الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» مقاتل الطالبيّين مقاتل الطالبيّين المؤلف :أبي الفرج الاصفهاني
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 11:42 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج1
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 10:27 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج2
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 9:59 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» نهج البلاغه ج3
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 9:34 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  كلام جميل عن التسامح
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 8:57 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مفهوم التسامح مع الذات
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 8:48 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال الحكماء والفلاسفة
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 10:01 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» أقوال وحكم رائعة
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 9:55 am من طرف الشيخ شوقي البديري

»  أحاديث / شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا) شرح حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا)
قصص الانبياء عليهم السلام Emptyأمس في 9:50 am من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     قصص الانبياء عليهم السلام

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 2:58 pm

    الباب العاشر :
    في نبوّة اسماعيل وحديث لقمان عليهما‌السلام


    [أفضل الصدقة صدقة اللسان]
    [260 / 1] ـ أخبرنا جماعة منهم الأخوان الشيخ محمّد وعليّ ابنا عليّ بن عبد الصمد ، عن أبيهما ، عن السيّد أبي البركات عليّ بن الحسين الحسينيّ ، عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه ، حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن شريف بن سابق التفليسيّ ، عن الفضل بن أبي (1) قرّة السمنديّ ، عن الصادق ، عن آبائه صلوات الله عليهم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أفضل الصدقة صدقة اللسان ؛ تحقن به الدماء وتدفع به الكريهة وتجرّ المنفعة إلى أخيك المسلم (2).
    ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ عابد بني إسرائيل الذي كان أعبدهم كان يسعى في حوائج الناس عند الملك ، وأنّه لقي إسماعيل بن حزقيل ، فقال : لا تبرح حتّى أرجع إليك يا إسماعيل ، فسهى عنه عند الملك ، فبقي إسماعيل إلى الحول هناك ، فأنبت الله لإسماعيل عشبا فكان يأكل منه ، وأجرى له عينا وأظلّه بغمام ، فخرج الملك بعد
    __________________
    (1) قوله : (أبي) ساقط في النسخ ، وهو من كتب الرجال (انظر منتهى المقال 7 : 390).
    (2) إلى هنا ورد نحوه في عوالي اللئالي 1 : 376 / 104 ، وعدّة الداعي : 62 وعنه في بحار الأنوار 73 : 44 / 5 ، ومسند الشهاب 2 : 243 / 1279 ، والجامع الصغير 1 : 190 / 1266.

    ذلك إلى التنزّه (1) ومعه العابد فرأى إسماعيل ، فقال : إنّك لهيهنا يا إسماعيل؟ فقال له : قلت : لا تبرح فلم أبرح ، فسمّي «صادق الوعد».
    قال : وكان جبّار مع الملك فقال : أيّها الملك ، كذب هذا العبد ، قد مررت بهذه البريّة فلم أره هيهنا. فقال له إسماعيل : إن كنت كاذبا فنزع الله صالح ما أعطاك ، قال : فتناثرت أسنان الجبّار ، فقال الجبّار : إنّي كذبت على هذا العبد الصالح فاطلب يدعو الله أن يردّ عليّ أسناني فإنّي شيخ كبير ، فطلب إليه الملك فقال : إنّي أفعل.
    قال : الساعة؟ قال : لا ، وأخّره إلى السحر ، ثمّ دعا ، قال : يا فضل (2) ، إنّ أفضل ما دعوتم الله بالأسحار ، قال الله تعالى : (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(3)(4).
    [إسماعيل عليه‌السلام صادق الوعد]
    [261 / 2] ـ وبهذا الإسناد عن ابن ماجيلويه ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، حدّثنا محمّد بن أورمة ، عن محمّد (5) بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن شعيب العقرقوفيّ (6) قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ إسماعيل نبيّ الله وعد رجلا بالصّفاح (7) ، فمكث به سنة مقيما وأهل مكّة يطلبونه لا يدرون أين هو؟ حتّى وقع عليه رجل فقال : يا نبيّ الله ، ضعّفنا بعدك وهلكنا.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (للنّزهة).
    (2) أي : الفضل بن أبي قرة السمندي.
    (3) الذاريات : 18.
    (4) عنه في بحار الأنوار 13 : 389 / 4 و 72 : 373 / 24 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 357.
    (5) في البحار 72 : 95 (موسى) بدلا من : (محمّد).
    (6) في «ر» «س» : (العقرقوقيّ).
    (7) الصفاح بكسر الصاد وتخفيف الفاء : موضع بين حنين وأنصاب الحرم يسرة الداخل إلى مكّة (النهاية 3 : 35).

    فقال : إنّ فلان الطاهر (1) وعدني أن أكون هيهنا ولم أبرح حتّى يجيء.
    قال : فخرجوا إليه حتّى قالوا له : يا عدوّ الله وعدت النبيّ فأخلفته فجاء وهو يقول لإسماعيل عليه‌السلام : يا نبيّ الله ، ما ذكرت ، ولقد نسيت ميعادك ، فقال : أما والله لو لم تجئني لكان منه المحشر ، فأنزل الله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ)(2)(3).
    [262 / 3] ـ وبإسناده في رواية أخرى قال : إنّ إسماعيل الذي سمّي صادق الوعد ليس هو إسماعيل بن إبراهيم خليل الله عليه‌السلام أخذه قومه فسلخوا جلده ، فبعث الله إليه ملكا فقال له : قد أمرت بالسمع والطاعة لك فمر فيهم بما أحببت ، فقال : لا ، يكون لي بالحسين عليه‌السلام أسوة (4).
    فصل
    في حديث لقمان عليه‌السلام
    [263 / 4] ـ وبالإسناد المذكور عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن درست ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : كان لقمان عليه‌السلام يقول لابنه : يا بنيّ ، إنّ الدنيا بحر وقد غرق فيها جيل كثير ، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله تعالى ، وليكن جسرك
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (فلانا الطاهي) ، وفي البحار 13 : 390 (فلان الطائفيّ) ، وفي 72 : 95 : (فلان الظاهر).
    (2) مريم : 54.
    (3) عنه في بحار الأنوار 13 : 390 / 5 وج 72 : 95 / 14.
    (4) رواه الصدوق في علل الشرائع 1 : 77 / 2 ونحوه ص 78 / 3 بسندين مختلفين مع تفاوت باللفظ وعنه في بحار الأنوار 13 : 388 / 2 و 3 وج 44 : 227 / 7.
    وأفرد ابن قولويه له بابا سمّاه (باب علم الأنبياء بقتل الحسين بن عليّ عليه‌السلام) في كامل الزيارات : 137 وعنه في بحار الأنوار 13 : 388 / 2 و 3 وج 44 : 237 / 28 وج 53 : 105 / 132 وقصص الأنبياء للجزائري : 358 ، وورد نحوه في الأمالي للمفيد : 39 / 7 وعنه في بحار الأنوار 13 : 391 / 7.

    إيمانا بالله ، وليكن شراعها (1) التوكّل ، لعلّك ـ يا بنيّ ـ تنجو ، وما أظنّك ناجيا.
    يا بنيّ ، كيف لا يخاف الناس ما يوعدون؟ وأنتم تنتقصون (2) في كلّ يوم وكيف لا يعدّ لما يوعد من كان له أجل ينفد؟!
    يا بنيّ ، خذ من الدنيا بلغة ، ولا تدخل فيها دخولا يضرّ (3) فيها بآخرتك ولا ترفضها ، فتكون عيالا على الناس ، وصم صياما يقطع شهوتك ، ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة ، فإنّ الصلاة أعظم عند الله من الصوم.
    يا بنيّ ، لا تتعلّم العلم لتباهي به العلماء وتماري به السفهاء أو ترائي به في المجالس ، ولا تترك العلم زهادة فيه ورغبة في الجهالة.
    يا بنيّ ، اختر المجالس على عينك (4) ، فإن رأيت قوما يذكرون الله فاجلس إليهم ، فإنّك إن تكن عالما ينفعك علمك ويزيدوك علما ، وإن تكن جاهلا يعلّموك ، ولعلّ الله تعالى أن يظلّهم (5) برحمة فيعمّك معهم.
    وقال : قيل للقمان عليه‌السلام : ما يجمع من حكمتك؟ قال : لا أسأل عمّا كفيته ولا أتكلّف ما لا يعنيني (6).
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (شراعك).
    (2) في «ر» «ص» : (وأنتم تنقصون) ، وفي البحار 13 : 416 (وهم ينتقصون).
    (3) في «م» : (ولا تدنيها دخولا تضرّ).
    (4) في «ر» «س» : (عيبتك) ، وفي «ص» والبحار 13 : 417 (عينيك).
    (5) في «ر» «س» : (يعمّهم).
    (6) عنه في بحار الأنوار 13 : 416 / 10 بتمامه وفي ج 93 : 290 / 10 (قطعة منه) ومستدرك الوسائل 13 : 16 / 6 وص 57 / 1 باختصار.
    وورد صدره في الكافي 1 : 16 / ضمن الحديث 12 وعنه في وسائل الشيعة 15 : 206 / 6 ، وتفسير القمّيّ 2 : 164 وعنه في بحار الأنوار 13 : 411 / 2 ، ومن لا يحضره الفقيه 2 : 282 / 2457 ، والاعتقادات للمفيد : 49 وعنه في بحار الأنوار 6 : 250 / ضمن الحديث 87 ، وتحف العقول : ـ

    [264 / 5] ـ وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سيف بن عميرة النخعيّ ، عن أخيه عليّ ، عن أبيهما ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان فيما وعظ به لقمان عليه‌السلام ابنه أن قال : يا بنيّ ، إن تك في شكّ من الموت ، فارفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك. وإن كنت (1) في شكّ من البعث ، فادفع عن نفسك الانتباه ، ولن تستطيع ذلك ، فإنّك إذا فكّرت في هذا علمت أنّ نفسك بيد غيرك ، وإنّما النوم بمنزلة الموت ، وإنّما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت (2).
    [265 / 6] ـ وقال : قال لقمان عليه‌السلام : يا بنيّ ، لا تقترب فيكون أبعد لك ، ولا تبعد فتهان ، كلّ دابّة تحبّ مثلها ، وابن (3) آدم لا يحبّ مثله؟
    لا تنشر بزّك (4) إلّا عند باغيه ، وكما ليس بين الكبش والذئب خلّة ، كذلك ليس بين البارّ والفاجر خلّة.
    من يقترب من الرفث (5) يعلّق (6) به بعضه كذلك من يشارك الفاجر يتعلّم (7) من طرقه.
    من يحبّ المراء يشتم ، ومن يدخل مدخل السوء يتّهم ، ومن يقارن قرين
    __________________
    ـ 385 وعنه في بحار الأنوار 1 : 136 / ضمن الحديث 30 ، ومكارم الأخلاق : 254.
    ووردت (قطعة منه) في دعائم الإسلام 1 : 83 من قوله : (يا بنيّ لا تتعلّم العلم) إلى قوله (أعظم عند الله من الصوم).
    (1) في «ر» «س» (تك) بدلا من : (كنت).
    (2) عنه في بحار الأنوار 7 : 42 / 13 وج 13 : 417 / صدر الحديث 11.
    (3) في «ر» «س» : (وإنّ ابن).
    (4) في «ر» «س» : (برّك) ، وبزّك أي : متاعك.
    (5) أي : الفحش ، وفي الكافي والبحار : (الزفت).
    (6) في «ر» «س» والبحار : (تعلّق).
    (7) في «ر» «س» : (تعلّم) ، وفي «ص» : (فيعلم).

    السوء لا يسلم ، ومن لا يملك لسانه يندم (1).
    [266 / 7] ـ وقال : يا بنيّ ، صاحب مائة ولا تعاد واحدا.
    يا بنيّ ، إنّما هو خلاقك دينك ، وخلقك بينك وبين الناس فلا تبغضنّ تعلّم محاسن الأخلاق.
    يا بنيّ ، كن عبدا للأخيار ، ولا تكن ولدا للأشرار.
    يا بنيّ ، عليك بأداء (2) الأمانة تسلم دنياك وآخرتك ، وكن أمينا فإنّ الله تعالى لا يحبّ الخائنين.
    يا بنيّ ، لا تر الناس أنّك تخشى الله وقلبك فاجر (3).
    فصل
    [في ذكر حكم لقمان]
    [267 / 8] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 13 : 417 / قطعة من الحديث 11 ، وفي مستدرك الوسائل 12 : 308 / 4 بإسناده إلى الصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى .. وباقي السند كما في الحديث السابق.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 2 : 641 / 9 بنفس المتن : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عمّن ذكره ، قال : قال لقمان .. وعنه في بحار الأنوار 12 : 426 / 20 ووسائل الشيعة 12 : 31 / 2 ومستدرك الوسائل 12 : 308 / 4.
    (2) في «ص» «م» ومعاني الأخبار : (أدّ) بدلا من : (عليك بأداء).
    (3) عنه في بحار الأنوار 13 : 417 ـ 418 / ذيل الحديث 11 ومستدرك الوسائل 14 : 8 / 14 وفيه أسنده إلى الصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى .. وباقي الإسناد كما في الحديث 5 من هذا الفصل.
    ورواه الصدوق في معاني الأخبار : 253 / 1 إلى قوله : (وكن أمينا) مع زيادة : (تكن غنيّا) : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن بعض أصحابنا رفعه ، قال : قال لقمان .. وعنه في بحار الأنوار 13 : 416 / 9 ووسائل الشيعة 12 : 156 / 33 ومستدرك الوسائل 14 : 8 / 13.

    ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن الحارث ، عن المغيرة (1) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أصلحك الله ، ما كان في وصيّة لقمان عليه‌السلام؟ (2)
    قال : كان فيها الأعاجيب ، ومن أعاجيب ما كان فيها أنّه قال : يا بنيّ ، خف الله خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك ، وارج الله رجاء لوجئته بذنوب الثقلين لرحمك (3).
    [268 / 9] ـ وبالإسناد المتقدّم عن سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمّد الإصفهانيّ ، عن سليمان بن داود المنقريّ ، حدّثنا حمّاد بن عيسى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن لقمان وحكمته ، فقال : أما والله ما أوتي الحكمة لحسب (4) ولا أهل ولا مال ولا بسطة (5) في الجسم ولا جمال ، ولكنّه كان رجلا قويّا (6) في أمر الله ، متورّعا في دينه ، ساكنا (7) سكيتا ، عميق النظر ، طويل
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (بن المغيرة).
    (2) في «ر» «س» : (ما في وصيّة لقمان لابنه).
    (3) رواه الكلينيّ في الكافي 2 : 67 / 1 : عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن حديد ، عن منصور بن يونس ، عن الحارث بن المغيرة ، أو أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 67 : 352 / 1 ووسائل الشيعة 15 : 216 / 1.
    وابن شعبة الحرّانيّ في تحف العقول : 375 وعنه في بحار الأنوار 75 : 259 / 151 بنفس المتن.
    ورواه القمّيّ في تفسيره 2 : 164 : عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقريّ .. والباقي مثله وعنه في بحار الأنوار 13 : 412 / ضمن الحديث 2 ، والصدوق في الأمالي : 766 / ضمن الحديث 5 : عن محمّد بن موسى بن المتوكّل ، عن عليّ بن الحسين بن السعدآباديّ ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن محمّد بن عليّ القاسانيّ .. والباقي مثله ، وعنه في بحار الأنوار 13 : 413 / 3 وج 67 : 384 / 40 ووسائل الشيعة 15 : 217 / 6 ، وعنهما في مستدرك الوسائل 11 : 224 / صدر الحديث 3 وفيهما تفاوت يسير في المتن.
    (4) في «ر» «س» والبحار والمستدرك : (بحسب).
    (5) في البحار والمستدرك : (بسط).
    (6) قوله : (قويّا) لم يرد في «ص» «م».
    (7) في «ر» «م» : (ساكتا) بدلا من : (ساكنا) ، وفي البحار : (سكينا) بدلا من : (سكيتا).

    التفكّر (1) ، حديد البصر (2) ، لم ينم نهارا قطّ ، ولم ينم في محفل قوم قطّ ، ولم يثقل في مجلس قطّ ، ولم يعب أحدا بشيء قطّ ، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط قطّ ، ولا اغتسال ، لشدّة تستّره وعمق نظره وتحفّظ لذنوبه.
    ولم يضحك من شيء قطّ ، ولم يغضب قطّ مخافة الإثم في دينه ، ولم يمازح إنسانا قطّ ، ولم يفرح لشيء (3) أوتيه من (4) الدنيا ، ولا حزن على ما فاته منها قطّ.
    وقد نكح النساء وولد له الأولاد الكثيرة وقدّم أكثرهم إفراطا له (5) ، فما بكى عند موت واحد منهم ، ولم يمرّ برجلين يختصمان أو يقتتلان إلّا أصلح بينهما ، ولم يسمع قولا من أحد استحسنه إلّا سأل عن تفسيره وخبره عمّن أخذه.
    وكان يكثر مجالسة الحكماء (6) والاختلاف إلى أهلها ، ويتواضع لهم ويغشي القضاة (7) والملوك والسلاطين ، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لعدّتهم واغترارهم بالله وطمأنينتهم (Cool إلى الدنيا وميلهم إليها وإلى زهرتها ، فيتفكّر في ذلك ويعتبر به ويتسلّم ما فعلت (9) به نفسه ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان ، وكان (10) يداري نفسه بالعبر وكان لا يظعن إلّا فيما ينفعه ،
    __________________
    (1) في «ر» والبحار والمستدرك : (الفكر).
    (2) في البحار والمستدرك : (النظر).
    (3) في «ر» «س» وتفسير القمّيّ : (بشيء).
    (4) في «ر» «س» زيادة : (أمور) ، وفي البحار زيادة : (أمر).
    (5) قوله : (له) ليس في «س» والبحار ، قال في المصباح المنير : 469 وأفرط فلان فرطا إذا مات له أولاد صغار ، وانظر : النهاية 3 : 434.
    (6) في «ر» «س» : (مجالس الحكماء) ، وفي البحار : (مجالسة الفقهاء والحكماء).
    (7) في «ر» «س» : (يخشى القضاء).
    (Cool في البحار : (لغرّتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك) بدلا من : (لعدّتهم واغترارهم بالله وطمأنينتهم).
    (9) في البحار : (ويتعلّم ما يغلب).
    (10) في «ر» «س» زيادة : (يداري بالتذكّر و) ، وفي البحار : (يداوي قلبه بالتفكّر و).

    ولا ينطق إلّا فيما يعنيه ، فبذلك أوتي الحكمة ومنح العصمة.
    وأنّ الله تعالى أمر طوائف من الملائكة ـ حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة (1) ـ ، فنادوا لقمان من حيث يسمع كلامهم ولا يراهم ، فقالوا : يا لقمان ، هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس؟
    فقال لقمان : إن أمرني ربّي بذلك فسمعا وطاعة ، لأنّه إن فعل ذلك بي أعانني وأغاثني وعلّمني وعصمني ، وإن هو عزوجل خيّرني قبلت العافية.
    فقالت الملائكة : ولم يا لقمان؟ قال : لأنّ الحكم بين الناس أشدّ المنازل من الدين وأكثر فتنا وبلاءا ، يخذل صاحبه ولا يعان ، ويغشاه الظلم من كلّ مكان ، وصاحبه منه بين أمرين : إن أصاب فيه الحقّ فبالحري أن يسلم وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضيعا بين الناس لا يعرف ، كان أهون عليه في المعاد وأقرب من أن يكون فيها حاكما سريّا (2) جليلا ، ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما ، تزول عنه هذه ولا يدرك تلك.
    قال : فعجبت الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن منطقه ، فلمّا أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشّاه بها ، فاستيقظ وهو أحكم أهل الأرض في زمانه على الناس ، ينطق بالحكمة ويبثّها فيهم ، وأمر الملائكة فنادت داود بالخلافة في الأرض فقبلها ، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليهما‌السلام وكان داود يقول : يا لقمان ، أوتيت الحكمة وصرفت عنك البليّة (3).
    __________________
    (1) أي : النوم عند نصف النهار.
    (2) السريّ : الشريف.
    (3) رواه القمّيّ في تفسيره 2 : 162 ـ 163 بتفاوت مع زيادة بعض المقاطع : عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد .. إلى آخر السند في المتن وعنه في بحار الأنوار 13 : 409 / 2 ومستدرك الوسائل 11 : 185 / 9.

    فصل
    [من مواعظ لقمان لابنه]
    [269 / 10] ـ وبالإسناد المذكور عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام أنّه قال : لمّا وعظ لقمان ابنه ، فقال : أنا منذ سقطت إلى الدنيا استدبرت واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب من دار أنت منها متباعد.
    يا بنيّ ، لا تطلب من الأمر مدبرا ولا ترفض منه مقبلا ، فإنّ ذلك يضلّ الرأي ويزري بالعقل.
    يا بنيّ ، ليكن ما تستظهر به على عدوّك : الورع عن المحارم ، والفضل في دينك ، والصيانة لمروّتك ، والإكرام لنفسك أن تدنّسها بمعاصي الرحمن ومساوئ الأخلاق وقبيح الأفعال ، واكتم سرّك ، وأحسن سريرتك ، فإنّك إذا فعلت ذلك آمنت بستر الله أن يصيب عدوّك منك (1) عورة أو يقدر منك على زلّة ، ولا تأمننّ (2) مكره فيصيب منك غرّة في بعض حالاتك ، فإذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلّك عثرة. وليكن ممّا تتسلّح به على عدوّك إعلان الرضا عنه ، واستصغر الكثير في طلب المنفعة واستعظم الصغير في ركوب المضرّة.
    يا بنيّ ، لا تجالس الناس بغير طريقتهم ، ولا تحملنّ عليهم فوق طاقتهم ، فلا يزال جليسك عنك نافرا والمحمول عليه فوق طاقته مجانبا لك ، فإذا أنت فرد لا صاحب لك يؤنسك ، ولا أخ لك يعضدك ، فإذا بقيت وحيدا كنت مخذولا وصرت ذليلا ، ولا تعتذر إلى من لا يحبّ (3) أن يقبل منك عذرا ولا يرى لك حقّا ،
    __________________
    (1) في النسخ : (منكم).
    (2) في «م» : (تأمن).
    (3) في «ر» «س» : (لا تحبّ).

    ولا تستعن في أمورك إلّا بمن يحبّ (1) أن يتّخذ في قضاء حاجتك أجرا ، فإنّه إذا كان كذلك طلب قضاء حاجتك لك كطلبه لنفسه ، لأنّه بعد (2) نجاحها لك كان ربحا في الدنيا الفانية وحظّا وذخرا له في الدار الباقية فيجتهد في قضائها لك ، وليكن إخوانك وأصحابك الذين تستخلصهم وتستعين بهم على أمورك أهل المروّة والكفاف والثروة ، والعقل والعفاف الذين إن نفعتهم شكروك ، وإن غبت عن جيرتهم ذكروك (3).
    فصل
    [من آداب نبي الله لقمان عليه‌السلام]
    [270 / 11] ـ وبالإسناد المتقدّم عن الصادق عليه‌السلام قال : قال لقمان لابنه (4) : إن تأدّبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عنى بالأدب اهتمّ به ، ومن اهتمّ به تكلّف علمه ، ومن تكلّف علمه (5) اشتدّ له طلبه ، ومن اشتدّ له طلبه أدرك به منفعة فاتّخذه عادة.
    وإيّاك والكسل منه والطلب بغيره ، وإن غلبت على الدنيا فلا تغلبنّ على الآخرة ، وإنّه إن فاتك طلب العلم فإنّك لن تجد تضييعا أشدّ من تركه.
    يا بنيّ ، استصلح الأهلين والإخوان من أهل العلم إن استقاموا لك على الوفاء ، واحذرهم عند انصراف الحال بهم عنك ، فإنّ عداوتهم أشدّ مضرّة من عداوة الأباعد لتصديق الناس إيّاهم لاطّلاعهم عليك.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (تحبّ).
    (2) في «م» : (يعدّ).
    (3) عنه في بحار الأنوار 13 : 418 / 12 بالسند الكامل ، وفي مستدرك الوسائل 12 : 438 / 3 من قوله :
    (ولا تستعن في أمورك) إلى آخر الحديث.
    (4) في «ر» «س» «ص» والبحار : (يا بنيّ) بدلا من : (لابنه).
    (5) قوله : (ومن تكلّف علمه) لم يرد في «ر» «س» «ص».

    وإذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم ، وأكثر التبسّم في وجوههم ، فإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوك فأعنهم ، واغلبهم بطول الصمت وكثرة البرّ والصلاة وسخاء النفس بما معك من دابّة أو مال أو زاد ، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، واسمع ممّن هو أكبر منك سنّا ، وإن تحيّرتم في طريقكم فانزلوا ، وإن شككتم في القصد فقفوا وتآمروا.
    وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابّتك ، ثمّ ابدأ بعلفها قبل نفسك فإنّها نفسك ، وإن استطعت أن لا تأكل من الطعام حتّى تتصدّق منه فافعل ، وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا ، والتسبيح ما دمت عاملا ، وبالدعاء ما دمت خاليا (1).
    فصل
    [في آداب المعاملة]
    [271 / 12] ـ وبإسناده قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال لقمان (2) : يا بنيّ ، إيّاك والضجر وسوء الخلق وقلّة الصبر ، فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب ، والزم نفسك التؤدة في أمورك ، وصبّر على مؤنات الإخوان نفسك ، وحسّن مع جميع الناس خلقك.
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 13 : 419 / 13.
    وورد صدره في تفسير القمّيّ 2 : 164 مع زيادة بعض العبارات : عن القاسم بن محمّد .. إلى آخر السند في المتن وعنه في بحار الأنوار 13 : 411 / ضمن الحديث 2.
    وورد ذيله في المحاسن 2 : 375 / 145 ، والكافي 8 : 348 / 547 ، ومن لا يحضره الفقيه 2 : 296 / 2505 وعنها في وسائل الشيعة 11 : 440 / 52 ، ومكارم الأخلاق : 252 / باب آداب المسافر ، وفي تفسير مجمع البيان 8 : 83 : عن كتاب من لا يحضره الفقيه ، وفيها تفاوت في المتن مع زيادة بعض المقاطع.
    (2) في «م» زيادة : (لابنه).

    يا بنيّ ، إن عدمت ما تصل به قرابتك وتتفضّل به على إخوتك (1) ، فلا يعدمنّك حسن الخلق وبسط البشر ، فإنّه من أحسن خلقه أحبّه الأخيار وجانبه (2) الفجّار ، واقنع بقسم الله لك يصف عيشك ، فإن أردت أن تجمع عزّ الدنيا ، فاقطع طمعك ممّا في أيدي الناس ، فإنّما بلغ الأنبياء والصدّيقون ما بلغوا بقطع طمعهم (3).
    [272 / 13] ـ وقال الصادق عليه‌السلام : قال لقمان (4) : يا بنيّ ، إن احتجت إلى سلطان فلا تكثر الإلحاح عليه ، ولا تطلب حاجتك منه إلّا في مواضع الطلب ، وذلك حين الرضا وطيب النفس ، ولا تضجرنّ بطلب (5) حاجة ، فإنّ قضاءها بيد الله ولها أوقات ، ولكن ارغب إلى الله وسله وحرّك أصابعك إليه.
    يا بنيّ ، إنّ الدنيا قليل وعمرك قصير.
    يا بنيّ ، احذر الحسد ، فلا يكوننّ من شأنك ، واجتنب سوء الخلق ، فلا يكوننّ من طبعك ، فإنّك لا تضرّ بهما إلّا نفسك ، وإذا كنت أنت الضارّ لنفسك كفيت عدوّك أمرك ، لأنّ عداوتك لنفسك أضرّ عليك من عداوة غيرك.
    يا بنيّ ، اجعل معروفك في أهله ، وكن فيه طالبا لثواب الله ، وكن مقتصدا ولا تمسكه تقتيرا ولا تعطه تبذيرا.
    __________________
    (1) في «ر» «س» والبحار : (إخوانك).
    (2) في «ر» زيادة : (الأشرار).
    (3) عنه في بحار الأنوار 13 : 419 / صدر الحديث 14 ومستدرك الوسائل 8 : 449 / 31 باختصار وفي ج 12 : 66 / 6 وص 69 / 8 (قطعة منه).
    وورد قريب منه في الخصال : 147 / 178 : عن أبيه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 70 : 297 / 6 و 71 : 174 / 6 و 74 : 396 / 16.
    (4) في «م» زيادة : (لابنه).
    (5) في «ر» «س» : (من طلب).

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:00 pm

    يا بنيّ ، سيّد أخلاق الحكمة دين الله تعالى ، ومثل الدين كمثل الشجرة النابتة فالإيمان بالله ماؤها ، والصلاة عروقها ، والزكاة جذعها ، والتآخي في الله شعبها ، والأخلاق الحسنة ورقها ، والخروج عن معاصي الله ثمرها ، ولا تكمل الشجرة إلّا بثمرة طيّبة ، كذلك الدين لا يكمل إلّا بالخروج عن المحارم.
    يا بنيّ ، لكلّ شيء علامة يعرف بها وإنّ للدين ثلاث علامات : العفّة والعلم والحلم (1).
    فصل
    [نصائح تربويّة]
    [273 / 14] ـ وبالإسناد المتقدّم عن سليمان بن داود المنقريّ ، عن ابن عيينة (2) ، عن الزهريّ ، عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما ، قال : قال لقمان لابنه : يا بنيّ ، إنّ أشدّ العدم عدم القلب ، وأنّ أعظم المصائب مصيبة الدين ، وأسنى المرزئة مرزئته ، وأنفع الغنى غنى القلب ، فتلبّث في كلّ ذلك والزم القناعة والرضا بما قسم الله ، وأنّ السارق إذا سرق حبسه الله من رزقه وكان عليه إثمه ، ولو صبر لنال ذلك وجاءه من وجهه.
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 13 : 420 / ذيل الحديث 14 وفي مستدرك الوسائل 12 : 20 / 16 وص 349 (قطعة منه).
    وورد قريب من ذيله في الخصال : 121 / 113 بنفس السند المذكور في المتن ، قال : قال لقمان لابنه : لكلّ شيء علامة يعرف بها ويشهد عليها ، وإنّ للدين ثلاث علامات : العلم والإيمان والعمل به .. وعنه في بحار الأنوار 13 : 415 / 8 وج 69 : 206 / 7 ومستدرك الوسائل 3 : 87 / 19.
    (2) في «ص» «م» : (نصر بن عيينة) ، وفي «ر» «س» : (محمّد بن عيينة) والصحيح ما أثبتناه من البحار ، وهو سفيان بن عيينة (انظر : الكافي 2 : 602 / 13 و 605 / 7 و 4 : 83 / 1 ، والخصال : 111 / 83 وثواب الأعمال : 192 وعلل الشرائع 1 : 297 / 1 وتهذيب الأحكام 2 : 131 / 427).

    يا بنيّ ، اخلص طاعة الله حتّى لا يخالطها شيء (1) من المعاصي ، ثمّ زيّن الطاعة باتّباع أهل الحقّ ، فإنّ طاعتهم متّصلة بطاعة الله ، وزيّن ذلك بالعلم ، وحصّن علمك بحلم لا يخالطه حمق ، واخزنه بلين لا يخالطه جهل ، وسدّد (2) بحزم لا يخالطه الضياع ، وامزج حزمك برفق لا يخالطه العنف (3).
    [274 / 15] ـ وعن سليمان بن داود ، حدّثنا يحيى بن سعيد القطّان ، قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : قال لقمان : حملت الجندل (4) والحديد وكلّ حمل ثقيل ، فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء ، وذقت المرارات كلّها ، فما ذقت (5) شيئا أمرّ من الفقر (6).
    يا بنيّ ، لا تتّخذ الجاهل رسولا ، فإن لم تصب عاقلا حكيما (7) يكون رسولك ، فكن أنت رسول نفسك.
    يا بنيّ ، اعتزل الشرّ ، يعتزلك (Cool.
    [275 / 16] ـ وقال الصادق عليه‌السلام : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قيل للعبد الصالح لقمان :
    __________________
    (1) في «ر» «س» والبحار : (ولا تخالطها بشيء).
    (2) في «ر» «س» «ص» : (وشدّد) ، وفي البحار : (وشدّده).
    (3) عنه في بحار الأنوار 13 : 420 / 15.
    (4) الجندل : الصخر العظيم.
    (5) في الأمالي للصدوق : (فلم أذق).
    (6) إلى هنا ورد في الأمالي للصدوق : 766 / ذيل الحديث 5 بنفس المتن : عن محمّد بن موسى بن المتوكّل ، عن عليّ بن الحسين السعد آباديّ ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن عليّ بن محمّد القاسانيّ ، عن سليمان بن داود المنقريّ ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الصادق عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 13 : 413 / 3.
    وورد في المصنّف لابن أبي شيبة الكوفيّ 8 : 123 / 6 ، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا : 108 / 351.
    (7) في «ر» «س» : (حليما).
    (Cool عنه في بحار الأنوار 13 : 421 / صدر الحديث 16 ، وانظر الدرّ المنثور 5 : 163.

    أيّ الناس أفضل؟ قال : المؤمن الغنيّ.
    قيل : الغنيّ من المال؟ فقال : لا ، ولكن الغنيّ من العلم الذي إن احتيج إليه انتفع بعلمه ، وإن استغنى عنه اكتفى.
    وقيل : فأيّ الناس أشرّ؟ قال : الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا (1).
    [276 / 17] ـ قال : فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كان فيما وعظ لقمان ابنه أنّه قال : يا بنيّ ، ليعتبر من قصر يقينه وضعف ثقته (2) في طلب الرزق أنّ الله تعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره ، وأتاه رزقه ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة ، أنّ الله سيرزقه في الحالة الرابعة.
    أمّا أوّل ذلك ، فإنّه كان في رحم أمّه يرزقه هناك في قرار مكين ، حيث لا برد يؤذيه ولا حرّ ، ثمّ أخرجه من ذلك ، وأجرى له من لبن أمّه يربّيه (3) من غير حول به ولا قوّة ، ثمّ فطم من ذلك فأجرى له من كسب أبويه برأفة ورحمة من قلوبهما (4) ، حتّى إذا كبر وعقل واكتسب لنفسه ضاق به أمره ، فظنّ الظنون بربّه وجحد الحقوق في ماله وقتّر على نفسه وعياله مخافة الفقر (5).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 13 : 421 / ذيل الحديث 16.
    وورد ذيل الحديث في تفسير مجمع البيان 8 : 82 ، وفيه : (شرّ) بدلا من : (أشرّ) وعنه في بحار الأنوار 13 : 425 ، وانظر عيون الحكم والمواعظ الواسطيّ : 295.
    (2) في الخصال : (نيّته).
    (3) في الخصال : (لبن أمّه يكفيه به ويربّيه وينعشه).
    (4) في النسخ الأربع : (بلويهما) ، وفي البحار 100 : 30 (تلويهما) ، والمثبت موافق لما في البحار 13 : 414 ومستدرك الوسائل.
    (5) عنه في بحار الأنوار 13 : 414 / 5 وج 100 : 30 / 54 ومستدرك الوسائل 13 : 34 / 6.
    ورواه الصدوق في الخصال : 122 / 114 ، بنفس السند مع تفاوت في المتن وعنه في بحار الأنوار 13 : 414 / 5 وج 68 : 136 / 17 وتفسير نور الثقلين 3 : 533 / 40.

    الباب الحادي عشر :
    في نبوّة داود عليه‌السلام


    [إدخال السرور على المؤمن]
    [277 / 1] ـ وبالإسناد المتقدّم عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى داود عليه‌السلام أنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه بها جنّتي ، قال داود : يا ربّ ، وما تلك الحسنة؟
    فقال الله عزوجل : يدخل على قلب عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة يطعمها إيّاه ، قال داود عليه‌السلام : حقّ على من عرفك أن لا يقطع رجاءه منك (1).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 34 / 5.
    وورد في كتاب المؤمن للأهوازي : 56 / 143 وعنه في مستدرك الوسائل 12 : 397 / 12 ، والكافي 2 : 189 / 5 : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 71 : 289 / 18 ، والأمالي للصدوق : 700 / 3 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهديّ ، عن الحسن بن محبوب .. والباقي مثله وعنه في بحار الأنوار 14 : 34 / 5 وج 71 : 283 / 1 وعنهما في وسائل الشيعة 16 : 350 / 7.
    وجاء في الأمالي : 700 / 3 وثواب الأعمال : 134 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب .. والباقي مثله ، وعن الأمالي في بحار الأنوار 14 : 34 / 5 وعنهما فيه ج 71 : 283 / 1. ـ

    [278 / 2] ـ وبإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى داود عليه‌السلام : أن بلّغ قومك أنّه ليس من عبد منهم آمره بطاعتي فيطيعني إلّا كان حقّا عليّ أن أعينه على طاعتي ، فإن سألني أعطيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن اعتصم بي عصمته ، وإن استكفاني كفيته ، وإن توكّل عليّ حفظته ، وإن كاده جميع خلقي كدت دونه (1).
    [279 / 3] ـ وبالإسناد المذكور ، عن محمّد بن أورمة ، عن الحسن بن عليّ (2) رفعه ، قال : أوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام : أذكرني في أيّام سرّائك حتّى أستجيب (3) لك في أيّام ضرّائك (4).
    __________________
    ـ وورد الخبر بأسانيد مختلفة في قرب الإسناد : 119 / 417 وعنه في بحار الأنوار 72 : 19 / 11 ، وعيون أخبار الرضا عليه‌السلام 2 : 279 / 84 ومعاني الأخبار : 374 / 1 وعنهما في وسائل الشيعة 16 : 373 / 9 وفي بحار الأنوار 14 : 35 / 6 وج 72 : 19 / 10 عن المعاني والعيون ، وكتاب المؤمن : 56 وعنه في مستدرك الوسائل 12 : 397 / 13.
    وورد قريب منه في الأمالي للطوسي : 515 / 34 وعنه في بحار الأنوار 14 : 36 / 11 وج 71 : 302 / 43.
    وانظره في : اعلام الدين : 444 ، وعدّة الداعي : 181.
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 37 / 13 وج 68 : 182 / 40.
    وأورده ابن فهد الحلّيّ في عدّة الداعي : 292 عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 90 : 376 / ذيل الحديث 16.
    (2) هذا الرجل بقرينة رواية محمّد بن أورمة عنه هو : ابن علي بن أبي حمزة البطائني ، وقد صنعت رسالة في اعتبار الأب والابن ، ورواية ابن أورمة عن الحسن بن علي جاءت أيضا في السند المرقّم ب : 42 و 359 و 387 ، ولا تنافيها إضافة : (بن محمّد) في موضع لوصحّ السند المرقّم ب : 352 ؛ فإنّه بالإمكان أن يكون شخصا آخر من قبيل الحسن بن أبي قتادة ـ علي بن محمّد [رجال النجاشي : 37 / 74] ، وطبقته نفس الطبقة (عرفانيان).
    وقد مرّ منّا في الحديث 42 احتمال كون الحسن بن علي هو ابن فضّال ، فراجع.
    (3) في «ر» «س» : (استجب) بدلا من : (حتّى أستجيب).
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 37 / 15 وج 90 : 381 / 6 ومستدرك الوسائل 5 : 182 / 7. ـ

    [280 / 4] ـ وعن ابن بابويه (1) ، حدّثنا عليّ بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن هارون الصوفيّ ، عن أبي بكر عبيد الله بن موسى ، حدّثنا محمّد بن الحسين الخشّاب ، حدّثنا محمّد بن محصن ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى داود عليه‌السلام : مالي أراك منفردا (2)؟ قال : أي ربّ عاداني الخلق فيك. قال : فماذا تريد؟ قال : محبّتك ، قال : فإنّ محبّتي التجاوز عن عبادي (3).
    [281 / 5] ـ وبهذا الإسناد قال : أوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام : بي فافرح ، وبذكري فتلذّذ ، وبمناجاتي فتنعّم ، فعن قليل أخلي الدار من الفاسقين (4).
    وأوحى الله إليه : مالي أراك وحدانا؟ قال : هجرت الناس فيك (5) ، وهجروني فيك.
    قال : فمالي أراك ساكتا؟ قال : خشيتك أسكتتني (6).
    قال : فمالي أراك نصبا؟ قال : حبّك أنصبني.
    قال : فمالي أراك مقترا (7) وقد أفدتك؟ قال : القيام بحقّك أفقرني.
    __________________
    ـ ورواه محمّد بن محمّد الأشعث في الأشعثيّات (الجعفريّات) : 214 ـ 215 بنفس المتن : عن عبد الله ابن محمّد ، عن محمّد بن محمّد ، عن موسى بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام .. وعنه في مستدرك الوسائل 5 : 180 / 1.
    (1) في «ر» «س» : (أرومة) ، وفي «ص» «م» : (أورمة) ، والكلّ غلط والمثبت هو الصحيح : (بابويه) فإنّ عليّ بن أحمد هو الدقّاق من مشايخ الشيخ الصدوق بقرينة الرجال الذين بعده في باقي السند ، ويتأيّد ذلك بأسانيد بعض هذا الكتاب.
    (2) في «ر» «س» «ص» : (متفرّدا).
    (3) رواه علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصيّة : 57 مع زيادة في آخر : فإذا رأيت لي مريدا ، فكن له خادما وعنه في مستدرك الوسائل 12 : 428 / 4.
    (4) في الأمالي وروضة الواعظين زيادة : (واجعل لعنتي على الظالمين).
    (5) قوله : (فيك) لم يرد في الأمالي.
    (6) في «ر» «س» : (أسكتني).
    (7) في الأمالي : (فقيرا).

    قال : فمالي أراك متذلّلا؟ قال : عظم جلالك الذي لا يوصف ذلّلني.
    قال : فابشر بالفضل منّي فيما تحبّ يوم لقائي (1) : خالط الناس ، وخالقهم بأخلاقهم ، وزائلهم في أعمالهم بدينك تنل ما تريد منّي يوم القيامة (2).
    [282 / 6] ـ وبهذا الإسناد قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى داود عليه‌السلام : أنّ العباد تحابّوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب ، وأظهروا العمل للدّنيا وأبطنوا الغشّ والدغل (3).
    فصل
    [إلهام الله داود القضاء]
    [283 / 7] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن بكير (4) ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ داود عليه‌السلام كان يدعو الله أن يعلّمه (5) القضاء بين الناس بما هو عنده تعالى الحقّ ، فأوحى الله إليه : يا داود ، أنّ الناس لا يحتملون ذلك وإنّي سأفعل ، وارتفع
    __________________
    (1) في الأمالي : (تلقاني).
    (2) عنه وعن الأمالي للصدوق : 263 / ذيل الحديث 1 في بحار الأنوار 14 : 34 / 3 بتفصيل في السند مع تقديم وتأخير في المتن ، وفي مستدرك الوسائل 5 : 398 / 3 عن الأمالي.
    وورد صدره في روضة الواعظين : 461 عن الصادق عليه‌السلام إلى قوله : (الفاسقين).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 37 / 14.
    (4) في النسخ : (أبي بكر) ، وما أثبتناه هو الصواب ، وأبي بكر هنا محرّف من ابن بكير وكثرة تصحيفات نسخ الكتاب تقوّي هذا الاحتمال ، ولم نجد رواية أبي بكر عن زرارة وأمّا ابن بكير فزرارة عمّه وهو عمدة مشايخه وقد كثر روايته عنه حتّى اشتهر هذا الطريق ، منها ما رواه محمّد بن خالد البرقي في المحاسن 1 : 243 / 234 عن «إسماعيل بن إبراهيم عن ابن بكير عن زرارة». (من إفادات سيّدنا الشبيري الزنجاني)
    (5) في «ص» «م» : (أن يسلمه الله) ، وفي البحار : (أن يلهمه الله) بدلا من : (الله أن يعلّمه).

    إليه رجلان فاستعداه (1) أحدهما على الآخر ، فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه ، ففعل ، فاستعظمت بنو إسرائيل ذلك ، وقالت : رجل جاء يتظلّم من رجل ، فأمر الظالم أن يضرب عنقه.
    فقال عليه‌السلام : ربّ أنقذني من هذه الورطة.
    قال : فأوحى الله تعالى إليه : يا داود ، سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي (2) الحقّ ، وأنّ هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه ، فأمرت بضرب (3) عنقه قودا بأبيه ، وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت شجرة (4) كذا ، فأته فناده باسمه فإنّه سيجيبك فسله.
    قال : فخرج داود عليه‌السلام وقد فرح فرحا شديدا لم يفرح مثله ، فقال لبني إسرائيل : قد فرّج الله ، فمشى ومشوا معه ، فانتهى إلى الشجرة فنادى : يا فلان ، فقال : لبّيك يا نبيّ الله ، قال : من قتلك؟
    قال : فلان ، فقالت بنو إسرائيل : لسمعناه يقول : يا نبيّ الله فنحن نقول كما قال ، فأوحى الله إليه : يا داود ، إنّ العباد لا يطيقون الحكم بما هو الحقّ (5) فسل المدّعي البيّنة وأضف المدّعى عليه إلى اسمي (6).
    [قضيّة الشيخ والشابّ]
    [284 / 8] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله
    __________________
    (1) استعداه أي : استعان به واستنصره.
    (2) قوله : (عندي) لم يرد في «ر» «س».
    (3) في «ص» والبحار والمستدرك : (فضربت) بدلا من : (بضرب).
    (4) في النسخ الأربع : (صخرة) ، والمثبت موافق لما في البحار.
    (5) في «ر» «س» «ص» والبحار والمستدرك : (عندي الحكم) بدلا من : (الحقّ).
    (6) عنه في بحار الأنوار 14 : 5 / 13 وقصص الأنبياء للجزائري : 380 ومستدرك الوسائل 17 : 367 / 3.

    ابن جعفر الحميريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ داود عليه‌السلام سأل ربّه أن يريه قضيّة من قضايا الآخرة (1) ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : لقد سألت ربّك شيئا ما سأله قبلك نبيّ من أنبيائه (2) صلوات الله عليهم.
    يا داود ، إنّ الذي سألت لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه (3) ، فقد أجاب الله دعوتك (4) ، إنّ أوّل خصمين يردان عليك غدا القضيّة فيهما من قضايا الآخرة ، فلمّا أصبح داود وجلس في مجلس القضاء أتى شيخ متعلّق بشابّ ، ومع الشابّ عنقود من عنب ، فقال الشيخ : يا نبيّ الله! إنّ هذا الشابّ دخل بستاني ، وخرّب كرمي (5) ، وأكل منه بغير إذني ، قال : فقال داود للشابّ : ما تقول؟ قال : فأقرّ الشابّ بأنّه قد فعل ذلك.
    فأوحى الله تعالى إليه : يا داود ، إن كشف (6) لك من قضايا الآخرة فقضيت بها بين الشيخ والغلام لم يحتملها قلبك ولا يرضى بها قومك. يا داود ، إنّ هذا الشيخ اقتحم على والد هذا الشابّ (7) في بستانه ، فقتله وغصبه بستانه وأخذ منه أربعين ألف درهم ، فدفنها في جانب بستانه ، فادفع إلى الشابّ سيفا ومره أن يضرب عنق الشيخ ، وادفع إليه البستان ، ومره أن يحفر في موضع كذا من البستان ويأخذ ماله.
    __________________
    (1) في الكافي والبحار 14 : 6 زيادة : (فأوحى الله إليه : يا داود ، أنّ الذي سألتني لم أطلع عليه أحدا من خلقي ، ولا ينبغي لأحد أن يقضي به غيري ، قال : فلم يمنعه ذلك أن عاد فسأل الله أن يريه قضيّة من قضايا الآخرة قال Smile.
    (2) في «ر» «س» : (الأنبياء).
    (3) في الكافي والبحار زيادة : (ولا ينبغي لأحد أن يقضي به غيره).
    (4) في الكافي والبحار زيادة : (وأعطاك ما سألت).
    (5) الكرم وزان فلس : العنب (المصباح المنير : 531).
    (6) في الكافي والبحار : (إن كشفت).
    (7) في الكافي : (أبي هذا الغلام) بدلا من : (والد هذا الشاب).

    قال : ففزع داود عليه‌السلام من ذلك وجمع علماء أصحابه وأخبرهم بالخبر وأمضى القضيّة على ما أوحى الله إليه (1).
    [285 / 9] ـ وبإسناده عن محمّد بن أورمة ، عن فضالة بن أيّوب ، عن داود بن فرقد ، عن إسماعيل بن جعفر ، قال : اختصم رجلان إلى داود عليه‌السلام في بقرة فجاء هذا ببيّنة وجاء هذا ببيّنة على أنّها له ، فدخل داود المحراب ، فقال : يا ربّ ، قد أعياني أن أحكم بين هذين ، فكن أنت الذي تحكم بينهما.
    فأوحى الله تعالى إليه : اخرج فخذ البقرة من الذي هي في يده وادفعها إلى الآخر واضرب عنقه ، قال : فضجّت بنو إسرائيل (2) وقالوا : جاء هذا ببيّنة وجاء هذا ببيّنة مثل بيّنة هذا ، وكان أحقّهما (3) بإعطائها الذي هي في يده ، فأخذها منه وضرب عنقه وأعطاها الآخر ، فدخل داود المحراب ، فقال : يا ربّ ، قد ضجّت بنو إسرائيل بما حكمت.
    فأوحى الله تعالى إليه : إنّ الذي كانت البقرة في يده لقي أبا الآخر فقتله وأخذ البقرة منه ، فإذا جاءك مثل هذا فاحكم بينهم بما ترى ، ولا تسألني أن أحكم بينهم حتّى الحساب (4).
    __________________
    (1) عنه وعن الكافي 7 : 421 / 1 في بحار الأنوار 14 : 6 / 14 ، والسند في الكافي هكذا : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ... وورد مضمونه في دعائم الإسلام 2 : 519 / ضمن الحديث 1858 : عن عليّ عليه‌السلام .. وعنه في مستدرك الوسائل 17 : 362 / ضمن الحديث 2.
    (2) في الكافي والتهذيب زيادة : (من ذلك).
    (3) في «ر» «س» «ص» والبحار : (أحقّهم).
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 7 / 15.
    وورد في الكافي 7 : 432 / 21 : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن داود بن فرقد ، عن إسماعيل بن جعفر قال .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 7 / 15 ، وتهذيب الأحكام 6 : 287 / 4 : عن الحسين بن سعيد .. إلى آخر السند في المتن.

    فصل
    [تليين الحديد لداود عليه‌السلام]
    [286 / 10] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله تعالى لداود : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)(1) قال : هي الدرع. والسرد : تقدير الحلقة بعد الحلقة (2).
    [287 / 11] ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر (3) ،
    __________________
    (1) سبأ : 10 ، ولكي يتّضح مضمون الحديث لا بأس بذكر تتمّة الآية : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ* أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ).
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 5 / 10.
    قال ابن حمزة الطوسيّ في الثاقب في المناقب : 165 / ذيل الحديث 2 في تفسير الآية (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) فإنّه ألان له الحديد ليتّخذ له الدروع منه كأنّه الشمعة في يده.
    وفي قرب الإسناد للحميريّ : 364 / 1305 عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : سألنا الرضا عليه‌السلام : «هل أحد من أصحابكم يعالج السلاح؟ فقلت : رجل من أصحابنا زرّاد ، فقال : إنّما هو السرّاد ، أما تقرأ كتاب الله عزوجل في قول الله لداود عليه‌السلام : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) الحلقة بعد الحلقة.
    (3) في النسخ : (عثمان) ، والصواب ما أثبتناه ، وهو الصنعاني اليماني المترجم في رجال النجاشي 20 / 26 ، ورواية «حمّاد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر» مشهور ، وأمّا رواية «يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر» فجاء في عدّة من أسانيد الصدوق وغيره (انظر : الكافي 8 : 165 / 179 ، توحيد الصدوق : 359 / 1 ، الخصال : 27 / 95 ، مشيخة الفقيه 4 : 495 ، مختصر البصائر : 132 ، الغيبة : 239 / 288). وجاء نفس طريقنا في الخصال : 477 / 41 ، فلاحظ.
    وكثرة تصحيف لفظ عثمان وعمر بالآخر وثبوت التحريف في غير مورد من أسانيد نسخ هذا الكتاب تنفي البعد عن كون عثمان هنا مصحّفا من عمر من جهة شيوع إسقاط الألف كتابة في عثمان قديما وكتابته بنحو شبه عمر (من إفادات سيّدنا الشبيري الزنجاني).

    عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ)(1) قال : ذو (2) القوّة (3).
    [288 / 12] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان على عهد داود عليه‌السلام سلسلة تتحاكم (4) الناس إليها ، وإنّ رجلا أودع رجلا جوهرا ، فجحده إيّاه فدعاه إلى السلسلة ، فذهب معه إليها وقد أدخل الجوهر في قناة ، فلمّا أراد أن يتناول السلسلة قال له : أمسك هذه القناة حتّى آخذ السلسلة (5) ، فأمسكها ودنا الرجل من السلسلة فتناولها وأخذها وصارت في يده.
    فأوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام : أن احكم بينهم بالبيّنات وأضفهم إلى اسمي يحلفون (6) به ، ورفعت السلسلة (7).
    [289 / 13] ـ وعن ابن بابويه ، عن عليّ بن أحمد ، عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، حدّثنا موسى بن عمران النخعيّ ، عن الحسين بن أبي سعيد ، عن
    __________________
    (1) سورة ص : 17.
    (2) في «ص» «م» والبحار : (ذا).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 5 / 11.
    ورواه الصدوق في الاعتقادات : 23 ، والمفيد في تصحيح اعتقادات الإماميّة : 30 / باب تأويل اليد ، والطبرسيّ في مجمع البيان 8 : 349 : عن ابن عبّاس ، ومجاهد.
    وورد مضمونه في التوحيد : 153 / ضمن الحديث 1 وعنه في بحار الأنوار 4 : 4 / 5 ، ومعاني الأخبار : 16 / ضمن الحديث 8.
    (4) في «ر» «س» والبحار : (يتحاكم) ، وفي «ص» : (تحاكم).
    (5) في «ر» «س» : (آخذها) بدلا من : (آخذ السلسلة).
    (6) في «ر» «س» : (ليحلفوا).
    (7) عنه في بحار الأنوار 14 : 8 / 16 وج 101 : 297 / 2 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 380.
    وتفصيل هذه القصّة في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ضمن حديث طويل.

    أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول فيما يقول الناس في داود وامرأة أوريا؟ فقال : ذلك شيء تقوّله العامّة (1).
    [290 / 14] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن مختار ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو أخذت أحدا يزعم أنّ داود وضع يده عليها لحدّدته حدّين : حدّا للنبوّة ، وحدّا لما رماه به (2).
    [شهادة المقترف للذنوب]
    [291 / 15] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوريّ ، حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة ، حدّثنا حمدان بن سليمان ، عن نوح ابن شعيب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن علقمة (3) قال : قال الصادق عليه‌السلام ـ وقد قلت له : يابن رسول الله ، أخبرني عمّن تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته؟ ـ فقال : يا علقمة ، كلّ من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته.
    قلت له : تقبل شهادته مقترفا للذنوب (4)؟ قال : لو لم تقبل شهادة المقترفين
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 26 / 5 ، وقصص الأنبياء للجزائريّ : 389.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 26 / 6 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 390.
    قال الشريف المرتضى في تنزيه الأنبياء : 132 ، والطبرسيّ في تفسير مجمع البيان 8 : 354 : «وقد روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : لا آتي برجل يزعم أنّ داود تزوّج امرأة أوريا ، إلّا جلدته حدّين : حدّا للنبوّة ، وحدّا للإسلام» وفي تفسير نور الثقلين 4 : 446 / 22 عن تفسير مجمع البيان.
    وانظر : خريدة القصر وجريدة العصر للعماد الأصفهانيّ : 1068 ، ونهاية الإرب في فنون الأدب للنويريّ : 7641.
    (3) في النسخ : (صالح بن علقمة) بدلا من : (صالح بن عقبة عن علقمة) ، والمثبت موافق لما في البحار والوسائل بلحاظ مخاطبة الإمام عليه‌السلام في الخبر لعلقمة مكرّرا (عرفانيان).
    (4) في «ر» «س» : (شهادة مقترف الذنوب) ، وفي الأمالي : (شهادة المقترف للذنوب).

    لما قبلت إلّا شهادة (1) الأنبياء والأوصياء ، لأنّهم معصومون دون سائر الخلق فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من (2) أهل العدالة والستر ، وشهادته مقبولة (3) ، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولايته.
    ولقد حدّثني أبي عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنّة (4) ، ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما ، وكان المغتاب في النار (5).
    قال علقمة : فقلت : إنّ الناس ينسبونا إلى عظائم من الأمور.
    فقال : إنّ رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ، وكيف تسلمون ممّا لم يسلم منه أنبياء الله ورسل الله وحجج الله؟ ألم ينسبوا يوسف إلى أنّه همّ بالزنا؟! ألم ينسبوا أيّوب إلى أنّه ابتلي بذنوبه؟! ألم ينسبوا داود إلى أنّه نظر إلى امرأة أوريا فهمّ بها ، وأنّه قدّم زوجها أمام التابوت حتّى قتل وتزوّج بها؟!
    ألم ينسبوا موسى عليه‌السلام إلى أنّه عنّين ، وآذوه حتّى برّأه الله ممّا قالوا؟! ألم ينسبوا مريم بنت عمران إلى الزنا؟! ألم ينسبوا نبيّنا محمّد عليه‌السلام إلى أنّه شاعر مجنون؟! ألم ينسبوه إلى أنّه هوى امرأة زيد بن حارثة ولم يزل بها حتّى استخلصها لنفسه ، فاستعينوا بالله واصبروا ، إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين (6).
    __________________
    (1) في الأمالي : (شهادات).
    (2) قوله : (من) لم يرد في «ر» «س» «ص».
    (3) في الأمالي زيادة : (وإن كان في نفسه مذنبا).
    (4) في الأمالي زيادة : (أبدا).
    (5) في الأمالي زيادة : (خالدا فيها وبئس المصير).
    (6) رواه الصدوق في الأمالي : 163 / 3 بتفاوت في المتن مع زيادة فيه : عن أبيه ، عن عليّ بن ـ

    فصل
    [تأجيل الموت عن شابّ]
    [292 / 16] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ (1) ، عن عليّ بن سوقة ، عن عيسى الفرّاء ، وأبي عليّ العطّار ، عن رجل ، عن الثماليّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بينا داود عليه‌السلام جالس وعنده شابّ رثّ الهيئة يكثر الجلوس عنده ويطيل الصّمت إذ أتاه ملك الموت ، فسلّم عليه وأحدّ ملك الموت النظر إلى الشابّ ، فقال داود عليه‌السلام : نظرت إلى هذا؟
    فقال : نعم ، إنّي أمرت بقبض روحه إلى سبعة أيّام في هذا الموضع ، فرحمه داود ، فقال : يا شابّ ، هل لك امرأة؟ قال : لا وما تزوّجت قطّ. قال داود : فأت
    __________________
    ـ محمّد ابن قتيبة .. إلى آخر السند في المتن وعنه في بحار الأنوار 67 : 2 / 4 بتمامه وفي ج 72 : 247 / 12 وج 85 : 34 وج 101 : 314 / 1 إلى قوله : (وبئس المصير) ، وروى صدره الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 27 : 395 / 13 من كتاب الشهادات ، وقطعة منه في ج 12 : 285 / 20 من أبواب أحكام العشرة.
    (1) في الموضعين من البحار (الوشاء) بدلا من : (الحسن بن علي) ، ولعلّه اختار العلّامة المجلسي قدس‌سره كون المراد من الحسن هو الوشاء فرواه عنه بعنوان الوشاء الذي هو اختصار من الحسن بن علي الوشاء ، وهو غير معلوم لاحتمال كون الحسن هو الحسن بن علي بن فضّال. ثمّ إنّي لم أجد (علي بن سوقة) مع الفحص في غير هذا الموضع ، والموجود في الأسانيد (علي بن سويد) ، وفي موضع (علي بن سورة) فاحتمال التصحيف هنا غير بعيد. (من إفادات السيّد الشبيري الزنجاني)
    وأيضا لا يبعد كون الصواب : (عليّ بن عقبة) فقد تكرّرت رواية الحسن بن علي بن فضّال عن عليّ بن عقبة ، وكذلك ورد رواية الحسن بن عليّ بن فضّال عن عيسى الفرّاء في الكافي 4 : 251 / 12 و 244 / 2 ، التهذيب 3 : 238 و 5 : 443. وكأنّ المراد من أبي عليّ العطار هو الحسن بن عليّ العطار الذي روى ابن فضّال عنه في الكافي 1 : 342 / 28 ، واحتمال إرادة داود بن أبي يزيد العطّار بعيد ؛ فلاحظ. (الموسوي)

    فلانا ـ رجلا كان عظيم القدر في بني إسرائيل ـ فقل له : إنّ داود يأمرك أن تزوّجني ابنتك ، وتدخلها الليلة عليّ ، وخذ من النفقة ما تحتاج إليه وكن عندها ، فإذا مضت سبعة أيّام فوافني في هذا الموضع.
    فمضى الشابّ برسالة داود عليه‌السلام ، فزوّجه الرجل ابنته ، وأدخلها عليه وأقام عندها سبعة أيّام ، ثمّ وافى داود اليوم الثامن ، فقال له داود : يا شابّ ، كيف رأيت ما كنت فيه؟ قال : ما كنت في نعمة ولا سرور قطّ أعظم ممّا كنت فيه.
    قال داود : اجلس ، فجلس وداود ينتظر أن تقبض روحه ، فلمّا طال قال : انصرف إلى منزلك فكن مع أهلك ، فإذا كان اليوم الثامن فوافني هيهنا.
    فمضى الشابّ ، ثمّ وافاه اليوم الثامن وجلس عنده ، ثمّ انصرف أسبوعا آخر ، ثمّ أتاه وجلس فجاء ملك الموت إلى داود ، فقال داود : ألست حدّثتني بأنّك أمرت بقبض روح هذا الشابّ إلى سبعة أيّام.
    قال : بلى ، فقال : قد (1) مضت ثمانية وثمانية وثمانية؟ قال : يا داود ، إنّ الله تعالى رحمه برحمتك له ، فأخّر في أجله ثلاثين سنة (2).
    فصل
    [يا داود حبّبني إلى خلقي]
    [293 / 17] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن النضر (3) ، عن إسرائيل ، رفعه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قال الله عزوجل لداود عليه‌السلام : أحببني وحبّبني إلى خلقي ، قال : يا ربّ ، نعم أنا أحبّك ، فكيف أحبّبك إلى خلقك؟ قال : اذكر أياديّ
    __________________
    (1) في «ص» «م» : (فقد) بدلا من : (قال : بلى ، فقال : قد).
    (2) عنه في بحار الأنوار 4 : 111 / 31 ، وج 14 : 38 / 17 ، وقصص الأنبياء للجزائريّ : 394.
    (3) في النسخ : (بن نصر) ، والمثبت موافق لما في البحار (انظر : معجم رجال الحديث 3 : 142 ـ 144).

    عندهم ، فإنّك إذا ذكرت لهم ذلك أحبّوني (1).
    [تنصيب سليمان بعد داود عليهما‌السلام]
    [294 / 18] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه (2) ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن أورمة ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، حدّثنا أبو الخطّاب ، عن العبد الصالح عليه‌السلام ، قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى داود عليه‌السلام أن استخلف سليمان على قومك ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : إنّ الله أوحى إليّ أن استخلف سليمان عليكم فضجّت رؤوس أسباط بني إسرائيل من ذلك وقالوا : غلام حدث يستخلف علينا وفينا من هو أعلم منه.
    فقال لهم داود عليه‌السلام : أروني عصيّكم فأيّ عصا أثمرت لأحد فهو وليّ الأمر من بعدي ، فقالوا : قد رضينا ، فجاؤوا بعصيّهم.
    فقال داود : ليكتب كلّ رأس منكم اسمه على عصاه ، فكتبوا ، ثمّ جاء سليمان بعصاه فكتب عليها اسمه ثمّ أدخلت بيتا وأغلق الباب وشدّ بالأقفال وحرسه رؤوس أسباط بني إسرائيل ، فلمّا أصبح صلّى بهم الغداة ، ثمّ أقبل ففتح الباب ، فأخرج عصيّهم قد أورقت وعصا سليمان قد أثمرت ، قال : فسلّموا ذلك لداود.
    ولمّا أراد أن يعلم حكمة سليمان قال : يا بنيّ ، أيّ شيء أبرد؟ قال : عفو الله عن الناس ، وعفو بعضهم عن بعض.
    فقال : يا بنيّ ، أيّ (3) شيء أحلى؟ قال : المحبّة وهو روح الله في عباده ،
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 37 / 16 وج 67 : 22 / 19.
    (2) عبارة : (عن أبيه) ليست في النسخ ، وأضفناها من البحار. لأنّ الصدوق لم ينقل عن العطّار بلا واسطة ، بل الواسطة بينهما غالبا أبوه.
    (3) في «ر» «س» : (فأيّ).

    فافترّ (1) ضاحكا (2).
    [صبر خلادة بنت أوس]
    [295 / 19] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام أنّ خلادة بنت أوس : بشّرها بالجنّة ، وأعلمها أنّها قرينتك في الجنّة ، فانطلق إليها فقرع الباب عليها ، فخرجت وقالت : هل نزل فيّ شيء؟!
    قال : نعم. قالت : وما هو؟ قال : إنّ الله تعالى أوحى إليّ وأخبرني أنّك قرينتي في الجنّة ، وأن أبشّرك بالجنّة ، قالت : أو يكون اسم وافق اسمي؟
    قال : إنّك لأنت هي ، قالت : يا نبيّ الله ما أكذّبك ولا والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به.
    قال داود : أخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو؟ قالت : أمّا هذا فسأخبرك به. أخبرك أنّه لم يصبني وجع قطّ نزل بي كائنا ما كان ، ولا نزل بي ضرّ حاجة وجوع كائنا ما كان إلّا صبرت عليه ، ولم أسأل الله كشفه عنّي حتّى يحوّله الله عنّي إلى العافية والسعة ، ولم أطلب بها بدلا ، وشكرت الله عليها وحمدته.
    فقال داود عليه‌السلام : فبهذا بلغت ما بلغت ، ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين. (3)
    __________________
    (1) افترّ : أي : ضحك ضحكا حسنا.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 67 / 2 ، ورواه الصدوق في كمال الدين : 156 / ضمن الحديث 17 باختلاف مع تقديم وتأخير في العبارات بسنده عن القطّان ، عن السكريّ ، عن الجوهريّ ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 13 : 446 / ضمن الحديث 10 وج 14 : 67 / 2.
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 38 / 18 وج 68 : 89 / 42. ـ

    فصل
    [تفسير آية اللعن]
    [296 / 20] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى جلّ ذكره : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)(1) فقال : الخنازير على لسان داود عليه‌السلام ، والقردة على لسان عيسى عليه‌السلام (2).
    وقال : إنّ اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة ، فتركوا وأمسكوا يوم السبت ، فحرم عليهم الصيد يوم السبت ، فعمد رجال من سفهاء القرية فأخذوا من الحيتان ليلة السبت وباعوا ، ولم تنزل (3) بهم عقوبة فاستبشروا وفعلوا ذلك سنين ، فوعظهم الله (4) طوائف ، فلم يسمعوا وقالوا : لم تعظون قوما الله مهلكهم ،
    __________________
    ـ وأورده الطبرسيّ في مشكاة الأنوار : 60 بتفاوت يسير مع تقديم وتأخير : عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 68 : 97 / 64.
    (1) المائدة : 78.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 54 / صدر الحديث 7.
    وورد بنفس المتن في الكافي 8 : 200 / 240 : عن عدّة من أصحابه ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب .. إلى آخر السند في المتن وعنه في قصص الأنبياء للجزائريّ : 404 ، وتفسير العيّاشيّ 1 : 235 / 160 : عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنهما في بحار الأنوار 14 : 62 / 14 وص 235 / 6.
    وتفسير القمّيّ 1 : 176 : عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 63 / 15 ووسائل الشيعة 17 : 190 / 10 وتفسير نور الثقلين 1 : 660 / 309.
    (3) في «ر» «س» «ص» : (ينزل).
    (4) قوله : (الله) لم يرد في «ر» «س».

    فأصبحوا قردة خاسئين (1).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 55 / ذيل الحديث 7.
    وورد صدره في تفسير العيّاشيّ 2 : 34 / 94 : عن عليّ بن عقبة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. ، وعلل الشرائع 1 : 69 / 1 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الله ابن محمّد الحجّال ، عن عليّ بن عقبة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنهما في بحار الأنوار 14 : 50 / 1 ، وفي تفسير نور الثقلين 1 : 86 / 134 عن العلل وفي ج 2 : 89 / 318 عن تفسير العيّاشيّ.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:01 pm

    الباب الثّاني عشر :
    في نبوّة سليمان عليه‌السلام وملكه


    [ملك سليمان عليه‌السلام]
    [297 / 1] ـ وبإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان ملك سليمان ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر (1)(2).
    [298 / 2] ـ وبإسناده عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً)(3) قال : كانوا ثمانين رجلا أو سبعين ما أغبّ (4) المحراب رجل واحد منهم يصلّي فيه ، وكانوا آل داود. فلمّا قبض داود وولّى سليمان عليهما‌السلام قال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ)(5) ، سخّر الله له الجنّ والإنس ، وكان
    __________________
    (1) اصطخر : بلدة بفارس ، وهي من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها ، قيل : كان أوّل من أنشأها اصطخر بن طهمورث ملك الفرس. (انظر معجم البلدان 1 : 211).
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 70 / 7.
    وورد مضمونه في تفسير العيّاشيّ 2 : 340 / ذيل الحديث 75 ، والخصال : 248 / 110 وعنهما في بحار الأنوار 12 : 181 / ضمن الحديث 9 وفي ص 265 / ضمن الحديث 29 وج 14 : 2 / 5 عن الخصال.
    (3) سبأ : 13.
    (4) في «ر» «س» غير واضحة ، وفي «ص» «م» : (فأغبّ) ، والمثبت عن البحار وشرحها العلّامة المجلسيّ رحمه‌الله بقوله : ما أغبّ المحراب أي : لم يكونوا يأتون المحراب غبّا ، بل كان كلّ منهم يواظبه.
    (5) النمل : 16.

    لا يسمع بملك في ناحية من نواحي (1) الأرض إلّا أتاه حتّى يذلّه ويدخله في دينه ، وسخّر الريح له ، فكان إذا خرج إلى مجلسه عكف عليه الطير وقام الجنّ والإنس ، وكان إذا أراد أن يغزو أمر بمعسكره فضرب له من الخشب ، ثمّ جعل عليه الناس والدوابّ وآلة الحرب كلّها حتّى إذا حمل معه ما يريد أمر العاصف من الريح ، فدخلت تحت الخشب فحملته حتّى ينتهي به إلى حيث يريد ، وكان غدوّها شهرا ورواحها شهرا (2).
    [299 / 3] ـ وعن (*) أبي حمزة ، عن الأصبغ قال : خرج سليمان بن داود عليهما‌السلام من بيت المقدس مع ثلاثمائة ألف كرسيّ عن يمينه عليها الإنس ، وثلاثمائة ألف كرسيّ عن يساره عليها الجنّ ، وأمر الطير فأظلّتهم ، وأمر الريح فحملتهم ، حتّى وردت بهم المدائن (3) ، ثمّ رجع وبات في اصطخر ، ثمّ غدا فانتهى إلى جزيرة بركادان (4) ، ثمّ أمر الريح فخفضتهم حتّى كادت أقدامهم يصيبها الماء (5) ، فقال بعضهم لبعض : هل رأيتم ملكا أعظم من هذا؟ فنادى ملك (6) : لثواب تسبيحة واحدة أعظم ممّا رأيتم (7).
    __________________
    (1) قوله : (من نواحي) لم يرد في «ص» «م» والبحار.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 71 / 10 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 407.
    وأورد الطبرسيّ في تفسير جوامع الجامع 2 : 703 (قطعة منه) ، وانظر جامع البيان للطبريّ 17 : 73 ، تاريخ مدينة دمشق 22 : 264.
    (*) عطف على الطريق المذكور في أوّل الباب.
    (3) في حاشية نسخة «س» : (المداين : هي مدينة جاهليّة وبها إيوان كسرى ، وإقليمها يعرف بأرض بابل ، اصطخر : مدينة جليلة هي أقدم من مدن فارس. ذكر ذلك بعضهم في تاريخه. وهو أعلم).
    (4) في البحار : (بركاوان) ، وفي معجم البلدان 1 : 339 : بركاوان ناحية بفارس بالفتح والسكون.
    (5) في تفسير القمّيّ زيادة : (وسليمان على عمود منها).
    (6) في تفسير القمّيّ والبحار زيادة : (من السماء).
    (7) عنه في بحار الأنوار 14 : 72 / 11 وفيه : بالإسناد إلى الصدوق ، عن أبي حمزة عن الأصبغ ، ـ

    فصل
    [موت سليمان عليه‌السلام]
    [300 / 4] ـ وبالإسناد المتقدّم ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى سليمان : أنّ آية موتك أنّ شجرة تخرج في بيت المقدس ، يقال لها : الخرنوبة ، قال : فنظر سليمان يوما إلى شجرة قد طلعت في بيت المقدس ، فقال لها سليمان : ما اسمك؟
    فقالت : الخرنوبة ، فولّى هاربا (1) إلى محرابه حتّى قام فيه متّكئا على عصاه فقبضه الله من ساعته ، فجعلت الإنس والجنّ يخدمونه كما كانوا من قبل ، وهم يظنّون أنّه حيّ ، حتّى دبّت الأرضة في عصاه فأكلت منسأته (2) ووقع سليمان إلى الأرض (3).
    [301 / 5] ـ وعن ابن محبوب ، عن أبي ولّاد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام
    __________________
    ـ وقصص الأنبياء للجزائريّ : 407.
    ورواه القمّيّ في تفسيره 2 : 238 بتفاوت في بعض ألفاظه : عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبان ، عن أبي حمزة .. والباقي مثله وعنه في بحار الأنوار 14 : 72 / 11 وتفسير نور الثقلين 4 : 459 / 53.
    (1) في «ر» «س» «ص» والبحار : (مدبرا).
    (2) في البحار زيادة : (فانكسرت).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 140 / 7 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 434.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 8 : 144 / 114 بتفاوت يسير وفي آخره زاد : أفلا تسمع لقوله عزوجل : (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) بالإسناد إلى ابن محبوب .. إلى آخر السند في المتن وعنه في بحار الأنوار 60 : 70 / 12 وتفسير نور الثقلين 4 : 326 / 40.

    قال : كان لسليمان العطر (1) وفرض النكاح في حصن بناه (2) الشياطين له ، فيه ألف بيت ، في كلّ بيت طروقة (3) ، منهنّ سبعمائة أمة قبطيّة وثلاثمائة حرّة مهيرة (4) ، فأعطاه الله تعالى قوّة أربعين رجلا في مباضعة النساء ، وكان يطوف (5) بهنّ جميعا ويسعفهنّ (6) قال : وكان سليمان يأمر الشياطين فتحمل له الحجارة من موضع إلى موضع ، فقال لهم إبليس : كيف أنتم؟
    قالوا : ما لنا طاقة بما نحن فيه ، فقال إبليس : أليس تذهبون بالحجارة وترجعون فراغا؟ قالوا : نعم ، قال : فأنتم في راحة.
    فأبلغت الريح سليمان ما قال إبليس للشياطين فأمرهم أن يحملوا الحجارة ذاهبين ويحملوا الطين راجعين إلى موضعها ، فتراءى لهم إبليس ، فقال : كيف أنتم؟ فشكوا إليه ، فقال : ألستم تنامون بالليل؟ قالوا : بلى ، قال : فأنتم في راحة ، فأبلغت الريح سليمان ما قالت الشياطين وإبليس ، فأمرهم أن يعملوا بالليل والنهار ، فما لبثوا إلّا يسيرا حتّى مات سليمان عليه‌السلام.
    وقال : خرج سليمان يستسقي ومعه الجنّ والإنس ، فمرّ بنملة عرجاء ، ناشرة جناحها رافعة يدها ، وتقول : اللهمّ إنّا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك ، فلا تؤاخذنا بذنوب بني آدم واسقنا ، فقال سليمان لمن كان معه : ارجعوا فقد شفع
    __________________
    (1) في «ص» «م» : (القطر).
    (2) في البحار والمستدرك : (كان لسليمان عليه‌السلام حصن بناه).
    (3) قال في الإفصاح 1 : 16 الطروقة التي أدركت ، وامرأة طروقة هي التي بلغت أن يطرقها الزوج أي ينكحها.
    (4) جاء في ترتيب كتاب العين 3 : 1733 امرأة مهيرة غالية المهر والمهارير : الحراير ، وهنّ ضدّ السراري.
    (5) في «ر» «س» : (يطرق).
    (6) في «ر» «س» : (ويسعفن).

    فيكم غيركم. وفي خبر : قد كفيتم بغيركم (1).
    فصل
    [ملكنا أكثر من ملك سليمان]
    [302 / 6] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن يحيى ، حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق أبو الطّيب ، حدّثنا عليّ بن هارون (2) الحميريّ ، حدّثنا عليّ بن محمّد ابن سليمان النوفليّ (3) ، عن أبيه ، عن عليّ بن يقطين ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه‌السلام : أيجوز أن يكون نبيّ الله بخيلا؟ فقال : لا.
    قلت : فقول سليمان : (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)(4) ما وجهه؟
    قال : إنّ الملك ملكان : ملك مأخوذ بالغلبة والقهر والجور ، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى ، فقال سليمان عليه‌السلام : هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول : إنّه مأخوذ بالقهر والغلبة (5).
    فقلت : قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله أخي سليمان ما كان أبخله! فقال : لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجهان : أحدهما : ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه. والقول الآخر (6) : ما كان أبخله إن أراد ما يذهب إليه الجهّال.
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 72 / 12 بتمامه وفي ج 60 : 195 / 2 ومستدرك الوسائل 14 : 295 / 7 (قطعة منه).
    وورد ذيله في تاريخ مدينة دمشق 22 : 286 و 287 ، والدرّ المنثور 5 : 103 بتفاوت في اللفظ.
    (2) في «ر» «س» : (إبراهيم).
    (3) في النسخ : (البزنطي) ، والمثبت عن العلل.
    (4) سورة ص : 35.
    (5) في «ر» «س» «ص» : (بالغلبة) بدلا من : (بالقهر والغلبة).
    (6) في «م» : (والآخر) ، وفي البحار : (والوجه الآخر يقول) بدلا من : (والقول الآخر).

    ثمّ قال عليه‌السلام : قد أوتينا ما أوتي سليمان وما لم يؤت أحد من العالمين ، قال الله تعالى جلّ ذكره في قصّة سليمان : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ)(1) وقال عزوجل في قصّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(2)(3).
    وقصّة بلقيس معه معروفة ، وهي في القرآن (4).
    __________________
    (1) سورة ص : 39.
    (2) الحشر : 7.
    (3) رواه الصدوق في علل الشرائع 1 : 71 / 1 ومعاني الأخبار : 353 / 1 بنفس السند وتفاوت يسير في المتن مع تفصيل أكثر ، وعنهما في بحار الأنوار 14 : 85 / 1 ، وقصص الأنبياء للجزائريّ : 414.
    (4) ذكرها في البحار 14 : 109 وهي أربع وعشرون آية وذكر بعدها 14 رواية.

    الباب الثّالث عشر :
    في احوال ذي الكفل وعمران عليهما‌السلام


    [صبر ذي الكفل على الأذى]
    [303 / 1] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن قيس بن عبد الله المفسّر ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي البهلول المروزيّ ، عن الفضل بن نفيس بن باز الطبريّ ، حدّثنا أبو عليّ الحسن بن شجاع البلخيّ ، حدّثنا سليمان بن الربيع ، عن تارخ (1) بن أحمد ، حدّثنا مقاتل بن سليمان ، عن عبد الله بن سعد ، عن عبد الله بن عمر ، قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل له : ما كان ذو الكفل؟
    فقال : كان رجلا من حضرموت واسمه عويديا بن أدريم (2) [وكان في زمن نبيّ من الأنبياء](3) ، قال (4) : من يلي أمر الناس (5) بعدي على أن لا يغضب؟ قال : فقام فتى فقال : أنا ، فلم يلتفت إليه ، ثمّ قال كذلك ، فقام الفتى ، فمات ذلك النبيّ وبقي ذلك الفتى وجعله الله نبيّا ، وكان الفتى يقضي أوّل النهار ، فقال إبليس لأتباعه : من
    __________________
    (1) في «ص» والبحار : (بارح).
    (2) في البحار 60 : 196 (عويد بن أديم) ، والمثبت من «ص» «م» والبحار 13 : 404 / 1.
    (3) ما بين المعقوفين من البحار 60 : 196 أثبتناه لاستقامة السياق.
    (4) أي : قال النبيّ المذكور.
    (5) في «ر» «س» زيادة : (من).

    له؟ فقال واحد منهم يقال له الأبيض : أنا.
    فقال إبليس : فاذهب إليه لعلّك تغضبه ، فلمّا انتصف النهار جاء الأبيض إلى ذي الكفل وقد أخذ مضجعه ، فصاح وقال : إنّي مظلوم ، فقال : قل له (1) : تعال ، فقال : لا ، أنصرف ، قال : فأعطاه خاتمه ، فقال : اذهب وأتني بصاحبك ، فذهب حتّى إذا كان من الغد جاء تلك الساعة التي أخذ هو مضجعه ، فصاح : إنّي مظلوم وأنّ خصمي لم يلتفت إلى خاتمك.
    فقال له الحاجب : ويحك دعه ينم ، فإنّه لم ينم البارحة ولا أمس ، قال : لا أدعه ينام وأنا مظلوم ، فدخل الحاجب وأعلمه ، فكتب له كتابا وختمه ودفعه إليه ، فذهب حتّى إذا كان من الغد حين أخذ مضجعه جاء ، فصاح ، فقال (2) : ما التفت (3) إلى شيء من أمرك ولم يزل يصيح حتّى قام وأخذ بيده في يوم شديد الحرّ ، لو وضعت فيه بضعة لحم على الشمس لنضجت.
    فلمّا رأى الأبيض ذلك انتزع يده من يده ويئس منه أن يغضب ، فأنزل الله تعالى جلّ شأنه قصّته على نبيّه ليصبر على الأذى ، كما صبر الأنبياء عليهم‌السلام على البلاء (4).
    [304 / 2] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق ، حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، حدّثنا سهل بن زياد الآدميّ ، عن عبد العظيم ابن عبد الله الحسنيّ ، قال : كتبت إلى أبي جعفر صلوات الله عليه ـ أعني محمّد بن عليّ بن موسى عليهم‌السلام ـ أسأله عن ذي الكفل ما اسمه؟ وهل كان من المرسلين؟ فكتب صلوات الله عليه :
    __________________
    (1) أي : لصاحبك الذي زعمت أنّه ظلمك.
    (2) أي : الأبيض.
    (3) أي : صاحبي.
    (4) عنه في بحار الأنوار 13 : 404 / 1 وج 60 : 195 / 5 ، وفي قصص الأنبياء للجزائريّ : 364 باختصار.

    بعث الله تعالى جلّ ذكره مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرين ألف نبيّ ، المرسلون منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، وأنّ ذا الكفل منهم صلوات الله عليهم ، وكان بعد سليمان بن داود ، وكان يقضي بين الناس كما كان يقضي داود (1) ، وكان اسمه :عويديا ، وهو الذي ذكره الله تعالى جلّت عظمته في كتابه حيث قال : (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ)(2)(3).
    فصل
    [أنساب مباركة]
    [305 / 3] ـ وبإسناده عن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، حدّثنا الحسن ابن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن عمران أكان نبيّا؟ فقال : نعم كان نبيّا مرسلا إلى قومه وكانت حنّة امرأة عمران وحنانة امرأة زكريّا أختين فولد لعمران من حنّة مريم ، وولد لزكريّا من حنانة يحيى عليه‌السلام ، وولدت مريم عيسى عليه‌السلام ، وكان عيسى ابن بنت خالته ، وكان يحيى عليه‌السلام ابن خالة مريم وخالة الأمّ بمنزلة الخالة (4).
    __________________
    (1) في «ص» والبحار زيادة : (ولم يغضب إلّا لله عزوجل).
    (2) سورة ص : 48.
    (3) عنه في بحار الأنوار 13 : 405 / 2.
    وأورده الطبرسيّ في تفسير مجمع البيان 7 : 107 نقلا عن كتاب النبوّة بإسناده إلى عبد العظيم الحسنيّ ، وفيه : (عدويا بن أدارين) بدلا من : (عويديا). أقول : قد اختلف في تحديد شخص ذي الكفل ، هل هو متّحد مع يوشع بن نون أو زكريّا أو إلياس أو بشر بن أيّوب أو اليسع على أقوال ، وقد أظهر المفسّرون أدلّة لكلّ قول ، والمسألة تحتاج إلى إعادة نظر.
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 202 / 14.

    [306 / 4] ـ وبهذا الإسناد عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تعالى جلّ جلاله أوحى إلى عمران : أنّي واهب لك ذكرا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله (1) ، وأنّي جاعله رسولا إلى بني إسرائيل ، قال : فحدّث عمران امرأته حنة بذلك وهي أمّ مريم ، فلمّا حملت كان (2) حملها عند نفسها غلاما (3) ، فقالت : (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً)(4) ، فوضعت أنثى فقالت : وليس الذّكر كالأنثى ، إنّ البنت لا تكون رسولا ، فلمّا أن وهب الله لمريم عيسى بعد ذلك كان هو الذي بشّر الله به عمران عليه‌السلام (5).
    [307 / 5] ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن محمّد بن أبي صالح ، عن الحسن ابن محمّد بن أبي طلحة ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : أيأتي الرسل عن الله بشيء ثمّ تأتي بخلافه؟ قال : نعم ، إن شئت حدّثتك وإن شئت أتيتك به من كتاب الله ، قال تعالى جلّت عظمته : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ)(6) الآية
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (بإذني).
    (2) كلمة : (كان) لم ترد في النسخ وأضفناها من البحار 14 : 203.
    (3) في «ر» «س» : (أنّه غلام).
    (4) آل عمران : 35.
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 203 / 15.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 1 : 535 / 1 بتفاوت في آخره : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 203 / 15 وج 52 : 119 / 49 وتفسير مجمع البيان 8 : 275.
    وورد نحوه في تفسير العيّاشيّ 1 : 171 / 39 : عن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 205 / 21 ، وتفسير القمّيّ 1 : 100 ـ 101 : عن محمّد بن يحيى البغداديّ رفع الحديث إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 199 / 1 وج 26 : 225 / 4 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 454. وأورده الطبرسيّ في تفسير مجمع البيان 1 : 280 إلى قوله : (ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي) : عن الصادق عليه‌السلام.
    (6) المائدة : 21.

    فما دخلوها ودخل أبناء أبنائهم.
    وقال عمران : إنّ الله وعدني أن يهب لي غلاما نبيّا في سنتي هذه وشهري هذا ، ثمّ غاب وولدت امرأته مريم وكفّلها زكريّا ، فقالت طائفة : صدق نبيّ الله ، وقالت الآخرون : كذب ، فلمّا ولدت مريم عيسى عليه‌السلام فقالت الطائفة التي أقامت على صدق عمران : هذا الذي وعدنا الله (1).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 203 / 16 ، وج 26 : 225 / 5 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 454.


    الباب الرّابع عشر :
    في حديث زكريّا ويحيى عليهما‌السلام


    [في ولادة يحيى عليه‌السلام]
    [308 / 1] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن رجل (1) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دعا زكريّا ربّه ، فقال : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ)(2) ، فبشّره الله تعالى بيحيى ، فلم يعلم أنّ ذلك الكلام من عند الله تعالى جلّ ذكره وخاف أن يكون من الشيطان ، فقال : أنّى يكون لي ولد ، وقال : ربّ اجعل لي آية ، فأسكت (3) فعلم أنّه من الله تعالى (4).
    [309 / 2] ـ وبهذا الإسناد * عن أبان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لمّا ولد يحيى عليه‌السلام رفع إلى السماء فغذّي بأثمار (5) الجنّة حتّى فطم ، ثمّ نزل إلى أبيه
    __________________
    (1) قوله : (عن رجل) ليس في النسخ وأضفناه من البحار ، وهو الموافق لكلمات الرجاليين. (منتهى المقال 5 : 302 / 2423).
    (2) مريم : 5 و 6.
    (3) إشارة إلى قوله تعالى : (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) آل عمران : 41 ، وقوله تعالى : (ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) مريم : 10.
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 180 / 18.
    (*) المراد به الطريق السابق : عن ابن أبي عمير عن أبان.
    (5) في «ر» «س» والبحار : (فغدى بأنهار).

    وكان يضيء البيت بنوره (1).
    [310 / 3] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله رفعه ، قال : كان يحيى بن زكريّا يصلّي ويبكي حتّى ذهب لحم خدّه ، وجعل لبدا وألزقه بخدّه حتّى تجري الدموع عليه ، وكان لا ينام ، فقال أبوه : يا بنيّ ، إنّي سألت الله أن يرزقنيك لأفرح بك وتقرّ عيني ، قم فصلّ.
    قال : فقال له يحيى : إنّ جبرئيل حدّثني أنّ أمام النار مفازة لا يجوزها إلّا البكّاؤون ، فقال : يا بنيّ ، فابك وحقّ لك أن تبكي (2).
    فصل
    [في قتل زكريّا عليه‌السلام]
    [311 / 4] ـ وبإسناده عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، [عن ابن أبي عمير] ، عن هشام بن سالم (3) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ زكريّا كان خائفا ، فهرب فالتجأ إلى
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 180 / 17.
    (2) عنه في بحار الأنوار 67 : 388 / 54.
    ونقله في البحار 14 : 167 / 5 عن خطّ الشهيد ، وأورده الطبرسيّ في مكارم الأخلاق : 316 ـ 317 بتفصيل أكثر عن كتاب زهد الإمام الصادق عليه‌السلام.
    وورد مضمونه في الأمالي للصدوق : 881 / ضمن الحديث 3 وعنه في بحار الأنوار 14 : 165 / 4.
    وقد وردت أحاديث كثيرة في أنّ هناك عقبات أو معاثر بين الجنّة والنار كما جاء في عدّة الداعي : 156 وعنه في وسائل الشيعة 7 : 76 / 10.
    (3) كذا في النسخ والبحار ، ومن المحتمل وقوع سقط ، فإنّ إبراهيم بن هاشم لم ينقل عن هشام بن سالم مباشرة لاختلاف الطبقة بينهما ، والمظنون أنّ الساقط هو ابن أبي عمير لكثرة روايته عنه ، وكثرة روايته عن هشام بن سالم ، وأيضا وردت رواية «إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن ابن هشام» في هذا الكتاب في الرقم 8 و 26 و 107 و 114 و 132 و 149 و 228 وكذلك في كثير من ـ

    شجرة ، فانفرجت له وقالت : يا زكريّا ، ادخل فيّ فجاء حتّى دخل فيها ، فطلبوه فلم يجدوه فأتاهم إبليس وكان رآه فدلّهم عليه فقال لهم : هو في هذه الشجرة فاقطعوها ، وقد كانوا يعبدون تلك الشجرة فقالوا : لا نقطعها ، فلم يزل بهم حتّى شقّوها وشقّوا زكريّا عليه‌السلام (1)(2).
    [قصّة قتل يحيى عليه‌السلام]
    [312 / 5] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد ابن أبي القاسم ، حدّثنا محمّد بن عليّ ، عن عبد الله بن محمّد الحجّال (3) ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن هلال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إنّ ملكا كان على عهد يحيى بن زكريّا لم يكفه ما كان عليه من الطروقة حتّى تناول امرأة بغيّا ، فكانت تأتيه حتّى أسنّت ، فلمّا أسنّت هيّأت ابنتها ، ثمّ قالت لها : إنّي أريد أن آتي بك الملك فإذا واقعك فيسألك ما حاجتك فقولي : حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريّا.
    فلمّا واقعها سألها عن حاجتها فقالت : قتل يحيى. فقال : ما أنت وهذا ، إلهي عن هذا ، قالت : مالي حاجة إلّا قتل يحيى ، فلمّا كان في الثالثة بعث إلى يحيى
    __________________
    ـ الطرق والأسانيد (انظر : أمالي الصدوق 159 / 8 و 344 / 8 و 541 / 4 ، مشيخة الفقيه 4 : 439 ، التوحيد 289 / 8 و 328 / 2 و 333 / 3 ، الكافي 1 : 5 / 12 و 146 / 2 و 3 و 284 / 3 و 448 / 28 و...). (من إفادات السيّد الشبيريّ الزنجانيّ)
    (1) جاء في هامش نسخة «س» : (رأينا في النسخة هكذا ، وصوابه أن يذكر يحيى لأنّه نشر هو لا أبيه عليهما‌السلام) ، وفي ذيلها تعليق نصّه : (في هذه الحاشية غلط والصحيح لفظا ومعنى ما في الأصل فتأمّل).
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 181 / 22 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 450.
    (3) في النسخ : (عن عليّ بن عبد الله بن محمّد الحجّال) ، والمثبت موافق لما في البحار ، وهو الصحيح فإنّ أبا إسحاق هو ثعلبة بن ميمون يروي عنه عبد الله بن محمّد الحجّال لا عليّ بن عبد الله بن محمّد الحجّال (انظر : منتهى المقال 2 : 201 / 510).

    صلوات الله عليه فجاء به ، فدعا بطشت ذهب فذبحه فيها وصبّوه على الأرض ، فيرتفع الدم (1) ويعلو ، وأقبل الناس يطرحون عليه التراب فيعلو (2) عليه الدم حتّى صار تلّا عظيما ومضى ذلك القرن.
    فلمّا كان من أمر بخت نصّر ما كان رأى ذلك الدم ، فسأل عنه فلم يجد أحدا يعرفه حتّى دلّ على شيخ كبير فسأله ، فقال : أخبرني أبي عن جدّي أنّه كان من قصّة يحيى بن زكريّا كذا وكذا ، وقصّ عليه القصّة والدم دمه. فقال بخت نصّر : لا جرم لأقتلنّ عليه حتّى يسكن ؛ فقتل عليه سبعين ألفا ، فلمّا وفى عليه سكن الدم (3).
    [313 / 6] ـ وفي خبر آخر : إنّ هذه البغيّ كانت زوجة ملك جبّار قبل هذا الملك وتزوّجها هذا بعده ، فلمّا أسنّت وكانت لها ابنة من الملك الأوّل قالت لهذا الملك : تزوّج أنت بها ، فقال : لا حتّى أسأل يحيى بن زكريّا عن ذلك فإن أذن فعلت ، فسأله عنه فقال : لا يجوز ، فهيّأت بنتها وزيّنتها في حال سكره وعرضتها عليه ، فكان من حال قتل يحيى ما ذكر وكان ما كان (4).
    فصل
    [انتصار الله للأخيار بالأشرار]
    [314 / 7] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (فجعل يرتفع الدم).
    (2) في «ص» : (فيغلو).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 180 / 20.
    وورد مضمونه في تفسير مجمع البيان 6 : 224 ، المستدرك للحاكم النيسابوريّ 2 : 290 ، الدرّ المنثور 2 : 13.
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 180 / 21.

    ابن عليّ الكوفيّ ، عن أبي عبد الله الخيّاط ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله ابن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ الله عزوجل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه ، وإذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه ، ولقد انتصر ليحيى بن زكريّا عليهما‌السلام ببخت نصّر (1).
    [في زهد يحيى عليه‌السلام]
    [315 / 8] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، حدّثنا محمّد بن سعيد بن أبي شحمة ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن سعيد بن هاشم (2) الفتانيّ (3) البغداديّ ، حدّثنا أحمد بن صالح ، حدّثنا حسّان بن عبد الله الواسطيّ ، حدّثنا عبد الله بن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عمر قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : كان من زهد يحيى بن زكريّا عليهما‌السلام أنّه أتى بيت المقدس ، فنظر إلى المجتهدين من الأحبار والرهبان عليهم مدارع الشعر (4) ، فلمّا رآهم أتى أمّه ، فقال : انسجي لي مدرعة من صوف حتّى آتي بيت المقدس فأعبد الله مع الأحبار ، فأخبرت زكريّا بذلك ، فقال زكريّا : يا بنيّ ، ما يدعوك إلى هذا؟ وإنّما أنت صبيّ صغير.
    فقال : يا أبت أما رأيت من هو أصغر منّي قد ذاق الموت؟ قال : بلى ، وقال لأمّه : انسجي له المدرعة ، فأتى بيت المقدس وأخذ يعبد الله تعالى حتّى أكلت مدرعة الشعر (5) لحمه وجعل يبكي ، وكان زكريّا إذا أراد أن
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 181 / 23 وج 45 : 339 / 4 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 451.
    (2) في «س» : (سعد هاشم) ، وفي «ر» «ص» : (سعيد هاشم) بدلا من : (سعيد بن هاشم).
    (3) في «ص» «م» : (الفبانيّ) ، وفي الأمالي والبحار : (القنانيّ) ، وفي نسخة من البحار : (القنائيّ).
    (4) المدرعة : ثوب من الصوف (تاج العروس 11 : 108).
    (5) في «ر» «س» : (مدرعته).

    يعظ الناس (1) يلتفت يمينا وشمالا ، فإن رأى يحيى لم يذكر جنّة ولا نارا (2).
    [النهي عن نكاح بنت الأخت]
    [316 / 9] ـ وفي خبر آخر : أنّ عيسى بن مريم عليه‌السلام بعث يحيى بن زكريّا صلوات الله عليهما في اثني عشر من الحواريّين يعلّمون الناس ، وينهاهم (3) عن نكاح ابنة الأخت ، قال : وكان لملكهم بنت أخت تعجبه ، وكان يريد أن يتزوّجها ، فلمّا بلغ أمّها أنّ يحيى نهى عن مثل هذا النكاح أدخلت بنتها على الملك بزينة ، فلمّا رآها سألها عن حاجتها ، قالت : حاجتي أن تذبح يحيى ابن زكريّا.
    فقال : سلي غير هذا ، فقالت : لا أسألك غير هذا ، فلمّا أبت عليه دعا بطشت ودعا يحيى عليه‌السلام فذبحه ، فبدرت (4) قطرة من دمه فوقعت على الأرض ، فلم تزل تعلو حتّى بعث الله بخت نصّر عليهم ، فجاءته عجوز من بني إسرائيل فدلّته على ذلك الدم ، فألقي في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتّى يسكن ، فقتل عليها سبعين ألفا في سنة واحدة ثمّ سكن (5).
    __________________
    (1) قوله : (الناس) لم يرد في «ص» «م».
    (2) الأمالي للصدوق : 80 / 48 بتفصيل أكثر ، وعنه في بحار الأنوار 14 : 165 / 4 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 444 ومثله في روضة الواعظين : 434 عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.
    (3) في تفسير القرطبي : (وينهونهم).
    (4) المراد من : بدرت أي : أسرعت وسبقت.
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 182 / 24 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 451 ، وورد في جامع البيان لابن جرير الطبريّ : 15 : 56 / صدر الحديث 16679 ، والمستدرك للحاكم النيسابوريّ 2 : 290 وص 591 ـ 592 ، وتفسير القرطبيّ 10 : 219 ، والدرّ المنثور 2 : 13 ، وفيها تفاوت في بعض الألفاظ.

    فصل
    [أحاديث في قتل الأنبياء عليهم‌السلام]
    [317 / 10] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى العلويّ ، حدّثنا جدّي يحيى بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم التميميّ ، حدّثنا محمّد بن يزيد ، حدّثنا الفضل بن دكين ، حدّثنا عبد الله بن حبيب بن أبي كاتب ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : أوحى الله تعالى إلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّي قتلت بدم يحيى بن زكريّا سبعين ألفا ، وسأقتل بالحسين عليه‌السلام سبعين ألفا وسبعين ألفا (1)(2).
    [318 / 11] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، حدّثنا عثمان بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (3) قال : لا يقتل النبيّين ولا (4) أولادهم إلّا أولاد الزنا (5).
    __________________
    (1) وفي البحار : (وأقتل بابن بنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا) بدلا من : (وسأقتل بالحسين) إلى هنا.
    (2) رواه القاضي النعمان في شرح الأخبار 3 : 168 : عن إبراهيم التميميّ ، بإسناده عن عبد الله بن عبّاس ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والطبرسيّ في إعلام الورى بأعلام الهدى 1 : 429 : عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. ، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 3 : 234 ، وعنه في بحار الأنوار 45 : 298 / 10 وفي الطرائف : 202 / 290 نقلا عن كتاب نهاية الطالب ، وفيها تفاوت يسير في اللفظ.
    ونقله العلّامة المجلسيّ في بحار الأنوار 45 : 322 عن كتاب الفردوس لابن شيرويه.
    وأخرجه الحاكم النيسابوري بأسانيد مختلفة في المستدرك 2 : 290 وص 592 وج 3 : 178 وورد في كنز العمّال 12 : 127 / 34320 وتاريخ مدينة دمشق 64 : 216 وذخائر العقبى : 150.
    (3) في النسخ : (عن أبي عبد الله عليه‌السلام) والمثبت عن البحار وهو المناسب لأخبار جابر كما رواه ابن قولويه بهذا الطريق ويؤيّده الحديث الآتي.
    (4) قوله : (لا) لم يرد في «ر» «س».
    (5) عنه في بحار الأنوار 27 : 240 / 3.

    [319 / 12] ـ وعن (*) جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ عاقر ناقة صالح كان أزرق ابن بغيّ ، وإنّ قاتل يحيى بن زكريّا ابن بغيّ ، وإنّ قاتل عليّ صلوات الله عليه ابن بغيّ ، وكانت مراد تقول : ما نعرف له فينا أبا ولا نسبا ، وإنّ قاتل الحسين عليه‌السلام ابن بغيّ ، وإنّه لم يقتل الأنبياء و (1) أولاد الأنبياء إلّا أولاد البغايا.
    وقال في قوله تعالى جلّ ذكره : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)(2) قال : يحيى بن زكريّا لم يكن له سميّ قبله ، والحسين بن عليّ لم يكن له سميّ قبله ، وبكت السماء عليهما أربعين صباحا ، وكذلك بكت الشمس عليهما ، وبكاؤها أن تغيب حمراء وتطلع حمراء.
    وقيل : أي بكى أهل السماء وهم الملائكة (3).
    [320 / 13] ـ وعن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّ الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما بكى لقتله السماء والأرض واحمرّتا ، ولم تبكيا على أحد قطّ (4) إلّا على يحيى ابن زكريّا عليهما‌السلام (5).
    __________________
    ـ ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات : 164 / 10 : عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عثمان بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 27 : 240 / 5.
    (*) عطف على الرواية السابقة.
    (1) في «ص» «م» والبحار زيادة : (لا).
    (2) مريم : 7.
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 182 / 25 وفي ج 27 : 240 / 4 وج 42 : 303 / 3 إلى قوله : (أولاد البغايا) وورد ذيله في ج 45 : 218 / 45 من قوله : (وقال في قوله تعالى) إلى آخر الحديث.
    ووردت مضامينه في كامل الزيارات : 161 بأسانيد مختلفة (في باب ما جاء في قاتل الحسين عليه‌السلام ، وقاتل يحيى بن زكريّا عليه‌السلام).
    (4) في «م» : (قبله).
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 183 / 26 وج 45 : 219 / 46.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:02 pm

    [321 / 14] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمّد بن عليّ الحلبيّ ، عن أبي عبد الله [عليه‌السلام] في قوله تعالى : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ)(1) قال : لم تبك السماء على أحد قبل قتل يحيى بن زكريّا حتّى قتل الحسين عليه‌السلام فبكت عليه (2).
    __________________
    ـ ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات : 181 / 4 و 5 وعنه في بحار الأنوار 45 : 209 / 17 بنفس المتن بسندين مختلفين ، الأوّل : عن محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن وهيب بن حفص النحّاس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ... الثاني : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بإسناده .. مثله.
    (1) الدّخان : 29.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 183 / 27 وج 45 : 210 / 20.
    ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات : 182 / 8 عن عليّ بن الحسين بن موسى ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم .. إلى آخر السند في المتن وعنه في بحار الأنوار 45 : 210 / 20 وص 211 / 24.
    وأورده الكنجيّ في كفاية الطالب : 436 ، وفيه تفاوت يسير في المتن مع اختلاف في السند.
    وورد مثله في تاريخ مدينة دمشق 14 : 225 ، وترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام لابن عساكر : 353 / 287.


    الباب الخامس عشر :
    في نبوّة ارميا ودانيال عليهما‌السلام


    [أسباب تسلّط بخت نصّر على بني إسرائيل]
    [322 / 1] ـ وبالإسناد المتقدّم عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبيّ ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تعالى جلّ ذكره أوحى إلى نبيّ من الأنبياء لبني إسرائيل (1) يقال له : إرميا : أن قل لهم : ما بلد تنقّيته من كرائم البلدان وغرست فيه من كرائم الغرس ونقّيته من كلّ غريبة فأنبت خرنوبا؟ فضحكوا منه فأوحى الله إليه : قل لهم : إنّ البلد بيت المقدس ، والغرس بنو إسرائيل ، نحّيت عنهم كلّ جبّار فأخلفوا فعملوا بمعاصيّ ، فلأسلّطنّ عليهم في بلادهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم ، فإن بكوا لم أرحم بكاءهم ، وإن دعوني لم أستجب دعاءهم ، ثمّ لأخرّبنّها مائة عام ، ثمّ لأعمّرنّها.
    فلمّا حدّثهم جزع العلماء فقالوا : يا رسول الله ، ما ذنبنا ولم نعمل بعملهم؟ فقال : إنّكم رأيتم المنكر فلم تنكروه ، فسلّط الله عليهم بخت نصّر ، وسمّي به ، لأنّه رضع بلبن كلبة ، وكان اسم الكلب بخت ، واسم صاحبه نصّر ، وكان مجوسيّا أغلف ، أغار على بيت المقدس ، ودخله في ستّمائة ألف علم ، ثمّ بعث بخت نصّر
    __________________
    (1) قوله : (لبني إسرائيل) من «ص».

    إلى النبيّ ، فقال : إنّك نبّئت عن ربّك وخبّرتهم بما أصنع بهم ، فإن شئت فأقم عندي ، وإن شئت فاخرج.
    قال : بل أخرج ، فتزوّد عصيرا ولبنا وخرج. فلمّا كان مدّ البصر التفت إلى البلدة فقال : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ)(1)(2).
    [(لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ)]
    [323 / 2] ـ وبالإسناد المتقدّم (*) عن وهب بن منبّه ، قال : كان بخت نّصر منذ ملك يتوقّع فساد بني إسرائيل ، ويعلم أنّه لا يطيقهم إلّا بمعصيتهم ، فلم يزل يأتيه العيون بأخبارهم ، حتّى تغيّرت أحوالهم (3) وفشت فيهم المعاصي ، وقتلوا أنبياءهم ، وذلك قوله تعالى جلّ ذكره : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) إلى قوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما)(4) يعنى بخت نصّر وجنوده أقبلوا فنزلوا بساحتهم ، فلمّا رأوا ذلك فزعوا إلى ربّهم وتابوا وثابروا (5) على الخير ، وأخذوا على أيدي سفهائهم ، وأنكروا المنكر ، وأظهروا المعروف ، فردّ
    __________________
    (1) البقرة : 259.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 374 / 15 ومستدرك الوسائل 12 : 191 / 5.
    ورواه العيّاشيّ في تفسيره 1 : 140 / 466 : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 373 / 14 ووسائل الشيعة 16 : 142 / 16 ، والحسين بن سعيد في كتاب الزهد : 105 : عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 97 : 86 / 61 ومستدرك الوسائل 12 : 191 / 5 ، وابن طاوس الحسنيّ في سعد السعود : 117 بنفس السند المذكور في كتاب الزهد مع اختلاف في المتن.
    (*) المراد به السند المذكور برقم : (55).
    (3) في «ر» «ص» والبحار : (حالهم).
    (4) الإسراء : 4 و 5.
    (5) المراد بالمثابرة الدوام على الخير والمواظبة عليه.

    الله لهم الكرّة على بخت نصّر ، وانصرفوا بعد ما فتحوا المدينة ، وكان سبب انصرافهم أنّ سهما وقع في جبين فرس بخت نصّر ، فجمح (1) به حتّى أخرجه من باب المدينة.
    ثمّ إنّ بني إسرائيل تغيّروا ، فما برحوا حتّى كرّ عليهم ، وذلك قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ)(2) فأخبرهم إرميا عليه‌السلام أنّ بخت نصّر يتهيّأ للسير إليكم وقد غضب الله عليكم ، وأنّ الله تعالى جلّت عظمته يستتيبكم لصلاح آبائكم ويقول : هل وجدتم أحدا عصاني فسعد بمعصيتي أم هل علمتم أحدا أطاعني فشقي بطاعتي؟
    وأمّا أحباركم ورهبانكم فاتّخذوا عبادي خولا (3) يحكمون فيهم بغير كتابي حتّى أنسوهم ذكري ، وأمّا ملوككم وأمراؤكم فبطروا نعمتي وغرّتهم الدنيا ، وأمّا قرّاؤكم وفقهاؤكم فهم منقادون للملوك ، يبايعونهم على البدع ، ويطيعونهم في معصيتي ، وأمّا الأولاد فيخوضون مع الخائضين وفي كلّ ذلك ألبستهم العافية ، فلأبدلنّهم بالعزّ ذلّا وبالأمن خوفا ، إن دعوني لم أجبهم ، وإن بكوا لم أرحمهم.
    فلمّا بلّغهم ذلك نبيّهم كذّبوه وقالوا : لقد أعظمت الفرية على الله ، تزعم أنّ الله يعطّل مساجده من عبادته (4) فقيّدوه وسجنوه فأقبل بخت نصّر وحاصرهم سبعة أشهر حتّى أكلوا خراهم (5) وشربوا أبوالهم ، ثمّ بطش بهم بطش الجبّارين بالقتل ، والصلب ، والإحراق ، وجذع الأنوف ، ونزع الألسن والأنياب ، ووقف النساء.
    __________________
    (1) جمح الفرس : تغلّب على راكبه وذهب به.
    (2) الإسراء : 7.
    (3) الخول : مثل الخدم والحشم وزنا ومعنى (المصباح المنير : 185).
    (4) في «ر» «س» «ص» : (معطّل مساجده من عباده).
    (5) في «ر» «س» : (أخلاهم) وفي «ص» والبحار : (خلاهم).

    فقيل له : إنّ لهم صاحبا كان يحذّرهم ممّا (1) أصابهم ، فاتّهموه وسجنوه ، فأمر بخت نصّر فأخرج من السجن ، فقال له : أكنت تحذّر هؤلاء؟ قال : نعم. قال : وأنّى أعلمت ذلك؟
    قال : أرسلني الله به إليهم. قال : فكذّبوك وضربوك؟ قال : نعم. قال : لبئس القوم قوم ضربوا نبيّهم ، وكذّبوا رسالة ربّهم ، فهل لك أن تلحق بي فأكرمك؟ وإن أحببت أن تقيم في بلادك آمنتك.
    قال إرميا عليه‌السلام : إنّي لم أزل في أمان الله منذ كنت ، لم أخرج منه ، ولو أنّ بني إسرائيل لم يخرجوا من أمانه لم يخافوك.
    فأقام إرميا مكانه بأرض إيليا ، وهي حينئذ خراب قد هدم بعضها ، فلمّا سمع به من بقي من بني إسرائيل اجتمعوا إليه ، وقالوا : عرفنا أنّك نبيّنا فانصح لنا ، فأمرهم أن يقيموا معه ، فقالوا : ننطلق إلى ملك مصر نستجير ، فقال إرميا عليه‌السلام : إنّ ذمّة الله أوفى الذمم ، فانطلقوا إلى مصر وتركوا إرميا ، فقال لهم الملك : أنتم في ذمّتي ، فسمع ذلك بخت نصّر ، فأرسل إلى ملك مصر : ابعث بهم إليّ مصفّدين وإلّا آذنتك بالحرب.
    فلمّا سمع إرميا بذلك أدركته الرحمة لهم ، فبادر إليهم لينقذهم فورد عليهم ، وقال : إنّ الله تعالى أوحى إليّ أنّي مظهر بخت نصّر على هذا الملك ، وآية ذلك أنّه تعالى أراني موضع سرير بخت نصّر الذي يجلس عليه بعد ما يظفر بمصر ، ثمّ عمد فدفن أربعة أحجار في ناحية من الأرض ، فسار إليهم بخت نصّر وظفر بهم وأسرهم ، فلمّا أراد أن يقسّم الفيء ويقتل الأسارى ويعتق منهم كان فيهم (2) إرميا.
    فقال له بخت نصّر : أراك مع أعدائي بعد ما عرضتك من الكرامة ، فقال له
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» والبحار : (بما).
    (2) في «ر» «س» «ص» والبحار : (منهم).

    إرميا عليه‌السلام : إنّي جئتهم مخوّفا أخبرهم خبرك ، وقد وضعت لهم علامة تحت سريرك هذا ، وأنت بأرض بابل ، ارفع سريرك ، فإنّ تحت كلّ قائمة من قوائمه حجرا دفنته بيدي وهم ينظرون ، فلمّا رفع بخت نصّر سريره وجد مصداق ما قال ، فقال لإرميا : إنّي لأقتلهم إذ كذّبوك ولم يصدّقوك ، فقتلهم ولحق بأرض بابل.
    فأقام إرميا بمصر مدّة ، فأوحى الله تعالى إليه : ألحق بإيليا (1). فانطلق حتّى إذا رفع له شخص بيت المقدس ورأى خرابا عظيما ، قال : أنّى يحيي هذه الله ، فنزل في ناحية واتّخذ مضجعا ، ثمّ نزع الله روحه وأخفى مكانه على جميع الخلائق مائة عام ، وكان قد وعده الله أنّه سيعيد فيها الملك والعمران.
    فلمّا مضى سبعون عاما أذن الله في عمارة إيليا ، فأرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس يقال له : كوشك ، فقال : إنّ الله يأمرك أن تنفر بقوّتك ورجالك حتّى تنزل إيليا فتعمرها ، فندب الفارسيّ لذلك ثلاثين ألف قهرمان ، ودفع إلى كلّ قهرمان ألف عامل بما يصلح لذلك من الآلة والنفقة فسار بهم ، فلمّا تمّت عمارتها بعد ثلاثين سنة أمر الله (2) عظام إرميا أن تحيى ، فقام حيّا كما ذكر الله في كتابه (3).
    فصل
    [الرؤيا الأولى لبخت نصّر]
    [324 / 3] ـ وبالإسناد المذكور عن وهب بن منبّه أنّه لمّا انطلق بخت نصّر بالسبي والأسارى من بني إسرائيل وفيهم دانيال وعزير عليهما‌السلام وورد أرض بابل اتّخذ
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (بأرض إيليا).
    (2) قوله : (الله) من «م».
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 364 / 6 ، وقد جاء ذكره في القرآن في مكانين الأوّل : في سورة البقرة : 259 ، والثاني في سورة الإسراء : 4 ـ 7.

    بني إسرائيل خولا (1) ، فلبث سبع سنين ، ثمّ إنّه رأى رؤيا عظيما امتلأ منها رعبا ونسيها ، فجمع قومه وقال : تخبروني بتأويل رؤياي المنسيّة إلى ثلاثة أيّام وإلّا لأصلّبنّكم (2) ، وبلغ دانيال ذلك من شأن الرؤيا وكان في السجن فقال لصاحب السجن : إنّك أحسنت صحبتي ، فهل لك أن تخبر الملك أنّ عندي علم رؤياه وتأويله؟ فخرج صاحب السجن ، وذكر لبخت نصّر فدعا به.
    وكان لا يقف بين يديه أحد إلّا سجد له ، فلمّا طال قيام دانيال وهو لا يسجد له ، قال للحرس : اخرجوا واتركوه ، فخرجوا فقال : يا دانيال ، ما منعك أن تسجد لي؟ فقال : إنّ لي ربّا آتاني هذا العلم على أن لا أسجد لغيره ، فلو سجدت لك انسلخ عنّي العلم فلم ينتفع (3) بي ، فتركت السجود نظرا إلى ذلك.
    قال بخت نصّر : وفيت لإلهك فصرت آمنا منّي ، فهل لك علم بهذه الرؤيا؟ قال : نعم ، رأيت صنما عظيما رجلاه في الأرض ، ورأسه في السماء ، أعلاه من ذهب ، ووسطه من فضّة ، وأسفله من نحاس ، وساقاه من حديد ، ورجلاه من فخار ، فبينا أنت تنظر إليه وقد أعجبك حسنه وعظمه وإحكام صنعته والأصناف التي ركّب فيها ، إذ قذف (4) بحجر من السماء ، فوقع على رأسه ، فدقّه حتّى طحنه فاختلط ذهبه وفضّته ونحاسه وحديده وفخاره ، حتّى خيّل لك أنّه لو اجتمع الجنّ والإنس على أن يميّزوا بعضه من بعض لم يقدروا ، وحتّى خيّل لك أنّه لو هبّت أدنى ريح لذرّته لشدّة ما انطحن ، ثمّ نظرت إلى الحجر الذي قذف به يعظم فينتشر (5)
    __________________
    (1) الخول : مثل الخدم والحشم وزنا ومعنى (المصباح المنير : 185).
    (2) في «س» «ص» والبحار : (صلبتكم) بدلا من : (لاصلبنكم).
    (3) في «ص» : (تنتفع).
    (4) في «ر» : (تركب فيها إذ قذفه) ، وفي «ص» : (ركب فيها إذ قذفه) ، وفي البحار : (ركبت فيه إذ قذفه ملك) بدلا من : (ركب فيها ، إذ قذف).
    (5) في البحار : (فينتثر).

    حتّى ملأ الأرض كلّها فصرت لا ترى إلّا السماء والحجر.
    قال بخت نصّر : صدقت ، هذه الرؤيا التي رأيتها ، فما تأويلها؟
    قال دانيال عليه‌السلام : أمّا الصنم الذي رأيت ، فإنّها أمم تكون في أوّل الزمان وأوسطه وآخره ، وأمّا الذهب فهو هذا الزمان ، وهذه الأمّة التي أنت فيها وأنت ملكها ، وأمّا الفضّة فإنّه يكون ابنك يليها من بعدك ، وأمّا النحاس فأمّة الروم ، وأمّا الحديد فأمّة فارس ، وأمّا الفخار فأمّتان تملكهما امرأتان : إحداهما في شرقيّ اليمن ، وأخرى في غربيّ الشام.
    وأمّا الحجر الذي قذف به الصنم ، فدين يقذفه الله به في هذه (1) الأمّة آخر الزمان ليظهره عليها ، يبعث الله نبيّا أمّيّا من العرب فيذلّ الله له الأمم والأديان ، كما رأيت الحجر ظهر على الأرض فانتشر (2) فيها.
    فقال بخت نصّر : ما لأحد عندي يد أعظم من يدك ، وأنا أريد أن أجزيك ، إن أحببت أن أردّك إلى بلادك وأعمرها لك ، وإن أحببت أن تقيم معي فأكرمك. فقال دانيال عليه‌السلام : أمّا بلادي فأرض كتب الله عليها الخراب إلى وقت ، والإقامة معك أوثق لي.
    فجمع بخت نّصر ولده وأهل بيته وخدمه وقال لهم : هذا رجل حكيم قد فرّج الله به عنّي كربة قد عجزتم عنها ، وقد ولّيته أمركم وأمري ، يا بنيّ خذوا من علمه ، وإن جاءكم رسولان أحدهما لي والآخر له ، فأجيبوا دانيال قبلي ، فكان لا يقطع أمرا دونه.
    ولمّا رأى قوم بخت نصّر ذلك حسدوا دانيال ، ثمّ اجتمعوا إليه وقالوا : كانت
    __________________
    (1) في البحار : (فدين يفقده الله به هذه في) بدلا من : (فدين يقذفه الله به في هذه) ، وفي إثبات الهداة : (يعقده) بدلا من : (يقذفه).
    (2) في البحار : (فانتثر).

    لك الأرض ويزعم عدوّنا ، أنّك أنكرت عقلك ، قال : إنّي أستعين برأي هذا الإسرائيليّ لإصلاح أمركم ، فإنّ رأيه يطّلعه عليه ربّه. قالوا : نتّخذ إلها يكفيك ما أهمّك وتستغني عن دانيال ، فقال : أنتم وذاك ، فعملوا صنما عظيما وصنعوا عيدا وذبحوا له ، وأوقدوا نارا عظيمة كنار نمرود ، ودعوا الناس بالسجود لذلك الصنم ؛ فمن لم يسجد له ألقي فيها.
    وكان مع دانيال عليه‌السلام أربع فتية من بني إسرائيل : يوشال ، ويوحين ، وعيصوا ومريوس ، وكانوا مخلصين موحّدين ، فأتي بهم ليسجدوا للصنم ، فقالت الفتية : هذا ليس بإله ، ولكن خشبة ممّا عملها الرجال ، فإن شئتم أن نسجد للذي خلقها فعلنا ، فكتّفوهم ثمّ رموا بهم في النار.
    فلمّا أصبحوا طلع عليهم بخت نصّر فوق قصر ، فإذا معهم خامس ، وإذا بالنار قد عادت جليدا (1) فامتلأ رعبا فدعا دانيال عليه‌السلام فسأله عنهم ، فقال : أمّا الفتية فعلى ديني يعبدون إلهي ، ولذلك أجارهم ، والخامس يجرّ (2) البرد أرسله الله تعالى جلّت عظمته إلى هؤلاء نصرة لهم ، فأمر بخت نصّر فأخرجوا ، فقال لهم : كيف بتّم؟
    قالوا : بتنا بأفضل ليلة منذ خلقنا ، فألحقهم بدانيال ، وأكرمهم بكرامته حتّى مرّت بهم ثلاثون سنة (3).
    فصل
    [رؤيا أخرى لبخت نصّر]
    [325 / 4] ـ وعن وهب بن منبّه قال : ثمّ إنّ بخت نصّر رأى رؤيا أهول من الرؤيا
    __________________
    (1) الجليد : ما يجمد على الأرض من الماء.
    (2) في «ص» «م» ، والبحار : (بحر).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 367 / 7 وإثبات الهداة 1 : 197 الباب السابع ، الفصل 17 برقم : 11.

    الأولى ونسيها أيضا ، فدعا علماء قومه فقال : رأيت رؤيا أخشى أن يكون فيها هلاككم وهلاكي ، فما تأويلها؟ فعجزوا وجعلوا علّة عجزهم دانيال عليه‌السلام ، فأخرجهم ودعا دانيال عليه‌السلام ، فسأله ، فقال : رأيت شجرة عظيمة شديدة الخضرة فرعها في السماء عليها طير السماء ، وفي ظلّها وحوش الأرض وسباعها ، فبينما (1) أنت تنظر إليها قد أعجبك بهجتها ، إذ أقبل ملك يحمل حديدة كالفاس على عنقه ، وصرخ بملك آخر في باب من أبواب السماء يقول له : كيف أمرك الله أن تفعل بالشجرة : أمرك أن تجتثّها من أصلها أم أمرك أن تأخذ بعضها؟
    فناداه الملك الأعلى : إنّ الله تعالى يقول : خذ منها وأبق ، فنظرت إلى الملك حتّى ضرب رأسها بفاسه ، فانقطع وتفرّق ما كان عليها من الطير ، وما كان تحتها من السباع والوحوش ، وبقي الجذع لا هيئة له ولا حسن.
    فقال بخت نصّر : فهذه الرؤيا رأيتها ، فما تأويلها؟
    قال : أنت الشجرة ، وما رأيت في رأسها من الطيور فولدك وأهلك ، وأمّا ما رأيت في ظلّها من السباع والوحوش فخولك ورعيّتك ، وكنت قد أغضبت الله فيما تابعت قومك من عمل الصنم.
    فقال بخت نصّر : كيف يفعل ربّك بي؟ قال : يبتليك ببدنك فيمسخك سبع سنين ، فإذا مضت رجعت إنسانا كما كنت أوّل مرّة.
    فقعد بخت نصّر يبكي سبعة أيّام ، فلمّا فرغ من البكاء ظهر فوق بيته ، فمسخه الله عقابا فطار ، وكان دانيال عليه‌السلام يأمر ولده وأهل مملكته أن لا يغيّروا من أمره شيئا حتّى يرجع إليهم ، ثمّ مسخه الله في آخر عمره بعوضة ، فأقبل يطير حتّى دخل بيته ، فحوّله الله إنسانا فاغتسل بالماء ولبس المسوح.
    ثمّ أمر بالناس فجمعوا ، فقال : إنّي وإيّاكم كنّا نعبد من دون الله ما لا ينفعنا
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (فبينا).

    ولا يضرّنا ، وأنّه قد تبيّن لي من قدرة الله تعالى جلّ وعلا في نفسي أنّه لا إله إلّا الله إله بني إسرائيل ، فمن تبعني فإنّه منّي ، وأنا وهو في الحقّ سواء ، ومن خالفني ضربته بسيفي حتّى يحكم الله بيني وبينكم ، وإنّي قد أجّلتكم إلى الليلة ، فإذا أصبحتم فأجيبوني ، ثمّ انصرف ودخل بيته وقعد على فراشه ، فقبض الله تعالى روحه.
    وقصّ وهب قصّته هذه عن ابن عبّاس ثمّ قال : ما أشبه إيمانه بإيمان السحرة (1).
    فصل
    [في أحوال ابن بخت نصّر]
    [326 / 5] ـ ولمّا توفّي بخت نصّر تابع الناس ابنه ، وكانت الأواني التي عملت الشياطين لسليمان بن داود عليهما‌السلام من اللؤلؤ والياقوت غاص عليها الشياطين ، حتّى استخرجوها من قعور الأبحر الصمّ التي لا تعبر فيها السفن ، وكان بخت نصّر غنم كلّ ذلك من بيت المقدس ، وأوردها أرض بابل واستأمر (2) فيه دانيال ، فقال : إنّ هذه الآنية طاهرة مقدّسة صنعها النبيّ ابن النبيّ الذي يسجد لربّه عزّ وعلا ، فلا تدنّسها بلحم الخنازير وغيرها ، فإنّ لها ربّا سيعيدها حيث كانت ، فلم يطعه (3) ، واعتزل دانيال وأقصاه وجفاه.
    وكانت له امرأة حكيمة نشأت في تأديب دانيال تعظه وتقول : إنّ أباك كان يستغيث (4) بدانيال فأبى ذلك ، فعمل في كلّ عمل سوءا حتّى عجّت الأرض منه
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 369 / 8 ، وللعلّامة المجلسي بيان خاصّ بشأن هذه الرواية فراجع.
    (2) في البحار : (استعمر).
    (3) المثبت من البحار وهو لم يرد في «ر» «س» ، وفي «ص» «م» : (فأطاعه).
    (4) في «م» : (يستعين).

    إلى الله تعالى جلّت عظمته ، فبينا هو في عيد إذا بكفّ ملك يكتب على الجدار ثلاثة أحرف ، ثمّ غابت الكفّ والقلم ، وبهتوا ، فسألوا دانيال بحقّ تأويل ذلك المكتوب ، وكان كتب : وزن فخفّ ، وعد فأنجز ، وجمع فتفرّق ، فقال :
    أمّا الأوّل : فإنّه عقلك [وزن] فخفّ ، فكان خفيفا في الميزان.
    والثاني : وعد أن يملّكك (1) فأنجزه اليوم.
    والثالث : فإنّ الله تعالى كان قد جمع لك ولوالدك من قبلك ملكا عظيما ثمّ تفرّق اليوم ، فلا يجتمع إلى يوم القيامة.
    فقال له : ثمّ ماذا؟ قال : يعذّبك الله ، فأقبلت بعوضة تطير حتّى دخلت في إحدى منخريه فوصلت إلى دماغه وتؤذيه ، فأحبّ الناس عنده من حمل مرزبة (2) فيضرب بها رأسه ، ويزداد كلّ يوم ألما إلى أربعين ليلة حتّى مات وصار إلى النار (3).
    [327 / 6] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، حدّثنا الحسن بن عليّ السكريّ ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن زكريّا الجوهريّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن الباقر عليه‌السلام سألته عن تعبير الرؤيا عن دانيال عليه‌السلام أهو صحيح؟
    قال : نعم كان يوحى إليه ، وكان نبيّا ، وكان ممّن علّمه الله تأويل الأحاديث ، وكان صدّيقا حكيما ، وكان والله يدين بمحبّتنا أهل البيت. قال جابر : بمحبّتكم أهل البيت؟! قال : إي والله ، وما من نبيّ ولا ملك إلّا وكان يدين بمحبّتنا (4).
    __________________
    (1) في «م» «ر» «ص» : (أن يملك).
    (2) المرزبة بالتخفيف : المطرقة الكبيرة التي تكون للحداد (النهاية في غريب الحديث 2 : 219).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 370 / 9.
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 371 / 10 وج 26 : 284 / 41.

    فصل
    [رزق المؤمن من حيث لا يحتسب]
    [328 / 7] ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن عليّ بن محمّد القاسانيّ ، عن القاسم بن محمّد الإصفهانيّ ، عن سليمان بن داود المنقريّ ، عن حفص بن غياث النخعيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من اهتمّ لرزقه كتب عليه خطيئة ، إنّ دانيال عليه‌السلام كان في زمن ملك جبّار (1) فأخذه فطرحه في الجبّ (2) ، وطرح معه السباع لتأكله ، فلم تدن إليه.
    فأوحى الله تعالى جلّت عظمته إلى نبيّ من أنبيائه عليهم‌السلام أن ائت دانيال بطعام ، قال : يا ربّ ، وأين دانيال؟
    قال : تخرج من القرية فيستقبلك ضبع (3) فيدلّك عليه ، فخرج فانتهى به الضبع إلى ذلك الجبّ ، فإذا بدانيال عليه‌السلام فيه ، فأدلى إليه الطعام ، فقال دانيال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ، والحمد لله الذي لا يخيب من دعاه (4) ، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا وبالصبر نجاة.
    ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أبى الله أن يجعل أرزاق المتّقين إلّا من حيث لا يحتسبون ، وأبى الله أن يقبل شهادة لأوليائه في دولة الظالمين (5).
    __________________
    (1) في الأمالي والبحار زيادة : (عات).
    (2) في الأمالي : (جبّ).
    (3) الضبع : سبع كالذئب أكبر من الكلب ، وإذا جرى يكون كأنّه أعرج (الإفصاح في فقه اللغة 2 : 819).
    (4) في الأمالي والبحار زيادة : (الحمد لله الّذي من توكّل عليه كفاه ، الحمد لله الّذي من وثق به لم يكله إلى غيره).
    (5) عنه في مستدرك الوسائل 13 : 42 / 1 ونقله العلّامة المجلسيّ في بحار الأنوار 14 : 362 / 4 ـ

    [329 / 8] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعريّ ، حدّثنا السيّاريّ ، عن إسحاق ابن إبراهيم ، عن الرضا عليه‌السلام قال : إنّ الملك قال لدانيال : أشتهي أن يكون لي ابن مثلك ، فقال : ما محلّي من قلبك؟ قال : أجلّ محلّ وعظمة ، قال دانيال : فإذا جامعت فاجعل همّتك فيّ ، قال : ففعل الملك ذلك ، فولد له ابن أشبه خلق الله (1) بدانيال (2)(3).
    [330 / 9] ـ ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ شعيبا جعل لموسى عليه‌السلام في بعض السنين الذي كان عنده ، كلّ بلقاء (4) تضعه غنمه في تلك السنة .. فوضعت كلّها بلق (5).
    وفي هذا الخبر ما يحتاج إلى تأويل ، وهو أنّه لا تأثير لشيء ممّا ذكر
    __________________
    ـ وج 92 : 187 / 11 وج 100 : 28 / 45 و 46 عنه وعن الأمالي للطوسيّ : 300 / 40 واللفظ للأمالي وسنده : عن الفحّام ، عن محمّد بن عيسى بن هارون ، عن إبراهيم بن عبد الصمد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الصادق عليه‌السلام .. وفي وسائل الشيعة 17 : 56 / 1 عن الأمالي.
    وأورده في الخرائج والجرائح 2 : 941 باختلاف واختصار ، وابن فهد الحلّيّ في عدّة الداعي : 83 : عن الصادق عليه‌السلام ...
    (1) في «ر» «س» : (الخلق).
    (2) قال العلّامة المجلسيّ في البحار 57 : 366 في ذيل الحديث : أقول : ذكر الأطبّاء أيضا أنّ للتخيّل في موقع الجماع مدخلا في كيفيّة تصوير الجنين. قال ابن سينا في القانون : قد قال قوم من العلماء ، ولم يعدو عن حكم الجواز أنّ من أسباب الشبه ما يتمثّل حال العلوق في وهم المرأة أو الرجل من الصور الإنسانيّة تمثّلا متمكّنا ، انتهى.
    وقال بعضهم : تصوّر رجل عند الجماع صورة حيّة فتولد منه طفل كان رأسه رأس إنسان وبدنه بدن حيّة.
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 371 / 11 وج 57 : 366 / 65 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 482.
    (4) قال في الإفصاح 2 : 1335 : البلق والبلقة سواد وبياض في اللون وبلق الفرس كان فيه سواد وبياض.
    (5) عنه في بحار الأنوار 13 : 29 (بالمضمون).

    في الحقيقة في تغيّر هيئة الجنين ، وأمّا الأنبياء فدعواتهم مستجابة وأمورهم عجابة ، وإذا كان شيء ممّا يتعجّب منه من قبل الله تعالى فلا يستنكر فهو سبحانه وتعالى على كلّ شيء قدير (1).
    فصل
    [أحداث بعد وفاة نبيّ الله سليمان عليه‌السلام]
    [331 / 10] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان (2) ، حدّثنا الحسن ابن عليّ السّكريّ ، حدّثنا محمّد بن زكريّا البصريّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن
    __________________
    (1) نعم إنّ الله على كلّ شيء قدير وإنّه عزيز حكيم وحكيم فيما يريد وما ذلك عليه بعزيز ولذا ذكر العلّامة المجلسيّ في البحار (60 : 367) ذيل الحديث السابق ما يقرّب وقوع الحقيقة وإن شئت فراجع والغرض من التعليق الإشارة إلى أنّ كلام الشيخ الراونديّ هنا يناقض صدره ذيله فإنّ الاعتقاد بالاقتدار المطلق لله سبحانه لا يجامع الجزم بتأويل عمليّة موسى عليه‌السلام من غرزه عصاه في وسط مربض الأغنام لشعيب عليه‌السلام ، تلك الأغنام التي قال عنها شعيب لموسى عليهما‌السلام : ما وضعت في هذه السنة من غنم بلق فهو لك بعد ما قال له موسى لمّا قضى أجله : لا بدّ لي أن أرجع إلى وطني وأمّي وأهل بيتي فما لي عندك؟ ... فعمد إلى كساء أبلق وألقاه على عصاه المغروز وسط المربض ثمّ أرسل الفحل على الغنم فلم تضع الغنم في تلك السنة إلّا بلقا فأيّ بعد في إعطاء الله سبحانه تأثيرا للعمليّة المزبورة على تحوّل نطف الأغنام وصيرورتها على صورة لون واحد ، وهو الأبلق حسب نطاق هذه الحكاية التي جاءت في البحار عن تفسير القمّيّ برواية مفصّلة صدرها عن أبي جعفر عليه‌السلام وقد روى الراوي ذيلا بهذا المقدار الذي نقلناه عن أبي عبد الله عليه‌السلام والظاهر أنّ الشيخ الراوندي أراد أن يشير إلى صدر الرواية عن أبي جعفر عليه‌السلام ثمّ ينقل المورد المناسب للكلام المتقدّم عن أبي عبد الله عليه‌السلام فذهل عن الصدر وكتب ما هو المقصود ذيلا على نحو الاختصار والاقتباس عنه عليه‌السلام بتعبير : ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام ...
    وبهذا الجري أصبح ما ادّعيناه في التعليق المتقدّم من وقوع سقط وارتباك في الكلام والنقل صادقا وصحيحا (غلام رضا عرفانيان).
    (2) في «ر» «س» : (العطّار).

    عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق عليه‌السلام قال : لمّا حضر سليمان بن داود صلوات الله عليهما الوفاة أوصى (1) آصف بن برخيا بأمر الله تعالى ، فلم يزل في بني إسرائيل يأخذون منه معالم دينهم ، ثمّ غيّب الله آصف غيبة طال أمدها ، ثمّ ظهر لهم ، فبقي بين قومه ما شاء الله ، ثمّ إنّه ودّعهم وغاب عنهم ، فاشتدّت البلوى على بني إسرائيل بغيبته وتسلّط عليهم بخت نصّر ، فجعل يقتل من يظفر به منهم ، ويسبي ذراريهم ، واصطفى من أهل بيت يهودا (2) دانيال عليه‌السلام ومن ولد هارون عزيرا عليه‌السلام ، وجعل دانيال في جبّ.
    فلمّا تناهت (3) البلوى به رأى بخت نصّر في المنام كأنّ ملائكة السماء هبطت إلى الأرض أفواجا إلى الجبّ الذي فيه دانيال عليه‌السلام مسلّمين عليه ويبشّرونه بالفرج ، والله تعالى جلّت عظمته كان يبعث برزقه إليه على يد نبيّ عليه‌السلام.
    فلمّا أصبح بخت نصّر ندم على ما فعل ، فأتى (4) دانيال فأخرجه واعتذر إليه ثمّ فوّض إليه الأمر في ممالكه وأفضى (5) الأمر بعده إلى ابنه واشتدّت البلوى على بني إسرائيل ووعدهم الله تعالى بقيام المسيح عليه‌السلام بعد نيّف وعشرين سنة (6).
    __________________
    (1) في البحار زيادة : (إلى).
    (2) في «س» : (يهوذا).
    (3) في «ر» «س» «ص» : (تناهى).
    (4) في «ر» «س» زيادة : (إلى).
    (5) في «ر» «س» : (وأوصى).
    (6) عنه وعن كمال الدين : 157 / ضمن حديث طويل في بحار الأنوار 14 : 67 / ضمن الحديث 2 بتفاوت في المتن وبهذا الإسناد : القطّان ، عن السكريّ ، عن الجوهريّ ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق عليه‌السلام ...
    وانظر البحار 13 : 448 / ضمن ح 10 وج 14 : 363 / 5.

    فصل
    في العلامات
    [332 / 11] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن عليّ الصوفيّ ، حدّثنا حمزة بن القاسم العبّاسيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ ، حدّثنا محمّد بن الحسين بن زيد الزيّات ، حدّثنا عمرو (1) بن عثمان الخزّاز ، حدّثنا عبد الله بن الفضل الهاشميّ ، عن الصادق عليه‌السلام قال : كان في كتاب دانيال عليه‌السلام أنّه :
    إذا كان أوّل يوم من المحرّم يوم السبت فإنّه يكون الشتاء شديد البرد ، كثير الريح ، يكثر فيه الجليد ، وتغلو فيه الحنطة ، ويقع فيه الوباء وموت الصبيان ، وتكثر الحمّى في تلك السنة ، ويقلّ العسل ، وتكثر الكمأة ، ويسلم الزرع من الآفات ويصيب بعض الأشجار آفة وبعض الكروم ، وتخصب السنة ، ويقع بالروم الموتان ، وتغزوهم العرب ويكثر فيهم السبي والغنائم في أيدي العرب ، وتكون الغلبة في جميع المواضع للسلطان بمشيّة الله.
    وإذا كان يوم الأحد أوّل المحرّم فإنّه يكون الشتاء صالحا ، ويكثر المطر ، وتصيب بعض الأشجار والزرع آفة ، وتكون أوجاع مختلفة ، وموت شديد ، ويقلّ العسل ، ويكثر في الهوى الوباء والموتان ، ويكون في آخر السنة بعض الغلاء في الطعام ، وتكون الغلبة للسلطان في آخره.
    وإذا كان يوم الإثنين أوّل المحرّم فإنّه يكون الشتاء صالحا ، ويكون في الصيف حرّ شديد ، ويكثر المطر في إبّانه (2) ويكثر البقر والغنم ، ويكثر العسل ، ويرخص
    __________________
    (1) في «ص» «م» : (عمر) بدلا من : (عمرو).
    (2) في البحار : (أيّامه).

    الطعام والأسعار في بلدان الجبال ، وتكثر الفواكه فيها ، ويكون موت في النساء ، وفي آخر السنة يخرج خارجيّ على السلطان بنواحي المشرق ، ويصيب بعض فارس غمّ ، ويكثر الزكام في أرض الجبل.
    وإذا كان يوم الثلاثاء أوّل المحرّم فإنّه يكون الشتاء شديد البرد ، ويكثر الثلج والجمد بأرض الجبل وناحية المشرق ، ويكثر الغنم والعسل ، ويصيب بعض الأشجار والكروم آفة ، ويكون بناحية المغرب والشام آفة من حدث يحدث في السماء يموت فيه خلق ، ويخرج على السلطان خارجيّ قويّ ، وتكون الغلبة للسلطان ، ويكون في أرض فارس في بعض الغلّات آفة ، وتغلو الأسعار بها في آخر السنة.
    وإذا كان يوم الأربعاء أوّل المحرّم فإنّ الشتاء يكون وسطا ، ويكون المطر في القيظ (1) صالحا نافعا مباركا ، وتكثر الثمار والغلّات بالجبال كلّها وناحية جميع المشرق ، إلّا أنّه يقع الموت في الرجال في آخر السنة ، ويصيب الناس بأرض بابل وبالجبل آفة ، وترخص الأسعار ، وتسكن مملكة العرب في تلك السنة ، ويكون الغلبة للسلطان.
    وإذا كان يوم الخميس أوّل المحرّم فإنّه يكون الشتاء ليّنا ، ويكثر القمح والفواكه والعسل بجميع نواحي المشرق ، وتكثر الحمّى في أوّل السنة وفي آخرها ، وبجميع أرض بابل في آخر السنة ، ويكون للروم على المسلمين غلبة ثمّ تظهر العرب عليهم بناحية المغرب ، ويقع بأرض السند حروب والظفر لملوك العرب.
    وإذا كان يوم الجمعة أوّل المحرّم فإنّه يكون الشتاء بلا برد ، ويقلّ المطر والأودية والمياه ، وتقلّ الغلّات بناحية الجبال مائة فرسخ في مائة فرسخ ، ويكثر الموت في جميع الناس ، وتغلو الأسعار بناحية المغرب ، وتصيب بعض الأشجار
    __________________
    (1) القيظ : شدّة الحرّ ، والقيظ : الفصل الذي يسميه الناس الصيف (المصباح المنير : 521).

    آفة ، ويكون للروم على الفرس كرّة شديدة (1).
    القول في علامات كسوف الشمس في الاثني عشر شهرا
    [333 / 12] ـ إذا انكسفت الشمس في المحرّم فإنّ السنة تكون خصيبة إلّا أنّه يصيب الناس أوجاع في آخرها وأمراض ، ويكون من السلطان ظفر ، وتكون زلزلة بعدها سلامة.
    وإذا انكسفت في صفر فإنّه يكون فزع وجوع في ناحية المغرب ، ويكون قتال في المغرب كثير ، ثمّ يقع الصلح في ربيع ، والظفر للسلطان.
    وإذا انكسفت في ربيع الأوّل فإنّه يكون بين الناس صلح ، ويقلّ الاختلاف ، والظفر للسلطان بالمغرب ، ويعزّ البقر والغنم ، ويتّسع في آخر السنة ، ويقع الوباء في الإبل بالبدو.
    وإذا انكسفت في شهر ربيع الآخر فإنّه يكون بين الناس اختلاف كثير ، ويقتل منهم خلق عظيم ، ويخرج خارجيّ على الملك ، ويكون فزع وقتال ، ويكثر الموت في الناس.
    وإذا انكسفت في جمادى الأولى فإنّه يكون السعة في جميع الناس بناحية المشرق والمغرب ، ويكون للسلطان إلى الرعيّة نظر ، ويحسن السلطان إلى أهل مملكته ويراعي جانبهم.
    وإذا انكسفت في جمادى الآخر فإنّه يموت رجل عظيم بالمغرب ، ويقع ببلاد مصر قتال وحروب شديدة ، ويكون ببلاد المغرب غلاء في آخر السنة.
    وإذا انكسفت في رجب فإنّه تعمر الأرض ، وتكون أمطار كثيرة بالجبال وبناحية المشرق ، ويكون جراد بناحية فارس ولا يضرّهم ذلك.
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 55 : 330 / صدر الحديث 1.

    وإذا انكسفت في شعبان يكون سلامة في جميع الناس من السلطان ، ويكون للسلطان ظفر على أعدائه بالمغرب ، ويقع وباء في الجبال في آخر السنة ، ويكون عاقبته إلى سلامة.
    وإذا انكسفت في شهر رمضان كان جملة الناس يطيعون عظيم فارس ، وتكون للروم على العرب كرّة شديدة ، ثمّ تكون على الروم ويسبي منهم ويغنم.
    وإذا انكسفت في شوّال فإنّه يكون في أرض الهند والزنج قتال شديد ، ويكثر نبات الأرض بالمشرق.
    وإذا انكسفت في ذي القعدة فإنّه يكون مطر كثير متواتر ، ويقع خراب بناحية فارس.
    وإذا انكسفت في ذي الحجّة فإنّه يكون فيه رياح كثيرة ، وتنقص الأشجار ، ويقع بأرض من المغرب شنع وخراب في كلّ أرض من ناحية المغرب ، وينقص الطعام ويغلو عليهم ، ويخرج خارجيّ على الملك ويصيبه منه شدّة ، ويقلّ طعام أهل فارس ثمّ يرخص في العام الثاني (1).
    القول في علامات خسوف القمر طول السنة
    [334 / 13] ـ إذا انكسف القمر (2) في المحرّم فإنّه يموت رجل عظيم ، وتنقص الفاكهة بالجبال ، ويقع في الناس حكّة ، ويكثر الرمد بأرض بابل ، ويقع الموت ، وتغلو أسعارها ، ويخرج خارجيّ على السلطان والظفر للسلطان ويقتلهم.
    وإذا انكسف في صفر فإنّه يكون جوع ومرض ببابل وبلادها حتّى يتخوّف
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 55 : 332 / ضمن الحديث 1.
    (2) الظاهر أنّ الخسوف والكسوف بمعنى واحد يستعملان للشمس والقمر وبالعكس ، قال في المصباح المنير : 169 : وخسف القمر ذهب ضوؤه أو نقص وهو الكسوف أيضا.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:04 pm

    على الناس ، ثمّ تكون أمطار كثيرة ، فتحسن نبات الأرض وحال الناس ، ويكون بالجبال فاكهة كثيرة.
    وإذا انكسف في شهر ربيع الأوّل فإنّه يقع بالمغرب قتال ، ويصيب الناس يرقان ، وتكثر فاكهة البلاد بناحية ماه (1) ، ويقع الدود في البقول بالجبل ، ويقع خراب كثير بماه.
    وإذا انكسف في شهر ربيع الآخر فإنّه تكثر الأنداء بالجبال ، ويكثر الخصب والمياه ، وتكون السنة مباركة ، ويكون للسلطان الظفر بالمغرب.
    وإذا انكسف في جمادى الأولى فإنّه تهراق دماء كثيرة بالبدو ، ويصيب عظيم الشام بليّة شديدة ، ويخرج خارجيّ على السلطان والظفر للسلطان.
    واذا انكسف في جمادى الآخرة فإنّه تقلّ الأمطار والمياه بنينوى ، ويقع فيها جوع شديد وغلاء ، ويصيب ملك بابل إلى المغرب بلاء عظيم.
    وإذا انكسف في رجب فإنّه يكون بالمغرب موت وجوع ، ويكون بأرض بابل أمطار ، ويكثر وجع العين في الأمصار.
    وإذا انكسف في شعبان فإنّ الملك يقتل أو يموت ويملك ابنه ، وتغلو الأسعار ، ويكثر جوع الناس.
    وإذا انكسف في شهر رمضان يكون بالجبل برد شديد وثلج ومطر وتكثر المياه ، ويقع بأرض فارس سباع كثيرة ، ويقع بأرض ماه موت كثير بالصبيان والنساء.
    وإذا انكسف في شوّال فإنّ الملك يغلب على أعدائه ، ويكون في الناس شرّ وبليّة.
    وإذا انكسف في ذي القعدة فإنّه تفتح المدائن الشداد ، وتظهر الكنوز في
    __________________
    (1) قال في القاموس 4 : 293 : الماه : قصبة البلد ، والماهان الدينور ونهاوند ، أحدهما ماهة الكوفة والاخرى ماهة البصرة.

    بعض الأرضين والجبال.
    وإذا انكسف في ذي الحجّة فإنّه يموت رجل عظيم بالمغرب ، ويدّعي فاجر الملك.
    وجميع ذلك إن صحّت الروايات عن دانيال النبيّ عليه‌السلام يجري مجرى الملاحم والحوادث في الدنيا وعلاماتها (1).
    [335 / 14] ـ وقد قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أراد الله بقوم خيرا أمطرهم بالليل وشمّسهم بالنهار (2).
    [336 / 15] ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا غضب الله على أمّة ولم ينزل بها العذاب ، غلت أسعارها ، وقصرت أعمارها ، ولم تربح تجّارها ، ولم تزكّ ثمارها ، ولم تغزر أنهارها ، وحبس عنها أمطارها ، وسلّط عليها شرارها (3).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 55 : 333 / 1. من هنا إلى آخر هذا الباب من إضافات الشيخ الراوندي على روايات الصدوق.
    (2) عنه في بحار الأنوار 55 : 334 / ذيل ح 1.
    (3) عنه في بحار الأنوار 55 : 334 / ضمن الحديث 1.
    ورواه بنفس المتن الكلينيّ في الكافي 5 : 317 / 53 : عن أبي عليّ الأشعريّ ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ ، عن العبّاس بن معروف ، عن رجل ، عن مندل بن عليّ العنزيّ ، عن محمّد بن مطرف ، عن مسمع ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ...
    ورواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه 1 : 524 / 1489 مرسلا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. ، والخصال : 360 / 48 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ .. وباقي السند كما جاء في الكافي وعنه في بحار الأنوار 70 : 350 / 46 ، والأمالي : 678 / 24 : عن عليّ بن الحسين بن شاذويه ، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن الحكم ، عن مندل بن عليّ العنزي .. وباقي السند كما في السابق وعنه في بحار الأنوار 88 : 328 / 12 ومستدرك الوسائل 6 : 189 / 3. ـ

    [337 / 16] ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا منعت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكّام أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت (1) الذمّة نصر المشركون على المسلمين (2).
    وأمثلة ذلك كثيرة ، والله أعلم بحقيقة ذلك.
    __________________
    ـ ورواه الطوسيّ في تهذيب الأحكام 3 : 148 / 2 ، وابن شعبة الحرّانيّ في تحف العقول : 51 مرسلا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في بحار الأنوار 74 : 155 / 128 ، وفي وسائل الشيعة 8 : 13 / 2 عن الفقيه والتهذيب.
    (1) جاء في ترتيب كتاب العين 1 : 506 : أخفر الذمّة أي : لم يف لمن يجيره.
    (2) عنه في بحار الأنوار 55 : 334 / ذيل الحديث 1.
    ورواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه 1 : 524 / 1488 ، والطوسيّ في تهذيب الأحكام 3 : 147 / 1 بنفس المتن : عن عبد الرحمن بن كثير ، عن الصادق عليه‌السلام .. وعنهما في وسائل الشيعة 8 : 13 / 1 بزيادة في صدر الحديث : (إذا فشت أربعة ظهرت أربعة : إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة ..) ، وكذا في الخصال للصدوق : 242 / 95 : عن جعفر بن عليّ بن الحسن الكوفيّ ، عن جدّه الحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة ، عن عليّ بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير الهاشميّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 76 : 21 / 13 وج 88 : 147 / 5 وج 93 : 13 / 19 وج 97 : 45 / 1.

    الباب السّادس عشر :
    في حديث جرجيس وعزير وحزقيل واليا عليهما‌السلام


    [جرجيس عليه‌السلام يرى ألوان العذاب]
    [338 / 1] ـ عن ابن بابويه ، حدّثنا الحاكم أبو محمّد جعفر بن محمّد بن شاذان النيسابوريّ ، حدّثنا أبي أبو عبد الله محمّد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمّد بن زياد أبي أحمد الأزديّ (1) ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال : بعث الله تعالى جرجيس عليه‌السلام إلى ملك بالشام يقال له : دازانة (2) يعبد صنما ، فقال له : أيّها الملك ، اقبل نصيحتي ، لا ينبغي للخلق أن يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلّا إليه ، فقال له الملك : من أيّ أرض أنت؟ قال : من الروم قاطنين بفلسطين.
    فأمر بحبسه ، ثمّ مشط جسده بأمشاط من حديد حتّى تساقط لحمه وفضح جسده ، ولمّا (3) لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فضربوها (4) في فخذيه وركبتيه
    __________________
    (1) هو محمّد بن أبي عمير الأزدي الثقة المعروف (انظر : فهرست الشيخ : 404 / 618).
    (2) في البحار : (داذانة) ، وفي العرائس : (راذانة).
    (3) في «ر» «س» والبحار : (ونضح جسده بالخل ودلّكه بالمسوح الخشنة ثمّ أمر بمكاوي من حديد تحمى فيكوى بها جسده ، فلمّا) بدلا من : (وفضح جسده ولمّا).
    (4) في «ص» «م» : (فضربها).

    وتحت قدميه ، فلمّا رأى أنّ (1) ذلك لم يقتله أمر بأوتاد طوال (2) من حديد فوتّدت (3) في رأسه فسال منها دماغه ، وأمر بالرصاص فأذيب وصبّ على إثر ذلك ، ثمّ أمر بسانية (4) من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلّا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه ، فلمّا أظلم الليل وتفرّق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك ، فقال له : يا جرجيس ، إنّ الله تعالى جلت عظمته يقول : اصبر وأبشر ولا تخف ، إنّ الله معك يخلّصك ، وإنّهم يقتلونك أربع مرّات ، في كلّ ذلك أدفع (5) عنك الألم والأذى.
    فلمّا أصبح الملك دعاه فجلده بالسياط على الظهر والبطن ، ثمّ ردّه إلى السجن ، ثمّ كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكلّ ساحر فبعثوا بساحر استعمل كلّ ما قدر عليه من السحر فلم يعمل فيه ، ثمّ عمد إلى سمّ فسقاه ، فقال جرجيس : «بسم الله الّذي يضلّ عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة» فلم يضرّه.
    فقال الساحر : لو أنّي سقيت بهذا السمّ (6) أهل الأرض لنزعت قواهم ، وشوّهت خلقهم ، وعميت أبصارهم ، وأنت ـ يا جرجيس ـ النور المضيء والسراج المنير والحقّ اليقين ، أشهد أنّ إلهك حقّ وما دونه باطل ، آمنت به وصدّقت رسله وإليه أتوب ممّا فعلت ؛ فقتله الملك.
    __________________
    (1) قوله : (أنّ) لم يرد في «ر» «س» «ص».
    (2) قوله : (طوال) ليس في «ر» «س».
    (3) في «ر» «س» : (فوقّرت) ، وفي «ص» (فوقدت) ، وفي البحار : (فوقذت) ، وفي الكامل والعرائس : (فسمّر بها رأسه).
    (4) في البحار : (بسارية) ، والسارية : الأسطوانة ، وعند الملّاحين العمود الذي ينصب في وسط السفينة.
    (5) في البحار : (أرفع).
    (6) قوله : (السم) ليس في «ر» «س» «ص» والبحار.

    ثمّ أعاد جرجيس عليه‌السلام إلى السجن وعذّبه بألوان (1) العذاب ، ثمّ قطّعه أقطاعا (2) وألقاها في جبّ ، ثمّ خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب ، فأمر الله تعالى جلّ وعلا أعصارا أنشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض ، وتزلزلت الجبال حتّى أشفقوا أن يكون هلاكهم ، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجبّ وقال : قم يا جرجيس بقوّة الله الذي خلقك فسوّاك ، فقام جرجيس عليه‌السلام حيّا سويّا ، وأخرجه من الجبّ وقال : اصبر وابشر.
    فانطلق جرجيس حتّى قام بين يدي الملك ، وقال : بعثني الله ليحتجّ بي عليكم (3) ، فقام صاحب الشرطة وقال : آمنت بإلهك الذي بعثك بعد موتك ، وشهدت أنّه الحقّ ، وجميع الآلهة دونه باطل ، وأتبعه أربعة آلاف آمنوا وصدّقوا جرجيس عليه‌السلام فقتلهم الملك جميعا بالسيف.
    ثمّ أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النار حتّى احمرّ ، فبسط عليه جرجيس عليه‌السلام وأمر بالرصاص فأذيب وصبّ في فيه ، ثمّ ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ، ثمّ ينزع ويفرغ الرصاص (4) مكانه ، فلمّا رأى أنّ ذلك لم يقتله أوقد عليه النار حتّى مات ، وأمر برماده فذرّ في الرياح ، فأمر الله تعالى رياح الأرضين في الليلة ، فجمعت رماده في مكان ، فأمر ميكائيل فنادى جرجيس ، فقام حيّا سويّا بإذن الله (5).
    فانطلق جرجيس عليه‌السلام إلى الملك وهو في أصحابه ، فقام رجل وقال : إنّ تحتنا أربعة عشر منبرا ومائدة بين أيدينا ، وهي من عيدان شتّى ، منها ما يثمر ، ومنها ما لا يثمر ، فسل ربّك أن يلبس كلّ شجرة منها لحاها ، وينبت فيها ورقها وثمرها ، فإن
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (بأنواع).
    (2) في «ر» «س» : (قطعا قطعا).
    (3) في «ر» «س» : (عليك).
    (4) في «ص» والبحار : (بالرصاص).
    (5) في «ر» «س» : (بقدرة الله).

    فعل ذلك فإنّي أصدّقك ، فوضع جرجيس عليه‌السلام ركبتيه على الأرض ودعا ربّه تعالى ، فما برح مكانه حتّى أثمر كلّ عود فيها ثمره (1).
    فأمر به الملك فمدّ بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه ، فنشر حتّى سقط المنشار من تحت رجليه ، ثمّ أمر بقدر عظيمة ، فألقي فيها زفت وكبريت ورصاص فألقي فيها جسد جرجيس عليه‌السلام فطبخ حتّى اختلط ذلك كلّه جميعا ، فاظلمت الأرض لذلك ، وبعث الله إسرافيل عليه‌السلام فصاح صيحة خرّ منها الناس لوجوههم ، ثمّ قلب إسرافيل القدر ، فقال : قم يا جرجيس بإذن الله تعالى ، فقام حيّا سويّا بقدرة الله.
    وانطلق جرجيس إلى الملك ، فلمّا رآه الناس عجبوا منه ، فجاءته امرأة وقالت :أيّها العبد الصالح ، كان لنا ثور نعيش به فمات ، فقال جرجيس عليه‌السلام : خذي عصاي هذه فضعيها على ثورك وقولي : إنّ جرجيس يقول : قم بإذن الله تعالى ، ففعلت فقام حيّا ، فآمنت بالله.
    فقال الملك : إن تركت هذا الساحر أهلك قومي ، فاجتمعوا كلّهم أن يقتلوه ، فأمر به أن يخرج ويقتل بالسيف ، فقال جرجيس عليه‌السلام لمّا أخرج : لا تعجلوا عليّ فقال : «اللهمّ إنّك أهلكت (2) عبدة الأوثان ، أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبرا لمن يتقرّب إليك عند كلّ هول وبلاء» ثمّ ضربوا عنقه فمات ، ثمّ أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلّهم (3).
    __________________
    (1) في «س» والبحار : (ثمرة).
    (2) في البحار : (اللهمّ إن أهلكت أنت).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 445 / 1 ، قصص الأنبياء للجزائريّ : 505 ، وفي العرائس : 243 ـ 246 ، والكامل في التاريخ 1 : 214 بتفصيل آخر ، وهذه القصّة مرويّة من طرق العامّة ، وليس لها ذكر في أخبار أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام.

    فصل
    [في أنّ البليّة تعمّ]
    [339 / 2] ـ وبالإسناد المذكور عن ابن عبّاس قال : قال عزير : يا ربّ ، إنّي نظرت في جميع أمورك وأحكامها ، فعرفت عدلك بعقلي ، وبقي باب لم أعرفه : إنّك تسخط على أهل البليّة فتعمّهم بعذابك وفيهم الأطفال ، فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البريّة ، وكان الحرّ شديدا ، فرأى شجرة فاستظلّ بها ونام ، فجاءت نملة فقرصته (1) ، فدلك الأرض برجله فقتل من النمل كثيرا ، فعرف أنّه مثل ضرب ، فقيل له : يا عزير ، إنّ القوم إذا استحقّوا عذابي قدّرت نزوله عند انقضاء آجال الأطفال ، فمات أولئك بآجالهم ، وهلك هؤلاء بعذابي (2).
    فصل
    [دفع البلاء عن بيت المقدس]
    [340 / 3] ـ وبالإسناد المذكور (*) عن أبي حمزة ، عن الباقر عليه‌السلام قال : لمّا خرج ملك القبط يريد هدم بيت المقدس ، اجتمع الناس إلى حزقيل النبيّ فشكوا إليه ، فقال : إنّي أناجي ربّي الليلة ، فناجى ربّه ، فأوحى الله إليه : قد كفيتم وكانوا قد مضوا ، فأوحى الله تعالى إلى ملك الهواء أن أمسك عليهم أنفاسهم ، فماتوا
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (فعقصته فأوجعته).
    (2) عنه في بحار الأنوار 5 : 286 / 8 وج 14 : 371 / 12 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 482.
    (*) المراد به الطريق المذكور في أوّل هذا الباب إلى محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان لأنّه الراوي عن أبي حمزة ، كما في طريق : (222) و (309).

    كلّهم وأصبح حزقيل عليه‌السلام فأخبر قومه ، فخرجوا فوجدوهم قد ماتوا (1).
    [تأجيل موت الملك]
    [341 / 4] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : سأل عبد الأعلى مولى بني سام الصادق عليه‌السلام وأنا عنده : حديث يرويه الناس ، فقال : وما هو؟
    قال : يروون أنّ الله تعالى أوحى إلى حزقيل النبيّ عليه‌السلام أن أخبر فلان الملك أنّي متوفّيك يوم كذا ، فأتى حزقيل عليه‌السلام إلى (2) الملك فأخبره بذلك ، قال : فدعا الله (3) وهو على سريره حتّى سقط ما بين الحائط والسرير ، وقال : يا ربّ ، أخّرني حتّى يشبّ طفلي وأقضى أمري ، فأوحى الله إلى ذلك النبيّ أن ائت فلانا وقل له : إنّي أنسأت (4) في عمره خمس عشرة سنة.
    فقال النبيّ : يا ربّ ، وعزّتك إنّك تعلم أنّي لم أكذب كذبة قطّ ، فأوحى الله إليه : إنّما أنت عبد مأمور فأبلغه (5).
    __________________
    (1) عنه وعن المحاسن 2 : 553 / 902 في بحار الأنوار 13 : 383 / 5 باختلاف في المتن مع زيادة في آخره ، واللفظ للمحاسن : عن بعض أصحابنا ، عن رجل سمّاه ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وفي بحار الأنوار 63 : 184 / 1 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 356 عن المحاسن.
    (2) قوله : (إلى) لم يرد في «ر» «س» «ص».
    (3) في التوحيد زيادة : (الملك).
    (4) في «ر» «س» «ص» : (أنشأت).
    (5) عنه في بحار الأنوار 4 : 112 / 33 وج 13 : 382 / 3 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 355.
    ورواه الصدوق في التوحيد : 443 باختلاف في بعض ألفاظه مع زيادة في آخره بسنده : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في بحار الأنوار 4 : 95 / ضمن الحديث 2 وج 10 : 330 / ضمن الحديث 2 والجواهر السنيّة : 153 وتفسير نور الثقلين 2 : 520 / 197 وج 4 : 355 / 50.

    [إحياء بعد موت]
    [342 / 5] ـ وبالإسناد المذكور عن الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد عنهما صلوات الله عليهما في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)(1) قال : إنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام من بني إسرائيل ، وكانوا سبعين ألف بيت ، وكان الطاعون يقع فيهم في كلّ أوان ، وكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء وبقي فيها الفقراء لضعفهم ، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ، ويقلّ في الذين خرجوا (2) قال : فأجمعوا على أن يخرجوا جميعا من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم ، فنزلوا على شطّ بحر ، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا فماتوا جميعا ، فكنستهم المارّة عن الطريق بذلك ما شاء الله (3) فصاروا رميما عظاما (4) ، فمرّ بهم نبيّ من الأنبياء يقال له : حزقيل فرآهم وبكى وقال : يا ربّ ، لو شئت أحييتهم الساعة ، فأحياهم الله (5).
    __________________
    (1) البقرة : 243.
    (2) في الكافي زيادة : (فيقول الذين خرجوا : لو كنّا أقمنا لكثر فينا الموت ، ويقول الذين أقاموا : لو كنّا خرجنا لقلّ فينا الموت).
    (3) من قوله : (قال : فأجمعوا) إلى هنا ليس في «ص» «م» والبحار.
    (4) قوله : (فصاروا رميما عظاما) لم يرد في «ر» «س».
    (5) عنه في بحار الأنوار 13 : 382 / صدر الحديث 4.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 8 : 198 / 237 بتفاوت في المتن مع تفصيل أكثر : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد وغيره ، عن بعضهم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وبعضهم عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 6 : 123 / 9 وج 13 : 385 / 6.
    ونقله العلّامة المجلسيّ في بحار الأنوار 53 : 128 باختلاف عن الصدوق في رسالة العقائد ، وفيه : (يقال له : إرميا) بدلا من : (يقال له : حزقيل) ، وأورده المفيد في الاعتقادات : 60 ـ 61.

    [343 / 6] ـ وفي رواية : أنّه تعالى أوحى إليه أن رشّ الماء عليهم ، ففعل فأحياهم الله (1)(2).
    فصل
    [توبة الملك بعد عصيانه]
    [344 / 7] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عمرو بن سعيد المدائنيّ ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن الصادق عليه‌السلام قال : كان في زمان (3) بني إسرائيل رجل يسمّى إليا رئيس على أربعمائة من بني إسرائيل ، وكان ملك بني إسرائيل هوى امرأة من قوم (4) يعبدون الأصنام من غير بني إسرائيل فخطبها.
    فقالت : على أن أحمل الصنم فأعبده في بلدتك ، فأبى عليها ، ثمّ عاودها مرّة بعد مرّة ، حتّى صار إلى ما أرادت ، فحوّلها إليه ومعها صنم ، وجاء معها ثمانمائة رجل يعبدونه.
    فجاء إليا إلى الملك ، فقال : ملّكك الله ومدّ لك في العمر فطغيت وبغيت. فلم يلتفت إليه ، فدعا الله إليا أن لا يسقيهم قطرة ، فنالهم قحط شديد ثلاث سنين ،
    __________________
    (1) قوله : (وفي رواية) إلى هنا ليس في «ص» «م».
    (2) عنه في بحار الأنوار 13 : 382 / ذيل الحديث 4.
    ورواه الحسين بن حمدان الخصيبيّ في الهداية الكبرى : 420 ضمن حديث طويل وعنه في مستدرك الوسائل 6 : 353 / 3 والسند فيه هكذا : عن محمّد بن إسماعيل ، وعليّ بن عبد الله الحسينيّان ، عن أبي شعيب محمّد بن نصير ، عن عمر بن فرات ، عن محمّد بن المفضّل ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق عليه‌السلام ...
    (3) في «ر» «س» : (زمن).
    (4) في «س» زيادة : (كانوا).

    حتّى ذبحوا دوابّهم ، فلم يبق لهم من الدوابّ إلّا برذون يركبه الملك ، وآخر يركبه الوزير ، وكان قد استتر (1) عند الوزير أصحاب إليا ، يطعمهم في سرب (2).
    فأوحى الله تعالى جلّ ذكره إلى إليا : أن (3) تعرّض للملك ، فإنّي أريد أن أتوب عليه ، فأتاه فقال : يا إليا ، ما صنعت بنا قتلت بني إسرائيل ، فقال إليا : تطيعني فيما آمرك به؟ فأخذ عليه العهد ، فأخرج أصحابه وتقرّبوا إلى الله تعالى بثورين ، ثمّ دعا بالمرأة فذبحها وأحرق الصنم ، وتاب الملك توبة حسنة حتّى لبس الشعر وأرسل إليه المطر والخصب (4).
    __________________
    (1) في «ر» : (أسر) ، وفي «ص» «م» : (أستر) ، والمثبت عن البحار.
    (2) قال في مصباح المنير : 272 : السرب بفتحتين : بيت في الأرض لا منفذ له ، وهو الوكر.
    (3) قوله : (أن) لم يرد في «ص» «م» والبحار.
    (4) عنه في بحار الأنوار 13 : 399 / 6.


    الباب السّابع عشر :
    في ذكر شعيا واصحاب الأخدود والياس
    واليسع ويونس وأصحاب الكهف والرّقيم


    [جزاء مداهنة أهل المعاصي]
    [345 / 1] ـ وبإسناده (*) عن جابر ، عن الباقر عليه‌السلام قال : قال عليّ عليه‌السلام : أوحى الله تعالى جلّت قدرته إلى شعيا عليه‌السلام (1) أنّي مهلك (2) من قومك مائة ألف ؛ أربعين ألفا من شرارهم ، وستّين ألفا من خيارهم ، فقال عليه‌السلام : (3) هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فقال : داهنوا أهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي (4).
    __________________
    (0) (*) مرّ الطريق إلى جابر في الأحاديث : (1) و (65) ، (198) ، (264) ، (318) و (327).
    (1) في الكافي والتهذيب : (شعيب عليه‌السلام).
    (2) في الكافي : (معذّب).
    (3) في «ر» زيادة : (يا ربّ).
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 161 / 1 وج 97 : 81 / 39 ومستدرك الوسائل 12 : 199 / 6 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 442.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 5 : 56 / ذيل الحديث 1 : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ابن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن بشر بن عبد الله ، عن أبي عصمة قاضي مرو ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 12 : 386 / 12 ووسائل الشيعة 16 : 146 / 1 ، والطوسي في تهذيب الأحكام 6 : 181 / ذيل الحديث 21 : عن أحمد بن محمّد بن خالد .. إلى آخر السند في الكافي إلّا أنّ فيه : (بشير بن عبد الله) بدلا من : (بشر بن عبد الله) ، مشكوة الأنوار 1 : 112 / 241

    [استجابة دعاء الملك]
    [346 / 2] ـ وبالإسناد المذكور (*) عن وهب بن منبّه ، قال : كان في (1) بني إسرائيل ملك في زمان شعيا وهم متابعون مطيعون لله ، ثمّ إنّهم ابتدعوا البدع ، فأتاهم ملك بابل ، وكان نبيّهم يخبرهم بغضب الله عليهم ، فلمّا نظروا إلى ما لا قبل لهم به من الجنود تابوا وتضرّعوا.
    فأوحى الله تعالى إلى شعيا عليه‌السلام : إنّي قبلت توبتهم لصلاح آبائهم ، وملكهم كان قرحة بساقه ، وكان عبدا صالحا ، فأوحى الله تعالى إلى شعيا أن مر ملك بني إسرائيل فليوص وصيّه ، وليستخلف على بني إسرائيل من أهل بيته ، فإنّي قابضه يوم كذا فليعهد عهده ، فأخبره شعيا عليه‌السلام برسالته عزوجل.
    فلمّا قال له ذلك ، أقبل على التضرّع والدعاء والبكاء ، فقال : اللهمّ ابتدأتني بالخير من أوّل أمري وسبّبته لي وأنت (2) فيما أستقبل رجائي وثقتي ، فلك الحمد بلا عمل صالح سلف مني ، وأنت أعلم منّي بنفسي ، أسألك أن تؤخّر عنّي الموت ، وتنسأ (3) لي في عمري ، وتستعملني بما تحبّ وترضى.
    فأوحى الله تعالى إلى شعيا عليه‌السلام : إنّي رحمت تضرّعه ، واستجبت دعوته ، وقد زدت في عمره خمس عشرة سنة ، فمره فليداو قرحته بماء التين ، فإنّي قد جعلته شفاء ممّا هو فيه ، وإنّي قد كفيته وبني إسرائيل مؤونة عدوّهم.
    فلمّا أصبحوا وجدوا جنود ملك بابل مصروعين في عسكرهم موتى لم يفلت منهم أحد إلّا ملكهم وخمسة نفر ، فلمّا نظروا إلى أصحابهم وما أصابهم كرّوا
    __________________
    (*) تقدّم الإسناد برقم : (55).
    (1) في «ر» «س» زيادة : (زمن).
    (2) في «ر» «س» زيادة : (أعلم).
    (3) في «ر» «س» : (تنشأ).

    منهزمين إلى أرض بابل ، وثبت بنو إسرائيل متوازرين على الخير ، فلمّا مات ملكهم ابتدعوا البدع ودعا كلّ إلى نفسه وشعيا عليه‌السلام يأمرهم وينهاهم ، فلا يقبلون حتّى أهلكهم الله (1).
    [347 / 3] ـ وعن أنس أنّ عبد الله بن سلام سأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن شعيا عليه‌السلام فقال : هو الذي بشّر بي وبأخي عيسى بن مريم عليه‌السلام (2).
    فصل
    [نطق الصبي المراد ذبحه]
    [348 / 4] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله ابن جعفر الحميريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن معروف بن خرّبوذ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أخبرني (3) أبي عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، حدّثني جابر بن عبد الله ، قال : سمعت سلمان الفارسيّ رضى الله عنه يحدّث أنّه كان في ملوك فارس ملك يقال له : روذين جبّار عنيد عات ، فلمّا اشتدّ في ملكه فساده في الأرض ابتلاه الله بالصداع في شقّ رأسه الأيمن حتّى منعه من المطعم والمشرب ، فاستغاث وذلّ ودعا وزراءة ، فشكى إليهم ذلك فأسقوه الأدوية وآيس من سكونه.
    فعند ذلك بعث الله نبيّا له فقال له : اذهب إلى روذين عبدي الجبّار في هيئة
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 161 / صدر الحديث 2 ، وقصص الأنبياء للجزائريّ : 443.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 162 / ذيل الحديث 2.
    وأورده الطبرسيّ في مشكاة الأنوار : 450 ـ 451 (صدر الحديث) بنفس السند والمتن نقلا عن كتاب النبوّة.
    (3) في «س» «ص» «م» : (أخبرنا).

    الأطبّاء وابتدأه بالتعظيم له والرفق به ، ومنّه سرعة الشفاء بلا دواء تسقيه ولا كيّ تكويه ، وإذا رأيته قد أقبل وجهه (1) إليك ، فقل : إنّ شفاء دائك في دم صبيّ رضيع بين أبويه يذبحانه لك طائعين غير مكرهين ، فتأخذ من دمه ثلاث قطرات فتسعط به في منخرك الأيمن تبرأ من ساعتك ، ففعل النبيّ ذلك فقال الملك : ما أعرف في الناس هذا ، فقال : إن بذلت العطيّة وجدت البغيّة (2).
    قال : فبعث الملك بالرسل في ذلك ، فوجدوا جنينا بين أبويه محتاجين ، فأرغبهما في العطيّة ، فانطلقا بالصبيّ إلى الملك ، فدعا بطاس فضّة وشفرة ، وقال لأمّه : امسكي ابنك في حجرك.
    فأنطق الله الصبيّ وقال : أيّها الملك ، كفّهما عن ذبحي فبئس الوالدان هما ، أيّها الملك : إنّ الصبي الضعيف إذا ضيم (3) كان أبواه يدفعان عنه ، وأنّ أبويّ ظلماني ، فإيّاك أن تعينهما على ظلمي. ففزع الملك فزعا شديدا ، أذهب عنه الداء.
    ونام روذين في تلك الحالة ، فرأى في النوم من يقول له : الإله الأعظم أنطق الصبيّ ، ومنعك ومنع أبويه من ذبحه ، وهو ابتلاك بالشقيقة لينزعك من سوء السيرة في البلاد ، وهو الذي ردّك إلى الصحّة ، وقد وعظك بما أسمعك ، فانتبه ولم يجد وجعا ، وعلم أنّ كلّه من الله تعالى ، فسار في البلاد بالعدل (4).
    فصل
    [قصّة أصحاب الأخدود]
    [349 / 5] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد
    __________________
    (1) في البحار : (بوجهه).
    (2) البغيّة كالرضيّة : ما يرغب فيه ويطلب.
    (3) في «ر» «س» «ص» : (أضيم).
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 514 / 3.

    ابن القاسم ، حدّثنا محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ أسقف نجران دخل على أمير المؤمنين عليه‌السلام فجرى ذكر أصحاب الأخدود ، فقال عليه‌السلام : بعث الله نبيّا حبشيّا إلى قومه وهم حبشة ، فدعاهم إلى الله تعالى ، فكذّبوه وحاربوه وظفروا به وخدّوا أخدودا ، وجعلوا فيها الحطب والنار.
    فلمّا كان حرّا قالوا لمن كان على دين ذلك النبيّ عليه‌السلام : اعتزلوا وإلّا طرحناكم فيها ، فاعتزل قوم كثير ، وقذف فيها خلق كثير ، حتّى وقعت امرأة ومعها ابن لها ابن شهرين ، فقيل لها : إمّا أن ترجعي وإمّا أن تقذفي في النار ، فهمّت أن تطرح نفسها في النار ، فلمّا رأت ابنها رحمته ، فأنطق الله تعالى الصبيّ وقال : يا أمّاه ، ألق نفسك وإيّاي في النار ، فإنّ هذا في الله قليل (1).
    [350 / 6] ـ وتلا عند الصادق عليه‌السلام رجل : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ)(2) فقال : قتل أصحاب الأخدود (3).
    [351 / 7] ـ وسئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن المجوس أيّ أحكام تجري فيهم؟
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 439 / صدر الحديث 2 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 504.
    وورد نحوه في المحاسن 1 : 249 / 262 وعنه في بحار الأنوار 14 : 440 / 5 وتفسير نور الثقلين 5 : 544 / 24.
    (2) البروج : 4.
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 439 / قطعة من الحديث 2.
    قال الطوسيّ في التبيان 10 : 316 : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) معناه لعن ، وقيل : لعنوا بتحريقهم في الدنيا قبل الآخرة ، وقال الجبّائيّ : يحتمل أن يكون المعنى بذلك القاتلين ، ويحتمل أن يكون المقتولين ، فإذا حمل على القاتلين ، فمعناه لعنوا بما فعلوه من قتل المؤمنين ، وإن حمل على المقتولين ، فالمعنى أنّهم قتلوا بالإحراق بالنار.
    وقال العلّامة المجلسيّ في البحار ص 440 : لعلّ الصادق عليه‌السلام قرأ (قتل) على بناء المعلوم ، فالمراد بأصحاب الأخدود الكفّار ، كما هو أحد احتمالي القراءة ، ولم ينقل في الشواذّ.

    قال : هم أهل الكتاب (1) كان لهم كتاب ، وكان لهم ملك سكر يوما ، فوقع على أخته وأمّه فلمّا أفاق ندم وشقّ ذلك عليه ، فقال للناس : هذا حلال فامتنعوا عليه ، فجعل يقتلهم وحفر لهم الأخدود ويلقيهم فيها (2).
    [نبيّ كذّبه قومه فقتلوه]
    [352 / 8] ـ وعن ابن ماجيلويه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن أورمة ، عن عليّ بن هلال الصيقل ، عن شريك ابن عبد الله ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، عن الباقر عليه‌السلام قال : ولّى عمر رجلا كورة (3) من الشام ، فافتتحها وإذا أهلها أسلموا ، فبنى لهم مسجدا فسقط ، ثمّ بنى لهم فسقط ثمّ بناه فسقط.
    فكتب إلى عمر بذلك ، فلمّا قرأ الكتاب سأل أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله هل عندكم في هذا علم؟ قالوا : لا ، فبعث إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فأقرأه الكتاب فقال : هذا نبيّ كذّبه قومه ، فقتلوه ودفنوه في هذا المسجد ، وهو متشحّط بدمه (4) ، فاكتب إلى صاحبك فلينبشه ، فإنّه سيجده طريّا ليصلّى عليه وليدفنه في موضع كذا ، ثمّ ليبن مسجدا فإنّه سيقوم ، ففعل ذلك ، ثمّ بنى المسجد فثبت (5).
    [353 / 9] ـ وفي رواية : اكتب إلى صاحبك أن يحفر ميمنة أساس المسجد ، فإنّه سيصيب فيها رجلا قاعدا يده على أنفه ووجهه ، فقال عمر : من هو؟
    قال عليّ عليه‌السلام : فاكتب إلى صاحبك فليعمل ما أمرته ، فإن وجده كما وصفت لك
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (أصحاب كتاب).
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 439 ـ 440 / ذيل الحديث 2 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 505.
    (3) قال في لسان العرب 5 : 156 : الكورة : المدينة والصقع والجمع كور.
    (4) في «س» «ص» «م» : (في دمه).
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 440 / 3 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 505.

    أعلمتك إن شاء الله ، فلم يلبث إذ كتب العامل أصبت الرجل على ما وصفت ، فصنعت الذي أمرت فثبت البناء.
    فقال عمر لعليّ عليه‌السلام : ما حال هذا الرجل؟ فقال : هذا نبيّ أصحاب الأخدود (1).
    وقصّتهم معروفة في تفسير القرآن.
    فصل
    [قصّة نبي الله إلياس في بعلبك]
    [354 / 10] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواديّ ، حدّثنا أبو عليّ محمّد بن محمّد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقنديّ ، حدّثنا صالح بن سعيد الترمذيّ ، عن منعم بن إدريس ، عن وهب بن منبّه ، عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال : إنّ يوشع بن نون بوّأ بني إسرائيل الشام بعد موسى عليه‌السلام وقسّمها بينهم ، فصار منهم سبط ببعلبك بأرضها وهو اليسع الذي منه إلياس النبيّ عليه‌السلام فبعثه الله إليهم ، وعليهم يومئذ ملك فتنهم بعبادة صنم يقال له : بعل ، وذلك قوله تعالى : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ* أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ* اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ* فَكَذَّبُوهُ)(2).
    وكان للملك زوجة فاجرة يستخلفها إذا غالب فتقضي بين الناس ، وكان لها كاتب حكيم قد خلّص من يدها ثلاثمائة مؤمن كانت تريد قتلهم ، ولم يعلم على وجه الأرض أنثى أزنا منها ، وقد تزوّجت سبعة ملوك من بني إسرائيل حتّى ولدت تسعين ولدا سوى ولد ولدها.
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 440 / 4 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 505.
    (2) الصافّات : 123 ـ 127.

    وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل ، وكان له بستان يعيش به إلى جانب قصر الملك ، وكان الملك يكرمه ، فسافر مرّة فاغتنمت امرأته سفره وقتلت العبد الصالح ، وأخذت بستانه غصبا من أهله وولده ، وكان ذلك سبب سخط الله عليهم ، فلمّا قدم زوجها أخبرته الخبر ، فقال لها : ما أصبت.
    فبعث الله إلياس النبيّ عليه‌السلام يدعوهم إلى عبادة الله ، فكذّبوه وطردوه وأهانوه وأخافوه ، وصبر عليهم واحتمل أذاهم ، ودعاهم إلى الله تعالى فلم يزدهم إلّا طغيانا ، فآلى الله على نفسه أن يهلك الملك والزانية إن لم يتوبوا إليه ، وأخبرهما بذلك ، فاشتدّ غضبهم عليه وهمّوا بتعذيبه وقتله ، فهرب منهم ، فلحق بأصعب جبل ، فبقي فيه وحده سبع سنين ، يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر ، والله يخفي مكانه.
    فأمرض الله ابنا للملك مرضا شديدا حتّى يئس منه ، وكان أعزّ ولده عليه ، فاستشفعوا إلى عبدة الصنم ليستشفعوا له فلم ينفع ، فبعثوا الناس إلى حدّ الجبل الذي فيه إلياس عليه‌السلام فكانوا يقولون : اهبط إلينا واشفع لنا ، فنزل إلياس من الجبل.
    وقال : إنّ الله أرسلني إليكم وإلى من وراءكم ، فاسمعوا رسالة ربّكم ، يقول الله : ارجعوا إلى الملك ، فقولوا له : إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا ، إله بني إسرائيل الذي خلقهم ، وأنا الذي أرزقهم وأحييهم وأميتهم وأضرّهم وأنفعهم ، وتطلب الشفاء لابنك من غيري ، فلمّا صاروا إلى الملك وقصّوا عليه القصّة امتلأ غيظا.
    فقال : ما الذي منعكم أن تبطشوا به حين لقيتموه (1) وتوثقوه وتأتوني به فإنّه عدوّي ، قالوا : لمّا صار معنا قذف في قلوبنا الرعب عنه ، فندب خمسين من قومه من ذوي البطش وأوصاهم (2) بالاحتيال له وإطماعه في أنّهم آمنوا به ليغترّ
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (رأيتموه).
    (2) في «ر» «س» : (وصّاهم).

    بهم فيمكّنهم من نفسه.
    فانطلقوا حتّى ارتقوا ذلك (1) الجبل الذي فيه إلياس عليه‌السلام ثمّ تفرّقوا فيه ، وهم ينادونه بأعلى صوتهم ، ويقولون : يا نبيّ الله ، ابرز لنا ، فإنّا آمنّا بك ، فلمّا سمع إلياس مقالتهم طمع في إيمانهم فكان في مغار (2) ، فقال : اللهمّ إن كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي في النزول إليهم ، وإن كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم ، فما استتمّ قوله حتّى حصبوا بالنار من فوقهم فاحترقوا.
    فبلغ الملك خبرهم ، فاشتدّ غيظه (3) ، فانتدب كاتب امرأته المؤمن وبعث معه جماعة إلى الجبل ، وقال له : قد آن أن أتوب ، فانطلق لنا إليه حتّى يرجع إلينا يأمرنا وينهانا بما يرضى ربّنا وأمر قومه فاعتزلوا الأصنام.
    فانطلق كاتبها والفئة الذين أنفذهم معه حتّى علا إلى الجبل الذي فيه إلياس ، ثمّ ناداه فعرف إلياس صوته ، فأوحى الله تعالى إليه أن ابرز إلى أخيك الصالح وصافحه وحيّه ، فقال المؤمن : بعثني إليك هذا الطاغي وقومه وقصّ عليه (4) ما قالوا.
    ثمّ قال : وإنّي لخائف إن رجعت إليه ولست معي أن يقتلني ، فأوحى الله جلّ وعزّ تعالى إلى إلياس عليه‌السلام : أنّ كلّ شيء جاءك منهم خداع ليظفروا بك ، وأنّي أشغله عن هذا المؤمن بأن أميت ابنه ، فلمّا قدموا عليه شدّد الله الوجع على ابنه ، وأخذ الموت بكظمه ورجع إلياس سالما إلى مكانه ، فلمّا ذهب الجزع عن الملك بعد مدّة سأل الكاتب عن الذي جاء به فقال : ليس لي به علم.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (إذا ارتقوا) بدلا من : (ارتقوا ذلك).
    (2) في البحار : (مغارة).
    (3) في «ر» «س» : (غضبه).
    (4) في «ر» «س» زيادة : (القصّة و).

    [إحياء يونس بن متى عليه‌السلام بعد موته]
    ثمّ إنّ إلياس عليه‌السلام نزل واستخفى عند أمّ يونس بن متى ستّة أشهر ويونس عليه‌السلام مولود ثمّ عاد إلى مكانه ، فلم يلبث إلّا يسيرا حتّى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب إلياس ورقت الجبال حتّى وجدت إلياس فقالت : إنّي فجعت بموت ابني وألهمني الله تعالى عزوجل الاستشفاع بك إليه ليحيي لي ابني ، فإنّي تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه.
    فقال لها : ومتى مات ابنك؟ قالت : اليوم سبعة أيّام.
    فانطلق إلياس وصار سبعة أيّام أخرى حتّى انتهى إلى منزلها ، فرفع يديه بالدعاء واجتهد حتّى أحيى الله تعالى جلّت عظمته بقدرته يونس عليه‌السلام ، فلمّا عاش انصرف إلياس ، ولمّا صار ابن أربعين سنة أرسله الله تعالى إلى قومه ، كما قال : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)(1).
    ثمّ أوحى الله تعالى إلى إلياس بعد سبع سنين من يوم أحيى الله يونس عليه‌السلام : سلني أعطك ، فقال : تميتني فتلحقني بآبائي ، فإنّي قد مللت بني إسرائيل وأبغضتهم فيك ، فقال تعالى جلّت قدرته : ما هذا باليوم الذي أعري منك الأرض وأهلها ، وإنّما قوامها بك ولكن سلني أعطك.
    فقال إلياس : فأعطني ثاري من الذين أبغضوني فيك ، فلا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلّا بشفاعتي ، فاشتدّ على بني إسرائيل الجوع ، وألحّ عليهم البلاء ، وأسرع الموت فيهم ، وعلموا أنّ ذلك من دعوة إلياس ، ففزعوا إليه وقالوا له : نحن طوع يدك ، فهبط إلياس معهم ومعه تلميذه اليسع وجاء إلى الملك فقال : أفنيت
    __________________
    (1) الصافّات : 147.

    بني إسرائيل بالقحط ، فقال : قتلهم الذي أغواهم ، فقال : ادع ربّك يسقهم (1).
    فلمّا جنّ الليل قام إلياس عليه‌السلام ودعا الله ، ثمّ قال لليسع : انظر في أكناف السماء ماذا ترى؟ فنظر ، فقال : أرى سحابة ، فقال : أبشروا بالسقاء (2) ، فليحرزوا أنفسهم وأمتعتهم من الغرق ، فأمطر الله عليهم السماء وأنبت لهم الأرض ، فقام إلياس بين أظهرهم وهم صالحون.
    ثمّ أدركهم الطغيان والبطر ، فجحدوا حقّه وتمرّدوا ، فسلّط الله تعالى عليهم عدوّا قصدهم ولم يشعروا به حتّى رهقهم (3) فقتل الملك وزوجته وألقاهما في بستان الذي قتلته زوجة الملك ، ثمّ وصّى إلياس إلى اليسع وأنبت الله لإلياس الريش وألبسه النور ورفعه إلى السماء وقذف بكسائه من الجوّ على اليسع ، فنبّأه الله على بني إسرائيل ، وأوحى إليه وأيّده ، فكان بنو إسرائيل يعظّمونه صلوات الله عليه ويهتدون بهداه (4).
    فصل
    [قصّة نبي الله يونس عليه‌السلام]
    [355 / 11] ـ وبالإسناد المتقدّم عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وجدنا في بعض كتب عليّ عليه‌السلام أنّه قال : حدّثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ جبرئيل عليه‌السلام حدّثه أنّ يونس بن متّى بعثه الله تعالى إلى قومه
    __________________
    (1) في «ر» والبحار : (يسقيهم).
    (2) في «ر» «س» : (بالسقي).
    (3) أي : حملهم على ما لا يطيقون.
    (4) عنه في بحار الأنوار 13 : 393 / 2 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 359.
    وورد قريب من صدره في تفسير مجمع البيان 8 : 329.

    وهو ابن ثلاثين سنة ، وأنّه أقام فيهم يدعوهم إلى الله تعالى ، فلم يؤمن (1) إلّا رجلان :
    أحدهما : روبيل ، وكان من أهل بيت العلم والحلم ، وكان قديم الصحبة ليونس عليه‌السلام قبل أن يبعثه الله بالنبوّة ، وكان صاحب غنم يرعاها ويتقوّت منها.
    والثاني : تنوخا ؛ رجل عابد زاهد ، ليس له علم ولا حكمة ، وكان يحتطب ويأكل من كسبه ، فلمّا رأى يونس أنّ قومه لا يجيبونه (2) ، وخاف أن يقتلوه ، شكى ذلك إلى ربّه تعالى جلّ ذكره. فأوحى الله تعالى إليه : أنّ فيهم الحبلى والجنين والطفل الصغير والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة ، أحبّ أن أرفق بهم وأنتظر توبتهم ، كهيئة الطبيب المداوي العالم بمداواة الداء ، فإنّي أنزل العذاب يوم الأربعاء في وسط شوّال بعد طلوع الشمس.
    فأخبر يونس عليه‌السلام تنوخا العابد وروبيل ليعلماهم ، فقال تنوخا : دعهم في غمرتهم حتّى يعذّبهم الله ، وقال روبيل : أرى لكم ان تعزلوا الأطفال عن الأمّهات في أسفل الجبل في طريق الأودية ، فإذا رأيتم ريحا صفراء أقبلت من المشرق ، فعجّوا بالصراخ والتوبة إلى الله تعالى جلّت قدرته بالاستغفار ، وارفعوا رؤوسكم إلى السماء ، وقولوا : ربّنا ظلمنا أنفسنا فاقبل توبتنا.
    ولا تملّوا التضرّع إلى الله جلّت عظمته والبكاء حتّى تتوارى الشمس بالحجاب ويكشف الله عنكم العذاب ، ففعلوا ذلك فتاب عليهم ، ولم يكن الله اشترط على يونس أنّه يهلكهم بالعذاب إذا أنزله.
    فأوحى الله جلّ جلاله إلى إسرافيل : أن اصرف عنهم ما قد نزل بهم من العذاب ، فهبط إسرافيل عليهم ، فنشر أجنحته فاستاق (3) بها العذاب حتّى ضرب
    __________________
    (1) في البحار زيادة : (به).
    (2) في «ر» «س» : (لا يحبّونه).
    (3) في «م» : (فاستلقى) ، وفي «ر» «س» «ص» : (فاستلق) ، والمثبت عن البحار ، ومعناه : دفع بأجنحته العذاب إلى الخلف عكس جرّه بها ، واستاق الماشية : حثّها على السير من خلف عكس قادها.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:05 pm

    بها (1) الجبال التي بناحية الموصل ، فصارت حديدا إلى يوم القيامة ، فلمّا رأى قوم يونس أنّ العذاب صرف عنهم حمدوا الله وهبطوا إلى منازلهم وضمّوا إليهم نساءهم وأولادهم.
    وغاب يونس عليه‌السلام عن قومه ثمانية وعشرين يوما ، سبعة في ذهابه ، وسبعة في بطن الحوت ، وسبعة بالعراء ، وسبعة في رجوعه إلى قومه ، فأتاهم فآمنوا به وصدّقوه واتّبعوه عليه‌السلام (2).
    فصل
    [يونس عليه‌السلام في بطن الحوت]
    [356 / 12] ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن الحسن بن عليّ بن محمّد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خرج يونس عليه‌السلام مغاضبا من قومه لمّا رأى من معاصيهم حتّى ركب مع قوم في سفينة في اليمّ ، فعرض لهم حوت ليغرقهم ، فساهموا ثلاث مرّات ، فقال يونس : إيّاي أراد ، فاقذفوني ، فلمّا أخذت السمكة يونس عليه‌السلام أوحى الله تعالى إليها : أنّي لم أجعله لك رزقا ، فلا تكسري له عظما ولا تأكلي له لحما.
    قال : فطافت به البحار : (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(3) وقال : لمّا صارت السمكة في البحر الذي فيه قارون ، سمع قارون
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (به).
    (2) عنه وعن تفسير العيّاشيّ 2 : 129 / 44 في بحار الأنوار 14 : 392 / 12 بتفصيل أكثر ، واللفظ للعيّاشيّ بهذا السند : عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام .. وعنه في تفسير الصافي 2 : 421 وتفسير نور الثقلين 2 : 321 / 132 وج 4 : 437 / 118 وج 5 : 397 / 60 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 487.
    (3) الأنبياء : 87.

    صوتا لم يسمعه ، فقال للملك الموكّل به : ما هذا الصوت؟ قال : هو يونس النبيّ عليه‌السلام في بطن الحوت ، قال : فتأذن لي أن أكلّمه؟ قال : نعم.
    قال : يا يونس ، ما فعل هارون؟ قال : مات ، فبكى قارون ، قال : ما فعل موسى؟ قال : مات ، فبكى قارون ، فأوحى الله جلّت عظمته إلى الملك الموكّل به أن خفّف العذاب عن (1) قارون لرقّته على قرابته.
    وفي خبر آخر : ارفع عنه العذاب بقيّة أيّام الدنيا ، لرقّته على قرابته (2).
    وفي هذا الخبر شيء يحتاج إلى تأويل (3).
    ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متّى عليه‌السلام (4).
    فصل
    [أحاديث في أصحاب الكهف]
    [357 / 13] ـ وبالإسناد المذكور عن ابن أورمة ، عن الحسن بن محمّد
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» والبحار : (على).
    (2) إلى هنا ورد في تفسير العيّاشيّ 2 : 136 / 46 باختلاف وتفصيل أكثر : عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ...
    (3) كذا في النسخ ، ولكن الظاهر أنّ قوله : (وفي هذا الخبر شيء يحتاج إلى تأويل) مربوط بما بعده ، أي بقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : (ما ينبغي لأحد أن ..) فكان موضعه بعد انتهاء الخبر فمن المحتمل أن يكون قد غيّر عن موضعه من قبل الناسخ ، وكونه من كلام الشيخ الراوندي أيضا غير معلوم ولعلّه كان زيادة في هامش بعض النسخ من قبل بعض الفضلاء ، وأدخله بعض النّساخ ظنّا منه بأنّه من الأصل. ولذا ضرب عنه صفحا في البحار ، وإنّما فسّر كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله بما يصحّ تفسيره وتأويله به (عرفانيان).
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 391 / 11 ، وفي مستدرك الوسائل 17 : 376 / 9 باختصار.
    وورد ذيل الحديث في صحيح البخاريّ 4 : 125 ، مسند أحمد 1 : 242 وص 254 وص 348 ، سنن الدارميّ 2 : 309.

    الحضرميّ ، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام وذكر أصحاب الكهف ، فقال : لو كلّفكم قومكم ما كلّفهم قومهم فافعلوا فعلهم. فقيل له : وما كلّفهم قومهم؟ قال : كلّفوهم الشرك بالله ، فأظهروه لهم وأسرّوا الإيمان حتّى جاءهم الفرج (1).
    [358 / 14] ـ وقال : إنّ أصحاب الكهف كذّبوا فآجرهم الله ، وصدّقوا فآجرهم الله (2).
    [359 / 15] ـ وقال : كانوا صيارفة كلام ولم يكونوا صيارفة الدراهم (3).
    [360 / 16] ـ وقال : خرج أصحاب الكهف على غير ميعاد ، فلمّا صاروا (4) في الصحراء أخذ هذا على هذا وهذا على هذا العهد والميثاق ، ثمّ قال : أظهروا أمركم فأظهروه ، فإذا هم على أمر واحد (5).
    __________________
    (1) عنه وعن تفسير العيّاشيّ 2 : 323 / 8 في بحار الأنوار 14 : 425 / صدر الحديث 5 ، وفي مستدرك الوسائل 12 : 273 / صدر الحديث 8 عن القصص ، وفي ج 16 : 230 / 14 عن تفسير العيّاشيّ ، وطريق العيّاشيّ هكذا : عن عبيد الله بن يحيى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام.
    (2) عنه وعن تفسير العيّاشيّ في بحار الأنوار 14 : 425 / قطعة من الحديث 5 ، ولم أجده في تفسير العيّاشيّ ، وعنه أيضا في مستدرك الوسائل 12 : 272 / قطعة من الحديث 8.
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 425 / قطعة من الحديث 5 ومستدرك الوسائل 12 : 272 / قطعة من الحديث 8.
    ورواه العيّاشيّ في تفسيره 2 : 322 / 7 : عن درست ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 425 / قطعة من الحديث 5 وص 428 / 12 ومستدرك الوسائل 13 : 96 / 5.
    (4) في «س» : (ساروا).
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 425 / قطعة من الحديث 5 ومستدرك الوسائل 12 : 272 / قطعة من الحديث 8.
    ورواه العيّاشيّ في تفسيره 2 : 322 / 6 بتفاوت يسير : عن أبي بكر الحضرميّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 425 / قطعة من الحديث 5 وص 428 / 11 وتفسير نور الثقلين 3 : 244 / 22.

    [361 / 17] ـ وقال : إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الكفر ، فكانوا على إظهارهم الكفر أعظم أجرا (1) منهم على إسرارهم الإيمان (2).
    [362 / 18] ـ وقال : ما بلغت تقيّة أحد ما بلغت تقيّة أصحاب الكهف وإنّهم كانوا ليشدّون الزّنانير (3) ويشهدون الأعياد ، فأعطاهم الله أجرهم مرّتين (4).
    [363 / 19] ـ وعن ابن أورمة ، عن الحسن بن عليّ ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن محمّد بن مروان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّ أصحاب الكهف كذبوا الملك فأجروا ، وصدقوا فأجروا (5).
    [364 / 20] ـ وعن ابن أورمة ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى جلّت عظمته : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)(6) قال : هم قوم فقدوا فكتب ملك ذلك الزمان أسماءهم وأسماء آبائهم وعشايرهم في صحف من رصاص (7).
    __________________
    (1) كلمة : (أجرا) لم ترد في «ر» «س» «ص».
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 426 / قطعة من الحديث 5 ، وأيضا عن العيّاشيّ في تفسيره 2 : 323 / 10 بإسناده : عن الكاهليّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في وسائل الشيعة 16 : 231 / 16 وتفسير الصافي 3 : 234 ، وفي مستدرك الوسائل 12 : 272 / قطعة من الحديث 8 عن قصص الراونديّ.
    (3) مفردها الزنّار ، في المصباح المنير : 256 : الزنّار للنصارى وزان التفّاح والجمع زنانير ، وتزنّر النصراني أشدّ الزنّار على وسطه ، وانظر : ترتيب كتاب العين 2 : 766.
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 426 / ذيل الحديث 5 ، وأيضا عن العيّاشيّ في تفسيره 2 : 323 / 9 بإسناده : عن درست ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في وسائل الشيعة 16 : 230 / 15 ، وفي مستدرك الوسائل 12 : 272 / ذيل الحديث 8 عن قصص الراونديّ.
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 426 / 6.
    (6) الكهف : 9.
    (7) عنه وعن تفسير العيّاشيّ 2 : 321 / 5 : عن محمّد ، عن أحمد بن عليّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. في بحار الأنوار 14 : 426 / 7 ، وفي تفسير الصافي 3 : 232 وتفسير نور الثقلين 3 : 244 / 21 عن تفسير العيّاشيّ.

    فصل
    [كلام عليّ عليه‌السلام مع أصحاب الكهف]
    [365 / 21] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن محمّد بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : صلّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة ثمّ توجّه إلى البقيع (1) ، فدعا أبابكر وعمر وعثمان وعليّا عليه‌السلام فقال : امضوا حتّى تأتوا أصحاب الكهف وتقرؤهم منّي السلام ، وتقدّم أنت يا أبابكر فإنّك أسنّ القوم ، ثمّ أنت يا عمر ، ثمّ أنت يا عثمان ، فإن أجابوا واحدا منكم ، وإلّا فتقدّم أنت يا عليّ كن آخرهم.
    ثمّ أمر الريح فحملتهم حتّى وضعتهم على باب الكهف ، فتقدّم أبو بكر فسلّم فلم يردّوا عليه فتنحّى ، فتقدّم عمر فسلّم فلم يردّوا عليه ، وتقدّم عثمان فسلّم فلم يردّوا عليه.
    فتقدّم عليّ عليه‌السلام وقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل الكهف الذين آمنوا بربّهم وزادهم هدى وربط على قلوبهم ، أنا رسول رسول الله إليكم ، فقالوا : مرحبا برسول الله وبرسوله ، وعليك السلام يا وصيّ رسول الله ورحمة الله وبركاته.
    قال : فكيف علمتم أنّي وصيّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقالوا : إنّه ضرب على آذاننا أن لا نكلّم إلّا نبيّا أو وصيّ نبيّ ، فكيف تركت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ وكيف حشمه؟ وكيف حاله؟ وبالغوا في السؤال ، وقالوا : خبّر (2) أصحابك هؤلاء إنّا لا نكلّم إلّا نبيّا أو وصيّ نبيّ.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (البيت) ، وفي «ر» : (البنية) ، وفي «ص» غير واضحة ، وفي إثبات الهداة :
    (الثنية) ، والمثبت عن البحار.
    (2) في «ر» «س» : (أخبر).

    فقال لهم : أسمعتم ما يقولون؟ قالوا : نعم ، قال : فاشهدوا ، ثمّ حوّلوا وجوههم قبل المدينة فحملتهم الريح حتّى وضعتهم بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبروه بالذي كان.
    فقال لهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد رأيتم وسمعتم فاشهدوا ، قالوا : نعم فانصرف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى منزله ، وقال لهم : احفظوا شهادتكم (1).
    فصل
    [قصّة أصحاب الكهف]
    [366 / 22] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عليّ محمّد بن يوسف بن عليّ المذكّر ، حدّثنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن نصر الطرسوسيّ ، حدّثنا أبو الحسن بن قرعة القاضي بالبصرة ، حدّثنا زياد بن عبد الله البكائيّ ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، حدّثنا إسحاق بن يسار ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : لمّا كان في عهد خلافة عمر أتاه قوم من أحبار اليهود ، فسألوه عن أقفال السماوات ما هي؟ (2) وعمّن أنذر قومه ليس من الجنّ ولا من الإنس ، وعن خمسة أشياء مشت على وجه الأرض لم يخلقوا في الأرحام ، وما يقول الدرّاج في صياحه ، وما يقول الديك والفرس والحمار والضفدع والقنبر ، فنكس عمر رأسه ، فقال : يا أبا الحسن ، ما أرى جوابهم إلّا عندك ، فقال لهم عليّ عليه‌السلام : إنّ لي عليكم شريطة ، إذا أنا أخبرتكم بما في التوراة دخلتم في ديننا؟ قالوا : نعم.
    فقال عليه‌السلام : أمّا أقفال السماوات فهو الشرك بالله ، فإنّ العبد والأمة إذا كانا مشركين
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 420 / 2 بتمامه ، وفي ج 31 : 624 / 115 إلى قوله : (قال : فاشهدوا) ، وفي قصص الأنبياء للجزائريّ : 502 بتمامه ، وإثبات الهداة 2 : 130 / 564.
    (2) في البحار زيادة : (وعن مفاتيح السماوات ما هي؟ وعن قبر سار بصاحبه ما هو؟).

    ما يرفع لهما إلى الله سبحانه عمل. فقالوا : ما مفاتيحها؟ فقال عليّ عليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله.
    فقالوا : أخبرنا عن قبر سار بصاحبه؟ قال : ذاك الحوت حين ابتلع يونس عليه‌السلام فدار به في (1) البحار السبعة.
    فقالوا : أخبرنا عمّن أنذر قومه لا من الجنّ ولا من الإنس ، قال : تلك نملة سليمان إذ قالت : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ)(2).
    قالوا : فأخبرنا عن خمسة أشياء مشت على الأرض ما خلقوا في الأرحام ، قال : ذاك آدم وحوّاء ، وناقة صالح ، وكبش إبراهيم ، وعصا موسى عليهم‌السلام.
    قالوا : فأخبرنا ما تقول هذه الحيوانات؟ قال : الدرّاج يقول : الرّحمن على العرش استوى. والديك يقول : اذكروا الله يا غافلين. والفرس يقول (3) : اللهمّ انصر عبادك المؤمنين على (4) الكافرين. والحمار يلعن العشّار وينهق في عين الشيطان. والضفدع يقول : سبحان ربّي المعبود المسبّح [له] في لجج البحار. والقنبر يقول : اللهمّ العن مبغضي محمّد وآل محمّد.
    قال : وكانت الأحبار ثلاثة ، فوثب اثنان وقالا : نشهد (5) أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله.
    قال : فوقف الحبر الآخر ، وقال : يا عليّ ، لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوب أصحابي ، ولكن بقيت خصلة واحدة (6) أسألك عنها.
    __________________
    (1) قوله : (في) لم يرد في «ر» «س».
    (2) النمل : 18.
    (3) في البحار زيادة : (إذا مشى المؤمنون إلى الكافرين).
    (4) في «ص» «م» زيادة : (عبادك).
    (5) في «ر» «س» «ص» والبحار : (أشهد).
    (6) قوله : (واحدة) لم يرد في «ص» «م».

    فقال عليّ عليه‌السلام : سل ، قال : أخبرني عن قوم كانوا في أوّل الزمان ، فماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ثمّ أحياهم الله ، ما كان قصّتهم؟ فابتدأ عليّ وأراد أن يقرأ سورة الكهف ، فقال الحبر : ما أكثر ما سمعنا قرآنكم ، فإن كنت عالما فأخبرنا بقصّة هؤلاء وبأسمائهم وعددهم واسم كلبهم ، واسم كهفهم ، واسم ملكهم ، واسم مدينتهم.
    فقال عليّ عليه‌السلام : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، يا أخا اليهود ، حدّثني حبيبي (1) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان بأرض الروم مدينة يقال لها : أقسوس ، وكان لها (2) ملك صالح ، فمات ملكهم ، فاختلفت كلمتهم ، فسمع (3) ملك من ملوك فارس يقال له : دقيانوس (4) ، فسار (5) في مائة ألف حتّى دخل مدينة أقسوس ، فاتّخذها دار مملكته واتّخذ فيها قصرا طوله فرسخ في عرض فرسخ ، واتّخذ في ذلك القصر مجلسا طوله ألف ذراع في عرض مثل ذلك من الزجاج (6) الممرّد ، واتّخذ في ذلك المجلس أربعة آلاف أسطوانة من ذهب ، واتّخذ ألف قنديل من ذهب لها سلاسل من اللّجين تسرج بأطيب الأدهان ، واتّخذ في شرقيّ المجلس ثمانين كوّة (7) ، وكانت الشمس إذا طلعت طلعت في المجلس كيف ما دارت.
    واتّخذ فيه سريرا من ذهب (Cool له قوائم من فضّة مرصّعة بالجواهر ، وأعلاه (9) بالنمارق ، واتّخذ من يمين السرير ثمانين كرسيّا من الذهب مرصّعة بالزبرجد
    __________________
    (1) قوله : (حبيبي) لم يرد في «ص» «م».
    (2) في «ر» «س» : (لهم) بدلا من : (لها).
    (3) في البحار زيادة : (بهم).
    (4) في «ر» «س» «ص» : (دقيوس) ، والمثبت من «م» ، والبحار.
    (5) في «ر» «س» «ص» ، والبحار : (فأقبل).
    (6) في البحار : (الرخام).
    (7) في البحار زيادة : (ولغربيّه كذلك).
    (Cool في البحار زيادة : (طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا).
    (9) في «م» والبحار : (علاه).

    الأخضر فأجلس عليها بطارقته ، واتّخذ من يسار السرير ثمانين كرسيّا من الفضّة مرصّعة بالياقوت الأحمر ، فأجلس عليها هراقلته ثمّ علا (1) السرير فوضع التاج على رأسه.
    فوثب اليهوديّ ، فقال : يا عليّ ، ممّ كان تاجه؟
    قال : من الذهب المشبّك ، له سبعة أركان ، على كلّ ركن لؤلؤة بيضاء (2) كضوء المصباح في الليلة الظلماء ، واتّخذ خمسين غلاما من أولاد الهراقلة ، فقرطقهم بقراطق (3) الديباج الأحمر ، وسرولهم بسراويلات الحرير (4) الأخضر وتوّجهم ، ودملجهم ، وخلخلهم ، وأعطاهم أعمدة من الذهب ، وأوقفهم (5) على رأسه ، واتّخذ ستّة غلمة (6) وزراءه ، فأقام ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن يساره.
    فقال اليهوديّ : (7) ما كان اسم الثلاثة والثلاثة ، فقال عليّ عليه‌السلام : الذين عن يمينه أسماؤهم : تمليخا ، ومكسلمينا ، ومنشلينيتا (Cool ، وأمّا الذين عن يساره ، فأسماؤهم : مرنوس ، ودرنوس (9) وشاذريوس. وكان يستشيرهم في جميع أموره.
    وكان يجلس في كلّ يوم في صحن داره والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، ويدخل ثلاثة غلمة في يد أحدهم جام من ذهب مملوّ من المسك المسحوق ، وفي يد الآخر جام من فضّة مملوّ من ماء الورد ، وفي يد الآخر طائر
    __________________
    (1) في «م» : (قعد على) بدلا من : (علا).
    (2) في البحار زيادة : (تضيء).
    (3) قال في المصباح المنير : 498 : القرطق مثال جعفر ملبوس يشبه القباء ، وهو من ملابس العجم.
    (4) في «س» «ص» «م» زيادة : (والفريد) ، وقد تقرأ : (والعريد).
    (5) في «ر» «س» «ص» : (ووقفهم).
    (6) في «ر» «س» : (أغلمة).
    (7) في «ر» «س» زيادة : (يا عليّ).
    (Cool في «ر» «س» : (منشليتيا) ، وفي «ص» : (منشلينينا) ، وفي البحار : (ميشيلينا).
    (9) في «ر» «س» «ص» : (وديرنوس).

    أبيض له منقار أحمر ، فإذا نظر الملك إلى ذلك الطائر صفر به ، فيطير الطائر حتّى يقع في جام ماء الورد فيتمرّغ فيه ، فيحمل ما في الجام بريشه وجناحه ، ثمّ يصفر به الثانية ، فيطير الطائر على تاج الملك ، فينفض ما في ريشه وجناحه على رأس الملك.
    فلمّا نظر الملك إلى ذلك عتا وتجبّر فادّعى الربوبيّة من دون الله ، ودعا إلى ذلك وجوه قومه ، فكلّ من أطاعه على ذلك أعطاه وحباه وكساه ، وكلّ من لم يبايعه (1) قتله ؛ فاستجابوا له رأسا ، واتّخذ لهم عيدا في كلّ سنة مرّة.
    فبينما (2) هم ذات يوم في عيد ، والبطارقة عن يمينه ، والهراقلة عن يساره ، إذ أتاه بطريق ، فأخبره أنّ عساكر الفرس قد غشيته فاغتمّ لذلك حتّى سقط التاج عن ناصيته (3) ، فنظر إليه أحد الثلاثة الذين كانوا عن يمينه يقال له : تمليخا وكان غلاما ، فقال في نفسه : لو كان دقيوس إلها كما يزعم إذا ما كان يغتمّ ولا يفزع ، وما كان يبول ولا يتغوّط ، وما كان ينام ، وليس هذا من فعل الإله.
    قال : وكان الفتية الستّة كلّ يوم عند أحدهم ، وكانوا ذلك اليوم عند تمليخا ، فاتّخذ لهم من أطيب الطعام (4) ، ثمّ قال لهم : يا إخوتاه قد وقع في قلبي شيء منعني الطعام والشراب والمنام ، قالوا : وما ذاك يا تمليخا؟
    قال : أطلت فكري في هذه السماء ، فقلت : من رفع سقفها محفوظة بلا عمد ولا علاقة من فوقها؟ ومن أجرى فيها شمسا وقمرا آيتان مبصرتان؟ ومن زيّنها بالنجوم؟ ثمّ أطلت الفكر في الأرض فقلت : من سطحها على صميم الماء الزخّار؟
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (يتابعه).
    (2) في «ر» «س» «ص» : (فبينا).
    (3) في البحار : (رأسه).
    (4) في «ر» «س» : (طعاما طيّبا) ، وفي «ص» : (طيب الطعام).

    ومن حبسها بالجبال أن تميد على كلّ شيء؟ وأطلت فكري في نفسي من أخرجني جنينا من بطن أمّي؟ ومن غذّاني؟ ومن ربّاني؟ إنّ (1) لها صانعا ومدبّرا غير دقيوس الملك ، وما هو إلّا ملك الملوك وجبّار السماوات.
    فانكبت الفتية على رجليه يقبّلونهما (2) ، وقالوا : بك هدانا الله من الضلالة إلى الهدى ، فأشر علينا ، قال : فوثب تمليخا فباع تمرا من حائط له بثلاثة آلاف درهم وصرّها في ردنه (3) ، وركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة ، فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا : يا إخوتاه ، جاءت مسكنة الآخرة وذهب ملك الدنيا ، انزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم ، لعلّ الله أن يجعل لكم من أمركم فرجا ومخرجا ، فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم ، فجعلت أرجلهم تقطر دما.
    قال : فاستقبلهم راع ، فقالوا : يا أيّها الراعي ، هل من شربة لبن أو ماء؟ فقال الراعي : عندي ما تحبّون ، ولكن أرى وجوهكم وجوه الملوك ، وما أظنّكم إلّا هرابا من دقيوس الملك.
    قالوا : يا أيّها الراعي ، لا يحلّ لنا الكذب ، أفينجينا منك الصدق؟ فأخبروه بقصّتهم ، فانكبّ الراعي على أرجلهم يقبّلها ، ويقول : يا قوم ، لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم ، ولكن أمهلوني حتّى أردّ الأغنام على أربابها ، وألحق بكم ، فتوقفّوا له ، فردّ الأغنام وأقبل يسعى فتبعه (4) كلب له.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (إذ).
    (2) في «ر» «س» «ص» : (يقبّلونها).
    (3) قال في الإفصاح 1 : 380 : الرّدن : أسفل الكمّ وقيل : مقدّمه والجمع أردان ، انظر : ترتيب كتاب العين 1 : 671.
    (4) في «ر» «س» «ص» : (يتبعه).

    قال : فوثب اليهوديّ ، فقال : يا عليّ ، ما كان اسم الكلب؟ وما لونه؟ فقال عليّ عليه‌السلام : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، أمّا لون الكلب فكان أبلق بسواد ، وأمّا اسم الكلب فقطمير ، فلمّا نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم : إنّا نخاف أن يفضحنا بنباحه فألحّوا عليه (1) بالحجارة ، فأنطق الله تعالى الكلب فقال : ذروني (2) أحرسكم من عدوّكم.
    فلم يزل الراعي يسير بهم حتّى علاهم جبلا ، فانحطّ بهم على كهف يقال له : الوصيد ، فإذا بفناء الكهف عيون وأشجار مثمرة ، فأكلوا من ثمارها وشربوا من الماء وجنّهم الليل ، فأووا إلى الكهف.
    فأوحى الله عزوجل إلى ملك الموت بقبض أرواحهم ، ووكّل الله بكلّ رجلين ملكين يقلّبانهما من ذات اليمين إلى ذات الشمال ، وأوحى الله عزوجل إلى خزّان الشمس ، فكانت تزاور (3) عن كهفهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال (4).
    فلمّا رجع دقيوس من عيده سأل عن الفتية ، فأخبر أنّهم خرجوا هرابا ، فركب في ثمانين ألف حصان ، فلم يزل يقفوا أثرهم حتّى علا فانحطّ إلى كهفهم ، فلمّا نظر إليهم إذا هم نيام ، فقال الملك : لو أردت أن أعاقبهم بشيء لما عاقبتهم بأكثر ممّا عاقبوا أنفسهم ، ولكن ائتوني بالبنّائين ، فسدّ باب الكهف بالكلس والحجارة ، وقال لأصحابه : قولوا لهم : يقولوا لإلههم الذي في السماء لينجّيهم ، وأن يخرجهم من هذا الموضع.
    __________________
    (1) في «م» : (فانحوا عليه).
    (2) في «ر» «س» «ص» زيادة : (حتّى).
    (3) قال الراغب في مفردات غريب القرآن : 217 : تزاور عن كهفهم أي تميل ، وقال في الصحاح 2 : 673 : الازورار عن الشيء : العدول عنه ، وقد ازور عنه ازورارا أي : عدل عنه ، وهو مدغم تتزاور.
    (4) تقرضهم ذات الشمال أي : تخلفهم شمالا ، وتجاوزهم ، وتقطعهم ، وتتركهم على شمالها (انظر : القاموس 2 : 342 ، تاج العروس 10 : 138).

    قال عليّ عليه‌السلام : يا أخا اليهود ، فمكثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين ، فلمّا أراد الله أن يحييهم أمر إسرافيل أن ينفخ فيهم الروح ، فنفخ ، فقاموا من رقدتهم ، فلمّا بزغت الشمس قال بعضهم : قد غفلنا في هذه الليلة عن عبادة إله السماء ، فقاموا فإذا العين قد غارت ، وإذا الأشجار قد يبست ، فقال بعضهم : إنّ أمورنا لعجب مثل تلك العين الغزيرة قد غارت والأشجار قد يبست في ليلة واحدة ، ومسّهم الجوع فقالوا : ابعثوا بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيّها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطّف ولا يشعرنّ بكم أحدا (1).
    قال تمليخا : لا يذهب في حوائجكم غيري ، ولكن ادفع أيّها الراعي ثيابك إليّ ، قال : فدفع الراعي ثيابه ومضى يؤمّ (2) المدينة ، فجعل يرى مواضعا لا يعرفها وطريقا هو ينكرها حتّى أتى باب المدينة وإذا علم أخضر مكتوب عليه : لا إله إلّا الله ، عيسى رسول الله ، قال : فجعل ينظر إلى العلم وجعل يمسح به عينيه ، ويقول : أراني نائما ، ثمّ دخل المدينة حتّى أتى السوق ، فأتى رجلا خبّازا فقال : أيّها الخبّاز ، ما اسم مدينتكم هذه؟
    قال : أقسوس ، قال : وما اسم ملككم؟ قال : عبد الرحمن ، قال : ادفع إليّ بهذه الورق طعاما ، فجعل الخبّاز يتعجّب من ثقل الدراهم ومن كبرها.
    قال : فوثب اليهوديّ وقال : يا عليّ وما كان وزن كلّ درهم منها؟ قال : وزن كلّ درهم عشرة دراهم وثلثا درهم.
    فقال الخبّاز : يا هذا ، أنت أصبت كنزا؟ فقال تمليخا : ما هذا إلّا ثمن تمر بعتها منذ ثلاث وخرجت من هذه المدينة ، وتركت الناس يعبدون دقيوس الملك.
    قال : فأخذ الخبّاز بيد تمليخا وأدخله على الملك ، فقال : ما شأن هذا الفتى؟
    __________________
    (1) اقتباس من الآية 19 من سورة الكهف.
    (2) أي : يقصد.

    قال الخبّاز : إنّ هذا رجل أصاب كنزا.
    فقال الملك : يا فتى ، لا تخف ، فإنّ نبيّنا عيسى عليه‌السلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنز إلّا خمسها ، فأعطني خمسها وامض سالما ، فقال تمليخا : انظر أيّها الملك في أمري ما أصبت كنزا ، أنا رجل من أهل هذه المدينة ، فقال الملك : أنت من أهلها؟
    قال : نعم ، قال : فهل تعرف بها أحدا؟ قال : نعم ، قال : ما اسمك؟
    قال : اسمي تمليخا ، قال : وما هذه الأسماء أسماء أهل زماننا. فقال الملك : هل لك في هذه المدينة دار؟ قال : نعم ، اركب أيّها الملك معي.
    قال : فركب والناس معه فأتى بهم إلى أرفع دار في المدينة ، قال تمليخا : هذه الدار لي ، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ كبير قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر ، فقال : ما شأنكم؟
    فقال الملك : أتانا هذا الغلام بالعجائب ؛ يزعم أنّ هذه الدار داره ، فقال له الشيخ : من أنت؟ قال : أنا تمليخا بن قسطيكين (1) ، قال : فانكبّ الشيخ على رجليه يقبّلها ، ويقول : هو جدّي وربّ الكعبة.
    فقال : أيّها الملك ، هؤلاء الستّة الذين خرجوا هرابا من دقيوس الملك ، فنزل الملك عن فرسه ، وحمله على عاتقه ، وجعل الناس يقبّلون يديه ورجليه ، فقال : يا تمليخا ، ما فعل أصحابك؟ فأخبر أنّهم في الكهف ، وكان يومئذ بالمدينة ملك مسلم وملك يهودي.
    فركبوا في أصحابهم ، فلمّا صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا : إنّي أخاف أن يسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول ، فيظنّون أنّ دقيوس الملك قد جاء في طلبهم ، ولكن أمهلوني حتّى أتقدّم إليهم فأخبرهم ، فوقف الناس.
    فأقبل تمليخا حتّى دخل الكهف ، فلمّا نظروا إليه اعتنقوه وقالوا : الحمد لله
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (كسطيكين).

    الذي نجّاك من دقيوس ، قال تمليخا : دعوني عنكم وعن دقيوسكم ، كم لبثتم؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم.
    قال تمليخا : بل لبثتم ثلاثمائة (1) وتسع سنين ، وقد مات دقيوس وانقرض (2) قرن بعد قرن ، وبعث الله نبيّا يقال له : المسيح عيسى بن مريم ، ورفعه الله إليه ، وقد أقبل إلينا الملك والناس معه.
    قالوا : يا تمليخا ، أتريد أن تجعلنا فتنة للعالمين؟ قال تمليخا : فما تريدون؟ قالوا : ادع الله جلّ ذكره وندعوه معك حتّى يقبض أرواحنا ، فرفعوا أيديهم ، فأمر الله تعالى بقبض أرواحهم ، وطمس الله باب الكهف على الناس ، فأقبل الملكان يطوفان على باب الكهف سبعة أيّام لا يجدان للكهف بابا.
    فقال الملك المسلم : ماتوا على ديننا ، أبني على باب الكهف مسجدا ، وقال اليهوديّ : لا بل ماتوا على ديني ، أبني على باب الكهف كنيسة ، فاقتتلا ، فغلب المسلم وبنى مسجدا عليه.
    يا يهوديّ ، أيوافق هذا ما في توراتكم؟ قال : ما زدت حرفا ولا نقصت حرفا (3) وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (4).
    __________________
    (1) في «ر» «س» زيادة : (سنة).
    (2) قوله : (انقرض) لم يرد في النسخ ، وأضفناها من البحار.
    (3) قوله : (حرفا) لم يرد في «ر» «س» «ص».
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 411 / 1 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 495.
    وأورد الصدوق قريبا منه في الخصال : 456 / 1 باختلاف : عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعريّ ، عن أبي عبد الله الرازيّ ، عن أبي الحسن عيسى بن محمّد بن عيسى بن عبد الله المحمّديّ من ولد محمّد بن الحنفيّة ، عن محمّد بن جابر ، عن عطاء ، عن طاوس .. وعنه في بحار الأنوار 10 : 7 / 3.
    وأورده العلّامة الحلّيّ في كشف اليقين : 431 باختلاف ، نقلا عن كتاب عرائس التيجان للثعلبي : 566.

    فصل
    [من صدق نجا]
    [367 / 23] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن الحارث البراديّ ، عن ابن أبي أوفى ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : خرج ثلاثة نفر يسيحون في الأرض ، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلّة جبل حين (1) بدت صخرة من أعلى الجبل حتّى التقمت (2) باب الكهف ، فقال بعضهم : يا عباد الله ، والله لا ينجّيكم ممّا دهيتم (3) فيه إلّا أن تصدّقوا عن الله ، فهلمّوا ما عملتم خالصا لله.
    فقال أحدهم : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي طلبت جيّدة (4) لحسنها وجمالها وأعطيت فيها مالا ضخما حتّى إذا قدرت عليها وجلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار ، فقمت عنها فرقا منك ، فارفع عنّا هذه الصخرة ، قال : فانصدعت حتّى نظروا إلى الضوء (5).
    ثمّ قال الآخر : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي استأجرت قوما (6) كلّ رجل منهم بنصف درهم ، فلمّا فرغوا أعطيتهم أجورهم ، فقال رجل : لقد عملت عمل رجلين ، والله لا آخذ إلّا درهما ، ثمّ ذهب وترك ماله عندي ، فبذرت بذلك النصف الدرهم في
    __________________
    (1) في البحار : (حتى).
    (2) في «س» «ص» : (التقيت).
    (3) في «ر» «س» : (منها وما بقيتم) بدلا من : (ممّا دهيتم).
    (4) في المحاسن : (امرأة).
    (5) في المحاسن : (الصدع).
    (6) في المحاسن زيادة : (يحرثون).

    الأرض ، فأخرج الله به رزقا وجاء صاحب نصف الدرهم ، فأراده فدفعت إليه عشرة آلاف (1) درهم حقّه ، فإن كنت تعلم أنّي إنّما فعلت ذلك مخافة منك ، فارفع عنّا هذه الصخرة ، قال : فانفرجت حتّى نظر بعضهم إلى بعض.
    ثمّ قال الآخر : اللهمّ إن كنت تعلم أنّ أبي وأمّي كانا نائمين ، فأتيتهما بقصعة (2) من لبن ، فخفت أن أضعه فتقع (3) فيه هامّة (4) وكرهت أن أنبّههما (5) من نومهما ، فيشقّ ذلك عليهما ، فلم أزل بذلك حتّى استيقظا فشربا ، اللهمّ إن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء لوجهك الكريم فارفع عنّا هذه الصخرة ، فانفرجت حتّى سهّل الله لهم المخرج.
    ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صدق الله نجا (6).
    __________________
    (1) في المحاسن : (ثمان عشرة ألف).
    (2) في المحاسن : (بقعب).
    (3) في المحاسن وهامش «م» : (أن تمجّ) بدلا من : (فتقع). في غريب الحديث 3 : 130 : الهامّة : الواحدة من هوامّ الأرض وهي دوابّها المؤذية ، وفي النهاية 5 : 275 : الهامّة : كلّ ذات سمّ يقتل والجمع الهوامّ ، فأما ما يسمّ ولا يقتل فهو السامّة كالعقرب والزنبور ، وقد يقع الهوامّ على ما يدبّ من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات.
    (4) قال ابن سلام.
    (5) في المحاسن وهامش «م» : (أوقظهما).
    (6) عنه في بحار الأنوار 14 : 426 / 8.
    ورواه البرقيّ في المحاسن 1 : 253 / 277 : عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر الجعفيّ ، رفعه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في بحار الأنوار 67 : 244 / 17 وتفسير نور الثقلين 3 : 249 / 31.
    وجاء في الخرائج والجرائح 2 : 943 باختلاف يسير.


    الباب الثّامن عشر :
    في نبوّة عيسى عليه‌السلام
    وما كان في زمانه ومولده ونبوّته


    [قصّة مريم عليها‌السلام]
    [368 / 1] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله رفعه (1) عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها)(2) قال : أحصنت فرجها قبل أن تلد عيسى عليه‌السلام خمسمائة عام قال : فأوّل من سوهم (3) عليه مريم ابنة (4) عمران نذرت أمّها ما في بطنها محرّرا للكنيسة ، فوضعتها أنثى فشدت (5) ، فكانت تخدم العبّاد تناولهم حتّى بلغت ، وأمر زكريّا أن يتّخذ لها حجابا دون العبّاد ، فكان زكريّا يدخل عليها فيرى عندها ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء ، قال : يا مريم ، أنّى لك هذا؟ قالت : هو من عند الله.
    وقال : عاشت مريم بعد عمران خمسمائة سنة (6).
    __________________
    (1) قوله : (رفعه) من بحار الأنوار.
    (2) التحريم : 12.
    (3) في «ر» «س» «ص» : (توهّم).
    (4) في «ر» «س» : (بنت).
    (5) في بحار الأنوار : (فشبت).
    (6) عنه في بحار الأنوار 14 : 203 / 17.

    [369 / 2] ـ وقال الباقر عليه‌السلام : إنّها بشّرت بعيسى عليه‌السلام فبينا هي ذات يوم في المحراب إذ تمثّل لها الروح الأمين بشرا سويّا ، قالت : إنّي أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيّا ، قال : إنّما أنا رسول ربّك لأهب لك غلاما زكيّا.
    فتفل في جيبها ، فحملت بعيسى عليه‌السلام فلم تلبث أن ولدت ، وقال : لم تكن على وجه الأرض شجرة إلّا ينتفع بها ، ولا ثمرة ولا شوك لها ، حتّى قالت فجرة بني آدم كلمة السوء. فاقشعرّت الأرض وشاك الشجرة ، وأتى إبليس تلك الليلة ، فقيل له : قد ولد الليلة ولد لم يبق على وجه الأرض صنم إلّا خرّ لوجهه ، وأتى المشرق والمغرب يطلبه ، فوجده في بيت دير قد حفّت به الملائكة ، فذهب يدنو فصاحت به الملائكة : تنحّ ، فقال لهم : من أبوه؟
    فقالت : فمثله كمثل آدم. فقال إبليس : لأضلّنّ به أربعة أخماس الناس (1).
    [370 / 3] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله ابن جعفر الحميريّ ، عن أحمد بن محمّد ، حدّثنا الحسن بن محبوب ، عن أبي أيّوب الخرّاز (2) ، عن زياد بن سوقة ، عن الحكم بن عيينة قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : لمّا قالت العواتق الفرية ـ وهي سبعون ـ لمريم عليها‌السلام : لقد جئت شيئا فريّا ، أنطق الله تعالى عيسى عليه‌السلام عند ذلك ، فقال لهنّ : ويلكنّ (3) تفترين على أمّي ، أنا عبد الله
    __________________
    ـ وورد قريب منه في تفسير العيّاشيّ 1 : 170 / 38 : عن حريز ، عن أحدهما عليهما‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 204 / 20. وقال العلّامة المجلسيّ ذيل الخبر أعلاه : لا يخفى ما في هذا الخبر من الشذوذ والغرابة والمخالفة لسائر الأخبار والآثار.
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 215 / 14 وفي قصص الأنبياء للجزائريّ : 458 (قطعة منه).
    (2) في النسخ : (الخزّاز) ، والصواب ما أثبتناه ، وهو إبراهيم بن عيسى ، أبو أيّوب الخرّاز ثقة كبير المنزلة (لاحظ : رجال النجاشي : 20 / 25 ، خلاصة الأقوال 50 / 13 ، رجال ابن داود : 32 / 27).
    (3) قوله : (ويلكنّ) لم يرد في نسخة «ص» «م».

    آتاني الكتاب ، وأقسم بالله لأضربنّ كلّ امرأة منكنّ حدّا بافترائكنّ على أمّي.
    قال الحكم : فقلت للباقر عليه‌السلام : أفضربهنّ عيسى عليه‌السلام بعد ذلك؟ قال : نعم ، ولله الحمد والمنّة (1).
    فصل
    [قصّة ولادة عيسى عليه‌السلام]
    [371 / 4] ـ وبإسناده عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن يحيى بن عبد الله قال : كنّا بالحيرة فركبنا مع أبي عبد الله عليه‌السلام فلمّا صرنا حيال قرية فوق المأصر (2) قال : هي هي حين قرب من الشطّ وصار على شفير الفرات ، ثمّ نزل فصلّى ركعتين ، ثمّ قال : أتدري أين ولد عيسى عليه‌السلام؟ قلت : لا.
    فقال : في هذا الموضع الذي أنا فيه جالس ، ثمّ قال : أتدري أين كانت النخلة؟ قلت : لا ، فمدّ يده خلفه ، فقال : في هذا المكان ، ثمّ قال : أتدري ما القرار؟ وما الماء المعين؟ قلت : لا ، قال : هذا هو الفرات.
    ثمّ قال : أتدري ما الربوة؟ قلت : لا ، فأشار بيده عن يمينه ، فقال : هذا هو الجبل إلى النجف.
    وقال : إنّ مريم عليها‌السلام ظهر حملها ، وكانت في واد فيه خمسمائة بكر يعبدون ، وقال : حملته سبع ساعات ، فلمّا ضربها الطلق خرجت من المحراب إلى بيت دير لهم ، فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ، فوضعته ، فحملته ، فذهبت به إلى
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 215 / 15 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 458.
    (2) المأصر كالمجلس : حبل يشدّ على الطريق تحبس به السفن أو السابلة لتؤخذ منهم العشور (الإفصاح 2 : 1013 ، ترتيب كتاب العين 1 : 87).

    قومها ، فلمّا رأوها فزعوا ، فاختلف فيه بنو إسرائيل ، فقال بعضهم : هو ابن الله ، وقال بعضهم : هو عبد الله ونبيّه ، وقالت اليهود : بل هو ابن الهنه (1) ويقال للنخلة التي أنزلت على مريم : العجوة (2)(3).
    [372 / 5] ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن أحمد بن خالد الكرخيّ ، عن الحسن ابن إبراهيم ، عن سليمان الجعفيّ ، قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : أتدري بما حملت مريم؟ قلت : لا ، قال : من تمر صرفان (4) أتاها به جبرئيل عليه‌السلام (5).
    [373 / 6] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن يزيد الكناسيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : كان عيسى حين تكلّم في المهد حجّة الله جلّت عظمته على أهل زمانه؟ قال : كان يومئذ نبيّا حجّة على زكريّا في تلك الحال ، وهو في المهد.
    وقال : كان في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم عليها‌السلام حين تكلّم وعبّر عنها ، ونبيّا وحجّة على من سمع كلامه في تلك الحال ، ثمّ صمت فما تكلّم حتّى مضت له سنتان ، وكان زكريّا عليه‌السلام الحجّة على الناس بعد صمت عيسى سنتين.
    __________________
    (1) الهن : فرج المرأة واللام محذوفة وهي الهاء وفي لغة واو ، فيعرب بالحروف فيقال : هنوها وهناها. (الإفصاح 1 : 91).
    (2) العجوة : نوع من أجود التمر يضرب لونه إلى السواد (مجمع البحرين 1 : 282).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 216 / 17.
    وورد قريب من ذيله في الأصول الستّة عشر : 34 : عن كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ، عن سلام ابن سعيد الجمحيّ ، قال : سأل عباد البصريّ أبا عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في مستدرك الوسائل 16 : 386 / 4.
    (4) صرفان : جنس من التمر ، ويقال : الصرفانة تمرة حمراء نحو البرنية وهي أرزن التمر كلّه (المصباح المنير : 338).
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 216 / 18 ومستدرك الوسائل 15 : 136 / 2 وج 16 : 388 / 1.
    ورواه البرقيّ في المحاسن 2 : 537 / 811 بتفاوت يسير : عن أبيه وبكر بن صالح ، عن سليمان الجعفريّ ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 63 : 138 / 48 ووسائل الشيعة 21 : 404 / 6.

    ثمّ مات زكريّا ، فورثه يحيى عليهما‌السلام الكتاب والحكمة وهو صبيّ صغير ، فلمّا بلغ عيسى عليه‌السلام سبع سنين تكلّم بالنبوّة حين أوحى الله تعالى إليه ، وكان عيسى الحجّة على يحيى وعلى الناس أجمعين.
    وليس تبقى الأرض يا أبا خالد ، (1) يوما واحدا بغير حجّة لله (2) على الناس منذ خلق الله آدم عليه‌السلام.
    قلت : أو كان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام حجّة من الله ورسوله إلى هذه الأمّة في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : نعم ، وكانت طاعته واجبة على الناس في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد وفاته ، ولكنّه صمت ولم يتكلّم مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت الطاعة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمّته وعلى عليّ معهم في حال حياة رسول الله ، وكان عليّ حكيما عالما (3).
    فصل
    [لا حاجة لعيسى عليه‌السلام للتعلّم]
    [374 / 7] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ، حدّثنا أحمد بن محمّد الهمدانيّ مولى بني هاشم ، حدّثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر ، حدّثنا كثير بن عيّاش القطّان ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن الباقر عليه‌السلام قال : لمّا ولد عيسى عليه‌السلام كان ابن يوم كأنّه ابن شهرين ، فلمّا كان ابن سبعة أشهر أخذته والدته وأقعدته عند المعلّم ، فقال المؤدّب : قل : بسم الله الرحمن الرحيم.
    __________________
    (1) كنية ليزيد الكناسيّ (منتهى المقال 7 : 52).
    (2) في «ص» «م» : (الله).
    (3) عنه وعن الكافي 1 : 382 / 1 في بحار الأنوار 14 : 255 / 51 بتفصيل أكثر ، واللفظ للكافي : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى .. إلى آخر السند في المتن وفي بحار الأنوار 18 : 278 باختصار عن الكافي.

    قال عيسى عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال المؤدّب : قل : أبجد ، فقال : يا مؤدّب ، ما أبجد؟ وإن كنت لا تدري فاسألني حتّى أفسّر لك ، قال : فسّره لي.
    فقال عيسى عليه‌السلام : الألف : آلاء الله ، والباء بهجة (1) الله ، والجيم جمال الله ، والدال دين الله. هوّز : الهاء هول (2) جهنّم ، والواو ويل لأهل النار ، والزاي زفير جهنّم. حطّي : حطّت الخطايا عن المذنبين المستغفرين.
    كلمن : كلام الله لا مبدّل لكلماته. سعفص : صاع بصاع ، والجزاء بالجزاء (3). قرشت : قرشهم فحشرهم.
    فقال المؤدّب : أيّتها المرأة لا حاجة له إلى التعليم (4).
    [شفاء المرضى وإحياء الموتى]
    [375 / 8] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد الحلبيّ (5) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان بين داود وعيسى عليهما‌السلام أربعمائة سنة وثمانون سنة ، وأنزل على عيسى في الإنجيل مواعظ وأمثال وحدود ، وليس فيها قصاص ولا أحكام حدود ولا فرض مواريث ، وأنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى عليه‌السلام في التوراة ، وهو قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه‌السلام أنّه قال لبني إسرائيل : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (بهاء).
    (2) قوله (هول) لم يرد في النسخ الأربع وأثبتناه من البحار.
    (3) في «ص» «م» : (والجز بالجز).
    (4) رواه الصدوق في التوحيد : 236 / 1 ، ومعاني الأخبار : 45 / 1 ، وفي معاني الأخبار : 694 / 1 بنفس السند وفيها تفاوت في المتن وعنها في بحار الأنوار 2 : 316 / 1 وج 14 : 286 / 8 ، وفي تفسير نور الثقلين 3 : 336 / 78 عن الأمالي.
    (5) في «ص» «م» : (الحسني).

    عَلَيْكُمْ)(1) وأمر عيسى عليه‌السلام من معه ممّن تبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة وشرايع جميع النبيّين والإنجيل (2).
    قال : ومكث عيسى عليه‌السلام حتّى بلغ سبع سنين أو ثمانيا ، فجعل يخبرهم بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم ، فأقام بين أظهرهم يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويعلّمهم التوراة ، وأنزل الله تعالى عليه الإنجيل لمّا أراد أن يتّخذ عليهم حجّة.
    وكان يبعث إلى الروم رجلا لا يداوي أحدا إلّا برئ من مرضه ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، حتّى ذكر ذلك لملكهم ، فأدخل عليه ، فقال : أتبرئ الأكمه والأبرص؟ قال : نعم ، قال : فأتى بغلام منخسف الحدقة لم ير شيئا قطّ ، فأخذ بندقتين فبندقهما ، ثمّ جعلهما في عينيه ودعا فإذا هو بصير ، فأقعده الملك معه وقال : كن معي ولا تخرج من مصري ، وأنزله معه بأفضل المنازل.
    ثمّ إنّ المسيح عليه‌السلام بعث آخر وعلّمه ما به يحيي الموتى ، فدخل الروم وقال : أنا أعلم من طبيب الملك ، فقالوا للملك ذلك ، قال : اقتلوه ، فقال الطبيب : لا تقتله أدخله ، فإن عرفت خطأه قتلته ولك الحجّة ، فأدخل عليه ، فقال : أنا أحيي الموتى ، فركب الملك والناس إلى قبر ابن الملك (3) مات في تلك الأيّام ، فدعا رسول المسيح عليه‌السلام وأمّن طبيب الملك الذي هو رسول المسيح عليه‌السلام أيضا الأوّل ، فانشقّ القبر فخرج ابن الملك ، ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه ، فقال : يا بنيّ ، من أحياك؟
    __________________
    (1) آل عمران : 50.
    (2) إلى هنا ورد في تفسير العيّاشيّ 1 : 175 / 52 باختلاف يسير عن محمّد الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 234 / 4 وتفسير الصافي 1 : 339 وتفسير نور الثقلين 1 : 344 / 151.
    (3) في البحار زيادة : (وكان قد).

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:07 pm

    قال : فنظر فقال : هذا وهذا ، فقاما فقالا : إنّا رسولا المسيح عليه‌السلام إليك ، وإنّك كنت لا تسمع من رسله إنّما تأمر بقتلهم إذا أتوك فتابع ، وأعظموا أمر المسيح عليه‌السلام حتّى قال فيه أعداء الله ما قالوا ، واليهود يكذّبونه ويريدون قتله (1).
    [376 / 9] ـ وسألوا عيسى عليه‌السلام أن يحيي سام بن نوح عليه‌السلام فأتى إلى قبره ، فقال : قم يا سام بإذن الله ، فانشقّ القبر ، ثمّ أعاد الكلام فتحرّك ، ثمّ أعاد الكلام فخرج سام ، فقال عيسى عليه‌السلام : أيّهما أحبّ إليك : تبقى أو تعود؟ قال : يا روح الله ، بل أعود ، إنّي لأجد لذعة الموت في جوفي إلى يومي هذا (2).
    فصل
    [نبيّ الله عيسى عليه‌السلام وشبهات إبليس]
    [377 / 10] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن عليّ ابن عتبة ، عن بريد القصرانيّ ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : صعد عيسى عليه‌السلام على جبل بالشام يقال له : أريحا ، فأتاه إبليس في صورة ملك فلسطين ، فقال له : يا روح الله ، أحييت الموتى وأبرأت الأكمه والأبرص ، فاطرح نفسك عن الجبل ، فقال عيسى عليه‌السلام : إنّ ذلك أذن لي فيه وهذا لم يؤذن لي فيه (3).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 251 / 43.
    (2) عنه وعن تفسير العيّاشيّ 1 : 174 / 50 في بحار الأنوار 14 : 233 / 2 واللفظ لتفسير العيّاشيّ ، وفيه : عن محمّد بن أبي عمير ، عمّن ذكره رفعه ، قال : إنّ أصحاب عيسى عليه‌السلام سألوه أن يحيي لهم ميّتا ، قال : فأتى بهم إلى قبر سام بن نوح ، فقال له .. إلى آخر الحديث وعنه تفسير الصافي 1 : 338 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 459 عن تفسير العيّاشيّ.
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 271 / 2 وج 60 : 252 / صدر الحديث 115 وانظر : قصص الأنبياء للجزائريّ : 464 و 465.

    [378 / 11] ـ وبإسناده عن الصفّار ، عن محمّد بن خالد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : جاء إبليس إلى عيسى عليه‌السلام ، فقال : أليس تزعم أنّك تحيي الموتى؟ قال عيسى عليه‌السلام : بلى ، قال إبليس : فاطرح نفسك من فوق الحائط. فقال عيسى عليه‌السلام : ويلك إنّ العبد لا يجرّب ربّه.
    وقال إبليس : يا عيسى ، هل يقدر ربّك على أن يدخل الأرض في بيضة والبيضة كهيئتها؟ فقال : إنّ الله عزوجل لا يوصف بعجز ، والذي قلت لا يكون.
    يعني : هو مستحيل في نفسه كجمع الضدّين (1)(2).
    [379 / 12] ـ وفي خبر آخر : أنّ إبليس قال لعيسى عليه‌السلام : أنت الّذي بلغ من عظم ربوبيّتك أن تكوّنت من غير أب؟ قال عيسى عليه‌السلام : بل العظمة للّذي كوّنني ، وكذلك كوّن آدم وحوّاء عليهما‌السلام.
    قال إبليس : أنت الذي بلغ من عظم ربوبيّتك أنّك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيكون طيرا؟! فقال عيسى عليه‌السلام : بل (3) العظمة للذي خلقني وخلق ما سخّر لي (4).
    __________________
    (1) الظاهر أنّ قوله : (يعني هو مستحيل في نفسه كجمع الضدّين) من كلام الشيخ الراونديّ.
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 271 / 3 وج 60 : 252 / ذيل الحديث 115 وانظر قصص الأنبياء للجزائريّ : 465 و 465.
    (3) في «ر» «س» «ص» : (إنّ) بدلا من : (بل).
    (4) رواه الصدوق في الأمالي : 272 / 1 بزيادة وتفصيل أكثر : عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ ، عن عليّ بن الحسين بن شاذويه المؤدّب ، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميريّ ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس .. وعنه في بحار الأنوار 14 :270 / 1 وج 60 : 239 / 83.
    وأورده ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 47 : 358 باختلاف وزيادة فيه.

    [380 / 13] ـ وفي رواية : أتت عيسى عليه‌السلام امرأة من كنعان بابن لها مزمن ، فقالت : يا نبيّ الله ، ابني هذا زمن ، ادع الله له ، قال : إنّما أمرت أن أبرئ زمنى بني إسرائيل ، قالت : يا روح الله ، إنّ الكلاب تنال من فضول موائد أربابها إذا رفعوا موائدهم ، فأنلنا من حكمتك ما ننتفع به ، فاستأذن الله تعالى في الدعاء فأذن له فأبرأه (1).
    فصل
    [علم النبوّة وضعف الصبا]
    [381 / 14] ـ وبإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سأل أبي أبا عبد الله عليه‌السلام : هل كان عيسى يصيبه ما يصيب ولد آدم؟ قال : نعم ، ولقد كان يصيبه وجع الكبار (2) في صغره ، ويصيبه وجع الصغار في كبره ويصيبه المرض ، وكان إذا مسّه وجع الخاصرة في صغره وهو من علل الكبار قال لأمّه : ابغي لي عسلا وشونيزا (3) وزيتا فتعجني به ، فأتته به فأكرهه فتقول : لم تكرهه وقد طلبته؟
    فقال : هاتيه ، نعتّه لك بعلم النبوّة ، وأكرهته لجزع الصبا ، ويشمّ الدواء ثمّ يشربه بعد ذلك (4).
    [382 / 15] ـ وفي رواية إسماعيل بن جابر ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ عيسى بن مريم عليه‌السلام كان يبكي بكاء شديدا ، فلمّا أعيت مريم عليها‌السلام كثرة بكائه قال لها : خذي من
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 253 / 45.
    (2) في النسخ الأربعة : (الكباد) والمثبت موافق للسياق وللبحار. وكذا في الموضع الآتي.
    (3) الشونيز والشونوز والشينيز : الحبّة السوداء ، وهي المعروفة بحبّة البركة (الإفصاح في فقه اللغة 1 : 546).
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 253 / 46 وج 59 : 170 / 4 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 463.

    لحا (1) هذه الشجرة فاجعلي وجورا (2) ثمّ اسقينيه فإذا سقي بكى بكاءا شديدا فتقول مريم عليها‌السلام : ماذا أمرتني؟
    فيقول : يا أمّاه ، علم النبوّة وضعف الصبا (3).
    [من آثار الصدقة]
    [383 / 16] ـ وبإسناده (*) عن ابن سنان ، عن أحمد بن أبي نصر ، عن أبي بصير ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إنّ عيسى عليه‌السلام مرّ بقوم مجلبين (4) ، فسأل عنهم ، فقيل : بنت فلان تهدى إلى فلان ، فقال : صاحبتهم ميتة من ليلتهم ، فلمّا كان من الغد قيل : إنّها حيّة يخرج بها الناس إلى دارها فخرج زوجها ، فقال له : سل زوجتك ما فعلت البارحة من الخير؟
    فقالت : ما فعلت شيئا إلّا أنّ سائلا كان يأتيني كلّ ليلة جمعة فيما مضى وأنّه جاءنا ليلتنا فهتف فلم يجب ، فقال : عزّ عليّ أنّها لا تسمع صوتي وعيالي يبقون الليلة جياعا ، فقمت مستنكرة فأنلته مقدار ما كنت أنيله فيما مضى.
    قال عيسى عليه‌السلام : تنحّي عن مجلسك ، فتنحّت ، فإذا تحت ثيابها أفعى عاضّ على
    __________________
    (1) اللحا : القشر الرقيق للشجرة (الإفصاح 2 : 1171).
    (2) الوجور والوجور بالفتح والضم : الدواء يوجر أي يصبّ في الفم (الإفصاح 1 : 542 ، ترتيب كتاب العين 3 : 1926).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 254 / 47 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 463.
    (*) كذا في النسخ ، ولم يوجد رواية ابن سنان عن ابن أبي نصر مع الفحص في غير هذا الموضع ، ورواه الصدوق في المجالس : 589 / 13 ، عن محمّد بن سنان المجاور عن أحمد بن نصر الطحّان .. كما سيأتي في الهامش (من إفادات السيّد الشبيري الزنجاني). وقد تقدّم الطريق إلى محمّد بن سنان كثيرا منها الرقم : (236) و (244).
    (4) الجلب : الصياح والصخب ، وفي مجمع البحرين 2 : 25 مجلبين من الجلبة ، وهي الضوضاء واختلاط الأصوات.

    ذنبه ، فقال : بما تصدّقت صرف عنك هذا (1).
    فصل
    [بشارة بالنبيّ الأميّ صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [384 / 17] ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن عيسى بن العبّاس ، عن محمّد بن عبد الكريم التفليسيّ ، عن عبد المؤمن بن محمّد رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أوحى الله جلّت عظمته إلى عيسى عليه‌السلام : جدّ في أمري ولا تترك ، إنّي خلقتك من غير فحل آية للعالمين ، أخبرهم آمنوا بي وبرسولي النبيّ الأمّيّ ، نسله من مباركة ، وهي مع أمّك في الجنّة ، طوبى لمن سمع كلامه وأدرك زمانه وشهد أيّامه.
    قال عيسى عليه‌السلام : يا ربّ ، وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنّة ، تحتها عين من شرب منها شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، قال عيسى عليه‌السلام : يا ربّ ، اسقني منها شربة ، قال : كلّا يا عيسى ، إنّ تلك العين محرّمة على الأنبياء حتّى يشرب منها (2) ذلك النبيّ ، وتلك الجنّة محرّمة على الأمم حتّى تدخلها أمّة ذلك النبيّ (3).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 324 / 37.
    ورواه الصدوق في الأمالي : 589 / 13 باختلاف : عن عليّ بن عيسى ، عن عليّ بن محمّد ماجيلويه ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان المجاور ، عن أحمد ابن نصر الطحّان ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 4 : 94 / 1 وج 14 : 244 وج 93 : 115 / 7 ووسائل الشيعة 9 : 388 / 7 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 461.
    (2) في «ر» «س» «ص» : (يشربها) بدلا من : (يشرب منها).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 323 / 34 وج 15 : 206 / 25.
    ورواه الصدوق في كمال الدين : 159 / 18 ، والأمالي : 345 / 10 وفيهما اختلاف في المتن مع تفصيل أكثر : عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ، عن أبي أحمد عبد العزيز بن يحيى بن ـ

    [مواعظ وأخلاق]
    [385 / 18] ـ وبإسناده (*) عن ابن سنان ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : قال عيسى بن مريم عليهما‌السلام لجبرئيل عليه‌السلام : متى قيام الساعة؟ فانتفض جبرئيل انتفاضة أغمي عليه منها ، فلمّا أفاق قال : يا روح الله ، ما المسؤول أعلم بها من السائل وله من في السماوات والأرض ، لا تأتيكم إلّا بغتة (1).
    [386 / 19] ـ وعن ابن سنان قال : قال الصادق عليه‌السلام : كان فيما أوحى الله تعالى جلّ ذكره إلى عيسى عليه‌السلام : (2) هب لي من عينيك الدموع ، ومن قلبك الخشية ، واكحل عينيك (3) بميل الحزن إذا ضحك البطّالون ، وقم على قبور الأموات ونادهم بالصوت
    __________________
    ـ أحمد بن عيسى الجلوديّ البصريّ ، عن محمّد بن عطيّة الشاميّ ، عن عبد الله بن عمرو بن سعيد البصريّ ، عن هشام بن جعفر ، عن حمّاد بن عبد الله بن سليمان ـ وكان قارئا للكتب ـ قال : قرأت في الإنجيل .. إلّا أنّ (محمّد بن عطيّة ، عن عبد الله بن عمرو بن سعيد البصريّ) لم يرد في الأمالي ، وعنهما في بحار الأنوار 16 : 144 / 1 وفي البحار ج 14 : 284 / 6 وحلية الأبرار للسيّد هاشم البحرانيّ 1 : 167 / 1 عن الأمالي.
    وأورده ابن كثير في قصص الأنبياء 2 : 417 ـ 419 بتفاوت مع تفصيل أكثر ، وزاد في آخره : (قال : يا عيسى ، أرفعك إليّ ، قال : ربّ ، ولم ترفعني؟ قال : أرفعك ثمّ أهبطك في آخر الزمان لترى من أمّة ذلك النبيّ العجائب ولتعينهم على قتال اللعين الدجّال ، أهبطك في وقت صلاة ، ثمّ لا تصلّي بهم لأنّها مرحومة ولا نبيّ بعد نبيّهم).
    وذكر نحوه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 3 : 397 وج 47 : 381.
    (*) المراد به الطريق المذكور برقم : (277) و (381) أو (314).
    (1) عنه في بحار الأنوار 6 : 312 / 11 وج 14 : 323 / 35 ، وفي ج 7 : 61 / 14 موضحا السند هكذا : عن ماجيلويه ، عن الكوفيّ ، عن أبي عبد الله الخيّاط ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام ...
    (2) في «ر» «س» زيادة : (يا عيسى).
    (3) في «ر» «س» : (عينك).

    الرفيع ، لعلّك تأخذ موعظتك منهم ، وقل : إنّي لاحق بهم في اللّاحقين (1).
    [387 / 20] ـ وقال الحواريّون لعيسى عليه‌السلام : يا معلّم الخير ، علّمنا أيّ الأشياء أشدّ؟ قال : أشدّ الأشياء غضب الله ، قالوا : فبما يتّقى غضب الله؟ قال : بأن لا تغضبوا ، قالوا : وما بدء (2) الغضب؟ قال : الكبر ، والتجبّر ، ومحقرة الناس (3).
    [388 / 21] ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : يقول : ما تدري ما يفجأك ، ما يمنعك أن (4) تستعدّ له قبل أن يغشاك (5).
    [389 / 22] ـ قال : وقال الحواريّون لعيسى عليه‌السلام : علّمنا ، قال : إنّ موسى عليه‌السلام أمركم
    __________________
    (1) رواه المفيد في الأمالي : 236 / 7 : عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام .. وعن المفيد الطوسي في الأمالي 12 : 15 بنفس السند والمجلسي في بحار الأنوار 14 : 320 / 24 وج 69 : 71 / 2. ورواه أيضا ابن فهد الحليّ في عدّة الداعي : 155 مرسلا وعنه في بحار الأنوار 90 : 305 قطعة من الحديث 1 ووسائل الشيعة 7 : 76 / 9.
    (2) في «ر» «س» «ص» : (بدو).
    (3) عنه في بحار الأنوار 14 : 323 / 35.
    ورواه الصدوق في الخصال : 6 / 17 : عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 287 / 9 وج 70 : 263 / 5 ووسائل الشيعة 15 : 362 / 15.
    ورواه الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين : 379 مرسلا عن الصادق عليه‌السلام ...
    (4) في جميع النسخ : (وما) بدلا من : (أن) ، وهو كما ترى.
    (5) ورد قريب منه في كتاب الزهد للحسين بن سعيد : 81 / 218 : عن فضالة ، عن إسماعيل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كان عيسى بن مريم عليه‌السلام يقول : هول لا تدري متى يلقاك ما يمنعك أن تستعدّ له قبل أن يفجأك .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 330 / 68 وج 68 : 267 / 15.
    وورد نحوه في عيون الحكم والمواعظ : 150 ، وبحار الأنوار 14 : 326 / 44 نقلا عن كتاب تنبيه الخواطر ونزهة الناظر.

    أن لا تحلفوا بالله كاذبين ، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله لا (1) كاذبين ولا صادقين (2).
    [390 / 23] ـ وقال عيسى عليه‌السلام ليحيى عليه‌السلام : إذا قيل فيك ما فيك فاعلم أنّه ذنب ذكّرته فاستغفر الله منه ، وإن قيل فيك ما ليس فيك فاعلم أنّها حسنة كتبت لك لم تتعب فيها (3).
    فصل
    [فرق عيسى عن يحيى عليهما‌السلام]
    [391 / 24] ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن الحسن بن عليّ ، عن الحسن بن الجهم ، عن الرضا عليه‌السلام قال : كان عيسى عليه‌السلام يبكي ويضحك ، وكان يحيى عليه‌السلام يبكي ولا يضحك ، وكان الذي يفعل عيسى عليه‌السلام أفضل. (4)
    __________________
    (1) قوله : (لا) لم يرد في «م» والكافي.
    (2) عنه في بحار الأنوار 101 : 280 / 14.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 5 : 542 / 7 بزيادة في أوّله وآخره : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي العبّاس الكوفيّ جميعا ، عن عمرو بن عثمان ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 331 / 71 ووسائل الشيعة 20 : 318 / 1.
    وفي الكافي 7 : 434 / 3 بزيادة في أوّله : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في وسائل الشيعة 23 : 197 / 2.
    وأورده ابن أبي جمهور في عوالي اللئالي 3 : 546 / 8 بزيادة في أوّله : عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ...
    (3) رواه الصدوق في الأمالي : 603 / ذيل الحديث 8 : عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن شريف بن سابق التفليسيّ ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 387 / ذيل الحديث 11 وج 68 : 415 / 37 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 470.
    (4) عنه في بحار الأنوار 14 : 188 / 41 وص 249 / 38 وج 73 : 60 / 11. ـ

    [إرشادات صحيّة]
    [392 / 25] ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة وإذا في أثمارهم (1) الدود ، فشكوا إليه ما بهم ، فقال : دواء هذا معكم ولستم تعلمون ، أنتم إذا غرستم الأشجار صببتم التراب ثمّ الماء ، وليس هكذا إنّما ينبغي أن تصبّوا الماء في أصول الشجر ثمّ التراب ، فاستأنفوا كما وصف ، فذهب عنهم ذلك (2).
    [393 / 26] ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة وفيها رجل وامرأة يتصايحان ، فقال : ما شأنكما؟ قال : يا نبيّ الله ، هذه امرأتي صالحة وليس بها بأس ، ولكنّي أحبّ فراقها ، فهي خلقة الوجه من غير كبر.
    قال عيسى عليه‌السلام : يا امرأة ، أتحبّين أن يعود ماء وجهك طريّا؟ قالت : نعم ، قال : إذا أكلت إيّاك أن تشبعي لأنّ الطعام إذا تكاثر على الصدر زاد في البدن فذهب ماء الوجه ، ففعلت ذلك فعاد وجهها طريّا (3).
    __________________
    ـ ورواه الكلينيّ في الكافي 2 : 665 / 20 بتقديم وتأخير مع زيادة في آخره : (من الذي كان يصنع يحيى عليه‌السلام) : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن الحسن بن الجهم ، عن إبراهيم بن مهزم ، عمّن ذكره ، عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 188 / 40 ووسائل الشيعة 12 : 112 / 2 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 452.
    (1) في البحار : (ثمارها).
    (2) رواه الصدوق في علل الشرائع 2 : 574 / 1 : عن أحمد بن محمّد بن عيسى العلويّ الحسينيّ ، عن محمّد بن أسباط ، عن أحمد بن محمّد بن زياد ، عن أبي الطيب أحمد بن محمّد ابن عبد الله ، عن عيسى بن جعفر العلويّ العمريّ ، عن آبائه ، عن عمر بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 321 / 27 وج 100 : 63 / 2 ووسائل الشيعة 19 : 32 / 1 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 470.
    (3) رواه الصدوق في علل الشرائع 2 : 497 / 1 بتفاوت يسير مع زيادة : عن أحمد بن محمّد بن ـ

    [394 / 27] ـ وبإسناده عن ابن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : لا تمزح فيذهب نورك ، ولا تكذب فيذهب بهاؤك ، وإيّاك وخصلتين : الضجر والكسل ، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حقّ ، وإن كسلت لم تؤدّ حقّا.
    قال : وكان المسيح عليه‌السلام يقول : من كثر همّه سقم بدنه ، ومن ساء خلقه عذّب نفسه ، ومن كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر كذبه ذهب بهاؤه ، ومن لاحى (1) الرجال ذهبت مروّته (2).
    __________________
    ـ عيسى العلويّ الحسينيّ ، عن محمّد بن إبراهيم بن أسباط ، عن أحمد بن زياد القطّان ، عن أبي الطيّب أحمد بن محمّد بن عبد الله ، عن عيسى بن جعفر العلويّ العمريّ ، عن آبائه ، عن عمر بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 320 / 26 وج 63 : 334 / 15 وج 100 : 258 / 8 ومستدرك الوسائل 16 : 217 / 9 وتفسير نور الثقلين 2 : 20 / 75 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 470.
    (1) جاء في ترتيب كتاب العين 3 : 1628 : اللحاء : الملامة واللعن والعذل.
    (2) عنه في بحار الأنوار 75 : 199 / 26.
    ورواه الصدوق في الأمالي : 636 / 3 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم ابن هاشم ، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، عن درست بن أبي منصور ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 69 : 192 / 8 وج 69 : 259 / 26 وفي ج 70 : 159 / 2 وج 73 : 58 / 2 صدر الحديث وفي ج 14 : 318 / 18 ذيل الحديث ووسائل الشيعة 12 : 113 / 5 بتمامه ، وفي مستدرك الوسائل 8 : 417 / 5 باختصار.
    وورد صدر الحديث في كتاب من لا يحضره الفقيه 4 : 355 / قطعة من الحديث 5762 بتفاوت يسير : عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد عن أبيه جميعا ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في السرائر 3 : 616 ووسائل الشيعة 16 : 22 / 2 ، ومكارم الأخلاق للطبرسيّ : 434 : عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وعنه في بحار الأنوار 74 : 48 / قطعة من الحديث 3.
    وورد ذيله في الأمالي للطوسيّ : 512 / 26 : عن جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن أبي الطيّب النعمان بن أحمد بن نعيم القاضي الواسطيّ ، عن محمّد بن شعبة بن خوان ، عن حفص بن عمر بن ميمون ـ

    [395 / 28] ـ وقال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : مرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة ، فإذا وجوههم صفر وعيونهم زرق ، فشكوا إليه ما بهم من العلل ، فقال : دواؤكم معكم ، أنتم إذا أكلتم اللحم طبختموه غير مغسول ، وليس يخرج شيء من الدنيا إلّا بجنابة ، فغسلوا بعد ذلك لحومهم ، فذهبت أمراضهم.
    ومرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة وإذا أهلها أسنانهم منتثرة ووجوههم منتفخة فشكوا إليه ، فقال : أنتم إذا نمتم تطبقون أفواهكم ، فتغلي الريح في الصدر حتّى تبلغ إلى الفم ولا يكون له مخرج ، فيرجع إلى أصول الأسنان فيفسدها ويفسد الوجه ، فإذا نمتم فافتحوا شفاهكم ، ففعلوا فذهب ذلك عنهم (1).
    فصل
    [رسل السيّد المسيح عليه‌السلام إلى أنطاكيّة]
    [396 / 29] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد ابن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إنّ عيسى عليه‌السلام لمّا أراد وداع أصحابه جمعهم ، وأمرهم بضعفاء الخلق ، ونهاهم عن الجبابرة ، فوجّه اثنين إلى أنطاكية ، فدخلا في يوم عيد لهم ، فوجداهم قد كشفوا عن الأصنام وهم يعبدونها ، فعجّلا عليهم بالتعنيف ، فشدّا بالحديد وطرحا في السجن ، فلمّا علم شمعون
    __________________
    ـ القرشيّ الإبلي ، عن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .. وفيه : (سقطت مروءته وذهبت كرامته) بدلا من : (ذهبت مروّته) .. وعنه في بحار الأنوار 69 : 326 / 4 وج 72 : 260 / 4 ووسائل الشيعة 12 : 240 / 8.
    (1) رواه الصدوق في علل الشرائع 2 : 575 / 1 بتفاوت يسير وبنفس السند المذكور في تخريج الحديث 26 من هذا الفصل .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 321 / 28 و 29 وج 59 : 161 / 6 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 470.

    بذلك أتى أنطاكية حتّى دخل عليهما في السجن ، وقال : ألم أنهكما عن الجبابرة.
    ثمّ خرج من عندهما وجلس مع الناس مع (1) الضعفاء ، فأقبل فطرح كلامه الشيء بعد الشيء ، فأقبل الضعيف يدفع (2) كلامه إلى من هو أقوى منه ، وأخفوا كلامه خفاءا شديدا ، فلم يزل يتراقى (3) الكلام حتّى انتهى إلى الملك ، فقال : منذ متى هذا الرجل في مملكتي؟ فقالوا : منذ شهرين ، فقال : عليّ به ، فأتوه به ، فلمّا نظر إليه وقعت عليه محبّته ، فقال : لا أجلس إلّا وهو معي.
    فرأى في منامه شيئا أفزعه ، فسأل شمعون عنه ، فأجاب بجواب حسن فرح به ، ثمّ ألقي عليه في المنام ما أهاله ، فأوّلها له بما ازداد به سرورا ، فلم يزل يحادثه حتّى استولى عليه.
    ثمّ قال : إنّ في حبسك رجلين عابا عليك؟ قال : نعم ، قال : فعليّ بهما ، فلمّا أتي بهما قال : ما إلهكما الذي تعبدان؟ قالا : الله ، قال : يسمعكما إذا سألتماه ويجيبكما إذا دعوتماه؟ قالا : نعم ، قال شمعون : فأنا أريد أن أستبرئ ذلك منكما ، قالا : قل ، قال : هل يشفي لكما الأبرص؟ قالا : نعم ، قال : فأتي بأبرص.
    فقال : سلاه أن يشفي هذا ، قال : فمسحاه فبرئ ، قال : وأنا أفعل مثل ما فعلتما ، قال : فأتي بآخر فمسحه شمعون فبرئ.
    قال : بقيت خصلة إن أجبتماني إليها آمنت بإلهكما ، قالا : وما هي؟ قال : ميّت تحييانه؟ قالا : نعم ، فأقبل على الملك وقال : ميّت يعنيك أمره؟ قال : نعم ابني ، قال : اذهب بنا إلى قبره ، فإنّهما قد أمكناك من أنفسهما ، فتوجّهوا إلى قبره ، فبسطا أيديهما فبسط شمعون يديه ، فما كان بأسرع من أن صدع القبر وقام الفتى ، فأقبل
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (من).
    (2) في «ر» «س» : (يرفع).
    (3) في «ر» : (يطرح في) بدلا من : (يتراقى).

    على أبيه ، فقال أبوه : ما حالك؟
    قال : كنت ميّتا ففزعت فزعة ، فإذا ثلاثة قيام بين يدي الله باسطوا أيديهم يدعون الله أن يحييني وهما هذان وهذا.
    فقال شمعون : أنا لإلهكما من المؤمنين ، فقال الملك : وأنا بالذي آمنت به يا شمعون من المؤمنين ، وقال وزراء الملك : ونحن بالذي آمن به سيّدنا من المؤمنين ، فلم يزل الضعيف يتبع القوي ، فلم يبق بأنطاكيّة أحد إلّا آمن به (1).
    فصل
    [استجابة دعاء عيسى عليه‌السلام]
    [397 / 30] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا حمزة بن محمّد العلويّ ، حدّثنا أحمد بن محمّد ، حدّثنا الحسن بن عليّ بن يوشع ، حدّثنا عليّ بن محمّد الحريريّ (2) ، حدّثنا حمزة بن يزيد ، عن عمر ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لمّا اجتمعت اليهود إلى عيسى عليه‌السلام ليقتلوه بزعمهم ، أتاه جبرئيل عليه‌السلام فغشاه بجناحه ، وطمح عيسى عليه‌السلام ببصره ، فإذا هو بكتاب في جناح جبرئيل عليه‌السلام : «اللهمّ إنّي أدعوك باسمك الواحد الأعزّ ، وأدعوك اللهمّ باسمك الصمد ، وأدعوك اللهمّ باسمك العظيم الوتر ، وأدعوك اللهمّ باسمك الكبير المتعال الذي ثبّت أركانك كلّها (3) أن تكشف عنّي ما أصبحت وأمسيت فيه» فلمّا دعا به عيسى عليه‌السلام أوحى الله تعالى إلى جبرئيل عليه‌السلام ارفعه إلى عندي.
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 14 : 252 / 44.
    ووردت هذه القصّة بنحو آخر في تفسير مجمع البيان 8 : 265 عن وهب بن منبّه.
    (2) في البحار : (الجريريّ).
    (3) في «ر» زيادة : (أن تصلّي على محمّد وآل محمّد و).

    ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطّلب ، سلوا ربّكم بهؤلاء الكلمات ، فو الذي نفسي بيده ما دعا بهنّ عبد بإخلاص ونيّة إلّا اهتزّ له العرش ، وإلّا قال الله لملائكته : اشهدوا أنّي قد استجبت له بهنّ وأعطيته سؤله في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ثمّ قال لأصحابه : سلوا بها ولا تستبطئوا الإجابة (1).
    فصل
    [قصّة خالد بن سنان العبسي]
    [398 / 31] ـ وبإسناده عن الصفّار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن عليّ ابن شجرة ، عن عمّه ، عن بشير النبّال ، عن الصادق عليه‌السلام قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس إذا امرأة أقبلت تمشي حتّى انتهت إليه ، فقال لها : مرحبا بابنة نبيّ ضيّعه قومه أخي خالد بن سنان العبسيّ.
    ثمّ قال : إنّ خالدا دعا قومه فأبوا أن يجيبوه ، وكانت نار تخرج في كلّ يوم فتأكل ما يليها من مواشيهم وما أدركت لهم ، فقال لقومه : أرأيتم إن رددتها عنكم أتؤمنون بي وتصدّقونني؟
    قالوا : نعم ، فاستقبلها فردّها بثوبه (2) حتّى أدخلها غارا (3) وهم ينظرون ، فدخل معها فمكث حتّى طال ذلك عليهم ، فقالوا : إنّا لنراها قد أكلته ، فخرج منها
    __________________
    (1) عنه في مهج الدعوات : 367 وبحار الأنوار 14 : 337 / 8 وج 92 : 175 ـ 176 وص 189 / 17 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 473 ـ 474.
    وأورده الخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد 11 : 378 / 6242 ، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 47 : 471 ـ 473 باختلاف.
    (2) في «ر» «س» «ص» : (بقوّة).
    (3) في «ر» : (في غار).

    فقال : أتجيبونني (1) وتؤمنون بي؟
    قالوا : نار خرجت ودخلت لوقت ، فأبوا أن يجيبوه ، فقال لهم : إنّي ميّت بعد كذا ، فإذا أنا متّ فادفنوني ، ثمّ دعوني أيّاما فانبشوني ، ثمّ سلوني أخبركم بما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، فلمّا كان الوقت جاء ما قال ، فقال بعضهم : لم نصدّقه حيّا نصدّقه ميّتا ، فتركوه ، وأنّه كان بين النبيّ وعيسى عليهما‌السلام ، ولم تكن بينهما فترة (2).
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» : (أتجيبوني).
    (2) عنه في بحار الأنوار 14 : 450 / 2.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 8 : 342 / 540 بتفاوت : عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه وأحمد بن محمّد الكوفيّ ، عن عليّ بن عمرو بن أيمن جميعا ، عن محسن بن أحمد بن معاذ ، عن أبان بن عثمان ، عن بشير النبّال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 14 : 448 / 1.
    وأورد الصدوق صدره في كمال الدين : 659 / 3 بهذا النحو : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الوليد الخزّاز والسنديّ بن محمّد البزّاز جميعا ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن بشير النبّال ، عن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق عليهما‌السلام قالا : «جاءت ابنة خالد بن سنان العبسيّ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها : مرحبا يا ابنة أخي ، وصافحها وأدناها وبسط لها رداءه ، ثمّ أجلسها إلى جنبه ، ثمّ قال : هذه ابنة نبيّ ضيّعه قومه خالد بن سنان العبسيّ ، وكان اسمها محياة ابنة خالد بن سنان» وعنه في بحار الأنوار 14 : 450 / 3.
    وقال الصدوق : دلّ الكتاب المنزل أنّ الله عزوجل بعث محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله على حين فترة من الرسل ، لا من الأنبياء والأوصياء ، ولكن قد كان بينه وبين عيسى عليهما‌السلام أنبياء وأئمّة مستورون خائفون ، منهم خالد بن سنان العبسيّ نبيّ لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر لتواطئ الأخبار بذلك عن الخاصّ والعامّ وشهرته عندهم ، وأنّ ابنته أدركت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودخلت عليه ، فقال النبيّ : هذه ابنة نبيّ ضيّعه قومه خالد بن سنان العبسيّ ، وكان بين مبعثه ومبعث نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسون سنة ، وهو خالد بن سنان بن بعيث بن مريطة بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس ، وساق الحديث.
    وكذا صرّح به الكثير في كتب العامّة ، كما في المستدرك للحاكم النيسابوريّ 2 : 598 ، والمصنّف لابن أبي شيبة 7 : 560 ، والمعجم الكبير للطبرانيّ 11 : 349 ، وكنز العمّال 12 : 149 / 39929.

    [أولوا العزم عليهم‌السلام]
    [399 / 32] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن (1) عليه‌السلام قال : إنّما سمّي أولوا العزم أولي العزم (2) لأنّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع ، وذلك أنّ كلّ نبيّ كان بعد نوح عليه‌السلام كان على شريعته ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم عليه‌السلام ، نبيّ كان في أيّام إبراهيم عليه‌السلام وبعده كان على شريعة إبراهيم عليه‌السلام إلى زمن موسى عليه‌السلام ، فكلّ نبيّ كان في زمن موسى عليه‌السلام وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه إلى أيّام عيسى عليه‌السلام.
    وكلّ نبيّ كان في أيّام عيسى عليه‌السلام وبعده كان على شريعة عيسى عليه‌السلام ومنهاجه وتابعا له إلى زمن نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فهؤلاء الخمسة أولوا العزم ، وهم أفضل الأنبياء ، وشريعة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تنسخ إلى يوم القيامة ، ولا نبيّ بعده إلى يوم القيامة ؛ فمن ادّعى بعده نبيّا فدمه مباح (3).
    [400 / 33] ـ وفي رواية سماعة بن مهران : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (4)(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)(5) قال : هم أصحاب الكتب ، إنّ نوحا جاء بشريعة ، إلى آخر الخبر (6).
    __________________
    (1) في البحار زيادة : (الرضا).
    (2) قوله : (أولي العزم) من البحار.
    (3) رواه الصدوق في علل الشرائع 1 : 122 / 2 ، وعيون أخبار الرضا عليه‌السلام 1 : 86 / 13 بنفس السند مع زيادة يسيرة في المتن ، وفي بحار الأنوار 11 : 35 / 31 عن علل الشرائع ، وفي الفصول المهمّة في أصول الأئمّة 1 : 428 / 3 وتفسير نور الثقلين 5 : 24 / 45 عن العيون.
    (4) في «ر» «س» زيادة : (قوله تعالى).
    (5) الأحقاف : 35.
    (6) عنه في بحار الأنوار 11 : 35 / 29. ـ

    فصل
    [أحاديث مختلفة في الأنبياء]
    [401 / 34] ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن جماعة ، عن علاء ، عن فضيل بن يسار ، عن الصادق عليه‌السلام قال : لم يبعث الله من العرب إلّا هودا وصالحا وشعيبا ومحمّدا صلوات الله عليهم (1)(2).
    [402 / 35] ـ وروي أنّهم (3) خمسة : وإسماعيل بن إبراهيم عليهما‌السلام منهم وقال : إنّ الوحي ينزل من عند الله عزوجل بالعربيّة ، فإذا أتى نبيّا من الأنبياء أتاه بلسان قومه (4).
    [403 / 36] ـ وقال : ما بعث الله تعالى نبيّا قطّ حتّى يسترعيه الغنم ، يعلّمه بذلك رعاية الناس وحقوقهم (5).
    __________________
    ـ ورواه البرقيّ في المحاسن 1 : 269 / 358 بتفصيل : عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 11 : 56 / 55 وج 65 : 326 / 2.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 2 : 17 / 2 بتفصيل : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 16 :353 / 38 وتفسير نور الثقلين 5 : 22 / 38.
    (1) من قوله : (قال : لم يبعث) إلى هنا لم يرد من «ص» «م».
    (2) عنه في بحار الأنوار 11 : 42 / 46.
    وورد مضمونه في الخصال : 524 / ضمن الحديث 13 ، ومعاني الأخبار : 333 / ضمن الحديث 1 وعنهما في بحار الأنوار 11 : 32 / ضمن الحديث 24 وج 74 : 71 / ضمن الحديث 1 ، تفسير مجمع البيان للطبرسيّ 10 : 332.
    وانظر : كنز العمّال 16 : 132 / ضمن الحديث 44158 ، وتفسير ابن كثير 1 : 599 ، والدرّ المنثور 2 : 246.
    (3) في «ر» «س» «ص» : (أنّه).
    (4) عنه في بحار الأنوار 11 : 42 / 47.
    (5) رواه الصدوق في علل الشرائع 1 : 32 / 2 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن ـ

    [404 / 37] ـ وعن ابن بابويه ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليّ بن أسباط ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول عن آبائه عليهم‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم يبق من أمثال الأنبياء المتقدّمين إلّا قولهم : إذا لم تستح فاصنع ما شئت (1).
    [405 / 38] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام : إنّ أشدّ الناس بلاءا الأنبياء ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الأمثل فالأمثل (2).
    __________________
    ـ عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن مروان بن مسلم ، عن عقبة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 11 : 64 / 7 ، وانظر قصص الأنبياء للجزائريّ : 11.
    (1) عنه وعن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام 1 : 61 / 207 في بحار الأنوار 68 : 333 / 8 بتفاوت يسير في المتن ، واللفظ للعيون : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ...
    وروى نحوه الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين : 460 : عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام .. وعنه في مستدرك الوسائل 8 : 466 / 20 مع زيادة في آخره : (وأنّها في بني أميّة).
    ونقل نحوه أيضا السيّد المرتضى في الأمالي 1 : 53 : عن أبي مسعود البدريّ.
    وانظر : مسند أحمد 4 : 121 وج 5 : 273 وص 383 بأسانيد مختلفة ، صحيح البخاري 4 : 152 وج 7 : 100 ، سنن ابن ماجة 2 : 1400 / 4183 ، السنن الكبرى 10 : 192 ، تاريخ بغداد 3 : 314 ـ 315.
    (2) عنه في بحار الأنوار 64 : 231 / 45 ومستدرك الوسائل 2 : 438 / 27.
    ورواه الكلينيّ في الكافي 2 : 252 / 1 : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، .. والباقي مثله وعنه في بحار الأنوار 64 : 200 / 3 ووسائل الشيعة 3 : 262 / 5 ، ورواه محمّد بن همّام الإسكافيّ في كتاب التمحيص : 4 ، عن الصادق عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 64 : 241 / 71 ، ورواه الطوسيّ في أماليه : 659 / 7 : عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم القزوينيّ ، عن أبي عبد الله محمّد ابن وهبان الهنائيّ البصريّ ، عن أحمد بن إبراهيم بن أحمد ، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفرانيّ ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير .. وعنه في بحار الأنوار 11 : 69 / 29 وج 64 : 231 / 46 ومستدرك الوسائل 2 : 438 / 27.

    [406 / 39] ـ وبإسناده عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن سنان ، عن محمّد بن مروان ، عن الباقر عليه‌السلام قال : إنّ نبيّا من الأنبياء عليهم‌السلام حمد الله بهذه المحامد ، فأوحى الله جلّت عظمته إليه : لقد شغلت (1) الكاتبين قال : اللهمّ لك الحمد كثيرا طيّبا مباركا فيه ، كما ينبغي لك أن تحمد ، وكما ينبغي لكرم وجهك وعزّ جلالك (2).
    [407 / 40] ـ وبإسناده عن محمّد بن سنان ، عن محمّد بن عطيّة ، قال : سمعت أبا عبد الله يقول : إنّ الله عزوجل أحبّ لأنبيائه (3) من الأعمال : الحرث والرعي لئلّا يكرهوا شيئا من قطر السماء ، ثمّ قال : صلّى بمكّة تسعمائة نبيّ (4).
    [408 / 41] ـ وعن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن الحسن بن يزيد النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن الصادق عليه‌السلام قال : أوحى الله تعالى إلى نبيّ من أنبيائه ، قل للمؤمنين : لا تلبسوا لباس أعدائي ، ولا تطعموا مطاعم أعدائي ، ولا تسلكوا مسالك أعدائي ، فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي (5).
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (أشغلت).
    (2) عنه في بحار الأنوار 90 : 212 / 13 ومستدرك الوسائل 5 : 401 / 7.
    ورواه الحميريّ في قرب الإسناد : 5 / 14 باختلاف في المتن : عن أبيه رضى الله عنه .. وعنه في بحار الأنوار 90 : 209 / قطعة من الحديث 1 ومستدرك الوسائل 5 : 400 / ذيل الحديث 6.
    (3) في «ر» «س» «ص» : (إلى أنبيائه).
    (4) عنه في بحار الأنوار 96 : 83 / 38 ومستدرك الوسائل 9 : 364 / 2 ذيل الحديث 2.
    وورد صدره في علل الشرائع للصدوق 1 : 32 / 1 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان .. والباقي مثله وعنه في بحار الأنوار 11 : 64 / 6 وج 100 : 65 / 8 ، وانظر قصص الأنبياء للجزائريّ : 11.
    (5) رواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه 1 : 252 / 770 : عن إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام .. ، وعلل الشرائع 2 : 348 / 6 : عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، ـ

    فصل
    [اخضرّت الخشبة اليابسة على يد نبيّ من الأنبياء]
    [409 / 42] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عيسى بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (1) ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن أسباط ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن زياد القطّان ، حدّثنا أبو الطيب أحمد ابن محمّد بن عبد الله ، حدّثنا عيسى بن جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ نبيّا من الأنبياء بعث إلى قومه ، فبقي فيهم أربعين سنة ، فلم يؤمنوا به.
    وكان لهم عيد في كنيسة لهم ، فأتبعهم النبيّ فقال لهم : آمنوا بالله ، قالوا : إن كنت نبيّا فادع الله عزوجل أن يجيئنا بطعام على ألوان ثيابنا ، وكانت ثيابهم صفراء فجاء بخشبة يابسة ، فدعا الله فاخضرّت وأينعت وجاءت بالمشمش حملا فأكلوه ،
    __________________
    ـ عن العبّاس بن معروف ، عن الحسين بن يزيد النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. ، وعيون أخبار الرضا عليه‌السلام 1 : 25 ـ 26 / قطعة من الحديث 51 بهذا السند : عن تميم بن عبد الله بن تميم القرشيّ ، عن أبيه ، عن أحمد بن الأنصاريّ ، عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام .. وعنها في وسائل الشيعة 4 : 385 / 8 وج 25 : 364 / ذيل الحديث 14.
    ورواه الطوسيّ في تهذيب الأحكام 6 : 172 / 10 بتفاوت يسير : عن محمّد بن الحسن ، عن الصفّار ، عن إبراهيم بن هشام ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام .. وعنه في وسائل الشيعة 15 : 146 / 1.
    وورد في الجعفريّات : 234 : عن محمّد ، عن موسى قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر ابن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام .. وعنه في مستدرك الوسائل 3 : 210 / 1 وج 11 : 119 / 1 وج 16 : 297 / 6.
    (1) سقط من سلسلة نسب هذا الرجل هنا من بعد عيسى بن أحمد : (بن عيسى بن عليّ بن الحسين ابن ...) (عرفانيان).

    فكلّ من أكل ونوى أن يسلم على يد ذلك النبيّ عليه‌السلام خرج ما في النوى من فيه حلوا ، وكلّ من نوى أن لا يؤمن خرج ما في جوف النوى مرّا (1).
    [410 / 43] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى ، حدّثنا محمّد بن هارون الصوفيّ ، حدّثنا عبيد الله (2) بن موسى الحبّال (3) الطبريّ ، حدّثنا محمّد بن الحسين الخشّاب ، حدّثنا محمّد بن محصن ، عن يونس بن ظبيان ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : إنّ الله تعالى أوحى إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل : إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس ، فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس بمنزلة الطير الواحد ، فإذا كان الليل آوى وحده واستوحش من الطير (4) واستأنس بربّه (5).
    والله الموفّق إلى سبيل الرشاد.
    __________________
    (1) رواه الصدوق في علل الشرائع 2 : 573 / 1 بنفس السند مع تفاوت يسير في المتن وعنه في بحار الأنوار 14 : 456 / 8 وج 63 : 190 / 3 وقصص الأنبياء للجزائريّ : 510.
    (2) في «ر» «س» : (عبد الله).
    (3) في النسخ : (الخبّاز) ، وما أثبتناه هو الصواب انظر : الحديث 127 من هذا الكتاب.
    (4) في «س» «ر» «ص» : (من الطيور).
    (5) عنه في بحار الأنوار 14 : 457 / 10 ومستدرك الوسائل 11 : 384 / 3.
    ورواه الصدوق في الأمالي : 265 / 5 بنفس السند والمتن مع زيادة وعنه في بحار الأنوار 67 : 108 / 1 ، وكذا رواه الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين : 432 عن الصادق عليه‌السلام ، وابن فهد الحلّيّ في عدّة الداعي : 218 وعنه في مستدرك الوسائل 3 : 463 / 5.

    الباب التّاسع عشر :
    في الدّلائل على نبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله
    من المعجزات ونحوها


    [رؤيا المؤبذان وتأويل سطيح]
    [411 / 1] ـ وبالإسناد الصحيح عن المخزوم بن هلال المخزوميّ ، عن أبيه ـ وقد أتى عليه مائة وخمسون سنة ـ قال : لمّا كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ارتجس أيوان كسرى ، فسقطت منه أربع عشرة شرفة (1) ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة ، ورأى المؤبذان (2) في النوم إبلا صعابا تقود (3) خيلا عرابا قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادها.
    فلمّا أصبح كسرى ، راعه ذلك وأفزعه ، وتصبّر عليه تشجّعا ، ثمّ رأى أن لا يدّخر ذلك عن أوليائه ووزرائه ومرازبه (4) ، فجمعهم وأخبرهم بما هاله ، فبينما هم كذلك إذا أتاهم خمود (5) نار فارس فقال المؤبذان : وأنا رأيت رؤيا ، وقصّ رؤياه في
    __________________
    (1) جاء في الإفصاح في فقه اللغة 1 : 562 : الشرفة ما يوضع على أعلى القصور والمدن.
    (2) المؤبذ : فقيه الفرس ، وحاكم المجوس ، وقيل : المؤبذان كقاضي القضاة للمسلمين ، والمؤبذ كالقاضي (النهاية في غريب الحديث 4 : 369).
    (3) في «ر» «س» : (يقود).
    (4) مرازبه : مفردها مرزبان بفتح الميم وقيل : بضمّها وإسكان الراء وفتح الزاء ، وهو الرئيس الفارس الشجاع المقدّم على القوم دون الملك (مجمع البحرين 4 : 191).
    (5) في «ر» «س» : (فبينا هم كذلك إذ أتاهم بخمود).

    الإبل ، فقال : أيّ شيء يكون هذا يا مؤبذان؟ قال : حدث يكون من ناحية العرب.
    فكتب عند ذلك كسرى إلى النعمان بن المنذر ملك العرب : أمّا بعد ، فوجّه إليّ برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه. فوجّه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن نفيلة الغسانيّ (1) ، فلمّا قدم عليه أخبره ما رأى ، فقال : علم ذلك عند خال لي يسكن مشارق الشام يقال له : سطيح ، فقال : اذهب إليه ، فاسأله وأتني بتأويل ما عنده ، فنهض عبد المسيح حتّى قدم على سطيح وقد أشفى على (2) الموت ، فسلّم عليه فلم يحر جوابا.
    ثمّ قال : عبد المسيح على جهل مسيح (3) أتى إلى سطيح ، وقد أوفى على الضريح بعثه ملك بني ساسان لارتجاس الايوان وخمود النيران ورؤيا المؤبذان : رأى إبلا صعابا تقود (4) خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فقال : يا (5) عبد المسيح ، إذا كثرت التلاوة ، وظهر صاحب الهراوة ، وفاض وادي السماوة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ، فليس الشام لسطيح شاما ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات ، وكلّ ما هو آت آت.
    ثمّ قضى سطيح مكانه ، فنهض عبد المسيح وقدم على كسرى وأخبره بما قال سطيح ، فقال : إلى أن يملك منّا أربعة عشر ملكا كانت أمور ، فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى إمارة عثمان (6).
    __________________
    (1) في البحار : (عمرو بن حيّان بن تغلبة الغسّانيّ).
    (2) أي : أشرف على (مجمع البحرين 2 : 526).
    (3) أراد بهذا القول : كيف زعمت بأنّك عبدا للمسيح حال كونك تجهله ولم تعرفه ولم تر أنّه بشّر بخاتم النبيّين صلى‌الله‌عليه‌وآله من العرب؟!
    (4) في «ر» «س» : (يقود).
    (5) كلمة : (فقال) من «م».
    (6) رواه الصدوق في كمال الدين : 191 / 38 باختلاف مع تفصيل أكثر : عن أحمد بن محمّد بن ـ

    [إخبار الإنجيل بنبوّة آخر الزمان]
    [412 / 2] ـ وذكر ابن بابويه في كتاب كمال الدين : أنّ في الإنجيل إنّي أنا الله الدائم الذي لا أزول ، صدّقوا النبيّ الأمّيّ صاحب الجمل والمدرعة ، الأكحل العينين ، الواضح الخدّين ، في وجهه نور كاللّؤلؤ وريح المسك ينفخ منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيّب الريح ، نكّاح النساء ، ذو النسل القليل ، إنّما نسله من مباركة ، لها بيت في الجنّة ، لا صخب فيه ولا نصب ، يكفلها في آخر الزمان كما كفّل زكريّا أمّك ، لها فرخان مستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الإسلام وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه وشهد أيّامه وسمع كلامه.
    فقال عيسى عليه‌السلام : يا ربّي ، وما طوبى؟
    قال : شجرة في الجنّة ، أنا غرستها بيدي ، تظلّ الأخيار ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم ، برده برد الكافور ، وطعمه طعم الزنجبيل ، من يشرب من تلك العين شربة لم يظمأ بعدها أبدا.
    فقال عيسى عليه‌السلام : اللهمّ اسقني منها. قال : حرام هي ـ يا عيسى ـ أن يشرب أحد
    __________________
    ـ رزمة القزوينيّ ، عن الحسن بن عليّ بن نصر بن منصور الطوسيّ ، عن عليّ بن حرب الموصليّ الطائيّ ، عن أبي أيّوب يعلى بن عمران من ولد جرير بن عبد الله ، عن مخزوم بن هانئ المخزوميّ ، عن أبيه ، وقد أتت له مائة وخمسون سنة .. وعنه في بحار الأنوار 15 : 263 / 14.
    وأخرجه المصنّف في الخرائج والجرائح 2 : 510 / 24.
    ورواه أبو نعيم الأصبهانيّ في دلائل النبوّة : 134 باختلاف : عن محمّد بن أبي طاهر الخرقيّ ، وعمر بن أحمد السمسار ، قالا : أنا أبو سعيد النقّاش ، أنا أبو الحسن محمّد بن محمود بن عبد الله المروزيّ ، عن أبي بكر عبد الله بن سليمان ، عن أبي سعيد. وأنا عبد الله بن حامد بن محمّد الفقيه ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد البزّار ، قالا : حدّثنا عليّ بن حرب الطائيّ ، عن يعلى بن النعمان البجليّ ، عن مخزوم بن هانئ ، عن أبيه ، وكانت له عشرون ومائة سنة قال ...
    وأورده ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 37 : 361 باختلاف.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:09 pm

    من النبيّين منها حتّى يشرب النبيّ الأمّيّ ، وعلى الأمم أن يشربوا منها حتّى تشرب أمّة ذلك النبيّ ، أرفعك إليّ ثمّ أهبطك آخر الزمان ، فترى من أمّة ذلك النبيّ العجائب ، ولتعينهم على اللعين الدجّال ، أهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم ، إنّهم أمّة مرحومة (1).
    فصل
    [رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسبحت اليهودي]
    [413 / 3] ـ وعن ابن بابويه بإسناده (2) عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن داود بن عليّ اليعقوبيّ ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يهوديّ يقال له : سبحت (3) ، فقال : يا محمّد ، أسألك عن ربّك ، فإن أجبتني عمّا أسألك عنه اتّبعتك وإلّا رجعت ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : سل عمّا شئت ، فقال : أين ربّك؟ قال : هو في كلّ مكان ، وليس هو في شيء من المكان محدود.
    قال : فكيف هو؟ قال : فكيف أصف ربّي بالكيف ، والكيف مخلوق ، والله لا يوصف بخلقه.
    قال : فمن أين تعلم أنّك نبيّ؟ قال : فما بقي حجر ولا مدر ولا غير ذلك إلّا قال
    __________________
    (1) كمال الدين : 159 / 18 ، والأمالي للصدوق : 345 / 10 بتفصيل أكثر : عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ، عن أبي أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلوديّ البصريّ بالبصرة ، عن محمّد بن عطيّة الشاميّ ، عن عبد الله بن عمرو بن سعيد البصريّ ، عن هشام بن جعفر ، عن حمّاد بن عبد الله بن سليمان ـ وكان قارئا للكتب ـ قال : قرأت في الإنجيل .. وعنهما في بحار الأنوار 16 : 144 / 1 ، وفي ج 14 : 284 / 6 والجواهر السنيّة : 112 وحلية الأبرار 1 : 167 / 1 عن الأمالي.
    وأورده ابن كثير في قصص الأنبياء 2 : 417 والسيرة النبويّة 1 : 330 والبداية والنهاية 2 : 92.
    (2) في النسخ : (وبإسناده عن ابن بابويه) والمثبت هو الصحيح ، وسيأتي في استخراجات الحديث طريق ابن بابويه إلى الحسن بن علي من كمال الدين.
    (3) في «س» : (سنخت) ، وفي «م» : (سبجت) ، والمثبت موافق للتوحيد.

    بلسان عربيّ مبين : يا سبحت إنّه رسول الله ، فقال سبحت : تالله ما رأيت كاليوم ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّك رسول الله (1).
    [414 / 4] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الفارابيّ (2) ، حدّثنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن رميح القسريّ ، حدّثنا أحمد بن جعفر العسليّ بقهستان (3) ، حدّثنا أحمد بن عليّ العلي ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ الخزاعيّ ، حدّثنا عبد الله بن جعفر (4) ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من الذي حضر سبحت اليهوديّ الفارسيّ ، وهو يكلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟
    فقال القوم : ما حضر منّا أحد.
    فقال عليّ عليه‌السلام : لكنّي كنت معه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد جاءه سبحت ، وكان رجلا من ملوك فارس وكان ذربا (5) ، فقال : يا محمّد ، أين الله؟ قال : هو في كلّ مكان ، وربّنا لا يوصف بمكان ولا يزول ، بل لم يزل بلا مكان ولا يزال ، قال : يا محمّد ، إنّك
    __________________
    (1) رواه الصدوق في التوحيد : 309 / 1 : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن عليّ ، عن داود بن عليّ اليعقوبيّ ، عن بعض أصحابنا ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. ، والصفّار في بصائر الدرجات : 521 / 1 : عن إبراهيم بن هاشم .. والباقي كما في التوحيد ، وعنهما في بحار الأنوار 3 : 332 / 36 و 37 وج 17 : 373 / 28 بتفاوت يسير.
    ورواه أيضا الكلينيّ في الكافي 1 : 94 / 9 : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليّ .. والباقي كما في التوحيد.
    (2) في التوحيد : 182 و 184 و 286 و 310 و 316 و 381 و 382 : (الفارسي العزائمي) ، وفي العيون 2 : 127 : (الفارسي الغرائمي).
    (3) قهستان : ناحية بخراسان بين هراة ونيسابور (اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير الجرزي 3 : 65).
    (4) في «ر» «س» زيادة : (الزهريّ).
    (5) أي : فصيحا.

    لتصف ربّا عليما عظيما بلا كيف ، فكيف لي أن أعلم أنّه أرسلك؟
    قال : فلم يبق بحضرتنا ذلك اليوم حجر ولا مدر ولا جبل ولا شجر إلّا قال مكانه : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وقلت له أيضا : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسوله.
    فقال : يا محمّد ، من هذا؟ قال : هو خير أهلي ، وأقرب الخلق منّي ، لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وروحه من روحي ، وهو الوزير منّي في حياتي ، والخليفة بعد وفاتي ، كما كان هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ؛ فاسمع له وأطع ، فإنّه على الحقّ ، ثمّ سمّاه عبد الله (1).
    فصل
    [نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله والرعي]
    [415 / 5] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن حامد ، حدّثنا أحمد ابن محمّد بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن يحيى أبو صالح ، حدّثنا الليث ، حدّثنا يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة أنّ جابر بن عبد الله قال : كنّا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمرّ الظهران (2) يرعى الكباش وأنّ رسول الله قال : عليكم بالأسود منه فإنّه أطيبه (3) ، قالوا : ترعى الغنم؟ قال : نعم ، وهل نبيّ إلّا رعاها (4).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 38 : 133 / 86.
    ورواه الصدوق في التوحيد : 310 / 2 بنفس السند تقريبا مع اختلاف وزيادة في المتن وعنه في بحار الأنوار 38 : 131 / 84 ونور البراهين للجزائريّ 2 : 164 / 2.
    (2) قال ياقوت الحمويّ في معجم البلدان 4 : 63 : الظهران واد قرب مكّة وعنده قرية يقال لها : مرّ ، تضاف إلى هذا الوادي فيقال : مرّ الظهران.
    (3) في «ر» «س» : (منها فإنّه لطيّبة).
    (4) عنه في بحار الأنوار 16 : 223 / 24.

    [416 / 6] ـ وعنه ، عن أبيه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، حدّثنا محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن محمّد ، عن سيف بن حاتم ، عن رجل من ولد عمّار يقال له : أبو لؤلؤة سمّاه عن آبائه قال : قال عمّار رضى الله عنه : كنت أرعى غنيمة أهلي ، وكان محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله يرعى أيضا ، فقلت : يا محمّد ، هل لك في فخّ؟ فإنّي تركتها روضة ترق (1).
    قال : نعم فجئتها من الغد وقد سبقني محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قائم يذود غنمه عن الروضة. قال : إنّي كنت واعدتك فكرهت أن أرعى قبلك (2).
    فصل
    [عليّ عليه‌السلام إلى اليمن]
    [417 / 7] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا عليّ بن حمّاد البغداديّ ، عن بشر بن عباد المريسيّ (3) ، حدّثنا يوسف بن يعقوب (4) بن إبراهيم ، عن أبي حنيفة ، عن عبد الرحمن السلمانيّ ، عن حنش (5) بن المعتمر ، عن عليّ عليه‌السلام قال : دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجّهني إلى اليمن لأصلح بينهم ، فقلت : يا رسول الله ، إنّهم قوم
    __________________
    ـ انظر : مسند أحمد 3 : 326 ، صحيح البخاريّ 4 : 130 وج 6 : 213 ، صحيح مسلم 6 : 125 ، البداية والنهاية 4 : 329 والسيرة النبويّة لابن كثير 3 : 545.
    (1) في «م» «ص» : (برق).
    (2) عنه في بحار الأنوار 16 : 224 / 25 وج 72 : 96 / 9.
    (3) في «ر» «س» : (المرنستيّ).
    (4) في الأمالي والبحار : (أبو يوسف يعقوب).
    (5) في «ر» «س» : (حبس) وفي «ص» : (حش) وفي «م» : (حسن) وفي الكلّ تصحيف ، والمثبت موافق لما في الطبقات الكبرى 6 : 225 وتهذيب التهذيب 3 : 51 وفيهما حنش بن المعتمر الكناني ويكنّى أبا المعتمر ، روى عن عليّ عليه‌السلام ، ذكره الشيخ الطوسي فيمن روى عن عليّ في رجاله : ص 62 وانظر : معجم رجال الحديث 7 : 321 الترجمة 4115.

    كثير ولهم سنّ وأنا شابّ حدث. فقال : يا عليّ ، إذا صرت بأعلى عقبة أفيق (1) ، فناد بأعلى صوتك : يا شجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمّد رسول الله يقرؤكم السلام.
    قال : فذهبت فلمّا صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن ، فإذا هم بأسرهم يقبلون نحوي شاهرون سلاحهم ، مسوون أسنّتهم ، مسلتون سيوفهم (2) فناديت بأعلى صوتي : يا شجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمّد رسول الله يقرؤكم السلام.
    قال : فلم يبق شجر ولا مدر ولا ثرى إلّا ارتجّ بصوت واحد : وعلى محمّد رسول الله السلام ، فاضطربت قوائم القوم ، وارتعدت ركبهم ، ووقع السلاح من أيديهم ، وأقبلوا إليّ مسرعين ، فأصلحت بينهم وانصرفت (3).
    [418 / 8] ـ وعنه ، عن عليّ بن أحمد بن موسى (4) ، حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله
    __________________
    (1) قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم 1 : 178 : أفيق بفتح أوّله وكسر ثانيه وبعده ياء وقاف قصر باليمن في بلاد عنس من مذحج ، قال الهمداني : وأفيق أيضا على مثل لفظه : قرية بالشام مشرفة على الأردن ، وعلى موضع يقال له : الأقحوانة.
    (2) في «ر» «س» : (متنكّبون قسيهم) بدلا من : (مسلتون سيوفهم).
    (3) رواه الصدوق في الأمالي : 293 / 1 وعنه في بحار الأنوار 17 : 371 / 23.
    ورواه الصفّار في بصائر الدرجات : 521 / 2 باختلاف في المتن : عن أحمد بن موسى ، عن أحمد ابن محمّد المعروف بغزال ، عن محمّد بن عمر الجرجانيّ ، يرفعه إلى عبد الرحمن بن أحمد السلمانيّ ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام .. وفي ص : 523 / 7 من المصدر نفسه أورد الحديث بسند مشابه لما قبله ، وهو هكذا : عن أحمد بن محمّد بن موسى ، عن محمّد بن أحمد مولى حريز بن زياد ، عن محمّد بن عمير الجرجانيّ ، عن رجل من أصحاب بشير المريسيّ ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، عن عبد الرحمن ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 17 : 372 / 24 وج 21 : 362 / 6 ، وأورده الحسن بن سليمان الحلّيّ في مختصر بصائر الدرجات لسعد ابن عبد الله : 14 وعنه في بحار الأنوار 41 : 252 / 11.
    وورد قريب منه في مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 2 : 13 : عن الحارث الأعور قال ...
    (4) في «ر» : (فصل ، حدّثنا عبد الرحمن بن أحمد بن موسى) ، وفي «س» : (وعنه ، حدّثنا عبد ـ

    الكوفيّ ، حدّثنا موسى بن عمران النخعيّ ، حدّثنا إبراهيم بن الحكم ، عن عمرو بن جبير ، عن أبيه ، عن الباقر عليه‌السلام قال : بعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا إلى اليمن ، فانفلت فرس لرجل من أهل اليمن فنفح (1) رجلا فقتله ، فأخذه أولياؤه (2) ورفعوه إلى عليّ ، فأقام صاحب الفرس البيّنة أنّ الفرس انفلت من داره فنفح الرجل برجله ، فأبطل عليّ عليه‌السلام دم الرجل ، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يشكون عليّا فيما حكم عليهم ، فقالوا : إنّ عليّا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا.
    فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ عليّا عليه‌السلام ليس بظلّام ولم يخلق عليّ للظلم ، وإنّ الولاية من بعدي لعليّ ، والحكم حكمه ، والقول قوله ، لا يردّ حكمه وقوله وولايته إلّا كافر ، ولا يرضى بحكمه وولايته إلّا مؤمن.
    فلمّا سمع الناس قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : يا رسول الله ، رضينا بقول عليّ عليه‌السلام وحكمه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو توبتكم ممّا قلتم (3).
    فصل
    [كلام الجمادات والنباتات والحيوانات معه صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [419 / 9] ـ وعنه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن
    __________________
    ـ الرحمن بن أحمد بن موسى) ، وفي «ص» : (وعنه حدّثنا عبد الرحمن عليّ بن أحمد بن موسى) وفي البحار : (الصدوق عن ابن موسى) بدلا من : (وعنه عن عليّ بن أحمد بن موسى) ، والصواب ما صحّحنا به السند عن البحار والأمالي.
    (1) نفح أي : ضربه الفرس برجله.
    (2) في «ر» «س» : (أولياء المقتول).
    (3) عنه في بحار الأنوار 21 : 362 / 5 وج 101 : 400 / 1 ومستدرك الوسائل 18 : 322 / 2.
    ورواه الصدوق في الأمالي : 428 / 7 .. وعنه في بحار الأنوار 38 : 101 / 22 وج 101 : 389 / 19 ومستدرك الوسائل 18 : 322 / 1. ورواه القاضي النعمان في دعائم الإسلام 2 : 425 / 478 باختلاف في بعض ألفاظه : عن عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ...

    عبد الجبّار ، حدّثنا جعفر بن محمّد الكوفيّ ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لمّا انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الركن الغربيّ فجازه ، فقال له الركن : يا رسول الله ، ألست قعيدا من قواعد بيت ربّك فما بالي لا أستلم؟ فدنا منه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : اسكن عليك السلام غير مهجور (1).
    ودخل حائطا ، فنادته العراجين (2) من كلّ جانب : السلام عليك يا رسول الله ، وكلّ واحد منها يقول : خذ منّي ، فأكل ، ودنا من العجوة (3) فسجدت ، فقال : اللهمّ بارك عليها وانفع بها ، فمن ثمّ روي أنّ العجوة من الجنّة.
    وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي لأعرف حجرا بمكّة كان يسلّم عليّ قبل أن أبعث ، إنّي لأعرفه الآن.
    ولم يكن صلى‌الله‌عليه‌وآله يمرّ (4) في طريق يتبعه أحد إلّا عرف أنّه سلكه من طيب عرفه (5) ، ولم يكن يمرّ بحجر ولا شجر إلّا سجد له (6).
    [420 / 10] ـ وقال سعد : حدّثنا الحسن بن محمّد الخشّاب ، عن عليّ بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير الهاشميّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم قاعدا إذ مرّ به بعير فبرك بين يديه ورغا (7) ، فقال عمر : يا رسول الله ، أيسجد لك هذا الجمل؟ فإن سجد لك فنحن أحقّ (Cool أن نفعل.
    __________________
    (1) إلى هنا عنه في بحار الأنوار 17 : 367 ح 16 ، وورد في الخرائج والجرائح 2 : 494 / 7 ، ومختصر بصائر الدرجات 15 ، وفي طبعة أخرى : 97 ، ذيل تاريخ بغداد 2 : 31.
    (2) الحائط : البستان ، والعرجون : ما يحمل التمر ، جمعه : عراجين.
    (3) العجوة : ضرب من التمر.
    (4) قوله : (يمرّ) لم ترد في النسخ الأربعة وأثبتناها عن البحار.
    (5) العرف : الريح ، ولعلّه : (عرقه).
    (6) عنه في بحار الأنوار 17 : 367 / 16 ، وورد في الخرائج والجرائح 2 : 494 / 8.
    (7) رغا البعير : صوّت وضجّ.
    (Cool في «ر» «س» : (أولى) بدلا من : (أحقّ).

    فقال : لا بل اسجد (1) لله ، والله إنّ هذا الجمل يشكو أربابه ويزعم أنّهم أنتجوه صغيرا واعتملوه فلمّا كبر وصار أعون (2) كبيرا ضعيفا أرادوا نحره ، ولو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
    ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ثلاثة من البهائم أنطقهنّ الله تعالى على عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : الجمل وكلامه الذي سمعت.
    والذئب فجاء إلى النبيّ فشكا إليه الجوع فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحاب الغنم فقال : افرضوا للذئب شيئا فشحّوا ، فذهب ثمّ عاد إليه الثانية فشكا الجوع فدعاهم فشحّوا ، ثمّ جاء الثالثة فشكا الجوع فدعاهم فشحّوا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اختلس ، ولو أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرض للذئب شيئا ما زاد الذئب عليه شيئا حتّى تقوم الساعة.
    وأمّا البقرة فإنّها آذنت بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ودلّت عليه ، وكانت في نخل لبني سالم من الأنصار ، فقالت : يا ذريح ، عمل نجيح (3) ، صائح يصيح ، بلسان عربيّ فصيح ، بأن لا إله إلّا الله ربّ العالمين ، ومحمّد رسول الله سيّد النبيّين ، وعليّ وصيّه سيّد الوصيّين (4).
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» : (اسجدوا).
    (2) جاء في مفردات الراغب : 354 : العوان المتوسّط بين الستّين ، وجعل كناية عن المسنّة من النساء ، والمراد هنا كبر السنّ. وقال العلّامة المجلسي في البحار 17 : 399 : أعون : لعلّه مأخوذ من العوان وهو النصف من كلّ حيوان ، ومن البقر والخيل التي نتجت بعد بطنها البكر ، والمتعاونة : الطاعنة في السنّ ، وفي بعض النسخ بالواو والراء ، وهو الذي ذهب حسّ إحدى عينيه.
    (3) قال العلّامة المجلسي في البحار 17 : 399 : قولها : عمل نجيح خبر مبتدأ محذوف ، أي ما أدلّكم عليه عمل يوجب النجح والظفر بالمطلوب ، والنجيح : الصواب من الرأي.
    (4) عنه وعن الاختصاص للمفيد : 296 في بحار الأنوار 17 : 398 / 11 وفي ج 100 : 247 / 29 (قطعة منه) وفي مستدرك الوسائل 4 : 479 / 5 إلى قوله : (تسجد لزوجها). ورواه الصفّار في بصائر ـ

    [421 / 11] ـ وقال الصادق عليه‌السلام : إنّ الذئاب جاءت إلى النبيّ تطلب أرزاقها ، فقال لأصحاب الغنم : إن شئتم صالحتها على شيء تخرجونه (1) إليها ، ولا ترزأ (2) من أموالكم شيئا ، وإن شئتم تركتموها تعدو ، وعليكم حفظ أموالكم ، قالوا : بل نتركها كما هي تصيب منّا ما أصابت ونمنعها ما استطعنا (3).
    [422 / 12] ـ وقال سعد : حدّثنا عليّ بن محمّد الحجّال ، حدّثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤيّ ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن ثابت ، عن جابر (4) قال : كنّا عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل بعير حتّى برك بين يديه ورغا وسالت دموعه ، فقال : لمن هذا البعير؟ قالوا : لفلان ، قال : هاتوه ، فجاء فقال له : إنّ بعيركم هذا زعم أنّه ربّا صغيركم وكدّ على كبيركم ثمّ أردتم أن تنحروه ، فقالوا : يا رسول الله ، لنا وليمة فأردنا أن ننحره (5).
    قال : فدعوه لي ، فتركوه فأعتقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يأتي دور الأنصار مثل السائل يشرف على الحجر ، فكان العواتق يجبين (6) له العلف حتّى يجيء فيقلن :
    __________________
    ـ الدرجات : 371 / 13 باختلاف في بعض ألفاظه : عن أحمد بن موسى الخشّاب ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 27 : 265 / 14.
    (1) في «ر» «س» «ص» والبحار : (تخرجوه).
    (2) ترزأ : تصيب كما في المصباح المنير : 226.
    (3) رواه الصفّار في بصائر الدرجات : 368 / 3 وفيه : (يتزرأ) بدلا من (ترزأ) : عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. ، والمفيد في الاختصاص : 295 : عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن الحسين بن فضّال ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال .. إلى آخر السند في البصائر وعنهما في بحار الأنوار 17 : 399 / 12 وفي ج 61 : 37 / 15 عن الاختصاص.
    (4) في البحار : (عن عديّ بن ثابت ، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ).
    (5) في «ر» «س» زيادة : (فيها).
    (6) في ترتيب كتاب العين 2 : 1134 : جارية عاتق : شابة أوّل ما أدركت.

    عتيق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمن حتّى تضايق فامتلأ جلده (1).
    فصل
    [استجابة الجبل له صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [423 / 13] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن القاسم الأستر آباديّ ، حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليّ عليهما‌السلام في قوله تعالى جلّت عظمته : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)(2) قال : يقول الله : يبست من الخير قلوبكم معاشر اليهود في زمان موسى صلوات الله عليه ، ومن الآيات و (3) المعجزات التي شاهدتموها من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فهي كالحجارة اليابسة لا ترشح رطوبة (4) ، أي : أنّكم لا حقّ لله تؤدّون ، ولا مكروبا تغيثون ، ولا بشيء من الإنسانيّة تعاشرون وتعاملون ، (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) أبهم على السامعين ولم يبيّن لهم ، كما يقول القائل : أكلت خبزا أو لحما ، وهو لا يريد به أنّي لا أدري ما أكلت ، بل يريد به أن يبهم على السامعين ، حتّى لا يعلم ماذا أكل وإن كان يعلم أنّه قد أكل أيّهما.
    (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ)(5) فتجيء بالخيرات والغياث لبني آدم ، (وَإِنَّ مِنْها) أي من الحجارة ما يشقق فيقطر منه الماء دون الأنهار ، وقلوبكم
    __________________
    (1) رواه الصفّار في بصائر الدرجات : 368 ، والمفيد في الاختصاص : 295 بنفس السند مع تفاوت يسير في المتن وعنهما في بحار الأنوار 17 : 401 / 15.
    (2) البقرة : 74.
    (3) قوله : (و) لم يرد في «ر» «س» «ص».
    (4) في «ر» «س» «ص» : (برطوبة).
    (5) البقرة : 74 ، وفي «ر» «س» زيادة : (أي : قلوبكم في القساوة بحيث لا يجيء منها خيرا ـ يا يهود ـ وفي الحجارة ما يتفجّر منه الأنهار).

    لا يجيء منها الكثير من الخير ولا القليل ، ومن الحجارة إن أقسم عليها باسم الله تهبط ، وليس في قلوبكم شيء منه.
    فقالوا : يا محمّد ، زعمت أنّ الحجارة ألين من قلوبنا ، وهذه الجبال بحضرتنا ، فاستشهدها على تصديقك ، فإن نطقت بتصديقك فأنت المحق ، فخرجوا إلى أوعر جبل ، فقالوا : استشهده.
    فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أسألك بجاه محمّد وآله الطيّبين الذين بذكر أسمائهم خفّف الله العرش على كواهل ثمانية من ملائكته بعد أن لم يقدروا على تحريكه ، فتحرّك الجبل وفاض الماء ، ونادى : أشهد أنّك رسول ربّ العالمين ، وأنّ هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة.
    فقالت اليهود : أعلينا تلبّس؟ أجلست أصحابك خلف هذا الجبل ينطقون بمثل هذا ، فإن كنت صادقا فتنحّ عن موضعك إلى ذي القرار ، ومر هذا الجبل يسير إليك ، ومره أن يتقطّع نصفين ترتفع السفلى وتنخفض العليا ، فأشار صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى حجر فتدحرج ، ثمّ قال لمخاطبه : خذه وقرّبه ، فسيعيد عليك ما سمعت ، فإنّ هذا من ذلك الجبل ، فأخذه الرجل فأدناه إلى أذنه فنطق الحجر مثل ما نطق به الجبل قال : فأتني بما اقترحت.
    فتباعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى فضاء واسع ، ثمّ نادى : أيّها الجبل ، بحقّ محمّد وآله الطيّبين لمّا اقتلعت من مكانك بإذن الله تعالى وجئت إلى حضرتي ، فتزلزل (1) الجبل وصار كالفرس الهملاج (2) ونادى : ها أنا سامع ومطيع ، مرني ، فقال : هؤلاء اقترحوا عليّ أن آمرك أن تتقطّع من أصلك فتصير نصفين ، ثمّ ينحط أعلاك ويرتفع أسفلك ، فتقطّع نصفين وارتفع أسفله وصار فرعه أصله.
    __________________
    (1) في «ص» «م» : (فنزل).
    (2) دابّة هملاج : حسنة السير في سرعة وبخترة في المذكّر والمؤنّث سواء.


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:10 pm


    ثمّ نادى الجبل : معاشر اليهود ، أهذا الذي ترون دون معجزات موسى عليه‌السلام الذي تزعمون أنّكم به تؤمنون؟ فقال رجل منهم : هذا رجل مبخوت تتأتّى له العجائب ، فنادى الجبل : يا أعداء الله ، أبطلتم بما تقولون نبوّة موسى ، هلّا قلتم لموسى : إنّ وقوف الجبل فوقهم كالظلّة؟ لأنّ جدّك (1) يأتيك بالعجائب. ولزمتهم الحجّة وما أسلموا (2).
    فصل
    [ردّ الشمس لعليّ عليه‌السلام]
    [424 / 14] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل ، حدّثنا إبراهيم ابن محمّد بن سفيان ، حدّثنا عليّ بن سلمة الليفيّ ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل يعني ابن أبي فديك ، حدّثنا محمّد بن موسى بن أبي عبد الله ، عن عون بن محمّد ابن عليّ بن أبي طالب ، عن أمّه أمّ جعفر ، عن جدّتها أسماء بنت عميس قالت : كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة حنين ، فبعث عليّا عليه‌السلام في حاجة ، فرجع وقد صلّى رسول الله صلاة (3) العصر ولم يصلّ عليّ ، فوضع رأسه في حجر عليّ حتّى غربت الشمس ، فلمّا استيقظ قال عليّ : إنّي لم أكن صلّيت العصر.
    فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهمّ (4) إنّ عبدك عليّا حبس نفسه على نبيّك فردّ له الشمس ، فطلعت الشمس حتّى ارتفعت على الحيطان والأرض حتّى صلّى أمير المؤمنين عليه‌السلام ،
    __________________
    (1) أي : لأنّ بختك وحظّك ورزقك يأتيك بالعجائب (انظر : تاج العروس 13 : 62).
    (2) ورد الحديث في تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : 283 / 141 مع اختلاف وتفصيل وعنه في بحار الأنوار 9 : 312 / 11 وج 17 : 335 / 16 وج 67 : 161 / 18.
    ورواه بنحو آخر الطبرسيّ في الاحتجاج 1 : 50 ، عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليه‌السلام.
    (3) قوله : (صلاة) لم يرد في «ص» «م».
    (4) قوله : (اللهمّ) لم يرد في «ر» «س» «ص».

    ثمّ غربت الشمس ، فقالت أسماء : وذلك بالصهباء (1) في غزوة حنين ، وإنّ عليّا لعلّه صلّى إيماءا قبل ذلك أيضا (2).
    فقال حسّان بن ثابت :
    إنّ عليّ بن أبي طالب
    ردّت عليه الشمس في المغرب

    ردّت عليه الشمس في ضوئها
    عصرا كأنّ الشمس لم تغرب (3)

    __________________
    (1) الصهباء أو الصهياء : موضع بقرب خيبر.
    (2) نقله العلّامة المجلسيّ في بحار الأنوار 41 : 167 / 2 عن أمالي الصدوق وقصص الأنبياء للراونديّ ، وهو سهو من قلمه الشريف ؛ لأنّ الحديث ورد في علل الشرائع 2 : 351 / 3 ولم أعثر عليه في كتاب الأمالي ، والسند في العلل هكذا : عن أحمد بن الحسن القطّان ، عن أبي الحسن محمّد بن صالح ، عن عمر ابن خالد المخزوميّ ، عن ابن نباتة ، عن محمّد بن موسى ، عن عمارة بن مهاجر ، عن أمّ جعفر وأمّ محمّد بنتي محمّد بن جعفر ، عن أسماء بنت عميس ، قالت .. وفي متنه اختلاف مع تقديم وتأخير.
    وروى مضمونه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه 1 : 203 / 609.
    ورواه محمّد بن سليمان الكوفيّ في مناقب أمير المؤمنين 2 : 517 / 1022 باختلاف : عن محمّد ابن سليمان ، عن أبي سعيد محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن أحمد بن الحسين الهارونيّ ، عن يعقوب بن سفيان ، عن محمّد بن رافع النيسابوريّ ، عن ابن أبي فديك ، عن محمّد بن موسى ، عن عون ، عن أمّه ، عن أسماء قالت : ...
    (3) لو كان هذان البيتان لحسّان لجاء ذكرها في البحار وفي كتب المناقب منها مناقب ابن شهر آشوب عند تعرّضه لتقاريض الشعر عن الشعراء المعروفين في حديث ردّ الشمس ولذكرهما العلّامة الأميني (أمين تراث الكرامات للعترة الطاهرة) عند تفرّسه وإعمال باعه لتعرّض هذه الكرامة الباهرة في موسوعته «كتاب الغدير» حيث دافع عن صحّة الواقعة وأثبت وقوعها بكلام جامع مانع قامع في الجزء 3 : 29 و 75 و 126 و 141 وأورد عند تعرّضه لغديريّة حسّان بن ثابت أبياتا عن ديوانه الذي رآه وصفحه في الجزء 2 : 34 ـ 65 وادّعى تغييره ونقصانه بلعب بعض الأيادي اللاعبة فالحدس القويّ يقتضي الذهاب إلى إمكان أنّ الشيخ الراوندي اشتبه عليه النسبة فكانا للحميريّ أو ابن حمّاد أو أمثالهما فنسبهما إلى حسّان والذي يؤكّد ما ذكرناه ـ

    [425 / 15] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا موسى بن جعفر البغداديّ ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطيّ ، قال : دخل الصادق مسجد الفضيخ ، فقال لي : يا عمّار ، ترى هذه الوهدة (1)؟ قلت : نعم ، قال : كانت امرأة جعفر بن أبي طالب التي خلّف عليها أمير المؤمنين عليه‌السلام قاعدة في هذا الموضع ومعها ابنتها من جعفر ، فبكت ، فقالت لها ابنتها : ما يبكيك يا أمّاه؟ قالت : بكيت لأمير المؤمنين إذ وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا المسجد رأسه في حجره حتّى خفق فغطّ ، فانتبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا عليّ ، ما صلّيت صلاة العصر؟
    فقال له : كرهت أن أوذيك فأحرّك رأسك عن فخذي ، فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يديه وقال : اللهمّ ردّ الشمس إلى وقتها حتّى يصلّي عليّ ، فرجعت الشمس حتّى صلّى العصر ، ثمّ انقضت انقضاض الكواكب (2).
    __________________
    ـ أنّهما لو كانا له لورد في ديوانه المطبوع اللهمّ إلّا أن يدّعي أنّهما حذفا منه بلعب بعض اللاعبين.
    نعم الحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفيّ المتوفىّ 1294 ه‍ بعد ذكر الواقعة في ينابيع المودّة الباب 47 ص 138 من طبعة 1385 نسب إلى حسّان بيتين آخرين في نفس المعنى فإنّه قال : فأنشأ حسّان بن ثابت :
    يا قوم من مثل عليّ وقد
    ردّت عليه الشمس من غائب

    أخو رسول الله وصهره
    والأخ لا يعدل بالصاحب

    ولكن نسب ابن شهر آشوب المتوفّى 588 ه‍ البيتين مع فرق ما بإضافة بيت آخر إلى صاحب بن عبّاد فذكر في مناقبه الجزء 2 : 317 بعد ذكر القضيّة : وسئل الصاحب أن ينشد في ذلك فأنشد :
    لا تقبل التوبة من تائب
    إلّا بحبّ ابن أبي طالب

    أخي رسول الله بل صهره
    والصهر لا يعدل بالصاحب

    يا قوم من مثل عليّ وقد
    ردّت عليه الشمس من غائب

    (غلام رضا عرفانيان).
    (1) قال في الصحاح 2 : 554 : الوهدة : المكان المطمئن ، والجمع وهد ووهاد ومثله في معجم مقاييس اللغة 6 : 147.
    (2) عنه وعن الكافي 4 : 561 / 7 في بحار الأنوار 41 : 182 / 19 باختلاف يسير مع تفصيل أكثر ـ

    [426 / 16] ـ وعن أسماء بنت عميس قالت : لمّا ردّت الشمس على عليّ بالصهباء ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما إنّها ستردّ لك بعدي حجّة على من خالفك (1).
    [427 / 17] ـ وقال سعد بن عبد الله : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، حدّثنا الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن عبد الله القروي (2) ، عن الحسين بن المختار القلانسيّ ، عن أبي بصير ، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاريّ ، عن أمّ المقدام الثقفيّة قالت : قال لي جويريّة بن مسهّر : قطعنا مع أمير المؤمنين عليه‌السلام جسر الفرات في وقت العصر ، فقال : هذه أرض لا ينبغي لنبيّ ولا وصيّ نبيّ أن يصلّي فيها ، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلّ ، فتفرّق الناس يمنة ويسرة يصلّون ، وقلت : أنا لا أصلّي حتّى أصلّي معه ، فسرنا وجعلت الشمس تسفل ، وجعل يدخلني من ذلك أمر عظيم حتّى وجبت الشمس وقطعنا الأرض ، فقال لي : يا جويريّة ، أذّن.
    فقلت : تقول أذّن وقد غابت الشمس؟! قال : أذّن ، فأذّنت ، ثمّ قال لي : أقم ، فأقمت ، فلمّا قلت : قد قامت الصلاة ، رأيت (3) شفتيه يتحرّكان وسمعت كلاما كأنّه كلام العبرانيّة ، فارتفعت الشمس حتّى صارت في مثل وقتها في العصر فصلّى ،
    __________________
    ـ واللفظ فيه للكافي : عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن جعفر ، عن عمر بن سعيد ، عن الحسن بن صدقة ، عن عمّار بن موسى .. وفي بحار الأنوار 97 : 216 / 15 ومدينة المعاجز 1 : 206 / 126 عن الكافي.
    (1) قال الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه 1 : 203 : جرت السنّة في ردّ الشمس على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في هذه الأمّة ، ردّ الله عليه الشمس مرّتين ، مرّة في أيّام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومرّة بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمّا في أيّامه صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وذكر مضمون الحديث السابق ـ وأمّا بعد وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه : «روي عن جويريّة بن مسهّر أنّه قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من قتال الخوارج حتّى إذا قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر إلى آخر القصّة.
    (2) في النسخ : (القزويني) والصواب ما أثبتناه ؛ لاحظ : علل الشرائع 2 : 340 / 1 و 352 / 4 ، مشيخة من لا يحضره الفقيه 4 : 439.
    (3) في «ر» «س» : (نظرت إلى) بدلا من : (رأيت).

    فلمّا انصرفنا هوت إلى مكانها ، قلت : أشهد أنّك وصيّ رسول الله عليك وعليه الصلاة والسلام (1).
    [428 / 18] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن عليّ بن موسى الدقّاق ، حدّثنا أحمد بن جعفر بن نصر الجمّال ، حدّثنا عمر بن خلّاد ، عن الحسين بن عليّ ، عن أبي قتادة الحرّانيّ ، حدّثنا جعفر بن برقان (2) ، عن ميمون بن مهران ، عن زاذان (3) ، عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال : لمّا فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة رفع الهجرة وقال : لا هجرة بعد الفتح ، وقال لعليّ عليه‌السلام : إذا كان غدا فكلّم الشمس في مطلعها حتّى تعرف كرامتك على الله تعالى جلّ ذكره ، فلمّا أصبحنا قمنا فجاء عليّ إلى الشمس حين طلعت ، فقال : السلام عليك أيّها العبد المطيع لربّه (4).
    قالت الشمس : وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيّة ، ابشر فإنّ ربّ العزّة يقرؤك السلام ويقول : ابشر فإنّ لك ولمحبّيك وشيعتك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فخرّ عليّ عليه‌السلام ساجدا لله.
    فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ارفع رأسك (5) ، فقد باهى الله عزوجل بك الملائكة (6).
    __________________
    (1) رواه الصدوق بنفس السند في علل الشرائع 2 : 352 / 4 باختلاف في بعض ألفاظه والصفّار في بصائر الدرجات : 239 / 4 وعنهما في بحار الأنوار 41 : 167 / 3 وج 80 : 317 / 10.
    (2) أبو قتادة الحرانيّ هو عبد الله بن واقد كما عن التهذيب والتقريب لابن حجر قائلا : مات 210 ه‍.
    وجعفر بن برقان هو الكلابي أبو عبد الله الرقي كما عن التقريب (العرفانيان).
    (3) في «ص» «م» : (رادان) ، وفي «ر» «س» : (زادان) ، والمثبت عن البحار.
    (4) في «ر» : (أيّتها العبدة المطيعة لربّها).
    (5) في «ر» «س» زيادة : (حبيبي).
    (6) عنه في بحار الأنوار 41 : 170 / 7 ، وفي ص : 177 / 12 عنه وعن الأمالي للصدوق : 685 / 14 باختلاف ، واللفظ للأمالي بهذا السند : عن أحمد بن الحسن القطّان ، عن القاسم بن عبّاس ، عن أحمد بن يحيى الكوفيّ ، عن أبي قتادة الحرّانيّ ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ـ

    فصل
    [إخباره صلى‌الله‌عليه‌وآله بما في ضمير السائل]
    [429 / 19] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن حامد ، حدّثنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن إسحاق بن الأزهر ، حدّثنا الحسين بن إسحاق الدقّاق العسريّ (1) ، حدّثنا عمر بن خالد ، حدّثنا عمر بن راشد ، عن عبد الرّحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله يوما جالسا فاطّلع عليه عليّ عليه‌السلام مع جماعة ، فلمّا رآهم تبسّم فقال : جئتموني تسألوني عن شيء إن شئتم أعلمتكم بما جئتم وإن شئتم فاسألوني ، فقالوا : بل تخبرنا يا رسول الله.
    قال : جئتم تسألونني عن الصنايع (2) لمن تحقّ ، فلا ينبغي أن يصنع إلّا لذي حسب أو دين ، وجئتم تسألونني عن جهاد المرأة ، فإنّ جهاد المرأة حسن التبعّل لزوجها ، وجئتم تسألونني عن الأرزاق من أين؟ أبى الله أن يرزق عبده (3) إلّا من حيث لا يعلم فإنّ العبد إذا لم يعلم وجه رزقه كثر دعاؤه (4).
    __________________
    ـ زاذان ، عن ابن عبّاس .. ، ورواه أيضا باختلاف الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين : 128 ، وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب 2 : 149 وعنه في بحار الأنوار 41 : 176 / ضمن الحديث 10.
    وورد قريب منه في كتاب اليقين لابن طاوس الحسنيّ : 165 ، المحتضر لابن سليمان الحلّيّ : 104 ، كشف الغمّة 1 : 153 ، تأويل الآيات 2 : 657 ، ينابيع المودّة 1 : 425 / 1.
    (1) في «ر» «س» : (التستريّ).
    (2) في حاشية نسخة «م» فوق كلمة : (الصنايع) أي صانع المعروف والإحسان.
    (3) في «ر» «س» : (يجعل رزق عبده) بدلا من : (يرزق عبده).
    (4) عنه في بحار الأنوار 18 : 106 / 4 الخبر بتمامه ، وفي ج 100 : 30 / 55 وص 247 / 28 ومستدرك الوسائل 5 : 251 / 1 ذيله (قطعة منه).
    وورد نحوه في تحف العقول لابن شعبة الحرّانيّ : 60 عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. ـ

    [430 / 20] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن حامد (1) ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم العبديّ ، حدّثنا عمر ابن حصين الباهليّ ، حدّثنا عمر بن مسلم العبديّ ، حدّثنا عبد الرحمن بن زياد ، عن مسلم بن يسار قال : قال أبو عقبة الأنصاريّ : كنت في خدمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء نفر من اليهود ، فقالوا لي : استأذن لنا على محمّد. فأخبرته ، فدخلوا عليه ، فقالوا : أخبرنا عمّا جئنا نسألك عنه.
    قال : جئتموني تسألونني عن ذي القرنين ، قالوا : نعم ، فقال : كان غلاما من أهل الروم ناصحا لله عزوجل فأحبّه الله ، وملك الأرض فسار حتّى أتى (2) مغرب الشمس ، ثمّ سار إلى مطلعها ، ثمّ سار إلى جبل يأجوج ومأجوج ، فبنى فيها السدّ ، قالوا : نشهد أنّ هذا شأنه ، وإنّه لفي التوراة (3).
    [431 / 21] ـ وبإسناده (*) عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال : دخل أبو سفيان على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فقال : يا رسول الله ، أريد أن أسألك عن شيء ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن شئت أخبرتك قبل أن تسألني؟ قال : افعل ، قال : أردت أن تسأل (4) عن مبلغ عمري ، فقال : نعم يا
    __________________
    ـ وورد مضمون ذيله بأسانيد مختلفة كما في الكافي 5 : 84 / 4 ، من لا يحضره الفقيه 3 : 165 / 3608 ، الأمالي : 248 / 6 ، والتوحيد : 402 / 8 ، التمحيص : 53 / 105 ، تهذيب الأحكام 6 : 328 / 26 ، روضة الواعظين : 326 ، مكارم الأخلاق : 270.
    وانظر دلائل النبوّة للأصبهانيّ : 75 ، كنز العمّال 15 : 907 / 43566 وج 16 : 140 / 44172 و 44173 وص 240 / 44308.
    (1) في البحار : (عبد الله بن حامد) بدلا من : (أبو عبد الله محمّد بن حامد).
    (2) في «ر» «س» : (بلغ).
    (3) عنه في بحار الأنوار 12 : 196 / 23 وج 18 : 107 / 5.
    ورواه بنحو آخر الحميريّ في قرب الإسناد : 322 / قطعة من الحديث 1228 وعنه في بحار الأنوار 17 : 228 / قطعة من الحديث 1 وتفسير نور الثقلين 3 : 293 / 199 ، إثبات الهداة : 379 / 542.
    (*) تقدّم بالإسناد برقم : (428) و...
    (4) في «ر» «س» : (تسألني).

    رسول الله ، فقال : إنّي أعيش ثلاثا وستّين سنة ، فقال : أشهد أنّك صادق ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : بلسانك دون قلبك.
    قال ابن عبّاس : والله ما كان إلّا منافقا ، قال : ولقد كنّا في محفل (1) فيه أبو سفيان وقد كفّ بصره وفينا عليّ عليه‌السلام ، فأذّن المؤذّن ، فلمّا قال : أشهد أنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال أبو سفيان : هيهنا من يحتشم؟ قال واحد من القوم : لا ، فقال : لله درّ أخي بني هاشم انظروا أين وضع اسمه.
    فقال عليّ عليه‌السلام : أسخن الله عينيك (2) يا أبا سفيان ، الله فعل ذلك بقوله عزّ من قائل : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)(3) ، فقال أبو سفيان : أسخن الله عين من قال لي : ليس هيهنا من يحتشم (4).
    فصل
    [قصّة انشقاق القمر للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [432 / 22] ـ وبإسناده عن ابن عبّاس رضى الله عنه أنّه سئل عن قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(5) قال : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى صار
    __________________
    (1) في «ر» «س» زيادة : (كان).
    (2) أسخن الله عينه أي : أبكاه (لسان الميزان 6 : 207).
    (3) الانشراح : 4.
    (4) عنه في بحار الأنوار 18 : 107 / 6 وج 31 : 523 / 22 الخبر بتمامه ، وفي ج 22 : 504 / 2 صدر الحديث إلى قوله : (دون قلبك) بإسناد مفصّل إلى الصدوق : عن أحمد بن موسى الدقّاق ، عن أحمد بن جعفر بن نصر الجمّال ، عن عمر بن خلّاد ، والحسين بن عليّ ، عن أبي قتادة الحرّانيّ ، عن جعفر بن نوقان ، عن ميمون بن مهران ، عن زاذان ، عن ابن عبّاس قال : ... وروى الطبرسيّ ذيل الحديث في كتاب الاحتجاج 1 : 349 بنفس المتن من قوله : (قال ابن عبّاس : والله) إلى آخر الحديث.
    (5) القمر : 1.

    نصفين (1) ونظر إليه الناس وأعرض أكثرهم ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)(2) فقال المشركون : سحر القمر سحر القمر (3).
    [433 / 23] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد بن حامد ، حدّثنا أبو بكر محمّد ابن جعفر الطبرانيّ ، حدّثنا عليّ بن حرب الموصليّ ، حدّثنا محمّد بن حجر ، عن عمّه سعيد ، عن أبيه ، عن أمّه ، عن وائل بن حجر ، قال : جاءنا ظهور النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا في ملك عظيم وطاعة من قومي ، فرفضت ذلك وآثرت الله ورسوله ، وقدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبرني أصحابه أنّه بشّرهم قبل قدومي بثلاث ، فقال : هذا وائل ابن حجر قد أتاكم من أرض بعيدة من حضرموت راغبا في الإسلام طائعا بقيّة أبناء الملوك.
    فقلت : يا رسول الله ، أتانا ظهورك وأنا في ملك ، فمنّ الله عليّ أن رفضت ذلك وآثرت الله ورسوله ودينه راغبا فيه.
    فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : صدقت ، اللهمّ بارك في وائل وفي ولده وولد ولده (4).
    __________________
    (1) في «م» «ص» : (بنصفين).
    (2) القمر : 2.
    (3) عنه في بحار الأنوار 17 : 354 / 5.
    وورد مضمونه بأسانيد مختلفة في الأمالي للصدوق : 341 / 37 وعنه في بحار الأنوار 17 : 353 / 3 ، تفسير مجمع البيان 9 : 310 ، إعلام الورى 1 : 84 وعنه في بحار الأنوار 17 : 357 / 13.
    ونقل مضمونه في البحار 17 : 347 ـ 350 بأسانيد مختلفة.
    وانظر : مسند أحمد 4 : 82 ، سنن الترمذيّ 5 : 72 / 3343 ، السنن الكبرى 6 : 476 / 11552 و 11553 ، مسند أبي يعلى 8 : 378 / 4968 ، تفسير ابن كثير 4 : 280 و 281 ، السيرة النبويّة لابن كثير 2 : 120.
    (4) عنه في بحار الأنوار 18 : 108 / 7 وج 22 : 112 / 77 ، وورد مثله في الخرائج والجرائح 1 : 60 / 103.
    وانظر : سبل السلام لابن حجر العسقلانيّ 1 : 169 ، شرح مسند أبي حنيفة : 492 ، أسد الغابة لابن الأثير 5 : 81 ، البداية والنهاية لابن كثير 5 : 93 ، تاريخ ابن خلدون 7 : 380.

    فصل
    [نطق الناقة لعليّ عليه‌السلام]
    [434 / 24] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد ، حدّثنا فرات ابن إبراهيم بن فرات الكوفيّ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن سعيد الأحمسيّ ، حدّثنا نصر بن مزاحم ، عن قطرب بن عليف (1) ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن سلمان الفارسيّ رضى الله عنه قال : كنت ذات يوم عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل أعرابيّ على ناقة له (2) فسلّم ، ثمّ قال : أيّكم محمّد؟ فأومي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا محمّد ، أخبرني عمّا في بطن ناقتي حتّى أعلم أنّ الذي جئت به حقّ وأؤمن بإلهك وأتّبعك ، فالتفت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : حبيبي عليّ ، عليك بذلك.
    فأخذ عليّ بخطام (3) الناقة ، ثمّ مسح يده على نحرها ، ثمّ رفع طرفه إلى السماء وقال : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وأهل بيت محمّد ، وبأسمائك الحسنى ، وبكلماتك التامّات لمّا أنطقت هذه الناقة حتّى تخبرنا بما في بطنها ، فإذا الناقة قد التفتت إلى عليّ عليه‌السلام وهي تقول : يا أمير المؤمنين ، إنّه ركبني يوما وهو يريد زيارة ابن عمّ له ، وواقعني فأنا حامل منه.
    فقال الأعرابيّ : ويحكم النبيّ هذا أم هذا؟ فقيل : هذا النبيّ وهذا أخوه وابن عمّه ، فقال الأعرابيّ : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله ، وسأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يسأل الله عزوجل أن يكفيه ما في بطن ناقته فكفاه ، وحسن إسلامه.
    __________________
    (1) في البحار : (عطيف).
    (2) قوله : (له) لم يرد في «ر» «س».
    (3) قال في المصباح المنير : 174 : الخطم من كلّ دابّة مقدم الأنف والفم وخطام البعير معروف وجمعه خطم ، سمي بذلك لأنّه يقع على خطمه.

    وقال (1) : وليس (2) في العادة أن تحمل الناقة من الإنسان ، ولكن الله جلّ ثناؤه قلب العادة في ذلك دلالة لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله على أنّه يجوز أن تكون نطفة الرجل على هيئتها في بطن الناقة حينئذ (3) ولم تصر علقة بعد ، وإنّما أنطقها الله تعالى ليعلم به صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (4).
    فصل
    [أجوبته صلى‌الله‌عليه‌وآله على سؤالات اليهود]
    [435 / 25] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن حامد ، حدّثنا أبو نصر محمّد بن حمدويه المطرعيّ ، حدّثنا محمّد بن عبد الكريم ، حدّثنا وهب ابن جرير (5) ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي الحسين ، عن شهر بن حوشب قال : لمّا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة أتاه رهط من اليهود ، فقالوا : إنّا سائلوك عن أربع خصال ، فإن أخبرتنا عنها صدّقناك وآمنّا بك.
    فقال : عليكم بذلك عهد الله وميثاقه؟ قالوا : نعم ، قال : سلوا عمّا بدا لكم ، قالوا : عن الشبه كيف يكون من المرأة وإنّما النطفة للرجل؟
    فقال : أنشدكم بالله أتعلمون أنّ نطفة الرجل بيضاء غليظة وأنّ نطفة المرأة
    __________________
    (1) لعلّ القائل هو الشيخ الصدوق صاحب كتاب النبوّة.
    (2) في «ر» «س» : (وقال : ليس) ، وفي البحار : (قال الراوندي : ليس).
    (3) قوله : (حينئذ) لم يرد في «ر» «س».
    (4) عنه في بحار الأنوار 41 : 230 / 1 وفي ج 91 : 5 / 5 إلى قوله : (وأنّك رسول الله) ، وانظر : إثبات الهداة 2 : 464 ـ 465 / 216. وأورده البحرانيّ في مدينة المعاجز 2 : 20 / 363 وفي بحار الأنوار 17 : 414 / 43 عن الخرائج والجرائح 2 : 497 / 12.
    (5) في «ر» «ص» : (حرير) ، وفي «س» : (حريز).

    حمراء رقيقة؟ فأيّتهما (1) غلبت صاحبتها كانت لها الشبه ، قالوا : اللهمّ نعم (2).
    قالوا : فأخبرنا عمّا حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزّل التوراة ، قال : أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ أحبّ الطعام والشراب إليه لحوم الإبل وألبانها؟ فاشتكى شكوى ، فلمّا عافاه الله منها حرّمها على نفسه ليشكر الله به ، قالوا : اللهمّ نعم (3).
    قالوا : أخبرنا عن نومك كيف هو؟ قال : أنشدكم بالله هل تعلمون من صفة هذا الرجل الذي تزعمون أنّي لست به : تنام عينه وقلبه يقظان؟ قالوا : اللهمّ نعم ، قال : وكذا نومي.
    قالوا : فأخبرنا عن الروح ، قال : أنشدكم بالله هل تعلمون أنّه جبرئيل عليه‌السلام؟ قالوا : اللهمّ نعم ، وهو الذي يأتيك وهو لنا عدوّ ، وهو ملك إنّما يأتي بالغلظة وشدّة الأمر ، ولو لا ذلك لاتّبعناك ، فأنزل الله تعالى : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) إلى قوله : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ)(4)(5).
    __________________
    (1) في «س» «ص» : (فأيّهما).
    (2) ورد هذا المضمون في علل الشرائع 1 : 64 / 1 وعنه في بحار الأنوار 57 : 338 / 16.
    وانظر : المصنّف لابن أبي شيبة 11 : 419 ـ 420 ، الجامع الصغير 2 : 675 / 9265 ، كنز العمّال 16 :483 / 45563.
    (3) ورد هذا المضمون في تفسير العيّاشيّ 1 : 184 / 86 وعنه في بحار الأنوار 9 : 191 / 31 وج 12 : 299 / 87 ، وتفسير القمّيّ 1 : 158 وعنه في بحار الأنوار 9 : 195 / 46 وج 13 : 325 / 1.
    وانظر : مسند أحمد 1 : 273 وص 278 ، مسند أبي داود : 357.
    (4) البقرة : 97 ـ 100.
    (5) عنه في بحار الأنوار 9 : 307 / 9 بتمامه ، وفي ج 16 : 193 / 31 باختصار ، وفي ج 57 : 366 / 64 إلى قوله : (كان لها الشبه؟ قالوا : اللهمّ نعم).
    وورد مثله في السيرة النبويّة صلى‌الله‌عليه‌وآله لابن هشام الحميريّ 2 : 385 ، وانظر : جامع البيان 1 : 607 ، المعجم الكبير 10 : 172 / 10360 وج 12 : 191 ، تفسير ابن كثير 1 : 134.

    فصل
    [استجابة العذق من الشجرة له صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [436 / 26] ـ وعن ابن حامد ، حدّثنا أبو عليّ حامد بن محمّد بن عبد الله ، حدّثنا عليّ بن عبد العزيز ، حدّثنا محمّد بن سعيد الإصفهانيّ ، حدّثنا شريك ، عن سماك ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عبّاس قال : جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : بم أعرف أنّك رسول الله؟ قال : أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة فأتاني أتشهد أنّي رسول الله؟ قال : نعم.
    قال : فدعا العذق فنزل (1) من النخلة حتّى سقط على (2) الأرض ، فجعل يبقر حتّى أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال : ارجع ، فرجع حتّى عاد إلى مكانه ، فقال : أشهد أنّك لرسول الله وآمن ، فخرج العامريّ يقول : يا آل عامر بن صعصعة ، والله لا أكذّبه بشيء أبدا (3).
    [قصّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وركانة]
    [437 / 27] ـ وكان رجل من بني هاشم يقال له : ركانة ، وكان كافرا من أفتك الناس ، يرعى غنما له بواد يقال له : وادي إضم (4) ، فخرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك الوادي فلقيه ركانة ، فقال : لو لا رحم بيني وبينك ما كلّمتك حتّى قتلتك ، أنت الذي تشتم
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (فجعل العذق ينزل).
    (2) في «ر» «س» : (إلى).
    (3) عنه في بحار الأنوار 17 : 368 / صدر الحديث 17 ، إثبات الهداة 1 : 380 / 546 و 547.
    وورد قريب منه في سنن الترمذيّ 5 : 254 / 3707 ، المستدرك للحاكم النيسابوريّ 2 : 620 ، المعجم الكبير 12 : 86 ، التاريخ الكبير 3 : 3 / 6 ، البداية والنهاية لابن كثير 6 : 137 وص 307.
    (4) إضم : كحلب أو كعنب اسم ماء أو واد في الحجاز أو جبل في المدينة.

    آلهتنا ، ادع إلهك ينجيك منّي ، ثمّ قال : صارعني فإن أنت صرعتني فلك عشرة (1) من غنمي ، فأخذه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وصرعه وجلس على صدره.
    فقال ركانة : فلست بي فعلت هذا إنّما فعله إلهك ، ثمّ قال ركانة : عد فإن أنت صرعتني فلك عشرة أخرى تختارها ، فصرعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الثانية ، فقال ركانة : إنّما فعله إلهك ، عد فإن أنت صرعتني فلك عشرة أخرى ، فصرعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الثالثة.
    فقال ركانة : خذلت اللّات والعزّى فدونك ثلاثين شاة فاخترها ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أريد ذلك ، ولكنّي أدعوك إلى الإسلام ـ يا ركانة ـ وانفس ركانة تصير إلى النار إن تسلم تسلم. فقال ركانة : لا إلّا أن تريني آية.
    فقال نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله شهيد عليك الآن إن دعوت ربّي فأريتك آية لتجيبني إلى ما أدعوك؟ قال : نعم ، وقريب منه شجرة مثمرة قال : أقبلي بإذن الله ، فانشقّت باثنين وأقبلت على نصف ساقها حتّى كانت بين يدي نبيّ الله.
    فقال ركانة : أريتني (2) شيئا عظيما ، فمرها فلترجع ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله شهيد (3) إن أنا دعوت ربّي يأمرها فرجعت لتجيبني إلى ما أدعوك إليه؟ قال : نعم فأمرها فرجعت حتّى التأمت بشقّها.
    فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : تسلم؟ فقال : ركانة : أكره أن تتحدّث نساء مدينة أنّي إنّما أجبتك لرعب دخل في قلبي منك ، ولكن فاختر غنمك ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس لي حاجة إلى غنمك إذا (4) أبيت أن تسلم (5).
    __________________
    (1) في «س» : (عشرون).
    (2) في «ر» : (أرأيت).
    (3) في «ص» «م» : (يشهد).
    (4) في «ر» «س» : (إذ).
    (5) عنه في بحار الأنوار 17 : 369 / ذيل الحديث 17. ـ وورد بنحو آخر في الاحتجاج للطبرسيّ 1 : 352 ضمن حديث طويل ، وتفسير الإمام العسكريّ عليه‌السلام : 172 / ضمن الحديث 84 وعنهما في بحار الأنوار 10 : 79 / ضمن الحديث 1 وج 42 : 47 / ضمن الحديث 18 ، وفي ج 17 : 370 / 22 عن الاحتجاج.
    وانظر : مسند أحمد 3 : 113 ، أسد الغابة 2 : 187 ـ 188.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:11 pm

    فصل
    [قصّة سلمان رضى الله عنه]
    [438 / 28] ـ وعنه ، عن ابن حامد ، حدّثنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار ، حدّثنا يونس ، عن ابن إسحاق ، حدّثنا عاصم بن عمرو بن قتادة ، عن محمود بن أسد ، عن ابن عبّاس قال : حدّثني سلمان الفارسيّ رضى الله عنه قال : كنت رجلا من أهل إصفهان من قرية يقال لها : جي ، وكان أبي دهقان أرضه ، وكان يحبّني حبّا شديدا يحبسني في البيت كما تحبس الجارية ، وكنت صبيّا لا أعلم من أمر الناس إلّا ما أرى من المجوسيّة حتّى أنّ أبي بنى بنيانا وكان له ضيعة ، فقال : يا بنيّ ، شغلني من اطّلاع الضيعة ما ترى ، فانطلق إليها ومرهم بكذا وكذا ولا تحتبس (1) عنّي.
    فخرجت أريد الضيعة ، فمررت بكنيسة النصارى فسمعت أصواتهم ، فقلت : ما هذا؟ قالوا : هؤلاء النصارى يصلّون ، فدخلت أنظر فأعجبني ما رأيت من حالهم ، فو الله ما زلت جالسا عندهم حتّى غربت الشمس ، وبعث أبي في طلبي في كلّ وجه حتّى جئته حين أمسيت ولم أذهب إلى ضيعته ، فقال أبي : أين كنت؟ قلت : مررت بالنصارى (2) فأعجبني صلاتهم ودعاؤهم ، فقال : أي بنيّ ، إنّ دين آبائك خير من دينهم ، فقلت : لا والله ما هذا بخير من دينهم ، هؤلاء قوم يعبدون
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» : (تحبس).
    (2) في «ر» «س» : (بكنيسة النصارى).

    الله ويدعونه ويصلّون له ، وأنت إنّما تعبد نارا أوقدتها بيدك إذا تركتها ماتت ، فجعل في رجلي حديدا وحبسني في بيت عنده.
    فبعثت إلى النصارى فقلت : أين أصل هذا الدين؟ قالوا : بالشام ، قلت : إذا قدم عليكم من هناك ناس فأذنوني (1) ، قالوا : نفعل ، فبعثوا بعد أنّه قدم (2) تجّار ، فبعثت : إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الخروج فأذنوني به (3) ، قالوا : نفعل ، ثمّ بعثوا إليّ بذلك ، فطرحت الحديد من رجلي وانطلقت معهم ، فلمّا قدمت الشام قلت : من أفضل هذا الدين؟
    قالوا : الأسقف صاحب الكنيسة ، فجئت فقلت : إنّي أحببت (4) أن أكون معك وأتعلّم منك الخير (5) ، قال : فكن معي فكنت معه.
    وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ، فإذا جمعوها اكتنزها ولم يعط المساكين منها شيئا ولا بعضها ، فلم يلبث أن مات ، فلمّا جاؤوا أن يدفنوه ، قلت : هذا رجل سوء ونبّهتهم على كنزه ، فأخرجوا سبع قلال (6) مملوة ذهبا ، فصلبوه على خشبة ورموه بالحجارة ، وجاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه.
    فلا والله ـ يابن عبّاس ـ ما رأيت رجلا قطّ أفضل منه وأزهد (7) في الدنيا وأشدّ اجتهادا منه ، فلم أزل معه حتّى حضرته الوفاة وكنت أحبّه ، فقلت : يا فلان ، قد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي؟ قال : أي بنيّ ، ما أعلم إلّا رجلا
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (أناس فادنوني).
    (2) في «ر» «س» زيادة : (علينا).
    (3) في «ر» «س» : (فادنوني به).
    (4) في «ر» «س» إضافة : (هذا الدين و).
    (5) قوله : (الخير) لم يرد في «م».
    (6) قلال كرجال : جمع القلّة بمعنى الإناء من أواني العرب شبه الحبّ.
    (7) في «ر» «س» : (ولا أزهد).

    بالموصل فأته فإنّك ستجده على مثل حالي ، فلمّا مات وغيّب لحقت بالموصل ، فأتيته فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزهادة ، فقلت له : إنّ فلانا أوصى بي إليك ، فقال : يا بنيّ ، كن معي.
    فأقمت عنده حتّى حضرته الوفاة ، قلت : إلى من توصي بي؟ قال : الآن يا بنيّ لا أعلم إلّا رجلا بنصيبين (1) فالحق به ، فلمّا دفنّاه لحقت به ، فقلت له : إنّ فلانا أوصى بي إليك ، فقال : يا بنيّ ، أقم معي ، فأقمت عنده فوجدته على مثل حالهم حتّى حضرته الوفاة ، فقلت : إلى من توصي بي؟ قال : ما أعلم إلّا رجلا بعموريّة (2) من أرض الروم ، فأته فإنّك ستجده على مثل ما كنّا عليه ، فلمّا واريته خرجت إلى العموريّة (3) ، فأقمت عنده فوجدته على مثل حالهم ، واكتسبت غنيمة وبقرات إلى أن حضرته الوفاة ، فقلت : إلى من توصي بي؟
    قال : لا أعلم أحدا على مثل ما كنّا عليه ، ولكن قد أظلّك زمان نبيّ يبعث من الحرم ، مهاجره بين حرّتين إلى أرض ذات سبخة ذات نخل ، وأنّ فيه علامات لا تخفى ؛ بين كتفيه خاتم النبوّة ، يأكل الهديّة ولا يأكل الصدقة ، فإن استطعت أن تمضي إلى تلك البلاد فافعل.
    قال : فلمّا واريناه أقمت حتّى مرّ رجال من تجّار العرب من كلب ، فقلت لهم : تحملوني معكم حتّى تقدموني أرض العرب وأعطيكم غنيمتي هذه وبقراتي؟ قالوا : نعم ، فأعطيتهم إيّاها وحملوني حتّى إذا جاؤوا بي وادي القرى ظلموني ،
    __________________
    (1) نصيبين : مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام (معجم البلدان 5 : 288).
    (2) في «ر» «س» : (بمعموريّة) ، وعموريّة : بفتح أوّله وتشديد ثانيه بلد في بلاد الروم غزاه المعتصم العبّاسي (معجم البلدان 4 : 158).
    (3) في «ر» «س» : (المعموريّة).

    فباعوني عبدا من رجل يهودي ، فو الله لقد رأيت النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت لي فيه صاحبي حتّى قدم رجل من بني قريظة من يهود وادي القرى ، فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده ، فخرج حتّى قدم بي المدينة.
    فو الله ما هو إلّا أن رأيتها وعرفت نعتها ، فأقمت مع صاحبي ، وبعث الله رسوله بمكّة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من الرقّ حتّى قدم (1) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبا وأنا اعمل لصاحبي في نخل له ، فو الله إنّي لكذلك إذ (2) قد جاء ابن عمّ له فقال : قاتل الله بني قيلة ، والله إنّهم لفي قبا يجتمعون على رجل جاء من مكّة يزعمون أنّه نبيّ ، فو الله ما هو إلّا قد سمعتها ، فأخذتني الرعدة حتّى ظننت لأسقطنّ على صاحبي ، ونزلت أقول : ما هذا الخبر؟ ما هو؟ فرفع مولاي يده فلكمني (3).
    فقال : مالك ولهذا؟ أقبل على عملك.
    فلمّا أمسيت وكان عندي شيء من طعام فحملته وذهبت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقبا ، فقلت : بلغني أنّك رجل صالح وأنّ معك أصحابا ، وكان عندي شيء من الصدقة فها هو ذا فكل منه ، فأمسك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأصحابه : كلوا ولم يأكل.
    فقلت في نفسي : هذه خصلة ممّا وصف لي صاحبي ، ثمّ رجعت وتحوّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة ، فجمعت شيئا كان عندي ثمّ جئته به فقلت : إنّي قد رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هديّة وكرامة ليست بالصدقة ، فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأكل أصحابه.
    فقلت : هاتان خلّتان.
    ثمّ جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يتبع جنازة وعليه شملتان وهو في أصحابه ،
    __________________
    (1) في «م» : (أتى).
    (2) قوله : (لكذلك إذ) سقط من النسخ وأثبتناه من البحار.
    (3) اللكم : الضرب بتمام الكفّ.

    فاستدبرته (1) لأنظر إلى الخاتم في ظهره (2) ، فلمّا رآني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استدبرته عرف أنّي أستثبت شيئا فقد وصف لي ، فرفع لي رداءه عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي ، فأكببت عليه أقبّله وأبكي ، فقال : تحوّل يا سلمان هنا ، فتحوّلت وجلست بين يديه وأحبّ أن يسمع أصحابه حديثي عنه ، فحدّثته يابن عبّاس ، كما حدّثتك.
    فلمّا فرغت قال رسول الله : كاتب يا سلمان ، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له واربعين أوقيّة ، فأعانني أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنخل (3) ثلاثين وديّة (4) وعشرين وديّة ، كلّ رجل على قدر ما عنده.
    فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أضعها بيدي ، فحفرت لها حيث توضع ، ثمّ جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : قد فرغت منها ، فخرج معي حتّى جاءها ، فكنّا نحمل إليه الوديّ ، فيضعه بيده فيسوّي عليها ، فو الذي بعثه بالحقّ نبيّا ما مات منها وديّة واحدة وبقيت عليّ الدراهم ، فأتاه رجل من بعض المعادن بمثل البيضة من الذهب ، فقال رسول الله : أين الفارسيّ المكاتب المسلم؟ فدعيت له ، فقال : خذ هذه يا سلمان ، فأدّها عمّا (5) عليك.
    فقلت : يا رسول الله ، أين تقع هذه ممّا عليّ؟
    فقال : إنّ الله عزوجل سيوفي بها عنك ، فو الذي نفس سلمان بيده لوزنت لهم منها أربعين أوقيّة فأدّيتها إليهم وعتق سلمان قال : وكان الرقّ قد حبسني
    __________________
    (1) في «س» «ص» والبحار : (فاستدرت به).
    (2) في «ر» : (بين كتفيه) بدلا من : (في ظهره).
    (3) في «ر» «س» «ص» : (بالنخلة).
    (4) الوديّة والودي : النخل الصغير.
    (5) في «ر» «س» «ص» والبحار : (ممّا).

    حتّى فاتني مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بدر وأحد ثمّ عتقت ، فشهدت الخندق ولم يفتني معه مشهد (1).
    [439 / 29] ـ وفي رواية عن سلمان رضى الله عنه أنّ صاحب عموريّة لمّا حضرته الوفاة قال : ائت غيضتين (2) من أرض الشام ، فإنّ رجلا يخرج من إحداهما إلى الأخرى في كلّ سنة ليلة يعترضه ذووا الأسقام ، فلا يدعو لأحد مرض إلّا شفي ، فاسأله عن هذا الدين الذي تسألني عنه ؛ عن الحنيفيّة (3) دين إبراهيم عليه‌السلام ، فخرجت حتّى أقمت بها سنة حتّى خرج تلك الليلة من إحدى الغيضتين إلى الأخرى ، وكان فيها حتّى ما بقي إلّا منكبيه فأخذت به ، فقلت : رحمك الله الحنيفيّة دين إبراهيم؟
    فقال : إنّك تسأل (4) عن شيء ما سأل عنه الناس اليوم ، قد أظلّك نبيّ يخرج عند هذا البيت بهذا الحرم يبعث بذلك الدين ، فقال الراوي : يا سلمان ، لئن كان كذلك لقد رأيت عيسى بن مريم صلوات الله عليه (5).
    [440 / 30] ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عليّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 22 : 362 / صدر الحديث 5.
    وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 4 : 75 وفي ج 7 : 318 باختصار ، وابن حبّان في طبقات المحدّثين بإصبهان 1 : 209 ، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 21 : 385 ، وابن الأثير في أسد الغابة 2 : 328.
    (2) الغيضتان : تثنية الغيضة وهي الأجمة أي : مغيض الماء ومجمعه ينبت فيه النبات والشجر والقصب.
    (3) في «ر» : (الحنيفة) ، وفي «س» : (الحنفيّة) وكذا الموضع التالي بعد سطرين.
    (4) في «س» : (تسألني) ، وفي «ر» : (سألتني).
    (5) عنه في بحار الأنوار 22 : 365 / ذيل الحديث 5.
    وورد مثله في الطبقات الكبرى 4 : 80 ، تاريخ مدينة دمشق 21 : 390 ، سير أعلام النبلاء للذهبي 1 : 512 ، البداية والنهاية 2 : 384 ، سيرة النبيّ لابن هشام الحميريّ 1 : 145 ، عيون الأثر لابن سيد الناس 1 : 92 ، السيرة النبويّة لابن كثير 1 : 303.

    موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّ سلمان قال : كنت رجلا من (1) أهل شيراز ، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا برجل من صومعة ينادي : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ عيسى روح الله ، وأنّ محمّدا حبيب الله ، فوقع ذكر محمّد (2) في لحمي ودمي ، فلم يهنّئني طعام ولا شراب ، فلمّا انصرفت إلى منزلي فإذا أنا بكتاب من السقف معلّق ، فقلت لأمّي : ما هذا الكتاب؟ فقالت : يا روزبه ، إنّ هذا الكتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقا ، فلا تقربه يقتلك أبوك.
    قال : فجاهدتها حتّى جنّ الليل ونام أبي وأمّي ، فقمت فأخذت الكتاب وإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا عهد من الله إلى آدم إنّي خالق من صلبه نبيّا يقال له : محمّد ، يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن عبادة الأوثان ، يا روزبه ، ائت وصيّ وصيّ عيسى وآمن (3) واترك المجوسيّة.
    قال : فصعقت صعقة ، فعلمت أمّي وأبي بذلك ، فجعلوني في بئر عميقة ، فقالوا : إن رجعت وإلّا قتلناك ، قال : ما كنت أعرف العربيّة قبل قراءتي (4) الكتاب ، ولقد فهّمني الله تعالى العربيّة من ذلك اليوم ، قال : فبقيت في البئر ينزلون إليّ قرصا ، فلمّا طال أمري رفعت يديّ إلى السماء ، فقلت : يا ربّ ، إنّك حبّبت محمّدا إليّ فبحقّ وسيلته عجّل فرجي.
    فأتاني آت عليه ثياب بيض ، فقال : يا روزبه ، قم ، وأخذ بيدي وأتى بي الصومعة ، فأشرف عليّ (5) الديرانيّ ، فقال : أنت روزبه؟ فقلت : نعم (6) فأصعدني
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (في).
    (2) في «ر» «س» : (فلمّا سمعت ذكر محمّد وقع) بدلا من : (فوقع ذكر محمّد).
    (3) في البحار : (أنت وصيّ عيسى فآمن).
    (4) في «ر» «س» : (ذلك).
    (5) قوله : (عليّ) لم يرد في «ر» «س» «ص».
    (6) قوله : (فقلت : نعم) لم يرد في «ر» «س» «ص».

    وخدمته حولين ، فقال لمّا حضرته الوفاة : إنّي ميّت ولا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلّا راهبا بأنطاكية ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام وادفع إليه هذا اللوح وناولني لوحا ، فلمّا مات غسّلته وكفّنته ودفنته وأخذت اللوح ، وأتيت الصومعة ، وأنشأت أقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ عيسى روح الله ، وأنّ محمّدا حبيب الله.
    فأشرف عليّ الديرانيّ فقال : أنت روزبه؟ قلت : نعم ، فصعدت إليه ، فخدمته حولين ، فلمّا حضرته الوفاة قال : لا أعرف أحدا يقول بمثل مقالتي في الدنيا ، وأنّ محمّدا بن عبد الله حانت ولادته ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، وادفع إليه هذا اللوح ، فلمّا دفنته صحبت قوما ، فقلت لهم : يا قوم ، أكفيكم الخدمة في الطريق وخرجت معهم فنزلوا.
    فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة فقتلوها بالضرب ، وشووها ، فقالوا : كل فامتنعت ، فضربوني ، فأتوا بالخمر فشربوه ، فقالوا : اشرب ، فقلت : إنّي غلام ديرانيّ لا أشرب الخمر ، فأرادوا قتلي.
    فقلت : لا تقتلوني أقرّ لكم بالعبوديّة ، فأخرجني واحد وباعني بثلاثمائة درهم من يهوديّ.
    قال : فسألني عن قصّتي ، فأخبرته وقلت : ليس لي ذنب إلّا أنّني (1) أحببت محمّدا ، فقال اليهوديّ : وإنّي لأبغضك وأبغض محمّدا ، وكان على بابه رمل كثير ، فقال : يا روزبه ، لئن أصبحت ولم تنقل هذه الرمل من هذا الموضع إلى هذا الموضع لأقتلنّك. قال : فجعلت أحمل طول ليلتي ، فلمّا أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء وقلت : يا ربّ ، حببت إليّ محمّدا ، فبحقّ وسيلته عجّل فرجي.
    قال : فبعث الله تعالى ريحا فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال
    __________________
    (1) في «ر» : (أنّي).

    اليهوديّ ، فلمّا أصبح قال : يا روزبه ، أنت ساحر فلأخرجنّك من هذه القرية ، فأخرجني وباعني (1) امرأة سلميّة ، فأحبّتني حبّا شديدا ، وكان لها حائط ، فقالت : هذا الحائط كل ما شئت وهب وتصدّق.
    فبقيت في ذلك ما شاء الله ، فإذا أنا ذات يوم في ذلك البستان إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلّهم غمامة ، فقلت في نفسي : ما هؤلاء كلّهم أنبياء ، فإنّ فيهم نبيّا ، فدخلوا الحائط والغمامة تسير معهم ، وفيهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ وأبو ذرّ وعمّار والمقداد وعقيل وحمزة وزيد بن حارثة ، وجعلوا يتناولون من حشف النخل ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لهم : كلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئا.
    فدخلت إلى (2) مولاتي ، فقلت : هبي (3) لي طبقا فوهبته فأخذته (4) فوضعته بين يديه ، فقلت : هذه صدقة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلوا ، وأمسك رسول الله وأمير المؤمنين وحمزة وعقيل ، وقال لزيد بن حارثة : مدّ يدك وكل ، فأكلوا ، فقلت في نفسي : هذه علامة ، فحملت طبقا آخر وقلت : هذه هديّة ، فمدّ يده وقال : بسم الله كلوا ، فقلت في نفسي : هذه علامة أيضا.
    فبينا (5) أدور خلفه ، فقال : يا روزبه ، ادخل إلى هذه المرأة وقل لها : يقول لك محمّد بن عبد الله : تبيعيننا (6) هذا الغلام ، فدخلت وقلت لها ما قال ، فقالت : لا أبيعكه (7) إلّا بأربعمائة نخلة ؛ مائتي نخلة منها صفراء ، ومائتي نخلة منها حمراء ،
    __________________
    (1) في «م» زيادة : (من).
    (2) في «ر» «س» : (علىّ).
    (3) في «ص» : (هب).
    (4) قوله : (فوهبته فأخذته) لم يرد في «ر» «س» «ص».
    (5) في البحار زيادة : (أنا).
    (6) في «ر» «س» «ص» والبحار : (تبيعينا).
    (7) في «ر» «س» : (لا أبيعه).

    فأخبرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ما أهون ما سألت.
    ثمّ قال : قم يا عليّ فاجمع هذا (1) النوى فجمعه وأخذه وغرسه ، ثمّ قال : اسقه ، فسقاه أمير المؤمنين وما بلغ آخره حتّى خرج النخل ولحق بعضه بعضا ، فخرجت ونظرت إلى النخل ، فقالت : لا أبيعكه إلّا بأربعمائة نخلة كلّها صفراء ، فمسح جبرئيل جناحه على النخل فصار كلّه أصفر (2) ، فدفعتني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعتقني (3).
    فصل
    [في إسلام أبي ذرّ رضى الله عنه]
    [441 / 31] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور ، حدّثنا الحسين ابن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبد الله ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن مرازم ، عن أبي بصير ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام لرجل : ألا أخبرك كيف كان سبب إسلام سلمان وأبي ذر؟ فقال الرجل : وأحظأ (4) أمّا إسلام سلمان فقد علمت فأخبرني بالآخر ، فقال : إنّ أبا ذرّ كان ببطن مرّ (5) يرعى غنما له إذ جاء ذئب عن يمين غنمه فطرده ،
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» : (هذه).
    (2) في «ر» «س» «ص» : (صفراء).
    (3) رواه الصدوق في كمال الدين : 161 / 21 باختلاف في المتن ، وفي آخره زيادة : (وسمّاني سلمانا) : عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعا ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى .. والباقي كما في المتن وعنه في بحار الأنوار 22 : 355 / 2 وفي مستدرك الوسائل 12 : 305 / 1 وج 13 : 207 / 17 وص 370 / 2 مقطّعا ، ومثله في روضة الواعظين : 275.
    وورد مضمونه في الكافي 8 : 297 / 457 ، والأمالي للصدوق : 567 / 1.
    (4) في «م» والبحار : (وأخطأ).
    (5) مرّ وزان فلس : موضع بقرب مكّة من جهة الشام نحو مرحلة ، وهو منصرف لأنّه اسم واد ، ويقال له : بطن مرّ ، ومرّ الظهران أيضا (المصباح المنير : 568).

    فجاء عن يسار غنمه (1) فصرفه ثمّ قال : ما رأيت ذئبا أخبث منك ، فقال الذئب : شرّ منّي أهل مكّة ، بعث الله إليهم (2) نبيّا فكذّبوه.
    فوقع كلام الذئب في أذن أبي ذرّ ، فقال لأخته : هلمّي (3) مزودي (4) وأدواتي ثمّ خرج يركض حتّى دخل مكّة ، فإذا هو بحلقة مجتمعين وإذاهم يشتمون (5) النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كما قال الذئب ، إذ أقبل أبو طالب ، فقال بعضهم : كفّوا فقد جاء عمّه ، فلمّا دنا منهم عظّموه ثمّ خرج فتبعته ، فقال : ما حاجتك؟ فقلت : هذا النبيّ المبعوث فيكم؟ قال : وما حاجتك إليه؟
    قلت : أؤمن به وأصدّقه ، فرفعني إلى بيت فيه : جعفر بن أبي طالب ، فلمّا دخلت سلّمت ، فردّ عليّ السلام وقال : ما حاجتك؟
    قلت : هذا النبيّ المبعوث أؤمن به وأصدّقه ، فرفعني إلى بيت فيه حمزة ، فرفعني إلى بيت فيه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فرفعني إلى بيت فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخلت إليه ، فإذا هو نور في نور ، قال : أنا رسول الله يا أبا ذرّ انطلق إلى بلادك ، فإنّك تجد ابن عمّ لك قد مات ، فخذ ماله وكن بها حتّى يظهر أمري ، فانصرفت واحتويت على ماله وبقيت حتّى ظهر أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتيته.
    فلمّا انصرفت إلى قومي أخبرتهم بذلك ، فأسلم بعضهم ، وقال بعضهم : إذا دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسلمنا ، فلمّا قدم أسلم بقيّتهم ، وجاءت أسلم (6) فقالوا :
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (يساره) بدلا من : (يسار غنمه).
    (2) في «ر» «س» : (فيهم).
    (3) في «ر» «س» «ص» : (هلمّ).
    (4) قال في المصباح المنير : 260 : المزود بكسر الميم وعاء التمر يعمل من أدم وجمعه مزاود.
    (5) في «س» «ر» يمكن أن تقرأ : (يسبّون).
    (6) في جميع النسخ : (أسماء) ، والمثبت هو الصحيح ، فإنّ أسلم قبيلة معروفة والمنسوب إليها أسلميّ. ـ

    نسلم على الذي أسلم له إخواننا. فقال رسول الله : غفارا غفر الله لها ، وأسلم سلّمها الله (1).
    [أبو ذرّ رضى الله عنه وعثمان]
    [442 / 32] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن تغلب (2) ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ)(3) : دخل أبو ذرّ عليلا متوكّئا على عصاه على عثمان ، وعنده مائة ألف درهم حملت إليه من بعض النواحي ،
    __________________
    ـ يوافقنا على ذلك ما في مسند أحمد 5 : 175 ، صحيح مسلم 7 : 155 ، المصنّف لابن أبي شيبة 8 : 451 (إسلام أبي ذرّ) ، صحيح ابن حبّان 16 : 82 باب مناقب أبي ذرّ ، الطبقات الكبرى 4 : 221.
    (1) رواه الصدوق في الأمالي : 567 / 1 : عن أبيه ، ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد وجعفر ابن محمّد بن مسرور جميعا قالوا : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبد الله بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير .. والباقي مثله ، والكلينيّ في الكافي 8 : 297 / 457 : عن أبي عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عبد الله بن محمّد ، عن سلمة اللؤلؤيّ ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .. وعنهما في بحار الأنوار 22 : 421 / 32 ، وفيها اختلاف في بعض ألفاظه مع وحدة المضمون.
    وورد قريب منه في مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 1 : 86 عن الخدريّ.
    (2) رواية ابن أبي عمير المتوفّى سنة 217 ه‍ عن أبان بن تغلب المتوفّى سنة 140 أو 141 ه‍ مرسلة ، ولعلّ الساقط هو : (عن أبان بن عثمان) ، يظهر ذلك من ملاحظة سائر الأسانيد. (من إفادات السيّد الشبيري الزنجاني).
    وقد توسّط في الطرق والأسانيد بين ابن أبي عمير وأبان بن تغلب جماعة مثل : أبان بن عثمان [كمال الدين 671 / 18] ، وجميل بن درّاج [الكافي 4 : 413 / 1 ، و 540 / 2 وتهذيب الأحكام 5 : 119] ، وإبراهيم بن عيسى أبو أيّوب الكوفي [بصائر الدرجات 421 / 15].
    (3) البقرة : 84.

    فقال : إنّي أريد أن أضمّ إليها مثلها ، ثمّ أرى فيها رأيي.
    فقال أبو ذرّ : أتذكر إذ رأينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حزينا عشاء؟ فقال : بقي عندي من فيء المسلمين أربعة دراهم لم أكن قسّمتها ثمّ قسّمها ، فقال : الآن استرحت.
    فقال عثمان لكعب الأحبار : ما تقول في رجل أدّى زكاة ماله هل يجب عليه بعد ذلك شيء؟ قال : لا ، لو اتّخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، فقال أبو ذر رضى الله عنه : يابن اليهوديّة ، ما أنت والنظر في أحكام المسلمين؟! فقال عثمان : لو لا صحبتك لقتلتك ، ثمّ سيّره إلى الربذة (1).
    [443 / 33] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر ، حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد ، عن أبيه ، عن الحسن العسكريّ ، عن آبائه صلوات الله عليهم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأبي ذرّ : ما فعلت غنيماتك؟ قال : إنّ لها قصّة عجيبة ، قال : بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي ، فقلت : لا أقطع الصلاة ، فأخذ حملا وذهب به وأنا أحسّ به ، إذ أقبل على الذئب أسد فاستنقذ الحمل وردّه في القطيع ، ثمّ ناداني : يا أبا ذرّ ، أقبل على صلاتك ، فإنّ الله قد وكلني بغنمك ، فلمّا فرغت قال لي الأسد : امض إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره أنّ الله أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك ووكّل أسدا بغنمه ، فعجب من كان حول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (2).
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 22 : 432 / 42 وفي مستدرك الوسائل 7 : 37 / 6 باختصار ، إلى قوله : (لو لا صحبتك لقتلتك).
    ورواه القمّيّ في تفسيره 1 : 51 باختلاف مع تفصيل أكثر وعنه في بحار الأنوار 22 : 426 / 36 ومستدرك الوسائل 11 : 94 / 12 وتفسير نور الثقلين 1 : 95 / 271 والدرجات الرفيعة : 246.
    (2) ورد الخبر في تفسير الإمام العسكريّ عليه‌السلام : 73 بتفصيل أكثر : عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 22 : 393 / 1 وج 81 : 231 / 5 ومستدرك الوسائل 3 : 84 / 12 ومدينة المعاجز 1 : 409 / 272 والدرجات الرفيعة : 231.

    فصل
    [نزول آية العدل والإحسان]
    [444 / 34] ـ وعن (*) ابن عبّاس رضى الله عنه بينما (1) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بفناء بيته بمكّة جالس ، إذ مرّ به (2) عثمان بن مظعون ، فجلس ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحدّثه ، إذ شخص بصره صلى‌الله‌عليه‌وآله (3) إلى السماء ، فنظر ساعة ثمّ انحرف ، فقال عثمان : تركتني وأخذت تنفض رأسك كأنّك تشفّه (4) شيئا.
    فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أو فطنت إلى ذلك؟ قال : نعم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل عليه‌السلام ، فقال عثمان : فما قال؟ قال : قال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ)(5) قال عثمان : فأحببت محمّدا واستقرّ الإيمان في قلبي (6).
    [445 / 35] ـ وعنه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأسارى ، فأمر بقتلهم ما خلا رجلا واحدا من بينهم ، فقال الرجل : كيف أطلقت عنّي من بينهم؟
    فقال : أخبرني جبرئيل عليه‌السلام عن الله تعالى جلّ ذكره أنّ فيك خمس خصال
    __________________
    (*) تقدّم الإسناد برقم : (428).
    (1) في «س» : (بينا).
    (2) في «ص» «م» : (قرّبه).
    (3) شخص بصره : فتح عينيه فلم يطرف.
    (4) شفّ أي : بصر ورأى ما وراءه (المصباح المنير : 317).
    (5) النحل : 90.
    (6) عنه في بحار الأنوار 22 : 112 / 78.

    يحبّها (1) الله ورسوله : الغيرة الشديدة على حرمك ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وصدق اللسان ، والشجاعة ، فأسلم الرجل وحسن إسلامه (2).
    [في مقتل عمّار رحمه‌الله]
    [446 / 36] ـ وعنه ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن أحمد بن هارون الشحّام ، حدّثنا أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، حدّثنا عمر الأوديّ ، حدّثنا وكيع (3) عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي البختريّ قال : قال عمّار رضى الله عنه يوم صفّين : ائتوني بشربة لبن فأتي فشرب ، ثمّ قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن ، ثمّ تقدّم فقتل ، فلمّا قتل أخذ خزيمة بن ثابت بسيفه ، فقاتل وقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : تقتل عمّارا الفئة الباغية وقاتله في النار ، فقال معاوية : ما نحن قتلناه إنّما قتله من جاء به (4).
    ويلزم معاوية على هذا أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله هو قاتل حمزة رضى الله عنه (5).
    فصل
    [في علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالغيب]
    [447 / 37] ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» : (يحبّه).
    (2) الخصال : 282 / 28.
    (3) في النسخ : (ورفع) والمثبت موافق للمصنّف لابن أبي شيبة الكوفي 8 : 728 والطبقات الكبرى 3 : 257 وتاريخ مدينة دمشق 43 : 466.
    (4) عنه في بحار الأنوار 33 : 10 / 368 ، وانظر : المستدرك للحاكم 3 : 385 ، البداية والنهاية 7 : 268 ، شرح نهج البلاغة 2 : 810 ، الاستيعاب لابن عبد البرّ 3 : 1139 ، وورد مضمونه في أسد الغابة 4 : 134.
    (5) الظاهر أنّ قوله : (ويلزم) إلى آخره من كلام القطب الراونديّ ، ولذا لم يذكره العلّامة المجلسيّ.

    عليّ ، عن الحسن بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن موسى بن بكر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ضلّت ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك ، فقال المنافقون : يحدّثنا عن الغيب ولا يعلم مكان ناقته ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأخبره بما قالوا وقال : إنّ ناقتك في شعب كذا متعلّق زمامها بشجرة بحر (1) ، فنادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الصلاة جامعة ، قال : فاجتمع الناس (2) ، فقال : أيّها الناس ، إنّ ناقتي بشعب (3) كذا ، فبادروا إليها حتّى أتوها (4).
    [448 / 38] ـ وبهذا الإسناد قال بعض أصحابنا لأبي عبد الله عليه‌السلام : علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسماء المنافقين؟ فقال : لا ، ولكن رسول الله لمّا كان في غزوة (5) تبوك كان يسير على ناقته والناس أمامه ، فلمّا انتهى إلى العقبة (6) وقد جلس عليها أربعة عشر رجلا : ستّة من قريش ، وثمانية من أفناء (7) الناس ، أو على عكس هذا ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : إنّ فلانا وفلانا وفلانا قد قعدوا لك على العقبة لينفّروا ناقتك ، فناداهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فلان ويا فلان ويا فلان أنتم القعود لتنفّروا ناقتي ، وكان حذيفة خلفه فلحق بهم ، فقال : يا حذيفة ، سمعت؟ قال : نعم ، قال : اكتم (Cool.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (بشجرة بحتر) ، وفي البحار : (بشجرة كذا).
    (2) في «ر» زيادة : (حوله).
    (3) في «ر» «س» : (في شعب).
    (4) عنه في بحار الأنوار 18 : 109 / 9 ، وانظر : دلائل النبوّة للإصبهاني 4 : 1239.
    (5) في «ر» «س» : (بغزوة).
    (6) العقبة : منزل في طريق مكّة بعد واقصة ، وقبل القاع لمن يريد مكّة ، وهو ماء لبني عكرمة بن بكر ابن وائل (مراصد الاطّلاع 2 : 948).
    (7) قال في الصحاح 6 : 2457 : يقال : هو من أفناء الناس ، إذا لم يعلم ممّن هو ، ومثله في النهاية 3 : 476 ، وفي لسان العرب 15 : 165 : يراد بذلك قوم من هنا وهناك لا يعرفون ، الواحد : فنو.
    (Cool عنه في بحار الأنوار 21 : 233 / 10 ، الخرائج والجرائح 2 : 504.

    [449 / 39] ـ وعنه حدّثنا محمّد بن أحمد الشيبانيّ (1) ، حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكيّ ، حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن يحيى المدائنيّ ، حدّثنا الأعمش ، عن عبادة (2) ، عن ابن عبّاس قال : دخلت فاطمة عليها‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفّي فيه ، فقال : نعيت إليّ نفسي ، فبكت فاطمة عليها‌السلام ، فقال لها : لا تبكين فإنّك لا تمكثين من (3) بعدي إلّا اثنين وسبعين يوما (4) ونصف يوم حتّى تلحقي بي ، ولا تلحقي بي حتّى تتحفي بثمار الجنّة ، فضحكت فاطمة عليها‌السلام (5).
    [450 / 40] ـ وعن ابن عبّاس قال : جاء أعرابيّ من بني سليم ومعه ضبّ (6) اصطاده في البرية في كمّه (7) ، فقال : لا أؤمن بك يا محمّد (Cool ، حتّى ينطق هذا الضبّ.
    فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ضبّ ، من أنا؟ فقال : أنت محمّد بن عبد الله ، اصطفاك الله حبيبا ، فأسلم السلميّ (9).
    __________________
    (1) الظاهر هذا تصحيف من : «السنانيّ» المكتّب الذي هو من مشايخ الصدوق.
    (2) في البحار : (عباية).
    (3) قوله : (من) لم يرد في «م».
    (4) قوله : (يوما) لم يرد في «م».
    (5) عنه بحار الأنوار 43 : 156 / 3.
    (6) قال في الإفصاح في فقه اللغة 2 : 843 : الضبّ من الحشرات ، وهو من جنس الزواحف يشبه الورل ، وهو على حدّ التمساح الصغير وذنبه كذنبه ، أحرش ، مفقّر ، خشن ، وأطول ما يكون قدر شبر ، وهو يتلوّن ألوانا نحو الشمس ويعيش سبعمائة عام ، يكثر في صحاري الأقطار العربيّة ، وإذا فارق حجره لم يعرفه ، ويبيض كالطير.
    (7) في «ر» «س» : (مكّة).
    (Cool قوله : (يا محمّد) لم يرد في «ر» «س» والبحار.
    (9) ورد مضمونه في كفاية الأثر للخزّاز القمّيّ : 172 وعنه في بحار الأنوار 36 : 342 / 208.

    فصل
    [أمير المؤمنين عليه‌السلام يبيّن أفضليّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [451 / 41] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا الحسن بن حمزة العلويّ ، حدّثنا محمّد ابن داود ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن محمّد الكوفيّ ، حدّثنا أبو سعيد سهل ابن صالح العبّاسيّ (1) ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الرحمن الأعلى (2) ، حدّثنا موسى ابن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام قال : إنّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا جلوسا يتذاكرون وفيهم أمير المؤمنين عليه‌السلام إذ أتاهم يهوديّ ، فقال : يا أمّة محمّد ، ما تركتم للأنبياء درجة إلّا نحلتموها (3) لنبيّكم ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن كنتم تزعمون أنّ موسى عليه‌السلام كلّمه ربّه على طور سيناء (4) ، فإنّ الله تعالى كلّم محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله في السماء السابعة.
    وإن زعمت النصارى أنّ عيسى عليه‌السلام أبرأ الأكمه وأحيى الموتى ، فإنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله سألته قريش إحياء ميّت (5) ، فدعاني وبعثني معهم إلى المقابر ، فدعوت الله عزوجل فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله عزوجل ، وأنّ
    __________________
    (1) في «ر» : (العيّاشيّ).
    (2) الظاهر أنّه : «إبراهيم بن أبي المثنى عبد الأعلى» كما يدلّ عليه ما في رجال الشيخ حيث عدّه من أصحاب الصادق عليه‌السلام : 157 / 1750. (العرفانيان).
    (3) نحلتموها بمعنى : ادّعيتموها له ، وهي ليست له.
    (4) قال في لسان العرب 4 : 508 : الطور : الجبل ، وطور سيناء : جبل بالشام ، وهو بالسريانيّة طورى ، والنسبة إليه طوريّ وطورانيّ. وقيل : إنّ سيناء حجارة ، وقيل : إنّه اسم مكان ، وقيل : إنّه شجر ، وفي معاني الأخبار للصدوق : 49 معنى طور سيناء أنّه كان عليه شجرة الزيتون وكلّ جبل يكون عليه ما ينتفع به من النباتات والأشجار يسمّى طور سيناء وما لم يكن كذلك يسمّى جبل.
    (5) في «ر» «س» «ص» : (أن أحيا ميّتا) بدلا من : (إحياء ميّت).

    أبا قتادة بن ربعي الأنصاريّ شهد وقعة أحد ، فأصابته طعنة في عينه فبدت حدقته ، فأخذها بيده ثمّ أتى بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : امرأتي الآن تبغضني ، فأخذها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يده ثمّ وضعها مكانها ، فلم يك يعرف إلّا بفضل حسنها وضوئها على العين الأخرى ، ولقد بارز عبد الله بن عتيك فأبين يده ، فجاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلا ومعه اليد المقطوعة ، فمسح عليها فاستوت يده (1).
    فصل
    [رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والظبية المصطادة]
    [452 / 42] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد بن عبد الله بن حامد ، حدّثنا أبو عليّ (2) إسماعيل بن سعيد (3) ، حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عبد الله بن نصر القاضي ، حدّثنا إبراهيم بن سهل ، حدّثنا حسّان بن أغلب بن تميم ، عن أبيه ، عن هشام بن حسّان ، عن الحسن بن ظبية بن محصن ، عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي في الصحراء فناداه مناد : يا رسول الله ، مرّتين ، فالتفت فلم ير أحدا ، ثمّ ناداه فالتفت فإذا هو بظبية موثّقة (4) ، فقالت : إنّ هذا الأعرابيّ صادني ولي خشفان (5) في ذلك الجبل ، أطلقني حتّى أذهب وأرضعهما وأرجع ، فقال : وتفعلين (6)؟
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 17 : 249 / 3 وج 2 : 113 / 42 ، الخرائج والجرائح 2 : 505 / 18.
    (2) قوله : (عليّ) لم يرد في «ص» «م».
    (3) في «ر» «س» زيادة : (حدّثنا أبو الحسين).
    (4) في «ر» «س» : (فإذا هو بظبية موثوقة) بدلا من : (فالتفت فإذا هو بظبية موثّقة).
    (5) الخشف : ولد الغزال ، يطلق على الذكر والانثى ، والجمع خشوف مثل حمل وحمول (المصباح المنير : 170).
    (6) في «ر» «س» : (قال : أتفعلين).

    قالت : نعم ، إن لم أفعل عذّبني الله عذاب العشّار (1) ، فأطلقها فذهبت فأرضعت خشفيها ثمّ رجعت فأوثقها ، فجاء الأعرابيّ فقال : يا رسول الله ، أطلقها فأطلقها فخرجت تعدو ، وتقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله (2).
    فصل
    [كلام الناقة معه صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [453 / 43] ـ وعن ابن حامد ، عن ابن (3) سعدان الشيرازيّ ، حدّثنا أبو الخير بندار ابن يعقوب المالكيّ ، حدّثنا جعفر بن درستويه ، حدّثنا اليمان بن سعيد المصيصيّ ، حدّثنا يحيى بن عبد الله البصريّ ، حدّثنا عبد الرزّاق ، حدّثنا معمّر ، عن الزهريّ ، عن سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر (4) قال : كنّا جلوسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل أعرابيّ على ناقة حمراء ، فسلّم ثمّ قعد ، فقال بعضهم : إنّ الناقة التي تحت الأعرابيّ سرقها ، قال : أقم بيّنة.
    فقالت الناقة التي تحت الأعرابيّ : والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله ، إنّ هذا ما سرقني ولا ملكني أحد سواه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أعرابيّ ، ما الذي قلت حتّى أنطقها الله بعذرك؟
    قال : قلت : «اللهمّ إنّك لست بإله (5) استحدثناك ، ولا معك إله أعانك على
    __________________
    (1) قال الجرجاني في شرح المواقف 8 : 257 : العشّار : آخذ العشر ، ولعلّ المراد بالعشّار : الجائر.
    (2) عنه في بحار الأنوار 17 : 402 / 19 بدون سند ، وذكره أيضا في ج 75 : 348 / 50 إلى قوله : (العشّار فأطلقها) ، مجمع الزوائد 8 : 295 ، المواقف 3 : 407.
    (3) كلمة : (ابن) لم ترد في «ر» «س».
    (4) في «ر» «س» زيادة : (رفعه).
    (5) في البحار : (بربّ).

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:13 pm

    خلقنا ، ولا معك ربّ فيشركك في ربوبيّتك ، أنت ربّنا كما تقول وفوق ما يقول القائلون ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تبرئني ببراءتي.
    فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالكرامة يا أعرابيّ ، لقد رأيت الملائكة يكتبون مقالتك ، ألا ومن نزل به مثل ما نزل بك فليقل مثل مقالتك وليكثر الصلاة عليّ (1).
    فصل
    [قصّة يعفور حمار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [454 / 44] ـ وعن ابن حامد ، حدّثنا أبو الحسين أحمد بن حمدان الشجريّ ، حدّثنا عمرو بن محمّد (2) ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن مؤيّد ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عقبة بن أبي الصهباء ، حدّثنا أبو حذيفة ، عن عبد الله بن حبيب الهذليّ ، عن أبي عبد الرحمن السلميّ ، عن أبي منصور ، قال : لمّا فتح الله على نبيّه خيبر أصابه حمار أسود ، فكلّم النبيّ الحمار فكلّمه.
    وقال : أخرج الله من نسل جدّي ستّين حمارا لم يركبها إلّا نبيّ ، ولم يبق من نسل جدّي غيري ولا من الأنبياء غيرك وقد كنت أتوقّعك ، كنت قبلك ليهوديّ أعثر به عمدا ، فكان يضرب بطني ويضرب ظهري.
    فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : سمّيتك يعفورا (3) ، ثمّ قال : تشتهي الإناث يا يعفور؟ قال : لا ، وكلّما قيل : أجب رسول الله خرج إليه ، فلمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جاء إلى بئر
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 17 : 403 / 20 وج 95 : 190 / 18.
    (2) في «س» زيادة : (بختر) ، وفي «ر» زيادة : (بخت) ، وفي «ص» : زيادة كلمة غير واضحة.
    (3) في «ر» «س» «ص» : (يعفور).

    فتردّى فيها ، فصارت قبره جزعا (1)(2).
    [خوار الجذع وتسكينه]
    [455 / 45] ـ وعن ابن حامد ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، حدّثنا أحمد بن منصور ، حدّثنا عمر بن يونس بن القاسم اليماميّ ، عن عكرمة بن عمّار ، حدّثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، حدّثنا أنس ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد يوم الجمعة فيخطب بالناس ، فجاءه روميّ فقال : يا رسول الله ، أصنع (3) لك شيئا تقعد عليه؟ فصنع له منبرا له درجتان ويقعد على الثالثة ، فلمّا صعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خار الجذع كخور (4) الثور ، فنزل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسكت ، فقال : والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لما زال كذا إلى يوم القيامة ، ثمّ أمر بها فاقتلعت ، فدفنت تحت منبره (5).
    فصل
    [الإمام الرضا عليه‌السلام يجيب اليهود]
    [456 / 46] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، عن عبد الله بن جعفر الحميريّ ، عن الحسن بن طريف ، عن معمّر ، عن الرضا عن أبيه عليهما‌السلام قال : كنت عند أبي عليه‌السلام يوما
    __________________
    (1) أي : جاء إلى البئر فأسقط نفسه فيها جزعا وحزنا على النبيّ ووفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله.
    (2) عنه في بحار الأنوار 16 : 100 / 38 وج 17 : 404 / 21. وورد مثله في كتاب الخصائص 2 : 274 للسيوطيّ عن ابن عساكر.
    (3) في «ص» : (أضع).
    (4) في «ر» «س» : (كخوار).
    (5) عنه في بحار الأنوار 17 : 370 / 19 ، ووردت قضيّة حنين الجذع في مصادر عديدة مثل الخرائج والجرائح 1 : 165 / 255 ومناقب ابن شهر آشوب 1 : 90 وكشف الغمّة 1 : 24 ، إعلام الورى 1 : 76.

    وأنا طفل خماسيّ ، إذ دخل عليه نفر من اليهود ، فسألوه عن دلائل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لهم : سلوا هذا.
    فقال أحدهم : ما أعطي نبيّكم من الآيات التي نفت الشكّ ، قلت : آيات كثيرة ، اسمعوا وعوا أنتم ، تدرون أنّ الجنّ كانت تسترق السمع قبل مبعث نبيّ الله ، ثمّ بعث في أوّل رسالته بالرجوم وبطلان الكهنة والسحرة ، فإنّ أبا جهل أتاه وهو نائم خلف جدار ومعه حجر يريد أن يرميه (1) فالتصق بكفّه.
    ومن ذلك كلام الذئب ، وكلام البعير ، وأنّ امرأة عبد الله بن مسلم أتته بشاة مشويّة (2) مسمومة ومع النبيّ بشر بن البراء بن عازب ، فتناول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الذراع وتناول بشر الكراع ، فأمّا النبيّ فلاكها ولفظها ، وقال : إنّها لتخبرني أنّها مسمومة ، وأمّا بشر فلاكها وابتلعها ، فمات فأرسل إليها فأقرّت ، قال : فما حملك على ما فعلت؟
    قالت : قتل (3) زوجي وأشراف قومي ، قلت : إن كان ملكا قتلته ، وإن كان نبيّا ، فسيطلعّه الله على ذلك ، وأشياء كثيرة عدّدها على اليهودي ، فأسلم اليهوديّ ومن معه من اليهود (4) ، فكساهم أبو عبد الله عليه‌السلام ووهب لهم (5).
    [معجزة الماء والطعام]
    [457 / 47] ـ وعنه ، عن أبيه ، حدّثنا حبيب بن الحسن الكوفيّ (6) ، عن محمّد بن
    __________________
    (1) في «س» زيادة : (به).
    (2) كلمة : (مشويّة) من «ر» «س».
    (3) في «م» «ص» : (قتلت) بدلا من : (قتل).
    (4) عبارة : (من اليهود) لم ترد في «ر» «س».
    (5) ورد مضمونه في قرب الإسناد : 132 ، وعنه في بحار الأنوار 17 : 225. وانظر إعلام الورى 1 : 80.
    (6) روى ابن بابويه بواسطة أبيه عن حبيب بن الحسين الكوفي في العلل 2 : 301 / 1 ، وعن حبيب بن الحسين التغلبي (الثعلبي) في الأمالي المجلس 29 / 3 ، وقد قابلت الأمالي مع نسخ في غاية الاعتبار ، والظاهر اتّحاد الكلّ ، والمظنون وقوع التصحيف هنا (الشبيري الزنجاني).

    عبد الحميد العطّار ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام قال : خرجنا مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزاة ، فعطش الناس ولم يكن في المنزل ماء ، وكان في إناء قليل ماء ، فوضع أصابعه فيه ، فتحلّب منها الماء حتّى روى الناس والإبل والخيل وتزوّد الناس ، وكان في العسكر اثنا عشر ألف بعير ، والخيل اثنا عشر ألف فرس ، والناس ثلاثون ألفا (1)(2).
    [458 / 48] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن هارون الزنجانيّ (3) ، حدّثنا موسى بن هارون بن عبد الله ، حدّثنا لوين (4) ، حدّثنا حمّاد بن زيد ، حدّثنا هشام ، عن محمّد ، عن أنس قال : أرسلتني أمّ سليم ـ يعني : أمّه ـ على شيء صنعته وهو مدّ من شعير طحنته وعصرت عليه من عكّة (5) كان فيها سمن ، فقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن معه فدخل عليها ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أدخل عليّ عشرة عشرة ، فدخلوا فأكلوا وشبعوا ، حتّى أتى عليهم ، قال : فقلت لأنس : كم كانوا؟ قال : أربعين (6).
    فصل
    [في ذكر معاجز النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [459 / 49] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسين ، حدّثنا أبو عبد الله جعفر ابن شاذان ، حدّثنا جعفر بن عليّ بن نجيح ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون ،
    __________________
    (1) في النسخ الأربع : (ثلاثين ألفا).
    (2) عنه في بحار الأنوار 18 : 25 / 3.
    (3) في «ر» «س» : (الريحانيّ).
    (4) قوله : (حدّثنا لوين) لم يرد في «ر» «س» ، وهو محمّد بن سليمان بن حبيب كما في مستدركات معجم رجال الحديث 8 : 540.
    (5) في حاشية «ص» : (أي : آنية السمن).
    (6) عنه في بحار الأنوار 18 : 26 / 4.

    حدّثنا مصعب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد قضاء حاجة أبعد في المشي ، فأتى يوما واديا لحاجة ، فنزع خفّه وقضى حاجته ، ثمّ توضّأ وأراد لبس خفّه ، فجاء طائر أخضر ، فحمل الخفّ وارتفع به ثمّ طرحه ، فخرج منه أسود (1) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه كرامة أكرمني الله بها ، «اللهمّ إنّي (2) أعوذ بك من شرّ من يمشي على بطنه ، ومن شرّ من يمشي على رجلين ، ومن شرّ من يمشي على أربع ، ومن شرّ كلّ ذي شرّ ، ومن شرّ كلّ دابّة أنت آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم» (3).
    واعلم أنّ لكلّ عضو من أعضاء محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله معجزة واحدة :
    فمعجزة الرأس ، هو أنّ الغمامة ظلّت (4) على رأسه.
    ومعجزة عينيه (5) ، هو أنّه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه.
    ومعجزة أذنيه أنّه كان يسمع الأصوات في النوم (6) ، كما يسمع في اليقظة.
    ومعجزة لسانه هي أنّه قال للضبّ : من أنا؟ قالت (7) : أنت رسول الله.
    ومعجزة يديه أنّه خرج من بين أصابعه الماء (Cool.
    ومعجزة رجليه أنّه كان لجابر بئر زعاق (9) ، فشكا إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله العطش ، فدعا
    __________________
    (1) قد يراد به : العقرب ، قال في المصباح المنير : 294 : اقتلوا الأسودين في الصلاة يعني : الحيّة والعقرب.
    (2) في «ر» «س» زيادة : (أسألك و).
    (3) عنه في بحار الأنوار 17 : 405 / 24 وج 95 : 141 / 4.
    (4) في «ر» «س» : (الغمام ظلّلت).
    (5) في «س» : (عينه).
    (6) في «ر» «س» : (المنام).
    (7) في «ر» «س» : (قال).
    (Cool انظر : الخرائج والجرائح 1 : 28 / 17 ، كشف الغمّة 1 : 23 وعنهما في بحار الأنوار 18 : 27 / 10 ، إعلام الورى 1 : 75.
    (9) في البحار : (ماؤها زعاق). والزعاق : المرّ.

    النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بطشت وغسل رجليه وأمر بإهراق مائه فيها ، فصار ماؤها عذبا.
    ومعجزة عورته أنّه ولد مختونا.
    ومعجزة بدنه أنّه لم يقع ظلّه (1) على الأرض ، لأنّه كان نورا ، ولا يكون من النور ظلّ (2) كالسراج.
    ومعجزة ظهره ختم النبوّة ، وهي : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله مكتوب عليها ، وغير ذلك (3).
    __________________
    (1) في «م» : (له ظلّ) ، بدلا من : (ظلّه).
    (2) في «ر» «س» «ص» : (الظلّ).
    (3) انظر : إعلام الورى 1 : 74 ، بحار الأنوار 17 : 299 / 10.

    الباب العشرون :
    في احوال محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله


    [في ولادته صلى‌الله‌عليه‌وآله ونسبه]
    [460 / 1] ـ روي أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل عام الفيل يوم الاثنين ، وقيل : يوم الجمعة (1) ، ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولدت في زمن الملك العادل يعني أنوشيروان بن قباد قاتل مزدك والزنادقة ـ وهو محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب ابن هاشم (2).
    [461 / 2] ـ وروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا ، ثمّ قرأ : (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً)(3) لا يعلمهم إلّا الله تعالى جلّ ذكره (4).
    وأنّ أباه توفّي وأمّه حبلى ، وقدمت أمّه آمنة بنت وهب على أخواله من بني عديّ من النجّار بالمدينة ، ثمّ رجعت به حتّى إذا كانت بالأبواء (5) ماتت ،
    __________________
    (1) تهذيب الأحكام للطوسيّ 6 : 2 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 172 ، وعنه في بحار الأنوار 15 : 279 / 25.
    (2) عنه في بحار الأنوار 15 : 254 / 6 ، إعلام الورى 1 : 42.
    (3) الفرقان : 38. إلى هنا جاء في مناقب ابن شهر آشوب 1 : 151 وعنه في بحار الأنوار 15 : 105.
    (4) مناقب ابن شهر آشوب 1 : 155 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 1 : 178 ، إعلام الورى 1 : 43 وعنه في بحار الأنوار 15 : 280 / 25.
    (5) إعلام الورى 1 : 52 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 1 : 188.

    وأرضعته صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى شبّ حليمة بنت عبد الله السعديّة (1) ، وتزوّج بخديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة (2) ، وتوفّي عنه أبو طالب وله ستّ وأربعون سنة وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوما (3).
    والصحيح أنّ أبا طالب رضى الله عنه توفّي في آخر السنة العاشرة من مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ توفّيت خديجة بعد أبي طالب بثلاثة أيّام ، فسمّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك العام عام الحزن (4) ، فقال : ما زالت قريش قاعدة عنّي حتّى مات أبو طالب (5).
    وأقام بعد البعثة بمكّة ثلاث عشرة سنة ، ثمّ هاجر منها إلى المدينة بعد أن استتر في الغار ثلاثة أيّام ، ودخل المدينة يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأوّل ، وبقي بها (6) عشر سنين (7) ، ثمّ قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة (Cool.
    فصل
    [أوّل وضوء وصلاة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [462 / 3] ـ ذكر عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، وهو من أجلّ رواة أصحابنا : أنّ
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 45.
    (2) عنه في بحار الأنوار 15 : 111 / 56 من قوله : (وإنّ أباه) إلى : (السعديّة) وفي ج 16 : 3 / 7 عن إعلام الورى 1 : 53.
    (3) إعلام الورى 1 : 53.
    (4) عنه في بحار الأنوار 35 : 82 / 24 وج 19 : 25 / 14.
    (5) انظر : كشف الغمّة 1 : 16 ، إعلام الورى 1 : 53 ، سيرة ابن هشام 1 : 198 ، الطبقات الكبرى 1 : 132 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 20 ، مروج الذهب 3 : 15 / 1461.
    (6) في «ر» «س» : (فيها).
    (7) عنه في بحار الأنوار 19 : 69 / 19.
    (Cool عنه في بحار الأنوار 22 : 514 / 16 ، وانظر : الكافي 1 : 346 ، كشف الغمّة 1 : 16 ، سيرة ابن هشام 2 : 130 ، الكامل في التاريخ 2 : 104 و 106.

    النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا أتى له سبع وثلاثون سنة كان يرى في نومه أنّ آتيا أتاه فيقول (1) : يا رسول الله ، وكان بين الجبال يرعى غنما فنظر إلى شخص يقول له : يا رسول الله ، فقال : من أنت؟ قال : أنا جبرئيل ، أرسلني الله إليك ليتّخذك رسولا ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يكتم ذلك.
    فأنزل جبرئيل بماء من السماء ، فقال : يا محمّد ، قم فتوضّ ، فعلّمه جبرئيل الوضوء على الوجه واليدين من المرفق ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين ، وعلّمه الركوع والسجود ، فدخل عليّ عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يصلّي ـ هذا لما تمّ له صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعون سنة ـ فلمّا نظر إليه يصلّي قال : يا أبا القاسم ، ما هذا؟ قال : هذه الصلاة التي أمرني الله بها ، فدعاه إلى الإسلام ، فأسلم وصلّى معه ، وأسلمت خديجة ، فكان لا يصلّي إلّا رسول الله وعليّ صلوات الله عليهما وخديجة خلفه.
    فلمّا أتى لذلك أيّام دخل أبو طالب إلى منزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه جعفر ، فنظر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ عليه‌السلام بجنبه يصلّيان ، فقال لجعفر : يا جعفر ، صل جناح ابن عمّك ، فوقف جعفر بن أبي طالب من الجانب الآخر.
    [قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتّجر لخديجة قبل أن يتزوج بها وكان أجيرا لها فبعثته في عير لقريش إلى الشام مع غلام لها يقال له : ميسرة ، فنزلوا تحت صومعة راهب من الرهبان ، فنزل الراهب من الصومعة ونظر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : من هذا؟ قالوا : هذا ابن عبد المطّلب. قال : لا ينبغي أن يكون أبوه حيّا ونظر إلى عينيه وبين كتفيه فقال : هذا نبيّ الأمّة ، هذا نبي السيف ، فرجع ميسرة إلى خديجة فأخبرها بذلك وكان هذا هو الذي أرغب خديجة في تزويجها نفسها منه وربحت في تلك السفرة ألف دينار](2).
    __________________
    (1) في «ر» «س» وإعلام الورى : (كأنّ آتيا أتاه يقول) ، وفي «ص» : (كان آتيا أتاه فيقول) بدلا من : (أنّ آتيا أتاه فيقول).
    (2) مابين المعقوفين أضفناه من إعلام الورى.

    ثمّ خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى بعض أسواق العرب فرأى زيدا ، فاشتراه لخديجة ووجده غلاما كيّسا ، فلمّا تزوّجها وهبته له ، فلمّا نبّئ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسلم زيد أيضا ، فكان يصلّي خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ وجعفر وزيد وخديجة (1).
    فصل
    [بداية إعلان الدعوة إلى الإسلام]
    [463 / 4] ـ قال عليّ بن إبراهيم : ولمّا أتى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زمان (2) عند ذلك أنزل الله عليه (3) : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)(4) فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقام (5) على الحجر وقال : يا معشر قريش ، يا معشر العرب ، أدعوكم إلى عبادة الله وخلع الأنداد والأصنام ، وأدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله ، فأجيبوني تملكوا بها العرب وتدين لكم بها العجم وتكونون ملوكا ، فاستهزؤوا منه وضحكوا وقالوا : جنّ محمّد بن عبد الله وآذوه بألسنتهم.
    وكان من يسمع من خبره ما سمع من أهل الكتب يسلمون ، فلمّا رأت قريش من يدخل في الإسلام جزعوا من ذلك ، ومشوا إلى أبي طالب وقالوا : كفّ عنّا ابن أخيك ، فإنّه قد سفّه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا ، وقالوا : يا محمّد ، إلى ما تدعو؟
    قال : إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وخلع الأنداد كلّها ، قالوا : ندع ثلاثمائة وستّين
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 18 : 184 / 14 ، ورواه مفصّلا الطبرسيّ في إعلام الورى 1 : 102 ـ 104 ، ونقل قطعة منه ابن شهر آشوب في مناقبه 1 : 44.
    (2) في إعلام الورى (ثلاث سنين) بدلا من : (زمان).
    (3) في «ر» «س» : (نزل عند ذلك عليه).
    (4) الحجر : 94.
    (5) في «ر» «س» : (حتّى قام).

    إلها ونعبد إلها واحدا ، وحكى الله تعالى عزّ وعلا قولهم : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ* أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) إلى قوله : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ)(1).
    ثمّ قالوا لأبي طالب : إن كان ابن أخيك يحمله على هذا العدم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مالي حاجة في المال ، فأجيبوني تكونوا ملوكا في الدنيا وملوكا في الآخرة ، فتفرّقوا ثمّ جاؤوا إلى أبي طالب ، فقالوا : أنت سيّد من ساداتنا (2) وابن أخيك قد فرّق جماعتنا ، فهلمّ ندفع إليك أبهى فتى في قريش وأجملهم وأشرفهم عمارة بن الوليد يكون لك ابنا وتدفع إلينا محمّدا لنقتله.
    فقال أبو طالب : ما أنصفتموني! تسألوني أن أدفع إليكم ابني لتقتلوه ، وتدفعون إليّ ابنكم لأربّيه لكم ، فلمّا آيسوا منه كفّوا (3).
    فصل
    [نزول آية بحق الوليد بن المغيرة]
    [464 / 5] ـ وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يكفّ عن عيب آلهة المشركين ، ويقرأ عليهم القرآن ، وكان الوليد بن المغيرة من حكّام العرب يتحاكمون إليه في الأمور ، وكان له عبيد عشرة عند كلّ عبد (4) ألف دينار يتّجر بها وملك القنطار (5) ـ وكان عمّ أبي جهل ـ فقالوا له : يا عبد شمس ، ما هذا الذي يقول محمّد : أسحر أم كهانة أم خطب؟
    __________________
    (1) سورة ص : 4 ـ 8.
    (2) في «ر» : (سيّدنا) بدلا من : (سيّد من ساداتنا).
    (3) عنه في بحار الأنوار 18 : 185 / 15 ، ورواه مفصّلا الطبرسيّ في إعلام الورى 1 : 106 ـ 108 ، وانظر تفسير القمّيّ 1 : 378 ـ 380 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 57 ، تاريخ الطبري 2 : 322.
    (4) في «ر» «س» : (عشرة عبيد عند كلّ واحد منهم) بدلا من : (عبيد عشرة عند كلّ عبد).
    (5) القنطار : جلد ثور مملوء ذهبا (إعلام الورى 1 : 110).

    فقال : دعوني أسمع كلامه ، فدنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو جالس في الحجر ، فقال : يا محمّد ، أنشدني شعرك ، فقال : ما هو بشعر ، ولكنّه كلام الله الذي بعث أنبياءه ورسله.
    فقال : اتل ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، فلمّا سمع «الرحمن» استهزأ منه ، وقال : تدعو إلى رجل باليمامة باسم الرحمن؟ قال : لا ولكنّي أدعو إلى الله وهو الرحمن الرحيم.
    ثمّ افتتح حم السجدة ، فلمّا بلغ إلى قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ)(1) وسمعه اقشعرّ جلده ، وقامت كلّ شعرة في بدنه ، وقام ومشى إلى بيته ، ولم يرجع إلى قريش ، فقالوا : صبا أبو عبد الشمس إلى دين محمّد.
    فاغتمّت قريش وغدا عليه أبو جهل ، فقال : فضحتنا يا عمّ ، قال : يابن أخي ، ما ذاك وإنّي على دين قومي ، ولكنّي سمعت كلاما صعبا تقشعرّ منه الجلود ، قال : أفشعر هو؟ قال : ما هو بشعر ، قال : فخطب؟ قال : لا إنّ الخطب كلام متصل ، وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا له طلاوة (2) ، قال : فكهانة هو؟ قال : لا ، قال : فما هو؟
    قال : دعني أفكّر فيه ، فلمّا كان من الغد ، قالوا : يا عبد شمس ما تقول؟
    قال : قولوا : هو سحر ، فإنّه آخذ بقلوب الناس ، فأنزل الله تعالى فيه : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً* وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً* وَبَنِينَ شُهُوداً) إلى قوله : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ)(3)(4).
    __________________
    (1) فصّلت : 13.
    (2) الطلاوة : الرونق والحسن (النهاية 3 : 137).
    (3) المدّثّر : 11 ـ 30.
    (4) عنه في بحار الأنوار 18 : 186 / 16 ، إعلام الورى 1 : 110 ، وانظر : تفسير القمّيّ 2 : 393 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 52.

    [465 / 6] ـ وفي حديث حمّاد بن زيد ، عن أيّوب ، عن عكرمة قال : جاء الوليد ابن المغيرة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : اقرأ عليّ ، فقرأ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(1).
    فقال : أعد فأعاد ، فقال : والله إنّ له لحلاوة وطلاوة ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وإنّ أسفله لمغدق (2) ، وما هذا بقول بشر (3).
    فصل
    [دفاع أبي طالب وحمزة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [466 / 7] ـ وكان قريش يجدّون في أذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان أشدّ الناس عليه عمّه أبو لهب ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا في الحجر ، فبعثوا إلى سلى (4) الشاة فألقوه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاغتمّ من ذلك ، فجاء إلى أبي طالب ، فقال : يا عمّ ، كيف حسبي فيكم؟ قال : وما ذاك يابن أخ؟
    قال : إنّ قريشا ألقوا عليّ السلى ، فقال لحمزة : خذ السيف ، وكانت قريش جالسة في المسجد ، فجاء أبو طالب ومعه السيف وحمزة ومعه السيف ، فقال : أمرّ السلى على سبالهم (5) فمن أبى فاضرب عنقه ، فما تحرّك أحد حتّى أمرّ السلى
    __________________
    (1) النحل : 90.
    (2) أي خصب وعذب ومتّسع ، وفي البحار : (لمغذق).
    (3) عنه في بحار الأنوار 18 : 186 ، إعلام الورى 1 : 112 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 53 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 2 : 198 (باختلاف يسير).
    (4) سلى : المشيمة وهي جلدة فيها الولد في بطن أمّه (المصباح المنير : 287) ، وفي كتاب العين 2 : 396 : السلى الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمّه ملفوفا فيه. وقيل : هو في الماشية السلى ، وفي الناس المشيمة.
    (5) سبال جمع سبلة ، وهي ما على الشارب من الشعر أو مجتمع الشاربين ، أو ما على الذقن إلى ـ

    على سبالهم ، ثمّ التفت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يابن أخ هذا حسبك منّا وفينا (1).
    [467 / 8] ـ وفي صحيح البخاري ، عن عبد الله قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ساجد وحوله ناس من قريش ومعهم سلى بعير ، فقالوا : من يأخذ هذا فيقذفه على ظهره ، فجاء عقبة بن أبي معيط فقذفه على ظهر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وجاءت فاطمة عليها‌السلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع ذلك ، قال عبد الله : فما رأيت رسول الله دعا عليهم (2) إلّا يومئذ ، قال : اللهمّ عليك الملأ من قريش ، قال عبد الله : ولقد رأيتهم قتلوا يوم بدر وألقوا في القليب (3).
    [468 / 9] ـ وكان أبو جهل تعرّض لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأذّاه بالكلام ، فقالت امرأة من بعض السطوح لحمزة : يا أبا يعلى ، إنّ عمرو بن هشام تعرّض لمحمّد وأذّاه ، فغضب حمزة ومرّ نحو أبي جهل ، وأخذ قوسه فضرب بها رأسه ، ثمّ احتمله فجلد به الأرض ، واجتمع الناس وكاد يقع فيهم شرّ.
    فقالوا : يا أبا يعلى ، صبوت إلى دين محمّد؟ قال : نعم أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله (4) ، ثمّ غدا إلى رسول الله فقال : يابن أخ ، أحقّ ما تقول؟ فقرأ عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من القرآن ، فاستبصر حمزة فثبت على دين الإسلام ، وفرح
    __________________
    ـ طرف اللحية كلّها كما في لسان العرب 11 : 321 ، وفي شرح أصول الكافي 7 : 183 للمازندراني : السبال بالكسر جمع سبلة بالتحريك وهي الشارب وقيل : هي الشعرات التي تحت اللحى الأسفل ، وقيل : هي عند العرب مقدم اللحية ومنها على الصدر.
    (1) عنه في بحار الأنوار 18 : 178 / 7 وص 209 / 38 ، إعلام الورى 1 : 120.
    (2) في «ر» «س» : (على قريش) بدلا من : (عليهم).
    (3) صحيح البخاري 5 : 122 / 193 وفي طبعة أخرى 1 : 69 وج 4 : 127 ، إعلام الورى 1 : 120 ، وعنه في بحار الأنوار 18 : 209 / 38. والقليب : البئر ، قال الأزهري : القليب عند العرب البئر العادية القديمة ، مطوية أو غير مطوية والجمع قلب (المصباح المنير : 512).
    (4) في إعلام الورى زيادة : (على جهة الغضب والحميّة ، فلمّا رجع إلى منزله ندم).

    رسول الله ، وسرّ أبو طالب بإسلامه وقال :
    فصبرا أبا يعلى على دين أحمد
    وكن مظهرا للدين وفّقت صابرا

    وحطّ من أتى (1) بالدين من عند ربّه
    بصدق وحقّ لا تكن حمز كافرا

    فقد سرّني أن قلت : إنّك مؤمن
    فكن لرسول الله في الله ناصرا

    وناد قريشا بالذي قد أتيته
    جهارا وقل : ما كان أحمد ساحرا (2)

    فصل
    [هجرة جعفر عليه‌السلام ومن معه إلى الحبشة]
    [469 / 10] ـ ولمّا اشتدّت قريش في أذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأذى أصحابه ، أمرهم أن يخرجوا إلى الحبشة ، وأمر جعفرا أن يخرج بهم ، فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا حتّى ركبوا البحر ، فلمّا بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة ابن الوليد إلى النجاشيّ أن يردّهم إليهم ، فوردوا على النجاشيّ وحملوا إليه هدايا ، فقال عمرو : أيّها الملك ، إنّ قوما منّا خالفونا في ديننا وصاروا إليك ، فردّهم إلينا.
    فبعث الناس (3) إلى جعفر وأحضره ، فقال : يا جعفر ، إنّ هؤلاء يسألونني أن أردّكم إليهم ، فقال : أيّها الملك ، سلهم أنحن عبيد لهم؟ قال : عمرو : لا ، بل أحرار كرام ، قال : فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال : لا ، ما لنا عليهم ديون ، قال : فلهم في أعناقنا دماء؟ قال عمرو : ما لنا في أعناقهم دماء ولا نطالبهم بذحول (4) ،
    __________________
    (1) المعنى يكون : احفظه وتعهّده ومنه قولهم : حطّ حطّ أي تعهّد بصلة الرحم وأحدق به من جوانبه.
    (2) إعلام الورى 1 : 122 وعنه في بحار الأنوار 18 : 210 / 38 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 62.
    (3) في إعلام الورى : (النجاشي) بدلا من : (الناس). والمراد : فبعث النجاشي الناس إلى جعفر.
    (4) الذحول : جمع ذحل ، وهو الحقد والعداوة ، يقال : طلب بذحله أي بثأره (الصحاح 4 : 1701).

    قال : فما تريدون منّا؟ قال عمرو : خالفونا في ديننا وفرّقوا جماعتنا ، فردّهم إلينا.
    فقال جعفر : أيّها الملك ، خالفناهم لنبيّ بعثه الله فينا ، أمرنا بخلع الأنداد ، وترك الاستقسام بالأزلام ، وأمرنا بالصلاة والزكاة ، وحرّم الظلم والجور وسفك الدماء بغير حلّها والزنا والربا والدم والميتة ، وأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
    فقال النجاشيّ : بهذا بعث الله تعالى عزّ وعلا عيسى عليه‌السلام ، ثمّ قال النجاشيّ : أتحفظ ـ يا جعفر ـ ممّا أنزل الله على نبيّك شيئا؟ قال : نعم ، قال : اقرأ ، فقرأ عليه سورة مريم ، فلمّا بلغ إلى قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)(1) قال : إنّ هذا هو الحقّ.
    فقال عمرو : أيّها الملك ، إنّ هذا ترك ديننا ، فردّه إلينا وإلى بلادنا ، فرفع النجاشيّ يده فضرب بها وجهه ، ثمّ قال : لئن ذكرته بسوء لأقتلنّك ، فخرج عمرو والدم يسفك على ثيابه.
    قال : وكان عمارة حسن الوجه وعمرو كان أخرج أهله معه ، فلمّا كانوا في السفينة شربوا الخمر ، قال عمارة لعمرو : قل لأهلك تقبّلني ، فقال عمرو : أيجوز هذا؟ فلمّا تنشّى عمارة ألقى عمروا في البحر ، فتشبّث بصدر السفينة فأخرجوه.
    ثمّ إنّهم لمّا كانوا عند النجاشيّ كانت وصيفة على رأسه تذبّ عنه وتنظر إلى عمارة وكان فتى جميلا ، فلمّا رجع عمرو إلى منزله قال لعمارة : لو راسلت جارية الملك ففعل فأجابته ، قال عمرو : قل لها : تحمل إليك من طيب الملك شيئا ، فحملت إليه فأخذه عمرو ، وكان الذي فعل به عمارة في قلبه حيث ألقاه في البحر ، فأدخل الطيب على النجاشيّ وقال : إنّ صاحبي الذي معي راسل حرمتك
    __________________
    (1) مريم : 25.

    وخدعها وهذا طيبها ، فغضب النجاشيّ وهمّ أن يقتل عمارة ثمّ قال : لا يجوز قتله لأنّهم دخلوا بلادي بأمان ، فأمر أن يفعلوا به شيئا أشدّ من القتل ، فأخذوه ونفخوا في إحليله بالزّيبق فصار مع الوحش.
    فرجع عمرو إلى قريش وأخبرهم بخبره ، وبقي جعفر بأرض الحبشة في أكرم كرامة ، فما زال بها حتّى بلغه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد هادن قريشا وقد وقع بينهم صلح ، فقدم بجميع من معه ووافى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد فتح خيبر ، وقد ولد لجعفر من أسماء بن عميس بالحبشة عبد الله بن جعفر (1).
    [470 / 11] ـ وقال أبو طالب يحضّ النجاشيّ على نصرة النبيّ وأتباعه وأشياعه (2) :
    تعلم مليك الحبش أنّ محمّدا
    نبيّ كموسى والمسيح بن مريم

    أتى بالهدى مثل الذي أتيا به
    وكلّ بحمد (3) الله يهدي ويعصم

    وأنّكم تتلونه في كتابكم
    بصدق حديث لا حديث المرجّم (4)

    فلا تجعلوا لله ندّا وأسلموا
    فإنّ طريق الحقّ ليس بمظلم (5)

    [رسالة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى النجاشي والجواب عليها]
    [471 / 12] ـ وفيما روى محمّد بن إسحاق أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث عمرو بن أميّة الضمريّ إلى النجاشيّ في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه ، وكتب معه كتابا :
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 115 وعنه في بحار الأنوار 18 : 414 / 7.
    انظر : تاريخ اليعقوبيّ 2 : 29 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 2 : 293 ، البداية والنهاية 3 : 69.
    (2) في «ر» «س» : (شعر) بدلا من : (وأتباعه وأشياعه).
    (3) في إعلام الورى : (بأمر).
    (4) في إعلام الورى : (المترجم).
    (5) عنه في بحار الأنوار 18 : 418 / 4 ، إعلام الورى 1 : 118.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    من محمّد رسول الله إلى النجاشيّ الأصحم صاحب الحبشة ،
    سلام عليك :
    إنّي أحمد إليك الله (1) الملك القدّوس المؤمن المهيمن ، وأشهد أنّ عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيّبة الحصينة ، فحملت بعيسى ، فخلقه من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه فيه ، وإنّي أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، والموالاة على طاعته ، وأن تتّبعني وتؤمن بي وبالذي جاءني ، فإنّي رسول الله قد بعثت إليكم ابن عمّي جعفر بن أبي طالب ، معه نفر من المسلمين ، فإذا جاؤوك فأقرّهم ودع التجبّر فإنّي أدعوك وجيرتك (2) إلى الله تعالى ، وقد بلّغت ونصحت ، فاقبلوا نصيحتي ، والسلام على من اتّبع الهدى.
    فكتب إليه النجاشيّ :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إلى محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من النجاشيّ الأصحم بن أبحر ،
    سلام عليك يا نبيّ الله من الله ورحمة الله وبركاته ، لا إله إلّا هو الذي هداني إلى الإسلام ، وقد بلغني كتابك ـ يا رسول الله ـ فيما ذكرت من أمر عيسى ، فو ربّ السماء والأرض أنّ عيسى ما يزيد على ما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قرينا ابن عمّك وأصحابه ، وأشهد أنّك رسول الله صادقا مصدّقا ، وقد بايعتك وبايعت ابن عمّك ، وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين ، وقد بعثت إليك يا رسول الله أريحا بن الأصحم بن أبحر ، فإنّي لا أملك إلّا نفسي إن شئت أن آتيك
    __________________
    (1) في «ر» «س» زيادة : (الذي لا إله إلّا هو).
    (2) في إعلام الورى : (وجنودك).

    فعلت يا رسول الله ، إنّي أشهد أنّ ما تقول حقّ.
    ثمّ بعث إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هدايا ، وبعث إليه بمارية القبطيّة أمّ إبراهيم عليه‌السلام ، وبعث إليه بثياب وطيب كثير وفرس ، وبعث إليه بثلاثين رجلا من القسّيسين لينظروا إلى كلامه ومقعده ومشربه ، فوافوا المدينة (1) ، ودعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الإسلام ، فآمنوا ورجعوا إلى النجاشيّ (2).
    فصل
    [قصّة المعراج]
    وقصّة المعراج معروفة في قوله جلّت عظمته :
    (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(3).
    [472 / 13] ـ وبالإسناد المذكور (*) عن ابن بكير ، عن الصادق عليه‌السلام قال : لمّا أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى سماء الدنيا لم يمرّ بأحد من الملائكة إلّا استبشروا به ، قال : ثمّ مرّ بملك كئيب حزين فلم يستبشر به ، فقال : يا جبرئيل ، ما مررت بأحد من الملائكة إلّا استبشر بي إلّا هذا الملك ، فمن هذا؟
    قال : هذا مالك ، خازن جهنّم ، وهكذا جعله الله ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل ، سله أن يرينيها ، قال : فقال جبرئيل : يا مالك ، هذا محمّد رسول الله عليهما‌السلام وقد شكا إليّ وقال : ما مررت بأحد من الملائكة إلّا استبشروا بي إلّا هذا الملك ، فأخبرته أن
    __________________
    (1) في حاشية «ر» استظهر : (مكّة) بدلا من : (المدينة).
    (2) إعلام الورى 1 : 118 وعنه في بحار الأنوار 18 : 418 / 5 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 2 : 308 ، البداية والنهاية 3 : 83 ، البداية والنهاية 3 : 83.
    (3) الإسراء : 1.
    (3) (*) تقدّم الإسناد برقم : (42) و (234).

    هكذا جعله الله حيث شاء ، وقد سألني أن أسألك أن تريه جهنّم ، قال : فكشف له عن طبق من أطباقها ، فما رؤي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضاحكا حتّى قبض (1).
    [473 / 14] ـ وعن (*) أبي بصير قال : سمعته (2) يقول : إنّ جبرئيل احتمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى انتهى به إلى مكان من السماء ، ثمّ تركه وقال : ما وطأ نبيّ قطّ مكانك.
    وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل عليه‌السلام وأنا بمكّة ، فقال : قم يا محمّد ، فقمت معه وخرجت إلى الباب ، فإذا جبرئيل ومعه ميكائيل وإسرافيل ، فأتى جبرئيل بالبراق ، فكان فوق الحمار ودون البغل ، خدّه كخدّ الإنسان ، وذنبه كذنب البقر ، وعرفه كعرف الفرس ، وقوائمه كقوائم الإبل ، عليه رحل من الجنّة ، ، وله جناحان من فخذيه ، خطوه منتهى طرفه (3).
    فقال : اركب ، فركبت ومضيت حتّى انتهيت إلى بيت المقدس ، ولمّا انتهيت إليه إذ (4) الملائكة نزلت من السماء بالبشارة والكرامة من عند ربّ العزّة ، وصلّيت في بيت المقدس ، وفي بعضها بشّر لي (5) إبراهيم في رهط من الأنبياء ، ثمّ وصف موسى وعيسى صلوات الله عليهما ، ثمّ أخذ جبرئيل بيدي إلى الصخرة فأقعدني عليها ، فإذا معراج إلى السماء لم أر مثلها حسنا وجمالا.
    فصعدت إلى السماء الدنيا ، ورأيت عجائبها وملكوتها ، وملائكتها يسلّمون عليّ.
    __________________
    (1) تفسير العيّاشيّ 2 : 299 / 8 وعنه في بحار الأنوار 6 : 381 وورد مضمونه في الأمالي للصدوق : 696 / 6 وعنه في بحار الأنوار 18 : 341.
    (*) الظاهر أنّه عطف على طريق ابن بكير عن أبي بصير.
    (2) في البحار 18 : 375 : (سمعت الصادق عليه‌السلام).
    (3) المراد ب : «خطوه» أنّه كان سريعا بحيث يضع كلّ خطوة منه على منتهى مدّ بصره.
    (4) في «ص» «م» والبحار : (إذا).
    (5) في البحار : (بشّرني).

    ثمّ صعد بي إلى السماء الثانية (1).
    ثمّ صعد بي إلى السماء الثالثة ، فرأيت بها يوسف عليه‌السلام.
    ثمّ صعدت إلى السماء الرابعة ، فرأيت فيها إدريس عليه‌السلام.
    ثمّ صعد بي إلى السماء الخامسة ، فرأيت فيها هارون عليه‌السلام.
    ثمّ صعد بي إلى السماء السادسة ، فإذا فيها خلق كثير يموج بعضهم في بعض ، وفيها الكروبيّون.
    قال : ثمّ صعد بي إلى السماء السابعة فأبصرت فيها خلقا وملائكة (2).
    [474 / 15] ـ وفي حديث آخر قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأيت في السماء السادسة موسى عليه‌السلام ، ورأيت في السابعة إبراهيم عليه‌السلام ثمّ قال : جاوزنا متصاعدين إلى أعلى علّيّين ، ووصف ذلك إلى أن قال : ثمّ كلّمني ربّي وكلّمته ، ورأيت الجنّة والنار ، ورأيت العرش وسدرة المنتهى.
    قال : ثمّ رجعت إلى مكّة ، فلمّا أصبحت حدّثت به (3) ، فأكذبني أبو جهل والمشركون ، وقال مطعم بن عديّ : أتزعم أنّك سرت مسيرة شهرين في ساعة؟ أشهد أنّك كاذب ، ثمّ قالت قريش : أخبرنا عمّا رأيت.
    فقال : مررت بعير بني فلان ، وقد أضلّوا بعيرا لهم وهم في طلبه ، وفي رحلهم قعب من ماء مملوّ ، فشربت الماء فغطّيته كما كان ، فاسألوهم هل وجدوا الماء في القدح؟ قالوا : هذه آية واحدة.
    فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : مررت بعير بني فلان ، فنفر بعير فلان فانكسرت يده ، فاسألوهم عن ذلك ، فقالوا : هذه آية أخرى. قالوا : فأخبرنا عن عيرنا ، قال : مررت بها بالتنعيم ،
    __________________
    (1) قوله : (ثمّ صعد بي إلى السماء الثانية) من «ر».
    (2) عنه في بحار الأنوار 18 : 375 / 81.
    (3) في «ص» «م» : (فيه الناس) بدلا من : (به).

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:14 pm

    وبيّن لهم أحوالها وهيئاتها ، قالوا : هذه آية أخرى (1).
    [475 / 16] ـ وفي رواية أخرى قال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فاسألوه كم فيها من الأساطين والقناديل؟ فقالوا : يا محمّد ، إنّ هيهنا من دخل بيت المقدس ، فصف لنا أساطينه وقناديله ، فجاء جبرئيل عليه‌السلام فعلّق صورة بيت المقدس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما سألوه عنه ، فلمّا أخبرهم قالوا : حتّى تجيء العير ونسألهم عمّا قلت (2).
    فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تصديق ذلك أنّ العير تطلع عليكم عند طلوع الشمس يقدمها جمل أحمر عليه غرارتان (3) ، فلمّا كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة والقرص ، فإذا العير يقدمها جمل أحمر ، فسألوهم عمّا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : لقد كان هذا ، فلم يزدهم إلّا عتوّا (4).
    [في شعب أبي طالب رضى الله عنه]
    [476 / 17] ـ فاجتمعوا في دار الندوة وكتبوا صحيفة بينهم أن لا يواكلوا بني هاشم ولا يكلّموهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يزوّجوهم ، ولا يتزوّجوا إليهم حتّى يدفعوا إليهم محمّدا ليقتلوه ، وأنّهم يد واحدة على محمّد يقتلونه غيلة أو صراحا ، فلمّا بلغ ذلك أبا طالب جمع بني هاشم ودخلوا الشعب ، وكانوا أربعين رجلا ، فحلف لهم أبو طالب بالكعبة والحرم ؛ إن شاكت محمّدا شوكة لأتينّ (5)
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 18 : 376 / 81.
    (2) في «ر» «س» : (أخبرت).
    (3) في «ص» «م» : (أحمر عليه عرارتان) ، وفي إعلام الورى : (أحمر عليه عزارتان) ، والغرارة : الوعاء (العين 4 : 346).
    (4) إعلام الورى 1 : 124 وعنه في بحار الأنوار 18 : 336.
    (5) الأصل : (أتي) ماض مجهول اكّد باللام والنون المثقّلة فصارت : (لأتينّ) والمعنى لأتتكم الهلكة.

    عليكم يا بني هاشم.
    وحصّن الشعب ، وكان يحرسه بالليل والنهار ، فإذا جاء الليل يقوم بالسيف عليه ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مضطجع ، ثمّ يقيمه ويضجعه في موضع آخر ، فلا يزال الليل كلّه هكذا ، ويوكّل ولده وولد أخيه به يحرسونه بالنهار فأصابهم الجهد.
    وكان من دخل مكّة من العرب لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئا ، ومن باع منهم (1) شيئا انتهبوا ماله ، وكان أبو جهل والعاص بن وائل السهميّ والنضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط يخرجون إلى الطرقات التي تدخل مكّة ، فمن رأوه معه ميرة (2) نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا ، ويحذّرونه إن باع شيئا منهم انتهبوا ماله.
    وكانت خديجة لها مال كثير وأنفقته على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الشعب ، ولم يدخل في حلف الصحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد المطّلب بن عبد مناف ، وقال : هذا ظلم ، وختموا الصحيفة بأربعين خاتما كلّ رجل من رؤساء قريش بخاتمه ، وعلّقوها في الكعبة ، وتابعهم على ذلك أبو لهب.
    وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج في كلّ موسم ، فيدور على قبائل العرب ، فيقول لهم : تمنعون لي جانبي حتّى أتلو عليكم كتاب ربّكم وثوابكم الجنّة على الله ، وأبو لهب في أثره فيقول : لا تقبلوا منه ، فإنّه ابن أخي وهو كذّاب ساحر ، فلم يزل هذا حالهم.
    وبقوا في الشعب أربع سنين لا يأمنون إلّا من موسم إلى موسم ، ولا يشترون ولا يبيعون إلّا في الموسم ، وكان يقوم بمكّة موسمان في كلّ سنة : موسم العمرة في رجب ، وموسم الحجّ في ذي الحجّة ، فكان إذا اجتمعت المواسم يخرج
    __________________
    (1) في «م» «ص» : (بني هاشم).
    (2) الميرة : جلب القوم الطعام للبيع (العين 8 : 295).

    بنو هاشم من الشعب ، فيشترون ويبيعون ، ثمّ لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلى الموسم الثاني ، وأصابهم الجهد وجاعوا ، وبعثت قريش إلى أبي طالب : ادفع إلينا محمّدا نقتله ونملّكك علينا ، فقال أبو طالب رضى الله عنه قصيدته اللّاميّة يقول فيها :
    ولمّا رأيت القوم لا ودّ منهم (1)
    وقد قطعوا كلّ العرى والوسائل

    وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
    ثمال اليتامى (2) عصمة للأرامل

    كذبتم وبيت الله يبزى (3) محمّد
    ولمّا نطاعن دونه ونقاتل

    لعمري لقد كلّفت وجدا بأحمد
    وأحببته حبّ الحبيب المواصل

    وجدت بنفسي دونه وحميته
    وادرأت عنه بالذّرى والكواهل

    فأيّده ربّ العباد بنصره
    وأظهر دينا حقّه غير باطل

    فلمّا سمعوا هذه القصيدة آيسوا منه ، وكان أبو العاص بن الربيع ، وهو ختن (4) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتي بالعير بالليل عليها البرّ والتمر إلى باب الشعب ، ثمّ يصيح بها فتدخل الشعب فيأكله بنو هاشم ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد صاهرنا أبو العاص (5) فأحمدنا صهره.
    __________________
    (1) في إعلام الورى 1 : 126 والبحار : (فيهم).
    (2) الثمال بالكسر : الغياث ، يقال : فلان ثمال قومه أي غياث لهم وقائم بأمرهم ، والمراد بعصمة للأرامل أي يمنعهم عن الحاجة والضياع (انظر النهاية في غريب الحديث 1 : 222).
    (3) قال ابن الأثير في النهاية 1 : 125 في مادّة : (بزا) في قصيدة أبي طالب يعاتب قريشا في أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :
    كذبتم وبيت الله يبزى محمّد
    ولمّا نطاعن دونه ونناضل

    يبزى أي يقهر ويغلب ، أراد لا يبزى ، فحذف «لا» من جواب القسم ، وهي مرادة ، أي لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع.
    (4) الختن : الصهر (العين 4 : 238).
    (5) في النسخ الأربع : (العبّاس) بدلا من : (العاص) ، والمثبت عن إعلام الورى 1 : 127.

    [دابّة الأرض أكلت الصحيفة]
    ولمّا أتى أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابّة الأرض ، فلحست (1) جميع ما فيها من قطيعة وظلم ، وتركت : باسمك اللهمّ ، ونزل جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره بذلك ، فأخبر رسول الله أبا طالب ، فقام أبو طالب ولبس ثيابه ثمّ مشى حتّى دخل المسجد على قريش وهم مجتمعون فيه ، فلمّا أبصروه قالوا : قد ضجر أبو طالب وجاء الآن ليسلّم ابن أخيه ، فدنا منهم وسلّم عليهم ، فقاموا إليه وعظّموه ، وقالوا : قد علمنا ـ يا أبا طالب ـ أنّك أردت مواصلتنا والرجوع إلى جماعتنا ، وأن تسلّم ابن أخيك إلينا.
    قال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني ـ ولم يكذّبني ـ أنّ الله تعالى أخبره أنّه بعث على صحيفتكم القاطعة دابّة الأرض ، فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم وظلم وجور ، وتركت اسم الله ، فابعثوا إلى صحيفتكم ؛ فإن كان حقّا فاتّقوا الله وارجعوا عمّا أنتم عليه من الظلم والجور وقطيعة الرحم ، وإن كان باطلا دفعته إليكم ، فإن شئتم قتلتموه ، وإن شئتم استحييتموه (2).
    فبعثوا إلى الصحيفة وأنزلوها من الكعبة ، فإذا ليس فيها إلّا : «باسمك اللهمّ» ، فقال لهم أبو طالب : يا قوم ، اتّقوا الله وكفّوا عمّا أنتم عليه ، فتفرّق القوم ولم يتكلّم أحد ، ورجع أبو طالب إلى الشعب (3).
    [477 / 18] ـ وقال عند ذلك نفر من بني عبد مناف وبني قصيّ ورجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم منهم : مطعم بن عديّ بن عامر بن لؤيّ ـ وكان
    __________________
    (1) اللحس : أكل الدواب الصوف وأكل الجراد الخضر والشجر ونحوه (كتاب العين 3 : 143).
    (2) في «م» : (استجنتموه) ، وفي «ص» غير منقّطة.
    (3) إعلام الورى 1 : 125 وعنه في بحار الأنوار 19 : 1 / 1 ، دلائل النبوّة 2 : 311 ، الكامل في التاريخ 2 : 89.

    شيخا كبيرا كثير المال ، له أولاد ـ وأبو البختريّ بن هاشم ، وزهير بن أميّة المخزوميّ في رجال من أشرافهم : نحن برآء ممّا في هذه الصحيفة ، فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل.
    وخرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ورهطه من الشعب وخالطوا الناس ومات أبو طالب بعد ذلك بشهرين ، وماتت خديجة رضي الله عنها بعد ذلك ، وورد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمران عظيمان وجزع جزعا شديدا ، ودخل صلى‌الله‌عليه‌وآله على أبي طالب وهو يجود بنفسه ، فقال : يا عم ، ربّيت صغيرا ، ونصرت كبيرا ، وكفّلت يتيما ، فجزاك الله عنّي خير الجزاء ، أعطني كلمة أشفع لك بها عند ربّي (1)(2).
    [478 / 19] ـ قال ابن عبّاس : فلمّا ثقل أبو طالب رئي يحرّك شفتيه ، فأصغى إليه العبّاس يسمع قوله ، فرفع العبّاس عنه (3) وقال : يا رسول الله ، والله قد قال الكلمة التي سألته إيّاها (4).
    [479 / 20] ـ وعن ابن عبّاس قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عارض جنازة أبي طالب ،
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 129 ، ولا يخفى عليك أنّ إيمان أبي طالب رضى الله عنه قضيّة واضحة لا ريب فيها كما ظهر لك من خلال أشعاره وكلماته المتقدّمة ، فينبغي حمل هذا الكلام على التلقين والتجديد لخاطرة التوحيد والرسالة من باب السنّة والطريقة أو من باب استحكام حمايته الدائمة له صلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر لحظات عمره الشريف أو الدخل والتصرّف في آخر الرواية ، ووجه الأخير أوجه.
    (2) إعلام الورى 1 : 128 ، انظر : الكافي 8 : 262 / 376 ، تفسير القمّيّ 2 : 13 ، الأمالي للصدوق : 363 / 1 ، الطبقات الكبرى 1 : 208.
    (3) في البحار زيادة : (رأسه).
    (4) إعلام الورى 1 : 131 وانظر : دلائل النبوّة للبيهقيّ 2 : 349 ، سيرة ابن هشام 2 : 59 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14 : 76 ، لا يخفى على المتتبّع الخبير أنّ ورود وجعل هذه الروايات لا سيّما في مآخذ العامّة إنّما كان استصغارا لعظمة ومنزلة أبي طالب عليه‌السلام لبغضهم لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

    فقال : وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عمّ (1).
    فصل
    [الرحلة إلى الطائف]
    [480 / 21] ـ وعن الزّهريّ : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعرض نفسه على قبائل العرب في كلّ موسم ، ويكلّم كلّ شريف قوم لا يسأله منهم أحد (2) ، فلمّا توفّي أبو طالب اشتدّ البلاء على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فعمد لثقيف بالطائف رجاء أن يؤووه ، فرضخوه (3) بالحجارة ، فخلص منهم ورجلاه يسيلان بالدماء (4) ، واستظلّ في ظلّ نخلة فيه وهو مكروب موجع ، فإذا في الحائط عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، فلمّا رآهما كره مكانه (5) لما يعلم من عداوتهما ، فلمّا رأياه أرسلا إليه غلاما ـ يدعى عداس وهو نصرانيّ ـ ومعه عنب ، فلمّا جاءه عداس ، قال له رسول الله : من أيّ أرض أنت؟
    قال : أنا من أهل نينوى ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مدينة الرجل الصالح : يونس بن متّى ، فقال عداس : وما يدريك من يونس بن متّى؟
    فقال له : لا تحقّر أحدا أن يبلّغ رسالة ربّه ، أنا رسول الله ، والله تعالى أخبرني
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 131 وعنه في بحار الأنوار 19 : 4 / 3 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 35 ، الوفاء بأحوال المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله 1 : 208 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14 : 76.
    (2) في إعلام الورى : (لا يسألهم مع ذلك إلّا أن يأووه) بدلا من : (لا يسأله منهم أحد).
    (3) أي رموه.
    (4) في «م» «ص» : (الدماء) ، وكلمة : (ظلّ) لم ترد فيهما ، وفي إعلام الورى : (الدماء فعمد إلى حائط من حوائطهم واستظلّ في ظلّ حبلة) ، والحبلة : شجر العنب واحدته حبلة (كما في لسان العرب 11 : 138).
    (5) في البحار : (مكانهما).

    خبر يونس بن متّى ، فجعل عداس يقبّل قدميه (1).
    [481 / 22] ـ ولمّا رجع عليه‌السلام من الطائف وأشرف على مكّة وهو معتمر ، كره أن يدخل مكّة وليس له فيها مجير ، فنظر إلى رجل من أهل مكّة من قريش ـ قد كان أسلم سرّا ـ فقال له : ائت مطعم بن عديّ ، فسله أن يجيرني حتّى أطوف وأسعى ، فقال له : ائته وقل له : إنّي قد أجرتك ، فتعال وطف واسع ما شئت ، فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال مطعم لولده وأختانه (2) وأخيه طعيمة : خذوا سلاحكم ، فإنّي قد أجرت محمّدا ، وكونوا حول الكعبة حتّى يطوف ويسعى ـ وكانوا عشرة ـ فأخذوا السلاح.
    وأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى دخل المسجد ورآه أبو جهل ، فقال : يا معشر قريش ، هذا محمّد وحده ، وقد مات ناصره فشأنكم به ، فقال طعيمة : يا عمّ ، لا تتكلّم ، فإنّ أبا وهب قد أجار محمّدا ، فقال أبو جهل : أبا وهب ، أمجير أم صابئ (3)؟ قال : بل مجير ، قال : إذا لا نخفر (4) جوارك.
    فلمّا فرغ رسول الله من طوافه وسعيه جاء إلى مطعم فقال : يا أبا وهب ، قد أجرت وأحسنت ، فردّ عليّ جواري ، فقال : وما عليك أن تقيم في جواري ، فقال : لا أقيم في جوار مشرك أكثر من يوم ، فقال مطعم : يا معشر قريش ، قد خرج محمّد من جواري (5).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 133 وعنه في بحار الأنوار 19 : 5 / 5 ، دلائل النبوّة 2 : 414 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 68 ، سيرة ابن هشام 2 : 60 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 36.
    (2) الختن زوج البنت (الصحاح 5 : 2107).
    (3) صبأ فلان : إذا خرج من دين إلى دين آخر.
    (4) في إعلام الورى : (يخفر) ، قال في المصباح المنير : 175 : خفر بالعهد إذا وفى به ، وخفرت الرجل حميته وأجرته من طالبه ، وخفرت بالرجل غدرت به ، وتخفرت به إذا احتميت به.
    (5) إعلام الورى 1 : 135 وعنه في بحار الأنوار 19 : 7 ، انظر : سيرة ابن هشام 2 : 20 ، وفاء الوفا بأحوال المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله 1 : 214 ، الكامل في التاريخ 2 : 92.

    فصل
    [دخول الإسلام إلى الأوس والخزرج]
    [482 / 23] ـ ذكر عليّ بن إبراهيم أنّ أسعد بن زرارة وذكوان (1) خرجا إلى عمرة رجب ، وكان أسعد صديقا لعتبة بن ربيعة ، فنزل عليه ، فقال له : إنّه كان بيننا وبين قومنا حروب ، وقد جئناك نطلب الحلف عليهم ، فقال عتبة : بعدت دارنا من داركم ولنا شغل لا نتفرّغ لشيء ، قال : وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟ فقال عتبة : خرج فينا رجل يدّعي أنّه رسول الله ؛ سفّه أحلامنا (2).
    فقال أسعد : ومن هو منكم؟ قال : محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب من أوسطنا شرفا وأعظمنا بيتا.
    وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم ـ النضير وقريظة وقينقاع ـ أنّ هذا أوان نبيّ يخرج من مكّة يكون مهاجره بالمدينة ، فلمّا سمع أسعد وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود ، فقال : أين هو؟ قال : هو جالس في الحجر ، فلا تكلّمه فإنّه ساحر يسحرك بكلامه.
    قال أسعد : كيف أصنع وأنا معتمر لا بدّ لي أن أطوف بالبيت؟ قال : ضع في أذنك القطن.
    فدخل أسعد المسجد وقد حشا أذنيه القطن ، فطاف بالبيت ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحجر مع بني هاشم ، فنظر إليه نظرة وجازه ، فلمّا كان في الشوط الثاني رمى القطن وقال في نفسه : لا أجد (3) أجهل منّي ، فقال أسعد : أنعم صباحا.
    __________________
    (1) في إعلام الورى : (ذكوان بن عبد قيس).
    (2) في إعلام الورى والبحار زيادة : (وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا).
    (3) في «س» «ص» : (أحد).

    فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد أبدلنا الله أحسن (1) من هذا ، تحيّة أهل الجنّة : سلام عليكم.
    [فقال له أسعد : إنّ عهدك. بهذا لقريب ، إلى ما تدعو يا محمّد؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وأدعوكم إلى أن لا تشركوا به شيئا (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(2) فلما سمع أسعد هذا](3).
    فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله ، أنا من أهل يثرب من الخزرج ، وبيننا وبين إخوتنا من الأوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها الله بك ، فلا أحد أعزّ منك ، ومعي رجل من قومي ، فإن دخل في هذا الأمر أرجو أن يتمّ الله لنا أمورنا فيك ، لقد كنّا نسمع من اليهود خبرك وصفتك ، وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك ، فقد أعلمنا اليهود ذلك ، فالحمد لله الذي ساقني إليك.
    ثمّ أقبل ذكوان ، فقال له أسعد : هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشّرنا به وتخبرنا بصفته ، فأسلم ذكوان وقالا : يا رسول الله ، ابعث معنا رجلا يعلّمنا القرآن كثيرا ، فبعث معهما مصعب ، فنزل على أسعد ، وأجاب من كلّ بطن الرجل والرجلان لمّا أخبروهم بخبر رسول الله وأمره.
    وكان مصعب يخرج في كلّ يوم ، فيطوف على مجالس الخزرج يدعوهم إلى
    __________________
    (1) في إعلام الورى 1 : 138 والبحار : (قد أبدلنا الله به ما هو أحسن).
    (2) الأنعام : 151 و 152.
    (3) ما بين المعقوفين من البحار وإعلام الورى.

    الإسلام فيجيبه الأحداث ، وقال أسعد لمصعب : إنّ خالي سعد بن معاذ من رؤساء الخزرج (1) ، فإن دخل في هذا الأمر تمّ لنا أمرنا ، فجاء مصعب مع أسعد إلى محلّة سعد بن معاذ ، وقعد على بئر من آبارهم ، واجتمع إليه قوم من أحداثهم ، وهو يقرأ عليهم القرآن ، فبلغ ذلك سعد بن معاذ ، فقال لأسيد بن حصين (2) ـ وكان من أشرافهم ـ : بلغني أنّ أسعد أتى (3) محلّتنا مع هذا القرشيّ يفسد شبابنا ، ائته وانهه عن ذلك ، فأتى أسيد وقال لأسعد : يا أبا أمامة ، يقول لك خالك : لا تأتنا في نادينا (4) ولا تفسد شبابنا.
    فقال مصعب : أو تجلس فنعرض عليك أمرا؟ فإن أحببته دخلت فيه ، وإن كرهته نحّينا عنك ما تكره ، فجلس فقرأ عليه سورة ، فأسلم أسيد ، ثمّ رجع إلى سعذ بن معاذ ، فلمّا نظر إليه سعد قال : أقسم أنّ أسيدا رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا ، وأتاهم سعد فقرأ عليه أسعد (5) : (حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)(6) فلمّا سمع بعث إلى منزله وأتى بثوبين طاهرين ، واغتسل وشهد الشهادتين ، وصلّى ركعتين ، ثمّ قام وأخذ بيد مصعب وحوّله إليه وقال : أظهر أمرك ولا تهابنّ أحدا.
    ثمّ صاح : لا يبقينّ رجل ولا امرأة إلّا خرج ، فليس هذا يوم ستر ولا حجاب ، فلمّا اجتمعوا قال : كيف حالي عندكم؟ قالوا : أنت سيّدنا والمطاع فينا ، ولا نردّ لك أمرا ، فقال : كلام رجالكم ونساؤكم عليّ حرام حتّى تشهدوا أن لا إله إلّا الله ، وأنّ
    __________________
    (1) في «ص» «م» وإعلام الورى : (الأوس).
    (2) في إعلام الورى : (أسيد بن حضير).
    (3) في «ص» : (لأتى).
    (4) النادي : مجلس القوم ومجتمعهم.
    (5) في إعلام الورى : (مصعب).
    (6) فصّلت : 1 و 2.

    محمّدا رسول الله ، والحمد لله الذي أكرمنا بذلك ، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به ، وشاع الإسلام بالمدينة ودخل فيه من البطنين أشرافهم.
    وكتب مصعب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، فكلّ من دخل في الإسلام من قريش ضربه قومه وعذّبوه ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمرهم أن يخرجوا إلى المدينة ، فيصيرون إليها فينزلهم الأوس والخزرج عليهم ويواسونهم (1).
    [بيعة العقبة]
    [483 / 24] ـ ثمّ إنّ الأوس والخزرج قدموا مكّة ، فجاءهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : تمنعون جانبي حتّى أتلو عليكم كتاب ربّكم وثوابكم على الله الجنّة؟ قالوا : نعم ، قال : موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق ، فلمّا حجّوا رجعوا إلى منى ، فلمّا اجتمعوا قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تمنعوني بما تمنعون أنفسكم؟ قالوا : فمالنا على ذلك؟ قال : الجنّة ، قالوا : رضينا دماؤنا بدمك ، وأنفسنا بنفسك ، فاشترط لربّك ولنفسك ما شئت.
    فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا يكونون عليكم بذلك ، كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا ، فقالوا : اختر من شئت ، فأشار جبرئيل إليهم فقال : هذا نقيب وهذا نقيب حتّى اختار تسعة من الخزرج ، وهم : أسعد بن زرارة ، والبراء بن مغرور (2) ، وعبد الله بن حزام ـ أبو جابر بن عبد الله ـ ورافع بن مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمر ، وعبد الله بن رواحة ، وسعد ابن الربيع ، وعبادة بن الصامت.
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 136 ـ 141 ، وعنه في بحار الأنوار 19 : 8 / 5 ، تفسير القمّيّ 1 : 272 ، سيرة ابن هشام 2 : 77 ، الطبقات الكبرى 1 : 221 ، دلائل النبوّة للبيهقي 2 : 430 ، وانظر الكامل في التاريخ 2 : 96.
    (2) في إعلام الورى 1 : 143 : (معرور) بدون نقطة.

    وثلاثة من الأوس : وهم : أبو الهيثم بن التّيهان ـ وكان رجلا من اليمن حليفا في بني عمرة بن عوف ـ وأسيد بن حصين ، وسعد بن خيثمة.
    فلمّا اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صاح إبليس : يا معشر قريش والعرب ، هذا محمّد والصباة من الأوس والخزرج على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم ، فأسمع أهل منى ، فهاجت قريش وأقبلوا بالسلاح ، وسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النداء ، فقال للأنصار : تفرّقوا.
    فقالوا : يا رسول الله ، إن أمرتنا أن نميل إليهم بأسيافنا فعلنا؟ فقال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم أؤمر بذلك ، ولم يأذن الله لي في محاربتهم ، فقالوا : يا رسول الله ، تخرج معنا؟ قال : أنتظر أمر الله تعالى جلّ وعلا.
    فجاءت قريش قد أخذوا السلاح وخرج حمزة ومعه السيف ومعه عليّ عليه‌السلام فوقفا على العقبة ، فقالوا : ما هذا الذي اجتمعتم عليه؟ قال حمزة : ما هيهنا أحد وما اجتمعنا ، والله لا يجوز أحد هذه العقبة إلّا ضربت عنقه بسيفي ، فرجعوا وغدوا إلى عبد الله بن أبي وقالوا : بلغنا أنّ قومك بايعوا محمّدا على حربنا ، فحلف لهم عبد الله أنّهم لم يفعلوا ولا علم له بذلك ، فإنّهم لم يطلعوه على أمرهم فصدّقوه ، وتفرّقت الأنصار ، ورجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى مكّة (1).
    فصل
    [ليلة المبيت والهجرة إلى المدينة]
    [484 / 25] ـ ثمّ اجتمعت قريش في دار الندوة ، فجاءهم إبليس لمّا أخذوا
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 143 وعنه في بحار الأنوار 19 : 13 / 14 ، وص 47 / 6 ، وراجع : تفسير القمّيّ 1 : 273 ، سيرة ابن هشام 2 : 77 ، الطبقات الكبرى 1 : 221 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 22 : 430.

    مجلسهم (1) ، فقال أبو جهل : لم يكن أحد من العرب أعزّ منّا حتّى نشأ فينا محمّد ، وكنّا نسمّيه الأمين لصلاحه وأمانته ، فزعم أنّه رسول ربّ العالمين وسبّ آلهتنا ، وقد رأيت فيه رأيا ، وهو أن ندسّ إليه رجلا فيقتله ، وإن طالبت بنو هاشم بدمه أعطيناهم عشر ديات ، فقال إبليس : هذا رأي خبيث ، فإنّ بني هاشم لا يرضون أن يمشي قاتل محمّد على الأرض أبدا ، ويقع بينكم الحروب في الحرم.
    فقال آخر : الرأي أن نأخذه فنحبسه في بيت ونثبته فيه ، ونلقي إليه قوته حتّى يموت ، كما مات زهير والنابغة. قال إبليس : إنّ بني هاشم لا ترضى بذلك ، فإذا جاء مواسم العرب اجتمعوا عليكم ، فأخرجوه فيخدعهم بسحره.
    فقال آخر : الرأي أن نخرجه من بلادنا ونطرده ونتفرّغ لآلهتنا ، فقال إبليس : هذا أخبث منهما ، فإنّه إذا خرج يفجأكم وقد ملأها خيلا ورجلا فبقوا حيارى.
    قالوا : ما الرأي عندك؟ قال : ما فيه إلّا رأي واحد ، وهو أن يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش رجل شريف ، ويكون معكم من بني هاشم أحد ، فيأخذون سيفا ويدخلون عليه ، فيضربه كلّهم ضربة واحدة ، فيتفرّق دمه في قريش كلّهم (2) ، فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه ، فحماداهم أن تعطوا الدية (3).
    فقالوا : الرأي رأي الشيخ النجديّ ، فاختاروا خمسة عشر رجلا فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (مجالسهم).
    (2) في إعلام الورى 1 : 147 : (كلّها).
    (3) الظاهر أنّ المراد من : فحماداهم أي قصاراهم وغايتهم أن تعطوهم الدية (انظر : النهاية في غريب الحديث 1 : 437).

    الْماكِرِينَ)(1) وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلا وكتموا أمره ، فقال أبو لهب : بل نحرسه ، فإذا أصبحنا دخلنا عليه ، فقاموا حول حجرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.
    وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يفرش له ، وقال لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : أفدني بنفسك ، فقال : نعم يا رسول الله ، قال : نم على فراشي والتحف ببردتي ، فقام وجاء جبرئيل عليه‌السلام فقال : اخرج والقوم يشرفون على الحجرة فيرون فراشه وعليّ عليه‌السلام نائم عليه ، فيتوهّمون أنّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.
    فخرج رسول الله وهو يقرأ : «يس» إلى قوله : (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)(2) وأخذ ترابا بكفّه ونثره عليهم وهم نيام ومضى ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : يا محمّد ، خذ ناحية ثور ، وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور ، فمرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتلقّاه أبو بكر في الطريق ، فأخذ بيده ومرّ به ، فلمّا انتهى إلى ثور دخل الغار.
    فلمّا أصبحت قريش وأضاء الصبح ، وثبوا في الحجرة وقصدوا الفراش ، فوثب عليّ عليه‌السلام إليهم وقام في وجوههم ، فقال لهم : مالكم؟ قالوا : أين ابن عمّك؟ قال عليّ عليه‌السلام : جعلتموني عليه رقيبا؟ ألستم ، قلتم له : اخرج عنّا؟ فقد خرج عنكم فما تريدون؟ فأقبلوا عليه يضربونه ، فمنعهم أبو لهب ، وقالوا : أنت كنت تخدعنا منذ الليلة؟ فلمّا أصبحوا تفرّقوا في الجبال.
    وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له : أبو كرز ، يقفو الآثار ، فقالوا له : يا أبا كرز ، اليوم اليوم ، فما زالوا يقفون أثر رسول الله حتّى وقف على باب الغار ، فقال : هذه قدم محمّد ، هي والله أخت القدم التي في المقام ، فلم يزل بهم حتّى وقّفهم على باب الغار ، وقال : ما جاوزوا هذا المكان ، إمّا أن يكونوا صعدوا إلى السماء ، أو دخلوا الأرض ، فبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار ، وجاء فارس من
    __________________
    (1) الأنفال : 30.
    (2) يس : 9.

    الملائكة في صورة الإنس ، فوقف على باب الغار وهو يقول لهم : اطلبوا في هذه الشعاب ، فليس هيهنا فأقبلوا يدورون في الشعاب (1).
    [الإذن بالهجرة إلى المدينة]
    [485 / 26] ـ وبقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغار ثلاثة أيّام ، ثمّ أذن الله تعالى له في الهجرة وقال : اخرج عن مكّة يا محمّد ، فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقبل راع لبعض قريش يقال له : ابن أريقط ، فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : ائتمنك على دمي ، فقال : إذا والله أحرسك ولا أدلّ عليك ، فأين تريد يا محمّد؟ قال : يثرب ، قال : لأسلكنّ بك مسلكا لا يهتدي فيها أحد.
    فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ائت عليّا وبشّره بأنّ الله تعالى قد أذن لي في الهجرة ، فهيّئ لي زادا وراحلة. وقال أبو بكر : أعلم عامر بن فهيرة أمرنا وقل له : ائتنا بالزاد والراحلة وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الغار ، فلم يرجعوا إلى الطريق إلّا بقديد (2) ، وقد كانت الأنصار بلغهم خروج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إليهم ، وكانوا يتوقّعون قدومه إلى أن وافى مسجد قبا (3)(4).
    ونزل على كلثوم بن الهدم شيخ صالح مكفوف ، واجتمعت إليه بطون الأوس ، ولم تجسر الخزرج أن يأتوا رسول الله لما كان بينهم وبين الأوس من
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 19 : 47 / 8 وعن إعلام الورى 1 : 145 ، تفسير القمّيّ 1 : 273 ، سيرة ابن هشام 2 : 124 ، دلائل النبوّة 2 : 467 ، الكامل في التاريخ 2 : 101.
    (2) قديد : اسم موضع قرب مكّة ، قال ابن الكلبيّ : لمّا رجع تبّع من المدينة بعد حرب لأهلها نزل قديدا فهبّت ريح قدّت خيم أصحابه فسمّي قديدا (معجم البلدان 4 : 313).
    (3) في «ر» «س» زيادة : (ونزل فخرج إليه الرجال والنساء يستبشرون بقدومه).
    (4) إعلام الورى 1 : 148 وعنه في بحار الأنوار 19 : 48 ، وانظر : تفسير القمّيّ 1 : 273 ، سيرة ابن هشام 2 : 124 ، الطبقات الكبرى 1 : 227 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 2 : 467.

    العداوة (1) ، فلمّا أمسى أتاه أسعد بن زرارة مقنّعا ، فسلّم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفرح بقدومه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للأوس : من يجيره؟ فأجاره عويمر بن ساعدة وسعد بن خيثمة.
    فبقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة عشر يوما فقال أبو بكر : ندخل المدينة فالقوم متشوّقون إلى نزولك ، فقال : لأديم في هذا المكان حتّى يوافيني أخي عليّ بن أبي طالب وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد بعث إليه أن احمل العيال وأقدم ، فقال أبو بكر : ما أحسب عليّا يوافي ، قال : بلى ما أسرعه.
    فلمّا قدم عليّ ركب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله راحلته ، واجتمعت إليه بنو عمرو بن عوف ، فقالوا : يا رسول الله ، أقم عندنا ، قال : خلّوا عنها فإنّها مأمورة ، وبلغ الأوس والخزرج خروج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلبسوا السلاح وأقبلوا يعدون حول ناقته ، وأخذ كلّ حيّ بزمام ناقته ويقول : خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة ، فبركت الناقة على باب أبي أيّوب ، فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.
    وجاءته اليهود ، فقالوا : يا محمّد ، إلى ما تدعو؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله ، وأنا الذي تجدونني مكتوبا في التوراة ، والذي أخبركم به علماؤكم ، فحرمي بمكّة ومهاجري في هذه الحرّة (2) ، فقالوا : قد سمعنا ما تقول وقد جئناك لنطلب منك الهدنة على أن لا نكون لك ولا عليك ، فأجابهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك ، وكتب بينهم كتابا.
    وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي في المربد (3) بأصحابه ، ثمّ اشتراه وجعله المسجد ،
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» : (عداوة).
    (2) في النسخ : (البحيرة) ، والمثبت عن البحار وإعلام الورى 1 : 157 والحرّة : أرض ذات حجارة سود نخرة كأنّما أحرقت بالنار والجمع حرار (ترتيب كتاب العين 1 : 365 ، المصباح المنير : 128).
    (3) المربد : الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم ، وبه سمّي مربد المدينة والبصرة (النهاية 2 : 182).

    وكان يصلّي إلى بيت المقدس ، حتّى أتى له سبعة أشهر ، فأمر أن يصلّي إلى الكعبة ، فصلّى بهم الظهر ركعتين إلى هاهنا وركعتين إلى هاهنا (1).
    فصل
    في مغازيه صلى‌الله‌عليه‌وآله
    [486 / 27] ـ قال المفسّرون وأهل السّير : إنّ جميع ما غزا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه ستّ وعشرون غزوة ، وأنّ جميع سراياه التي بعثها ولم يخرج معها ستّ وثلاثون سريّة ، وقاتل صلى‌الله‌عليه‌وآله في تسع غزوات منها ، وهي : بدر ، وأحد ، والخندق ، وبني قريظة ، والمصطلق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطائف (2) ونذكر بعضها :
    فمنها : أنّه بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عبد الرحمن بن جحش (3) إلى نخلة ، وقال : كن بها (4) حتّى تأتينا بخبر من أخبار (5) قريش ، ولم يأمره بقتال ، وذلك في الشهر الحرام ، وكتب له كتابا وقال له : اخرج أنت وأصحابك حتّى إذا سرت يومين ، فافتح كتابك وانظر فيه ، وامض لما أمرتك ، فلمّا سار يومين وفتح الكتاب فإذا فيه : امض حتّى تنزل نخلة ، فائتنا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم.
    فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب : سمعا وطاعة من له رغبة (6) في الشهادة
    __________________
    (1) عنه في بحار الأنوار 19 : 69 وعن إعلام الورى 1 : 148 ـ 158 ، وانظر : دلائل النبوّة 2 : 498 ، الكامل في التاريخ 2 : 109.
    (2) انظر : مغازي الواقدي 1 : 7 ، الطبقات الكبرى 2 : 5 ـ 6 ، وعنهما في بحار الأنوار 19 : 186 / 43.
    (3) في إعلام الورى : (عبد الله بن جحش) ، وذكر في سيرة ابن هشام أنّ نخلة بين مكّة والطائف.
    (4) في «ر» «س» : (لن تزل بها) بدلا من : (كن بها).
    (5) قوله : (أخبار) لم يرد في «ر» «س».
    (6) في النسخ تقديم وتأخير ، والمثبت موافق لإعلام الورى ، والظاهر أنّ الصحيح هكذا : (فقال حين قرأ الكتاب : سمعا وطاعة ، فقال لأصحابه من كان له رغبة في الشهادة ...).

    فلينطلق معي ، فمضى معه القوم حتّى إذا نزلوا نخلة مرّ بهم عمرو بن الحضرميّ والحكم بن كيسان وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله معهم تجارة قدموا بها من الطائف أدم (1) وزبيب ، فلمّا رآهم القوم أشرف لهم واقد (2) بن عبد الله ، وكان قد حلق رأسه فقالوا : عمّار (3) ليس عليكم منهم بأس وائتمر أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو آخر يوم من رجب فقالوا : لئن قتلتموهم إنّكم لتقتلونهم (4) في الشهر الحرام ، ولئن تركتموهم ليدخلوا (5) هذه الليلة مكّة ، فأجمع القوم على قتلهم ، فرمى واقد ابن عبد الله التميميّ عمرو بن الحضرميّ بسهم فقتله ، واستأمن (6) عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان ، وهرب المغيرة بن عبد الله ، فأعجزهم فاستاقوا العير ، فقدموا بها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.
    فقال : والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ، وأوقف الأسيرين والعير ولم يأخذ منها شيئا ، وسقط في أيدي القوم ، فظنّوا أنّهم قد هلكوا ، وقالت قريش : استحلّ محمّد الشهر الحرام ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ)(7) الآية ، فلمّا نزل ذلك أخذ رسول الله العير وفدى الأسيرين ، وقال المسلمون : أيطمع لنا أن نكون غزاة ، فأنزل الله تعالى فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ)(Cool
    __________________
    (1) الأدم بالضمّ ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان (النهاية 1 : 31).
    (2) في النسخ : (وافد) بدلا من : (واقد) ، والمثبت موافق لإعلام الورى.
    (3) كذا في النسخ والمصادر ، والظاهر أنّها : (أغماد).
    (4) في النسخ : (لتقتلوهم) ، والمثبت موافق لإعلام الورى.
    (5) في «ر» «س» : (يدخلوا) ، وفي إعلام الورى : (ليدخلنّ).
    (6) في إعلام الورى : (واستأسر).
    (7) البقرة : 217.
    (Cool البقرة : 218.

    وكانت هذه قبل بدر بشهرين (1).
    [غزوة بدر الكبرى]
    [487 / 28] ـ ثمّ كانت غزوة بدر الكبرى ، وذلك أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سمع بأبي سفيان ابن حرب في أربعين راكبا من قريش تجّارا قافلين من الشام ، فخرج رسول الله في ثلاثمائة راكب ونيّف وأصحابه أكثرهم مشاة ، معهم ثمانون بعيرا وفرس (2) ، وذلك في شهر رمضان ، فبلغ أبا سفيان الخبر ، فأخذ العير على الساحل ، وأرسل إلى أهل مكّة يستصرخ بهم ، فخرج منهم ألف رجل ، معهم مائتا فرس ومعهم القينات (3) يضربن الدفوف ، فلمّا بلغ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى بدر ـ وهي بئر ـ وقد علم بفوات العير ومجيء قريش شاور أصحابه في لقائهم أو الرجوع.
    فقالوا : الأمر إليك ، وكان لواء رسول الله أبيض مع مصعب بن عمير ، ورايته مع عليّ ، وأمدّهم الله بخمسة آلاف من الملائكة ، وكثّر الله المسلمين في أعين الكفّار ، وقلّل المشركين في أعين المؤمنين كيلا يفشلوا ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كفّا من تراب فرماه إليهم ، وقال : شاهت الوجوه ، فلم يبق منهم أحد إلّا اشتغل بفرك عينيه ، وقتل الله من المشركين سبعين رجلا وأسر سبعون منهم : العبّاس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث ـ فأسلموا وكانوا مكرهين في الخروج (4) ـ وعقبة ابن أبي معيط ، والنضر بن الحارث قتلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالصفراء (5).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 166 وعنه في بحار الأنوار 19 : 188 وانظر سيرة ابن هشام 2 : 252 ، الطبقات الكبرى 2 : 10 ، تاريخ الطبري 2 : 410 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 3 : 18.
    (2) في «م» : (بعيرا وفرسا) ، والمثبت موافق لإعلام الورى 1 : 168 وبقيّة المصادر.
    (3) في إعلام الورى : (القيان) ، قال في المصباح المنير : 521 : القينة : الأمة البيضاء هكذا قيده بن السكيت ، مغنّية كانت أو غير مغنّية ، وقيل : تختصّ بالمغنّية.
    (4) قوله : (في الخروج) لم يرد في «ص» «م».
    (5) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان 3 : 412 : وادي الصفراء : من ناحية المدينة وهو واد ـ

    وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للعبّاس : أفد نفسك وابني أخويك عقيلا ونوفلا ، فقال : إنّ القوم استكرهوني وإنّي كنت مسلما.
    فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله أعلم بإسلامك إن يكن حقّا فإنّ الله يجزيك به ، وأمّا ظاهر أمرك فقد كان علينا ، قال : ليس لي مال ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : فأين المال الذي وضعته عند أمّ الفضل بمكّة وليس معكما أحد ، فقلت لها : إن أصبت في سفري هذا فهذا المال لبنيّ الفضل وعبد الله وقثم؟
    فقال : والله يا رسول الله ، إنّي لأعلم أنّك لرسول الله ، إنّ هذا شيء ما علمه غيري وغير أمّ الفضل ، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم منّي من مال كان معي عشرون أوقية.
    فقال رسول الله : لا (1) ذلك شيء أعطانا الله منك ففدى نفسه بمائة أوقية ، وذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى)(2) الآية ، وعامّة من قتل من الكفّار قتلهم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا (3).
    [غزوة أحد]
    [488 / 29] ـ ثمّ كانت غزاة أحد على رأس سنة ، ورئيس المشركين يومئذ
    __________________
    ـ كثير النخل والزرع والخير في طريق الحاج ، وسلكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غير مرّة ، وبينه وبين بدر مرحلة. قال عرام بن الأصبغ السلمي : الصفراء قرية كثيرة النخل والمزارع ، وماؤها عيون كلّها ، وهي فوق ينبع مما يلي المدينة.
    (1) في «ر» «س» زيادة : (يا عم).
    (2) الأنفال : 70.
    (3) إعلام الورى 1 : 168 ، انظر : سيرة ابن هشام 2 : 263 ، الطبقات الكبرى 2 : 11 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 3 : 32 ، وانظر مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 1 : 164.

    أبو سفيان بن حرب ، وكان أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعما
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:15 pm

    أبو سفيان بن حرب ، وكان أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعمائة ، والمشركون ألفين ، وخرج رسول الله بعد أن استشار أصحابه ، وكان رأيه أن يقاتل الرجال على أفواه السكك (1) ، وترمي الضعفاء من فوق البيوت ، فأبوا إلّا الخروج إليهم ، فلمّا صاروا (2) على الطريق ، قالوا : نرجع.
    فقال : ما كان لنبيّ إذا قصد قوما أن يرجع عنهم ، وكانوا ألف رجل ، فلمّا كانوا في بعض الطريق انخذل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس ، وقال : والله ما ندري على ما نقاتل ونقتل أنفسنا والقوم قومه ، فهمّت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع فعصمهم الله ، وهو قوله تعالى جلّ ذكره : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما)(3).
    وأصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متهيّئا للقتال ، وجعل على راية المهاجرين عليّا عليه‌السلام وعلى راية الأنصار سعد بن معاذ (4) ، وقعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في راية الأنصار ، ثمّ مرّ على الرماة وكانوا خمسين رجلا وعليهم عبد الله بن جبير ، فوعظهم وذكّرهم وقال : اتّقوا الله واصبروا وإن رأيتمونا يخطفنا الطير ، فلا تبرحوا مكانكم حتّى أرسل إليكم ، فأقامهم عبد الله بن جبير على الشعب ، وكانت الهزيمة على المشركين ، فاشتغل بالغنيمة المقاتلة ، فقال الرماة : نخرج للغنيمة.
    قال عبد الله : أمّا أنا فلا أبرح ، فخرجوا وخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد ، فقتل عبد الله ثمّ أتى الناس من أدبارهم ووضع في المسلمين السلاح فانهزموا وصاح إبليس : قتل محمّد. ورسول الله يدعوهم في أخراهم : أيّها الناس ،
    __________________
    (1) السكك جمع السكة وهي الزقاق أو الطريق المصطفة من النخل (المصباح المنير : 282).
    (2) في «م» «ص» وإعلام الورى : (صار).
    (3) آل عمران : 122.
    (4) كذا في النسخ وفي إعلام الورى والبحار : (عبادة).

    إنّي رسول الله ، إنّ الله قد وعدني النصر فإلى أين الفرار؟
    قال الصادق عليه‌السلام : انهزم الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فغضب غضبا شديدا ، وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل اللؤلؤ من العرق ، فنظر فإذا عليّ إلى جنبه ، فقال : مالك لم تلحق ببني أبيك؟ فقال عليّ عليه‌السلام : يا رسول الله ، أكفر بعد إيمان؟ إنّ لي بك أسوة ، فقال : أما فاكفني هؤلاء ، فحمل عليّ فضرب أوّل من لقي منهم ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : إنّ هذه لهي المواساة يا محمّد ، فقال : إنّه منّي وأنا منه ، قال جبرئيل عليه‌السلام : وأنا منكما (1).
    وثاب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جماعة من أصحابه ، وأصيب من المسلمين رجال منهم حمزة وثلاث أخر (2) من المهاجرين (3) ، وقام أبو سفيان ونادى : أحيّ ابن أبي كبشة ، فأمّا ابن أبي طالب فقد رأيناه مكانه ، فقال عليّ عليه‌السلام : إي والذي بعثه ، وإنّه ليسمع كلامك ، فقال أبو سفيان لعليّ : إنّ ابن قميئة أخبرني أنّه قتل محمّدا وأنت أصدق منه ، ثمّ ولّى إلى أصحابه وقال : اتّخذوا الليل جملا وانصرفوا.
    ثمّ عاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونادى عليّا عليه‌السلام فقال : اتبعهم فانظر أين يريدون؟ فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنّهم يريدون المدينة ، وإن كانوا ركبوا الإبل وساقوا الخيل فهم متوجّهون إلى مكّة (4).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 177 ، أخرج نحوه في الكافي 8 : 110 / 90 ، مناقب ابن شهر آشوب 3 : 124 ، تارخ الطبريّ 2 : 514 ، ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار 20 : 95 / ضمن ح 28.
    (2) في إعلام الورى 1 : 178 : هم عبد الله بن جحش ومصعب بن عمير وشماس بن عثمان بن الرشيد.
    (3) إعلام الورى 1 : 178 ، انظر : المغازي للواقديّ 1 : 300 ، سيرة ابن هشام 3 : 129 ، ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار 20 : 95 / ضمن ح 28.
    (4) في إعلام الورى 1 : 181 زيادة : (وقيل : إنّه بعث لذلك سعد بن أبي وقّاص فرجع) ، وانظر : المناقب لابن شهر آشوب 1 : 93 ، المغازي للواقديّ 1 : 286 ، سيرة ابن هشام 3 : 96 ـ 100 ، تاريخ الطبريّ 2 : 527 ، الكامل في التاريخ 2 : 160 ، ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار 20 : 96 / ضمن ح 28.

    وقال : رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة (1) مدبرة ، فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدوّ.
    [غزوة حمراء الأسد]
    وقال أبان بن عثمان : فلمّا كان من الغد من يوم أحد نادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسلمين ، فأجابوه فخرجوا على ما أصابهم من الفزع ، وقدّم عليّا عليه‌السلام بين يديه براية المهاجرين حتّى انتهى إلى حمراء الأسد (2) ، وكان أبو سفيان أقام بالروحاء وهمّ بالرجعة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : قد قتلنا صناديد القوم ، فلو رجعنا استأصلناهم ، فلقي معبد الخزاعيّ ، فقال : ما وراك؟
    قال : والله قد تركت محمّدا وأصحابه وهم يحرقون عليكم ، وهذا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قد أقبل على مقدّمته في الناس ، فثنّى ذلك أبا سفيان ومن معه ، ثمّ رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة (3).
    [غزوة بني النضير]
    [489 / 30] ـ ثمّ كانت غزاة بني النضير ، وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشى إلى كعب ابن الأشرف يستقرضه ، فقال : مرحبا بك يا أبا القاسم ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه ، فقام كعب كأنّه يصنع لهم طعاما وحدّث نفسه أن يقتل رسول الله ، فنزل جبرئيل فأخبر بما همّ به القوم من الغدر ، فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله كأنّه يقضي حاجته وعرف
    __________________
    (1) أي : سائرة إلى الجنوب.
    (2) حمراء الأسد : موضع على ثمانية أميال من المدينة (معجم البلدان 2 : 301).
    (3) إعلام الورى 1 : 183 وعنه في بحار الأنوار 20 : 93 ، وانظر : المناقب لابن شهر آشوب 1 : 194 ، المغازي للواقديّ 1 : 338 ، تاريخ الطبريّ 2 : 535 ، والكامل في التاريخ 2 : 164.

    أنّهم لا يقتلون (1) أصحابه وهو حيّ ، فأخذ الطريق نحو المدينة ، فاستقبله بعض أصحاب كعب الذين أرسل إليهم يستعين بهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبر كعبا بذلك فسار المسلمون راجعين.
    قال عبد الله بن صوريا ـ وكان أعلم اليهود ـ : والله إنّ ربّه أطلعه على ما أردتموه من الغدر ، ولا يأتيكم أوّل ما يأتيكم والله إلّا رسول محمّد يأمركم عنه بالجلاء ، فأطيعوني في خصلتين لا خير في الثالث : أن تسلموا فتأمنوا على دياركم وأموالكم وإلّا إنّه يأتيكم من يقول لكم : اخرجوا من دياركم ، فقالوا : هذه أحبّ إلينا ، قال : أما إنّ الأولى خير لكم ، ولو لا أن أفضحكم لأسلمت ، ثمّ بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله محمّد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالرحيل ، وأمره أن يؤجّلهم في الجلاء ثلاث ليال (2).
    [غزوة الخندق]
    [490 / 31] ـ ثمّ كانت غزوة الخندق وهي الأحزاب ، في شوّال سنة أربع من الهجرة أقبل حييّ بن أخطب ، وكنانة بن الربيع ، وسلامة (3) بن أبي الحقيق ، وجماعة من اليهود يقدمون مكّة ، فصاروا إلى أبي سفيان وقريش ، فدعوهم إلى حرب رسول الله ، وقالوا : أيدينا مع أيديكم ونحن معكم حتّى نستأصله ، ثمّ خرجوا إلى غطفان يدعوهم إلى حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخبروهم باتّباع قريش إيّاهم فاجتمعوا معهم ، وخرجت قريش.
    __________________
    (1) قوله : (أنّهم لا يقتلون) من البحار وإعلام الورى 1 : 188.
    (2) إعلام الورى 1 : 188 وعنه في بحار الأنوار 20 : 163 / 1 ، وانظر : سيرة ابن هشام 3 : 199 ، الطبقات الكبرى 2 : 57 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 3 : 180.
    (3) في إعلام الورى 1 : 190 والبحار 20 : 182 (سلام) بدلا من : (سلامة).

    وسمع بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج إليهم ، وذلك بعد أن أشار سلمان الفارسيّ أن يصنع خندقا ، قال : ضربت في ناحية من الخندق ، فعطف عليّ رسول الله وهو قريب منّي ، فلمّا رأى شدّة المكان نزل ، فأخذ المعول من يدي ، فضرب ضربة فلمعت تحت المعول لمعة برقة ، ثمّ ضرب ضربة أخرى ، فلمعت تحت المعول برقة أخرى ، ثمّ ضرب به الثالثة فلمعت برقة أخرى.
    فقلت : يا رسول الله ، ما هذا؟ فقال : أمّا الأولى : فإنّ الله فتح بها عليّ اليمن ، وأمّا الثانية : فإنّ الله فتح عليّ بها الشام والمغرب ، وأمّا الثالثة : فإنّ الله فتح عليّ بها المشرق (1).
    وأقبلت الأحزاب إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فهال المسلمون أمرهم ، فنزلوا ناحية من الخندق ، وأقاموا بمكانهم بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلّا الرمي بالنبل والحصى ، ثمّ انتدب فوارس قريش للبراز منهم : عمرو بن عبدود ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب ، وضرار بن الخطّاب ، وتلبّبوا (2) للقتال وأقبلوا على خيولهم حتّى وقفوا على الخندق ، وقالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثمّ تيمّموا مكانا من الخندق فيه ضيق ، فضربوا خيولهم فاقتحمت وجاءت بهم إلى السبخة بين الخندق وسلع (3) ، وخرج عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في نفر معه حتّى أخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها فتقدّم عمرو بن عبدودّ وطلب البراز وقتله عليّ عليه‌السلام على ما نذكره (4).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 191 ، وورد نحوه في تفسير القمّيّ 2 : 178 ، وانظر : سيرة ابن هشام 3 : 230 ودلائل النبوّة للبيهقيّ 3 : 417 والمغازي للواقديّ 2 : 450 والكامل في التاريخ 2 : 179.
    (2) في «ص» ، والبحار : (تلّبوا) ، في إعلام الورى : (تهيّؤوا) بدلا من : (تلبّبوا).
    (3) سلع : جبل بسوق المدينة ، وقيل : هو موضع بقرب المدينة (معجم البلدان 3 : 236).
    (4) إعلام الورى 1 : 192 ، وانظر : تفسير القمّيّ 2 : 182 ، المغازي للواقدي 2 : 470 ، سيرة ابن هشام 3 : 235 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 3 : 436.

    ولمّا رأى هبيرة وعكرمة عمروا مقتولا انهزموا ، ورمى ابن الغرقة (1) بسهم فأصاب أكحل (2) سعد بن معاذ ، فقال : خذها وأنا ابن غرقة قال : غرق الله وجهك في النار ، اللهمّ إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لحربهم ، فإنّه لا قوم أحبّ إليّ قتالا من قوم كذّبوا رسولك وأخرجوه من حرمك فأنامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على فراشه وبات على الأرض (3).
    ونادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأشجى صوت : «يا صريخ المكروبين ، ويا مجيب دعوة المضطرّين ، اكشف همّي وكربي ، فقد ترى حالي وحال من معي». فنزل جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا محمّد ، إنّ الله عزوجل استجاب دعوتك ، فجثا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ركبتيه وبسط يديه وأرسل بالدمع عينيه ، ثمّ نادى : شكرا شكرا كما آويتني وآويت من معي ، ثمّ قال جبرئيل : يا رسول الله ، إنّ الله قد نصرك وبعث عليهم ريحا من السماء فيها الحصى ، وريحا من السماء الرابعة فيها الجنادل (4).
    قال حذيفة : فبعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى آتيه بخبرهم ، فخرجت فإذا أنا بنيران القوم قد طفئت وخمدت ، وأقبل جند الله الأوّل بريح شديدة فيها الحصى ، فما تركت نارا لهم إلّا أخمدتها ولا خباء إلّا طرحتها ، حتّى جعلوا يتترّسون من الحصى ، وكنت أسمع وقع الحصى في التّرسة ، وأقبل جند الله الأعظم ، فقام أبو سفيان إلى راحلته ، ثمّ صاح في قريش : النّجا النّجا ، ثمّ فعل عيينة بن
    __________________
    (1) في إعلام الورى هنا وفي الموضع الآتي 1 : 193 (ابن العرقة).
    (2) الأكحل : عرق في الذراع يفصد ، وقيل : هو عرق الحياة ، ويدعى نهر البدن.
    (3) إعلام الورى 1 : 193 ، انظر : الطبقات الكبرى 2 : 67 ، الكامل في التاريخ 2 : 182 ، ونقله المجلسيّ في بحار الأنوار 20 : 206.
    (4) الجندل : الحجارة قدر ما يرمى بالمقذاف ، وهو الجلمد أيضا (ترتيب كتاب العين 1 : 322).

    حصين رأس بني فزارة مثل ذلك ، وفعل الحارث بن عوف سيّد بني مرّة مثلها وذهب الأحزاب.
    ورجع حذيفة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبره الخبر ، فأنزل الله تعالى جلّت عظمته على رسوله : (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها)(1).
    وأصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمسلمين حتّى دخل المدينة فقرّبت له ابنته فاطمة عليها‌السلام غسولا فهي تغسل رأسه ، إذ أتاه جبرئيل على بغلة معتجرا (2) بعمامة بيضاء ، عليه قطيفة من استبرق ، معلّق عليها الدرّ والياقوت ، عليه الغبار ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فمسح الغبار من وجهه ، فقال له جبرئيل : رحمك ربّك ، وضعت السلاح ولم تضعه أهل السماء ، وما زلت أتبعهم حتّى بلغت الروحاء (3).
    ثمّ قال جبرئيل : انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب ، فو الله لأدقّنّهم دقّ البيضة على الصخرة ، فحاصرهم رسول الله خمسا وعشرين ليلة ، حتّى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم فيهم بقتل الرجال ، وسبي الذراري والنساء ، وقسمة الأموال ، وأن يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد حكمت فيهم بحكم الله ، فلمّا جيء بالأسارى حبسوا في دارهم وأمر بعشرة فأخرجوا ، فضرب عليّ عليه‌السلام أعناقهم ، ثمّ انفجرت رمية سعد والدم ينفجر حتّى قضى (4).
    __________________
    (1) الأحزاب : 9 ، إعلام الورى 1 : 193 ، وانظر : الكافي 8 : 277 / 420 ، تفسير القمّيّ 2 : 186 ، سيرة ابن هشام 3 : 242 ، الطبقات الكبرى 2 : 74.
    (2) الاعتجار : لفّ العمامة دون التلحّي (لسان العرب 4 : 544).
    (3) قال الحموي في معجم البلدان 3 : 76 : الروح والراحة من الاستراحة ، ويوم روح أي طيب ، وأظنّه قيل للبقعة روحاء أي طيبة ذات راحة ، ويعضده ما ذكره الكلبيّ قال : لمّا رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكّة نزل بالروحاء فأقام بها وأراح فسمّاها الروحاء.
    (4) إعلام الورى 1 : 194 وعنه في بحار الأنوار 20 : 202 و 253 و 271 ، وانظر : مناقب ابن شهر ـ

    [غزوة الحديبيّة]
    [491 / 32] ـ ثمّ كانت غزوة الحديبيّة في ذي القعدة ، خرج في أناس كثير من أصحابه يريد العمرة وساق معه سبعين بدنة ، وبلغ ذلك المشركين ، فبعثوا خيلا ليصدّوه عن المسجد الحرام ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يرى أنّهم لا يقاتلونه ، لأنّه خرج في الشهر الحرام وأتى بديل بن ورقاء إلى قريش ، وقال : خفّضوا عليكم ، فإنّه لم يأت يريد قتالكم ، وإنّما يريد زيارة هذا البيت ، فقالوا : والله لا نسمع منك ولا تحدّث العرب أنّه دخلها عنوة ولا نقبل منه إلّا أن يرجع عنّا ، ثمّ بعثوا إليه مكرز بن حفص وخالد ابن الوليد ، وصدّوا الهدي.
    ثمّ إنّهم بعثوا ب : سهيل بن عمرو (1) ، فقال : يا أبا القاسم ، إنّ مكّة حرمنا وقد تسامعت العرب أنّك غزوتنا ، ومتى تدخل علينا مكّة عنوة يطمع فينا فنتخطّف ، وإنّا نذكّرك الرحم فإنّ مكّة بيضتك التي تفلّقت عن رأسك.
    قال : فما تريد؟ قال : أريد أن تكتب بيني وبينك هدنة على أن أخليها لك في قابل ، ولا تدخلها بحرب وسلاح إلّا سلاح الراكب السيف في القراب والقوس.
    فكتب رسول الله ذلك ، ورجع صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره في الطريق : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)(2) فما انقضت تلك المدّة حتّى كاد الإسلام يستولي على أهل مكّة (3).
    __________________
    ـ آشوب 1 : 197 ، تفسير القمّيّ 2 : 189 ، سيرة ابن هشام 3 : 244 ، الطبقات الكبرى 2 : 74 ، تاريخ الطبريّ 2 : 581 ، الكامل في التاريخ 2 : 185.
    (1) في «ص» «م» «ر» «س» : (سهل بن عمرو) ، والمثبت من إعلام الورى والبحار.
    (2) الفتح : 1.
    (3) إعلام الورى 1 : 203 وعنه في بحار الأنوار 20 : 361 / 10 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 119 ، المناقب لابن شهر آشوب 1 : 202 ، سيرة ابن هشام 3 : 322 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 54.

    [غزوة خيبر]
    [492 / 33] ـ ثمّ كانت غزوة خيبر في ذي الحجّة سنة ستّ ، وحاصرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بضعا وعشرين ليلة ، وبخيبر أربعة عشر ألف يهوديّ في حصونهم ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يفتحها حصنا حصنا ، وكان من أشدّها القموص ، فأخذ أبو بكر راية المهاجرين ، فقاتلهم بها فرجع منهزما ، ثمّ أخذها عمر فرجع منهزما.
    فساء رسول الله ذلك ، فقال : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، فقال عليّ عليه‌السلام لمّا سمع مقالة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهمّ لا معطي لما منعت ، ولا مانع لما أعطيت» ، فأصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ادعوا لي عليّا.
    فقالوا : إنّه أرمد ، فقال : أرسلوا إليه وادعوه ، فأتي به يقاد ، فتفل في عينيه فقام وكأنّ عينيه جزعتان (1) ، وأعطاه الراية ودعا له فأقبل حتّى ركّزها قريبا من الحصن ، فخرج إليه مرحب ، فبارزه فضرب رجله فقطعها ، وحمل عليّ والجماعة على اليهود فانهزموا (2).
    [493 / 34] ـ قال الباقر عليه‌السلام : انتهى إلى باب الحصن وقد أغلق ، فاجتذبه اجتذابا شديدا وتترّس به ، ثمّ حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاما ، ثمّ رمى الباب بعد ما اقتحم المسلمون ، وخرج البشير إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ عليّا دخل الحصن وأتاه البشير بقدوم جعفر بن أبي طالب وأصحابه من الحبشة إلى المدينة ، فقال :
    __________________
    (1) قال في لسان العرب 8 : 48 : الجزع ضرب من الخرز ، وقيل : هو الخرز اليمانيّ ، وهو الذي فيه بياض وسواد ، تشبّه به الأعين.
    (2) إعلام الورى 1 : 207 وعنه في بحار الأنوار 21 : 21 / 17 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 125 ، الخرائج والجرائح 1 : 159 / 249 ، المغازي للواقديّ 2 : 653 ، الطبقات الكبرى 2 : 110 ، سيرة ابن هشام 3 : 349 ، تاريخ الطبريّ 3 : 11.

    ما أدري بأيّهما أنا أسرّ : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟
    وتلقّاه رسول الله فلمّا نظر جعفر [إلى] النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مشى على رجل واحدة إعظاما لرسول الله ، وأخذ عليّ عليه‌السلام فيمن أخذ صفيّة بنت حييّ (1) ، فدعا بلالا فدفعها إليه ، وقال : لا تضعها إلّا في يدي رسول الله ، فاصطفاها رسول الله وأعتقها وتزوّجها.
    ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : قم إلى حوائط فدك (2) ، فخرج يصالحهم على أن يحقن (3) دماءهم وحوائط فدك لرسول الله خاصّا خالصا ، فنزل جبرئيل فقال : إنّ الله يأمرك أن تؤتي ذا القربى حقّه ، قال : يا جبرئيل ، ومن قرباي؟ وما حقّها؟ قال : اعط فاطمة حوائط فدك واكتب لها كتابا (4).
    [غزوة الفتح]
    [494 / 35] ـ ثمّ كانت غزوة الفتح في شهر رمضان من سنة ثمان ، وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا صالح قريشا عام الحديبيّة ، دخلت خزاعة في حلف النبيّ ، ودخلت كنانة في حلف قريش ، ولمّا مضت سنتان قعد كنانيّ يروي هجاء رسول الله ، فقال خزاعيّ : لا تذكر هذا.
    قال : ما أنت وذاك؟ قال : إن عدت لأكسرنّ فاك ، فأعادها فضربه الخزاعيّ ، فاقتتلا ثمّ قبيلتاهما ، وأعان قريش كنانة ، فركب عمرو بن سالم إلى رسول الله فأخبره الخبر ، فقال عليه‌السلام : لا نصرت إن لم أنصر بني كعب.
    __________________
    (1) في «ر» : (بنت حيّ بن أخطب).
    (2) أي بساتين فدك (انظر : تاج العروس 10 : 226).
    (3) في «ر» «س» : (فصالحهم على أن تحقن) بدلا من : (فخرج يصالحهم على أن يحقن).
    (4) إعلام الورى 1 : 208 وعنه في بحار الأنوار 21 : 22 / 17 ، وانظر : سيرة ابن هشام 3 : 349 وتاريخ الطبريّ 3 : 13.

    ثمّ أجمع رسول الله على المسير إلى مكّة ، فكتب حاطب بن أبي بلتعة مع سارة مولاة أبي لهب لعنه الله إلى قريش أنّ رسول الله خارج إليكم ، فخرجت ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام فأخبره ، فدعا عليّا عليه‌السلام والزبير ، فقال : أدركاها وخذا منها الكتاب ، فخرجا وأخذا الكتاب ورجعا إلى رسول الله.
    [قال : فدعا صلى‌الله‌عليه‌وآله حاطبا فقال له : انظر ما صنعت](1) فقال حاطب : يا رسول الله ، ما شككت ولكن أهلي بمكّة ، فأردت أن تحفظني قريش فيهم ، ثمّ أخرجه عن (2) المسجد فجعل الناس يدفعون في ظهره وهو يلتفت إلى رسول الله ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بردّه وقال : عفوت عنك ، فاستغفر ربّك ولا تعد لمثله ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ)(3)(4).
    ثمّ خرج رسول الله فاستخلف أبا لبابة على المدينة ، وصام الناس حتّى نزل على كراع الغميم (5) ، فأمر بالإفطار فأفطر الناس ، وصام قوم فسمّوا العصاة ، ثمّ سار حتّى نزل بمرّ الظهران (6) ومعه نحو عشرة آلاف رجل ، وقد عميت الأخبار عن قريش ، فخرج أبو سفيان في تلك الليلة وحكيم بن حزام وبديل بن ورقا هل يسمعون خبرا.
    وقد كان العبّاس خرج يلتقي رسول الله ، وقد تلقّاه بثنيّة العقاب ، وقال العبّاس
    __________________
    (1) مابين المعقوفين أضفناه من إعلام الورى 1 : 216.
    (2) في «س» : (من).
    (3) الممتحنة : 1.
    (4) إعلام الورى 1 : 215 وعنه في بحار الأنوار 21 : 124 / 22 ، وانظر : سيرة ابن هشام 4 : 32 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 58 ، الكامل في التاريخ 2 : 239 ، سيرة ابن كثير 3 : 526.
    (5) كراع الغميم موضع بين مكّة والمدينة (معجم البلدان 4 : 214).
    (6) قال ياقوت في معجم البلدان 4 : 63 : الظهران : واد قرب مكّة وعنده قرية يقال لها : مرّ ، تضاف إلى هذا الوادي فيقال : مرّ الظهران.

    في نفسه : هذا هلاك قريش إن دخلها رسول الله عنوة ، قال : فركبت بغلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله البيضاء وخرجت أطلب الحطّابة أو صاحب لبن لعلّي آمره أن يأتي قريشا ، فيركبوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليستأمنوا إليه ، إذ لقيت أبا سفيان يقول : ما هذه النيران (1)؟ قال : هذه خزاعة ، قال : خزاعة أقلّ من هذا ، ولكن لعلّ هذا تميم أو ربيعة.
    قال العبّاس (2) : فعرفت صوت أبي سفيان ، فقلت : أبا حنظلة ، قال : لبّيك ، فمن أنت؟ قلت : أنا العبّاس. قال : فما هذه النيران؟ قلت : هذا رسول الله في عشرة آلاف من المسلمين ، قال : فما الحيلة؟ قلت : تركب في عجز هذه البغلة ، فأستأمن لك رسول الله.
    فأردفته خلفي ثمّ جئت به ، فقام بين يدي رسول الله ، فقال : ويحك! ما آن لك أن تشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله؟
    فقال أبو سفيان : ما أكرمك وأوصلك وأجلّك ، أما والله لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم أحد ، وأمّا أنّك رسول الله فإنّ في نفسي منها شيئا ، قال العبّاس : يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد أنّه رسول الله ، فقال : فإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله ، فلجلج بها فوه.
    ثمّ قال رسول الله : يا أبا الفضل ، أبته عندك الليلة واغد به عليّ ، ثمّ غدا به إلى رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، إنّي أحبّ أن تأذن لي وآتي قومك فأنذرهم وأدعوهم إلى الله وإلى رسول الله ، ثمّ قال للعبّاس : كيف أقول لهم؟ قال : تقول لهم : من قال : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا
    __________________
    (1) في إعلام الورى : (إذ لقيت أبا سفيان وبديل بن ورقاء وحكيم بن حزام ، وأبو سفيان يقول لبديل : ما هذه النيران؟!).
    (2) كلمة : (العبّاس) لم ترد في النسخ الأربع ، وأثبتناها من إعلام الورى 1 : 220.

    رسول الله وكفّ يده فهو آمن.
    قال العبّاس : يا رسول الله ، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر ، فإن خصّصته بمعروف. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. قال أبو سفيان : داري؟ قال : دارك ، ثمّ قال : ومن أغلق بابه فهو آمن.
    وأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله البيت ، وأخذ بعضادتي الباب ثمّ قال : «لا إله إلّا الله (1) ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحده». ثمّ قال : ما تظنّون؟ وما أنتم قائلون؟ قال سهل : نقول خيرا ونظنّ خيرا ، أخ كريم وابن عمّ ، قال : فإنّي أقول لكم كما قال أخي يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(2)(3).
    [غزوة حنين]
    [495 / 36] ـ ثمّ كانت غزوة حنين ، وهو أنّ هوازن جمعت له (4) جمعا كثيرا ، فذكر لرسول الله أنّ صفوان بن أميّة عنده مائة درع فسأله ذلك ، فقال : أغصبا يا محمّد؟ قال : لا ولكن عارية مضمونة ، قال : لا بأس بهذا ، فأعطاه ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ألفين من مكّة (5) ، فأنزل الله : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ)(6).
    قال جابر : فسرنا حتّى إذا استقبلنا وادي حنين ، وكان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي ومضايقه ، فما راعنا إلّا كتائب الرجال بأيديهم السيوف والقنا ، فشدّوا علينا
    __________________
    (1) في «ر» «س» زيادة : (وحده و).
    (2) يوسف : 92.
    (3) إعلام الورى 1 : 223 وعنه في بحار الأنوار 21 : 124 و 140 ، وانظر : مناقب ابن شهر آشوب 1 : 210.
    (4) في «ر» «س» : (لهم).
    (5) في البحار زيادة : (وعشرة آلاف كانوا معه ، فقال أحد أصحابه : لن نغلب اليوم من قلّة).
    (6) التوبة : 25.

    شدّة رجل واحد ، فانهزم الناس كلّهم لا يلوي أحد على أحد ، وأخذ رسول الله ذات اليمين ، وأحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطّلب (1).
    فأقبل مالك بن عوف يقول : أروني محمّدا ، فأروه ، فحمل على رسول الله فأبى فرسه أن يقدم نحو رسول الله ، ونادى رسول الله أصحابه وذمّرهم (2) ، فأقبل أصحابه سريعا ، وقال : «الآن حمى الوطيس» (3).
    أنا النبيّ لا كذب
    أنا ابن عبد المطّلب (4)

    ونزل وقبض قبضة من تراب ثمّ استقبل به وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه (5) ، فولّوا مدبرين وأتبعهم المسلمون ، فقتلوهم وغنمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم وأموالهم (6).
    وفرّ مالك بن عوف ودخل حصن الطائف مع أشراف قومه ، وأسلم عند ذلك كثير من أهل مكّة حين رأوا نصر الله (7).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 230 وعنه في بحار الأنوار 21 : 166 / ضمن ح 9 ، وانظر : مناقب ابن شهر آشوب 1 : 211 ، سيرة ابن هشام 4 : 85 ، تاريخ الطبريّ 3 : 74 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 126 ، الكامل في التاريخ 2 : 262 (باختلاف يسير).
    (2) قال في لسان العرب 4 : 311 ذمّرهم : لامهم وحضّهم وحثّهم.
    (3) الوطيس : التنّور كما في نهاية ابن الأثير عند الكلام في : حما ، (1 : 447) وقال : هو كناية عن شدّة الأمر واضطرام الحرب. ويقال : إنّ هذه الكلمة أوّل من قالها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا اشتدّ البأس يومئذ (يوم حنين) ولم تسمع قبله وهو من أحسن الإستعارات. وقال في حرف الطاء (5 : 204) : الوطيس شبه التنّور .. ولم يسمع هذا الكلام من أحد قبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو من فصيح الكلام عبّر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق.
    (4) إعلام الورى 1 : 232 وعنه في بحار الأنوار 21 : 167 / ضمن ح 9 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 131.
    (5) أي قبحت الوجوه (معجم مقاييس اللغة 3 : 231).
    (6) إعلام الورى 1 : 232 وعنه في بحار الأنوار 21 : 167 ، وانظر : دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 140 ، تفسير القمّيّ 1 : 287 ، الطبقات الكبرى 5 : 56.
    (7) إعلام الورى 1 : 232 وعنه في بحار الأنوار 21 : 167 ، وانظر : دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 132.

    [496 / 37] ـ قال الصادق عليه‌السلام : سبى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة آلاف رأس واثنتي عشرة ألف ناقة سوى ما لا يعلم من الغنايم (1).
    وخلّف رسول الله الأنفال في الجعرانة (2) ، وافترق المشركون فرقتين فأخذت الأعراب أوطاس وثقيف الطائف ، وبعث إلى أوطاس من فتح عليه (3).
    [غزوة الطائف]
    [497 / 38] ـ وسار صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الطائف فحاصرهم بضعة عشر يوما ، ثمّ انصرف عنهم ، ثمّ جاءه وفدهم في شهر رمضان فأسلموا.
    ثمّ رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الجعرانة وقسّم الغنائم ، وكان فيمن سبي أخته بنت حليمة ، فلمّا قامت على رأسه ، قالت : يا محمّد ، أختك شيماء بنت حليمة ، فنزع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بردته وبسطها لها فأجلسها عليها ، ثمّ أكبّ عليها يسألها (4).
    وأدرك وفد هوازن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالجعرانة وقد أسلموا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أمسك منكم بحقّه ، فله بكلّ إنسان ستّ فرائض من أوّل فيء نصيبه ، فردّوا إلى الناس نساءهم وأولادهم ، وكلّمته أخته في مالك بن عوف ، فقال : إن جاءني فهو آمن ، فأتاه فردّ عليه ماله وأعطاه مائة من الإبل (5).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 233 وفيه : قال : أبان وحدّثني محمّد بن الحسن بن زياد ، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام .. وعنه في بحار الأنوار 21 : 168 ، وانظر : المناقب لابن شهر آشوب 1 : 211.
    (2) الجعرانة : ماء بين الطائف ومكّة ، وهي إلى مكّة أقرب (معجم البلدان 2 : 142).
    (3) إعلام الورى 1 : 233 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 151 ، سيرة ابن هشام 4 : 97 ، المغازي للواقديّ 3 : 915 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 152 ، الكامل في التاريخ 2 : 265.
    (4) إعلام الورى 1 : 239 وعنه في بحار الأنوار 21 : 171 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 145 ، سيرة ابن هشام 4 : 141 ، دلائل النبوّة 5 : 176 ، الكامل في التاريخ 2 : 271.
    (5) إعلام الورى 1 : 239 وعنه في بحار الأنوار 21 : 171 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 145 ، سيرة ابن هشام 4 : 141 ، دلائل النبوّة 5 : 176.

    [غزوة تبوك]
    [498 / 39] ـ ثمّ كانت غزوة تبوك ، فتهيّأ في رجب لغزو الروم ، وكتب إلى قبائل العرب ممّن دخل في الإسلام ، فرغّبهم في الجهاد وضرب عسكره فوق ثنيّة الوداع ، واستعمل عليّا عليه‌السلام على المدينة ، وقال : لا بدّ للمدينة منّي أو منك ، فلمّا نزل الجرف لحقه عليّ ، وقال : يا رسول الله ، زعمت قريش إنّما خلّفتني استثقالا لي ، فقال : طالما آذت الأمم الأنبياء ، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى عليهما‌السلام ، قال : قد رضيت.
    ثمّ رجع إلى المدينة وأتاه ـ وهو بتبوك ـ يحنة بن روبة صاحب إيلة (1) فأعطاه الجزية ، وبعث خالدا إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل ، وقال : لعلّ الله يكفيكه بصيد البقر فتأخذه ، فبينا خالد في ليلة إضحيان (2) مع أصحابه إذ أقبلت البقرة تنتطح على باب حصن أكيدر وهو مع امرأتين له ، فقام فركب في ناس من أهله ، فطلبوها فكمن خالد وأصحابه فأخذوه وقتلوا أخاه وأفلت أصحابه ، فأغلقوا الباب فأقبل خالد بأكيدر فسألهم أن يفتحوا فأبوا ، فقال : أرسلني فإنّي أفتح الباب ، فأخذ عليه موثقا وأرسله فدخل وفتح الباب حتّى دخل خالد وأصحابه ، فأعطاه ثمانمائة رأس وألفي بعير وأربعمائة درع وخمسمائة سيف وصالح على الجزية (3).
    وكانت تبوك آخر غزوات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت غزوات كثيرة في خلال ما ذكرناه.
    __________________
    (1) إيلة : مدينة بين الفسطاط ومكّة على شاطئ بحر القلزم تعد من بلاد الشام (معجم البلدان 1 : 292).
    (2) ليلة إضحيان أي مضيئة لا غيم فيها.
    (3) إعلام الورى 1 : 244 وعنه في بحار الأنوار 21 : 244 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 154 ، المغازي للواقديّ 3 : 1025 ، سيرة ابن هشام 4 : 169 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 252 ، الطبقات الكبرى 2 : 165.

    فصل
    [إبلاغ سورة براءة]
    [499 / 40] ـ ثمّ نزلت سورة براءة في سنة تسع ، فدفعها إلى أبي بكر ، فسار بها ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام فقال : إنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك ، فبعث عليّا عليه‌السلام على ناقته العضباء ، فلحقه وأخذ منه الكتاب ، فقال له أبو بكر : أنزل فيّ شيء؟ فقال : لا ولكن لا يؤدّي عن رسول الله إلّا هو أو أنا ، فسار بها عليّ عليه‌السلام حتّى أدّى بمكّة يوم النحر.
    وكان في عهده : أن ينبذ إلى المشركين عهدهم ، وأن لا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل المسجد مشرك ، ومن كان له عهد فإلى مدّته ، ومن لم يكن له عهد فله أربعة أشهر ، فإن أخذناه بعد أربعة أشهر قتلناه ، وذلك قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ)(1) الآية ، ولمّا دخل مكّة قال : والله لا يطوف بالبيت عريان إلّا ضربته بالسيف ، فطافوا وعليهم الثياب (2).
    [500 / 41] ـ ثمّ قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ب عروة بن مسعود الثقفيّ مسلما ، واستأذن في الخروج إلى قومه ، فقال : أخاف أن يقتلوك ، قال : إن وجدوني نائما ما أيقظوني ، فأذن له رسول الله ، فرجع إلى الطائف ودعاهم إلى الإسلام فعصوه ، ثمّ أذّن في داره فرماه رجل بسهم فقتله ، وأقبل بعد قتله من ثقيف بضعة عشر رجلا من أشراف ثقيف فأسلموا ، فأكرمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمّر عليهم عثمان بن
    __________________
    (1) التوبة : 5.
    (2) إعلام الورى 1 : 248 وعنه في بحار الأنوار 21 : 274 / 9 ، وانظر : تفسير العيّاشيّ 2 : 73 / 4 ، إرشاد المفيد 1 : 65 ، سيرة ابن هشام 4 : 190 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 76 ، تاريخ الطبريّ 3 : 123 ، مناقب الخوارزميّ : 100 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 296.

    أبي العاص بن بشر ، وقال : يا رسول الله ، إنّ الشيطان قد حال بين صلاتي وقراءتي ، قال : تعوّذ بالله منه واتفل عن يسارك ، قال : ففعلت فأذهب الله عنّي (1).
    فلمّا أسلمت ثقيف ضربت إلى رسول الله وفود العرب ، فدخلوا في دين الله تعالى أفواجا (2).
    [وفد نجران]
    [501 / 42] ـ ثمّ قدم وفد نجران بضعة عشر رجلا ، العاقب أميرهم واسمه عبد المسيح ، وأبو حارثة علقمة الأسقف وهو حبرهم وإمامهم ، فقال الأسقف : ما تقول يا محمّد في السيّد المسيح؟
    قال : هو عبد الله ورسوله. قال : بل هو كذا وكذا ، فترادّا ، فنزل : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ)(3) فقالوا : نباهلك غدا ، فلمّا كان من الغد ، قال أبو حارثة لأصحابه : إن كان غدا بولده وأهل بيته فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آخذا بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة وبين يديه عليّ عليهم‌السلام ، فجثا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ركبتيه.
    فقال أبو حارثة : جثا كما جثا الأنبياء للمباهلة ، فكعّ ولم يقدم للمباهلة ، فقالوا :
    يا أبا القاسم إنّا لا نباهلك ولكن نصالحك (4).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 249 وعنه في بحار الأنوار 21 : 364 / 1 ، وانظر : سيرة ابن هشام 4 : 182 ، الطبقات الكبرى 1 : 312 ، تاريخ الطبريّ 3 : 96 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 307.
    (2) في إعلام الورى 1 : 250 تفصيل الوفود التي وفدت عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانظر : سيرة ابن هشام 4 : 206 ، تاريخ الطبريّ 3 : 115 ، دلائل النبوّة للبيهقيّ 5 : 313.
    (3) آل عمران : 59.
    (4) إعلام الورى 1 : 254 وعنه في بحار الأنوار 21 : 336 ، وانظر : إرشاد المفيد 1 : 166 ، مجمع البيان 1 : 451 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 82 ، سيرة ابن هشام 2 : 222 ، الطبقات الكبرى 1 : 357.

    فصل
    [الحجّ في السنة العاشرة وبيعة الغدير]
    [502 / 43] ـ ثمّ بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة متوجّها إلى الحجّ في السنة العاشرة ، فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة ولدت أسماء بنت عميس ب : محمّد بن أبي بكر ، فأقام تلك الليلة من أجلها ، وأحرم من ذي الحليفة وأحرم الناس معه ، وكان قارنا للحجّ بسياق الهدي ، وقد ساق معه ستّا وستّين بدنة ، وحجّ عليّ عليه‌السلام من اليمن وساق معه أربعا وثلاثين بدنة ، وخرج من معه من العسكر.
    ولمّا قدم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة وطاف وسعى نزل جبرئيل وهو على المروة بقوله : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(1) فخطب الناس ، وقال : دخلت العمرة في الحجّ هكذا إلى يوم القيامة ـ وشبّك بين أصابعه ـ ثمّ قال : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ثمّ أمر مناديه ، فنادى : من لم يسق منكم هديا فليحل وليجعلها عمرة ، ومن ساق منكم هديا فليقم على إحرامه».
    ولمّا قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نسكه وقفل إلى المدينة وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ ، نزل عليه جبرئيل بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)(2) وكان يوما شديد الحرّ ، فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر بدوحات (3) هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ، ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه ، فنادى في الناس بالصلاة ، فاجتمعوا إليه ، وأنّ أكثرهم ليلفّ
    __________________
    (1) البقرة : 196.
    (2) المائدة : 67.
    (3) الدوحة : الشجرة العظيمة ، أي شجرة كانت (المصباح المنير : 102).

    رداءه على قدميه من شدّة الرمضاء ، فصعد على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ، ودعا عليّا عليه‌السلام فرقى معه حتّى قام عن يمينه.
    ثمّ خطب فحمد الله وأثنى عليه ووعظ ، ونعى إلى الأمّة نفسه ، فقال : «إنّي دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد آن (1) منّي خفوق من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».
    ثمّ نادى بأعلى صوته : «ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا : بلى ، فقال لهم ـ على النسق وقد أخذ بضبعي (2) عليّ حتّى رئي بياض إبطيهما ـ وقال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله».
    ثمّ نزل وأمر عليّا عليه‌السلام أن يجلس في خيمة ، ثمّ أمر الناس أن يدخلوا عليه فوجا فوجا ويهنّئوه بالإمامة ، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين.
    وأنشأ حسّان بن ثابت :
    يناديهم يوم الغدير نبيّهم
    بخمّ واسمع بالرّسول مناديا

    الأبيات (3).
    __________________
    (1) في إعلام الورى : (حان).
    (2) الضبع : العضد (الصحاح 3 : 1247).
    (3)
    وقال : ومن مولاكم ووليّكم؟
    فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا

    إلهك مولانا وأنت وليّنا
    ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا

    فقال له : قم يا عليّ فإنّني
    رضيتك من بعدي إماما وهاديا

    فمن كنت مولاه فهذا وليّه
    وكن للّذي عادى عليّا معاديا

    وفي إعلام الورى 1 : 262 : ـ

    ولم يبرح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المكان حتّى نزل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(1) فقال : الحمد لله على كمال الدين وتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ عليه‌السلام من بعدي (2).
    [جيش أسامة]
    [503 / 44] ـ ولمّا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة من حجّة الوداع بعث أسامة بن زيد ، وأمره أن يقصد إلى حيث قتل أبوه ، وأمّره على وجوه المهاجرين والأنصار ، وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ، وعسكر أسامة بالجرف (3) ، واشتكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شكايته التي توفّي فيها ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : نفّذوا جيش أسامة ، ويكرّر ذلك ، وإنّما فعل ذلك صلى‌الله‌عليه‌وآله لئلّا يبقى في المدينة عند وفاته من يتخلّف في الإمامة ويطمع في الإمارة ، ويستوثق الأمر لأهل بيته : عليّ ومن بعده (4).
    فصل
    [في قصّة وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [504 / 45] ـ ولمّا أحسّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمرض الذي اعتراه أخذ بيد عليّ عليه‌السلام وقال :
    __________________
    ـ
    فمن كنت مولاه فهذا وليّه
    فكونوا له أنصار صدق مواليا

    هناك دعا اللهمّ وال وليّه
    وكن للّذي عادى عليّا معاديا

    (1) المائدة : 3.
    (2) إعلام الورى 1 : 262 وعنه في بحار الأنوار 21 : 389 / 12 ، وانظر : إرشاد المفيد 1 : 173 ، تاريخ اليعقوبيّ 2 : 109.
    (3) الجرف : ناحية قريبة من أعمال المدينة على نحو من ثلاثة أميال (المصباح المنير : 97).
    (4) إعلام الورى 1 : 263 وعنه في بحار الأنوار 2 : 465 / 19 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 180 ، سيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لابن هشام 4 : 300.

    أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، وأنّ جبرئيل كان يعرض عليّ القرآن كلّ سنة مرّة ، وقد عرض عليّ العام مرّتين ، ولا أراه إلّا لحضور أجلي.
    ثمّ قال : إنّي خيّرت ـ يا عليّ ـ بين خزائن الدنيا والخلود فيها [أو الجنّة](1) ، فاخترت لقاء ربّي فإذا أنا متّ فغسّلني (2) ، واستر عورتي فإنّه لا يراها أحد إلّا أكمه ، فمكث ثلاثة أيّام موعوكا (3) ، ثمّ خرج إلى المسجد معصوب الرأس متّكئا على عليّ عليه‌السلام بيمينه وعلى الفضل بن العبّاس باليد الأخرى ، فجلس على المنبر وخطب.
    ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّه ليس بين الله وبين أحد شيء يعطيه به خيرا ويصرف عنه شرّا إلّا العمل [الصالح](4). أيّها الناس ، لا يدّع مدّع ولا يتمنّ متمنّ ، والذي بعثني بالحقّ نبيّا لا ينجي إلّا عمل مع رحمة الله ولو عصيت لهويت.
    ثمّ نزل ودخل بيته ، وكان في بيت أمّ سلمة ، فجاءت عائشة تسأله أن ينتقل إليها لتتولّى تعليله ، فأذن لها وانتقل إلى البيت الذي أسكنه عائشة ، فاستمرّ المرض به أيّاما وثقل ، فجاء بلال عند صلاة الصبح ، فنادى : الصلاة.
    فقال : يصلّي بالناس بعضهم ، فقالت عائشة : مروا أبا بكر ، وقال حفصة : مروا عمر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أكففن فإنّكنّ صويحبات يوسف ، ثمّ قال : وهو لا يستقل على الأرض من الضعف ، وقد كان عنده أنّهما خرجا إلى أسامة ، فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام والفضل فاعتمدهما ورجلاه يخطّان الأرض من الضعف ، فلمّا خرج إلى المسجد وجد أبا بكر قد سبق إلى المحراب ، فأومأ بيده إليه ، فتأخّر
    __________________
    (1) ما بين المعقوفين من إعلام الورى 1 : 264.
    (2) في «ر» «س» : (فغسّلني).
    (3) موعوكا أي محموما.
    (4) ما بين المعقوفين أثبتناه من إعلام الورى 1 : 264.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:17 pm

    أبو بكر وقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكبّر وابتدأ بالصلاة.
    فلمّا سلّم وانصرف إلى بيته استدعى أبا بكر وعمر وجماعة من حضر المسجد وقال : ألم آمركم أن تنفّذوا جيش أسامة؟ فقال أبو بكر : إنّي كنت خرجت ، ثمّ عدت لأحدث (1) بك عهدا ، وقال عمر : إنّي لم أخرج لأنّي لم أحبّ أن أسأل عنك الركب ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نفّذوا جيش أسامة ، يكرّرها ثلاث مرّات ، ثمّ أغمي عليه من التعب الذي لحقه.
    ثمّ أفاق وقال : ائتوني بدواة وكتف (2) أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا ، فقال عمر لمن قام يلتمس الدواة والكتف : ارجع فإنّه يهجر. فلمّا أفاق ، قال بعضهم : ألا نأتيك يا رسول الله بدواة وكتف؟ فقال : «بعد الذي قلتم؟ لا. ولكن احفظوني في أهل بيتي ، وأطعموا المساكين ، وحافظوا على الصلاة ، وما ملكت أيمانكم» فلم يزل يردّد ذلك ، ثمّ أعرض بوجهه عن القوم ، فنهضوا وبقي عنده عليّ والعبّاس والفضل وأهل بيته ، فقال العبّاس : يا رسول الله ، إن يكن هذا الأمر مستمرّا فينا (3) من بعدك فبشّرنا وإن كنت تعلم أنّنا نغلب عليه فأوص بنا ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنتم المستضعفون من بعدي وأصمت ونهض القوم وهم يبكون.
    فلمّا خرجوا من عنده ، قال : ردّوا عليّ أخي عليّ بن أبي طالب وعمّي ، فلمّا استقرّ بهما المجلس ، قال : يا عمّ ، تقبل وصيّتي وتنجز وعدي وتقضي ديني؟
    فقال : يا رسول الله ، عمّك شيخ كبير ذو عيال وأنت تباري الريح سخاء ، ثمّ قال لعليّ عليه‌السلام : يا عليّ ، تقبل وصيّتي وتنجز عدتي وتقضي ديني؟ فقال : نعم يا رسول الله.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (رجعت) ، وفي «ص» : (خرجت) ، وفي البحار : (عدت لأجدد).
    (2) قال في النهاية 4 : 150 : الكتف عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب ، كانوا يكتبون فيه لقلّة القراطيس عندهم.
    (3) في إعلام الورى : (إن يكن هذا الأمر فينا مستقرّا).

    فقال : ادن منّي ، فدنا منه ، فضمّه إليه ونزع خاتمه من يده ، وقال له : خذ هذا فضعه في يدك ، ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته ، فدفع ذلك إليه ، والتمس عصابة كان يشدّها على بطنه إذا لبس درعه نزل بها جبرئيل ، فجيء بها فدفعها إلى عليّ عليه‌السلام ، وقال : اقبض هذا في حياتي ، ودفع إليه بغلته وسرجها ، وقال : امض على خيرة (1) الله تعالى إلى منزلك.
    فلمّا كان من الغد حجب الناس عنه وثقل في مرضه ، وكان عليّ عليه‌السلام لا يفارقه إلّا لضرورة ، فلمّا قرب خروج نفسه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ضع رأسي ـ يا عليّ ـ في حجرك ، فقد جاء أمر الله ، فإذا فاضت روحي فتناولها بيدك ، وأمسح بها وجهك ، ثمّ وجّهني إلى القبلة وتولّ أمري ، وصلّ عليّ أوّل الناس ، ولا تفارقني حتّى تواريني في رمسي (2).
    [مراسيم التغسيل والدفن لبدنه صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [505 / 46] ـ وتوفّي صلى‌الله‌عليه‌وآله لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر (3) من الهجرة ، ولمّا أراد عليّ عليه‌السلام غسله استدعى بالفضل بن عبّاس ، فأمره أن يناوله الماء بعد أن عصّب عينيه ، فشقّ قميصه من قبل جيبه حتّى بلغ إلى سرّته ، وتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يناوله الماء.
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (بركة).
    (2) إعلام الورى 1 : 266 وعنه في بحار الأنوار 22 : 466.
    (3) في البحار 22 : 415 : قبض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة ، ثمّ قال : بيان : هذا هو الموافق لما ذكره أكثر الإماميّة ، ثمّ نقل عن التهذيب وإعلام الورى : أنّه قبض سنة عشر من الهجرة ، ثمّ قال بعد فصل قليل : بيان : لعلّ قوله «سنة عشر» مبنيّ على اعتبار سنة الهجرة من أوّل ربيع الأوّل حيث وقع الهجرة فيه ، والذين قالوا : سنة إحدى عشرة بنوه على المحرّم وهو أشهر ، وفي مرآة العقول (5 : 174) نصّ على ذلك أيضا ، وانظر المقنعة : 456 ، تهذيب الأحكام 6 : 2.

    فلمّا فرغ تقدّم فصلّى عليه ، ثمّ قال الناس : كيف الصلاة عليه؟ فقال عليّ عليه‌السلام : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إمامنا حيّا وميّتا ، فدخل عشرة عشرة فصلّوا عليه ، ثمّ خاضوا في موضع دفنه ، فقال عليّ عليه‌السلام : إنّ الله تعالى لم يقبض نبيّه في مكان إلّا ورضيه لمضجعه ، فرضي الناس أن يدفن في الحجرة التي توفّي فيها ، وحفر أبو طلحة وكان عليّ والعبّاس والفضل وأسامة يتولّون دفنه ، وأدخل عليّ من الأنصار أوس بن خولي من بني عوف من الخزرج وكان بدريّا ، فقال له عليّ عليه‌السلام : انزل القبر ، فنزل ووضع عليّ عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على يديه ، ثمّ دلّاه في حفرته ، ثمّ قال له : اخرج ، فخرج ونزل عليّ عليه‌السلام فكشف عن وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووضع خدّه على الأرض موجّها إلى القبلة على يمينه ، ثمّ وضع عليه اللبن وهال عليه التراب وانتهزت الجماعة الفرصة لاشتغال بني هاشم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجلوس عليّ عليه‌السلام للمصيبة (1).
    فصل
    [ذكر أوصياء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [506 / 47] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، حدّثنا ابن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن معنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، من العترة؟
    فقال : أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهديّهم وقائمهم ؛ لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول الله حوضه (2).
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 269 وعنه في بحار الأنوار 22 : 529 / 35 ، وانظر : الإرشاد للمفيد 1 : 188.
    (2) إعلام الورى 2 : 180 ، وانظر : كمال الدين : 240 / 64 ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام 1 : 57 / 25 وعنهما بحار الأنوار 23 : 147.

    [507 / 48] ـ قال : وحدّثنا غير واحد من أصحابنا ، عن محمّد بن همّام ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ ، عن الحسن بن محمّد بن (1) سماعة ، عن أحمد بن الحارث ، عن المفضّل بن عمر ، عن يونس بن ظبيان ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : سمعت جابر بن عبد الله رضى الله عنه يقول : لمّا أنزل الله على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(2) قلت : يا رسول الله ، فمن أولوا الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟
    فقال : هم خلفائي ـ يا جابر ـ وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم : عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ ، ذلك الذي يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان.
    قال جابر : فقلت : يا رسول الله ، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ قال : إي والذي بعثني بالنبوّة (3) أنّهم ليستضيئون بنوره ، وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّاها سحاب (4).
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» : (عن) بدلا من : (بن) والمثبت موافق لكمال الدين : 241. وفي إعلام الورى 2 : 181 : (الحسين بن محمّد بن سماعة).
    (2) النساء : 59.
    (3) في «ر» «س» : (بالحقّ نبيّا).
    (4) إعلام الورى 2 : 181 وعنه في بحار الأنوار 23 : 289 ، كمال الدين : 241 / 3.

    [مبحث فيه ذكر أدعية الأئمّة عليهم‌السلام]
    [508 / 49] ـ قال : وحدّثنا أبو الحسين أحمد بن ثابت الدوالينيّ (1) ، حدّثنا محمّد ابن الفضل النحويّ ، حدّثنا محمّد (2) بن عليّ بن عبد الصمد الكوفيّ ، حدّثنا عليّ ابن عاصم ، عن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم ، قال الحسين عليه‌السلام : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أبيّ بن كعب ، فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مرحبا بك يا أبا عبد الله ، يا (3) زين السماوات والأرض.
    قال أبيّ : فكيف يكون زين السماوات والأرض غيرك؟
    قال : يا أبيّ ، والذي بعثني بالحقّ نبيّا أنّ الحسين بن عليّ ذكره في السماء أكثر ممّا في الأرض ، وأنّه لمكتوب على يمين عرش الله ، فإنّ الله تعالى ركّب في صلبه نطفة طيّبة مباركة ، ولقد لقّن دعوات ، ما يدعو بهنّ مخلوق إلّا حشره الله معه وفرّج عنه كربه.
    فقال له : ما هذه الدعوات يا رسول الله؟
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا فرغت من صلاتك (4) وأنت قاعد ، فقل : «اللهمّ إنّي أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك (5) وسكّان سماواتك وأنبيائك ورسلك قد
    __________________
    (1) في «ص» «م» : (الدوانيّ) ، وفي بعض المصادر : (الدواليبيّ) ، وهو غير أحمد بن محمّد بن عليّ بن ثابت الدّنابي الأرجيّ بناء على تصحيف الدنابي بالدواليبيّ وغيره كما قيل ؛ لأنّ الدنابي هذا توفّي 601 ه‍ كما قاله في تاج العروس 1 : 487.
    (2) في «ر» «س» : (أحمد).
    (3) كلمة : (يا) سقطت من النسخ وأثبتناها من المصادر.
    (4) قوله : (إذا فرغت من صلاتك) لم يرد في «ر» «س».
    (5) في «ص» «م» «س» : (بمكانك ومعاقد عزّك).

    رهقني من أمري عسر ، فأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تجعل لي (1) من عسري يسرا» فإنّ الله تعالى يسهّل أمرك ، ويشرح صدرك ، ويلقّنك شهادة أن لا إله إلّا الله عند خروج نفسك.
    قال أبيّ : فما هذه النطفة التي في صلب الحسين وما اسمه؟
    قال : اسمه عليّ ودعاؤه : «يا دائم يا ديموم يا حيّ يا قيّوم ، يا كاشف الغمّ ، يا فارج الهمّ ، ويا باعث الرسل ، يا صادق الوعد» من دعا بهذا الدعاء حشره الله مع عليّ بن الحسين عليهما‌السلام وكان قائده إلى الجنّة.
    قال أبيّ : وهل له من خلف ووصيّ؟ قال : نعم ، له ميراث السماوات والأرض ، قال : وما معنى ذلك؟ قال : القضاء بالحقّ ، وتأويل الأحكام ، وبيان ما يكون ، قال : فما اسمه؟
    قال : اسمه محمّد ودعاؤه : «اللهمّ إن كان لي عندك رضوان وودّ ، فاغفر لي ولمن اتّبعني من إخواني وشيعتي وطيّب ما في صلبي» فركّب الله في صلبه نطفة مباركة زكية اسمه جعفر ودعاؤه : «يا ديّان غير متوان (2) ، يا أرحم الراحمين ، اجعل لشيعتي وقاء (3) ولهم عندك رضا ، واغفر ذنوبهم واستر عوراتهم ، وهب لهم الكباير التي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضيم ولا تأخذه سنة ولا نوم اجعل لي من كلّ غمّ فرجا». من دعا بهذا الدعاء حشره الله أبيض الوجه مع جعفر بن محمّد في الجنّة.
    يا أبيّ ، إنّ الله ركّب على هذه النطفة نطفة زكيّة سمّاها موسى ، فقال له : يا رسول الله ، كأنّهم يتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا ، قال : وصفهم لي
    __________________
    (1) قوله : (لي) لم يرد في «ص» «م».
    (2) في «ر» : (غير منّان) وفي «ص» : (غير منوان) بدلا من : (غير متوان).
    (3) في «ر» «س» «ص» : (وفاء) ، وفي البحار : (لشيعتي من النار وقاء).

    جبرئيل عن ربّ العالمين ، قال : فهل لموسى من دعوة يدعو بها؟
    قال : نعم دعاؤه : «يا خالق الخلق ، ويا باسط الرزق ، ويا فالق الحبّ ، و (1) بارئ النّسم ، ومحيي الموتى ، ومميت الأحياء ، ودائم الثبات ، ومخرج النبات ، افعل بي ما أنت أهله». من دعا بهذا الدعاء قضى الله حوائجه.
    وإنّ الله تعالى ركّب في صلبه نطفة مباركة مرضيّة وسمّاها عليّا ، ودعاؤه : «اللهمّ أعطني الهدى ، وثبّتني عليه ، واحشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع ، إنّك أهل التقوى وأهل المغفرة».
    وإنّ الله ركّب في صلبه نطفة مباركة وسمّاها محمّد بن عليّ ، فهو شفيع شيعته ، إذا ولد يقول : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، ودعاؤه : «يا من لا شبيه له ولا مثال أنت الله لا إله إلّا أنت ولا خالق إلّا أنت ، تفني المخلوقين وتبقى أنت حلمت عمّن عصاك وفي المغفرة رضاك». من دعا بهذا الدعاء كان محمّد بن عليّ شفيعه يوم القيامة.
    وإنّ الله ركّب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية بارّة طاهرة ، سمّاها عنده عليّ ابن محمّد ، فألبسه السكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكلّ سرّ مكنون. ودعاؤه : «يا نور يا برهان ، يا مبيّن يا منير ، يا ربّ اكفني شرّ الشرور وآفات الدهور ، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور». من دعا بهذا الدعاء كان عليّ بن محمّد شفيعه وقائده إلى الجنّة.
    وإنّ الله ركّب في صلبه نطفة وسمّاها عنده الحسن بن عليّ (2) ، فجعله نورا في بلاده ، ودعاؤه (3) : «يا عزيز العزّ في عزّه ، يا أعزّ عزيز العزّ في عزّه ، يا عزيز أعزّني
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (ويا).
    (2) قوله : (بن عليّ) لم يرد في «ص» «م».
    (3) في العيون والكمال زيادة : (وخليفة في أرضه ، وعزّا لأمّته ، وهاديا لشيعته ، وشفيعا لهم عند ربّهم ، ونقمة على من خالفه ، وحجّة لمن والاه ، وبرهانا لمن اتّخذه إماما ، يقول في دعائه).

    بعزّك ، وأيّدني بنصرك ، وأبعد (1) عنّي همزات الشياطين ، وادفع عنّي بدفعك ، وامنع عنّي بصنعك ، واجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد يا صمد». من دعا بهذا الدعاء نجّاه الله من النار ولو وجبت عليه.
    وإنّ الله ركّب في صلبه نطفة مباركة زكيّة يرضى بها كلّ مؤمن ، يحكم بالعدل ويأمر به ، يخرج من تهامة حين تظهر الدلائل والعلامات ، وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضّة إلّا خيول مطهّمة ورجال مسوّمة ، يجمع الله له من أقصى البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وكلامهم وكناهم كدّادون مجدّون في طاعته.
    فقال له أبيّ : وما علاماته ودلائله يا رسول الله؟ قال : له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه ، فناداه العلم : اخرج يا وليّ الله فاقتل أعداء الله ، فهما رايتان وعلامتان ، وله سيف مغمد ، فإذا حان وقت خروجه قال : يا وليّ الله ، لا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، ويقيم حدود الله ، ويحكم بحكم الله ، يخرج جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وشعيب بن صالح على مقدّمته ، سوف تذكرون ما أقول لكم ، وأفوّض أمري إلى الله ولو بعد حين.
    يا أبيّ ، طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به ، ينجّيهم الله من الهلكة وبالإقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمّة تفتح لهم الجنّة ، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحا لا يتغيّر أبدا ، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير (2) الذي لا يطفأ نوره أبدا.
    قال أبيّ : يا رسول الله ، كيف حال بيان هذه الأئمّة عن الله؟ قال : إنّ الله تعالى
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (وأطرد).
    (2) في «ر» «س» : (النيّر).

    أنزل عليّ اثنتي عشرة صحيفة واثني عشر خاتما ، اسم كلّ إمام على خاتمه وصفته في صحيفته (1).
    ودعاؤه : «اللهمّ عظم البلاء ، وبرح الخفاء (2) ، وانقطع الرجاء ، وانكشف الغطاء ، وضاقت الأرض ومنعت السماء ، وأنت المستعان وإليك المشتكى ، وعليك التوكّل في الشدّة والرخاء ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وعلى أولي الأمر الذين فرضت طاعتهم وعرّفتنا بذلك منزلتهم ، ففرّج عنّا بحبّهم (3) فرجا عاجلا قريبا كلمح البصر أو هو أقرب» (4).
    ومن دعائه : «يا من إذا تضايقت الأمور فتح لنا بابا لم تذهب إليه الأوهام ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وافتح لأموري المتضايقة بابا لم يذهب إليه وهم يا أرحم الراحمين».
    فصل
    [ذكر أسماء الأئمّة وألقابهم عليهم‌السلام]
    [509 / 50] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الورّاق ، حدّثنا محمّد بن هارون الصوفيّ ، عن عبد الله بن موسى ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ ، قال : حدّثني صفوان بن يحيى ، عن إبراهيم بن أبي زياد ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي خالد الكابليّ ، قال : دخلت على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام
    __________________
    (1) إلى هنا في كمال الدين : 264 / 11 ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام 1 : 59 / 29 ، إعلام الورى 2 : 185 ـ 190.
    (2) في «ر» «س» «ص» : (الجفا).
    (3) في «ر» وحاشية «س» : (بحقّهم).
    (4) بحار الأنوار 36 : 205 عن كمال الدين وعيون أخبار الرّضا عليه‌السلام وج 91 : 184 / 1 عن عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

    فقلت له : يابن رسول الله ، أخبرني عن (1) الذين فرض الله طاعتهم ومودّتهم وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله.
    فقال : يا كنكر ، إنّ أولي الأمر الذين جعلهم الله أئمّة للناس وأوجب طاعتهم ، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ انتهى الأمر إلينا ، ثمّ سكت.
    فقلت له : يا سيّدي ، قد روي لنا عن أمير المؤمنين أنّ الأرض لا تخلو من حجّة على عباده ، فمن الحجّة والإمام بعدك؟
    قال : ابني محمّد ، واسمه في التوراة باقر ، يبقر العلم بقرا ، هو الحجّة والإمام بعدي ، ومن بعد محمّد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء الصادق عليه‌السلام ، فقلت له : يا سيّدي ، فكيف صار اسمه الصادق؟ وكلّكم صادقون.
    قال : حدّثني أبي ، عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمّد ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فسمّوه الصادق ، فإنّ للخامس من ولده ولدا (2) اسمه جعفر ، يدّعي الإمامة اجتراء على الله وكذبا عليه ، فهو عند الله جعفر الكذّاب المفتري على الله ، والمدّعي لما ليس له بأهل ، المخالف على الله ، والحاسد على أخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة وليّ الله.
    ثمّ بكى عليّ بن الحسين بكاءا شديدا ، ثمّ قال : كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ الله والمغيّب في حفظ الله والمتوكّل (3) بحرمة الله جهلا منه لولادته (4) ، وحرصا على قتله إن ظفر به طمعا في ميراث أبيه حتّى يأخذ بغير حقّه.
    __________________
    (1) في «ر» «س» زيادة : (أولي الأمر).
    (2) في النسخ : (الخامس من ولده الذي) بدلا من : (للخامس من ولده ولدا) ، والمثبت عن المصادر.
    (3) في «م» «ص» : (والتوكيل).
    (4) في البحار : (بحرم أبيه جهلا منه بولادته) بدلا من : (بحرمة الله جهلا منه لولادته).

    قال أبو خالد : فقلت له : يابن رسول الله ، فإنّ ذلك لكائن؟
    قال : إي وربّي إنّ ذلك لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت : يابن رسول الله ، ثمّ ماذا يكون؟
    قال : ثمّ تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة من بعده.
    يا أبا خالد ، إنّ أهل زمان الغيبة القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل أهل (1) كلّ زمان ، لأنّ الله أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسوله بالسيف ، أولئك هم المخلصون حقّا وشيعتنا صدقا ، والدعاة إلى دين الله سرّا وجهرا (2).
    فصل
    [حديث آخر في خير الخلق بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله]
    [510 / 51] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، عن أبيه ، عن جدّه أحمد بن عبد الله ، عن أبيه محمّد بن خالد بن محمّد بن داود ، عن محمّد بن الجارود العبديّ ، عن الأصبغ بن نباتة رضى الله عنه ، قال : خرج علينا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن ، وهو يقول : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم ويده في يدي هذا ، وهو يقول : خير الخلق بعدي وسيّدهم هذا ، هو إمام كلّ مسلم ، وأمير كلّ مؤمن بعد وفاتي.
    __________________
    (1) قوله : (أهل) لم يرد في «ص» «م».
    (2) كمال الدين 1 : 319 وعنه في بحار الأنوار 36 : 386.

    ألا وإنّي أقول : إنّ خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا ، وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن بعد وفاتي ، ألا وإنّه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله.
    وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ، ابني ، أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه ، المقتول في أرض كرب وبلاء ، أما إنّه وأصحابه (1) سادة الشهداء يوم القيامة ، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه وحججه على عباده وأمناؤه على وحيه ، أئمّة المسلمين وقادة المعتصمين وسادة المتّقين ، تاسعهم القائم الذي يملأ الله به الأرض نورا بعد ظلمة ، وعدلا بعد جور ، وعلما بعد جهل ، والذي بعث أخي محمّدا بالنبوّة واختصّني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح (2) الأمين جبرئيل.
    ولقد سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا عنده عن الأئمّة بعده ، فقال للسائل : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ)(3) إنّ عددهم كعدد البروج ، وربّ الليالي والأيّام والشهور إنّ عدّتهم كعدّة الشهور.
    قال السائل : فمن هم؟ فوضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يده على رأسي ، وقال : أوّلهم هذا وآخرهم المهدي ، من والاهم فقد والاني ، ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن أحبّهم فقد أحبّني ، ومن أبغضهم فقد أبغضني ، ومن أنكرهم فقد أنكرني ، ومن عرفهم فقد عرفني ، بهم يحفظ الله دينه ، وبهم يعمر بلاده ، وبهم يرزق عباده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم تخرج بركات الأرض ، هؤلاء أوصيائي وخلفائي وأئمّة المسلمين وموالي المؤمنين (4).
    __________________
    (1) في «ر» «س» «ص» زيادة : (من).
    (2) في «ص» «م» : (روح).
    (3) البروج : 1.
    (4) كمال الدين 1 : 247 / 5 وعنه في بحار الأنوار 36 : 253.

    فصل
    [ضرورة الإيمان بالأئمّة عليهم‌السلام أجمعين]
    [511 / 52] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا محمّد ابن أبي عبد الله الكوفيّ ، حدّثنا موسى بن عمران النخعيّ ، حدّثنا عمّي الحسين ابن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حدّثني جبرئيل عليه‌السلام عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال : من علم (1) أن لا إله إلّا أنا وحدي وأنّ محمّدا عبدي ورسولي ، وأنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي ، وأنّ الأئمّة من ولده حججي ، أدخله الجنّة برحمتي ونجّيته من النار بعفوي ، وأبحت له جواري ، وأوجبت له كرامتي ، وأتممت عليه نعمتي ، وجعلته من خاصّتي وخالصتي ، إن ناداني لبّيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت ابتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرّ منّي دعوته ، وإن شهد بذلك ولم يشهد أنّ محمّدا عبدي ورسولي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ الأئمّة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي ، وصغّر عظمتي ، وكفر بآياتي وكتبي ، إن قصدني حجبته ، وإن سألني حرمته ، وإن ناداني لم أسمع نداءه ، وإن دعاني لم أستجب دعاءه ، وإن رجاني خيّبته ، وذلك جزاؤه منّي ، وما أنا بظلّام للعبيد.
    فقام جابر بن عبد الله ، فقال : يا رسول الله ، ومن الأئمّة بعد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام؟ فقال : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين ، ثمّ الباقر محمّد بن عليّ ـ وستدركه يا جابر ، فإذا
    __________________
    (1) في «ر» «س» : (شهد).

    أدركته فاقرأه منّي السلام ـ ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر ، ثمّ الرضا عليّ بن موسى ، ثمّ التقيّ محمّد بن عليّ ، ثمّ النقيّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ الزكيّ ، ثمّ ابنه القائم بالحقّ مهديّ أمّتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
    هؤلاء ـ يا جابر ـ خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها (1).
    فصل
    [الأئمّة عليهم‌السلام اثنا عشر من قريش]
    [512 / 53] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن دهقان (2) ، حدّثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد العمّي ، حدّثنا محمّد بن زكريّا بن دينار الغلابيّ ، حدّثنا سليمان بن أحمد بن سليمان (3) بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس ، قال : حدّثني أبي (4) قال : كنت يوما عند الرشيد ، فذكر المهديّ وعدله فأطنب في ذلك ، ثمّ قال : أخبرني أبي المهدي ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عبّاس ، عن أبيه العبّاس بن عبد المطّلب أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا عمّ ، يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ثمّ تكون أمور كريهة وشدّة عظيمة ، ثمّ يخرج المهديّ من
    __________________
    (1) كمال الدين : 245 / 3 وعنه في بحار الأنوار 36 : 251 / 68 بتفاوت يسير ، كفاية الأثر : 143.
    (2) في إعلام الورى 1 : 164 : (وهبان).
    (3) في البحار : (سليمان بن إسحاق بن سليمان) ويؤيّده ما في تاريخ بغداد 6 : 329.
    (4) قوله : (قال : حدّثني أبي) لم يرد في «ر» «س».

    ولدي يصلح الله أمره في ليلة ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ويمكث في الأرض ما شاء الله ، ثمّ يخرج الدجّال (1).
    [513 / 54] ـ وروى أبو بكر بن خيثمة (2) ، عن عليّ بن جعد ، عن زهير بن معاوية ، عن زياد بن خيثمة ، عن الأسود بن سعيد الهمدانيّ ، قال : سمعت جابر ابن سمرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، فقالوا : ثمّ ماذا يكون؟ قال : ثمّ يكون الهرج (3).
    [514 / 55] ـ وفي صحيح مسلم ، عن ابن سمرة العدويّ : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا يزال الدين قائما حتّى يكون اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي الساعة ، وأنا الفرط على الحوض (4).
    [515 / 56] ـ وعن الشعبيّ ، عن مسروق : كنّا عند عبد الله بن مسعود فقال له رجل : أحدّثكم نبيّكم كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال : نعم وما سألني عنها أحد قبلك (5) وإنّك لأحدث القوم سنّا ، سمعته صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يكون بعدي من الخلفاء عدد نقباء بني إسرائيل اثنا عشر كلّهم من قريش (6).
    [516 / 57] ـ ورواه حمّاد بن زيد ، عن مجالد ، عن الشعبيّ ، عن مسروق ، عن
    __________________
    (1) إعلام الورى 1 : 164 ، وانظر : مناقب ابن شهرآشوب 1 : 292 ، وعنه في بحار الأنوار 36 : 300 / 138 ، كشف الغمّة 2 : 505 ، فرائد السمطين 2 : 329 / 579.
    (2) في «ر» «س» : (خثيمة) ، والمثبت موافق لإعلام الورى 1 : 161 ، وكذا في الموضع الآتي.
    (3) إعلام الورى 1 : 161 ، وانظر : الغيبة للنعمانيّ : 102 / 31 ، الغيبة للطوسيّ : 127 / 90 ، مناقب ابن شهرآشوب 1 : 290 ، مسند أحمد 5 : 92 ، المعجم الكبير للطبرانيّ 2 : 353 / 2059.
    (4) إعلام الورى 2 : 158 وعنه في بحار الأنوار 36 : 297 / 127 ، وانظر : صحيح مسلم 3 : 1454 / 1822 ، مسند أحمد 5 : 89 ، المعجم الكبير 2 : 199 / 1808 ، عن محمّد بن رافع.
    (5) في «س» «ص» : (قبل).
    (6) إعلام الورى 2 : 160 ، وانظر : الخصال : 468 / 10 ، الغيبة للطوسيّ : 133 / 97 ، الغيبة للنعمانيّ : 116 / 3 ، وعنها في بحار الأنوار 36 : 298 / 132.

    عبد الله ، وزاد فيه قال : كنّا جلوسا إلى عبد الله يقرأ بنا القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله كم يملك أمر (1) هذه الأمّة من خليفة بعده؟ فقال له عبد الله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق ، نعم (2) سألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : اثنا عشر ؛ عدد نقباء بني إسرائيل (3).
    [517 / 58] ـ وروى عبد الله بن أبي أميّة ، عن زيد الرقاشيّ ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لن يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر من قريش ، فإذا مضوا ماجت الأرض بأهلها (4).
    [518 / 59] ـ وعن ابن مثنّى ، عن أبيه ، عن عائشة أنّه سألها (5) كم خليفة يكون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قالت : أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، فقلت لها : من هم؟ فقالت : أسماؤهم في الوصيّة من لدن آدم عليه‌السلام (6).
    [ذكر الأوصياء من زمان آدم عليه‌السلام إلى إمام الزمان عليه‌السلام]
    [519 / 60] ـ وروي لنا بالإسناد المتقدّم ، عن الحسن بن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا سيّد النبيّين ووصيّي سيّد الوصيّين وأوصياؤه سادات الأوصياء ، إنّ آدم عليه‌السلام سأل الله أن يجعل له وصيّا
    __________________
    (1) في النسخ (من) ، والمثبت موافق لما في إعلام الورى.
    (2) في «ر» «س» : (بعمري) بدلا من : (نعم).
    (3) إعلام الورى 2 : 161 وعنه في بحار الأنوار 36 : 298 ، وانظر : الغيبة للنعمانيّ : 118 / 5 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 290 وعنه في بحار الأنوار 36 : 267 ، مسند أحمد 1 : 398 ، مسند أبي يعلى 8 : 444 / 5031 وج 9 : 222 / 5322 ، مجمع الزوائد 5 : 190.
    (4) إعلام الورى 2 : 161 وعنه في بحار الأنوار 36 : 298 ، وانظر : الغيبة للنعماني : 119 / 5 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 290 وعنه في بحار الأنوار 36 : 267 ، مسند أحمد 1 : 398.
    (5) في «س» وإعلام الورى : (سألتها) بدلا من : (أنّه سألها).
    (6) إعلام الورى 2 : 164 ، كشف الغمّة 2 : 505 وعنهما في بحار الأنوار 6 : 300 / 137.

    صالحا ، فأوحى الله تعالى إليه أنّي أكرمت الأنبياء بالنبوّة ، ثمّ اخترت خلقي ، وجعلت خيارهم الأوصياء.
    وأوحى الله إلى آدم : يا آدم ، أوص إلى شيث ، فأوصى آدم عليه‌السلام إلى شيث ، وهو هبة الله بن آدم ، وأوصى شيث إلى ابنه شبّان ، وهو ابن نزلة الحوراء التي أنزلها الله على آدم من الجنّة ، فزوّجها شيثا ابنه ، وأوصى شبّان إلى محلث ، وأوصى محلث إلى مخوق ، وأوصى مخوق إلى عتميثا ، وأوصى عتميثا إلى أخنوخ وهو إدريس النبيّ ، وأوصى إدريس إلى ناخور ، وأوصى ناخور إلى نوح.
    وأوصى نوح إلى سام ، وأوصى سام إلى عنام ، وأوصى عنام إلى عيشاشا ، وأوصى عيشاشا إلى يافث ، وأوصى يافث إلى برّه ، وأوصى برّه إلى جعشيه ، وأوصى جعشيه إلى عمران ، ودفعها عمران إلى إبراهيم الخليل صلوات الله عليه.
    وأوصى إبراهيم إلى ابنه إسماعيل ، وأوصى إسماعيل إلى إسحاق ، وأوصى إسحاق إلى يعقوب ، وأوصى يعقوب إلى يوسف ، وأوصى يوسف إلى مثريا (1) ، وأوصى مثريا إلى شعيب ، ودفعها شعيب إلى موسى بن عمران.
    وأوصى موسى إلى يوشع بن نون ، وأوصى يوشع إلى داود ، وأوصى داود إلى سليمان ، وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا ، وأوصى آصف إلى زكريّا ، ودفعها زكريّا إلى عيسى بن مريم.
    وأوصى عيسى إلى شمعون بن حمون الصفا ، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريّا ، وأوصى يحيى إلى منذر ، وأوصى منذر إلى سلمة (2) ، وأوصى سلمة إلى بزده (3).
    __________________
    (1) في أمالي الصدوق وكمال الدين : (بثرياء) ، وفي البحار : (يثريا).
    (2) في كمال الدين والأمالي : (سليمة).
    (3) في كمال الدين والأمالي : (بردة) ، وكذا في الموضع الآتي.

    ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ودفعها بزده إليّ وأنا أدفعها إليك يا عليّ ، وأنت تدفع إلى وصيّك ، ويدفع وصيّك إلى أوصيائك من ولدك واحدا بعد واحد ، حتّى تدفع إلى خير أهل الأرض بعدك ، ولتكفرنّ بك الأمّة ، ولتختلفنّ عليك اختلافا شديدا ، الثابت عليك كالمقيم معي ، والشاذّ عنك في النار ، والنار مثوى الكافرين (1).
    [520 / 61] ـ ووردت الأخبار الصحيحة بالأسانيد القويّة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى بأمر الله إلى عليّ بن أبي طالب ، وأوصى عليّ بن أبي طالب إلى ابنه الحسن ، وأوصى الحسن إلى أخيه الحسين ، وأوصى الحسين إلى ولده عليّ ، وأوصى عليّ ابن الحسين إلى ابنه محمّد ، وأوصى محمّد بن عليّ إلى ابنه جعفر ، وأوصى جعفر إلى ابنه موسى ، وأوصى موسى بن جعفر إلى ابنه عليّ الرضا ، وأوصى الرضا إلى ولده محمّد ، وأوصى محمّد إلى ولده عليّ ، وأوصى عليّ بن محمّد إلى ولده الحسن ، وأوصى الحسن إلى ابنه الحجّة القائم بالحقّ الذي لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج ، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (2).
    [521 / 62] ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ لله تبارك وتعالى جلّ ذكره مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرين ألف نبيّ ، أنا سيّدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله ، ولكلّ نبيّ وصيّ أوصى إليه من الله ، وأنّ وصيّي عليّ بن أبي طالب لسيّدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله تعالى جلّ ذكره (3).
    __________________
    (1) كمال الدين : 211 ح 1 ، الأمالي للصدوق : 486 ح 3 وعنه في بحار الأنوار 23 : 57 / 1 ، من لا يحضره الفقيه 4 : 174 ح 5402 ، الإمامة والتبصرة : 21 ح 1 ، كفاية الأثر : 148.
    (2) من لا يحضره الفقيه 4 : 177 ذيل الحديث 5402 ونقل جملة من ذلك عن العامّة الطبرسيّ في إعلام الورى 2 : 157 وعن الخاصّة في 2 : 166.
    (3) من لا يحضره الفقيه 4 : 180 ح 5407 ، وحكاه بالمضمون في الأمالي : 307 ح 352 ، والخصال : 641 ح 18 ، وعنهما في بحار الأنوار 11 : 30 / 21 ، وروضة الواعظين : 110.

    وجلّت عظمته ، وعلا مجده ، وعظم فخره.
    وصلّى الله على سيّد رسله وخاتم أنبيائه محمّد وآله الطاهرين
    وعترته المعصومين الأكرمين ، وصحبه الخيّرين
    وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين يا ربّ العالمين (1).
    [نهايات النّسخ حسب تاريخ النّسخ]
    في نسخة «ص» : تمّت [كذا] الكتاب بعون الله تعالى عزّ وعلا والحمد لله ربّ العالمين على يدي الضعيف النحيف العاصي المذنب بن حاجي محمّد خواجه علي في خامس عشر شهر شوّال المعظّم سنة تسع وسبعين بعد ألف من الهجرة النبويّة.
    قاريا بر من مكن جور وعتاب
    كه خطائى رفته باشد در كتاب

    * * *
    في نسخة «م» : وقع الفراغ من نسخه اليوم الثاني والعشرين من ذي الحجّة آخر شهور السنة التاسعة والثمانين بعد الألف من الهجرة النبويّة على مهاجرها وآله أفضل صلاة وأكمل تحيّة على يد العبد الضعيف الراجي عفو ربّه اللطيف عن ذنبه الجسيم واللطيف بمنّه وكرمه المنيف عزيز بن مطّلب بن علاء الدين بن أحمد الموسويّ الحسينيّ الجزائريّ مولدا ومنشئا في بلدة شوشتر حرست عن العين حامدا مصلّيا.
    وفي هامشها (صورة التملّك) : هو الباقي ، قد انتقل بالبيع الشرعيّ إلى العبد المذنب خان لر بمبلغ خمس عشر ريال في سنة 1262 وفي ذيل الكتابة ختمه.
    __________________
    (1) من قوله : (وجلّت عظمته وعلا) إلى هنا لم يرد في «ص» «م».

    في نسخة «س» «ر» : وافق الفراغ من نسخ هذا الكتاب المبارك بعون الله تعالى وحسن توفيقه يوم السبت آخر النهار العاشر من شهر ربيع الأوّل في سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف ونحن نقضيها (1) بخير وعافية وسلامة ، وكتبه لنفسه فقير يومه وأمسه ، الذي إن حضر لم يعرف ، وإن غاب لم يذكر ، وإن مات لم يبك عليه محمّد بن حسن بن محمّد بن سليمان الشاطريّ نسبا ، الإماميّ مذهبا ، العامليّ بلدا ، الصيداويّ مسكنا يغفر الله لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، ولمن قرأه ودعا لنا بالمغفرة ، ونسأل الله حسن الخاتمة آمين.
    إذا رمقت عيناك ما قد كتبته
    وقد غيّبتني عند ذاك المقابر

    فخذ عظة ممّا رأيت فإنّه
    إلى منزل صرنا به أنت صائر (2)

    قد فرغ من استنساخه الحقير الراجي عفو ربّه الصمد العلي أحمد بن رجب علي التبريزيّ أصلا ، والحائريّ مسكنا ، غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات ولمن دعا لنا وذكرنا بالخير في مشهد الحسين عليه‌السلام في يوم الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1319.
    __________________
    (1) المثبت ما استظهرناه وفي «س» قد تقرأ : (أحسن تقضيها) ، وفي «ر» : (أحسن نفضها).
    (2) إلى هنا نهاية نسخة «س» والباقي من «ر» فقط.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 2973
    نقاط : 4624
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    قصص الانبياء عليهم السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء عليهم السلام   قصص الانبياء عليهم السلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 3:18 pm

    الفهارس الفنّيّة
    * فهرس الآيات القرآنيّة
    * فهرس الأحاديث
    * فهرس الآثار
    * فهرس الأعلام
    * فهرس الطوائف والقبائل والفرق
    * فهرس الأماكن والبلدان
    * فهرس الوقائع والأيّام
    * فهرس الأشعار
    * فهرس الكتب الواردة في المتن
    * فهرس مصادر التحقيق
    * فهرس المحتويات


    فهرس الآيات القرآنيّة
    سورة البقرة / 2
    الآية رقم الآية الصفحة
    (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ...) 30 ج 1 : 183
    (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ...) 243 ج 2 : 103
    (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا ...) 218 ج 2 : 259
    (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها ...) 259 ج 2 : 74
    (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ ...) 74 ج 2 : 183
    (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ ...) 61 ج 1 : 435
    (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) 258 ج 1 : 294
    (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) 37 ج 1 : 206
    (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ ...) 133 ج 1 : 296
    (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ...) 97 ـ 100 ج 2 : 196
    (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ ...) 32 ج 1 : 184


    الآية رقم الآية الصفحة
    (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) 58 ج 1 : 420
    (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ ...) 84 ج 2 : 210
    (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ...) 51 ج 1 : 414
    (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ...) 74 ج 2 : 183
    (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) 196 ج 2 : 280
    (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) 217 ج 2 : 259
    سورة آل عمران / 3
    (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا ...) 122 ج 2 : 262
    (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) 33 ج 1 : 194
    (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) 59 ج 2 : 279
    (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) 35 ج 2 : 56
    (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) 50 ج 2 : 146
    (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) 185 ج 1 : 246
    سورة النساء / 4
    (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ ...) 59 ج 2 : 287
    سورة المائدة / 5
    (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ ...) 21 ج 1 : 443. ج 2 : 56
    (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ ...) 3 ج 2 : 282


    الآية رقم الآية الصفحة
    (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى ...) 78 ج 2 : 40
    (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) 67 ج 2 : 280
    (يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ ...) 31 ج 1 : 218
    سورة الأنعام / 6
    (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا ...) 151 و 152 ج 2 : 250
    (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ ...) 83 ج 1 : 294
    سورة الأعراف / 7
    (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) 80 و... ج 1 : 320
    (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا ...) 165 ج 1 : 286
    (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ ...) 88 ج 1 : 371
    (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا ...) 175 ج 1 : 418
    سورة الأنفال / 8
    (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ ...) 30 ج 2 : 254
    (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ ...) 70 ج 2 : 261
    سورة التوبة / 9
    (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) 5 ج 2 : 278
    (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) 25 ج 2 : 274



    الآية رقم الآية الصفحة
    سورة هود / 11
    (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) 81 ج 1 : 322
    (فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) 78 ج 1 : 321
    (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ ...) 84 ـ 86 ج 1 : 367
    (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ) 71 ج 1 : 302
    سورة يوسف / 12
    (ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) 54 ج 1 : 343
    (أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) 80 ج 1 : 341
    (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا ...) 93 ج 1 : 342
    (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) 12 ج 1 : 334
    (أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) 90 ج 1 : 342
    (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) 70 ج 1 : 341
    (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) 18 ج 1 : 335
    (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ...) 76 ج 1 : 341
    (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ ...) 79 ج 1 : 341
    (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ ...) 77 ج 1 : 341
    (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) 75 ج 1 : 341
    (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) 74 ج 1 : 341
    (قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) 72 ج 1 : 341


    الآية رقم الآية الصفحة
    (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً ...) 78 ج 1 : 341
    (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) 51 ج 1 : 344
    (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) 92 ج 1 : 342 ، ج 2 : 274
    (ما ذا تَفْقِدُونَ) 71 ج 1 : 341
    (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ ...) 25 ج 1 : 335
    (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) 20 ج 1 : 337
    (وَما كُنَّا سارِقِينَ) 73 ج 1 : 341
    (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) 89 ج 1 : 342
    (يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا ...) 17 ج 1 : 335
    (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) 87 ج 1 : 342 ، 347
    سورة الحجر / 15
    (إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) 57 ج 1 : 320
    (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) 53 ج 1 : 319
    (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ ...) 28 ـ 29 ج 1 : 184
    (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) 94 ج 2 : 230
    سورة النحل / 16
    (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ...) 90 ج 2 : 212 ، 233
    سورة الإسراء / 17
    (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ ...) 1 ج 2 : 239


    الآية رقم الآية الصفحة
    (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) 7 ج 2 : 75
    (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي ...) 4 و 5 ج 2 : 74
    سورة الكهف / 18
    (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ...) 9 ج 2 : 124
    سورة مريم / 19
    (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) 7 ج 2 : 68
    (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ ...) 54 ج 2 : 9
    (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) 71 ج 1 : 246
    (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ ...) 25 ج 2 : 236
    (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي ...) 5 و 6 ج 2 : 61
    (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ ...) 56 و 57 ج 1 : 244
    سورة طه / 20
    (فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) 121 ج 1 : 190
    سورة الأنبياء / 21
    (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ...) 87 ج 2 : 121
    (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) 25 ج 1 : 246


    الآية رقم الآية الصفحة
    (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) 69 ج 1 : 295 ، 296
    سورة المؤمنون / 23
    (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) 24 ج 1 : 251
    سورة الفرقان / 25
    (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً ...) 38 ج 2 : 227
    سورة الشعراء / 26
    (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) 111 ج 1 : 251
    (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) 189 ج 1 : 371
    سورة النمل / 27
    (يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) 16 ج 2 : 45
    (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا ...) 18 ج 2 : 127
    سورة القصص / 28
    (اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ ...) 26 ج 1 : 380
    (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ ...) 25 ج 1 : 380


    الآية رقم الآية الصفحة
    (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) 28 ج 1 : 382
    (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) 24 ج 1 : 379
    سورة الأحزاب / 33
    (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ ...) 9 ج 2 : 268
    سورة سبأ / 34
    (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) 13 ج 2 : 45
    (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) 10 ج 2 : 32
    (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) 19 ج 1 : 285
    سورة يس / 36
    (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) 9 ج 2 : 255
    سورة الصافات / 37
    (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) 99 ج 1 : 298
    (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ ...) 102 ج 1 : 301
    (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ ...) 123 ـ 127 ج 2 : 115
    (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) 147 ج 2 : 118
    (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا) 112 ج 1 : 301


    الآية رقم الآية الصفحة
    سورة ص / 38
    (ربّ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) 41 ج 1 : 362
    (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ...) 48 ج 2 : 55
    (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) 17 ج 2 : 33
    (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) 13 ج 1 : 371
    (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) 44 ج 1 : 364
    (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ ...) 4 ـ 8 ج 2 : 231
    (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً) 43 ج 1 : 361
    (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) 35 ج 2 : 49
    (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) 39 ج 2 : 50
    سورة غافر / 40
    (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ ...) 45 ج 1 : 408
    (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ) 34 ج 1 : 349
    سورة فصّلت / 41
    (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ ...) 29 ج 1 : 234
    (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ ...) 13 ج 2 : 232
    (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ ...) 29 ج 1 : 234
    (حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) 1 و 2 ج 2 : 251


    الآية رقم الآية الصفحة
    سورة الدخان / 44
    (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) 29 ج 2 : 69
    سورة الأحقاف / 46
    (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) 35 ج 2 : 163
    سورة الفتح / 48
    (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) 1 ج 2 : 269
    سورة الذاريات / 51
    (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) 18 ج 2 : 8
    سورة القمر / 54
    (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) 1 ج 2 : 192
    (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) 37 ج 1 : 322
    (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ* وَ...) 11 ـ 12 ج 1 : 253
    (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) 23 ج 1 : 282
    (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا ...) 2 ج 2 : 193
    سورة الحشر / 59
    (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ ...) 7 ج 2 : 50


    الآية رقم الآية الصفحة
    (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) 9 و... ج 1 : 318
    سورة الممتحنة / 60
    (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي ...) 1 ج 2 : 272
    سورة التحريم / 66
    (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) 12 ج 2 : 141
    سورة نوح / 71
    (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا ...) 23 ج 1 : 230
    سورة المدّثّر / 74
    (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً* وَجَعَلْتُ ...) 11 ـ 30 ج 2 : 232
    سورة البروج / 85
    (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) 4 ج 2 : 113
    (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) 1 ج 2 : 295
    سورة الشرح / 94
    (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) 4 ج 2 : 192


    فهرس الأحاديث
    الأحاديث القدسيّة
    الحديث الصفحة
    آليت على نفسي أنّه لا يأتيني أحد وفي قلبه مثقال حبّة من ... ج 1 : 192
    أحببني وحبّبني إلى خلقي ج 2 : 37
    أذكرني في أيّام سرّائك حتّى أستجيب ... ج 2 : 26
    أقلّ كلامك ترجع إلى جواري ج 1 : 198
    أكرم السائل إذا هو أتاك بشيء ببذل يسير أو بردّ جميل ... ج 1 : 401
    إنّ الدنيا ليست بثواب للمؤمن بعمله ، ولا نقمة للفاجر ... ج 1 : 398
    إنّ العباد تحابّوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب ، وأظهروا ... ج 2 : 28
    إنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه بها جنّتي ... ج 2 : 25
    إنّ لي عبادا أبيحهم جنّتي وأحكّمهم فيها ج 1 : 406
    إنّي أجمع لك العلم كلّه في أربع كلمات : واحدة لي ... ج 1 : 231
    إنّي أحبّ أن أطاع من حيث أريد ج 1 : 189



    الحديث الصفحة
    إنّي أخلق خلقا بيدي أجعلهم خلفائي على خلقي ... ج 1 : 183
    خفني في سرّ أمرك أحفظك من وراء عورتك ، واذكرني ... ج 1 : 402
    فوعزّتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن أخلقهما في آخر الزمان لما خلقتك ج 1 : 204
    لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين وركون من اتّخذها أمّا وأبا ج 1 : 399
    لا تفرح بكثرة المال ولا تدع ذكري على كلّ حال ... ج 1 : 406
    لا تلبسوا لباس أعدائي ، ولا تطعموا مطاعم أعدائي ، ولا تسلكوا ... ج 2 : 166
    ما يتقرّب إليّ عبد بشيء أحبّ إليّ من ثلاث خصال ... ج 1 : 398
    من علم أن لا إله إلّا أنا وحدي وأنّ محمّدا عبدي ورسولي ... ج 2 : 296
    من يصنع المعروف إلى امرئ السّوء يجز شرّا ج 1 : 398
    وخلق الإنسان عجولا ج 1 : 186
    هؤلاء خمسة شققت لهم أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود ... ج 1 : 192
    هؤلاء خمسة من ولدك ، لولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنّة ولا ... ج 1 : 192
    هؤلاء ذرّيّتك ، لولاهم ما خلقتك ج 1 : 193
    يا آدم ، إنّه لآخر النبيّين من ذرّيّتك ، فلو لا محمّد لما خلقتك ج 1 : 202
    يا آدم ، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم أنجي من أنجي ... ج 1 : 193
    يا داود ، إنّ العباد لا يطيقون الحكم بما هو الحقّ ... ج 2 : 29
    (يا عيسى) جدّ في أمري ولا تترك ، إنّي خلقتك من غير فحل آية ... ج 2 : 152
    (يا عيسى) هب لي من عينيك الدموع ، ومن قلبك الخشية ، واكحل ... ج 2 : 153
    يا موسى ، اذكرني على كلّ حال ج 1 : 400
    يا موسى ، اشكرني حقّ شكري ج 1 : 396
    يا موسى ، إنّ خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له : كن فيكون ج 1 : 405
    يا موسى ، إنّي خلقتك واصطفيتك وقوّيتك وأمرتك بطاعتي ... ج 1 : 403



    الحديث الصفحة
    يا موسى ، أنا جليس من ذكرني ج 1 : 400
    يا موسى ، لا تستذلّ الفقير ، ولا تغبط الغنيّ ... ج 1 : 403
    يا موسى ، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ... ج 1 : 402
    يا موسى ، لو وكلتك إلى نفسك تنظر لها لغلب عليك حبّ ... ج 1 : 399
    يا موسى ، نافس في الخير أهله واسبقهم إليه ، فإنّ ... ج 1 : 399
    أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله
    ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا ج 2 : 284
    أبى الله أن يرزق عبده إلّا من حيث لا يعلم فإنّ العبد ... ج 2 : 190
    أتاني جبرئيل عليه‌السلام وأنا بمكّة ، فقال : قم يا محمّد ... ج 2 : 240
    اثنا عشر ؛ عدد نقباء بني إسرائيل ج 2 : 299
    إذا أراد الله بقوم خيرا أمطرهم بالليل وشمّسهم بالنهار ج 2 : 93
    إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا ج 2 : 227
    إذا غضب الله على أمّة ولم ينزل بها العذاب ، غلت ... ج 2 : 93
    إذا كان غدا فكلّم الشمس في مطلعها حتّى تعرف كرامتك ... ج 2 : 189
    إذا منعت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكّام ... ج 2 : 94
    إذا ولد ابني جعفر بن محمّد ... فسمّوه الصادق ... ج 2 : 293
    أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة فأتاني ... ج 2 : 197
    أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، وأنّ جبرئيل كان ... ج 2 : 283
    أكففن فإنّكنّ صويحبات يوسف ج 2 : 283
    الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ... ج 2 : 296
    الحمد لله على كمال الدين وتمام النعمة ورضا الربّ ... ج 2 : 282



    الحديث الصفحة
    ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ ج 2 : 281
    اللهمّ إنّ عبدك عليّا حبس نفسه على نبيّك فردّ ... ج 2 : 185
    اللهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ من يمشي على بطنه ... ج 2 : 223
    اللهمّ بارك في وائل وفي ولده وولد ولده ج 2 : 193
    اللهمّ ردّ الشمس إلى وقتها حتّى يصلّي عليّ ... ج 2 : 187
    اللهمّ عليك الملأ من قريش ج 2 : 234
    أما إنّها ستردّ لك بعدي حجّة على من خالفك ج 2 : 188
    أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى عليهما‌السلام ج 2 : 277
    إنّ آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن ... ج 2 : 213
    إنّ آدم عليه‌السلام سأل الله أن يجعل له وصيّا صالحا .. ج 2 : 299
    إنّ الله تعالى أنزل عليّ اثنتي عشرة صحيفة ... ج 2 : 291
    إنّ الولاية من بعدي لعليّ ، والحكم حكمه ... ج 2 : 179
    إنّ أباكم كان طويلا كالنخلة السحوق ... ج 1 : 230
    إنّ أفضل الصدقة صدقة اللسان ؛ تحقن به الدماء وتدفع به ... ج 2 : 7
    إنّ جهاد المرأه حسن التبعّل لزوجها ج 2 : 190
    إنّ عابد بني إسرائيل الذي كان أعبدهم كان يسعى في حوائج الناس ... ج 2 : 7
    إنّ عددهم كعدد البروج ... ج 2 : 295
    إنّ عليّا خليفة الله وخليفتي عليكم بعدي ، وأنّه ... ج 1 : 419
    إنّ عليّا سفينة نجاتها وباب حطّتها ، وأنّه يوشعها وشمعونها ... ج 1 : 419
    إنّ عليّا عليه‌السلام ليس بظلّام ولم يخلق عليّ للظلم ... ج 2 : 179
    إنّ لله تبارك وتعالى جلّ ذكره مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرين ألف ... ج 2 : 301
    إنّ ملكا من الملائكة كانت له منزلة ، فأهبطه الله تعالى ...
    ج 1 : 243



    الحديث الصفحة
    إنّ نبيّا من الأنبياء بعث إلى قومه ، فبقي فيهم أربعين سنة ... ج 2 : 167
    إنّ وصيّي عليّ بن أبي طالب لسيّدهم وأفضلهم ... ج 2 : 301
    أنا الفرط على الحوض ج 2 : 298
    أنا سيّد النبيّين ووصيّي سيّد الوصيّين وأوصياؤه سادات الأوصياء ... ج 2 : 299
    انتحوا مصر ولا تطلبوا المكث فيها ... ج 1 : 442
    أنتم المستضعفون من بعدي ج 2 : 284
    أنشدكم بالله أتعلمون أنّ نطفة الرجل بيضاء غليظة وأنّ ... ج 2 : 195
    أنشدكم بالله هل تعلمون أنّ أحبّ الطعام والشراب إليه (إسرائيل) لحوم ... ج 2 : 196
    أنشدكم بالله هل تعلمون أنّه (أي الروح) جبرئيل عليه‌السلام؟ ج 2 : 196
    أنشدكم بالله هل تعلمون من صفة هذا الرجل الذي تزعمون أنّي لست به ... ج 2 : 196
    إنّه منّي وأنا منه ج 2 : 263
    إنّي أعيش ثلاثا وستّين سنة ج 2 : 192
    إنّي خيّرت ـ يا عليّ ـ بين خزائن الدنيا والخلود ... ج 2 : 283
    إنّي دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد آن منّي خفوق ... ج 2 : 281
    إنّي لأعرف حجرا بمكّة كان يسلّم عليّ قبل أن أبعث ... ج 2 : 180
    إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ج 2 : 286
    إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي ... ج 2 : 281
    أوحى الله جلّت عظمته إلى عيسى عليه‌السلام : جدّ في أمري ... ج 2 : 152
    أوّلهم هذا وآخرهم المهدي ، من والاهم فقد والاني ... ج 2 : 295
    أيّها الناس ، إنّه ليس بين الله وبين أحد شيء يعطيه به خيرا ... ج 2 : 283
    تقتل عمّارا الفئة الباغية وقاتله في النار ج 2 : 213
    حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ج 1 : 431 ، 444



    الحديث الصفحة
    خرج ثلاثة نفر يسيحون في الأرض ، فبينما هم يعبدون الله ... ج 2 : 136
    خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة ج 2 : 257
    خير الخلق بعدي وسيّدهم هذا ، هو إمام كلّ مسلم ، وأمير كلّ مؤمن ... ج 2 : 294
    دخلت العمرة في الحجّ هكذا إلى يوم القيامة ... ج 2 : 280
    ذلك (شعيب) خطيب الأنبياء يوم القيامة ج 1 : 371
    رأيت إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم ، فأمّا موسى فرجل ... ج 1 : 384
    رأيت في السماء السادسة موسى عليه‌السلام ، ورأيت في السابعة ... ج 2 : 241
    رحم الله أخي سليمان ما كان أبخله! ج 2 : 49
    ضع رأسي ـ يا عليّ ـ في حجرك ، فقد جاء أمر الله ... ج 2 : 285
    طالما آذت الأمم الأنبياء ... ج 2 : 277
    قال الله عزوجل لداود عليه‌السلام : أحببني وحبّبني إلى ... ج 2 : 37
    كان (ذو القرنين) غلاما من أهل الروم ناصحا لله عزوجل فأحبّه ... ج 2 : 191
    كان رجلا من حضرموت واسمه عويديا بن أدريم وكان في زمن ... ج 2 : 53
    كان زكريّا إذا أراد أن يعظ الناس ... ج 2 : 65
    كان من زهد يحيى بن زكريّا عليهما‌السلام أنّه أتى بيت المقدس ... ج 2 : 65
    كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلّ ما سمع ج 1 : 444
    لا بدّ للمدينة منّي أو منك ج 2 : 277
    لا تبكين فإنّك لا تمكثين من بعدي إلّا اثنين وسبعين يوما ... ج 2 : 215
    لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه ... ج 2 : 270
    لا ولكن لا يؤدّي عن رسول الله إلّا هو أو أنا ج 2 : 278
    لا هجرة بعد الفتح ج 2 : 189
    لا يزال الدين قائما حتّى يكون اثنا عشر خليفة كلّهم ... ج 2 : 298



    الحديث الصفحة
    لقد صاهرنا أبو العاص فأحمدنا صهره ج 2 : 244
    لكلّ أمّة صدّيق وفاروق ، وصدّيق هذه الأمّة وفاروقها عليّ ... ج 1 : 419
    لكلّ نبيّ وصيّ أوصى إليه من الله ... ج 2 : 301
    لمّا اجتمعت اليهود إلى عيسى عليه‌السلام ليقتلوه بزعمهم ... ج 2 : 160
    لمّا أكل آدم عليه‌السلام من الشجرة رفع رأسه إلى السماء ، فقال ... ج 1 : 202
    لمّا أن خلق الله تعالى آدم وقفه بين يديه فعطس ... ج 1 : 204
    لمّا خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش ... ج 1 : 192
    لم يبق من أمثال الأنبياء المتقدّمين إلّا قولهم ... ج 2 : 165
    لن يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر من قريش ، فإذا ... ج 2 : 299
    لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ج 2 : 280
    لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج ... ج 2 : 301
    له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه ، فناداه ... ج 2 : 291
    ما أدري بأيّهما أنا أسرّ : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟ ج 2 : 271
    ما زالت قريش قاعدة عنّي حتّى مات أبو طالب ج 2 : 228
    ما هو بشعر ، ولكنّه كلام الله الذي بعث أنبياءه ورسله ج 2 : 232
    ما ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متّى عليه‌السلام ج 2 : 122
    مرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة ، فإذا وجوههم صفر وعيونهم زرق ، فشكوا ... ج 2 : 158
    مرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة وإذا أهلها أسنانهم منتثرة ... ج 2 : 158
    مرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة وإذا في أثمارهم الدود ... ج 2 : 156
    مرّ أخي عيسى عليه‌السلام بمدينة وفيها رجل وامرأة يتصايحان ... ج 2 : 156
    مرحبا بابنة نبيّ ضيّعه قومه ... ج 2 : 161
    مرحبا بك يا أبا عبد الله ، يا زين السماوات والأرض ج 2 : 288



    الحديث الصفحة
    معاشر الناس ، إنّ عليّا خليفة الله وخليفتي عليكم بعدي ، وأنّه ... ج 1 : 419
    من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في ... ج 2 : 35
    من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما ، وكان ... ج 2 : 35
    من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ج 2 : 274
    من صدق الله نجا ج 2 : 137
    من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ... ج 2 : 281
    نفّذوا جيش أسامة ج 2 : 282 ، 284
    والذي بعثني بالحقّ نبيّا لا ينجي إلّا عمل مع رحمة الله ... ج 2 : 283
    والذي بعثني بالنبوّة أنّهم ليستضيئون بنوره ، وينتفعون بولايته ... ج 2 : 287
    وربّ الليالي والأيّام والشهور إنّ عدّتهم كعدّة الشهور ج 2 : 295
    وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عمّ ج 2 : 247
    ولدت في زمن الملك العادل ج 2 : 227
    هم خلفائي ـ يا جابر ـ وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم ... ج 2 : 287
    هو الذي (أي شعيا) بشّر بي وبأخي عيسى بن مريم عليه‌السلام ج 2 : 111
    هو خير أهلي ، وأقرب الخلق منّي ، لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ... ج 2 : 176
    هؤلاء ـ يا جابر ـ خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم ... ج 2 : 297
    يا أبيّ ، طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به ... ج 2 : 291
    يا أبيّ ، والذي بعثني بالحقّ نبيّا أنّ الحسين بن عليّ ذكره ... ج 2 : 288
    يا بني عبد المطّلب ، سلوا ربّكم بهؤلاء الكلمات ، فو الذي ... ج 2 : 161
    يا عليّ ، إذا صرت بأعلى عقبة أفيق ، فناد بأعلى ... ج 2 : 178
    يا عليّ ، تقبل وصيّتي وتنجز عدتي وتقضي ديني؟ ج 2 : 284
    يا عمّ ، تقبل وصيّتي وتنجز وعدي وتقضي ديني؟ ج 2 : 284



    الحديث الصفحة
    يا عم ، ربّيت صغيرا ، ونصرت كبيرا ، وكفّلت يتيما ... ج 2 : 246
    يا عمّ ، يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ثمّ تكون أمور كريهة ... ج 2 : 297
    يا معشر قريش ، يا معشر العرب ، أدعوكم إلى عبادة الله ... ج 2 : 230
    يكون بعدي اثنا عشر خليفة ج 2 : 299
    يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ... ج 2 : 298
    يكون بعدي من الخلفاء عدد نقباء بني إسرائيل اثنا عشر كلّهم من قريش ج 2 : 298
    أحاديث أمير المؤمنين عليه‌السلام
    أسخن الله عينيك يا أبا سفيان ، الله فعل ذلك ... ج 2 : 192
    إنّ أبا قتادة بن ربعي الأنصاريّ شهد وقعة أحد ، فأصابته ... ج 2 : 217
    إنّ الحكماء ضيّعوا الحكمة لمّا وضعوها عند غير أهلها ج 1 : 395
    إنّ الله أحبّ أن يخلق خلقا ، وذلك بعد ما مضى للجنّ ... ج 1 : 183
    إنّ الله تعالى خلق آدم عليه‌السلام من أديم الأرض ، فمنه السباخ ... ج 1 : 185
    إنّ الله تعالى لمّا خلق آدم عليه‌السلام ونفخ فيه من روحه ... ج 1 : 186
    إنّ الله تعالى لم يقبض نبيّه في مكان إلّا ورضيه لمضجعه ... ج 2 : 286
    إنّ الله تعالى لمّا أهبط آدم وزوجته عليهما‌السلام إلى الأرض كان رجلاه ... ج 1 : 201
    إنّ الله عزوجل لمّا خلق الأرضين خلقها قبل السماوات ... ج 1 : 180
    إنّ خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا ، وهو إمام كلّ مسلم ... ج 2 : 295
    إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إمامنا حيّا وميّتا ج 2 : 286
    إن زعمت النصارى أنّ عيسى عليه‌السلام أبرأ الأكمه وأحيى الموتى ، فإنّ ... ج 2 : 216
    إنّ شعيبا النبيّ صلوات الله عليه دعا قومه إلى الله حتّى كبرت ... ج 1 : 369
    إنّ طائفة من الجنّ والنسناس الذين خلقهم الله وأسكنهم أوساط ... ج 1 : 180



    الحديث الصفحة
    إن كنتم تزعمون أنّ موسى عليه‌السلام كلّمه ربّه على طور سيناء ، فإنّ ... ج 2 : 216
    أوحى الله تعالى جلّت قدرته إلى شعيا عليه‌السلام أنّي مهلك ... ج 2 : 109
    بعث الله نبيّا حبشيّا إلى قومه وهم حبشة ، فدعاهم ... ج 2 : 113
    خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم ويده في يدي هذا ، وهو ... ج 2 : 294
    خرجنا مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزاة ، فعطش الناس ولم يكن في ... ج 2 : 222
    دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجّهني إلى اليمن لأصلح بينهم ... ج 2 : 177
    شبّ إسماعيل وإسحاق فتسابقا فسبق إسماعيل ... ج 1 : 304
    قد كان في السماوات والأرض خلق من خلق الله يقدّسون الله ... ج 1 : 179
    قيل للعبد الصالح لقمان : أيّ الناس أفضل؟ ج 2 : 21
    لقد سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا عنده عن الأئمّة بعده ، فقال ... ج 2 : 295
    لمّا أراد الله تعالى قبض روح إبراهيم عليه‌السلام هبط إليه ملك الموت عليه‌السلام ... ج 1 : 311
    لمّا فرغ نوح من السفينة كان ميعاده عليه‌السلام فيما بينه وبين ربّه ... ج 1 : 253
    ما كان الله ليغيّر ما بقوم إلّا بعد الحجّة ... ج 1 : 184
    من الذي حضر سبحت اليهوديّ الفارسيّ ، وهو يكلّم ... ج 2 : 175
    والذي بعث أخي محمّدا بالنبوّة واختصّني بالإمامة لقد نزل ... ج 2 : 295
    والله لا يطوف بالبيت عريان إلّا ضربته بالسيف ... ج 2 : 278
    هذا أخي الخضر جاءني يسألني عمّا بقي من الدنيا ... ج 1 : 391
    هذه أرض لا ينبغي لنبيّ ولا وصيّ نبيّ أن يصلّي فيها ... ج 2 : 188
    هم (المجوس) أهل الكتاب كان لهم كتاب ، وكان لهم ملك سكر يوما ... ج 2 : 114
    يا أخا اليهود ، حدّثني حبيبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان بأرض الروم ... ج 2 : 128
    يا رسول الله ، زعمت قريش إنّما خلّفتني استثقالا ... ج 2 : 277



    الحديث الصفحة
    حديث الإمام الحسين عليه‌السلام
    دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أبيّ بن كعب ، فقال لي ... ج 2 : 288
    أحاديث الإمام السجّاد عليه‌السلام
    إنّ ابن آدم حين قتل أخاه قتل شرّهما ... ج 1 : 213
    إنّ أوّل دم وقع على الأرض دم حوّاء حين حاضت ... ج 1 : 215
    إنّ أوّل من عمل المكيال والميزان شعيب النبيّ عليه‌السلام عمله بيده ... ج 1 : 364
    إنّ أهل زمان الغيبة القائلين بإمامته والمنتظرين ... ج 2 : 294
    إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشا ، فيتصدّق منه ويأكل ... ج 1 : 333
    كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش ... ج 2 : 293
    يا أبا خالد ، إنّ أهل زمان الغيبة القائلين بإمامته و... ج 2 : 294
    يا دائم يا ديموم يا حيّ يا قيّوم ، يا كاشف الغمّ ، يا فارج ... ج 2 : 289
    يا كنكر ، إنّ أولي الأمر الذين جعلهم الله أئمّة للناس ... ج 2 : 293
    أحاديث الإمام الباقر عليه‌السلام
    أتى آدم عليه‌السلام هذا البيت ألف إتية على قدميه ؛ منها ... ج 1 : 199
    أرسل آدم ابنه إلى جبرئيل عليه‌السلام فقال له : يقول لك ... ج 1 : 224
    الكلمات التي تلقّى بهنّ آدم عليه‌السلام ربّه فتاب عليه ... ج 1 : 205
    اللهمّ إن كان لي عندك رضوان وودّ ، فاغفر لي ... ج 2 : 289
    المائدة التي نزلت على بني إسرائيل كانت مدلاة بسلاسل ... ج 1 : 441
    إنّ آدم صلوات الله عليه لمّا بنى الكعبة وطاف بها ... ج 1 : 196



    الحديث الصفحة
    إنّ آدم نزل بالهند ، فبنى الله تعالى له البيت وأمره أن يأتيه ... ج 1 : 200
    إنّ إبليس اللعين هو أوّل من صوّر صورة على مثال آدم ... ج 1 : 227
    إنّ الله تعالى لمّا أراد عذاب قوم لوط أدركه خلّة إبراهيم و... ج 1 : 319
    إنّ الله تعالى لمّا خلق آدم وأمر الملائكة فسجدوا له ... ج 1 : 212
    إنّ الله عزوجل حين أهبط آدم عليه‌السلام من الجنّة أمره أن يحرث ... ج 1 : 199
    إنّ الله لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه؟! ج 1 : 211
    إنّ امرأة موسى عليه‌السلام خرجت على يوشع بن نون راكبة زرّافة فكان ... ج 1 : 423
    إنّ أسقف نجران دخل على أمير المؤمنين عليه‌السلام فجرى ذكر ... ج 2 : 113
    إنّ أصحاب الكهف كذبوا الملك فأجروا ، وصدقوا فأجروا ج 2 : 124
    إنّ أيّوب ابتلي من غير ذنب وإنّ الأنبياء صلوات الله عليهم ... ج 1 : 359
    إنّ بالمدينة لرجلا أتى المكان الذي فيه ابن آدم عليه‌السلام فرآه ... ج 1 : 216
    إنّ داود عليه‌السلام سأل ربّه أن يريه قضيّة من قضايا الآخرة ... ج 2 : 30
    إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا ولم يكن له قرن من ذهب ... ج 1 : 324
    إنّ ذا القرنين لم يكن نبيّا ، وإنّما كان عبدا صالحا ... ج 1 : 322
    إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سأل جبرئيل : كيف كان مهلك قوم لوط؟ ج 1 : 317
    إنّ عاقر ناقة صالح كان أزرق ابن بغيّ ، وإنّ قاتل يحيى ... ج 2 : 68
    إنّ في التوراة مكتوبا فيما ناجى الله به موسى صلوات الله عليه ... ج 1 : 402
    إنّ فيما ناجى الله تعالى به موسى عليه‌السلام أن قال ... ج 1 : 398
    إنّ قاتل الحسين عليه‌السلام ابن بغيّ ، وإنّه لم يقتل الأنبياء ... ج 2 : 68
    إنّ قاتل عليّ صلوات الله عليه ابن بغيّ ... ج 2 : 68
    إنّ قرية قوم لوط كانت على طريق السيّارة إلى الشام ومصر ... ج 1 : 319
    إنّ قوما من أهل أيلة من قوم ثمود كانت الحيتان ... ج 1 : 286


    الحديث الصفحة
    إنّ قوم لوط كانوا أهل قرية أشحّاء على الطعام ... ج 1 : 319
    إنّ لوطا عليه‌السلام لبث مع قومه ثلاثين سنة يدعوهم إلى الله تعالى ... ج 1 : 319
    إنّ ملكا من بني إسرائيل قال : لأبنينّ مدينة لا يعيبها ... ج 1 : 428
    إنّ موسى عليه‌السلام سأل ربّه أن يعلمه زوال الشمس ، فوكّل الله بها ... ج 1 : 397
    إنّ نبيّا من الأنبياء : حمد الله بهذه المحامد ، فأوحى ... ج 2 : 166
    إنّها (مريم) بشّرت بعيسى عليه‌السلام فبينا هي ذات يوم في المحراب ... ج 2 : 142
    إنّي أكره أن آكل شيئا طبخ في فخار مصر ، وما أحبّ أن ... ج 1 : 443
    أوحى الله تعالى إلى موسى عليه‌السلام : أتدري لم اصطفيتك بكلامي ... ج 1 : 395
    أوحى الله تعالى إلى موسى عليه‌السلام أحببني وحبّبني إلى خلقي ... ج 1 : 396
    أوحى الله تعالى إلى موسى صلوات الله عليه أنّ من عبادي من ... ج 1 : 405
    بعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا إلى اليمن ، فانفلت فرس لرجل ... ج 2 : 179
    بينا داود عليه‌السلام جالس وعنده شابّ رثّ الهيئة يكثر الجلوس ... ج 2 : 36
    حجّ ذو القرنين في ستّمائة ألف فارس ، فلمّا ... ج 1 : 325
    خرجت امرأة بغيّ على شباب من بني إسرائيل فأفتنتهم ... ج 1 : 438
    خرج سليمان يستسقي ومعه الجنّ والإنس ، فمرّ بنملة عرجاء ... ج 2 : 48
    سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام : هل كان في الأرض خلق من خلق الله تعالى ... ج 1 : 179
    سكن نوح عليه‌السلام في قومه يدعوهم سرّا وعلانية ، فلمّا عتوا ... ج 1 : 252
    صلّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة ثمّ توجّه إلى البقيع ، فدعا ... ج 2 : 125
    فيما ناجى الله موسى عليه‌السلام أن قال : إنّ لي عبادا ... ج 1 : 406
    قال موسى عليه‌السلام لربّه : يا ربّ ، إن كنت بعيدا ناديت ، وإن ... ج 1 : 400
    قال موسى عليه‌السلام : يا ربّ ، أيّ عبادك أبغض إليك؟ ... ج 1 : 400
    كان إبراهيم عليه‌السلام رجلا غيورا ، كان إذا خرج أغلق بابه ... ج 1 : 302



    الحديث الصفحة
    كان (دانيال) والله يدين بمحبّتنا أهل البيت ج 2 : 83
    كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتعوّذ من البخل إلى الله تعالى ... ج 1 : 318
    كان سليمان يأمر الشياطين فتحمل له الحجارة من موضع إلى ... ج 2 : 48
    كان طول سفينة نوح عليه‌السلام ألفا ومائتي ذراع ، وكان عرضها ثمانمائة ... ج 1 : 253
    كان عليّ حكيما عالما ج 2 : 145
    كان (عمران) نبيّا مرسلا إلى قومه وكانت حنّة امرأة عمران ... ج 2 : 55
    كان في بني إسرائيل جبّار فمات ، وأنّه أقعد في قبره ... ج 1 : 439
    كان في بني إسرائيل رجل عاقل كثير المال ، وكان له ابن ... ج 1 : 436
    كان في بني إسرائيل رجل وكان له بنتان ... ج 1 : 429
    كان في بني إسرائيل عابد وكان محارفا تنفق ... ج 1 : 441
    كان في بني إسرائيل عابد يقال له : جريح ... ج 1 : 427
    كان قاض في بني إسرائيل ، وكان يقضي فيهم بالحقّ ، فلمّا ... ج 1 : 432
    كان لسليمان العطر وفرض النكاح في حصن بناه الشياطين ... ج 2 : 48
    كان ملك سليمان ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر ج 2 : 45
    كان نبوّة إدريس عليه‌السلام أنّه كان في زمنه ملك جبّار ، وأنّه ... ج 1 : 239
    كن خيرا لا شرّ معه ، كن ورقا لا شوك معه ، ولا تكن ... ج 1 : 394
    لا يقتل النبيّين ولا أولادهم إلّا أولاد الزنا ج 2 : 67
    لمّا انتهى بهم موسى عليه‌السلام إلى الأرض المقدّسة ، قال لهم ... ج 1 : 416
    لمّا خرج ملك القبط يريد هدم بيت المقدس ، اجتمع ... ج 2 : 101
    لمّا علم آدم عليه‌السلام بقتل قابيل هابيل جزع عليه جزعا شديدا ... ج 1 : 221
    لمّا فقد يعقوب يوسف عليهما‌السلام اشتدّ حزنه وتغيّر حاله ... ج 1 : 339
    لمّا قالت العواتق الفرية وهي سبعون لمريم عليها‌السلام ... ج 2 : 142



    الحديث الصفحة
    لمّا قرّب ابنا آدم عليه‌السلام القربان ، فتقبّل من هابيل ولم ... ج 1 : 219
    لمّا كانت الليلة التي قتل فيها عليّ صلوات الله عليه لم يرفع ... ج 1 : 366
    لمّا لقي موسى العالم عليه‌السلام وكلّمه وساء له ... ج 1 : 389
    لمّا ولد عيسى عليه‌السلام كان ابن يوم كأنّه ابن شهرين ، فلمّا ... ج 2 : 145
    لمّا ولد يحيى عليه‌السلام رفع إلى السماء فغذّي بأثمار ... ج 2 : 61
    لم يكن دخل بنو إسرائيل مصر إلّا من سخطة ومعصية منهم لله ... ج 1 : 443
    ليس تبقى الأرض يا أبا خالد ، يوما واحدا بغير حجّة ... ج 2 : 145
    ما من نبيّ ولا ملك إلّا وكان يدين بمحبّتنا ج 2 : 83
    نعم الأرض الشام ، وبئس القوم أهلها اليوم ، وبئس البلاد مصر ... ج 1 : 443
    ولّى عمر رجلا كورة من الشام ، فافتتحها وإذا أهلها ... ج 2 : 114
    أحاديث الإمام الصادق عليه‌السلام
    آمن بنوح عليه‌السلام من قومه ثمانية نفر ، وكان اسمه عبد الجبّار ... ج 1 : 256
    ابتلي أيّوب عليه‌السلام سبع سنين بلا ذنب ج 1 : 359
    أبى الله أن يجعل أرزاق المتّقين إلّا من حيث لا يحتسبون ... ج 2 : 84
    أبى الله أن يقبل شهادة لأوليائه في دولة الظالمين ج 2 : 84
    أتي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأسارى ، فأمر بقتلهم ما خلا رجلا ... ج 2 : 212
    أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يهوديّ يقال له : سبحت ... ج 2 : 174
    اجتمع ولد آدم في بيت فتشاجروا ، فقال بعضهم ... ج 1 : 204
    أحصنت (مريم) فرجها قبل أن تلد عيسى عليه‌السلام خمسمائة عام ... ج 2 : 141
    إذا دخلت الكوفة فأت مسجد السهلة فصلّ فيه واسأل ... ج 1 : 250
    إذا هاجت الرياح فجاءت بالسافي الأبيض و... ج 1 : 272



    الحديث الصفحة
    ارتفع الماء زمان نوح عليه‌السلام على كلّ جبل وعلى كلّ ... ج 1 : 255
    استأذنت زليخا على يوسف ، فقيل لها : إنّا نخاف أن تقدمي ... ج 1 : 352
    الشجرة التي نهي عنها آدم عليه‌السلام هي السنبلة ج 1 : 190
    الله أعلم من أن يترك الأرض بلا عالم ج 1 : 285
    إنّ آدم صلوات الله عليه لمّا أهبط من الجنّة وأكل من ... ج 1 : 200
    إنّ آدم صلوات الله عليه لمّا طاف بالبيت فانتهى ... ج 1 : 196
    إنّ آدم صلوات الله عليه ولد له سبعون بطنا ، فلمّا قتل ... ج 1 : 208
    إنّ آدم عليه‌السلام لمّا كثر ولده وولد ولده كانوا يتحدّثون ... ج 1 : 198
    إنّ آدم عليه‌السلام لمّا هبط هبط بالهند ، ثمّ رمي إليه ... ج 1 : 198
    إنّ آدم وحوّاء عليهما‌السلام حين أهبطا من الجنّة نزل آدم عليه‌السلام على الصفا ... ج 1 : 206
    إنّ إبراهيم عليه‌السلام استأذن سارة أن يزور إسماعيل بمكّة ، فأذنت ... ج 1 : 308
    إنّ إبراهيم عليه‌السلام تزوّج سارة وكانت من أولاد الأنبياء ... ج 1 : 307
    إنّ إبراهيم عليه‌السلام كان مولده بكوثا ، وكان من أهلها ... ج 1 : 298
    إنّ إبراهيم عليه‌السلام لمّا خلّف هاجر أمّ إسماعيل عطش الصبي ... ج 1 : 304
    إنّ إبراهيم عليه‌السلام لمّا كسّر أصنام نمرود أمر به فأوثق ... ج 1 : 298
    إنّ إبراهيم ناجى ربّه فقال : يا ربّ ... ج 1 : 309
    إنّ إبليس رنّ أربع رنّات : أولاهنّ يوم لعن ، ويوم ... ج 1 : 189
    إنّ ابن آدم حين قتل أخاه لم يدر كيف يقتله حتّى جاء إبليس ... ج 1 : 214
    إنّ إسماعيل دفن أمّه في الحجر وجعله عليها ... ج 1 : 306
    إنّ إسماعيل صلوات الله عليه توفّي ، وهو ابن مائة ... ج 1 : 309
    إنّ إسماعيل لمّا تزوّج امرأة من العمالقة يقال لها ... ج 1 : 306
    إنّ إسماعيل نبيّ الله وعد رجلا بالصّفاح ، فمكث به ... ج 2 : 8



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    قصص الانبياء عليهم السلام
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » اخلاق اهل البيت عليهم السلام
    » اهل البيت عليهم السلام سماتهم وحقوقهم في القرأن
    » خصائص الأئمة عليهم السلام : يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم ،
    » الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام
    » موسوعة الامام علي عليه السلام

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: -27- الكتب الاسلاميه-
    انتقل الى: