4 / الدروس الأخلاقيّة القوليّة لأهل البيت عليهمالسلام
تظافرت وتواترت أحاديث أهل بيت العصمة عليهمالسلام في الحثّ والترغيب والأمر
بحُسن الخلق ، وتهذيب النفوس على مكارم الأخلاق .
نتبرّك بذكر نُبذة منها ، رُويت في الكتب والمجامع المعتبرة ، وجُمعت في
ينابيع الحكمة(1) منها : ـ
1 ـ عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : إنّ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً(2) .
2 ـ عن الإمام عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما يوضع في
ميزان امرئٍ يوم القيامة أفضل من حُسن الخُلق(3) .
3 ـ عن عنبسة العابد قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : ما يَقدِمُ المؤمن على الله عزّ
وجلّ بعملٍ بعد الفرائض أحبَّ إلى الله تعالى من أن يسع الناسَ بخُلقه(4) .
4 ـ عن الإمام أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ صاحب الخُلق
__________________________________
(1) ينابيع الحكمة / ج 2 / ص 251 إلى ص 268 .
(2) اُصول الكافي / ج 2 / ص 81 / ح 1 .
(3) اُصول الكافي / ج 2 / ص 81 / ح 2 .
(4) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 4 .
الحَسَن له مثل أجر الصائم القائم(1) .
5 ـ عن الإمام أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أكثر ما ثلج به اُمّتي
الجنّة تقوى الله وحسن الخُلق(2) .
6 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الخُلق يُميتُ الخطيئة كما تُميت
الشمسُ الجليد(3) .
7 ـ عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : البرّ وحُسن الخلق يعمّران الدِّيار ، ويزيدان
في الأعمار(4) .
8 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الله تبارك وتعالى ليُعطي العبد من الثواب
على حسن الخُلق كما يُعطي المجاهد في سبيل الله ، يغدو عليه ويروح(5) .
9 ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ سوء الخُلق ليفسد العمل
كما يفسد الخَلُّ العسل(6) .
__________________________________
(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 5 .
(2) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 6 .
(3) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 7 .
(4) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 8 .
(5) اُصول الكافي / ج 2 / ص 83 / ح 12 .
ولا يخفى أنّ الغدوّ هو أوّل النهار ، والرواح آخره .
وهذا بيان حال المجاهد في سبيل الله ، يستمرّ له الثواب في أوّل النهار وآخره .
(6) اُصول الكافي / ج 2 / ص 242 / ح 1 . واعلم أنّه ذكر العلّامة المجلسي قدسسره في المرآة ج 10 ص 260 :
أنّ سوء الخُلق وصف للنفس يوجب فسادها وانقباضها وتغيّرها على أهل الخلطة والمعاشرة ،
وإيذائهم بسببٍ ضعيف أو بلا سبب ، ورفض حقوق المعاشرة وعدم احتمال ما لا يوافق طبعه منهم .
وقيل : هو كما يكون مع الخلق يكون مع الخالق أيضاً ، بعدم تحمّل ما لا يوافق طبعه من النوائب ،
والاعتراض عليه .
ومفاسده وآفاته في الدُّنيا والدِّين كثيرة منها : أنّه يفسد العمل بحيث لا يترتّب عليه ثمرته المطلوبة منه « كما
يفسد الخلّ العسل » وهو تشبيه المعقول بالمحسوس ، وإذا أفسد العمل أفسد الإيمان .
10 ـ عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أبىٰ الله عزّ وجلّ لصاحب
الخُلق السيء بالتوبة .
قيل : وكيف ذاك يا رسول الله ؟
قال : لأنّه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه(1) .
11 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليهالسلام : من ساء خُلقه عذّب نفسه(2) .
12 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ سوء الخُلق ليفسد الإيمان كما يفسد
الخلّ العسل(3) .
13 ـ في مواعظ النبيّ صلىاللهعليهوآله : سوء الخُلق شوم(4) .
14 ـ وقال صلىاللهعليهوآله : أفضلكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً(5) .
15 ـ وقال صلىاللهعليهوآله : حسن الخُلق يثبت المودّة(6) .
16 ـ وقال صلىاللهعليهوآله : خياركم أحسنكم أخلاقاً ، الذين يألِفون ويُؤلَفون(7) .
17 ـ وقال صلىاللهعليهوآله : حسن الخُلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم .
فقيل له : ما أفضل ما اُعطي العبد ؟
قال : حسن الخُلق(
.
18 ـ وقال صلىاللهعليهوآله : أقربكم منّي غداً في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم
للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خُلقاً ، وأقربكم من الناس(9) .
19 ـ في مواعظ أمير المؤمنين عليهالسلام : حسن الخُلق خيرُ قرين ، وعنوان
__________________________________
(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 242 / ح 2 .
(2) الكافي ج 2 ص 242 ح 4 .
(3) الكافي ج 2 ص 242 ح 3 .
(4) و (5) تحف العقول ص 37 .
(6) ـ (
تحف العقول ص 38 .
(9) تحف العقول ص 38 .
صحيفة المؤمن حسن خُلقه(1) .
20 ـ في مواعظ الإمام الصادق عليهالسلام : حسن الخُلق من الدِّين ، وهو يزيد في الرزق(2) .
21 ـ في مواعظ الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام : السخيّ الحسنُ الخُلق في كَنَفِ
الله ، لا يتخلّى الله عنه حتّى يدخله الجنّة ، وما بعث الله نبيّاً إلّا سخيّاً ، وما زال أبي
يوصيني بالسخاء وحسن الخُلق حتّى مضىٰ(3) .
22 ـ عن الإمام الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عليكم بحسن
الخُلق فإنّ حسن الخُلق في الجنّة لا محالة ، وإيّاكم سوء الخُلق فإنّ سوء الخُلق
في النار لا محالة(4) .
23 ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حسن الخُلق نصف الدِّين (5) .
24 ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : اللّحمُ يُنبت اللّحم ، ومن تركه أربعين يوماً ساء
خُلقه ، ومَن ساء خُلقه فأذّنوا في اُذنه(6) .
25 ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً .
وقال صلىاللهعليهوآله : ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخُلق ، وإنّ العبد ليدرك بحسن
الخُلق درجة الصالحين(7) .
26 ـ وقال صلىاللهعليهوآله : لا يلقى الله عبد بمثل خصلتين : طول الصمت ، وحسن الخُلق(
.
__________________________________
(1) تحف العقول ص 141 .
(2) تحف العقول : ص 275 .
(3) تحف العقول ص 304 .
(4) الوسائل ج 12 ص 152 ب 104 من العشرة ح 17 .
(5) الوسائل ج 12 ص 154 ح 27 .
(6) الوسائل ج 24 ص 395 ب 88 من آداب المائدة .
(7) المستدرك ج 8 ص 447 ب 87 من كتاب العشرة ح 20 .
(
المستدرك / ج 8 / ص 447 / ح 22 .
27 ـ وقال صلىاللهعليهوآله : من سعادة المرء حسن الخُلق ، ومن شقاوته سوء الخُلق(1) .
28 ـ عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه سُئل عن أدوم الناس غمّاً ؟
قال : أسوؤهم خُلقاً(2) .
29 ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ( في حديث ) : وسوء الخُلق زمامٌ من عذاب الله في
أنف صاحبه ، والزمام بيد الشيطان يجرّه إلى الشرّ ، والشرّ يجرّه إلى النار(3) .
30 ـ عن الإمام الصادق عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّكم لن تسعوا
الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم(4) .
31 ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أفضل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً .
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام لنوف : يا نوف ، صِل رحمك يزيد الله في عمرك ،
وحسّن خلقك يخفّف الله حسابك (5) .
32 ـ عن الإمام جعفر بن محمّد عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ
أحبّكم إليّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً وأشدّكم تواضعاً ،
وإنّ أبعدكم منّي يوم القيامة الثرثارون وهم المستكبرون .
قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أوّل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن خُلقه(6) .
33 ـ عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما حدّ
حسن الخُلق ؟
__________________________________
(1) المستدرك / ج 8 / ص 447 / ح 24 .
(2) المستدرك / ج 12 / ص 76 / ح 12 .
(3) المستدرك / ج 12 / ص 76 / ح 11 .
(4) بحار الأنوار / ج 71 / ص 383 / ح 19 .
(5) بحار الأنوار / ج 71 / ص 383 / ح 20 .
(6) بحار الأنوار / ج 71 / ص 385 / ح 26 .
قال : تليّن جانبك وتطيّب كلامك ، وتلقى أخاك ببشرٍ حسن(1) .
34 ـ ... قيل لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيّئة
الخُلق تُؤذي جيرانها بلسانها .
فقال : لا خير فيها ، هي من أهل النار(2) .
35 ـ وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : حسن الخُلق في ثلاث : اجتناب المحارم ،
وطلب الحلال ، والتوسّع على العيال(3) .
36 ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا أراد الله بأهل بيتٍ خيراً
رزقهم الرفق في المعيشة ، وحسن الخُلق(4) .
37 ـ ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أتى النبيّ صلىاللهعليهوآله
رجلٌ فقال : إنّ فلاناً مات فحفرنا له فامتنعت الأرض .
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّه كان سيّىءَ الخُلق(5) .
38 ـ ... قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ربّ عزيزٍ أذلّه خُلقه ، وذليلٍ أعزّه خُلقه(6) .
39 ـ عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خصلتان لا تجتمعان في
مسلم : البُخل وسوء الخُلق(7) .
40 ـ من كلم أمير المؤمنين عليهالسلام : ـ
في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق(
.
__________________________________
(1) بحار الأنوار / ج 71 / ص 389 / ح 42 .
(2 و 3) بحار الأنوار / ج 71 / ص 394 / ح 63 .
(4) بحار الأنوار / ج 71 / ص 394 / ح 67 .
(5) بحار الأنوار / ج 71 / ص 395 / ح 75 .
(6) بحار الأنوار / ج 71 / ص 396 / ح 79 .
(7) بحار الأنوار / ج 73 / ص 297 / ح 5 .
(
بحار الأنوار / ج 78 / ص 53 .
41 ـ عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّا لنحبّ من كان عاقلاً
فهماً ، حليماً ، مدارياً ، صبوراً ، صدوقاً ، وفيّاً .
إنّ الله عزّ وجلّ خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق ، فمن كانت فيه فليحمد الله
على ذلك ، ومَن لم تكن فيه فليتضرّع إلى الله عزّوجلّ وليسأله إيّاها .
قال : قلت : جُعلت فداك وما هُنّ ؟
قال : هنّ الورع ، والقناعة ، والصبر ، والشكر ، والحلم ، والحياء ، والسخاء ،
والشجاعة ، والغيرة ، والبرّ ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة(1) .
42 ـ عن المفضل الجعفي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : عليكم بمكارم
الأخلاق ، فإنّ الله عزّ وجلّ يحبّها .
وإيّاكم ومذامّ الأفعال فإنّ الله عزّ وجلّ يبغضها(2) .
43 ـ عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال لولده : ـ
إنّ الله عزّ وجلّ جعل محاسن الأخلاق وُصلةً بينه وبين عباده فنحبّ أحدكم
أن يمسك بخُلُق متّصلٍ بالله تعالى(3) .
44 ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
الأخلاق منائح ـ أي عطايا ـ من الله عزّ وجلّ .
فإذا أحبّ عبداً منحه خُلقاً حسناً ، وإذا أبغض عبداً منحه خلقاً سيّئاً(4) .
45 ـ قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لو كنّا لا نرجو جنّة ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا
عقاباً لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق ، فإنّها ممّا تدلّ على سبيل
__________________________________
(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 46 / ح 3 .
(2) وسائل الشيعة / ج 15 / ص 199 / ح 8 .
(3) المستدرك / ج 11 / ص 192 / ح 19 .
(4) المستدرك / ج 11 / ص 193 / ح 20 .
النجاح ، فقال رجل : فداك أبي وأمّي يا أمير المؤمنين ، سمعتَهُ من رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟
قال : نعم وما هو خيرٌ منه ، لمّا أتانا سبايا طيّ ، فإذا فيها جارية ... فقالت : ... أنا
ابنة حاتم طيّ ، فقال صلىاللهعليهوآله : خلّوا عنها فإنّ أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق(1) .
فقام أبو بردة فقال : يا رسول الله ، الله يحبّ مكارم الأخلاق ؟
فقال : يا أبا بردة ، لا يدخل الجنّة أحدٌ إلّا بحسن الخُلق(2) .
46 ـ عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث الأربعمائة الشريف .
روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة ، فإنّ العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه
درجة الصائم القائم(3) .
47 ـ في وصيّة أمير المؤمنين عليهالسلام لابنه الحسن عليهالسلام :
وعوّد نفسك السماح ، وتخيّر لها من كلّ خُلق أحسنه ، فإنّ الخير عادة(4) .
48 ـ عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال :
وعليكم بمكارم الأخلاق فإنّها رفعة ، وإيّاكم والأخلاق الدنيّة فإنّها تضع
الشريف ، وتهدم المجد(5) .
49 ـ في حديث المعراج الشريف ، ودخول النبيّ صلىاللهعليهوآله الجنّة ، ورؤيته ما كُتب
على أبوابها قال : ـ
__________________________________
(1) وفي بحار الأنوار / ج 21 / ص 366 نقل عن محمّد بن إسحاق أنّه كساها رسول الله صلىاللهعليهوآله وأعطاها
نفقة ، فخرجت مع ركب حتّى قدمت الشام ، وأشارت على أخيها بالقدوم ، فقدم وأسلم وأكرمه
الرسول صلىاللهعليهوآله وأجلسه على وسادةٍ رمىٰ بها إليه بيده .
(2) المستدرك / ج 11 / ص 193 / ح 21 .
(3) بحار الأنوار / ج 10 / ص 99 .
(4) بحار الأنوار / ج 77 / ص 215 .
(5) بحار الأنوار / ج 78 / ص 53 .
وعلى الباب الثامن منها مكتوب :
لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، عليٌّ وليّ الله ، من أراد الدخول من هذه
الأبواب الثمانية فليتمسّك بأربع خصال :
بالصدقة ، والسخاء ـ أي الجود والكرم ـ ، وحسن الأخلاق ، وكفّ الأذىٰ عن
عباد الله(1) .
50 ـ من كلم أمير المؤمنين عليهالسلام وحِكَمِهِ في فضل حسن الخلق ، وذمّ سوء
الأخلاق ، قال : ـ
أطهر الناس أعراقاً أحسنهم أخلاقاً ( الغرر ج 1 ص 185 ف 8 ح 206 )
أرضى الناس من كانت أخلاقه رضيّة ( ص 187 ح 246 )
حسن الخُلق للنفس وحسن الخَلق للبدن ( ص 376 ف 27 ح 6 )
حسن الخُلق أفضل الدِّين ( ح 7 )
حسن الخُلق خير قرين ، والعُجب داءٌ دفين ( ص 378 ح 37 )
حسن الخُلق من أفضل القِسم وأحسن الشيم ( ح 39 )
حسن الخُلق أحد العطائين ( ص 379 ح 48 )
حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق ( ح 52 )
حسن الأخلاق يُدِرّ الأرزاق ، ويونس الرفاق ( ح 53 )
حسن الخُلق رأس كلّ برّ ( ح 54 )
حسن الخُلق يورث المحبّة ويؤكّد المودّة ( ص 380 ح 61 )
سوء الخُلق شؤم ، والإسائة إلى المحسن لؤم ( ص 433 ف 39 ح 17 )
سوء الخُلق شرّ قرين ( الغرر / ج 1 / ص 433 / ف 39 ح 18 ) .
__________________________________
(1) مدينة المعاجز / ج 1 / ص 397 .
سوء الخُلق يُوحش القريب ويُنفِّر البعيد ( ص 435 ح 44 )
سوء الخُلق نكد العيش ، وعذاب النفس ( ص 439 ح 89 )
سوء الخُلق يوحش النفس ، ويرفع الاُنس ( ح 90 )
كلّ داء يداوى إلّا سوء الخُلق ( ج 2 ص 546 ف 62 ح 54 )
كم من وضيع رفعه حسن خلقه ( ص 552 ف 63 ح 52 )
من ساء خُلقه عذّب نفسه ( ص 617 ف 77 ح 156 )
من ساء خُلقه ملّه أهله ( ص 625 ح 307 )
من ساء خُلقه ضاق رزقه ( ص 629 ح 378 )
ما أعطى الله سبحانه العبد شيئاً من خير الدُّنيا والآخرة إلّا بحسن خلقه وحسن
نيّته ( ص 750 ف 79 ح 217 )
نِعْمَ الإيمان جميل الخُلق ( ص 774 ف 81 ح 67 )
والله لا يعذّب الله سبحانه مؤمناً إلّا بسوء ظنّه ، وسوء خلقه ( ص 787 ف 83 ح 81 )
لا يعيش لسيّىء الخلق ( ص 833 ف 86 ح 81 )
لا قرين كحسن الخلق ( ص 834 ح 113 )
لا سُؤدد لسيّىء الخلق ( ص 837 ح 161 )
لا عيش أهنأ من حسن الخلق ( ص 846 ح 329 )
لا وحشة أوحش من سوء الخلق ( ح 330 )
الخُلق المحمود من ثمار العقل ( الغرر ج 1 ص 45 ف 1 ح 1327 )
الخلق المذموم من ثمار الجهل ( ص 46 ح 1328 )
أحسن شيء الخُلق ( ص 175 ف 8 ح 18 )
أكبر الحسب الخُلق ( ح 38 )
أقوى الوسائل حسن الفضائل ( ص 181 ح 153 )
أسوء الخلائق التحلّي بالرذائل ( ص 182 ح 154 )
أحسن السناء الخُلق السجيح ( ص 197 ح 379 )
أحسن الأخلاق ما حملك على المكارم ( ص 206 ح 473 )
إن كنتم لا محالة متنافسين فتنافسوا في الخصال الرغيبة ، وخلال
المجد ( ص 277 ف 10 ح 35 )
إذا رأيت المكارم فاجتنب المحارم ( ص 315 ف 17 ح 95 )
إذا كانت محاسن الرجل أكثر من مساويه فذلك الكامل ، وإذا كان متساوي
المحاسن والمساوي فذلك المتماسك ، وإذا زادت مساويه على محاسنه
فذلك الهالك ( ص 328 ح 202 )
تنافسوا في الأخلاق الرغيبة ، والأحلام العظيمة ، والأخطار الجليلة يعظم
لكم الجزاء ( ص 355 ف 22 ح 94 )
رأس العلم التمييز بين الأخلاق ، وإظهار محمودها ، وقمع مذمومها
( ص 413 ف 34 ح 44 )
هي ذا محاسن أخلاق أهل البيت عليهمالسلام في حديثهم بعد سيرتهم ..
أكبر مدرسة إلهيّة لتهذيب النفس ، وتحسين الخلق ، والترغيب إلى كرائم
السجايا ، وتطهير الطوايا .
فيلزم علينا أن نستلهم من أعمالهم ، ونستضيء بأقوالهم ، للسير على خُطاهم
الطيّبة ، وصفاتهم الحسنة .
ونجتنب عن سوء الأخلاق ، ونسعى لعلاج الأخلاق السيّئة بمثل :
1 / التفكّر في فضائل الأخلاق الحسنة وآثاره .
2 / التذكّر بمساوئ سوء الخلق وأضراره .
3 / ترويض النفس على حُسن الفعال ، وتحسين الأفعال بالأخلاق الطيّبة ،
فإنّ أفضل الجهاد جهاد النفس .
وها نحن نستنير بأشعّة من أنوار هداهم ، ولمعة من هدى أخلاقهم ، في
مدرستهم الأخلاقيّة ، على ضوء الصحيفة المباركة السجّاديّة في دعائها
الأخلاقي الذي يمثِّل أخلاق رسول الله صلىاللهعليهوآله صاحب الخُلق العظيم ، والاُسوة
والقدوة لجميع المسلمين .
5 / مدرسة أهل البيت عليهمالسلام الأخلاقيّة
هي المدرسة التربويّة الكبرى ، والجامعة الأخلاقيّة العظمى للخلق الكريم ،
وكريم الأخلاق ، لكلّ من أراد الاتّصاف بالصفات الحسنة ، والسجايا الطيّبة التي
يحبّها الله تعالى ، ويندب إليها الإسلام ، ويحكم بحسنها العقل . ممّا تؤدي إلى
طيب الحياة ، والفوز بالنجاة ، وتثمر شرف النفس ، والضمير النفيس ، وتوفّر خير
الدُّنيا وسعادة الآخرة .
ونحن نتشرّف في هذه المدرسة الربّانيّة ، بدراسات نموذجيّة ، من أخلاق
أهل البيت عليهمالسلام ، التي بيّنها لسان العصمة بصيغة الدّعاء ، من خلال حديث واحد
من أحاديثهم الشريفة .
وهو حديث دعاء مكارم الأخلاق ، الذي هو الدعاء العشرون من أدعية الصحيفة
الكاملة المباركة السجّاديّة ، الملقّبة بإنجيل أهل البيت ، وزبور آل محمّد صلىاللهعليهوآله .
لسيّد الساجدين ، وزين العابدين ، وفخر المتهجّدين ، الإمام علي بن الحسين
بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام .
ولولاها ولولا أدعية أهل البيت عليهمالسلام لم نعرف كيف نخاطب ربّنا ، وكيف نناجي
خالقنا ، وكيف نطلب منه حوائجنا ، وهو ملك الملوك ، وربّ السلاطين .
نعم ، إنّها كتابٌ رائع ومنشورٌ بارع ، لمعرفة التوحيد والنبوّة والإمامة وسائر
المعارف الهامّة .
والصحيفة المباركة السجّاديّة من الكتب الشريفة المعتبرة المشتملة على 54
دعاءً من أدعية الإمام السجّاد عليهالسلام ، بسندٍ شريف ينتهي إلى الإمام الباقر عليهالسلام ، وزيد
الشهيد رضوان الله عليه .
وشهد بصحّتها الإمام الصادق عليهالسلام كما تلاحظه في مقدّمتها .
وهي من المتواترات عند الأصحاب كما أفاده المحقّق الطهراني قدسسره (1) .
وأضاف الدكتور محفوظ أنّه قد حظى ـ السند ـ بالتواتر حتّى زاد على ستّة
وخمسين ألفاً ، وما زال العلماء يتلقّونها موصولة الأسناد بالاسناد(2) .
وأفاد السيّد الأمين أنّه قد تعدّد أسانيدها المتّصلة إلى منشئها صلوات الله عليه
وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين ، فقد رواها الثقات بأسانيدهم المتعدّدة المتّصلة إلى
الإمام زين العابدين عليهالسلام (3) .
فالسند قطعي علمي لا يقبل الشكّ والترديد .
هذا ، مضافاً إلى أنّ علوّ متنها ، وفصاحة ألفاظها ، وسموّ مضامينها دالّة على
صدورها من بحر العصمة ومعدن الإمامة وأهل بيت النبوّة سلام الله عليهم أجمعين .
لذلك علّق الدكتور محفوظ عليها بقوله : ـ
( نثرٌ رائع ، واُسلوبٌ ناصع من أجناس المنثور ، ونمطٌ بديع من أفانين التعبير ،
وطرف بارعة من أنواع البيان ، ومسلك مُعجب من بلاغات النبيّ صلىاللهعليهوآله وأهل
البيت عليهمالسلام التي لم يَرْقَ إليها غير طيرهم ، ولم تَسْمُ إليها سوى أقلامهم .
__________________________________
(1) الذريعة / ج 15 / ص 18 .
(2) مجلّة البلاغ / العدد 7 من السنة الاُولى / ص 54 .
(3) حياة الإمام زين العابدين عليهالسلام / ج 2 / ص 117 .
فالدّعاء أدبٌ جميل ، وحديثٌ مبارك ، ولغةٌ غنيّة ، ودينٌ قيّم ، وبلاغةٌ عبقريّة ،
إلهيّة المسحة ، نبويّة العبقة )(1) .
وأضاف العلّامة القرشي أنّ الصحيفة المباركة احتوت على حقائق علميّة لم
تكن معروفة في عصر الإمام عليهالسلام ، ممّا تشهد بصدورها من أهل بيت وحي السماء عليهمالسلام .
نظير قوله عليهالسلام في الدّعاء على أعداء المسلمين بقوله :
« اللَّهُمَّ وامزج مياههم وأطعمتهم بالوباء »(2) .
فهي تشير إلى الحقيقة العلميّة التي اكتشفت في العصور الأخيرة بأنّ جراثيم
الوباء المعروفة بالكوليرا تأتي عن طريق الماء ، وتنتقل عن طريق الغذاء(3) .
فالصحيفة المباركة من حيث التقييم السندي في أعلى مراتب الصحّة والاعتبار .
وأمّا من حيث المتن فهو نورٌ إلهي ، وعلمٌ نبويّ ، وكلامٌ معصوميّ ، ككلام
جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام .. دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوق .. والوجدان
شاهدٌ بالعيان .
والدّعاء العشرون من هذه الصحيفة الشريفة هو دعاء مكارم الأخلاق ، الذي هو
قمّة في الأخلاق الكريمة التي تربّي الجيل الصالح ، وتصنع الإنسان المتّقي الخلوق ،
وتسمو بالإنسان إلى الفضائل النفسيّة ، والمكارم الروحيّة ، والمعالي الأخلاقيّة .
وترى هذا الدّعاء الشريف قد جمع بين الركيزتين الأساسيّتين في حُسن الأخلاق ..
جمع بين صفات تهذيب النفس ، إلهاماً من قوله تعالى : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧)
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا )(4) ، وبين
__________________________________
(1) مجلّة البلاغ / العدد 6 من السنة الاُولى / ص 56 .
(2) الصحيفة المباركة السجّاديّة / الدعاء الأوّل .
(3) حياة الإمام زين العابدين عليهالسلام / ج 2 / ص 125 .
(4) سورة الشمس / الآيات 7 ـ 10 .
صفات حُسن المعاشرة مع الغير ، إقتباساً من قوله عزّ اسمه : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ
وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )(1) .
فتلاحظ على صعيد تهذيب النفس بدأ بقوله عليهالسلام : ـ
( اللَّهُمَّ صّلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ،
وَبَلِّغْ بِإِيمَانِي أَكْمَلَ الْإِيمَانِ ،
وَاجْعَلْ يَقِينِي أَفْضَلَ الْيَقِينِ ،
وَانْتَهِ بِنِيَّتِي إِلَى أَحْسَنِ النِّيَّاتِ ...
وَلاٰ تَبْتَلِيَنِّي بِالْكِبْرِ ،
وَعَبِّدْنِي لَكَ وَلاٰ تُفْسِدْ عِبَادَتِي بِالْعُجْبِ ،
وَأَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدِيَ الْخَيْرَ وَلاٰ تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ ،
وَهَبْ لِي مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ، وَاعْصِمْنِي مِنَ الْفَخْرِ ... ) .
وتلاحظ على صعيد حُسن المعاشرة يستمرّ الدّعاء إلى قوله عليهالسلام : ـ
( اللَّهُمَّ صّلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَ
سَدِّدْنِي لِأَنْ أُعَارِضَ مَنْ غَشَّنِي بِالنُّصْحِ ،
وَأَجْزِيَ مَنْ هَجَرَنِي بِالْبِرِّ ،
وَأُثِيبَ مَنْ حَرَمَنِي بِالْبَذْلِ ،
وَأُكَافِيَ مَنْ قَطَعَنِي بِالصِّلَةِ ،
وَأُخَالِفَ مَنِ اغْتَابَنِي إِلَى حُسْنِ الذِّكْرِ ، وَأَنْ أَشْكُرَ الْحَسَنَةَ ،
وَأُغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَةِ ... ) .
فأدّبوا عليهمالسلام أصحابهم وشيعتهم ، وأرشدوا جميع الناس إلى كلا الأدبين : أدب
__________________________________
(1) سورة فصّلت : الآية 34 .
التزكية ، وأدب المعاشرة .
وهذا الدّعاء المبارك يشتمل على عشرين فقرة .
وفقراتها تبتدأ بالصلوات على محمّد وآله الطاهرين التي هي وسيلة لاستجابة
الدّعاء ، وبركة العطاء ، والفوز بأكمل الفضل والفضيلة ، ممّا توجب اقتران هذا
الدّعاء للداعي بالاستجابة ، وحصول الآثار الطيّبة(1) .
ونحن نقتطف أزاهير عَطِرة من هذه الروضة الزاهرة ، ونستلهم منها دروساً
أخلاقيّة ، ومعالم روحيّة .
فنستعرض كلّ جملةٍ كريمة ، من الفقرة الثامنة التي جمعت بين الركيزتين
تهذيب النفس ، وحُسن المعاشرة ، واشتملت على عشرين جملة كَمَلا .
سائلين المولى العليّ القدير توفيق الاهتداء بهُداهم ، والاستنارة بسيرتهم ،
والاتّصاف بأخلاقهم ، والله تعالى وليّ التوفيق .
__________________________________
(1) لاحظ فضل الصلوات في كتاب وصايا الرسول لزوج البتول عليهمالسلام / ص 124 .
اللَهُمَّ صّلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَحَلَّنِي بِحِلْيَةِ
الصَّالِحِينَ ، وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ الْمُتَّقِينَ
هذه إحدى الدروس الأخلاقيّة الرفيعة ، في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، التي هي
مدرسة السماء في الأرض ، وكتابها زبور آل محمّد : الصحيفة السجّاديّة ،
ومعلّمها حجّة الله وزين العباد الإمام السجّاد عليهالسلام الذي هو مثال الأخلاق الطيّبة ،
والصِّفات الكريمة ، ومكارم الأخلاق ، يعلّمنا عليهالسلام بالدّعاء والعمل أن نتحلّى بحلية
الصالحين ، ونتزيّن بزينة المتّقين .
والحلية هي : ما يتزيّن به الإنسان كالخاتم ، والسيف ، والمجوهرات ،
والذهب والفضّة .
والصالحون هم : القائمون بما يلزمهم من الحقوق الإلهيّة ، وحقوق الناس ،
ويتركون المعاصي والمحرّمات .
إذ العمل الصالح هو أداء الفرائض وحقوق الناس ، ترك المناهي والمحرّمات .
فالصالح هو من يعمل هذه الأعمال الصالحة .
وقد بشّرهم الله تعالى في كتابه الكريم بقوله : ـ
( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(1) .
والصلاح هذا من أجلّ الصفات الحميدة التي وُصف بها أولياء الله المقرّبون ،
كما تلاحظه في زيارة سيّدنا أبي الفضل العبّاس عليهالسلام المرويّ عن مولانا الإمام
الصادق عليهالسلام جاء فيها : ـ
( السلامُ عليك أيّها العبد الصالح ... ) .
وفُسّر الذين يعملون الصالحات في تعبير القرآن الكريم بأمير المؤمنين
والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، وخواصّ شيعتهم كحمزة ، وجعفر ، وعبيدة ، وسلمان
رضوان الله عليهم .
وقد بشَّر الله تعالى المؤمنين العاملين عمل الصالحات بأزهى البشائر ،
وأعظم الفضائل في الدُّنيا والآخرة ، كما تلاحظها في آيات القرآن الباهرة(2) حتّى
عرّفهم بأنّهم هم الذين يرثون الأرض ، ونسبهم إلى نفسه ، وشرّفهم بأنّهم عباده
في قوله تعالى : ـ
( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )(3) .
فيُسأل في هذا الدّعاء الشريف أن يحلينا الله تعالى بحلية الصالحين وزينتهم ،
ويلبسنا ملبسهم الجميل الذي يسترهم عن العيوب ، حتّى تحصل لنا الأهليّة
الكاملة ، ويتولّانا الله بولايته العظمى التي وعدها بقوله عزّ اسمه : ـ
( إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّـهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ )(4) .
والزينة : أعمّ من الحلية ، فهي تعمّ الحلية وتشمل حتّى اللّباس .
__________________________________
(1) سورة النحل : الآية 97 .
(2) راجع هذه الآيات المباركة وبشائرها الزاهرة في كتاب شيعة أهل البيت عليهمالسلام / الفصل الخامس .
(3) سورة الأنبياء / الآية 105 .
(4) سورة الأعراف : الآية 196 .
فتُطلق الزينة على ما يُتزيّن به من حُليّ ولباس غيرهما .
والمتّقون : هم المتّصفون بالتقوى ،
وهي في اللّغة بمعنى : الصيانة ، وفي العرف بمعنى فعل الواجبات ، وترك المحرّمات .
وأحسن تعريف له هو ما في الحديث الصادقي الشريف : ـ
( أن لا يفقدك حيث أمَرَك ، ولا يجدك حيث نهاك )(1) .
ولباس المتّقين هو الذي يزيّنهم ، وهو أحسن لباس ساتر للإنسان ، يستر
العيوب والعورات ، ويصون عن القبائح والمحرّمات .
قال تعالى :
( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ
ذَٰلِكَ خَيْرٌ )(2) .
والتقوى هي تلك الصفة الفُضلى ، والمزيّة الكبرى التي بها النجاة ، في هذه
الحياة وبعد الممات .
وقد أكّدت وحثّت عليها آيات الكتاب ، وبيّنت فضلها وأهميّتها أحاديث
أهل البيت عليهمالسلام(3) .
فيُسأل في هذا الدّعاء الشريف أيضاً أن يزيّننا الله تعالى ويُلبسنا زينة المتّقين ،
بعد سؤال حلية الصالحين .
وركيزة البحث في هذا الفصل هو أنّه : ـ
ما هي حليةُ الصالحين وزينةُ المتّقين ؟
الجواب : هي هذه الصفات العشرون التي ذكرها الإمام عليهالسلام تلواً يعني : ـ بسط
__________________________________
(1) سفينة البحار / ج 8 / ص 558 .
(2) سورة الأعراف / الآية 26 .
(3) راجع لمعرفتها كتاب ينابيع الحكمة / ج 5 / ص 273 .
العدل ، وكظم الغيظ ، وإطفاء النائرة .. إلخ ممّا يأتي ذكرها آتياً .
فهي الصفات الحسنة ، والقيم المتقنة التي هي ملاكات حلية أهل الصلاح ،
وزينة أهل التقوى .
بل هي مقوّمات الصلاح والتقوى .
فإذا أردنا أن نكون من الصالحين والمتّقين ..
وأردنا أن نتّصف بحليتهم وزينتهم ..
يلزم علينا أن نتّصف بهذه الصفات ، ونلتزم بهذه المكرمات .
فهذه الصفات تجعل الإنسان تقيّاً صالحاً ، ومتحليّاً بزينة المتّقين والصالحين ،
وأخلاقهم الطيّبة ، ومكارم صفاتهم الحسنة .
فلنعدّدها ونبيّنها ، آملين توفيق امتثالها بعون الله تعالى .
وهي في الدعاء الشريف كما يلي : ـ
(1)
هي بَسطِ العَدل
البسط هو : النشر ، واستُعير للشمول المطلق ، وبَثّ العدل في الخلق .
والعدل هو : الاعتدال ، والتوسّط بين الإفراط والتفريط ، ووضع الشيء في موضعه .
قال في مجمع البحرين(1) : ـ العدل خلاف الجور ، ولغةً هو : التسوية بين
الشيئين ، والعدل : القصد في الاُمور .
وهو صفة جليلة ، توجب مناعة النفس ، والردع عن الظلم ، والتحفيز على أداء
الحقوق والواجبات .
والعدل مدار كلّ خير ، وبه قامت السماوات والأرض ، وهو الموجود في كلّ
شيءٍ من المخلوقات من العالَم العُلوي إلى العالَم السُفلي .
فمن مجرّات السماء إلى طبقات الأرض كلّها وُضعت على العدل ..
تلاحظ أنّ عين الشمس التي هي في حجمها ملايين الكيلومترات المكعّبة من
السماء خُلقت على العدل .
__________________________________
(1) مجمع البحرين / ص 483 .
والسائل النفطي التي هي في مقدارها ملايين الكيلوغرامات تحت الأرض
خُلقت على العدل .
وحتّى المكروبات إنّما تضرّ بميزان ، وعلى حساب عدم الإفراط والتفريط ،
وبمقدار الاحتماء عنها وعدم الاحتماء .
وبسط العدل هو نشره وإعماله في جميع المجالات ، وفي جميع الأقوال
والأفعال في الحياة .
ومن حلية الصالحين وزينة المتّقين عدلهم المبسوط المنتشر ، الموجود في
جميع اُمورهم وفي كلّ حياتهم .
وبحقّ هو زينة وجمال ، ورداء محبوبٌ وجميل ، وقد فُطرت النفوس على
حبّ العدل والإنصاف ، وبغض الظلم والجور ، في جميع الشرائع والاُمم ، وفي
مختلف الفئات والطبقات .
وقد نُدب إليه ورغّب فيه بل اُمر به في دين الإسلام ، في كتابه وسنّته .
ففي القرآن الكريم : ـ
قال تعالى : ( إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )(1) .
وفي الأحاديث المباركة :
عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : ( إنّ العدل ميزان الله سبحانه الذي وضعه في
الخلق ، ونصبه لإقامة الحقّ ، فلا تخالفه في ميزانه ، ولا تعارضه في سلطانه )(2) .
وفي وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآله : ـ
يا عليّ ، ما كرهته لنفسك فاكرهه لغيرك ، وما أحببته لنفسِكَ فاحببه لأخيك
__________________________________
(1) سورة النحل : الآية 90 .
(2) غرر الحكم / ص 222 / ح 88 .
تكُن عادلاً في حكمك ، مقسِطاً في عدلك ، محبوباً في أهل السماء ، مودوداً في
صدور أهل الأرض )(1) .
عن الإمام الصادق عليهالسلام : ـ
أنّه سُئِلَ عن صفة العدل في الرجل ؟
فقال : إذا غضَّ طرفَه عن المحارم ، ولسانه عن المآثم ، وكفّه عن المظالم(2) .
عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال :
عدلُ ساعة خيرٌ من عبادة ستّين سنة ، قيام ليلها وصيام نهارها ،
وجور ساعة في حكم أشدّ وأعظم عند الله من معاصي ستّين سنة(3) .
وجاء أعرابيّ إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو يريد بعض غزواته ، فأخذ بغَرزِ راحلته ـ أي
ركابها ـ فقال : يا رسول الله علّمني عملاً أدخل به الجنّة ؟
فقال : ـ ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فأتهِ إليهم ، وما كرهت أن يأتيه الناس
إليك فلا تأته إليهم ، خلّ سبيل الراحلة(4) .
وعن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : ـ
العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ، وما أوسع العدل إذا عُدل فيه ـ أي في
الأمر ـ وإن قلّ(5) .
وعن الصادق عليهالسلام أنّه قال : ـ
العدل أحلى من الشهد ، وألين من الزَبَد ، وأطيب ريحاً من المسك(6) .
__________________________________
(1) تحف العقول / ص 19 .
(2) مستدرك الوسائل / ج 11 / ص 317 / ح 3 .
(3) جامع الأخبار / ص 154 / ح 116 .
(4) اُصول الكافي / ج 2 / ص 146 / ح 10 .
(5) اُصول الكافي / ج 2 / ص 146 / ح 11 .
(6) اُصول الكافي / ج 2 / ص 147 / ح 15 .
هذا ما يستفاد منه منتهى فضيلة العدل ، ومفخرة الاعتدال ، وسموّ هذه
الصفة الشريفة .
واعلم أنّ للعدل هذا صدورٌ عديدة أفادها العلماء تتلخّص فيما يلي : ـ
1) عدل الإنسان مع الله تعالى ..
وذلك بالإيمان به ، وتوحيده وعدم الشرك به ، والإخلاص له ، وتصديقه ،
وإطاعته ، وتصديق أنبيائه ، وأوصياء أنبيائه الحجج على خلقه(1) .
2) عدل الإنسان مع والديه ..
بأن يطيعهم ويحسن إليهم ، ولا يقول لهم أفٍّ ولا ينهرهما ، ولا يكلّفهما أن
يسألاه شيئاً ممّا يحتاجان إليه ، ولا يسمّيهما باسمهما ، ولا يمشي أمامهما ، ولا
يجلس قبلهما ، ولا يستسبّ لهما ، ويصوم ويصلّي ويحجّ عنهما ، ويقضي دينهما ،
ويستغفر لهما ، ويبرّهما حيّين وميّتين(2) .
3) عدل الإنسان مع ولده ..
وذلك بأن يُحسن اسمه وتربيته ، ويرىٰ نفسه مسؤولاً عن حُسن أدبه ،
والدلالة على ربّه ، والمعونة له على الطاعة ، ويعمل معه عمل من يعلم أنّه مُثاب
على الإحسان إليه ، ومعاقب على الإساءة إليه(3) .
4) عدل الإنسان مع زوجته ..
بأن يعلم أنّ الله عزّ وجلّ جعلها له سَكَناً واُنساً ونعمةً ، فيكرمها ، ويُرفق بها ،
ويُنفق عليها ، ويطعمها ، ويكسوها ، ويعاشرها بالمعروف(4) .
__________________________________
(1) لاحظ حديث الحقوق من البحار / ج 74 / ص 3 .
(2) لاحظ سفينة البحار / ج 8 / ص 585 .
(3) لاحظ حديث الحقوق من البحار / ج 74 / ص 15 .
(4) لاحظ أمالي الشيخ الصدوق / المجلس 95 / ص 370 .
5) عدل الإنسان مع نفسه ..
ويكون ذلك بتهيئة الفوز والنجاة لنفسه ، وسوقها إلى الكمالات ، وهدايتها إلى
الطاعات ، وصونها عن الذنوب والمعاصي ، وتزكيتها بالعمل الإلهي .
وطريق ذلك الفوز والنجاة الالتزام بالاُمور التالية : ـ
الأوّل : معرفة اُصول الدِّين وفروعه ، والعلم بالتكاليف : الحلال والحرام(1) .
الثاني : العمل بالواجبات وترك المحرّمات ليحصل على التقوى(2) .
الثالث : الاتّصاف بصفات المؤمنين المبشّرين في كتاب الله تعالى في سورة
المؤمنين بالفلاح(3) .
فإذا عمل الإنسان مع نفسه بهذه المفاصل كان عادلاً مع نفسه ، هادياً لها إلى
سعادته ، متحليّاً بحلية الصالحين وزينة المتّقين ، وممّن بشّره الله تعالى بالفوز
والفلاح بقوله عزّ اسمه في القرآن الكريم(4) : ـ
( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ
مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ
الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (
وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ
يُحَافِظُونَ (9) أُولَـٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
6) عدل الإنسان مع المجتمع والآخرين ..
ويكون ذلك برعاية حقوقهم ، وكفّ الأذىٰ عنهم ، وحسن الأخلاق معهم ،
__________________________________
(1) ينابيع الحكمة / ج 4 / ص 191 .
(2) بحار الأنوار / ج 69 / ص 277 / ح 12 .
(3) كنز الدقائق / ج 9 / ص 157 .
(4) سورة المؤمنون / الآيات 1 ـ 11 .
ومداراتهم ، والعطف عليهم ، وسائر الحقوق الاُخرى التي تلاحظها في رسالة
الحقوق الجامعة لسيّد الساجدين الإمام عليّ بن الحسين عليهماالسلام (1) .
7) عدل الحكّام في أحكامهم ..
وذلك برعاية الحدود التي عيّنها الله تعالى ، ورسوله ، وخلفاؤه .. ممّا قرّره
الشارع المقدّس في الحكومة والقضاء .
والنموذج المثالي منه هو ما عيّنه وطبّقه أقضى الاُمّة وأعدلهم أمير المؤمنين
عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وأمر به في عهده الشريف الجامع إلى الأشتر النخعي
رضوان الله تعالى عليه حين ولّاه مصر(2) الذي هو أرقىٰ دستور سامي ، وأوفىٰ
منشورٍ عالمي في الحكومة والقضاء ، والضامن للحياة العادلة والمدنيّة الفاضلة ،
لجميع الشعوب وكلّ الطبقات .
هذه أنواع العدل التي برعاياتها تسعد الحياة ، ويحصل الفوز بعد الممات ،
ويسود السلام ، ويشيع الرخاء في الأنام .
هذا .. والمثل الأعلى الأوفى لبسط العدل هم أهل البيت عليهمالسلام ، حيث كان ملأ
حياتهم ، وفي جميع اُمورهم على أقصى العدل ، وأوفى القسط .
ومن ذلك ما في حديث المناقب عن عدل أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه : ـ
قَدِمَ عليه عقيل فقال للحسن : ـ اكسُ عمّك ، فكساه قميصاً من قميصه ورداءً
من أرديته .
فلمّا حضر العشاء فإذا هو خبزٌ وملح ، فقال عقيل : ليس إلّا ما أرىٰ ؟
فقال : أوليسَ هذا من نعمة الله ، وله الحمد كثيراً .
فقال : أعطني ما أقضي به ديني ، وعجّل سراحي ، حتّى أرحل عنك .
__________________________________
(1) بحار الأنوار / ج 74 / 2 ـ 21 .
(2) نهج البلاغة / الكتاب رقم 53 / الطبعة المصريّة .
قال : فكم دَينُك يا أبا يزيد ؟
قال : مائة ألف درهم .
فقال : لا والله ما هي عندي ولا أملكها ، ولكن اصبر حتّى يخرج عطائي
فأواسيكه ، ولولا أنّه لابدّ للعيال من شيء لأعطيتُك كلّه .
فقال عقيل : بيت المال في يدك ، وأنت تسوّفني إلى عطاءك ؟
فقال : وما أنا وأنت فيه إلّا بمنزلة رجلٍ من المسلمين ، وكانا يتكلّمان فوق
قصر الإمارة ، مشرفين على صناديق أهل السوق ، فقال له عليّ عليهالسلام : إن أبيت يا أبا
يزيد ما أقول فانزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفاله وخُذ ما فيه .
فقال : وما في هذه الصناديق ؟
قال : فيما أموال التجّار .
قال : أتأمرني أن أكسر صناديق قوم قد توكّلوا على الله وجعلوا فيها أموالهم ؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين ، وأعطيك أموالهم ... ؟
وزاد في حديث الصواعق المحرقة أنّه ثمّ قال عقيل : لآتينّ معاوية .
فقال عليّ عليهالسلام : أنت وذاك .
فأتى عقيل معاوية فسأله فأعطاه مائة ألف ، ثمّ قال له : إصعد المنبر فاذكر ما
أولاك به عليّ وما أوليتك .
فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : ـ
أيّها الناس إنّي اُخبركم إني أردتُ عليّاً عليه علىٰ دينه فاختار دينه ، وإنّي
أردتُ معاوية علىٰ دينه فاختارني على دينه(1) .
وعدل أمير المؤمنين عليهالسلام في جميع حياته ومجالاته ممّا لا يختلف فيه إثنان .
وهو القائل : ( وَاللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ
__________________________________
(1) فضائل الخمسة من الصحاح الستّة / ج 3 / ص 22 .
مُصَفَّداً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَهَ وَرَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ ... )(1) .
وهو القائل أيضاً : ( وَاللَّهَ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا عَلَى أَنْ
أَعْصِيَ اللَهَ فِي نَمْلَةٍ اَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ ) .
هذه هي الصفة الإلهيّة ، والخُلق الربّاني العدل الذي هو من أشرف الفضائل .
وهؤلاء أهل البيت عليهمالسلام الذي هم المَثَل الأعلى لهذه المزيّة ، والصفة السنيّة .
وعلينا أن نسير في هداههم في جميع أفعالنا وأقوالنا ، وفي جميع اُمور حياتنا .
أقول : وما أبعد ما بين عدل عليّ عليهالسلام هذا وبين جشع عثمان واستئثاره بأموال
المسلمين لنفسه ولقومه يخضم مال الله خضم الإبل نبتة الربيع ، ويتصرّف فيه
كيف شاء ولمَن شاء بلا رادعٍ ولا مانع حتّى اعترض عليه الناس .
فقال في جوابهم بلا حياء ولا إباء : ـ ( هذا مال الله أعطيته من شئت وأمنعه من
شئت )(2) .
وتلاحظ صورة وافية من قطايعه وما أعطاه من بيت مال المسلمين لمن
يهواهم من قومه وأتباعه مجموعةً وأتباعه مجموعةً في كتاب الغدير الشريف(3) ، ممّا أثبته نفس
العامّة في كتبهم .
وهذه جملةً منها نذكر نصّاً في الجدول التالي ، ليُعرف ماذا حدث في ميزان
العدل بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ويُعرف شيءٌ من عدل عليّ عليهالسلام وظلم غيره : ـ
العطايا والمبالغ بدينار ذهب الشخص
500000 مروان بن الحكم ( صهره )
100000 عبد الله بن أبي سرح ( أخوه الرضاعي )
__________________________________
(1) نهج البلاغة / الخطبة 224 .
(2) أنساب الأشراف / ج 5 / ص 88 .
(3) الغدير / ج 8 / ص 286 .
200000 طلحة
2560000 عبد الرحمن بن عوف
500000 يعلى بن اُميّة
100000 زيد بن ثابت ( مدافعه )
150000 عطيّة لنفسه
200000 عطيّة اُخرى لنفسه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4310000 دينار المجموع
العطايا والمبلغ بدرهم فضّة الشخص
300000 الحكم بن أبي العاص ( عمّه )
2020000 آل الحكم
300000 الحارث بن الحكم ( ابن عمّه وصهره )
100000 سعيد بن العاص
100000 الوليد بن عُقبة ( أخوه لاُمّه )
300000 عبد الله بن خالد ( صهره )
600000 عبد الله بن خالد ( صهره )
200000 أبو سفيان
100000 مروان بن الحكم ( صهره )
2200000 طلحة