن ابن عباس أن أمير المؤمنين 7 جلس بذي قار لأخذ البيعة فقال :
    يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً يبايعونني على الموت.
    قال ابن عباس : فجزعت لذلك أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه ، فيفسد الأمر علينا ، ولم أزل مهموماً دأبي إحصاء القوم ، حتى ورد أوايلهم فجعلت أحصيهم فاستوفيت عددهم تسعماة وتسعة وتسعون رجلاً ، ثم انقطع مجيء القوم فقلت : إنا لله وإنا اليه راجعون ، ماذا حمله على ماقال ؟!

    فبينما أنا مفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل ، حتى إذا دنا وإذا هو رجل عليه قباء صوف معه سيفه وترسه وإداوته ، فقرب من أميرالمؤمنين 7 فقال له : أمدد يدك أبايعك ، فقال له أمير المؤمنين 7 : على م تبايعني ؟ قال : على السمع والطاعة ، والقتال بين يديك حتى أموت ، أو يفتح الله عليك.
    فقال له : ما اسمك ؟
    قال : أويس.
    قال : أنت أويس القرني ؟
    قال : نعم.
    قال : الله أكبر ، أخبرني حبيبي رسول الله 9أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني ، يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر.
    قال ابن عباس : فسرى والله عني. انتهى.
    ورواه في الخرائج والجرائح : 1 / 200 ، وإعلام الورى / 170 ، والثاقب في المناقب / 266 ، وبحار الأنوار : 37 / 299
    وفي مناقب آل أبي طالب : 2 / 104 :
    ابن عباس أنه قال 7 يوم الجمل : لنظهرن على هذه الفرقة ، ولنقتلن هذين الرجلين. وفي رواية : لنفتحن البصرة وليأتينكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف رجل وبضع وثلاثون رجلاً ، فكان كما قال. وفي رواية ستة آلاف وخمسة وستون.
    وقال المفيد في الجمل / 49 :
    ونحن نذكر الأن جملة من بايع أمير المؤمنين 7 الراضين بإمامته الباذلين أنفسهم في طاعته بعد الذي أجملناه من الخبر عنهم ممن يعترف المنصف بوقوفه على أسمائهم تحقيق ما وصفناه ، من غنايتهم في الدين وتقدمهم في الإسلام ، ومكانهم

    من نبي الهدى ، وأن الواحد منهم لو ولي العقد لامام لانعقد الأمر به ، خاصة عند خصومنا فضلا عن جماعتهم ، وعلى مذهبهم فيما يدعونه من ثبوت الإمامة بالاختيار وآراء الرجال ، وتضمحل بذلك عنده شبهات الأموية فيما راموه من القدح في دليلنا ، بما ذكروه من خلاف من سموه حسبما قدمنا.
    ومن بايع أمير المؤمنين بغير ارتياب ودان بامامته على الاجماع والاتفاق ، واعتقد فرض طاعته والتحريم لخلافه ومعصيته ، والحاضرون معه في حرب البصرة ألف وخمسماية رجل ، من وجوه المهاجرين الأولين والسابقين الى الإسلام والأنصار البدريين العقبيين ، وأهل بيعة الرضوان ، من جملتهم سبعمائة من المهاجرين وثمانمائة من الأنصار ، سوى أبنائهم وخلفايهم ومواليهم ، وغيرهم من بطون العرب والتابعين بإحسان ، على ماجاء به الثبت من الأخبار ... الى أن قال :
    بيعة باقي الشيعة :
    ومن يلحق منهم بالذكر من أوليائهم وعلية شيعتهم ، وأهل الفضل في الدين والايمان والعلم والفقه والقرآن ، المنقطعين الى الله تعالى بالعبادة والجهاد ، والتمسك بحقائق الايمان : محمد بن أبي بكر ، ربيب أمير المؤمنين وحبيبه. ومحمد بن أبي حذيفة وليه وخاصته المستشهد في طاعته.
    ومالك ابن الحرث الاشتر النخعي ، سيفه المخلص في ولايته.
    وثابت بن قيس النخغي.
    وعبد الله بن أرقم.
    وزيد بن الملفق.
    وسليمان بن صرد الخزاعي.
    وقبيصة وجابر وعبد الله ومحمد بن بديل الخزاعي.
    وعبد الرحمن بن عديس السلولي.
    وأويس القرني ...

    أويس ختام المسك الموعود في حرب صفين
    في خصائص الأئمة / 53 :
    وبإسناد عن الأصبغ بن نباتة قال : كنت مع أمير المؤمنين 7 بصفين فبايعه تسعة وتسعون رجلاً ، ثم قال : أين تمام المائة ؟ فقد عهد إليّ رسول الله 9( أنه ) يبايعني في هذا اليوم مائة رجل !
    قال فجاء رجل عليه قباء صوف متقلد سيفين فقال : هلم يدك أبايعك.
    فقال : على م تبايعني ؟
    قال : على بذل مهجة نفسي دونك !
    قال : ومن أنت ؟
    قال : أويس القرني ، فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل ، فوجد في الرجالة مقتولاً.
    وفي اختيار معرفة الرجال : 1 / 315 :
    وروى الحسن بن الحسين القمي ، عن علي بن الحسن العرني ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال كنا مع علي 7 بصفين ، فبايعه تسعة وتسعون رجلا ، ثم قال : أين المائة لقد عهد اليّ رسول الله 9أن يبايعني في هذا اليوم مائة رجل. قال : إذ جاء رجل عليه قباء صوف متقلداً بسيفين فقال : أبسط يدك أبايعك.
    قال علي 7 : على م تبايعني ؟ قال : على بذل مهجة نفسي دونك.
    قال : من أنت ؟ قال : أنا أويس القرني.
    قال : فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل ، فوجد في الرجالة.
    وفي رواية اُخرى ، قال له أمير المؤمنين 7 : كن أويساً.
    قال : أنا أويس.
    قال : كن قرنياً قال : أنا أويس القرني.

    وإياه يعني دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها على نزار ، وينقض على الكميت بن زيد قصيدته التي يقول فيها :
    ألا حييت عنـا يـا مدينا
    ويس ذو الشفاعة كان منا

    فيوم البعث نحن الشافعونا
    راجع أيضاً : الخرائج والجرائح : 1 / 200 والثاقب في المناقب / 266 وجامع الرواة : 1/ 110 ، ومدينة المعاجز : 2 / 299 ، ومعجم رجال الحديث (ط. ج ) : 4 / 154
    وفي بحار الأنوار : 29 / 583 :
    وبرز عبد الله بن جعفر في ألف رجل ، فقتل خلقا حتى استغاث عمرو بن العاص. وأتى أويس القرني متقلداً بسيفين ويقال : كان معه مرماة ومخلاة من الحصى ، فسلم على أمير المؤمنين 7 وودعه ، وبرز مع رجالة ربيعة ، فقتل من يومه ، فصلى عليه أمير المؤمنين 7 ودفنه. انتهى.
    وفي المناقب / 249 :
    وفي رواية : قتل من أصحاب أميرالمؤمنين 7 في ذلك اليوم والليلة ألفا رجل وسبعون رجلاً ، وفيهم أويس القرني زاهد زمانه ، وخزيمة بن ثابت الأنصاري ذوالشهادتين ، وقتل من أصحاب معاوية في ذلك اليوم سبعة آلاف رجل. انتهى.
    * *
    وتدل هذه النصوص على أن أويساً رضي الله عنه ملهم من الله تعالى ، حيث قال في بيعته لأمير المؤمنين 7 يوم الجمل ( على السمع والطاعة ، والقتال بين يديك حتى أموت ، أو يفتح الله عليك ) فكان الفتح.
    وقال يوم صفين ( على بذل مهجة نفسي دونك ) ولم يذكر الفتح !
    وتدل على مقادير الله تعالى لهذا الولي الكبير أن يكون تمام الألف في حرب الجمل ، ثم تمام المئة في صفين ، مبايعاً على الموت في سبيل الله تعالى.

    وتدل هي وغيرها على أنه وجماعته كانوا فوجاً مقاتلاً ، وأنهم قاتلوا قتال الأبطال المستميتين ، فقد كسر أويس جفن سيفه ، ووجد فيه أربعون طعنة ، وصلى عليه ودفنه أمير المؤمنين 7.
    وليس كما ذكر أسير بن جابر أنه سرعان ماجاءه سهم فقتل ، وأنه هو دفنه .. الخ.
    متفرقات عن أويس
    في طرائف المقال : 2 / 592 :
    وفي رجال الكشي : علي بن محمد بن قتيبة قال : سئل أبو محمد عن الزهاد الثمانية فقال : الربيع بن خيثم ، وهرم بن حيان ، وأويس القرني ، وعامر بن عبد قيس ، وكانوا مع علي 7 ومن أصحابه ، وكانوا زهاداً أتقياء.
    وأما أبو مسلم أهبان بن صيفي ، فإنه كان فاجراً مرائياً ، وكان صاحب معاوية ، وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي فقال لعلي 7 : إدفع الينا المهاجرين والأنصار حتى نقتلهم بعثمان ، فأبى علي ذلك ، فقال أبومسلم : الآن طاب الضراب إنما ! كان وضع فخاً ومصيدة.
    وأما مسروق ، فانه كان عشاراً لمعاوية ، ومات في عمله ذلك بموضع أسفل من واسط على دجلة يقال له الرصافة ، وقبره هناك.
    والحسن كان يلقي كل فرق بما يهوون ، ويتصنع للرئاسة ، وكان رئيس القدرية.
    وأويس القرني مفضل عليهم كلهم.
    قال أبومحمد : ثم عرف الناس بعد.
    وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبي 9ولم يصحبه ، بل آمن به في الغياب ، ولعدم المكنة وتفرق الحال والاشتغال على خدمات أمه لم يدرك صحبته ، وكان شغله رعي الجمال وأخذ الأجرة. انتهى.
    راجع أيضاً : خلاصة الاقوال / 24 ، والتحرير الطاووسي / 74 ، ووسائل الشيعة : 20/144 ، ومعجم رجال الحديث : 4 / 154 ، ولسان الميزان : 1 / 471

    وفي بحار الأنوار : 63 / 390 :
    قال أويس لهرم بن حيان : قد عمل الناس على رجاء ، فقال : بل نعمل على الخوف والخوف خوفان ثابت وعارض ، فالثابت من الخوف يورث الرجاء ، والعارض منه يورث خوفاً ثابتاً.
    والرجاء رجاءان : عاكف وباد ، فالعاكف منه يقوى نسبة العبد ، والبادي منه يصحح أمل العجز والتقصير والحياء.
    مستدرك الوسائل : 16 / 73 :
    مجموعة الشهيد ; : نقلاً من كتاب قضايا أمير المؤمنين 7 ، عن أويس القرني قال : كنا عند أمير المؤمنين إذ أقبلت امرأة متشبثة برجل ، وهي تقول : يا أ مير المؤمنين لي على هذا الرجل أربعمائة دينار ، فقال 7 : للرجل : ما تقول المرأة ؟
    فقال : ما لها عندي إلا خمسون درهماً مهرها.
    فقالت : يا أمير المؤمنين ، أعرض عليه اليمين ، فقال 7 : تقول باركاً وتشخص ببصرك الى السماء :
    اللهم إن كنت تعلم أن لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها وطلب نشوها وأنكر ما ذكر ته من مهرها ، فلا استعنت بك من مصيبة ، ولا سألتك فرج كربة ، ولا احتجت اليك في حاجة ، وإن كنت أعلم أنك تعلم أن ليس لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها فلا تقمني من مقامي هذا حتى تريها نقمتها منك.
    فقال : والله يا أمير المؤمنين لا حلفت بهذا اليمين أبداً ، وقد رأيت أعرابياً حلف بها بين يدي رسول الله 9 ، فسلط الله عليه ناراً فأحرقته من قبل أن يقوم من مقامه ، وأنا أوفيها ما ادعته علي. انتهى.
    ورواه في الخرائج والجرائح : 1 / 200 ، والثاقب في المناقب / 266 ، ومدينة المعاجز : 2 / 299

    من الأدعية المروية عن أويس
    في مستدرك الوسائل : 5 / 48 :
    السيد رضي الدين علي بن طاووس في مهج الدعوات : عن موسى بن زيد ، عن أويس القرني ، عن علي بن أبي طالب 7 ، عن رسول الله 9 ، في حديث أنه قال : من دعا بهذا الدعاء في منامه ، فيذهب به النوم وهو يدعو بها ، بعث الله جل ذكره ، بكل حرف منه سبعين ألف ملك من الروحانية ، وجوهم أحسن من الشمس بسبعين ألف مرة ، يستغفرون الله ، ويدعون له ، ويكتبون له الحسنات ... الخبر.
    الدعاء : يا سلام المؤمن المهيمن ، العزيز الجبار المتكبر ، الطاهر المطهر ، القاهر القادر المقتدر ، يا من ينادى من كل فج عميق ، بألسنة شتى ولغات مختلفة ، وحوائج أخرى ، يا من لا يشغله شأن عن شأن ، أنت الذي لا تغيرك الازمنة ، ولا تحيط بك الامكنة ، ولا تأخذك نوم ولا سنة ، يسر لي من أمري ما أخاف عسره ، وفرج من أمري ما أخاف كربه ، وسهل لي من أمري ما أخاف حزنه ، سبحانك لا الَه إلا أنت ، إني كنت من الظالمين ، عملت سوءاً ، وظلمت نفسي ، فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، والحمد لله رب العالمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى. ورواه في بحار الأنوار : 88 / 390
    وفي حلية الأولياء : 8 / 56 :
    سفيان الثقفي الكوفي ، ثنا أبو علي الحسن بن عبد الله الوزان ، ثنا أبو سعيد عمران بن سهل ، ثنا سليمان بن عيسى ، عن سفيان الثوري ، عن ابراهيم بن أدهم ، عن موسى بن يزيد ، عن أويس القرني عن عمر بن الخطاب عن علي بن أبي طالب قالا :
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له دعاه. والذي بعثني بالحق لو دعا بهذه الأسماء على صفائح من الحديد لذابت بإذن الله ، ولو دعا بها على ماء جار لسكن بإذن الله.

    والذي بعثني بالحق إنه من بلغ اليه الجوع والعطش ، ثم دعا بهذه الأسماء أطعمه الله وسقاه ، ولو دعا بهذه الأسماء على جبل بينه وبين الموضع الذي يريده الآن الله له شعب الجبل ، حتى يسلك فيه إلي الموضع الذي يريده.
    وإن دعا به على مجنون أفاق من جنونه ، وإن دعا به على امرأة قد عسر عليها ولدها هون الله عليها ، ولو أن رجلاً دعا به والمدينة تحرق وفيها منزله أنجاه الله ولم يحترق منزله.
    وإن دعا أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر الله له كل ذنب بينه وبين الله عز وجل ، ولو أن رجلاً دعا على سلطان جائر لخلصه الله من جوره.
    ومن دعا بها عند منامه بعث الله اليه بكل اسم منها سبعين ألف ملك مرة يكتبون له الحسنات ومرة يمحون عنه السيئات ، ويرفعون له الدرجات الى يوم ينفخ الصور.
    فقال سلمان : يا رسول الله فكل هذا الثواب يعطيه الله ؟
    قال : نعم يا سلمان ، ولولا أني أخشي أن تتركوا العمل وتقتصروا على ذلك لأخبرتك بأعجب من هذا !
    قال سلمان : علمنا يا رسول الله.
    قال : نعم ، قل :
    اللهم إنك حي لا تموت ، وغالب لا تغلب ، وبصير لا ترتاب ، وسميع لا تشك ، وقهار لا تقهر ، وأبدي لا تنفد ، وقريب لا تبعد ، وشاهد لا يغيب ، والَه لا تضاد ، وقاهر لا تظلم ، وصمد لا تطعم ، وقيوم لا تنام ، ومحتجب لا ترى ، وجبار لا تضام ، وعظيم لا ترام ، وعالم لا تعلم ، وقوي لا تضعف ، وجبار لا توصف ، ووفي لا تخلف ، وعدل لا تحيف ، وغني لا تفتقر ، وكنز لا تنفد ، وحكم لا تجور ، ومنيع لا تقهر ، ومعروف لا تنكر ، ووكيل لا تحقر ، ووتر لا تستشار ، وفرد لا يستشير ، ووهاب لا ترد وسريع لا تذهل ، وجواد لا تبخل ، وعزيز لا تذل ، وعليم لا تجهل ، وحافظ لا تغفل ، وقيوم لا تنام ، ومجيب لا تسأم ، ودائم لا تفنى ، وباق لا تبلى ، وواحد لا تشبه ، ومقتدر لا تنازع.

    هذا حديث لا يعرف إلا من هذا الوجه ، وموسى بن يزيد ومن دون ابراهيم وسفيان فيهم جهالة.
    وفي حلية الأولياء : 10 / 380 :
    ثنا عبد الله بن عبيدة العامري ، ثنا سورة بن شداد الازهد ، عن سفيان الثوري ، هو عن ابراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس القرني عن علي بن أبي طالب ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة غير واحد ، ما من عبد يدعو بهذه الأسماء إلا وجبت له الجنة ، إنه وتر يحب الوتر هو الله الذي لا إلَه إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام .. الى قوله الرشيد الصبور .. مثل حديث الأعرج عن أبي هريرة حديث الأعرج عن أبي هريرة صحيح متفق عليه ، وحديث الثوري عن ابراهيم فيه نظر لا صحة له.
    وقال ابن الجوزي في الموضوعات : 3 / 175 :
    دعاء منقول : أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي ، أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة ، أنبأنا أبي ، أنبأنا ابراهيم بن محمد بن رجاء الوراق ، حدثنا ابراهيم بن محمد بن يزيد بن خالد المروزي ، حدثنا محمد بن موسى السلمي ، حدثنا أحمد بن عبد الله النيسابوري ، عن شقيق البلخي ، عن ابراهيم بن أدهم ، عن موسى بن يزيد ، عن أويس القرني ، عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له :
    اللهم أنت حي لا تموت ، وخالق لا تغلب ، وبصير لا ترتاب ، وسميع لا تشك ، وصادق لا تكذب ، وقاهر لا تغلب ، وندى لا تنفذ ، وقريب لا تبعد ، وغافر لا تظلم ، وصمد لا تطعم ، وقيوم لا تنام ، وجبار لا تقهر ، وعظيم لا ترام ، وعالم لا تعلم ، وقوي لا تضعف ، وعليم لا توصف ، ووفي لا تخلف ، وعدل لا تحيف ، وغني لا تفتقر ، وحكيم لا تجور ، ومنيع لا تقهر ، ومعروف لا تنكر ، ووكيل لا تحقر ، وغالب

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 19:58

    لا تغلب ، ووتر لا تستأمر ، وفرد لا تستشير ، ووهاب لا تمل ، وسريع لا تذهل ، وجواد لا تبخل ، وعزيز لا تذل ، وحافظ لا تغفل ، وقائم لا تنام ، ومحتجب لا ترى ، ودائم لا تفنى وباق لا تبلى ، وواحد لا تشبه ومقتدر لا تنازع.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي بعثني لو دعى بهذه الدعوات والأسماء على صفائح الحديد لذابت ، ولو دعى بها على ماء جار لسكن ، ومن أبلغ اليه الجوع والعطش ثم دعا به أطعمه الله وسقاه ، ولو أن بينه وبين موضع يريده جبل لانشعب له الجبل حتى يسلكه الى الموضع الذى يريد ، ولو دعى به على مجنون لافاق ، ولو دعى على امرأة قد عسر عليها ولدها ، ولو دعا بها والمدينة تحترق وفيها منزله لنجا ولم يحترق منزله ، ولو دعى بها أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر له كل ذنب بينه وبين الله عزوجل ، ولو أنه دخل على سلطان جائر ثم دعى بها قبل أن ينظر السلطان اليه لخلصه الله من شره ، ومن دعى بها عند منامه بعث الله عز وجل بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك من الروحانيين ، وجوههم أحسن من الشمس والقمر ، يسبحون له ويستغفرون له ويدعون ويكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات.
    فقال سلمان : يا رسول أيعطى الله بهذه الأسماء كل هذا الخير ؟ فقال : لا تخبر به الناس حتى أخبرك بأعظم منها ، فإني أخشى أن يدعوا العمل ويقتصروا على هذا. ثم قال : من نام وقد دعا بها ، فإن مات مات شهيدا وإن عمل الكبائر وغفر لأهل بيته ، ومن دعى بها قضى الله له ألف ألف حاجة.
    وقد رواه سليمان بن عيسى عن سفيان الثوري ، عن ابراهيم بن أدهم إلا أن الألفاظ تختلف. ورواه مختصراً الحسين بن داود البلخي ، عن شقيق بن ابراهيم.
    هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي طرقه كلمات ركيكة يتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثلها وأسماء لله يتعالى الحق عنها ، ولم نر التطويل بذكر الطرق لأنها من جنس واحد.

    وفي الطريق الأول أحمد بن عبد الله وهو الجويباري.
    وفي الطريق الثاني سليمان بن عيسى.
    وفي الثالث الحسين بن داود ، وثلاثتهم كانوا يضعون الحديث ، والله أعلم أنهم ابتدوا بوضعه ، ثم سرقه الآخران وبدّلا فيه وغيّرا.
    وقد روى لنا من طريق مظلم فيه مجاهيل وفيه زيادات ونقصان. انتهى.
    * *
    ونحن لا نحكم بصحة الأدعية المروية عن أويس ; ، وهي أكثر من هذه النماذج التي ذكرناها ، فرواياتها خاضعة للبحث العلمي وقواعد الجرح والتعديل ، ولكنها تدل على المكانة العميقة له ; في نفوس المسلمين من الشيعة والسنة ، وأنه ثبت عندهم أن أويساً من أولياء الله الخاصين النادرين ، كما ثبتت عندهم أحاديث شفاعته الواسعة..
    جعلنا الله ممن تشملهم شفاعة النبي وآله ، وشيعتهم المقربين.
    شفاعة أويس القرني لمئات الألوف أو الملايين
    تقدم ذكر شفاعة أويس القرني ; في أحاديث عديدة ، ومنها أحاديث صحيحة من الدرجة الأولى عند الطرفين ، ونورد هنا ما يلي :
    في مستدرك الحاكم : 3 / 408 :
    حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، ثنا محمد بن عبدالسلام ، ثنا اسحاق بن ابراهيم ، ثنا عبد الوهاب الثقفي ، ثنا خالد الحذاء ، عن عبدالله بن شقيق ، عن عبدالله بن أبي الجدعاء أنه سمع رسول الله 9يقول : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم.
    قال الثقفي قال هشام : سمعت الحسن يقول إنه أويس القرني. صحيح الاسناد ولم يخرجاه. ورواه في سير أعلام النبلاء : 4 / 32

    وفي مستدرك الحاكم : 3 / 405 :
    حدثنا أبو العباس أحمد بن زياد الفقيه بالدامغان ، ثنا محمد بن أيوب ، أنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن هشام عن الحسن قال قال رسول الله 9 : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر.
    قال هشام فأخبرني حوشب عن الحسن أنه أويس القرني.
    قال أبو بكر بن عياش : فقلت لرجل من قومه : أويس بأي شيء بلغ هذا ؟
    قال : فضل الله يؤتيه من يشاء.
    وفي تاريخ الطبري : 10 / 145 :
    حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر قال حدثنا هشام ، عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر : قال هشام : فأخبرني حوشب أنه قال : هو أويس القرني.
    وفي تاريخ الطبري : 11 / 662 :
    عن هشام عن الحسن .. قال رسول الله ( ص ) ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر .. أنه قال هو أويس القرني.
    وفي كنز العمال : 12 / 73 :
    سيكون في أمتي رجل يقال له أويس بن عبد الله القرني ، وإن شفاعته في أمتي مثل ربيعة ومضر ( عد ، عن ابن عباس ).
    وفي كنز العمال : 12 / 76 :
    يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر ( ش ، ك ، هق ، وابن عساكر عن الحسن مرسلاً ، قال الحسن : هو أويس القرني ).
    وفي كنز العمال : 14 / 8 :
    عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل بشفاعة رجل من أمتي الجنة أكثر من ربيعة ومضر ، أما أسمي لكم ذلك الرجل ؟

    قالوا : بلى.
    قال : ذاك أويس القرني ...
    وقال : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر ، ثم سماك .. الحديث. وروى نحوه في ص 13
    وفي كنز العمال : 12 / 74 :
    سيقدم عليكم رجل يقال له أويس كان به بياض فدعا الله له فأذهبه الله ، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر له ( ش ، عن عمر ).
    وفي كنز العمال : 14 / 7 :
    مسند عمر ، عن صعصعة بن معاوية قال : كان أويس بن عامر من التابعين رجل من قرن ، وإن عمر بن الخطاب قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر ، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه فيقول : اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمتك عليّ ، فيدع له في جسده ما يذكر به نعمته عليه ، فمن أدرك منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له ( الحسن بن سفيان وأبو نعيم في المعرفة ، ق ، في الدلائل ، كر ) راجع أيضاً : 14 / 8 و 10. ونحوه في سير أعلام النبلاء : 4 / 26
    وفي سير أعلام النبلاء : 4 / 32 :
    وروى هشام بن حسان عن الحسن قال : يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة ومضر.
    أبو بكر الأعين : حدثنا أبو صالح ، حدثنا الليث ، عن المقبري ، عن أبي هريرة مرفوعا : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وتميم. قيل : من هو يا رسول الله ؟ قال : أويس القرني. هذا حديث منكر تفرد به الأعين ، وهو ثقة.
    ونحوه في ميزان الاعتدال : 2 / 445

    وفي تاريخ الإسلام للذهبي : 3 / 558 :
    عن عمر قال : قال رسول الله ( ص ) : يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومضر.
    وفي بدء الإسلام لابن سلام الأباضي / 79 :
    أويس القرني ... جاء في الأثر عن النبي ( ص ) قال لأبي بكر وعمر : أوصيكم أن تقرؤوا مني أويس القرني السلام ، يقدم المدينة بعدي ... يدخل في شفاعته يوم القيامة عدد ربيعة ومضر ...
    وفي ميزان الاعتدال : 1 / 282 :
    عن الحسن قال : يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي ، أكثر من ربيعة ومضر.
    قال هشام عن الحسن : هو أويس.
    وقال عبد الوهاب الثقفي : حدثنا خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق ، عن ابن أبي الجدعاء : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.
    وفي ميزان الاعتدال : 1 / 282 ولسان الميزان : 1 / 474 :
    يونس وهشام عن الحسن قال : يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي أكثر من ربيعة ومضر. قال هشام عن الحسن هو أويس.
    وقال عبد الوهاب الثقفي ثنا خالد الحذاء ، عن عبدالله بن شقيق ، عن ابن أبي الجدعاء سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.
    وفي لسان الميزان : 1 / 473 :
    وقال أبو صالح : ثنا الليث ، حدثني المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله 9قال : ليشفعن رجل من أمتي في أكثر من مضر. قال تميم : ومضر ، وأنه أويس القرني. انتهى.

    نتيجــة
    النتيجة التي يخرج منها الباحث في أحاديث أويس وشفاعته :
    أن الله تعالى أعطى هذه الكرامة العظيمة لراعي إبل من جبال اليمن ، فجعله بسبب طاعته وإخلاصه له ، موعوداً مبشراً به ، على لسان أشرف الأنبياء والمرسلين 9وجعل المسلمين يتبركون به ويطمعون منه بكلمة ( غفر الله لك ) فيبخل بها على أكثرهم ! وينطق بها لمن أدركته الرحمة منهم.
    ثم جعله يوم القيامة شفيعاً لمئات الألوف أو لملايين المذنبين ، يدخلون ببركته جنة النعيم.
    وقوله 9( يشفع في مثل ربيعة ومضر .. أكثر من مضر وتميم .. أكثر من ربيعة وبني تميم ) إنما هو إشارة الى الكثرة وتفهيمها للناس بجمهور قبائل كانت تمثل الكثرة في ذلك المجتمع .. ولذلك قد يبلغ عدد من يشفع لهم أويس الملايين ..
    ومما يثير العجب ، أن هذا الانسان الكريم على ربه ، صاحب المقام العظيم عنده ، الذي لا ينطق بكلمة ( غفر الله لك ) في غير محلها .. تراه يقول لعلي 7 : مد يدك أبايعك على بذل مهجة نفسي دونك !!
    فما هو مقام علي ؟! الذي يتقرب كبار الأولياء الى الله بالموت دونه ، ودون نصرة حقه وقضيته ؟!!
    وهل يستطيع مسلم بعد هذا أن يشكك في مقام الشفاعة العظيمة لعلي وبقية أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله .. وهو يرى أن أويساً صاحب الشفاعة العظيمة ، فدائي لهم!!
    وختاماً ، فإن شفيع المحشر على الاطلاق ، هو رسول الله صلى الله عليه وآله .. بل يفهم من أحاديثنا أن الشفاعة بالأصل إنما هي كرامة من الله تعالى له صلى الله عليه وآله.
    وأن الأنبياء الآخرين إنما يشفعون بما يعطيهم سيد المحشر وصاحب لوائه مما أعطاه ربه عز وجل !وهذه الشفاعة العظمى لنبينا 9ملكٌ كبيرٌ .. لا بد له من مدراء

    وهذه الشفاعة العظمى لنبينا 9ملكٌ كبيرٌ .. لابد له من مدراء ومفوضين يوم القيامة .. وهؤلاء إنما هم عترة النبي الذين نص عليهم أنهم يكونون معه ، وهم علي وفاطمة والمعصومون من أولادهم ، صلى الله على رسوله وعليهم.
    ولا بد أن يكون لهم أعوان من الملائكة والصالحين.
    وقد خصصنا هذا الفصل بشفاعة أويس ; ، لأنه شيعي ثبتت له هذه الشفاعة العظيمة بإجماع المسلمين ، وكفى بها دليلاً على شفاعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله.
    * *



    الفصل الخامس عشر
    النواصب مطرودون من الشفاعة والجنة
    حكم النواصب في الفقه الإسلامي
    عقدنا هذا الفصل لاستعراض الأحاديث التي رواها الجميع في قرار الحرمان الالَهي من الشفاعة والجنة ، لمن أبغض أهل البيت النبوي : ، أو نصب العداوة والبغضاء ، لهم أو لمن أحبهم ، أو حمل في نفسه غلاً عليهم ، أو كرهاً أو حسداً .. ولو بمقدار ذرة !!
    فقد اتفقت مذاهب السنيين على أن من يعادي علياً ، أو أهل البيت النبوي : ، فهو منافق.
    أما في فقهنا فمبغض أهل البيت : الناصب لهم ، كافرٌ نجس ..
    ويسمى المبغض والمعادي في الفقه الإسلامي ( الناصب والناصبي )
    وهو اسم مشتق من : نصب له العداوة ، أي أبغضه ، وتكلم عليه ، أو عمل ضده ، شبيهاً بقولك : نصب له الحرب !
    والمبغض والمخالف والمعادي والناصب ، كلمات متقاربة ، ولكنها متفاوتة .. فالمخالف ناظرةٌ الى مخالفة الشخص في الرأي والمسلك.


    والمبغض ناظرة الى حالة النفرة النفسية المضادة للحب.
    والمعادي ناظرة الى الموقف النفسي والعملي المضاد.
    والناصب تزيد عليهما بأن البغض والعداء يصير هم الناصب !
    هذا في أصل اللغة ، أما في الشرع فقد وردت استعمالاتها بمعنى واحد وكأن المصطلح الإسلامي للمبغض يشملها جميعاً.
    والذي يدخل في بحثنا من أحكام النواصب ، أن الشفاعة النبوية الكبرى على سعتها يوم القيامة لا تنالهم ، بل يؤمر بهم الى النار !!
    وهذا يعني أن بغض أهل البيت جريمةٌ كبرى في نظر الإسلام ، جزاؤها الطرد من الرحمة الالَهية والنبوية ، واستحقاق العذاب في جهنم !
    ونورد فيما يلي عدداً من أحاديث هذه المسألة ، وفيها أحاديث صحيحةٌ عند الجميع:
    علي 7 ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق
    روى الحاكم : 3 / 129 :
    عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله ، والتخلف عن الصلوات ، والبغض لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه.
    ورواه أحمد في فضائل الصحابة : 2 / 639 ، والدارقطني في المؤتلف والمختلف : 13763 ، والهيثمي في مجمع الزوائد : 9 / 132
    وروى الترمذي : 4 / 327 ، و : 5 / 293 و298 ـ باب مناقب علي :
    عن أبي سعيد الخدري قال : إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي ، وقد روى هذا عن الأعمش عن أبي صالح ، عن أبي سعيد.

    وروى النسائي في : 8 / 115 :
    عن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحب علياً منافق ، ولا يبغضه مؤمن. وقال : هذا حديث حسن.
    ورواه النسائي أيضاً في خصائص علي 5 / 137
    وابن ماجة : 1 / 42
    والترمذي : 4 / 327 وج 5 / 594
    وأحمد في مسنده : 2 / 579 و639 وفي فضائل الصحابة : 2 / 264
    وعبد الرزاق في مصنفه : 11 / 55
    وابن أبي شيبة في مصنفه : 12 / 56
    والحاكم في المستدرك : 3 ص 129 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ! ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك.
    ورواه الطبراني في الاوسط : 3 / 89
    والهيثمي في مجمع الزوائد : 1299 ، وقال : رجال أبي يعلى رجال الصحيح.
    ورواه الخطيب في تاريخ بغداد عن صحابة متعددين في : 2 / 72 و4 / 41 و13 / 32 / 153 و14 / 426 و2 / 255
    والبيهقي في سننه : 5 / 47
    وابن عبد البر في الاستيعاب : 3 / 37
    وفي الترمذي : 5 / 601 :
    عن الأعمش : إنه لا يحبك إلا مؤمن. وقال : هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.
    وفي الطبراني الكبير : 1 / 319 و23 / 380 :
    عن أبي الطفيل قال : سمعت أم سلمة تقول : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أحب علياً فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله. ورواه الهيثمي في الزوائد : 9 / 132

    وفي فردوس الأخبار : 3 / 64 :
    عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : علي باب حطة ، من دخل منه كان مؤمناً ، ومن خرج منه كان كافراً.
    عن أبي ذر أن النبي ( ص ) قال : علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي. حبه إيمانٌ ، وبغضه نفاق ، والنظر اليه رأفة ومودة وعبادة.
    * *
    وفي صحيح مسلم : 1 / 60 ، تحت عنوان : باب حب علي من الايمان.
    عن زر بن حبيش قال قال علي 7 : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إليّ ، أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق.
    ورواه ابن ماجة : 1 / 42
    والنسائي في سننه : 8 / 115 و117 وفي خصائص علي : 1375
    وأحمد في مسنده : 1 / 84 و95 و128 وفي فضائل الصحابة : 2 / 264
    وابن أبي شيبة في المصنف : 12 / 56
    وعبد الرزاق في المصنف : 11 / 55
    وابن أبي عاصم في السنة : 5842
    وابن حبان في صحيحه : 9 / 40
    والخطيب في تاريخ بغداد : 2 / 255 و14 / 426
    وابن عبد البر في الاستيعاب : 3 / 37
    وأبو نعيم في حلية الأولياء : 8 / 185
    وابن حجر في الاصابة : 2 / 503
    والحاكم في المستدرك : 3 / 139
    والبيهقي في سننه : 5 / 47
    وابن حجر في فتح الباري : 7 / 57

    وفي مسند أبي يعلى : 1/237 :
    عن الحارث الهمداني قال : رأيت علياً جاء حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : قضاء قضاه الله على لسان نبيكم النبي الأمي صلى الله عليه و( آله ) وسلم إليّ : إنه لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق ، وقد خاب من افترى.
    وفي فتح الباري : 7 / 72 :
    وفي كلام أمير المؤمنين كرم الله وجهه يقول : لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجمانها على المنافق على أن يحبني ما أحبني ! وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الأمي صلى الله عليه و ( آله ) وسلم أنه قال : يا علي لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبك منافق.
    وهو في نهج البلاغة : 2 / 154 ، شرح محمد عبده ، وقال ابن أبي الحديد في شرحه 2 / 485 : في الخبر الصحيح المتفق عليه أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، وحسبك بهذا الخبر ، ففيه وحده كفاية :
    وقال ابن أبي الحديد في موضع آخر كما في هامش بحار الأنوار : 39 / 294 :
    قال شيخنا أبو القاسم البلخي : قد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب عند المحدثين فيها أن النبي قال له : لا يبغضك إلا منافق ولا يحبك إلا مؤمن.
    وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي / 107 :
    أخبرنا الشيخ الفقيه المفيد أبو علي الطوسي ; بقراءتي عليه في شعبان سنة إحدى عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 قال : أخبرنا السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسين الطوسي ; قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي ; قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال : حدثنا علي بن العباس بن الوليد قال : حدثنا ابراهيم بن بشير بن خالد قال : حدثنا منصور بن يعقوب قال : حدثنا عمرو بن ميمون ، عن ابراهيم بن عبدالأعلى ،

    عن سويد بن غفلة قال : سمعت علياً 7 يقول : والله لو صببت الدنيا على المنافق صباً ما أحبني ، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبني ، وذلك أني سمعت رسول الله 9يقول : يا علي لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ! انتهى.
    ورواه محمد بن سليمان في مناقب أمير المؤمنين ( ع ) : 2 / 484 ، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين / 295
    * *
    وفي فردوس الأخبار : 5 / 316 :
    قال النبي ( ص ) : يا علي محبك محبي ، ومبغضك مبغضي.
    ونحوه في الطبراني في الأوسط : 3 / 89 ، عن عمران بن حصين.
    وأحمد في فضائل الصحابة : 2 / 639 ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
    والحاكم في : 3 / 130 ، عن سلمان الفارسي. وفي : 3 / 129 ، عن أبي ذر الغفاري
    والهيثمي في مجمع الزوائد : 9 / 129 ، عن أبي يعلى ، عن أبي رافع.
    وفي تاريخ بغداد : 9 / 72 ، وفي : 4 / 41 ، وفي : 13 / 23 ، عن ابن مسعود ، وفي ص153 ، عن ابن عباس.
    ورواه أيضاً في : 9 / 72 ، وروى فيها : عن عمار بن ياسر قال سمعت رسول الله يقول لعلي : يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك.
    وروى الحاكم في المستدرك : 3 / 128 :
    عن ابن عباس قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال : يا علي أنت سيدٌ في الدنيا وسيدٌ في الآخرة ، حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ، والويل لمن أبغضك بعدي !! صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
    ورواه في تاريخ بغداد : 4 / 41 ، وفي فردوس الأخبار : 5 / 324

    وفي الطبراني الأوسط : 3 / 89 :
    عن عمار بن ياسر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : إن الله تبارك وتعالى زينك بزينة لم يزين العباد بزينة مثلها ! إن الله تعالى حبب اليك المساكين والدنو منهم ، وجعلك لهم إماما ترضى بهم ، وجعلهم لك أتباعاً يرضون بك ، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك ، وويلٌ لمن أبغضك وكذب عليك.
    فأما من أحبك وصدق عليك فهم جيرانك في دارك ، ورفقاؤك من جنتك.
    وأما من أبغضك وكذب عليك ، فإنه حق على الله عز وجل أن يوقفهم مواقف الكذابين.
    * *
    وفي مستدرك الحاكم ص 138 :
    عن علي بن أبي طلحة قال : حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ، ومعنا معاوية بن حديج ، فقيل للحسن : إن هذا معاوية بن خديج الساب لعلي ، فقال علي به ، فأتي به فقال : أنت الساب لعلي ؟!
    فقال : ما فعلت !
    فقال : والله إن لقيته ، وما أحسبك تلقاه يوم القيامة ، لتجده قائماً على حوض رسول الله 9 ، يذود عنه رايات المنافقين ، بيده عصاً من عوسج .. حدثنيها الصادق المصدوق ، وقد خاب من افترى. هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه. انتهى.
    وفي مسند أبي يعلى : 6 / 174 :
    عن علي بن أبي طلحة مولى بني أمية قال : حج معاوية بن أبي سفيان وحج معه معاوية بن خديج ، وكان من أسب الناس لعلي ، قال : فمر في المدينة وحسن بن علي ونفرٌ من أصحابه جالسٌ فقيل له : هذا معاوية بن خديج الساب لعلي ! قال : عليّ بالرجل ، قال : فأتاه رسول فقال : أجب.

    قال من ؟
    قال : الحسن بن علي يدعوك ، فأتاه فسلم عليه.
    فقال له الحسن : أنت معاوية بن خديج ؟
    قال : نعم.
    فرد ذلك عليه ، قال : فأنت الساب لعلي بن أبي طالب ؟!
    قال : فكأنه استحيا.
    فقال له الحسن : أما والله لئن وردت عليه الحوض ، وما أراك ترده ، لتجدنه مشمر الازار على ساق ، يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الإبل. قول الصادق المصدوق ، وقد خاب من افترى.
    ورواه أبو يعلى في مسنده : 12 / 139 ، والطبراني في الأوسط : 3 / 22 ، وفي الكبير : 913 ، وفي مجمع الزوائد : 9 / 130 ، و272
    وفيه : قال يا معاوية بن خديج إياك وبغضنا ، فإن رسول الله قال : لا يبغضنا ولا يحسدنا أحدٌ إلا ذيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار.
    ورواه في مختصر تاريخ دمشق : 12 جزء 24 / 393 ، وفي كفاية الطالب / 89 ، عن أبي كثير ، ورواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : 8 جزء 15 / 18 ، عن المدائني.
    * *
    وفي شواهد التنزيل للحسكاني : 1 / 551 ح 585 :
    بسنده عن جابر وأنس قالا قال رسول الله ( ص ) : يا علي ، لو أن أمتي أبغضوك لأكبهم الله على مناخرهم في النار.
    وفي شواهد التنزيل : 1 / 550 ح 583 :
    بسنده عن جابر قال : قال رسول الله ( ص ) يا علي ، لو أن أمتي صاموا حتى صاروا كالأوتاد ، وصلوا حتى صاروا كالحنايا ، ثم أبغضوك لأكبهم الله على مناخرهم في النار !!

    وفي شواهد التنزيل : 1 / 496 ح 524 :
    بسنده عن جابر قال : خطبنا رسول الله ( ص ) فسمعته يقول : من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً.
    وفي شواهد التنزيل : 1 / 550 ح 584 :
    بسنده عن أبي سعيد قال : قتل قتيل بالمدينة على عهد النبي ( ص ) ... فقال : والذي نفس محمد بيده لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلا أكبه الله عز وجل في النار على وجهه.
    وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي / 204 :
    قال حدثنا الهيثم بن حماد ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : رجعنا مع رسول الله 9قافلين من تبوك فقال في بعض الطريق : ألقوا إلى الأحلاس والأقتاب ففعلوا ، فصعد رسول الله 9فخطب فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : معاشر الناس مالي أراكم إذا ذكر آل ابراهيم تهللت وجوهكم ، فإذا ذكر آل محمد كأنما يفقأ في وجوهكم حب الرمان !!
    والذي بعثني نبياً لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ، ولم يجيء بولاية علي بن أبي طالب لأكبه الله عز وجل في النار !!
    * *
    محاولة ابن حجر تجريد علي من هذه الفضيلة !!
    قال في فتح الباري : 1 / 63 :
    وقد ثبت في صحيح مسلم عن علي أن النبي ( ص ) قال له : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الاكرام ، لما لهم من حسن الغناء في الدين !
    قال صاحب المفهم : وأما الحروب الواقعة بينهم ، فإن وقع من بعضهم بغض فذاك من غير هذه الجهة ، بل للأمر الطارئ الذي اقتضى المخالفة ! ولذلك لم يحكم

    بعضهم على بعض بالنفاق ، وإنما كان حالهم في ذاك حال المجتهدين في الأحكام ، للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد !! والله أعلم.
    وقال في فتح الباري : 7 / 72 ، في شرح رواية البخاري : 1 / 525 ) : لأعطين الراية غدا رجلاً يحب الله ورسوله : وقوله في الحديثين إن علياً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله : أراد بذلك وجود حقيقة المحبة ، وإلا فكل مسلم يشترك مع علي في مطلق هذه الصفة.
    وفي الحديث تلميح بقوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ، فكأنه أشار الى أن علياً تام الاتباع لرسول الله ( ص ) حتى اتصف بصفة محبة الله له ، ولهذا كانت محبته علامة الايمان وبغضه علامة النفاق ، كما أخرجه مسلم من حديث علي نفسه ، قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي ( ص ) أن لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق. وله شاهد من حديث أم سلمة عند أحمد. انتهى.
    فقد حاول ابن حجر أن يميع شهادة النبي 9لعلي 7 في خيبر ، وشهادته له بأن حبه وبغضه ميزان الايمان .. ويجعلهما شهادتين عامتين لكل الصحابة !!
    أما في خيبر فقد حاصر المسلمون خيبر وفتحوا عددا من حصونها ، ولكنهم عجزوا عن فتح أهم حصن فيها ( حصن السلالم ) !
    وكانت آخر محاولتين لفتحه حملتان ، قاد المسلمين في الأولى منهما أبو بكر ، وما أن اقتربوا من الحصن حتى واجهتهم دفاعات اليهود من أعلى الحصن بوابل السهام والأحجار .. فانهزموا راجعين الى مقر قيادة النبي 9!!
    وفي اليوم التالي قاد الحملة عمر بن الخطاب فتكرر نفس المشهد وأشد ، فانهزم المسلمون ورجعوا ، وهم يجبنون عمر وهو يجبنهم !!
    عندها غضب النبي 9وقال كلمته الخالدة ( لأعطين الراية غدا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرار غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ) وكان علي مريضاً برمد العينين ، فأحضره النبي 9ومسح بريقه على عينيه فشفاه الله

    تعالى ، وأعطاه الراية ، فتقدم علي أمام المسلمين وصعد في جبل الحصن قبلهم ، وهو يدفع السهام والأحجار حتى تكسر ترسه ، وتمكن من الصعود الى باب الحصن وبه جراحات ، فاستعان بالله تعالى ودحا الباب الحديدي الضخم فانفتح ، فدخل عليهم وحده وقتل فارسهم مرحباً ، ورفع صوته بالتكبير ، ففهم المسلمون أنه النصر ، فدخلوا الحصن على أثره وأكملوا تحريره !!
    فانظر كيف حاول ابن حجر توسيع هذه الشهادة النبوية لتشمل كل الصحابة ، ويغمض عينيه عن خصوصياتها المتعددة ، التي لا تنطبق إلا على علي ؟!
    والأعجب من ذلك أنه عمد الى الميزان الالَهي لإيمان الأمة ، والذي هو ميزان منصوص ، لشخص مخصوص ، فجعله ميزاناً واسعاً ضائعاً مائعاً متناقضاً ! فقال :
    وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة ، لتحقق مشترك الاكرام ، لما لهم من حسن الغناء في الدين !
    يعني بذلك أن حب كل واحد من الصحابة علامة على الايمان ، وبغض أي واحد منهم علامة على النفاق ، لأنهم جميعاً شاركوا في نصرة النبي 9!
    يفعل ابن حجر ذلك وهو يعلم أن غرض الإسلام من التأكيد على حب علي 7 أن يضع للأمة خطاً ومقياساً ليعرف به هدى المهتدين به ، وكذب المنافقين في ادعائهم الإسلام.
    وكيف يعقل ابن حجر أن يكون الصحابة جميعاً مقياساً لذلك ، وعددهم عنده أكثر من مئة ألف ، وقد كانوا في عهد النبي 9مختلفي المشارب والاتجاهات والمستويات ، وصاروا بعده أكثر اختلافاً وعداوة وبغضاء .. حتى انقسمت الأمة بسببهم الى محب لهم ومبغض ، وقامت بينهم الحروب !!
    فلو جعلنا بغضهم مقياساً للنفاق ، فقد نفينا وجود منافقين في الأمة !
    لأن المنافقين في زمنه وبعده ، إما صحابة أو يحبون أحداً من الصحابة !
    وذلك تكذيب للقرآن حيث أخبرا بوجود منافقين في حياة النبي صلى الله عليه وآله.

    كما أن مقياس ابن حجر يسبب مشكلة عقيدية على الصحابة أنفسهم .. لأنه لا يكاد يوجد صحابي إلا وأبغض صحابياً آخر ، فيكونون جميعاً بهذا المقياس ( الحجري ) منافقين !!
    * *
    وقد حاول ابن حجر أن يخلص من هذه الورطة فنقل عن صاحب المفهم كلاماً غير مفهم ، مفاده أن الصحابة قد أبغضوا بعضهم ، وقد اشتهر بغض معاوية لعلي ، ولكن هذا البغض بزعمه ليس نفاقاً ! لأن قصد النبي 9أن علامة النفاق هو بغض علي بسبب نصرته للنبي فقط .. وأما بغضه لسبب آخر فهو حلالٌ زلال ، لا يوجب نفاقاً ولا هم يحزنون !!
    وهي حيلةٌ وجدها علماء الخلافة القرشية قبل ابن حجر ، فحللوا بها بغض علي ، وزعموا أن التأكيد النبوي المطلق مخصوص بمن أبغضه لنصرته للنبي 9فقط ! فلا يشمل الذين يبغضونه لأسباب أخرى غير النصرة !!
    وقد تشبثوا بتلك الحيلة لرفع حكم النفاق عن معاوية ، وتبرير أمره بلعن علي 7 على منابر الإسلام في خطب الجمعة عشرات السنين ، وتشريد أهل بيت النبي 9ومطاردتهم في كل صقع ، وتقتيل شيعتهم وهدم بيوتهم ، وتقريب مبغضيهم ولاعنيهم ، وإعطائهم مناصب الدولة !!
    وقد تمسك بهذه الحيلة بعض فقهاء النواصب في عصر ابن حجر ، ودافعوا بها أمام القضاة السنيين ، الذين أصدروا حكمهم على ابن تيمية ، بأنه ناصبي منافق مبغض لعلي 7 ! فقال المدافعون : إن بغضه لعلي الذي ليس بسبب نصرته للنبي 9فهو مثل معاوية يبغض علياً لأسباب أخرى ، فبغضه له حلالٌ لا يصير بسببه من المنافقين ، كما أن معاوية لم يصر من المنافقين !!
    ولكنه منطق متهافت :
    أولاً ، لأن كلام النبي 9صريح في الاطلاق والعموم .. فأين دليلهم على التخصيص ، وأين المخصص والمقيد من عقل أو نقل ؟

    وثانياً ، أنهم بذلك جوزوا للمسلمين أن يصيروا كلهم رافضة ، وأن يبغضوا الصحابة ويلعنوهم لأسباب أخرى غير نصرتهم للنبي 9!!
    فما دام بغض معاوية والنواصب ولعنهم علياً حلالٌ ، وهم مصدقون في ادعائهم أن بغضهم له لسبب آخر غير النصرة ! فكل مسلم يجوز له أن يبغض من شاء من الصحابة ويلعنهم ، ويكفي لتبرئته أن يزعم أن ذلك لسبب آخر غير النصرة !!
    والواقع أن ابن حجر وأمثاله يعرفون أن علياً هو المقياس النبوي الالَهي للايمان في الأمة في حياة النبي وبعده ، ويروون في الصحاح قصة بغض بريدة وخالد وغيرهما لعلي وغضب النبي 9عليهم لذلك !
    ولكن علماء الخلافة يجادلون نبيهم ، ويحتالون على أحاديثه تخصيصاً وتوسيعاً وتمييعاً ، لمصلحة مبغضي أهل بيت نبيهم من قبائل قريش الأخرى ، التي أشربوا حبها على حساب أهل بيت نبيهم !! ولله في خلقه شؤون.
    * *
    قصة بريدة وحدها حجة بالغة
    روت الصحاح السنية قصة بريدة ، ولكنها اختصرتها وحذفت منها !!
    وما بقي منها عظيم ! وخلاصتها :
    أن الصحابي بريدة الأسلمي اعترف بأنه كان مع عدد من الصحابة القرشيين في زمن النبي 9يبغضون علياً 7 ويعملون ضده !
    وذات يوم أرسل النبي 9جيشين الى اليمن ، أحدهما بقيادة علي ، والآخر بقيادة خالد بن الوليد ، فاختار بريدة أن يذهب مع جيش خالد ، لأن خالداً على خطه في بغض علي 7.
    وتوغل جيش علي داخل اليمن ، وأنجز الجيشان مهماتهما العسكرية ، كل في جبهته ، وانتصرا وغنما ثم التقيا ، فصار القائد عليهما علياً كما أمر النبي صلى الله عليه وآله.

    وكان خالد ومبغضو علي يراقبون حركات علي وسكناته ، لعلهم يجدون عليه مأخذاً ينتقدونه به ، ويضعفون شخصيته عند المسلمين ، أو عند النبي صلى الله عليه وآله!
    وعندما وزع على الغنائم وعزل منها الخمس للرسول وآله 9 ، اختار منه جارية فقوم قيمتها وحسبها من سهمه من الخمس ، ولعله تزوجها.
    فرأى خالد في ذلك نصراً عظيما على علي وكتب رسالة الى النبي 9وأرسلها مع وفد من ثلاثة أشخاص ، وأرسل معهم بريدة شاهداً مصدقاً للرسالة !
    ومفاد الرسالة أن علياً خان غنائم المسلمين وأخذ جارية لنفسه ، وتزوج على بنت النبي 9!
    ووصل بريدة الى المدينة ، واتصل بمبغضي علي وبشرهم برسالة خالد ضد علي ففرحوا بها ، وأوصوه أن يقدم معها تقريراً شفهياً قوياً ضد علي ، حتى تسقط مكانته عند النبي 9ويرتاحوا من شره في المستقبل !!
    وقام بريدة بالمهمة كما أرادوا ، ولكن النتيجة كانت معكوسة عليهم تماماً !
    فقد غضب النبي غضباً شديداً من رسالة خالد وتقرير بريدة ، ومن حركة الصحابة الذين يقفون وراءهما ضد علي .. وكشف لهم حقائق تتعلق بعلي ، تضمنتها أحاديث بريدة الصحيحة في مصادر السنة والشيعة ، ومن أهم نقاطها ما يلي :
    أولاً : أن علياً بأمر الله تعالى خليفة النبي 9وولي المسلمين من بعده.
    ثانياً : أنه لا يتصرف من عنده أبداً ، حتى عندما يكون في اليمن بعيداً عن النبي 9بل كل تصرفات إما أن تكون بأمر الرسول ، أو بإلهام الله تعالى !!
    ثالثاً : أن علياً مع النبي وآله ، هم أصحاب الخمس الشرعيون في الغنائم وغيرها ، فحق علي في الخمس أكثر من جارية.
    رابعاً : أن خبر زواج علي أو تسريه على زوجته فاطمة الزهراء 8 ، خاصة عندما يكون في سفر ، لايؤذيها ولا يؤذي أباها ، لأنهما لايخالفان شرع الله ، ولأنهما على ثقة منه ، ومن مقامه الذي خصه به الله تعالى.

    خامساً : أن مبغضي علي إما منافقون أو كفار .. وعلى مبغضيه من الصحابة أن يتوبوا من ذلك ويجددوا إسلامهم ، ويستغفروا الله تعالى ويستغفر لهم الرسول 9 ، عسى أن يغفر نفاقهم أو ارتدادهم ، ويقبل توبتهم وإسلامهم !!
    وبالفعل فقد جدد بريدة إسلامه ، وتاب من بغض علي وأخذ يحبه ، وطلب من النبي 9أن يستغفر له !
    أما الباقون فلم نسمع بتوبتهم !
    وفيما يلي نستعرض عدداً من نصوص القضية ، التي تحتاج من الباحث والقارئ الى تأمل لكي يفهم مداليلها ، ويعرف هدف الرواة من صياغاتهم لها بأشكال مخففة ، ويفهم معنى تعليقات الحاكم في مستدركه على رواياتها الصحيحة على شرط البخاري ومسلم ، اللذين تجاهلاها أو بتراها !!
    ولنبدأ بإحدى روايات مسند أحمد المتعددة ، قال في : 5 / 356 :
    عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين الى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد فقال : إذا التقيتم فعلي على الناس ، وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده ، فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين ، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية فاصطفى على امرأة من السبي لنفسه.
    قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يخبره بذلك !
    فلما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم دفعت الكتاب فقريء عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يارسول الله هذا مكان العائذ بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ، ففعلت ما أرسلت به.
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقع في علي ، فإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي ، وإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي !!

    وقال الحاكم في المستدرك : 2 / 129 :
    عن عبد الله بن بريدة الأسلمي قال إني لأمشي مع أبي إذ مر بقوم ينقصون علياً رضي الله عنه يقولون فيه ! فقام فقال : إني كنت أنال من علي وفي نفسي عليه شيء ، وكنت مع خالد بن الوليد في جيش ، فأصابوا غنائم ، فعمد علي الى جارية من الخمس فأخذها لنفسه ، وكان بين علي وبين خالد شيء ، فقال خالد هذه فرصتك ! وقد عرف خالد الذي في نفسي على علي ، قال فانطلق الى النبي 9فاذكر ذلك له ، فأتيت النبي 9فحدثته ، وكنت رجلاً مكباً وكنت إذا حدثت الحديث أكببت ، ثم رفعت رأسي فذكرت للنبي 9أمر الجيش ، ثم ذكرت له أمر علي ، فرفعت رأسي وأوداج رسول الله 9قد احمرت ! قال قال النبي 9 : من كنت وليه فإن علياً وليه. وذهب الذي في نفسي عليه.
    هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة ، إنما أخرجه البخاري من حديث علي بن سويد بن منجوف ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه مختصراً ، وليس في هذا الباب أصح من حديث أبي عوانة هذا ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة.
    وهذا رواه وكيع بن الجراح ، عن الأعمش ، أخبرناه أبو بكر بن اسحاق الفقيه ، أنبأ موسى بن اسحاق القاضي ، ثنا عبد الله بن أبي شيبة ، ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، أنه مر على مجلس ... ثم ذكر الحديث بطوله. انتهى.
    وقال عنه في مجمع الزوائد : 9 / 108 : ورجاله رجال الصحيح. وورد فيه ( فقلت لا أسوؤك فيه أبداً ).
    وروى الحاكم القصة أيضاً : 3 / 110 :
    وفيها أن مبغضي علي كانوا أربعة ، وأنهم تعاقدوا فيما بينهم على شكايته الى النبي 9 ، قال الحاكم :

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 19:59

    عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال بعث رسول الله 9سرية ، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فمضى علي في السرية فأصاب جارية ، فأنكروا ذلك عليه ، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله 9إذا لقينا النبي 9أخبرناه بما صنع علي !
    قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدؤوا برسول الله 9 ، فنظروا اليه وسلموا عليه ثم انصرفوا الى رحالهم ، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله 9فقال أحد الأربعة فقال :
    يا رسول الله ، ألم تر أن علياً صنع كذا وكذا !!
    فأعرض عنه !
    ثم قام الثاني فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه !
    ثم قام الثالث فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه !
    ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله ألم تر أن علياً صنع كذا وكذا !
    فأقبل عليه رسول الله 9والغضب في وجهه فقال :
    ما تريدون من علي ! إن علياً مني وأنا منه ، وولي كل مؤمن. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. انتهى.
    وروى نحوه آخر ، وصححه على شرط مسلم أيضاً.
    * *
    أما البخاري فهو على عادته في أمثال هذا الحديث ، إما أن يحذفه كلياً ، أو يحذف منه ولاية علي 7 ويرويه مبتوراً !
    قال في صحيحه : 5 / 110 :
    عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً الى خالد ليقبض الخمس ، وكنت أبغض علياً ، وقد اغتسل ، فقلت لخالد : ألا ترى الى هذا ؟

    فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له ، فقال : يا بريدة أتبغض علياً ؟
    قلت : نعم.
    قال : لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك. انتهى.
    بل نلاحظ أن البخاري زهد في بريدة بسبب أحاديثه في فضل علي ، وطبق عليه مذهبه في الاقلال من الرواية عن الصحابة والرواة الذين يحبون علياً ، ومنهم بريدة الاسلمي!! فقد رووا عنه في الصحاح وغيرها أكثر من مئتي حديث ، ولكن البخاري لم يرو منها في صحيحه بعدد أصابع اليد الواحدة !!
    كما أنه في تاريخه ، ترجم لعشرات النواصب ومدحهم بمدائح كبيرة ، ولكنه اختصر في ترجمة بريدة جداً ، لأنه لا يحبه ولا يحب الاطالة في ترجمته !
    والحديث الوحيد الذي ذكره في ترجمته حديث عام سيأتي !
    قال البخاري في تاريخه : 2 / 141 :
    بريدة بن حصيب الأسلمي له صحبة ، نزل البصرة ، قال لي عياش : حدثنا عبد الأعلى قال : ثنا الجريري عن أبي نضرة قال : كنت بسجستان فإذا بريدة الأسلمي فجلست اليه ، قال لي محمد بن مقاتل : أخبرنا معاذ ، حدثنا عبد الله بن مسلم السلمي من أهل مرو ، سمعت عبد الله بن بريدة يقول : مات والدي بمرو وقبره بجصين. وقال : هو قائد أهل المشرق يوم القيامة ونورهم.
    وقال ابن بريدة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أيما رجل من أصحابي مات ببلدة فهو قائدهم ونورهم يوم القيامة ، فقال : مات في خلافة يزيد بن معاوية ، ومات بعده الحكم بن عمرو الغفاري ، ودفن الى جنبه. انتهى.
    وهذه الترجمة المختصرة من البخاري ، لا تناسب شخصية بريدة ، وكثرة أحاديثه في المصنفات والصحاح.
    بل نلاحظ أن البخاري يروي عن عبد الله بن بريدة ، ولكن عن غير أبيه .. مع أن

    روايات عبد الله عن أبيه كثيرة ، ومنتشرة في المصادر !!
    والسبب في ذلك : أن عبد الله مقبولٌ عند الخلافة القرشية أكثر من أبيه ، وكان قاضياً عندهم على مرو ، وكثيراً ما نراه يحذف من أحاديث أبيه بريدة ما يتعلق بولاية علي 7 وفضائله ! وهذا ما يريده البخاري !
    وقد وجدت للبخاري رواية واحدة من روايات بريدة في حق علي 7 ، وهي ( فلتةٌ ) ، ذكرها تاريخه في ترجمة أبي ربيعة الأيادي !
    ولكن البخاري ألف تاريخه في شبابه قبل صحيحه ، ولعله كان أحسن حالاً على علي يومذاك ، قال في : 9 / 31 :
    حدثنا محمد بن الطفيل قال : نا شريك ، عن أبي ربيعة الأيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي ، وأخبرني أنه يحبهم.
    فقلنا يا رسول الله من هم ، فكلنا نحب أن نكون منهم ؟
    فقال : إن علياً منهم ، ثم سكت ساعة ، ثم قال : إن علياً منهم ، وسلمان الفارسي ، وأبا ذر ، والمقداد بن الأسود الكندي. انتهى.
    وهذا الحديث يدل على أن هؤلاء الأربعة هم صفوة الله تعالى من الصحابة ، وهو بالحقيقة اصطفاء لعلي وحده 7 ، لأن هؤلاء الثلاثة هم كبار شيعة علي وأتباعه في زمن النبي 9وبعده ! خاصة مع ملاحظة تأكيد النبي 9على علي من بينهم.
    ويدل حديث بريدة الذي فلت به قلم البخاري ، على أن بقية الصحابة لم يبلغوا مستوى أن يأمر الله تعالى رسوله والمسلمين بحبهم !
    وقد روى هذا الحديث الحاكم في : 3 / 130 ، وصححه على شرط مسلم ، وفي نصه تأكيد أكثر على علي ، ورواه الترمذي : 5 / 299
    ولا يبعد أن يكون هذا الحديث جزءاً مما قاله النبي 9لبريدة عندما جاء بالرسالة من اليمن ، أو جواباً نبوياً آخر لخطط مبغضي علي التي تواصلت ضده !

    كما روى الترمذي حديثاً آخر عن بريدة في : 5 / 360 ، جاء فيه أن علياً وفاطمة أحب الناس الى النبي على الإطلاق.
    على أن هناك سبباً آخر لاقلال البخاري من أحاديث بريدة ، قد لا يقل عند محبي قبائل قريش عن أحاديث بريدة في فضائل علي 7.
    وهو موقف بريدة من السقيفة وبيعة أبي بكر ! فقد ذكرت الروايات أنه كان مسافراً الى الشام ، ورجع الى المدينة بعد وفاة النبي 9بقليل ، وتفاجأ ببيعة أبي بكر ، فأعلن عدم شرعية السقيفة ، وذهب الى قبيلته القريبة من مكة ونصب الراية في وسطهم ، وأعلن الاعتصام والنفير ، حتى يأمرهم علي بأمره !
    فاستجابت له قبيلته ، وكانت أول تهديد مسلح ضد أهل السقيفة ! ولذلك صرح عمر أنه بقي متخوفاً من عدم نجاح بيعة السقيفة ( حتى بايعت أسلم فأيقنت بالنصر ! )
    وقد استمرت مشكلة بريدة وقبيلته حتى أرسل اليهم علي 7 أن الوقت فات ، وأن أكثر قريش والأنصار قد بايعوا أبا بكر .. والاختلاف والحرب بعد وفاة النبي 9مباشرة ، ليس في مصلحة الإسلام .. الى آخره.
    * *
    هذا ، وقد عقد الهيثمي في مجمع الزوائد فصلاً كاملاً ، أورد فيه عدداً من روايات قصة بريدة وصحح بعضها ، قال في : 9 / 127 :
    باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه :
    عن بريدة يعني ابن الحصيب قال : أبغضت علياً بغضاً لم أبغضه أحداً قط !
    قال : وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه علياً رضي الله عنه ، قال فبعث ذلك الرجل على جيش فصحبته ، ما صحبته إلا ببغضه علياً رضي الله عنه.
    قال : فأصبنا سبايا ، فكتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم إبعث الينا من يخمسه ، قال : فبعث علياً رضي الله عنه ، وفي السبي وصيفة هي أفضل السبي ، قال : فخمس وقسم ، فخرج ورأسه يقطر ، فقلنا يا أبا الحسن ما هذا ؟

    قال : ألم تروا الى الوصيفة التي كانت في السبي فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس ، ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم صارت في آل علي ، فوقعت بها.
    قال : فكتب الرجل الى نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إبعثني مصدقاً.
    قال : فجعلت أقرأ الكتاب وأقول : صدق !
    قال : فأمسك يدي والكتاب ، وقال : أتبغض علياً ؟!
    قال : قلت نعم.
    قال : فلا تبغضه : وإن كنت تحبه فازدد له حباً ، فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة !
    قال فما كان أحد من الناس بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من علي.
    قال عبد الله يعني ابن بريدة : فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلا أبو بريدة.
    قلت : في الصحيح بعضه ، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، غير عبد الجليل بن عطية وهو ثقة ، وقد صرح بالسماع ، وفيه لين.
    وعن بريدة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين الى اليمن ، على أحدهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعلى الآخر خالد بن الوليد ، فقال : إذا التقيتم فعلي على الناس ، وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده.
    قال فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا ، فظهر المسلمون على المشركين فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية ، فاصطفى على امرأة من السبي لنفسه.
    قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك ، فلما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم دفعت الكتاب فقريء عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :

    يا رسول الله هذا مكان العائذ ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ، ففعلت ما أرسلت به.
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقع في علي ، فإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي.
    قلت : رواه الترمذي باختصار ، رواه أحمد والبزار باختصار ، وفيه الأجلح الكندي وثقه ابن معين وغيره ، وضعفه جماعة ، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
    وعن بريدة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أميراً على اليمن ، وبعث خالد بن الوليد على الجبل ، فقال : إن اجتمعتما فعليٌ على الناس ، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله ، وأخذ علي جارية من الخمس ، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال : اغتنمها ، فأخبر النبي ما صنع !
    فقدمت المدينة ودخلت المسجد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله ، وناسٌ من أصحابه على بابه ، فقالوا : ما الخبر يا بريدة ؟
    فقلت : خيراً فتح الله على المسلمين.
    فقالوا : ما أقدمك ؟
    قلت : جارية أخذها علي من الخمس ، فجئت لأخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
    فقالوا : فأخبر النبي ، فإنه يسقط من عين النبي !! ورسول الله يسمع الكلام ، فخرج مغضباً فقال :
    ما بال أقوام ينتقصون علياً ؟!!
    من تنقص علياً فقد تنقصني ، ومن فارق علياً فقد فارقني.
    إن علياً مني وأنا منه ، خلق من طينتي ، وخلقت من طينة ابراهيم ، وأنا أفضل من ابراهيم ، ذريةٌ بعضها من بعض ، والله سميع عليم.
    يا بريدة : أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ ، وأنه وليكم بعدي ؟
    فقلت : يا رسول الله بالصحبة إلا بسطت يدك فبايعتني على الإسلام جديداً !!

    قال : فما فارقته حتى بايعته على الإسلام !!
    رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه جماعة لم أعرفهم ، وحسين الأشقر ضعفه الجمهور ، ووثقه ابن حبان.
    وعن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد ، كل واحد منهما وحده ، وجمعهما فقال : إذا اجتمعتما فعليكم علي ، قال فخذا يميناً ويساراً ، فدخل علي وأبعد ، وأصاب سبياً ، وأخذ جارية من السبي.
    قال بريدة : وكنت من أشد الناس بغضاً لعلي ، قال : فأتى رجلٌ خالد بن الوليد فذكر أنه أخذ جارية من الخمس ، فقال : ما هذا ؟ !
    ثم جاء آخر ثم جاء آخر ، ثم تتابعت الأخبار على ذلك ، فدعاني خالدٌ فقال :
    يا بريدة ، قد عرفت الذي صنع ، فانطلق بكتابي هذا الى رسول الله !
    فكتب اليه فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ الكتاب بشماله ، وكان كما قال الله عز وجل لا يقرأ ولا يكتب ، وكنت إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي ، فطأطأت رأسي فتكلمت فوقعت في علي حتى فرغت ، ثم رفعت رأسي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضباً لم أره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير !!
    فنظر إليّ فقال : يا بريدة أحب علياً ، فإنما يفعل ما أمر به !!!
    فقمت وما من الناس أحد أحب إليّ منه.
    رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه ضعفاء وثقهم ابن حبان.
    وعن أبي سعيد الخدري قال : اشتكى علياً الناس ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيباً ، فسمعته يقول :
    أيها الناس لا تشكوا علياً ، فو الله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله.
    رواه أحمد.

    وعن عمرو بن شاس الأسلمي ، وكان من أصحاب الحديبية قال : خرجت مع علي 7 الى اليمن فجفاني في سفري ذلك ، حتى وجدت في نفسي عليه ، فلما قدمت المدينة أظهرت شكايته في المسجد ، حتى سمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ في ناس من أصحابه ، فلما رآني أبدى لي عينيه ـ يقول حدد إليّ النظر ـ حتى إذا جلست قال : يا عمرو والله لقد آذيتني!!!
    قلت : أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله.
    قال : بلى ، من آذى علياً فقد آذاني.
    رواه أحمد والطبراني باختصار ، والبزار أخصر منه ، ورجال أحمد ثقات.
    وعن أبي رافع قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أميراً على اليمن ، وخرج معه رجلٌ من أسلم يقال له عمرو بن شاس ، فرجع وهو يذم علياً ويشكوه ، فبعث اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
    إخسأ يا عمرو !!! هل رأيت من علي جوراً في حكم ، أو أثرة في قسمة ؟!
    قال : اللهم لا.
    قال : فعلام تقول الذي بلغني ؟!!
    قال : بغضه ، لا أملك.
    قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجهه ، ثم قال :
    من أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله !! ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله تعالى.
    رواه البزار ، وفيه رجال وثقوا على ضعفهم.
    وعن سعد بن أبي وقاص قال : كنت جالساً في المسجد أنا ورجلين معي ، فنلنا من علي ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان يعرف في وجهه الغضب ، فتعوذت بالله من غضبه فقال :

    ما لكم وما لي ؟!!
    من آذى علياً فقد آذاني !!!
    رواه أبو يعلى والبزار باختصار ، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ، غير محمود بن خداش وقنان ، وهما ثقتان.
    وعن أبي بكر بن خالد بن عرفطة ، أنه أتى سعد بن مالك فقال : بلغني أنكم تعرضون على سب علي بالكوفة ، فهل سببته ؟!
    قال : معاذ الله ، والذي نفس سعد بيده لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في علي شيئاً ، لو وضع المنشار على مفرقي ما سببته أبداً.
    رواه أبو يعلى وإسناده حسن.
    وعن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على أم سلمة فقالت لي :
    أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ؟!
    قلت : معاذ الله ، أو سبحان الله ، أو كلمة نحوها.
    قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من سب علياً فقد سبني !!!
    رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة.
    وعن أبي عبد الله الجدلي قال : قالت لي أم سلمة :
    يا أبا عبدالله ، أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ؟!
    قلت : أنى يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
    قالت : أليس يسب علي ومن يحبه ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه !!
    رواه الطبراني في الثلاثة ، وأبو يعلى ، ورجال الطبراني رجال الصحيح ، غير أبي عبد الله ، وهو ثقة.
    وروى الطبراني بعده باسناد رجاله ثقات الى أم سلمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مثله.
    وعن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    لا تسبوا علياً فإنه ممسوسٌ في ذات الله.
    رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه سفيان بن بشر أو بشير ، متأخرٌ ليس هو الذي روي عن أبي عبد الرحمن الجيلي ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله وثقوا ، وفي بعضهم ضعف.
    وعن أبي كثيرة قال : كنت جالساً عند الحسن بن علي فجاءه رجل فقال لقد سب عند معاوية علياً سبا قبيحا رجل يقال له معاوية بن خديج ... الخ. انتهى.
    وقد تقدم ذلك من حديث الإمام الحسن 7. ورواه الهيثمي هنا بروايتين ، وقال :
    رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما علي بن أبي طلحة مولى بني أمية ، ولم أعرفه. وبقية رجاله ثقات ، والآخر ضعيف ... الخ.
    وفي مجمع الزوائد : 9 / 108 :
    عن بريدة قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فاستعمل علينا علياً ، فلما جئنا قال : كيف رأيتم صاحبكم ؟
    فإما شكوته ، وإما شكاه غيري ، قال فرفع رأسه وكنت رجلاً مكباباً فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد احمر وجهه يقول : من كنت وليه فعلي وليه.
    فقلت لا أسوؤك فيه أبداً.
    رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
    وعن عمار بن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب.
    من تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.
    ومن أحبه فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله تعالى.
    ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد وغض الله عز وجل.
    رواه الطبراني بإسنادين أحسب فيهما جماعة ضعفاء ، وقد وثقوا.
    وعن وهب بن حمزة قال : صحبت علياً الى مكة فرأيت منه بعض ما أكره ، فقلت

    لئن رجعت لأشكونك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قدمت لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : رأيت من علي كذا وكذا.
    فقال : لا تقل هذا ، فهو أولى الناس بكم بعدي.
    رواه الطبراني ، وفيه دكين ذكره ابن أبي حاتم ، ولم يضعفه أحد ، وبقية رجاله وثقوا. انتهى.
    وفي الصراط المستقيم للبياضي : 2 / 59 :
    وروى ابن حنبل أيضاً أن علياً أخذ في اليمن جارية فكتب خالد مع بريدة الى النبي 9فأعلمه فغضب وقال : يا بريدة لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه.
    وأورده ابن مردويه من طرق عدة وفي بعضها أن النبي 9قال لبريدة : إيهاً عنك ، فقد أكثرت الوقوع في علي ، فوالله إنك لتقع في رجل أولى الناس بكم بعدي.
    وفي بعضها إنه طلب من النبي 9الاستغفار ، فقال له : حتى يأتي علي ، فلما أتى علي قال النبي 9لعلي : إن تستغفر له فاستغفر.
    وفي بعضها أن بريدة امتنع من بيعة أبي بكر لأجل النص الذي سمعه من النبي 9بالولاية بعده.
    وفي بعضها أن بريدة بايع النبي 9على الإسلام جديداً ، ولولا أن الانكار على علي يوجب تكفيراً لم يكن لبيعة بريدة ثانياً معنى.
    وهذا شيء لم يوجد لغيره من أصحابه قطعاً.
    فهذه كتب القوم التي هي عندهم صادقة ، بولاية علي 7 ناطقة ، إذ في جعله من بدنه مثل الرأس ، دليل تقديمه على سائر الناس. انتهى.
    من دلالات قصة بريدة
    أولاً : أن الفائدة العملية لهذا الميزان في حياة النبي 9كانت اختباراً للمسلمين في قبولهم تحدي الإسلام لقريش والمشركين الذي مثله علي 7 بصفته سيف الله تعالى ، وعضد رسوله صلى الله عليه وآله.

    كما كانت اختباراً لقبول المسلمين الحقيقي للنبي 9بقبول عترته الذين نص على أنهم امتداده في الأمة ..
    ولكن فائدة هذا الميزان الالَهي كانت في مرحلة ما بعد النبي أكثر منها في حياته ! ولهذا ركز عليها 9في أحاديث ومناسبات عديدة !
    ثانياً : هذه النصوص النبوية القوية ، تجعل المسلم يتيقن بأن الله تعالى جعل حب علي بن أبي طالب ميزاناً للاسلام والكفر ، ومقياساً للايمان والنفاق ، وجعل ولايته فريضة مع حب الرسول وولايته صلى الله عليه وآله.
    وهو مقامٌ لم يجعله الله تعالى لأي واحد من الصحابة !!
    وبذلك يتضح ضعف محاولة السنيين أن يجعلوا ولاية بعض الصحابة غير علي جزءا من الوحي الذي نزل على محمد 9في الوقت الذي ما زالوا متحيرين في العثور على صيغة فقهية تثبت شرعية خلافتهم للنبي 9!
    بل ما زالوا يبحثون عن نص صحيح يسمح لهم بإدخالهم في صيغة الصلاة على النبي ليجوز لهم القول ( 9وصحبه ) فيضيفون صحبه الى آله الذين أوجب الله الصلاة عليهم معه !!
    ثالثاً : إن هذا المقام الرباني لعلي 7 ، وأمره المسلمين بحبه وتحريمه بغضه .. تكليفٌ موجه الى الصحابة أنفسهم ، ومن بعدهم الى أجيال الأمة .. فحب علي فريضةٌ على الصحابة قبل غيرهم ، وميزانٌ لإيمان الصحابي أو نفاقه قبل غيره !
    وبهذه الأحاديث الصحيحة ينحسم الأمر ، ولا يبقي معنى لمقايسة أحد من الصحابة بعلي 7.
    وهل يقاس الميزان بالموزون ؟!
    والدليل الالَهي بالمدلول عليه ؟!
    والمنار الرباني بمن يحتاج الى شهادة علي بأن فيه شيئاً من نور الايمان ؟!
    وهل يقاس الانسان الكامل بمن لا تعرف درجة إنسانيته وكماله إلا به ؟!

    فعلي 7 بنص هذه الصحاح هو : المسلم الرباني الكامل ، الذي جعل الله حبه وبغضه ، ورضاه وغضبه ، مختبراً للامة ، وجعل شخصيته قدوة للعالمين ، بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
    رابعاً : بعد أن أذعن جميع المسلمين بصحة هذه الأحاديث القاطعة في علي 7 فإن قولهم بتفضيل غيره عليه ، ونسبتهم ذلك الى النبي 9 ، يكون اتهاماً للنبي بالتناقض ، وأنه أمر بحب علي وجعله ميزاناً ، ثم ناقض نفسه وفضل التابع على المتبوع ، وجعل غير علي أفضل منه ، وأوصى الأمة بحبه واتباعه بدل علي !!
    وهو أمر لا يرتكبه رئيس عادي ، ولا أمير قبيلة حكيم ، ولا رب أسرة عاقل في أولاده !!
    وبعد صحة هذه الأحاديث وصراحتها في مصادر السنيين ، وعلو حجتها ، لا نحتاج الى روايتها من مصادرنا ، إلا لتكميل صورة الموضوع ، أو لبيان جوانب أخرى لم تتعرض لها النصوص السنية ، من قصة هذا الصحابي المؤمن ، ورواياته الأخرى لفريضة حب علي واتباعه على الأمة ، وتحريم كرهه ومخالفته !
    لمحة عن بريدة وأحاديثه في مصادرنا
    بريدة الأسلمي صحابيٌ مميز ، بشخصيته وأحاديثه .. لم يعط حقه في مصادر السنيين ، لأنه أطاع النبي في علي وأهل بيته صلى الله عليه وآله.
    وبريدة واحدٌ من مجموعة فرسان الصحابة ، كان لهم دورٌ رياديٌ قيادي هام في حروب الردة ، ثم في الفتوحات الاسلامية ، ولكن جزاءهم كان طمس أدوارهم وإعطاء منجزاتهم الى أشخاص آخرين ، تبنتهم السلطة القرشية ثم الأموية ، لأنهم أطاعواالخلافة ، ووقفوا في وجه علي وأهل البيت النبوي !!
    ومن هؤلاء الأبطال الشيعة : عمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، والمقداد بن عمر وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وخالد بن سعيد بن العاص ، وأخوه أبان ،

    وسعد بن عبادة ، وابنه قيس بن سعد ، وأبو أيوب الأنصاري ... وآخرون يصلون الى نحو مئة صحابي ، كان لهم أدوارٌ هامة في حروب الردة والفتوحات ، وقد وقفوا من أول الأمر مع علي 7 أو انضموا اليه فيما بعد ، أو قاتلوا معه في حروبه ، واستشهدوا بين يديه ، أو ثبتوا بعد شهادته على ولائه ..
    وكل واحد من هؤلاء يستحق دراسة جادة ، لشخصيته وأحاديثه .. فهم ظاهرةٌ يقل مثيلها في الأديان الأخرى ، تمثل الوجه الآخر لما قالته الحكومات القرشية ودونته عن إجراءات النبي 9وأقواله عن مستقبل الإسلام ومسيرته من بعده .. الى أن يبعث الله الإمام المهدي الموعود على لسانه بعده.
    ونكتفي هنا بإيراد مقتطفات عن بريدة من مصادرنا :
    قال أبو جعفر الطوسي في أماليه : 1 / 249 :
    أبو العباس قال : حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال : حدثنا الحسن ـ يعني ابن عطية قال : حدثنا سعاد ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عبدالله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : بعث رسول الله 9علي بن أبي طالب 7 وخالد بن الوليد كل واحد منهما وحده ، وجمعهما فقال : إذا اجتمعتما فعليكم علي.
    قال : فأخذنا يميناً أو يساراً.
    قال : وأخذ علي فأبعد ، فأصاب سبياً فأخذ جارية من الخمس.
    قال بريدة : وكنت أشد الناس بغضاً لعلي وقد علم ذلك خالد بن الوليد ، فأتى رجل خالداً فأخبره أنه أخذ جارية من الخمس فقال : ما هذا ؟ ثم جاء آخر ، ثم أتى آخر ، ثم تتابعت الأخبار على ذلك ، فدعاني خالد فقال : يا بريدة ، قد عرفت الذي صنع ، فانطلق بكتابي هذا الى رسول الله فأخبره ، وكتب اليه.
    فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله وأخذ الكتاب فأمسكه بشماله ، وكان كما قال الله لا يكتب ولا يقرأ ، وكنت رجلاً إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي ، فطأطأت وتكلمت ، فوقعت في علي حتى فرغت ، ثم رفعت رأسي

    فرأيت رسول الله قد غضب غضباً شديداً لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير ، فنظر إليّ فقال :
    يا بريدة إن علياً وليكم بعدي ، فأحب علياً فإنما يفعل ما يؤمر.
    قال : فقمت وما أحد من الناس أحب إليّ منه.
    وقال عبد الله بن عطاء : حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة ، فقال : كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث أن رسول الله قال له : أنافقت بعدي يا بريدة ؟!!
    وقال السيد شرف الدين في المراجعات / 221 :
    وكذلك حديث بريدة ولفظه في ص 356 من الجزء الخامس من مسند أحمد قال : بعث رسول الله بعثين الى اليمن ... الخ.
    ولفظه عند النسائي في / 17 من خصائصه العلوية : لا تبغضن يا بريدة علياً ، فإن علياً مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي.
    ولفظه عند ابن جرير : قال بريدة : وإذا النبي قد أحمر وجهه ، فقال : من كنت وليه فإن علياً وليه ، قال : فذهب الذي في نفسي عليه ، فقلت لا أذكره بسوء.
    والطبراني قد أخرج هذا الحديث على وجه التفصيل ، وقد جاء فيما رواه : أن بريدة لما قدم من اليمن ، ودخل المسجد ، وجد جماعة على باب حجرة النبي 9 ، فقاموا اليه يسلمون عليه ويسألونه فقالوا : ما وراءك ؟
    قال : خير فتح الله على المسلمين.
    قالوا : ما أقدمك ؟
    قال : جارية أخذها علي من الخمس ، فجئت لأخبر النبي بذلك.
    فقالوا : أخبره أخبره ، يسقط علياً من عينه ، ورسول الله 9 ، يسمع كلامهم من وراء الباب ، فخرج مغضباً فقال :
    ما بال أقوام ينتقصون علياً ؟ من أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن فارق علياً فقد فارقني ، إن علياً مني وأنا منه ، خلق من طينتي ، وأنا خلقت من طينة ابراهيم ، وأنا أفضل من ابراهيم. ذرية بعضها من بعض ، والله سميع عليم.

    يا بريدة أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ. وأنه وليكم بعدي.
    وهذا الحديث مما لا ريب في صدوره ، وطرقه الى بريدة كثيرة ، وهي معتبرة بأسرها ، ومثله ما أخرجه الحاكم عن ابن عباس ، من حديث جليل ، ذكر فيه عشر خصائص لعلي فقال : وقال له رسول الله 9 : أنت ولي كل مؤمن بعدي.
    ومثله ما أخرجه ابن السكن ، عن وهب بن حمزة قال ، كما في ترجمة وهب من الإصابة : سافرت مع علي فرأيت منه جفاء ، فقلت لئن رجعت لأشكونه ، فرجعت فذكرت علياً لرسول الله فنلت منه ، فقال : لا تقولن هذا لعلي ، فإنه وليكم بعدي ...
    وقال المفيد في الارشاد : 1 / 148 :
    وكان أميرالمؤمنين 7 قد اصطفى من السبي جارية ، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي الى النبي 9وقال له :
    تقدم الجيش اليه فأعلمه بما فعل علي 7 من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه ، وقع فيه.
    فسار بريدة حتى انتهى الى باب رسول الله 9 ، فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه؟ فأخبره أنما جاء ليقع في علي 7 ، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه ، فقال له عمر :
    إمض لما جئت له ، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي !
    فدخل بريدة على النبي 9ومعه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة ، فجعل يقرأه ووجه رسول الله 9يتغير ، فقال بريدة : يا رسول الله إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيؤهم !
    فقال له النبي 9 : ويحك يا بريدة أحدثت نفاقاً !!
    إن علي بن أبي طالب يحل له من الفيء ما يحل لي ، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك ، وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي.
    يا بريدة ! إحذر أن تبغض علياً فيبغضك الله !

    قال بريدة : فتمنيت أن الأرض انشقت لي فسخت فيها ، وقلت : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسول الله ، يا رسول الله استغفر لي فلن أبغضن علياً 7 أبداً ، ولا أقول فيه إلا خيراً ، فاستغفر له النبي صلى الله عليه وآله.
    وفي الشافي للشريف المرتضى : 3 / 243 :
    وروى الثقفي قال : حدثني محمد بن علي ، عن عاصم بن عامر البجلي ، عن نوح بن دراج ، عن محمد بن اسحق ، عن سفيان بن فروة ، عن أبيه قال : جاء بريدة حتى ركز رايته في وسط أسلم ، ثم قال : لا أبايع حتى يبايع علي ، فقال علي 7 : يا بريدة أدخل فيما دخل فيه الناس ، فإن اجتماعهم أحب إليّ من اختلافهم اليوم.
    وروى ابراهيم ، عن يحيى بن الحسن بن الفرات ، عن ميسر بن حماد ، عن موسى بن عبد الله بن الحسن قال : أبت أسلم أن تبايع وقالوا : ما كنا نبايع حتى يبايع بريدة ، لقول النبي 9لبريدة : علي وليكم من بعدي.
    فقال علي 7 : يا هؤلاء إن هؤلاء خيروني أن يظلموني حقي وأبايعهم ، أو ارتدت الناس ، حتى بلغت الردة أحداً ، فاخترت أن أظلم حقي ، وإن فعلوا ما فعلوا.
    وقال في هامشه : بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي ، صحابي أسلم هو وقومه ـ وكانوا ثمانين بيتاً ـ عند مرور رسول الله 9بهم في طريقه إلى المدينة ، وبقي في أرض قومه ، ثم قدم المدينة بعد أحد ، فشهد بقية المشاهد ، وسكن البصرة أخيراً ، ثم خرج غازياً الى خراسان فأقام بمرو ، وأقام بها حتى مات ، ودفن بها ( اُسد الغابة 1/175 ).
    وفي الاحتجاج للطبرسي : 1 / 97 :
    وعن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق 8 : جعلت فداك هل كان أحدٌ في أصحاب رسول الله 9أنكر على أبي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول الله 9؟

    قال : نعم ، كان الذي أنكر على أبي بكر اثنا عشر رجلاً. من المهاجرين : خالد بن سعيد بن العاص ، وكان من بني أمية ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود ، وعمار بن ياسر ، وبريدة الأسلمي.
    ومن الأنصار أبو الهيثم بن التيهان ، وسهل ، وعثمان ابنا حنيف ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، واُبيّ بن كعب ، وأبو أيوب الأنصاري.
    قال : فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم ، فقال بعضهم لبعض : والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله.
    وقال آخرون منهم : والله لئن فعلتم ذلك إذاً أعنتم على أنفسكم ، فقد قال الله عزوجل : ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة ، فانطلقوا بنا الى أمير المؤمنين 7 لنستشيره ونستطلع رأيه.
    فانطلق القوم الى أمير المؤمنين بأجمعهم ، فقالوا يا أمير المؤمنين تركت حقاً أنت أحق به وأولى به من غيرك ، لأنا سمعنا رسول الله يقول : علي مع الحق والحق مع علي يميل مع الحق كيف ما مال.
    ولقد هممنا أن نصير اليه فننزله عن منبر رسول الله 9 ، فجئناك لنستشيرك ونستطلع رأيك فما تأمرنا ؟
    فقال أمير المؤمنين : وأيم الله لو فعلتم ذلك لما كنتم لهم إلا حرباً ، ولكنكم كالملح في الزاد وكالكحل في العين ، وأيم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين بأسيافكم مستعدين للحرب والقتال ، وإذا لأتوني فقالوا لي بايع وإلا قتلناك ، فلابد لي من أدفع القوم عن نفسي ، وذلك أن رسول الله 9أوعز إليّ قبل وفاته وقال لي : يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك من بعدي وتنقض فيك عهدي ، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى ، وإن الأمة من بعدي كهارون ومن اتبعه ، والسامري ومن اتبعه !
    فقلت : يا رسول الله ، فما تعهد إليّ إذا كان ذلك ؟

    فقال : إذا وجدت أعواناً فبادر اليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعواناً كف يدك واحقن دمك ، حتى تلحق بي مظلوماً ... الخ.
    فانطلقوا بأجمعكم الى الرجل فعرفوه ما سمعتم من قول نبيكم ، ليكون ذلك أوكد للحجة وأبلغ للعذر ، وأبعد لهم من رسول الله 9إذا وردوا عليه.
    فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول الله 9وكان يوم الجمعة ، فلما صعد أبو بكر المنبر ، فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص ... قال : إتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله قال ونحن محتوشوه يوم بني قريظة حين فتح الله له...الخ.
    ثم قام اليه بريدة الأسلمي فقال :
    إنا لله وإنا اليه راجعون ، ماذا لقي الحق من الباطل ! يا أبا بكر أنسيت أم تناسيت وخدعت أم خدعتك نفسك أم سولت لك الأباطيل ، أو لم تذكر ما أمرنا به رسول الله من تسمية علي بإمرة المؤمنين والنبي بين أظهرنا ، وقوله له في عدة أوقات : هذا علي أمير المؤمنين وقاتل القاسطين ؟!
    إتق الله وتدارك نفسك قبل أن لا تدركها ، وأنقذها مما يهلكها ، واردد الأمر الى من هو أحق به منك ، ولا تتماد في اغتصابه ، وراجع وأنت تستطيع أن تراجع ، فقد محضتك النصح ، ودللتك على طريق النجاة ، فلا تكونن ظهيراً للمجرمين ... الخ.
    وفي تأويل الآيات / 465 :
    ويؤيده ما ذكره في تفسير الإمام أبي محمد الحسن العسكري 7 قال : إن رسول الله 9بعث جيشاً وأمر عليهم علياً 7 ، وما بعث جيشاً قط وفيهم علي 7 إلا جعله أميرهم ، فلما غنموا رغب علي 7 أن يشتري من جملة الغنائم جارية وجعل ثمنها من جملة الغنائم ، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الأسلمي وزايداه ، فلما نظر إليهما يكايدانه ويزايدانه انتظر الى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك.
    فلما رجعا الى رسول الله 9تواطآ على أن يقولا ذلك لرسول الله 9فوقف

    بريدة قدام رسول الله 9وقال : يارسول الله ألم تر الى علي بن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين ؟ فأعرض عنه رسول الله 9 ، فجاء عن يمينه فقالها ، فأعرض عنه ، فجاء عن يساره فقالها ، فأعرض عنه.
    قال فغضب رسول الله 9غضباً لم ير قبله ولا بعده غضباً مثله ، وتغير لونه وتربد وانتفخت أوداجه ، وارتعدت أعضاؤه ، وقال :
    مالك يا بريدة آذيت رسول الله منذ اليوم ؟!
    أما سمعت قول الله عز وجل : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً. والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا.
    فقال بريدة : ما علمت أني قصدتك بأذى.
    فقال رسول الله 9 : أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي ؟ أما علمت أن علياً مني وأنا منه ، وأن من آذى علياً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم !
    وفي اختيار معرفة الرجال : 1 / 308 :
    وبهذا الاسناد : عن أبان ، عن فضيل الرسان ، عن أبي داود قال : حضرته عند الموت ، وجابر الجعفي عند رأسه ، قال فهم أن يحدث فلم يقدر ، قال ومحمد بن جابر أرسله ، قال فقلت : يا أبا داود حدثنا الحديث الذي أردت.
    قال : حدثني عمران بن حصين الخزاعي أن رسول الله 9أمر فلاناً وفلاناً أن يسلما على علي 7 بإمره المؤمنين ، فقالا : من الله ومن رسوله ؟! ثم أمر حذيفة وسلمان فسلما ، ثم أمر المقداد فسلم ، وأمر بريدة أخي وكان أخاه لأمه.
    فقال : إنكم قد سألتموني من وليكم بعدي ، وقد أخبرتكم به ، وقد أخذت عليكم الميثاق !!
    * *

    والزهراء والحسنان 8 جزءٌ من المقياس النبوي أيضاً
    روى الترمذي في : 4 / 331 :
    عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال : من أحبني وأحب هذين ، وأباهما ، وأمهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة. هذا حديث حسن.
    وروى الحاكم في المستدرك : 3 / 166 :
    عن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله ومعه الحسن والحسين ، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه ، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة ، حتى انتهى إلينا ، فقال له رجل : يا رسول الله إنك تحبهما ؟ فقال : نعم ، من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني. ورواه أحمد في مسنده : 2 / 531 ، وأبو يعلى في مسنده : 5 / 449 وقد صححه الحاكم والذهبي.
    وفي الطبراني في الكبير : 3 / 47 :
    عن أبي هريرة عن النبي ( ص ) قال : من أحب الحسن والحسين ، فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني. انتهى.
    ورواه ابن ماجة : 1 / 51 في باب : فضل الحسن والحسين.
    وفي الطبراني الكبير : 3 / 50 :
    عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين : من أحبهما أحببته ، ومن أحببته أحبه الله ، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم ، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم ، وله عذاب مقيم !
    ونحوه في : 6 / 241 ، وفي مستدرك الحاكم في : 3 / 166 ، وفردوس الأخبار : 4 / 336 ، وتاريخ بغداد : 13 / 32

    وفي سنن ابن ماجة : 2 / 1366 :
    عن عبد الله قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين ، فلما رأهم النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه ! قال : فقلت : ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ؟!
    فقال : إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً ! حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود ، فيسألون الخير ، فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه ، حتى يدفعوها الى رجل من أهل بيتي فيلمؤها قسطاً كما ملؤوها جوراً ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج.
    ورواه ابن أبي شيبة : 15 / 235
    والبيهقي في الدلائل : 6 / 515
    والحاكم في المستدرك : 4 / 464
    والطبراني في الكبير : 10 / 104 و108
    ونحوه في فردوس الأخبار : 5 / 499
    والدولابي في الكنى : 2 / 26
    وابن أبي عاصم في السنة : 2 / 619
    وفي الطبراني في الكبير : 4 / 192 ، ومجمع الزوائد : 9 / 194 :
    عن عمارة بن يحيى قال : كنا عند أبي ( خالد بن عرفطة ) يوم قتل الحسين بن علي فقال لنا خالد : هذا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي.
    وفي الطبراني الكبير : 25 / 23 :
    في حديث أم الفضل قالت : بينا أنا قاعدة عند رأس رسول الله ( ص ) وهو مريض ، فبكيت فقال : ما يبكيك ؟

    فقلت : أخشى عليك ، فلا ندري ما نلقى بعدك من الناس ؟
    قال : أنتم المستضعفون بعدي !!
    ورواه أحمد : 6 / 339 ، ومجمع الزوائد : 9 / 34
    وقال الفخر الرازي في تفسيره : 25 / 35 :
    وثبت بالنقل المتواتر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب علياً والحسن والحسين ، وإذا كان ذلك ، وجب علينا محبتهم ، لقوله فاتبعوه.
    وكفى شرفاً لآل رسول الله ( ص ) فخراً ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة. انتهى.
    * *
    وكل ( أهل البيت ) جزء من المقياس النبوي
    في سنن الترمذي : 4 / 344 :
    عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه ، وأحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي.
    وقال العزيزي في السراج المنير : 1 / 57 : هذا حديثٌ صحيح من طريق ابن عباس ، وأخرجه الحاكم والترمذي. انتهى.
    ورواه الطبراني في الكبير : 3 / 46 و10 /281
    والحاكم في المستدرك : 3 / 150
    والخطيب في تاريخ بغداد : 4 /160
    وأحمد في فضائل الصحابة : 2 / 986
    وفي الطبراني الأوسط : 3 / 203 :
    عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال قال رسول الله ( ص ) : لا يؤمن عبدٌ حتى أكون أحب اليه من نفسه ، وأهلي أحب اليه من أهله ، وعترتي أحب اليه من عترته ، وذاتي أحب اليه من ذاته. انتهى.

    فقال رجلٌ من القوم : يا أبا عبد الرحمن : ما تزال تجيء بالحديث يحيي الله به القلوب! انتهى.
    ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد : 1 / 264
    وفي الطبراني الكبير : 3 / 39 :
    عن سلمان الفارسي قال : أنزلوا آل محمد صلى الله عليه وسلم بمنزلة الرأس من الجسد ، وبمنزلة العين من الرأس ، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس ، وإن الرأس لا يهتدي إلا بالعينين.
    ورواه الهيثمي : 9 / 172
    وفي سنن الترمذي : 4 / 337 :
    أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً وأنا عنده فقال : ما أغضبك ؟
    قال : يارسول الله ما لنا ولقريش ! إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة ، وإذا لقونا بغير ذلك !!
    قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ثم قال : والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الايمان حتى يحبكم لله ولرسوله. هذا حديث حسن صحيح.
    ورواه الطبراني في الكبير : 11 / 433 والخطيب : 5 / 317 ورواه أحمد في مسنده : 1 / 207
    وروى نحوه في : 4 / 165 ، بعدة روايات ، منها :
    عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب قال : أتى ناسٌ من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا لنسمع من قومك حتى يقول القائل منهم : إنما مثل محمد مثل نخلة نبتت في كباء ! قال حسين الكباء الكناسة !
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس من أنا ؟
    قالوا : أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ـ قال فما سمعناه قط ينتمي قبلها ـ ألا إن الله عز وجل خلق خلقه فجعلني من خير خلقه ، ثم فرقهم فرقتين فجعلني من خير الفرقتين ، ثم جعلهم قبائل فجعلني من خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني من خيرهم بيتاً ، وأنا خيركم بيتاً وخيركم نفساً !!
    وروى نحوه ابن ماجة : 1 / 50 ، وقال بعده : في الزوائد : رجال إسناده ثقات. إلا أنه قيل : رواية محمد بن كعب عن العباس مرسلة.
    ونحوه في الترمذي : 5 / 317 ، وقال : هذا حديث حسن صحيح.
    ورواه الحاكم في مستدرك : 3 / 333 وص 568 و4 / 75 ، بعدة روايات.
    والهيثمي في مجمع الزوائد : 1 / 88 ، بعدة روايات.
    والخطيب في تاريخ بغداد : 5 / 317
    وكنز العمال : 11 / 700 ( حم ، ت ، ك ـ عن عبدالمطلب بن ربيعة ، ك ـ عن العباس ) وفي : 12 / 41 ( طس ، ك عن عبدالله بن جعفر ) ( ط ، ص عن عبدالله بن جعفر ) ( خط ، كر ، عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ، وقال الخطيب : غريب والمحفوظ عن أبي الضحى عن ابن عباس ، وقال : ورواه جماعة عن أبي الضحى مرسلاً ).
    وفي ص 97 : ( هـ عن العباس بن عبد المطلب ) ( حم ، ت عن علي ). انتهى.
    وفي الترمذي : 4 / 292 :
    عن المطلب بن أبي وداعة ، قال : جاء العباس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه سمع شيئاً فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : من أنا ؟
    فقالوا : أنت رسول الله عليك السلام.
    قال : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب : إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً وخيرهم نفساً. هذا حديث حسن.
    وقال العزيزي في السراج المنير : 1 / 364 : هذا حديث صحيح.

    وروى الحاكم : 3 / 311 ، وصححه على شرط مسلم قال :
    عن أبي هريرة : خيركم خيركم لأهلي من بعدي.
    ورواه الديلمي : 2 / 170 ، والهيثمي : 9 / 174 ، عن أبي يعلى ، وقال : رجاله ثقات.
    وفي الصواعق المحرقة / 176 :
    أخرج الديلمي ... : من أراد التوسل إليّ ، وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة ، فليصل أهل بيتي.
    وويلٌ لمبغضيهم
    في فردوس الأخبار : 3 / 508 :
    عن النبي ( ص ) أنه قال : من مات وفي قلبه بغض علي بن أبي طالب ، فليمت يهودياً أو نصرانياً !!
    وفي فردوس الأخبار : 2 / 85 :
    عن جابر بن عبد الله عن النبي ( ص ) : ثلاثٌ من كن فيه فليس مني ولا أنا منه : بغض علي ، ونصب أهل بيتي ، ومن قال الايمان كلام.
    وفي الطبراني الكبير : 11 / 146 :
    عن ابن عباس قوله : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. قال ابن عباس : نحن الناس دون الناس.
    عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بغض بني هاشم والأنصار كفر ، وبغض العرب نفاق.
    ورواه في مجمع الزوائد : 9 / 172
    وفي تاريخ بغداد : 3 / 290 :
    عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رجل من أمتي يبغض عترتي ، لا تناله شفاعتي.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:03

    وفي ميزان الاعتدال : 2 / 410 :
    عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً : من أحبني فليحب علياً ، ومن أبغض أحداً من أهل بيتي حرم شفاعتي .. الحديث. وذكره في لسان الميزان : 3 / 276
    وفي مجمع الزوائد : 7 / 580 :
    عن النبي ( ص ) قال .. لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلا أكبه الله في النار..
    ورواه الدهلوي في حياة الصحابة : 2 / 369
    وفي فردوس الأخبار : 3 / 626 :
    عن علي 7 ( عن النبي ) : من لم يعرف حق عترتي فهو لاحدى ثلاث : إما منافق وإما لزنية ، وإما امرؤ حملت به أمه بغير طهر.
    وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي / 150 :
    قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ، أخبرنا الحسين بن موسى ، أخبرنا الحسين بن ابراهيم بن بابويه ، أخبرنا علي بن ابراهيم بن همام ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ابن زياد ، عن عبيد الله بن صالح ، عن زيد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب : قال : قال رسول الله 9 : يا علي من أحبني وأحبك وأحب الأئمة من ولدك ، فليحمد الله على طيب مولده ، فإنه لا يحبنا إلا من طابت ولادته ، ولا يبغضنا إلا من خبثت ولادته !!
    وويلٌ للمكذبين بفضلهم
    وفي كنز العمال : 12 / 103 :
    من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي ، فليوال علياً من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويلٌ للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ( الخطيب ، والرافعي ، عن ابن عباس ).

    ورواه الكنجي في كفاية الطالب / 214 ، عن ابن عباس عن النبي ( ص ).
    ورواه في مناقب آل أبي طالب : 1 / 251
    واللعنة على ظالميهم وقاتليهم
    في مستدرك الحاكم : 2 / 525 :
    عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب قال سمعت علي بن الحسين يحدث عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ص ) : ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبى مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله ، والتارك لسنتي ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والمستحل لحرم الله. انتهى.
    ثم رواه بسند آخر وصححه ، وقال : قد احتج الإمام البخاري بإسحاق بن محمد الفروي وعبد الرحمن بن أبي الرجال في الجامع الصحيح. وهذا أولى بالصواب من الاسناد الأول. انتهى.
    راجع أيضاً : المستدرك : 3 / 149 ، و1 / 36
    ورواه الطبراني في الأوسط : 2 ص 398
    ومجمع الزوائد : 9 / 272
    وابن أبي عاصم في السنة : 2 / 628 والأزرقي في أخبار مكة : 1 جزء 2 / 125
    وفي المعجم الكبير للطبراني : 17 / 43 :
    عن عمرو بن سعواء اليافعي قال قال رسول الله ( ص ) : سبعة لعنتهم .. الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والتارك لسنتي والمستأثر بالفيء ، والمتجبر بسلطانه.
    وفي تاريخ الطبري : 5 / 426 :
    عن كثير بن عبد الله .. قال زهير بن القين لشمر : يا بن البوال على عقبيه ما إياك أخاطب ، إنما أنت بهيمة ! والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين ...

    فقال له شمر : إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة !
    قال أفبالموت تخوفني ... ثم أقبل على الناس .. فقال : عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي ... فوالله لا تنال شفاعة محمد قوماً أراقوا دماء ذريته وأهل بيته !!
    ولا يقبل عمل المسلم إلا بحبهم
    في المعجم الكبير للطبراني : 11 / 142 :
    عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ) : يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثاً ، سألته أن يثبت قائمكم ، ويعلم جاهلكم ، ويهدي ضالكم ... فلو أن رجلاً صفن بين الركن والمقام وصلى وصام ، ثم مات وهو مبغضٌ لأهل بيت محمد رضي الله عنهم ، دخل النار !!
    ورواه الدهلوي في حياة الصحابة : 2 / 362
    وفي الطبراني الاوسط : 3 / 122 :
    عن الحسن بن علي 7 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إلزموا مودتنا أهل البيت ، فإنه من لقي الله وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا ، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا.
    ورواه المفيد في الأمالي ص 13 و44 ، ورواه في مجمع الزوائد : 9 / 172
    وفي مناقب آل أبي طالب : 3 / 2 :
    كتاب ابن مردويه ، بالاسناد عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي 9قال : يا علي لو أن عبداً عبد الله مثل ما دام نوح في قومه ، وكان له مثل جبل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله ، ومد عمره حتى حج ألف عام على قدميه ، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوماً ، ثم لم يوالك يا علي ، لم يشم رائحة الجنة ، ولم يدخلها.
    وفي تاريخ النسائي ، وشرف المصطفى واللفظ له : قال النبي 9 :

    لو أن عبداً قام لله تعالى بين الركن والمقام ألف عام ، ثم ألف عام ، ولم يكن يحبنا أهل البيت ، لأكبه الله على منخره في النار !! انتهى.
    وفي فردوس الأخبار : 2 / 142 و226 :
    عن ابن مسعود عن النبي ( ص ) قال : حب آل محمد يوماً ، خير من عبادة سنة. ومن مات عليه دخل الجنة.
    والأمة مسؤولةٌ عنهم يوم القيامة
    في صحيح مسلم : 7 / 122 :
    عن زيد بن أرقم ( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً ، بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال :
    أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال :
    وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي !!
    وفي مجمع الزوائد : 1 / 170 :
    عن زيد بن ثابت ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني تركت فيكم خليفتين : كتاب الله ، وأهل بيتي ، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
    رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
    ورواه بنحوه : 9 / 162 ، وقال : رواه أحمد ، وإسناده جيد.
    وروى الطبراني في الأوسط : 2 / 226 :
    عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله 9 : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وشبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت.

    وفي مجمع الزوائد : 10 / 626 :
    عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ) : لا تزول قدما يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسد فيما أبلاه ... وعن حبنا أهل البيت. قيل : يارسول الله فما علامة حبكم ؟ فضرب بيده على منكب علي !
    ورواه الكنجي في كفاية الطالب / 324 ، عن أبي ذر.
    وروى الحسكاني في شواهد التنزيل : 2 / 106 :
    وفي حديث أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : وقفوهم إنهم مسؤولون. عن ولاية علي بن أبي طالب.
    وهذه الأحكام مختصةٌ بهم ولا يقاس بهم أحد
    في فردوس الأخبار : 5 / 34 ح 7094 :
    عن أنس بن مالك عن النبي ( ص ) قال : نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد. انتهى.
    وفي فردوس الأخبار : 4 / 283 :
    وفي كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، اليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة. انتهى.
    ولا نطيل في استعراض أحاديث المكانة الشرعية المختصة بأهل البيت : ، فهي في مصادر السنيين كثيرة وصريحة ، تدل على أن حبهم وولايتهم وإطاعتهم بعد النبي 9من أركان الدين .. والافاضة في ذلك تخرجنا عن غرضنا.
    ومحبو أهل البيت وشيعتهم جزءٌ من المقياس النبوي
    فتح الباري : 1 / 431 :
    روى حديث ( تقتل عماراً الفئة الباغية ) جماعة من الصحابة ، منهم قتادة بن

    النعمان كما تقدم ، وأم سلمة عند مسلم ، وأبو هريرة عند الترمذي ، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي ، وعثمان بن عفان ، وحذيفة ، وأبو أيوب ، وأبو رافع ، وخزيمة بن ثابت ، ومعاوية ، وعمرو بن العاص ، وأبو اليسر ، وعمار نفسه ، وكلها عند الطبراني وغيره ، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة ، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم.
    وفي هذا الحديث علمٌ من أعلام النبوة ، وفضيلةٌ ظاهرةٌ لعلي ولعمار ، ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه.
    وفي رواية ابن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق.
    وقال الحافظ ابن كثير : ومعلوم أن عماراً كان في جيش علي يوم صفين ، وقتله أصحاب معاوية من أهل الشام ، وكان الذي تولى قتله رجلٌ يقال له أبو الغادية ، وقيل إنه صحابي ! وفي رواية وقاتله في النار ، لا أناله الله شفاعتي يوم القيامة !
    وفي تاريخ بغداد : 2 / 146 :
    عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : شفاعتي لأمتي ، من أحب أهل بيتي ، وهم شيعتي.
    وحسنه العزيزي في السراج المنير : 2 / 370
    ورواه في كنز العمال : 14 / 398
    وروى ابن أبي عاصم في السنة : 1 / 334 :
    عن علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أول من يرد علي الحوض أهل بيتي ، ومن أحبني ( أحبهم ؟) من أمتي.
    * *

    كيف طبقت الخلافة القرشية سنة النبي 9فيهم !
    جعلت الخلافة لعنهم على المنابر فريضة !
    في صحيح مسلم : 7 / 120 :
    عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟!
    فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه ! لأن تكون لي واحدة منهن أحب اليّ من حمر النعم !
    سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ( وقد ) خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ... الخ ... وذكره فتح الباري : 7 / 60 ، عن مسلم والترمذي وأبي يعلى.
    وفي مستدرك الحاكم : 3 / 121 :
    عن ابن أبي مليكة عن أبيه قال : جاء رجل من أهل الشام فسب علياً عند ابن عباس فحصبه ابن عباس فقال : يا عدو الله آذيت رسول الله صلى الله عليه وآله. إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا. لو كان رسول الله 9حياً لآذيته. هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه.
    ورواه الحاكم في : 1 / 36 ورواه الطبراني في الاوسط : 2 / 398 ، والصغير : 3982 والديلمي في فردوس الأخبار : 2 / 333 والهيثمي في مجمع الزوائد : 1 / 425 و7 / 418 و580 ـ وابن حجر في الصواعق المحرقة / 174
    وابن العربي في شرح الترمذي : 4 جزء 8 / 318 ، وقال : رواه غير واحد عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ، عن علي بن حسين ، عن النبي مرسلاً ، وهذا أصح.
    ورواه في بحار الأنوار : 27 / 225

    وأجبرت المسلمين على أن يكونوا نواصب
    الخطط السياسية للمحامي أحمد حسين يعقوب / 107 :
    خليفة المسلمين معاوية يرعى الرواية والرواة :
    قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : 3 / 595 :
    روى أبو الحسن على بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الاحداث قال : كتب معاوية نسخةً واحدة الى عماله بعد عام الجماعة :
    أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب ( يعني الإمام علي ) وأهل بيته. ( يعني أهل بيت النبوة الكرام ) فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً ، ويبرؤون منه ، ويقعون فيه ، وفي أهل بيته ، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة ، لكثرة من بها من شيعة علي 7 ، فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم اليه البصرة ، فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي ، فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم ، وقطع الأيدى والأرجل ، وسمل العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشردهم عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم.
    مرسوم آخر لخليفة المسلمين معاوية
    ويضيف المدائني بالحرف :
    وكتب معاوية الى عماله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة !
    وكتب اليهم : أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ، ومحبيه وأهل ولايته ، والذين يروون فضائله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا لي بكل ما يروى كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.
    ففعلوا ذلك حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه اليهم معاوية من الصلات والكسا والحبا والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك

    في كل مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد من الناس عاملاً من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه !
    فلبثوا بذلك حيناً.
    مرسوم ثالث لخليفة المسلمين معاوية
    كتب معاوية الى عماله : إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر ، وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاكم كتابي هذا فادعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة ، والخلفاء الأوليين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب الا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحب الى وأقر لعيني ، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته ، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله !
    فقرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرةٌ في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجد الناس في رواية ما يجرى هذا المجرى ، حتى أشاروا بذكر ذلك على المنابر ، وألقي الى معلمي الكتاتيب ، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علموا بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ماشاء الله.
    مرسوم رابع لخليفة المسلمين معاوية
    ثم كتب معاوية نسخةً واحدةً الى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه !
    وشفع ذلك بنسخة أخرى : من اتهمتموه بموالاة هولاء القوم فنكلوا به واهدموا داره!
    فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ، ولا سيما الكوفة ، حتى أن الرجل من شيعة على ليأتيه من يثق به فيدخل بيته ، فيلقى اليه سره ، ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه ، فظهر حديث

    كثير موضوع وبهتان منتشر .. ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة !!
    وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون والمستضعفون ، الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا مجالسهم ، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل ، حتى انتقلت تلك الأخبار ، والأحاديث الى أيدى الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق ! ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها. فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائفٌ على دمه ، أو طريدٌ في الأرض.
    تفاقم الأمر
    ويضيف ابن أبي الحديد نقلاً عن المدائني : ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين وولي عبد الملك بن مروان ، فاشتد البلاء على الشيعة ، وولى عليهم الحجاج بن يوسف ، فتقرب اليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه ! وموالاة من يدعى من الناس أنهم أيضاً من أعدائه ، فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم ، وأكثروا من الغض من علي وعيبه والطعن فيه والشنآن له ، حتى أن انساناً وقف للحجاج ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب ، فصاح به : أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني علياً ، وإني فقير بائس ، وأنا الى صلة الأمير محتاج ، فتضاحك له الحجاج ، وقال : للطف ما توسلت به ، قد وليتك كذا !
    وتابع ابن أبي الحديد قائلاً : وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه ، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم ، في تاريخه ما يناسب هذا الخبر ، وقال : إن اكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية ، تقرباً اليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم !! انتهى.
    * *

    أما الدولة العباسية فقد واصلت السياسة الأموية في اضطهاد أهل البيت : ، واضطهاد محبيهم ورواة فضائلهم ، وأعطت للنواصب ووضاعي الأحاديث نفس المكانة المحترمة التي كانت لهم عند الخلافة الأموية !
    وثقافة المسلمين السنيين إنما تكونت في ظل هاتين الدولتين .. ولذا صار من المألوف أن تقرأ فيها مثل هذه النص ( أسد بن وداعة شامي تابعي ناصبي كان يسب علياً ، وكان عابداً ، وثقه النسائي ! ) الغدير : 5 / 294
    وفي النصائح الكافية لمحمد بن عقيل / 22 :
    وهؤلاء هم الذين قال فيهم الإمام أحمد ; لما سئل عن معاوية : إن قوماً أبغضوا علياً فتطلبوا له عيباً فلم يجدوا ، فعمدوا الى رجل قد ناصبه العداوة فأطروه كيداً لعلي !!
    وفي كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة : 2 / 277 :
    قال الرياشي : سمعت محمد بن عبد الحميد قال : قلت لابن أبي حفصة : ما أغراك ببني علي ؟!
    قال : ما أحد أحب إلي منهم ، ولكن لم أجد شيئاً أنفع عند القوم منه ! أي من بغضهم والتحامل عليهم ! وكان ابن أبي حفصة يتحامل على آل علي ، ويكثر هجاءهم طمعاً بجوائز العباسيين !! انتهى.
    ولا نطيل بذكر الشواهد الكثيرة على هذه السياسة المؤذية لله تعالى ولرسوله 9وقد أفرد السيد محمد بن عقيل الحضرمي كتاباً لتعصبات علماء الجرح والتعديل ضد أهل البيت : ومحبيهم ، سماه ( العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل ).
    ولم يؤثر ذلك في كل الناس
    في العقد الفريد لابن عبد ربه : 5 / 156 :
    انتقص ابن حمزة بن عبد الله بن الزبير علياً فقال له أبوه ... أما ترى علياً وما يظهر

    بعض الناس من بغضه ولعنه على المنابر فكأنما والله يأخذون بناصيته رفعاً الى السماء ، وما ترى بني مروان وما يندبون به موتاهم من المدح ... فكأنما يكشفون عن الجيف !!
    * *
    بعض ما ورد عن المقياس النبوي في مصادرنا
    روى الكليني في الكافي : 8 / 93 :
    عن الإمام الصادق 7 أنه قال : لله عز وجل في بلاده خمس حرم : حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمة آل رسول الله : ، وحرمة كتاب الله عز وجل ، وحرمة كعبة الله ، وحرمة المؤمن. انتهى.
    وروى نحوه في مجمع الزوائد : 1 / 266 ، عن أبي سعيد الخدري ، قال قال رسول الله ( ص ) : إن لله عز وجل حرمات ثلاث ، من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئاً : حرمة الإسلام ، وحرمتي ، وحرمة رحمي.
    وفي معاني الأخبار للصدوق / 58 :
    حدثنا أبو العباس محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني ; قال : حدثنا عبدالعزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة قال : حدثني المغيرة بن محمد ، قال : حدثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي 8 قال :
    خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة بعد منصرفه من النهروان ، وبلغه أن معاوية يسبه ويلعنه ويقتل أصحابه ، فقام خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على رسول الله 9 ، وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه ، ثم قال :
    لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا ، يقول الله عز وجل : وأما بنعمة ربك فحدث. اللهم لك الحمد على نعمتك التي لا تحصى ، وفضلك الذي لا ينسى.

    يا أيها الناس : إنه بلغني ما بلغني ، وإني أراني قد اقترب أجلي ، وكأني بكم وقد جهلتم أمري ، وإني تارك فيكم ماتركه رسول الله 9 : كتاب الله وعترتي ، وهي عترة الهادي الى النجاة خاتم الأنبياء ، وسيد النجباء ، والنبي المصطفى.
    يا أيها الناس :
    لعلكم لا تسمعون قائلاً يقول مثل قولي بعدي إلا مفتر ، أنا أخو رسول الله ، وابن عمه ، وسيف نقمته ، وعماد نصرته وبأسه وشدته.
    أنا رحى جهنم الدائرة ، وأضراسها الطاحنة ، أنا موتم البنين والبنات ، أنا قابض الأرواح ، وبأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين.
    أنا مجدل الأبطال ، وقاتل الفرسان ، ومبير من كفر بالرحمن ، وصهر خير الأنام.
    أنا سيد الأوصياء ، ووصي خير الأنبياء ، أنا باب مدينة العلم ، وخازن علم رسول الله ووارثه ، وأنا زوج البتول سيده نساء العالمين فاطمة التقية ، ومن ولدي مهدي هذه الأمة.
    ألا وقد جعلت محنتكم .. ببغضي يعرف المنافقون ، وبمحبتي امتحن الله المؤمنين ، هذا عهد النبي الأمي الي أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق.
    وأنا صاحب لواء رسول الله 9في الدنيا والآخرة ، ورسول الله فرطي ، وأنا فرط شيعتي ، والله لا عطش محبي ، ولا خاف وليي. وأنا ولي المؤمنين ، والله وليي.
    حسب محبي أن يحبوا ما أحب الله ، وحسب مبغضي أن يبغضوا ما أحب الله.
    ألا وإنه بلغني أن معاوية سبني ولعنني. اللهم اشدد وطأتك عليه ، وأنزل اللعنة على المستحق ، آمين رب العالمين ، رب إسماعيل وباعث ابراهيم.إنك حميد مجيد.
    وفي أمالي الصدوق / 269 :
    عن ابن عباس قال قال رسول الله 9 : أنا سيد الأنبياء والمرسلين ، وأفضل من الملائكة المقربين ، وأوصيائي سادة أوصياء النبيين والمرسلين ، وذريتي أفضل

    ذريات النبيين والمرسلين ، وأصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين ، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين ، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين ، وأمتي خير أمة أخرجت للناس ، وأنا أكثر النبيين تبعاً يوم القيامة ، ولي حوضٌ عرضه ما بين بصرى وصنعاء ، فيه من الأباريق عدد نجوم السماء ، وخليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا.
    فقيل : ومن ذاك يا رسول الله ؟
    قال : إمام المسلمين وأمير المؤمنين ومولاهم بعدي علي بن أبي طالب ، يسقي منه أولياءه ، ويذود عنه أعداءه كما يذود أحدكم الغريبة من الابل عن الماء.
    ثم قال 9 : من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً ، وكان معي في درجتي في الجنة ، ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه ، لم أره ولم يرني يوم القيامة ، واختلج دوني ، وأخذ به ذات الشمال الى النار.
    وفي رواية قال : جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أكل من قال : لا إلَه إلا الله مؤمن ؟
    قال : إن عداوتنا تلحق باليهود والنصارى ! إنكم لا تدخلون الجنة حتى تحبوني ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا ، يعني علياً.
    وفي أمالي الصدوق / 134 :
    وفي حديث علي بن أبي طالب قال : بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله 9إذ التفت إلينا فبكى فقلت : ما يبكيك يا رسول الله ؟
    فقال : أبكي مما يصنع بكم بعدي !
    فقلت : وما ذاك يارسول الله ؟
    قال : أبكي من ضربتك على القرن ، ولطم فاطمة خدها ، وطعنة الحسن في الفخذ والسم الذي يسقى ، وقتل الحسين !
    قال : فبكى أهل البيت جميعاً ، فقلت يا رسول الله ، ما خلقنا ربنا إلا للبلاء.

    قال : أبشر يا علي ، فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.
    وفي أمالي الصدوق / 89 :
    وقوله 9 : حرب علي حرب الله ، وسلم علي سلم الله.
    وقوله 9 : ولي علي ولي الله ، وعدو علي عدو الله.
    وقوله 9 : علي حجة الله ، وخليفته على عباده.
    وقوله 9 : حب علي إيمان ، وبغضه كفر.
    وقوله 9 : حزب علي حزب الله ، وحزب أعدائه حزب الشيطان.
    وقوله 9 : علي مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض.
    وقوله 9لعلي : قسيم النار والجنة.
    وقوله 9 : من فارق علياً فقد فارقني ، ومن فارقني فقد فارق الله عز وجل.
    وقوله 9 : شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة.
    وفي أمالي المفيد / 169 :
    في حديث أبي ذر الغفاري قال : رأيت رسول الله وقد ضرب كتف علي بن أبي طالب 7 بيده ، وقال :
    يا علي : من أحبنا فهو العربي ، ومن أبغضنا فهو العلج.
    شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف ، ومن كان مولده صحيحاً ، وما على ملة ابراهيم 7 إلا نحن وشيعتنا ، وسائر الناس منها براء !
    وإن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القدوم البنيان.
    وفي أمالي المفيد / 213 :
    عن الإمام الصادق عن آبائه : قال : قال رسول الله 9لعلي : يا علي أنت مني وأنا منك ، وليك ولي وولي ولي الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله.

    يا علي : أنا حرب لمن حاربك ، وسلم لمن سالمك ، يا علي لك كنز في الجنة إلا من عرفك وعرفته ، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته.
    يا علي : أنت والأئمة من ولدك على الأعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم والمؤمنون بعلاماتهم.
    يا علي : لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي.
    وفي الغدير : 10 / 159 :
    لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب ونال من ابن علي ومن علي !
    فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
    إن الله عز وجل لم يبعث بعثاً إلا جعل له عدواً من المجرمين ، فأنا ابن علي وأنت ابن صخر ، وأمك هند وأمي فاطمة ، وجدتك قتيلة وجدتي خديجة ، فلعن الله ألأمنا حسباً ، وأخملنا ذكراً ، وأعظمنا كفراً ، وأشدنا نفاقاً !
    فصاح أهل المسجد : آمين آمين. فقطع معاوية خطبته ودخل منزله !
    وفي لفظ : خطب معاوية بالكوفة حين دخلها ، والحسن والحسين رضي الله عنهما جالسان تحت المنبر ، فذكر علياً 7 فنال منه ثم نال من الحسن ، فقام الحسين ليرد عليه ، فأخذه الحسين بيده فأجلسه ، ثم قام فقال :
    أيها الذاكر علياً ! أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمي فاطمة وأمك هند ، وجدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة ، وجدتي خديجة ، وجدتك قتيلة ! فلعن الله أخملنا ذكراً ، وألأمنا حسباً ، وشرنا قديماً وحديثاً ، وأقدمنا كفراً ونفاقاً. فقال طوائف من أهل المسجد : آمين.
    مقاتل الطالبين ص 22 ، وشرح ابن أبي الحديد : 4 / 12 ، وجمهرة الرسائل : 2 / 9 و50
    بعض ما ورد في مصادرنا في عدم شمول الشفاعة للنواصب
    في بصائر الدرجات / 52 :
    حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله 7 ، عن

    أبيه أنه قال قال رسول الله 9 : من أراد أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة ربي جنة عدن غرسة ربي ، فليتول علي بن أبي طالب ، وليعاد عدوه ، وليأتم بالأوصياء من بعده ، فإنهم أئمة الهدى من بعدي ، أعطاهم الله فهمي وعلمي ، وهم عترتي من لحمي ودمي. الى الله أشكو من أمتي المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي !
    وأيم الله ليقتلن ابني ـ يعني الحسين ـ لا أنالهم الله شفاعتي. ورواه في الامامة والتبصرة / 41. وتقدم في المكذبين بفضلهم.
    وفي الطبراني الكبير : 5 / 194 ومجمع الزوائد : 9 / 180 :
    عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يحيا حياتي ، ويموت موتتي ، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي ، فإن ربي غرس قصباتها بيده ، فليتول علي بن أبي طالب ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة. انتهى.
    ولا بد إذا صح الحديث أن يكون قوله ( فإن ربي غرس قصباتها بيده ) مجازياً لاجل بيان أهمية جنة الخلد ، وأنها من خاص عطاء الله تعالى.
    وفي المحاسن : 1 / 186 :
    عنه ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن علي الصائغ ، قال : قال أبو عبد الله 7 : إن المؤمن ليشفع لحميمه إلا أن يكون ناصباً ، ولو أن ناصباً شفع له كل نبي مرسل وملك مقرب ما شفعوا.
    ورواه في ثواب الأعمال /203 ، والمحاسن /184 ، والبحار : 8 / 41 ، ونحوه في بشارة المصطفى للطبري الشيعي / 38
    بعض ماورد في مصادرنا في أحكام التعامل مع النواصب
    في الكافي : 5 / 348 :
    عن الإمام الصادق 7 قال : لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك. عن أبي عبد الله 7 قال : قال له الفضيل : أتزوج الناصبة ؟ قال : لا ، ولا كرامة.

    قلت : جعلت فداك ، والله إني لأقول لك هذا ، ولو جاءتني ببيت ملآن دراهم ما فعلت.
    وفي الكافي : 5 / 349 :
    عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عن الناصب الذي قد عرف نصبه وعداوته ، هل نزوجه المؤمنة ، وهو قادرٌ على رده ، وهو لا يعلم برده ؟
    قال : لا يزوج المؤمن الناصبة ، ولا يتزوج الناصب المؤمنة ، ولا يتزوج المستضعف مؤمنة.
    وفي الكافي : 5 / 351 :
    عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبدالله 7 قال : سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية ، فقال : نكاحهما أحب إلي من نكاح الناصبية ، وما أحب للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا النصرانية ، مخافة أن يتهود ولده أو يتنصر.
    وفي الكافي : 3 / 133 :
    عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن ابن أبي يعفور قال : كان خطاب الجهني خليطاً لنا وكان شديد النصب لآل محمد : ، وكان يصحب نجدة الحروري !
    قال : فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية ، فإذا هو مغمى عليه في حد الموت ، فسمعته يقول : مالي ولك يا علي !! فأخبرت بذلك أبا عبد الله فقال أبو عبد الله : رآه ورب الكعبة ، رآه ورب الكعبة !
    وفي الكافي : 4 / 309 :
    عن وهب بن عبد ربه قال : قلت لأبي عبد الله 7 : أيحج الرجل عن الناصب ؟
    فقال : لا.
    فقلت : فإن كان أبي ؟
    قال : فإن كان أباك فنعم.

    وفي وسائل الشيعة : 1 / 158 :
    عن أبي الحسن الرضا 7 ( في حديث ) قال : من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام ، فلا يلومن إلا نفسه.
    فقلت لأبي الحسن 7 : إن أهل المدينة يقولون : إن فيه شفاء من العين ، فقال : كذبوا ، يغتسل فيه الجنب من الحرام ، والزاني ، والناصب الذي هو شرهما و( شر ) كل من خلق الله ، ثم يكون فيه شفاء من العين ؟!!
    وفي وسائل الشيعة : 1 / 165 :
    عن أبي عبد الله 7 أنه كره سؤر ولد الزنا ، وسؤر اليهودي والنصراني ، والمشرك وكل من خالف الإسلام ، وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب.
    وفي الهداية للصدوق / 26 :
    إذا صليت على ناصب ، فقل بين التكبيرة الخامسة : اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك ، اللهم أصله أشد نارك ، وأذقه حر عذابك ، فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ، ويبغض أهل بيت نبيك. فإذا رفع فقل : اللهم لا ترفعه ولا تزكه.
    النصب يجر الى التجسيم
    في تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى / 177 :
    مسألة : فإن قيل : فما معنى الخبر المروي عن النبي 9أنه قال : سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته. وهذا خبر مشهور لا يمكن تضعيفه ونسبته الى الشذوذ ؟.
    الجواب : قلنا أما هذا الخبر فمطعون عليه مقدوح في راويه ، فإن راويه قيس بن أبي حازم ، وقد كان خولط في عقله في آخر عمره مع استمراره على رواية الأخبار ، وهذا قدحٌ لا شبهة فيه ، لأن كل خبر مروي عنه لا يعلم تاريخه يجب أن يكون مردوداً ، لأنه لا يؤمن أن يكون مما سمع منه في حال الاختلال ، وهذه طريقة في

    قبول الأخبار وردها ينبغي أن تكون أصلاً ومعتبراً فيمن علم منه الخروج ، ولم يعلم تاريخ ما نقل عنه.
    على أن قيساً لو سلم من هذا القدح كان مطعوناً فيه من وجه آخر ، وهو أن قيس بن أبي حازم كان مشهوراً بالنصب والمعاداة لأمير المؤمنين صلاة الله وسلامه عليه والانحراف عنه ، وهو الذي قال : رأيت علي بن أبي طالب على منبر الكوفة يقول : انفروا الى بقية الأحزاب ، فأبغضته حتى اليوم في قلبي. الى غير ذلك من تصريحه بالمناصبة والمعاداة. وهذا قادح لا شك في عدالته.
    فضل العلماء الذين يدفعون شبهات النواصب
    في الصراط المستقيم للبياضي : 3 / 56 :
    عن الهادي 7 : لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء ودالين عليه ، والداعين اليه ، والذابين عن دينه بحجج الله .. ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة ، كما يمسك صاحب السفينة سكانها ، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل. ( وهو في الاحتجاج للطبرسي : 1 / 15 )
    وقال علي 7 : من قوى مسكيناً في دينه ، ضعيفاً في معرفته ، على ناصب مخالف فأفحمه ، لقنه الله يوم يدلى في قبره أن يقول : الله ربي ، ومحمد نبيي ، وعلي وليي ، والكعبة قبلتي ، والقرآن عدتي ، والمؤمنون إخواني.
    فيقول الله أدليت بالحجة ، فوجبت لك عالي درجات الجنة ، فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة.
    وقال الرضا 7 : أفضل ما يقدمه العالم من محبينا ليوم فقره ومسكنته أن يعين في الدنيا مسكيناً من يد ناصب عدو لله ورسوله ، يقوم من قبره والملائكة صفوف الى محل من الجنان ، فيحملونه على أجنحتهم ، ويقولون : طوباك طوباك يادافع الكلاب عن الأبرار ، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار.

    وفي الإحتجاج للطبرسي : 1 / 16 :
    وعنه 7 قال : يأتي علماء شيعتنا القوامون بضعفاء محبينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم ، على رأس كل واحد منهم تاج بهاء ، قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة ، فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها ، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علموه ومن حيرة التيه أخرجوه ، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم ، فرفعتهم الى العلو حتى تحاذى بهم فوق الجنان ، ثم ينزلهم على منازلهم المعدة في جوار أساتيذهم ومعلميهم ، وبحضرة أئمتهم الذين كانوا اليهم يدعون.
    ولا يبقى ناصبٌ من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عينه وأصمت أذنه وأخرس لسانه ، وتحول عليه أشد من لهب النيران ، فيحملهم حتى يدفعهم الى الزبانية فيدعونهم الى سواء الجحيم.
    * *



    الفصل السادس عشر
    شفاعة النبي 9يوم القيامة
    بيد أهل بيته :
    تقدم في الفصول السابقة من السنيين عن أويس القرني أنه يشفع لمثل ربيعة ومضر وتميم.
    وعرفت أن أويساً ما كان إلا شيعياً مخلصاً لأهل البيت : ، وأنه بايع أمير المؤمنين 7 على بذل مهجته دونه ، واستشهد تحت رايته في صفين.
    وإذا كان أويس صاحب هذه الشفاعة الكبيرة ، فكيف تكون شفاعة علي الذي فداه بنفسه ؟!
    ثم كيف لا تكون لأهل البيت : شفاعةٌ مميزة ، وقد نصت الأحاديث الصحيحة على أن الجنة والشفاعة محرمةٌ على مبغضيهم وظالميهم ، كما عرفت !
    إن الذين يستكثرون الشفاعة على أهل البيت : ، إنما يقفلون أعينهم عمداً عن المقام المميز الذي ثبت لهم بالأحاديث الصحيحة في مصادر الجميع .. أو يحسدون أهل بيت نبيهم على ما فضلهم به ربهم ، صلى الله عليه وعليهم.


    ثم اعجب لهؤلاء المستكثرين للشفاعة على أهل بيت نبيهم ، وهم يعلمون أن جدهم رسول الله 9هو رئيس المحشر يوم القيامة ، وصاحب الشفاعة الكبرى فيه وصاحب حوض الكوثر .. وذلك ملكٌ عظيم يحتاج الى من يديره ، وينفذ فيه أوامر النبي وتوجيهاته..
    فمن يكون هؤلاء المنفذون غير أهل بيته الأطهار ، ومعهم ملائكة الله تعالى ؟!
    وفيما يلي نورد أحاديث تدل على مقامهم وشفاعتهم من مصادر الطرفين :
    علي 7 صاحب لواء النبي 9يوم القيامة
    روت بعض صحاح إخواننا أحاديث لواء الحمد ، وهو لواء رئاسة المحشر ، الذي يعطيه الله لرسوله يوم القيامة.
    ولكن هذا اللواء بقي في الصحاح بلا أحد يحمله !
    والسبب في ذلك أن حامله علي 7 ، وأحاديثه تضمنت فضائل له ، وتعريضاً بالصحابة ، وهي أمورٌ لا يتحملها الخلفاء ، فتركها رواة الخلافة !!
    ماذا روت الصحاح عن رئاسة المحشر ولواء الحمد ؟
    أما البخاري فلم يرو أن النبي 9سيد ولد آدم يوم المحشر ، ولا أنه يعطى لواء الحمد ، ولا أنه يكون أول شافع !
    فالبخاري قلد كعب الأحبار الذي زعم أن الشافع الأول هو ابراهيم أو اسحاق ، كما بينا ذلك في المجلد الثالث !
    ولذا أعطى مقام الشفاعة الأول لأنبياء اليهود ، وأبقي المحشر بلا رئيس ولا لواء !
    ولعل أمر المحشر عنده يحتاج الى سقيفة قرشية لاختيار رئيس له !!
    وأما مسلم فقد روى في صحيحه : 7 / 59 :
    عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع.
    ونحوه في ابن ماجة : 2 /1440 ، وأبي داود : 2 / 407

    وأما الترمذي فروى حديث لواء الحمد في : 4 / 294 :
    عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، ولا فخر.
    ورواه بصيغ أخرى في : 4 / 370 ، وفي : 5 / 245 و247 و248
    * *
    أما أحاديث أن علياً حامل لواء المحشر ، وأنه الساقي على حوض النبي 9 ، فقد صارت من نصيب المصادر البعيدة عن رقابة الخلافة !
    ولا بأس بذلك ، لأن بعض هذه المصادر أقدم من الصحاح الستة ، وكل مصنفيها محترمون موثقون عند السنيين ، وبعضهم شيوخ أصحاب الصحاح !
    وقد أورد الأميني في الغدير : 2 / 321 ، عدداً من هذه الأحاديث ، وذكر فيها لواء الحمد والسقاية على الحوض معاً .. ونحن نورد ما فيه ذكر اللواء ، مما ذكره في الغدير ، وغيره :
    ففي مناقب الصحابة لأحمد بن حنبل / 661 :
    حدثنا محمد بن هشام بن البختري ، ثنا الحسين بن عبيد الله العجلي ، ثنا الفضيل بن الاستثناء ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ( ص ) : أعطيت في علي خمساً هن أحب إلي من الدنيا وما فيها :
    أما واحدة : فهو تكأتي الى بين يدي ، حتى يفرغ من الحساب.
    وأما الثانية : فلواء الحمد بيده ، آدم 7 ومن ولد تحته.
    وأما الثالثة : فواقفٌ على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي.
    وأما الرابعة : فساتر عورتي ومسلمي الى ربي.
    وأما الخامسة : فلست أخشى عليه أن يرجع زانياً بعد إحصان أو كافراً بعد إيمان.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:04

    ورواه أبو نعيم في الحلية : 10 / 211 والطبري المؤرخ في الرياض النضرة 2 / 203 ورواه في كنز العمال 6 / 403
    وفي مناقب الخوارزمي / 203 :
    عن علي قال قال رسول الله 9 :
    يا علي ؟ سألت ربي عز وجل فيك خمس خصال فأعطاني :
    أما الأولى : فإني سألت ربي : أن تنشق عني الأرض وانفض التراب عن رأسي وأنت معي ، فأعطاني.
    وأما الثانية : فسألته أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي ، فأعطاني.
    وأما الثالثة : فسألته أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الأكبر ، عليه المفلحون والفائزون بالجنة ، فأعطاني.
    وأما الرابعة : فسألت ربي أن تسقي أمتي من حوضي فأعطاني.
    وأما الخامسة : فسألت ربي أن يجعلك قائد أمتي الى الجنة فأعطاني. فالحمد لله الذي من به علي. انتهى.
    ورواه في فرائد السمطين في الباب الثامن عشر ، وفي كنز العمال 6 / 402
    وفي الدر المنثور : 6 / 379 :
    أخرج ابن مردويه عن علي قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم تسمع قول الله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب ، تدعون غراً محجلين.
    وفي الطبراني الصغير : 2 / 88 :
    عن عبد الله بن عكيم الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل أوحى إلي في علي بن أبي طالب ثلاثة أشياء ليلة أسرى بي : إنه سيد المؤمنين وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين. انتهى.
    وروى نحوه الحاكم : 3 / 138 ، عن أسعد بن زرارة ، وقال : إسناده صحيح.

    ومعنى قائد الغر المحجلين : أن علياً 7 صاحب لواء أهل الجنة.
    وفي الطبراني الكبير : 2 / 247 :
    عن جابر : قالوا يا رسول الله ، من يحمل رايتك يوم القيامة ؟
    قال : من يحسن أن يحملها إلا من حملها في الدنيا ، علي بن أبي طالب.
    وفي فردوس الأخبار : 5 / 8346 :
    عن اُبي بن كعب أن النبي ( ص ) قال لعلي : يا علي أنت تغسل جثتي ، وتؤدي ذمتي ، وتواريني في حفرتي ، وتفي بذمتي ، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة.
    وفي كنز العمال : 13 / 145 :
    عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : أنت أمامي يوم القيامة فيدفع إلي لواء الحمد فأدفعه اليك ، وأنت تذود الناس عن حوضي ( ابن عساكر ، وقال : فيه أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، ضعيف ) انتهى.
    ورواه في إحقاق الحق : 6 / 179 ، عن أرجح المطالب / 662 ، ط. لاهور.
    وفي إحقاق الحق : 27 / 199 :
    عن كتاب التبر المذاب لأحمد الحافي الشافعي / 81 :
    قال الواقدي وهشام بن محمد : لما رآهم الحسين مصرين على قتله ، أخذ المصحف ونشره ، ونادى : بيني وبينكم كتاب الله وسنة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بم تستحلون دمي ؟
    ألست ابن بنت نبيكم ؟
    ألم يبلغكم قول جدي في وفي أخي : هذان سيدا شباب أهل الجنة ؟! ...
    فبم تستحلون دمي وجدي الذائد على الحوض يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الشارد عن الماء ، ولواء الحمد بيد أبي يوم القيامة ... الخ.

    وفي كنز العمال : 11 / 625 وج 13 / 129 :
    عن الخطيب والرافعي عن علي قال قال رسول الله ( ص ) :
    سألت الله يا علي فيك خمساً ، فمنعني واحدة وأعطاني أربعاً : سألت الله أن يجمع عليك أمتي فأبى علي ، وأعطاني فيك أنك أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي ، ومعك لواء الحمد أنت تحمله بين يدي تسبق به الأولين والآخرين ، وأعطاني فيك أنك ولي المؤمنين بعدي.
    وروى في كنز العمال : 13 / 152 ، حديثين في الموضوع جاء في أولهما :
    أن تسقي أمتي من حوضي ، وأن يجعلك قائد أمتي الى الجنة ، فأعطاني.
    وذكر أن ابن الجوزي والذهبي ضعفا هذا الحديث بعبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه ، وقال : ولم أقف لهذا الرجل على ترجمة ، وللحديث الأخير شاهدٌ من حديث ابن عباس ، إلا أن ابن الجوزي أورده في الموضوعات ، وللحديث الأول شاهد. انتهى.
    فقد مال الى تصحيح الحديثين بشواهدهما ، وهو أمر متفق عليه في علم الحديث ، وكم من حديث ضعيف عندهم صححوه بشواهده.
    ولكنه لم يذكر شواهدهما ! ومن عادة المعتدلين السنيين أنهم لا يحبون أن يفتحوا نقاشاً صريحاً مع المتعصبين.
    والأحاديث التي أوردناها من مصادرهم كافية للشهادة لهما ، وفيها صحيحٌ سالم بشهادتهم !!
    ويفهم من كلام صاحب كنز العما أيضاً أنه لا يأخذ بتضعيفات ابن الجوزي والذهبي لأحاديث فضائل أهل البيت :.
    * *

    أما مصادرنا فقد تواترت فيها أحاديث أن لواء الحمد يكون بيد علي 7 :
    ففي أمالي الصدوق / 61 :
    عن أمير المؤمنين 7 قال قال رسول الله 9 :
    يا علي أنت أخي ووزيري ، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وأنت صاحب حوضي ، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني.
    وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي /125 :
    بسنده عن الحسين بن علي قال قال رسول الله 9 : يا علي أنت المظلوم بعدي ، فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك ...
    يا علي أنت أول من تنشق عنه الأرض معي ، وأنت أول من يبعث معي ، وأنت أول من يجوز الصراط معي ...
    وأنت أول من يرد حوضي ، تسقي منه أولياءك وتذود عنه أعداءك.
    وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود تشفع لمحبنا فيهم.
    وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي لواء الحمد ، وهو سبعون شقة ، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر.
    وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة ، أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك. انتهى. وروى نحوه في 220
    * *

    علي 7 آمر السقاية على حوض النبي 9يوم القيامة
    حوض النبي 9أو حوض الكوثر ، قضيةٌ كبيرة يوم القيامة .. فهو عين الحياة في أرض المحشر ، يصب ماؤها من نهرين من أنهار الجنة ، وكل الخلائق يحتاجون الى الشرب منه ، لأنه لا يمكن لأحد أن يدخل الجنة إلا بأن يشرب منه !
    ففي كنز العمال : 14 /420 : ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض ـ حم ، د ، ك ، عن زيد بن أرقم. انتهى.
    والشربة منه تروي الانسان رياً أبدياً ، فلا يظمأ بعدها أبداً .. ويبدو أنها تؤثر على التركيب الفيزيائي لبدن الانسان ، فتجعله صالحاً للحياة في الجنة.
    وقد خص الله به سيد المرسلين 9 ، وجعل أمره بيده ويد أهل بيته الطاهرين ، فلا يشرب أحد منه إلا ببطاقة منهم !!
    كما أن أحاديث حوض الكوثر قضيةٌ كبيرة أيضاً في مصادر المسلمين !
    ونشكر الله أنها بقيت في الصحاح ولم تحذف منها !لأنها كانت مهددة بالنسيان والحذف !! بسبب أن النبي 9في آخر سنة من عمره الشريف ركز على العقيدة بالحوض ، خاصة في خطب حجة الوداع ، وربطه بوصيته بالقرآن وأهل بيته الطاهرين ، وأكد على أن من لا يطيع وصيته فيهم يمنعه الله تعالى من ورود الحوض والشرب منه ، وبالتالي من دخول الجنة.
    وأخبر 9أن أكثر أصحابه سوف يطردون عن الحوض ، ولا يسمح لهم بالشرب منه !!!
    فأحاديث الحوض تتضمن إذن : بيان مقام أهل البيت الطاهرين ، والأمر باتباعهم ، وأنهم ومحبيهم الواردون على الحوض ، والساقون عليه ..
    كما تتضمن ذم مبغضيهم ومخالفيهم ، وأنهم مطرودون عن الحوض ، ممنوعون من الورود عليه والشرب منه ، حتى لو كانوا صحابة !!

    محاولات الأمويين التكذيب بأحاديث الحوض
    من الطبيعي أن ينزعج المنافقون والحاسدون لبني هاشم من هذا التأكيد النبوي ، ولا بد أنهم كانوا يسخرون من عقيدة ( حوض محمد وأهل بيته ).
    ولا نحتاج الى تتبع سخريتهم في زمن النبي 9 ، ولكنا نراها ظاهرة عند ورثتهم من الحكام الكبار في العهد الأموي ، مثل عبيد الله بن زياد ، الذي كان الحاكم المطلق للعراق وايران وما وراءها !!
    ويبدو أنه كان يعمل لحذف عقيدة الحوض من الإسلام .. ولكن المؤمنين وقفوا في وجهه !
    فقد ذكر الحاكم في المستدرك : 1 / 75 :
    أن أبا سبرة بن سلمة الهذلي سمع ابن زياد يسأل عن الحوض حوض محمد ! فقال : ما أراه حقاً ! بعد ما سأل أبا برزة الأسلمي ، والبراء بن عازب ، وعائذ بن عمرو ، قال : ما أصدق هؤلاء !! الخ.
    وقال في : 1 / 78 :
    عن أنس قال دخلت على عبيد الله بن زياد وهم يتراجعون في ذكر الحوض ، قال فقال جاءكم أنس ، قال يا أنس ما تقول في الحوض ؟
    قال قلت : ما حسبت أني أعيش حتى أرى مثلكم يمترون في الحوض !
    لقد تركت بعدي عجائز ما تصلي واحدة منهن صلاة إلا سألت ربها أن يوردها حوض محمد 9!! هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وله عن حميد شاهد صحيح على شرطهما ... انتهى.
    وروى نحوه أبو يعلى في مسنده : 6 / 96
    وروى البيهقي في الاعتقاد والهداية / 84 :
    عن أبي حمزة قال : دخل أبو برزة على عبيد الله بن زياد فقال : إن محمدكم هذا لدحداح !!!

    فقال : ما كنت أراني أن أعيش في قوم يعدون صحبة محمد صلى الله عليه وسلم عاراً!
    قالوا : إن الأمير إنما دعاك ليسألك عن الحوض !
    فقال : عن أي باله :
    قال : أحقٌ هو :
    قال : نعم ، فمن كذب به فلا سقاه الله منه !! انتهى.
    وقد يدافع النواصب عن هذه الروايات بأنها تتحدث عن حالة شخصية في ابن زياد ، وليس عن اتجاه عند الخلافة الأموية وأنصارها.
    ولكنه يجد أنها اتجاه وليست حالة شخصية !
    فهذا عمر بن عبد العزيز ، وهو في مطلع القرن الثاني ، أراد أن يتثبت من صحة أحاديث الحوض ! أو يقنع بها بني أمية وأجواءهم في العاصمة ! أو يواصل ما عمله الأمويون .. فأرسل الى المدينة في إحضار صحابي كبير السن ، لكي يسمع منه مباشرة حديث الحوض!!
    فقد روى البيهقي في شعب الايمان : 8 / 243 :
    عن شعبة ، أخبرنا أبو بكر بن فورك ، أنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا أبو عتبة ، عن محمد بن المهاجر ، عن عباس بن سالم اللخمي ، أن ابن عبد العزيز بعث الى أبي سلام الحبشي ، وحمل على البريد حتى قدم عليه ، فقال : إني بعثت اليك أشافهك حديث ثوبان في الحوض !
    فقال أبو سلام : سمعت ثوبان يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حوضي من عدن أبين الى عمان البلقاء ، أكوازه مثل عدد نجوم السماء ، ماؤه أحلى من العسل ، أشد بياضاً من اللبن ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، أول من يرد علي فقراء أمتي.
    فقال عمر : يا رسول الله من هم ؟

    قال : هم الشعث الرؤوس ، الدنس الثياب الذين لا ينكحون المتنعمات ، ولا تفتح لهم أبواب السدد.
    وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 / 355 :
    أبو سلام ممطور الحبشي ، ثم الدمشقي ، الأسود الأعرج ... استقدمه عمر بن عبد العزيز في خلافته اليه على البريد ، ليشافهه بما سمع من ثوبان في حوض النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : شققت علي. فاعتذر اليه عمر وأكرمه. توفي سنة نيف ومئة.
    ندم أئمة المذاهب على تدوين أحاديث الحوض !!
    بل يدل النص التالي على أن حساسية الدولة من أحاديث الحوض امتدت الى زمن العباسيين ، بسبب أن هذه الأحاديث تتضمن ذم الصحابة !!
    فقد أعلن الإمام مالك ندمه على تدوين حديث الحوض في كتابه الموطأ ! الذي دونه بأمر المنصور العباسي ليكون الكتاب الرسمي الالزامي للمسلمين !
    وكان الإمام الشافعي يظهر تأسفه أيضاً لتدوين مالك لهذه الأحاديث ، ولو كانت صحيحة !!
    قال الصديق المغربي في فتح الملك العلي / 151 :
    حكي عن مالك أنه قال : ما ندمت على حديث أدخلته في الموطأ إلا هذا الحديث !! وعن الشافعي أنه قال : ما علمنا في كتاب مالك حديثاً فيه إزراء على الصحابة إلا حديث الحوض ، ووددنا أنه لم يذكره !! انتهى.
    ويناسب هنا أن نتوسع قليلاً في سبب ندم الإمام مالك والشافعي :
    فقد طلب العباسيون عندما كانوا يخططون لثورتهم من الأئمة من أهل البيت : أن يتحالفوا معهم للاطاحة ببني أمية ، فلم يستجب لهم الإمام جعفر الصادق 7 ، بينما استجاب لهم الحسنييون وتحالفوا معهم ، وعينوا لحركتهم إماماً حسنياً ،

    وبدؤوا فعاليتهم ضد الأمويين في الحجاز والعراق وخراسان ، بشعار : يالثارات الحسين ، والدعوة الى الخليفة المرضي من آل محمد ، والبراءة من غاصبي حقهم من الشيخين والأمويين بعدهم !!
    وما أن حققت ثورتهم انتصارت حاسمة على يد أبي مسلم الخراساني ، حتى اختلفوا مع حلفائهم الحسنيين ، ونشبت بينهم معارك ضارية في الحجاز والعراق ، انتصر فيها العباسييون وتفردوا بالحكم ..
    وهنا بدأ العباسيون بتغيير استراتيجيتهم الفكرية التي أخذوا البيعة عليها من الناس ، فاستثنوا الشيخين أبا بكر وعمر من البراءة واللعن ، وحصروه ببني أمية بمن فيهم عثمان !
    ويدل ندم مالك على وجود ذم الصحابة في كتابه ، على أنه ألفه قبل أن يتبلور التحول في خط الخلافة العباسية ، ويعدلوا عن البراءة من الشيخين الى تبني ولايتهما والتأكيد عليها..
    ذلك أن العباسيين كانوا سياسيين ولم يكونوا علماء ، وكانت المرجعية الدينية للمعارضة في الأئمة من أولاد علي 7 .. فأراد العباسيون أن يتبنوا مرجعية دينية ، غير أموية وغير علوية ، فاختار أبو جعفر المنصور الإمام مالك ، وطلب منه أن يؤلف كتاباً سهلاً ممهداً موطأً ، لينشره في بلاد المسلمين ويلزمهم به ، فألف له الموطأ ووضع فيه حديث الحوض الذي يذم الصحابة ّ لأنه ينسجم مع خطهم الفكري ، ونشرت الخلافة الكتاب ، وأصدر المنصور قراره الذي ذهب مثلاً ( لا يفتين أحد ومالك في المدينة ).
    ولكن ندم مالك ، والشافعي ، والخلافة العباسية لم ينفع ، لأن حديث الحوض دخل في كتاب الخلافة الرسمي ، وصار شاهداً لأحاديث الحوض الأخرى التي سمعها الناس ورووها ودونوها !
    بل صار ندمهم شاهداً تاريخياً قوياً على صحة صدور هذه الأحاديث النبوية

    الخطيرة ، وتأكيد خط أهل البيت : ومكانتهم في الإسلام !
    وإذا لاحظنا أن البخاري ومسلماً قد ألفا صحيحيهما في عصر المتوكل العباسي وبعده ، وأن بغض المتوكل لعلي وأهل البيت النبوي كان مشهوراً .. فينبغي أن نشكرهما لأنهما رويا شيئاً من حديث الحوض الذي فيه إزراء على الصحابة حسب تعبير الشافعي ، ولا نكلفهما أن يرويا أن علياً 7 هو الساقي على حوض النبي 9وأنه يذود عنه الكفار والصحابة المطرودين !
    والنتيجة للمتأمل في أحاديث حوض الكوثر
    أن موقف السلطة الأموية والعباسية لم يمنع من روايتها ، ولكنه سبب أن يقلل الرواة منها ويتحاشوا ما كان شديداً على الصحابة !!
    وقد رأيت أن البخاري ومسلماً لم يرويا حديث أنس مع ابن زياد ، وغيره مما هو صحيح على شرطهما !!
    وبذلك يصح أن تقدر أن ما روته مصادرهم من أحاديث طرد الصحابة الخائنين عن الحوض ، ليس إلا جزءا قليلاً منها !
    على أن عدداً من المصادر بدلت كلمة أصحابي بكلمة : أمتي ، أو بكلمة : الناس ! وتحاشت صحاحهم رواية الأحاديث التي تربط حوض الكوثر بأهل البيت النبوي ومحبيهم ، وتجعلهم المؤمنين المقبولين ، والغر المحجلين ، الذين يوافون النبي على حوضه ، ويردون منه ويدخلون الجنة !!
    نماذج من أحاديث الحوض والصحابة لمطرودين
    في البخاري : 7 / 207 :
    عن عبد الله بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم : حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، من شرب منها فلا يظمأ أبداً.

    وفي البخاري : 8 / 86 :
    عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنا على حوضي أنتظر من يرد علي ، فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي ! فيقول : لا تدري مشوا على القهقرى. انتهى.
    وفي البخاري : 2 / 975 :
    عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يرد على الحوض رجالٌ من أصحابي فيحلؤون عنه ! فأقول : يا رب أصحابي ؟! فيقول : فإنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى.
    وفي مسلم : 1 / 150 :
    عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) : ترد على أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه.
    قالوا يا نبي الله أتعرفنا ؟
    قال : نعم تردون علي غراً محجلين من آثار الوضوء. وليصد عني طائفةٌ منكم فلا يصلون ، فأقول يا رب هؤلاء من أصحابي ؟ ! فيجيبني ملكٌ فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟ !!
    وفي مسلم : 7 / 70 :
    عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الابل.
    ورواه أحمد في : 2 / 298
    ورواه في المسند الجامع ـ تحقيق د. عواد : 3 / 343 و5 / 135 و18 /471
    والبيهقي في البعث والنشور / 125
    ومجمع الزوائد : 10 / 665

    وروى مسلم : 2 / 369 ، وأحمد : 5 / 390 :
    عن عمار بن ياسر قال : أخبرني حذيفة عن النبي ( ص ) قال : في أصحابي اثنا عشر منافقاً ، منهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ! انتهى.
    وقد اهتم ابن حجر بحكم أحواض الابل التي في الحديث فقال في فتح الباري : 5 / 33 :
    وقوله لأذودن .. أي لأطردن ، ومناسبته الترجمة من ذكره ( ص ) أن صاحب الحوض يطرد إبل غيره عن حوضه ، ولم ينكر ذلك ، فيدل على الجواز. انتهى.
    وروى ابن أبي شيبة في المصنف : 15 / 109 :
    عن حذيفة قال : المنافقون الذين فيكم اليوم شرٌ من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم !
    قال الراوي هو شقيق ، قلت : يا أبا عبد الله وكيف ذاك ؟!
    قال : إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم ، وإن هؤلاء أعلنوه !!
    وقال المفيد في الافصاح / 50 :
    وقال 7 : أيها الناس ، بينا أنا على الحوض إذ مُر بكم زمراً ، فتفرق بكم الطرق فأناديكم : ألا هلموا الى الطريق ، فيناديني مناد من ورائي : إنهم بدلوا بعدك ، فأقول : ألا سحقاً ، ألا سحقاً (1).
    وقال 7 : ما بال أقوام يقولون : إن رحم رسول الله 9لاتنفع يوم القيامة ، بلى والله إن رحمي لموصولةٌ في الدنيا والآخرة ، وإني أيها الناس فرطكم على الحوض ، فإذا جئتم قال الرجل منكم يارسول الله أنا فلانٌ بن فلان ، وقال الآخر : أنا فلانٌ بن فلان ، فأقول : أما النسب فقد عرفته ، ولكنكم أحدثتم بعدي فارتددتم القهقرى (2).
    وقال 7 ، وقد ذكر عنده الدجال :
    أنا لفتنة بعضكم أخوف مني لفتنة الدجال (3).
    وقال 7 : إن من أصحابي من لا يراني بعد أن يفارقني (4).
    في أحاديث من هذا الجنس يطول شرحها ، وأمرها في الكتب عند أصحاب

    الحديث أشهر من أن يحتاج فيه الى برهان.
    على أن كتاب الله عز وجل شاهد بما ذكرناه ، ولو لم يأت حديث فيه لكفى في بيان ما وصفناه.
    قال الله سبحانه وتعالى : وما محمدٌ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ؟ ! ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين.
    فأخبر تعالى عن ردتهم بعد نبيه 9على القطع والثبات !
    وقال في هامشه :
    (1) مسند أحمد 6 : 297 ، ومسند أبي يعلى : 11 / 387 )
    (2) مسند أحمد 3 : 18 و62 قطعة منه
    (3) كنز العمال : 14 / 322 / 28812
    (4) مسند أحمد : 6 / 307
    وفي فردوس الأخبار : 3 / 444 :
    عن أنس بن مالك عن النبي ( ص ) قال : ليرفعن أناسٌ من أصحابي وأنا على الحوض ، فإذا عاينوني عرفتهم وأنا على الحوض ، قد ذبلت شفاههم فاختلجوا دوني.
    وعن ابن عباس قال : قال رسول الله : من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً ، وكان معي في درجتي في الجنة.
    ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه ، لم أره ولم يرني يوم القيامة ، واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال الى النار. انتهى.
    من أسس تدوين أحاديث القيامة عند علماء الخلافة
    ونصل من أحاديث الحوض الى قضية أوسع تتعلق بموضوعنا ، وهي أحاديث مقام النبي 9يوم القيامة ..

    فإن المتأمل فيها في مصادر إخواننا السنيين يصل الى قناعة بأن أحاديثها كانت تتضمن أن أهل بيته معه في المحشر والجنة ، بدليل بقاء ذكرهم وتسميتهم في عدد منها ! وأنها كانت تتضمن بيان المصير الأسود لأكثر الصحابة !
    وقد رأيت أنهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا من الأحاديث التي تنص على أنه لا يرد منهم الحوض ولا ينجو إلا مثل همل النعم !
    وهمل النعم هي النعاج المفردة الخارجة عن القطيع ! وهو يعني أن أكثرية قطيع الصحابة لا ينجو !!
    وبهذا نعرف الصعوبة في المهمة التي عهدت بهاالخلافة القرشية الى علماء الحديث ، أو تبرعوا هم بها ، بتدوين صحاح ترضى عنها وتتبنى نشرها !!
    فلا بد أنهم وقفوا طويلاً أمام مشكلة تدوين أحاديث القيامة والآخرة ، لأنها تعطي أهل البيت مقاماً الى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله .. ولأنها تذم الصحابة وتخبر عن هلاك أكثرهم !!
    ولا شك أن الذين ألفوا بعد مالك بن أنس واجهوا نفس مشكلته ، وخافوا أن يقعوا في نفس ( مزلق ) التشيع الذي وقع فيه !!
    لذا رأوا أنهم مجبرون على أن اتباع الأسس التالية :
    أولاً : أن يختاروا الأحاديث التي ليس فيها ذكر لأهل بيت النبي 9وهي قليلة جداً جداً !
    ثانياً : أن يجردوا الأحاديث من ذكر مقام أهل البيت النبوي مهما أمكن !
    ثالثاً : أن يستبدلوا أسماء أهل البيت والكلمات التي استعملها النبي 9في التعبير عنهم بكلمات عن الأمة والصحابة.
    رابعاً : أن يتحاشوا الأحاديث التي فيها ذم الصحابة ، أو يحذفوا منها الذم أو يوجهوه الى آخرين.
    خامساً : أن يدونوا الأحاديث الموضوعة في فضل الصحابة ، خاصة الخلفاء

    الثلاثة ، لكي تقابل الأحاديث في فضائل أهل البيت النبوي !!
    وتفصيل هذاالموضوع يخرجنا عن بحثنا ، فنكتفي بذكر نماذج صغيرة :
    فقد روى الخطيب في تاريخ بغداد 9 / 453 :
    عن ابن عباس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بيد علي يقول : هذا أول من يصافحني يوم القيامة.
    وفي الاستيعاب : 4 / 169 :
    عن أبي ليلى الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يراني ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين.
    ورواه ابن حجر في الاصابة : 4 / 170 ، وضعفه بدون حجة ، وكذا فعل ابن كثير في البداية : 7 / 348.
    وفي سنن ابن ماجة : 1 / 44 :
    عن عباد بن عبد الله قال : قال علي رضي الله عنه : أنا عبد الله وأخو رسوله ، وأنا الصديق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلا كذاب ! صليت قبل الناس سبع سنين. هذا حديث صحيح.
    ورواه العزيزي في السراج المنير : 2 / 402 ، وقال البوصيري في الزوائد : صحيحٌ على شرط الشيخين ، وتكلم فيه بعضهم لأجل عباد ، لكن تابعته عليه معاذة العدوية.
    وفي كنز العمال : 11 / 616 :
    إن هذا أول من آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين ـ قاله لعلي. ( الطبراني عن سلمان وأبي ذر معاً ، والبيهقي ، وابن سعد ، عن حذيفة ). انتهى.

    وقال في هامشه : أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( 9 / 102 ) وقال رواه الطبراني والبزار ، وفيه عمر بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.
    وكلام هذا المهمش ليس دقيقاً ، لأن رواية كنز العمال عن ثلاثة : سلمان وأبي ذر وحذيفة. ورواية الطبراني والبزار التي ضعفها الهيثمي بعمر بن سعيد المصري إنما هي عن أبي ذر وحده ، وبالتالي فهو لم يضعف رواية سلمان وأبي ذر معاً ، ولا رواية حذيفة التي نقلها صاحب كنز العمال عن البيهقي ، وعن طبقات ابن سعد !
    واليك ما قاله في مجمع الزوائد : 9 / 102 :
    وعن أبي ذر وسلمان قالا : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال : إن هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين.
    رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده وقال فيه : أنت أول من آمن بي ، وقال فيه : والمال يعسوب الكفار. وفيه عمرو بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.
    ومهما يكن ، فإن بعض طرق الحديث صحيحةٌ على مبانيهم بدون حاجة الى شواهد ، وبعضها صحيحةٌ بشواهدها. ولكنهم لا يبحثون أسانيده وأسانيد شواهده ، ويضعفونه ويحكمون عليه بأنه منكر ، لأنه يتضمن شهادة من النبي 9بصفات مهمة لعلي 7 ، وهي أمر منكر يضر بالخلافة القرشية !!
    بل الأحوط عند بعض علماء الخلافة أن يعارضوه بأحاديث تشهد بأن الصفات التي وردت فيه قد ثبتت لخلفاء قريش ، وليس لعلي !!
    ونترك لقب الصديق والفاروق فعلاً ، ونذكر ما رووه حول : أول من تنشق عنه الأرض مع النبي في يوم المحشر ، وأول من يصافح النبي 9 ، لإنهما من صلب موضوعنا.

    أما الاول :
    فقد روى الحاكم في المستدرك : 2 / 465 ، وصححه :
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله 9 : أنا أول من تنشق الأرض عنه ، ثم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي ، ثم أنتظر أهل مكة !!
    وتلا عبد الله بن عمر : يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير !
    ورواه أيضاً في : 3 / 68 ، وصححه.
    ورواه في كنز العمال : 11 / 403
    وروى نحوه في / 426 و433 ( عن الترمذي ، وحسنه ، وأبي عروبة في الأوائل ، والطبراني الكبير ، وابن عساكر ، وأبي نعيم في فضائل الصحابة ، عن ابن عمر.
    وبآخر عن ابن عساكر ، عن أبي هريرة. انتهى.
    وتلاحظ في هذه الأحاديث أنها تعطي الأولية في الحشر ودخول الجنة لأبي بكر وعمر ، ثم لأهل البقيع ، ثم للقرشيين في مكة !
    كما يوجد عندهم حديث آخر يميلون الى قبوله ، رواه في كنز العمال : 13 / 233 عن علي ! قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    أنا أول من تنشق الأرض عنه ولا فخر ، فيعطيني الله من الكرامة ما لم يعطني من قبل. ثم ينادي مناد : يا محمد قرب الخلفاء ، فأقول : ومن الخلفاء ؟!
    فيقول جل جلاله : عبد الله أبو بكر الصديق ، فأول من تنشق الأرض عنه بعدي أبو بكر ، ويقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ويكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.
    ثم ينادي مناد : أين عمر بن الخطاب ؟ فيجيء وأوداجه تشخب دماً فأقول : عمر ! من فعل هذا بك !؟
    فيقول : مولى المغيرة بن شعبة ، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.

    ثم يؤتى بعثمان بن عفان وأوداجه تشخب دماً ، فأقول : عثمان ! من فعل بك هذا !؟
    فيقول : فلانٌ وفلان ، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.
    ثم يؤتى بعلي وأوداجه تشخب دماً فأقول : علي ! من فعل بك هذا ؟!
    فيقول : عبد الرحمن بن ملجم ، فيوقف بين يدي لله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش مع أصحابه.
    الزوزني ، وفيه علي بن صالح ، قال الذهبي : لا يعرف ، وله خبرٌ باطل ، وقال في اللسان ذكره ابن حبان في الثقات وقال : روى عنه أهل العراق ، مستقيم الحديث. انتهى.
    وهكذا عالج رواة الخلافة أولية علي التي رواها عن النبي 9! فوضعوا حديثاً على لسان علي نفسه ! يجعل الأولية لخلفاء قريش بالترتيب ، ويجعل علياً الرابع !!
    وإذا كلمتهم في السند تراهم يعرضون عن بحث أسانيد الأحاديث التي فيها فضائل علي ، ويعملون المستحيل لتصحيح الأحاديث التي فيها فضائل غيره ، ويمدح ابن حبان واضع الحديث بأنه مستقيم الحديث ، أي أحاديثه في مدح الخلفاء والأمراء وعمالهم !
    * *
    وأما حديث أن أول من يصافحه النبي يوم القيامة علي .. فقد وجدوا له معالجة أخرى ، فإذا كان علي أول شخص يستقبله الرسول 9ويصافحه يوم القيامة ، فإن عمر أول شخص يستقبله الله تعالى يوم القيامة ويصافحه !! ويرحب به ، ويدخله الجنة !!
    فقد روى ابن ماجة في صحيحه : 1 / 39 :
    حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي ، أنبأنا داود بن عطاء المديني ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب ، قال :

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول من يصافحه الحق عمر ، وأول من يسلم عليه ، وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة.
    ورواه في كنز العمال : 1 / 578 ـ هـ ، ك ـ عن أبي. انتهى.
    وقد جاءت روايتهم فاقعةً الى حد أن الذهبي الذي يحب التجسيم ويحب عمر ، لم يستطع الدفاع عنها !
    وكذلك الألباني ، حيث ضعفها على مضض في ضعيفته برقم 22485.
    * *
    نتيجة كلية
    والنتيجة الأكيدة عند المتأمل في هذه الأحاديث من مصادر الفريقين :
    أن علياً وأهل بيت النبي 9لهم دورٌ كبير في الشفاعة مع النبي يوم القيامة .. بل إن كل مؤمن مقبول له شفاعة يوم القيامة بحسبه ، ولما كان أهل بيت النبي 9سادة المؤمنين ، فشفاعتهم أكبر وأعظم.
    أما الصحابة فتدل أحاديث القيامة على أن أكثرهم يكونون مشغولين الى آخر نفس في معالجة مشكلتهم وتخليص أنفسهم !!
    علي 7 هو ذائد المنافقين عن حوض النبي 9يوم القيامة!
    تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان : علي ميزان الإسلام والكفر ، حديث الإمام الحسن السبط 7 ، وقد صححه الحاكم وغيره ، وفيه :
    ( فقال له الحسن : أما والله لئن وردت عليه الحوض ، وما أراك ترده ، لتجدنه مشمر الازار على ساق ، يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الابل ! قول الصادق المصدوق ، وقد خاب من افترى ).
    كما تقدمت بعض أحاديثه في حمل لواء المحشر عن أحمد وغيره.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:06

    وفي مناقب الصحابة لأحمد / 667 :
    وفيما كتب إلينا ( عبد الله بن غنام ) يذكر أن عباد بن يعقوب حدثهم ، نا علي بن عابس ، عن عبد الله عن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي ، قال اشتكى أبو الأسود الفالج فنعت له ثعلب فطلبناها في خرب البصرة ، فبينا أنا أطوف إذا أنا برجل يصلي فأشار إلي فأتيته فقال : من أنت ؟ فقلت أبو حرب بن أبي الأسود ، فقال : أقرئ أباك السلام وقل له عبد الله بن فلان يقرأ عليك السلام ويقول لك : أشهد أني سمعت علياً يقول : لأذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله رايات الكفار والمنافقين ، كما تذاد غريبة الإبل عن حياضها. انتهى.
    وفي تاريخ المدينة لابن شبة : 1 / 37 :
    حدثنا محمد بن بكار قال ، حدثنا أبو معشر ، عن حرام بن عثمان ( عن أبي ) عتيق ، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أناساً من المسجد وقال : لا ترقدوا في مسجدي هذا. قال : فخرج الناس ، وخرج علي رضي الله عنه ، فقال : لعلي رضي الله عنه إرجع فقد أحل لك فيه ما أحل لي ، كأني بك تذودهم على الحوض ، وفي يدك عصا عوسج.
    وفي مجمع الزوائد : 9 / 173 :
    وعن أبي هريرة أن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، أيما أحب اليك أنا أم فاطمة ؟
    قال : فاطمة أحب إلي منك ، وأنت أعز عليّ منها. وكأنى بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس ، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء ، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة ، إخواناً على سرر متقابلين ، أنت معي وشيعتك في الجنة. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : إخواناً على سرر متقابلين ، لا ينظر أحد في قفا صاحبه.
    رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه سلمى بن عقبة ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.

    ورواه في تفسير الميزان : 12 / 176 ، عن تفسير البرهان عن الحافظ أبي نعيم عن رجاله عن أبي هريرة ..
    وفي مجمع الزوائد : 9 / 135 :
    عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصى الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلام بن سليمان المدايني وزيد العمي ، وهما ضعيفان وقد وثقا ، وبقية رجالهما ثقات.
    وعن عبد الله بن إجارة بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر يقول : أنا أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين القصيرتين ، الكفار والمنافقين كما تذود السقاة غريبة الابل عن حياضهم.
    رواه الطبراني في الاوسط ، وفيه محمد بن قدامة الجوهري ، وهو ضعيف.
    وعن علي بن أبي طالب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ترضى يا علي إذا جمع الله النبيين في صعيد واحد ، حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش فكان أول من يدعي ابراهيم فيكسى ثوبين أبيضين ، ثم يقوم عن يمين العرش ، ثم يفجر مثعب من الجنة الى حوضي ، وحوضي أبعد مما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة ، فأشرب وأتوضأ وأكسى ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، ثم تدعى فتشرب وتتوضأ وتكسى ثوبين أبيضين ، فتقوم معي ، ولا أدعى الى خير إلا دعيت له.
    رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه عمران بن ميثم ، وهو كذاب.
    وفي مجمع الزوائد : 10 / 366 :
    وعن أبي هريرة وجابر بن عبد الله قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي بن أبي طالب صاحب حوضي يوم القيامة ، فيه أكوابٌ كعدد نجوم السماء ، وسعة حوضي مابين الجابية الى صنعاء. رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه ضعفاء وثقوا.

    وفي الغدير : 1 / 321 :
    أخرج الطبراني بإسناد رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي 9 : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة ، تذود بها المنافقين عن الحوض.
    الذخاير / 91 ، الرياض : 2 / 211 ، مجمع الزوائد : 9 / 135 ، الصواعق / 104. انتهى.
    وهو في الطبراني الصغير : 2 / 89 ، ورواه الديلمي أيضاً في فردوس الأخبار : 5 / 317 و 408 ، وفي طبعة أخرى من الصواعق / 174
    وفي تاريخ دمشق لابن عساكر : 1 / 265 :
    أخبرنا أبو الحسن السلمي ، أنبأنا عبد العزيز التميمي ، أنبأنا علي بن موسى بن الحسين ، أنبأنا أبو سليمان بن زير ، أنبأنا محمد بن يوسف الهروي ، أنبأنا محمد بن النعمان بن بشير ، أنبأنا أحمد بن الحسين بن جعفر الهاشمي اللهبي ، حدثني عبد العزيز بن محمد ، عن حرام بن عثمان ، عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما جابر بن عبد الله الأنصاري قال :
    جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في المسجد ، وفي يده عسيب رطب فضربنا ، وقال : أترقدون في المسجد ، إنه لا يرقد فيه أحد.
    فأجفلنا وأجفل معنا علي بن أبي طالب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، ياعلي ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة.
    والذي نفسي بيده إنك لتذودن عن حوضي يوم القيامة رجالاً كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصى من عوسج ، كأني أنظر مقامك من حوضي.
    قال ( و ) أخبرناه عاليا أبو المظفر بن القشيري وأبو القاسم الشحامي قالا : أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن بشر ، أنبأنا محمد بن ادريس ، أنبأنا سويد بن سعد ، أنبأنا حفص بن ميسرة ، عن حزام بن عثمان ، عن ابن جابر ـ أراه عن جابر ـ قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في

    المسجد ، فضربنا بعصف في يده فقال : أترقدون في المسجد إنه لا يرقد فيه.
    فأجفلنا فأجفل علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعال يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ، والذي نفسي بيده إنك لذواد عن حوضي يوم القيامة ، تذود كما يذاد البعير الضال عن المأ بعصى لك من عوسج ، كأني أنظر الى مقامك من حوضي. انتهى.
    ونقله عنه في إحقاق الحق : 17 / 374 ، ورواه الخوارزمي في مناقبه / 65
    وفي الروض الأنف : 2 / 146 :
    من طريق جابر بن عبد الله أن رسول الله ( ص ) قال لعلي : والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة ، تذود عنه كفار الأمم كما تذاد الابل الضالة عن الماء.
    وقال السهيلي : إلا أن هذا الحديث يرويه حرام بن عثمان عن جابر عن النبي. وقد سئل مالك عنه فقال : ليس بثقة ، وأغلظ فيه الشافعي. انتهى.
    وكذلك ضعفه في تهذيب التهذيب : 4 / 283
    ولا بد أن مالكاً سئل عنه ، بعد أن ندم على تدوين حديث الحوض في موطئه !
    وسواء صح ما نقلوه عن الشافعي في راوي الحديث حرام بن عثمان أم لا ، فإن الذين ضعفوا هذا الحديث قد تعصبوا ضد أهل البيت ، ودلسوا أيضاً !
    ذلك أن القاعدة عند العلماء : أنهم إذا ضعفوا طريقاً لحديث مروي من طرق أخرى صحيحة ، أن ينبهوا الى ذلك ، ويذكروا أن له طرقاً أخرى ليس فيها حرام !! خاصة أنه حديثٌ مشهورٌ من رواية أهل البيت واحتجاجاتهم من زمن علي والحسنين : ، وكذلك في احتجاج شيعتهم ومحاوراتهم من القرن الأول نثراً وشعراً.
    وقد نقلته مصادر السنيين بأسانيد صحيحة عن علي ، وعن الحسن السبط 8 ، وقد تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان : علي 7 ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق ، فراجع.

    وكذا روته مصادرهم فيما روت من خطب الإمام الحسين 7 ومحاوراته لجيش يزيد في كربلاء ..
    ولذلك يعتبر علماء الجرح والتعديل مثل هذا العمل تدليساً ، يقصد منه إيهام القارىء بضعف متن هذا الحديث وأسانيده الأخرى !!
    * *
    وأخيراً ، فقد روت مصادر السنيين حديثاً غير مفهوم ، ورد فيه أن النبي 9يذود عن الحوض لأهل اليمن !
    ففي المسند الجامع ـ تحقيق الدكتور عواد : 3 / 343 ـ ح 2062 ـ 48 :
    عن ثوبان ، أن نبي الله ( ص ) قال : إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم. فسئل عن عرضه ؟ فقال : من مقامي الى عمان.
    وسئل عن شرابه ؟ فقال : أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، يغث فيه ميزابان يحدانه من الجنة ، أحدهما من ذهب ، والآخر من ورق. انتهى.
    وقد وجدنا حديثاً صححه في مجمع الزوائد ، وهو يعطي ضوءاً على هذا الحديث المبهم ، ويدل على أنه نصه كان يرتبط بأهل البيت : ، فصار لأهل اليمن !!
    قال في مجمع الزوائد : 10 / 366 :
    وعن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حوضي أذود عنه الناس لأهل بيتى إني لأضربهم بعصاي هذه حتى ترفض.
    قلت : فذكر الحديث وهو في الصحيح غير قوله ( لأهل بيتي ).
    رواه البزار بإسنادين ، ورجال أحدهما رجال الصحيح. انتهى.
    ومعنى ذلك أن إحدى روايتي البزاز التي فيها ( لأهل بيتي ) صحيحة ، ولعل أصل الحديث أذود عنه أنا وأهل بيتي ، أو أذود من خالف أهل بيتي ..
    * *

    من أحاديث الحوض في مصادرنا
    أما مصادرنا فلا مشكلة لها مع أحاديث حوض الكوثر ولا مع غيرها ، لذك تجد أحاديثه صحيحة ومتواترة في مصادرنا ، وهي من حججنا على إمامة أهل البيت النبوي الطاهرين : ..
    قال الصدوق في كتاب الاعتقادات / 43 :
    إعتقادنا في الحوض : أنه حق ، وأن عرضه مابين أيلة وصنعاء ، وهو للنبي صلى الله عليه وآله. الساقي عليه يوم القيامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب 8 ، يسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه ، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.
    وقال النبي 9 : ليختلجن قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأنادي ياربي أصحابي أصحابي ، فيقال لي : إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك!.
    وروى في كتاب الخصال / 624 ، عن علي 7 :
    أنا مع رسول الله 9 ، ومعي عترتي وسبطي على الحوض ، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا ، فإن لكل أهل بيت نجيب ولنا شفاعة ، ولأهل مودتنا شفاعة ، فتنافسوا في لقائنا على الحوض ، فإنا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحباءنا وأولياءنا ، ومن شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً.
    حوضنا مترعٌ فيه مثعبان ينصبان من الجنة أحدهما من تسنيم ، والآخر من معين ، على حافتيه الزعفران ، وحصاه اللؤلؤ والياقوت ، وهو الكوثر.
    ورواه في تفسير فرات الكوفي / 366 ، وتفسير نور الثقلين : 5 / 511
    وفي تفسير فرات / 172 ، من رواية يخبر بها النبي ابنته الصديقة فاطمة الزهراء 3 بما سيحدث لها ولأولادها من بعده ، ويعلمها الصبر على أمر الله تعالى ، قال :
    يا فاطمة بنت محمد ...

    أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة.
    أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه ، ويذود عنه أعداءه.
    أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار ، يأمر النار فتطيعه يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء.
    أما ترضين أن تنظرين الى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون اليك والى ما تأمرين به ، وينظرون الى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله !
    فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك ؟ !!
    وقد أوردنا في معجم أحاديث الإمام المهدي : 3 /153 :
    عن تفسير العياشي : 1 / 14 ، والكافي : 1 /62 :
    عن علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ابراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال قلت لأمير المؤمنين 7 : إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله 9غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله 9أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله 9متعمدين ؟ ويفسرون القرآن بآرائهم ؟
    قال : فأقبل علي فقال : قد سألت فافهم الجواب.
    إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعاماً وخاصاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كذب على رسول الله 9على عهده حتى قام خطيباً فقال : أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة ، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوء مقعده من النار ! ثم كذب عليه من بعده !
    وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

    رجلٌ منافقٌ يظهر الايمان ، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله 9متعمداً ، فلو علم الناس أنه منافقٌ كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله 9ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل : وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإن يقولوا تسمع لقولهم.
    ثم بقوا بعده فتقربوا الى أئمة الضلالة والدعاة الى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا !
    وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة.
    ورجلٌ سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله 9فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.
    ورجلٌ ثالثٌ سمع من رسول الله 9شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
    وآخرُ رابعٌ لم يكذب على رسول الله 9 ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله 9 ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد في ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي 9مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [ وخاص وعام ] ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله 9الكلام له وجهان : كلامٌ عام وكلامٌ خاص ، مثل القرآن ، وقال الله عز وجل في كتابه : ما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا.
    فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله. وليس كل أصحاب رسول الله 9كان يسأله عن الشيء فيفهم ! وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن

    كانوا ليحبون أن يجييء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله 9حتى يسمعوا.
    وقد كنت أدخل على رسول الله 9كل يوم دخلةً وكل ليلة دخلةً فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله 9أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله 9أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه ، فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ، ولا أحدٌ من بنيَّ ، وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله 9آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصها وعامها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آيةً من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته ، منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً ، فقلت : يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد ؟
    فقال : لا ، لست أتخوف عليك النسيان والجهل. وقد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي فيك ، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.
    فقلت : يا رسول الله ومن شركائي من بعدي ؟
    قال : الذين قرنهم الله بنفسه وبي.
    فقال : الأوصياء مني الى أن يردوا علي الحوض ، كلهم هاد مهتد لا يضرهم من خذلهم ، هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقهم ولا يفارقونه ، بهم تنصر أمتي وبهم يمطرون ، وبهم يدفع عنهم ، وبهم استجاب دعاءهم.

    فقلت : يارسول الله سمهم لي فقال : ابني هذا ، ووضع يده على رأس الحسن ، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ، ثم ابنٌ له يقال له علي ، وسيولد في حياتك فاقرأه مني السلام ، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد.
    فقلت له : بأبي أنت وأمي فسمهم لي ، فسماهم رجلاً رجلاً فيهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمة محمد 9الذي يملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام ، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم !! انتهى.
    ويوجد قسم منه في نهج البلاغة ـ شرح صبحي الصالح ، خطبة 210 ، وشرح محمد عبده ص 214. وروى ابن الجوزي قسماً منه في تذكرة الخواص /143 ، مرسلاً عن كميل بن زياد. ورواه النعماني / 75 ، والطبري الشيعي في المسترشد /29 ، والصدوق في كمال الدين : 1 / 284 ، والخصال : 1 /255 ، والحراني في تحف العقول / 193 ، والطبرسي في الاحتجاج : 1 / 264 ، وابن ميثم البحراني في شرح النهج : 4 /19 ، والعاملي في إثبات الهداة : 1 / 664 ، والمجلسي في البحار : 2 /228 ، و : 36 / 273 و276 ، و : 9 / 98

    أهل البيت : وشيعتهم على الحوض
    في مقاتل الطالبين / 43 :
    حدثني محمد بن الحسين الأشناني وعلي بن العباس المقانعي قالا : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أخبرنا عمرو بن ثابت ، عن الحسن بن حكم ، عن عدي بن ثابت ، عن سفيان بن أبي ليلى ، وحدثني محمد بن أحمد أبو عبيد قال : حدثنا الفضل بن الحسن المصري قال : حدثنا محمد بن عمرويه قال : حدثنا مكي بن ابراهيم ، قال حدثنا السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن سفيان بن أبي ليلى دخل حديث بعضهم في حديث بعض ، وأكثر اللفظ لأبي عبيدة قال : أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية فوجدته بفناء داره وعنده رهط فقلت :
    السلام عليك يا مذل المؤمنين !
    فقال عليك السلام يا سفيان ، إنزل.
    فنزلت فعقلت راحلتي ثم أتيته فجلست اليه ، فقال : كيف قلت ياسفيان ؟
    فقلت : السلام عليك يا مذل رقاب المؤمنين.
    فقال : ما جر هذا منك إلينا ؟
    فقلت : أنت والله ـ بأبي أنت وأمي ـ أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلمت الأمر الى اللعين بن اللعين بن آكلة الاكباد ، ومعك مائة ألف كلهم يموت دونك ، وقد جمع الله لك أمر الناس.
    فقال : يا سفيان ، إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسكنا به ، وإني سمعت علياً يقول سمعت رسول الله 9يقول : لا تذهب الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرم ضخم البلعوم يأكل ولا يشبع ، لا ينظر الله اليه ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذرٌ ولا في الأرض ناصر ، وإنه لمعاوية ، وإني عرفت أن الله بالغ أمره.

    ثم أذن المؤذن فقمنا على حالب يحلب ناقة ، فتناول الاناء فشرب قائماً ثم سقاني ، فخرجنا نمشي الى المسجد ، فقال لي : ما جاءنا بك يا سفيان ؟
    قلت : حبكم والذي بعث محمداً بالهدى ودين الحق.
    قال : فأبشر يا سفيان فإني سمعت علياً يقول : سمعت رسول الله 9
    يقول : يرد علي الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من أمتي كهاتين ، يعني السبابتين ، ولو شئت لقلت هاتين يعني السبابة والوسطى ، إحداهما تفضل على الأخرى.
    أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر والفاجر ، حتى يبعث الله إمام الحق من آل محمد صلى الله عليه وآله.
    هذا لفظ أبي عبيد وقال ( وفي حديث محمد بن الحسين وعلي بن العباس بعض هذا الكلام موقوفاً ، عن الحسن غير مرفوع الى النبي 9 ، إلا في ذكر معاوية فقط ).
    ورواه ابن طاووس في الملاحم والفتن / 109 ، ملخصاً عن الفتن للسليلي ...
    ورواه ابن أبي الحديد : 16/44 ، عن أبي الفرج بسنديه بتقديم وتأخير ، وفي سنده محمد بن أحمد بن عبيد بدل محمد بن أحمد أبو عبيد. والبصري بدل المصري. وابن عمرو بدل محمد بن عمرويه ، والاشنانداني بدل الأشناني.
    ورواه في البحار : 44 /59 ، وفي العوالم : 16 /178 ، عن ابن أبي الحديد بسنديه.
    * *

    شعر حوض الكوثر في مصادر الحديث والأدب
    تعتبر مجموعة شعر الكوثر التي نقلتها مصادر الحديث والأدب ، من الأدلة العلمية المهمة على صحة أحاديث أن الساقي على الحوض والذائد عنه هو علي 7. وأول شعر نقله الرواة من ذلك رجز أمير المؤمنين في حرب صفين :
    ففي مناقب آل أبي طالب : 1 / 219 :
    أنه 7 عندما دعي الى المبارزة في صفين قال مرتجزاً :
    أنا عليٌّ صـاحـب الصمصامه
    وصـاحـب الحوض لدى القيامه

    أخــو نـبـي الله ذي العلامه
    قـد قـال إذ عممني العـمـامه

    أنت أخـي ومعدن الـكـرامـه
    ومن له من بعدي الامامه. انتهى.


    ـ كما روت كتب التاريخ والحديث والعقائد أبياتاً للامام الحسين 7 ، جاءت ضمن خطبته التاريخة في كربلاء ، ذكر فيها الحوض .. كما في الاحتجاج : 2 /26 وتفسير نور الثقلين : 3 / 565 ، وغيرهما ، منها :
    أنا ابن أباة الضيم من آل هاشم
    كـفـاني بـهذا مفخراً حين أفخر

    وجدي رسول الله أكرم من مشى
    ونحن سـراج الله في الخلق نزهر

    ونحن أمان الله للناس كـلـهـم
    نـطـول بـهذا في الأنام ونجهر

    ونحن ولاة الحوض نسقي محبنا
    بـكـأس رسول الله ما ليس ينكر

    وشـيعتنا في الحشر أكرم شيعة
    ومـبـغضنا يـوم القيامة يخسر

    وفي بشارة المصطفى / 112 :
    أبو عبدالله الحسين بن الحسن الحسيني الجرجاني القاضي ، قدم علينا من بغداد ، قال : حدثني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عباس الجوهري قال ، حدثنا أحمد بن زياد الهمداني قال : رأيت صبياً صغيراً يكون سباعياً أو ثمانياً بالمدينة ، على ساكنها أفضل السلام ، ينشد :


    لنحن عـلى الحوض ذواده
    نـــذود وتـسـعـد وراده

    ومـا فـاز من فاز إلا بنا
    وما خـاب مـن حـبنا زاده

    ومن سرنا نال منا السرور
    ومــن سـاءنا سـاء ميلاده

    ومـن كـان ظالمـنا حقنا
    فـإن الـقــيامة مـيعـاده

    فقلت يا فتى لمن هذه الأبيات ؟
    فقال : لمنشدها.
    فقلت : من الفتى ؟
    فقال علويٌّ فاطميٌّ ، إيهاً عنك. انتهى.
    ونسب في رشفة الصادي / 192 ، هذه الأبيات الى الإمام محمد الباقر 7.
    * *
    وقد ترجم الأميني في من الغدير : 2 ، لعدد من شعراء الغدير الذين ذكروا الحوض ، نذكر بعضهم :
    فمن أقدمهم سفيان بن مصعب العبدي الكوفي :
    وهو من شعراء أهل البيت عيهم السلام في القرن الثاني ، وقد مدحه الإمام الصادق 7 واستنشده شعره في رثاء الإمام الحسين 7 .. قال العبدي من قصيدة طويلة :
    هل في سؤالك رسم المنزل الخرب
    بـرءٌ لقلبك مـن داء الهوى الوصب

    أم حـره يـوم وشـك البين يبرده
    ما استحدثته النوى من دمعك السرب

    يا رائد الحي حسب الحي ما ضمنت
    لـه المدامع مـن مـاء ومن عشب

    لهفي لما استودعت تلك القباب وما
    حجبن من قـضـب عنا ومن كثب

    لأشـرقـن بدمعي إن نـأت بـهم
    دارٌ ولم أقض ما في النفس من إرب

    ما هز عطفي من شوق الى وطني
    ولا اعتراني من وجد ومن طـرب



    مـثـل اشتياقي من بعد ومنتزح
    الـى الـغـري وما فيه من الحسب

    يـا راكباً جسرةً تطوي مناسمها
    مـلاءة الـبـيـد بالتقريب والجنب

    تثني الـريـاح إذا مرت بغايتها
    حسـرى الطلائح بالغيطان والخرب

    بلغ سـلامي قبراً بالغري حوى
    أوفـى البرية مـن عجم ومن عرب

    يا صاحب الكوثرالرقراق زاخره
    ذود النواصب عن سـلسـاله العذب

    قـارعت منهم كماة فـي هواك
    بما جردت من خاطر أو مقول ذرب

    حـتـى لقد وسمت كلما جباهم
    خواطري بمضاء الشـعـر والخطب

    ـ وقال أيضاً في مدح علي 7 :
    أنت عـين الالَه والجنب من
    فـرط فيه يصلى لظى مذموما

    أنت فلك النجاة فينا وما زلـ
    ت صراطاً الى الهدى مستقيما

    وعليك الورود تسقي من الحو
    ض ومن شئت ينثني محروما

    واليك الجواز تدخل من شئـ
    ـت جناناً ومن تشـاء جحيما

    وقال الأميني في الغدير : 2 / 296 :
    في مقتضب الأثر عن أحمد بن زياد الهمداني قال : حدثني علي بن ابراهيم بن هاشم قال : حدثني أبي عن الحسن بن علي سجاده ، عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال : كنت عند أبي عبدالله 7 فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال : جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره :
    وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلاً بسيماهم ؟
    قال : هم الأوصياء من آل محمد الاثني عشر ، لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه.
    قال : فما الأعراف جعلت فداك ؟
    قال : كثائب من مسك ، عليها رسول الله والأوصياء يعرفون كلاً بسيماهم.
    فقال سفيان : أفلا أقول في ذلك شيئاً ؟

    فقال من قصيدة :
    أيا ربعهم هل فيك لي اليوم مربع
    وهـل لليال كـن لي فيك مرجع

    ومنها :
    وأنتم ولاة الحشـر والنشر والجزا
    وأنتم لـيـوم المفزع الهول مفزع

    وأنتم عـلى الاعراف وهي كثائب
    من الـمـسـك رياها بكم يتضوع

    ثـمـانـيـة بالعرش إذ يحملونه
    ومن بعدهم في الأرض هادون أربع

    وروى أبو الفرج في الاغاني 7 / 22 ، عن أبي داود المسترق سليمان بن سفيان : أن السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد :
    أدين بـمـا دان الوصي به
    يوم الخريبة من قتل المحلينا

    وبالذي دان يوم النهروان به
    وشـاركت كفه كفي بصفينا

    فقال له العبدي : أخطأت ، لو شاركت كفك كفه كنت مثله ، ولكن قل : تابعت كفه كفي ، لتكون تابعاً لا شريكاً.
    فكان السيد بعد ذلك يقول : أنا أشعر الناس إلا العبدي.
    * *
    ومن شعراء الكوثر السيد الحميري ، المتوفى 173 :
    وهو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري ، الملقب بالسيد.
    قال عنه المرزباني : لم يسمع أن أحداً عمل شعراً جيداً وأكثر غير السيد.
    وروى عن عبد الله بن إسحاق الهاشمي قال : جمعت للسيد ألفي قصيدة وظننت أنه ما بقي عليَّ شيء ، فكنت لا أ زال أرى من ينشدني ما ليس عندي ، فكتبت حتى ضجرت ، ثم تركت.
    وقال : سئل أبو عبيدة من أشعر المولدين ؟ قال : السيد وبشار.
    ونقل عن الحسين بن الضحاك أنه قال : ذاكرني مروان بن أبي حفصة أمر السيد بعد موته ، وأنا أحفظ الناس بشعر بشار والسيد ، فأنشدته قصيدته المذهبة التي أولها :


    أيـن التطرب بالولاء وبالهوى
    أالى الكواذب من بروق الخلب ؟ !

    أالـى أمية أم الـى شيع التي
    جاءت على الجمل الخدب الشوقب

    حتى أتى على آخرها ، فقال لي مروان :
    ما سمعت قط شعرا أكثر معاني وألخص منه ، وعدد ما فيه من الفصاحة. وكان يقول لكل بيت منها : سبحان الله ، ما أعجب هذا الكلام !
    وروى عن التوزي أنه قال : لو أن شعراً يستحق أن لا ينشد إلا في المساجد لحسنه ، لكان هذا ، ولو خطب به خاطب على المنبر في يوم الجمعة لأتى حسناً ، ولحاز أجراً.
    ووقف السيد على بشار وهو ينشد الشعر فأقبل عليه وقال :
    أيـهـاالـمـادح العباد ليعطى
    إن لله مـا بـأيـدي العباد

    فـأسـأل الله مـا طلبت اليهم
    وارج نـفـع المنزل العواد

    لا تقل فـي الجواد ما ليس فيه
    وتسمي البخيل باسم الجواد

    قال بشار : من هذا ؟ فعرفه.
    ولعل أشهر قصائد السيد الحميري على الاطلاق ، التي مطلعها :
    لأم عـمرو باللوى مربع
    طـامـسـةٌ أعلامها بلقع

    تروع عنها الطير وحشية
    والوحش من خيفته تفزع

    ومنها :
    غدا يلاقي المصطفى حيدر
    ٌورايـة الحمد لـه ترفع

    مـولـى له الجنة مأمورة
    والـنار من إجلاله تفزع

    إمام صدق وله شيعةٌيرووا
    مـن الحوض ولم يمنعوا

    يذب عنه ابـن أبي طالب
    ذبك جربى إبل تـشـرع

    إذا دنوا مـنه لكي يشربوا
    قيل لـهم تباً لكم فارجعوا

    هذا لمن والـى بني أحمد
    ولـم يـكـن غيرهم يتبع

    بذاك جاء الوحي من ربنا
    يا شيعة الحق فلا تجزعوا


    وله أيضاً :
    ولقد عـجـبـت لقائل لي مرة
    عـلامـة فهم مـن الفقهاء

    سماك قومك سـيـداً صدقوا به
    أنت الموفق سـيـد الشعراء

    ما أنـت حين تخص آل محمد
    بالمدح منك وشـاعـر بسواء

    مدح الملوك ذوي الغني لعطائهم
    والمدح منك لـهم بغير عطاء

    فابشر فإنك فـايـزٌ فـي حبهم
    لو قد وردت عـلـيهم بجزاء

    مـا يـعـدل الدنيا جميعاً كلها
    من حوض أحمد شربة من ماء

    وله أيضاً :
    أؤمـل فـي حبه شـربةً
    مـن الحوض تجمع أمناً وريا

    إذا مـا وردنا غداً حوضه
    فأدنى الـسـعـيد وذاد الشقيا

    متى يـدن مولاه منه يقل
    رد الحوض واشرب هنيئاً مريا

    وإن يـدن منه عدو لـه
    يذده عـلي مكاناً قـصـيـا

    وله أيضاً :
    فإنك تلقاه لدى الحوض قائماً
    مع المصطفى بالجسر جسر جهنم

    يجيران من والاهما في حياته
    الـى الروح والظل الظليل المكرم

    ـ وله قصيدة مطلعها :
    هلا وقفت على المكان المعشب
    بين الطويلع فاللوى من كبكب

    ومنها :
    إنا نـديـن بـحـب آل محمد
    ديناً ومن يحببهم يـسـتـوجـب

    منا المودة والولاء ومـن يـرد
    بدلا بال مـحـمـد لا يـحـبب

    ومتى يمت يرد الجحيم ولا يرد
    حوض الرسول وإن يرده يضرب

    ضـرب المحاذر أن تعر ركابه
    بالسوط سـالـفة البعير الأجرب


    ـ وله القصيدة المذهبة ، ومنها :
    لـمـن طللٌ كـالـوشـم لم يتكلم
    ونـؤيٌ وآثـار كترقيش معجم ؟

    ألا أيها العاني الذي ليس في الأذى
    ولا اللوم عندي فـي علي بمحجم

    سـتـأتـيـك مني في علي مقالة
    تسـوؤك فاستأخر لـهـا أو تقدم

    عـلـي لـه عندى على من يعيبه
    مـن الناس نصـر باليدين وبالفم

    مـتـى ما يرد عندي معاديه عيبه
    يجد ناصراً مـن دونه غير مفحم

    عـلـي أحب الـنـاس إلا محمدا
    إلـي فـدعني مـن ملامك أولم

    علي وصي المصطفى وابـن عمه
    وأول مـن صـلى ووحـد فاعلم

    عـلـي هو الهادي الإمام الذي به
    أنار لـنـا مـن ديننا كـل مظلم

    عـلـي ولي الحوض والذائد الذي
    يذبب عـن أرجـاءه كـل مجرم

    علي قسـيـم النار مـن قوله لها :
    ذري ذا وهذا فاشربي منه واطعمي

    خذي بالشوى مـمن يصيبك منهم
    ولا تقربي من كان حزبي فتظلمى

    عـلـي غداً يـدعـا فيكسوه ربه
    ويـدنـيـه حقاً مـن رفيق مكرم

    فإن كـنـت منه يوم يدينه راغماً
    ًوتبدي الرضا عنه من الأن فارغم

    فـإنـك تلقاه لدى الحوض قائماً
    مع المصطفى الهادي النبي المعظم

    يـجـيزان من والاهما في حياته
    الـى الروح والظل الضليل المكمم

    عـلـي أميـر المؤمنين وحـقه
    مـن الله مفروض على كل مسلم

    لأن رسـول الله أوصى بـحـقه
    وأشـركـه فـي كـل فيئ ومغنم

    وله أيضاً في تفسير قوله تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) :
    بـأبي أنت وأمي
    يا أمير المؤمنينا

    بـأبي أنت وأمي
    وبرهطي أجمعينا

    وبأهـلي وبمالي
    وبـناتي والبنينا

    وفدتك النفس مني
    يـا إمام المتقينا




    وأمـيـن الله والوا
    رث عـلـم الأولينا

    ووصـي المصطفى
    أحمد خير المرسلينا

    وولي الحوض والذا
    ئد عـنـه المحدثينا

    أنت أولى الناس بالنا
    س وخير الناس دينا

    كنت فـي الدنيا أخاه
    يـوم يدعو الأقربينا

    لـيـجيبوه الى اللـ
    ــه فـكانوا أربعينا

    بـيـن عم وابن عم
    حـولـه كانوا عرينا

    فـورثـت العلم منه
    والكـتاب المسـتبينا

    طـبت كهلاً وغلاماً
    ورضـيـعـاً وجنينا

    ولـدى الميثاق طيناً
    يـوم كان الخلق طينا

    كـنت مأموناً وجيهاً
    ًعند ذي العرش مكينا

    في حجاب النور حياً
    طـيـبـاً للطاهرينا

    * *
    ومن شعراء الكوثر الصاحب بن عباد ، وله :
    قالت فـمـن بعده تصفى الولاء له
    قلت الوصي الذي أربى على رجل

    قالت فـمن ذا غداً باب المدينة قل
    فـقـلـت من سألوه وهو لم يسل

    قالت فـمـن قانل الأقوام إذ نكثوا
    فـقـلـت تفسيره في وقعة الجمل

    قال فمن حارب الأرجاس إذ قسطوا
    فقلت صفين تبدي صـفحة العمل




    قالت فمن قارع الأنجاس إذ مرقوا
    فقلت معناه يوم النهروان جلي

    قالت فمن صاحب الحوض الشريف غدا
    فقلت من بيته في أشرف الحلل

    قالت فمن ذا لواء الحمد يحمله
    فقلت من لم يكن في الروع بالوجل

    قالت أكل الذي قد قلت في رجل
    فقلت كل الذي قد قلت في رجل

    فمن هـو هـذا الـفرد سـم لنـا
    فقلت ذاك أمير المؤمنين علي

    فمن هو هذا الفرد سم لنافقلت ذاك أمير المؤمنين علي
    * *
    ـ ومنهم الملك الصالح طلائع بن رزيك ، وله :
    أنا مـن شـيـعـة الإمام علي
    حـرب أعـدائـه وسلم الولي

    أنـا مـن شيعة الإمام الذي ما
    مـال فـي عـمره لفعل دني

    أنا عبد لصاحب الحوض ساقي
    مـن تـوالى فيه بكأس روي

    أنا عـبـد لمن أبان لنا المشكل
    فارتاض كـل صـعـب أبي

    والذي كـبـَّرت ملائكة الله له
    عـنـد صـرعـة الـعامري

    الإمـام الـذي تـخـيره الله
    بـلا مـريـة أخـاً لـلـنبي

    قـسـمـاً ما وقاه بالنفس لما
    بات في الفرش عنه غير علي

    ولعمري إذ حـل في يوم خم
    لـم يكن موصياً لغير الوصي

    ومنهم سعيد بن أحمد النيلي المؤدب ، قال كما في الغدير : 4/ 395 :
    دع يا سعيد هواك واستمسك بمن
    تـسـعـد بهم وتزاح من آثامه

    بـمـحـمـد وبـحيدر وبفاطم
    وبولدهـم عـقـد الولا بتمامه



    قـوم يـسـر وليهم في بعثه
    ويعض ظالمهم عـلى إبهامه

    ونـرى ولــي وليهم وكتابه
    بيمينه والـنـور مـن قدامه

    يسقيه مـن حوض النبي محمد
    كـأساً بها يشفى غليل أوامه

    بيدي أمير المؤمنين وحسب من
    يـسـقى به كأساً بكف إمامه

    ذاك الذي لولاه ما اتضحت لنا
    سبل الهدى في غوره وشامه

    عـبـد الالَه وغيره من جهله
    مـا زال معتكفاً على أصنامه

    ما آصف يوماً وشمعون الصفا
    مع يوشع في العلم مثل غلامه

    * *
    ومنهم ابن العرندس الحلي :
    ذكره في في الغدير : 7 / 14 ، ومن شعره :
    طوايا نظامي فـي الزمان لها نشر
    يعطرها مـن طيب ذكـراكـم نشر

    قصائد مـا خابت لـهـن مقاصدٌ
    بواطنها حـمـد ظـواهـرها شكر

    مطالعها تـحـكي النجوم طـوالعاً
    فأخـلاقـهـا زهرٌ وأنوارها زهر

    عـرائس تجلـي حين تجلي قلوبنا
    أكـالـيـلـهـا در وتيجانها تـبر

    حسان لهـا حسـان بالفضل شاهد
    على وجـهـهـا تبر يزان بها التبر

    فيا ساكنـي أرض الطفوف عليكم
    سـلام محب مـا لـه عنكم صبر

    نـشـت دواويـن الثنا بعد طيها
    وفي كل طرس من مديحي لكم سطر

    فطابق شعري فيكـم دمع ناظري
    فمبيض ذا نـظـم ومحمـر ذا نثرذ

    وقفت علـى الدارالتي كنتم بـهـا
    فمغناكم مـن بـعـد معناكم فـقـر

    وقـد درست منها الدروس وطالما
    بـهـادرس الـعـلم الالَهي والذكر

    وسالت عليها مـن دموعي سحائب
    الـى أن تروى البان بالدمع والسدر

    فراق فراق الروح لـي بعد بعدكم
    ودار برسـم الدار في خاطري الفكر

    وقـد أقلعت عنها السحاب ولم يجد
    ولا در مـن بـعـد الحسين لها در




    إمـام الهدى سـبـط النبوة والـد
    الأئمة رب النهي مولى لـه الأمر

    إمـام أبـوه المرتضى علم الهدى
    وصي رسول الله والصنو والصهر

    وفـيـه رسـول الله قـال وقوله
    صحيحٌ صريح ليس فـي ذلك نكر

    حـُبـي بـثـلاث مـا أفاد بمثلها
    وليٌّ فـمـن زيد هناك ومن عمرو

    لـه تـربـةٌ فـيـها الشفاء وقبةٌ
    يجاب بـهـا الداعي إذا مسه الضر

    وذريـةٌ دريـة مـنـه تـسـعةٌ
    أئـمـة حـق لا ثـمان ولا عشر

    أيـقـتـل ظمآناً حـسـينٌ بكربلا
    وفـي كـل عضو مـن أنامله بحر

    ووالده الساقي على الحوض في غد
    وفـاطـمـة مـاء الفرات لها مهر

    فـيـالـك مقتولاً بكته السما دمـاً
    فمغبر وجه الأرض بـالـدم محمر

    ملابسه في الحرب حـمرٌ من الدما
    وهن غداة الحشر من سندس خضر

    ولهفي لـزيـن العابدين وقد سرى
    أسـيـراً عليلاً لا يـفـك له أسر

    وآل رسـول الله تـسـبـى نسائهم
    ومـن حـولهن الستر يهتك والخدر

    ومـن حـولهن الستر يهتك والخدر
    سـبـايـا بأكوار المطايا حواسراً

    فـويـلُ يـزيـد مـن عذاب جهنم
    إذا أقبلت فـي الحشر فاطمة الطهر

    تـنـادي وأبصار الأنام شواخصٌ
    وفـي كـل قلب من مهابتها ذعـر

    وتـشـكـو الى الله العلي وصوتها
    عـلـي ومولانا عـلـي لها ظهر

    فـلا ينطق الطاغي يزيد بما جنى
    وأنـى لـه عـذر ومن شأنه الغدر


    * *
    وفي مناقب آل أبي طالب : 3 / 28 :
    وقال ابن الحجاج :
    أنـا مولى لمن لواء الحمد
    عـلـى عاتقه يوم النشور

    الى آخر مارووه من شعر حوض الكوثر ، وهو يؤكد أن أحاديث النبي 9في أن علياً هو آمر السقاية عليه كانت من خصائصه المعروفة.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:08

    علي 7 قسيم الله بين الجنة والنار
    قال القاضي عياض في الشفا : 1 / 294 :
    ( وأخبر النبي ) ... وما ينال أهل بيته وتقتيلهم وتشريدهم ، وقتل علي ، وأن أشقاها الذي يخضب هذه من هذه ، أي لحيته من رأسه ، وأنه قسيم النار ، يدخل أولياؤه الجنة ، وأعداءه النار ...
    وقال الكنجي الشافعي في كفاية الطالب / 72 :
    فإن قيل : هذا سندٌ ضعيف :
    قلت : قال محمد بن منصور الطوسي : كنا عند أحمد بن حنبل ، فقال له رجل :
    ما تقول في هذا الحديث الذي يروى أن علياً قال : أنا قسيم النار ؟
    فقال أحمد : وما تنكرون من هذا الحديث ؟! أليس روينا أن النبي ( ص ) قال لعلي : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ؟
    قلنا : بلى.
    قال : فأين المنافق ؟
    قلنا : في النار.
    قال : فعلي قسيم النار !!
    ونقل هذه الحكاية عن أحمد ، في إحقاق الحق : 17 / 209 ، عن مجمع الآداب للبخاري الفوطي : 3 ق / 1 / 594 ط. بغداد.
    ونقلها في : 30 / 402 ، عن مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة ، للصفوري / 167 ط. دار ابن كثير ، دمشق وبيروت ، تحقيق محمد خير المقداد ونقلها في : 4 / 259 ، عن طبقات الحنابلة لابي يعلى : 1 / 320 طبع القاهرة.
    وروى الحديث في صحيفة الإمام الرضا / 115 ، من عدة مصادر ، بعدة أسانيد ، عن الإمام الرضا 7 عن آبائه ، عن النبي 9قال : يا علي إنك قسيم النار والجنة ، وإنك تقرع باب الجنة فتدخلها بلا حساب.

    وقال في هامشه :
    أخرجه محب الدين الطبري في الرياض النضرة : 2 / 160 و211. وذخائر العقبى : 61.
    وابن المغازلي في المناقب : 7 6 ح 97 ، عنه ابن طاووس في الطرائف : 76 ح 100. وعنه البحار : 39 / 209 ح 31.
    وأخرجه القندوزي في ينابيع المودة : 84 من طريق ابن المغازلي ، عن ابن مسعود وفيه : وتدخلها أحباءك. وفي / 303 وص 257 عن علي.
    ورواه الخوارزمي في مناقبه : 209.
    والحمويني في فرائد السمطين : 1 / 142 ح 105
    وقال في إحقاق الحق : 7 / 172 :
    حديث حذيفة رواه القوم : منهم العلامة الآمر تسري في أرجح المطالب / 32 ط. لاهور ، روى من طريق الديلمي وابن المغازلي والقاضي عياض عن حذيفة قال : قال رسول الله عليه 9 : يا علي أنت قسيم النار والجنة ، وأنت تقرع باب الجنة وتدخلها أحباءك بغير حساب.
    وفي الصواعق المحرقة لابن حجر / 126
    عن علي الرضا أنه ( ص ) قال له : أنت قسيم الجنة والنار في يوم القيامة ، تقول النار : هذا لي وهذا لك ..
    وفي فردوس الأخبار : 3 / 90 ، عن حذيفة : علي قسيم النار.
    وفي بغية الطلب لابن العديم : 1 / 289
    قال الأعمش : وإنما يعني بقوله أنا قسيم النار : من من كان معي فهو على الحق.
    ورواه في إحقاق الحق : 20 / 251 ، عن مخطوطة كتاب ( آل محمد ) لحسام الدين المردي الحنفي ص 32 ، عن أبي سعيد الخدري.
    وأورد في إحقاق الحق : 4 / 259 ، و30 / 402 ، أسماء عدد من المؤلفين السنيين الذين رووا الحديث أو ذكروه في مؤلفاتهم ، منهم :

    منهم أحمد بن أبي عبيد العبدي الهروي في كتابه الغريبين / 307 في مادة القاف مع السين ، مخطوط.
    وابن المغازلي في كتابه مناقب أمير المؤمنين ـ مخطوط ، قال : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي 7 : إنك قسيم الجنة والنار ، وأنت تقرع باب الجنة وتدخلها بغير حساب.
    والخوارزمي في المناقب / 234 ط. تبريز.
    وأبو يعلى الحنبلي في طبقات الحنابلة : 1 / 320 ط. القاهرة ، ذكر حكاية أحمد المتقدمة.
    وابن الأثير في نهاية اللغة : 3 / 284 ، قال : في حديث علي : أنا قسيم النار.
    والحمويني في فرائد السمطين ، قال :
    أخبرنا الشيخ شرف الدين أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عساكر سماعاً عليه قال : أخبرتنا زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمان الشعري الجرجاني إجازة ، أنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ، نبأ أبي أحمد بن عامر بن سليمان ، نبأ أبوالحسن علي بن موسى الرضا ، حدثني أبي موسى بن جعفر بن محمد ، حدثني أبي علي بن أبي طالب قال : قال النبي ( ص ) : يا علي إنك قسيم النار ، وإنك تقرع باب الجنة فتدخلها بغير حساب.
    وقال : أنبأني أبو الفضل بن أبي العباس مودود بن محمود عبد الله بن محمود الحنفي ; قال أنا أبو جعفر عمر بن محمد بن معمر بن طرزة الدارمي قال : أنا أبو القاسم بن أبي عبد الرحمان بن أبي نصر المستملي الشحامي إجازة قال : أنبأ أبو بكر بن الحسين الحافظ قال : أنا أبو الحسين بن الفضل القطامى قال : أنا عبد الله بن جعفر قال : ثنا يعقوب : قال حدثنى يحيى بن عبد الحميد قال : ثنا علي بن معمر عن موسى بن طريف ، عن عبايه ، عن علي قال : أنا قسيم النار ، إذا كان يوم القيامة قلت هذا لك وهذا لي.

    وابن كثير في البداية والنهاية / 355 : 7 ط. مصر ، قال : لفظ عبد الله بن أحمد يعقوب بن سفيان : ثنا يحيى بن عبدالحميد ، ثنا علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن موسى بن طريف ، عن عباية ، عن علي قال : أنا قسيم النار ، إذا كان يوم القيامة ، قلت هذا لك ، وهذا لي.
    والعسقلاني في لسان الميزان : 3 / 247 و248 ط. حيدر آباد الدكن ، و6 / 113
    والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال ( المطبوع بهامش المسند : 5 / 52 ط القديم بمصر ) قال : عن علي قال : أنا قسيم النار.
    والصديقي في مجمع بحار الأنوار ( : 3 / 144 ط نول كشور ) قال : وفي الحديث : علي قسيم النار.
    والكشفي الترمذي في المناقب المرتضوية / 91 ط. بمبئى ، عن سنن الدارقطني والصواعق المحرقة لابن حجر المكي.
    والمناوي في كنوز الحقايق / 98 ، ط. بولاق بمصر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي قسيم النار.
    والبدخشي في مفتاح النجا / 46 مخطوط ، قال : وأخرج الدارقطني عن علي كرم الله وجهه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي أنت قسيم النار يوم القيامة.
    والزبيدي في تاج العروس : 2 / 25 ط. القاهرة ، ذكر قول علي رضي الله عنه : أنا قسيم النار.
    والقندوزي في ينابيع المودة / 84 ط اسلامبول ، قال :
    وفي جواهر العقدين : قد أخرج الدارقطني ، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة الكناني أن علياً قال حديثاً طويلاً في الشورى ، وفيه أنه قال لأهل الشورى : فأنشدكم بالله هل فيكم أحدٌ قال له رسول الله 9 : أنت قسيم النار والجنة غيري ؟ قالوا : اللهم لا.
    وفي ص 85 :
    وفي المناقب عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، وفيه ( يا علي لو أن رجلاً أحبك وأولادك في الله ، لحشره الله معك ومع أولادك. وأنتم معي في الدرجات العلى ،

    وأنت قسيم الجنة والنار ، تدخل محبيك الجنة ومبغضيك النار.
    والصفوري ، في مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة / 167 ط. دار ابن كثير ، دمشق وبيروت.
    والعدوي الحمراوي في مشارق الأنوار / 122 ط. مصر ، عن جواهر العقدين أن المأمون قال لعلي الرضا ... انتهى.
    وقال في هامش مناقب أمير المؤمنين 7 : 2 / 527
    وروى ابن قتيبة في آخر غريب كلام أمير المؤمنين 7 من كتاب غريب الحديث : 2/ 150 ، ط 1 ، قال : وقول علي : أنا قسيم النار ، يرويه عبد الله بن داود ، عن الأعمش ، عن موسى بن طريف.
    قال ابن قتيبة : أراد علي أن الناس فريقان : فريق معي فهم على هدى ، وفريق علي فهم على ضلال كالخوارج فأنا قسيم النار. معناه نصف الناس في الجنة معي ، ونصف في النار.
    وقسيم : في معنى مقاسم مثل جليس وأكيل وشريب.
    وليلاحظ مادة قسم من الغريبين والنهاية والفائق ولسان العرب.
    وروى المرشد بالله يحيى بن الحسن الشجري في فضائل علي 7 كما في ترتيب أماليه / 134 ، ط. مصر ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد الواعظ المقريء المعروف بابن العلاء بقراءتي عليه قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن ميثم قال : أخبرنا أبو أحمد القاسم بن جعفر بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال : حدثنا أبي جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عبدالله ، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه : الحسين بن علي 8 قال : قال لي أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 : أنا قسيم النار. فقال عمار بن ياسر : إنما عنى بذلك أن كل من معي فهو على الحق ، وكل من مع معاوية على الباطل ضالاً مضلاً ...

    ثم قال المرشد بالله يحيى بن الحسين الشجري : أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي المقريء ابن الكوفي بقراءتي عليه قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن ابراهيم بن أحمد الكناني المقريء قال : حدثنا أبوالحسين عمر بن الحسن القاضي الأشناني قال : حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال : حدثني محمد بن منصور الطوسي قال : كنا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل : يا أبا عبدالله ما تقول في هذا الحديث الذي يروى أن علياً 7 قال : أنا قسيم النار ؟
    فقال أحمد : وما تنكر من ذا ؟! أليس روينا أن النبي 9قال لعلي 7 : لا يحبك إلا مؤمن ولا ببغضك إلا منافق ؟! ... وانظر الحكاية 7 و9 من خاتمة أربعين منتجب الدين. وهذا رواه أيضاً ابن القاضي أبي يعلى الحنفي في كتاب طبقات الحنابلة : 1 / 320. وقريباً منه رواه أيضاً ابن عساكر في الحديث : 775 من ترجمة علي من تاريخ دمشق : 2 / 253 ط 2 ، وفيما قبله وما بعده شواهد جمة للمقام.
    ونقل في إحقاق الحق : 20 / 251
    عن كتاب ( آل محمد ) لحسام الدين المردي الحنفي ص 32 ، والنسخة مصورة من مكتبة العلامة المحقق السيد الاشكوري ، قال :
    عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سألتم الله عز وجل فسألوه لي الوسيلة ، فسئل عنها فقال : درجة في الجنة ، وهي ألف مرقاة ما بين المرقاء الى المرقاة يسير الفرس الجواد شهراً ، مرقاة زبرجد الى مرقاة لؤلؤ ، الى مرقاة يلنجوج ، الى مرقاة نور ، وهكذا من أنواع الجواهر ، فهي في بين النبيين كالقمر بين الكواكب ، فينادي المنادي : هذه درجة محمد خاتم الأنبياء ، وأنا يومئذ متزي بريطة من نور على رأسي تاج الرسالة واكليل الكرامة ، وعلي بن أبي طالب أمامي وبيده لوائي وهو لواء الحمد مكتوب عليه لا الَه إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، وأولياء علي المفحلون الفائزون بالله.
    حتى أصعد أعلى منها وعلي أسفل مني بدرجة وبيده لوائي ، فلا يبقى يومئذ

    رسول ونبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن ، إلا رفعوا أعينهم ينظرون الينا ويقولون : طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله ، فينادي المنادي يسمع نداءه جميع الخلائق : هذا حبيب الله محمد ، وهذا ولي الله علي.
    فيأتي رضوان خازن الجنة فيقول : أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح الجنة فأدفعها اليك يا رسول الله ، فأقبلها أنا فأدفعها الى أخي علي.
    ثم يأتي مالك خازن النار فيقول : أمرني ربي أن آتيك بمقاليد النار فأدفعهما اليك يا رسول الله ، فأقبلها أنا فأدفعهما الى أخي علي.
    فيقف علي على غمرة جنهم ويأخذ زمامها بيده وقد علا زفيرها واشتد حرها ، فتنادي جهنم : يا علي ذرني فقد أطفأ نورك لهبي ، فيقول لها علي : ذري هذا وليي ، وخذي هذا عدوي ، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من رق أحدكم لصاحبه ، ولذلك كان علي قسم النار والجنة. انتهى.
    وقد قوى ابن أبي الحديد المعتزلي حديث قسيم الجنة والنار في شرح نهج البلاغة ج10 جزء 19 / 139 ، وفي : 5 جزء 9 / 165 : وقال ( وهو ما يطابق الأخبار ).
    وأخيراً : فإن مما يؤيد صحة حديث ( علي قسيم النار والجنة ) أن مخالفيه وضعوا حديثاً بأن أبا بكر قسيم الجنة والنار ، وقد شهد محبو أبي بكر بأنه موضوع ، فلا بد أن يكون الدافع لوضعه أن يقابلوا به حديثاً معروفاً يحتج به الشيعة..
    قال ابن حبان في المجروحين : 1 / 145 :
    أحمد بن الحسن بن القاسم شيخ كوفي : يضع الحديث على الثقات .. روى عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من تحت العرش : ألا هاتوا أصحاب محمد ( ص ) فيؤتى بأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ( رض ) قال فيقال لأبي بكر : قف على باب الجنة فأدخل من شئت برحمة الله ، وادرأ من شئت بعلم الله .. الخ.
    ثم قال ابن حبان : الحديث موضوع لا أصل له. انتهى.

    حديث : قسيم النار والجنة ، في مصادرنا
    التعبير الأصلي في مصادرنا عن هذه الصفة لعلي 7 أنه ( قسيم الله بين الجنة والنار ) ، وقد ورد هذا التعبير في الكافي 1 / 196 ، عن الإمام الصادق 7 ، قال :
    وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ما يقول : أنا قسيم الله بين الجنة والنار ، وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ... الخ.
    وفي الكافي : 1 / 98 :
    وقال أمير المؤمنين 7 : أنا قسيم الله بين الجنة والنار ، لا يدخلها داخلٌ إلا على حد قسمي ، وأنا الفاروق الأكبر ، وأنا الإمام لمن بعدي ، والمؤدي عمن كان قبلي ، لا يتقدمني أحدٌ إلا أحمد صلى الله عليه وآله. انتهى.
    ونحوه في علل الشرائع : 1 / 164 ، وفي بصائر الدرجات / 414
    وقد جعله الصدوق عنواناً في علل الشرائع : 1 / 161 ، فقال :
    قسيم الله بين الجنة والنار :
    حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا أبو العباس القطان قال : حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال : حدثنا عبد الله بن داهر قال : حدثنا أبي ، عن محمدبن سنان ، عن المفضل بن عمر قال :
    قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق : لم صار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قسيم الجنة والنار ؟
    قال : لأن حبه إيمان وبغضه كفر ، وإنما خلقت الجنة لأهل الايمان ، وخلقت النار لاهل الكفر ، فهو 7 قسيم الجنة والنار ، لهذه العلة فالجنة لا يدخلها إلا أهل محبته ، والنار لا يدخلها إلا أهل بغضه.
    قال المفضل : فقلت يابن رسول الله فالأنبياء والأوصياء : كانوا يحبونه وأعداؤهم كانوا يبغضونه ؟

    قال : نعم.
    قلت : فكيف ذلك ؟
    قال : أما علمت أن النبي 9قال يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، ما يرجع حتى يفتح الله على يديه ، فدفع الراية الى علي ففتح الله تعالى على يديه.
    قلت : بلى.
    قال : أما علمت أن رسول الله 9لما أتي بالطائر المشوي قال : اللهم إئتني بأحب خلقك اليك وإلي يأكل معي من هذاالطائر ، وعنى به علياً ؟
    قلت : بلى.
    قال : فهل يجوز أن لا يحب أنبياء الله ورسله وأوصياؤهم : رجلاً يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله.
    فقلت له : لا.
    قال : فهل يجوز أن يكون المؤمنون من أممهم لا يحبون حبيب الله وحبيب رسوله وأنبيائه : ؟
    قلت : لا.
    قال : فقد ثبت أن أعدائهم والمخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبتهم مبغضين.
    قلت : نعم.
    قال : فلا يدخل الجنة إلامن أحبه من الأولين والآخرين ، ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين ، فهو إذن قسيم الجنة والنار.
    قال المفضل بن عمر : فقلت له يابن رسول الله فرجت عني فرج الله عنك ، فزدني مما علمك الله.
    قال : سل يا مفضل.

    فقلت له : يا بن رسول الله فعلي بن أبي طالب 7 يدخل محبه الجنة ومبغضه النار ؟ أو رضوان ومالك ؟
    فقال : يا مفضل أما علمت أن الله تبارك وتعالى بعث رسول 9وهو روح الى الأنبياء : ، وهم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام ؟
    قال : أما علمت أنه دعاهم الى توحيد الله وطاعته واتباع أمره ، ووعدهم الجنة على ذلك ، وأوعد من خالف ما أجابوا اليه وأنكره النار ؟
    قلت : بلى.
    قال : أفليس النبي 9ضامناً لما وعد وأوعد عن ربه عز وجل ؟
    قلت : بلى.
    قال : أوليس علي بن أبي طالب خليفته وإمام أمته ؟
    قلت : بلى.
    قال : أو ليس رضوان ومالك من جملة الملائكة والمستغفرين لشيعته الناجين بمحبته؟
    قلت : بلى.
    قال : فعلي بن أبي طالب إذن قسيم الجنة والنار عن رسول الله 9 ، ورضوان ومالك صادران عن أمره ، بأمر الله تبارك وتعالى.
    يا مفضل خذ هذا ، فإنه من مخزون العلم ومكنونه ، لا تخرجه إلا الى أهله.
    وفي كفاية الأثر / 151 :
    أخبرنا القاضي المعافا بن زكريا ، قال حدثنا علي بن عتبة ، قال حدثني الحسين بن علوان ، عن أبي علي الخراساني ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن علي 7 قال قال رسول الله 9 :
    أنت الوصي على الأموات من أهل بيتي ، والخليفة على الأحياء من أمتي ، حربك حربي وسلمك سلمي ، أنت الإمام أبو الأئمة الأحد عشر من صلبك ، أئمة مطهرون

    معصومون ، ومنهم المهدي الذي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً ، فالويل لمبغضكم.
    يا على لو أن رجلاً أحب في الله حجراً لحشره الله معه ، وإن محبيك وشيعتك ومحبي أولادك الأئمة بعدك يحشرون معك ، وأنت معي في الدرجات العلى ، وأنت قسيم الجنة والنار ، تدخل محبيك الجنة ومبغضيك النار.
    وفي مناقب آل أبي طالب : 2 / 9 :
    قال الزمخشري في الفايق : معنى قول علي أنا قسيم النار ، أي مقاسمها ومساهمها يعني أن القوم على شطرين مهتدون وضالون ، فكأنه قاسم النار إياهم فشطر لها وشطر معه في الجنة.
    ولقد صنف محمد بن سعيد كتاب : من روى في علي أنه قسيم النار.
    وفي إحقاق الحق : 17 / 164 :
    عن العدوي الحمراوي في مشارق الأنوار / 122 ط. مصر ، عن جواهر العقدين أن المأمون قال لعلي الرضا : بأي وجه جدك علي بن أبي طالب قسيم الجنة والنار ؟
    فقال : يا أمير المؤمنين ألم ترو عن أبيك ، عن آبائه ، عن عبد الله بن عباس أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حب علي إيمان وبغضه كفر.
    فقال : بلى.
    قال الرضا : فقسمة الجنة والنار إذاً كان على حبه وبغضه.
    فقال المأمون : لا أبقاني بعدك يا أبا الحسين ، أشهد أنك وارث علم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : فلما رجع الرضا الى بيته قلت له : يا بن رسول الله ما أحسن ما أجبت به أمير المؤمنين.
    فقال : يا أبا الصلت ما أجبته إلا من حيث هو ، ولقد سمعت أبي يحدث عن أبيه ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت قسيم الجنة والنار ، فيوم القيامة ، تقول للنار هذا لي ، وهذا لك. انتهى.

    وراجع أيضاً : بصائر الدرجات / 414 ، والخصال / 96 ، والاحتجاج : 1 / 189 و406 ، وإعلام الورى / 187 ، ومناقب آل أبي طالب : 2 / 6 ، ومناقب أمير المؤمنين 7 : 2/462 ، والأربعين حديثاً للمنتجب الرازي / 87
    حديث قسيم الجنة والنار في الشعر
    في مناقب آل أبي طالب : 2 / 9 :
    قال السيد ( الحميري ) :
    ذاك قـسـيـم النار من قيله
    خذي عـدوي وذري ناصري

    ذاك عـلـي بـن أبي طالب
    صهر النبي المصطفى الطاهر

    وله أيضاً :
    علـي قسـيم النار من قيله ذري
    ذا وهـذا فاشـربي منه واطعمي

    خـذي بالشوى ممن يصيبك منهم
    ولا تقربي من كان حزبي فتظلمي

    وله أيضاً :
    قسـيم النار هذا لـك وذا
    لي ذريه إنه لي ذو وداد

    يقاسمها فينصفها فترضى
    مقاسمة المعادل غير عاد

    كما انتقد الدراهم صيرفي
    ينقي الزايفات من الجياد

    وقال العوني :
    يسوق الظالمين الـى جحيم
    فويلٌ لـلـظلوم الناصـبي

    يقول لها خـذي هـذا فهذا
    عدوي في البلاء على الشقي

    وخلي مـن يواليني فهـذا
    رفيقي في الجنان وذا وليي

    وقال غيره :
    وإنـي لأرجـو يـاإلَهي سلامةً
    بعفوك من نـار تلظى همـومها

    أبا حـسن لـو كان حبك مدخلي
    جهنم كان الفوز عنـدي جحيمها

    وكيف يخاف النار من هو موقنٌ
    بـأن أمـيـر المؤمنيـن قسيمها


    وقال الزاهي :
    يا سيدي يابن أبي طالب
    يا عصمة المعتف والجار

    لا تجعلن النار لي مسكناً
    يا قاسـم الجـنـة والنار

    وقال غيره :
    عـلـي حـبـه جنة
    قـسـيم النار والجنة

    وصي المصطفى حقاً
    إمـام الانـس والجنة

    وفي مناقب آل أبي طالب : 3 / 28 :
    وقال الناشيء :
    فـما لابن أبي طالب
    المفضـال مـن نـد

    هو الحامل في الحشر
    بكفيه لـوا الـحـمد

    قسـيم النـار والجنة
    بين الـنـد والضـد

    وفي ديوان دعبل الخزاعي / 126 :
    قـسـيم الجحيم فهذا له
    وهذا لها باعتدال القسيم

    يذود عن الحوض أعداءه
    فكم من لعين طريد وكم

    فمن ناكثين ومن قاسطين
    ومن مارقين ومن مجترم


    علي أول الواردين على النبي عند حوض الكوثر
    وردت أحاديث تنص على أن علياً 7 أول وارد على رسول الله على حوضه يوم القيامة ، وقد تعرض لها الأميني ; في الغدير : 3 / 220 ، وما بعدها ، ونكتفي بذكر نماذج منها ، قال :
    قال 9 : أولكم وارداً وروداً علي الحوض : أولكم إسلاماً ، علي بن أبي طالب. أخرجه الحاكم في المستدرك 3 / 136 ، وصححه ، والخطيب البغدادي في تاريخه : 2 / 81 ، ويوجد في الاستيعاب 2 / 457 ، وشرح ابن أبي الحديد 3 / 258 وفي لفظ : أول هذه الأمة وروداً على الحوض أولها إسلاماً علي بن أبي طالب 2 ـ السيرة الحلبية 1 ص 285 ـ سيرة زيني دحلان 1 / 188 ، هامش الحلبية.
    وفي لفظ : أول الناس وروداً على الحوض أولهم إسلاماً علي بن أبي طالب ـ مناقب الفقيه ابن المغازلي ، مناقب الخوارزمي. انتهى.
    وفي مناقب أمير المؤمنين 7 : 1 / 280 :
    محمد بن سليمان ، عن محمد بن منصور ، عن الحكم بن سليمان ، عن أبي زكريا السمسار ، عن محمد بن عبيد الله بن علي ، عن أبيه عن جده ، عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله 9يقول : أولكم وروداً علي الحوض أولكم إسلاماً علي بن أبي طالب. انتهى.
    ورواه في كنز العمال : 11 / 616 ، وقال عنه ( ك. ولم يصححه ، والخطيب ـ عن سليمان ). انتهى.
    وليس من عادة صاحب كنز العمال عندما ينقل حديثاً أن يقول ( رواه فلانٌ ولم يصححه ) ولكنهم يستعملون هذا التعبير للتبرؤ من تبني الحديث.
    وبذلك أراد صاحب كنز العمال أن يبعد عن نفسه تهمة التشيع ! لأن هذا الحديث يجعل علياً أول من أسلم وليس أبا بكر ! وأول من يرد المحشر والحوض ، وليس عمر !

    وفي مجمع الزوائد : 9 / 102 :
    وعن سلمان قال أول هذه الأمة وروداً على نبيها صلى الله عليه وسلم أولها اسلاماً علي بن أبي طالب رضي الله عنه. رواه الطبراني ورجاله ثقات.
    وعن ابن عباس قال : أول من أسلم علي رضي الله عنه. رواه الطبراني ، وفيه عثمان الجزري ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح.
    وفي كنز العمال : 11 / 601 :
    السبَّق ثلاثة : فالسابق الى موسى يوشع بن نون ، والسابق الى عيسى صاحب يس والسابق الى محمد علي بن أبي طالب ( طب ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ).
    الصديقون ثلاثة : حزقيل مؤمن آل فرعون ، وحبيب النجار صاحب آل يس ، وعلي بن أبي طالب. ( ابن النجار ، عن ابن عباس ).
    وفي مجمع الزوائد : 9 / 102 :
    عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السبَّق ثلاثة ، السابق الى موسى يوشع بن نون ، والسابق الى عيسى صاحب ياسين ، والسابق الى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    رواه الطبراني وفيه حسين بن حسن الأشقر ، وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور ، وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح.
    * *
    لا يعبر إنسان الصراط إلا بجواز من علي 7
    في تاريخ بغداد : 10 / 357 :
    عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن على الصراط لعقبة لا يجوزها أحدٌ إلا بجواز من علي بن أبي طالب.

    وفي تاريخ بغداد : 3 / 161 :
    وفي حديث ابن عباس قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله للنار جواز ؟
    قال : نعم.
    قلت : وما هو ؟
    قال : حب علي بن أبي طالب.
    وفي الصواعق المحرقة لابن حجر / 195 :
    عن أبي بكر بن أبي قحافة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز.
    عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة حب علي 7
    في تاريخ بغداد : 4 / 410 :
    عن أنس قال : والله الذي لا إلَه إلا هو لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب.
    وفي المعجم الكبير للطبراني : 11 / 83 :
    عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ) : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل ... وعن حبنا أهل البيت.
    وفي الفضائل / 114 :
    وروى أنس بن مالك قال سمعت أذناي أن رسول الله ( ص ) يقول في علي بن أبي طالب 7 : عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة حب علي.
    من هو المخاطب بقوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد
    قال الله تعالى :
    ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد. وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد. لقد كنت

    في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد. وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. مناع للخير معتد مريب. الذي جعل مع الله إلَهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد. قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد. قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد. ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد. ق 20 ـ 29
    والسؤال هنا : من هما المخاطبان بقوله تعالى ( ألقيا ) المأموران بإلقاء الكفارين العنيدين في جهنم ؟
    وقد أجاب أكثر المفسرين بأن المأمور بذلك هو القرين وهو واحدٌ ! لكن الأمر جاء بصيغة المثنى للتأكيد !!!
    قال الطبري في تفسيره : 27 / 103 : ( فأخرج الأمر للقرين وهو بلفظ واحد مخرج الاثنين ، وفي ذلك وجهان من التأويل : أحدهما أن يكون القرين بمعنى الاثنين ... والثاني أن يكون كما قال بعض أهل العربية وهو أن العرب تأمر الواحد والجماعة بما تأمر به الاثنين. انتهى.
    وقال الرازي في تفسيره : 27 / 165 :
    ثم يقال للسائق أو للشهيد : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. فيكون هو أمراً لواحد ، وفيه وجهان : أحدهما أنه ثنى تكرار الأمر كما يقال ألق ألق ، وثانيهما عادة العرب ذلك. انتهى.
    وذكر شبيهاً به بعض مفسرينا ، كما في التبيان : 9 / 366 ، وإملاء مامن به الرحمن : 2 / 242
    ولكن لا يمكن قبول هذا الرأي :
    أولاً ، لأنه يخالف مصداقية النص القرآني الدقيقة دائماً ، خاصة أنه تعالى كرر التثنية.

    فقال ( فألقياه في العذاب الشديد ). فما ذكره الطبري والرازي وغيرهما ، مضافاً الى تهافته ، لا يمكن قبوله.
    وثانياً : أن الظاهر من الآيات أن القرين ملقى في جهنم أيضاً ، وأن تخاصمه مع صاحبه داخل جهنم ، فكيف يكون مقرباً عند الله تعالى ، ومأموراً بإلقاء الكفارين فيها ؟!
    فلم يبق وجه للتثنية إلا أن يكون المخاطبان هما السائق والشهيد.
    ولكن يرد عليه : أن الالقاء في النار عملٌ آخر غير السوق للمحشر والشهادة في الحساب. وأن المشهد في الآيات لشخصين : شخص كفار عنيد مناع للخير ، وقرينه قرين السوء .. الخ. وهي تتناسب مع أمر اثنين بإلقائهما في جهنم !
    وهذا يقوي ما ورد في مصادرنا وبعض المصادر السنية من أن المأمورين في الآية هما محمد 9وعلي 7.
    وقال في هامش مناقب أمير المؤمنين ( ع ) : 2 / 527 :
    في مناقب علي المطبوع في خاتمة مناقب ابن المغازلي / 427 ط 1 ، قال : حدثنا أبو الأغر أحمد بن جعفر الملطي قدم علينا في سنة سبع وعشرين وثلاث مائة قال : حدثنا محمد بن الليث الجوهري قال : حدثنا محمد بن الطفيل قال : حدثنا شريك بن عبدالله قال : كنت عند الأعمش وهو عليل فدخل عليه أبو حنيفة وابن شبرمة وابن أبي ليلى فقالوا : يا أبا محمد إنك في آخر أيام الدنيا وأول أيام الآخرة ، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث فتب الى الله منها !!
    فقال الأعمش : أسندوني أسندوني. فأسند فقال :
    حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله 9 : إذا كان يوم القيامة قال الله تبارك وتعالى لي ولعلي : ألقيا في النار من أبغضكما ، وأدخلا في الجنة من أحبكما ، فذلك قوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
    فقال أبو حنيفة للقوم : قوموا لا يجيء بشيء أشد من هذا.

    ورواه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية (23) من سورة ( ق ) من شواهد التنزيل بسنده عن الكلابي ، وبسند آخر ، ثم قال : ورواه أيضاً الحماني عن شريك : حدثنيه أبو الحسن المصباحي ، حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن واصل ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا يعقوب بن إسحاق من ولد عباد بن العوام ، حدثنا يحيى بن عبدالحميد ، عن شريك ، عن الأعمش قال : حدثنا أبو المتوكل الناجي : عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله 9 : إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لمحمد وعلي : أدخلا الجنة من أحبكما ، وأدخلا النار من أبغضكما ، فيجلس علي على شفير جهنم فيقول لها : هذا لي وهذا لك ! وهو قوله : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. ثم رواه بأسانيد أخر...
    ورواه أيضاً الطوسي في الحديث : 9 ـ 11 من أماليه : 1 / 296 ط 3 ، قال : قال أبو محمد الفحام : حدثني أبو الطيب محمد بن الفرحان الدوري قال : حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع ، عن أبيه عن الأعمش : عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله 9يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا الجنة من أحبكما وأدخلا النار من أبغضكما. وذلك قوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
    وقريباً منه رواه بسند آخر في الحديث (32) من المجلس 13 ، من : 1 / 378 ورواه أيضاً بسنده عن أبي المفضل الشيباني في الحديث : (7) من المجلس : (12) من أماليه : 2 / 639 ط. بيروت ، قال : قال أبوالمفضل : حدثنا ابراهيم بن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة قال : حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب قال : حدثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم لشريك ، قال : حدثني شريك بن عبد الله القاضي قال : حضرت الأعمش في علتة التي قبض فيها ، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبوحنيفة فسألوه عن حاله فذكر ضعفاً شديداً ، وذكر ما يتخوف من خطيئاته وأدركته ذمة فبكى.

    فأقبل عليه أبو حنيفة فقال : يا أبا محمد اتق الله وانظر لنفسك ، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة ، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو رجعت عنها كان خيرا لك.
    قال الأعمش : مثل ماذا يا نعمان ؟
    قال : مثل حديث عباية : أنا قسيم النار !
    قال : أو لمثلي تقول هذا يا يهودي ؟!
    أقعدوني سندوني أقعدوني ! حدثني ـ والذي مصيري اليه ـ موسى بن طريف ولم أر أسدياً كان خيراً منه ، قال : سمعت عباية بن ربعي إمام الحي قال : سمعت علياً أمير المؤمنين 7 يقول : أنا قسيم النار ، أقول هذا وليي دعيه وهذا عدوي خذيه.
    وحدثني أبو المتوكل الناجي علي بن داوود ـ أو دواد ـ البصري الموثوق بالاتفاق من رجال الصحاح الست ـ في إمرة الحجاج ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله 9 : إذا كان يوم القيامة يأمر الله عز وجل فأقعد أنا وعلي على الصراط ، ويقال لنا : أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما ، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما.
    ثم قال أبو سعيد : قال رسول الله 9 : ما آمن بالله من لم يؤمن بي ، ولم يؤمن بي من لم يتول ـ أو قال : لم يحب ـ علياً ، وتلا : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
    قال : فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال : قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمد بأطم من هذا.
    قال الحسن بن سعيد : قال لي شريك بن عبدا الله : فما أمسى يعني الأعمش حتى فارق الدنيا ;.
    وقريباً منه رواه أيضاً الشيخ السديد السعيد المفيد أبوسعيد محمد بن أحمد بن الحسين الخزاعي جد الشيخ أبي الفتوح الرازي في الحديث (14) من أربعينه قال :
    وعن محمد بن تميم الواسطي ، عن الحماني عن شريك قال : كنت عند سليمان الأعمش في مرضه ...

    ورواه أيضاً في الحديث العاشر منه بسند آخر وزيادة ، ومثله رواه ابن المغازلي في الحديث (97) من مناقب علي / 67. انتهى.
    وروى فرات هذا المعنى في تفسيره بعدة طرق ، قال في / 439 :
    حدثني علي بن محمد الزهري معنعناً عن صباح المزني قال :
    كنا نأتي الحسن بن صالح وكان يقرأ القرآن ، فإذا فرغ من القرآن سأله أصحاب المسائل حتى إذا فرغوا قام اليه شابٌ فقال له : قول الله تعالى في كتابه :
    ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ؟
    فنكت نكتة في الأرض طويلاً ، ثم قال : عن العنيد تسألني ؟
    قال : لا ، أسألك عن ( ألقيا ).
    قال : فمكث الحسن ساعة ينكت في الأرض ثم قال : إذا كان يوم القيامة يقوم رسول الله 9وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 على شفير جهنم ، فلا يمر به أحدٌ من شيعته إلا قال : هذا لي ، وهذا لك.
    ورواه في تفسير القمي : 2 / 324 ، بسنده عن فرات.
    وفي تفسير فرات / 437 :
    عن جعفر عن أبيه عن آبائه : قال قال النبي 9 : إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة وعدني المقام المحمود وهو واف لي به ، إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر له ألف درجة ، لا كمراقيكم ، فأصعد حتى أعلو فوقه فيأتيني جبرئيل بلواء الحمد فيضعه في يدي ويقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، فأقول لعلي : إصعد ، فيكون أسفل مني بدرجة ، فأضع لواء الحمد في يده.
    ثم يأتي رضوان بمفاتيح الجنة فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، فيضعها في يدي فأضعها في حجر علي بن أبي طالب.
    ثم يأتي مالك خازن النار فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، هذه مفاتيح النار ، أدخل عدوك وعدو ذريتك وعدو أمتك النار ، فآخذها وأضعها في حجر علي بن أبي طالب.

    فالنار والجنة يومئذ أسمع لي ولعلي من العروس لزوجها ، فهو قول الله تبارك وتعالى في كتابه : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. ألق يا محمد ويا علي عدوكما في النار.
    ثم أقوم فأثني على الله ثناء لم يثن عليه أحد قبلي ، ثم أثني على الملائكة المقربين ، ثم أثني على الأنبياء والمرسلين ، ثم أثني على الأمم الصالحين ، ثم أجلس فيثني الله ويثني علي ملائكته ويثني علي أنبياءه ورسله ويثني على الأمم الصالحة.
    ثم ينادي مناد من بطنان العرش : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تمر بنت حبيب الله الى قصرها ، فتمر فاطمة بنتي عليها ريطتان خضراوان حولها سبعون ألف حوراء ، فإذا بلغت الى باب قصرها وجدت الحسن قائماً والحسين نائماً مقطوع الرأس فتقول للحسن : من هذا ؟ فيقول هذا أخي ، إن أمة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه ، فيأتيها النداء من عند الله : يا بنت حبيبي إني إنما أريتك ما فعلت به أمة أبيك لاني ادخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه ، إني جعلت لتعزيتك بمصيبتك فيه أني لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخلي الجنة أنت وذريتك وشيعتك ، ومن أولاكم معروفاً ممن ليس هو من شيعتك ، قبل أن أنظر في محاسبة العباد !
    فتدخل فاطمة ابنتي الجنة وذريتها وشيعتها ومن أولاها معروفاً ممن ليس هو من شيعتها ، فهو قول الله تعالى في كتابه : لا يحزنهم الفزع الأكبر ...
    وفي تفسير فرات الكوفي / 438 :
    عن جعفر بن محمد 8 قال : إذا كان يوم القيامة نصب منبر يعلو المنابر فيتطاول الخلائق لذلك المنبر ، إذ طلع رجل عليه حلتان خضراوان ، متزر بواحدة مترد بأخرى ، فيمر بالملائكة فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ، ثم يمر بالشهداء فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ، ويمر بالنبيين فيقولون هذا منا ، فيجوزهم حتى يصعد المنبر.
    ثم يجيَ رجل آخر عليه حلتان خضراوان متزر بواحدة مترد بأخرى فيمر

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:09

    بالشهداء فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ثم يمر بالنبيين فيقولون هذا منا ، فيجوزهم ويمر بالملائكة فيقولون هذا منا ، فيجوزهم حتى يصعد المنبر.
    ثم يغيبان ما شاء الله ، ثم يطلعان فيعرفان : محمد 9وعلي.
    وعن يسار النبي ملكٌ وعن يمينه ملكٌ ، فيقول الملك الذي عن يمينه : يا معشر الخلائق أنا رضوان خازن الجنان ، أمرني الله بطاعته ، وطاعة محمد ، وطاعة علي بن أبي طالب. وهو قول الله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ، يا محمد ويا علي.
    ويقول الملك الذي عن يساره : يا معشر الخلائق أنا خازن جهنم ، أمرني الله بطاعته ، وطاعة محمد ، وعلي !
    وفي تأويل الآيات لشرف الدين : 2 / 609 :
    تأويله : ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده ، عن رجاله ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبدالله 7 في قوله عز وجل : وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد.
    قال : السائق : أمير المؤمنين 7 ، والشهيد : رسول الله صلى الله عليه وآله.
    ويؤيد هذا التأويل : قوله تعالى لهما : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
    بيان ذلك ما ذكره أبو علي الطبرسي قال : روى أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن الأعمش قال : حدثنا أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله 9 : إذا كان يوم القيامة يقول الله لي ولعلي : ألقيا في النار من أبغضكما وأدخلا الجنة من أحبكما ، وذلك قوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
    وذكر الشيخ في أماليه ... الى آخر ما تقدم.
    ويؤيده : ما روي بحذف الاسناد عن محمد بن حمران قال : سألت أبا عبدالله 7 عن قوله عز وجل : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ؟ فقال :
    إذا كان يوم القيامة وقف محمد وعلي صلوات الله عليهما وآلهما على الصراط ، فلا يجوز عليه إلا من كان معه براءة.
    قلت : وما براءة ؟ قال : ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ولده :.

    وينادي مناد : يا محمد يا علي : القيا في جهنم كل كفار بنبوتك عنيد لعلي بن أبي طالب وولده :.
    وذكر في هامشه من مصادره :
    تفسير البرهان : 4 /222 ح 2 ، عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي.
    وشواهد التنزيل : 2 / 190 ح 896
    ومجمع البيان 9 / 147 ، وعنه البحار : 36 / 75
    ونور الثقلين : 5 / 113 ح 35
    عنه البرهان : 4 / 227 ح 4
    والبحار : 7 / 338 ح 26 و39 / 253 ح 23 و68 / 117 ح 43 ، عن أمالي الطوسي : 1 / 378. انتهى.
    وفي شواهد التنزيل للحسكاني : 2 / 265 :
    عن علي 7 في قوله تعالى ( ألقيا في جهنم ... ) قال قال لي رسول الله 9 : إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد ، كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش ، فيقول لي ولك : قوماً فألقيا من أبغضكما وخالفكما في النار.

    أحاديث في شفاعة فاطمة الزهراء 3
    في مسائل علي بن جعفر / 345 :
    أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال : حدثنا محمد بن سهل قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين قال : حدثني علي بن جعفر بن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن جده علي بن أبي طالب ، عن النبي 9قال :
    إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى تمر فاطمة بنت محمد ، فتكون أول من يكسى ، وتستقبلها من الفردوس إثنا عشر ألف حوراء ، وخمسون ألف ملك ، علي نجائب من الياقوت ، أجنحتها وأزمتها اللؤلؤ الرطب ، ركبها من زبرجد ، عليها رحل من الدر ، على كل رحل نمرقة من سندس حتى يجوزوا بها الصراط ، ويأتوا بها الفردوس ، فيتباشر بمجيئها أهل الجنان. فتجلس على كرسي من نور ويجلسون حولها ، وهي جنة الفردوس التي سقفها عرش الرحمان ، وفيها قصران ، قصر أبيض وقصر أصفر من لؤلؤة على عرق واحد ، في القصر الأبيض سبعون ألف دار ، مساكن محمد وآل محمد.
    وفي القصر الأصفر سبعون ألف دار ، مساكن ابراهيم وآل ابراهيم.
    ثم يبعث الله ملكاً لها لم يبعث لأحد قبلها ولا يبعث لأحد بعدها ، فيقول : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : سليني. فتقول : هو السلام ، ومنه السلام ، قد أتم علي نعمته ، وهنأني كرامته ، وأباحني جنته ، وفضلني على سائر خلقه ، أسأله ولدي وذريتي ، ومن ودهم بعدي وحفظهم في. فيوحي الله الى ذلك الملك من غير أن يزول من مكانه ، أخبرها أني قد شفعتها في ولدها وذريتها ومن ودهم فيها وحفظهم بعدها ، فتقول : الحمد لله الذي أذهب عني الحزن ، وأقر عيني ، فيقر الله بذلك عين محمد صلى الله عليه وآله.

    ورواه في تأويل الآيات : 2/ 179 ، عن الإمام الصادق 7 ، وقال في آخره : كان أبي إذا ذكر هذاالحديث تلا هذه الآية : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ، وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين.
    وفي علل الشرائع : 1 / 179 :
    حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ; قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفر 7 يقول : لفاطمة 3 وقفةٌ على باب جهنم ، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر ، فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه الى النار ، فتقرأ فاطمة بين عينيه محباً فتقول : إلهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ، ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد. فيقول الله عز وجل : صدقت يا فاطمة إني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ، ووعدي الحق ، وأنا لا أخلف الميعاد ، وإنما أمرت بعبدي هذا الى النار لتشفعي فيه فأشفعك ، وليتبين لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ، ومكانتك عندي ، فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فخذي بيده وأدخليه الجنة. انتهى.
    ورواه في البحار : 8 / 51
    وفي تفسير فرات / 116 :
    عن أبي عبد الله جعفر بن محمد 8 قال : قال جابر لأبي جعفر 7 : جعلت فداك يا بن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة 3 إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك.
    قال أبو جعفر : حدثني أبي ، عن جدي عن رسول الله 9قال : إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور ، فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة ، ثم يقول الله : يا محمد أخطب ، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها.

    ثم ينصب للأوصياء منابر من نور ، وينصب لوصيي علي بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور ، فيكون منبره أعلى منابرهم ، ثم يقول الله : يا علي أخطب ، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها.
    ثم ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور ، فيكون لابني وسبطي وريحانتي أيام حياتي منبران من نور ، ثم يقال لهما : أخطبا ، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلهما.
    ثم ينادي المنادي وهو جبرئيل 7 :
    أين فاطمة بنت محمد ؟
    أين خديجة بنت خويلد ؟
    أين مريم بنت عمران ؟
    أين آسية بنت مزاحم ؟
    أين أم كلثوم أم يحيى بن زكريا ؟
    فيقمن ، فيقول الله تبارك وتعالى : يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟
    فيقول محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة : لله الواحد القهار.
    فيقول الله جل جلاله : يا أهل الجمع إني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة.
    يا أهل الجمع طأطئوا الرؤوس وغضوا الأبصار ، فإن هذه فاطمة تسير الى الجنة.
    فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين ، خطامها من اللؤلؤ المحقق الرطب ، عليها رحلٌ من المرجان ، فتناخ بين يديها فتركبها فيبعث إليها مائة ألف ملك فيصيروا على يمينها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى يصيروها على باب الجنة ، فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت فيقول الله : يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك الى جنتي ؟
    فتقول : يا رب أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم. فيقول الله تعالى يا بنت

    حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبٌّ لك أو لأحد من ذريتك خذي فأدخليه الجنة.
    قال أبو جعفر : والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردي ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة ، يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا فإذا التفتوا يقول الله : يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟ فيقولون : يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم ، فيقول الله :
    يا أحبائي إرجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة ، أنظروا من أطعمكم لحب فاطمة ، أنظروا من كساكم لحب فاطمة ، أنظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة ، أنظروا من رد عنكم غيبة في حب فاطمة .. خذوا بيده وأدخلوه الجنة.
    قال أبو جعفر : والله لا يبقي في الناس إلا شاكٌّ أو كافرٌ أو منافق.
    فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم. فيقولون : فلو أن لناكرة فنكون من المؤمنين.
    قال أبو جعفر : هيهات هيهات ، منعوا ماطلبوا ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ).
    وفي مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان : 2 / 589 :
    حدثنا أبو أحمد قال : أخبرنا عبدالله بن عبد الصمد ، عن عبد الله بن سوار ، عن عباس بن خليفة ، عن سليمان الأعمش قال قال : بعث أبو جعفر أمير المؤمنين إلي فأتاني رسوله في جوف الليل فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي ، فقلت عسى أن يكون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي فلعلي إن صدقته صلبني.
    قال : فكتبت وصيتي ولبست كفني ودخلت عليه ، فإذا عنده عمرو بن عبيد فحمدت الله على ذلك ، فقال لي أبو جعفر يا سليمان أدن مني ، قال فدنوت منه

    فاشتم رائحة الحنوط ، فقال لي : والله يا سليمان لتصدقني أو لأصلبنك !
    قال قلت : حاجتك يا أمير المؤمنين.
    قال : ما لي أراك محنطاً ؟
    قال قلت : أتاني رسولك أن أجب ، فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي ، فقلت :
    عسى أن يكون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة يسألني عن فضائل علي ، فلعلي إن صدقته صلبني !!
    قال فاستوى جالساً وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فقال : يا سليمان أسألك بالله كم من حديث ترويه في فضائل علي ؟
    قلت : ألفي حديث أو يزيد.
    قال لي : والله لأحدثنك حديثين ينسيان كل حديث ترويه في فضل علي !
    قال : قلت حدثني.
    قال : نعم ، أيام كنت هارباً من بني مروان أدور البلاد وأتقرب الى الناس بحب علي وفضله وكانوا يطعموني ، حتى وردت بلاد الشام وأنا في كساء خلق ما علي غيره ، قال : فنودي للصلاة وسمعت الاقامة ، فدخلت المسجد وفي نفسي أن أكلم الناس ليطعموني ، فلما سلم الإمام إذا رجل عن يميني معه صبيان فقلت : من الصبيان من الشيخ؟
    قال : أنا جدهما وليس في هذه المدينة رجل يحب علياً غيري ، ولذلك سميت أحدهما حسناً والآخر حسيناً ، قال : فقمت اليه فقال : يا شيخ ما تشاء ؟
    قال قلت : هل لك في حديث أقر به عينك ؟
    قال : إن أقررت عيني أقررت عينك.
    قال قلت : حدثني أبي عن جدي قال : كنا مع رسول الله 9ذات يوم قعوداً إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي بكاء شديداً فقال لها النبي 9 : ما يبكيك ؟
    قالت : يا أبتاه خرج الحسن والحسين ولا أدري أين أقاما البارحة ؟

    فقال لها النبي 9 : يا فاطمة لا تبكي فو الله إن الذي خلقهما هو ألطف بهما منك ، ثم رفع طرفه الى السماء ، ثم قال : اللهم إن كانا أخذا براً أو ركبا بحراً فاحفظهما وسلمهما.
    فإذا بجبرئيل قد هبط على النبي 9فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول : إنك لا تحزن لهما ولا تغتم لهما ، فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة ، وأبواهما خير منهما ، وهما نائمان بحضيرة بني النجار ، قد وكل الله بهما ملكاً يحفظهما.
    فقام رسول الله 9فرحاً مع أصحابه حتى أتى حضيرة بني النجار ، فإذا الحسن معانق الحسين ، وإذا ذلك الملك الموكل بهما باسط أحد جناحيه تحتهما والآخر قد جللهما به ، فانكب عليهما النبي 9فقبلهما ، حتى انتبها من نومهما فحملهما النبي 9 ، وهو يقول : والله لأبينن فيكما كما بين فيكما الله.
    فقال له أبو بكر : يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنك.
    فقال النبي : يا أبا بكر نعم الحامل حاملهما ونعم المحمولان هما ، وأبوهما خيرٌ منهما.
    فقال عمر : يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنك.
    فقال : يا عمر نعم الحامل حاملهما ، ونعم الراكبان هما ، وأبوهما خيرٌ منهما.
    فأتى بهما النبي 9الى المسجد فقال : يا بلال هلم إلي الناس فنادى منادي رسول الله في المدينة ، فاجتمع الناس الى رسول الله ، فقام على قدميه فقال :
    يا معشر الناس ، ألا أدلكم على خير الناس جداً وجدة ؟
    قالوا : بلى يا رسول الله.
    قال : الحسن والحسين جدهما رسول الله ، وجدتهما خديجة ابنة خويلد سيدة نساء أهل الجنة.
    ثم قال : أيها الناس ، ألا أدلكم على خير الناس أباً وأماً ؟

    قالوا : بلى يا رسول الله.
    قال : عليكم بالحسن والحسين ، أبوهما شاب يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، وأمهما فاطمة ابنة رسول الله.
    يا معشر الناس ، ألا أدلكم على خير الناس عماً وعمة ؟
    قالوا : بلى يا رسول الله.
    قال : عليكم بالحسن والحسين ، عمهما جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة ، وعمتهما أم هانيء بنت أبي طالب.
    ثم قال : يا معشر الناس ، ألا أدلكم على خير الناس خالاً وخالة ؟
    قالوا : بلى يا رسول الله.
    قال : عليكم بالحسن والحسين ، فخالهما القاسم بن رسول الله ، وخالتهما زينب ابنة رسول الله.
    ثم قال : إن الحسن والحسين في الجنة ، وأباهما في الجنة ، وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، وخالهما في الجنة ، وخالتهما في الجنة.
    اللهم إنك تعلم أنه من يحبهما أنه معهما. اللهم إنك تعلم أنه من يبغضهما أنه في النار.
    فلما قلت ذلك للشيخ ، قال : من أنت يا فتى ؟
    قلت : من أهل الكوفة.
    قال : عربيٌّ أم مولى ؟
    قلت : عربي.
    قال : أنت تحدث بهذا الحديث ، وأنت في هذا الكساء ؟!
    قال : فكساني حلة وحملني على بغلته.
    قال : فبعتهما في ذلك الزمان بمائة دينار.
    ثم قال : يا فتى أقررت عيني ، والله لأرشدنك الى شاب يقر عينك.

    قال : قلت نعم أرشدني.
    قال : فقال نعم ههنا رجلان أحدهما إمام والآخر مؤذن ، فأما الإمام فهو يحب علياً منذ خرج من بطن أمه ، وأما الآخر فقد كان يبغض علياً وهو اليوم يحب علياً.
    قال : فأخذ بيدي وأتى بي باب الإمام ، فإذا شابٌ صبيح الوجه قد خرج علي فعرف الحلة وعرف البلغة وقال : والله يا أخي ما كساك فلان حلته ، ولا حملك على بغلته ، إلا أنك تحب الله ورسوله وتحب علياً ، فحدثني في علي.
    فقلت : نعم حدثني والدي عن أبيه عن جده قال :
    كنا مع رسول الله 9ذات يوم إذ أقبلت فاطمة وهي حاملة الحسن والحسين على كتفيها وهي تبكي بكاء شديداً ، فقال لها رسول الله 9 : يا فاطمة ما يبكيك ؟
    قالت : يا رسول الله عيرتني نساء قريش أن أباك زوجك معدماً لا مال له !
    فقال لها رسول الله : يا فاطمة لا تبكي ، فو الله ما زوجتك حتى زوجك الله وشهد على ذلك جبرئيل وإسرافيل. ثم اختار من أهل الدنيا فاختار من الخلق أباك فبعثه نبيا ، ثم اختار من أهل الدنيا فاختار من الخلق علياً فجعله وصياً.
    يا فاطمة لا تبكي ، فإني زوجتك أشجع الناس قلباً ، وأعلم الناس علماً ، وأسمح الناس كفاً ، وأقدم الناس إسلاماً.
    يا فاطمة لا تبكي ، ابناه سيدا شباب أهل الجنة ، كان اسمهما مكتوباً في التوراة شبراً وشبيراً ومشبراً.
    ( وفي مناقب الخوارزمي : ثم إن الله عز وجل أطلع الى أهل الأرض فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبياً ، ثم أطلع الى الأرض ثانية فاختار من الخلائق علياً ، فزوجك الله إياه واتخذته وصياً ، فعلي مني وأنا منه ، فعلي أشجع الناس قلباً وأعلم الناس علماً وأحلم الناس حلماً وأقدم الناس سلماً وأسمحهم كفاً وأحسنهم خلقاً.
    يا فاطمة ، إني آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدي ، ثم أدفعها الى علي ، فيكون آدم ومن ولده تحت لوائه.

    يا فاطمة ، إني مقيم غداً علياً على حوضي ، يسقي من عرف من أمتي ، والحسن والحسين ابناه سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين ، وقد سبق اسمهما في توراة موسى ، وكان اسمهما في التوراة شبراً وشبيراً ، سماهما الله الحسن والحسين لكرامة محمد على الله ولكرامتهما عليه )
    يا فاطمة ، ألا ترين أني إذا دعيت الى رب العالمين دعي علي معي ، وإذا شفعني الله في المقام المحمود شفع علي معي.
    يا فاطمة إذا كان يوم القيامة كسي أبوك حلتين ، وعلي حلتين ، وينادي المنادي في ذلك اليوم : يا محمد نعم الجد جدك ابراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي.
    يا فاطمة لا تبكي ، علي وشيعته غداً هم الفائزون في الجنة
    وقال في هامشه :
    1100 ـ والحديث رواه الخوارزمي في أول الفصل (19) من كتابه مناقب علي 7 بسند آخر عن الأعمش ، وبزيادات في متن الحديث.
    وقد رواه بعدة أسانيد ابن المغازلي الشافعي في الحديث (188) من كتابه مناقب علي 7 ص 143 ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج بن الازهر الصيرفي البغدادي ; قدم علينا واسطاً ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسبن سليمان ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبدالله العكبري ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب العبدي ، حدثنا عمر بن شبة بن عبيدة النميري قال : حدثني المدائني قال : وجه المنصور الى الأعمش يدعوه...
    قال : وحدثنا محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبدالله العكبري ، حدثنا عبدالله بن عتاب بن محمد ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش قال : أرسل الى المنصور ...
    وحدثنا محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله العكبري ، حدثنا

    عبد الله بن عتاب بن محمد العبدي ، حدثنا أحمد بن علي العمي ، حدثنا ابراهيم بن الحكم قال : حدثني سليمان بن سالم قال : حدثني الأعمش قال : بعث إلي أبو جعفر المنصور ..
    أقول : ورواه أيضاً شيخ الشيعة وصدوق الشريعة محمد بن علي بن الحسين بأسانيد أربعة في المجلس (67) من أماليه / 352 ، قال :
    وأخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي فيما كتب إلينا من إصبهان قال : حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ست وثمانين ومائتين قال : حدثنا الوليد بن الفضل العنزي قال : حدثنا مندل بن علي العنزي عن الأعمش.
    أقول : وهذا هو السند الثالث من أسانيد الشيخ الصدوق ، ومن أحب أن يطلع على جميع أسانيده ، ولفظ الحديث فليراجع الأمالي فإنه منشور كثير الوجود ، وإنما أخترنا هذا السند لأجل وقوع الحافظ الطبراني فيه وعلو مقامه في الحفظ غير خفي.
    ورواه أبو القاسم الطبري في بشارة المصطفى / 114
    والمحب الطبري ملخصاً في ذخائر العقبى / 130
    والحمويني في فرائد السمطين 2 / 90 ح 406
    والخزاعي أبو بكر في أربعينه ح 25
    ولاحظ البحار : 37 / 88.
    * *

    شفاعة علي والأئمة من ذريته :
    في كنز العمال : 13 / 156 :
    عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول خلق الله يكسى يوم القيامة أبي ابراهيم فيكسى ثوبين أبيضين ثم يقام عن يمين العرش ، ثم أدعى فأكسى ثوبين أخضرين ثم أقام عن يسار العرش ، ثم تدعى أنت يا علي فتكسى ثوبين أخضرين ثم تقام عن يميني ، أفما ترضى أن تدعى إذا دعيت وتكسى إذا كسيت وأن تشفع إذا شفعت. الدارقطني في العلل ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : تفرد به ميسرة بنحبيب النهدي والحكم بن ظهير عنه ، والحكم كذاب.
    قلت : الحكم روى له الترمذي ، وقال فيه البخاري : منكر الحديث ، وروى عنه القدماء سفيان الثوري ومالك ، وك فصحح له ، وقد تابع ميسرة عن المنهال عمران بن ميثم ، وهو الحديث الذي قبله. انتهى.
    ويلاحظ أن المتقي الهندي رد على ابن الجوزي ! ووثق الراويين اللذين تعلل بهما ابن الجوزي لتضعيف الحديث ، ثم ذكر له متابعا وبذلك يقول لابن الجوزي : إذا أصريت على تضعيفه فهو حسن أو صحيح بمتابعه !
    ويقصد بالحديث الذي قبله رقم 36481 ، وهو من مسند علي قال :
    قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ترضى يا علي إذا جمع الله الناس في صعيد واحد حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش ، فكان أول من يدعى ابراهيم فيكسى ثوبين أبيضين ثم يقوم عن يمين العرش ، ثم يفجر لي مثعب من الجنة الى حوضي ، وحوضي أعرض مما بين بصرى وصنعاء فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة ، فأشرب وأتوضأ وأكسى ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، ثم تدعى فتشرب وتتوضأ وتكسى ثوبين أبيضين ، فتقوم معي ، ولا أدعى لخير إلا دعيت اليه ؟ قلت : بلى.
    ( ابن شاهين في السنة ، طس وأبو نعيم في فضائل الصحابة ، أبو الحسن

    الميثمي : هذا حديث لا يصح وآفته عمران بن ميثم ، وقال عق : عمران بن ميثم من كبار الرافضة يروي أحاديث سوء كذب ) انتهى.
    ويدل جعل المتقي الهندي لهذا الحديث متابعا ومؤيدا للحديث السابق ، يدل على أنه لم يتأثر بما قالوه عن عمران بن ميثم ، أو أن المؤيد عنده يتسع ليشمل محتمل الصحة بمطلق الاحتمال.
    وفي شرح الأخبار : 2 / 201 ، من حديث عن ابن عباس مع الشامي الناصبي :
    فقال لها رسول الله 9 : يا أم سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا أخي في الدنيا ، وقريني في الآخرة.
    يا أم سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا علي عيبة علمي ، والباب الذي أوتى من قبله ، والوصي على الأحياء من أهل بيتي ، وهو معي في السنام الأعلى ، صاحب لوائي ، والذائد عن حوضي ، وصاحب شفاعتي.
    يا أم سلمة ، إسمعي واحفظي واشهدي ، إن الله عز وجل دافع إلي يوم القيامة لواءين : لواء الحمد ولواء الشفاعة ، ولواء الشفاعة بيدي ، ولواء الحمد بيد علي ، وهو واقفٌ على حوضي ، لا يسقى من حوضي من شتمه أو شتم أهل بيته ، ولا من قتله ولا من قتل أهل بيته.
    فقال له الشامي : حسبك يابن عباس رحمك الله ، فرجت عني كربتي وأحييتني وأحييت معي خلقاً ، فأحياك الله الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة. أشهد الله وأشهدك ومن حضر أن علياً مولاي ومولى كل مسلم.
    ثم انصرف الى الشام فأعلم الذين أرسلوه بما كان من ابن عباس ، فرجع معه خلق من أهل الشام عن سب علي 7.
    وفي تفسير فرات الكوفي / 116 :
    عن جعفر بن محمد ، عن أبيه 8 قال : قال رسول الله 9 :
    يا علي ، إن فيك مثل من عيسى بن مريم قال الله تعالى : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا.

    يا علي ، إنه لا يموت رجل يفتري على عيسى حتى يؤمن به قبل موته ، ويقول فيه الحق حيث لا ينفعه ذلك شيئاً ، وإنك على مثله لايموت عدوك حتى يراك عند الموت فتكون عليه غيظاً وحزناً حتى يقر بالحق من أمرك ، ويقول فيك الحق ويقر بولايتك حيث لا ينفعه ذلك شيئاً ، وأما وليك فإنه يراك عند الموت ، فتكون له شفيعاً ومبشراً وقرة عين.
    وفي بشارة المصطفى / 125 :
    أخبرنا الشيخ الرئيس أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه في خانقانه بالري ، في شهر ربيع الأول سنة عشرة وخمسمائة ، وأخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمد وأبو عبد الله محمد بن شهريار الخازن ، بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال حدثنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد الطوسي; قال حدثنا الشيخ المفيد محمد بن محمد ، قال حدثني أبوبكر محمد بن عمر الجعابي ، قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال حدثنا أبو حاتم ، قال حدثنا محمد بن الفرات ، قال حدثنا حنان بن سدير ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر 7 قال : ما ثبت الله تعالى حب علي في قلب أحد فزلت له قدم إلا ثبت الله له قدما أخرى.
    أخبرنا والدي أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفقيه ; وعمار بن ياسر وولده أبو القاسم سعد بن عمار رحمهم الله جميعاً عن ابراهيم بن نصر الجرجاني ، عن السيد الزاهد محمد بن حمزة الحسيني رحمهم الله ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن بابويه رحمهم الله ، قال حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة ، قال حدثنا اسماعيل بن رزين بن أخي دعبل الخزاعي ، عن أبيه ، قال حدثني علي بن موسى الرضا ، قال حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، قال حدثني أبي الحسين بن علي قال : قال رسول الله 9 : يا علي ، أنت المظلوم بعدي فويلٌ لمن قاتلك ، وطوبى لمن قاتل معك.

    يا علي أنت الذي تنطق بكلامي ، وتتكلم بلساني بعدي ، فويلٌ لمن رد عليك وطوبى لمن قبل كلامك.
    يا علي ، أنت سيد هذه الأمة بعدي ، وأنت إمامها وخليفتي عليها ، ومن فارقك فارقني يوم القيامة ، ومن كان معك كان معي يوم القيامة.
    يا علي ، أنت أول من آمن بي وصدقني ، وأول من أعانني على أمري وجاهد معي عدوي وأنت أول من صلى معي والناس يومئذ في غفلة الجهالة.
    يا علي ، أنت أول من تنشق عنه الأرض معي ، وأنت أول من يبعث معي ، وأنت أول من يجوز الصراط معي ، وإن ربي جل جلاله أقسم بعزته لا يجوز عقبة الصراط إلا من كان له براءة بولايتك وولاية الأئمة من ولدك.
    وأنت أول من يرد حوضي ، تسقي منه أولياءك وتذود عنه أعداءك.
    وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود ، تشفع لمحبنا فيهم.
    وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي لواء الحمد ، وهو سبعون شقة الشقة منه أوسع من الشمس والقمر.
    وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة ، أصلها في دارك ، وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك.
    من أحاديثنا في شفاعة الأئمة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله
    في المحاسن 1 / 183 :
    عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله 7 عن قول الله تبارك وتعالى : لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا.
    قال : نحن والله المأذون لهم في ذلك اليوم ، والقائلون صواباً.
    قلت : جعلت فداك ، وما تقولون إذا تكلمتم ؟
    قال : نمجد ربنا ونصلي على نبينا ، ونشفع لشيعتنا ، فلا يردنا ربنا.

    وبإسناده قال : قلت لأبي عبد الله 7 : قوله : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم. من هم ؟
    قال : نحن أولئك الشافعون.
    وروى الأخير في تفسير العياشي : 1 / 136 ، وفي تفسير نور الثقلين : 1 / 258 ورواه في البحار : 8 / 41 ، عن المحاسن.
    وفي بحار الأنوار : 7 / 335 :
    جاء في روايات أصحابنا رضي الله عنهم مرفوعاً الى النبي 9أنه قال : إني أشفع يوم القيامة فأشفع ، ويشفع علي فيشفع ، ويشفع أهل بيتي فيشفعون ، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع في أربعين من إخوانه ، كل قد استوجبوا النار.
    * *
    وفي بصائر الدرجات / 496 :
    حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر 7 عن قول الله : وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلاً بسيماهم ؟ قال : أنزلت في هذه الأمة ، والرجال هم الأئمة من آل محمد.
    قلت : فالأعراف ؟
    قال : صراط بين الجنة والنار ، فمن شفع له الأئمة منا من المؤمنين المذنبين نجا ، ومن لم يشفعوا له هوى.
    وفي كفاية الأثر / 194 :
    حدثني علي بن الحسن ، قال حدثني هارون بن موسى ، قال حدثني أبوعبد الله الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني ، قال حدثنا أبوعمر أحمد بن علي الفيدي ، قال حدثنا سعد بن مسروق ، قال حدثنا عبد الكريم بن هلال المكي ، عن أبي الطفيل ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال سمعت فاطمة 3 تقول : سألت أبي 7 عن قول الله

    تبارك وتعالى : وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم ، قال : هم الأئمة بعدي علي وسبطاي وتسعة من صلب الحسين ، هم رجال الأعراف ، لا يدخل الجنة إلا من يعرفهم ويعرفونه ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وينكرونه ، لايعرف الله إلا بسبيل معرفتهم.
    وفي تأويل الآيات : 1 / 55 :
    وقوله تعالى : واتقوا يوما لاتجزى نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفعة ولا يؤخذ منها عدل ولاهم ينصرون.
    قال الإمام 7 : قال الله عز وجل : واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً :
    أي لا تدفع عنها عذابا قد استحقته عند النزع.
    ولا يقبل منها شفاعة : من يشفع لها بتأخير الموت عنها.
    ولا يؤخذ منها عدل : أي ولا يقبل منها فداء مكانه ، يموت الفداء ويترك هو.
    قال الصادق 7 : وهذا اليوم يوم الموت فإن الشفاعة والفداء لا تغني منه ، فأما يوم القيامة فإنا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء ، ليكونن على الأعراف بين الجنة والنار محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، والطيبون من آلهم ، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ، فمن كان منهم مقصراً في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظائرهم في العصر الذي يليهم ، ثم في كل عصر الى يوم القيامة .. فينقضون عليهم كالبزاة والصقور يتناولونهم ، كما تتناول الصقور صيودها ، ثم يزفون الى الجنة زفاً.
    وإنا لنبعث على آخرين من محبينا من خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات ، كما يلتقط الطير الحب ، وينقلونهم الى الجنان بحضرتنا. انتهى.
    وقد يسأل : كيف يكون أصحاب الأعراف هم النبي والأئمة 9 ، مع أنه تعالى قال عنهم ( لم يدخلوها وهم يطمعون ) !
    والجواب : أن ضمير ( لم يدخلوها ) لا يعود عليهم ، بل على أصحاب الحجاب

    الذين يعرفونهم بسيماهم ، فراجع الآيات 44 ، وما بعدها من سورة الأعراف ، وما ورد في تفسيرها.
    * *
    وفي تفسير فرات الكوفي / 116 :
    عن أبي جعفر 7 قال : نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ، وذلك حين باها الله بفضلنا وبفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون.
    قال : فلما رأى ذلك من ليس منهم قالوا فما لنا من شافعين ، ولا صديق حميم.
    وفي المحاسن : 1 / 184 :
    عن عمر بن عبد العزيز ، عن مفضل أو غيره ، عن أبي عبد الله 7 في قول الله : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ؟
    قال : الشافعون الأئمة ، والصديق من المؤمنين.
    ورواه في تفسير نور الثقلين : 4 / 61
    وفي الكافي : 8 / 101 :
    محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن عمر بن أبان ، عن عبد الحميد الوابشي ، عن أبي جعفر 7 قال : قلت له : إن لنا جاراً ينتهك المحارم كلها حتى إنه ليترك الصلاة فضلاً عن غيرها :
    فقال : سبحان الله !! وأعظم ذلك !
    ألا أخبركم بمن هو شرٌّ منه ؟
    قلت : بلى.
    قال : الناصب لنا شرٌ منه ، أما إنه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت فيرق لذكرنا إلا مسحت الملائكة ظهره وغفر له ذنوبه كلها إلا أن يجيء بذنب يخرجه من الايمان ، وإن الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب ، وإن المؤمن ليشفع لجاره وماله حسنة ، فيقول : يارب جاري كان يكف عني الأذى فيشفع فيه ، فيقول الله تبارك وتعالى :

    أنا ربك وأنا أحق من كافي عنك ، فيدخله الجنة وماله من حسنة !
    وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنساناً فعند ذلك يقول أهل النار : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
    وفي تفسير نور الثقلين : 4 / 60 :
    عن تفسير على بن ابراهيم : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد الله وأبي جعفر 8 أنهما قالا : والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم. فلو أن لناكرة فنكون من المؤمنين.
    قال : من المهتدين ، قال : لأن الايمان قد لزمهم بالاقرار.
    ورواه في بحار الأنوار : 8 / 36 ، وقال :
    بيان : أي ليس المراد بالايمان هنا الإسلام ، بل الاهتداء الى الأئمة : وولايتهم أو ليس المراد الايمان الظاهري.
    * *
    وفي المحاسن : 1 / 61 :
    عن ليث بن أبي سليمان ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحسن بن علي 8 ، قال : قال رسول الله 9 : الزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقى الله وهو يودنا أهل البيت دخل الجنة بشفاعتنا ، والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفة حقنا. انتهى.
    ورواه في شرح الأخبار 3 / 487 ، وقد تقدمت روايته عن الطبراني ومجمع الزوائد ، وأن ولايتهم : شرط لقبول الأعمال.
    وفي تأويل الآيات : 2 / 349 :
    وروي عن الصادق 7 في قوله ( إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ) قال 7 : إذا حشر الله الناس في صعيد واحد أجل الله أشياعنا أن يناقشهم في الحساب ، فنقول :

    إلهنا هؤلاء شيعتنا ، فيقول الله تعالى : قد جعلت أمرهم إليكم ، وقد شفعتكم فيهم وغفرت لمسيئهم ، أدخلوهم الجنة بغير حساب. انتهى.
    ولا بد أن يكون المقصود بهؤلاء : النوع المقبول من شيعتهم وأوليائهم :.
    وفي أمالي المفيد / 48 :
    قال ، أخبرني أبو حفص عمر بن محمد قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد قال : حدثنا عيسى بن مهران قال : حدثنا مخول قال : حدثنا الربيع بن المنذر ، عن أبيه قال : سمعت الحسن بن علي 8 يقول : إن أبا بكر وعمر عمدا الى هذا الأمر وهو لنا كله فأخذاه دوننا ، وجعلا لنا فيه سهماً كسهم الجدة ، أما والله لتهمنهما أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا.
    وفي بحار الأنوار : 8 / 36 :
    وعن الحسن عن رسول الله 9قال : يقول : الرجل من أهل الجنة يوم القيامة : أي رب عبدك فلانٌ سقاني شربة من ماء في الدنيا فشفعني فيه ، فيقول : إذهب فأخرجه من النار ، فيذهب فيتجسس في النار حتى يخرجه منها.
    علل الشرائع : أبي عن محمد العطار ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن مدين ، عن محمد بن عمار ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله 7 قال : شيعتنا من نور الله خلقوا واليه يعودون ، والله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة ، وإنا لنشفع فنشفع ، ووالله إنكم لتشفعون فتشفعون ، وما من رجل منكم إلا وسترفع له نارٌ عن شماله وجنةٌ عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة ، وأعداءه النار.
    وفي بصائر الدرجات / 62 :
    حدثنا عباد بن سليمان عن أبيه قال قال أبو عبد الله 7 : إن الله تبارك وتعالى انتجبنا لنفسه ، فجعلنا صفوته من خلقه ، وأمناؤه على وحيه ، وخزانه في أرضه ، وموضع سره ، وعيبة علمه ، ثم أعطانا الشفاعة ، فنحن أذنه السامعة ، وعينه الناظرة ولسانه الناطق بإذنه ، وأمناؤه على ما أنزل من عذر ونذر وحجة.

    نماذج من أحاديث شفاعة النبي وآله 9
    لزوار مشاهدهم المشرفة
    من الثابت في سيرة المؤمنين في كل الأديان ، من عهد أبينا آدم 7 الى ظهور الإسلام ، احترام قبور أنبيائهم وأوصيائهم وأوليائهم ، وتشييدها وزيارتها.
    بل إن ذلك سيرة عقلائية عند كل الأمم والشعوب ، فتراهم يحترمون قبور موتاهم ، خاصة المهمين العزيزين عندهم.
    وكان ذلك من عادات العرب أيضاً ، وكانت الاستجارة بالقبر العزيز على القبيلة وسيلة مهمة للعفو عمن استجار به أو تحقيق طلبه.
    ولكن في أيام وفاة النبي 9والاختلاف الذي وقع بين صحابته وأهل بيته على خلافته ، ادعى بعض الصحابة أنه 9أوصى أن لا يبنى على قبره ، ولا يصلى عند قبره ، ولا يجتمع المسلمون عند قبره .. الخ.
    وقد اهتمت دولة الخلافة بترويج هذه الأحاديث ، وتشددت في تنفيذها.
    ونحن نعتقد أنها أحاديث غير صحيحة ، وأن الدافع لوضعها كان خوف أهل الخلافة الجديدة من أن تستجير المعارضة خاصة أهل بيت النبي بقبره 9ويعلنوا مرابطتهم عنده ، ومطالبتهم بإرجاع الخلافة اليهم !!
    وغرضنا هنا أن نلفت الى أن تأكيد الأئمة من أهل البيت : على زيارة قبر النبي 9وقبورهم الشريفة ، كان استمراراً لسنة الله تعالى في الأنبياء والأوصياء السابقين ، كما كان رداً لمقولة السلطة التي عملت لتكريسها على أنها جزءٌ من الدين ! وفيما يلي نماذج من الأحاديث الشريفة ، اقتصرنا منها على ما تضمن شمول شفاعة النبي وأهل بيته الطاهرين 9لمن زار قبورهم الطاهرة.
    ففي علل الشرائع : 2 / 460 :
    حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد

    بن سليمان الديلمي ، عن ابراهيم بن أبي حجر الأسلمي ، عن أبي عبدالله 7 قال قال رسول الله 9 : من أتى مكة حاجاً ولم يزرني الى المدينة جفاني ، ومن جفاني جفوته يوم القيامة ، ومن جاءني زائراً وجبت له شفاعتي ، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة.
    قال مصنف هذا الكتاب : العلة في زيارة النبي 9أن من حج ولم يزره فقد جفاه ، وزيارة الأئمة تجري مجرى زيارته ، بما قد روي عن الصادق ، وذكرهم في هذا الباب.
    وفي الكافي : 4 / 567 :
    أبو علي الأشعري ، عن عبد الله بن موسى ، عن الحسن بن علي الوشاء قال : سمعت الرضا 7 يقول : إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته ، وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء : زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه ، كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة.
    ورواه في علل الشرائع : 2 / 459 ، وتهذيب الأحكام : 6/ 78 و93 ، والفقيه : 2 / 577 ، والمقنعة / 474
    الشفاعة لمن زار قبر أمير المؤمنين 7
    في تهذيب الأحكام : 6 / 107 :
    وعنه عن محمد بن علي بن الفضل قال : أخبرني الحسين بن محمد بن الفرزدق قال : حدثنا علي بن موسى بن الأحول قال : حدثنا محمد بن أبي السري إملاءً قال : حدثني عبد الله بن محمد البلوي قال : حدثنا عمارة بن زيد عن أبي عامر الساجي واعظ أهل الحجاز قال : أتيت أبا عبد الله جعفر بن محمد 7 فقلت له : يابن رسول الله ، ما لمن زار قبره ؟ يعني أمير المؤمنين ، وعمر تربته ؟
    قال : يا أبا عامر ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده الحسين بن علي ، عن علي ، أن النبي 9قال له : والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها.

    قلت : يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها ؟
    فقال لي : يا أبا الحسن ، إن الله جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة ، وعرصة من عرصاتها ، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده تحن اليكم ، وتحتمل المذلة والأذى فيكم ، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرباً منهم الى الله ، مودة منهم لرسوله. أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي والواردون حوضي ، وهم زواري غداً في الجنة.
    يا علي ، من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس.
    ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام ، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه ، فأبشر وبشر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عينٌ رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
    ولكن حثالةً من الناس يعيرون زوار قبوركم بزيارتكم ، كما تعير الزانية بزناها !
    أولئك شرار أمتي ، لا نالتهم شفاعتي ولا يردون حوضي.
    وفي علل الشرائع : 2 / 585 :
    حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ; قال : حدثنا علي بن ابراهيم عن عثمان بن عيسى عن أبي الجارود رفعه فيما يروى الى علي صلوات الله عليه قال : إن ابراهيم صلى الله عليه مر ببانقيا فكان يزلزل بها ، فبات بها فأصبح القوم ولم يزلزل بهم ، فقالوا ما هذا وليس حدث ؟!
    قالوا : نزل هاهنا شيخٌ ومعه غلامٌ له.
    قال فأتوه فقالوا له : يا هذا إنه كان يزلزل بنا كل ليلة ، ولم يزلزل بنا هذه الليلة فبت عندنا ، فبات فلم يزلزل بهم ، فقالوا : أقم عندنا ونحن نجري عليك ما أحببت.
    قال : لا ، ولكن تبيعوني هذاالظهر ، ولا يزلزل بكم.
    فقالوا : فهو لك.

    قال : لا آخذه إلا بالشراء ، فقالوا : فخذه ما شئت فاشتراه بسبع نعاج وأربعة أحمرة فلذلك سمي بانقيا ، لأن النعاج بالنبطية نقيا.
    قال : فقال له غلامه يا خليل الرحمن ما تصنع بهذا الظهر ليس فيه زرع ولا ضرع؟!
    فقال له : أسكت ، فإن الله تعالى يحشر من هذا الظهر سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ، يشفع الرجل منهم لكذا وكذا. انتهى.
    وبانقيا كما ذكره اللغويون هي أول العراق من جهة الحجاز ، وهي منطقة النجف وأبي صخير الفعلية ، وقد تشمل كربلاء.
    الشفاعة لمن زار قبر الإمام الحسين 7
    في الكافي : 4 / 582 :
    محمد بن يحيى ، وغيره ، عن محمد بن أحمد ، ومحمد بن الحسين جميعا ، عن موسى بن عمر ، عن غسان البصري ، عن معاوية بن وهب ، وعلي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن ابراهيم بن عقبة ، عن معاوية بن وهب قال : استأذنت على أبي عبد الله 7 فقيل لي : أدخل فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتى قضى صلاته ، فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : يا من خصنا بالكرامة وخصنا بالوصية ، ووعدنا الشفاعة ، وأعطانا علم ما مضى وما بقي ، وجعل أفئدة من الناس تهوي الينا ، اغفر لي ولاخواني ، ولزوار قبر أبي الحسين 7.
    وفي تهذيب الأحكام : 6 / 108 :
    أحمد بن محمد الكوفي قال : أخبرني المنذر بن محمد عن جعفر بن سليمان عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : كنت عند أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد 8 ، فدخل رجل من أهل طوس فقال : يا بن رسول الله ما لمن زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي 8 ؟ فقال له : يا طوسي من زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي 8 وهو يعلم أنه إمام من قبل الله عز وجل مفترض الطاعة على العباد ، غفر الله

    له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وقبل شفاعته في خمسين مذنباً ، ولم يسأل الله عز وجل حاجة عند قبره إلا قضاها له.
    قال : فدخل موسى بن جعفر وهو صبي فأجلسه على فخذه ، وأقبل يقبل ما بين عينيه ، ثم التفت الي وقال : يا طوسي إنه الإمام والخليفة والحجة بعدي ، سيخرج من صلبه رجلٌ يكون رضاً لله عز وجل في سمائه ولعباده في أرضه ، يقتل في أرضكم بالسم ظلماً وعدواناً ، ويدفن بها غريباً ، ألا فمن زاره في غربته وهو يعلم أنه امام بعد أبيه مفترض الطاعة من الله عز وجل ، كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله.
    الشفاعة لمن زار قبر الإمام الرضا 7
    في من لا يحضره الفقيه : 2 / 584 :
    وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا 8 ، أنه قال له رجلٌ من أهل خراسان : يا ابن رسول الله رأيت رسول الله 9في المنام كأنه يقول لي : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي ، واستحفظتم وديعتي ، وغيب في ثراكم نجمي ؟
    فقال له الرضا 7 : أنا المدفون في أرضكم ، أنا بضعة من نبيكم ، وأنا الوديعة والنجم ، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله عز وجل من حقي وطاعتي فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنا شفعاؤه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والانس ، ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه 7 أن رسول الله 9قال : من رآني في منامه فقد رآني ، لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ، ولا في صورة أحد من أوصيائي ، ولا في صورة واحد من شيعتهم ، وإن الرؤيا الصادقة جزءٌ من سبعين جزء من النبوة.
    وفي من لا يحضره الفقيه : 2 / 583 :
    وروى البزنطي عن الرضا 7 قال : ما زارني أحد من أوليائي عارفاً بحقي ، إلا شفعت فيه يوم القيامة. ورواه في سائل الشيعة : 10/ 434

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:11

    وفي تهذيب الأحكام : 6 / 108 :
    أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال : أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا أنه قال : إن بخراسان لبقعة يأتي عليها زمانٌ تصير مختلف الملائكة ، فلا يزال فوجٌ ينزل من السماء وفوجٌ يصعد الى أن ينفخ في الصور ، فقيل له : يا بن رسول الله ، وأية بقعة هذه ؟
    قال : هي أرض طوس ، وهي والله روضة من رياض الجنة. من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله 9 ، وكتب الله له ثواب ألف حجة مبرورة وألف عمرة مقبولة ، وكنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة.
    ورواه في من لايحضره الفقيه : 2 / 585 ، وفي سائل الشيعة : 10 / 445
    * *

    ختام في بعض قواعد الشفاعة وأحكامها
    نصيحة المسلم بأن لا يحتاج الى الشفاعة
    وردت أحاديث تنصح المسلم بأن يكون تقياً في سلوكه ، ويتوب الى ربه من سيآته في الدنيا ، حتى يكون من أهل الجنة ، ولا يحتاج الى شفاعة لغفران ذنوبه يوم القيامة.
    ففي نهج البلاغة : 4 / 87 :
    371 ـ وقال 7 : لاشرف أعلى من الإسلام ، ولا عز أعز من التقوى ، ولا معقل أحصن من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة.
    وفي من لا يحضره الفقيه : 3 / 574 :
    وقال الصادق 7 : شفاعتنا لاهل الكبائر من شيعتنا ، وأما التائبون فإن الله عز وجل يقول : ما على المحسنين من سبيل.
    النهي عن الاتكال على الشفاعة
    في الكافي : 8 / 405 :
    وإياكم ومعاصي الله أن تركبوها ، فإنه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الاساءة الى نفسه ، وليس بين الاحسان والاساءة منزلة ، فلأهل الاحسان عند ربهم الجنة ، ولأهل الاساءة عند ربهم النار ، فاعملوا بطاعة الله واجتنبوا معاصيه ، واعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئاً ، لا ملكٌ مقرب ولانبيٌّ مرسل ، ولا من دون ذلك ، فمن سره أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله ، فليطلب الى الله أن يرضى عنه.
    واعلموا أن أحداً من خلق الله لم يصب رضا الله إلا بطاعته ، وطاعة رسوله ، وطاعة ولاة أمره من آله ، ولم ينكر لهم فضلاً ، عظم ولا صغر.
    وفي الكافي : 6 / 400 :
    علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن العطار ، عن أبي بصير ،

    عن أبي عبد الله 7 قال : قال رسول الله 9 : لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته ، ولا يرد علي الحوض ، لا والله !
    لا ينال شفاعتي من شرب المسكر ، ولا يرد علي الحوض ، لا والله !
    أحمد بن محمد ، عن محمد بن اسماعيل ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي الحسن 7 قال : إنه لما احتضر أبي 7 قال لي : يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة ، ولا يرد علينا الحوض من أدمن هذه الأشربة.
    فقلت : يا أبَه ، وأي الأشربة ؟
    فقال : كل مسكر. ورواهما في تهذيب الاحكام : 9 / 106
    وفي علل الشرائع : 2 / 356 :
    أبي ; قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد وعبد الرحمان بن أبي نجران ، عن حماد بن عيسى الجهني ، عن حريز بن عبد الله السجستاني ، عن زرارة ، عن أبي جعفر 7 قال :
    لا تستخفن بالبول ولا تتهاون به ، ولا بصلاتك ، فإن رسول الله 9قال عند موته : ليس مني من استخف بصلاته ، لا يرد علي الحوض ، لا والله ، ليس مني من شرب مسكراً لا يرد علي الحوض ، لا والله. ورواه في المحاسن : 1 /79
    وفي الكافي : 5 / 469 :
    محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي شبل قال قلت لأبي عبدالله 7 : رجلٌ مسلم ابتلي ففجر بجارية أخيه فما توبته ؟
    قال : يأتيه فيخبره ويسأله أن يجعله من ذلك في حل ، ولا يعود.
    قال : قلت : فإن لم يجعله من ذلك في حل ؟
    قال : قد لقي الله عز وجل وهو زان خائن.

    قال : قلت : فالنار مصيره ؟
    قال : شفاعة محمد 9وشفاعتنا تحيط بذنوبكم يا معشر الشيعة ، فلا تعودون وتتكلون على شفاعتنا ، فوالله ما ينال شفاعتنا إذا ركب هذا حتى يصيبه ألم العذاب ويرى هول جهنم. ورواه في الفقيه : 4 / 39
    وفي الصحيفة السجادية : 1 /324 :
    وسألتك مسألة الحقير الذليل ، البائس الفقير ، الخائف المستجير ، ومع ذلك خيفةً وتضرعاً وتعوذاً وتلوذاً ، لا مستطيلاً بتكبر المتكبرين ، ولا متعالياً بدالة المطيعين ، ولا مستطيلاً بشفاعة الشافعين ، وأنا بعد أقل الأقلين وأذل الأذلين ، ومثل الذرة ...
    وفي مستدرك الوسائل : 11 / 174 :
    جامع الأخبار : عن أمير المؤمنين 7 أنه قال : المؤمن يكون صادقاً في الدنيا ، واعي القلب ، حافظ الحدود ، وعاء العلم ، كامل العقل ، مأوى الكرم ، سليم القلب ، ثابت الحلم ، عاطف اليقين ، باذل المال ، مفتوح الباب للاحسان ، لطيف اللسان ، كثير التبسم ، دائم الحزن ، كثير التفكر ، قليل النوم ، قليل الضحك ، طيب الطبع ، مميت الطمع ، قاتل الهوى ، زاهداً في الدنيا ، راغباً في الآخرة ، يحب الضيف ، ويكرم اليتيم ، ويلطف الصغير ، ويرفق الكبير ، ويعطي السائل ، ويعود المريض ، ويشيع الجنائز ، ويعرف حرمة القرآن ، ويناجي الرب ، ويبكي على الذنوب ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر ، أكله بالجوع ، وشربه بالعطش ، وحركته بالأدب ، وكلامه بالنصيحة ، وموعظته بالرفق ، ولا يخاف إلا الله ، ولا يرجو إلا إياه ، ولا يشغل إلا بالثناء والحمد ، ولايتهاون ، ولا يتكبر ، ولا يفتخر بمال الدنيا ، مشغولٌ بعيوب نفسه ، فارغٌ عن عيوب غيره ، الصلاة قرة عينه ، والصيام حرفته وهمته ، والصدق عادته ، والشكر مركبه ، والعقل قائده ، والتقوى زاده ، والدنيا حانوته ، والصبر منزله ، والليل والنهار رأس ماله ، والجنة مأواه ، والقرآن حديثه ، ومحمد 9شفيعه ، والله جل ذكره مؤنسه.

    أمل العاصين بشفاعة النبي وآله صلى الله عليه وآله
    في الصحيفة السجادية : 1 /350 :
    اللهم فصل على محمد وآل محمد ، ولا تخيب اليوم ذلك من رجائي ، ويا من لا يحفيه سائل ولا ينقصه نائل ، فاني لم آتك ثقة مني بعمل صالح قدمته ، ولا شفاعة مخلوق رجوته ، إلا شفاعة محمد وأهل بيته ، عليه وعليهم سلامك ...
    وفي الاعتقادات للصدوق / 47 :
    قال النبي 9 : لا يدخل رجل الجنة بعمله ، إلا برحمة الله عز وجل.
    وفي بحار الأنوار : 8 / 362 :
    العيون : فيما كتب الرضا 7 للمأمون من محض الإسلام : إن الله لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة ، ولا يخرج من النار كافراً وقد أوعده النار والخلود فيها ، ومذنبو أهل التوحيد يدخلون النار ويخرجون منها ، والشفاعة جائزةٌ لهم.
    وهو في عيون أخبار الرضا 7 : 268 ، وفي الخصال : 2 / 154
    وفي تأويل الآيات : 2 / 68 :
    الشيخ ; في أماليه ، عن أبي محمد الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه قال : دخل سماعة بن مهران على الصادق 7 فقال له : يا سماعة من شر الناس عند الناس ؟
    قال : نحن يابن رسول الله !
    قال : فغضب حتى احمرت وجنتاه ، ثم استوى جالساً وكان متكئاً ، فقال :
    يا سماعة من شر الناس عند الناس ؟
    فقلت : والله ما كذبتك يابن رسول الله ، نحن شر الناس عند الناس ، لأنهم سمونا كفاراً ورافضة.
    فنظر الي ثم قال : كيف بكم إذا سيق بكم الي الجنة ، وسيق بهم الى النار فينظرون اليكم فيقولون : ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار ؟

    يا سماعة بن مهران ، إنه من أساء منكم إساءة مشينا الى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنخلصه ، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال ، والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال ، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال ، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد ، فتنافسوا في الدرجات ، وأكمدوا أعداءكم بالورع. انتهى.
    ولا بد أن يكون مقصود الإمام الباقر 7 محبي أهل البيت المؤمنين المقبولين عند الله تعالى.
    وفي تأويل الآيات : 2 / 155 :
    وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي قدس الله روحه عن رجاله ، عن زيد بن يونس الشحام ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر 7 قال : قلت لأبي الحسن 7 : الرجل من مواليكم عاقٌ يشرب الخمر ، ويرتكب الموبق من الذنب نتبرأ منه ؟
    فقال : تبرؤوا من فعله ، ولا تتبرؤوا من خيره ، وابغضوا عمله.
    فقلت : يتسع لنا أن نقول : فاسقٌ فاجر ؟
    فقال : لا ، الفاسق الفاجر الكافر الجاحد لنا ولأوليائنا ، أبى الله أن يكون ولينا فاسقاً فاجراً وإن عمل ما عمل ، ولكنكم قولوا : فاسق العمل فاجر العمل مؤمن النفس ، خبيث الفعل طيب الروح والبدن.
    لا والله لا يخرج ولينا من الدنيا إلا والله ورسوله ونحن عنه راضون ، يحشره الله على ما فيه من الذنوب ، مبيضاً وجهه ، مستورة عورته ، آمنة روعته ، لا خوف عليه ولا حزن. وذلك أنه لا يخرج من الدنيا حتى يصفى من الذنوب ، إما بمصيبة في مال أو نفس أو ولد أو مرض ، وأدنى ما يصنع بولينا أن يريه الله رؤيا مهولة فيصبح حزيناً لما رآه ، فيكون ذلك كفارةً له. أو خوفاً يرد عليه من أهل دولة الباطل ، أو يشدد عليه عند الموت ، فيلقى الله عز وجل طاهراً من الذنوب ، آمنة روعتة بمحمد وأمير المؤمنين ، صلوات الله عليهما.
    ثم يكون أمامه أحد الأمرين : رحمة الله الواسعة التي هي أوسع من أهل الأرض جميعاً ، أو شفاعة محمد وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، إن أخطأته رحمة الله

    أدركته شفاعة نبيه وأمير المؤمنين ، فعندها تصيبه رحمة الله الواسعة ، وكان أحق بها وأهلها ، وله إحسانها وفضلها. انتهى.ورواه في أصل زيد الزراد / 51
    ولا بد أن يكون المقصود بوليهم المؤمن المقبول عند الله تعالى.
    وفي بحار الأنوار : 8 / 362 :
    تذييل : اعلم أن الذي يقتضيه الجمع بين الآيات والأخبار أن الكافر المنكر لضروري من ضروريات دين الإسلام مخلدٌ في النار ، لا يخفف عنه العذاب إلا المستضعف الناقص في عقله ، أو الذي لم يتم عليه الحجة ، ولم يقصر في الفحص والنظر ، فإنه يحتمل أن يكون من المرجون لأمر الله ، كما سيأتي تحقيقه في كتاب الايمان والكفر. وأما غير الشيعة الإمامية من المخالفين وسائر فرق الشيعة ممن لم ينكر شيئاً من ضروريات دين الإسلام فهم فرقتان :
    إحداهما ، المتعصبون المعاندون منهم ممن قد تمت عليهم الحجة فهم في النار خالدون.
    والأخرى ، المستضعفون منهم وهم الضعفاء العقول مثل النساء العاجزات والبله وأمثالهم ، ومن لم يتم عليه الحجة ممن يموت في زمان الفترة ، أو كان في موضع لم يأت اليه خبر الحجة ، فهم المرجون لأمر الله ، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ، فيرجى لهم النجاة من النار.
    وأما أصحاب الكبائر من الإمامية فلا خلاف بين الإمامية في أنهم لا يخلدون في النار ، وأما أنهم هل يدخلون النار أم لا ؟ فالأخبار مختلفة فيهم اختلافاً كثيراً.
    ومقتضى الجمع بينها أنه يحتمل دخولهم النار ، وأنهم غير داخلين في الأخبار التي وردت أن الشيعة والمؤمن لا يدخل النار ، لأنه قد ورد في أخبار أخر أن الشيعة من شايع علياً في أعماله ، وأن الايمان مركبٌ من القول والعمل.
    لكن الأخبار الكثيرة دلت على أن الشفاعة تلحقهم قبل دخول النار ، وفي هذا التبهيم حكم لا يخفى بعضها على أولي الأبصار.

    الأولى بشفاعة النبي وآله صلى الله عليه وآله
    في مستدرك الوسائل : 8 / 442 :
    وبهذا الاسناد : عن علي بن أبي طالب قال : قيل يا رسول الله ما أفضل حال أعطي للرجل ؟
    قال : الخلق الحسن ، إن أدناكم مني وأوجبكم عليّ شفاعة : أصدقكم حديثاً ، وأعظمكم أمانة ، وأحسنكم خلقاً ، وأقربكم من الناس.
    ورواه في ص 454 ، وفي 11 / 171
    وفي تفسير نور الثقلين : 1 / 77 :
    في كتاب الخصال عن أبي عبد الله 7 قال : ثلاثٌ من كن فيه استكمل خصال الايمان : من صبر على الظلم وكظم غيظه ، واحتسب وعفى وغفر ، كان ممن يدخله الله تعالى الجنة بغير حساب ، ويشفعه في مثل ربيعة ومضر.
    وفي المقنعة / 267 :
    وقال 9 : إني شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا : رجلٌ نصر ذريتي ، ورجلٌ بذل ماله لذريتي عند الضيق ، ورجلٌ أحب ذريتي بالقلب واللسان ، ورجلٌ سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا وشردوا.
    * *
    وفي فردوس الأخبار للديلمي : 8 / 107 ح 7327 :
    أنس بن مالك : وعدني ربي عز وجل في أهل بيتي : من أقر منهم بالتوحيد ولي بالبلاغ ، أن لا يعذبهم.
    وفي فردوس الأخبار : 1 / 54 ح 28 :
    عبد الله بن عمر : أول من أشفع له يوم القيامة من أمتي أهل بيتي ثم الأقرب فالأقرب ثم الأنصار. ثم من آمن بي واتبعني من اليمن ، ثم سائر العرب والأعاجم. ومن أشفع له أولاً أفضل.

    وفي الطبراني الكبير : 12 / 421 :
    عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول من أشفع له يوم القيامة أهل بيتي ، ثم الأقرب فالأقرب من قريش ، ثم الأنصار ثم من أمن بي واتبعني من اليمن ، ثم سائر العرب ، ثم الأعاجم ، وأول من أشفع له أولوا الفضل.
    ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد : 10 / 381
    وفي مجمع الزوائد : 10 / 380 :
    باب في أول من يشفع لهم : عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي ، ثم الأقرب فالأقرب من قريش والأنصار ، ثم آمن بي واتبعني من أهل اليمن ، ثم من سائر العرب ، ثم الأعاجم. وأول من أشفع له أولو الفضل. رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم.
    الدعاء للنبي 9باعطائه الشفاعة
    في الكافي : 3 / 187 :
    علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن رجل ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله 7 قال : تقول : أشهد أن لا الَه إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته ، وبيض وجهه ، وأكثر تبعه.
    وفي الصحيفة السجادية 1 / 291 :
    اللهم اجعل محمداً أول شافع وأول مشفع ، وأول قائل ، وأنجح سائل.
    اللهم صل على محمد وآل محمد سيد المرسلين وامام المتقين وأفضل العالمين وخير الناطقين ، وقائد الغر المحجلين ، ورسول رب العالمين.
    اللهم أحسن عنا جزاءه ، وعظم حباءه وأكرم مثواه وتقبل شفاعته في أمته وفي من سواهم من الأمم ، واجعلنا ممن تشفعه فيه ، واجعلنا برحمتك ممن يرد حوضه يوم القيامة.

    وفي تهذيب الأحكام : 6 / 100 :
    وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ، ولكم المودة الواجبة والدرجات الرفيعة ، والمكان المحمود والمقام المعلوم عند الله عز وجل ، والجاه العظيم ، والشأن الكبير والشفاعة المقبولة.
    ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك انت الوهاب سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.
    يا ولي الله إن بيني وبين الله عز وجل ذنوباً لا يأتي عليها إلا رضاكم ، فبحق من ائتمنكم على سره ، واسترعاكم أمر خلقه ، وقرن طاعتكم بطاعته ، لما استوهبتم ذنوبي ، وكنتم شفعائي ، فإني لكم مطيع.
    من أطاعكم فقد أطاع الله ، ومن عصاكم فقد عصى الله ، ومن أحبكم فقد أحب الله ، ومن أبغضكم فقد أبغض الله.
    اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب اليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي ، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك ، أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم ، وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم ، إنك أرحم الراحمين.
    الدعاء بطلب الشفاعة لوالديه وأقاربه
    في الصحيفة السجادية 1 / 347 :
    اللهم رب هذه الأمكنة الشريفة ، ورب كل حرم ومشعر عظمت قدره وشرفته ... واغفر لي ولوالدي ولمن ولدني من المسلمين ، وارحمهما كما ربياني صغيرا ، واجزهما عني خير الجزاء ، وعرفهما بدعائي لهما ما يقر أعينهما ، فإنهما قد سبقاني الى الغاية ، وخلفتني بعدهما ، فشفعني في نفسي وفيهما ، وفي جميع أسلافي من المؤمنين والمؤمنات ، في هذا اليوم يا أرحم الراحمين. انتهى.
    * *



    الباب الرابع
    مسائل الاستشفاع والتوسل والاستغاثة


    الفصل الأول
    مسائل حول التوسل
    المسألة الأولى : مفردات التوسل
    وقع خلط في مسائل هذا الباب ومعاني مفرداته ، فكان لا بد من تمييزها.
    وأهم المفردات المستعملة في التوسط بين الانسان وربه عز وجل ، هي :
    الدعاء ، النداء ، التوسل ، التذرع ، الاستشفاع ، الاستعانة ، الاستغاثة ، السؤال به ، التوجه به. ويتصل بها : التضرع ، والابتهال ، والتبرك ..
    وقد استعمل الإسلام كلمات : الشفاعة والتوسل والاستشفاع والتوجه الى الله تعالى ، بعمل ، أو شخص ، أو سؤاله بكرامته عليه ، أو حقه ، أو جاهه عنده .. الخ. بنفس معناها اللغوي ، وهو التوسط الى الله تعالى بعمل أو بشخص ، أو طلب التوسط من ذلك الشخص الى الله تعالى.
    ويتخيل بعضهم أن توسيط شخص الى شخص أو الى الله تعالى ، يتضمن إشراكه في مقام المتوسط اليه ، وهو خطأٌ لأن التوسيط يدل على أن للواسطة وجاهةً ما ، يؤمل بها أن يقبل المتوسط اليه شفاعته.


    فمعنى الشراكة في الألوهية معنى آخر لا يأتي من التوسيط ، بل قد يكون من عقيدة المتوسط ونيته ، وقد لا يكون أصلاً.
    وسوف تعرف بطلان دعوى ابن تيمية وأتباعه تحريم بعض أنواع التوسيط بحجة أنه يتضمن شركاً بالله تعالى ، وأن الشرك لا يأتي من التوسيط بل من خارجه.
    ويبدو أن أقوى معاني التوسيط : سؤال الله تعالى بشخص ، أو بعمل .. ويأتي بعده في المرتبة : التوسل والتوجه به الى الله تعالى.
    ففي روضة الواعظين للنيسابوري ص 327 ، أن أبا بصير سأل الإمام الصادق 7 : ما كان دعاء يوسف في الجب ، فإنا قد اختلفنا فيه ؟
    قال : إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة قال : اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي اليك صوتاً ، ولن تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب ، فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه ، فقد علمت رقته علي وشوقي اليه. قال : ثم بكى أبو عبد الله 7 ثم قال : وأنا أقول :
    اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لى اليك صوتا ولن تستجيب دعوة ، فإني أسألك بك فليس كمثلك شيء ، وأتوجه اليك بمحمد نبيك نبي الرحمة ، يا الله يا الله يا الله.
    قال ثم قال أبو عبد الله 7 : قولوا هذا وأكثروا منه ، كثيراً ما أقوله عند الكرب العظام. انتهى.
    ونلاحظ أن الإمام الصادق 7 أجرى تعديلاً على دعاء نبي الله يوسف 7 ، وجعل السؤال فجعله بالله تعالى وحده ، وجعل التوجه اليه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله.
    وهو يدل على أن سؤال الله تعالى بالشيء أعظم من التوجه اليه به.
    فالتوجه هو أن يقدم السائل شخصاً له وجهةٌ عند المسؤول.
    والسؤال به يشبه المطالبة بحق للمسؤول به على المسؤول.
    والاستشفاع قريبٌ من التوجه ، وهو توسيط من له حق الوساطة.

    ولا يبعد أن يكون التوسل أعم منها جميعاً ، لأنه توسيط من له وجهة عند المسؤول ، أو له حق عنده ، أو له حق شفاعة ووساطة..
    وقد يكون التوسل غير ناظر الى حق المسؤول به نهائياً بل ناظرٌ الى مسيس حاجة السائل المتوسل ، فيكون التوسل من هذه الناحية على نحو القضية المهملة.
    والذي أعتقده أن هذه التعبيرات الأربع ( التوجه بشخص أو شيء ، والتوسل به ، والاستشفاع به ، والسؤال به ) غير مترادفة ، ويتضح ذلك من استعمالات القرآن والنبي وآله لها ، وهم أفصح من نطق بالضاد ، وأعلم الناس بالله تعالى وأدب سؤاله. وأن ما نراه من ترادفها فهو بالنظرة الأولى.
    ويحتمل في بعضها أن المعصومين : أقروا ترادفها تخفيفاً على الأمة ، أو أن الراوي اشتبه في نقلها لترادفها في ذهنه.
    ويؤيد ذلك أن الإمام الصادق 7 قال ( وأنا أقول .. وفي رواية ولكني أقول ) وهو بذلك لم يخطيء يوسف 7 بسؤاله بأبيه يعقوب ، ولكنه ارتقى في أدب الدعاء فسأل الله تعالى به وحده ، مشيراً بذلك الى أن حق يعقوب وحق جميع الرسل والعباد إنما هو تفضل من الله تعالى وليس ذاتياً ، فالتوجه بمقام الجاه الذي أعطاهم الله أنسب.
    وفي هذا الموضوع بحوثٌ مفيدة لطيفة ، يحسن لمن أرادها أن يتأمل في نصوص أدعية الصحيفة السجادية ، ففيها أنواع المعرفة بالله تعالى ، وأدب سؤاله ودعائه ، وفيها خصائص الكلمات العربية ، التي ليس فيها مترادفٌ بالمعنى الدقيق !
    الدعاء والنداء :
    توسع العرب في مادة ( دَعَوَ ) واستعملوا مشتقاتها في معان كثيرة ، مثل نداء الشخص لأي غرض حتى مجازاً ، ودعائه الى طعام .. ومن ذلك الدعاء الى عبادة الله تعالى ، أو غيره ، كما قال تعالى ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك ) !

    قال الخليل في العين : 2 / 221 :
    وفلانٌ في مدعاة إذا دعي الى الطعام. وتقول دعا دعاء ، وفلان داعي قوم وداعية قوم : يدعو الى بيعتهم دعوة. والجميع : دعاة. انتهى.
    وقال الراغب في المفردات / 169 :
    الدعاء كالنداء ، إلا أن النداء قد يقال بيا أو أيا ونحو ذلك ، من غير أن يضم اليه الاسم ، والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم نحو يا فلان ... ودعوته إذا سألته وإذا استغثته ، قال تعالى ( قالوا ادع لنا ربك ) أي سله.
    وقال ( قل أرأيتم أن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل اياه تدعون ) تنبيها أنكم إذا أصابتكم شدة لم تفزعوا إلا اليه.
    وادعوه خوفاً وطمعا. وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين. وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيباً اليه. وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه.
    ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. انتهى.
    وفي الفروق اللغوية لأبي هلال / 534 :
    الفرق بين النداء والدعاء : أن النداء هو رفع الصوت بماله معنى ، والعربي يقول لصاحبه ناد معي ليكون ذلك أندى لصوتنا ، أي أبعد له.
    والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه ، يقال دعوته من بعيد ودعوت الله في نفسي ، ولا يقال ناديته في نفسي. انتهى.
    والنتيجة :
    أن النداء الذي هو أحد معاني الدعاء ، يشمل النداء لأي غرض كان ، ويشمل النداء الحقيقي والمجازي .. وعليه فلا يصح زعمهم أن قول القائل ( يا محمد يا علي يا فاطمة ) هو حرامٌ وشرك ، لأنه دعاء لغير الله تعالى وعبادة له !

    فإن ذلك يتبع عقيدة المنادي ونيته ، فإن كانت نيته عبادتهم والعياذ بالله ، فهو شرك أو كفر ! أما إذا كان غرضه التوسل بهم الى الله تعالى ، كما هو عقيدة الشيعة وعامة المتوسلين المستغيثين من المسلمين ، والمتبادر الى أذهان عوامهم فضلاً عن علمائهم ، فهو عبادةٌ لله تعالى وتوسلٌ اليه بالنبي وآله ، الذين شرع التوسل بهم ، صلوات الله عليهم.
    وسيأتي أن الاستعانة والاستغاثة كالتوسل والاستشفاع وبقية ألفاظ التوسيط ، معنىً وحكماً.
    المسألة الثانية : التوسل في الأديان السابقة
    هل كان مبدأ التوسل والاستشفاع الى الله تعالى بالأعمال والأشخاص موجوداً في الدين الالَهي قبل الإسلام ؟
    والجواب بالايجاب ، لأن قوله تعالى في آخر سورة نزلت من القرآن :
    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. المائدة ـ 35
    ليس دعوةً الى سنة جديدة ، بل الى سنته سبحانه في الأديان السابقة.
    ولذلك أبقى الوسيلة مطلقةً ولم يبينها ، لأنها معهودةٌ في أذهان المتدينين بأنها التوسل الى الله تعالى بالأعمال الصالحة وبرسله وأوصيائهم ، وبذلك تكون الآية إذناً للمسلمين بأن يتوسلوا اليه بأعمالهم وبنبيه وأوصيائه ، كما كانت السنة في الأديان السابقة.
    فإن قلت :
    مادام الإسلام جاء بمبدأ الواسطة بين الله وعباده ، وأمر به ، فلماذا كل هذا الإنكار في القرآن والحديث على المشركين الذين اتخذوا آلهتهم ومعبوديهم وسائط بينهم وبين الله تعالى ؟ وماذا يصير الفرق بينهم وبين المؤمنين ؟!

    والجواب :
    أن الفرق بين المؤمنين والمشركين في كل الأديان : أن المشركين جعلوا لله شركاء وشفعاء لم يأذن بهم ، فأشركوهم معه بأنواع من التشريك الذي زعموه.
    أما المؤمنون فوحدوا الله وأطاعوه ، وهو الذي أمرهم باتخاذ الوسيلة اليه والتوجه اليه بهم وتقديمهم بين يدي دعائهم وأعمالهم .. فالأنبياء والأوصياء وسيلةٌ مشروعةٌ وشفعاء بإذنه.
    وبذلك يكون الحد الفاصل بين الشرك والتوحيد في نوع الواسطة لا في أصلها : فالواسطة التي أذن بها الله الواحد الأحد سبحانه لا تنافي التوحيد بل تؤكده ..
    والواسطة التي لم يأذن بها شركٌ يخرج صاحبه عن التوحيد.
    والله تعالى يستحيل أن يأذن باتخاذ وسيلة اليه ممن يزعم أن له شراكة معه ! ولذا لا يدعي المتوسلون بالرسل والأوصياء : أن لهم شراكةً مع الله تعالى ولو بقدر ذرة! بل هم عبادٌ مكرمون ، شاء الله تعالى أن يجعلهم وسائط لعطائه.
    المسألة الثالثة : الفرق بين التوسل وأنواع الشرك
    تضمنت آيات القرآن الكريم كل المفاهيم اللازمة للناس ، في تحديد ما هو من الله تعالى في العبادة والاطاعة ، وما هو من دون الله.
    ويتضح من مجموعها أن سبب الكفر والشرك والضلال ، ثلاثةُ أمور :
    الأول : ادعاء الألوهية لأحد غير الله تعالى.
    والثاني : ادعاء الشراكة في الألوهية أو في التصرف في الخلق لأحد مع الله تعالى.
    والثالث : ادعاء حق الوسيلة والوساطة عند الله لأحد أو شيء لم يأذن به الله.
    أما التوسل الى الله بمن أذن بالتوسل به ، وبدون ادعاء شراكةٍ له مع الله تعالى .. فهو خارجٌ عن هذه الحالات المذمومة كلها ، ولا يدخل في شيء من الكفر والشرك والضلال ، بل هو إطاعة لله ، لأنه اتخاذُ وسيلةٍ بأمره ، وليس من دونه.

    فالميزان في المسألة هو : أن اتخاذ الوسيلة والشفعاء من دون الله تعالى شركٌ وكفر ، واتخاذهم من عنده بإذنه وأمره ، إيمانٌ وتقوى.
    وشتان بين الأمرين !! فهما وإن تشابها في الظاهر لكن الفرق بينهما هو المسافة بين الكفر والضلال ، والهدى والرشاد.
    وبذلك تعرف وهن ما تشبث به ابن تيمية وأتباعه فحكموا على أكثر المسلمين بالكفر بسببه !! واستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم !!
    ونورد فيما يلي فهرساً لمجموع آيات الشرك وشبهه في القرآن ، لتعرف منها أن التوسل الى الله بمن أذن بهم لا يدخل في شيء منها :
    1 ـ الذين هم من دون الله :
    *هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ؟ بل الظالمون في ضلال مبين. لقمان ـ 11
    * أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ! ومن يضلل الله فما له من هاد. الزمر ـ 36
    2 ـ الآلهة من دون الله :
    قال تعالى عن الأصنام المعبودة عند قوم عاد :
    * قالوا يا هود ما جئتنا ببينة ، وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين. إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ، قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون. من دونه فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون. إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. هود 53 ـ 56
    وقال تعقيباً على إهلاك حضارت عاد وثمود ومصر :
    * وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك ، وما زادوهم غير تتبيب. هود ـ 101

    وقال عن آلهة البابليين :
    * قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين. قالوا سمعنا فتىً يذكرهم يقال له ابراهيم. قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون. قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا ابراهيم. قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون. فرجعوا الى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون. ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم. أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون. قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم. الأنبياء 59 ـ 69
    وقال عن آلهة الرومان :
    * وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلَهاً لقد قلنا إذاً شططا. هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة ، لولا يأتون عليهم بسلطان بين ، فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا. وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيىء لكم من أمركم مرفقا. الكهف 14 ـ 16
    * وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى ، قال يا قوم اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون. وما لي لا أعبد الذي فطرني واليه ترجعون. أأتخذ من دونه آلهة أن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون. إني إذاً لفي ضلال مبين. يس 20 ـ 24
    وقال عن تأليه النصارى لعيسى ومريم :
    * وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمي الَهين من دون الله؟ قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ، إن كنت قلته فقد علمته ، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ، إنك أنت علام الغيوب ... المائدة 116 ـ 120

    وقال عن آلهة أمم مختلفة :
    * واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشورا. الفرقان ـ 3
    وقال عن ( الآلهة ) الذين رضوا بأن يعبدهم الناس :
    * واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصةٌ أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين. إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون. الأنبياء 96 ـ 99
    * لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا. ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل. الفرقان 16 ـ 17
    * هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون. احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون. من دون الله فاهدوهم الى صراط الجحيم. وقفوهم إنهم مسؤولون. ما لكم لا تناصرون. بل هم اليوم مستسلمون. وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين. قالوا بل لم تكونوا مؤمنين. وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوماً طاغين. فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون. فأغويناكم إنا كنا غاوين. فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون. الصافات 21 ـ 33
    وقال عن آلهة بعض مشركي العرب :
    * واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا. كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا. مريم 18 ـ 82
    * واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون. لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون. فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون. يس 74 ـ 76

    وقال عن آلهة مكذبي الرسل من الأمم السابقة والعرب :
    * أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم ، هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ، بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون. الأنبياء ـ 24
    وقال عن قوم تاليه الملائكة والأنبياء :
    * ومن يقل منهم إني الَه من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين. الأنبياء ـ 29
    وقال عن قوم سبأ :
    * إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم. وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون. ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون. الله لا الَه إلا هو رب العرش العظيم. النمل 23 ـ 26
    * وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين. قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير. قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين. النمل 43 ـ 44
    وقال عن آلهة الحضارات التي في الجزيرة العربية وحولها :
    * ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون. فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك افكهم وما كانوا يفترون. الأحقاف 27 ـ 28
    وقال عن عباد الرحمن الموحدين :
    * وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ... والذين لا يدعون مع الله إلَهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما. الفرقان 63 ـ 68

    3 ـ المعبودون من دون الله :
    قال تعالى عن المعبودين من دون الله عند أمم مختلفة :
    * قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين. ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فانك إذا من الظالمين. يونس 104 ـ 106
    * ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير. الحج ـ 71
    * ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا. الفرقان ـ 55
    وقال عن عبادة الناس غير الملموسة للاحكام الطواغيت :
    * وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين.
    ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين. النحل 35 ـ 36
    وقال عن معبودات البابليين :
    * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم. أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون. قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم. الأنبياء 66 ـ 69
    * واتل عليهم نبأ ابراهيم. إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون. قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين. قال هل يسمعونكم إذ تدعون ؟ أو ينفعونكم أو يضرون ؟. قالوا بل

    وجدنا آباءنا كذلك يفعلون. قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون. أنتم وآباءكم الاقدمون. فانهم عدو لي إلا رب العالمين. الشعراء 69 ـ 77
    * وأزلفت الجنة للمتقين. وبرزت الجحيم للغاوين. وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون. من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون. فكبكبوا فيها هم والغاوون. وجنود ابليس أجمعون. قالوا وهم فيها يختصمون. تالله إن كنا لفي ضلال مبين. إذ نسويكم برب العالمين. وما أضلنا إلا المجرمون. الشعراء ـ 90 ـ 99
    * وابراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون.
    * انما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون افكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له اليه ترجعون. العنكبوت 16 ـ 17
    * وإن من شيعته لابراهيم. إذ جاء ربه بقلب سليم.إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أئفكا آلهة دون الله تريدون. فما ظنكم برب العالمين. فنظر نظرة في النجوم.
    فقال إني سقيم. فتولوا عنه مدبرين. فراغ الى آلهتهم فقال ألا تأكلون.
    مالكم لا تنطقون. فراغ عليهم ضربا باليمين. فأقبلوا اليه يزفون. قال أتعبدون ما تنحتون. والله حلقكم وما تعملون. الصافات 83 ـ 96
    * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون. وقال انما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين. العنكبوت 24 ـ 25
    *فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا. مريم ـ 49
    * قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم انا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى

    تؤمنوا بالله وحده إلا قول ابراهيم لأبيه لاستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير. الممتحنة ـ 4
    وقد تقدمت الآيات 97 ـ 99 من سورة الأنبياء ، والفرقان ـ 17 ، عن ( الآلهة ) الذين رضوا بأن يعبدهم الناس.
    وقال تعالى عن عبادة النصارى للمسيح ومريم :
    * ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون.
    * قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعا والله هو السميع العليم. مائدة 75 ـ 76
    وقال عن عبادة العرب وأمثالهم للأصنام :
    * انا أنزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين.
    * ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار. الزمر 2 ـ 3
    * ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض شيئاً ولا يستطيعون.
    * فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون.
    * ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون.
    * وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم. النحل 73 ـ 76

    وقال مقارناً بين عبادة الرسول 9وعبادة مكذبيه :
    * قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين.
    * قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل الله أعبد مخلصا له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه ، قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين. الزمر 11 ـ 15
    وقال عن تخويف المشركين للنبي بمعبوداهم :
    * أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد. ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام.
    * ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون. الزمر 36 ـ 38
    4 ـ الأنداد من دون الله :
    قال تعالى عن الرؤساء المطاعين من دون الله ( الأنداد ) :
    * ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب.
    * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب. البقرة 165 ـ 166
    * وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو اليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا انك من أصحاب النار. الزمر ـ 8

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:13

    5 ـ الشركاء من دون الله :
    قال تعالى عن الأصنام :
    * هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين.
    * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون.
    * أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون.
    * ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون.
    * وإن تدعوهم الى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون.
    * إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين.
    * ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون. الاعراف 189 ـ 195
    * واتبعت ملة آبائي ابراهيم واسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
    * يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار.
    * ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ان الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا اياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يوسف 38 ـ 40
    * ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون. من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئاً كذلك يضل الله الكافرين. غافر 70 ـ 74

    6 ـ المزعومون من دون الله :
    * قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا.
    * أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا.
    * وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطورا. الاسراء 56 ـ 58
    * قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير. سبأ ـ 22
    7 ـ الأرباب من دون الله :
    قال الله تعالى عن ربوبية الحكام والأحبار عند أهل الكتاب :
    * قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون. آل عمران ـ 64
    * اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلَهاً واحداً لا الَه إلا هو سبحانه عما يشركون. التوبة ـ 31
    وقال تعالى عن المسيح والأنبياء :
    * ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ( آل عمران. ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون. آل عمران 79 ـ 80
    وقال عن أرباب الفراعنة وأتباعهم في مصر :
    * واتبعت ملة آبائي ابراهيم واسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء

    ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون. يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار. ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يوسف 38 ـ 40
    هذا وقد تقدم تصنيف آيات الشفاعة في المجلد الثالث.
    8 ـ المدعوون من دون الله
    * إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً. لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا. ولأضلنهم ولامنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً. يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا. النساء 117 ـ 120
    * قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه الى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين. الأنعام ـ 71
    * ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون. الأنعام ـ 108
    * فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين. الاعراف ـ 37
    * له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال. الرعد ـ 14
    * ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء أن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون. يونس ـ 66

    * والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون.أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون
    * الَهكم الَه واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون. لا جرم أن الله يعلم ما يسرون ومايعلنون انه لا يحب المستكبرين. النحل 20 ـ 23
    * وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا اياه فلما نجاكم الى البر أعرضتم وكان الانسان كفورا. الاسراء ـ 67
    * قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين. بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون اليه إن شاء وتنسون ما تشركون.
    * ولقد أرسلنا الى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون. الأنعام 40 ـ 42
    * قال أراغب أنت عن آلهتي يا ابراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا. قال سلام عليك سأستغفر لك ربي انه كان بي حفيا. وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا. مريم 46 ـ 48
    * ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون. ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون. الزخرف 86 ـ 87
    * ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد. يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير. الحج 11 ـ 13
    * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير. الحج ـ 62
    * يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا

    ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب. ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز. الحج 73 ـ 74
    * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير. لقمان ـ 30
    * يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير.
    * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير. فاطر 13 ـ 14
    * قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل أن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا. فاطر ـ 40
    * وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص. فصلت ـ 48
    * قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين. ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. الاحقاف 4 ـ 6
    * ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله أن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون. الزمر ـ 38
    * والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير. غافر ـ 20

    * هو الحي لا الَه إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين. قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين. غافر 65 ـ 66
    * ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله أن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون. الزمر ـ 38
    وقال تعالى عن اهلاك الحضارات الظالمة :
    * فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون. إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم. وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون. العنكبوت 40 ـ 43
    الرسول 9داعي الله
    * وإذ صرفنا اليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا الى قومهم منذرين. قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي الى الحق والى طريق مستقيم. يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم. ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين. الاحقاف 29 ـ 32
    * قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا. قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا. الجن 20 ـ 21

    * قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله. قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين. قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين. الأنعام 56 ـ 57
    * إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون.وإن تدعوهم الى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون. خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين. الأعراف 196 ـ 199
    المؤمنون يدعون الله تعالى وحده
    * وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا الى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون. ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين. الأنعام 51 ـ 52
    * واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا. الكهف ـ 28
    9 ـ الشفعاء من دون الله والشفعاء من الله :
    وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وأن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون. قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه الى الهدى ائتنا قل ان هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين. الأنعام 70 ـ 71

    * ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون. يونس ـ 18
    * الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون. يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون. السجدة 4 ـ 5
    * أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون. قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم اليه ترجعون. وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون. قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون. الزمر 43 ـ 46
    10 ـ الشهداء من دون الله والأشهاد من الله
    * وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين. البقرة ـ 23
    * ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون. هود 18 ـ 19
    11 ـ الصدق عن الله والافتراء من دون الله
    * وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً إن الله عليم بما يفعلون ( يونس. وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين. أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين. يونس 36 ـ 39

    * أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لاالَه إلا هو فهل أنتم مسلمون. هود 13 ـ 140
    12 ـ الوليجة من دون الله :
    * أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوامنكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون. التوبة ـ 16
    13 ـ العاصم من الله والعاصم من دون الله
    * قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا.
    * قل من ذا الذي يعصمكم من الله أن أراد بكم سوءاً أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا. الأحزاب 16 ـ 17
    14 ـ الأولياء من دون الله :
    وهذا الموضوع أوسع المواضيع في مصطلح ( من دون الله القرآني ) لأن الأولياء من دونه في المجتمعات البشرية والسلوك الانساني متنوعون. قال الله تعالى :
    * ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير. البقرة ـ 107
    الأولياء الشياطين
    * قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون. فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ، إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون. الأعراف 29 ـ 30
    التأثر بأفكار الناس يجعلهم أولياء من دون الله :
    * فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير. ولا تركنوا

    الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون. وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين. واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. هود 112 ـ 115
    * اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون. الأعراف ـ 3
    * له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال. الرعد ـ 11
    * ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا. قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا. واتل ما أوحي اليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا. الكهف 25 ـ 27
    * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون. فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين. القصص 80 ـ 81
    * قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لانفسهم نفعاً ولا ضراً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار. الرعد ـ 16
    انكشاف عدم فائدة الأولياء من دون الله في الآخرة
    * وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في

    عذاب مقيم. وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما لهمن سبيل. استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لامرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير. الشورى 45 ـ 47
    * ومكروا مكرا كبارا. وقالوا لاتذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا.وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا. مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا. نوح 22 ـ 25
    * انا أنزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين. ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار. الزمر 2 ـ 3
    * والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل.
    * وكذلك أوحينا اليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير. ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير. أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير. الشورى 6 ـ 9
    * تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون. ويلٌ لكل أفاك أثيم. يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم. وإذا علم من آياتنا شيئاً اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين. من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم. الجاثية 6 ـ 10
    * له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلامرد له وما لهم من دونه من وال. الرعد ـ 11

    * وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين. أو لم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير. قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير. يعذب من يشاء ويرحم من يشاء واليه تقلبون. وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير. والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم. العنكبوت 18 ـ 23
    * وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا. قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا. قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم انه كان بعباده خبيراً بصيرا. ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا. الاسراء 94 ـ 97
    * أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا. وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا. ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا. هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا. الكهف 41 ـ 44
    *قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكروكانوا قوما بورا. فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا. وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا. الفرقان 18 ـ 20
    لا وجود حقيقيا لولي من دون الله :
    * إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير.لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة

    العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم. التوبة 116 ـ 117
    * ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير. وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير. الشورى 29 ـ 31
    فقد رأيت أن موضوع جميع الآيات هو اتخاذ معبودٍ أو مطاعٍ أو واسطةٍ من دون الله تعالى .. فكيف يصح أن يقاس عليها ما كان من الله وأمره وإذنه ؟ !!
    المسألة الرابعة : شبهة على أصل التوسل
    أثار بعضهم إشكالاً على مبدأ التوسل ، شبيهاً بما مر في الشفاعة..
    والسبب في ذلك أنهم رأوا الشفاعات والوساطات والمحسوبيات السيئة عند الرؤساء والمسؤولين في دار الدنيا ، وما فيها من محاباة وإعطاء بغير حق ، ولا جهد من المشفوع لهم ، أو المتوسط لهم.
    وبما أن الله تعالى يستحيل عليه أن يحابي كما يحابي حكام الدنيا ، وإنما يعطي جنته وثوابه بالإيمان والعمل الصالح .. فلذا صعب على هؤلاء قبول الشفاعة والوساطة والوسيلة الى الله تعالى !
    ولكنه فات هؤلاء أنه لا استحقاق في الأصل لمخلوق على الله تعالى ، وأن المنشأ الحقوقي الوحيد لحق المخلوق على ربه هو وعده سبحانه إياه بالعطاء ، فهو حقٌّ مكتسبٌ بالوعد لأن الله تعالى رحيمٌ صادق ، وليس حقاً أصلياً للعبد !
    وفاتهم أيضاً ، أن الاستشفاع والتوسل اليه تعالى عملٌ صالح ، لأنه تعالى أمرنا أن نبتغي اليه الوسيلة.
    فاتهم أن الحكمة من جعله تعالى الأنبياء والأوصياء الوسيلة اليه تعالى :
    أولاً : أن يعالج مشكلة التكبر في البشر ، لأن البشر لا يمكنهم الانتصار على

    تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالى ، إلا إذا انتصروا على ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء ، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والاختيار الالَهي ، وأنهم المبلغون عن الله تعالى .. فهذا الاعتراف مطلوب لأنه مقدمة علمية وعملية للإيمان بالله تعالى وممارسة العبودية له.
    فبدون الخضوع للأنبياء والأوصياء لا يتحقق خضوع حقيقي لله تعالى ، ولا إيمان حقيقي به!! وهذا هو المقصود بقوله تعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون )!!
    لقد كان من المكن أن يقول الله تعالى للناس : آمنوا بي ولا شغل لكم برسلي وأوليائي ، فإنما هم مبلغون لما أرسلتهم به ، وإنما ( الرسول طارش ) كما قال بعض الوهابيين ! ولكن ذلك لا يعالج مشكلة الانسان في التكبر على عباد الله !!
    وإذا لم تنحل مشكلته هذه ، لم تنحل مشكلته في التكبر على ربه وادعاءاته الفارغة بقربه منه وتكريمه له !!
    فالخضوع العملي للمخلوقين الربانيين الممتازين ، هو الطريق الطبيعي الوحيد للخضوع للخالق سبحانه.
    وهما نوعان مختلفان من الخضوع ، لأن حق الخضوع لله ذاتي ، ولأوليائه تبعي جعلي .. بل هما في الحقيقة نوعٌ واحد ، لأن الخضوع للأولياء بأمر الله تعالى إنما هو خضوعٌ لله تعالى.
    وثانياً : أن جعل الأنبياء والأوصياء وسيلة اليه تعالى ضرورة ذهنية للبشر .. ذلك أن الفاصلة بين ذهن الانسان المحدود الميال الى المادية والمحدودية ، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروري ، فاصلةٌ كبيرة ، فهي تحتاج الى نموذج ذهني حاضر من نوع الانسان ، يمارس التوحيد أمامه ويكون قدوةً له. وبدون هذا النموذج القدوة ، يبقى الانسان في معرض الجنوح في تصوره للتوحيد وممارسته ، والجنوح في هذا الموضوع الخطير ، أخطر أنواع جنوح الضلال !!

    وهذا هو السبب في اعتقادي في أن الله تعالى جعل أنبياءه وأوصياءهم حججاً على العباد ، وهو السبب في أنه جعلهم من نوع الناس أنفسهم وليس من نوع آخر كالملائكة مثلاً.
    والنتيجة :
    أن وجود الوسيلة بين العباد والله تعالى لو كان أمره يرجع الينا لصح لنا أن نقول ياربنا نريد أن تجعل كل أنواع ارتباطنا بك مباشراً ، فلا تجعل بيننا وبينك واسطةً في شيء ! كما ما يميل اليه أهل الإشكال على الشفاعة والتوسل !
    ولكن الأمر له سبحانه ، فالأفضل أن يكون منطقنا سليما فنقول :
    اللهم لا نقترح عليك ، فأنت أعلم بما يصلحنا ، وإن أردت أن تجعل أنبياءك وأوصياءك واسطةً بيننا وبينك ، وحججاً علينا عندك ، فنحن مطيعون لك ولهم ، ولا اعتراض عندنا..
    وهذا هو التسليم المطلق لإرادته تعالى الذي عبر عنه بقوله لرسوله 9في سورة الزخرف ـ 81 ـ 82 : قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين.
    ومعناه : أيها الرسول وحد الله تعالى توحيداً بلا شرط ، واقبل معه كل شرط حتى لو اتخذ ولداً وأمرك بعبادته !
    ثم بين تعالى أن الواقع أنه لم يتخذ ولن يتخذ ولداً فقال :
    سبحان الله رب السماوات والأرض ، رب العرش ، عما يصفون.
    المسألة الخامسة : مسألة التوسل دقيقة وحساسة
    فهي مسألة ذات حدين ، لابد فيها التوازن والحذر من الافراط والتفريط !
    فلا هؤلاء الوسائط يملكون شيئاً مع الله تعالى .. لأنهم مخلوقون فقراء اليه تعالى.
    كما أنه لا غنى للناس عن وساطتهم الى الله .. لأنهم عباده المكرمون الذين أمر بالتوجه اليه بهم.

    والتعادل المطلوب فيها تعادل فكري وعملي .. لأن الحركة الانحرافية ، ذهنية أو عملية ، قد توجب الضلال !!
    فالذين ينقصون من دور أنبياء الله وأوصيائه ومقامهم عند الله تعالى ، بحجة توحيده وإبعاد الشركاء عن ساحته المقدسة ، يقعون في الضلال والبعد عن الطريق الذي عينه الله لتوحيده وطاعته..وهو طاعتهم ، والتوجه اليه بهم !
    والذين يزيدون على دورهم المحدد من الله تعالى ، ويجعلون لهم معه شراكةً في ملكه أو حكمه أو عبادته ، ولو ذرةً واحدة ، بحجة أنه جعلهم وسيلةً اليه .. يقعون في الضلال والبعد عن الطريق الذي عينه الله تعالى ، والذي هو التوحيد المطلق !
    وبسبب هذه الدقة في العقيدة الاسلامية في الأنبياء والأوصياء نرى أن الآيات والأحاديث الشريفة أكدت على الجانبين معاً !
    1 ـ فهي تؤكد من ناحية على أن طاعته تعالى إنما تكون بطاعتهم وابتغاء الوسيلة اليه عن طريقهم.
    2 ـ ومن ناحية أخرى تؤكد على بشريتهم ، وأن الذين جعلوهم آلهة أو شركاء لله قد ضلوا وكفروا.
    وفيما يلي نورد بعض الآيات في إطاعة الرسول 9 ، ونلاحظ أن الله جعل طاعة الرسول إيماناً ومعصيته كفراً ! وهو مقام مافوقه مقام لمخلوق أن يجعل الله طاعته طاعته ، ومعصيته معصيته !!
    قال سبحانه :
    * قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين. آل عمران ـ 32
    * من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا. النساء ـ 80
    * ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا. النساء ـ 81

    * يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون. ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون. إن شر الدواب عند

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:14

    الله الصم البكم الذين لا يعقلون. ولو علم الله فيهم خيراً لا سمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون. الأنفال 20 ـ 23
    * ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما. النساء 69 ـ 70
    * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون. وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون. النور 52 ـ 53
    * قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين. النور ـ 54
    * يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا. يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما. الأحزاب 70 ـ 71
    * يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم. محمد ـ 33
    * ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذاباً أليما. الفتح ـ 17
    * تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين. النساء 13 ـ 14
    * *

    ونلاحظ هنا أن نفس فريضة الاطاعة التي فرضها الله لرسوله ، فرضها لأولي الأمر من بعده ! صلى الله على رسوله وآله ، قال تعالى :
    * يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا. النساء ـ 59
    * وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ، ولو ردوه الى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم. ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا. النساء ـ 83
    * *
    ومن الجهة الأخرى قال تعالى في الذين ألَّهوا الأنبياء والأولياء أو جعلوهم شركاء لله سبحانه :
    * وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي اليه أنه لا الَه إلا أنا فاعبدون. وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون. ومن يقل منهم إني الَه من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين. الأنبياء : 25 ـ 29
    * إنا أنزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ، إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار. لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار. الزمر 2 ـ 4
    تأكيد الأئمة : على المحافظة على التوحيد في التوسل
    وذلك في نصوصٍ كثيرة ، منها نفس نصوص الأدعية والتوسلات التي علموها : لشيعتهم ، كما لاحظت فيما أوردناه .. وهذا نموذج آخر :

    في بحار الأنوار : 98 / 168 :
    عن أبي عبد الله 7 قال : إذا أتيت القبر بدأت فأثنيت على الله عز وجل ، وصليت على النبي 9 ، واجتهدت في ذلك إن شاء الله ، ثم تقول : سلامُ الله وسلام ملائكته فيما تروح وتغدو...
    * *
    المسألة السادسة : من هم المتوسل بهم عند المسلمين
    يكاد يكون التوسل والاستشفاع في مذهب أهل البيت : ، محصوراً روايةً وعملاً بمحمد وآله المعصومين ، صلى الله عليه وعليهم.
    ولم أجد في سيرة أئمتنا : ، ولا في سلوك المتشرعين من أصحابهم وشيعتهم ذكراً للتوسل بأحد غير المعصومين : ! وإن وجد فهو توسلٌ بهم تبعاً للمعصومين أو في موارد خاصة.
    نعم ورد في عدد من الأدعية عن أهل البيت : تعليم التوسل بالملائكة المقربين والأنبياء السابقين ، وكتب الله المنزلة ، وعباده الصالحين ، والأعمال الصالحة..
    ففي مصباح المتهجد / 358 :
    اللهم إني أتقرب اليك بجودك وكرمك ، وأتشفع اليك بمحمد عبدك ورسولك ، وأتوسل اليك بملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين ، أن تقيلني عثرتي ، وتستر علي ذنوبي ، وتغفرها لي ، وتقبلني بقضاء حاجتي ، ولا تعذبني بقبيح كان مني.
    يا أهل التقوى وأهل المغفرة ، يا بر ياكريم ، أنت أبر بي من أبي وأمي ، ومن نفسي ، ومن الناس أجمعين ، بي اليك فاقة وفقر ، وأنت غني عني ...
    وفي مصباح المتهجد / 302 :
    روى ابراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي عبد الله 7 قال : للأمر المخوف العظيم

    تصلي ركعتين ، وهي التي كانت الزهراء 3 تصليها ، تقرأ في الأولى الحمد ، وقل هو الله أحد خمسين مرة ، وفي الثانية مثل ذلك ، فإذا سلمت صليت على النبي 9 ، ثم ترفع يديك وتقول :
    اللهم إني أتوجه بهم اليك وأتوسل اليك بحقهم العظيم الذي لا يعلم كنهه سواك وبحق من حقه عندك عظيم ، وبأسمائك الحسنى وكلماتك التامات ، التي أمرتني أن أدعوك بها.
    وأسألك باسمك العظيم الذي أمرت ابراهيم 7 أن يدعو به الطير فأجابته.
    وباسمك العظيم الذي قلت للنار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم فكانت.
    وبأحب أسمائك اليك ، وأشرفها عندك ، وأعظمها لديك ، وأسرعها إجابة ، وأنجحها طلبة ، وبما أنت أهله ومستحقه ومستوجبه...
    وأسألك بكتبك التي أنزلتها على أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم أجمعين من التوراة والانجيل والقرآن العظيم ، من أولها الى آخرها ، فإن فيها اسمك الأعظم. وبما فيها من أسمائك العظمى أتقرب اليك.
    التوسل بغير المعصومين عند السنيين
    سيرة أئمة المذاهب السنية وسلوك أتباعهم حافلةٌ بالتوسل بمن يعتقدون صلاحه من شيوخ العلم والتصوف.
    وحتى الحنابلة الذين يدعي ابن تيمية الانتساب اليهم ويشن باسمهم حملة ضد التوسل والاستشفاع ويكفر بهم المسلمين .. يعتقدون بالتوسل !!
    فقد ثبت عن إمامهم أحمد وكبار متقدميهم ومتأخريهم ، أنهم كانوا يزورون القبور ويتوسلون الى الله تعالى بأصحابها !!
    وقد بنوا على قبر أحمد بن حنبل مسجداً وقبة ! وجعلوه مزاراً يصلون عنده ويتمسحون به ويتوسلون به !!

    ففي وفيات الأعيان لابن خلكان : 1 / 64 :
    أحمد بن حنبل ... توفي ضحوة الجمعه لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول .. ودفن بمقبرة باب حرب ، وباب حرب منسوب الى حرب بن عبد الله أحد أصحاب أبي جعفر المنصور ، والى حرب هذا تنسب المحلة المعروفة بالحربية ، وقبر أحمد بن حنبل مشهور بها يزار.
    وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي / 454 :
    حدثني أبو بكر بن مكارم بن أبي يعلى الحربي وكان شيخاً صالحاً قال : كان قد جاء في بعض السنين مطرٌ كثير جداً قبل دخول رمضان بأيام ، فنمت ليلة في رمضان فأريت في منامي كأني قد جئت على عادتي الى قبر الإمام أحمد بن حنبل أزور ، فرأيت قبره قد التصق بالأرض حتى بقي بينه وبين الأرض مقدار ساف أو سافين ، فقلت : إنما تم هذا علي قبر الإمام أحمد من كثرة الغيث !
    فسمعته من القبر وهو يقول : لا ، بل هذا من هيبة الحق عز وجل ، لأنه عز وجل قد زارني !! فسألته عن سر زيارته إياي في كل عام فقال عز وجل : يا أحمد ، لأنك نصر ت كلامي فهو ينشر ويتلى في المحاريب. فأقبلت على لحده أقبله ثم قلت : يا سيدي ما السر في أنه لا يقبل قبر إلا قبرك ؟ فقال لي : يا بني ، ليس هذا كرامة لي ، ولكن هذا كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ! لأن معي شعرات من شعره !!
    ألا ومن يحبني يزورني في شهر رمضان ! قال ذلك مرتين !!
    وفي طبقات الحنابلة لأبي يعلى : 2 / 186 :
    سمعت رزق الله يقول : زرت قبر الإمام أحمد صحبة القاضي الشريف أبو علي فرأيته يقبل رجل القبر ! فقلت له : في هذا أثر ؟
    قال لي : أحمد في نفسي شيء عظيم ، وما أظن أن الله تعالى يؤاخذني بهذا !!
    وفي تاريخ بغداد للخطيب : 4 / 423 :
    عن أبي الفرج الهندباني يقول : كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة ، فرأيت

    في المنام قائلاً يقول لي : لم تركت زيارة إمام السنة !!
    ورواه ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد / 481
    وفي رحلة ابن بطوطة : 1 / 220 :
    قبور الخلفاء ببغداد وقبور بعض العلماء والصالحين بها ... وبقرب الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة ، وعليه قبة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر ، وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ماعدا هذه الزاوية.
    وبالقرب منها قبر الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، ولا قبة عليه .. ويذكر أنها بنيت على قبره مراراً فتهدمت بقدرة الله تعالى.
    وقبره عند أهل بغداد معظم ، وأكثرهم على مذهبه ، وبالقرب منه قبر أبي بكر الشبلي من أئمة المتصوفة.
    وفي تاريخ الإسلام للذهبي : 38 / 23 :
    في عام 554 غرقت مقبرة الإمام أحمد وخرجت الموتى على وجه الماء وكانت آية عجيبة.
    وفي عمدة القاري للعيني : 5 جزء 9 / 241 :
    سعيد العلائي قال : رأيت في كلام أحمد بن حنبل .. أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي ( ص ) وتقبيل منبره ، فقال : لا بأس بذلك.
    قال فأريناه للشيخ تقي الدين بن تيمية ، فصار يتعجب من ذلك ويقول : عجبت ! أحمد عندي جليل ، يقول هذا الكلام !
    وأي عجب .. وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به !!
    وفي تاريخ الإسلام للذهبي : 14 / 335 :
    وقال ابن خزيمة : هل كان ابن حنبل إلا غلاماً من غلمان الشافعي ؟

    وفي الاعتصام للشاطبي : 1 / 226 :
    والجواب عن هذا ( قول أحمد بن حنبل ) أنه كلام مجتهد يحتمل اجتهاده الخطأ والصواب .. وقد كان ( ابن حنبل ) يميل الى نفي القياس ، ولذلك قال : مازلنا نلعن أهل الرأي ويلعنوننا ، حتى جاء الشافعي فخرج بيننا..
    وفي الغدير للأميني : 5 / 194 :
    قال ابن حجر في ( الخيرات الحسان ) في مناقب الإمام أبي حنيفة في الفصل الخامس والعشرين : إن الإمام الشافعي أيام كان هو ببغداد كان يتوسل بالامام أبي حنيفة ويجيء الى ضريحه يزوره فيسلم عليه ، ثم يتوسل الى الله تعالى به في قضاء حاجاته ، وقال : قد ثبت أن الإمام أحمد توسل بالامام الشافعي حتى تعجب ابنه عبد الله بن الإمام أحمد ، فقال له أبوه : إن الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولما بلغ الإمام الشافعي : أن أهل المغرب يتوسلون بالامام مالك لم ينكر عليهم.
    وفي الغدير : 5 / 198 :
    قال ابن الجوزي في المنتظم : 10 / 283 :
    وفي أوائل جمادي الآخرة سنة 574 تقدم أمير المؤمنين بعمل لوح ينصب علي قبر الإمام أحمد بن حنبل ، فعمل ونقضت السترة جميعها وبنيت بآجر مقطوع جديدة ، وبني له جانبان ، ووقع اللوح الجديد وفي رأسه مكتوب : هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين.
    وفي وسطه : هذا قبر تاج السنة وحيد الأمة العالي الهمة العالم العابد الفقيه الزاهد الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ;. وقد كتب تاريخ وفاته وآية الكرسي حول ذلك.
    ووعدت بالجلوس في جامع المنصور ، فتكلمت يوم الاثنين سادس عشر جمادي الأولى ، فبات في الجامع خلق كثير وختمت ختمات ، واجتمع للمجلس

    بكرة ما حزر بمائة ألف ، وتاب خلق كثير وقطعت شعور ، ثم نزلت فمضيت الى زيارة قبر أحمد ، فتبعني من حزر بخمسة آلاف.
    وفي الغدير للأميني : 5 / 199 :
    الحافظ ابن عساكر في تاريخه : 2 / 46 :
    عن أبي بكر بن أنزويه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه أحمد بن حنبل ، فقلت : يا رسول الله من هذا ؟
    فقال : هذا أحمد ولي الله وولي رسول الله على الحقيقة ، وأنفق على الحديث ألف دينار.
    ثم قال : من يزوره غفر الله له ، ومن يبغض أحمد فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله.
    وفي النهاية لابن كثير : 12 / 323 :
    وفي صفر سنة 542 رأى رجل في المنام قائلاً يقول له : من زار أحمد بن حنبل غفر له. قال : فلم يبق خاصٌ ولا عامٌ إلا زاره وعقدت يومئذٍ ثم مجلساً ، فاجتمع فيه ألوفٌ من الناس !!
    التوسل الواسع في صلاة الاستسقاء
    ورد عندنا وعندهم الحث على التوسل في صلاة الاستسقاء بالأخيار والضعفاء والمرضى ، ومن ذلك : ما قاله النووي في المجموع : 5 / 66 :
    قال في الأم : ولا آمر باخراج البهائم. وقال أبو اسحق : استحب اخراج البهائم ، لعل الله تعالى يرحمها ، لما روي أن سليمان صلى الله عليه وسلم خرج ليستسقي فرأى نملة تستسقي ، فقال ارجعوا فإن الله تعالى سقاكم بغيركم.
    ويكره إخراج الكفار للاستسقاء لأنهم أعداء الله فلا يجوز أن يتوسل بهم اليه ، فإن حضروا وتميزوا لم يمنعوا ، لأنهم جاؤوا في طلب الرزق.

    وقال في : 5 / 70 :
    يستحب أن يستسقى بالخيار من أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبأهل الصلاح من غيرهم ، وبالشيوخ والضعفاء والصبيان والعجائز وغير ذوات الهيئات من النساء ، ودليله ما ذكره المصنف.
    وأيضاً ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ؟.
    قال القاضي حسين والروياني والرافعي وآخرون من أصحابنا : ويستحب أن يذكر كل واحد من القوم في نفسه ما فعله من الطاعة الجليلة ، ويتشفع به ويتوسل.
    واستدلوا بحديث ابن عمر في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين أووا الى غار فأطبقت عليهم صخرة ، فتوسل كل واحد بصالح عمله ، فأزال الله عنهم بسؤال كل واحد ثلثاً من الصخرة وخرجوا يمشون. انتهى.
    فهذه فتاوى من فقهاء المذاهب الأربعة ، تنص على التوسل بالصالحين والضعفاء والمرضى والأعمال والحيوانات ، وتنص على أنه توسل واستشفاع ، وهو أوسع من التوسل المتبادر الى أذهاننا بالنبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم.
    المسألة السابعة : التوسل العملي بالأعمال الصالحة
    في بحار الأنوار : 74 / 398 :
    عن أمالي المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : قال : قال أمير المؤمنين 7 :
    أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله ، ورسوله ، والجهاد في سبيل الله ، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة ، وإقام الصلاة فانها الملة ، وإيتاء الزكاة فإنها من فرائض


    الله ، وصيام شهر رمضان فإنه جنة من عذاب الله ، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب ، وصلة الرحم فإنها مثراة للمال ومنسأة للاجل ، والصدقة في السر فإنها تذهب الخطيئة وتطفيء غضب الرب ، وصنايع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء ، وتقي مصارع الهوان. ومثله في : 93 / 177
    ونحوه في : 74 / 289 ، عن تحف العقول ، قال : خطبته 7 المعروفة بالديباج :
    الحمد لله فاطر الخلق ، وخالق الاصباح ، ومنشر الموتى ، وباعث من في القبور ، وأشهد أن لا الَه إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله 9عباد الله ، إن أفضل ماتوسل به المتوسلون الى الله جل ذكره : الايمان بالله وبرسله وما جاءت به من عند الله ... الحديث ، كما تقدم بتفاوت.
    ورواه في : 71 / 410 ، عن علل الشرائع عن أبي ، عن سعد ، عن ابراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن حماد عن ابراهيم بن عمر ، رفعه الى أمير المؤمنين 7 قال : إن أفضل ما توسل به المتوسلون ...
    ورواه في : 62 / 386 ، عن أمالي المفيد ، عن الإمام الصادق 7 ، بتفاوت وزيادة في آخره ، قال ( ألا فاصدقوا فإن الله مع من صدق ، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب الايمان ، ألا وإن الصادق على شفا منجاة وكرامة ، ألا وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة ، ألا وقولوا خيراً تعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله ، وأدوا الأمانة الى من ائتمنكم ، وصلوا من قطعكم ، وعودوا بالفضل عليهم. انتهى.
    ولكن التوسل بالأعمال الصالحة لا ينفي التوسل بالنبي وآله 9 ، فقد ثبت أنه لا يقبل عملٌ لمسلم إلا بولايتهم ، وأنه لا يرفع دعاء إلا بالصلاة عليهم ، وهو التوسل بهم ! وقد روي ذلك عندنا في مصادر الجميع !
    * *

    الفصل الثاني
    التوسل الى الله في مصادر السنيين
    1 ـ تعليم النبي 9التوسل به الى الله تعالى
    روى الترمذي : 5 / 229 برقم 3649 :
    حدثنا محمود بن غيلان ، أخبرنا عثمان بن عمر ، أخبرنا شعبة ، عن أبي جعفر ، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت ، عن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أدع الله أن يعافيني.
    قال : إن شئت دعوت ، وإن شئت صبرت فهو خير لك.
    قال : فادعه.
    قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد إني توجهت بك الى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي ، اللهم فشفعه في.
    هذا حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر ، وهو غير الخطمي. انتهى.


    ورواه ابن ماجة في : 1 / 441 ، وقال : قال أبو اسحاق هذا حديث صحيح. انتهى.
    ورواه أحمد : 4 / 138 ، بروايتين.
    ورواه الحاكم في المستدرك : 1 / 313 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.
    ورواه في : 1 / 519 ، بسندين آخرين ، وقال بعدهما : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
    ورواه في : 1 / 526 ، وقال : تابعه شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والاسناد والقول ...
    وقال أيضاً : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ، وإنما قدمت حديث عون بن عمارة لأن من رسمنا أن نقدم العالي من الأسانيد.
    ورواه الطبراني في كتاب الدعاء / 320 ، وما بعدها بعدة طرق ، وكذا في المعجم الكبير : 9/ 31 ، والصغير : 1 / 183 ، وصححه.
    ورواه في مجمع الزوائد : 2 / 279 ، وقال :
    قلت : روى الترمذي وابن ماجة طرفاً من آخره خالياً عن القصة ، وقد قال الطبراني عقبه : والحديث صحيح ، بعد ذكر طرقه التي روى بها.
    ورواه في كنز العمال : 2 / 181 ، و6 / 521 ( ت ، هـ ، ك ، عن عثمان بن حنيف ). ( حم ت : حسن صحيح غريب هك وابن السني عن عثمان بن حنيف ) ورواه ابن خزيمة في صحيحه : 2 / 225 وروى الطبراني تطبيق عثمان بن حنيف للحديث بعد وفاة النبي 9كما سيأتي.
    وفي السنن الكبرى للنسائي : 6 / 168 :
    أخبرنا محمد بن معمر قال ، حدثنا حبان قال ، حدثنا حماد قال ، أخبرنا جعفر عن عمارة بن خزيمة ، عن عثمان بن حنيف أن رجلاً أعمي أتى النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني رجل أعمى ، فادع الله أن يشفيني ، قال بل أدعك ، قال : أدع الله لي مرتين أو ثلاثاً.

    قال : توضأ ثم صل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبيي محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك الى الله أن يقضي حاجتي ، أو حاجتي الى فلان ، أو حاجتي في كذا وكذا. اللهم شفع في نبيي وشفعني في نفسي. انتهى.
    ثم رواه النسائي بروايتين أخريتين.
    2 ـ توسل عمر بن الخطاب بالعباس عم النبي صلى الله عليه وآله
    روى الحاكم في المستدرك : 3 / 334 :
    أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، ثنا الحسن بن علي بن نصر ، ثنا الزبير بن بكار ، حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني ، عن داود بن عطاء المدني ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر أنه قال : استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه اليك به فاسقنا ، فما برحوا حتى سقاهم الله. قال فخطب عمر الناس فقال :
    أيها الناس إن رسول الله كان يرى للعباس مايرى الولد لوالده ، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه ، فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس ، واتخذوه وسيلة الى الله عز وجل فيما نزل بكم ! انتهى. وروته عامة مصادرهم.
    3 ـ توسل الناس في المحشر واستشفاعهم بالنبي صلى الله عليه وآله
    روى ذلك البخاري في عدة مواضع ، في صحيحه : 5 / 147 :
    عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا الى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول : لست هناكم ، ويذكر ذنبه فيستحي ائتوا نوحاً فإنه أول رسول بعثه الله الى أهل الأرض ، فيأتونه فيقول لست هناكم ...

    ائتوا ابراهيم ... ائتوا موسى ... ائتوا عيسى ... ائتوا محمداً عبداً غفر الله له ماتقدم من ذنبه وما تأخر ، فيأتوني فأنطلق حتى أستأذن ... الخ.
    ونحوه بتفاوت في : 7 /203 ، و : 8 / 172 و183 ، وروته عامة مصادرهم.
    4 ـ ما ورد عندهم من الدعاء للنبي 9بالوسيلة
    قال البخاري في صحيحه : 1 / 152 :
    عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته .. حلَّت له شفاعتي يوم القيامة.
    ورواه البخاري في : 5 / 228 ، وابن ماجة : 1 / 239 ، وأبو داود : 1/ 129 ، والنسائي : 2 / 27 ، والترمذي : 1/ 136 ، والبيهقي في السنن : 1 / 410 ، والهيثمي في الزوائد : 1 / 333 و : 10 / 112 ، وفي كنز العمال : 2 / 80 و : 7 / 698 و703 ... وغيرها.
    هذه هي صيغة البخاري ، التي لم يرو في صحيحه غيرها ، وهي تريد الايحاء بأن الدعاء بالوسيلة دعاءٌ مستقل يستحب أن يدعو به المسلمون عند سماع الأذان ، ولا علاقة لها بصيغة الصلاة على النبي ، ولا علاقة لها بآله !!
    وقد تبع البخاري محدثون آخرون كما رأيت ، ثم تبعهم الفقهاء فأفتوا بهذا الدعاء فصار سنةً للسنيين في عملهم ومساجدهم !
    ولكن وردت لهذا الدعاء صيغةٌ أخرى صحيحةٌ عندهم أيضاً ، تقول إن هذا الدعاء جزءٌ من صيغة الصلاة على النبي التي علمها للمسلمين ، وأمرهم أن يصلوا على آله معه ، وأن يختموها بالدعاء له بالوسيلة !!
    وفي بعضها أن الدعاء بالوسيلة مقدمةٌ للصلاة عليه وآله !
    فلماذا صار دعاء الوسيلة عندهم دعاءً مستقلاً للرسول وحده ، بدون آله !!
    السبب عندهم : أن الصلاة على آل النبي معه والدعاء لهم معه ، أمرٌ ثقيلٌ على

    الخلافة القرشية ، التي فرضت عليهم العزل السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، لذلك اختار الرواة بدله الدعاء للنبي بالوسيلة ، وجعلوه أمراً مستقلاً خاصاً بالنبي دون آله ، مماشاةً للخلافة القرشية !!
    والطريف أنهم رووه عن جابر بن عبد الله الأنصاري ; ، المعروف بأحاديثه القوية في وجوب ولاية أهل البيت : ، حتى أنهم رووا عنه أنه كان في زمن معاوية يتوكأ على عصاه ويدور في سكك المدينة ويبلغ المسلمين ما قاله النبي 9في من أبغض عليا وأهل البيت النبوي الطاهرين !
    ويلاحظ أن الذي رواه عن جابر عند البخاري هو محمد بن المنكدر ، المبغض لأهل البيت : !!
    ولك أن تقارن بين رواية البخاري ، وبين رواية مسلم وغيره لهذا الدعاء !!
    قال مسلم في صحيحه : 2 / 4 :
    عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاةً صلى الله عليه بها عشراً ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة !
    ورواه النسائي : 2 / 25 ، وأبو داود : 1 / 128 ، والترمذي : 5 / 247 ، والبيهقي سننه : 1 / 409 ، والهيثمي في مجمع الزوائد : 1 / 332.
    ورواه أحمد : 2 / 167 ، ونحوه في : 2 / 265 ، وقال ( من صلى عليَّ ليس في البخاري ) !!
    وأفتى به النووي في المجموع : 3 / 116 :
    وقدمه في تلخيص الحبير : 3 /203 ، على رواية البخاري فقال :
    ( قوله ) من المحبوبات أن يصلي المؤذن وسامعه على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان ويقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:16

    الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. أخرجه مسلم وغيره من حديث عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليَّ ، الحديث.
    وأخرج البخاري وأصحاب السنن من حديث جابر مرفوعاً من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة .. الحديث ، لكن ليس فيه والدرجة الرفيعة. انتهى.
    وقال السيوطي في الدر المنثور : 5 / 219 :
    وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام عليك ، فكيف نصلي عليك ؟
    قال قولوا : اللهم صل على محمد ، وأبلغه درجة الوسيلة من الجنة. اللهم اجعل في المصطفين محبته ، وفي المقربين مودته ، وفي عليين ذكره وداره ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد. انتهى.
    فقد نصت هذه الأحاديث الصحيحة عندهم على أن الدعاء له 9بالوسيلة إنما هو جزءٌ من صيغة الصلاة الشرعية عليه ، صلى الله عليه وعليهم ، فهل يعقل أن يكون أمر باضافة آله معه في الصلاة عليه ، ثم أفرد نفسه عنهم في الدعاء !!
    وبذلك يترحج أن يكون أصل النص النبوي لهذا الدعاء ما روته مصادرنا ، وفيه ذكر أهل بيته معه ، كما سيأتي.
    ماهي الوسيلة التي ورد الدعاء بها للنبي 9؟
    ذكرت بعض المصادر السنية أنها درجةٌ ومنزلةٌ في الجنة ، تكون لشخص واحد من الخلق ، ولذا طلب من المسلمين أن يدعوا له ليكون هو ذلك الشخص.

    ولكن ذلك يشبه كلام التوراة ، فكأن درجة الوسيلة موضوع قرعة أو مسابقة بين الأنبياء ولم يعلم صاحبها بعد ! فالرسول لله 9يرجو أمته أن يدعوا له أن تكون له !
    قال مسلم في صحيحه : 2 / 4 :
    عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليَّ فانه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرآ ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لاتنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ! انتهى.
    ورواه أبو داود : 1/ 128 ، والترمذي : 5 /247 ، والبيهقي في السنن : 1 / 409 وأحمد : 2 / 167 و168 ، وفي : 2 / 265 و365 ، عن أبي هريرة ، والترمذي : 5 / 46 2 ، عن كعب عن أبي هريرة. وفي مجمع الزوائد : 1 / 332 ، عن أبي سعيد الخدري ، وأبى هريرة ، وفي كنز العمال : 2/ 79 و134 و : 7 / 698 و700 و : 14/ 400 و : 1/489 و494 و497 ، وفردوس الأخبار : 5 / 147
    بينما روت أحاديث أهل البيت : أن أمر الوسيلة مفروغٌ عنه ، وهي أعلى مساكن الفردوس ، وأنها للنبي وآله ، الى جانب مساكن ابراهيم وآله صلى الله عليهم.
    ووافقتها بعض مصادر السنيين :
    فقد روى ابن مردويه كما في كنز العمال : 12/ 103 و : 13 / 639 :
    عن النبي 9قال : في الجنة درجة تدعى الوسيلة ، فإذا سألتم الله فسلوا لي الوسيلة.
    قالوا : يا رسول الله ، من يسكن معك فيها ؟
    قال : علي وفاطمة والحسن والحسين. انتهى.
    وهذه هي الصيغة المعقولة لحديث الوسيلة والدعاء بها للنبي صلى الله عليه وآله .. ولكن ذلك ليس في مصلحة الخلافة القرشية !! ولذا تركوا هذه الصيغة ورووا غيرها !!

    أحاديث تفسر الوسيلة في مصادرنا
    قال الصدوق في معاني الأخبار / 116 :
    116 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال : حدثنا العباس بن معروف ، عن عبدالله بن المغيرة قال : حدثنا أبوحفص العبدي قال : حدثنا أبو هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله 9 : إذا سألتم الله لي فسلوه الوسيلة.
    فسألنا النبي 9عن الوسيلة ؟
    فقال : هي درجتي في الجنة ، وهي ألف مرقاة ، ما بين المرقاة الى المرقاة حضر الفرس الجواد شهراً ، وهي ما بين مرقاة جوهر الى مرقاة زبرجد ، الى مرقاة ياقوت ، الى مرقاة ذهب ، الى مرقاة فضة.
    فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين ، فهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب ، فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته. فيأتي النداء من عند الله عز وجل يسمع النبيين وجميع الخلق : هذه درجة محمد.
    فأقبل أنا يومئذ متزراً بريطة من نور ، عليّ تاج الملك ، واكليل الكرامة ، وعلي بن أبي طالب أمامي ، وبيده لوائي وهو لواء الحمد ، مكتوب عليه ( لا الَه إلا الله ، المفلحون هم الفائزون بالله ). فإذا مررنا بالنبيين قالوا : هذان ملكان مقربان لم نعرفهما ولم نرهما. وإذا مررنا بالملائكة قالوا : نبيين مرسلين ، حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني ، حتى إذا صرت في أعلى درجة منها وعلي أسفل مني بدرجة ، فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال : طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله تعالى !
    فيأتي النداء من قبل الله عز وجل يسمع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين : هذا حبيبي محمد وهذا وليي علي ، طوبى لمن أحبه ، وويل لمن أبغضه وكذب عليه. فلا يبقى يومئذ أحدٌ أحبك يا علي إلا استروح الى هذا الكلام ، وابياضَّ وجهه

    وفرح قلبه ، ولا يبقى أحدٌ ممن عاداك أو نصب لك حرباً أوجحد لك حقاً ، إلا اسود وجهه واضطربت قدماه.
    فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إليّ ، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة ، وأما الآخر فمالك خازن النار ، فيدنو رضوان فيقول : السلام عليك يا أحمد.
    فأقول : السلام عليك أيها الملك ، من أنت ؟ فما أحسن وجهك الطيب وأطيب ريحك !
    فيقول : أنا رضوان خازن الجنة ، وهذه مفاتيح الجنة بعث بها اليك رب العزة فخذها يا أحمد.
    فأقول : قد قبلت ذلك من ربي ، فله الحمد على ما فضلني به ، ادفعها الى أخي علي بن أبي طالب ، فيدفع الى علي.
    ثم يرجع رضوان فيدنو مالك فيقول : السلام عليك يا أحمد.
    فأقول : عليك السلام أيها الملك ، فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك ، من أنت ؟!
    فيقول : أنا مالك خازن النار ، وهذه مقاليد النار بعث بها اليك رب العزة فخذها يا أحمد.
    فأقول : قد قبلت ذلك من ربي ، فله الحمد على ما فضلني به ، ادفعها الى أخي علي بن أبي طالب ، فيدفعها اليه ثم يرجع مالك.
    فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار ، حتى يقف بحجزة جهنم وقد تطاير شررها وعلا زفيرها واشتد حرها ، وعلي آخذٌ بزمامها فيقول له جهنم : جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي ، فيقول لها علي : قري يا جهنم : خذي هذا واتركي هذا ! خذي عدوي واتركي وليي.
    فَلَجهنم يومئذٍ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه ، فإن شاء يذهبها يمنة ، وإن شاء يذهبها يسرة ، ولجهنم يومئذٍ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق. انتهى.

    ورواه في روضة الواعظين / 113 ، وبشارة المصطفى / 21 ، وتفسير القمي : 2 / 324 ، وفي آخره ( وذلك أن علياً يومئذٍ قسيم الجنة والنار ) وفي بصائر الدرجات / 416 :
    خطبة الوسيلة من كتاب الكافي
    روى الكليني ; خطبة عظيمة خطبها أمير المؤمنين 7 ، تسمى خطبة الوسيلة ، تتضمن تفصيلات عن درجة الوسيلة في الجنة لمحمد وآله صلى الله عليه وعليهم.
    ونظراً لأهميتها وفوائدها أوردنا منها أكثر من محل الشاهد.
    قال ; في الكافي : 8 / 18 :
    خطبة لأمير المؤمنين 7 ، وهي خطبة الوسيلة :
    محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي ، عن الحسين بن النضر الفهري ، عن أبي عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد قال : دخلت على أبي جعفر فقلت : يا بن رسول الله قد أرمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها !
    فقال : يا جابر ألم أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ، ومن أي جهة تفرقوا؟ قلت : بلى يا ابن رسول الله.
    قال : فلا تختلف إذا اختلفوا يا جابر ، إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله 9في أيامه ، يا جابر إسمع وع.
    قلت : إذا شئت.
    قال : اسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك : إن أمير المؤمنين خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله 9 ، وذلك حين فرغ من جمع القرآن ، وتأليفه فقال :
    الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده ، وحجب العقول أن تتخيل ذاته ، لامتناعها من الشبه والتشاكل ، بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته ، ولا يتبعض بتجزئة

    العدد في كماله ، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن ، ويكون فيها لا على وجه الممازجة ، وعلمها لا بأداة ، لا يكون العلم إلا بها ، وليس بينه وبين معلومه علمٌ غيره به كان عالماً بمعلومه.
    إن قيل كانَ ، فعلى تأويل أزلية الوجود ، وإن قيل لم يزل ، فعلى تأويل نفي العدم.
    فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه ، واتخذ إلَها غيره علواً كبيرا.
    نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه ، وأوجب قبوله على نفسه ، وأشهد أن لا الَه إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، شهادتان ترفعان القول وتضاعفان العمل ، خف ميزان ترفعان منه ، وثقل ميزان توضعان فيه ، وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار ، والجواز على الصراط ، وبالشهادة تدخلون الجنة وبالصلاة تنالون الرحمة.
    أكثروا من الصلاة على نبيكم : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
    أيها الناس : إنه لا شرف أعلى من الإسلام ، ولا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجع من التوبة ، ولا لباس أجمل من العافية ، ولا وقاية أمنع من السلامة ، ولا مال أذهب بالفاقة من الرضى بالقناعة ، ولا كنز أغنى من القنوع ومن أقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة ، وتبوء خفض الدعة.
    والرغبة مفتاح التعب ، والاحتكار مطية النصب ، والحسد آفة الدين ، والحرص داع الى التقحم في الذنوب ، وهو داع للحرمان ، والبغي سائق الى الحين ، والشره جامع لمساوي العيوب.
    رب طمع خائب وأمل كاذب ، ورجاء يؤدي الى الحرمان ، وتجارة تؤول الى الخسران.
    ألا ومن تورط في الأمور غير ناظر في العواقب ، فقد تعرض لمفضحات النوائب ، وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن.

    أيها الناس : إنه لا كنز أنفع من العلم ، ولا عز أرفع من الحلم ، ولا حسب أبلغ من الأدب ، ولا نصب أوضع من الغضب ، ولا جمال أزين من العقل ، ولا سوءة أسوأ من الكذ ب ، ولا حافظ أحفظ من الصمت ، ولا غائب أقرب من الموت.
    أيها الناس : إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره ، ومن سل سيف البغي قتل به ، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها ، ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته ، ومن نسي زلته استعظم زلل غيره ، ومن أعجب برأيه ضل ، ومن استغنى بعقله زل ، ومن تكبر على الناس ذل ، ومن سفه على الناس شتم ، ومن خالط الأنذال حقر ، ومن حمل ما لا يطيق عجز.
    أيها الناس : إنه لا مال أعود من العقل ، ولا فقر أشد من الجهل ، ولا واعظ أبلغ من النصح ، ولا عقل كالتدبير ، ولا عبادة كالتفكر ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا وحشة أشد من العجب ، ولا ورع كالكف عن المحارم ، ولا حلم كالصبر والصمت.
    أيها الناس : في الانسان عشر خصال يظهرها لسانه : شاهدٌ يخبر عن الضمير ، حاكمٌ يفصل بين الخطاب ، وناطقٌ يرد به الجواب ، وشافعٌ يدرك به الحاجة ، وواصفٌ يعرف به الأشياء ، وأميرٌ يأمر بالحسن ، وواعظٌ ينهى عن القبيح ، ومعزٌ تسكن به الأحزان ، وحاضرٌ تجلى به الضغائن ، ومونقٌ تلتذ به الأسماع.
    أيها الناس : إنه لا خير في الصمت عن الحكم ، كما أنه لا خير في القول بالجهل. واعلموا أيها الناس إنه من لم يملك لسانه يندم ، ومن لا يعلم يجهل ، ومن لا يتحلم لا يحلم ، ومن لا يرتدع لا يعقل ، ومن لا يعقل يهن ، ومن يهن لا يوقر ، ومن لا يوقر يتوبخ ، ومن يكتسب مالاً من غير حقه يصرفه في غير أجره ، ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم ، ومن لم يعط قاعداً منع قائماً ، ومن يطلب العز بغير حق يذل ، ومن يغلب بالجور يغلب ، ومن عاند الحق لزمه الوهن ، ومن تفقه وقر ، ومن تكبر حقر ، ومن لا يحسن لا يحمد.

    أيها الناس : إن المنية قبل الدنية ، والتجلد قبل التبلد ، والحساب قبل العقاب والقبر خير من الفقر ، وغض البصر خير من كثير من النظر ، والدهر يومٌ لك ويوم عليك ، فإذا كان لك فلا تبطر ، وإذا كان عليك فاصبر ، فبكليهما تمتحن.
    أيها الناس : أعجب ما في الانسان قلبه ، وله موادُّ من الحكمة ، وأضدادٌ من خلافها ، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ ، وإن ناله الخوف شغله الحذر ، وإن اتسع له الأمن استلبته الغرة ، وإن جددت له نعمة أخذته العزة ، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى ، وإن عضته فاقة شغله البلاء وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة .. فكل تقصير به مضر ، وكل إفراط له مفسد. أيها الناس : إنه من فل ذل ، ومن جاد ساد ، ومن كثر ماله رأس ، ومن كثر حلمه نبل ، ومن أفكر في ذات الله تزندق ، ومن أكثر من شيء عرف به ، ومن كثر مزاحه استخف به ، ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته ، فسد حسب من ليس له أدب ، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ، ليس من جالس الجاهل بذي معقول ، من جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال ، لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لإقلاله.
    أيها الناس : لو أن الموت يشترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج ، واللئيم الملهوج.
    أيها الناس : إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط وفطنة الفهم. للمواعظ ما يدعو النفس الى الحذر من الخطر ، وللقلوب خواطر للهوى ، والعقول تزجر وتنهى ، وفي التجارب علم مستأنف ، والاعتبار يقود الى الرشاد ، وكفاك أدباً لنفسك ما تكرهه لغيرك ، وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه ، لقد خاطر من استغنى برأيه ، والتدبر قبل العمل ، فإنه يؤمنك من الندم ، ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ ، ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول ، ومن

    حصن شهوته فقد صان قدره ، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته ، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال ، والأيام توضح لك السرائر الكامنة ، وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة ، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة ، وأشرف الغنى ترك المنى ، والصبر جنة من الفاقة ، والحرص علامة الفقر ، والبخل جلباب المسكنة ، والمودة قرابة مستفادة ، ووصول معدم خير من جاف مكثر ، والموعظة كهف لمن وعاها ، ومن أطلق طرفه كثر أسفه ، وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله ، وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو إحسان ، ومن ضاق خلقه مله أهله ، ومن نال استطال ، وقل ما تصدقك الأمنية ، والتواضع يكسوك المهابة ، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق.
    كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره ، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه ، وانح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن ، وفي خلاف النفس رشدك ، من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد.
    ألا وإن مع كل جرعة شرقاً وإن في كل أكلة غصصاً ، لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى ولكل ذي رمق قوت ، ولكل حبة آكل ، وأنت قوت الموت.
    أعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير الى بطنها ، والليل والنهار يتنازعان في هدم الأعمار.
    يا أيها الناس : كفر النعمة لؤم ، وصحبة الجاهل شؤم ، إن من الكرم لين الكلام ومن العبادة إظهار اللسان وإفشاء السلام. إياك والخديعة فإنها من خلق اللئيم ، ليس كل طالب يصيب ، ولا كل غائب يؤوب. لا ترغب فيمن زهد فيك. رب بعيد هو أقرب من قريب. سل عن الرفيق قبل الطريق ، وعن الجار قبل الدار.
    ألا ومن أسرع في المسير أدركه المقيل. أستر عورة أخيك كما تعلمها فيك. اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك.
    من غضب على من لا يقدر على ضره ، طال حزنه وعذب نفسه. من خاف ربه

    كف ظلمه ، ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره ، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة.
    إن من الفساد إضاعة الزاد. ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غداً هيهات هيهات. وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب ، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم ، وما شرٌ بشر بعده الجنة ، وما خيرٌ بخير بعده النار. كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر.
    تصفية العمل أشد من العمل ، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد. هيهات لو لا التقى لكنت أدهى العرب.
    * *
    أيها الناس : إن الله تعالى وعد نبيه محمداً 9الوسيلة ووعده الحق ، ولن يخلف الله وعده.
    ألا وإن الوسيلة على درج الجنة وذروةُ ذوائب الزلفة ، ونهاية غاية الأمنية ، لها ألف مرقاة ، ما بين المرقاة الى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام. وما بين مرقاة درة الى مرقاة جوهرة ، الى مرقاة زبرجدة ، الى مرقاة لؤلؤة ، الى مرقاة ياقوته ، الى مرقاة زمردة ، الى مرقاة مرجانة ، الى مرقاة كافور ، الى مرقاة عنبر ، الى مرقاة يلنجوج ، الى مرقاة ذهب ، الى مرقاة غمام ، الى مرقاة هواء ، الى مرقاة نور !!
    قد أنافت على كل الجنان ، ورسول الله 9يومئذ قاعدٌ عليها ، مرتد بريطتين ، ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله ، عليه تاج النبوة واكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف ، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته ، وعليَّ ريطتان ، ريطة من أرجوان النور ، وريطة من كافور.
    والرسل والأنبياء ، قد وقفوا على المراقي ، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور ، عن أيماننا وقد تجللهم حلل النور والكرامة ، لا يرانا ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل إلا بهت بأنوارنا وعجب من ضيائنا وجلالتنا.

    وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسول 9غمامةٌ بسطة البصر ، يأتي منها النداء :
    يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الاٌمي العربي ، ومن كفر فالنار موعده !
    وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسول 9ظلةٌ يأتي منها النداء :
    يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي ، والذي له الملك الأعلى لا فاز أحد ولا نال الروح والجنة إلا من لقي خالقه بالاخلاص لهما والاقتداء بنجومهما. فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم ، وشرف مقعدكم ، وكرم مآبكم وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين. ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة ، أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاءً بما كنتم تعملون.
    وما من رسول خلفَ ولا نبي مضى إلا وقد كان مخبراً أمته بالمرسل الوارد من بعده ، ومبشراً برسول الله 9 ، وموصياً قومه باتباعه ومحله عند قومه ، ليعرفوه بصفته وليتبعوه على شريعته ، ولئلا يضلوا فيه من بعده ، فيكون من هلك أو ضل بعد وقوع الاعذار والانذار عن بينة وتعيين حجة ، فكانت الأمم في رجاء من الرسل وورود من الأنبياء.
    ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي ، على عظم مصائبهم وفجائعها بهم فقد كانت على سعة من الأمل ، ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله 9 ، لأن الله ختم به الانذار والاعذار ، وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه ، وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ، ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به ، ولا قربة اليه إلا بطاعته ، وقال : في محكم كتابه : من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا. فقرن طاعته بطاعته ، ومعصيته بمعصيته ، فكان ذلك دليلاً على ما فوض اليه ، وشاهداً له على من اتبعه وعصاه ، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه ، والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم.

    فاتباعه 9محبة الله ، ورضاه غفران الذنوب ، وكمال الفوز ، ووجوب الجنة.
    وفي التولي عنه والاعراض محادة الله وغضبه وسخطه ، والبعد منه مسكن النار وذلك قوله : ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ، يعني الجحود به والعصيان له. فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده ، وقتل بيدي أضداده ، وأفنى بسيفي جحاده ، وجعلني زلفة للمؤمنين ، وحياض موت على الجبارين ، وسيفه على المجرمين ، وشد بي أزر رسوله ، وأكرمنى بنصره ، وشرفني بعلمه ، وحباني بأحكامه ، واختصني بوصيته ، واصطفاني بخلافته في أمته ، فقال 9وقد حشد المهاجرون والأنصار وانغصت بهم المحافل : أيها الناس إن علياً مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول ، إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه ، كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه ، ولا كنت نبياً فاقتضى نبوة ، ولكن كان ذلك منه استخلافاً لي ، كما استخلف موسى هارون ، حيث يقول : أخلفني في قومي وأصلح ، ولا تتبع سبيل المفسدين ، وقوله 9حين تكلمت طائفة فقالت : نحن موالي رسول الله ، فخرج رسول الله الى حجة الوادع ، ثم صار الى غدير خم فأمر فأصلح له شبه المنبر ، ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعاً صوته قائلاً في محفله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
    فكانت على ولايتي ولاية الله ، وعلى عداوتي عداوة الله. وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره ، وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصاً لي وتكرماً نحلنيه ، وإعظاماً وتفضيلاً من رسول الله 9منحنيه ، وهو قوله تعالى منحنيه وهو قوله تعالى : ثم ردوا الى الله موليهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين. في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع.
    ولئن تقمصها دوني ...
    إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان ، يقيمون لها المناسك ، وينصبون لها العتائر ، ويتخذون لها القربان ، ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام ،

    ويستقسمون بالأزلام ، عامهين عن الله عز ذكره ، حائرين عن الرشاد ، مهطعين الى العباد ، وقد استحوذ عليهم الشيطان ، وغمرتهم سوداء الجاهلية ، ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة ، فأخرجنا الله اليهم رحمة وأطلعنا عليهم رأفة ، وأسفر بنا عن الحجب نوراً لمن اقتبسه ، وفضلاً لمن اتبعه ، وتأييداً لمن صدقه ، فتبوؤوا العز بعد الذلة ، والكثرة بعد القلة ، وهابتهم القلوب والأبصار ، وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها وصاروا أهل نعمة مذكورة ، وكرامة ميسورة ، وأمن بعد خوف ، وجمع بعد كوف ، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان ، وأولجناهم باب الهدى ، وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الايمان ، وفلجوا بنا في العالمين ، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين ، من حام مجاهد ، ومصل قانت ، ومعتكف زاهد ، يظهرون الأمانة ، ويأتون المثابة.
    حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه ورفعه اليه ، لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة ، أو وميض من برقة ، الى أن رجعوا على الأعقاب ، وانتكصوا على الأدبار ، وطلبوا بالأوتار ، وأظهروا الكتائب ، وردموا الباب ، وفلوا الديار ، وغيروا آثار رسول الله ، ورغبوا عن أحكامه ، وبعدوا من أنواره ، واستبدلوا بمستخلفه بديلا ، اتخذوه وكانوا ظالمين ، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله ممن اختار رسول الله لمقامه ، وأن مهاجر آل أبي قحافة خيرٌ من المهاجري والأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف.
    ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله 9 ، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان ، رجعوا عن ذلك وقالوا : إن رسول الله 9مضى ولم يستخلف ، فكان رسول الله الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام ، وعن قليل يجدون غب ما أسسه الأولون.
    ولئن كانوا في مندوحة من المهل ، وشفاء من الأجل وسعة من المنقلب ، واستدراج من الغرور ، وسكون من الحال ، وإدراك من الأمل ، فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد ، وثمود بن عبود ، وبلعم بن باعور ، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ،

    وأمدهم بالأموال والأعمار ، وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله ، وليعرفوا الاهابة له ، والانابة اليه ، ولينتهوا عن الاستكبار ، فلما بلغوا المدة ، واستتموا الأكلة أخذهم الله عز وجل واصطلمهم ، فمنهم من حصب ، ومنهم من أخذته الصيحة ، ومنهم من أحرقته الظلة ، ومنهم من أودته الرجفة ، ومنهم من أردته الخسفة : وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
    ألا وإن لكل أجل كتاباً ، فاذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لك عما هوى اليه الظالمون ، وآل اليه الأخسرون ، لهربت الى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون ، واليه صائرون.
    ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون ، وكباب حطة في بني إسرائيل ، وكسفينة نوح في قوم نوح. إني النبأ العظيم ، والصديق الأكبر ، وعن قليل ستعلمون ما توعدون وهل هي إلا كلعقة الآكل ومذقة الشارب ، وخفقة الوسنان ، ثم تلزمهم المعرات خزياً في الدنيا ، ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب ، وما الله بغافل عما يعملون.
    فما جزاء من تنكب محجته ، وأنكر حجته ، وخالف هداته ، وحاد عن نوره ، واقتحم في ظلمه ، واستبدل بالماء السراب ، وبالنعيم العذاب ، وبالفوز الشقاء ، وبالسراء الضراء ، وبالسعة الضنك ، إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه ، فليوقنوا بالوعد على حقيقته ، وليستيقنوا بما يوعدون : يوم تأتي الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج. إنا نحن نحيي ونميت والينا المصير. يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ... الى آخر السورة.
    العلاقة بين التوسل والاستشفاع وبين درجة الوسيلة في الجنة
    لا بد أن يكون اسم ( الوسيلة ) لتلك المنطقة والدرجة العالية من الجنة ، بسبب أنها مسكن أقرب المخلوقات وسيلةً الى الله تعالى.
    وبذلك تكون الشفاعة التي يعطاها النبي 9 ، نوعاً من الوسيلة ، التي استحقها لأنه أقرب الناس الى الله 9 ، واستحق معها مسكن الفردوس والوسيلة ، أعلى مراتب الجنة.
    * *



    الفصل الثالث
    التوسل الى الله في مصادرنا
    1 ـ التوسل الى الله بالأعمال الصالحة
    تقدم في المسألة السابعة : التوسل العملي الى الله تعالى بالأعمال الصالحة وقول أمير المؤمنين 7 : أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله ، ورسوله ، والجهاد في سبيل الله ، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة ، وأقام الصلاة فإنها الملة ، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله ، وصيام شهر رمضان فانه جنة من عذاب الله ، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب ، وصلة الرحم فانها مثراة للمال ، ومنسأة للأجل ، والصدقة في السر فانها تذهب الخطيئة وتطفيَ غضب الرب ، وصنايع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء ، وتقي مصارع الهوان. انتهى.
    وذكرنا هناك أن التوسل بالأعمال الصالحة لا ينافي التوسل اليه بدعائه بأسمائه وصفاته ، وبمن أمر بالتوسل بهم من أنبيائه وأوصيائه .. لأن ذلك من الأعمال الصالحة أيضاً.


    2 ـ التوسل الى الله بذاته وصفاته عز وجل
    في الكافي : 4 / 74 :
    علي ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن ابراهيم ، عن محمد بن مسلم والحسين بن محمد ، عن أحمد بن اسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير قال : كان أبو عبد الله 7 يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان :
    اللهم إني بك أتوسل ومنك أطلب حاجتي. من طلب حاجته الى الناس ، فإني لا أطلب حاجتي إلا منك ، وحدك لا شريك لك.
    وأسألك بفضلك ورضوانك أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تجعل لي في عامي هذا الى بيتك الحرام سبيلا ، حجة مبرورة متقبلة زاكية خالصة لك ، تقر بها عيني وترفع بها درجتي ، وترزقني أن أغض بصري ، وأن أحفظ فرجي ، وأن أكف بها عن جميع محارمك ، حتى لا يكون شيء آثر عندي من طاعتك وخشيتك ، والعمل بما أحببت والترك لما كرهت ونهيت عنه.
    واجعل ذلك في يسر ويسار وعافية ، وأوزعني شكر ما أنعمت به علي.
    وأسألك أن تجعل وفاتي قتلاً في سبيلك تحت راية نبيك مع أوليائك.
    وأسألك أن تقتل بي أعدائك وأعداء رسولك. وأسألك أن تكرمني بهوان من شئت من خلقك ، ولا تهني بكرامة أحد من أوليائك.
    اللهم اجعل لي مع الرسول سبيلا. حسبي الله ، ما شاء الله.
    وفي الصحيفة السجادية : 1/ 408 :
    إلَهي استشفعت بك اليك ، واستجرت بك منك ، أتيتك طامعاً في إحسانك ، راغباً في امتنانك ، مستسقياً وابل طولك ، مستمطراً غمام فضلك ، طالباً مرضاتك ، قاصداً جنابك ، وارداً شريعة رفدك ، ملتمساً سني الخيرات من عندك.
    وفي الصحيفة السجادية : 1/ 151 :
    دعاؤه 7 في ذكر التوبة وطلبها :

    اللهم صل على محمد وآله ، وشفع في خطاياي كرمك ، وعد على سيئاتي بعفوك ، ولا تجزني جزائي من عقوبتك ، وابسط علي طولك ، وجللني بسترك ، وافعل بي فعل عزيز تضرع اليه عبد ذليل فرحمه ، أو غني تعرض له عبد فقير فنعشه.
    اللهم لا خفير لي منك فليخفرني عزك ، ولا شفيع لي فليشفع لي فضلك ، وقد أوجلتني خطاياي فليؤمني عفوك..
    وفي الصحيفة السجادية : 1/ 402 :
    يا مجيب المضطر ، يا كاشف الضر ، يا عظيم البر ، يا عليماً بما في السر ، يا جميل الستر استشفعت بجودك وكرمك اليك ، وتوسلت بحنانك وترحمك لديك فاستجب دعائي ، ولا تخيب فيك رجائي ، وتقبل توبتي ، وكفر خطيئتي بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
    وفي الصحيفة السجادية : 1 / 441 :
    يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين ، ولا يزيد جبروته إيمان الموحدين ، اليك أستشفع بقديم كرمك ، أن لا تسلبني مامنحتني من جسيم نعمك.
    3 ـ الاستشفاع الى الله تعالى بحبه ومعرفته
    وفي الصحيفة السجادية : 1/ 216 :
    فيا من رباني في الدنيا بإحسانه وتفضله ونعمه ، وأشار لي في الآخرة الى عفوه وكرمه. معرفتي يا مولاي دلتني عليك ، وحبي لك شفيعي اليك ، وأنا واثقٌ من دليلي بدلالتك ، وساكنٌ من شفيعي الى شفاعتك.
    وفي الصحيفة السجادية : 1 / 249 :
    ياذا المن ولا يمن عليك ، يا ذا الطول ، ويا ذا الجلال والاكرام ، لاالَه الا أنت ، ظهر اللاجئين ، وجار المستجيرين ، وأمان الخائفين ، اليك فررت بنفسي يا ملجأ الخائفين ، لا أجد شافعا اليك إلا معرفتي بأنك أفضل من قصد اليه المقصرون ، وآمل من لجأ اليه الخائفون.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: 1   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:19

    4 ـ افتتاح الصلاة بالتوجه الى الله بالنبي وآله 9
    في الكافي : 2 / 544 :
    ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله 7 قال : كان أمير المؤمنين 7 يقول : من قال هذا القول كان مع محمد وآل محمد إذا قام قبل أن يستفتح الصلاة :
    اللهم إني أتوجه اليك بمحمد وآل محمد ، وأقدمهم بين يدي صلاتي ، وأتقرب بهم اليك ، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين.
    مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم ومعرفتهم وولايتهم فإنها السعادة ، واختم لي بها ، فإنك على كل شيء قدير.
    ثم تصلي فإذا انصرفت قلت :
    اللهم اجعلني مع محمد وآل محمد في كل عافية وبلاء ، واجعلني مع محمد وآل محمد في كل مثوى ومنقلب ، اللهم اجعل محياي محياهم ، ومماتي مماتهم ، واجعلني معهم في المواطن كلها ، ولا تفرق بيني وبينهم ، إنك على كل شيء قدير.
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : تقول قبل دخولك في الصلاة :
    اللهم إني أقدم محمداً نبيك 9بين يدي حاجتي ، وأتوجه به اليك في طلبتي ، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين. اللهم اجعل صلاتي بهم متقبلة ، وذنبي بهم مغفوراً ، ودعائي بهم مستجاباً ، يا أرحم الراحمين.
    وفي الكافي : 3 / 309 :
    وعنه ، عن أبيه ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، ومعاوية بن وهب قالا : قال أبو عبد الله 7 : إذا قمت الى الصلاة فقل :
    اللهم إني أقدم اليك محمداً 9بين يدي حاجتي وأتوجه به اليك ، فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين. إجعل صلاتي به مقبولة ، وذنبي به

    مغفوراً ، ودعائي به مستجاباً. إنك أنت الغفور الرحيم ...
    ورواه في تهذيب الاحكام : 2 /287 ، وفي الفقيه : 1 / 302
    وفي الفقيه : 1 /483 : القول عند القيام الى صلاة الليل :
    قال الصادق 7 : إذا أردت أن تقوم الى صلاة الليل فقل : اللهم إني أتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة وآله ، وأقدمهم بين يدي حوائجي ، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، اللهم ارحمني بهم ولا تعذبني بهم ، واهدني بهم ولا تضلني بهم ، وارزقني بهم ولا تحرمني بهم ، واقض لي حوائجي للدنيا والآخرة ، إنك على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم.
    باب الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن :
    من السنة التوجه في ست صلوات وهي : أول ركعة من صلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وأول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من ركعتي الاحرام ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من الفريضة. كذلك ذكره أبي رضي الله عنه في رسالته الي.
    وفي الصحيفة السجادية : 2 / 258 :
    أسألك يا سيدي ، وليس مثلك شيء بكل دعوة دعاك بها نبي مرسل ، أو ملك مقرب ، أومؤمن امتحنت قلبه بالايمان ، واستجبت دعوته ، وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، وأقدمه بين يدي حوائجي.
    يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأهل بيتك الطيبين ، إني أتوجه بك الى ربك ، وأقدمك بين يدي حوائجي.
    وفي الصحيفة السجادية : 2 / 344 :
    أسألك بحق نبيك محمد 9 ، وأتوسل اليك بالأئمة : الذين اخترتهم لسرك ، وأطلعتهم على خفيك ، واخترتهم بعلمك ، وطهرتهم وأخلصتهم واصطفيتهم وأصفيتهم وجعلتهم هداة مهديين ، وائتمنتهم على وحيك ، وعصمتهم عن معاصيك ، ورضيتهم لخلقك ، وخصصتهم بعلمك ، واجتبيتهم وحبوتهم ، وجعلتهم

    حججا على خلقك ، وأمرت بطاعتهم على من برأت.
    وأتوسل اليك في موقفي اليوم أن تجعلني من خيار وفدك.
    دلالة استحباب التوسل عند الأذان وافتتاح الصلاة
    من الأمور التي تهز الانسان وهو يبحث في آيات التوسل وأحاديثه :
    أن الله تعالى أنزل آية الأمر بالتوسل في آخر سورة من قرآنه ( المائدة ) بعبارة موجزة مقتضبة ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ... ) ولكن بصيغة قوية تأمر المسلمين بالارتفاع الى نوع راق من السلوك الايماني يتميز بالتعامل اليومي مع النبي وأهل بيته 9على أنهم وسيلةُ المسلم الى ربه تعالى !!
    ثم بين الرسول للمسلمين كيفية تنفيذ الطلب الالَهي ، بأن يصلوا عليه عندما يذكر اسمه .. وعندما يسمعون الأذان .. وعندما يقفون للصلاة بين يدي ربهم .. وفي ختام صلاتهم .. وعندما تمسهم شدة أو حاجة !!
    وهذا يعني أن يعيش المسلم يومياً وفي أقدس لحظات حياته ، التوجه الى الله تعالى بنبيه وآله والتوسل بهم اليه ، لأنهم الواسطة التي اختارها الله وأمر أن يتوسط العباد اليه بها !! وهي حقيقةٌ كبيرةٌ .. تدل على أبعاد النبوة وأعماق الولاية ، لمحمد وآله الطيبين الطاهرين.
    ومما تدل عليه أن الله تعالى جذَّر مقامهم في الكون والحياة ، حتى قرنهم بألوهيته فلم يقبل مدخلاً اليه إلا بهم .. وهو مقامٌ عظيمٌ ، وشرفٌ رفيعٌ ، ما عليه من مزيد !!
    5 ـ التوجه بالنبي وآله لدفع شر السلطان
    في الكافي : 2 / 558 :
    وقال أبو عبد الله 7 : من دخل على سلطان يهابه فليقل : بالله أستفتح ، وبالله أستنجح ، وبمحمد 9أتوجه ، اللهم ذلل لي صعوبته ، وسهل لي حزونته ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب.
    ونحوه في الصحيفة السجادية : 2 /65

    6 ـ التوجه إلى الله بالنبي وآله عند الحاجة والشدة
    في الكافي : 2 / 552 :
    محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي داود عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر 7 قال : جاء رجل الى النبي 9فقال : يا رسول الله إني ذو عيال وعلي دين ، وقد اشتدت حالي ، فعلمني دعاء أدعو الله عز وجل به ليرزقني ما أقضي به ديني ، وأستعين به على عيالي.
    فقال رسول الله 9 : يا عبدالله توضأ وأسبغ وضوءك ، ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود ، ثم قل : يا ماجد يا واحد يا كريم يا دائم ، أتوجه اليك بمحمد نبيك نبي الرحمة.
    يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك الى الله ربك وربي ورب كل شيء أن يصلي على محمد وأهل بيته.
    وأسألك نفحة كريمة من نفحاتك وفتحا يسيراً ورزقاً واسعاً ألمُّ به شعثي ، وأقضي به ديني ، وأستعين به على عيالي. ورواه في الكافي : 3/473
    وروى نحوه في التهذيب : 3 /311 :
    أحمد بن محمد ، عن أحمد بن أبي داود ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبي جعفر 7 قال : جاء رجل الى الرضا 7 فقال له : يابن رسول الله إني ذو عيال وعليَّ دينٌ ، وقد اشتدت حالي ، فعلمني دعاءً إذا دعوت الله عز وجل به رزقني الله ، فقال : يا عبد الله توضأ واسبغ وضوءك ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود فيهما ، ثم قل ... وذكره.
    وفي الكافي : 2 / 582 :
    علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله 7 ابتداءً منه : يا معاوية أما علمت أن رجلاً أتى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فشكى الابطاء عليه في الجواب في دعائه فقال له :
    أين أنت عن الدعاء السريع الاجابة ؟
    فقال له الرجل : ما هو ؟

    قال قل : اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الاكرم ، المخزون المكن ون ، النور الحق البرهان المبين ، الذي هو نورٌ مع نور ، ونورٌ من نور ، ونورٌ في نور ، ونورٌ على نور ، ونورٌ فوق كل نور ، ونورٌ يضيىَ به كل ظلمة ، ويكسر به كل شدة وكل شيطان مريد ، وكل جبار عنيد.
    لا تقرُّ به أرض ، ولا تقوم به سماء ، ويأمن به كل خائف ، ويبطل به سحر كل ساحر ، وبغي كل باغ ، وحسد كل حاسد ، ويتصدع لعظمته البر والبحر ، ويستقل به الفلك حين يتكلم به الملك ، فلا يكون للموج عليه سبيل.
    وهو اسمك الأعظم الأعظم الأجل الأجل ، النور الأكبر ، الذي سميت به نفسك ، واستويت به على عرشك.
    وأتوجه اليك بمحمد وأهل بيته ، أسألك بك وبهم ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي .. كذا وكذا.
    وفي الكافي : 3 / 476 :
    علي بن ابراهيم ، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله ، عن زياد القندي ، عن عبد الرحيم القصير قال : دخلت على أبي عبد الله 7 فقلت جعلت فداك إني اخترعت دعاء ، قال : دعني من اختراعك ! إذا نزل بك أمر فافزع الى رسول الله ، وصل ركعتين تهديهما الى رسول الله صلى الله عليه وآله.
    قلت : كيف أصنع ؟
    قال : تغتسل وتصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة ، وتشهد تشهد الفريضة فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت :
    اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، واليك يرجع السلام ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبلغ روح محمد مني السلام ، وأرواح الأئمة الصادقين سلامي ، واردد عليَّ منهم السلام ، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته.
    اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني الى رسول الله 9 ، فأثبني عليهما ما أملت ورجوت ، فيك وفي رسولك ، يا ولي المؤمنين.

    ثم تخر ساجداً وتقول :
    يا حي يا قيوم ، ياحي لا يموت ، ياحي لا الَه إلا أنت ، ياذا الجلال والاكرام ، ياأرحم الراحمين. أربعين مرة.
    ثم ضع خدك الأيمن ، فتقولها أربعين مرة.
    ثم ضع خدك الأيسر ، فتقولها أربعين مرة.
    ثم ترفع رأسك وتمد يدك ، وتقول أربعين مرة.
    ثم ترد يدك الى رقبتك وتلوذ بسبابتك ، وتقول ذلك أربعين مرة.
    ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى وابك أو تباك ، وقل :
    يا محمد يا رسول الله أشكو الى الله واليك حاجتي ، والى أهل بيتك الراشدين حاجتي ، وبكم أتوجه الى الله في حاجتي.
    ثم تسجد وتقول : يا ألله يا ألله ، حتى ينقطع نفسك .. صل على محمد وآل محمد وافعل بي .. كذا وكذا.
    قال أبو عبد الله 7 : فأنا الضامن على الله عزوجل أن لا يبرح حتى تقضى حاجته. ورواه في الفقيه : 1 / 556
    وفي الكافي : 3 / 478 :
    وبهذا الاسناد ، عن أبي اسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن شرحبيل الكندي ، عن أبي جعفر 7 قال : إذا أردت أمراً تسأله ربك ، فتوضأ وأحسن الوضوء ثم صل ركعتين ، وعظم الله وصل على النبي 9 ، وقل بعد التسليم :
    اللهم إني أسألك بأنك ملك ، وأنك على كل شيء قدير مقتدر ، وبأنك ما تشاء من أمر يكون. اللهم إني أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة.
    يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك الى الله ربك وربي ، لينجح لي طلبتي.
    اللهم بنبيك أنجح لي طلبتي بمحمد .. ثم سل حاجتك.
    ورواه في تهذيب الأحكام : 3 / 313

    وفي الفقيه : 1 / 556 :
    روى موسى بن القاسم البجلي ، عن صفوان بن يحيى ، ومحمد بن سهل عن أشياخهما عن أبي عبدالله 7 قال :
    إذا حضرت لك حاجة مهمة الى الله عز وجل فصم ثلاثة أيام متوالية : الأربعاء والخميس والجمعة ، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء الله تعالى فاغتسل والبس ثوباً جديداً ، ثم اصعد الى أعلى بيت في دارك وصل فيه ركعتين ، وارفع يديك الى السماء ثم قل :
    اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك ، وإنه لا قادر على حاجتي غيرك ، وقد علمت يارب أنه كلما تظاهرت نعمتك علي اشتدت فاقتي اليك ، وقد طرقني هم كذا وكذا وأنت بكشفه ، عالمٌ غير معلم ، واسعٌ غير متكلف ، فأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت ، ووضعته على السماء فانشقت ، وعلى النجوم فانتثرت ، وعلى الأرض فسطحت ، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد والأئمة : ... وتسمهم الى آخرهم ، أن تصلي على محمد وأهل بيته ، وأن تقضي حاجتي ، وأن تيسر لي عسيرها ، وتكفيني مهمها ، فإن فعلت فلك الحمد ، وإن لم تفعل فلك الحمد ، غير جائر في حكمك ، ولا متهم في قضائك ، ولا حائف في عدلك.
    وتلصق خدك بالأرض وتقول :
    اللهم أن يونس بن متي عبدك دعاك في بطن الحوت وهو عبدك فاستجبت له ، وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي.
    ثم قال أبو عبدالله 7 : لربما كانت الحاجة لي فأدعو بهذا الدعاء فأرجع وقد قضيت.
    صلاة أخرى للحاجة :
    روى سماعة عن أبي عبد الله 7 أنه قال :
    إن أحدكم إذا مرض دعا الطبيب وأعطاه ، وإذا كانت له حاجة الى سلطان ، رشا البواب وأعطاه !

    ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع الى الله تعالى ، فتطهر وتصدق بصدقة قلَّت أو كثرت ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وأهل بيته ثم قال : اللهم إن عافيتني من مرضي ، أو ردتني من سفري ، أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا .. إلا آتاه الله ذلك.
    وفي الصحيفة السجادية : 1 / 293 :
    اللهم فإني أتقرب اليك بالمحمدية الرفيعة ، والعلوية البيضاء ، وأتوجه اليك بهما أن تعيذني من شر كذا وكذا ، فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك ، ولا يتكأدك في قدرتك وأنت على كل شيء قدير ...
    وفي الصحيفة السجادية : 2/ 258 :
    أسألك يا سيدي وليس مثلك شيء بكل دعوة دعاه بها نبي مرسل ، أو ملكٌ مقرب أو مؤمنٌ امتحنت قلبه بالايمان ، واستجبت دعوته.
    وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، وأقدمه بين يدي حوائجي.
    يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأهل بيتك الطيبين ، إني أتوجه بك الى ربك ، وأقدمك بين يدي حوائجي.
    يا رباه يا الله ، يا رباه يا الله ، إني أسألك بك فليس كمثلك شيء ، وأتوجه اليك بمحمد نبي الرحمة وبعترته الطيبين ، وأقدمهم بين يدي حوائجي ، أن تعتقني من النار ، وتكفيني وجميع المؤمنين والمؤمنات كل ما أهمنا من أمر الدنيا والآخرة .. انتهى.
    والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وفيها صحاحٌ متواترة ، تجدها في أبواب افتتاح الصلاة من الفقه ، وأبواب صلاة الحاجة ، وفي كتب المزار والأدعية.
    7 ـ الاستشفاع بالنبي والأئمة عند زيارة قبورهم الشريفة
    ستأتي أحاديث الاستشفاع والتوسل بالنبي 9في تفسير قوله تعالى ( ولو أنهم أذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله ... ).

    وفي المقنعة / 463 :
    وتحول الى عند الرأس فقف عليه ، وقل :
    السلام عليك يا وصي الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء ، أشهد لك يا ولي الله بالبلاغ والأداء. أتيتك بأبي أنت وأمي زائراً عارفاً بحقك ، مستبصراً بشأنك ، موالياً لأوليائك ، معادياً لأعدائك ، متقرباً الى الله بزيارتك ، في خلاص نفسي ، وفكاك رقبتي من النار ، وقضاء حوائجي للآخرة والدنيا ، فاشفع لي عند ربك ، صلوات الله عليك ورحمة الله وبركاته.
    وفي الكافي : 4 / 569 :
    عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عمن حدثه ، عن الصادق وأبي الحسن الثالث 8 ، قال يقول :
    السلام عليك ياولي الله أنت أول مظلوم ، وأول من غصب حقه ، صبرت واحتسبت ، حتى أتاك اليقين ، فأشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد ، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب ، وجدد عليه العذاب.
    جئتك عارفاً بحقك مستبصراً بشأنك ، معادياً لأعدائك ومن ظلمك ، ألقى على ذلك ربي إن شاء الله.
    يا ولي الله : إن لي ذنوباً كثيرة ، فاشفع لي الى ربك ، فإن لك عند الله مقاماً محمودا معلوماً ، وإن لك عند الله جاهاً وشفاعة وقد قال تعالى : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى.
    ورواه في تهذيب الأحكام : 6/ 28
    وفي مصباح المتهجد / 694 :
    اللهم لا قوة لي على سخطك ولا صبر لي على عذابك ولا غنى لي عن رحمتك تجد من تعذب غيري ولا أجد من يرحمني غيرك ولا قوة لي على البلاء ولا طاقة لي على الجهد ، أسألك بحق محمد نبيك 9 ، وأتوسل اليك بالأئمة الذين اخترتهم لسرك وأطلعتهم على خفيك وأخبرتهم بعلمك وطهرتهم وخلصتهم واصطفيتهم

    وأصفيتهم وجعلتهم هداة مهديين وائتمنتهم على وحيك وعصمتهم عن معاصيك ورضيتهم لخلقك وخصصتهم بعلمك واجتبيتهم وحبوتهم وجعلتهم حججا على خلقك وأمرت بطاعتهم ولم ترخص لاحد في معصيتهم وفرضت طاعتهم على من برأت ، وأتوسل اليك في موقفي اليوم أن تجعلني من خيار وفدك.
    وفي بحار الأنوار : 99 / 169 :
    ثم قال السيد ; ، دعاء يدعى به عقيب الزيارة لسائر الأئمة : : اللهم إني زرت هذا الإمام مقراً بإمامته ، معتقداً لفرض طاعته ، فقصدت مشهده بذنوبي وعيوبي ، وموبقات آثامي ، وكثرة سيئاتي وخطاياي ، وما تعرفه مني ، مستجيراً بعفوك ، مستعيذاً بحلمك ، راجياً رحمتك ، لاجياً الى ركنك ، عائذاً برأفتك ، مستشفعاً بوليك وابن أوليائك ، وصفيك وابن أصفيائك ، وأمينك وابن أمنائك ، وخليفتك وابن خلفائك ، الذين جعلتهم الوسيلة الى رحمتك ورضوانك ، والذريعة الى رأفتك وغفرانك.
    وفي بحار الأنوار : 24 / 2 :
    كنز : روى شيخ الطائفة ; بإسناده الى الفضل بن شاذان ، رفعه الى أبي جعفر 7 قال : إن الله عز وجل يقول : ماتوجه الى أحدٌ من خلقي أحب الى من داع دعاني يسأل بحق محمد وأهل بيته. وإن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال : ( اللهم أنت وليي في نعمتي ، والقادر على طلبتي ، وقد تعلم حاجتي ، فأسألك بحق محمد وآل محمد إلا ما رحمتني وغفرت زلتي ) فأوحى الله اليه : يا آدم أنا ولي نعمتك ، والقادر على طلبتك ، وقد علمت حاجتك ، فكيف سألتني بحق هؤلاء ؟
    فقال : يا رب انك لما نفخت فيَّ الروح رفعت رأسي الى عرشك ، فإذا حوله مكتوبٌ : لا الَه إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك ، ثم عرضت علي الأسماء ، فكان ممن مرّ بي من أصحاب اليمين آل محمد وأشياعهم ، فعلمت أنهم أقرب خلقك اليك.
    قال : صدقت يا آدم.
    * *



    الفصل الرابع
    تفسير الآيات الثلاث في التوسل
    الآية الأولى
    قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. المائدة ـ 35
    فقد أمرت هذه الآية الكريمة باتخاذ ( وسيلة ) الى الله تعالى ، ولكنها لم تبين ما هي ، وهذا يعني أن الله تعالى ترك بيانها للرسول صلى الله عليه وآله.
    عمل المفسرين السنيين لابعاد الوسيلة عن النبي !
    يلاحظ الباحث أن الرواة والمفسرين السنيين سعوا حثيثاً لابعاد ( الوسيلة المأمور بها في القرآن ) عن النبي 9!!
    فمن ناحية ، لم يرووا شيئاً في تفسيرها عن النبي وآله ، بل تبرعوا بالبيان من عندهم وفسروها بالقربة ، وغاية ما رووا فيها رواية مقطوعة عن حذيفة تقول إن الوسيلة هي القربة! كما في مستدرك الحاكم : 2 / 312 !


    مع أنه لا يعقل أن يكون الأمر الإلَهي نزل الى الأمة بأن يبتغوا الى ربهم الوسيلة ، ولم يبينها لهم الرسول الذي أرسله الله ليبين للناس ؟!
    أما تفسيرهم لها بالقربة فهو تفسير الماء بالماء ! لإن القربة كلمة مجملة تحتاج الى تفسير كالوسيلة !!
    فهل تختص الوسيلة بالأعمال الصالحة ، أم تشمل ابتغاء التوسل بالأنبياء والأوصياء والأولياء .. الخ.
    قال السيوطي في الدر المنثور : 2 / 280 :
    أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله :
    وابتغوا اليه الوسيلة ، قال : القربة.
    وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة في قوله وابتغوا اليه الوسيلة قال : القربة.
    وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : وابتغوا اليه الوسيلة قال : تقربوا الى الله بطاعته والعمل بما يرضيه.
    وأخرج عبد بن حميد عن أبي وائل قال : الوسيلة في الايمان.
    وأخرج الطستي وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : وابتغوا اليه الوسيلة ، قال : الحاجة.
    قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟
    قال : نعم ، أما سمعت عنترة وهو يقول :
    إن الرجال لهم اليـك وسيلة
    أن يأخذوك ، تكحلي وتخضبي. انتهى.

    وتفسير ابن عباس للوسيلة بالحاجة إن صح عنه فلا يصح ، لأن مقصود عنترة أن يقول لتلك المرأة : إن الرجال سيجدون وسيلة لأخذك ولو بالخطيفة فاستعدي ! على أنه لا يبعد أن يكون معنى الحاجة في زمن ابن عباس هو المعنى الذي يستعمله أهل مصر اليوم ، وهو عام يشمل الوسيلة.

    وفي حلية الأولياء : 4 / 105 :
    عن منصور عن أبي وائل في قوله تعالى : وابتغوا اليه الوسيلة ، قال : القربة في الأعمال. انتهى.
    وهكذا ساروا على ما أسسه المفسرون الأمويون من تفسير الآية بالقربة وإبعادها عن النبي وآله 9 ، الذين هم الوسيلة التي أمر الله بها في كتابه !
    ولم يكتفوا بتفسير الوسيلة المطلقة بالقربة المطلقة ، حتى ضيقوا مفهوم القربة وأبعدوه عن كثير من التقربات المرتبطة بشخص النبي وآله 9وقبورهم الشريفة !!
    وسوف ترى أن الاتجاه الأموي أخذ شكلاً حاداً على يد ابن تيمية وأتباعه !
    وبذلك اتجه السؤال بالتهمة اليهم بأنهم راعوا سياسة الخلافة القرشية في تقليلها من حاجة المسلمين الى النبي 9حتى في إيمانهم ، وخاصة في الأمور التي لابد أن تكون ممتدةً بعده بأهل بيته الطاهرين.
    وفي اعتقادي أن ذلك يرجع الى يوم أعلنت الخلافة القرشية الأحكام العرفية في كل مايتعلق بالقبر النبوي ، لأنها خشيت أن يستجير به أهل بيته ويطالبوا بالخلافة ! فمنعت التجمع عنده والصلاة والتوسل والتبرك .. وأكثر مظاهر الاحترام الطبيعية التي تقوم بها الأمم تجاه قبر نبيها !!
    فصار ذلك فقهاً وعقيدة ، وقامت الخلافة الأموية بتركيزه وتبريره .. ولم يخرج عنه إلا المتصوفة ، ولكنهم حاولوا أن يفسروا الوسيلة الى الله تعالى بمشايخ طرقهم !!
    وقد حاول الفخر الرازي أن يستدل على إبعاد الوسيلة عن الواسطة في تلقي الدين والسلوك الديني ، فقال في تفسيره : 6 جزء 11 / 220 :
    المسألة الثالثة ، الوسيلة : فعيلة ، من وسل أي تقرب اليه ، قال لبيد الشاعر :
    أرى الناس لا يدرون ماقدر أمرهم
    ألا كـل ذي لـب الـى الله واسل

    أي متوسل ، فالوسيلة هي التي يتوسل بها الى المقصود.
    قالت التعليمية : دلت الآية على أنه لا سبيل الى الله تعالى إلا بمعلم معرفته ،

    ومرشد يرشدنا الى العلم به ، وذلك لأنه طلب الوسيلة اليه مطلقاً ، والايمان به من أعظم المطالب وأشرف المقاصد ، فلا بد فيه من الوسيلة.
    وجوابنا : أنه تعالى أمر بابتغاء الوسيلة اليه بعد الايمان به ، والايمان به عبارة عن المعرفة به ، فكان هذا أمراً بابتغاء الوسيلة اليه بعد الايمان به ومعرفته ، فيمتنع أن أن يكون هذا أمراً بطلب الوسيلة اليه في معرفته ! فكان المراد طلب الوسيلة اليه في تحصيل مرضاته ، وذلك بالعبادات والطاعات. انتهى كلام الرازي.
    وغرضه أن يقول إن الآية تخاطب المؤمنين بعد إيمانهم بأن يتوسلوا بالطاعات ، ولا تطلب من الناس أن يتوسلوا بشخص الى الايمان.
    ولكنه نسي قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله ) النساء ـ 136
    فقد طلب الله من المؤمنين أن يؤمنوا بالله ورسوله ! ونسي قوله تعالى ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ) الحجرات ـ 14 ، فلا مانع أن يخاطب تعالى المؤمنين بعد إيمانهم أن يبتغوا اليه الوسيلة عن طريق رسوله ؟!
    بل حتى لو سلمنا أن الآية ناظرةٌ الى ما بعد الايمان ، فأي مانع في أن يطلب الله تعالى من المؤمنين أن يرتقوا بإيمانهم الى درجة أعلى ، فيجعلوا الرسول قدوتهم ووسيلتهم الى ربهم؟!!
    ولكن غرض الرازي أن يحصر الوسيلة المأمور بها بالأعمال ، ويبعدها عن شخص النبي وآله 9!
    كما أن غرض التعليمية الذين ذكرهم الرازي أن يبعدوها عن الرسول وآله صلوات الله عليهم ، ويثبتوا حاجة المسلم في إمانه الى شيخ طريقة يكون وسيلته الى ربه !!
    * *
    أما المفسرون الشيعة فقد تأثر بعضهم بالجو العام للتفسير السني ، ففسروا الوسيلة مثلهم بالقربة بلا تعيين ، بينما فسرها بعضهم بما ورد عن أهل البيت : ، من أن الوسيلة هي النبي أو وصيه من بعده ..

    قال الطوسي في تفسير التبيان : 3 / 509 :
    خاطب الله في هذه الآية المؤمنين وأمرهم أن يتقوه ، ومعناه أن يتقوا معاصيه ويجتنبوها ، ويبتغوا اليه معناه يطلبون اليه ، الوسيلة وهي القربة في قول الحسن ومجاهد وقتادة وعطاء والسدي وابن زيد وعبد الله بن كثير وأبي وابل.
    وهي على وزن فعيلة ، من قولهم : توسلت اليك ، أي تقربت. قال عنترة بن شداد :
    إن الـرجال لهم اليك وسيلةٌ
    أن يأخذوك تكحلي وتخضبي

    وقال الآخر :
    إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا
    وعـاد التصافي بيننا والوسائل

    يقال : منه سلت أسال ، أي طلبت ، وهما يتساولان ، أي يطلب كل واحد منهما من صاحبه. والأصل الطلب والوسيلة التي ينبغي أن يطلب مثلها. انتهى.
    والظاهر أن منهج الشيخ الطوسي ; في تفسير التبيان أن يكتب ما يتحمله القارىَ السني. وكذا فعل المقداد السيوري في فقه القرآن : 1 / 369 ، والبلاغي في إملاء مأمن به الرحمن : 1 / 214
    أما التفاسير الروائية عن أهل البيت : ، فقد فسرت الوسيلة التي أمر الله بها بالنبي والأئمة من بعده صلى الله عليه وعليهم.
    ففي تفسير القمي : 1 / 168 :
    وقوله ( اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ) فقال : تقربوا اليه بالامام. انتهى.
    والمتأمل في الآية يلاحظ أنها : أمر إلَهي نزل في آخر سورة من القرآن ، بعنصر جديد كلف الله به المسلمين هو ( البحث .. عن .. الوسيلة ) ! وهو تكليف مجملٌ ، والمصدر الوحيد لبيانه هو الرسول صلى الله عليه وآله.
    أما نحن فنروي أنه 9بين أن الوسيلة هو وأهل بيته ، فالأمة مكلفةٌ أن تتعبد لله تعالى بمعرفتهم في كل عصر وإطاعتهم ..

    بينما لم يرو السنييون بيانها ، ورووا عن غير النبي تفسيرها بالقربة ، وهو لا يصح لأنه تفسيرٌ مجملٌ مثلها ! ولأنه يلغي العنصر الجديد الذي نزلت به الآية ، ويجعل معناها تكراراً تأكيدياً لمثل قوله تعالى ( أطيعوا الله ورسوله ) ، وبذلك لا يبقى معنى لاستعمال مصطلح الوسيلة وابتغائها ، ولا لنزول الآية !!
    الآية الثانية
    قال الله تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما. النساء ـ 64
    ورد تفسير المجيء الى الرسول فيها عن أهل البيت : ، أنه يشمل المجيَ اليه 9في حياته ، والمجيء الى قبره الشريف بعد وفاته. وقد وافقتهم على ذلك روايات في مصادر السنيين.
    ففي الكافي : 4 /550 :
    عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله 7 قال : إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها ثم تأتي قبر النبي 9ثم تقوم فتسلم على رسول الله 9ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر ، وأنت مستقبل القبلة ومنكبك الأيسر الى جانب القبر ، ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر ، فإنه موضع رأس رسول الله 9وتقول :
    أشهد أن لا الَه إلا الله وحده لاشريك له و ، أشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأشهد أنك رسول الله ، وأشهد أنك محمد بن عبدالله ، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك ، وجاهدت في سبيل الله ، وعبدت الله مخلصاً حتى أتاك اليقين ، وأديت الذي عليك من الحق ، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين ، وغلظت على الكافرين ، فبلغ الله بك أفضل شرف محل المكرمين.
    الحمد الله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة.

    اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك الصالحين وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ، ومن سبح لك يارب العالمين من الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك.
    اللهم أعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون.
    اللهم إنك قلت : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما. وإني أتيت نبيك مستغفراً تائباً من ذنوبي وإني أتوجه بك الى الله ربي وربك ليغفرلي ذنوبي.
    وإن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبي 9خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك واسأل حاجتك ، فإنك أحرى أن تقضى إن شاء الله.
    ورواه في تهذيب الأحكام : 6 /5
    ونحوه في من لا يحضره الفقيه : 2 / 567 ، وفيه :
    اللهم وأعطه الدرجة والوسيلة من الجنة ، وابعثه مقاماً محموداً يغبطه بن الأولون والآخرون ، اللهم إنك قلت وقولك الحق : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما. وإني أتيت نبيك مستغفراً تائباً من ذنوبي.
    يا رسول الله إني أتوجه بك الى الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي. انتهى.
    وفي الدر المنثور : 1 / 238 :
    وأخرج البيهقي عن أبي حرب الهلالي قال حج أعرابي فلما جاء الى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ووقف بحذاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
    بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، جئتك مثقلاً بالذنوب والخطايا ، مستشفعاً بك

    على ربك ، لأنه قال في محكم كتابه : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما.
    وقد جئتك بأبي أنت وأمي مثقلاً بالذنوب والخطايا ، أستشفع بك على ربك أن يغفر لي ذنوبي ، وأن يشفع في.
    ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول :
    يا خير من دفنت في الترب أعظمه
    فطـاب مـن طيبهن القاع والأكم

    نفسي الفـداء لقبـر أنـت ساكنه
    فيـه العفاف وفيـه الجود والكرم

    ورواه في كنز العمال : 4 / 258 ، وقال في هامشه : وذكر ابن كثير في تفسيره : 2 / 329
    وقصة هذا الأعرابي تدل على أن العربي الصافي الفطرة يفهم بفطرته أن قوله تعالى ( جاؤوك ) يشمل المجيء الى الرسول في حياته ، والى قبره بعد وفاته.
    وقال الشرنبلاني في نور الإيضاح / 156 :
    ثم يعود ويقف عند رأس سيدنا النبي 9الشريف مستقبله كالأول ويقول : اللهم إنك قلت وقولك الحق : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما. وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك اليك. اللهم ربنا اغفر لنا ولآباءنا وأمهاتنا وإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيم.
    وفي الدر المنثور : 2 / 219 :
    وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ثم استغفر غفر له : ومن يعمل سوءً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيما. ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستفغرواالله واستغفر لهم الرسول..الآية.
    وفي الدر المنثور : 2 /170 :
    وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : أربع آيات في كتاب الله عز وجل أحب الى من حمر النعم وسودها :

    في سورة النساء قوله : إن الله لا يظلم مثقال ذرة .. الآية.
    وقوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به .. الآية.
    وقوله : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك .. الآية.
    وقوله : من يعمل سوءً أو يظلم نفسه .. الآية.
    وفي الدر المنثور : 2 /180 :
    وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال :
    الاستغفار على نحوين ، أحدهما في القول والآخر في العمل.
    فأما استغفار القول فإن الله يقول : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول.
    وأما استغفار العمل فإن الله يقول وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ، فعنى بذلك أن يعملوا عمل الغفران. انتهى.
    جاؤوك ، تشمل المجيء الى قبر النبي والمجيء الى وصيه
    في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة خطاباتٌ وأحكامٌ خاصة بالنبي 9 ، فما حكمها بعد وفاته ؟
    قالت مذاهب الخلافة القرشية : من هذه الأحكام ما هو من شأن النبوة ، فينتهي بوفاة النبي ، والباقي يصير المخاطب به الخليفة الذي حل محل النبي 9!
    وبدأت الخلافة بتنفيذ ذلك في الخمس والأمور المالية ، فقالت صار أمرها الى الخليفة ... الخ.
    ولكن هذه الخطابات والأحكام أوسع وأعمق من أن ينهض بها أمثال الخلفاء الذين حكموا بعد النبي صلى الله عليه وآله .. وللبحث في هذا الموضوع مكانٌ آخر ، ويدخل منه في بحثنا فتح باب الغفران الالَهي بالمجيء الى النبي 9 ، فهل هو حكم مستمرٌ بعده في وصيه أم لا ؟

    دلت أحاديثنا الصحيحة على أن هذا المقام الرباني ثابتٌ للوصي 7 ، وهو الذي يساعد عليه استمرار الإسلام ، ووراثة الكتاب الالَهي ، ونصوص وصية النبي لعترته الطاهرين ، صلى الله عليه وعليهم.
    ففي الكافي : 1 / 391 :
    علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة أو بريد ، عن أبي جعفر 7 قال : قال : لقد خاطب الله أمير المؤمنين 7 في كتابه قال : قلت : في أي موضع ؟ قال : في قوله : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، فيما تعاقدوا عليه لئن أمات الله محمداً ألا يردوا هذا الأمر في بني هاشم ، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ، عليهم من القتل أو العفو ، ويسلموا تسليما.
    وفي الكافي : 8 / 334 :
    علي بن ابراهيم ، عن أبيه ومحمد بن اسماعيل ، وغيره ، عن منصور بن يونس عن ابن أذينة ، عن عبد الله بن النجاشي قال : سمعت أبا عبد الله 7 يقول في قول الله عز وجل : أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغا. يعني والله فلاناً وفلاناً.
    وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما.
    يعني والله النبي 9وعلياً مما صنعوا ، أي لو جاؤوك بها يا علي فاستغفروا الله مما صنعوا ، واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما.
    فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. فقال أبو عبد الله : هو والله عليٌّ بعينه ، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ، على لسانك يا رسول الله يعني به من ولاية علي ، ويسلموا تسليما ، لعلي.

    وفي تفسير القمي : 1/ 142 :
    وقوله : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله ، فإنه حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر 7 قال : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك يا علي فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما. هكذا نزلت. ثم قال : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك ، يا علي ، فيما شجر بينهم ، يعني فيما تعاهدوا وتعاقدوا عليه من خلافك بينهم وغصبك. ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت عليهم يا محمد على لسانك من ولايته ، ويسلموا تسليماً لعلي 7. انتهى.
    ومعنى قول الإمام الباقر 7 ( هكذا نزلت ) أي هذا هو المعنى المقصود فيها الذي أنزله الله تعالى.
    وقد يكون القول بتعميم الخطاب للوصي ثقيلاً على بعضهم ، ولكنه لا بد منه إذا أردنا أن لا نعطل معنى الآيات والأحاديث والأحكام المتعلقة بالنبي 9!
    مع ما يستلزمه تعطيلها من نقصان الدين بعد كماله وتمامه !!
    * *
    الآية الثالثة
    قال الله تعالى : وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ، ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا. قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا. أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا. الاسراء 55 ـ 57
    وهذه الآية تدل على مشروعية التوسل الى الله تعالى بالأشخاص الأقرب اليه ، فمن المتفق عليه بين المفسرين أن قوله تعالى : يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب مدحٌ لهؤلاء المؤمنين بأنهم يطلبون التوسل الى الله تعالى .. وإن اختلفوا في تعيين هؤلاء المتوسلين ، والمتوسل بهم. كما سيأتي.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:21

    تفسيرنا للآيتين الكريمتين
    معنى الآيات :
    قل لهم فليدعوا الذين يزعمون لكشف الضر عنهم ، فلا مجيب !! لأنهم في الحقيقة لا يدعون شيئاً !
    ولكن المؤمنين هم الذين يدعون من هو أهلٌ لكشف الضر سبحانه ، فتراهم يبتغون اليه الوسيلة ، ويبحثون عن أقرب عباده اليه وسيلة فيتوسلون به اليه ، فيستجيب دعاءهم.
    فـ ( أولئك ) في مطلع الآية الثانية استئنافٌ قصد به المؤمنون عبر التاريخ ، وقد مدحهم الله تعالى بدعائهم ربهم الحق ، وبتوسلهم بمن هو أقرب منهم اليه من عباده .. وذلك في مقابل المشركين الذين يدعون هباء ! ويتوسلون بما لم يأذن به الله !!
    أما المفسرون السنيون فقد أرجعوا الضمير في أولئك الى المعبودين المزعومين من دون الله. وبعضهم كالجبائي أرجعه الى الأنبياء ، ولكنه وافقهم في أن ( أيهم أقرب ) صفة للمتوسلين لا للمتوسل بهم ، كما سيأتي.
    وأما المفسرون الشيعة غير المحدثين ، فقد راعوا التفسير السني ، ولم يخرجوا عنه إلا قليلا.
    قال الطوسي في تفسير التبيان : 6 / 490 :
    ثم قال لنبيه : قل لهم ادعوا الذين زعمتم من دونه ، يعني الذين زعمتم أنهم أرباب وآلهة من دون الله ، ادعوهم إذا نزل بكم ضرر ، فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك أم لا.
    وقال ابن عباس والحسن : الذين من دونه ، الملائكة والمسيح وعزير.
    وقال ابن مسعود : أراد به ماكانوا يعبدون من الجن : وقد أسلم أولئك النفر من الجن ، لأن جماعة من العرب كانوا يعبدون الجن ، فأسلم الجن وبقي الكفار على عبادتهم.

    وقال أبو علي : رجع الى ذكر الأنبياء في الآية الأولى ، والتقدير أن الأنبياء يدعون الى الله يطلبون بذلك الزلفة لديه ويتوسلون به اليه والى رضوانه وثوابه ، أيهم كان أفضل عند الله ، وأشد تقرباً اليه بالأعمال.
    ثم قال : فلا يملكون ، يعني الذين تدعون من دون الله ، كشف الضر ، والبلاء عنكم ، ولا تحويله الى سواكم.
    ثم قال : أولئك الذين يدعون يبتغون ... أولئك : رفع بالابتداء ، والذين ، صفة لهم ويبتغون الى ربهم خبر الابتداء ، والمعنى الجماعة الذين يدعون يبتغون الى ربهم.
    أيهم رفع بالابتداء ، وأقرب خبره. والمعنى يطلبون الوسيلة ينظرون أيهم أقرب فيتوسلون به ، ذكره الزجاج.
    وقال قوم : الوسيلة هي القربة والزلفة.
    وقال الزجاج : الوسيلة والسؤال والسؤل والطلبة واحد ، والمعنى أن هؤلاء المشركين يدعون هؤلاء الذين اعتقدوا فيهم أنهم أرباب ، ويبتغي المدعوون أرباباً الى ربهم القربة والزلفة ، لأنهم أهل إيمان به.
    والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله ، أيهم أقرب عند الله بصالح أعماله واجتهاده في عبادته ، فهم يرجون بأفعالهم رحمته ويخافون عذابه بخلافهم إياه.انتهى.
    وقد اقتصر الشيخ الطوسي على ذكر أقوال السنيين ، كما رأيت.
    وأما الطبرسي في مجمع البيان : 6 / 422 ، فقد مال الى قول أبي علي الجبائي ، فقال : ثم قال سبحانه لنبيه ( ص ) :
    قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله : أدعوا الذين زعمتم من دونه أنهم آلهة عند ضر ينزل بكم ليكشفوا ذلك عنكم أو يحولوا تلك الحالة الى حالة أخرى.
    فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ، للحالة التي تكرهونها الى حالة تحبونها يعني تحويل حال القحط الى الخصب والفقر الى الغنى والمرض الى الصحة.

    وقيل معناه لا يملكون تحويل الضر عنكم الى غيركم ، بين سبحانه أن من كان بهذه الصفة فانه لايصلح للالهية ، ولا يستحق العبادة.
    والمراد بالذين من دونه الملائكة والمسيح وعزير عن ابن عباس والحسن.
    وقيل هم الجن ، لأن قوماً من العرب كانوا يعبدون الجن عن ابن مسعود ، قال وأسلم أولئك النفر من الجن وبقي الكفار على عبادتهم.
    قال الجبائي : ثم رجع سبحانه الى ذكر الأنبياء في الآية الاولى فقال : أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ، ومعناه أولئك الذين يدعون الى الله تعالى ويطلبون القربة اليه بفعل الطاعات.
    أيهم أقرب ، أي ليظهر أيهم الأفضل والأقرب منزلة منه.
    وتأويله أن الأنبياء مع علو رتبهم وشرف منزلتهم إذا لم يعبدوا غير الله ، فأنتم أولى أن لا تعبدوا غير الله. وإنما ذكر ذلك حثاً على الاقتداء بهم.
    وقيل إن معناه أولئك الذين يدعون ويعبدونهم ويعتقدون أنهم آلهة من المسيح والملائكة يبتغون الوسيلة والقربة الى الله تعالى بعبادتهم ، ويجتهد كل منهم ليكون أقرب من رحمته ، أو يطلب كل منهم أن يعلم أيهم أقرب الى رحمته أو الى الاجابة ، ويرجون رحمته ويخافون عذابه ، أي وهم مع ذلك يستغفرون لأنفسهم فيرجون رحمته إن أطاعوه ويخافون عذابه إن عصو ، ويعلمون عمل العبيد. انتهى.
    ومع أنه ; مال الى تفسير الجبائي ، ولكنه لم يخرج عن التفسير الأساسي للمفسرين السنيين ، ولم يبحث النسبة بين الآية وبين أحاديث أهل البيت : الصحيحة التي تنص على أن الوسيلة للناس جميعاً هم محمد وآله صلى الله عليهم.
    وأما الطباطبائي فقد ذكر أقوال المفسرين السنيين في الآية ، ولم يجزم بشيء منها ! قال في تفسير الميزان : 13 / 130 :
    قوله تعالى : أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ، الى آخر الآية.

    أولئك مبتدأ ، والذين صفة له ، ويدعون صلته ضميره عائد الى المشركين. ويبتغون خبر أولئك ، وضميره وسائر ضمائر الجمع الى آخر الآية راجعة الى أولئك.
    وقوله : أيهم أقرب ، بيان لابتغاء الوسيلة لكون الابتغاء فحصاً وسؤالا في المعنى. هذا ما يعطيه السياق.
    والوسيلة على ما فسروه هي التوصل والتقرب ، وربما استعملت بمعنى ما به التوصل والتقرب ، ولعله هو الأنسب بالسياق بالنظر الى تعقيبه بقوله : أيهم أقرب. والمعنى والله أعلم :
    أولئك الذين يدعوهم المشركون من الملائكة والجن والانس يطلبون ما يتقربون به الى ربهم يستعلمون.
    أيهم أقرب : حتى يسلكوا سبيله ويقتدوا بأعماله ليتقربوا اليه تعالى كتقربه.ويرجون رحمته ، من كل ما يستمدون به في وجودهم.
    ويخافون عذابه فيطيعونه ولا يعصونه.
    إن عذاب ربك كان محذورا. يجب التحرز منه والتوسل الى الله ببعض المقربين اليه ، على ما في الآية الكريمة ، قريب من قوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ، غير ما يرومه المشركون من الوثنيين ، فإنهم يتوسلون الى الله ويتقربون بالملائكة الكرام والجن والأولياء من الانس ، فيتركون عبادته تعالى ولا يرجونه ولا يخافونه ، وإنما يعبدون الوسيلة ويرجون رحمته ويخافون سخطه ثم يتوسلون الى هؤلاء الأرباب والآلهة بالأصنام والتماثيل فيتركونهم ويعبدون الأصنام ، ويتقربون اليهم بالقرابين والذبائح.
    وبالجملة ، يدعون التقرب الى الله ببعض عباده أو أصنام خلقه ، ثم لا يعبدون إلا الوسيلة مستقلة بذلك ، ويرجونها ويخافونها مستقلة بذلك من دون الله ، فيشركون بإعطاء الاستقلال لها في الربوبية والعبادة.
    والمراد بأولئك الذين يدعون : إن كان هو الملائكة الكرام والصلحاء المقربون من الجن والأنبياء والأولياء من الانس ، كان المراد من ابتغائهم الوسيلة ورجاء الرحمة

    وخوف العذاب ظاهره المتبادر.
    وإن كان المراد بهم أعم من ذلك حتى يشمل من كانوا يعبدونه من مردة الشياطين وفسقة الانسان كفرعون ونمرود وغيرهما ، كان المراد بابتغائهم الوسيلة اليه تعالى ما ذكر من خضوعهم وسجودهم وتسبيحهم التكويني ( ! )
    وكذا المراد من رجائهم وخوفهم لذواتهم. انتهى.
    ثم ذكر صاحب الميزان ; وجوهاً أخرى في رجوع الضمائر ولم يتبن منها شيئاً !
    تفسير السنيين للآيتين الكريمتين
    قال المحدثون والمفسرون السنيون إن المقصود ب ( أولئك ) في الآية ، المعبودون المزعومون من دون الله الذين يؤلههم بعض الناس ، فالمعبودون مؤمنون يعبدون الله تعالى ويبتغون اليه الوسيلة ... وعابدوهم مشركون.
    ورووا عن ابن مسعود وابن عباس أن هؤلاء المعبودين من مؤمني الجن ، أو الملائكة ، أو أنهم المسيح وعزير والشمس والقمر !
    قال البخاري في صحيحه : 5 / 227 :
    عن أبي معمر عن عبد الله ( ابن مسعود ) : الى ربهم الوسيلة ، قال : كان ناس من الانس يعبدون ناسا من الجن ، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم. زاد الاشجعي : عن سفيان عن الأعمش : قل ادعوا الذين زعمتم.
    باب أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة .. الآية :
    عن أبي معمر عن عبدالله رضي الله عنه في هذه الآية : الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ، قال : ناس من الجن يعبدون ، فأسلموا.
    ورواه مسلم : 8 / 244 ، عن عبد الله أيضاً ، وفيه قال : كان نفرٌ من الإنس يعبدون نفراً من الجن ، فأسلم النفر من الجن ، واستمسك الإنس بعبادتهم فنزلت : أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة.
    ورواه الحاكم بنحوه : 2 / 362 ، عن عبد الله أيضاً.

    وقال السيوطي في الدر المنثور : 4 / 189 :
    أخرج عبدالرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، والبخاري ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل ، عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : قل ادعوا الذين زعتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ، قال : كان نفر من الإنس يعبدون نفراً من الجن فأسلم النفر من الجن وتمسك الإنسيون بعبادتهم ، فأنزل الله : أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة. كلاهما بالياء.
    وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، معاً في الدلائل ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن ، فأسلم الجنيون والنفر من العرب لا يشعرون ذلك.
    وقال في الدر المنثور : 4 / 190 :
    وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان قبائل من العرب يعبدون صنفاً من الملائكة يقال لهم الجن ، ويقولون هم بنات الله ، فأنزل الله : أولئك الذين يدعون .. الآية.
    وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيراً.
    وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فلا يملكون كشف الضر عنكم ، قال : عيسى وأمه وعزير.
    وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أولئك الذين يدعون ، قال : هم عيسى وعزير والشمس والقمر. انتهى.
    وقال الفخر الرازي في تفسيره : 20 / 231 :
    فنقول : إن قوماً عبدوا الملائكة فنزلت هذه الآية فيهم.

    وقيل إنها نزلت في الذين عبدوا المسيح وعزيراً.
    وقيل إن قوماً عبدوا نفراً من الجن فأسلم النفر من الجن ، فبقي أولئك من الناس متمسكين بعبادتهم ، فنزلت هذه الآية. انتهى.
    وعلى هذا المنوال نسج المفسرون الباقون .. ومنهم ابن تيمية ، الذي أهمل كغيره أن الآية في مدح المتوسلين ، وأخذ منها ذم الذين الذين عبدوا المتوسلين !
    قال في رسالة فتيا في نية السفر / 430 :
    فالآية تتناول كل من دعا من دون الله من هو صالح عند الله من الملائكة والإنس والجن ! قال تعالى : هؤلاء الذين دعوتموهم لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ، إن عذاب ربك كان محذورا.
    قال أبو محمد عبد الحق بن عطية في تفسيره : أخبر الله تعالى أن هؤلاء المعبودين يطلبون التقرب اليه والتزلف اليه ، وأن هذه حقيقة حالهم ، والضمير في ربهم للمبتغين أو للجميع ، والوسيلة هي القربة ، وسبب الوصول الى البغية ، وتوسل الرجل إذا طلب الدنو والنيل لأمر ما ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم من سأل الله لي الوسيلة .. الحديث.
    وهذا الذي ذكره ذكر سائر المفسرين نحوه ، إلا أنه برز به على غيره فقال : وأيهم ابتداء وخبره أقرب ، وأولئك يراد بهم المعبودون ، وهو ابتداء وخبره يبتغون. والضمير في يدعون للكفار ، وفي يبتغون للمعبودين ، والتقدير نظرهم وذكرهم أيهم أقرب !! وهذا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث الراية بخيبر فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ؟ أي يتبارون في طلب القرب !!
    قال ; : وطفف الزجاج في هذا الموضع فتأمله.
    ولقد صدق في ذلك فإن الزجاج ذكر في قوله أيهم أقرب وجهين كلاهما في غاية الفساد. وقد ذكر ذلك عنه ابن الجوزي وغيره ، وتابعه المهدوي والبغوي وغيرهما ،

    ولكن ابن عطية كان أقعد بالعربية والمعاني من هؤلاء وأخبر بمذهب سيبويه والبصريين ، فعرف تطفيف الزجاج مع علمه ; بالعربية وسبقه ومعرفته بما يعرفه من المعاني والبيان ! وأولئك لهم براعة وفضيلة في أمور يبرزون فيها على ابن عطية ، لكن دلالة الألفاظ من جهة العربية هو بها أخبر ، وإن كانوا هم أخبر بشيء آخر من المنقولات أو غيرها !!
    وقد بين سبحانه وتعالى أن المسيح وإن كان رسولاً كريماً فإنه عبد الله ، فمن عبده فقد عبد ما لا ينفعه ولا يضره !
    قال تعالى : لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح بن مريم ، وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم ، إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ، وما للظالمين من أنصار. انتهى.
    مناقشة تفسيرهم للآيات
    يلاحظ على تفسيرهم للآيات :
    أولاً : أنهم ابتعدوا عن سياق الآية ومصبها ، وهو المقابلة بين المشركين الذين يدعون من يزعمون ، وبين المؤمنين الذين يدعون ربهم ويبتغون اليه الوسيلة !!
    فقد قال سبحانه لرسوله ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ).
    ثم مدح الذين يقابلونهم فقال ( أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) ...
    فالسياق تحدٍ للمشركين بأن آلهتهم المزعومة لا تستطيع أن تكشف الضر عنهم وأنهم بالحقيقة لايدعون من دون الله شيئاً ، بل أوهاماً ..
    ثم قابلهم بالذين يدعون الله تعالى ويتوسلون اليه ، فهؤلاء الذين يدعون الحق بحق ، وعبر عنهم بأولئك تعظيماً لهم.

    وبذلك تتم المقابلة وتكون ( أولئك ) استئنافاً جديداً تاماً ، والضمير فيها للشأن ، ولا ربط له بالآية السابقة ، حتى يعود على شيء منها ، كما تمحلوا !!
    أما هم فقد جعل التقابل بين المشركين وبين بعض من يعبدونهم من الأنبياء .. وهو تقابلٌ ضعيفٌ بعيدٌ !! لو سلم من الاشكالات لا يتبادر الى الذهن.
    وقول الجبائي إن المقصود ب ( أولئك ) هم الأنبياء المذكورون في الآية السابقة ، أقرب من أقوالهم الى الصحة ، ولكن لفظ ( أولئك ) مطلقٌ شاملٌ لكل العابدين لله ، ولا دليل على حصره بالأنبياء : ، وإن كانوا سادتهم.
    ثانياً : إرجاعهم ضمير ( أولئك ) الى المعبودين المزعومين من دون الله خلاف الظاهر ، لأن ضمير هؤلاء المزعومين خفي ، والضمير البارز فيها ضمير العابدين المخاطبين ، فلو كان يريد المزعومين لقال ( أولئك الذين تدعونهم أو تزعمونهم ) أو ذكر إشارةً تدل على قصدهم ، وعدم قصد العابدين المخاطبين !
    ثالثاً : أن المعبودين المزعومين فيهم الصالح والطالح والجماد ، ففيهم الأنبياء مثل عزير وعيسى ، وفيهم الملائكة والجن ، والشمس والقمر والنجوم والأصنام ، وبقية المعبودات .. وصفات المدح لـ ( أولئك ) تمنع رجوع الضمير الى المعبودين جميعاً ! وكيف يصح عود الضمير على بعض العام المعهود بدون قرينة ؟!
    ولعمري إن هذا الضعف في إرجاع الضمائر لا وجود له في القرآن ، ولا في كلام فصحاء العرب !! وهو كاف لتضعيف ما روي عن ابن مسعود وغيره !
    رابعاً : ما رووه عن ابن مسعود وغيره من أن قوماً من العرب كانوا يعبدون الجن فآمن الجن وبقي عبَّادهم مشركين .. الخ .. فنزلت الآية..
    هذه الوجوه ليست حديثاً بل هي أقوالٌ لو تم سندها لبقي تعارضها !
    ولو سلمنا ارتفاع تعارضها ، فهي سببٌ لنزول الآية لا أكثر ، والسبب الخاص لا يخصص الوارد العام ، وصيغة الآية عامة ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه .. ) وهو يشمل كل الذين زعموا ، فلا مبرر لتخصيصها ببعضهم !

    خامساً : إن ضمير العاقل في ( أيهم أقرب ) ينقض تفسيرهم ، فقد جعلوا أيهم بدل جزء من كل من الفاعل ، ليبعدوه عن المتوسل بهم ويجعلوه صفةً للمتوسلين ، فصار المعنى عندهم : يبتغي الوسيلة منهم من كان أقرب وسيلةً الى ربه ، فكيف بالأبعد وسيلة !!
    وذلك كمن يقول ( أولئك يقاتلون عدوهم حقاً أيهم أشجع من غيره ! ) ويقصد القائل أن الأشجع منهم يقاتل ، فكيف بالأضعف !! وهو كلام بعيدٌ عن البلاغة بل عن الفصاحة حتى في كلام المخلوقين ، فكيف نسبوه الى كلام الخالق سبحانه ؟!!
    ولعل هذا هو السبب في أن بعض مفسريهم كالفخر الرازي هرب من تفسير ( أيهم أقرب ) ومر عنها كأنها لا وجود لها !!
    سادساً : أن ضمير ( أيهم ) يعود على ( أولئك ) وما داموا أرجعوا ضمير أولئك على المعبودين المزعومين ، فيجب أن يرجعوا ضمير أيهم اليهم !
    فيكون المعنى عندهم : أن المتوسل بهم الممدوحين هم من بين المعبودين المزعومين ، فيكون التوسل بالإشخاص ممدوحاً ، ويكون منحصراً بالأنبياء المعبودين كعيسى وعزيراً ! وهذا خلاف مذهبهم !!
    سابعاً : أن فعل ( يبتغون ) ينقض تفسيرهم ، لأنه يدل على البحث والتحري ، ويطلب مفعولاً ! و( أيهم أقرب ) هو أقرب مفعول اليه ، فحق ( أي ) أن تكون منصوبة على المفعولية ، لا مرفوعة بدلاً عن الفاعل بدل جزء من كل كما زعموا !
    ولكنهم أغمضوا عيونهم عن ( يبتغون ) وتركوها بلا مفعول ، ليحصروا التوسل بالأعمال دون الذوات !!
    وهكذا .. يتضح لك أن التفسير الذي قدمناه هو الوحيد الخالي عن الإشكال .. وهو نصٌّ في مشروعية التوسل بالأشخاص الأقرب وسيلة الى ربهم ، وأنه من صفات المؤمنين عبر التاريخ وسيرتهم .. وهذا إقرارٌ شرعي له في الإسلام.

    وهو يتفق مع أحاديثنا الصحيحة التي تنص على أن الله تعالى جعل الوسيلة اليه في هذه الأمة بل قبلها ، محمداً وآله صلى الله عليهم.
    علي أقرب الخلق وسيلة الى الله
    أقرب الخلق وسيلة الى الله تعالى هو سيد المرسلين محمدٌ ، ومعه آله الذين أمرنا بالصلاة عليهم معه ، صلى الله عليه وعليهم.
    ولذلك لا تجد في جميع مصادر الحديث السنية والشيعية أن النبي 9وصف أحداً بأنه أقرب الخلق وسيلةً الى الله تعالى بعده ، إلا علياً 7 ، وهي حقيقةٌ مهمة شاء الله تعالى أن ترويها عائشة عن النبي 9!!
    قال القاضي النعمان في شرح الأخبار : 1/ 141 :
    عن مسروق ، قال : دخلت على عائشة فقالت لي : يا مسروق : إنك من أبرِّ ولدي بي ، وإني أسألك عن شيء فأخبرني به.
    فقلت : سلي يا أماه عما شئت.
    قالت : المخدج من قتله ؟
    قلت : علي بن أبي طالب 7.
    قالت : وأين قتله ؟
    قلت على نهر يقال لأعلاه تامرا ، ولأسفله النهروان بين أحافيف ( أخافيق ) وطرق.
    فقالت : لعن الله فلاناً ، تعني عمرو بن العاص فإنه أخبرني أنه قتله على نيل مصر !
    قال مسروق : يا أماه فإني أسألك بحق الله وبحق رسوله وبحقي فإني ابنك ، لما أخبرتني بما سمعت من رسول الله فيهم.
    قالت : سمعته يقول فيهم ( أهل النهروان ) : هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى الله وسيلة.

    قال مسروق : وكان الناس يومئذ أخماساً ، فأتيتها بخمسين رجلاً عشرة من كل خمس ، فشهدوا لها أن علياً قتله !!
    وقال في هامشه :
    وفي المناقب لابن شهر آشوب 3 / 67 : عن الدارمي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة وعن جميع التميمي كليهما عن عائشة : أنها لما روت هذا الخبر ، قيل لها : فلم حاربتيه ؟ قالت : ما حاربته من ذات نفسي إلا حملني طلحة والزبير. وفي رواية : أمرٌ قدر وقضاءٌ غلب.
    وذكر فضل بن شاذان المتوفي 260 هـ في الإيضاح / 86 : عن أبي خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : لعن الله عمرو بن العاص ما أكذبه ! لقوله : أنه قتل ذا الثدية بمصر.
    وروى البحراني في غاية المرام / 451 الباب الأول الحديث 21 نقلاً من كتاب صفين للمدائني عن مسروق : أن عائشة قالت له ـ لما عرفت ـ : من قتل ذي الثدية ؟ لعن الله عمرو بن العاص ، فإنه كتب إليَّ يخبرني أنه قتله بالاسكندرية ، إلا أنه ليس يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعته من رسول الله ، سمعته يقول : يقتله خير أمتي من بعدي.
    ورواه في شرح الأخبار : 1 / 430 ، وفي هامشه :
    رواه ابن المغازلي في المناقب / 55 عن أحمد بن محمد بن عبدالوهاب بن طاوان ، عن الحسين بن محمد العلوي ، عن أحمد بن محمد الجواربي ، عن أحمد بن حازم ، عن سهل بن عامر البجلي ، عن أبي خالد الأحمر ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : قالت عائشة : يا مسروق إنك من ولدي ، وإنك من أحبهم إليّ ، فهل عندك علم من المخدج ؟
    قال قلت : نعم ، قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تامرا ولأسفله النهروان ، بين أحفاق وطرفاء.

    قالت : إبغني على ذلك بينة ، فأتيتها بخمسين رجلاً من كل خمسين بعشرة ـ وكان الناس إذ ذاك أخماساً ـ يشهدون أن علياً 7 قتله على نهر يقال لأعلاه تأمرا ولأسفله النهروان بين أخفاق وطرقاء.
    فقلت : يا أمه ، أسألك بالله وبحق رسول الله وبحقي فإني من ولدك ، أي شيء سمعت رسول الله 9يقول فيه ؟
    قالت : سمعت رسول الله 9يقول : هم شر الخلق والخليقة ، يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى الله وسيلة. انتهى.
    ورواه في شرح الأخبار : 2 / 59 ، وفيه :
    قال : ثم ذكرت لها أن علياً 7 استخرج ذا الثدية من قتلى أهل النهروان الذين قتلهم ، فقالت : أذا أتيت الكوفة فاكتب إليّ بأسماء من شهد ذلك ممن يعرف من أهل البلد.
    قال : فلما قدمت الكوفة ، وجدت الناس أسباعاً ، فكتبت من كل سبع عشرة ممن شهد ذلك ممن نعرفه ، فأتيتها بشهادتهم.
    فقالت : لعن الله عمرو بن العاص ، فإنه زعم هو قتله على نيل مصر. انتهى.
    وقال المفيد في الارشاد : 1 / 317 :
    وقال 7 وهو متوجه الى قتال الخوارج : لولا أني أخاف أن تتكلوا وتتركوا العمل لأخبرتكم بما قضاه الله على لسان نبيه فيمن قاتل هؤلاء القوم مستبصراً بضلالتهم. وإن فيهم لرجلاً مودون اليد له ثدي كثدي المرأة ، وهم شر الخلق والخليقة وقاتلهم أقرب خلق الله الى الله وسيلة.
    ولم يكن المخدج معروفاً في القوم ، فلما قتلوا جعل 7 يطلبه في القتلى ويقول : والله ما كذبت ولا كذبت ! حتى وجد في القوم وشق قميصه ، وكان على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات ، إذا جذبت انجذبت كتفه معها ، وإذا تركت رجع كتفه الى موضعه ، فلما وجده كبَّر وقال : إن في هذا لعبرةً لمن استبصر.

    وفي بحار الأنوار : 38 / 9 :
    تاريخ الخطيب : روى الأعمش ، عن عدي ، عن زر ، عن عبيدالله ، عن علي 7 قال : قال رسول الله 9 : من لم يقل علي خير البشر فقد كفر.
    وعنه في التاريخ بالاسناد عن علقمة عن عبدالله قال : رسول الله 9 : خير رجالكم علي بن أبي طالب ، وخير شبابكم الحسن والحسين ، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد. الطبريان في الولاية والمناقب بإسنادهما الى مسروق عن عائشة : سمعت رسول الله 9يقول : هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم الى الله وسيلة. أي المخدج وأصحابه.
    وفي هامش اختيار معرفة الرجال : 1/ 239 :
    ومن المتفق عليه لدى الجميع أن رسول الله 9قال في المخدج ذي الثدية : يقتله خير الخلق والخليفة.
    وفي رواية يقتله خير هذه الأمة ، وفي روايات جمة عن عائشة قالت : سمعت النبي 9يقول : هم ـ أي المخدج وأصحابه ـ شر الخلق والخليقة ، يقتله خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى الله وسيلة.
    رواه الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد 6 / 239 ، راجع في ذلك :
    إحقاق الحق : 8 / 475 ـ 522 ، ومسلم في صحيحه 3 / 112 طبعة محمد علي ، وأحمد بن حنبل في مسنده 3 /56 ، والبخاري في صحيحه 4 / 200 الطبعة الأميرية ، والنسائي في الخصائص : 43 طبعة مصر.
    ومن طرق عديدة عنها عنه 9 ، هم شر الخلق والخليقة يقتلهم سيد الخلق والخليقة ، وفي أخبار كثيرة أنه 9قال لعلي 7 : وإنك أنت قاتله يا علي.
    ثم قد أطبقت الأمة على أن علياً 7 قد قتله يوم النهروان ، وأخبر الناس بذلك ، وقد كان 7 يخبر به وبصفته من قبل ، ثم استخرجه من تحت القتلى فوجدوه على ما كان يذكر فيه من صفته ، فكبر الله وقال : صدق الله ورسوله وبلغ رسوله.

    وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من صحاحهم أن النبي 9قال فيه : إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرؤون الكتاب لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، يخرجون على خير فرقة من الناس.
    وكان أبو سعيد الخدري يقول : أشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله 9وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وقتلهم وأنا معه ، ثم من بعد القتال استخرجوا من بين القتلى من هذه صفته فجاؤوا به اليه ، فشاهدت فيه تلك الصفات. انتهى.
    الترابط بين الوسيلة والوصية
    في بصائر الدرجات / 216 :
    حدثنا أبو الفضل العلوي قال : حدثني سعيد بن عيسى الكربزي البصري ، عن ابراهيم بن الحكم بن ظهير ، عن أبيه ، عن شريك بن عبد الله ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي تمام ، عن سلمان الفارسي ; ، عن أمير المؤمنين 7 في قول الله تبارك وتعالى : قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ، فقال : أنا هو الذي عنده علم الكتاب ، وقد صدقه الله وأعطاه. والوسيلة في الوصية ولا تخلو أمةٌ من وسيلة الى الله ، فقال : يا أيها الذين آمنو اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة.
    الشيعة وسيلة الى الله يوم القيامة
    في علل الشرائع : 2 / 564 :
    باب العلة التي من أجلها يكره تكليف المخالفين للحوائج :
    حدثنا أبي قال : حدثنا أحمد بن ادريس ، عن حنان ، قال سمعت أبا جعفر 7 يقول : لا تسألوهم فتكلفونا قضاء حوائجهم يوم القيامة.
    وبهذا الاسناد قال : قال أبو جعفر 7 : لا تسألوهم الحوائج ، فتكونوا لهم الوسيلة الى رسول الله يوم القيامة. انتهى. ورواه في بحار الأنوار : 8 / 55

    ما ورد في مصادرهم من تشويش على الأحاديث المتقدمة
    وفي مقابل رواية عائشة عن شهادة النبي 9في حق علي 7 نلاحظ وجود رواية أكثرت من نقلها المصادر السنية ، تصف عبد الله بن مسعود بأنه أقرب الناس أو من أقربهم وسيلة الى الله !
    ولكنها والحمد لله ليست رواية عن النبي 9 ، بل عن حذيفة !!
    وحتى لو صحت عن حذيفة وفسرناها بأي تفسير ، فهي لا ترقى الى معارضة حديث عائشة وغيرها في علي 7.
    وإذا أحسنا الظن بهذه الرواية فهي تدل على أن مصطلح ( الأقرب وسيلة الى الله تعالى ) كان معروفاً بين المسلمين من عصر الرسول 9 ، وأن حذيفة أو واضع الحديث على لسانه ، أراد أن يمدح به عبد الله بن مسعود.
    وإن أسأنا الظن بها قلنا إنها محاولةٌ للتعتيم على الحديث النبوي البليغ في علي 7 ، وإعطاء هذه الصفة لعبد الله بن مسعود ! وطالما فعلوا ذلك !
    روى أحمد في مسنده : 5 / 394 :
    عن شقيق قال كنت قاعداً مع حذيفة فأقبل عبدالله بن مسعود ، فقال حذيفة : إن أشبه الناس هدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته حتى يرجع ، فلا أدري ما يصنع في أهله كعبد الله بن مسعود. والله لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله من أقربهم عند الله وسيلةً يوم القيامة.
    وروى نحوه الحاكم في : 2 / 312 ، ورواه في : 3 / 315 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.
    ومن الملفت في الموضوع أن الراوي نفى العبارة التي فيها الوسيلة من النص وقال إنه لم يسمعها من عبد الرحمن بن يزيد !
    وأن عبد الله بن مسعود كان قصيراً صغير الجثة جداً !! فكيف يكون شبيهاً سمتاً ودلاً بالنبي صلى الله عليه وآله.

    قال أحمد في مسنده : 5 / 395 :
    ولم نسمع هذا من عبد الرحمن بن يزيد لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد من أقربهم الى الله عز وجل وسيلة !!
    وفي الغدير : 9 / 9 :
    أخرج الترمذي بإسناد رجاله ثقات ، من طريق حذيفة بن اليمان : أن أشبه الناس هدياً ودلاً وسمتاً بمحمد صلى الله عليه وسلم عبد الله.
    وفي لفظ البخاري : ما أعرف أحداً أقرب سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد.
    وزاد الترمذي : ولقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابن ام عبد أقربهم الى الله زلفى.
    وفي لفظ أبي نعيم : أنه من أقربهم وسيلة يوم القيامة.
    وفي لفظ أبي عمر : سمع حذيفة يحلف بالله ما أعلم أحداً أشبه دلاً وهدياً برسول الله من حين يخرج من بيته الى أن يرجع اليه من عبدالله بن مسعود ، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه من أقربهم وسيلة الى الله يوم القيامة.
    وفي لفظ علقمة : كان يشبه بالنبي في هديه ودله وسمته.
    راجع صحيح البخاري كتاب المناقب. مسند أحمد 5 : 389 ، المستدرك 3 : 315 ، 320
    حلية الأولياء 1 : 126 ، 127 ،
    الإستيعاب 1 : 372 ،
    مصابيح السنة 2 : 283 ،
    صفة الصفوة 1 : 156 ، 158 ،
    تاريخ ابن كثير 2 : 162 ،
    تيسير الوصول 3 : 297
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:23

    الإصابة 2 : 369 ،
    كنز العمال 7 : 55. انتهى.
    وقد ذكرنا أن هذا النص حتى لو صح عن حذيفة ، فهو لا يصلح معارضاً ولا مقللاً من قيمة الحديث الشريف الذي روته عائشة وغيرها في أن علياً 7 أقرب الخلق وسيلةً الى الله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
    * *
    آيات مؤيدة لآيات التوسل :
    وردت آيات متعددة في طلب المؤمنين من الأنبياء : أن يتوسطوا لهم عند الله تعالى ، ويدعوه لهم بالمغفرة وبالخير .. وهذا نوعٌ من التوسيط يدل على أن باب الطلب من الله تعالى بواسطة الغير أمرٌ طبيعي في دين الله تعالى وشرائعه !
    وأنه لو كان التوسيط منافياً للتوحيد كما يزعم ابن تيمية ، لوجب أن يطلب كل إنسان لنفسه بنفسه مباشرة ، ووجب تحريم كل طلب من الله تعالى بواسطة !! إذ لا فرق في أصل الواسطة بين التوسط والتوسل بدعاء الغير ، وبين أنواع التوسيط الأخرى !
    منها ، قوله تعالى :
    قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين. قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم. يوسف ـ 98
    وروى الصدوق في علل الشرائع : 1/ 54 :
    حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال : أخبرنا المنذر بن محمد قال : حدثنا اسماعيل بن ابراهيم الخزاز ، عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : قلت لجعفر بن محمد 7 : أخبرني عن يعقوب لما قال له بنوه : يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ، قال سوف أستغفر لكم ربي ، فأخر الاستغفار لهم.


    ويوسف 7 لما قالوا له : تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ؟ قال : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.
    قال : لأن قلب الشاب أرق من قلب الشيخ ، وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف ، وجنايتهم على يعقوب إنما كانت بجنايتهم على يوسف ، فبادر يوسف الى العفو عن حقه ، وأخر يعقوب العفو ، لأن عفوه إنما كان عن حق غيره ، فأخرهم الى السحر ليلة الجمعة. ورواه وغيره في تفسير نور الثقلين : 2 / 465
    وفي تفسير التبيان : 6 / 195 :
    وروي عن أبي جعفر 7 أنه قال : أخرهم الى ليلة الجمعة. وقال ابن مسعود وابراهيم التيمي ، وابن جريج وعمر وبن قيس : إنه أخرهم الى السحر ، لأنه أقرب الى إجابة الدعاء. انتهى.
    وروى نحوه الترمذي في سننه : 5 /223 ، عن ابن عباس ، والحاكم : 1 / 316 ، والدر المنثور : 4 / 36 ، وكنز العمال : 2 / 59 ، وغيرها.
    ومنها ، قوله تعالى :
    ولما وقع عليهم الرجز قالوا ياموسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل. الأعراف ـ 134
    وقد قبل موسى 7 طلبهم ، ودعا الله لهم ، فدل ذلك قبوله على أنه طلبهم بواسطته أمرٌ مشروع ، الى آخر الآيات والأحاديث التي تدل على توسيط الغير الى الله تعالى.
    * *

    الفصل الخامس
    شذوذ الوهابيين عن إجماع المسلمين
    في التوسل والاستشفاع
    من المسائل التي شذ فيها ابن تيمية وتبعه ابن عبد الوهاب ، تحريم السفر لزيارة النبي 9 ، بل تحريم الزيارة التي نوي لها السفر !
    وكذلك تحريم التوسل والإستشفاع به 9 ، بحجة أنه ميتٌ ولا يجوز التوسل بالميت.
    وكذا تحريم الاستغاثة به 9لأن المستغيث بزعمه يعبد المستغاث به .. الخ.!!
    قال الشيخ محمود سعيد ممدوح في كتابه ( رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة ) المطبوع في دار الإمام النووي بعمان ـ سنة 1416 :
    وهو ـ التوسل ـ السؤال بالنبي أو بالولي أو بالحق أو بالجاه أو بالحرمة أو بالذات وما في معنى ذلك.
    وهذا النوع لم ير المتبصر في أقوال السلف من قال بحرمته أو أنه بدعةٌ ضلالة ، أو شدد فيه وجعله من موضوعات العقائد ، كما نرى الآن.


    لم يقع هذا إلا في القرن السابع وما بعده ! وقد نقل عن السلف توسلٌ من هذا القبيل.
    قال ابن تيمية في التوسل والوسيلة ص 98 : هذا الدعاء ( أي الذي فيه توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ) ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. اهـ ، ونحوه في ص 155 من الكتاب المذكور.
    وقال في ص 65 : ( والسؤال به ( أي بالمخلوق ) فهذا يجوزه طائفة من الناس ونقل في ذلك آثار عن بعض السلف ، وهو موجود في دعاء كثير من الناس. ) اهـ.
    وذكر أثراً فيه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لفظه : ( اللهم إني أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما. يا محمد إني أتوجه بك الى ربك وربي يرحمني مما بي ).
    قال ابن تيمية : فهذا الدعاء ونحوه روى أنه دعا به السلف ، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. اهـ.
    وهذا هو نص عبارة أحمد بن حنبل ، فقال في منسك المروزي بعد كلام مانصه : وسل الله حاجتك متوسلاً اليه بنبيه صلى الله عليه وسلم ، تقض من الله عز وجل. اهـ. هكذا ذكره ابن تيمية في الرد على الأخنائي ص 168 !!
    والتوسل به صلى الله عليه وسلم معتمدٌ في المذاهب ومرغبٌ فيه ، نص على ذلك الأئمة الأعلام ، وكتب التفسير والحديث والخصائص ودلائل النبوة والفقه طافحةٌ بأدلة ذلك بدون تحريم وهي بكثرة ...
    كان ابن تيمية يرى منع التوسل بالأنبياء والملائكة والصالحين ، وقال : التوسل حقيقته هو التوسل بالدعاء ـ دعاء الحي فقط ـ وذكر ذلك في مواضع من كتابه التوسل والوسيلة ص 169. انتهى كلام الممدوح.

    وقال ابن تيمية في كتابه زوار المقابر / 433 :
    قال عامة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء والفراء : الوسيلة القربة ، قال قتادة : تقربوا الى الله بما يرضيه.
    قال أبو عبيدة : توسلت اليه أي تقربت.
    وقال عبد الرحمن بن زيد : تحببوا الى الله.
    والتحبب والتقرب اليه إنما هو بطاعة رسوله ، فالايمان بالرسول وطاعته هو وسيلة الخلق الى الله ، ليس لهم وسيلة يتوسلون بها البتة إلا الايمان برسوله وطاعته.
    وليس لأحد من الخلق وسيلة الى الله تبارك وتعالى إلا بوسيلة الايمان بهذا الرسول الكريم وطاعته.
    وهذه يؤمر بها الانسان حيث كان من الأمكنة وفي كل وقت. وما خص من العبادات بمكان كالحج ، أو زمان كالصوم والجمعة ، فكل في مكانه وزمانه.
    وليس لنفس الحجرة من داخل فضلاً عن جدارها من خارج اختصاص بشيء في شرع العبادات ولا فعل شيء منها ، فالقرب من الله أفضل منه بالبعد عنه باتفاق المسلمين ! والمسجد خص بالفضيلة في حياته صلى الله عليه وسلم ، قبل وجود القبر. فلم تكن فضيلة مسجده لذلك ، ولا استحب هو صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه ، ولا علماء أمته أن يجاور أحد عند قبر ولا يعكف عليه ، لا قبره المكرم ولا قبر غيره ، ولا أن يقصد السكنى قريباً من قبر أي قبر كان.
    وسكنى المدينة النبوية هو أفضل في حق من تتكرر طاعته لله ورسوله فيها أكثر كما كان الأمر لمَّا كان الناس مأمورين بالهجرة إليها فكانت الهجرة إليها والمقام بها أفضل من جميع البقاع مكة وغيرها.
    بل كان ذلك واجباً من أعظم الواجبات ، فلما فتحت مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ، وكان من أتى من أهل مكة وغيرهم ليهاجر ويسكن المدينة يأمره أن يرجع ! انتهى.

    وخلاصة كلامه : أن التوسل محصورٌ بالايمان بالرسول وطاعته ، وبدعائه في حال حياته.
    أما التوسل به في حياته وبعد موته ، ومجاورة قبره الشريف والعكوف عنده ، فليس من الطاعة ، لأن الصحابة لم يفعلوه ، والأصل في كل ما لم يفعلوه عدم المشروعية ، حتى يقوم عليه دليل !!
    وهو كما ترى تحكم لا دليل عليه :
    فحصره التوسل المأمور به في القرآن بالايمان بالرسول وطاعته ، لا دليل عليه ! وميزانه فيما جعله جزءً من الايمان بالرسول أو نفى جزئيته عنه ، لا دليل عليه !
    وكذا ما جعله طاعة للرسول ، أو نفى كونه طاعة له !
    فلماذا لا يكون التوسل بزيارة قبره 9والتبرك به والسكنى عنده من الايمان به ، ومن طاعته 9؟!!
    ثانياً ، دعوى أن القاعدة والأصل في الأشياء الحرمة حتى تثبت حليتها ، لا دليل عليه أيضاً. بل الأصل في الأشياء الحلية حتى يثبت دليل الحرمة ويصل الى المكلف ، فقد قال الله تعالى ( وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ).
    ثالثاً ، دعوى أن كل ما لم يفعله الصحابة فهو حرامٌ حتى يقوم عليه دليل ، تحكمٌ بلا دليل أيضاً ، فإن كثيراً من الأمور لم يفعلها الصحابة وهي حلال حتى بفتوى ابن تيمية ، كالوسائل المعيشية المتجددة !!
    وقد ألف الحافظ الصديق المغربي رسالة في عدم دلالة الترك على التحريم ، كما ذكر تلميذه الممدوح.
    أما عندنا فإن فعل الصحابي ليس حجة إذا لم يكن معصوماً ، فضلاً عن تركه !
    تلبيس ابن تيمية من أجل تحريم التوسل والاستشفاع
    يفترض ابن تيمية مسبقاً أن المتوسل أو المستغيث بالنبي 9( يدعوه ) أي يطلب منه ، لا من الله تعالى !

    وهذا مصادرةٌ على المطلوب وتبطينٌ للحكم المتنازع فيه في لفافة ، على أنه جزء من مقدمة مسلمة عند الطرف الآخر !
    فابن تيمية يقول للمتوسل أو المستغيث : إنك اعترفت أنك دعوت الرسول أو الولي بدل الله !! فأنت إذن كافر !!
    مع أن المتوسل لم يدع النبي بدل الله تعالى ! بل توسل به واستغاث به واستشفع به الى الله تعالى !!
    ومثال ذلك في أمور الدنيا : أن يتوسل شخص الى رئيس مكتب الملك ، ليتوسط له عند الملك !
    فيقول له ابن تيمية : إنك تعديت على شرعية الملك ، وجعلت الملك الشرعي رئيس مكتبه ! وهذا خروج على الملك ونظامه ، تستحق به الاعدام !!
    وقد حاول ابن تيمية أن يستدل على هذه المصادرة المفضوحة فقال إن المستغيث يطلب من الرسول أو الولي مالا يقدر عليه إلا الله تعالى ، وهذا يستلزم أنه يؤلهه !!
    ولكن هذا اللزوم ممنوع.
    بل هو على مذهبهم ممنوعٌ حتى لو صحت الملازمة ، لأنهم يزعمون أن لازم المذهب ليس بمذهب !!
    قال الشيخ سليمان حفيد ابن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد ص 209 :
    فحديث الأعمى شيء ، ودعاء غير الله تعالى والاستغاثة به شيء آخر.
    فليس في حديث الأعمى شيء غير أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له ويشفع له ، فهو توسل بدعائه وشفاعته ، ولهذا قال في آخره : اللهم فشفعه فيَّ ، فعلم أنه شفع له. وفي رواية أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له فدل الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم شفع له بدعائه ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره هو أن يدعو الله ، ويسأله قبول شفاعته.
    فهذا من أعظم الأدلة أن دعاء غير الله شرك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره

    أن يسأل قبول شفاعته ، فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعى ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يقدر على شفائه إلا بدعاء الله له. فأين هذا من تلك الطوام ؟!
    والكلام إنما هو في سؤال الغائب أو سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله.
    أما أن تأتي شخصاً يخاطبك فتسأله أن يدعو لك فلا إنكار في ذلك على ما في حديث الأعمى.
    فالحديث سواء كان صحيحاً أو لا ، وسواء ثبت قوله فيه يا محمد أو لا ، لا يدل علي سؤال الغائب ولا على سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله ، بوجه من وجوه الدلالات. ومن ادعى ذلك فهو مفتر على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم !! انتهى.
    فتراه يشكك في حديث الأعمى الذي صححه علماء المذاهب ، وقبله إمامه ابن تيمية ، ثم تراه يفترض أن المستشفع ( يدعو ) النبي 9 ، ويطلب من النبي نفسه ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى .. !! كل ذلك ليثبت أن المسلم المستغيث الى الله برسوله قد كفر واستبدل عبادة الله بعبادة الرسول ! ويستحل بذلك دمه وماله !!
    وإن سألته عن دليله على أن المتوسلين والمستشفعين يدعون الرسول من دون الله .. فإنك تطلب منهم ما لايقدر عليه إلا الله تعالى ، وتكون على مذهبه عبدته من دونه تعالى!!!
    هدف ابن تيمية من نقل التوسل من فروع الفقه الى أصول العقائد !
    ماذا يحدث لو نقلنا مادةً جزائية من القانون التجاري الى مواد القانون الجنائي ، أو الى مواد مخالفات الدستور ، ومحكمة أمن الدولة ؟
    طبعاً سيكون الفرق على مرتكبها كبيراً ، لأن التهمة الجنائية أصعب من التهمة الجزائية ، وأصعب منهما تهمة الاخلال بالدستور !!
    إن ما فعله ابن تيمية من اتهام المتوسلين بمخالفة الشرع ، شيء لا يذكر أمام نقله تهمتهم الى الاخلال بأصول الدين وارتكاب الشرك !! فبذلك حكم عليهم بالكفر واستحل دماءهم وأعراضهم وأموالهم !!!

    فبدل أن يقول مثلاً إنهم مخلصون ولكنهم يتخيلون أنهم يتقربون الى الله بالتوسل بالنبي الميت ، فهم مخطئون يرتكبون معصية ! قال إنهم يشركون بالله ويستحقون القتل !!
    وهكذا .. فقد كانت مسألة التوسل والاستشفاع والاستغاثة لمدة ثمانية قرون مسألةً فقهية ، وكان فقهاء المذاهب الأربعة ، والخمسة والستة ، يبحثونها في باب الحج والزيارة وغيرهما ، فيذكرون صورها ، ويفتي مفتيهم بجواز بعض فروعها وحرمة بعضها ، أو التوقف فيه .. حتى جاء عالم حراني نصبه الحاكم الشركسي المصري لمدة قليلة شيخاً للاسلام في الشام ، فأبدع في عمله أيما إبداع ، وقدم للأجيال أكبر خدمة ، فكفر مسلمي عصره والعصور المتقدمة ، لأنهم يتوسلون بنبيهم الميت !!!
    هل تراجع ابن تيمية أمام القاضي أو في سجنه عن تحريم التوسل ؟!
    المعروف عن ابن تيمية أنه تراجع عن تحريم التوسل ، عندما عقدوا له مجلس علماء لمحاكمة آرائه الشاذة ، ومنها تحريم التوسل بالنبي 9!!
    وقد اعتمد الذين نسبوا اليه هذا القول على أمرين :
    الأول ، ما اعترف به في مصر ، حيث شاع اعتقاده بعدم جواز التوسل والاستشفاع بالنبي 9فاستنكر المسلمون ذلك ، وعقد القضاة مجلساً للنظر في قوله..
    قال السقاف في كتابه ( البشارة والاتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الاختلاف )
    13 ـ فصل : أما مسألة التوسل فقد اختلف آراء دعاة السلفية فيه بشكل ملحوظ مع أن الموجودين في الساحة منهم اليوم يقولون بأن هذه المسألة من مسائل العقائد وليست كذلك قطعاً.
    أما ابن تيمية فقد أنكر في كتابه ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) التوسل ـ ومرادنا التوسل بالذوات ـ ثم رجع عن ذلك كما نقل تلميذه ابن كثير في البداية

    والنهاية 14 / 45 حيث قال : قال البرزالي ( هو الحافظ ابو محمد القاسم بن البهاء محمد الدمشقي البرزالي ترجم في طبقات الحفاظ للسيوطي ص 256 ) : وفي شوال منها شكى الصوفية بالقاهرة على الشيخ تقي الدين ـ وكلموه في ابن عربي وغيره ـ الى الدولة فردوا الأمر في ذلك الى القاضي الشافعي ، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شيء ، لكنه قال : لا يستغاث إلا بالله ، لا يستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبارة ـ ولعلها العبادة ـ ولكن يتوسل به ويتشفع به الى الله ، فبعض الحاضرين قال ليس عليه في هذا شيء ، ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب ) انتهى. فتأمل !!
    وأما الشوكاني فقد أجاز التوسل في كتابه ( تحفة الذاكرين ) كما يعلم ذلك القاصي والداني ، ففي صحيفة 37 من كتاب الشوكاني ( تحفة الذاكرين ) ( طبع دار الكتب العلمية ) عقد باباً سماه : ( وجه التوسل بالأنبياء وبالصالحين ) ثم قال ( قوله ويتوسل الى الله سبحانه بأنبيائه والصالحين ) أقول : ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي. انتهى.
    وأصرح من هذا ما ذكره الشوكاني ص 138 في ( باب صلاة الضر والحاجة ) حيث قال ما نصه : ( وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله الى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى ) انتهى.
    وقد نص الشوكاني أيضاً على جواز التوسل ، ورد على ابن تيمية في كتابه ( الدر النضيد في اخلاص كلمة التوحيد ) فليرجع اليه من شاء.
    وأما الألباني فمنع ذلك واعتبره من الضلال في كتابه ( التوسل أنواعه وأحكامه ) كما هو مشهور ومعلوم ، مع أنه قال في مقدمة ( شرح الطحاوية ص 60 الطبعة 8 ) إن مسألة التوسل ليست من مسائل العقيدة ، وهذا خلاف ما يقوله كثير من أدعياء السلفية. فتأملوا ياذوي الأبصار !! انتهى كلام السقاف.

    والأمر الثاني ، ماكتبه في رسالة له من سجنه ، حيث قال في ص 16 :
    وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم شخصاً أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوسل اليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله ، إني أتوسل بك الى ربي في حاجتي ليقضيها. اللهم فشفعه في.
    فهذا التوسل به حسن ، وأما دعاؤه والاستغاثة به فحرام !
    والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره لا على سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه. انتهى.
    والذي وصلت اليه هو : أن ابن تيمية لم يغير رأيه في التوسل ، ولكنه استعمل عبارات مبهمة ليرضي بها قضاة الدولة والناقمين عليه من الناس !
    ومهما يكن ، فقد أخطأ في تحريمه الاستغاثة أيضاً ، لأن معناها طلب الغوث أي العون من شخص ، وهو لا يعني أن المستغيث به يعبده ، فحكمها حكم الاستعانة والنداء والتوسل ، بدون فرق !
    قال ابن السكيت في إصلاح المنطق / 29 :
    يقال : قد استغاثني فلان فأغثته ، وقد غاث الله البلاد يغيثها غيثاً ، إذا أنزل بها الغيث وقد غيثت الأرض تغاث ، وهي أرض مغيثة ومغيوثة.
    وقال الراغب في المفردات / 379 :
    ويقال فزع اليه إذا استغاث به عند الفزع ، وفزع له أغاثه. انتهى.
    فزعم ابن تيمية أنك عندما تقول ( يا رسول الله أغثني ) فإنك تعبده من دون الله تعالى ! تصورٌ باطل ، لأن معنى الاستعانة والاستغاثة لا يعطي ذلك ، ولا المستعين والمستغيث ينويه ، ولا يعتقده ! بل المستغيث كالمتوسل ينويان طلب توسط الرسول الى الله تعالى ، فلا فرق بينهما حتى يحل أحدهما ويحرم الآخر !

    علماء المذاهب الاسلامية يردون على شذوذ ابن تيمية !
    رد علماء المذاهب على آراء ابن تيمية في التجسيم ، وفي تحريم السفر الى زيارة قبر النبي 9 ، وتحريم التوسل والاستشفاع به ، وألفوا فيها كتباً عديدة ، من عصر ابن تيمية الى عصر ابن عبد الوهاب .. والى يومنا.
    ولا يتسع المجال هنا إلا لعرض نماذج مختصرة منها.
    نماذج من ردهم على مذهب ابن تيمية
    قال ابن عابدين في حاشية رد المحتار : 6 / 716 :
    نعم ذكر العلامة المناوي في حديث : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة ، عن العز بن عبد السلام أنه ينبغي كونه مقصوراً على النبي ( ص ) وأن لا يقسم على الله بغيره ، وأن يكون من خصائصه.
    قال : وقال السبكي يحسن التوسل بالنبي الى ربه ، ولم ينكره أحدٌ من السلف ، ولا الخلف إلا ابن تيمية ، فابتدع ما لم يقله عالمٌ قبله. اهـ.
    ونازع العلامة ابن أمير حاج في دعوى الخصوصية ، وأطال الكلام على ذلك في الفصل الثالث عشر ، آخر شرحه على المنية ، فراجعه.
    وقال الشربيني في مغني المحتاج : 1 / 184 :
    خاتمة : سئل الشيخ عز الدين هل يكره أن يسأل الله بعظيم من خلقه كالنبي والملك والولي ؟ فأجاب بأنه جاء عن النبي ( ص ) أنه علم بعض الناس : اللهم إني أقسم عليك بنبيك محمد نبي الرحمة..الخ. فإن صح فينبغي أن يكون مقصوراً عليه عليه الصلاة والسلام ، لأنه سيد ولد آدم ، ولا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة ، لأنهم ليسوا في درجته ، ويكون هذا من خواصه. اهـ. والمشهور أنه لا يكره شيء من ذلك.

    وأضاف الشرواني في حواشيه : 2 /108 :
    وفي ع ش بعد ذكر كلام الشيخ عز الدين ما نصه : فإن قلت : هذا قد يعارض ما في البهجة وشرحها لشيخ الإسلام ، والأفضل استسقاؤهم بالأتقياء لأن دعاءهم أرجى للاجابة. الخ.
    قلت : لا تعارض لجواز أن ما ذكره العز مفروض فيما لو سأل بذلك على صورة الازلام ، كما يؤخذ من قوله : اللهم إني أقسم عليك .. الخ.
    وما في البهجة وشرحها محصور بما إذا ورد على صورة الإستشفاع والسؤال ، مثل أسألك ببركة فلان ، أو بحرمته أو نحو ذلك. انتهى.

    مقتطفات من أهم كتب علماء المذاهب في الرد على ابن تيمية :
    كتاب : إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي
    للحافظ ابن الصديق الغماري الحسني .. الطبعة الثانية ـ 1412 ـ دار الإمام النووي ـ الأردن ، وقد حققه وقدم له السيد حسن السقاف ، ومقدمته وتحقيقه لا تقل فائدتهما عن أصل الكتاب.
    قال السقاف في مقدمته :
    أما بعد : فالتوسل والاستغاثة والتشفع بسيد الأنام ، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مصباح الظلام ، من الأمور المندوبات المؤكدات ، وخصوصاً عند المدلهمات وعلى ذلك سار العلماء العاملون ، والأولياء العابدون ، والسادة المحدثون ، والأئمة السالفون ، كما قال السبكي فيما نقل عند صاحب فيض القدير 2 / 135 : ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي الى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف .. انتهى.
    حتى نص السادة الحنابلة في مصنفاتهم الفقهية على استحباب التوسل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونقلوا ذلك عن الإمام أحمد أنه استحبه كما في كتاب الانصاف فيما ترجح من الخلاف 2 / 456 وغيره.
    ونقل ابن كثير في البداية 14 / 45 أن ابن تيمية أقر أخيراً في المجلس الذي عقده له العلماء العاملون الربانيون المجاهدون بالتوسل وأصر على إنكار الاستغاثة. مع أنه يقول في رسالة خاصة له في الاستغاثة بجوازها بالنبي فيما يقدر عليه المخلوق.
    واعتمد الإمام الحافظ النووي استحباب التوسل والاستغاثة في مصنفاته ، كما في حاشية الإيضاح على المناسك له ص 450 و498 من طبعة أخرى وفي شرح المهذب المجموع 8 / 274 وفي الأذكار ص 307 من طبعة دار الفكر ، في كتاب أذكار الحج ، وص 184 من طبعة المكتبة العلمية.
    وهو مذهب الشافعية ، وغيرهم من الأئمة المرضيين ، المجمع على جلالتهم وثقتهم.

    وإني أود أن أسرد بعض الأدلة من الأحاديث الصحيحة الثابتة عند علماء المسلمين وأئمة الحفاظ والمحدثين ، والتي لم تضرها محاولة تلاعب المتلاعبين في الطعن في أسانيدها ، وغير ذلك من طرق التلاعب والتدليس التي بينتها ، ومثلت عليها في بهجة الناظر في الفصل الرابع.
    ولا يعرف الحق كا هو معلوم بالجعجعة وكثرة الكلام ، ونفخ الكتب بتكثير عدد الصفحات ، وإنما يعرف الحق بالبراهين العلمية ، والأدلة الواضحة الجلية ، وإن كانت قليلة العبارات ، فهي كثيرة التعبيرات والاشارات.
    وقد أرشد الى ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ( أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا ).
    وإني أبدأ بعرض بعض أدلة التوسل ثم أردفها بأدلة الاستغاثة المندوبة التي أرشدت اليها السنة الغراء فأقول :
    أدلة التوسل :
    1 ـ حديث الشفاعة المتواتر والمروي في الصحيحين وغيرهما ، من أن الناس يتوسلون بسيد الأنام عند اشتداد الأمر عليهم يوم القيامة ويستغيثون به. ولو كان التوسل والاستغاثة من الكفر والشرك لم يشفع النبي للناس يؤمئذ ، ولا يأذن الله له بالشفاعة للمشركين والكفار ، على زعم من يكفر عباد الله بالآلاف ، ويحاول تهييج العامة والسذج على من أظهر كفر من قال بقدم العالم ، المجمع على كفر قائله ومعتقده.
    وأيضاً لو كان التوسل شركاً أو كفراً لبينه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخبر أصحابه بحديث الشفاعة. فلما لم يكن كفراً بنص الأحاديث المتواترة كان أمراً مندوباً اليه في الدنيا والآخرة ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ومن قال إن التوسل والاستغاثة كفرٌ في الدنيا ليس كفراً في الآخرة ، قلنا له : إن الكفر كفرٌ سواء كان في الدنيا أو في الآخرة ، والتوسل به قبل موته صلى الله عليه وسلم وبعد موته لا فرق. وإن ادعيت الفرق فأت لنا بدليل شرعي مخصص مقبول معتبر.

    2 ـ حديث سيدنا عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال : ( إن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله أن يعافيني فقال : إن شئت دعوت وإن شئت صبرت ، وهو خير ، قال : فادعه. فأمره أن يتوضأ ويحسن الوضوء ويدعو بهذا الدعاء :
    اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة.
    يا محمد إني أتوجه بك الى ربي في حاجتي لتقضى. اللهم شغعه فيّ.
    قال سيدنا عثمان : فعاد وقد أبصر.
    رواه الترمذي والنسائي والطبراني والحاكم وأقره الذهبي والبيهقي بالأسانيد الصحيحة. وللحديث تتمة صحيحة تأتي في ( إرغام المبتدع الغبي ).
    3 ـ حديث سيدنا علي رضي الله عنه وكرم وجهه : أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله عنهما قال : اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي. رواه الطبراني ، والحاكم مختصراً ، وابن حبان وغيرهم ، وفي إسناده روح بن صلاح قال الحاكم : ثقة ، وضعفه بعضهم ، والحديث صحيح.
    4 ـ وروى الإمام البخاري في صحيحه : أن سيدنا عمر رضي الله عنه استسقى عام الرمادة بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ومن قوله توسلاً به : اللهم إنا كنا نتوسل اليك بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وإنا نتوسل اليك بعم نبينا. قال فيسقون. وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وسلم وبيان جواز التوسل بغيره ، كالصالحين من آل البيت ومن غيرهم. كما قال الحافظ في فتح الباري 2 / 497
    وأما أدلة الاستغاثة :
    1 ـ فما روى البخاري في صحيحه وغيره من حديث سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في حديث الشفاعة بلفظ ( إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم

    فيشفع ليقضي بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب ، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده اًهل الجمع كلهم ).
    وهذا صريحٌ في الاستغاثة ، وهي عامة في جميع الأحوال ، مع لفت النظر أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره يبلغه سلام من يسلم عليه وكلام من يستغيث به لأن الأعمال تعرض عليه ، كما صح ، فيدعو الله لأصحاب الحاجات.
    2 ـ روى الإمام أحمد بسند حسن كما قال الإمام الحافظ ابن حجر في الفتح 8 / 579 عن الحارث بن حسان البكري رضي الله عنه قال : خرجت أنا والعلاء بن الحضرمي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث ، وفيه : فقلت أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد.
    قال ـ أي سيدنا رسول الله ـ وما وافد عاد ؟ وهو أعلم بالحديث ولكنه يستطعمه ... الحديث.
    وقد استغاث الرجل بالله وبرسوله ولم يكفره سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد خالف الألباني ذلك فكفر كل مستغيث به صلى الله عليه وسلم ، كما في توسله ص 7 الطبعة الثانية ، وقلده في هذه البدعة أصحابه والمتعصبون له ، وأنكروا على من كفر من العلماء مثبت قدم العالم نوعاً ، ومن قال بالحد والجهة والاستقرار وغير ذلك من طامات ! نسأل الله لهم الهداية ، وأن يردهم الى دينه والى الحق رداً جميلا ، وأن يخلصهم من أهوائهم وعنادهم الذي بنوه على سوء فهم كبيرهم الذي علمهم السحر ، أو فساد قصده وقد يجتمعان.
    3 ـ قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأعمى الصحيح عندما علم الرجل أن يقول : ( يا محمد إني أتوجه بك الى الله ). وهذه استغاثة صريحة ، وقد اعتمدها العلماء المحدثون والحفاظ في كتب السنة في صلاة الحاجة ، حاثين الأمة عليها.
    4 ـ جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قص على أصحابه قصة السيدة هاجر هي وابنها في مكة قبل أن تبنى الكعبة ، بعد أن تركهما سيدنا ابراهيم

    عليه الصلاة والسلام ، وفي ما قصه : أنها لما سمعت صوتاً عند الطفل قالت : إن كنت ذا غوث فأغث ، فاستغاثت فإذا بجبريل 7 فغمز الأرض بعقبه فخرجت زمزم. ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أنها كفرت ، كما يزعم الألباني ، ولم ينبه أن تلك الاستغاثة منها كفر البتة. وهي تعلم أن صاحب الصوت لن يكون رب العالمين المنزه عن الزمان والمكان.
    وهناك أدلة كثيرة بجواز التوسل والاستغاثة وندبهما أفردتها برسالة خاصة أسميتها ( الاغاثة بأدلة الاستغاثة ) وقد اقتصرت هنا على بعضها ، وفيها بيان لمن ألقى السمع وهو شهيد ، هذا إذا كان قلبه نظيفاً لا يحب رمي عباد الله بالشرك بمجرد مخالفتهم لمزاجه ، وأراد اقتفاء النبي صلى الله عليه وسلم.
    وأختم الاستدلال ببيان مسألة هامة جداً وهي استدلال أخير على التوسل والاستغاثة من أحد الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإقرار الباقين من الصحابة له وعلى رأسهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري 2 / 495 حيث قال :
    روى ابن أبي شيبة باسناد صحيح ( وصححه أيضاً ابن كثير في البداية والنهاية 7 / 92 من طريق البيهقي ) عن أبي صالح السمان عن مالك الدار ، وكان خازن عمر قال : أصاب الناس قحطٌ شديدٌ في زمن عمر فجاء رجل الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتي الرجل في المنام فقيل له ائت عمر وأقرئه السلام وأخبره أنهم يسقون. إسناده صحيح.
    وقد ضعف هذا الأثر الصحيح الألباني بحجج أوهى من بيت العنكبوت في توسله ص 119 ـ 121 وزعم أن مالك الدار مجهول ! ونقل ترجمته من كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم فقط ، ليوهم قراءه أنه لم يرو عنه إلا رجل واحد وهو أبو صالح السمان ، وقد تقرر عند الألباني بما ينقله عن بعض العلماء من غير المتفق عليه أن الرجل يبقى مجهولاً حتى يروى عنه اثنان فأكثر.

    ثم قال لينصر هواه إن المنذري والهيثمي لم يعرفا مالك الدار ، فهو مجهول ، ولا يصح السند لوجود مجهول فيه. ثم تبجح قائلاً : وهذا علمٌ دقيقٌ لا يعرفه إلا من مارس هذه الصناعة.
    ونحن نقول له : بل هذا تدليسٌ وغشٌ وخيانةٌ لا يدريه إلا من امتلأ قلبه حقداً وعداء على السنة والتوحيد وأهلهما.
    وقد تبعه على هذا الغش والتدليس وزاد عليه أحد الأغبياء المتعصبين اللاهثين وراء بريق الدراهم في كتاب له ملأه من هذه البضاعة ، تخيل فيه أنه رد التوسل وهيهات ، وهو لم يقرأ العلوم وخاصة ملحه الاعراب على أحد ، ولم يكن له في حياته أستاذ يهذب أو شيخ يدرب ، إلا التلقي من صفحات دفاتر هذا الألباني.
    ونقول في بيان نسف ما قاله الألباني من جهالة مالك الدار :
    إذا صرح المنذري والهيثمي بأنهما لا يعرفانه فنقول للباحث عن الحق إذن لم يصرحا بتوثيق له أو تجريح ، لأنهما لا يعرفانه.
    لكن هناك من يعرفه وهم ابن سعد والبخاري وعلي ابن المديني وابن حبان والحافظ ابن حجر العسقلاني وغيرهم. فهل يا ألباني ينقل كلام من عرفه أم كلام من جهله ؟!
    العجيب أن الألباني يحبذ كلام من جهل حاله ، ويختاره ويفضله على كلام من علم حاله الذي يستره الألباني ولا يحب أن يطلع عليه أحد !!
    وما سأنقله من أقوال الأئمة الحفاظ الذين عرفوه في توثيقه كاف في إثبات ما يقوله السيد عبد الله الغماري وغيره من المحدثين والمشتغلين في علم الحديث من أن الألباني يعرف الصواب في كثير من الأمور ، لكنه غاشٌ مدلس خائن مضلل لا يؤتمن على حديث واحد.
    وقد صرح بذلك كثير من أهل العلم كالسيد أحمد الغماري والسيد عبد الله والسيد عبد العزيز المحدثون ، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، والمحدث حبيب الرحمن الأعظمي محدث الهند والباكستان ، والشيخ اسماعيل الأنصاري ، والشيخ

    محمد عوامة ، والشيخ محمود سعيد ، والشيخ شعيب الأرناؤوط ، وغيرهم عشرات من أهل هذا الفن والمشتغلين به.
    فأهل الحديث شهدوا بأن هذا الرجل لا يعتمد كلامه في التصحيح والتضعيف ، لأنه يصحح ويضعف حسب الهوى والمزاج ، وليس حسب القواعد العلمية !! ومن تتبع أقواله وما يكتبه تحقق ذلك.
    ويكفيني أن أقول في مالك الدار إن ابن سعد قال في الطبقات 5 / 12 : مالك الدار مولى عمر بن الخطاب ، روى عن أبي بكر وعمر ، ثم قال وكان معروفاً.
    وقال الحافظ ابن حجر في الاصابة في ترجمته ترجمة رقم 8356 :
    له إدراك ، أي أنه معدود من الصحابة. ويكفيه في ذلك توثيقاً ، ثم ذكر أنه روى عنه أربعة رجال وهم أبو صالح السمان ، وابناه عون وعبد الله ابنا مالك ، وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي.
    ثم قال : قال علي بن المديني : كان مالك الدار خازناً لعمر. اهـ ، بمعناه ملخصاً.
    وبذلك نعلم أن سيدنا عمر وسيدنا عثمان قد وثقاه إذ قد ولياه بيت مال المسلمين وفي ذلك أقوى توثيق له أيضاً.
    وقد نقل الحافظ الخليلي في كتابه الارشاد الاتفاق عل توثيق مالك الدار فقال هناك : متفق عليه أثنى عليه التابعون !! فقد ذهب كلام الألباني هباء.
    وللموضوع توسعٌ في رسالة لنا خاصة أسميناها بالباهر. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. انتهى.
    وقال الصديق المغربي في كتابه المذكور ص 11 :
    وبعد ، فإن الشيخ الألباني سامحه الله تعالى صاحب غرض وهوى ، إذا رأى حديثاً أو أثراً لا يوافق هواه فإنه يسعى في تضعيفه بأسلوب فيه تدليس وغش ، ليوهم قراءه أنه مصيب ، مع أنه مخطيء بل خاطيء غاش ، وبأسلوبه هذا ضلل كثيراً من أصحابه الذين يثقون به ويظنون أنه على صواب ، والواقع خلاف ذلك.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:24

    ومن المخدوعين به من يدعى حمدي السلفي الذي يحقق المعجم الكبير ، فقد أقدم بجرأة على تضعيف أثر صحيح لم يوافق هواه كما لم يوافق هوى شيخه ، وكان كلامه في تضعيفه هو كلام شيخه نفسه.
    فأردت أن أرد الحق الى نصابه ، ببيان بطلان كلام الخادع والمخدوع به ، وعلى الله اعتمادي ، واليه تفويضي واستنادي.
    روى الطبراني في المعجم الكبير 9 / 17 من طريق ابن وهب عن شبيب عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه : أن رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت اليه ، ولا ينظر في حاجته ، فلقي عثمان بن حنيف فشكا اليه ذلك ، فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد ، فصل فيه ركعتين ، ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك الى ربي فتقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك ، ورح اليه حتى أروح معك.
    فانطلق الرجل فصنع ما قال له ، ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتى أخذ بيده ، فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة ، وقال له ما حاجتك فذكر حاجته ، فقضاها له ، ثم قال : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ، وقال : ما كانت لك من حاجة فائتنا.
    ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف ، فقال له : جزاك الله خيراً ، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليّ حتى كلمته فيّ.
    فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا اليه ذهاب بصره ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أو تصبر ؟ فقال : يا رسول الله انه ليس لي قائد وقد شق عليَّ.
    فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ، ثم ادع

    بهذه الدعوات ! قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث ، حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر ، قط.
    صححه الطبراني ، وتعقبه حمدي السلفي بقوله : لا شك في صحة الحديث المرفوع ، وإنما الشك في هذه القصة التي يستدل بها على التوسل المبتدع ، وهي انفرد بها شبيب كما قال الطبراني ، وشبيب لا بأس بحديثه بشرطين : أن يكون من رواية ابنه أحمد عنه ، وأن يكون من رواية شبيب عن يونس بن يزيد.
    والحديث رواه عن شبيب بن وهب وولداه اسماعيل وأحمد ، وقد تكلم الثقات في رواية ابن وهب عن شبيب ، في شبيب ، وابنه اسماعيل لا يعرف ، وأحمد وإن روى القصة عن أبيه إلا أنها ليست من طريق يونس بن يزيد ، ثم اختلف فيها على أحمد ، ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة ، والحاكم من ثلاثة طرق بدون ذكر القصة ، ورواه الحاكم من طريق عون بن عمارة البصري عن روح بن القاسم به ، قال شيخنا محمد ناصر الدين الألباني : وعون هذا وإن كان ضعيفاً فروايته أولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة وحماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي. اهـ.
    وفي هذا الكلام تدليسٌ وتحريفٌ نبينه فيما يلي :
    أولاً : هذه القصة رواها البيهقي في دلائل النبوة من طريق يعقوب بن سفيان حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد ، ثنا أبي عن روح بن القاسم ، عن أبي جعفر الخطمي ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن عمه عثمان بن حنيف ، أن رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فذكر القصة بتمامها.
    ويعقوب بن سفيان هو الفسوي الحافظ الإمام الثقة ، بل هو فوق الثقة ، وهذا إسناد صحيح البخاري ، ومعنى ذلك أنها صحيحة ، وهذا الذي يوافق كلام الحافظ ، ويبطل ما استنبطه الألباني من كلام الحافظ في مقدمة فتح الباري فليتأمل.
    إن الحفاظ أيضاً صححوا هذه القصة ، كالمنذري في الترغيب والترهيب ( 1 / 476 ) بإقراره للطبراني ، والهيثمي في مجمع الزوائد ( 2 / 279 ) أيضاً ، وقبلهما الإمام الحافظ

    الطبراني في معجمه الصغير ( 1 / 307 الروض الداني ) وغيرهم.
    ثانياً : أحمد بن شبيب من رجال البخاري ، روى عنه في الصحيح ، وفي الأدب المفرد ، ووثقه أبو حاتم الرازي وكتب عنه هو وأبو زرعة ، وقال ابن عدي : وثقه أهل البصرة وكتب عنه علي ابن المديني. وأبوه شبيب بن سعيد التميمي الحبطي البصري أبو سعيد من رجال البخاري أيضاً ، روى عنه في الصحيح وفي الأدب المفرد. ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والذهلي والدارقطني والطبراني في الأوسط.
    قال أبو حاتم : كان عنده كتب يونس بن زيد ، وهو صالح الحديث لا بأس به.
    وقال ابن عدي : ولشبيب نسخة الزهري عنده عن يونس عن الزهري أحاديث مستقيمة.
    وقال ابن المديني : ثقة كان يختلف في تجارة الى مصر وكتابه كتاب صحيح.
    هذا ما يتعلق بتوثيق شبيب ، وليس فيه اشتراط صحة روايته بأن تكون عن يونس بن يزيد ، بل صرح ابن المديني بأنه كتابه صحيح. وابن عدي إنما تكلم على نسخة الزهري عن شبيب فقط ، ولم يقصد جميع رواياته !!
    فما ادعاه الألباني تدليس وخيانة ، يؤكد ذلك أن حديث الضرير صححه الحفاظ ولم يروه شبيب عن يونس عن الزهري ! وإنما رواه عن روح بن القاسم !!
    ودعواه ضعف القصة بالاختلاف فيها ، حيث لم يذكرها بعض الرواة عند ابن السني والحاكم ، لون آخر من التدليس ! لأن من المعلوم عند أهل العلم أن بعض الرواة يروي الحديث وما يتصل به كاملاً ، وبعضهم يختصر منه بحسب الحاجة ، والبخاري يفعل هذا أيضاً فكثيراً ما يذكر الحديث مختصراً أو يوجد عند غيره تاماً.
    والذي ذكر القصة في رواية البهيقي إمامٌ فذٌ يقول عنه أبو زرعة الدمشقي : قدم علينا رجلان من نبلاء الناس ، أحدهما وأرحلهما يعقوب بن سفيان يعجز أهل العراق أن يرو مثله رجلاً.
    وتقديمه رواية عون الضعيف على من زاد القصة لون ثالث من التدليس والغش.

    فإن الحاكم روى حديث الضرير من طريق عون مختصراً ثم قال : تابعه شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والاسناد ، والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون ، هذا كلام الحاكم ، وهو يؤكد ما تقرر عند علماء الحديث والأصول أن زيادة الثقة مقبولة ، وأن من حفظ حجة على من لم يحفظ !
    والألباني رأى كلام الحاكم لكن لم يعجبه لذلك ضرب عنه صفحاً ، وتمسك بأولوية رواية عون الضعيف عناداً وخيانة.
    ثالثاً : تبين مما أوردناه وحققناه في كشف تدليس الألباني وغشه ، أن القصة صحيحة جداً ، رغم محاولاته وتدليساته ، وهي تفيد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله ، لأن الصحابي راوي الحديث فهم ذلك ، وفهم الراوي له قيمته العلمية ، وله وزنه في مجال الاستنباط.
    وإنما قلنا إن القصة من فهم الصحابي على سبيل التنزل ، والحقيقة أن ما فعله عثمان بن حنيف من إرشاده الرجل الى التوسل ، كان تنفيذاً لما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، كما ثبت في حديث الضرير.
    قال ابن أبي خيثمة في تاريخه : حدثنا مسلم بن ابراهيم ، ثنا حماد بن سلمة ، أنا أبو جعفر الخطمي ، عن عمارة بن خزيمة ، عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه : أن رجلاً أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أصبت في بصري فادع الله لي. قال :
    اذهب فتوضأ وصل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبيي محمد نبي الرحمة. يا محمد إني أستشفع بك الى ربي في رد بصري. اللهم فشفعني في نفسي وشفع نبيي في رد بصري. وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك. إسناده صحيح.
    والجملة الأخيرة من الحديث تصرح بإذن النبي صلى الله عليه وسلم في التوسل به عند عروض حاجة تقتضيه.
    وقد أعل ابن تيمية هذه الجملة بعلل واهية ، بينت بطلانها في غير هذا المحل. وابن تيمية جريء في رد الحديث الذي لا يوافق غرضه ، ولو كان في الصحيح !!

    مثال ذلك : روى البخاري في صحيحه حديث ( كان الله ولم يكن شيء غيره ) وهو موافقٌ لدلائل النقل والعقل والاجماع المتيقن ، لكنه خالف رأيه في اعتقاده قدم العالم ، فعمد الى رواية للبخاري أيضاً في هذا الحديث بلفظ ( كان الله ولم يكن شيء قبله ) فرجحها على الرواية المذكورة ، بدعوى أنها توافق الحديث الآخر ( أنت الأول فليس قبلك شيء ).
    قال الحافظ ابن حجر : مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه الرواية على الأولى لا العكس ، والجمع مقدم عل الترجيح بالاتفاق.
    قلت : تعصبه لرأيه أعماه عن فهم الروايتين اللتين لم يكن بينهما تعارض ...
    مثالٌ ثانٍ : حديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد ، وترك باب علي 7 ، حديث صحيح ، أخطأ ابن الجوزي بذكره في الموضوعات. ورد عليه الحافظ في القول المسدد.
    وابن تيمية لانحرافه عن علي 7 كما هو معلوم ، لم يكفه حكم ابن الجوزي بوضعه ، فزاد من كيسه حكاية اتفاق المحدثين على وضعه !!
    وأمثلة رده للأحاديث التي يردها لمخالفة رأيه كثيرة ، يعسر تتبعها.
    رابعاً : ونقول على سبيل التنزل : لو فرضنا أن القصة ضعيفة تطييباً لخاطر الألباني ، وأن رواية ابن أبي خيثمة معلولة كما في محاولة ابن تيمية ، قلنا : في حديث توسل الضرير كفاية وغناء ، لأن النبي حين علم الضرير ذلك التوسل ، دل على مشروعيته في جميع الحالات.
    ولا يجوز أن يقال عنه : توسل مبتدع ! ولا يجوز تخصيصه بحال حياته صلى الله عليه وسلم ، ومن خصصه فهو المبتدع حقيقة ، لأنه عطل حديثاً صحيحاً وأبطل العمل به ، وهو حرام.
    والألباني عفا الله عنه جريَ على دعوى التخصيص والنسخ لمجرد خلاف رأيه وهواه ! فحديث الضرير لو كان خاصاً به ، لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، كما بين

    لأبي بردة أن الجذعة من المعز تجزيه في الأضحية ، ولا تجزي غيره ، كما في الصحيحين. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
    اعتذار وجوابه :
    قد يقال : الداعي الى تخصيصي الحديث بحال حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ما فيه من ندائه ، وهو عذر مقبول.
    والجواب : أن هذا اعتذارٌ مردود ، لأنه تواتر عن النبي صلى عليه وسلم تعليم التشهد في الصلاة ، وفيه السلام عليه بالخطاب ونداؤه ( السلام عليك أيها النبي ) وبهذه الصيغة عمله على المنبر النبوي أبو بكر ، وعمر ، وابن الزبير ، ومعاوية ، واستقر عليه الاجماع ، كما يقول ابن حزم ، وابن تيمية !
    والألباني لابتداعه خالف هذا كله ، وتمسك بقول ابن مسعود ، فلما مات قلنا السلام على النبي ، ومخالفة التواتر والاجماع ، هي عين الابتداع.
    مع أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أعمالنا تعرض عليه ، وكذلك صلاتنا عليه صلى الله عليه وسلم ، تعرض عليه.
    وثبت أن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغونه سلام أمته.
    وثبت بالتواتر والاجماع أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره ، وأن جسده الشريف لا يبلى ، فكيف يمتنع مع هذا نداؤه في التوسل به ، وهل هو إلا مثل ندائه في التشهد ؟!!
    ولكن الألباني عنيد شديد العناد ، والألبانيون عندهم عناد ، وصلابة في الرأي ، أخبرني بذلك عالم ألباني حضر علي في تفسير البيضاوي وشرح التحرير لابن أمير الحاج ، وكان وديعاً هادئ الطبع ، وهو تلميذ لي.
    هذا موجز ردنا لدعوى الألباني. أما من يدعى حمدي السلفي فليس هناك ، وإنما هو مجرد مخدوع يردد الصدا.

    إلحاق :
    قال الدارمي في سننه :
    حدثنا أبو النعمان ، ثنا سعيد بن زيد ، ثنا عمرو بن مالك النكري ، حدثنا ابوالجوزاء أوس بن عبد اللة قال : قحط أهل المدينة قحطاً شديداً ، فشكوا الى عائشة فقالت : أنظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فافتحوا منه كوى الى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا. فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمى عام الفتق.
    ضعف الألباني هذا الأثر بسعيد بن زيد ، وهو مردود لأن سعيداً من رجال مسلم ووثقه يحيى بن معين وضعفه أيضاً باختلاط أبي النعمان ، وهو تضعيف غير صحيح لأن اختلاط أبي النعمان لم يؤثر في روايته ، قال الدارقطني : تغير بأخرة وما ظهر له له بعد اختلاط حديث منكر ، وهو ثقة. وقول ابن حبان : وقع في حديثه المناكير الكثيرة بعد اختلاطه ، رده الذهبي فقال : لم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثاً منكراً والقول فيه ما قال الدارقطني (45).
    وابن تيمية كذب أثر عائشة ، ولا عبرة به ، لجرأته على تكذيب ما يخالف هواه.
    والحمد لله رب العالمين. انتهى.

    كتاب ( التوسل بالنبي وجهلة الوهابيين )
    تأليف أبي حامد المرزوق ـ طبعة مكتبة ايشيق في استانبول
    قال في ص 24 :
    وإنما جر هذا المبتدع ومن انخدع بأباطيله هذه ، أنه لم يحقق معنى العبادة شرعاً كما يدل عليه استقراء موارد هذه اللفظة في كلام الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ، فظن أن التوسل برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسائر الصالحين والاستغاثة بهم ، مع استقرار القلب على أنهم أسباب لا استقلال لهم بنفع ولا ضر ، وليس لهم من الربوبية شيء ، ولكن الله جعلهم مفاتيح لخيره ومنابع لبره وسحباً يمطر منها على عباده أنواع خيره .. ظن أن ذلك وما اليه من الشرك المخرج عن الملة.
    ومن رافقه التوفيق وفارقه الخذلان ونظر في المسألة نظر الباحث المنصف ، علم يقيناً لا تخالطه ريبة أن مسمى العبادة شرعاً لا يدخل فيه شيء مما عده من توسل واستغاثة وغيرهما ، بل لا يشتبه بالعبادة أصلاً فإن كل ما يدل على التعظيم لا يكون من العبادة إلا إذا اقترن به اعتقاد الربوبية لذلك المعظم ، أو صفة من صفاتها الخاصة بها. ألا ترى الجندي يقوم بين يدي رئيسه ساعةً وساعاتٍ احتراماً له وتأدباً معه ، فلا يكون هذا القيام عبادةً للرئيس شرعاً ولا لغة ، ويقوم المصلي بين يدي ربه في صلاة بضع دقائق أو بعضها ، قدر ما يقرأ الفاتحة ، فيكون هذا القيام عبادة شرعاً ؟!
    وسر ذلك أن هذ القيام وإن قلت مسافته مقترنٌ باعتقاد القائم ربوبية من قام له ، ولا يقارن ذاك القيام هذا الاعتقاد. ا هـ.
    وقد اطلعت على كلام لابن تيمية في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية مفرق في أربعة مواضع من كتبه ، أذكره كله ليراه القراء ، ثم أبطله :
    1 ـ قال في الجزء الأول من فتاواه ص 219 ، في تفسير قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) والمعنى أن صاحب الجد لا ينفعه منك جده ، أي لا ينجيه ويخلصه منك جده ، وإنما ينجيه الايمان والعمل الصالح ، والجد هو

    الغنى وهو العظمة وهو المال ، ( الى أن قال ) : فبين في هذا الحديث أصلين عظيمين أحدهما ، توحيد الربوبية ، وهو أن لا معطي لما منع الله ولا مانع لما أعطاه ولا يتوكل إلا عليه ولا يسأل إلا هو.
    والثاني ، توحيد الالَهية ، وهو بيان ما ينفع وما لا ينفع ، وأنه ليس كل من أعطى مالاً أو دنياً أو رئاسة ، كان ذلك نافعاً عند الله منجياً له من عذابه ، فإن الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لايحب ، ولا يعطي الايمان إلا من يحب ( الى أن قال ) : وتوحيد الالَهية أن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً فيطيعه ويطيع رسله ويفعل ما يحبه ويرضاه.
    وأما توحيد الربوبية فيدخل ما قدره وقضاه ، وإن لم يكن مما أمر به وأوجبه رضاه والعبد مأمور بأن يعبد الله ويفعل ما أمر به وهو توحيد الالَهية ويستغفر الله على ذلك وهو توحيد له فيقول : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) اهـ.
    2 ـ وقال في الجزء الثاني من فتاواه ص 275 :
    فإن المقصود هنا بيان حال العبد المحض لله تعالى الذي يعبده ويستعينه فيعمل له ويستعينه ، ويحقق قوله ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية ، وإن كانت الالَهية تتضمن الربوبية والربوبية تستلزم الالَهية ، فإن أحدهما إذا تضمن الآخر عند الانفراد لم يمنع أن يختص بمعنى عند الاقتران ، كما في قوله : ( قل أعوذ برب الناس. الخ ) فجمع بين الاسمين ، فإن الالَه هو المعبود الذي يستحق أن يعبد ، والرب هو الذي يرب عبده ا هـ.
    3 ـ وقال في الجزء الثاني من منهاج السنة ص 62 ، بعد ثرثرة ذم فيها جميع فرق المسلمين من المتكلمين ، مصرحاً بأنهم عبدوا غير الله لجهلهم توحيد الألوهية وإثبات حقائق أسماء الله ، ما نصه :
    فإنهم قصروا عن معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله في كتابه فعدلوا عنها الى طرق أخرى مبتدعة فيها من الباطل ما لأجله خرجوا عن بعض الحق المشترك بينهم وبين غيرهم ، ودخلوا في بعض الباطل المبتدع ، وأخرجوا من التوحيد ما هو منه

    كتوحيد الالَهية ، وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته ، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية ، وهو الاقرار بأن الله خالق كل شيء وهذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين قال الله عنهم ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) ، وقال تعالى : ( قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله ، الآيات ) وقال عنهم : ( وما يؤمن اكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) فالطائفة من السلف تقول لهم من خلق السموات والأرض فيقولون الله ، وهم مع ذلك يعبدون غيره ، وإنما التوحيد الذي أمر الله به العباد هو توحيد الألوهية المتضمن توحيد الربوبية ، بأن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً ، فيكون الدين كله لله. ا هـ.
    4 ـ وقال في رسالة أهل الصفة ص 34 : توحيد الربوبية وحده لا ينفي الكفر ولا يكفي : ا هـ.
    أقول : قد لبس ابن تيمية في تآليفه على العامة وأشباههم من المتفقهة كثيراً بالسلف الصالح والكتاب والسنة ، لترويج هواه في سوقهم !
    ولكنه في هذا الكلام صرح بهواه ولم يلصقه بهما ولا بالسلف ، وإني بحول الله وتوفيقه أكيل له بصاعه الذي لبس به على البسطاء كيلاً حقيقياً وافياً مبرهناً ، فأقول :
    كلامه هذا في الأربعة المواضع باطل باثنين وثلاثين وجهاً :
    الوجه الأول : لم يقل الإمام أحمد بن حنبل الذي انتسب اليه كذباً لأصحابه إن التوحيد قسمان : توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، وإن من لم يعرف توحيد الألوهية لا تعتبر معرفته لتوحيد الربوبية ، لأن هذا يعرفه المشركون !!
    وهذا عقيدة الإمام أحمد مدونةٌ في مصنفات أتباعه في مناقبه لابن الجوزي وفي غيره ليس فيها هذا الهذيان.
    الوجه الثاني : لم يقل أي واحد من أتباع التابعين لأصحابه إن التوحيد قسمان : توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، وإن من لم يعرف توحيد الألوهية لا يعتد بمعرفته لتوحيد الربوبية ! فلو اجتمع معه الثقلان على إثباته عن أي واحد منهم لايستطيعون.

    الوجه الثالث : لم يقل أي واحد من التابعين لأصحابه إن التوحيد ينقسم الى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ، فلو اجتمع معه الثقلان على اثباته عن أي واحد منهم لا يستطيعون.
    الوجه الرابع : لم يقل أي صحابي من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ورضي عنهم إن التوحيد ينقسم الى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وأن من لم يعرف توحيد الألوهية لا يعتد بمعرفته لتوحيد الربوبية ، لأن هذا يعرفه المشركون ، وإني أتحدى كل من له إلمامٌ بالعلم أن ينقل لنا هذا التقسيم المخترع عنهم ، ولو برواية واهية.
    الوجه الخامس : لم يأت في سنة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الواسعة التي هي بيان لكتاب الله عز وجل من صحاح وسنن ومسانيد ومعاجم ، أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول لأصحابه ويعلمهم أن التوحيد ينقسم الى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وأن من لم يعرف توحيد الألوهية لا يعتد بمعرفته لتوحيد الربوبية ، لأن هذا يعرفه المشركون !! فلو اجتمع معه الثقلان على إثبات هذا الهذيان عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بإسناد ولو واهياً لا يستطيعون.
    الوجه السادس : بل كتب السنة طافحةٌ بأن دعوته صلى الله عليه وسلم الناس الى الله كانت الى شهادة أن لا الَه إلا الله وأن محمدا رسول الله وخلع عبادة الأوثان ، ومن أشهرها حديث معاذ بن جبل لما أرسله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الى اليمن فقال له : ( أدعهم الى شهادة أن لا الَه إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك فأخبرهم أن عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة .. الحديث ).
    وروى الخمسة وصححه ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم أخبره أعرابي برؤية الهلال ، فأمر بالصيام ولم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن الاقرار بالشهادتين وكان اللازم على هذيانه هذا أن يدعو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جميع الناس الى توحيد الألوهية الذي جهلوه ، وأما توحيد الربوبية فقد عرفوه ! ويقول لمعاذ

    ادعهم الى توحيد الألوهية ! ويقول للأعرابي الذي رأى هلال رمضان هل تعرف توحيد الألوهية ؟!
    الوجه السابع : لم يأمر الله في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عباده بتوحيد الألوهية ، ولم يقل لهم إن من لم يعرفه لايعتد بمعرفته لتوحيد الربوبية ، بل أمر وهو :
    الوجه الثامن : بكلمة التوحيد مطلقة ، قال الله تبارك وتعالى مخاطباً نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم ( فاعلم أنه لا الَه إلا الله ) وهكذا جميع آيات التوحيد المذكورة في القرآن ، مع سورة الاخلاص التي تعدل ثلث القرآن.
    الوجه التاسع : يلزم على هذا الهذيان على الله تبارك وتعالى لعباده حيث عرفوا كلهم توحيد الربوبية ولم يعرفوا توحيد الألوهية ـ أن يبينه لهم ولا يضلهم ولا يعذبهم على جهلهم نصف التوحيد ولا يقول لهم ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) نعوذ بالله من زلقات اللسان وفساد الجنان.
    الوجه العاشر : الالَه هو الرب والرب هو الالَه ، فهما متلازمان يقع كل منهما في موضع الآخر ، وكتاب الله تعالى طافحٌ بذلك ، وكذلك سنته عليه الصلاة والسلام ، قال الله تبارك وتعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) وكان اللازم ـ على زعمه ـ حيث كانوا يعرفون توحيد الربوبية ولا يعرفون توحيد الألوهية أن يقول الله ( اعبدوا إلَهكم ) !!
    وقال الله تعالى ( ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ـ الآية ).
    وكان اللازم على زعمه حيث كان النمرود يعرف توحيد الربوبية ويجهل توحيد الألوهية ـ أن يقول الله تعالى ( ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في إلَهه ) !!
    وكان اللازم على زعمه أن يقول الله في قوله تعالى ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ) اتقوا إلَهكم !!

    وكان اللازم على زعمه أن يقول الله في قوله تعالى ( إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ) ، هل يستطيع إلَهك.
    وكان اللازم على زعمه أن يقول الله في قوله تعالى ( ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) ثم الذين كفروا بإلَههم يعدلون ! لأن الرب يعرفونه ، وهو شيء كثير في القرآن ...
    الوجه الثلاثون : جعله التوسل والاستغاثة عبادةً للمتوسل به والمستغاث به والمستعان به !! ...
    قوله ( وهم مع ذلك يعبدون غيره ) فاسدٌ أيضاً ، ومعناه يقول أحمد بن تيمية الملبس بلفظ ( الطائفة ) والملبس أيضاً المدعي أنه ( من السلف ) للمالكية والشافعية والحنفية ومستقيمي العقيدة من الحنابلة ( من خلق السموات والأرض فيقولون الله ) وهم مع اعترافهم بتوحيد الربوبية مشركون في رأيه لأنهم ( يعبدون غيره ) أي يتوسلون بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبالصالحين من أمته ويستغيثون ويستعينون بهم ، وكل من التوسل والاستعانة والاستغاثة عبادة غير الله تعالى في زعمه !!
    وقد اعتمد في تكفير المسلمين بهذه الألفاظ على إرادة نفع جاه المتوسل به أو المستغاث به مثلاً ، قياساً على عبدة الأوثان بجامع الإرادة المذكورة في كل ، وهو قياسٌ فاسد من ستة أوجه :
    الأول : جهله حقيقة العبادة ، فإن العبادة لغة : أقصى نهاية الخضوع والتذلل بشرط نية التقرب ، ولا يكون ذلك إلا لمن له غاية التعظيم.
    فقد تبين منه أن العبادة لغةً لا تطلق إلا على العمل الدال على الخضوع المتقرب به لمن يعظمه باعتقاد تأثيره في النفع والضر ، أو اعتقاد الجاه العظيم الذي ينفعه في الدنيا والآخرة ، وهي التي نهى الله سبحانه وتعالى عن أن تقع لغيره ، وكفَّر من لم ينته عنها ، وما قصر عن هذه المرتبة لا يقال فيه عبادة لغير الله.
    وشرعاً : امتثال أمر الله كما أمر على الوجه المأمور به من أجل أنه أمر ، مع

    المبادرة بغاية الحب والخضوع والتعظيم ، فاعتبر فيها ما اعتبر في اللغوية من الخضوع والتذلل والتعظيم.
    فاللغوية غير مقيدة بعمل مخصوص ، والشرعية مقيدة بالأعمال المأمور بها فكانت جاريةً على الأعم الأغلب في الحقائق الشرعية من كونها أخص من اللغوية.
    ومن أجل اختصاصها بالمأمور به خرجت عبادة اليهودي مثلاً لأنه وإن تمسك بشريعة إلا أنها لما كانت منسوخة كانت كأن لم تكن ، وعبادة المبتدع في الدين ما ليس منه ، فالله سبحانه لما نهى الكفار عما هم مشتغلون به من عبادة غيره ، ووبخهم على وضع الشيء في غير محله وتعظيمهم غير أهله ، وبين لهم بالدلائل الواضحة عدم صلوحية ما اتخذوه من دونه لما اتخذوه اليه ، وكان الحامل لهم على ذلك اتباع أهوائهم ، والاسترسال مع أغراضهم ، وذلك منافٍ لعبوديتهم ، إذ العبد لا يتصرف في نفسه بمقتضى شهوته وغرضه ، وإنما يتصرف على مقتضى أمر سيده ونهيه ، قصد سبحانه أن يخرجهم عن داعية أهوائهم واتباع أغراضهم ، حتى يكونوا عبيداً لله تعالى اختياراً كما هم عبيد له اضطراراً ، فوضع لهم الشريعة المطهرة وبين لهم الأعمال التي تعبدهم بها ، والطرق التي توصلهم الى منافعهم ومصالحهم على الوجه الذي ارتضاه لهم ، ونهاهم عن مجاوزة ما حد لهم ...
    وعلى هذا فشرط كونها عبادة نية التقرب للمعبود ، فالسجود لا يكون عبادة ولا كفراً إلا تبعاً للنية ، فسجود الملائكة عليهم الصلاة والسلام لآدم عليه الصلاة والسلام عبادة لله ، لأنه امتثال لأمره وتقربٌ وتعظيم له.
    والسجود للصنم كفرٌ إذا قصد به التقرب اليه إذ هو عبادة لغير الله ، وكذا يحكم عليه به عند جهل قصده أو إنكاره لأنه علامة على الكفر.
    والسجود للتحية معصيةٌ فقط في شرعنا ، وقد كان سائغاً في الشرائع السابقة بدليل سجود يعقوب وبنيه ليوسف عليهم الصلاة والسلام.
    فتحقق من تعريفي العبادة لغةً وشرعاً أن العبادة التذلل والتعظيم للمعبود ، وعليه

    فليس كل تعظيم عبادة ، وأن ضابط التعظيم المقتضي للعبادة هو أن يعتقد له التأثير في النفع والضر ، أو يعتقد له الجاه التام والشهادة المقبولة بحيث ينفع في الآخرة ويستنزل به النصر والشفاء في الدنيا.
    والتوسل لا يسمى عبادةً قطعاً ولا يقال فيه عبادة ، وإنما هي وسيلةٌ اليها ، وسيلة الشيء غيره بالضرورة.
    الثاني : الوسيلة لغةً كل ما يتقرب به الى الغير ، وسل الى الله تعالى توسيلاً عمل عملاً تقرب به اليه ، فتحقق منه أن التوسل لا يسمى عبادةً قطعاً ، ولا يقال فيه عبادة وإنما هو وسيلةٌ اليها ، ووسيلة الشيء غيره بالضرورة وهو واضح ، فإن التوسل لا تقرب فيه للمتوسل به ولا تعظيمه غاية التعظيم ، والتعظيم إذا لم يصل الى هذا الحد لا يكون الفعل المعظم به عبادة ، فلا يطلق اسم العبادة على ما ظهر من الاستعمال اللغوي إلا على ما كان بهذه المثابة من كون العمل دالاً على غاية الخضوع منوياً به التقرب للمعبود تعظيماً له بذلك التعظيم التام.فاذا اختل شيء منها منع الاطلاق.
    أما الدلالة على نهاية الخضوع فظاهر ، لأن مناط التسمية لم يوجد ، ولأن الناس من قديم الزمان الى الآن يخضعون لكبرائهم ورؤسائهم بما يقتضيه مقامه الدنيوي عندهم ويحيونهم بأنواع التحيات ، ويتذللون بين أيديهم ، ولا يعدون ذلك قربة ، ولا يطلقون عليه اسم العبادة ، وإنما يرونه من باب الأدب ، وما ذاك إلا لكون ذلك الخضوع لم يبلغ نهايته والعظيم الناشيء عنه لم يبلغ غايته.
    وبهذا ظهر الفرق بين التوسل والعبادة. على أن عبد يتعدى بنفسه وتوسل يتعدى بحرف الجر.
    وقد أوغل ابن تيمية في بيداء القياس الفاسد دفعتين ، قياسه معاني هذا الألفاظ ـ توسل استعان ، استغاث ، تشفع ـ على العبادة ، وقياسه المؤمنين المتوسلين بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم مثلاً على عبدة الأوثان من دون الله ، بجامع إرادة الجاه في كل.
    فلينظر اللبيب الى أين رماه جهله باللغة العربية ، فإنه لو تأمل في قول القائل : اللهم

    اللهم إني أتوسل اليك بفلان ، وأجراه على ما تدل عليه اللغة لوجد معناه ، اللهم إني أتقرب اليك وأتحبب اليك ، فهو دالٌ بجوهره على أن التقرب لله لا لمن يراد جاهه !!
    ومن جَهِل الفرق بين عبد وتوسل ، كيف يصح له القياس في دين الله ، وإلحاق بعض الفروع ببعض ، والقياس أصعب أنواع الاجتهاد ، لكثرة ما يعتبر في أركانه من الشروط ، وما يرد عليه من المعارضات والمناقضات وغير ذلك من أنواع الاعتراضات ، فلا يصفو مشربه إلا لأهل الاجتهاد ومن أحاط بمداركهم على اختلاف مراتبهم ، ومن قصر عن تلك المراتب لا يسوغ له الجزم بالحكم المأخوذ منه في دانق ، فكيف بالحكم المأخوذ منه في تكفير المسلمين ؟!!
    الثالث : وحيث تحقق الفرق بين العبادة والتوسل ، فالعبادة فيها معنى زائدٌ يناسب إناطة الحكم به ، وهو اشتمالها على الإعراض عن الله وإطلاق الالَهية على غيره وإقامته مقامه ، وخدمته بما يستحق أن يخدم ، وقد أشار الى هذا المعنى بعض فضلاء أهل السنة ، وملخص كلامه :
    أن الشبهة الحاملة لعبدة الأوثان على عبادتها هي أنهم استصغروا أنفسهم فاستعظموا أن يعبدوا الله مباشرة ، ورأوا من سوء الأدب أن يشتغل الحقير من أول وهلة بخدمة العظيم ، وقربوا ذلك بأمر مستحسن في العادة وهو أن الحقير لا ينبغي له أن يخدم الملك حتى يخدم عماله ألى أن يترقى لخدمته ، وقال : وهذه هي الحاملة على التوسل الى الله تعالى بمن له جاه عنده.
    إلا أن الشرع أذن في التوسل ولم يأذن في العبادة ، فكانت حاجة الكفار تندفع بما شرعه الله ، إلا أن الله تعالى أعمى بصائرهم ، ولو تنبهوا لأمر عادي آخر لأرشدهم ، فإن الملك من ملوك الدنيا إذا استجاه له أحد بعظيم من وزرائه وتشفع له بذلك ، ربما أقبل عليه وأخذ بيديه وقضى ما أراده منه. أما إذا عظم ذلك الوزير بما يعظم به الملك وعامله بمعاملته وأقامه في مقامه فيما يختص به الملك عن غيره ، رجاء أن يقضي ذلك الوزير حاجته من الملك ، فإن الملك إذا علم بصنيعه يغضب أشد

    الغضب ، ولا يقتصر في العقوبة على قطع الرجاء من الحاجة ، بل يفتك به وبالوزير إن أحب ذلك !
    فمثال التوسل الأول ، ومثال العبادة الثاني.
    فتأمل هذا المثال فإنه وافٍ بواقعة الحال ، وبالله التوفيق والاعتصام.
    الرابع : القاعدة المشهورة المطردة وهي : أن استواء الفعلين في السبب الحامل على الفعل لا يوجب استواءهما في الحكم ، يدل على هاته القاعدة دلالةً قطعيةً أنه لو لم يكن الأمر كذلك بأن كان الاستواء في الحامل يوجب الاستواء في الحكم كما ادعاه ابن تيمية وقرره في قياسه التوسل على العبادة والمتوسل على عابد الوثن .. للزم إبطال الشريعة وتساوي الأعمال في الأحكام ، واللازم باطلٌ بالاتفاق ، وهو ضروري غني عن الاستدلال!!
    وقال في ص 96 :
    وقد انتهيت بتوفيق الله من إبطال كثير من كلام ابن تيمية وابن القيم وبعض كلام ابن عبد الوهاب ، في توحيد الربوبية والألوهية والعبادة وملحقاتهما في هذا الفصل ، وأختمه بما كتبه العلامة المحقق المرحوم الشيخ ( يوسف الدجوي ) المتوفي سنة خمس وستين وثلاثمائة وألف في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية قال ; :
    جاءتنا رسائل كثيرة يسأل مرسلوها عن توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية ما معناهما ، وما الذي يترتب عليهما ، ومن ذا الذي فرق بينهما ؟
    وما هو البرهان على صحة ذلك أو بطلانه ؟
    فنقول وبالله التوفيق : إن صاحب هذا الرأي هو ابن تيمية الذي شاد بذكره قال : إن الرسل لم يبعثوا إلا لتوحيد الألوهية ، وهو إفراد الله بالعبادة ، وأما توحيد الربوبية وهو اعتقاد أن الله رب العالمين المتصرف في أمورهم فلم يخالف فيه أحد من المشركين والمسلمين بدليل قوله تعالى ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ).
    ثم قالوا : إن الذين يتوسلون بالأنبياء ويتشفعون بهم وينادونهم عند الشدائد هم

    عابدون لهم ، قد كفروا باعتقادهم الربوبية في تلك الأوثان والملائكة والمسيح سواء بسواء ، فإنهم لم يكفروا باعتقادهم الربوبية في تلك الأوثان وما معها بل بتركهم توحيد الألوهية بعبادتها ، وهذا ينطبق على زوار القبور المتوسلين بالأولياء المنادين لهم المستغيثين بهم الطالبين منهم ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى !!!
    بل قال محمد بن عبد الواهاب ( إن كفرهم أشنع من كفر عباد الأوثان ، وإن شئت ذكرت لك عبارته المحزنة الجريئة ) فهذا ملخص مذهبهم مع الإيضاح ، وفيه عدة دعاوى ...
    وقال في ص 100 :
    ولكن نقول لهم بعد هذا على فرض أن هناك فرقاً بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية كما يزعمون ، فالتوسل لا ينافي توحيد الألوهية فإنه ليس من العبادة في شيء لا لغةً ولا شرعاً ولا عرفاً ، ولم يقل أحد إن النداء أو التوسل بالصالحين عبادة ، ولا أخبرنا الرسول صلى الله تعالى وسلم بذلك !!
    ولو كان عبادةً أو شبه عبادة ، لم يجز بالحي ولا بالميت.
    ومن المعلوم أن المتوسل لم يطلب إلا من الله تعالى بمنزلة هذا النبي أو الولي ، ولا شك في أن لهما منزلةً عند الله تعالى في الحياة وبعد الممات.
    فإن تشبث متشبثٌ بأن الله أقرب الينا من حبل الوريد فلا يحتاج الى واسطة.
    قلنا له : ( حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء ... ) فإن رأيك هذا يلزمه ترك الأسباب والوسائط في كل شيء ، مع أن العالم مبني على الحكمة التي وضعت الأسباب والمسببات في كل شيء !!
    ويلزمه عدم الشفاعة يوم القيامة وهي معلومة من الدين بالضرورة ، فإنها على هذا الرأي لا حاجة اليها ، إذ لا يحتاج سبحانه وتعالى الى واسطة ، فإنه أقرب من الواسطة ويلزم خطأ عمر بن الخطاب في قوله ( إنا نتوسل اليك بعم نبيك العباس الخ .. ) !!
    وعلى الجملة يلزم سد باب الأسباب والمسببات والوسائل والوسائط ، وهو

    خلاف السنة الالَهية التي قام عليها بناء هذه العوالم كلها من أولها الى آخرها ، ولزمهم على هذا التقدير أن يكونوا داخلين فيما حكموا به على المسلمين ، فإنه لا يمكنهم أن يدعوا الأسباب أو يتركوا الوسائط ! بل هم أشد الناس تعلقاً واعتماداً عليها.
    ولا يفوتنا أن نقول : إن التفرقة بين الحي والميت في هذا المقام لا معنى لها ، فإن المتوسل لم يطلب شيئاً من الميت أصلاً ، وإنما طلب من الله متوسلاً اليه بكرامة هذا الميت عنده أو محبته له أو نحو ذلك ، فهل في هذا كله تأليهٌ للميت أو عبادةٌ له ؟! أم هو حق لا مرية فيه ، ولكنهم قوم يجازفون ولا يحققون !!
    كيف وجواز التوسل بل حسنه معلوم عند جميع المسلمين. وانظر كتب المذاهب الأربعة ( حتى مذهب الحنابلة ) في آداب زيارته صلى الله عليه وسلم تجدهم قد استحبوا التوسل به الى الله تعالى ، حتى جاء ابن تيمية فخرق الاجماع وصادم المركوز في الفطر ، مخالفاً في ذلك العقل والنقل. انتهى.

    كتاب ( شفاء السقام ) للامام السبكي
    وهو من كبار علماء مصر المعاصرين لابن تيمية ، وذكروا أن ابن تيمية كان يحترمه كثيراً ، ولعله كان يهابه فلم يرد على كتابه !!
    وقد طبع كتاب السبكي مرات في مصر ، ثم نشرته مكتبة ايشيق في استانبول ، وحققه أخيراً ونشره العلامة السيد محمد رضا الجلالي.
    والمحور الأصلي للكتاب رد بدعة ابن تيمية في تحريم زيارة النبي 9 ، وفيه فصل في رد تحريمه التوسل والاستشفاع والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله.
    قال السبكي في ص 59 من شفاء السقام :
    أما بعد ، فهذا كتاب سميته ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) ورتبته على عشرة أبواب :
    الأول : في الأحاديث الواردة في الزيارة.
    الثاني : في الأحاديث الدالة على ذلك وإن لم يكن فيها لفظ ( الزيارة ).
    الثالث : فيما ورد في السفر اليها.
    الرابع : في نصوص العلماء على استحبابها.
    الخامس : في تقرير كونها قربة.
    السادس : في كون السفر اليها قربة.
    السابع : في دفع شبه الخصم وتتبع كلماته.
    الثامن : في التوسل والاستغاثة.
    التاسع : في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
    العاشر : في الشفاعة ، لتعلقها بقوله ( من زار قبري وجبت له شفاعتي ).
    وضمنت هذا الكتاب الرد على من زعم : أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة ! وأن السفر اليها بدعة غير مشروعة !
    وهذه المقالة أظهر فساداً من أن يرد العلماء عليها ، ولكني جعلت هذا الكتاب مستقلاً في الزيارة وما يتعلق بها مشتملاً من ذلك على جملة يعز جمعها على طالبها.

    وقال في ص 291 :
    اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل ، والاستغاثة ، والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم الى ربه سبحانه وتعالى.
    وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين ، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين ، وسير السلف الصالحين ، والعلماء والعوام من المسلمين.
    ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ، ولا سمع به في زمن من الأزمان ، حتى جاء ابن تيمية ، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار ، وابتدع ما لم يسبق اليه في سائر الأعصار.
    وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستغاثة والتوسل قولٌ لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلةً !!
    وقد وقفت له على كلام طويل في ذلك رأيت من الرأي القويم أن أميل عنه الى الصراط المستقيم ، ولا أتتبعه بالنقض والابطال ، فإن دأب العلماء القاصدين لإيضاح الدين وإرشاد المسلمين تقريب المعنى الى أفهامهم وتحقيق مرادهم وبيان حكمه ، ورأيت كلام هذا الشخص بالضد من ذلك ، فالوجه الاضراب عنه.
    وأقول : إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم جائز في كل حال : قبل خلقه وبعد خلقه ، في مدة حياته في الدنيا ، وبعد موته ، في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة ، وهو على ثلاثة أنواع :
    النوع الأول : أن يتوسل به ، بمعنى أن طالب الحاجة يسأل الله تعالى به أو بجاهه أو ببركته. فيجوز ذلك في الاحوال الثلاثة ، وقد ورد في كل منها خبر صحيح :
    حديث توسل آدم 7 بالنبي صلى الله عليه وآله
    أما الحالة الأولى : قبل خلقه فيدل على ذلك آثار عن الأنبياء الماضين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، اقتصرنا منها على ما تبين لنا صحته وهو ما رواه الحاكم أبو عبدالله بن البيع في ( المستدرك على الصحيحين أو أحدهما ) قال : ثنا أبو سعيد

    عمرو بن محمد بن منصور العدل ، ثنا أبو الحسن محمد بن اسحاق ابن ابراهيم الحنظلي ، ثنا أبو الحارث عبدالله بن مسلم الفهري ، ثنا اسماعيل ابن مسلمة ، أنا عبدالرحمان بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لما اقترف آدم 7 الخطيئة ، قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي.
    فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه ؟
    قال : يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ، ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا الَه إلا الله محمد رسول الله ، فعرفت أنك لم تضف الى اسمك إلا أحب الخلق اليك.
    فقال الله : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق الي ، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك.
    قال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمان بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب.
    ائل النبوة ، وقال : تفرد به عبد الرحمان.
    وذكره الطبراني وزاد فيه ( وهو آخر الأنبياء من ذريتك ).
    توسل عيسى 7 بالنبي صلى الله عليه وآله
    وذكر الحاكم مع هذا الحديث أيضاً ... عن ابن عباس قال : أوحي الله الي عيسى 7 : يا عيسى آمن بمحمد وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولاه ما خلقت الجنة والنار ، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه : لا الَه إلا الله فسكن.
    قال الحاكم : هذا حديث حسن صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، انتهى ما قاله الحاكم.

    والحديث المذكورلم يقف عليها بن تيمية بهذا الاسناد ولا بلغه أن الحاكم صححه. فإنه قال أعني ابن تيمية : أما ما ذكره في قصة آدم من توسله فليس له أصل ولا نقله أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد يصلح الاعتماد عليه ، ولا الاعتبار ولا الاستشهاد.
    ثم ادعى ابن تيمية أنه كذب ، وأطال الكلام في ذلك جداً بما لا حاصل تحته بالوهم والتخرص ! ...
    ونحن نقول : قد اعتمدنا في تصحيحه على الحاكم ، وأيضاً : عبد الرحمان بن زيد بن أسلم لا يبلغ في الضعف الى الحد الذي ادعاه.
    وكيف يحل لمسلم أن يتجاسر على منع هذا الأمر العظيم الذي لا يرده عقل ولا شرع؟ وقد ورد فيه هذا الحديث ؟!
    توسل نوح وابراهيم وسائر الأنبياء بنبينا 9
    وأما ما ورد من توسل نوح وابراهيم وغيرهما من الأنبياء فذكره المفسرون ، واكتفينا عنه بهذا الحديث لجودته وتصحيح الحاكم له.
    * *
    ولا فرق في هذا المعنى بين أن يعبر عنه بلفظ التوسل أو الاستغاثة أو ( التشفع ) أو ( التجوه ). والداعي بالدعاء المذكور وما في معناه : متوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه جعله وسيلة لاجابة الله دعاءه.
    ومستغيث به ، والمعنى أنه استغاث الله به على ما يقصده فالباء ها هنا للسببية ، وقد ترد للتعدية ، كما تقول : ( من استغاث بك فأغثه ). ومستشفع به ، ومتجوه به ، ومتوجه ، فإن التجوه والتوجه راجعان الى معنى واحد.
    فإن قلت : المتشفع بالشخص مَن جاء به ليشفع ، فكيف يصح أن يقال يتشفع به؟
    قلت : ليس الكلام في العبارة وإنما الكلام في المعني وهو سؤال الله بالنبي صلى

    الله عليه وسلم كما ورد عن آدم ، وكما يفهم الناس من ذلك ، وإنما يفهمون من التشفع والتوسل والاستغاثة والتجوه ذلك ، ولا مانع من إطلاق اللغة بهذه الألفاظ على هذا المعنى.
    s والمقصود جواز أن يسأل العبد الله تعالى بمن يقطع أن له عند الله قدراً أو مرتبة.
    ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم له عند الله قدر على ومرتبة رفيعة ، وجاه عظيم. وفي العادة أن من كان له عند الشخص قدرٌ بحيث أنه إذا شفع عنده قبل شفاعته فإذا انتسب اليه شخص في غايته وتوسل بذلك وتشفع به ، فإن ذلك الشخص يجيب السائل إكراما لمن انتسب اليه وتشفع به ، وإن لم يكن حاضراً ولا شافعاً.
    وعلى هذا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل خلقه.
    ولسنا في ذلك سائلين غير الله تعالى ولا داعين إلا إياه ، ويكون ذكر المحبوب أو العظيم سبباً للاجابة. كما في الأدعية الصحيحة المأثورة ( أسألك بكل اسم لك وأسألك بأسمائك الحسنى ، وأسألك بأنك أنت الله ، وأعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك ).
    وحديث الغار الذي فيه الدعاء بالأعمال الصالحة وهو من الأحاديث الصحيحة المشهورة.
    فالمسؤول في هذه الدعوات كلها هو الله وحده لا شريك له والمسؤول به مختلف ولم يوجب ذلك إشراكاً ، ولا سؤال غير الله.
    كذلك السؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس سؤالاً للنبي بل سؤ ال لله به.
    وإذا جاز السؤال بالأعمال وهى مخلوقة فالسؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم أولى.
    ولا يسمع الفرق بأن الأعمال تقتضي المجازاة عليها ، لأن استجابة الدعاء لم تكن عليها ، وإلا لحصلت بدون ذكرها ، وإنما كانت على الدعاء بالأعمال.

    وليس هذا المعني مما يختلف فيه الشرائع حتى يقال : إن ذلك شرع من قبلنا فإنه لو كان ذلك مما يخل بالتوحيد لم يحل في ملة من الملل ، فإن الشرائع كلها متفقة على التوحيد.
    وليت شعري ما المانع من الدعاء بذلك ؟! فإن اللفظ إنما يقتضي أن للمسؤول به قدراً عند المسؤول ، وتارة يكون المسؤول به أعلى من المسؤول ، أما الباري سبحانه وتعالى كما في قوله ( من سألكم بالله فأعطوه ) وفي الحديث الصحيح في حديث أبرص وأقرع وأعمى ( أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن ) الحديث .. وهو مشهور. وإما بعض البشر ، ويحتمل أن يكون من هذا القسم قول عائشة لفاطمة : أسألك بما لي عليك من الحق.
    وتارةً يكون المسؤول أعلى من المسؤول به ، كما في سؤال الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا شك أن للنبي قدراً عنده. ومن أنكر ذلك فقد كفر.
    فمتى قال : ( أسألك بالنبي صلى الله عليه وسلم ) فلا شك في جوازه.
    وكذا إذا قال ( بحق محمد ) والمراد بالحق الرتبة والمنزلة ، والحق الذي جعله الله على الخلق أو الحق الذى جعله الله بفضله له عليه ، كما في الحديث الصحيح قال : فما حق العباد على الله ؟
    وليس المراد بالحق الواجب ، فإنه لا يجب على الله شيء ، وعلى هذا المعنى يحمل ما ورد عن بعض الفقهاء في الامتناع من اطلاق هذه اللفظة.
    الحالة الثانية : التوسل به بذلك النوع بعد خلقه صلى الله عليه وسلم في مدة حياته : فمن ذلك ما رواه أبو عيسى الترمذي في جامعه في كتاب الدعوات ، قال ... عن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ... وقد كفانا الترمذي والبيهقي رحمهما الله بتصحيحهما مؤونة النظر في تصحيح هذا الحديث ، وناهيك به حجة في المقصود.
    فإن اعترض معترض : بأن ذلك إنما كان لأن النبي صلى الله عليه وسلم شفع فيه

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:26

    فلهذا قال له أن يقول ( إني توجهت اليك بنبيك ).
    قلت : الجواب من وجوه :
    أحدها : سيأتي أن عثمان بن عفان وغيره استعملوا ذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم ، وذلك يدل على أنهم لم يفهموا اشتراط ذلك.
    الثاني : أنه ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بين له ذلك.
    الثالث : أنه ولو كان كذلك لم يضر في حصول المقصود وهو جوار التوسل الى الله بغيره بمعنى السؤال به كما علمه النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك زيادة على طلب الدعاء منه ، فلو لم يكن في ذلك فائدة لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأرشده اليه ، ولقال له : إني قد شفعت فيك ، ولكن لعله صلى الله عليه وسلم أراد أن يحصل من صاحب الحاجة التوجه وبذل الاضطرار والافتقار والانكسار ، ومستغيثاً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فيحصل كمال مقصوده.
    ولا شك أن هذا المعنى حاصلٌ في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وغيبته حياته وبعد وفاته ، فإنا نعلم شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ورفقه بهم ورحمته لهم ، واستغفاره لجميع المؤمنين وشفاعته ، فإذا انضم اليه توجه العبد به حصل هذا الغرض الذي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى اليه.
    التوسل بالنبي 9بعد موته
    الحالة الثالثة : أن يتوسل بذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم لما رواه الطبراني; في المعجم الكبير في ترجمة عثمان بن حنيف ... أن رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان ... ورواه البيهقي باسناده عن أبي جعفر المديني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف...
    والاحتجاج من هذا الأثر لفهم عثمان رضي الله عنه ومن حضره الذين هم أعلم بالله ورسوله وفعله.

    النوع الثاني : التوسل به بمعنى طلب الدعاء منه وذلك في أحوال :
    إحداها : في حياته صلى الله عليه وسلم ، وهذا متواتر والأخبار طافحة به ، ولا يمكن حصرها ، وقد كان المسلمون يفزعون اليه ويستغيثون به في جميع ما نابهم كما في الصحيحين ... والإحاديث والاثار في ذلك أكثر من أن تحصى ، ولو تتبعتها لوجدت منها ألواناً.
    ونص قوله تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ... الآية ، صريح في ذلك.
    * وكذلك يجوز ويحسن مثل هذا التوسل بمن له نسبة من النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ قحط استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وقال : اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل اليك بعم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاسقنا.
    وكذلك يجوز مثل هذا التوسل بسائر الصالحين ، وهذا شيء لا ينكره مسلم بل متدين بملة من الملل.
    فإن قيل : لم توسل عمر بن الخطاب بالعباس ، ولم يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بقبره ؟
    قلنا : ليس في توسله بالعباس إنكار للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالقبر. وقد روي عن أبي الجوزاء قال : قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا الى عائشة رضي الله عنها فقالت : فانظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوى الى السماء ، حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف. ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمن الابل حتي تفتقت من الشحم فسمى ( عام الفتق ) ...
    فإن قال المخالف : أنا لا أمنع التوسل والتشفع لما قدمتم من الآثار والأدلة ، وإنما أمنع إطلاق ( التجوه ) و( الاستغاثة ) لأن فيهما إيهام أن المتجوه به والمستغاث به أعلى من المتجوه عليه والمستغاث عليه.

    قلنا : هذا لا يعتقده مسلم ولا يدل لفظ ( التجوه ) و( الاستغاثة ) عليه ، فإن التجوه من الجاه والوجاهة ، ومعناه علو القدر والمنزلة ، وقد يتوسل بذي الجاه الى من هو أعلى جاهاً منه.
    و ( الاستغاثة ) طلب الغوث ، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره ، وإن كان أعلى منه.
    فالتوسل والتشفع والتجوه والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك ، ولا يقصد بها أحد منهم سواه ، فمن لم ينشرح صدره لذلك فليبك على نفسه ، نسأل العافية.
    وإذا صح المعنى فلا عليك في تسميته ( توسلاً ) أو ( تشفعاً ) أو ( تجوهاً ) أو (استغاثة ).
    ولو سلم أن لفظ ( الاستغاثة ) تستدعي النصر على المستغاث منه ، فالعبد يستغيث على نفسه وهواه والشيطان وغير ذلك مما هو قاطع له عن الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين ، متوسلاً بهم الى الله تعالى ليغيثه علي من استغاث منه من النفس وغيرها ، والمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم واسطة بينه وبين المستغيث.
    وإذ قد تحررت هذه الأنواع والأحوال في الطلب من النبي صلى الله عليه وسلم وظهر المعنى ، فلا عليك في تسميته ( توسلاً ) أو ( تشفعاً ) أو ( استغاثةً ) أو ( تجوهاً ) أو ( توجهاً ) لأن المعنى في جميع ذلك سواء ...
    إذا عرف ذلك فمعنى ( تجوه ) توجه بجاهه ، وهو منزلته وقدره عند الله تعالى اليه. وأما الاستغاثة فهي طلب الغوث ، وتارة يطلب الغوث من خالقه وهو الله تعالى وحده كقوله تعالى : إذ تستغيثون ربكم. وتارة يطلب ممن يصح إسناده اليه على سبيل الكسب ، ومن هذا النوع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذين القسمين.
    وتعدي الفعل تارة بنفسه ، كقوله تعالى : إذ تستغيثون ربكم ، فاستغاثه الذي من

    شيعته. وتارة بحرف الجر ، كما في كلام النحاة في المستغاث به ، وفي كتاب سيبويه ; : فاستغاث بهم ليشتروا له كليباً. فيصح أن يقال : استغثت النبي صلى الله عليه وسلم ، وأستغيث بالنبي بمعنى واحد ، وهو طلب الغوث منه بالدعاء ونحوه ، على النوعين السابقين في التوسل من غير فرق ، وذلك في حياته وبعد موته.
    ولا فرق في هذا المعنى بين أن يستعمل الفعل متعديا بنفسه أو لازما أو متعديا بالباء ...
    وقال في ص 319 :
    رتبنا الكلام في هذا الباب على فصول :
    الفصل الأول : فيما ورد في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
    صنف الحافظ أبو بكر البيهقي ; في ذلك جزء وروى فيه أحاديث منها ( الأنبياء صلوات الله عليهم أحياء في قبورهم يصلون ).
    ورواه ابن عدي في الكامل ... عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الأنبياء صلوات الله عليهم أحياء في قبورهم يصلون ).
    قال ابن عدي : وللحسن بن قتيبة هذا أحاديث غرائب حسان ، فأرجو أنه لا بأس به.
    ومما يدل على ذلك ما ساق إسناده الى أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أفضل أيامكم يوم الجمعة وفيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا على من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة ).
    قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ـ يقولون : بليت ـ ؟
    فقال : إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. أخرجه أبو داود.
    قال البيهقي : وله شواهد منها ... عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أكثروا الصلاة عليّ في يوم الجمعة فإنه ليس يصلي عليّ أحد يوم الجمعة إلا عرضت عليّ صلاته ).
    وحديث ( ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد ).
    قال البيهقي : وإنما أراد ـ والله أعلم ـ إلا وقد رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه.

    وقد ثبت في الصحيح في حديث الاسراء أنه صلى الله عليه وسلم وجد آدم في السماء الدنيا وقال فيه ( فإذا رجل عن يمينه أسودة وعن يسارة أسودة ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكي ، فقال مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح ).
    ومن الأحاديث الصحيحة المتفق عليها نداؤه صلى الله عليه وسلم أهل البئر وقوله : ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ).
    وأما الادراك : فيدل له مع ذلك الأحاديث الواردة في عذاب القبر وهي أحاديث صحيحة متفق عليها رواها البخاري ومسلم وغيرهما ، وأجمع عليها وعلى مدلولها أهل السنة. والأحاديث في ذلك متواترة.
    ومن أحسنها ما رواه أبو داود الطيالسي ... عن أبي بكرة قال : بينما أنا أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بيننا إذ أتى على قبرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن صاحبي هذين القبرين ليعذبان الآن في قبورهما ، فأيكما يأتيني من هذا النخل بعسيب ؟ ).
    فاستبقت أنا وصاحبي فسبقته وكسرت من النخل عسيباً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فشقه نصفين من أعلاه فوضع على أحدهما نصفاً وعلى الآخر نصفاً وقال ( إنه يهون عليهما ما دام فيهما من بلوتهما شيء ، إنهما يعذبان في الغيبة والبول ... وفي هذه الرواية النص على أن العذاب الآن وأنه في القبور.
    وقد أجمع أهل السنة على إثبات الحياة في القبور ، قال إمام الحرمين في الشامل : اتفق سلف الأمة على إثبات عذاب القبر واحياء الموتى في قبورهم ، ورد الأرواح في أجسادهم.
    وقال الفقيه أبو بكر بن العربي في الأمد الاقصى في تفسير أسماء الله الحسنى :
    إن إحياء المكلفين في القبر وسؤالهم جميعاً لا خلاف فيه بين أهل السنة.
    وقال سيف الدين الآمدي في كتاب أبكار الإفكار : اتفق سلف الأمة قبل ظهور المخالف وأكثرهم بعد ظهوره ، على إثبات إحياء الموتى في قبورهم ومسألة

    الملكين لهم ، وإثبات عذاب القبر للمجرمين والكافرين ...
    وقال القرطبي : إن الايمان به مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أهل الملة ، ولم يفهم الصحابة الذين نزل القرآن بلسانهم ولغتهم من نبيهم 7 غير ذلك وكذلك التابعون بعدهم ، وذهب بعض المعتزلة الى موافقة أهل السنة على ذلك.
    وذهب صالح قبة والصالحي وابن جرير الى أن الثواب والعقاب ينال الميت من غير حياة ، وهذا مكابرة للعقول ...
    وقد تلخص من هذا : أن الروح تعاد الى الجسد ويحيا وقت المساءلة وأنه ينعم أو يعذب من ذلك الوقت الى يوم البعث ، إما متقطعاً أو مستمراً على ما سبق.
    وهل ذلك من بعد وقت المساءلة الى البعث للروح فقط ؟ أو لها مع الجسم ؟
    يترتبان على أن الجسم هل يفنى أو يتفرق وكلا الأمرين جائز عقلا وفي الواقع منه قولان للمتكلمين ولم يرد في الشرع ما يمكن التمسك به في ذلك إلا قوله صلى الله عليه وسلم : ( كل ابن آدم يبلي إلا عجب الذنب ).
    فحيث يكون الجسم أو بعضه باقياً فلا امتناع من قيام الحياة به ، وحيث يعدم بالكلية يتعين القول بالروح فقط ...
    وبالجملة : كل أحد يعامل بعد موته كما كان يعامل في حياته ولهذا يجب الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كما كان في حياته.
    وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : لا ينبغي رفع الصوت على نبي حياً ولا ميتاً.
    وروي عن عائشة رضي الله عنها : أنها كانت تسمع صوت الوتد يوتد والمسمار يضرب في بعض الدور المطيفة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فترسل اليهم : لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
    وعن عروة قال : وقع رجل في علي عند عمر بن الخطاب فقال له عمر بن الخطاب : قبحك الله لقد آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره.

    كتاب رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة
    للشيخ محمود سعيد ممدوح ـ نشر دار الإمام النووي ـ الأردن 1416
    قال في ص 5 :
    وبعد .. فإن مسألتي التوسل والزيارة من المسائل التي شغلت الناس كثيراً ، وصنفت فيهما ـ خاصة مسألة التوسل ـ مصنفات متعددة ، وحصل أخذ ورد وجدل ، وتزيد ! وتاجر بهما سماسرة الاختلاف بين المسلمين !
    ومما زاد الطين بلة أن سبكهما المتشددون في مسائل الاعتقاد .. !!
    وقد حصل بسببهما الخوض في أعراض كثير من أئمة الدين ، وتطاول في أعراض جماهير المسلمين. ومن أحاط علماً بما ذكرت علم كم صحب ذلك من النهي الشديد والتخويف والتهديد ، وقد تلاحقت أقلام في ذلك كان من آخرها رسالة باسم ( الأخطاء الاساسية في توحيد الألوهية الواقعة في فتح الباري ) شنع فيها صاحبها على الحافظ ابن حجر لتجويزه التوسل ، وقوله باستحباب الزيارة ! وهذا غاية في الغلو والتعصب والجهل !
    فياللعار والشنار : قاضي قضاة المسلمين وشيخ المحدثين وإمامهم ، ومفخرة المسلمين ، أحمد بن حجر العسقلاني رضي الله عنه يصنف ـ بدون حياء ـ رسالة تحوي هذا المعنى الذي لا يدل إلا على مبلغ انحراف مصنفها المسكين ...
    والغرض من هذا المصنف بعد بيان الحق في الأحاديث ، هو أن الخلاف في مسألة التوسل هو خلاف في الفروع ، ومثله لا يصح أن يشنع أخٌ به على أخيه أو يعيبه به ، وأن من قال به ـ وهو التوسل بالأنبياء والأولياء ـ متمسكٌ بأدلة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي وردها لا يجيء إلا من متعنتٍ أو مكابر.
    وأما المقصود في مسألة الزيارة فهو إثبات إطباق فقهاء الأمة على استحباب أو وجوب زيارة المصطفى 9 ، بشد رحل أو بدونه ، وأن من قال بتحريم الزيارة المستوجبة لشد الرحل قد ابتدع وخالف النصوص الصريحة وإطباق فقهاء مذهبه ،

    فضلاً عن المذاهب الأخرى.
    فأولى بأولي النهى ترك الشاذ من القول ، والتسليم بالمعروف المشهور الذي أطبقت الأمة على العمل به ، والله المستعان.
    أما من تعود أن يقول : عنزة ولو طارت ، أو يا داخل مصر مثلك كثير ، فهو مكابرٌ أو متعنت فلا كلام لنا معه ، فقد خالف صريح الدليل وخالف أعيان الأئمة ...
    وقال في ص 13 :
    وكون الوسيلة هي القربة لا خلاف بين المفسرين في ذلك ، كما صرح به ابن كثير في تفسيره : 3 / 97 وقال ( الوسيلة هي ما يتوصل بها الى تحصيل المطلوب ). اهـ.
    فقول بعضهم : إن التوسل هو اتخاذ واسطة بين العبد وربه ، خطأٌ محض ! فالتوسل ليس من هذا الباب قطعاً ، فالمتوسل لم يدع إلا الله وحده ، فالله وحده هو المعطي والمانع والنافع والضار ، ولكنه اتخذ قربةً رجاء قبول دعاءه ، والقربة في الدعاء مشروعة بالاتفاق.
    وترد الوسيلة بمعنى المنزلة كما في الحديث الصحيح المشهور : سلوا الله لي الوسيلة .. الحديث...
    والتوسل على نوعين : أحدهما ما اتفق عليه. وترك الخوض فيه صواب ، لأنه تكرار وتحصيل حاصل.
    ثانيهما : ما اختلف فيه ، وهو السؤال بالنبي أو بالولي أو بالحق أو بالجاه أو بالحرمة أو بالذات ، وما في معنى ذلك.
    وهذا النوع لم ير المتبصر في أقوال السلف من قال بحرمته ، أو أنه بدعةٌ ضلالةٌ ، أو شدد فيه وجعله من موضوعات العقائد ، كما نرى الآن.
    لم يقع هذا إلا في القرن السابع وما بعده !
    وقد نقل عن السلف توسلٌ من هذا القبيل ...

    وقال في ص 15 :
    وقد أكثر ابن تيمية من بحث النوع الثاني من التوسل في مصنفاته قائلاً بمنعه ، وقلده وردد صدى كلامه آخرون. ويحسن ذكر كلام ابن تيمية مع بيان ما فيه ، واقتصاري على كلامه فقط هو الأولى ، لأن من تشبث بكلامه لا يزيد عن كونه متشبعاً من موائده ، دائراً في فلكه ، والله المستعان :
    كان ابن تيمية يرى منع التوسل بالأنبياء والملائكة والصالحين ، وقال : التوسل حقيقته هو التوسل بالدعاء ـ دعاء الحي فقط ـ وذكر ذلك في مواضع من كتابه التوسل والوسيلة ص 169.
    وقال ابن تيمية ص 65 وهو الاعتراض الأول :
    السؤال به ( أي بالمخلوق ) فهذا يجوزه طائفة من الناس ، لكن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كله ضعيفٌ بل موضوع ، وليس عنه حديث ثابتٌ قد يظن أن لهم فيه حجة ، إلا حديث الأعمى ولا حجة لهم ، فإنه صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته ، وهو طلب من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ، وقد أمره النبي أن يقول : اللهم شفعه في ، ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا له النبي ، وكان ذلك مما يعد من آيات النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدع لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال به لم تكن حالهم كحاله. اهـ.
    قلت : قوله كله ضعيفٌ بل موضوع ... سيأتي إن شاء الله تعالى الرد على هذا الكلام في تخريج الأحاديث ، ففيها الصحيح والحسن والضعيف عند أئمة هذا الشان ، ووفق قواعد الفن.
    أما قوله : إلا حديث الأعمى لا حجة لهم فيه ، فإنه صريحٌ في أنه انما توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته ... وكلامه فيه نظرٌ ظاهر ، لأن الناظر في حديث توسل الأعمى يجد فيه الآتي :

    1 ـ جاء الأعمى للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له : أدع الله أن يعافيني ، فالأعمى طلب الدعاء.
    2 ـ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : إن شئت أخرت ذلك وهو خير ، وإن شئت دعوت. فخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين له أن الصبر أفضل.
    3 ـ ولكن لشدة حاجة الأعمى ، التمس الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم.
    4 ـ عند ذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين.
    5 ـ وزاد على ذلك هذا الدعاء : اللهم إني أسالك وأتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد إني توجهت بك الى ربي في حاجتي فتقضى لي.
    فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء ، كما طلب الأعمى في أول الحديث ودعا الأعمى بهذا الدعاء كما علمه النبي صلى الله عليه وسلم.
    6 ـ فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم دعاء هو توسلٌ به ، وهو نصٌ في التوسل به صلى الله عليه وسلم ، لا يحتمل أي تاويل ، وكيف يحتمل غير التوسل به وفيه : أتوجه اليك بنبيك .. إني توجهت بك. ومن رأى غير ذلك فقد استعجم عليه الحديث.
    وابتهج الألباني في توسله بكلام ابن تيمية فردده قائلاً ص 72 : وعلى هذا فالحادثة كلها تدور حول الدعاء كما هو ظاهر ، وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون. اهـ
    قلت : هذه مصادرةٌ للنص وتعميةٌ على القارىَ !
    كيف لا يكون كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم علم الرجل دعاءً فيه السؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم.
    نعم ، الحادثة تدور حول الدعاء ، ولكن السؤال هنا ما هو الدعاء الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وما هو الدعاء الذي علمه للرجل الأعمى ؟

    لا يستطيع أي منصف إلا الاجابة بأن هذا الدعاء هو الذي فيه نصٌ بالتوسل به صلى الله عليه وسلم ، فالأعمى جاء يطلب مطلق الدعاء برد بصره ، وعلمه صلى الله عليه وسلم ، وأمره بالتوسل به ليتحقق المطلوب.
    7 ـ ثم قال صلى الله عليه وسلم : اللهم شفعه في وشفعني في نفسي ، أي تقبل شفاعته أي دعاءه في وتقبل دعائي في نفسي.
    وهنا سؤال : أي دعاء هنا الذي يطلب قبوله ؟ لا شك أن الاجابة عليه ترد بداهة في ذهن أي شخص ، إنه الدعاء المذكور فيه التوسل به صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يحتاج لاعمال فكر أو إطالة نظر وتأمل ، وهو واضحٌ وضوح الشمس في رابعة النهار.
    ويمكن أن يقال : إن سؤال قبول الشفاعة هو توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ، مع التوسل بذاته ، وهذا منتهى ما يفهم من النص ، والله أعلم.
    8 ـ فسبب رد بصر الأعمى هو توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما فهمه الأئمة الحفاظ الذين أخرجوا الحديث في مصنفاتهم ، فذكروا الحديث على أنه من الأدعية التي تقال عند الحاجات. فقال البيهقي في دلائل النبوة 6 / 166 باب : ما جاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر ، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة. ا هـ.
    ولا يخفى أن تعليمه للضرير هو الدعاء الذي فيه التوسل بالذوات ، وعبارة البيهقي واضحة جداً. والبيهقي حافظٌ فقيه.
    وهكذا ذكره النسائي ، وابن السني في عمل اليوم والليلة ، والترمذي في الدعوات ، والطبراني في الدعاء ، والحاكم في المستدرك ، والمنذري في الترغيب والترهيب ، والهيثمي في مجمع الزوائد في صلاة الحاجة ودعائها ، والنووي في الأذكار على أنه من الأذكار التي تقال عند عروض الحاجات ، وابن الجزري في العدة في باب صلاة الضر والحاجة ص 161.

    وقال القاضي الشوكاني في تحفة الذاكرين ص 162 : وفي هذا الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم الى الله عز وجل ، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى ، وأنه المعطي المانع ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ا هـ.
    واستقصاء الحفاظ الذين فهموا أن الحديث على عمومه ، واستعمال الدعاء الوارد فيه الذي فيه التوسل به صلى الله عليه وسلم ، يطول.
    9 ـ إن عثمان بن حنيف رضي الله عنه وهو راوي الحديث فهم من الحديث العموم ، فقد وجه رجلاً يريد أن يدخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه الى التوجه بالدعاء المذكور في الحديث الذي فيه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، إسناده صحيح سيأتي إن شاء الله تعالى.
    وفهم الصحابي الجليل عثمان بن حنيف رضي الله عنه ، هو ما لا يستقيم فهم الحديث إلا به.
    10 ـ إن رواية ابن أبي خيثمة للحديث من طريق حماد بن سلمة الحافظ الثقة فيها ( فإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك ) وهي زيادة ثقة حافظ ، فهي صحيحة مقبولة ، كما هو معلوم ومقرر في علوم الحديث. وهذه الرواية تدل على العموم وطلب العمل بالحديث في الحياة وبعد الممات ، الى قيام الساعة.
    ثم قال ابن تيمية : ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدع لهم النبي 9بالسؤال به لم تكن حالهم كحاله. اهـ.
    وقال ابن تيمية في موضع آخر : وكذلك لو كان أعمى توسل به صلى الله عليه وسلم ولم يدع له الرسول صلى الله عليه وسلم بمنزلة ذلك الأعمى ، لكان عميان الصحابة أو بعضهم يفعلون مثل ما فعل الأعمى ، فعدولهم عن هذا الى هذا دليل على أن المشروع ما سألوه دون ما تركوه. ا هـ.
    قلت : الجواب عليه سهلٌ ميسور ، وكنت أود أن لا أرد هذا الايراد ، لكنني رأيت

    جماعة أخذوا هذا الايراد ونسبوه لأنفسهم ، وكان الصواب ألا يذكر لفساده ، أو يذكر مع نسبته لقائله !
    ومن الذين نسبوه لأنفسهم الألباني فإنه قال في توسله ص 76 :
    لو كان السر في شفاء الأعمى أنه توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وقدره وحقه كما يفهم عامة المتأخرين ، لكان المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه صلى الله عليه وسلم ، بل ويضمون اليه أحياناً جاه جميع الأنبياء المرسلين ، وكل الأولياء والشهداء والصالحين ، وجاه كل من له جاه عند الله من الملائكة والانس والجن أجمعين.
    ولم نعلم ولا نظن أحداً قد علم حصول مثل هذا خلال هذه القرون الطويلة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم الى اليوم. اهـ.
    وذكر نحو هذا الايراد صاحب التوصل الى حقيقة التوسل ص 243 ، وكذا المتعالم صاحب هذه مفاهيمنا ص 37
    والجواب على هذا الايراد بالآتي :
    1 ـ إجابة الدعاء ليست من شروط صحة الدعاء ، وقد قال الله تعالى ( أدعوني أستجب لكم ) ونحن نرى بعض المسلمين يدعون فلا يستجاب لهم ، وهذا الايراد يأتي على الدعاء كله ، فانظر الى هذا الايراد أين ذهب بصاحبه ؟
    2 ـ هذا الايراد يرد عليه احتمال أقوى منه وحاصله : أن عدم توسل عميان الصحابة وغيرهم احتمال فقط لا يؤيده دليل ، وهم إما توسلوا فاستجيب لهم ، أو تركوا رغبة في الأجر ، أو توسلوا وادخر ذلك أجراً لهم ، أو تعجلوا فما ستجيب لهم.
    وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : قد دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
    وكم من داع متوسلاً لله بأسمائه وصفاته ولم يستجب له.

    ويلزم هؤلاء اشكال وهو أننا نرى من يدعو ويتوسل بأسماء الله وصفاته أو بعمله الصالح أو بدعاء رجل صالح ولم نر إجابة الدعاء. وهذا من تمام الحجة عليهم ونقض إيرادهم! فلا تلازم بين الدعاء والاجابة. والله أعلم بالصواب.
    على أن قول الألباني : لا نعلم ولا نظن أحداً .. الخ. تهافتٌ وشهادةٌ على نفي لا ينخدع بها إلا مسلوب العقل.
    تذنيب مفيد لكل لبيب :
    بعد أن تبين لك دلالة الحديث الواضحة على التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن المخالف متسنم بيتاً من بيوت العنكبوت .. تجد أن من هؤلاء المخالفين من لم يستطع تحت قوة الدليل إلا الاعتراف بجواز هذا التوسل ، وأنه لا غبار عليه ، فشكك في شبهاته وأسقط كلامه !!
    إنه الألباني الذي قال في توسله ص 77 :
    على أنني أقول : لو صح أن الأعمى إنما توسل بذاته صلى الله عليه وسلم فيكون حكماً خاصاً به صلى الله عليه وسلم ، لا يشاركه فيه غيره من الأنبياء والصالحين ، وإلحاقهم به مما لا يقبله النظر الصحيح ، لأنه صلى الله عليه وسلم سيدهم وأفضلهم جميعاً ، فيمكن أن يكون هذا مما خصه الله به عليهم ككثير مما يصح به الخبر ، وباب الخصوصيات لا تدخل فيه القياسات ، فمن رأى أن توسل الأعمى كان بذاته صلى الله عليه وسلم فعليه أن يقف عنده ولا يزيد عليه ، كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام رحمهما الله تعالى. هذا هو الذى يقتضيه البحث العلمي مع الانصاف والله الموفق للصواب ). اهـ
    فقل لي بربك لماذا كان كل هذا المراء من أساسه ، وترك الدليل الى التقليد ؟
    بيد أن عبارته فيها هنات لا تخفى ، فقصره بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فقط لا دليل عليه ، وهو تخصيصٌ بدون مخصص ، فالخصوصية لا تثبت إلا بدليل.

    وإذا كان الإمام أحمد ; يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فلم ينقل عنه المنع من التوسل بغيره ، ومن نقل عنه ذلك يكون قد افتأت عليه ؟!
    والحنابلة وهم أعرف بإمامهم لم يذهبوا الى القصر الذي ادعاه الألباني ! فيقول ابن مفلح الحنبلي في الفروع 1 / 595 : ( ويجوز التوسل بصالح وقيل يستحب قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسله في دعائه ، وجزم به في المستوعب وغيره ). اهـ.
    وقال الشيخ الممدوح في ص 31 :
    وقال عمر بن حمزة : حدثنا سالم عن أبيه : ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر الى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي ، فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب :
    وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
    ثمال اليتامـى عصمة للأرامل

    وهو قول أبي طالب ، والشاهد فيه قوله : ( يستسقى الغمام بوجهه ) فتمثل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بقول أبي طالب ، وتذكره له مع النظر للنبي صلى الله عليه وسلم ، يدل على توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء ، وهو نصٌ لا يحتمل غيره.
    وقد أجاب الشيخ بشير السهسواني على هذا النص الصريح إجابة مندفعة فقال ص 373 : فإن قلت : لفظ ( يستسقى الغمام بوجهه ) يدل على أن التوسل بالذوات الفاضلة جائز ؟
    قلت : المكروه من التوسل هو أن يقال أسألك بحق فلان أو بحرمة فلان ، وأما إحضار الصالحين في مقام الاستسقاء ، أو طلب الدعاء منهم فهو ليس من المكروه في شيء ، بل هو ثابت بالسنة الصحيحة. اهـ.
    وقال في موضع آخر ص 274 : وإذا كان حضور الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والضعفاء سبباً للنصر والفتح ، فما ظنك بحضور سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ؟ اهـ.

    ثم قال في ص 275 : فالمراد بوجهه في قول أبي طالب : ( يستسقى بوجهه ) ببركة حضور ذاته أو بدعائه. اهـ.
    قلت وبالله التوفيق : صرف السهسواني هذا التوسل الى التبرك بالذات أوالدعاء فيه نظر ، أما الدعاء فظاهر أن كون المراد بيستسقى بوجهه ببركة حضوره فيمكن أن يكون كذلك إن كان التبرك والتوسل عنده مترادفان وهو الصواب ، وهو ما صرح به البدر العيني فقال في عمدة القاري 7 / 30 : معنى قول أبي طالب هذا في الحقيقة توسل الى الله عز وجل بنبيه ، لأنه حضر استسقاء عبد المطلب والنبي صلى الله عليه وسلم معه ، فيكون استسقاء الناس الغمام في ذلك الوقت ببركة وجهه الكريم. ا هـ.
    وإن لم يكن ، فلفظة ( يستسفى الغمام بوجهه ) هو عين التوسل ، ولا بد من حمل النص على ظاهره ، ولا يصرف إلا بدليل ولا صارف هنا. والله أعلم.
    وللعلامة محمد بن علي الشوكاني كلمة في جواز التوسل بالأنبياء وغيرهم من الصالحين رد فيها على من منعه وفند إيراداته ، فقال ; في كتابه ( الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ) ما نصه :
    أما التوسل الى الله سبحانه وتعالى بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه ، فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل الى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه.
    ولعله يشير الى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه ، والترمذي وصححه ، وابن ماجة ، وغيرهم ، أن أعمى أتى النبي ...
    وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين : الإول ، ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم. والثاني ، أن التوسل الى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة ، إذ لا يكون فاضلاً إلا بأعماله ، فإذا قال القائل : اللهم إني أتوسل اليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به

    من العلم. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل ...
    فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز ، أو كان شركاً كما زعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه ، لم تحصل الاجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم !
    وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى ( ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى ) ونحو قوله تعالى ( فلا تدعوا مع الله أحداً ) ، ونحو قوله تعالى ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء ) ليس بوارد ، بل هو من الاستدلال على محل النزاع بما هو أجنبي عنه ... وهكذا الإستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) يا فلان ابن فلان لا أملك لك من الله شيئاً ، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئاً ، فإن هذا ليس فيها إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه ، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلاً عن غيرهم شيئاً من الله. وهذا معلوم لكل مسلم ، وليس فيه أنه لا يتوسل به الى الله ، فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي ، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سبباً للاجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين. انتهى كلام الشوكاني ;.
    وقال الآلوسي : أنا لا أرى بأساً في التوسل الى الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى حياً وميتاً ، ويراد بالجاه معنى يرجع الى صفة من صفاته تعالى مثل أن يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته ، فيكون معنى قول القائل : إلَهي أتوسل اليك بجاه نبيك صلى الله تعالى عليه وسلم أن تقضي لي حاجتي ، الَهي اجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي.

    ولا فرق بين هذا وقولك : الَهي أتوسل اليك برحمتك أن تفعل كذا ، إذ معناه أيضاً الَهي اجعل رحمتك وسيلة في فعل كذا. انتهى من جلاء العينين ص 572.
    وقال الممدوح في ص 37 :
    التوسل ليس من مباحث الاعتقاد :
    التوسل من موضوعات الفروع ، لأن حقيقته اتخاذ وسيلة أي قربة الى الله تعالى. قال الله عز وجل ( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ).
    والتوسل على أنواع ، وأمره يدور بين الجواز والندب والحرمة ، وماكان أمره كذلك فهو من الاحكام الشرعية التي موضوعها علم الفقه.
    وإقحام موضوعات الفقه في التوحيد والعقائد خطأ يجب مجانبته ، حتى ينزل كل بحث منزلته.
    وهذا الإمام أبو حنيفة يقول : ويكره أن يقول الرجل في دعائه : أسألك بمقعد العز من عرشك. اهـ ( الجامع الصغير للامام محمد ص 395 مع النافع الكبير ) فعبر الإمام أبوحنيفة ; بقوله ( يكره ) فدار الأمر بين الكراهة التنزيهية أو التحريمية ، كما قرره أصحابه في كتاب ( الكراهية ) أو الحظر والاباحة من مصنفاتهم الفقهية.
    والسادة الفقهاء يذكرون التوسل في باب الاستسقاء ، وعند زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
    أما سلك بحث التوسل في العقائد وجعله وسيلة من وسائل الشرك ، فبدعةٌ قد حلت بالمسلمين ، ومسلكٌ قد زرع العداوة بينهم ، ونفخ في بوق الخلاف بين الأخ وأخيه ، والأب وابنه !
    ومن قلب النظر في عشرات الكتب والرسائل التي يصنفها بعض المعاصرين التي تتحدث عن ( منهج أهل السنة والجماعة ) و( وأصول أهل السنة ) و( عقيدة الفرقة الناجية ) أو ( العقيدة الصحيحة ) و( مجمل أصول أهل السنة والجماعة ) و

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:27

    (خصائص ومميزات ) ... لرأى الهول والجهل معاً ووقف على أنواع من التشدد كادت أن تأتي على الأخضر واليابس.
    وينبغي على العقلاء كشف أوضار وأخطار هؤلاء الجهلة ، ومن على شاكلتهم من المتاجرين بالخلاف بين المسلمين.
    وإن المرء لا يعجب ممن يأخذ بأحد الرأيين ، ولكنه لا ينقضي عجبه ممن يتبع أحد هذين الرأيين ، ثم يجعل ما اتبعه هو الحق الذي يجب المصير اليه ويجعل من اختيار الآخرين للرأي الآخر برهان كونهم مبتدعة يجب مفارقتهم ويجب .. ويجب !
    فقل لي بربك أي عالم من علماء الأمة يقر هذا المسلك المتخلف العجيب ! ولطالما اتهم كثير من عباد الله الصالحين بالابتداع وغيره ، وعند المحقاقة تجد الحق معهم والجهل مع غيرهم ، فالى الله المشتكى مما اليه أمر المسلمين.
    وقال الممدوح في ص 41 :
    ولا بأس أن ألفت نظر القارئ الكريم لنوع من رسائل التهويل والتضليل والتعدي على المسلمين ، وما أكثرها.
    من هذه الرسائل رسالة باسم ( وقفات مع كتاب للدعاة فقط ) يعيب المؤلف فيها على صاحب كتاب ( للدعاة فقط ) مسائل منها قول الإمام حسن البنا ; : ( والدعاء إذا قرن بالتوسل الى الله تعالى بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء ، وليس من مسائل العقيدة ). اهـ ص 25.
    وهذا حق لا مرية فيه ، ومنكره منكر للمحسوس ومكابر في الضروريات ، ولأن صاحب الرسالة المذكورة وقف على بعض الرسائل التي ترشح بالتهويل والتضليل وتعميق الخلاف بين المسلمين ، جرى المسكين في فلك هذه الرسائل فأبرق لمن يفتيه وفق مراده ، فأفاده بعضهم بقوله المضحك المبكي ( هو صالح الفوزان ) :
    التوسل في الدعاء بذوات الصالحين أو حقهم أو جاههم يعتبر أمراً مبتدعاً ووسيلةً من وسائل الشرك ، والخلاف فيه يعتبر خلافاً في مسائل العقيدة لا في

    مسائل الفروع ، لأن الدعاء فيه أعظم أنواع العبادة ، ولا يجوز فيه إلا ما ورد في الكتاب والسنة ... الخ ص 31 ـ 32.
    قلت : لا يخفى أن الأحاديث والآثار الصحيحة والحسنة ترد قوله ، ولو استحضر هذا المجيب حديثاً واحداً منها ، وليكن حديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم واستعمال عثمان بن حنيف له ، وزيادة حماد بن سلمة الصحيحة ، وكان مع استحضاره منصفاً وترك تقليد غيره ، لأعرض عما تفوه به ، فإن أبى ترك التقليد فأولى به تقليد إمامه في توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وجماعة من السلف ، كما نقله ابن تيمية في التوسل والوسيلة ص 65 ، 98 !
    فاذا كان أحمد وجماعة من السلف لا يعرفون الشرك ووسائله ، وعرفه هذا المستدرك عليهم ، فليكن ماعرفه هو سب السلف وأئمة الدين ورميهم بالعظائم لا غير.
    نعم الدعاء من أعظم أنواع العبادة ، كلمةُ حقٍ أريد بها باطل ، لكن المتوسل لا يدعو إلا الله جل وعز ، ولكنه اتباعاً لقول بقول الله تعالى ( وابتغوا اليه الوسيلة ) توسل في دعائه. وهذه الوسيلة مختلفٌ في بعض أنواعها منها ما يجوز ، ومنها ما لا يجوز.
    فالأمر فيه خلاف ، ومحل هذا الخلاف موضوع علم الفقه ، أما علم العقيدة أو التوحيد فيتكلم في الالَهيات والنبويات والسمعيات ، فلا معنى لادخال بحث التوسل في العقيدة ، وبونٌ كبير بين العالمين !
    وقال الممدوح في ص 47 :
    وإذا كان صاحب رسالة ( وقفات مع كتاب للدعاة فقط ) قد اعتمد على غيره ، فإن أبا بكر الجزائري قد اعتمد على نفسه ، فزاد الطين بلة ، وكفر قسطاً وافراً من المسلمين فقال ما نصه :
    إن دعاء الصالحين والاستغاثة بهم والتوسل بجاههم لم يكن في دين الله تعالى قربةً ولا عملاً صالحاً فيتوسل به أبداً ، وإنما كان شركاً في عبادة الله محرماً

    يخرج فاعله من الدين ويوجب له الخلود في جهنم. انتهى بحروفه من كتابه عقيدة المؤمن ص 144.
    والصحيح أن المؤمن لا يعتقد ذلك في إخوانه المؤمنين الذين يعتقدون ألا مؤثر إلا الله عز وجل ، وغاية عملهم أنهم علموا منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه فتوسلوا به واتبعوا الأدلة الصحيحة ، وقد تأسوا في ذلك بالصحابة رضوان الله عليهم. وقد أخطأ أبو بكر الجزائري فكفَّر عباد الله الصالحين ، وهذا التكفير الجزاف لا ارتباط له بكتاب أو سنة ، ولا بما عليه السواد الأعظم ، ولم يقل ذو عقل ودين بمقولته الفاسدة إلا من كان على رأي الخوارج !! نسأل الله العافية.
    وللاسف قد طبع كتابه مرات ، وليتأمل القارىَ المنصف كم من المسلمين فتنوا بهذا الباطل ! والله المستعان.
    وقال الممدوح في ح ص 48 :
    وإذا كان أبوبكر الجزائري قد تفوه بالتكفير ، فهناك آخر هو محمد صالح العثيمين الذي أصر على اعتبار التوسل من مباحث الاعتقاد واستدل على مقولته بما لم يصرح به مسلم فقال :
    وبالنسبة للتوسل فهو داخل في العقيدة لأن المتوسل يعتقد أن لهذه الوسيلة تأثيراً في حصول مطلوبه ودفع مكروهه ، فهو في الحقيقة من مسائل العقيدة ، لأن الانسان لا يتوسل بشيء إلا وهو يعتقد أن له تأثيراً فيما يريد. اهـ
    من فتاوى ابن عثيمين 3 / 100 كما نقله عنه جامع ( فتاوى مهمه لعموم الأمة).
    قلت : أثبت العرش ثم انقش ، فمن الذي أطلعك على ما في صدور المتوسلين حتى تصرح بهذه المقولة الشنيعة.
    إن ما قاله منافٍ للاعتقاد تماماً ، فكل مسلم يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله جل وعز هو النافع وهو الضار ، وأن المؤثر الحقيقي هو الله ، وأنه وحده مسبب الأسباب ، فلا

    فاعل إلا الله ، ولا خالق سواه ، واليه يرجع الأمر كله. وغاية ما في المتوسل أن يقول : اللهم إني أسالك أو أتوسل اليك بنبيك صلى الله عليه وسلم ، مثلاً.
    فالمتوسل سأل الله تعالى ولم يسأل سواه ، ولم ينسب الى المتوسل به تأثيراً أو فعلاً أو خلقاً ، وإنما أثبت له القربة والمنزلة عند الله تعالى ، وتلك المنزلة ثابتةٌ له في الدنيا والآخرة ، واليه نذهب يوم القيامة طلباً للشفاعة.
    ومن اعتقد أن إخوانه المسلمين يعتقدون أن المتوسل به له تأثير ، فيكون قد كفَّرَهم ، ووضع نفسه مقام العارف بما في الصدور !
    وهذه فتاوى يضحك بها هؤلاء على البسطاء ليوضحوا لهم أن المتوسلين من جلدةٌ أخرى ! وكلام العثيمين ينسحب الى التوسل كله. والحق يقال : إنه كلام لا علاقة له بالعلم ، وكم من حوادث وفتن تتبع هذه الفتاوى ، وكم من جاهلٍ كفَّر أبويه أو أهل خطته بسبب اغتراره بمثل هذه الفتاوى ، ولو تمهل المفتي وفكر قليلاً لأدرك سخف مقولته.
    والعجب أنه أطلق وماقيَّد ، فهل للعمل الصالح المتوسل به تأثيراً بذاته. ومحالٌ أن الصحابة اعتقدوا هذا الاعتقاد في النبي صلى الله عليه وسلم ، والعباس ويزيد عندما توسلوا بهم ، ومحالٌ أن يعتقد السلف ، ومنهم الإمام أحمد الذين توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ( كما صرح به ابن تيمية في التوسل والوسيلة ص 98 ) هذا الاعتقاد الفاسد.
    والحنابلة يجوزون أو يستحبون التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما صرح امامهم ابن قدامة بذلك في المغني ، فهل يراهم يعتقدون مثل هذا الاعتقاد ؟ !!
    إن من الآفات المردية التسرع في رمي العباد بالعظائم.
    والحاصل أن ماقاله العثيمين لا يصلح دليلا على ما ادعى ، بل هو مما يدوم ضرره ، لأن آثاره نراها دارجة تفرق بين المسلمين ! نسأل الله لنا جميعاً الهداية والتوفيق ، ولو حسن الشيخ الظن باخوانه المسلمين لكان له موقف آخر.

    كتاب ( حقيقة التوسل والوسيلة على ضوء الكتاب والسنة )
    تأليف موسى محمد علي ـ الناشر دار التراث العربي بمصر ـ طبعة ثانية ـ 1410
    قال في صفحة 27 وما بعدها :
    والوسيلة ما يتقرب به الى الغير. والجمع الوسل ، والوسائل ، والتوسيل والتوسل واحد ، يقال : وسل فلان الى ربه وسيلة ، وتوسل اليه بوسيلة ، إذا اقترب اليه بعمل.
    وهي أيضاً : كل ما جعله الله سبباً في القربى عنده ، ووصلة الى قضاء الحوائج منه ، والمدار فيها على أن يكون للوسيلة قدر وحرمة عند المتوسل اليه.
    ولفظ الوسيلة عامٌ في الآيتين ، فهو شاملٌ للتوسل بالذوات الفاضلة من الأنبياء والصالحين ، في الحياة وبعد الممات ، وبإتيان الأعمال الصالحة على الوجه المأثور به ... أخرج الطبراني في معجمه الكبير والأوسط بسند رجاله رجال الصحيح ، وابن حبان والحاكم عن أنس أنه قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما ، دخل عليها رسول الله .. الحديث ، وفي آخره : أنه لما فرغ من حفر لحدها دخل رسول الله فاضطجع فيه وقال : الله الذي يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها ، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فانك أرحم الراحمين.
    ففي هذا الحديث الثابت ، توسله عليه الصلاة والسلام الى ربه بذاته ، التي هي أرفع الذوات قدراً ، وبإخوانه من النبيين وجلهم موتى ، عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
    فالتوسل بسيدنا رسول الله ، والتوسل بسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والتوسل بالصالحين من عباد الله سبحانه ، والاستغاثة بهم جميعاً ، على النحو الذي عليه الأمة ، من اعتقاد أنهم عبادٌ مكرمون مقبولو الشفاعة ، عند الله تعالى بفضله ، هو مما أجمعت عليه الأمة ، ودل عليه الكتاب ، ونطقت به صحاح السنة ، وأقوال العلماء.

    وجواز التوسل وحسنه يعد بحق من الأمور المعلومة لكل ذي دين ، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين ، وسير السلف الصالحين والعلماء العوام من المسلمين.
    وحسبك من انكار المنكر للاستعانة والتوسل ، أنه قولٌ لم يقله عالم قبله ، وقد وقفت له على كلام طويل في ذلك ، رأيت أن أميل عنه ولا أتتبعه بالنقض والابطال ، فإن دأب القاصدين لايضاح الدين وإرشاد المسلمين ، تقريب المعنى الى أفهامهم ، وتحقيق مرادهم وبيان حكمه وأحكامه.
    وعلى أي حال من الأحوال ، ومهما بلغ قول المنكر من الانكار ، فإن التوسل بالنبي جائزٌ في كل حال ، قبل خلقه ، وبعد خلفه ، في مدة حياته في الدنيا ، وبعد موته في مدة البرزخ ، وبعد البعث في عرصات القيامة ، والجنة.
    وهو على ثلاثة أنواع :
    1 ـ النوع الأول : أن التوسل به بمعنى أن طالب الحاجة يسأل الله تعالى به ، أو بجاهه أو ببركته. وله ثلاث حالات :
    أما الحالة الأولى : قبل خلقه فيدل على ذلك آثار عن الأنبياء الماضين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، اقتصرنا منها على بعض ما تبين لنا صحته ، وهو ما رواه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين ، وعبد الرزاق في مصنفه ، وابن أبي شيبة في مسنده : عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله الى عيسى يا عيسى آمن بمحمد ، وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولاه ما خلقت الجنة والنار ، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه : لا الَه إلا الله محمد رسول الله ، فسكن.
    وأما ما ورد من توسل نوح ، وابراهيم ، وغيرهما من الأنبياء : ، فذكره المفسرون ، واكتفينا عنه بهذا الحديث لجودته وتصحيح الحاكم له.
    ولا فرق في هذا المعنى بين أن يعبر عنه بلفظ التوسل ، أو الاستعانة ، أو التشفع أو التجوه. ولسنا في ذلك سائلين غير الله تعالى ، ولا داعين إلا إياه ، ويكون ذكر

    المحبوب أو التعظيم سبباً في ذلك للاجابة ، كما في الأدعية الصحيحة المأثورة : أسألك بكل اسم لك ، وأسألك بأسمائك الحسنى ، وأسألك بأنك أنت الله ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك ...
    أما عن التوسل بدعاء الرسول وشفاعته ، فيدل عليه قوله تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله ، واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما.
    وفي الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله قائمٌ يخطب ، فاستقبل رسول الله قائماً ، قال : يا رسول الله ، هلكت المواشي ، وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا. قال : فرفع رسول الله يديه فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ...
    فالنبي أقر هذا الأعرابي على التوسل به ، وسعى في تحقيق ما توسل اليه ...
    الحالة الثانية : التوسل به بذلك النوع ، بعد خلقه ، في مدة حياته ، فمن ذلك ما رواه أبو عيسى الترمذي في جامعه في كتاب الدعوات : عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي فقال : ادع الله أن يعافيني ...
    والحالة الثالثة : أن يتوسل به بعد موته ، لما رواه الطبراني في معجمه الكبير : عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت اليه ، ولا ينظر في حاجته ، فلقي ابن حنيف فشكا ذلك اليه فقال له عثمان بن حنيف : إيت الميضأة فتوضأ ، ثم إيت المسجد فصل فيه ركعتين ، ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبينا محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك الى ربك فيقضي حاجتي ، وتذكر حاجتك ...
    والإحتجاج بهذا الأثر فهم عثمان بن حنيف رضي الله عنه ومن حضره ممن هم أعلم بالله ورسوله.
    2 ـ النوع الثاني : التوسل به بمعنى طلب الدعاء منه ، وذلك في أحوال :
    الحالة الأولى : في حياته وهذا متواتر ...

    ولا يصح أن يقول مانع التوسل : أنا لا أمنع التوسل والتشفع لما قدمتم من الآثار والأدلة وإنما أمنع إطلاق التوجه والاستغاثة ، لأن فيهما إبهام وهو أن المتوجه به ، والمستغاث به أعلى من المتوجه عليه والمستغاث عليه.
    وهذا لا يعتقده مسلم ، ولا يدل لفظ التوجه والاستغاثة عليه ، فإن التوجه من الجاه والوجاهة ، ومعناه : علو القدر والمنزلة.
    وقد يتوسل بذي جاه الى من هو أعلى جاهاً منه.
    الحالة الثانية : بعد موته في عرصات القيامة بالشفاعة منه ، وذلك مما قام الاجماع عليه وتواترت الأخبار به.
    الحالة الثالثة : المتوسطة في مدة البرزخ ، ولا مانع من ذلك ، فإن دعاء النبي لربه تعالى في هذه الحالة غير ممتنع ، وقد وردت الأخبار على ما ذكرنا من قبل ، ونذكر طرفاً منه باثبات علمه بسؤال من يسأله ، فلا مانع من أن يسأل به الاستسقاء كما كان يسأله في الدنيا.
    3 ـ النوع الثالث : من التوسل أن يطلب منه ذلك الأمر المقصود ، بمعنى أنه ( ص ) قادر على التسبب فيه بسؤاله ربه وشفاعته اليه ، فيعود الى النوع الثاني في المعنى ، وإن كانت العبارة مختلفة ، ومن هذا قول القائل للنبي : أسألك مرافقتك في الجنة ، فقال له ( ص ) : أعني على نفسك بكثرة السجود.
    والآثار في ذلك كثيرة ، ولا يقصد الناس بسؤالهم ذلك إلا كون النبي ( ص ) سبباً وشافعاً ، وليس المراد نسبة النبي الى الخلق والاستقلال بالأفعال ، فإن هذا لا يقصده مسلم. فصرف الكلام اليه ومنعه من باب التلبيس في الدين والتشويش على عوام الموحدين !!
    وأما الاستغاثة فهي طلب الغوث. وتارة يطلب الغوث من خالقه وهو الله تعالى وحده ، كقوله تعالى : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم.

    وتارة يطلب ممن يصح إسناده اليه ، على سبيل الكسب ، ومن هذا النوع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذين القسمين فيصح أن يقال : استغثت بالنبي ، وأستغيث بالنبي ، بمعنى واحد ، وهو طلب الغوث منه بالدعاء ونحوه على النوعين السابقين في التوسل من غير فرق ، وذلك في حياته وبعد موته ، ويقول : استغثت الله ، وأستغيث الله ، بمعنى طلب خلق الغوث منه.
    فالله تعالى مستغاثٌ ، والغوث منه خلقاً وايجاداً ، والنبي صلى الله عليه وسلم مستغاثٌ ، والغوث منه تسبباً وكسباً.
    وقد تكون الاستغاثة بالنبي على وجه آخر ، وهو أن يقول : استغثت بالنبي كما يقول : سألت الله بالنبي ، فيرجع الى النوع الأول من أنواع التوسل ، ويصح قبل وجوده وبعد وجوده.
    والحاصل أن مذهب أهل السنة والجماعة صحة التوسل ، وجوازه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، في حياته وبعد وفاته ، وكذا بغيره من الأنبياء والمرسلين ، والأولياء الصالحين ، كما دلت عليه الأحاديث السابقة.
    ومعاشر أهل السنة لا يعتقدون خلقاً ولا إيجاداً ، ولا إعداماً إلا لله تعالى وحده لا شريك له. فلا فرق في التوسل بالنبي وغيره من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين. وكذلك بالأولياء والصالحين ، لا فرق بين كونهم أحياء أو أمواتاً ، لأنهم لا يخلقون شيئاً ، وإنما يتبرك بهم لكونهم أحباء الله تعالى ، والخلق والايجاد لله وحده لا شريك له.
    وقال في صفحة 100 وما بعدها :
    شبهة إنكار التوسل والاستغاثة والرد عليها :
    من شبهات الخصم التي يدلس فيها ويموه بها :
    1 ـ الانكار على المتوسلين والمستغيثين ، وتكفيرهم وعدهم مشركين ، كعباد الأوثان ، بل وجعلهم أسوأ حالاً منهم ، واتهامهم أنهم يعتقدون التأثير لغير الله تعالى.

    2 ـ الانكار على المستغيثين بالموتى.
    3 ـ انكار زيارة قبور الأنبياء والصالحين ، وبالأخص سيد المرسلين والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم ، الى رب العالمين.
    4 ـ إنكار الصلاة في المساجد التي بها قبور ، وعد ذلك من الشرك ، ولا ذريعة الى الشرك.
    5 ـ إنكار وصول ثواب قراءة القرآن والدعاء والاستغفار للموتى. وغير ذلك مما اعتبره الخصم من أنواع الشرك.
    ولتفنيد شبهات الخصم سالفة الذكر هذه ، فقد أفردنا لكل شبهة فصلاً مستقلاً تناولنا فيه الرد عليها.
    أما الشبهة الأولى فقد استقصينا كلام الخصم ، فوجدناه مفتتحاً إظهار دعوة مخالفة لأهل الأرض والسماء وهو عارفٌ بضعف حاله ، فإن تكفيره لمن خالف بدعته من جميع المسلمين ، ونسبتهم الى الشرك الأكبر ، واتخاذه هذا الاتهام ذريعةً لتكفيرهم لا دليل له عليه.
    هذه الذريعة التي اتخذها هي قوله : إن المشركين السابقين كانوا مشركين في الألوهية فقط ، وأما مشركو المسلمين فنعني بهم من أشركوا في الألوهية والربوبية. وقال أيضاً : إن الكفار في زمن رسول الله لا يشركون دائماً ، بل تارة يشركون ، وتارة يوحدون ، ويتركون دعاء الأنبياء والصالحين ، وذلك أنهم إذا كانوا في السراء دعوهم واعتقدوا بهم ، وإذا أصابهم الضر والشدائد تركوهم وأخلصوا لله الدين ، وعرفوا أن الأنبياء والصالحين لا يملكون ضراً ولا نفعاً.
    قال الخصم هذا ، وحمل تأويل جميع الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الموحدين من أمة محمد وتمسك بها في تكفيرهم !!
    مجمل القول في رد هذه الشبهة : أن التوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى

    واحد ، وليس لها في قلوب المؤمنين معنى إلا التبرك بذكر أحباب الله تعالى ، لما ثبت أن الله يرحم العباد بسببهم ، سواء أكانوا أحياءً أم أمواتاً. فالمؤثر والموجد حقيقة هو الله تعالى ، وهؤلاء سببٌ عادي في ذلك ، لا تأثير لهم ، وذلك مثل السبب العادي فإنه لا تأثير له.
    فالمسلم الموحد متى صدر منه إسناد الشيء لغير من هو له ، يجب حمله على المجاز العقلي ، وإسلامه وتوحيده قرينة على ذلك ، كما نص على ذلك علماء المعاني في كتبهم ، وأجمعوا عليه.
    وأما منع التوسل مطلقاً فلا وجه له مع ثبوته في الأحاديث الصحيحة ، ومع صدوره من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، وسلف الأمة وخلفها.
    والمنكرون للتوسل ، والمانعون منه ، منهم من يجعله حراماً ، ومنهم من يجعله كفراً وإشراكاً ! وكل ذلك باطل ، لأنه يؤدي الى اجتماع معظم الأمة على الحرام والاشراك ، لأن من تتبع كلام الصحابة والعلماء من السلف والخلف يجد التوسل صادراً منهم ، بل ومن كل مؤمن في أوقات كثيرة ، واجتماع أكثرهم على الحرام أو الإشراك لا يجوز ، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : لا تجتمع أمتي على ضلالة.
    كما أن المنع من التوسل والاستغاثة بالكلية مصادمٌ للأحاديث الصحيحة ، ولفعل السلف والخلف ، فعليك باتباع الجمهور والسواد الأعظم. يقول سبحانه وتعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم ، وساءت مصيرا.
    يقول رسول الله ( 9) : عليكم بالسواد الأعظم فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
    هؤلاء المنكرون للتوسل والزيارة ، فارقوا الجماعة والسواد الأعظم ، وعمدوا الى آيات كثيرة من آيات القرآن التي نزلت في المشركين ، فحملوها على المؤمنين الذين

    تقع منهم الزيارة والتوسل ، وتوصلوا بذلك الى تكفير أكثر الأمة من العلماء والصلحاء والعباد والزهاد وعوام الخلق ، والحق على خلاف ما يقولون ويزعمون.
    أما تخيلهم أن منع التوسل والزيارة من المحافظة على التوحيد ، وأن فعل ذلك مما يؤدي الى الشرك ، فهو تخيلٌ فاسدٌ باطل. فالتوسل والزيارة إذا فعل كل منهما مع المحافظة على آداب الشريعة الغراء لا يؤدي الى محذور ألبتة.
    والقائل بمنع ذلك سداً للذريعة متقول على الله ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكأن هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لا يجوز تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ، فحيثما صدر من أحد تعظيم له حكموا على فاعله بالكفر والاشراك وليس الأمر كما يقولون ، فإن الله تعالى عظم النبي في القرآن الكريم بأعلى أنواع التعظيم ، فيجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه.
    الفصل الثاني شبهة إنكار الاستغاثة بالموتى والرد عليها :
    كثر الخوض ، واشتد الجدال ، وحدث الانكار ، ضد الاستغاثة بالموتى ، ومنع النداء لهم ، ظناً من المنكرين أن سائر الموتى من الأنبياء والمرسلين والأولياء الصالحين ، وعامة المؤمنين لمجرد انتقالهم من دار الحياة الدنيا ، صاروا تراباً لا بقاء لهم في قبورهم ، لا يسمعون ولا يدركون. بيد أن الحق على خلاف ما يزعمون ، والصواب على غير ما يعتقدون.
    والسنة الشريفة ترد عليهم زعمهم في صراحة قوية ، وتبطل قولهم فيما جاء بها من أحاديث صحيحة.
    أخرج البخاري ومسلم ، وأصحاب السنن ، من حديث ابن عمر قال : اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فقال : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً...
    وقال الله تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فإذا ثبت هذا في الشهداء وهم من سائر الأمة في كل زمان ، فلا شك أن الأنبياء من باب أولى.


    وفي الحديث الصحيح : ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد 7 ، فظاهره يقتضي أن روحه الشريفة تفارق جسده الشريف وأنها بالسلام ترد ...
    يؤيد ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله : حياتي خير لكم ، تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم ، ما رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت لكم. وفي هذا الباب آثار كثيرة.
    وأما شبهتهم في المنع من النداء لهم فقالوا : إن النداء والخطاب للجمادات ، والغائبين ، والأموات ، من الشرك الذي يباح به الدم والمال ، ولا حجة لهم في ذلك ، فإن الأحاديث الصحيحة صريحةٌ في بطلان قولهم هذا.
    إنهم زعموا أن النداء للأموات والغائبين والجمادات يسمى دعاء ، وأن الدعاء عبادة ، بل هو مخ العبادة. وحملوا كثيراً من الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الموحدين ، وقد تقدم ذكر كثير من تلك الآيات ورد زعمهم فيها.
    وهذا كله منهم تلبيسٌ في الدين ، فإنه وإن كان النداء قد يسمى دعاء كما في قوله تعالى : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً. لكن ليس كل نداء عبادة ولو كان كل نداء عبادة لشمل ذلك نداء الأحياء والأموات ، فيكون كل نداء ممنوعاً مطلقاً ، وليس الأمر كذلك ، وإنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقدون ألوهيته واستحقاقه العبادة فيرغبون اليه ويخضعون بين يديه.
    الذي يوقع في الاشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله تعالى ، وأما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته ولا تأثيره فإنه ليس عبادة ...

    الفصل السادس
    سيد مكي يقود ثورة فكرية على الفكر الوهابي !
    لأول مرة في تاريخ المملكة العربية السعودية ، يسمح للرأي المخالف لأفكار الشيخ محمد عبد الوهاب وابن تيمية ، أن يعبر عن نفسه !
    فقد ظهرت خيوط ذلك في عدد من الصحف والكتب ، وبرزت أسماء جريئة تنقد الفكر الوهابي .. ولكن رائد الثورة الفكرية على الفكر التيمي السائد .. هو السيد محمد علوي المالكي.
    وقد اخترنا هذا الفصل من مواد النقاش الذي جرى في أوائل شهر حزيران وشهر تموز سنة 1999 ، على شبكة الساحة العربية ، في ( الانترنيت ) وتضمن رداً وبدلاً بين معارضين ومؤيدين للمالكي.
    وقد اقتصرنا من مواده الكثيرة على نماذج لأنها كثيرة لا يتسع لها الكتاب : طلب أحدهم تعريفاً بالمالكي ، فكتب أحد مؤيديه المدعو أبو صالح ، تعريفاً به فقال :
    ترددت كثيراً قبل البدء بكتابة هذه الأسطر لسببين :
    1 ـ عدم أهلية الفقير وقلة بضاعته.


    2 ـ حفاظاً على حرمة السيد أن تناله ألسنة الرعاع.
    لكن حينما رأيت أن تلك الأفواه لم تتوان في قذف ما بداخلها من عفن ، لم أجد بداً من إجابة الأخ السائل الذي أحب معرفة شيء عن السيد محمد بن علوي بن عباس المالكي ، وها أنا أقدم للاخوة بعضاً مما ذكره السيد في بعض كتبه ، وشيئاً مما أعرفه عنه.
    هو : السيد محمد الحسن بن علوي بن عباس بن عبد العزيز المالكي مذهباً الحسني الإدريسي نسباً ( تجد بقية نسبه الى سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما في كتاب أنساب قحطان وعدنان )
    ولادته ونشأته :
    ولد بمكة في بيت علماء ، فأبوه عالم ومحدث وجده عالم ومحدث ، وكذا حال كثير من عائلته. والسيد يروي كثيراً من الكتب وخاصة الحديث عن أبيه عن جده.
    فنشأته كانت بمكة المكرمة وتعلم في حلقات العلم بالمسجد الحرام وفي مدرسة الفلاح ومدرسة تحفيظ القرآن الكريم.
    أكمل دراسته الجامعية بالأزهر الشريف حتى حصل على شهادة الدكتوراه به.
    رحلاته :
    رحل في طلب العلم الي مصر والمغرب والهند وباكستان وبلاد الشام ، واستفاد كثيراً من هذه الرحلات من جمع للمخطوطات ولقاء الرجال ومعرفة الآثار وزيارة المشاهد وكتابة الفوائد ، فسبحان المتفضل على عباده.
    شيء من علمه :
    بدأ بالتدريس وهو دون البلوغ بأمر والده المرحوم السيد علوي المالكي حيث كان يدرس الطلبة كل كتاب يتمه على والده.
    جمع الأسانيد على المحدثين والفقهاء في شتى بقاع العالم الإسلامي حتى

    تحصل له أكثر من 200 شيخ ، يسر الله طبع الجزء المفرد بهم.
    قرأ القراءات السبع على شيخ القراء بمدينة حمص بالشام الشيخ عبد العزيز عيون السود ( أنظر اسمه في آخر مصحف الشام ) وأجازه بها.
    ولعل البعض يذكر أن السيد كان أحد أعضاء ( أو رئيساً ـ إن لم تخني الذاكرة ) للجنة التحكيم في مسابقة القرآن الكريم بمكة المكرمة حتى عهد قريب. وبعد ذلك اعتذر هو لشدة انشغاله. أخبرني بذلك مشافهة أحد القائمين على المسابقة.
    تعين مدرساً رسمياً في كلية الشريعة بمكة سنة 1390 هـ.
    بعد وفاة والده بثلاثة أيام اجتمع علماء مكة في دار السيد علوي وكلفوه بالتدريس في مقام والده في المسجد الحرام.
    قام بالقاء كثير من المحاضرات في المذياع والتلفاز السعودي ، وخاصة عن السيرة النبوية.
    قدم استقالته من الجامعة وتفرغ للتأليف والدعوة الى الله محتسباً لوجه الله في مكة المكرمة وخارجها. ولا يزال حفظه الله على ذلك.
    شارك في عدة مؤتمرات إسلامية عالمية قدم بحوثاً طبع أكثرها.
    قام بعدة رحلات شخصية ورسمية زار فيها كثيراً من بلاد المسلمين ، ألقى فيها جملة من المحاضرات والدروس نفع الله بها آمين.
    من مؤلفات السيد :
    دراسات حول الموطأ
    فضل الموطأ وعناية الأمة الاسلامية به
    دراسة مقارنة عن روايات موطأ الإمام مالك
    شبهات حول الموطأ وردها
    إمام دار الهجرة مالك بن أنس

    وألف كتباً عديدة في مصطلح الحديث :
    أسماء الرجال ، التصوف ، علم الأسانيد ، الاثبات ، القواعد الأساسية في علم مصطلح الحديث ، القواعد الأساسية في علوم القرآن ، القواعد الأساسية في أصول الفقه. ( وهذه الثلاثة نفع الله بها توفر على طالب العلم كثيراً من الوقت والجهد )
    زبدة الاتقان في علوم القرآن
    العقود اللؤلؤية في الأسانيد العلوية
    اتحاف ذوي الهمم العلية برفع أسانيد والدي السنية
    الطالع السعيد المنتخب من المسلسلات والأسانيد
    كتب عن آثار مكة
    كتاب في رحاب البيت الحرام
    صنف في الشمائل المحمدية كتاب : الانسان الكامل.
    وتاريخ الحوادث النبوية
    وله كتب عديمة النظر في بابها ككتاب :
    وهو بالأفق الأعلى
    وشفاء الفؤاد بزيارة خيرالعباد
    والزيارة النبوية بين الشرعية والبدعية
    ورسالة عن أدلة مشروعية المولد النبوي
    وككتاب مفاهيم يجب أن تصحح..
    والذي ارتضاه السواد الأعظم من الأمة ، وقرظ له كبار علماء الأمة ، والذي لا يستغني عنه باحث عن الحق ، ولا منصف لاخوانه الذين يخالفوه في بعض الفرعيات.
    قام بالتحقيق والتعليق على المرفوع من رواية ابن القاسم للموطأ
    علق على المولد النبوي للحافظ ابن البديع

    علق علي المولد النبوي للحافظ الملا علي القاري ، ونشره لأول مرة.
    وغير ذلك كثير مما يقارب المئة 100 مؤلف ، منها الذي ظهر ومنها الذي لم يظهر يسر الله طبعها والنفع بها آمين.
    شيوخ السيد :
    بإمكانك أن تتعرف من خلال معرفة مشايخ السيد الذين يروي عنهم بالاسناد على جانب من شخصيته حفظه الله وبارك في علمه ثم ـ إن يسر الله ـ سأنقل كتب الحديث التي يرويها السيد بإسناده المتصل مما هو مدون لدي وأرويه عن السيد حفظه الله.
    وأبدأ بأخص مشايخ السيد محمد بن علوي بن عباس المالكي :
    السيد علوي بن عباس المالكي الحسني ـ ت 1391
    الشيخ محمد يحيى بن الشيخ أمان ـ ت 1387
    الشيخ محمد العربي التباني ـ ت 1390
    الشيخ حسن بن سعيد يماني ـ ت 1391
    الشيخ محمد الحافظ التيجاني شيخ الحديث بمصر ـ ت 1398
    الشيخ حسن بن محمد المشاط ـ ت 1399
    الشيخ محمد نور سيف بن هلال المكي ـ ت 1403
    الشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي ـ ت 1410
    الشيخ محمد يس الفاداني ـ ت 1410 وما أدراك من هو : مسند مكة وشيخ دار العلوم الدينية بها ; حدث في مجلس واحد عن 200 شيخ مبتدئاً بمشرق العالم الاسلامي ومنتهياً بمغربه ! حدثني بذلك شيخي القارئ الثقة الذي أروي عنه وعن السيد ، كلاهما عن الشيخ الفاداني الشيخ عبدالله أحمد دردوم ـ ت 1407
    الشيخ الفقيه شيخ العلماء حسنين بن محمد مخلوف مفتي مصر ـ ت 1411

    الشيخ محمد ابراهيم أبو العيون شيخ الخلوتية بمصر ت ؟
    وهؤلاء أكثر الذين لازمهم السيد وأخذ عنهم واستفاد منهم.
    والتقى السيد بنخبة عديمة النظر من العلماء العارفين من سادتنا آل البيت النبوي وأخذ عن فحولهم واقتبس منهم الشيء الكثير ، وعلى رأسهم السادة من آل باعلوي وما أدراك من آل باعلوي ، نفعنا الله بهم من أعلي الناس علماً وتقوىً وأشدهم تواضعاً وحياء لو جهلتهم لجهلت مجداً من أعرق الأمجاد لهذه الأمة المحمدية ، استقر غالبيتهم في بلاد حضرموت ، ومنها انطلقوا للدعوة الى الله في أرجاء الأرض.
    أصحاب مبدأ في حياتهم يمثلون أهل السنة والجماعة ، أشاعرة العقيدة متبعون لمذهب سيدنا الإمام الشافعي ، يعيشون لاحياء علوم الدين على وجه الأرض.
    ولو أنصف المؤرخون لسطروا أثرهم بماء الذهب في فاتحة أي كتاب تاريخ للمسلمين! هل تدري لماذا ؟ لأنهم بتوفيق الله غيروا خريطة العالم الاسلامي ، فقد أدخلوا الإسلام لأكبر كثافة إسلامية على وجه الأرض ( أكثر من 50% من مجموع المسلمين ) وهذا في آسيا وإفريقيا ، وهي أماكن لم تصلها جيوش المسلمين ! جملة من أئمة الدين الذين يروي عنهم
    السيد محمد علوي المالكي :
    الشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي شيخ الحديث بالهند
    الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي شيخ الحديث
    الشيخ المحدث محمد يوسف البنوري بكراتشي
    الشيخ محمد شفيع مفتي باكستان
    الشيخ محمد أسعد العبجي مفتي الشافعية بحلب
    السيد حسن بن أحمد بن عبد الباري الأهدل اليماني منصب المراوعة
    السيد المسند العارف بالله مكي بن محمد بن جعفر الكتاني الدمشقي
    الشيخ الفقيه شيخ العلماء حسنين بن محمد مخلوف مفتي مصر

    الشيخ المحدث أمين بن محمود خطاب السبكي المصري
    الشيخ المعمر محمد عبدالله عربي المصري المعروف بالعقوري وهو تلميذالشيخ الباجوري.
    ويروي عن الأمير الصغير مباشرة بلا واسطة ، فسنده في غاية العلو. انتهى.
    * *
    بداية ظهور ثورة الفكرية
    نشر أحدهم في الشبكة المذكورة بيان هيئة كبار العلماء بالضال محمد علوي المالكي ، ونص قرارها المرقم 86 في 11/11/1401 هـ في الدورة السادسة عشرة المنعقدة بالطائف في شوال عام 1400 هـ :
    نظر مجلس هيئة كبار العلماء فيما عرضه سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، مما بلغه من أن لمحمد علوي مالكي نشاطاً كبيراً متزايداً في نشر البدع والخرافات ، والدعوة الى الضلال والوثنية ، وأنه يؤلف الكتب ويتصل بالناس ، ويقوم بالأسفار من أجل تلك الأمور ، واطلع على كتابه الذخائر المحمدية ، وكتابه الصلوات المأثورة ، وكتابه أدعية وصلوات ، كما استمع الى الرسالة الواردة الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، من مصر ، وكان مما تضمنته :
    ( وقد ظهر في الأيام الأخيرة طريقة صوفية في شكلها لكنها في مضمونها من أضل ما عرفناه من الطرق القائمة الآن ، وإن كانت ملة الكفر واحدة. هذه الطريقة تسمي ( العصبة الهاشمية والسدنة العلوية والساسة الحسنية الحسينية ) ويقودها رجلٌ من صعيد مصر يسميه أتباعه ( الإمام العربي ) وهو يعتزل الناس في صومعة له ويمرون عليه صفوفاً ويسلمون عليه ، ويحدثونه ويمنحهم البركات ، ويكشف لهم المخبوء بالنسبة لكل واحد ، وهذا كله من وراء ستار ، فهم يسمعون صوته ولا يرون

    شكله ، اللهم إلا الخاصة من أحبابه وأصحابه ، فهم المسموح لهم بالدخول عليه ، وعددهم قليل جداً ، وهو لا يحضر مع الناس الجمع ، ولا الجماعات ، ولا يصلي في المسجد الذي بناه بجوار صومعته ، ويعتقد أتباعه أنه يصلي الفرائض كلها في الكعبة المشرفة جماعة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.
    ويعتقدون كذلك أنه من البقية الباقية من نسل الأئمة المعصومين ، وأن المهدي سيخرج بأمره ، وقد أنشأ لطريقته فروعاً في بعض مدن مصر ، يجتمع روادها فيها على موائد الأكل والشرب والتدخين ، ويأمرون مريديهم بحلق اللحي ، وعدم حضور الجماعة في المساجد ، وذلك تمهيداً لاسقاط الصلاة نفسها ، ويخشى أنهم امتداد لحركة باطنية جديدة ، فإن هناك وجه شبه بينهم وبين خصائص الباطنية ، فإنهم بالاضافة الى ما سبق محظور على أتباعهم إذاعة أسرارهم والسؤال عن أي شيء يرونه من شيوخهم ، كذلك الإسم الذي سموا به حركتهم والشعار الذي اتخذوه لها هو ( فاطمة علي الحسن الحسين ) ومما يؤيد هذا الظن أنهم يجاورون الضاحية التي دفن فيها ( أغا خان ) زعيم الاسماعيلية حيث لا تنقطع أتباع الاسماعيلية عن زيارة قبره ، والإتصال بالناس هناك ، وقد دفن أغا خان في مصر لهذه الغاية ، وقد ازداد أمر هؤلاء في نظرنا خطورة حين علمنا أن لهم اتصالات ببعض أفراد السعودية ، وقد هيأت لبعض أتباعهم فرص عمل في المملكة عن طريق هؤلاء الأفراد الذين لم نتعرف على أسمائهم بعد ، نظراً للسرية التي يحيطون بها حركتهم ، ونحن في سبيل ذلك إن شاء الله.
    ولكن الذي وقفنا عليه وعرفناه يقيناً لا يقبل الشك أن الشيخ ( محمد بن عباس المالكي المكي الحسني ) يتصل بهم اتصالاً مباشراً ويزور شيخهم المحتجب ويدخل عليه ويختلي به ويخرج من عنده بعد ذلك طائفاً بأتباعه في البلاد ، متحدثاً معهم محاضراً فيهم خطيباً بينهم ، كأنه نائب عن الشيخ المزعوم ، ثم يختم زيارته بالتوجه الى ضريح أبي الحسن الشاذلي الشيخ الصوفي المعروف ، المدفون في

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:31

    أقصى بلاد مصر ، ومعه بطانةٌ من دهاقنة التصوف في مصر ، وهو ينشر بينهم مؤلفاته التي اطلعنا على بعضها فاستوقفنا منها كتابه المسمى ( الذخائر المحمدية ) وتحت يدي الآن نسخة منه بل الجزء الأول ، وهو يقع في 354 صفحة من الحجم الكبير ذيالطباعة الفاخرة ، وطبع بمطبعة حسان بالقاهرة ، ولا يوزع عن طريق دار نشر وإنما يوزع بصفة شخصية ، وبلا ثمن. والذي يقرأ هذا الكتاب يجد المؤلف هداه الله قد أورد فيه كل المعتقدات الباطلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن بطريق ملتوٍ فيه من المكر والدهاء ما فيه ، حتى لا يؤخذ على المؤلف خطأ شخصي ، فهو يذيع تلك العقائد ويشيعها عن طريق النقل من بعض الكتب التي أساءت الى الإسلام في عقيدته وشريعته ، والتي وصلت برسول الله صلى الله عليه وسلم الى درجة من الغلو ، ما قال بها كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بل ورد بشأنها النهي الصريح عن مثل هذا الزيغ والزيف والضلال )
    ثم ذكر أمثلة مما جاء في الكتاب من الضلال وختم رسالته بقوله ( نحن إنما نهتم بتعقب مثل هذه الأخطاء والخطايا من أجل أن ننبه الى خطورتها وخطرها من باب نصح المسلمين وإرشادهم وتحذيرهم مما يخشى منه على العقيدة الصحيحة والايمان الحق.
    وإنما نكتب لكم به كذلك لتتصرفوا حياله بما فيه الخير للاسلام والمسلمين ، فكما أن مصر مستهدفة من أعداء الإسلام بحكم عددها وعدتها وإجماعها من حيث الأصل على السنة ، فإن السعودية مستهدفة بنفس القدر إن لم يكن أكثر بحكم موقعها من قلوب المسلمين ، وبحكم عقيدتها القائمة على حماية جناب التوحيد ، وعلى توجيه الناس الى السنة الصحيحة ، واهتمامها بنشر هذه العقيدة في كل مكان.
    فلا أقل من أن ننبه الى بعض مواطن الخطر لتعملوا على درئه ما استطعتم ، والظن بكم بل الاعتقاد فيكم سيكون في محله إن شاء الله ، فإن الأمر جد خطير كما رأيتم ، من بعض فقرات الكتاب. أهـ ).

    وقد تبين للمجلس صحة ما ذكر من كون محمد علوي داعية سوء ويعمل على نشر الضلال والبدع وأن كتبه مملوءة بالخرافات والدعوة الى الشرك والوثنية.
    ورأى أن يعمل على إصلاح حاله وتوبته من أقواله ، وأن يبذل له النصح ويبين له الحق ، واستحسن أن يحضر المذكور لدى سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد ، رئيس المجلس الأعلى للقضاء ، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، ومعالي الشيخ سليمان بن عبيد ، الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين ، لمواجهته بما صدر منه من العبارات الالحادية والصوفية ، وإسماعه الكتاب الوارد من مصر ومعرفة جوابه عن ذلك ، وما لديه حول ما ورد في كتبه.
    وقد حصل هذا الاجتماع المذكور في المجلس الأعلى للقضاء يوم الخميس الموافق 17 /10/ 1400 هـ.
    وأعد محضر بذلك الاجتماع تضمن إجابته بشأن تلك الكتب ، وما سأله عنه المشايخ مما جاء فيها. وجاء في المحضر الذي وقع فيه أن كتاب الذخائر المحمدية وكتاب الصلوات المأثورة له. أما كتاب أدعية وصلوات فليس له ، وأما الرجل الصوفي الذي في مصر فقد قال إنه زاره ومئات من أمثاله في الصعيد ، ولكنه ليس من أتباعه ويبرأ الى الله من طريقته ، وأنه لم يلق محاضرات في مصر ، وأنه أنكر عليه وعلى أتباعه ، وقد ذكر للمشايخ أنه له وجهة نظر في بعض المسائل ، أما الأمور الشركية فيقول إنه نقلها عن غيره ، وأنها خطأ فاته التنبيه عليه.
    ولما استمع المجلس الى المحضر المذكور وتأكد من كون الكتابين له ، وعلم اعترافه بأنه جمع فيها تلك الأمور المنكرة ، ناقش أمره وما يتخذ بشأنه ، ورأى أنه ينبغي جمع الأمور الشركية والبدعية التي في كتابه الذخائر المحمدية مما قال فيها أنه خطأ فاته التنبيه عليه ، وتطبق على المحضر ، ويكتب رجوعه عنها ويطلب منه التوقيع عليه ، ثم ينشر في الصحف ويذاع بصوته في الاذاعة والتلفزيون ، فإن

    استجاب لذلك وإلا رفع لولاة الأمور لمنعه من جميع نشاطاته في المسجد الحرام ، ومن الاذاعة والتلفزيون ، وفي الصحافة ، كما يمنع من السفر الى الخارج ، حتى لا ينشر باطله في العالم الاسلامي ، ويكون سبباً في فتنة الفئام من المسلمين.
    وقد قامت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بقراءة كتابيه المذكورين اللذين اعترف أنها له ومن إعداده وتأليفه ، وجمع الأمور الشركية والبدعية التي فيها وإعداد ما ينبغي أن يوجه له ، ويطلب منه أن يذيعه بصوته ، وبعث له عن طريق معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 2788 وتاريخ 12/ 11/1400 هـ ، فامتنع عن تنفيذ ما رآه المجلس ، وكتب رسالة ضمنها رأيه ، ووردت الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد مشفوعةً بكتاب معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين ، رقم 2053/19 وتاريخ 26/12/1400 هـ.
    وجاء في كتاب معاليه أنه اجتمع بالمذكور مرتين ، وعرض عليه خطاب سماحة الشيخ عبد العزيز ، وما كتبه المشائخ ، ولكنه أبدى تمنعاً عما اقترحوه ، وأنه حاول اقناعه ولم يقبل ، وكتب إجابة عما طلب منه مضمونها التصريح بعدم الموافقة على إعلان توبته.
    وفي الدورة السابعة عشرة المنعقدة في شهر رجب عام 1401 هـ. في مدينة الرياض ، نظر المجلس في الموضوع وناقش الموقف الذي اتخذه حيال ما طلب منه ورأى أن يحاط ولاة الأمور بحاله والخطوات التي اتخذت لدفع ضرره وكف أذاه عن المسلمين ، وأعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بياناً يشتمل على جملة من الأمور الشركية والبدعية الموجودة في كتابه الذخائر المحمدية منها :
    1 ـ نقل في ص 265 من الأبيات التي جاء فيها :
    ولما رأيت الدهر قد حارب الورى
    جعلـت لنفسي نعـل سيده حصنا

    تحصنت منه فـي بديع مـثـالها
    بسـورٍ منيعٍ نلت فـي ظله الأمنا



    2 ـ نقل قصيدة للبكري في الصفحتين 158 ـ 159 تتضمن أنواعاً من الشرك الأكبر وفيها إعراض عن الله عز وجل قال فيها :
    ما أرسل الرحمن أو يرسل
    مـن رحمة تصعد أو تنزلُ

    فــي ملكوت الله أو ملكه
    من كل ما يختص أو يشمل

    إلا وطـَه المصطفى عبده
    نـبـيـه مـختاره المرسل

    واسـطـة فيها وأصل لها
    يـعـلـم هذا كل من يعقل

    فلذ به مـن كل ما تشتكي
    فـهـو شـفـيع دائماً يقبل

    ولذ به مـن كل ما ترتجي
    فـإنه الـمـرجـع والموئل

    وناده إن أزمةٌ أنـشـبـت
    أظفارها واسـتحكم المعضل

    يـا أكـرم الخلق على ربه
    وخـيـر من فيهم به يسأل

    كم مسني الكرب وكم مرةً
    فرجت كـربـاً بعضه يذهل

    فـبالذي خصك بين الورى
    بـرتـبـةٍ عنها العلا تنزل

    عـجل بإذهاب الذي أشتكي
    فإن توقفت فـمـن ذا أسأل

    3 ـ ذكر في ص 25 : أن ليلة مولده صلى الله عليه وسلم أفضل من ليلة القدر. وهذا خطأ واضح ، فليلة القدر أفضل الليالي بلا شك.
    4 ـ ذكر في الصفحات الثالثة والأربعين والرابعة والأربعين والخامسة والأربعين قصيدةً لابن حجر الهيثمي فيها إثبات حياة النبي صلى الله عليه وسلم على الاطلاق ، وأنه يصلي الصلوات الخمس ويتطهر ، ويجوز أن يحج ويصوم ، ولا يستحيل ذلك عليه وتعرض عليه الأعمال.
    ونقل عن الهيثمي استجارته بالرسول صلى الله عليه وسلم وأقره على ذلك ، والاستجارة بغير الله نوعٌ من الشرك الأكبر.
    5 ـ أورد في ص 52 ـ ما نصه : من استغرق في محبة الأنبياء والصالحين حمله

    ذلك على الإذن في تقبيل قبورهم والتمسح بها ، وتمريغ الخد عليها. ونسب أشياء من ذلك الى بعض الصحابة ، وأقر ذلك ولم ينكره ، مع أن تلك الأمور من البدع ووسائل الشرك الأكبر ، ونسبتها الى بعض الصحابة باطلة.
    6 ـ ذكر في ص 60 : أن زيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم من كمال الحج ، وأن زيارته عند الصوفية فرضٌ ، وأن الهجرة الى قبره عندهم كالهجرة اليه حيا. وأقر ذلك ولم ينكره.
    7 ـ ذكر عشر كرامات لزائر قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها رجم بالغيب وقول على الله بلا علم.
    8 ـ دعا الى الاستجارة به صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به عند زيارته فقال ما نصه ( ويتأكد بتجديد التوبة في هذا الموقف الشريف وسؤال الله تعالى أن يجعلها لديه نصوحاً ، والاستشفاع به صلى الله عليه وسلم في قبولها والاكثار من الاستغفار والتضرع بتلاوة الآية المذكورة ، وأن يقول بعدها وقد ظلمت نفسي ظلما كثيراً ، وأتيت بجهلي وغفلتي أمراً كبيراً ، وقد وفدت عليك زائراً وبك مستجيراً.
    ص 100 : ومعلوم أن الاستشفاع والاستجارة به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من أنواع الشرك الأكبر.
    9 ـ ذكر في ص 10 ـ شعراً يقال مع الدعاء عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ومنه :
    هذا نزيلك أضحى لا ملاذ له
    إلا جنابك يا سؤلي ويا أملي

    ومنه :
    ضيف ضعيف غـريب قد أناخ بكم
    ويستجيـر بكم يـا سـادة العـرب

    يا مكرم الضيف يـاعون الزمان ويا
    غوث الفقير ومرمى القصد والطلب

    ونقل عن بعضهم في ص 102 شعراً تحت عنوان فضائل نبوية قرآنية :


    أترضى مع الجاه المنيع ضياعنا
    و نحن الـى أعتاب بابك ننسب

    أفضهـا علينـا نفحـة نبويـة
    تلـم شتـات المسلميـن وترأب

    وهذه الأبيات الخمسة من الشرك الأكبر والعياذ بالله.
    10 ـ نقل في ص 54 : بيتاً من الهمزية هو :
    ليته خصني بـرؤية وجـه
    زال عن كل من رآه العناء

    وهذا كذبٌ وباطلٌ ، وقد رآه في حياته عليه الصلاة والسلام أقوامْ كثيرون ، فما زال عنهم عناؤهم ولا كفرهم.
    11 ـ نقل في ص 157 غلوا في نعال الرسول صلى الله عليه وسلم في البيتين التاليين :
    علـى رأس هذا الكـون نعـل محمد
    سمـت فجميع الخلق تحت ظلالـه

    لـدي الطـور مـوسي نودي اخلع
    وأحمد الى العرش لم يؤمر بخلع نعاله

    12 ـ ذكر في ص 166 قصيدة شركية للشيخ عمر الباقي الخلوتي منها :
    يا ملاذ الورى وخير عيان
    ورجـاء لكـل دان قصي

    لك وجهي وجهت يا أبيض
    الوجه فوجه اليه وجه الولي

    13 ـ نقل في كتابه الذخائر المحمدية ص 284 عن ابن القيم من كتابه جلاء الأفهام ما يوهم أن الطريق الى الله والى جنته محصور في اتباع أهل البيت يعني أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وتصرف في كلام ابن القيم فلم ينقله على حقيقته ، لأن ابن القيم في كتابه المذكور تكلم على ابراهيم الخليل وآله من الأنبياء ، وذكر أن الله سبحانه بعث جميع الأنبياء بعد ابراهيم من ذريته ، وجعل الطريق اليه مسدوداً إلا من طريقهم ، ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فترك الشيخ محمد علوي مالكي نقل أصل كلام ابن القيم ; وتصرف فيه ، فنقل ما يوهم القراء أن المراد أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يخفي أن هذا الرأي هو مذهب الرافضة الاثني عشرية ، وأنهم يرون أن الأحاديث الواردة من غير طريق أهل البيت لا يحتج بها ولا يعمل

    بها ولو كان الراوي لها أبا بكر الصديق أو عمر أو عثمان وتدليسٌ شنيعٌ أراد به تحقيق مقصد سيئ خطير.
    ومثل ما تقدم ما ذكره في الصفحتين الرابعة والخامسة من كتابه الصلوات المأثورة حيث يقول من جملة الدعاء الذي نقله ( وانشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة ) وقوله : ( ولا شيء إلا هو به منوط ) يعني بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
    وقد رفع البيان الى صاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء مشفوعاً بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 1280/2 وتاريخ 28/7/1401 هـ.
    وفي الدورة الثامنة عشرة للمجلس ـ المنعقدة في شهر شوال عام 1401 هـ. أعيدت مناقشة موضوعه بناء على ما بلغ المجلس من أن شره في ازدياد ، وأنه لا يزال ينشر بدعه وضلالاته في الداخل والخارج ، فرأى أن الفساد المترتب على نشاطه كبير ، حيث يتعلق بأصل عقيدة التوحيد التي بعث الله الرسل من أولهم الى آخرهم لدعوة الناس اليها ، وإقامة حياتهم على أساسها ، وليست أعماله وآراؤه الباطلة في أمور فرعية اجتهادية يسوغ الاختلاف فيها ، وأنه يسعى الى عودة الوثنية في هذه البلاد وعبادة القبور والأنبياء ، والتعلق على غير الله ، ويطعن في دعوة التوحيد ويعمل على نشر الشرك والخرافات ، والغلو في القبور ، ويقرر هذه الأمور في كتبه ويدعو اليها في مجالسه ، ويسافر من أجل الدعوة لها في الخارج. انتهى.
    ويبدو أن الدولة السعودية قررت أن تسمح بهامش من الحرية لعالم كبير معروف في مكة والمملكة ، وأن لا تتخذ ضده إجراء بالسجن أو المنع من السفر.
    * *
    نماذج من مناقشات حول أَفكاره
    ـ كتب المدعو محمد الفاتح ، تحت عنوان ( الاستغاثة والرد على محمد علوي المالكي ، ما يلي :

    الحمد لله والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
    فمسألة الاستغاثة بالأموات والغائبين من الأنبياء والأولياء والصالحين من المسائل التي كثر فيها النزاع في العصور المتأخرة بين مانع يراها ضرباً من الشرك والوثنية ، ومبيح يراها من أفضل القرب لدى رب البرية.
    ولا شك أن القرآن الكريم لم يغفل هذه القضية ، ولم يسكت عن بيان حكم هذه البلية ، كيف وغاية مقصده بيان التوحيد ودعوة الناس اليه ، وكشف الشرك وتنفير الناس منه ؟!
    وعامة من ضل في هذا الباب إنما أتي من قبل إعراضه عن نور القرآن ، وإقباله على ذبالات الأذهان ، وخرافات الأحبار والرهبان ، المعتمدين على منطق اليونان.
    وهاذا بحث مختصر ليس لي فيه إلا جمع الأقوال وترتيب النقول ، وقد استخرت الله تعالى في نشره ، فعسى أن ينفع الله به كاتبه وقارئه ، وأن يجعله ذخراً لي يوم الحساب.
    وقبل الشروع في مقصود البحث لا بد من عرض مقدمات ضرورية أرى التقصير في عرضها سبباً لاتساع رقعة الخلاف وكثرة القيل والقال. وإذا مااتفق الجميع على هذه المقدمات أمكن الاتفاق على المسألة محل النزاع.
    المسألة الأولى :
    هل كان المشركون الأولون مقرين لله بالربوبية ؟ هل أثبتوا خالقاً ورازقاً ومدبراً لهذا الكون غير الله رب البرية ؟
    وسيتفرع عن هذه المسألة مسائل تذكر تباعاً إن شاء الله.
    والذي يدفعني الى إثارة هذه القضية التي تبدو من البدهيات الواضحات أني رأيت بعض من كتب في مسألة الاستغاثة ينكر هذه القضية ، ويزعم أن المشركين لم يفردوا الله بالخالقية والرازقية. وهذا مثالٌ من أقوال المخالفين :

    يقول محمد علوي المالكي في مفاهيمه :
    وقل ذلك أيضاً في قوله تعالى ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) فإنهم لو كانوا يعتقدون حقاً أن الله تعالى الخالق وحده ، وأن أصنامهم لا تخلق لكانت عبادتهم لله وحده دونها ) انتهى.
    وهو كلام لا ينقضي منه العجب ! ألا يكفي إخبار القرآن وتقريره لهذه القضية أن تكون من الحقائق لا الأوهام ؟!!!
    وأعجب منه ظنه المفهوم من كلامه أن من أقر بالخالق استحال منه صرف العبادة لغيره.
    أقول : بل لم يقروا بالخالق فحسب ، إنما أقروا أنه الخالق الرازق المحيي المميت المتصرف في الكون الذي يجير ولا يجار عليه.
    ومن كلامه الذي دخل به لتاريخه قوله بعد ذكره قوله تعالى ( ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى ) : هذه الآية صريحةٌ في الانكار على المشركين عبادتهم للأصنام واتخاذها آلهة من دونه تعالى وإشراكهم إياها في دعوى الربوبية (!!!) على أن عبادتهم لها تقربهم الى الله زلفى. فكفرهم وشركهم من حيث عبادتهم لها ، ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله.
    وهنا مهمة لا بد من بيانها ، وهي أن هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما يحكى عنهم ربنا ). انتهى.
    فقارن رحمك الله بين كلامه وكلام المفسرين الآتي. وإنها كلمة كبيرة حقاً ( غير جادين ) فهل يعني القرآن بنقل الهزل والكذب مرات عدة دون تعليق .. إنا لله وإنا اليه راجعون ، فإليك البيان ، وأبدأ بذكر آيات مشهورة معلومة للجميع مرتبة حسب ترتيب المصحف مفسرة من كلام أئمة التفسير المتفق على إمامتهم وجلالتهم. فاللهم وفق وسدد وأعن.
    أولاً : قوله تعالى : قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار

    ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله. فقل أفلا تتقون. يونس ـ 31
    قال الإمام البغوي ( ت : 516 هـ ) في تفسيره ( فسيقولون الله ) هو الذي يفعل هذه الأشياء ( فقل أفلا تتقون ) أفلا تخافون عقابه في شرككم. وقيل : أفلا تتقون الشرك مع هذا الاقرار.
    ( فذلكم الله ربكم ) الذي يفعل هذه الأشياء هو ربكم ( الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) أي فأين تصرفون عن عبادته وأنتم مقرون به. اهـ.
    وقال الإمام الرازي في تفسيره 17 / 70 :
    ثم بين تعالى أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سألهم عن مدبر هذه الأحوال فسيقولون أنه الله سبحانه وتعالى ، وهذا يدل على أن المخاطبين بهذا الكلام كانوا يعرفون الله ويقرون به ، وهم الذين قالوا في عبادتهم للأصنام أنها تقربنا الى الله زلفى وأنهم شفعاؤنا عند الله ، وكانوا يعلمون أن هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر.انتهى.
    ومن باب الفائدة أنقل كلام بعض الأئمة من غير المفسرين :
    أولاً : الإمام ملا علي القاري ، قال في شرح الفقه الأكبر ص 16 :
    وقد أعرض الإمام عن بحث الوجود اكتفاء بما هو ظاهر في مقام الشهود ، ففي التنزيل : ( قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض ) ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) فوجود الحق ثابت في فطرة الخلق كما يشير اليه قوله سبحانه وتعالى ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ويومي اليه حديث : كل مولود يولد على فطرة الإسلام. وإنما جاء الأنبياء : لبيان التوحيد وتبيان التفريد ، ولذا أطبقت كلمتهم وأجمعت حجتهم على كلمة لا الَه إلا الله ولم يأمروا أهل ملتهم بأن يقولوا : الله موجود بل قصدوا إظهار أن غيره ليس بمعبود ، رداً لما توهموا وتخيلوا حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، وما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى.
    على أن التوحيد يفيد الوجود مع مزيد التأييد. انتهى.

    احفظ هذا الكلام ، والخبير يعرف من المقصود برد الإمام.
    ثانياً : وقال علي القاري أيضاً :
    في شرح الشفا للقاضي عياض 2 / 528 تعليقاً على ما نقله القاضي عن الباقلاني أن الايمان بالله هو العلم بوجوده قال :
    وما يتعلق به من توحيد ذاته ، وإلا فمجرد العلم بوجوده حاصل لعامة خلقه ، كما قال الله تعالى ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) وإنما أنكر وجوده سبحانه طائفة من الدهرية والمعطلة. انتهى.
    ولست بحاجة الى نقل كلام ابن تيمية وابن القيم والآلوسي والشوكاني والصنعاني والقاسمي والشنقيطي والسعدي ، ولا كلام محمد بن عبد الوهاب وأحفاده. ولله الحمد والمنة.
    تنبيه :
    أحب أن أقول لكل من خالف أو أراد المخالفة : إعلم أن للقوم شبهات واهيات ، لن أضيع وقتي في ردها ، إلا إذا تبرع أحدكم بنشرها ، بعد أن يصرح لنا أنه يخالف ما سبق ، وبعد أن يستشهد بعلماء معتبرين يوافقونه على فهمه واستنباطه.
    تحذير :
    إحذر أخي أن تخالف أمراً ثابتاً بالقرآن الكريم نحو هذا الثبوت المقطوع به. يقول القاضي عياض في الشفا 2/549 مع شرح القاري ( أو كذب به ، أي بالقرآن جميعه أو بشيء منه .. ( أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك ) أي دون نسيان أو خطأ ( أو شك في شيء من ذلك فهو كافر عند أهل العلم ) قاطبة ( بإجماع ) لا خلاف فيه. انتهى.
    وليعلم أن محمد علوي المالكي ليس أول المخالفين لهذا الحق الثابت ، فقد سبقه موكبٌ هزيلٌ من دعاة الوثنية من أمثال القضاعي والدجوي والمجهول ابن

    مرزوق و ... وهؤلاء نصبوا أنفسهم أئمة ومفسرين ومجتهدين ، فأتوا بهذا الضلال الذي هو تكذيب لحقائق القرآن ، وخروج عما أطبقت عليه كلمة أهل الايمان والعرفان.
    فها هو أحدهم يقول : هذه الآيات صريحةٌ في إنكار المشركين للخالق سبحانه وتعالى فدل على أنهم كانوا مشركين في خالقية الله تعالى ) !!!
    وآخر يقول ( فإذا ليس عند هؤلاء الكفار توحيد الربوبية كما قال ابن تيمية ) !!
    والسؤال : هل المفسرون السابق ذكرهم من تلاميذ ابن تيمية !! ( الطبري والقرطبي وابن عطية ، والرازي وابن الجوزي ... ؟!!!!
    وثالث منهم يقول : ( وإني لأعجب من تفريقهم بين توحيد الألوهية والربوبية ، وجعل المشركين موحدين توحيد الربوبية ).
    ورابعٌ يقول : ( ثم إنه سبحانه حكم بشركهم لاتخاذهم تلك الأصنام شريكاً لله في الخلق وتدبير العالم ، وجوزوا عبادتها خلافاً لله تعالى )
    تأمل : ( في الخلق وتدبير العالم ) !! ( ومن يدبر الأمر فسيقولون الله ) ( قل من بيده ملكوت كل شيء ... سيقولون الله ).
    لكن ... ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.
    ثم كتب المدعو محمد الفاتح تحت عنوان ( حقيقة شرك عبدة الأصنام ) :
    يزعم دعاة الوثنية المعاصرة أن المشركين الأوائل كانوا غير معترفين بالله ولا يقرون له بالربوبية ، وأن القرآن الكريم سجل عليهم حكم الكفر لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم النفع والضر ، وأنها مساوية لله في الألوهية ، بل والربوبية.
    وقد تقرر في الحلقة الأولى أن المشركين أفردوا الله بالخلق والرزق والتدبير وغير ذلك من أمور الربوبية ، وبهذا انهار جزءٌ كبير مهم من الدعوى التي يرددها محمد علوي المالكي ، وجميع من يدعو الى عبادة الأولياء والصالحين.

    وهنا ينهار ما تبقى من الدعوى بحول الله وقوته ، وذلك من خلال عرض الحقائق التالية :
    1 ـ المشركون لم يعتقدوا النفع والضر في أصنامهم.
    2 ـ الأصنام لا تمثل في حس المشركين إلا صوراً للأنبياء والصالحين أو الملائكة.
    3 ـ المشركون لم يعبدوا الأصنام إلا لينالوا شفاعة أصحابها من العلماء والزهاد. ولتقربهم الى الله زلفى.
    4 ـ في حال الشدة يتخلى المشركون عن وسائطهم ويفردون الله بالدعاء.
    ولا تعجب أخي القارئ إذا وجدتني أتكيَ كثيراً على ما كتبه الرازي والشهرستاني معرضاً عما كتبه ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب.
    والغرض أن يعلم الجميع أن هذه الحقائق يقررها العلماء مهما اختلفت مشاربهم وتنوعت مدارسهم وتباعدت أعصارهم ، وأنه ليس في كلام ابن تيمية وتلاميذه في هذه المسألة ما هو جديد أو محدث ، إلا عند من لا يقرأ وإذا قرأ لم يفهم ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً ).
    قال الفخر الرازي في تفسيره 26 / 283 عند قوله تعالى : الله يتوفي الأنفس :
    ويحتمل أن يكون المراد بهذا : أن الدليل يدل على أن الواجب على العاقل أن يعبد إلَهاً موصوفاً بهذه القدرة وبهذه الحكمة ، ولا يعبد الأوثان التي هي جمادات لا شعور لها ولا إدراك.
    واعلم أن الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالا فقالوا : نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع ، وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله مقربين ، فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله.
    فأجاب الله تعالى بأن قال ( أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون ) ...

    وقال الرازي 17 / 59 في تفسير قوله تعالى ( ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله .. ) يونس
    وأما النوع الثاني : ما حكاه الله تعالى عنهم في هذه الآية ، وهو قولهم ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) فاعلم أن من الناس من قال : إن أولئك الكفار توهموا أن عبادة الأصنام أشد في تعظيم الله من عبادة الله سبحانه وتعالى.
    فقالوا : ليست لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله تعالى ، بل نحن نشتغل بعبادة هذه الأصنام ، وانها تكون لنا شفعاء عند الله تعالى.
    ثم اختلفوا في انهم كيف قالوا في الأصنام أنها شفعاؤنا عند الله ؟ وذكروا فيه أقولا كثيرة :
    فأحدها : انهم اعتقدوا أن المتولى لكل اقليم من أقاليم العالم روح معين من أرواح عالم الأفلاك ، فعينوا لذلك الروح صنما معينا واشتغلوا بعبادة ذلك الصنم ... ورابعها : أنهم وضعوا هذه الأصنام والاوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم ، وزعموا انهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى.
    ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر ، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فانهم يكونون شفعاء لهم عند الله. انتهى.
    قلت : الله اكبر. فمن الذي شبهكم بعبدة الأصنام ؟؟!!
    وقال الرازي في 26 / 277 في تفسير قوله تعالى ( ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل ) الزمر :
    وهذا مثل ضرب في غاية الحسن في تقبيح الشرك وتحسين التوحيد.
    فإن قيل : هذا المثال لا ينطبق على عبادة الأصنام لأنها جمادات فليس بينها منازعة ولا مشاكسة.
    قلنا : إن عبدة الأصنام مختلفون ، منهم من يقول هذه الأصنام تماثيل الكواكب

    السبعة. ومنهم من يقول : هذه الأصنام تماثيل الأشخاص من العلماء والزهاد الذين مضوا فهم يعبدون هذه التماثيل لتصير أولئك الأشخاص من العلماء والزهاد شفعاء لهم عند الله ...
    وقال في 25 / 254 في تفسير قوله تعالى ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ) سبأ ـ 23.
    واعلم أن المذاهب المفضية الى الشرك أربعة : ورابعها : قول من قال : انا نعبد الأصنام التي هي صور الملائكة ليشفعوا لنا. فقال تعالى في ابطال قولهم ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ). فلا فائدة لعبادتكم غير الله ، فإن الله لا يأذن في الشفاعة لم يعبد غيره ، فبطلبكم الشفاعة تفوتون على أنفسكم الشفاعة. انتهى.
    وقارنه بكلام ابن القيم في المدارج.
    وسأجيب عن شبهتهم : أننا لا نعبدهم ، وأنهم يملكون الشفاعة ويقدرون عليها الآن ( وهم أموات ) فنحن نطلب منهم ما يقدرون عليه ويملكونه !!!!
    وقال الرازي في 20 / 102 في تفسير قوله تعالى ( أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب .. ) الإسراء ـ
    اعلم أن المقصود من هذه الآية الرد على المشركين. وقد ذكرنا أن المشركين كانوا يقولون ليس لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله تعالى ، فنحن نعبد بعض المقربين من عباد الله وهم الملائكة ، ثم انهم اتخذوا لذلك الملك الذي عبدوه تمثالاً وصورة واشتغلوا بعبادته على هذا التأويل. انتهى.
    وانظر كلامه في 25 / 171 السجدة. و23 / 102 الشعراء
    وإليك كلام غيره من أهل العلم ... انتهى.
    وقد أطال هذا الفاتح تبعاً لإمامه ابن تيمية وكل تلاميذه ، في اثبات أن المشركين كانوايعتقدون بألوهية الله تعالى فكانوا موحدين في الالوهية ، ولكنه سماهم مشركين لانهم عبدوا معه غيره وأشركوهم في ربوبيته.

    وهدفهم من ذلك أن يقولوا أن الذين يتوسلون بالأنبياء والرسل مشركون مثل أولئك ، لانهم موحدون في الالوهية ويشركون الأنبياء والأولياء في الربوبية !!
    ولكن لو صحت مقدمتهم هذه ، لبقي عليهم مقدمتان يلزم عليهم اثباتهما :
    الاولى ، أن الذين يتوسلون بالأنبياء والأولياء يعبدونهم ، كما كان المشركون يعبدون الشركاء !!
    والثانية ، أن توسلهم بهم عمل لم يأذن به الله تعالى ولم ينزل به سلطانا ، كشرك المشركين !!
    وقد تبين لك الفرق الشاشع بين التوسل والعبادة ، وتبين لك دلالة الآيات والأحاديث الشريفة على التوسل ، وأنه عمل مشروع أذن الله به ورسوله ، فتشبيهه بشرك المشركين تلبيس وتزوير !
    ثم كتب محمد الفاتح تحت عنوان :
    أهم الشبهات حول شرك عباد الأصنام ، فقال :
    أجدني مضطرا للرد على الشبهات التي أثارها علوي المالكي وأتباعه ومن سبقه ، حول الحقائق الماضية ، والتي نقلت فيها أقوال أهل العلم في بيان أن المشركين أقروا لله بالخلق والرزق والتدبير ، وأشركوا به في العبادة ، أملا في القربى وبحثاً عن الزلفى الى الله ، وأنهم لم يعتقدوا في أصنامهم نفعاً ولا ضرا.
    الشبهة الأولى : كيف يقال أن المشركين لم يعتقدوا في أصنامهم نفعاً ولا ضراً ، وها هو القرآن يحكي قولهم ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) ؟
    والجواب : أننا لا ننكر اعتقاد المشركين النفع والضر في آلهتهم أفليس قولهم ( ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى ) وقولهم ( ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) من اعتقاد النفع تقريبا وشفاعة ؟؟
    ولذلك تجد بعض المفسرين يذكر أنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم النفع والضر وهذا حق لا ينكر كما. وليس هذا محل النزاع ... انما النزاع في كونهم يعتقدون فيهم نفعا ذاتيا استقلاليا دون الله ، فأين الدليل على ذلك ؟

    فقد اعترفوا بأن تدبير الأمر كله لله ، وأن بيده ملكوت كل شيء ، وأنه يجير ولا يجار عليه ، وقد مر معك قولهم الذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم وود لو اقتصروا على جزء منه ، وهو قولهم في التلبية ( لبيك اللهم لبيك ... إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك).
    وحين أتكلم عن شرك عباد الأصنام الذين نزل فيهم القرآن أفاجأ بمن يتحث عن قوم ابراهيم وقوم هود 8 !!!
    ومع هذا أقول : غاية ما عند هؤلاء المشركين أنهم اعتقدوا أن الله تعالى فوض اليهم تدبير بعض الأمور ، وأعطاهم شيئاً من التصرف. أليس هذا عين ما يقوله عباد القبور اليوم حين ينسبون لأوليائهم نفعاً وضراً ، بل حين يخوفوننا بطشهم وهم تحت الثرى ؟!!
    فاذا قلنا عن هؤلاء حين يخوفوننا بالولي الفلاني : انهم يعتقدون فيه نفعاً وضراً هب المدافعون عنهم المتشدقون هنا فقالوا : انه تفويض من الله واقدار من الله وليس استقلالاً.
    فثبت أن هذه الصورة موجودة تتكرر من أناس يؤمنون بأن الله هو الخالق والرازق والمدبر. وقد حكى القرآن عن عبدة الأصنام ( ويخوفونك بالذين من دونه ) وهو من جنس الكلام السابق ، مع يقينهم واعترافهم بأن كل حول وطول لآلهتهم مملوك لله ( تملكه وما ملك ). انتهى كلامه.
    ويرد عليه :
    أولا ، أنه خلط بين أصناف متعددين من المشركين ذكرهم الله تعالى في القرآن ، وحمل كلام بعضهم لبعضهم الآخر !!
    وثانيا ، لو صح كلامه وكان أولئك المشركين يجعلون التأثير الذاتي كله لله تعالى ويعتقدون بأن تأثير شركائهم المزعومين تأثير مجعول من الله تعالى واقدار منه على النفع والضر باذنه .. فإن عبادتهم لهم تبقى اشراكاً لهم في عطاء الله تعالى وفعله بدون دليل من الله ولا سلطان !

    أما المتوسلون بالأنبياء والأولياء فعندهم من الله دليل وسلطان ، لأنه أذن لهم بذلك .. وإذا صدر منه الإذن صار اسم العمل توسلاً مشروعاً ، ولم يعد اسمه شركاً !! وإلا لكان ما علمه النبي 9لذلك الأعمى شركاً صريحاً ، والعياذ بالله !!
    ثم قال الفاتح :
    الشبهة الثانية
    استدلالهم بقوله تعالى ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) الأنعام ـ 108 ، قال المالكي : في مفاهيمه :
    وإذا غضبوا قابلوا المسلمين بالمثل ، فيسبون الله تعالى غيرة على تلك الأحجار التي كانوا يعبدونها يعتقدون أنها تنفع وتضر ) فيرمون الله بالنقائص. وهذا واضح جدا في أن الله تعالى أقل منزلة في نفوسهم من تلك الاحجار التي كانوا يعبدونها. ولو كانوا يعتقدون حقا أن الله تعالى هو الخالق وحده ، وأن أصنامهم لا تخلق ، لكان على الأقل احترامهم له تعالى فوق احترامهم لتلك الاحجار ) انتهى.
    قلت : أما يستحي هذا الرجل من كتابة هذا الكذب والهراء ؟!!! يا ويح من قرظ له هذا الإفك. فهلا نقلت هذا الاستنباط عن أحد قبلك من أهل العلم ؟
    الجواب : سؤال : إذا قمت بنصيحة أحد الفجرة اليوم فقام بسبك وسب ربك ، كما يحدث في بعض بلدان المسلمين ، فهل يعني هذا أنه لا يعترف بربوبية الله ؟ وهل يعني هذا أنه يثبت خالقا غير الله ؟ أم أن الأمر مرده للحمية والغيظ ؟ واليك كلام العلماء :
    قال ابن الجوزي ( 3/102 ) : ( فيسبوا الله ) أي : فيسبوا من أمركم بعيبها ، فيعود ذلك الى الله تعالى ، لا أنهم كانوا يصرحون بسب الله تعالى ، لانهم كانوا يقرون أنه خالقهم ، وإن أشركوا به. انتهى.
    وقال الرازي 13/ 139 :
    أقول : لي هنا اشكالان : ... الثاني : أن الكفار كانوا مقرين بالإلَه تعالى وكانوا

    يقولون : انما حسنت عبادة الأصنام لتصير شفعاء لهم عند الله تعالى ، وإذا كان كذلك : فكيف يعقل اقدامهم على شتم الله تعالى وسبه ؟
    الى أن قال : واعلم أنا قد دللنا على أن القوم كانوا مقرين بوجود الإلَه تعالى فاستحال إقدامهم على شتم الإلَه ، بل هنا احتمالات :
    أحدها : أنه ربما كان بعضهم قائلا بالدهر ، ونفى الصانع فما كان يبالي بهذا النوع من السفاهة.
    وثانيها : أن الصحابة متى شتموا الأصنام ، فهم كانوا يشتمون الرسول عليه الصلاة والسلام ، فالله تعالى أجرى شتم الرسول مجرى شتم الله تعالى كما في قوله ( إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله ) وكقوله ( إن الذين يؤذون الله ).
    وثالثها : انه ربما كان في جهالهم من كان يعتقد أن شيطانا يحمله على ادعاءالنبوة والرسالة ، ثم انه لجهله كان يسمي ذلك الشيطان بأنه الَه محمد ، عليه الصلاة والسلام ، فكان يشتم الَه محمد ، بناء على هذا التأويل.انتهى.
    وكلام الرازي هذا نقله أبو حيان في تفسيره البحر المحيط ، وعقب عليه بقوله : وهذه احتمالات مخالفة للظاهر ، وانما أوردها لأنه ذكر أن المعترفين بوجود الصانع لا يجسرون أن يقدموا على سبه تعالى ، وقد ذكرنا ما يحمل على حمل الكلام على ظاهره. انتهى.
    قال أبو حيان : فيسبوا الله ، أنهم يقدمون على سب الله إذا سب آلهتهم وإن كانوا معترفين بالله تعالى لكن يحملهم على ذلك انتصارهم لآلهتهم وشدة غيظهم لأجلها ، فيخرجون عن الاعتدال الى ما ينافي العقل ، كما يقع من بعض المسلمين إذا اشتد غضبه وانحرف ، فانه قد يلفظ بما يؤدي الى الكفر ، نعوذ بالله من ذلك. انتهى.
    وبمثل هذا التوجيه قال الآلوسي في تفسيره روح المعاني : 7 / 251 ...
    وقال الراغب : إن سبهم لله تعالى ليس أنهم يسبونه جل شأنه صريحاً ، ولكن يخوضون في ذكره تعالى ويتمادون في ذلك بالمجادلة ، ويزدادون في وصفه

    سبحانه بما ينزه تقدس اسمه عنه. وقد يجعل الإصرار على الكفر والعناد سباً ، وهو سب فعلي ، قال الشاعر :
    وما كان ذنب بني مالك
    بأن سب منهم غلام فسب

    بأبيض ذي شطب قاطع
    يقد العظام ويبري العصب

    ونبه به على ما قال الآخر : ونشتم بالأفعال لا بالتكلم.
    وقيل : المراد بسب الله تعالى :
    سب الرسول صلى الله عليه وسلم ونظير ذلك من وجه قوله تعالى ( إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله ) الآية. انتهى كلام الآلوسي.
    والحاصل من هذه الأجوبة أنه ليس أحد يذهب الى ما ذهب اليه المالكي.
    وها أنت ترى أنهم يجعلون الحقائق السابقة من اقرار المشركين أصلا يردون اليه ما عداه ويبحثون عن تأويله ، على عكس ما يحاول المالكي.
    وبعد ... إلا تعجب معي من هذه الشهادات والتزكيات التي يحملها المالكي ، وهو يرضى لنفسه بترديد الشبه التي يسوقها النبهاني والقضاعي والدجوي ودحلان ، دون أثارة من علم صحيح ؟!! انتهى.
    ويرد عليه ما أوردناه على شبهته الأولى ، من أن ذلك لو تم لكان قياس التوسل على عبادة المشركين قياساً مع الفارق في طبيعتهما ، وفي نزول سلطان من الله في التوسل دون الشرك !
    الشبهة الثالثة :
    استدلال المالكي بقول أبي سفيان يوم أحد ( أعل هبل ) فهم المالكي منه مايلي :
    ينادي صنمهم المسمى بهبل أن يعلو في تلك الشدة رب السموات والأرض ويقهره ، ليغلب هو وجيشه جيش المؤمنين الذي يريد أن يغلب آلهتهم.
    هذا مقدار ما كان عليه أولئك المشركون مع تلك الأوثان ، ومع الله رب العالمين

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:34


    فليعرف حق المعرفة فإن كثيراً من الناس لا يفهمونه كذلك ، ويبنون عليه ما يبنون. انتهى كلام المالكي.
    قلت : ليته تكرم بنقل واحد عن أهل العلم حتى لا يساء به الظن ، لكن ما أجرأه وما أجهله .... يا ويح من قرظ له !
    وقد روي البخاري في الصحيح 4043 ما جرى مع أبي سفيان :
    وأشرف أبو سفيان فقال : أفي القوم محمد ؟. فقال : لا تجيبوه. فقال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟
    قال : لا تجيبوه. فقال : أفي القوم ابن الخطاب ؟
    فقال : إن هؤلاء قتلوا ، فلو كانوا أحياء لأجابوا.
    فلم يملك عمر نفسه فقال : كذبت يا عدو الله ، أبقى الله عليك ما يخزيك.
    قال أبو سفيان : أعل هبل.
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجيبوه. قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا الله أعلى وأجل.
    قال أبو سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم.
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجيبوه. قالوا ما نقول : قال : قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم.
    قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال. انتهى.
    قال الحافظ في الفتح 7/408 :
    قوله ( أعل هبل ) في رواية زهير ( ثم أخذ يرتجز : أعل هبل ) قال ابن اسحاق : معنى قوله : أعل هبل. أي : ظهر دينك.
    وقال السهيلي : معناه : زاد علوا. انتهى من الفتح.
    والذي في الروض الأنف للسهيلي : زد علوا ، 3 / 179
    فقول ابن اسحاق : أي ظهر دينك. هو المعنى الذي لا ينبغي العدول عنه ، لا ما

    توهمه المالكي ، مما يخالف الحقائق اليقينية السابقة.
    ويزيد الأمر وضوحا أن أبا سفيان لم يجد ردا على قول المسلمين : الله أعلى وأجل فانتقل الى أمر آخر ، وهو انقطاع منه ظاهر !!
    وهاهو أبو سفيان يقول لقومه بصريح العبارة حين نجت العير : انكم انما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم فقد نجاها الله فارجعوا. البداية والنهاية 3 / 281 ، نجاها الله لا هبل ، فافهم.
    بل هذا عدو الله أبو جهل يقول قبيل بدر كما يروي الإمام أحمد والنسائي والحاكم وصححه ، عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال : حين التقى القوم :
    اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداه. انتهى. البداية والنهاية 3 / 299.
    وهذا هو معنى قوله تعالى ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين ) الأنفال ـ 19
    قال مجاهد كما في رواية ابن جرير : إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ، قال : كفار قريش في قولهم : ربنا افتح بيننا وبين محمد وأصحابه ، ففتح بينهم يوم بدر. اهـ.
    وقال السدي : كان المشركون حين خرجوا الى النبي صلى الله عليه وسلم من مكة أخذوا بأستار الكعبة ، واستنصروا الله وقالوا : اللهم انصر أعز الجندين وأكرم الفئتين وخير القبيلتين ، فقال الله : إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ، يقول : نصر ت ما قلتم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم. رواه ابن جرير.
    يستنصرون الله ، لا الأولياء والصالحين !!!! فهل هؤلاء منكرون ربوبية الله ؟! وقال أبو جهل أيضاً في بدر :
    فلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد. البداية والنهاية 3 / 286. فاعتبروا يا أولي الابصار. انتهى.

    ويرد عليه :
    أولا ، أنه مهما ادعى لأبي سفيان ومشركي قريش الايمان بالله تعالى ، فإن ماثبت عنه من قوله ( أعل هبل ) يدل على أنه برأيه هو الله أو أنه أهم عنده من الله !! وهذا يوجب الشك في أن كلمة الله منه قد تعني هبلا ، ولا تعني رب العالمين سبحانه !!
    وثانيا ، لو تم ما أراده من اثبات ايمان مشركي قريش بالله تعالى أكثر من هبل ، فإن اتخاذهم هبلاً واللات والعزى لتقربهم الى الله زلفى كما زعموا ، كانت اشراكا لها مع الله تعالى ، اما في التأثير الذاتي ، أو التأثير باقدار الله .. وكله بدون سلطان من الله تعالى !
    فكيف يقاس ذلك بالتوسل برسول الله وآله صلى الله عليهم ، الذي دل عليه الدليل وكزل فيه السلطان ؟!!
    الشبهة الرابعة :
    استدلال القبورية بقوله تعالى ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا. الفرقان ـ 60 ، قالوا : فهل يكون صاحب هذا الكلام موحدا معترفا بالربوبية ؟!
    والجواب : قال الطبري :
    وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف الرحمن ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا انكاراً منهم لهذا الإسم. كأنه كان محالاً عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو كأنه لم يتل من كتاب الله قول الله : الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ، يعني محمداً ، كما يعرفون أبناءهم ، وهم مع ذلك به مكذبون ولنبوته جاحدون.
    فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته واستحكمت لديهم معرفته. وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء :

    ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينها
    وقال سلامة بن جندل الطهوي :
    عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشاء الرحمن يعقد ويطلق .. انتهى.
    ونسيت الموضع الذي نقلته منه من التفسير.
    وقال ابن جرير في تفسير آية الفرقان :
    وذكر بعضهم أن مسيلمة كان يدعى الرحمن فما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : اسجدوا للرحمن قالوا : أنسجد لما يأمرنا رحمن اليمامة ؟ يعنون مسيلمة بالسجود له..
    وقال أبو السعود في تفسيره :
    ( قالوا وما الرحمن ) قالوه لما أنهم ما كانوا يطلقونه على الله تعالى ، أو لانهم ظنوا أن المراد به غيره تعالى ، ولذلك قالوا ( أنسجد لما تأمرنا ) أي للذي تأمرنا بسجوده ، أو لأمرك إيانا ، من غير أن نعرف أن المسجود ماذا.
    وقيل : لأنه كان معربا لم يسمعوه. انتهى.
    وقال الزمخشري :
    وما الرحمن. يجوز أن يكون سؤالاً عن المسمى به ، لانهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم والسؤال عن المجهول بما.
    ويجوز أن يكون سؤالا عن معناه ، لأنه لم يكن مستعملاً في كلامهم كما استعمل الرحيم والرحوم والراحم. أو لأنهم أنكروا اطلاقه على الله تعالى ...
    قلت : حين امتنع سهيل بن عمرو يوم الحديبية من كتابة اسم الله الرحمن ، ماذا كتب؟ هل كتب : باسم هبل ؟!
    روي البخاري في صحيحه : فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم. قال سهيل : أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب.

    فقال المسلمون والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم.
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب باسمك اللهم. انظر البخاري ـ كتاب الشروط ـ باب الشروط في الجهاد. ولا يغيبن عن ذهنك ما أشرت اليه سابقاً من اعتماد أهل العلم على الحقائق القرآنية السابقة ، وفهم سائر النصوص في ضوئها لو فرض اشكال. فكيف ولا اشكال ؟!
    ولله الحمد ، فانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. انتهى كلام الفاتح.
    ولو صح لورد عليه ماورد على شبهاته السابقة.
    ثم كتب المدعو محمد الفاتح :
    سبق بيان حال المشركين عبدة الأصنام ، وصحة اقرارهم لله بالخلق والرزق والاحياء والاماتة ، وأن شركهم لم يكن باعتقاد وجود الهين متساويين ، أو اعتقاد النفع والضر في هذه الأصنام ، وانما كان بعبادة هذه الأصنام أملاً في شفاعتها ولنيل القربى والزلفى عند الله.
    مع اعتقادهم أنها مملوكة مربوبة لله لا تنفع ولا تضر استقلالاً ، وما هي إلا صور للصالحين من الأنبياء والعلماء والزهاد أو الملائكة ، كما سبق مفصلا في الحلقتين الماضيتين.
    ولا يخفى أن عباد القبور ينكرون هذه الحقائق ، ويلبسون على العامة والخاصة مدعين أنه ما أشرك أولئك إلا باعتقادهم الربوبية والنفع والضر في أصنامهم.
    ولا مانع أن أعيد نص كلام محمد علوي المالكي كاملا : قال في مفاهيمه التي يجب أن تصحح ، بل أن تنسف من الاصل ص 95 ، تحت عنوان الواسطة الشركية ، بعد ذكر قوله تعالى : ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى :
    والاستدلال بهذه الآية في غير محله ، وذلك لأن هذه الآية الكريمة صريحة في الانكار على المشركين عبادتهم للأصنام ، واتخاذها آلهة من دونه تعالى ، واشراكهم اياها في دعوى الربوبية.

    على أن عبادتهم لها تقربهم الى الله زلفى ، فكفرهم واشراكهم من حيث عبادتهم لها ، ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله.
    وهنا مهمة لا بد من بيانها وهي أن هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما يحكي ربنا عنهم من قوله مسوغين عبادة الأصنام : ما نعبدهم إلا ليقربونا الي الله زلفى ، فانهم لو كانوا صادقين في ذلك لكان الله أجل عندهم من تلك الأصنام فلم يعبدوا غيره .. انتهى.
    وقد مضى كلام أهل العلم الذي لا يدع مجالاً للشك ، في هذه الحقيقة التي يثلتها القرآن. ولا أدري من سلف هذا المالكي ؟!!
    قلت : لعله استفاد هذا التحقيق عن طريق الكشف !!!
    وقال ص 96 : ( وقل ذلك أيضاً في قوله تعالى ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) فانهم لو كانوا يعتقدون حقا أن الله تعالى الخالق وحده وأن أصنامهم لا تخلق ، لكانت عبادتهم لله وحده دونها ) ويفهم منه أن المشركين لم يعتقدوا حقاأن الله الخالق !!!!! وأنهم اعتقدوا أن الأصنام تخلق !!!!! انتهى.
    وهذا أيضاً ربما جاءه من العلم اللدني الذي حرمه المفسرون والعلماء الأكابر ممن سبق ذكرهم.
    فانظر الى هذا الضلال البين والمخالفة الصريحة لما ثبت بالوحي ( اشراكهم اياها في دعوى الربوبية ... اعتقادهم أنها أرباب من دون الله ... ما كانوا جادين ... أصنامهم تخلق )
    الشبهة الخامسة :
    استدلالهم بقوله تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) التوبة
    والجواب : أنظر ما نشر في الحلقة الثالثة عن شرك الطاعة لتعلم أن المراد بالرب : المطاع في التحليل والتحريم ، وأن أحدا من المذكورين لم يعتقد في أحباره خلقاً ولا رزقا.
    ومثله قوله تعالى ( أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) يوسف.

    الشبهة السادسة :
    استدلال المالكي بقوله تعالى ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل الى الله وما كان لله فهو يصل الى شركائهم ساء ما يحكمون ). الأنعام
    قال المالكي : فلولا أن الله تعالى أقل في نفوسهم من تلك الحجارة ما رجحوها عليه هذا الترجيح الذي تحكيه الآية واستحقوا عليه حكم الله عليهم بقوله ( ساء ما يحكمون ) انتهى. المفاهيم 96.
    الجواب : مشكلة المالكي أنه مولع بالتفرد والشذوذ والتقليد لاسلافه من القبورية!! ولما كان مكذبا لما حكاه القرآن ( ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى ) قال هذا الكلام الساقط ( الله تعالى أقل في نفوسهم من تلك الأحجار ) !!!!
    كيف والأحجار ومن تمثلهم ماهم إلا وسطاء الى الله الكبير المتعال ؟! صدق الله ، وكذب المالكي.
    وغاية ما في تصرف المشركين هذا أنهم كانوا ينذرون لله ولشركائهم ثم يجورون في القضية ، فلا يصل الى الله شيء ، وحجتهم أن الله غني عن هذا ، وليس كما يدعي المالكي أن الله أقل في نفوسهم من الأحجار.
    نعم محبة المشركين لأوثانهم ، بل ومساواتهم لها مع الله في المحبة أمر معروف ، بل منهم ومن سائر عباد القبور والأصنام من يؤثرهم على محبة الله.
    لكن جعل ذلك دليلاً على عدم اقرارهم واعترافهم بربوبية الله من الإفك المبين ...
    وروي ابن جرير عن ابن عباس :
    وذلك أن أعداء الله كانوا إذا احترثوا حرثا أو كانت لهم ثمرة جعلوا لله منها جزءاً وللوثن جزءاً ، فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه. فإن سقط منه شيء فيما سمي لله ردوه الى ما جعلوا للوثن.
    وإن سبقهم الماء الى الذي جعلوه للوثن فسقى شيئاً جعلوه لله جعلوا ذلك

    للوثن! وإن سقط شيء من الحرث والثمرة التي جعلوا لله فاختلط بالذي جعلوا للوثن قالوا : هذا فقير ولم يردوه الى ما جعلوا لله.
    وإن سبقهم الماء الذي جعلوا لله فسقى ما سمي للوثن ، تركوه للوثن. فتأمل تعليلهم بغنى الله وبفقر الأوثان.
    وهذا من ضلالاتهم وسخافاتهم ولا شك ! لكن أين ما فهمه المالكي أو افتراه ؟!!
    ومهما يكن من أمر فهم معترفون بالله وينذرون له ، ويقرون بربوبيته وبأنه غني. وهذا ما ينكره المالكي !
    أقول هذا تعليقا على كلمة « آثارهم » فليست القضية الآن في المساواة أو التفضيل في المحبة ، وانما القضية : هل هم مؤمنون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المتصرف ؟
    قلت : وقد رأيت من هو فقير معدم بخيل شحيح ، لا يكاد يعرف الصدقة لله ، لكنه حريص على الذهاب بالشاة ونحوها الى قبور الصالحين. فأي حب وايثار فوق هذا ؟؟!! بل الأمر أعظم من ذلك ، فقد شافهني أحدهم بأنه يخشى أن تموت جميع أنعامه إن لم يفعل ذلك!
    فلا حول ولا قوة إلا بالله. فهل هؤلاء ينكرون خالقية الله وربوبيته أم عبدوا معه غيره!! ساء ما حكم به المالكي. انتهى.
    وجوابه :
    إن هؤلاء المشركين إن صح فيهم ما تقول من توحيدهم لله تعالى ! فإن شركهم لأصنامهم لم يكن فيه برهان من الله ولا سلطان !!
    فكيف يقاس به توسل المتوسلين بالنبي وآله الطاهرين ، الذي دل عليه الدليل وأنزل الله فيه البرهان والسلطان ؟!!
    ان الكفار والمشركين اتخذوا آلهة وأولياء من دون الله تعالى.
    والضالون اتخذوا اليه وسيلة من دونه ، لم يأمر بها ولم ينزل بها سلطانا ..

    أما نحن فنوحده ونطيعه ونبتغي اليه الوسيلة التي أمرنا بها وهي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم.
    والذين ينتقدوننا لم يفرقوا في موضوع التوسل والشفاعة بين ما هو من الله تعالى وما هو من دونه !!
    وفي الفرق بينهما يكمن الكفر والايمان والهدى الضلال !!
    وهل تقولون أن النبي 9عندما علم الأعمى أن يقول ( يا محمد إني توجهت بك الى الله ) كان يعلمه الشرك والعياذ بالله ؟!! فماذا تفترون ؟!!
    نماذج من كتاب وزير الأوقاف السعودي ردا على كتاب المالكي :
    للسيد محمد علوي المالكي كتاب باسم ( مفاهيم يجب أن تصحح ) وقد نشر المدعو أبو محمد التميمي في شبكة الساحة العربية ، رداً عليه أخذه من كتاب ( هذه مفاهيمنا ) للشيخ صالح آل الشيخ ، وزير الأوقاف السعودي ..
    وهو رد ضعيف لأنه اعتمد فيها على الاستحسانات العقلية والظنية ، وحاول تطبيق آيات المشركين على المتوسلين ! مع أن المشركين اتخذوا شركاء أو وسائل من دون الله تعالى ، بينما اعتمد المتوسلون على حجة شرعية من الله ورسوله صلى الله عليه وآله .. ولكن وزير الاوقاف أصر على عدم التفريق بين ماهو من دون الله وما هو من عند الله تعالى !!!
    قال الوزير : الباب الأول ، قال ص 45 : ( يقصد المالكي في كتابه المذكور ) : الوسيلة : كل ما جعله الله سبباً في الزلفى عنده ، ووصلة الى قضاء الحوائج منه. والمدار فيها على أن يكون للوسيلة قدر وحرمة عند المتوسل اليه. اهـ.
    أقول : كلامه حوى جملتين الأولى من الحق والثانية فيها اجمال به يتوصل الى ما نهى الله عنه ، ولم يجعله وسيلة. فقوله : والمدار فيها .. الخ ! مجمل يمكن تفسيره على أحد وجهين :
    الأول : أن يدخل في ذلك ذوات الأنبياء والصالحين باعتبار أن لهم من المنزلة

    والزلفى عند الله ما يجل عن الوصف.
    فإن كان هذا معنيا فالله سبحانه وتعالى لم يجعل ذوات الأنبياء والصالحين أو جاههم أو حرمتهم وسيلة اليه ، ولا سببا للزلفى لديه.
    وإنما جعل الوسيلة اليه هو اتباعهم وتصديق ما أخبروا به ، واتباع النور الذي جاءوا به ، والجهاد من أجل تقريره وتثبيته بين الخلق.
    فهذا من الوسائل المشروعة التي يشرع للداعي بمسألة أن يقدمها بين يدي مسألته ، ولا يصح للداعي دعاء عبادة دعاؤه إلا باتباعهم وتصديقهم.
    فهذا من الوسائل المشروعة التي أمر الله بها وشرعها.
    وأما الأنبياء والصالحون فليس من المشروع التوسل بذواتهم ولا جاههم ولا حرمتهم كما سيأتي بيانه.
    وانما يشرع التوسل بدعائهم في حياتهم كما كان يفعله المسلمون زمنه صلى الله عليه وسلم وبعده من طلب الدعاء في الاستسقاء وغيره.
    وأما بعد مماتهم فليس التوسل بدعائهم ولا ذواتهم مشروعا باجماع القرون المفضلة. انتهى كلامه.
    ولكن أين دليل الوزير على ما أفتى به وقال ( يشرع ولا يشرع في التوسل ) ؟!!
    انه فقط ظن عقله واستحسان ذوقه !! فهل يريدنا أن نأخذ الدين من عقله وظنه ؟!!
    ثم قال الوزير :
    الثاني : أن تكون الوسائل من الأعمال ونحوها مشروعة ، لم تتبع فيها سبل المبتدعة وانما اتبع فيها السنة وهذا حق.
    والكاتب أجمل ليدخل الوسيلة المبتدعة في خلال كلمات الحق ، وقد بينا ما فيها. وما كان ينبغي له ذلك ، وهو يفسر آية من كتاب الله.
    وفي الوسيلة قولان ذكرهما أهل التفسير وقربهما ابن الجوزي في زاد المسير 2348 قال : أحدهما : أنه القربة ، قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد والفراء. وقال قتادة :

    تقربوا اليه بما يرضيه. قال أبو عبيدة : يقال توسلت اليه أي تقربت اليه. وأنشد :
    إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا وعاد التصافي بيننا والوسائل
    الثاني : المحبة يقول : تحببوا الى الله. هذا قول ابن زيد ) اهـ.
    وفي أسئلة نافع بن الازرق لابن عباس : أخبرني عن قوله تعالى : ( وابتغوا اليه الوسيلة ) قال : الوسيلة الحاجة.
    قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟
    قال : نعم ، أما سمعت عنترة وهو يقول :
    ان الـرجال لهم اليك وسيلة
    أن يأخذوك تكحلي وتخضبي

    وفي المادة شواهد غير ما ذكر.
    فالوسيلة : التقرب الى الله بأنواع القرب والطاعات ، وأعلاها اخلاص الدين له والتقرب اليه بمحبته ومحبة رسوله ومحبة دينه ومحبة من شرع حبه ، بهذا يجمع ما قاله السلف. وقولهم من اختلاف التنوع.
    وتأمل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ) ففي تقديم الجار والمجرور ( اليه ) افادة اختصاص الوسائل بالله ، لا يشركه معه فيها أحد. كما في ( اياك نعبد واياك نستعين ).
    قال العلامة الشنقيطي ; في تفسيره 298 :
    التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب اليه عامة العلماء من أنها التقرب الى الله تعالى بالاخلاص له في العبادة على وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وتفسير ابن عباس داخل في هذا ، لأن دعاء الله والابتهال اليه في طلب الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة الى نيل رضاه ورحمته.
    وبهذا التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهال المدعين للتصوف من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين ، وتلاعب بكتاب الله تعالى.

    واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار كما صرح به تعالى في قوله عنهم ( ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى )
    وقوله ( ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ).
    فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الطريقة الموصلة الى رضا الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل.
    ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ) الآية. انتهى كلامه.
    وبالله عليك أي تحقيق حققه الوزير حتى يقول عنه ( وبهذا التحقيق ) ؟!!
    ولماذا حشر الآيات الثلاث التي لا دخل لها في الموضوع ؟!!
    فإن الموضوع أن الاستشفاع والتوسل بالنبي 9 : في حياته وبعد وفاته ، أمر مشروع في الإسلام ، فهو استشفاع من عند الله وليس من دونه !!
    فعليه أن ينظر في أدلة الطرف من آية وحديث ويتكلم في دلالته وسنده ، فإن لم تتم دلالته يمكنه أن يقول : هذا الاستشفاع والتوسل غير مشروع ، فهو في رأيي استشفاع من دون الله تعالى ، ومن يتشبث به مع علمه ببطلان دليله فهو يشبه الذين اتخذوا شفعاء من دون الله.
    وهو مسألة فقهية عند أكثر المسلمين ، لكنه عند ابن تيمية وعندي مسألة عقيدية ، والمتوسل بالنبي بعد مماته بدون حجة مشرك !
    هذا غاية مايمكن له أن يقوله .. ولكنه ترك أسلوب البحث الطبيعي ، وأخذ يصدر القرارات الوزارية ، وكأنه وزير دفاع لا أوقاف !!
    ثم قال الوزير :
    قال الكاتب ص 43 : إن التوسل ليس أمرا لازماً أو ضرورياً وليست الاجابة متوقفة عليه ، بل الأصل دعاء الله تعالى مطلقا ، كما قال تعالى : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب .. انتهى.

    أقول : إذا كان الاصل هو دعاء الله تعالى بلا واسطة ، فلم العدول عن الأصل الى غيره ولا يخفى أن غير الأصل لا يتمسك به إلا من عدم الأصل ، والله جل جلاله حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ، يحب أن يدعوه عبده وأن يرجوه وأن يخافه وأن يتوسل اليه بأسمائه وصفاته.
    فإذا كان هذا لا ينقطع عن مسلم في أي بقعة كان ، وهو الأصل الأصيل ، فلم العدول عنه والتنكب له ؟! أفتعدل الى طريق هي أهدى ؟
    تقول : إن التوسل الذي ننكره وهو التوسل بالذوات وعمل غير الداعي ونحوها ، ليس الأصل بل الأصل معكم وأنتم حقيقون بالأصل.
    تقر لنا بالهداية والإتباع ، وترغب في مخالفة الأصل دون دليل صحيح.
    أما في الأصل لك كفاية ؟ أما في دعاء الله وحده بلا واسطة لك مقنع ؟
    إذا كان الحي القيوم الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء يحب أن يدعوه عبده كل حين : دعاء عبادة أو دعاء مسألة ، وهو الذي يقول : وإذا سألك عبادي عني فإن قريب ) إذا كان كذلك ، فلم العدول الى الأموات تتوسل بذواتهم أو جاههم أو حرمتهم ، وغيرها من الألفاظ البدعية ؟
    لم لا يعلم المسلمون دعاء الله وحده ، فتخلص قلوبهم من الالتفات الى غيره في دفع كربة أو رفع بلاء أو جلب نفع ؟
    علموهم هذا ولا تعلقوا قلوبهم بغير الله فيتخذوهم أندادا ، فيذهب ذكرهم لربهم وحده ، وحبهم له وحده ، إذ نفعهم معلق في أذهانهم بوسائط.
    ان من انفتح عليهم باب البدعة في التوسل ألقي بهم ولو بعد حين الى دائرة الاشراك ، إذ هو طريقه وسبيله ، ومنه يتدرج الى دعاء الأموات أنفسهم أو سؤالهم الشفاعة أو الإغاثة أو الإعانة.
    وكل هذه صرح كاتب المفاهيم بتجويزها في مواضع من كتابه ، كما سيأتي في مباحث الشفاعة.

    وكل ذلك من سيئات ترك الأصول المتفق عليها ، واتباع المتشابهات المنهي عنها. انتهى كلام الوزير.
    وكلام المالكي واضح وغرضه منه نفي تهمة أنه يقول بوجوب التوسل في الدعاء ، بل الاصل دعاء الله مطلقا ، كما أن التوسل في الدعاء جائز ولا بأس به.
    وقد فسر الوزير قوله أن الاصل هو الدعاء مطلقا ، تفسيراً سيئاً فجعل الأصل بمعنى القاعدة وجعل التوسل شذوذاً عن القاعدة !
    ثم جعل الأصل بمعنى أن غير المتوسلين مهتدون ، والمتوسلين ابتعدوا عن الهداية ، أو ضلا !! وهو أسلوب سياسي وليس علمياً !
    وقد بنى عليه الوزير بناءات وفرع تفريعات لنصرة رأيه ، بغير حق !
    فموضوع البحث هو مشروعية التوسل الى الله برسوله وغيره ، فإن كان غير مشروع فلا يكون أصلاً ولا فرعاً ، وإن كان مشروعاً يأتي البحث بعد ذلك : هل الأصل في الدعاء أن يكون بطريقة التوسل بالنبي ، أم لا ؟
    وهو موضوع آخر نخالف فيه المالكي ونقول :
    لا أصل لهذا الأصل المتوهم في الدعاء ! ولا يوجد في الإسلام دعاء مقبول بدون توسل بالنبي وآله صلى الله عليهم !
    فقد روينا عن أئمتنا ، ورروا عن عمر وغيره أن الدعاء الذي ليس معه صلاة على النبي 9 : لا يقبله الله تعالى !!
    بل رووا وروينا أن صلاة المسلم لا تقبل إلا بهذا التوسل !!
    ومهما فكرنا في الصلاة على النبي 9التي أمرنا بها الإسلام في افتتاح الدعاء ، بل في افتتاح الصلاة وأثنائها وختامها .. لا نجدها إلا توسلا به وبآله 9!!
    قال القاضي ابن عياض في الشفاء : 2 / 64 :
    عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه

    ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بعد بما شاء ... وعن عمر بن الخطاب 2قال : الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض فلا يصعد الى الله منه شيء حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم.
    وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة / 139 :
    أخرج الدارقطني والبيهقي حديث : من صلى صلاة ولم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه. وكأن هذا الحديث هو مستند قول الشافعي 2 : إن الصلاة على الال من واجبات الصلاة كالصلاة عليه 9لكنه ضعيف ، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، والأمر للوجوب حقيقة على الأصح...
    وروى الطبري في الذخاير / 19 ، عن جابر 2 أنه كان يقول : لو صليت صلاة لم أصل فيها على محمد وعلى آل محمد ، ما رأيت أنها تقبل. انتهى.
    فهذه النصوص صريحة في أن الصلاة على النبي وآله وسيلة واجبة لقبول الصلاة والدعاء ! وأنهما بدونها لا يقبلان عند الله تعالى .. وأي قيمة لأطنان من العمل المردود ؟!!
    ثم قال الوزير : قال ص 44 :
    ومحل الخلاف في مسألة التوسل هو التوسل بغير عمل المتوسل كالتوسل بالذوات والأشخاص. بأن يقول اللهم إني أتوسل اليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، أو أتوسل اليك بأبي بكر الصديق أو بعمر بن الخطاب أو بعثمان أو بعلي رضي الله عنهم ).
    أقول : الواجب عند الاختلاف الرد الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفهم أصحابه الكرام رضي الله عنهم كما قال تعالى : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ).

    ومسألة التوسل بالذوات ، وكذا التوسل بأعمال من انقضى سعيهم ، لا خلاف عند السلف من الصحابة والتابعين أنها ليست من الدين ، ولا هي سائغة في الدعاء.
    وبرهان ذلك أنه لم ينقل عن واحد منهم بنقل صحيح مصدق أنه توسل بأحد الخلفاء الأربعة أو العشرة أو البدريين.
    والعمل على وفق ما فهموه هو المنجي كما فصل في السلف والسلفية من هذا الكتاب ، ومن ابتغى نهجاً جديداً فهو الخلفي ، وليس له حظ منهم.
    إذا تقرر هذا فالتوسل بالذوات ونحو ذلك ممنوع لا وجه :
    الأول : أنه بدعة لم تكن معروفة عند الصحابة والتابعين وكل بدعة ضلالة ، وليس على الله أكرم من الدعاء : وفي الحديث : الدعاء هو العبادة. أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما باسناد صحيح عن النعمان بن بشير.
    فاذا كان عبادة بل هو العبادة فاحداث أمر في العبادة مردود باتفاق العلماء. انتهى كلام الوزير.
    وجوابه : أن الحكم بأن التوسل بذات النبي 9بدعة مصادرة على المطلوب ، لأن القائل به يعتقد به بسبب ماثبت عنده من تعليم النبي 9للأعمى ، وتطبيق عثمان بن حنيف لذلك بعد وفاة النبي 9. فهل ماعلمه النبي وما فهمه الصحابة وطبقوه يكون بدعة واحداثا في الدين ؟!!
    ثم قال الوزير :
    الثاني : أن قول القائل : أتوسل بأبي بكر وعمر ... خطأ محض جره اليه سقم فهمه وكثافة ذهنه واعتقاده أن كل شيء توسل به يكون وسيلة ، وهذا غلط.
    فمن قال أتوسل بأبي بكر مثلاً فقد جمع بين ذاتين لا وسيلة ولا طريق توصل وتجمع أحدهما بالآخر ، فكأنما هذا القائل قد لفظ لفظاً لا معنى له بمنزلة من سرد الأحرف الهجائية ، إذ لا اتصال بين ذات المتوسل والمتوسل به حتى يجمع بينهما.
    فلا بد من جامع يتوسل به ، وهو حب الصحابة مثلا ، وهو من عمل المتوسل فإذا

    قال : أتوسل اليك رب بحبي لابي بكر أو بحبي لعمر أو بحبي لصحابة نبيك ، كان هذا حسنا مشروعا. وكذا أن قال : أتوسل اليك بتوقيري وتعزيري وحبي واتباعي لنبيك نبي الرحمة ، كان هذا من الوسائل النافعة.
    فلازم ذكر الايمان أو العمل الصالح الذي يصل بين ذاتين ، لا يجمع بينهما إلا بجامع. كما حكى الله عن عباده المؤمنين قولهم : ( ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ).
    وقوله ( ربنا اننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ).
    والآيات في هذا الباب كثيرة.
    فإذا كان خيرة الخلق الأنبياء والرسل وأتباعهم وحواريوهم لم يحيلوا على ما في قلوبهم ، بل قالوا بلسانهم ما حواه جنانهم ، وهم الذين لا يشك بما في قلوبهم أفلا يكون الخلوف الذين جاؤوا من بعدهم أولى وأحرى أن يفصحوا وأن يظهروا ، وأن لا يتحيلوا لفاسد قولهم بالمجاز العقلي ؟! انتهى كلام الوزير.
    وقد اعترف هنا بجواز التوسل بالعمل ، واعترف بأن الآيتين تضمنتا توسلا بالايمان واتباع الرسول !
    ويقال له : ما هو الفرق الفقهي بين التوسل بالعمل والتوسل بالذات ؟ ولماذا صار توسل المسلم بحبه لنبيه حلالاً وايماناً ، وتوسله بمقام نبيه شركاً وكفراً ؟!!
    إن كل الإشكالات التي أوردتها على التوسل والمتوسلين ترد عليه ! ونفس الأسئلة التي توجهونها الى المتوسلين بالنبي تتوجه على توسلكم بالعمل ! وما تجيبون به عن :
    ـ فهل تعتقدون أنه مؤثر في الإجابة مستقلاً أو بجعل الله التأثير فيه ؟
    فإن قلتم بتأثير العمل مستقلاً فقد جعلتموه شريكاً مع الله تعالى !!
    وإن قلتم أن الله جعل فيه التأثير ، فكذلك التوسل بمقامه 9!!

    ثم قال الوزير :
    الثالث : أن الصحابة فهموا من التوسل التوسل بالدعاء لا بالذوات ، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه توسل بدعاء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم. ومعاوية بن أبي سفيان توسل بدعاء يزيد بن الأسود.
    ولو كان التوسل بالذوات جائزا عندهم لاغناهم عن تكلف غيره ، ولتوسلوا بذات أكرم الخلق وأفضل البشر وأعظمهم عند الله قدرا ومنزلة ، فعدلوا عن ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجودة في القبر الى الأحياء ممن هم دونه منزلة ورتبة. فعلم أن المشروع ما فعلوه ، لا ما تركوه.
    قال الشهاب الآلوسي في روح المعاني : 6 / 113 : في الكلام على عدول الصحابة : وحاشاهم أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس الى التوسل بعمه العباس وهم يجدون أدنى مساغ لذلك. فعدولهم مع أنهم السابقون الأولون ، وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وبحقوق الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وما يشرع من الدعاء وما لا يشرع ، وهم في وقت ضرورة ومخمصة ، يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير ، وانزال الغيث بكل طريق : دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره. انتهى كلام الآلوسي والوزير.
    وجوابه : على مبناه في الصحابة ، فقد كتب ابن الصديق الغماري رسالة في أن ترك الصحابي لفعل لا يمكن أن يكون دليلاً على عدم مشروعيته.
    على أنه صح الحديث بأن ابن حنيف علم التوسل بالنبي 9لرجل في زمن عثمان ، فلا يصح القول أن أصحابة تركوه !
    أما لماذا لم يتوسل عمر بالنبي 9 : وتوسل بعمه العباس ؟
    فجوابه أن عمر لم يكن بلغه حديث عثمان بن حنيف ، وتعليم النبي للأعمى التوسل والتوجه به الى الله تعالى ، وأراد أن يظهر للمسلمين مقام العباس فتوسل به.
    أما على مبنانا في الصحابة ، فإن الذين عملهم حجة علينا من الصحابة انما هم

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:38

    أهل البيت الذين أمرنا النبي 9أن نتمسك بالقرآن وبهم من بعده ، في حديث الثقلين المتواتر .. وسماهم بأسمائهم ، وهم علي وفاطمة والحسنان الذين نزلت فيهم آية التطهير وحدد النبي مصطلح أهل بيته بهم بالاسماء وأدار عليهم الكساء ، وقال ( هؤلاء أهل بيتي ) كما صح حديثه عند الجميع.
    فعمل هؤلاء هو الحجة من الله تعالى ، أما غيرهم فلم يصح أن النبي جعلهم حجة ، وحديث ( كتاب الله وسنتي ) لم يثبت حتى عند السنيين ، وحديث ( أصحابي كالنجوم ) ثبت عند علمائهم أنه موضوع !
    وقد قرر أهل البيت : التوسل الى الله تعالى بنبيه بعد مماته ، كالتوسل به في حياته ، كما تراه في أحاديث التوسل من مصادرنا.
    ثم قال الوزير :
    الرابع : أن يقال تنزلا : لا يخلو التوسل بالذوات أن يكون أفضل من التوسل بأسماء الله وصفاته ، والأعمال الصالحة ، أو لا.
    فإن قيل : التوسل بالذوات أفضل ، فهو قول كفري باطل.
    وإن كان التوسل بأسماء الله وصفاته وبالأعمال الصالحة أفضل ، فلم ينافح عن المفضول وتترك نصرة الفاضل وتأييده ونشره وتعليمه للناس. انتهى كلامه.
    وجوابه : أولا ، إن موضوع البحث ليس الصيغة الأفضل والأقل فضلاً في الدعاء 7 فكلامه خارج عن الموضوع.
    وثانياً ، نقول إن التوسل بأسماء الله وصفاته أفضل ، ولكن مع ذلك نتوسل اليه بذات نبيه 9 : لأن نبينا وشفيعنا اليه.
    وثالثاً ، عرفت أن الله تعالى جعل الصلاة على نبيه 9شرطاً لقبول الدعاء ، وهذا معناه شرعية التوسل به 9 : ومعناه أن التوسل بأسمائه تعالى وحدها بدون ذكر نبيه غير مقبول عنده !! فماذا نصنع أيها الوزير إذا كان الله تعالى مصراً على ذكر نبيه في كل دعاء ندعوه؟!!

    نماذج من المداخلات والمناقشات الأخرى
    كتب المدعو أبو صالح مدافعاً عن السيد المالكي :
    الرواية بالحرف الواحد كما هي من الطريق الصحيح الذي ساقه البخاري التاريخ الكبير وابن أبي شيبة والبيهقي واللفظ لهما وصححها ابن حجر وابن كثير ( جاء رجل الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله استسق لامتك فانهم قد هلكوا ، فأتى الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر فأقرئه منى السلام وأخبرهم أنهم مسقون وقل له : عليك بالكيس الكيس فأتي الرجل ، فأخبر عمر ، فقال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه )
    فهذا اقرار من سيدنا عمر ومن الصحابة أجمعين على صحة فعل الرجل ومن يدعي غير ذلك فليثبت إن استطاع !!
    والشاهد من القصة ليس الرؤية المنامية كما قرر ذلك كثير من الأفاضل ، بل اتيان رجل ما الى القبر الشريف في زمن الصحابة وهم متوافرون ولا يضر كونه سيدنا بلال بن الحارث أو غيره إذ لا يعقل أن يسكت الصحابة ـ وعلى رأسهم الفاروق ـ على شرك أكبر يخرج من الملة ، فالاستدلال لا دخل له بالرجل الرائى بل باقرار سيدنا عمر والصحابة رضي الله عنهم لفعل الرجل.
    ـ وكتب المدعو هاشمي مدافعاً عن السيد المالكي :
    اللهم ثبتنا على الحق ، وجنبنا تكفير الخوارج...
    وبعد ، لقد كفر الفارس المكي السيد العلامة المالكي ، بل قد صار عنده يقين بأن سيدنا محمد المالكي في النار مع أبي جهل !!
    فقد قال راداً على الأخ موسى العلي ما يلي : أسأل الله العظيم أن يحشرك في زمرة محمد علوي الضال ، مبيح الشرك ، إمام المبتدعة ، مع أبي جهل وأبي لهب.
    ثم زكى نفسه ومدحها بقوله : ونحن باذن الله مع النبيين والشهداء والصالحين !! بل هو يلقب السيد بداعية الشرك !!

    وقد ناقشناه فاستكبر وعاند وأصر على هذا التكفير الخارجي المخزي !!
    وقد أيده على هذا التكفير أبو محمد التيمي ، وذلك المزروعي ، والمدعو شامس ، وعبد الله محمد ، والدوسري ، ومعهم المراقبون !!
    لذلك نحب من هؤلاء أن يفعلوا الشيء ذاته مع أئمة أهل السنة والجماعة فليس السيد العلامة بدعاً منهم !!
    ـ الإمام السلفي ابراهيم الحربي الذي يقول : قبر معروف الترياق المجرب ـ انظر ترجمته في السير وتاريخ بغداد.
    ـ التقية الصالحة السلفية رابعة العدوية ـ وهي زنديقة عند هؤلاء !
    ـ الإمام السلفي بشر الحافي الذي يقول : عندنا أم عندكم ـ يقصد الشريعة والحقيقة ـ أنظر تطاول صاحب ( هذه هي الصوفية ) على السلفي واستهزائه باللقب ( الحافي ) ـ الولي الصالح أبو يزيد البسطامي ـ أنظر ترجمته في السير.
    ـ الولي الصالح السيد عبد القادر الجيلاني الذي يقول : قدمي هذه على رقبة كل ولي.
    الإمام الخطيب البغدادي الذي ينقل أقوالهم في تاريخه ، ولم يعقب عليها بشيء.
    الحافظ ابن عساكر الذي يقول كما في تبيين كذب المفتري : ودفن ، يعني الاستاذ ابن فورك ، بالحيرة ومشهده اليوم ظاهر يستشفى به ويجاب الدعاء عنده.
    الإمام شيخ الإسلام تقي الدين السبكي وولده التاج.
    كفروا هؤلاء صراحة .. مع أني متيقن أنكم تكفرونهم !!
    ـ وكتب سيف المزروعي :
    الحمد لله الذي أظهر الحق وأناره ومحق الباطل وأباده .. وصلى الله على سيدنا محمد المحامي عن توحيد مولاه ، القائل ( انه لا يستغاث بي وانما يستغاث بالله ) الزاجر لمن الى ذرائع الشرك تعدى ...
    أما بعد يا هاشمي قرأت ردك علي وتعجبت منك ، ومن لفك ودورانك ، فقولي عن

    عيسى المانع بأنه زنديق حتى النخاع أمر لم ولن أتراجع عنه ، ليس هذا فقط بل هو مشرك مبتدع ضال مضل قبوري بائد ، أزله الله وفك أهل دبي من خرافاته وخزعبلاته.
    أما تكفيره لسماحة الشيخ العلامة فقيه نجد محمد العثيمين حفظه الله ، فهذا شيء الكل يعرفه ، والدليل طرده من دولة التوحيد رعاها الله ، بعد توزيعه الشريط الذي يتكلم فيه على الشيخ العثيمين.
    أما عن محمد علوي المالكي قد يذهب البعض الى تكفيره ، وقد تكون حجتهم في ذلك أنه تربى وتغذى على التوحيد ، ثم بسبب هوى في نفسه ترك التوحيد واتجه الى الاشراك بالله ومناجاة غيره ، ترك الإلتزام بالسنة واتجه الى احياء البدع التي لم يترك واحدة منها إلا التزم بها !!
    لذلك لم أرد عليهم لكن الذي أعرفه أن عامة السلفية لا يتجهون الى تكفيره وخروجه عن الملة ، لأنه لم ترد فتوى من علماء أهل السنة بذلك ، ولكنه بلا شك رجل فاسد وضال وأعماله كفرية لكن لا أكفره حتى أحصل على فتوى بذلك ، فحينئذ لن أتردد في تكفيره.
    أما عن الشيخ سفر الحوالي فالصراحة لم أقرأ له كتاب ولم أسمع له شريط ، ولا أعرف أسلوبه في الكتابة ، لم أعرفه إلا من الناس ، ولكني متأكد أن كلامه عن العلوي المالكي ذات قيمة علمية ، ونابعة من عقيدة التوحيد في جوفه ، وسأقرأ رسالته عن علوي المالكي بعون الله ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيء ( كذا ) ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ).
    وحق قول إمامنا مالك ; حين قال : من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن محمد صلى الله عليه وسلم خان الدين ، لأن الله تعالى يقول ( اليوم كملت ( كذا ) لكم دينكم ) فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم دينا. فلنحاكم العلوي وزبانيته أمثال المانع والخزرجي.

    وقال الإمام مالك ; ( لو أن العبد ارتكب الكبائر كلها دون الاشراك بالله شيئاً ، ثم نجا من هذه الأهواء لرجوت أن يكون في أعلى الفردوس ، لأن كل كبيرة بين العبد وربه هو منها على رجاء ، ولكل هوى ليس هو على رجاء انما يهوى بصاحبه في نار جهنم ).
    وصدق الشيخ محمد عبيد المهيري المالكي حين قال ( إن هؤلاء القبورية البائدة الذين ينسبون أنفسهم للمذهب المالكي زورا وبهتانا ، أشبه بالرجل الذي بال في زمزم فقيل له : لما فعلت ذلك ؟ فقال لتذكرني الناس ولو باللعنة !! لو اتبعوا سبيل التوحيد الخالص الذي جاء به محمد بن عبد الله عن ربه لكان أفضل لهم ، لكن ألا إن لعنة الله على الظالمين ).
    فأقول للهاشمي ما قاله سمير المالكي لابن عمه محمد العلوي المالكي : تذكر يوم العرض الاكبر ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) واعتبر ( يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر ) واعلم أنه لن ينفعك في ذلك الموقف العصيب جاه ولا منصب ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ، لكل امريء منهم شأن يغنيه ) ( وإن تدع مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ) ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفي كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون ) احذر أن تكون ممن قال الله فيهم ( وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ).
    وبعد فأسأل الله العلي العظيم بأسمائه وصفاته العلى أن ويهدينا وإياه وسائر عباده سبيل الرشاد ، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه..
    وكتب أبوصالح من مؤيدي السيد المالكي :
    شيء جيد أن تقارع الحجة بالحجة. هذه مفاهيمكم ومفاهيم يجب أن تصحح ، ولندع المسلم يقرأ ويحكم والانسان على نفسه بصيرة.
    أما أن يحجر على العقول فهذا مالا يرضاه أحد ، ولا يدل إلا على ضعف الخصم ، وخاصة أسلوب نشر رأي طرف ومنع الطرف الآخر ، كما فعل الذي حذف موضوع الهاشمي ـ الرد على محمد الفاتح ـ مع ابقاء مقالة الفاتح !!

    مع أني قرأت مقالة الهاشمي ولم أجد فيها إلا قال الله وقال رسوله 9 : فلا حول ولا قوة إلا بالله !!
    وكتب المدعو الفارس المكي :
    الى دعاة الشرك ( باسم التوسل ) بوهالك والهاشمي والمسيب. اسمعوا ما يقوله ابن أبي العزت سنة 792 هـ ، في شرح الطحاوية ص 81 : ( تارة يعتقدون أن هذه تماثيل قوم صالحين من الأنبياء ويتخذونهم شفعاء ( ويتوسلون بهم ) وهذا أصل شرك العرب ) اهـ.
    وقال رداً على المسمى ص 82 :
    وهؤلاء كانوا مقرين بالصانع وأنه ليس للعالم صانعان ، ولكن اتخذوا هؤلاء شفعاء كما أخبر تعالى ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى ) اهـ.
    وقال عن المتصوفة أمثالكم ( فلو أقر رجل بتوحيد الربوبية الذي يقر به هؤلاء النظار ويفني فيه كثير من أهل التصوف ويجعلونه غاية السالكين وهو مع ذلك لم يعبد الله وحده ويتبرأ من عبادة ما سواه كان مشركا من جنس أمثاله من المشركين ... أهـ.
    فأين أنتم يا أصحاب دعوة المشركين من هذا القول ؟؟ أم أنكم أنتم تفهمون التوحيد على طريقتكم ، وعلماء الأمة أجمع لم يفهموا التوحيد ، بل هم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم ( وهابيون ) !!...
    بصراحة الخلاف بيننا نحن السلفيون ( وقل عنا أن السلف منا براء ) وبينكم معاشر المبتدعة الصوفية القبورية مجددي عقيدة عمرو بن لحي ... أن الدعوة التي نتبناها هي لله وحده لا شريك له ، على منهج النبوة ، وأنتم دعوة فلسفية وثنية له فيها سبحانه شركاء في العبادة كما تدعون ( تعال الله عما تقولون علوا كبيرا ) ! وأريدك تزور شيخك الذي مامن لفظ تفخيم إلا ونسبتم اليه وقل له : لماذا كان يتفل على الكأس وشربه ثلاثة ، ثم أصبحوا يتداولونه بينهم وهو ( فارغ ) ويشربونه !!!! يشربون ماذا ؟؟

    وهذه الحادثة تضاف الى مخازيه ، وحدثت بعد وفاة والدته ... خرافات وبدع سلمنا الله منها ولله الحمد.
    وإن قال عنا المخالفون أننا ضعفاء في العلم خوارج لا نعلم من اللغة شيئاً ، دعوناه سبحانه وتعالى معتقدين أنه هو وحده المقصود بالعبادة لاشريك له ، والمخالفون يعتقدون أن الثيران والبقر والنمل والقبور وسائط !
    وقال شيخكم أن الواسطة هي بمثابة الجناح للطائر يرتقي بها الى السماء !! ( في شريط فديو ) لعلك تشتاق الى المشاركة في ذلك المحفل العظيم ! لا يفوتك ... والحمد لله رب العالمين .. ابن مكة شرفها الله
    وكتب المدعو سيد محمود كاساني مدافعا عن السيد المالكي :
    الأخ الذي سمى نفسه بابن الوادي تطاول في قمة سوء الأدب المعهود منه ومن على شاكلته على شيخ وعلامة ، نفعنا الله بعلمه ورفع الله درجاته.
    سوء الأدب والمحاورة معهود من أهل البادية منذ أيام سيدنا محمد حتى نزلت آيات تأمرهم بالتأدب معه.
    المرتدين كانوا من اليمامة ( يعني من ربع الأخ ابن الوادي ) والقرامطة كذلك والخوارج أيضاً.
    يدعو على الشيخ الجليل أن يحشره الله مع أئمة الكفر.
    سبحان الله هذا بهتان عظيم ! من أنت حتى تتطاول على شخص لا تعرف ولم تطلع على ما في قلبه ( الفرق كبير بين علامة فاضل عالم وبين من يرقص كالقرد في الزار ) والله من وراء القصد ... انتهى.



    خـتــام
    مناظرة مع عالم وهابي
    نختم البحث بهذه المناظرة في ( الانترنيت ) ساحة النقاش الإسلامية ـ شبكة هجر ، بين المدعو ( صارم ) الوهابي ، والمدعو ( العاملي ) الشيعي ، في شهر جمادى الأولى من سنة 1420 ، في مشروعية زيارة النبي 9 ، والتوسل به الى الله تعالى.
    العاملي :
    من مختصات ابن تيمية وبدعه : تحريمه التوسل والاستشفاع والاستغاثة بالنبي 9فقد قال السبكي في كتابه ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) ص 291 : إعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم الى ربه سبحانه وتعالى. وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين ، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين ، وسير السلف الصالحين ، والعلماء والعوام من المسلمين.
    ولم ينكر أحدٌ ذلك من أهل الأديان ، ولا سمع به في زمن من الأزمان ، حتى جاء


    ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار ، وابتدع ما لم يسبق اليه في سائر الأعصار !!!. انتهى.
    صارم :
    سؤالي : لماذا تدعون الى شد الرحال وزيارة القبور ، والتبرك بها ؟
    العاملي :
    حديث شد الرحال لم يصح عند أهل البيت :. وقد صح عند بقية المذاهب وفهموا منه عدم شموله لشد الرحال الى زيارة قبر النبي 9 ، بدليل أنهم كانوا يفعلون ذلك ، وما وره في بعض صيغه ( لا تشد الرحال الى مسجد ) وفهم هؤلاء حجة على من يعتقد بالحديث ، ويعتقد بحجية فهم الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب ، لأنهم أقرب الى عصر النص ومعناه.
    وقد ألف عدد من العلماء قبل ابن تيمية رسائل في تفسير الحديث ، وعندما جاء ابن تيمية ببدعته رد عليه عدد آخر منهم ، واتفقوا على أن فهمه للحديث مخالف لاجماع علماء المسلمين وسيرتهم لمدة ثمانية قرون ، بل هو مخالف لفهم عامة علمائهم الى يومنا هذا !!
    فنحن نشد الرحال الى زيارة قبر النبي 9 ، وقبور الأئمة المعصومين : ، لأن زيارة قبورهم مستحبة عندنا ، ومن أفضل القربات الى الله تعالى. ولم يثبت عندنا أن النبي 9نهي عن ذلك ، بل ثبت أنه دعا اليه وحث عليه ، وكان يزور القبور المباركة لتكون سنة من بعده.
    وكذلك كانت سيرة علي وفاطمة والأئمة :.
    ولزيارة القبور عندنا أحكام وشروط وآداب شرعية ، وليس فيها شيء ينافي التوحيد أبدا ، بل فيها ما يؤكد التوحيد ، وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً ، بل هم عباد مكرمون ، نزورهم ونستشفع بهم الى الله تعالى ، كما أمرنا.

    صارم :
    أحسنت وهذا ما أريده منك بالضبط فقد شفيت غليلي بهذه الاجابة الشافية الكافية. ولعل صدرك يتسع لأسئلتي.
    وسؤالي الآن : لماذا تستشفع بهم ؟
    لم لا تتجه في طلبك الى الله مباشرة ؟
    لماذا تجعلهم واسطة بينك وبين الله ؟
    ألم تعلم أن الجاهليين كانوا يعبدون الأصنام يستشفعون بها ، ويجعلونها واسطة بينهم وبين الله ؟!
    وقد ناقضت نفسك حينما قلت ( وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً ، بل هم عباد مكرمون ، نزورهم ونستشفع بهم الى الله تعالى كما أمرنا ).
    كيف تستشفع بهم وهم ( لا يملكون من عندهم شيئاً بل هم عباد مكرمون ) لقد خالفت المنهج الرباني وسنة المصطفى من وجهين :
    الوجه الأول : من مخالفة السنة ، لأن الأموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ، فما بالك بامتلاك النفع لغيرهم ؟!
    الوجه الثاني : مشابهة الكفار ، وقد نهينا عن مشابهتهم. فهل بعد هذا تستشفع بهم؟ أرجو للجميع الهداية.
    العاملي :
    سؤالك في أصله وجيه ، فلو كان الأمر لنا لقلنا : فلنطلب كل شيء من الله تعالى مباشرة ، ولا نجعل بيننا وبينه واسطة من المخلوقين ؟!
    ولكن الأمر له عز وجل وليس لنا ، وقد قال لنا ( اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ). وقال ( أولئك يبتغون اليه الوسيلة أيهم أقرب ) وقال ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ).

    ولا حاجة الى مجيئهم واستغفارهم عند الرسول ، واستغفار الرسول لهم..
    وهذا يعني أنه تعالى قال لرسوله 9كن موحداً بلا شرط ، ومهما قلت لك فأطعني ، وحتى لو قلت لك عندي ولد فاعبده فافعل !! وقل لهم ( قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ) ! ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً !!
    فالمسألة إذن ، ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التي أمر بها الله تعالى أو سمح بها ، وهو يختلف عن زعم التوسل عند المشركين ، سواء في طبيعته أم في نيته ... فهل تقبل أصل مبدأ التوسل والإستشفاع الذي قبله إمامك ابن تيمية ؟ أم أنك أشد في هذا الأمر من إمامك ؟!
    صارم :
    قلت عن التوسل : ( ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التى أمر بها الله تعالى أو سمح بها ) هل لي أن أعرف هذه الحدود التي أمر أو سمح بها ؟
    أرجو أن تجيبني باختصار ، وفي حدود السؤال. هديت للصواب.
    العاملي :
    الظاهر أن السبب فيما أثاره بعضهم إشكالاً على مبدأ التوسل ، أنهم يرون الشفاعات والوساطات والمحسوبيات السيئة عند الرؤساء والمسؤولين في دار الدنيا ، وما فيها من محاباة واعطاء بغير حق ولا جهد من المشفوع لهم أو المتوسط لهم.
    وبما أن الله تعالى يستحيل عليه أن يحابي كما يحابي حكام الدنيا ، وانما يعطي جنته وثوابه بالايمان والعمل الصالح .. فلذلك صعب عليهم قبول الشفاعة والوساطة والوسيلة الى الله تعالى !
    ولكنه فات هؤلاء أن الحكمة من جعله تعالى الأنبياء والأوصياء الوسيلة اليه تعالى :

    أولا : أن يعالج مشكلة التكبر في البشر ، لأن البشر لا يمكنهم الانتصار على تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالى ، إلا إذا انتصروا على ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء ، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والإختيار الإلَهي ، وأنهم المبلغون عن الله تعالى..
    وفاتهم أن جعل الأنبياء والأوصياء وسيلة الى تعالى ضرورة ذهنية للبشر .. ذلك أن الفاصلة بين ذهن الانسان المحدود الميال الى المادية والمحدودية ، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروري ، فاصلة كبيرة ، فهي تحتاج الى نموذج ذهني حاضر من نوع الانسان ، يمارس التوحيد أمامه ويكون قدوة له.
    وبدون هذا النموذج القدوة ، يبقى الانسان في معرض الجنوح في تصوره للتوحيد وممارسته ، والجنوح في هذا الموضوع الخطير أخطر أنواع جنوح الضلال !!
    وهذا هو السبب في اعتقادي في أن الله تعالى جعل أنبياءه وأوصياءهم حججاً على العباد.
    وهو السبب في أنه جعلهم من نوع أنفسهم وليس من نوع آخر كالملائكة مثلاً...
    والنتيجة : أن وجود الوسيلة بين العباد والله تعالى لو كان يرجع الينا لصح لنا أن نقول يا ربنا نريد أن تجعل ارتباطنا بك مباشراً ، ولا تجعل بيننا وبينك واسطة في شيء ، وهذا ما يميل اليه أهل الاشكال على الشفاعة والتوسل !
    ولكن الأمر ليس بيدنا ، فالأفضل أن يكون منطقنا أرقى من ذلك فنقول : اللهم لا نقترح عليك ، فأنت أعلم بما يصلحنا ، وإن أردت أن تجعل أنبياءك وأوصياءك واسطة بيننا وبينك ، وحججا علينا عندك ، فنحن مطيعون لك ولهم ولا اعتراض عندنا ...
    وهذا هو التسليم المطلق لإرادته تعالى ، وقد عبر عنه سبحانه بقوله لرسوله 9في سورة الزخرف 81 ـ 82 : قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين.

    صارم :
    كلامك طويل وفيه نسبة من الصحة ، اضافة الى بعض الشبه التي تحتاج الى رد ، فلو كان مقالك قصيراً لرددت على كل نقطة تذكرها وتخالف ما أعتقده. لذا أرجو مرة أخرى أن يكون جوابك مختصراً دقيقاً. وعموماً فأجيبك باختصار :
    الآيات التي استدللت بها في الأمر بطاعة الرسول 7 عليك لا لك ، لأنه أمرنا بالتوحيد الخالص النقي من شوائب الشرك ، ومن طاعته تنقية التوحيد مما يفضي الى الشرك ، أعاذنا الله واياك من مضلات الفتن.
    ثم إنك استدللت في الاستشفاع بدعاء النبي للأعمى ، وهذا لا أشكال فيه لأنه طلب من حي فيما يستطيعه ، لذا لجأ عمر رضي الله عنه الى عم النبي ، ولو كان الاستشفاع فيما ذكرته صحيحاً للجأ الناس الى النبي 7 وهو في قبره ، وهذا ما لم يحصل اطلاقاً.
    وأعود وأسأل مرة أخرى ما الذي يستطيع عمله الميت حينما تستشفع به ؟
    العاملي :
    من أسباب الخطأ عند المخالف للتوسل : أنه يتصور أن المتوسل يطلب من النبي 9 ، أو من الولي .. بينما هو يطلب من الله تعالى ويتوسل اليه بمقام النبي أو يطلب من النبي التوسط له عند الله تعالى. فلا طلب إلا من الله تعالى.
    وأما شبهة أن الرسول ميت فكيف تصح مخاطبته ؟
    فجوابها : أنه حي عند ربه ، ولذلك تسلم عليه في صلاتك ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ).
    وإذا قبلت حديث تعليم النبي للأعمى أن يتوسل به ، فقد صح عندكم أن عثمان بن حنيف طبقه بعد وفاة النبي 9 ، وعلمه لشخص كان عنده مشكلة عند الخليفة عثمان ، فاستجاب الله له وتغيرت معاملة عثمان معه.
    وتطبيق الصحابي الثقة حجة لأنه معاصر للنص.

    وقد أجاز ابن تيمية التوسل بالنبي بعد موته ، فلا تكن ملكياً أكثر من الملك !!
    بل ورد عندكم التوسل الى الله تعالى بالممشى الى الصلاة والحج ( أتوسل اليك بممشاي ) !
    صارم :
    قلت لك : نحن نحرم شد الرحال الى زيارة القبور منعا لجناب التوحيد أن تشوبه شوائب الشرك. ثم سألتك لم تشدون الرحال ؟ فقلت : للاستشفاع !! فإن أردت أن تجيبني على قدر السؤال ، فهذا سؤالي :
    لماذا تستشفعون بالأموات ؟ وكيف ؟
    العاملي :
    الى الآن ما زلت تتصور أن الزيارة لا بد أن يرافقها استشفاع ، فمن أين جئت بهذا؟!
    فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به !
    وقد يتوسل المسلم بنبيه في بيته ، ولا يذهب لزيارته !
    فالزيارة شيء ، والتوسل شيء آخر !!
    والى الآن تتصور أن شد الرحال لا يكون إلا للإستشفاع ! مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها ، أو مع نية الاستشفاع والتوسل !
    وقد أجبتك بأن النبي 9حي عند ربه ، وأنك تسلم عليه في صلاتك فلا مانع أن يخاطبه المتوسل.
    على أن المتوسل لا يطلب من النبي بل من الله ، ولا يحتاج الى مخاطبة النبي بل يخاطب ربه ، ويسأله بحق رسوله ومقامه ومعزته عنده !!
    وقلت لك لقد أجاز ابن تيمية التوسل والاستشفاع بالنبي ( الميت ) !! 9 ، فهل تريد نص كلامه ؟!!
    وتعود وتسألني : لماذا تشدون الرحال للاستشفاع ، ولماذا تستشفعون بالميت ؟ أرجو أن تتأمل في كلامي أكثر.

    صارم :
    لقد تأملت في كلامك جيداً وتوصلت لما يلي :
    قلت في معرض كلامك : ( والى الآن تتصور أن شد الرحال لا يكون إلا للإستشفاع! مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها ، أو مع نية الإستشفاع والتوسل! )
    النتيجة واحدة وهو وجود التوسل والاستشفاع ، وهذا ما أريده وأسأل عنه.
    وقلت أيضاً : ( فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به ! ) هذا منطوق كلامك. وعليه فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ويتوسل ويستشفع به ! وهذا مفهوم كلامك. وسؤالي :
    كيف يتوسل به ؟
    وسؤالي الثاني : كيف يستشفع به ؟
    هل أجد عندك اجابة مختصرة في حدود السؤالين السابقين ؟
    العاملي :
    توسل به الى الله ، واستشفع به ، وتوجه به ، وتجوه به ، وسأله به ، واستغاث به وأقسم عليه به .. كلها بمعنى واحد ، أي توسط به الى الله تعالى.
    ومعنى توسلنا واستشفاعنا بالرسول 9أننا نقول :
    اللهم إن كنت أنا غير مرضي عندك ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي ، فاني أسألك بحرمة عبدك ورسولك محمد ، الذي له هو نبيي ومبلغي أحكامك ، وخير خلقك ، وصاحب المقام الأول عندك .. أن تقبل دعائي وتستجيبه.
    وهذا يا أخ ... أمر طبيعي صحيح ليس فيه عبادة للنبي ولا ادعاء شراكة له مع الله تعالى ، بل فيه تأكيد لمقام عبوديته واطاعته لربه الذي وصل به الى مقامه المحمود عند الله تعالى. وهو مشروع لورود النص به.

    صارم :
    أعوذ بالله من غضب الله ما هذه الجرأة على الله ؟ كيف تقول ( ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي ) !!!
    هل تعتقد أن الله لا يسمع ؟ نعوذ بالله من الخذلان.
    هل تعتقد أن الله يخفى عليه شيء في الأرض وفي السماء ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
    أفق يا رجل فوالله إن الذي قلته ليزلزل الجبال. هداك الله. أرجو أن تستغفر الله بلا واسطة عن هذا الذنب العظيم. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولي معك وقفة باذن الله.
    العاملي :
    عبارة ( إن كنت لا تسمع دعائي بسبب ذنوبي ) تعني لا تستجيب .. وسماع الدعاء بمعنى استجابته عربي فصيح أيها العربي !!
    صارم :
    هل لك أن تدلني على أن السماع بمعنى الاستجابة من لغة العرب وقبل ذلك القرآن؟
    العاملي :
    يستحب للمصلي أن يقول سمع الله لمن حمده ، ومعناها استجاب وليس مجرد السماع. ويكفي استعمالها عند العرب بقولهم : هل يسمع فلان منك أم لا ؟ وهو ليس سؤالا عن حالة أذنيه وطرشه !!
    وفي سنن النسائي : 8 / 263 : عن أبي هريرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أعوذ بك من الأربع : من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعاء لا يسمع. انتهى.
    وفي هذا كفاية ، فأجب على ما ذكرته في موضوعنا.

    صارم :
    أشكرك علي إحالتك وبيانك. وسؤالي ـ وأرجو ألا تتذمر :
    لم تلجؤون الى الواسطة بينكم وبين الله ؟ ألم يخلقنا ؟ ألم يرزقنا ؟ أليس سبحانه هو المتكفل بنا ؟ ألم يقل لنا : أدعوني أستجب لكم ، بلا واسطة ؟
    ألا تعلم أن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد ؟
    ألا تعلم أن كل وازرة لا تزر وزر أخرى ؟
    ألا تعلم أن الانسان مهما بلغ من الكمال فهو عبد ضعيف مربوب لله تعالى ، لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ؟ فأي فرق بيننا وبين الأموات ؟
    وقد ذكرت لك أن عمر رضي الله عنه استشفع بعم النبي 9ولم يلجأ الى قبر النبي 7 ! فلم لم يفعل ذلك ؟!! أتراه غفل عما تدعون اليه ؟!!
    نعم للانسان أن يطلب من آخر حي أن يدعو له ، أما من الميت فإن الميت لاحول له ولا قوة !! ولو كان بيده شيء لدفع الموت عن نفسه.
    وسؤالي مرة أخرى لم تجعلون الميت واسطة ؟
    العاملي :
    حسب فهمنا المحدود وادراك عقولنا القاصرة ، الأمر كما تقول. فالانسان يعبد الله تعالى مباشرة فينبغي أن يطلب منه مباشرة .. والله تعالى سميع بصير عليم ، وهو أقرب الينا من حبل الوريد ، فلا يحتاج الى واسطة من شخص حي ولا ميت ، ولا أي مخلوق .. هذا حسب ادراك عقولنا .. ولكنه سبحانه بنى هذا الكون ، وخلق الانسان وأقام حياته في الأرض على أساس الاسباب والمسببات في أمور الطبيعة ..
    وأخبرنا أن عبادته والطلب منه لها أصول وأسباب ، وأن علينا أن نتعامل معه حسب هذه الاصول.

    مثلا : لماذا يجب الايمان بالرسول ؟
    فاذا أردنا أن ننفي الواسطة نقول : إن المطلوب هو الايمان بالله وحده والرسول مبلغ وقد بلغ ذلك وانتهى الأمر ، فلماذا نجعل الايمان به مقرونا بالايمان بالله تعالى ؟!
    لماذا قال الله تعالى : أطيعوني وأطيعوا الرسول ، ولم يقل أطيعوني فقط كما بلغكم الرسول ؟!! وهذا المثل قد يكون صعبا ..
    مثل آخر : الكعبة .. لماذا أمر الله تعالى ببناء غرفة ، وقال توجهوا اليها وحجوا اليها وتمسحوا بها ؟ هل يفرق عليه في عبادتنا له أن نصلي له الى هذه الجهة أو تلك ؟ أو تحج تلك المنطقة أو لا تحج ؟ فلماذا جعلها واسطة بيننا وبينه ؟!
    بل .. إن الصلاة أيضاً نوع من التوسل ، وقد يسأل انسان هل تحتاج عبادة الله الى صلاة له ؟
    بل إن الدعاء أيضاً توسل .. فالله تعالى مطلع على الضمائر والحاجات ، فلماذا يطلب أن نقول له ؟
    بل يمكن لهذا التفكير العقلي أن يوصل الانسان الى القول : لماذا خلق الله الانسان بحيث تكون له حاجات وقال له ادعني حتى أستجيب لك..
    انا جميعا يا صارم أفكار العقل القاصر أمام حكمة الله تعالى ، وحكمته تعرف بالشرع والعقل معا ، وليس بظنون العقل واحتمالاته !!
    وما دام مبدأ التوسل ثبت في الشرع ، فإن العقل لا يعترض عليه ، بل هو ( العقنقل ) كما عبر عنه بعضهم !!
    والتوسل بالنبي 9ثابت في حياته وبعد موته بدون فرق ، لأنه حي عند ربه ، وحياته أقوى من حياة أحدنا !!
    وقد قلت لك أن التوسل لا يحتاج الى مخاطبة ، فهو سؤال لله تعالى بمقام النبي وجهاده في سبيله وشفاعته عنده.
    وأخبرتك أن ابن تيمية أجاز التوسل بالأموات ، ولعله حصره بالنبي صلى الله عليه وآله.

    صارم :
    أولا : أوافقك القول على أن العقل قاصر ، وهذا لا مرية فيه. أما تمثيلك بالكعبة فقياس مع الفارق ، لوجود الدليل الذي أمرنا الله من خلاله أن نتوجه الى الكعبة إذ الكعبة ليست واسطة.
    ولك أن تتصور أن شخصا يتحدث معك وقد التفت عنك وأعطاك ظهره !! هل تقبل عليه وتتحدث معه ؟
    وكذلك وضعت الكعبة ليتجه اليها المسلمون جميعاً في صلاتهم ، لا أنها واسطة ... الى غير ذلك من الحكم.
    ثانياً : قلت إن ابن تيمية أجاز التوسل بالأموات ولعله حصره بالنبي صلى الله عليه وآله.
    كلامك متناقض كيف تقول أجاز ثم ترجع وتقول : لعله ؟!!! هذا لا يستقيم.
    فاما أنه أجاز التوسل بالأموات ، وهذا محال ، أو أنه أجاز التوسل بالنبي 7 ؟
    فهل لك أن تدلني على كلام شيخ الإسلام ; في التوسل بالنبي 9مع ذكر المرجع؟
    ثالثاً : أريد الدليل من القرآن ـ ومن القرآن ـ على قولك راجيا الاختصار ما أمكن وشكرا لك.
    العاملي :
    قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16 :
    وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم شخصا أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوسل اليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك الى ربي في حاجتي ليقضيها. اللهم فشفعه في.
    فهذا التوسل به حسن ، وأما دعاؤه والاستغاثة به فحرام !

    والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل انما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره لا علي سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه. انتهى.
    فقد أفتى ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه خطاب للنبي 9وهو ميت !
    ولاحظ يا صارم أن الميزان عند ابن تيمية أن تطلب من الله أو من المتوسل منه. وهذا هو كلام علماء المسلمين كلهم.
    وتفريقه بين المتوسل والداعي والمستغيث غير صحيح ، لأنه لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله ، أو يستغيث به من دون الله !!
    وأزيدك حديثا آخر صححه الطبراني يفسر حديث الضرير ، قال في المعجم الكبير 9 / 17 عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه : أن رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت اليه ولا ينظر في حاجته ، فلقي عثمان بن حنيف فشكا اليه ذلك ، فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ، ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة. يا محمد إني أتوجه بك الى ربي فتقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك. ورح إليّ حتى أروح معك. فانطلق الرجل فصنع ما قال له ، ثم أتي باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال له : ما حاجتك ؟ فذكر حاجته ، فقضاها له ، ثم قال : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ، وقال : ما كانت لك من حاجة فائتنا.
    ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له : جزاك الله خيراً ، ما كان ينظر في حاجتي ، ولا يلتفت إليّ حتى ، كلمته فيّ ؟!

    فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله وأتاه رجل ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أو تصبر ؟ فقال : يا رسول الله انه ليس لي قائد وقد شق عليّ.
    فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ، ثم ادع بهذه الدعوات.
    قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث ، حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط !
    صارم :
    اليك الجواب عما أثرته ـ وأعتذر عن الإطالة ـ :
    أولاً : لم تحلني على مرجع. وقولك : قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16 ! أتعد هذا احالة ؟!!
    ما رأيك لو قلت لك : قال صاحب الكافي في رسالة له. أتقبل ذلك مني ؟!
    ثانياً : اما أنك لا تجيد النقل ، وتأخذ ما يوافق هواك !! وأعيذك بالله أن تكون كذلك. واما أنك أسأت فهم كلام ابن تيمية ، أو نقلت شبهة كان يريد الرد عليها ، لأن أقواله في هذه المسألة ـ التوسل بالنبي ـ مشهورة مبثوثة في ثنايا كتبه ;.
    وحتى أزيدك ايضاحاً حول هذه المسألة عند أهل السنة والجماعة ، أقول : التوسل بالرسول 7 ثلاثة أقسام :
    القسم الأول : أن يتوسل بالايمان به واتباعه. وهذا جائز في حياته وبعد مماته.
    القسم الثاني : أن يتوسل بدعائه ، أي بأن يطلب من الرسول 9أن يدعو له ، فهذا جائز في حياته ، أما بعد مماته فلا ، لتعذره.
    القسم الثالث : أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله. فهذا لا يجوز لا في حياته ولا بعد مماته.
    ثالثاً : قلت ياعاملي : فقد أفتى ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه

    خطاب للنبي 9وهو ميت !
    ولا أدرى من أين استنبطت قولك : وهو ميت ؟!!!
    رابعاً : قلت : لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله أو يستغيث به من دون الله !! فبالله عليك لم يشد الناس رحالهم الي القبور ؟
    ان قلت : من أجل الدعاء عندها دون أن يكون للميت تأثير.
    قلنا لك : فلا فائدة من شد الرحال ، والاجابة حاصلة في مكانك الذي أنت فيه ، دون أن تشد الرحل.
    وإن قلت : إن للميت تأثيراً ، أو من أجل حصول البركة.
    قلنا : كيف يؤثر وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرا ؟
    ومن هنا جاء النهي عن شد الرحال للقبور ، منعا لجناب التوحيد من شوائب الشرك.
    ولو تنزلنا معك ووافقناك في قولك أنا لا أستغيث بها.
    قلنا لك : لكن عوام الناس ممن لا فقه عنده سيظن أن للميت تأثيرا ، وإلا لما شدت اليه الرحال ، فيلجأ في دعائه الى الميت ، وهذا ما يحصل عند غالب القبوريين.
    فلما كانت هنالك مفسدة مترتبة على ذلك وقع النهي.
    خامساً : أما حديث الطبراني فيحتاج الى مراجعة ، فلم يسعفني الوقت للوقوف عليه وعلى صحته.
    آمل أن تتأمل جوابي جيداً ليتضح لك الحق باذن الله.
    العاملي :
    أرجو أن تصحح ما هو المركوز في ذهنك من أن الزيارة تلازم التوسل والاستغاثة ، وأن شد الرحال يكون للاستغاثة ، فلا تلازم بينها أبداً..
    وإذا أكملنا البحث في التوسل آتي لك بنصوص الزيارة بلا توسل.

    وهذا اليوم قرأت لامامك ابن تيمية مجدداً كل مقولاته حول التوسل وعن حديث عثمان بن حنيف عن الضرير ، وعن حديث عثمان بن حنيف الآخر الذي صححه الطبراني .. فقد تعرض لذلك في كتبه وكتيباته التالية :
    العبادات عند القبور ، وزيارة القبور ، والتوسل والوسيلة ، واقتضاء الصراط المستقيم ، ورسالة من سجنه.
    وخلاصة رأيه أنه يفسر حديث الأعمى بأنه توسل بدعاء الرسول 9لا بذاته. ويحصره في حياته لا بعد مماته.
    قال في التوسل والوسيلة ص 265 :
    وفي الجملة فقد نقل عن بعض السلف والعلماء السؤال به بخلاف دعاء الموتى والغائبين من الأنبياء والملائكة والصالحين والاستغاثة بهم والشكوى اليهم ، فهذا مما لم يفعله أحد من السلف من الصحابة والتابعين لهم باحسان ، ولا رخص فيه أحد من أئمة المسلمين وحديث الأعمى الذي رواه الترمذي هو من القسم الثاني من التوسل بدعائه.
    وقال في ص 268 :
    وفيه قصة قد يحتج بها من توسل به بعد موته إن كانت صحيحة رواه من حديث اسماعيل بن شبيب بن سعيد الحبطي عن شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المديني عن أبي أمامة سهل بن حنيف أن رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة له وكان عثمان لا يلتفت اليه ولا ينظر في حاجته ، فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا اليه ذلك فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين ، ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبينا محمد نبي الرحمة. يا محمد إني أتوجه بك الي ربي ... الخ.
    قال البيهقي ورواه أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه بطوله ، وساقه من رواية يعقوب بن سفيان عن أحمد بن شبيب بن سعيد ، قال ورواه أيضاً هشام الدستوائي عن أبي جعفر ... الخ. انتهي.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3298
    نقاط : 4987
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج4 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج4   العقائد الاسلاميه ج4 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2024 - 20:41

    ثم ناقش ابن تيمية في سند الحديث ، ولم يفت بالتوسل بالنبي 9بعد وفاته.
    أما رسالته من سجنه فهي مطبوعة ضمن مجموعة رسائله وتبدأ من ص 248 ، وهي من سجنه من مصر ، وأنقل لك منها فقرات وفي الاخيرة منها يجيز التوسل بالنبي 9 ، فقد قال به ولم يقل بدعائه !!
    وقال في ص 250 :
    فجاء الفتاح أولاً فقال يسلم عليك النائب وقال : الى متى يكون المقام في الحبس؟ أما تخرج ؟ هل أنت مقيم على تلك الكلمة أم لا ؟
    وعلمت أن الفتاح ليس في استقلاله بالرسالة مصلحة لأمور لا تخفى ، فقلت له : سلم على النائب وقل له أنا ما أدري ما هذه الكلمة ؟ والى الساعة لم أدر عليّ أي شيء حبست ، ولا علمت ذنبي ، وأن جواب هذه الرسالة لا يكون مع خدمتك ، بل يرسل من ثقاته الذين يفهمون ويصدقون أربعة أمراء ، ليكون الكلام معهم مضبوطاً عن الزيادة والنقصان ، فأنا قد علمت ما وقع في هذه القصة من الأكاذيب.
    فجاء بعد ذلك الفتاح ومعه شخص ما عرفته ، لكن ذكر لي أنه يقال له علاء الدين الطيبرسي ، ورأيت الذين عرفوه أثنوا عليه بعد ذلك خيراً وذكروه بالحسنى ، لكنه لم يقل ابتداء من الكلام ما يحتمل الجواب بالحسنى ، فلم يقل الكلمة التي أنكرت كيت وكيت ، ولا استفهم : هل أنت مجيب الى كيت وكيت ؟!
    وقال في ص 253 :
    وجعل غير مرة يقول لي : أتخالف المذاهب الأربعة فقلت أنا ما قلت إلا ما يوافق المذاهب الأربعة..
    وقال في ص 256 :
    وقال لي في أثناء كلامه فقد قال بعض القضاة انهم أنزلوك عن الكرسي.
    فقلت : هذا من أظهر الكذب الذي يعلمه جميع الناس ، ما أنزلت من الكرسي قط! ولا استتابني أحد قط عن شيء ، ولا استرجعني.

    وقلت قد وصل اليكم المحضر الذي فيه خطوط مشائخ الشام وسادات الإسلام ، والكتاب الذي فيه كلام الحكام الذين هم خصومي كجمال الدين المالكي وجلال الدين الحنفي...
    وقال في ص 265 :
    فقال : فاكتب هذه الساعة أو قال اكتب هذا أو نحو هذا.
    فقلت : هذا هو مكتوب بهذا اللفظ في العقيدة التي عندكم التي بحثت بدمشق واتفق عليها المسلمون ، فأي شيء هو الذي تريده ؟
    وقلت له : أنا قد أحضرت أكثر من خمسين كتاباً من كتب أهل الحديث والتصوف والمتكلمين والفقهاء الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ، وتوافق ما قلت...
    وقال في ص 266 :
    فراح ثم عاد وطلب أن أكتب بخطي أي شيء كان ، فقلت فما الذي أكتبه ؟ قال : مثل العفو ، وألا تتعرض لاحد !!
    فقلت : نعم هذا أنا مجيب اليه ... !!
    وقال في ص 272 :
    وهذا الذي يخافه من قيام العدو ونحوه في المحضر الذي قدم به من الشام الى ابن مخلوف ، فيما يتعلق بالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم إن أظهروه كان وباله عليهم ، ودل على أنهم مشركون لا يفرقون بين دين المسلمين ودين النصارى ...
    وقال في ص 276 :
    وأما حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي مثل تقديم محبته على النفس والاهل والمال ، وتعزيره وتوقيره واجلاله ، وطاعته واتباع سنته وغير ذلك ، فعظيمة جدا.
    وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم شخصا أن يقول : اللهم إني أسألك

    وأتوسل اليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك الى ربي في حاجتي ليقضيها. اللهم فشفعه في. فهذا التوسل به حسن ، وأما دعاؤه والاستغاثة به فحرام.
    والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين.
    المتوسل انما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره لا على سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه والله هو رب العالمين. انتهى.
    وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به ، وليس بدعائه ، كما أنه لم يخصصه بحال حياته ، بل ذكر ذلك من حقوقه والاعتقاد به فعلا !!
    صارم :
    هنالك نقطة اختلاف بيني وبينك ، ولعلها لم تظهر بعد ، فأنت حينما تسافر وتقطع مئات الاميال من أجل أن تزور القبر الفلاني ، لم أقدمت على هذا العمل ؟ وكيف لا يكون هناك تلازم بين التوسل والاستغاثة والزيارة ؟
    وهذا ما قصدته فيما كتبته لك ، وهو ما أسأل عنه لم تشد الرحل للقبر ؟ فقلت بعظمة لسانك : ( نزورهم ونستشفع بهم الى الله تعالى ) ثم تقول : لا تلازم أي تناقض هذا؟!!!
    أما قولك : إنك قرأت كتب ابن تيمية حول موضوعنا ، فأشكرك على شجاعتك ونقلك لما يخالف كلامك ، وكنت أتمنى منك لو قلت : وقد أخطأت أو وقد تبين بطلان كلامي ، فكل منصف سيري هذا الخطأ الذي وقعت فيه ونسبته لشيخ الإسلام.
    أخيرا قولك فيما نقلته عن الشيخ : ... أتوسل بك الى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في. فهذا التوسل به حسن.
    وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام ، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. ثم قلت ( وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به ، وليس بدعائه ) أقول لك : ارجع الى تقسيم التوسل الذي ذكرته لك آنفاً ، وستعرف المقصود بكلام الشيخ ; فلا حجة

    لك عليه وكيف تفسر الكلام بهواك بلا دليل ؟
    وقولك ( كما أنه لم يخصصه بحال حياته ، بل ذكر ذلك من حقوقه والإعتقاد به فعلا!! ) من أين لك هذا الإستنباط ؟!! فلو كان هذا فهم السلف ، لما لجؤوا الى عم النبي العباس رضي الله عنه في الاستسقاء. وإلا فقل لي بربك ما تفسير توسلهم بدعاء عم النبي 9ولم يلجؤا الى قبره ؟!!!
    أرجو أن أجد جواباً شافياً مختصراً على جميع أسئلتي.
    العاملي :
    أذكرك أولا بفهرس مسائل نقاشنا :
    فأصل موضوعنا زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله. وهناك موضوعان يتصلان بها :
    الأول : شد الرحال اليها يعني السفر الى المدينة المنورة بقصد الزيارة.
    والثاني : التوسل والاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله.
    وثانياً ، كان موضوعنا الحكم الشرعي لذلك سواء من الأحاديث الصحيحة على حسب موازين علماء المذاهب .. ووصلنا الي رأي ابن تيمية في ذلك.
    لقد قرأت اليوم رأيه في زيارة القبور وشد الرحال اليها من بضعة كتب وكتيبات له وهي :
    ـ فتيا في نية السفر
    ـ زيارة بيت المقدس
    ـ رسالة في الدعاء عند القبور
    ـ رده على الاخنائي
    ـ ابطال فتاوى قضاة مصر
    ـ الجواب الباهر في زوار المقابر
    ـ شرح حديث لعن الله زوارات القبور
    ـ بيان مختصر لمناسك الحج

    مضافا الى ماذكره حول المسألة في : تفسير سورة الاخلاص والحديث وعلومه.
    والنتيجة التي خلصت اليها أنه يحرم شد الرحال الى زيارة أي قبر ، حتى قبر النبي 9 ، ويحلله الى مسجده ، كما يحلل زيارته 9 ، بمعنى السلام عليه بدون شد رحال وبدون توسل به.
    ووصلت الى نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم وتقية بتعبيرنا ، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والاجمال ليرضي القضاة والسلطان ويخلص نفسه منهم.
    لا بأس .. لو سألك شخص من مصر وهو ناو للحج ، فقال لك : أنا ذاهب الى مكة والمدينة ، فدلني كيف أنوي ، وكيف أزور قبر النبي وشهداء أحد زيارة شرعية لا بدعية حسب فتوى ابن تيمية ، فما هو الحلال وما هو الحرام ؟
    فبماذا تجيبه ؟
    صارم :
    تشكر على رجوعك للحق حينما قرأت بعض كتب ابن تيمية وقررت ما قررته من أن ابن تيمية لا يجيز الاستشفاع بالأموات ، أما التوسل بهم فكما ذكرت في تقسيمي أعلاه.
    وبالرغم من ذلك فلي عتب عليك حينما قلت : ووصلت الى نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم ، وتقية بتعبيرنا ، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والاجمال ليرضي القضاة والسلطان ، ويخلص نفسه منهم ) لأن ذلك موضوع آخر ليس هذا مجال نقاشه ، وأنا أرد قولك عليك لأن هذا الإمام الجهبذ قد وقف نفسه لله ، ولا يمكن أن يفعل ذلك.
    ولك تحياتي وشكري على اعترافك بالحق. هدانا الله واياك الى المحجة البيضاء التى لا يزيغ عنها إلا هالك.
    العاملي :
    لقد تشعب الموضوع بمداخلات الآخرين ...
    وقد سألتك عن شد الرحال لاثبت لك تناقض فتاوي ابن تيمية فيها ، وسأترك

    مطالبتك بالجواب فعلاً ، وأجيبك عن التوسل والاستشفاع ومعناهما عندنا وعندكم واحد.
    فالتوسل الجائز عند امامكم هو التوسل بدعاء النبي في حياته فقط ، ومعناه أنه الآن لا يجوز حتى بدعائه ، كما لا تجوز مخاطبته لأنه ميت.
    أما عندنا فالتوسل جائز ومستحب بالنبي وآله 9 ، بذاته الشريفة وكل صفاته الربانية ومقامه المحمود ، وكذا مخاطبته والطلب منه أن يدعو ربه أو يشفع الى ربه في الحاجة أو الجنة .. كل ذلك جائز وبعضه مستحب.
    ولا فرق عندنا في ذلك بين حياته وبعد وفاته ، لأنه حي عند ربه ، يسمع كلامنا باذن ربه ، إلا أن يحجب الله كلام من لا يحبه عنه.
    وهذا التوسل ليس فيه أي شائبة شرك ، لأنا نعتقد أنه عبد الله ورسوله ليس له من الأمر شيء إلا ما أعطاه الله ، ولا يملك شيئاً من دون الله ، بل كل ما يملكه فهو من الله تعالى.
    وطلبنا منه وتوسلنا به ليس دعاء له من دون الله ، بل هو دعاء الله وطلب من الله وحده ، والطلب من الرسول أن يكون واسطة وشفيعا الى ربه.
    ودليلنا على ذلك : الآيات والأحاديث الصحيحة التي أجازته وحثت عليه .. وقد أشرت لك الى أننا لم نخترع ذلك من عندنا ، ولا عندنا هواية لأن نضم الى الطلب من الله مباشرة الطلب منه تعالى بواسطة ، ولا الأمر الينا حتى نختار هذا الأسلوب في دعائنا وعبادتنا أو ذاك ..
    بل الأمر كله له عز وجل ، وقد قال لنا ( اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ). وقال ( أولئك يبتغون اليه الوسيلة أيهم أقرب ) وقال ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ) وقال عن أبناء يعقوب ( يا أبانا استغفر لنا ) كما روينا ورويتم الأحاديث الصحيحة الدالة في رأي علماء المذاهب ومذهبنا.
    فهل اشكالكم علينا لأنا نطيع ربنا ونتبع الواسطة والوسيلة التي أمرنا بها .. ولا نتفلسف عليه ونقول له : نريد أن ندعوك مباشرة ، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة !!

    لقد أمر عز وجل رسوله 9أن يكون موحداً بلا شروط ويطيعه مهما أمره حتى لو قال له لقد اتخدت ولدا لي فاعبده !!
    ( قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ) ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا !!
    لكن أخبرنا أنه جعل رسوله وآله شفعاء اليه ، وأمرنا أن نتوسل بهم ونستشفع بهم في الدنيا والآخرة.
    أما نسبتي الى ابن تيمية تجويز التوسل في سجنه ، فلم تكن افتراء والعياذ بالله ، بل اعتمدت على عبارته المتقدمة في سجنه ، وكذلك اعتمد عليها السبكي في كتابه ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) وأبو حامد المرزوق في كتابه ( التوسل بالرسول وجهلة الوهابية ) وغيرهما كثير .. وذكر عنه ابن كثير أصرح منها.
    ولا أقول إن هؤلاء العلماء قد افتروا عليه فهم من أهل البحث والدقة .. ولكنهم اعتمدوا على تلك العبارات المجملة التي كتبها !
    ونحن الشيعة حساسون من كل ما يكتب بالإكراه أو شبه الإكراه ، ولا نقول بصحة نسبة الرأي الصادر من صاحبه في ظروف الإكراه وشبهه .. ونفتي ببطلان البيع المكره عليه ، وكذا البيعة.
    لذلك بعد قراءتي الشاملة لما كتبه في الموضوع قلت أن ابن تيمية لم يجوز التوسل ، رغم عبارته المذكورة.
    ولكني لا أوافقه على رأيه ، لأن دليل علماء المذاهب أقوى من دليله..
    ثم دليلنا في اعتقادي أقوى من أدلة علماء المذاهب .. وشكرا.
    صارم :
    سؤالي : لماذا تشد الرحال الى القبور ؟
    فأجبت للاستشفاع !!
    لماذا تستشفع بهم ؟

    فأجبت لأن لي ذنوباً !!!
    ما الذي يعمله الميت لك ؟
    أرجو أن تجيب بصراحة عن هذا السؤال وبلا اطالة.
    العاملي :
    كان سؤالك : لماذا تشد الرحال الى القبور ؟
    وجوابه : أننا نشد الرحال لزيارة من ثبت عندنا استحباب زيارته كالنبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم..
    فالغرض لنا ولكل المسلمين من شد الرحال والسفر هو الزيارة ، وقد لا يعرف بعضهم الاستشفاع أبداً ، بل يقول أنا ذاهب لزيارة النبي. وقد يستشفع بهم الزائر وقد لا يستشفع ، بل يسلم عليه ويصلى عنده ويدعو الله تعالى بدون استشفاع.
    ـ وسألتنى : لماذا تستشفع بهم ؟
    ـ فضربت لك مثلاً في طلب شفاعتهم بالمغفرة ، وأضيف هنا : أن النبي صلوات الله عليه وآله له مقام عظيم أكرمه به ربه في الدنيا والآخرة ، ومن اكرامه له أن المسلم إذا طلب من ربه حاجة مستشفعاً به وكانت مستجمعة للشروط الأخرى ، قضاها له. فالتوسل والاستشفاع طلب من الله تعالى وحده بجاه نبيه ، وليس طلباً من النبي الذي هو مخلوق مثلنا ، ليس له من الأمر شيء إلا ما أعطاه الله.
    وسألت : ما الذي يعمله الميت لك ؟
    وجوابه أن النافع الضار هو الله تعالى وحده لا شريك له ، والميت والحي وكل المخلوقات لا تملك لي ولا لأنفسها نفعاً ولا ضرا ، إلا ما ملكها الله تعالى .. ومن اعتقد بأن أحداً له بنفسه ذرة من ذلك فهو مشرك بالله تعالى. ولكن الله تعالى هو الذي جعل هذا المقام لنبيه 9 ، وأمرنا بأن نبتغي اليه الوسيلة بالعمل ، وبتشفيع رسوله في حاجاتنا في الدنيا والآخرة.
    ومع الأسف أن بعضكم ما زال يتصور أن شد الرحال إنما تكون بنية الاستشفاع

    والتوسل ، وأن الاستشفاع والتوسل طلب من النبي ودعاء له بدل الله تعالى !!
    ونعوذ بالله من ذلك ، ونعوذ به ممن يتهم المسلمين بذلك بدون ذليل !!
    صارم :
    معذرة لتأخري ، وأعود مرة أخرى لموضوعنا وأقول :
    هل لك أن تفرق بين فعل الشيعة وبين فعل المشركين في جاهليتهم عند قبورهم؟
    فالمشركون يقرون بالربوبية ، وإنما كفروا بتعلقهم بالملائكة والأنبياء لأنهم يقولون ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) ؟
    أرجو أن تفرق لى باختصار. تحياتي لك.
    العاملي :
    الكفار والمشركون اتخذوا آلهة وأولياء من دون الله تعالى. والضالون اتخذوا اليه وسيلة من دونه ، لم يأمر بها ولم ينزل بها سلطانا..
    أما نحن فنوحده ونطيعه ونبتغي اليه الوسيلة التي أمرنا بها ، وهي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم.
    والذين ينتقدوننا لم يفرقوا في موضوع التوسل والشفاعة بين ما هو من الله تعالى وما هو من دونه !!
    وفي الفرق بينهما يكمن الكفر والايمان ، والهدى الضلال.
    انتهت المناقشة ، ولم يجب بعد ذلك المدعو صارم !
    * *
    تم بحمد الله المجلد الرابع من العقائد الإسلامية ، ويليه المجلد الخامس في مسائل العصمة ، إن شاء الله تعالى.



    فهرس أهم المصادر
    1 ـ القرآن الكريم
    2 ـ إثبات الهداة ـ الحر العاملي ـ توفي 1114 ـ طبعة قم
    3 ـ الإحتجاج ـ الشيخ الطبرسي ـ توفي 548 ـ طبعة النجف الأشرف
    4 ـ إحقاق الحق ـ السيد نور الله الحسيني المرعشي النجفي التستري ـ مكتبة المرعشي ـ قم 1376هـ
    5 ـ أخبار مكة ـ محمد بن عبدالله البرزقي ـ توفي 223 ـ قم ـ مصورة عن طبعة دار الأندلس ـ لبنان
    6 ـ الاختصاص ـ الشيخ المفيد ـ توفي 413 ـ جماعة المدرسين بقم ـ 1406
    7 ـ إختيار معرفة الرجال ـ رجال الكشي ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ تحقيق السيد مهدي الرجائي ـ مؤسسة آل البيت : ـ 1404
    8 ـ الإرشاد ـ الشيخ المفيد ـ توفي 413 ـ المكتبة العلمية الإسلامية ـ طهران
    9 ـ الاستيعاب ـ ابن عبد البر ـ توفي 463 هـ ـ تحقيق علي محمد البجاوي ـ دار الجيل ـ بيروت 1412هـ
    10 ـ أسد الغابة ـ ابن الأثير ـ توفي سنة 630 ـ تحقيق : محمد البنا ومحمد عاشور ومحمد فايد ـ دار أحياء التراث العربي ـ بيروت
    11 ـ الإعتصام ـ الشاطبي ـ دار المعرفة ـ بيروت
    12 ـ الإعتقادات ـ الشيخ الصدوق ـ توفي سنة 381 ـ تحقيق غلام رضا المازندراني ـ المطبعة العلمية ـ قم 1412
    13 ـ الاعلام الشيخ المفيد ـ توفي 413 هـ تحقيق الشيخ محمد الحسون ـ الطبعة الثانية 1414هـ ـ 1993م ـ دار المفيد ـ بيروت
    14 ـ إعلام الورى ـ الشيخ الطبرسي ـ توفي 548 ـ دار الكتب الاسلامية ـ تهران ـ تقديم السيد محمد مهدي الخراسان ـ الطبعة الثالث


    15 ـ الافصاح ـ الشيخ المفيد ـ توفي 413 هـ تحقيق مؤسسة البعثة ـ 1412
    16 ـ الأغاني ـ أبو الفرج الأصفهاني ـ تحقيق لجنة من الأدباء الطبعة الثامنة 1410 هـ ـ 1990م دار الثقافة ـ بيروت
    17 ـ إكمال الدين ـ ابن ماكولا توفي 475 ـ دار الكتاب الإسلامي ـ القاهرة
    18 ـ أمالي الطوسي ـ محمد بن الحسن الطوسي ـ توفي 460هـ ـ تحقيق ـ مؤسسة البعثة ـ الطبعة الأولى 1414 هـ دارالثقافة ـ قم
    19 ـ أمالي المفيد ـ الشيخ المفيد ـ توفي 413 ـ تحقيق حسين استاد ولي ـ علي أكبر غفاري نشر جماعة المدرسين ـ قم
    20 ـ الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ـ أسد حيدر ـ مكتبة الصدر ـ طهران ـ 1411هـ
    21 ـ الامامة والتبصرة ـ ابن بابويه القمي ـ توفي 329 ـ تحقيق مدرسة الامام المهدي ـ الطبعة الأولى
    22 ـ الأنساب ـ عبدالكريم السمعاني ـ توفي 562 ـ دار الجنان ـ بيروت
    23 ـ بحار الأنوار ـ العلامة المجلسى ـ توفي 1111 ـ مؤسسة الوفاء ـ بيروت
    24 ـ البداية والنهاية ـ ابن كثير الدمشقي ـ توفي 290 ـ شركة طباعة الكتاب ـ قم
    26 ـ البعث والنشور للبيهقي ـ توفي 458 ـ مركز الخدمات والأبحاث والثقافية ـ بيروت ـ تحقيق الشيخ عامر أحمد حيدر
    27 ـ بغية الطلب ـ ابن العديم ـ توفي 660هـ ـ تحقيق د. سهيل زكار ـ مؤسسة البلاغ ـ بيروت
    28 ـ تاريخ ابن معين ـ يحيى بن معين ـ توفي 233هـ ـ تحقيق عبدالله أحمد حسن ـ دارالقلم ـ بيروت
    29 ـ تاريخ الإسلام ـ الذهبي ـ توفي 748 ـ تحقيق عمر عبد السلام تدمري ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ الطبعة الثانية 1411
    30 ـ تاريخ بغداد ـ الخطيب البغدادي ـ توفي 463 ـ المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة
    31 ـ تاريخ دمشق لابن عساكر ـ محمد بن مكرم ـ توفي 711 هـ ـ دار الفكر ـ دمشق

    32 ـ تاريخ الطبري ـ محمد بن جرير الطبري ـ توفي 310 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    33 ـ التاريخ الكبير ـ محمد بن إسماعيل البخاري ـ توفي 256 ـ المكتبة الاسلامية ـ أزدمير ـ ديار بكر ـ تركيا
    34 ـ تاريخ المدينة المنورة ـ عمر بن شبه النميري ـ توفي 262 ـ دار الفكر ـ قم ـ عن طبعة جدة
    35 ـ تأويل الآيات ـ على الحسيني الاسترابادي ـ مؤسسة النشر الاسلامي ـ قم 1404 هـ

    36 ـ تحف العقول ـ ابن شعبة الحراني ـ من أعلام القرن الرابع ـ جماعة المدرسين بقم ـ الطبعة الثانية 1404
    37 ـ الترغيب والترهيب ـ المنذري ـ توفي 656 ـ دار الفكر ـ لبنان 1408 ـ 1988م
    38 ـ تذكرة الخواص ـ سبط بن الجوزي الحنفي ـ توفي 654 ـ طبعة قم
    39 ـ تذكرة الموضوعات ـ محمد طاهر الهندي الفتني ـ توفي 986هـ
    40 ـ تفسير التبيان ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    41 ـ تفسير العياشي ـ محمدبن عياش السلمي ـ توفي 310 ـ المكتبة العلمية ـ طهران
    42 ـ تفسير الفخر الرازي ـ الفخر الرازي ـ طبعة مصورة ـ مكتب الاعلام الاسلامي ت طهران
    43 ـ تفسير فرات ـ فرات بن ابراهيم الكوفي ـ توفي 300 ـ تحقيق محمد الكاظم الحمودي الطبعة الأولى ـ 1410 هـ ـ 1990م
    44 ـ تفسير القمي ـ علي بن ابراهيم القمي ـ توفي 329 ـ طبعة النجف ـ العراق
    45 ـ تفسير الميزان ـ السيد محمد حسين الطباطبائي ـ منشورات مؤسسة الأعلمي ـ بيروت
    46 ـ تفسير نورالثقلين ـ الشيخ الحويزي ـ توفي 1112 ـ مؤسسة اسماعيليان ـ قم
    47 ـ تنزيه الأنبياء ـ الشريف المرتضى ـ توفي 436 هـ منشورات الشريف الرضي ـ قم
    48 ـ تهذيب الأحكام ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ دار الكتب الاسلامية ـ طهران
    49 ـ تهذيب التهذيب ـ ابن حجر العسقلاني ـ توفي 582 ـ دار الفكر ـ بيروت
    50 ـ الثاقب في المناقب ـ ابن حمزة الطوسي ـ توفي 560هـ ـ تحقيق نبيل رضا علوان ـ طبعة ثانية ـ الناشر مؤسسة انصاريان ـ قم
    51 ـ ثواب الأعمال ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ قدم له السيد محمد مهدي الخرسان ـ مصور عن طبعة النجف ـ منشورات الرضي بقم ـ الطبعة الثانية ـ 1368


    52 ـ الجمل ـ الشيخ المفيد ـ توفي 1413هـ ـ مكتبة الأسدي ـ قم
    53 ـ حواشي الشرواني وابن قاسم الهندي ـ توفي 1118 هـ ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    54 ـ حياة الصحابة ـ محمد يوسف الكاندهلوي ـ توفي 1384 هـ دار المعرفة ـ بيروت
    55 ـ الخرائج والجرائح ـ قطب الدين الراوندي ـ توفي 573 هـ
    56 ـ الخصال ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ طبعة جماعة المدرسين بقم
    57 ـ خصائص الأئمة ـ الشريف الرضي ـ توفي 406 هـ تحقيق دكتر محمد هادي الأميني ـ مجمع البحوث الاسلامية
    58 ـ الدر المنثور ـ جلال الدين السيوطي ـ توفي 911 ـ دارالفكر ـ بيروت
    59 ـ دلائل النبوة ـ البيهقي ـ توفي 458 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    60 ـ رحلة ابن بطوطة ـ ابن بطوطة ـ دار التراث ـ بيروت ـ 1388 ـ 1968م
    61 ـ رشفة الصادي ـ السيد أبوبكر شهاب الدين العلوي الحضرمي ـ تحقيق السيد علي عاشوردار الكتب العلمية ـ بيروت
    62 ـ الروض الأنف ـ السهيلي ـ توفي 581 ـ تحقيق عبد الرؤوف سعد ـ دار الفكر ـ بيروت
    63 ـ الرياض النضرة في مناقب العشرة ـ أبو جعفر أحمد الشهير بالمحب الطبري ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    64 ـ الزهد ـ الحسين بن سعيد الكوفي ـ القرن الثالث ـ تحقيق ميرزا غلام رضا عرفاينان ـ العلمية ـ قم ـ 1299هـ
    65 ـ سنن ابن ماجة ـ محمد بن يزيد القزويني ـ توفي 275 ـ دار الكفر ـ بيروت
    66 ـ سنن أبي داود ـ سليمان بن الأشعث السجستاني ـ توفي 275 ـ دار الفكر بيروت
    67 ـ سنن الترمذي ـ محمد بن عيسى الترمذي ـ توفي 279 ـ دار الفكر ـ بيروت
    68 ـ السنن الكبرى ـ أحمد بن الحسين البيهقي ـ توفي 458 ـ دار الفكر ـ بيروت
    69 ـ سنن النسائي ـ أحمد بن شعيب النسائي ـ توفي 203 ـ دار الفكر ـ بيروت
    70 ـ السيرة الحلبية ـ علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي ـ دارالفكر ـ بيروت

    71 ـ روضة الواعظين ـ الفتال النيسابوري ـ توفي ـ 508 ـ منشورات الشريف الرضي ـ قم
    72 ـ ديوان دعبل الخزاعي ـ تحقيق د. ابراهيم الأميوني ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    73 ـ ذخائر العقبي ـ أحمد بن عبدالله الطبري ـ توفي 694هـ ـ عن نسخة دار الكتب المصرية ونسخة الخزانة التيمورية ـ مكتبة السندي
    74 ـ كتاب السنة ـ عمرو بن أبي عاصم الضحاك ـ توفي 287هـ ـ تحقيق محمد ناصر الدين
    75 ـ سير أعلام النبلاء ـ شمس الدين الذهبي ـ توفي 748 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت
    76 ـ الشافي ـ الشريف المرتضى ـ توفي 263 ـ طبعة قم
    77 ـ شرح الأخبار ـ القاضي المغربي ـ توفي 263 ـ طبعة قم
    78 ـ شرح نهج البلاغه ـ ابن أبي الحديد ـ توفي 656هـ ـ تحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم ـ منشورات مكتبة السيد المرعشي ـ ودار إحياء الكتب العربية
    79 ـ شعب الإيمان ـ البيهقي ـ توفي 458 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الأولى 1410 تحقيق أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول
    80 ـ الشفا ـ القاضي عياض ـ توفي 544هـ ـ تحقيق حسين عبد الحميد نيل ـ شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم ـ بيروت
    81 ـ شواهد التنزيل ـ الحاكم النيسابوري الحسكاني ـ تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ـ مؤسسة الطبع والنشر ـ ايران 1411هـ
    82 ـ صحيح ابن حبان ـ علاء الدين علي بن بلبان القاسمي ـ توفي 354هـ تحقيق شعيب الأرنؤوط ـ طبعة الثانية 1414هـ مؤسسة الرسالة
    83 ـ صحيح البخاري ـ محمد بن اسماعيل البخاري ـ توفي 256 ـ دارالفكر ـ بيروت
    84 ـ الصحيح في شرح العقيدة الطحاوية ـ حسن السقاف ـ دارالإمام النووي ـ الأردن
    85 ـ صحيح مسلم ـ مسلم ابن الحجاج النيسابوري ـ توفي 261 ـ دار الفكر ـ بيروت
    86 ـ صحيفة الإمام الرضا ـ الشيخ جواد القيومي ـ معاصر ـ مطبعة امير ـ قم ـ تحقيق ونشر مؤسسة الامام المهدي ـ قم
    87 ـ الصحيفة السجادية ـ أدعية الإمام زين العابدين 7 ـ مؤسسة الامام المهدي 7 ـ قم

    88 ـ الصراط المستقيم ـ علي بن يونس العاملي النباطي البياضي ـ توفي 877هـ ـ تحقيق محمد باقر البهبودي ـ المكتبة المرتضوية لاحياء التراث
    89 ـ صفة الصفوة ـ ابن الجوزي ـ توفي 597 ـ تحقيق عبد الرحمن اللاذقي وحياة شيحا ـ الطبعة الاولى ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ 1415
    90 ـ الصواعق المحرقة ـ أحمد بن حجر الهيثمي ـ شركة الطباعة الفنية المتحدة ـ مصر
    91 ـ عارضة الأحوذي شرح الترمذي ـ ابن العربي المالكي ـ توفي 543 ـ احياء التراث العربي ـ
    بيروت ـ الطبعة الاولى 1415ـ 1995م
    92 ـ العقد الفريد ـ ابن عبد ربه الأندلسي ـ توفي 328 ـ دار مكتبة الهلال ـ بيروت
    93 ـ علل الشرائع ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ مكتبة الداوري ـ قم
    94 ـ عمدة القاري ـ العيني ـ توفي 855هـ ـ دارالفكر ـ بيروت
    95 ـ العوالم ـ الشيخ عبدالله البحراني ـ توفي 855هـ دارالفكر ـ بيروت
    96 ـ كتاب العين ـ الخليل الفراهيدي ـ توفي 175 ـ طبعة ايران عن طبعة مؤسسة دار الهجرة
    97 ـ عيون أخبار الرضا ـ الصدوق ـ توفي سنة 381 ـ منشورات الأعلمي طهران ـ 1390
    98 ـ غاية المرام ـ السيد هاشم البحراني ـ توفي 1114 ـ طبعة قديمة ـ ايران
    99 ـ الغدير ـ الشيخ عبدالحسين الأميني ـ 1390 ـ مؤسسة الأعلمي بيروت ـ الطبعة الأولى
    100 ـ فتح الباري في شرح البخاري لابن حجر ـ توفي 852 ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت الطبعة الرابعة 1408هـ ـ 1988م
    101 ـ فتح الملك العلى ـ ابن الصديق المغربي ـ توفي 1380 مكتبة أميرالمؤمنين ـ اصفهان
    102 ـ فردوس الأخبار ـ ابن شيروية الديلمي ـ توفي 509 ـ دار الكتاب العربي ـ لبنان
    103 ـ الفضائل ـ شاذان بن جبرئيل القمي ـ توفي نحو 660 هـ ـ المكتبة الحيدرية ـ نجف 1962
    104 ـ فضائل الصحابة ـ أحمد بن شعيب النسائي ـ توفي 241 هـ ـ دارالكتب العلمية ـ بيروت
    105 ـ الطبقات ـ ابن سعد ـ توفي 230 ـ طبعة ليدن 1322
    106 ـ طبقات الحنابلة ـ القاضي محمد بن ابي يعلى ـ دار المعرفة ـ بيروت
    107 ـ طبقات الشافعية الكبرى ـ عبدالوهاب بن عبد الكافي السبكي ـ توفي 771 ـ احياء الكتاب العربية ـ القاهرة ـ تحقيق عبدالفتاح الحلو


    108 ـ الكافي ـ محمد بن يعقوب الكليني ـ توفي 329 ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران
    109 ـ الكامل للجرجاني ـ أبي احمد عبدالله بن عدي الجرجاني ـ دارالكتب العلمية ـ بيروت ـ 1418 هـ ـ 1997م ـ تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
    110 ـ كفاية الأثر ـ الخزاز القمي الرازي ـ تحقيق السيد عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري الخوئي ـ انتشارات بيدار ـ قم
    111 ـ كفاية الطالب ـ أبي الله محمد بن يوسف محمد محمد القرشي الشافعي ـ توفي 658 هـ ـ تحقيق محمد هادي الأميني ـ دار احياء تراث اهل البيت ـ طهران
    112 ـ كمال الدين ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ طبعة جماعة المدرسين ـ قم
    113 ـ كنزالعمال ـ المتقي الهندي ـ توفي 975 ـ مؤسسة الرسالة ـ السعودية
    114 ـ لسان الميزان ـ ابن حجر العسقلاني ـ توفي 582 ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت
    115 ـ كتاب المجروحين ـ محمد بن حبان التميمي ـ توفي 354 ـ طبعة الباز ـ مكة المكرمة
    116 ـ مجمع البحرين ـ الشيخ الطريحي ـ توفي 1085 ـ مكتب نشر الثقافة الاسلامية ـ طهران
    117 ـ مجمع البيان في تفسير القران ـ لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ تحقيق ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت
    118 ـ مجمع الزوائد ـ نورالدين الهيثمي ـ توفي 807 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    119 ـ المجموع ـ محيي الدين بن شرف النووي ـ توفي 676 ـ دار الفكر ـ بيروت
    120 ـ المحاسن ـ أحمد بن محمد القادر البرقي ـ توفي 274هـ ـ تحقيق السيد جلال الدين الحسينى ـ دار الكتب الاسلامية
    121 ـ مختصر تاريخ دمشق ـ ابن منظور ـ توفي 711هـ ـ دار الفكر ـ دمشق اختصرته وحققته سكينة الشهابي
    122 ـ مدينة المعاجز ـ السيد هاشم البحراني ـ توفي 1107هـ ـ تحقيق مؤسسة المعارف الاسلامية ـ الشيخ عزت الله الحولاني الهمداني ـ طبعة أولى ـ مطبعة بهمن
    123 ـ المراجعات ـ السيد شرف الدين ـ توفي 1377 ـ الجمعية الاسلامية ـ بيروت
    124 ـ مسائل علي بن جعفر ـ علي بن الامام جعفر الصادق 7 ـ تحقيق مؤسسة آل البيت : ـ الناشر المؤتمر العالمي للامام الرضا 7 ـ 1409

    125 ـ مستدرك الحاكم ـ الحاكم النيسابوري ـ توفي 405 ـ دار المعرفة ـ بيروت
    126 ـ مستدرك الوسائل ـ المحقق النوري ـ توفي 1320 ـ مؤسسة آل البيت : ـ قم
    127 ـ المسترشد ـ محمد بن جرير الطبري (الشيعي) ـ توفي 400 ـ طبعة قم
    128 ـ المسند ـ الإمام احمد بن حنبل ـ توفي 241 ـ دار صادر ـ بيروت
    129 ـ مسند أبي يعلي ـ أحمد بن علي المهني التميمي ـ توفي 307هـ ـ تحقيق حسين سليم أسد ـ دار المأمون للتراث
    130 ـ المسند الجامع ـ تحقيق الدكتور عواد ـ دار الجيل ـ بيروت ـ الشركة المتحدة ـ الكويت
    131 ـ مصابيح السنة ـ البغوي ـ توفي 516 ـ الطبعة الأولى ـ دار المعرفة ـ بيروت
    132 ـ مصباح المتهجد ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ طبعة قديمة ـ ايران
    133 ـ المصنف ـ ابن أبي شيبة ـ توفي 235 ـ دارالفكر ـ لبنان
    134 ـ المصنف ـ عبد الرزاق الصنعاني ـ توفي 211 ـ من منشورات المجلس العلمي ـ بغداد
    135 ـ معانى الأخبار ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ جماعة المدرسين بقم
    136 ـ معجم أحاديث الامام المهدي ـ الشيخ علي الكوراني معاصر ـ مؤسسة المعارف الاسلامية ـ چاب بهمن ـ قم ـ طبعة أولى
    137 ـ المعجم الأوسط ـ سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني ـ توفي 360 هـ ـ تحقيق ابراهيم الحسيني ـ دارالحرمين
    138 ـ المعجم الصغير ـ سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني ـ توفي 360هـ ـ تحقيق ابراهيم الحسيني ـ دار الحرمين
    139 ـ المعجم الكبير ـ سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني ـ توفي 360هـ ـ تحقيق عبد المجيد السلفي ـ الطبعة الثانية ـ إحياء الراث العربي ـ بيروت 1406 ـ 1985م
    140 ـ مغين المحتاج ـ محمد الشربيني الخطيب ـ توفي 977 هـ ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت
    141 ـ مفردات غريب القران ـ الراغب الاصفهاني ـ توفي 502 هـ ـ طبعة طهران عن طبعة مصر
    142 ـ مقاتل الطالبين ـ أبو الفرج الأصبهاني ـ توفي 356 هـ ـ تحقيق الكاظم المظفر ـ طبعة المكتبة الحيدرية في النجف

    143 ـ المقنعة ـ الشيخ المفيد ـ توفي 413 ـ طبعة جماعة المدرسين بقم ـ 1410
    144 ـ الملاحم والفتن ـ رضي الدين بن طاووس ـ الطبعة الأولى 1412هـ ـ منشورات الشريف الرضي ـ قم
    145 ـ المناقب ـ الموفق بن أحمد بن محمد المكي الخوارزمي ـ توفي 568هـ ـ تحقيق مالك المحمودي ـ الطبعة الثانية ـ مؤسسة النشر الاسلامي
    146 ـ مناقب آل أبي طالب ـ ابن شهر آشوب ـ توفي 588 ـ تحقيق لجنة ممن أساتذة النجف ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف
    147 ـ مناقب أميرالمؤمنين 7 ـ محمد بن سليمان الكوفي ـ توفي نحو 300 ـ تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ـ مجمع إحياء الثقافة الاسلامية
    148 ـ من لا يحضره الفقيه ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 هـ ـ طبعة جماعة المدرسين بقم
    149 ـ ميزان الاعتدال ـ شمس الدين الذهبي ـ توفي 748هـ ـ دار المعرفة ـ بيروت
    150 ـ النصائح الكافية ـ السيد محمد بن عقيل ـ توفي 1350هـ ـ طبعة أولى 1412 ـ دار الثقافة
    151 ـ الهداية ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ تحقيق الشيخ محمد الخراساني ـ المكتبة الاسلامية طهران ـ 1377
    152 ـ وسائل الشيعة ـ الحرالعاملي ـ توفي 1114 ـ تحقيق مؤسسة آل البيت لاحياء التراث بقم ، وطبعة إحياء التراث العربي ـ بيروت
    153 ـ وفيات الأعيان ـ حققه د. إحسان عباس ـ منشورات الشريف الرضي ـ قم ـ 1364 هـ
    154 ـ وقعة صفين ـ نصر بن مزاحم ـ توفي 212 هـ ـ تحقيق عبدالسلام محمد هارون ـ طبعة الثانية 1382هـ ـ الناشر المؤسسة العربية الحديثة
    155 ـ ينابيع المودة ـ سليمان بن ابراهيم القندوزي ـ توفي 1294 هـ ـ تحقيق السيد على جمال أشرف الحسينى ـ دار الأسوة
    * *





    فهرس المجلد الرابع من كتاب
    العقائد الاسلامية
    الفصل الرابع عشر
    شفاعة أحد شيعة أهل البيت :
    أويس القرني أحد كبار الشفعاء 5
    أويس خير التابعين 6
    خير التابعين صارت : من خير التابعين !! 8
    كان أويس أسمر اللون جسيماً مهيباً 9
    صورة من تزاحم المسلمين على أويس 11
    شعاره الصدق والجد في أمر الله تعالى 11
    وهو صاحب مدرسة في شكر نعم الله تعالى 12
    زاهد يضرب بزهده المثل 12
    زاهد يحمل هم الفقراء 13
    وقد ربى تلاميذ على سيرته 16
    رأيه في الحكام غير علي 7 16
    اضطهاد مخابرات الخلافة لأويس 17


    أويس من شيعة علي 7 20
    صاحب البصيرة الزاهد ، شجاعٌ مجاهد 22
    نسب أويس القرني ونسبته 23
    عشيرة الأويسات أو اللويسات السورية 25
    روايات لقائه بعمر واستغفاره له 25
    من هم الذين خاطبهم النبي 9في البشارة بأويس ؟ 35
    آراء شاذة ، وأخرى مشبوهة الهدف حول أويس
    1 ـ حاولوا إعطاء شخصية أويس لعدوي وأموي 37
    2 ـ والبخاري ضعف أويساً ولم يقبل روايته ! 38
    3 ـ ومتشددة الحنابلة قللوا من مقام أويس ! 40
    4 ـ وفضلوا أموياً على أويس القرني ! 41
    5 ـ ثم حاولوا إنكار شهادة أويس في صفين 42
    6 ـ وجعلوا له قبرين في الشام ليبعدوه عن صفين 48
    7 ـ وزعم بعضهم أن قبر أويس طار من الأرض 49
    8 ـ ورووا عن مالك أنه أنكر وجود أويس 50
    آراء مضادة مغالية في أويس
    ورووا أنه أوصى الى هرم بن حيان وبكى على عمر 53
    وادعوا أن أويساً ورث خرقة التصوف لموسى الراعي 57
    صورة عن أويس القرني من مصادرنا 58
    روائح الجنة تفوح من قرن ! 58
    خير التابعين وَنَفَسُ الرحمن 59
    كان راعي إبل فصار الشفيع الموعود 59

    أويس من أركان التشيع لعلي 7 59
    أويس ختام المسك الموعود في حرب الجمل 61
    أويس ختام المسك الموعود في حرب صفين 64
    متفرقات عن أويس 66
    من الأدعية المروية عن أويس 68
    شفاعة أويس القرني لمئات الألوف أو الملايين 72
    نتيجة 76
    الفصل الخامس عشر
    النواصب مطرودون من الشفاعة والجنة
    حكم النواصب في الفقه الإسلامي 79
    علي 7 ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق 80
    محاولة ابن حجر تجريد علي من هذه الفضيلة !! 87
    قصة بريدة وحدها حجة بالغة 91
    من دلالات قصة بريدة 105
    لمحة عن بريدة وأحاديثه في مصادرنا 107
    والزهراء والحسنان 8 جزءٌ من المقياس النبوي 115
    وكل أهل البيت : جزء من المقياس النبوي 117
    وويلٌ لمبغضيهم 120
    وويلٌ للمكذبين بفضلهم 121
    واللعنة على ظالميهم وقاتليهم 122
    ولا يقبل عمل المسلم إلا بحبهم 123

    والأمة مسؤولةٌ عنهم يوم القيامة 124
    وهذه الأحكام مختصةٌ بهم ولا يقاس بهم أحد 125
    ومحبو أهل البيت وشيعتهم جزءٌ من المقياس النبوي 125
    كيف طبقت الخلافة القرشية سنة النبي 9فيهم ! 127
    جعلت الخلافة لعنهم على المنابر فريضة ! 127
    وأجبرت المسلمين على أن يكونوا نواصب 128
    بعض ما ورد عن المقياس النبوي في مصادرنا 132
    من أحكام التعامل مع النواصب 137
    النصب يجر الى التجسيم 139
    فضل العلماء الذين يدفعون شبهات النواصب 140
    الفصل السادس عشر
    شفاعة النبي 9يوم القيامة بيد أهل بيته :
    علي 7 صاحب لواء النبي 9يوم القيامة 144
    ماذا روت الصحاح عن رئاسة المحشر ولواء الحمد ؟ 144
    علي 7 آمر السقاية على حوض النبي 9 150
    محاولات الأمويين التكذيب بأحاديث الحوض 151
    ندم أئمة المذاهب على تدوين أحاديث الحوض !! 153
    نماذج من أحاديث الحوض والصحابة لمطرودين 155
    أسس تدوين أحاديث القيامة عند علماء الخلافة 158
    أحاديث أن علياً هو الساقي على الحوض والذائد عنه 164
    من أحاديث الحوض في مصادرنا 170

    أهل البيت : وشيعتهم على الحوض 175
    شعر حوض الكوثر في مصادر الحديث والأدب 177
    علي 7 قسيم الله بين الجنة والنار 188
    حديث : قسيم النار والجنة ، في مصادرنا 195
    حديث قسيم الجنة والنار في الشعر 199
    علي 7 أول الواردين على النبي عند حوض الكوثر 201
    لا يعبر إنسان الصراط إلا بجواز من علي 7 202
    عنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة حب علي 7 203
    من هو المخاطب بقوله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد 203
    أحاديث في شفاعة فاطمة الزهراء 3 212
    شفاعة علي والأئمة من ذريته : 222
    نماذج من أحاديث شفاعة النبي وآله 9لزوار قبورهم 231
    الشفاعة لمن زار قبر أمير المؤمنين 7 232
    الشفاعة لمن زار قبر الإمام الحسين 7 234
    الشفاعة لمن زار قبر الإمام الرضا 7 235
    ختام في بعض قواعد الشفاعة وأحكامها
    نصيحة المسلم بأن لا يحتاج الى الشفاعة 237
    النهي عن الاتكال على الشفاعة 237
    أمل العاصين بشفاعة النبي وآله 9 240
    الأولى بشفاعة النبي وآله صلى الله عليه وآله 243
    الدعاء للنبي 9باعطائه الشفاعة 244
    الدعاء بطلب الشفاعة لوالدين والأقارب 245

    الباب الرابع
    مسائل الاستشفاع والتوسل والاستغاثة
    الفصل الأول
    مسائل حول التوسل
    المسألة الأولى : مفردات التوسل 249
    المسألة الثانية : التوسل في الأديان السابقة 253
    المسألة الثالثة : الفرق بين التوسل وأنواع الشرك 254
    المسألة الرابعة : شبهة على أصل التوسل 275
    المسألة الخامسة : مسألة التوسل دقيقة وحساسة 277
    المسألة السادسة : من هم المتوسل بهم عند المسلمين 281
    التوسل بغير المعصومين عند السنيين 282
    التوسل الواسع في صلاة الاستسقاء 286
    المسألة السابعة : التوسل العملي بالأعمال الصالحة 287
    الفصل الثاني
    التوسل الى الله في مصادر السنيين
    1 ـ تعليم النبي 9التوسل به الى الله تعالى 289
    2 ـ توسل عمر بن الخطاب بالعباس عم النبي9 291
    3 ـ توسل الناس في المحشر واستشفاعهم بالنبي 9 291

    4 ـ ما ورد عندهم من الدعاء للنبي 9بالوسيلة 292
    أحاديث تفسر الوسيلة في مصادرنا 296
    العلاقة بين التوسل والاستشفاع وبين درجة الوسيلة في الجنة 307
    الفصل الثالث
    التوسل الى الله في مصادرنا
    1 ـ التوسل الى الله بالأعمال الصالحة 309
    2 ـ التوسل الى الله بذاته وصفاته عز وجل 310
    3 ـ الاستشفاع الى الله تعالى بحبه ومعرفته 311
    4 ـ افتتاح الصلاة بالتوجه الى الله بالنبي وآله 9 312
    5 ـ التوجه بالنبي وآله لدفع شر السلطان 314
    6 ـ التوجه إلى الله بالنبي وآله عند الحاجة والشدة 315
    7 ـ الاستشفاع بالنبي والأئمة عند زيارة قبورهم الشريفة 319
    الفصل الرابع
    تفسير الآيات الثلاث في التوسل
    الآية الأولى 323
    الآية الثانية 328
    الآية الثالثة 333
    تفسيرنا للآيتين الكريمتين 334

    تفسير السنيين للآيتين الكريمتين 338
    مناقشة تفسيرهم للآيات 341
    علي أقرب الخلق وسيلة الى الله 344
    الترابط بين الوسيلة والوصية 348
    ما ورد في مصادرهم من تشويش على الأحاديث المتقدمة 349
    آيات مؤيدة لآيات التوسل 351
    الفصل الخامس
    شذوذ الوهابيين عن إجماع المسلمين في التوسل والاستشفاع
    تلبيس ابن تيمية لتحريم التوسل والاستشفاع 356
    غرض ابن تيمية من نقل التوسل من فروع الفقه الى أصول العقائد! 358
    هل تراجع ابن تيمية أمام القاضي أو في سجنه عن تحريم التوسل؟! 359
    علماء المذاهب الاسلامية يردون على شذوذ ابن تيمية! 362
    نماذج من ردهم على مذهب ابن تيمية 362
    مقتطفات من أهم كتب علماء المذاهب في الرد على ابن تيمية : 364
    كتاب ( إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي 9) 364
    كتاب ( التوسل بالنبي وجهلة الوهابيين ) 378
    كتاب ( شفاء السقام ) للامام السبكي 390
    كتاب ( رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة ) 402
    كتاب ( حقيقة التوسل والوسيلة في الكتاب والسنة ) 418

    الفصل السادس
    سيد مكي يقود ثورة فكرية على الفكر الوهابي!
    بداية ظهور ثورة الفكرية 433
    نماذج من مناقشات حول أَفكاره 441
    نماذج من كتاب وزير الأوقاف السعودي ردا على كتاب المالكي 463
    نماذج من المداخلات والمناقشات الأخرى في الموضوع 474
    مناظرة مع عالم وهابي حول التوسل 481

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    العقائد الاسلاميه ج4
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 47-منتدى العقائد والكلام-
    انتقل الى: