الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» المحكم في أصول الفقه [ ج2
أسرار التكرار في القرآن Emptyاليوم في 9:28 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في اصول الفقه ج3
أسرار التكرار في القرآن Emptyاليوم في 7:41 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في أصول الفقه [ ج4
أسرار التكرار في القرآن Emptyاليوم في 6:55 من طرف الشيخ شوقي البديري

» الصحيفه السجاديه كامله
أسرار التكرار في القرآن Emptyأمس في 20:49 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد [ ج ١ ]
أسرار التكرار في القرآن Emptyأمس في 14:11 من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مسائل من الاجتهاد والتقليد ومناصب الفقيه
أسرار التكرار في القرآن Emptyأمس في 13:36 من طرف الشيخ شوقي البديري

» قاعدة لا ضرر ولا ضرار
أسرار التكرار في القرآن Emptyأمس في 7:51 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول المبين
أسرار التكرار في القرآن Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:46 من طرف الشيخ شوقي البديري

» ------التقيه
أسرار التكرار في القرآن Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:37 من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     أسرار التكرار في القرآن

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:19

    تقديم الكتاب
    القرآن والكتب السماوية :
    لقد سمى الله تعالى كتابه الكريم بأسماء كلها تشير إلى عظمته وأهميته فى بناء شخصية الإنسان المسلم ، واستحكام أركان المجتمع الإسلامى المكلف بالزحف على الأرض لإعلاء راية القرآن.
    لقد سمّاه الله تعالى : نورا ، وهدى ، وشفاء لما فى الصدور ، ومهيمنا على كل الكتب والشرائع ، ووصفه بأنه حق ، ومحكم الآيات ، وألزم العالم كله بالخضوع لأحكامه ، وقرّر (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (1) ، وتحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثله ، وكان له شأن بالغ فى الدعوة الإسلامية على عهد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى فزع أساطين الفصاحة والبلاغة من كفار قريش حينما ظهرت فاعليته فى جذب عيونهم وسراتهم إلى دائرة الإسلام الحنيف ، فقالوا لأتباعهم : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (2).
    من أجل هذا وغيره مما خص به أهل القرآن من فضل أهاب الله بالمسلمين أن يتدبروه فقال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) (3)؟ وأن يجعلوه مادة عبادتهم ومناجاتهم لبارئهم فقال : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) (4) ، وقال : (وَرَتِّلِ
    __________________
    (1) سورة المائدة : 44.
    (2) سورة فصلت : 26.
    (3) سورة النساء : 82.
    (4) سورة المزمل : 20.

    الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (1) ، وقال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (2).
    وإذا حاولنا استجلاء عظمة القرآن وخلوده وشموله وعالميته ودلائل سلطانه وهيمنته على جميع الكتب والشرائع فى مختلف الأعصار والأزمان ، تبين لنا على ضوء الفهم الإنسان القاصر عدّة دلائل نجملها فيما يلى :
    أولا : كانت المعجزات التى أيّد الله بها رسله السابقين على رسالة النبى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلها مؤقتة بوقتها. وبحياة الرسل الذين جرت على أيديهم تلك المعجزات ، فلم تبق واحدة منها بعد وفاة صاحبها ، مما ينفى عنها صفة الشمول ويحدد فاعليتها بوقتها ، ومن ثم ينفى عن تلك الرسالات صفة الدوام هى الأخرى ، ويسلكها فى عداد الشرائع الممهدة لما بعدها ، والمنسوخة بالتالية لها ، لا يمارى فى هذا صاحب عقل سليم.
    ثانيا : ومن ناحية الكيف لم تكن تلك المعجزات السابقة على الإسلام الذى جاء به النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وافية بحاجات الإنسان ، ولا مثيرة لمواهبه كلها ، فقد كانت معجزة موسى من جنس السحر الذى اعتقده قومه عاملا من عوامل حمايتهم من الغوائل فى الأمور الشخصية والسياسية على السواء ، ولذلك كان سبب فزعهم : أن يخرجهم موسى من أرضهم بسحره ، ويذهب بطريقتهم المثلى التى اختاروها لإسباغ مظهر القوة والهيبة عليهم وعلى مملكتهم.
    وأبطل موسى فريتهم فى اعتقادهم السحر حارسا للحدود السياسية ، ومصدرا من مصادر القوة الشخصية. وزودهم بأسفار وشرائع كانت صالحة لعصر موسى الذى بعث فيه
    __________________
    (1) سورة المزمل : 4.
    (2) سورة الإسراء : 78.

    ومكانه وجنسه لا غيره ، وكانت العنصرية المتشددة التى عامل اليهود بها شريعة موسى ، واعتقادهم فى أنفسهم أنهم الشعب المختار ، والسور الشامخ الذى أحاطوا به أنفسهم بحيث لا يعترفون بمؤمن من غير عنصرهم دليلا على صحة هذه النظرة.
    وكانت معجزة المسيح من جنس الطب الذى يعنى بصحة الأجسام وحدها ، ولم يرثه فيها وارث من بعده ، لا من حوارييه ولا من بنى إسرائيل فى أى مكان ، بل إنها توارت مع رفع المسيح ، وبطلت فاعليتها ، واستمسك بنو إسرائيل بعالم الوهم فأسبغوا على أحبارهم ورهبانهم خصائص الله تعالى محاولين أن يتشبثوا بأذيال البقاء تحت لواء شريعة منسوخة ، ومن هنا فقدوا سمة الصيانة لوحى الله عن أهواء النفس ، وشطط العقل ، فلم تعد شريعتهم صالحة لقيادة العالم ولا لإصلاح الخلل المتمكّن فى قلوبهم.
    ثالثا : اتجه القرآن الكريم إلى بناء شخصية جديدة لإنسان حضارة الإسلام تتميز بالعمل والفدائية والقوامة على الأجيال.
    لم يكن القرآن معجزة تهيئ لأتباع محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعملوا فى الدنيا على مقتضى الخوارق دون عمل إيجابى من جانبهم كما صنع الله لنبيه موسى حين شق البحر له ولقومه ، وأغرق لهم عدوهم ـ فرعون وملأه ـ بل كان القرآن يعمل على بعث القوة المعنوية فى داخل الإنسان المسلم ، ويزود المجتمع بالتشريعات التى تجعل منه قوة لا يقهرها غالب من بنى الإنسان إن هو أحكم سلوكه على هداه. وأعلن الله تعالى أنه لو شاء لانتصر للمسلمين من عدوهم : (وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) (1). أى : أن الإسلام والقرآن جاءا ليؤكدا القيمة
    __________________
    (1) سورة محمد : 4.

    العملية للبشر الموصول بحبل الله المتين ، من حيث كان الإنسان المؤمن مسيرا بمحض الإرادة الإلهية فى الشرائع السابقة على الإسلام فى موضوع الجهاد فى سبيل الله.
    ولهذا لم يكن القرآن علاجا للجسد فحسب ، بل كان حياة للنفوس وكاشفا عن مواهب المؤمنين ، وسجلّا جامعا للشرائع النابعة من فطرة الله فى الإنسان حيثما كان وأينما وجد ، ودام القرآن بعد النبى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنفس القوة والفاعلية والصيانة من العبث ، وغزا جوانب الفكر العالمى كله ، وخضعت له الهامات الشامخة متصاغرة أمام جلاله وعظمته وسيادته الروحية والفكرية جميعا ، فكان شاملا ، وكان باقيا ، وكان حياة للروح من حيث يبلى الجسد ، لا سيما وأن وعد الله بحفظ القرآن من عبث الهوى وشطط العقل قد تحقق بطريقة منهجية عجيبة على يد أبى بكر ، إذ كوّن لجنة من كبار الحفّاظ حقّقت النص المخطوط الذى دوّنه كتّاب الوحى فى حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم للقرآن ، ثم أعيد تحقيق المخطوطات القرآنية المتداولة فى الأمصار مرة أخرى على عهد عثمان ، واتفقت الكلمة على تدوينه بلهجة قريش ، وإلغاء ما دوّن منه بلهجات أخرى ، لئلا يختلف المسلمون فى المعانى لاختلاف اللهجة فى مستقبل الزمان البعيد.
    رابعا : ومن وجهة المنزلة الخاصة للأنبياء والتى تتبع رسالاتهم ومعجزاتهم فقد كانت منزلة النبى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوق كل المنازل. فلئن كان موسى كليما فقد صعق حين تجلّى ربه للجبل ، وقرب الله رسوله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم للنجوى ليلة المعراج دون أن يصعق ، ولئن كان المسيح أحيا الأجساد فقد أحيا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالقرآن موات النفوس. وهدى حائر العقول ، ولئن سخر الله الريح لسليمان فقد اخترق محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم السبع الطباق ، ولئن

    انشق البحر لموسى فقد عبر القرآن المحيطات ، واجتاز الوعر والسهل.
    تلك عظمة القرآن ، وتلك مكانته العالمية التابعة لمكانته عند الله ، ومن ثم تكون مكانة العالمين على خدمته ، الدائبين على الكشف عن أسراره ودلائل إعجازه ، وكنوز عظمته ، فمن هذا الكشف يكون استمساك اتباع القرآن به ، ويكون إصرارهم على العمل بمقتضاه ، ويكون لهم من قوة الإيمان ما يؤهلهم للمهمة التى كلفهم الله تعالى به : أن يكونوا خير أمة أخرجت للناس ، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر على المستوى المحلى والعالمى على السواء.
    فالقرآن هو الذى بقى من الكتب السماوية منضبطا فى صورته ، واضحا فى معالمه ، غالبا كل الغلبة على محاولات التزييف فى الشكل أو المعنى رغم الجهود المضنية التى بذلت فى هذا السبيل ، أثيرا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه الذين أخذوه مأخذ الحفظ والعلم والعمل ، فأحاطوه بقلوبهم وجدانا ، وبعقولهم فهما ودرسا ، وأقاموا على صراطه أنفسهم ، ودعوا الناس جميعا إلى الله وإلى سبيل الله على بصيرة وعلم وهدى.
    ولقد أراد الله تعالى أن يبقى القرآن وثيقا كل الوثاقة فى نصوصه ، وسلوك الصحابة على صراطه ، لأنه منهاج دعوة ودستور حياة للفرد والدولة جميعا. فهو منهاج دعوة من حيث نزوله على مدى عشرين عاما من الزمان على مقتضى الظروف والأحوال التى يقتضيها بناء أمة قرآنية مجاهدة مظفرة ، ترتفع من حضيض الشرك والفوضى والإثم إلى قمة الإيمان والنظام وطهارة القلب واليد والجسد ، ولم يكن بناء هذه الأمة على هذه الصورة إلّا ثمرة للقدوة السلوكية والدعوة مجتمعين.

    وذلك أن العبادة قد فرضت على الجميع بما فيها من فعل وترك لإبقاء الإيمان فى القلوب على درجة من القوة والفاعلية ترفع طلائع الإسلام إلى الدعوة بالقول والعمل. فالعبادة فى الحقيقة وسيلة تربية وإعداد وبناء لإنسان الحضارة القرآنية ، فمن أقام عليها دون أن يدعو إلى الله وإلى سبيله فمثله كمثل من أعد أرضا للزرع ، وهيأها للإنتاج ، ثم نام على ثراها لا يفيد نفسه ولا غيره من ثمارها ، وهو انحراف عن السنن المشروع الذى علّمه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه فى صدر الدعوة ، ثم بدت نذر (التقوقع) والانزواء فى عصر التابعين وفى حياة المعمرين من الصحابة أنفسهم. ومن أمثلة ذلك ما روى الشعبى : «أن رجالا خرجوا من الكوفة ، ونزلوا قريبا يتعبدون ، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود ، فأتاهم ، ففرحوا بمجيئه إليهم ، فقال لهم : ما حملكم على ما صنعتم؟ فقالوا : أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد ، فقال عبد الله : لو أن الناس فعلوا مثل ما فعلتم ، فمن كان يقاتل العدو؟! وما أنا ببارح حتى ترجعوا».
    هذا هو فقه القرآن كما علمه ابن مسعود من تعاليم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومن تجربة مماثلة حاول القيام بها عثمان بن مظعون الصحابى هو وجماعة من أصحابه فنهاهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنار لهم طريق القرآن الحق.
    لن يكون الإنسان المسلم التابع للقرآن عاملا بأمر ربه إلّا إذا عبده ، ودعا إليه وإلى دينه وكتابه. هكذا أرسل الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (1) ، وهكذا أثنى القرآن على الدعاة (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) (2) ، بل إن الإمام الشاطبى لم يجعل من قاعدة فرض الكفاية فى
    __________________
    (1) سورة الأحزاب : 46.
    (2) سورة فصلت : 33.

    الدعوة ذريعة إلى قعود الباقين عنها إذا أقامها البعض حين قال فى موافقاته : «القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة ، فهم مطالبون بسدها على الجملة ، فبعضهم قادر عليها مباشرة ، وذلك من كان أهلا لها ، والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين ، فمن كان قادرا على الولاية فهو مطلوب بإقامتها ، ومن لا يقدر عليها مطلوب بإقامة القادر وإجباره على القيام بها ، إذ لا يتوصل إلى القيام إلّا بالإقامة ، من باب «ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب».
    وإذا كانت تجزئة القرآن فى النزول على أكثر من عشرين عاما كافية لدراسة منهج الدعوة القرآنية من خلال هذا المنهج النزولى لإنشاء أمة مؤمنة لم تكن مؤمنة من قبل ، فإن جمع القرآن فى المصحف على ترتيب آخر غير ترتيب النزول بأمر الوحى هو دستور حياة الأمة التى استجابت وآمنت بالفعل ، ومنهاج دعوة فى أوساط تلك الأمة التى قامت دعائمها بالفعل على أساس من الإسلام. ومن تأمل فى ترتيب النزول وترتيب المصحف أذهله العجب من تلك الدقة البالغة فى كلا المنهجين ، وهو الأمر الذى سوف نحاوله إن شاء الله فى الدراسة المقدمة لكتاب (أسرار ترتيب القرآن).
    ولكن هذه الإشارة العابرة ، وما سوف نكتبه إن شاء الله ، ما هو إلّا ضوء قليل على الطريق ، نرجو أن يواصله القادرون من المؤمنين ، ويتعهدوه بالدرس والبحث والنشر لخدمة القرآن الذى لم تكشف كل أسراره بعد.
    الدراسات القرآنية وأهميتها :
    لقد أجاد الباحثون فى أرجاء القرآن فيما عدا الباحثين عن إعجازه فإنهم لم يصلوا إلى مقطع الصواب فى هذا المضمار.
    لقد أجاد اللغويون بحث القرآن من وجوه العربية إجادة

    ممثلة فى تفسير أبى السعود العمادى ، وأثير الدين أبى حيان ، وجار الله الزمخشرى ، وأجاد الباحثون فى الأحكام إجادة ممثّلة فى تفسير القرطبى وشيخه ابن عطية ، والمتخصصون فى أحكام القرآن كابن العربى والجصاص والكيا الهراسى (ولا زال كتابه مخطوطا). وأجاد الباحثون فى أخبار القرآن وسننه النبوية ، وكان رائدهم فى هذا الباب ابن جرير الطبرى فى تفسيره وحيدر بن على القاشى فى المعتمد (ولا زال مخطوطا) كما أسهم علماء الفلسفة والكلام فى فهم القرآن من وجهة نظرهم فهما ممثلا فى تفسير فخر الدين الرازى ، وأدلى الصوفية بدلائهم أيضا ، فكان تفسير القشيرى وحقائق التفسير للسلمى. وروح البيان للشيخ إسماعيل حقى وإعجاز البيان للقونوى ، وتفسير النخجوانى.
    وهكذا الشأن فى جميع العلوم والفنون ما عدا إعجاز القرآن. فإن العلماء قصّروا فيه ، وإن كانوا قد بذلوا كل جهودهم للكشف عنه.
    ولقد حاول أبو السعود العمّادى ، وأثير الدين أبو حيان ، وجار الله الزمخشرى الكشف عن بعض جوانب الإعجاز فى القرآن المناسبة لمن نزل عليهم القرآن من فصحاء العرب ـ إذ هم المقصودون أولا بالإعجاز ـ فوفّقوا فى حالات معدودة ، ثم تكلموا عن عظمة الأساليب القرآنية من وجوه غير وجوه الإعجاز فى باقيها ، وإنما من وجوه البلاغة التقليدية. ومع ذلك فإننا نرى بريقا من نور الفهم لدى أبى السعود العمادى دون أن يطبقه على تفسيره كله وذلك حين يقول : «إن جميع المقالات المنقولة فى القرآن الكريم إنما تحكى بكيفيات واعتبارات لا يكاد يقدر على مراعاتها من تكلم بها حتما ،

    وإلّا لأمكن صدور الكلام المعجز عن البشر».
    فالدقة فى مراعاة تلك الكيفيات والاعتبارات بحيث لا يشذ منها اعتبار واحد ، ولا كيفية واحدة هو مقطع الحق فى مسألة الإعجاز دون مراء.
    وتلك الاعتبارات والكيفيات قد تكون ذات جوانب مختلفة : أسلوبية وهى موسيقى اللغة ووقعها المتهادى على مناط الذوق من كل نفس ، فيكون منه حبور وارتياح لا نجد له نظيرا فى أسلوب آخر لا تراعى فيه تلك الكيفيات وقد تكون نفسيّة تتصل بحركات النفس وانفعالاتها ، وقد تكون من باب التشريع والتقنين وغير ذلك من الاعتبارات ولكن المهم هو استقصاء القرآن لإثبات أنه أسلوب لم يشذ مرة واحدة عن مراعاة أدق الكيفيات والاعتبارات ، ومن هنا يخرج عن نطاق الكلام البشرى ، وذلك الكلام الذى لا يوجد منه أنموذج واحد فيه هنات من إغفال اعتبار ، أو إهمال كيفية.
    وهذا المقياس من مقاييس الإعجاز هو المقياس الذى لا تختلف فيه الطوائف. فمقياس علم البيان مما تختلف فيه الأذواق ، ومقياس التشريع مما تختلف فيه الأجناس بالطواعية والعناد ، اللهم إلّا هذا المقياس الذى أشرنا إليه والذى يستبطن مقياس الموسيقى اللغوية ، فهو ما تتفق فيه الآراء ولا تقوى أعتى الطبائع عنادا على إنكاره وعدم الاستجابة لجمال البيان فى أطوائه.
    لقد أنكر كفار مكة مميزات القرآن ، ولكن أثره فى الذوق هو الذى جعل الوليد يعلن على الملأ : «إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمونق ، وإن أسفله لمغدق ، وما هو بقول البشر».

    فهل كان إحساس الوليد هذا نابعا من عظمة التشريع أو من جودة التشبيه أو نضرة الاستعارة؟ لم يكن شىء من هذا هو مصدر إعجاب العرب ممثلا فى الوليد ، بل هو الذوق الذى لا ينتشى إلّا من مراعاة الملابسات والكيفيات والاعتبارات التى سنتحدث عنها عند الحديث عن كتاب البرهان أو أسرار التكرار فى القرآن «كما أطلقنا عليه».
    على أن هذا الباب ليس هو الباب الوحيد الذى يلوح منه إعجاز القرآن ، فهناك إعجاز الترتيب الذى يجده القارئ مفصلا إن شاء الله فى الدراسة المقدمة لكتاب «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطى ، وهناك إعجاز العقول البشرية كلها فى تاريخها الغابر واللاحق بصلاحية القرآن وحده للقيادة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى جميع البيئات ، وضلال الفكر الإنسانى المجرد فى هذا الصدد ، وهناك إعجاز القرآن من حيث هو الفطرة التى لا تتبدل ، والتى يقاس بها الفكر البشرى للتعرف على الخطأ والصواب ، إلى غير ذلك من نواحى الإعجاز التى يصعب حصرها فى هذه العجالة.
    وإذا تفجرت القوة من مظنة الضعف كان ذلك أدخل فى باب الإعجاز ، وأعلى كعبا فى باب البلاغة والتحدى ، ولا نعلم مظنة للضعف أظهر من التكرار وهو الباب الذى حاوله الكرمانى تاج القراء فى «كتابه البرهان» فأجاد بحق وأفاد.
    أقول : إن العصر بحمد الله عصر قد أقبل فيه الإيمان وأدبرت فلول إلحاد كانت قد تسللت كما تتسلل الجرذان بين الخرائب وأكداس القمامة لا يحلو لها إلّا أن تسكن العفن من العقول وتستمكن إلّا من دنس الطباع ، وقد أراد الله تعالى أن يتفجر نور الإيمان من جديد فى أرجاء أرض الإسلام ، ولكن

    شبابنا لا زالوا فى حيرة بين نداءات الإيمان الرزينة العميقة ، وبين عويل تلك الفلول المندحرة من قنافذ الإلحاد وقد لجأت إلى استثارة الرحمة واصطناع خلائق اللؤم وتوسلات الضعف.
    وكان لزاما على كل مخلص لدينه ، مكين الإيمان برسوله وبكتابه المبين : أن يسهم بقبس من نور القرآن يشعله أعقاب تلك الفتنة المدمرة التى أرادت بالمسلمين السوء ، ليكون نورها قبس إيمان فى قلوب الشباب. وبصيرة يقين فى أفئدة الشيوخ ، ونار هلاك لتلك الطفيليات التافهة ، وهو الأمر الذى اعتزمته بحول الله وقوته فى مجموعة من الدراسات القرآنية الواعية أبدأها بكتاب البرهان ، وأثنيها إن شاء الله بكتاب «تناسق الدرر» لجلال الدين السيوطى ، وبما شاء الله مما نعثر عليه بين خزائن المخطوطات.
    تاج القراء الكرمانى وكتابه «البرهان» :
    الكرمانى هذا ليس هو الكرمانى شارح صحيح البخارى ، وإنما هو تاج القراء محمود بن حمزة بن نصر أبو القاسم برهان الدين الكرمانى ، ولم يترجم له سوى ياقوت فى معجم الأدباء (19 / 125) وقال عنه : أحد العلماء الفهماء النبلاء ، صاحب التصانيف والفضل ، كان عجبا فى دقة الفهم وحسن الاستنباط ، لم يفارق وطنه ولم يرحل ، وكان فى حدود الخمسمائة ، وتوفى بعدها ، صنف لباب التفسير وعجائب التأويل (وقد أشار إليه السيوطى ناقلا عنه رأيا فى تناسق توالى الحواميم وذلك فى كتابه تناسق الدرر) ، والإعجاز فى النحو ، والنظامى فى النحو ، والإشارة والعنوان فى النحو ، وغير ذلك : ثم ساق له نموذجا من شعره فى النحو على غرار ألفية ابن مالك.

    وقد نقل هذه الترجمة بحروفها صاحب بغية الوعاة ، وأنباء الرواة ، والجزرى فى طبقات القراء والذهبى فى طبقات القراء أيضا ، والداوديّ فى طبقات المفسرين وشيخه السيوطى فى طبقات المفسرين أيضا ، ولم يزيدوا عليها شيئا ، وهو مظهر غريب بالنسبة لرجل له مؤلفات فى النحو والتفسير ، وله مشاركة فى علوم أخرى تبدو من كتابه «البرهان».
    ويبدو أن ملازمته لوطنه «كرمان» وعدم رحلته فى طلب العلم لم يدع له شهرة بين مؤلفى الطبقات حتى جهلت سنة ميلاده وسنة وفاته ، وكل ما عرف عن حياته أنه كان فى حدود الخمسمائة وتوفى بعدها (وأرخ الزركلى صاحب الأعلام تاريخ وفاته نحو 505 ه‍ الموافق 1110 م) (1) ، ولا نجد فى كتابه إشارة إلى شيخ من شيوخه يمكن استنباط عمره منها ، والظاهر أنه كان عصاميّا فى العلم ، تتلمذ على ما وصله من الكتب ، واعتمد على ذكائه الذى وصفه ياقوت بأنه كان عجبا ، فربما لقيه ياقوت وربما لم يلقه ، ولكن مؤلفاته تنم حقّا عن ذكائه.
    والمؤكد أن تاج القراء كان يعيش فى آخر القرن الخامس وأول السادس ، وإن كنا نرجح أنه عاش فى النصف الثانى من القرن السادس.
    وهو زمن كانت قد تدهورت فيه دولة بنى العباس ، فلم يبق لها إلّا صورة هزيلة احتوتها الخلافة الفاطمية بمصر والشام والمغرب ، وكان هناك فى ذلك الزمان نشاط واسع النطاق للقرامطة والمغول والباطنية وغيرهم من أرباب النحل الهدامة ، وكان استمساك هذا الرجل بتقاليد الدراسة الإسلامية الخالية من الانحراف ، والتى تهدف إلى البناء بين معاول الهدم دليلا
    __________________
    (1) من إضافات المراجع.

    على سلامة عقيدته وقوته فى دينه ، واستقامة سبيله.
    وقد نقل قليلا من مسائل كتابه عن أبى مسلم محمد بن على بن الحسين بن مهرايزد النحوى الأصبهانى الأديب الذى ألف تفسيرا فى عشرين مجلدا ، والذى نقله بدوره عن الخطيب الإسكافى وكان له تفسير فى مجلد يبحث فى نفس الموضوع ، ولكن الكرمانى لم يقف عليه إلّا من خلال أبى مسلم. وتفسير أبى مسلم مع تفسير الكرمانى الذى سماه «لباب التفسير وعجائب التأويل» (المخطوط فى شستربتى تحت رقم (4147) وطبع تحت عنوان : «العجائب والغرائب» فى عشر مجلدات) (1) كما نقل رأيا واحدا لنحوى آخر فى التفسير هو قاسم بن حبيب ، ومعلوماتنا عنه قليلة جدّا ، إذا لم يترجم له إلا فى أنباء الرواة فى سطر واحد ، ونقل رأيا أخر لعلى بن عيسى الرمانى النحوى المعروف ، وهذا كل ما ذكره عن العلماء الذين استفاد منهم فى كتابه هذا ... ورغم أن مسائله عن غيره لا تعدو بضع مسائل فقد عقب عليها برأيه الشخصى ولم يكتف بها ، ولم يقف على كتاب أبى جعفر بن الزبير فى الموضوع ، والذى توجد منه نسخة خطية بمعهد إحياء المخطوطات العربية بجامعة الدول العربية بالقاهرة.
    (وإحقاقا للحق فإن هذا الرجل محمود بن حمزة الكرمانى عالم جليل بالقراءات ، ولكنه نقل فى التفسير آراء مستنكرة ، فى معرض التحذير منها كان الأولى إهمالها ، وذلك فى كتابه «لباب التفسير» وهو الكتاب المعروف ب «العجائب والغرائب» قال السيوطى عن هذه الآراء : «لا يحل الاعتماد عليها ولا ذكرها إلّا للتحذير منها» (2) من ذلك أنه نقل قول
    __________________
    (1) حيث إن المحقق ذكر أن الكتاب مفقود ولم يجده ولكن إحقاقا للعلم أثبتنا أنه منشور (المراجع).
    (2) الإتقان فى علوم القرآن ، السيوطى 2 / 221.

    «أبى مسلم» فى «حم عسق» : إن ، الحاء حرب على ومعاوية. والميم : ولاية المروانية ، والعين : ولاية العباسية ، والسين : ولاية السفيانية ، والقاف : قدرة مهدى.
    وقال الكرمانى معقّبا على ذلك : «أردت بذلك أن يعلم أن فيمن يدّعى العلم حمقى»!
    ومن هذه الآراء المستنكرة نقله قول من قال فى «الم» : «معنى ألف : ألف الله محمدا فبعثه نبيّا ، ومعنى لام : لامه الجاحدون وأنكروه ، ومعنى ميم : الجاحدون المنكرون ، من الموم ، وهو البرسام (1)» ، وثمة ترهات أخرى فى تفسير نقل السيوطى بعضها ، ونقل طاشكبرى (2) بعضا آخر ، واستنكرا إيراده لها) (3).
    كتب للمؤلف «محمود بن حمزة الكرمانى» (4) :
    1 ـ لباب التفسير وعجائب التأويل «مخطوط» فى شستربتى برقم 4147 وهو المعروف بكتاب «العجائب والغرائب» فى عشر مجلدات.
    2 ـ خط المصاحف.
    3 ـ لباب التأويل.
    4 ـ البرهان فى توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان «وهو الكتاب الذى بين يديك الآن» بعنوان : (أسرار التكرار فى القرآن).
    __________________
    (1) البرسام : ذات الجنب ، وهو التهاب فى الغشاء المحيط بالرئة.
    (2) مفتاح السعادة ، طاشكبرى زاده 1 / 421.
    (3) هذه الفقرات من إضافات المراجع بداية من قوله : وإحقاقا للحق. وذلك لإعلام القارئ بما فى الكتاب (المراجع).
    (4) هذا العنوان وما تحته من إضافات المراجع (المراجع).

    5 ـ شرح اللّمع لابن جنى.
    6 ـ اختصار اللمع لابن جنى.
    7 ـ «الإيجاز» مختصر الإيضاح للفارسى.
    قيمة الكتاب :
    ذكر السيوطى كتاب البرهان فى كتابه الإتقان ، واستدل بما فيه على أن القرآن بترتيبه فى المصحف هو بترتيبه فى اللوح المحفوظ ، وساق بعض أدلة الكرمانى على هذا القول.
    كما أن أحد العلماء المتأخرين وهو على بن عطية الأجهورى المصرى وقع على الكتاب فاستبطنه فى كتاب «إرشاد الرحمن فى أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمتشابه وتجويد القرآن» إذ أنه اختار من كل فن من فنون كتابه كتابا نجمه على سور القرآن ، فساق فى كل سورة منه جزءا من الكتاب الذى اختاره ، ولكنه أجل كتاب التجويد للبقرى ، فساقه مجموعا فى آخر كتابه الذى لا زال مخطوطا ، وقد اقتبسه العلامة الشيخ زكريا الأنصارى وضمّ إليه مقتطفات من الأنموذج الجليل فى غرائب التنزيل للرازى وجمعها فى كتاب سماه : «فتح الرحمن». وكلها لا زالت مخطوطة ، وقد ذكره أيضا أحد علماء الحنابلة الذين عاشوا فى مصر هو مرعى بن يوسف الحنبلى ، ونقل عن كتابه هذا رأيه فى الفرق بين العلم والفقه والعالم والفقيه ، وذلك فى كتابه المخطوط «تنوير بصائر المقلدين بمناقب الأئمة المجتهدين».
    فالكتاب معروف إذن بين العلماء القدامى ، ولكنه لم يتداول فى عصرنا ولم تنهض إليه يد لإخراجه لسبب واحد فيما نرى ، هو العنوان الذى اختاره للكتاب ، إذ سماه :

    «البرهان فى توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان» فأغمض المشتغلون بالنشر عنه عيونهم إذ ظنوه فى المتشابه بمعنى : الموهم ، أو الغامض ، ولم يفطنوا إلى أنه فى المتشابه بمعنى : المتماثل ، وهو مكررات القرآن كما أوضح مؤلفه فى مقدمته.
    وقبل أن أعتزم إخراج الكتاب إلى النور راجعت كثيرا من كتب التفسير التى عنيت بالمقارنة والبحث كإرشاد العقل السليم لأبى السعود ، والكشاف للزمخشرى ، والبحر المحيط لأبى حيان ، والدر اللقيط لتلميذه ، وتفسير القرطبى ، وتفسير الخازن ، ومتشابه القرآن للقاضى عبد الجبار ، والعقد الجميل لآغا باشا وغيرها خشية أن يكون الكرمانى قد نقل مسألة من هنا ومسألة من هناك ولفق من نقوله كتابا كما يفعل الكثيرون ، فلم أجد ما يشير إلى هذا الظن من قريب أو من بعيد.
    لقد وجدت أن بعض المفسرين كأبى السعود وأبى حيان تعرضوا فى قليل من المواضع للحديث عن المكرر ، ولكنهم عالجوه بمنهج آخر غير الذى لجأ إليه الكرمانى ، وإن كان فى قليل منها تفوق على تعليلات الكرمانى ، وقد أشرت إلى هذه الآراء فى هوامش الكتاب.
    وقد تأكد لدى أن الكرمانى مستقل بكتابه ، معول على فكره واستنباطه هو ، صادق فيما قال فى مقدمته من : أن الأئمة قد اقتصروا على تصنيف المكررات ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها ، والفرق بين الآية ومثلها هو المشكل الذى لا يقوم بأعبائه إلّا من وفقه الله لأدائه.
    ولا نعلم إلى الآن كتابا مطبوعا عالج هذا الباب من الدراسة القرآنية مستقصيا ومستقلّا ، إلّا كتاب الإسكافى «درة

    التنزيل ، وغرة التأويل» وقد أطال القول فيه ، وغمض مقصده ، وأغفل كثيرا من مواضيع التكرار ، وإلّا «درة التنزيل» للرازى وهو مطبوع بمصر مختصرا غير واف بالغرض ، وإلّا متفرقات هنا وهناك فى بطون الكتب ، أو جانب واحد من جوانب التكرار الكلى كالقصص ، أما جزئيات التكرار واستقصائها فى القرآن على الوجه الذى سلكه الكرمانى فى البرهان من الإيجاز والوضوح فلا نجده ، ولذلك يعتبر هذا الكتاب هو الأول من نوعه وبابه فى المكتبة الإسلامية ، وتلك أولى دلائل أهميته.
    منهج الكتاب (1) :
    لقد حدد الكرمانى منهجه فى كتابه حين قال :
    «هذا كتاب أذكر فيه الآيات المتشابهات التى تكررت فى القرآن وألفاظها متفقة ، لكن وقع فى بعضها زيادة أو نقصان ، أو تقديم أو تأخير ، أو إبدال حرف مكان حرف ، أو غير ذلك مما يوجب اختلافا بين الآيتين أو الآيات التى تكررت من غير زيادة ولا نقصان ، وأبين ما السبب فى تكرارها ، والفائدة فى إعادتها ، وما الموجب للزيادة والنقصان ، والتقديم والتأخير والإبدال ، وما الحكمة فى تخصيص الآية بذلك دون الأخرى ، وهل كان يصلح ما فى هذه السورة مكان ما فى السورة التى تشاكلها أم لا؟ ليجرى ذلك مجرى علامات تزيل إشكالها وتمتاز بها عن إشكالها.
    فقد يرد فى القرآن كثيرا أمثال قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) ـ (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) ـ (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ـ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) ـ
    __________________
    (1) العنوان من عندنا للتوضيح (المراجع).

    (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ) ـ كذلك نطبع ـ ... إلى أمثال ذلك».
    ولقد بلغت هذه المكررات قمة الإعجاز ، بحيث يمكن اعتبارها من علامات التنبيه على الإعجاز الذى لا يدرك إلّا بعمق الفهم والفقه والتذكر فى كل سورة من سور القرآن ، حتى يدرك الإنسان المستوى الواجب من يقظة العقل والتدبر حين يقرأ القرآن ، إما لاكتشاف آفاق أخرى من آفاق إعجازه التى لا تنتهى ، وأما ما أدركه الأولون واستيعابه ، حتى تؤتى القراءة ثمارها من ذلك الكتاب المبارك المبين ، وتلك هى الأهمية الأخرى للكتاب.
    ولقد نبّه الكرمانى على بعض مسائله بأنها براهين لإعجاز القرآن ، ومنها قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) (1) فى سورة الأنعام ، وقوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) فى سورتى الروم (2) ويونس (3).
    وما ذلك إلّا لأن ما فى الأنعام وقع بين أسماء الفاعلين وهو (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) ـ (فالِقُ الْإِصْباحِ) واسم الفاعل يشبه الاسم من وجه ، فيدخله الألف واللام والتنوين والجر وغير ذلك ، ويشبه الفعل من وجه فيعمل ، ولا يثنى ولا يجمع إذا عمل ولهذا جاز العطف عليه بالفعل نحو قوله : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ) ... (وَأَقْرَضُوا) وبالاسم نحو قوله : (أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ).
    فلهذا وقع بينهما (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) بلفظ الفعل و (مُخْرِجُ الْمَيِّتِ) لفظ الاسم عملا بالشبهين ، وأخّر لفظ الاسم لأن الواقع بعده اسمان والمتقدم اسم واحد بخلاف
    __________________
    (1) سورة الأنعام : 95.
    (2) سورة الروم : 19.
    (3) سورة يونس : 31.

    ما فى سورتى الروم ويونس ، لأن ما قبله وما بعده أفعال ، فتأمل فيه فإنه من معجزات القرآن.
    وبمثل هذا الوعى العميق سار الكرمانى فى كتابه ممّا يجعله أوفى كتاب بحث إعجاز الأسلوب القرآنى ، إذ درج المؤلفون على تلمسه فى كلمة أو تعبير مفرد مقطوع عما قبله وما بعده ، أما استيعاب الأسلوب والنظر إلى القرآن فى وحدة متكاملة فهو الجديد فى هذا الكتاب ، وما ذلك إلّا لأن هذه الملاحظة تعطينا الفهم الحقيقى لحكمة منزل القرآن سبحانه وتعالى فى رعاية كل الاعتبارات والهيئات مما لا يتسنى لبشر على الإطلاق.
    منهج التحقيق :
    يوجد من الكتاب أربع نسخ خطية أرقامها 156 ، 149 ، 117 مجاميع ، 121 علوم قرآن بالمكتبة الأزهرية منها نسختان أختان لأن رقم 149 منسوخة من رقم 117 نظرا لما أصاب الثانية من الأرضة ، والثانية رقم 156 حديثة الكتابة مشوهة الخط يبدو أن ناسخها لم يكن له دراية بالعلم فحرّف جلّها ، وأفسد معانيها ، ولذلك اعتمدنا على النسختين رقم 149 ، 121 وقمنا بالعمل على الوجه التالى :
    1 ـ نسخ النسخة الأم 149 والاستعانة بالثانية وإثبات الفروق.
    2 ـ أحيانا كانت تجمع النسختان على خطأ فكنا نحاول إصلاحه من السياق وقد نبّهت على ذلك فى الهامش.
    3 ـ مراجعة جميع الآيات القرآنية الواردة فى الأصول ، إذ أن فيها تحريفا واضحا ، فصحّحناها وأثبتنا أرقامها.
    4 ـ إرجاع المسائل إلى أصولها من الكتب المعتمدة

    والتأكد منها لا سيما القراءات والأخبار ما وجدت إلى ذلك السبيل.
    5 ـ تخريج الأخبار والأحاديث والتعريف بالأعلام الواردة فى الكتاب.
    6 ـ أضفت كلمات أحيانا إما فى آيات القرآن متى ذكرها المؤلف مبتورة ، وإما فى صلب كلامه لتوضيح المعنى وجعلتها بين علامتين هكذا [ ].
    7 ـ قمت بترقيم الآيات التى تعرض لها المؤلف بالبحث حتى يسهل الرجوع إليها.
    8 ـ قمت بعمل الفهارس التى تسهل البحث فى الكتاب فهرسا للآيات القرآنية ، وفهرسا للأعلام ، والفرق ، والأحاديث ، وأقوال الصحابة ، والأمثال ، والأشعار (1).
    9 ـ ما سقط من إحدى النسخ نبهت عليه بوضعه بين () ولم أثبت من الفروق ما كان قليل القيمة كالنقط وغيرها ، فأصبحت النسخ الأصلية مستندات من التراث كما هى ، ولكنى أثبت الصحيح فى الصلب وأنزلت غيره إلى الهوامش.
    والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه وأن ينفع به المسلمين ، وأن يكون بداية لحلقة من دراسات القرآن ينسخ على نهجها أهل الغيرة على كتاب الله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وتابعيه ... إنه سميع قريب.
    القاهرة عبد القادر أحمد عطا
    * * *
    __________________
    (1) هذه الفهارس من إضافات المراجع (أحمد عبد التواب).

    دراسة
    فى إعجاز القرآن


    ما هو الإعجاز وما مقاصده؟
    القرآن بيان ومعجزة :
    المعجزة : أمر خارق للعادة. مقرون بالتحدى ، سالم عن المعارضة .. فخرق العادة يعنى جريانه على غير ما ألف الناس .. والاقتران بالتحدى يقصرها على الرسل المبلغين عن الله ، إذ هو وحده الذى يملك قطع حجة الجاحدين والسلامة من المعارضة تعزل الشعوذة التى تبدو فى ظاهرها خرقا للعادة.
    وقد اقتضت سنة الله فى خلقه أن يؤيد رسله بالآيات التى هى المعجزات بالمعنى الاصطلاحى فى مواجهة تحديات الجاحدين الذين ينكرون رسالات الله عنادا واستكبارا ، تحت سلطان الترف وتسفل الإدراك من جهة ، ومن جهة أخرى لإمداد المؤمنين على مدى الزمن بطاقات من قوة اليقين ، ونور البصيرة ، وثبات القلوب فى مواجهة التحديات المادية الهائلة التى يهاجم بها المعاندون المؤمنين فى ميدان الفكر وفى ميدان الحرب على السواء.
    وذلك أننا استقصينا التاريخ الدينى كله فما وجدنا الجاحدين إلّا المترفين المستكبرين الذين لصقوا بالتراب : وأعماهم الهوى عن الخضوع للحجة والبيان. ولا يستبعد أن يكون قد وقر فى قلوب هؤلاء الجاحدين المعاندين وميض من الاقتناع بصحة ما جاء به الرسل ، ولكنهم فى سبيل الشهوات التى أحاطت بهم من كل جهاتهم ، وغلّفت كل مشاعرهم فأطاحت بإنسانيتهم ، جهروا بالنكران ، واصطنعوا له الحجة الساقطة ، تماما كما هو حادث الآن فى أوساط الشيوعية اليهودية التى تهدد العالم بالدمار فى سبيل إقامة المادية الإلحادية : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ

    إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (1) ، والملأ الذين استكبروا والذين أترفوا ، هم أئمة العناد ، ودعاة الجحود والكفر فى كل ملة إلهية كما بيّن ذلك القرآن الكريم.
    لم يكن البيان والوضوح فى تبليغ الدعوة إذن كافيا لقطع الحجة الكافرة ، وإقناع أنواع المدعوين إلى الشرائع على اختلاف أفهامهم ومداركهم وميولهم وشواكلهم ، بل إن البيان الواضح كاف لإقناع من رق حجاب الشهوة عن قلبه وبصيرته ، واستعلى عقله على هدى نفسه دون سواه من غلاظ القلوب والرقاب .. أما هؤلاء الغلاظ فلم يستجيبوا للبيان ، ولم يتخاذلوا أمام الوعيد بالهلاك فى الدنيا ولا فى الآخرة ، ولم تلن قلوبهم أمام دلائل الصدق الواضحة فى شخصيات رسل الله ، فراحوا يطالبون رسلهم بآيات ودلائل تدل على أنهم صادقون فى البلاغ عن إله غير منظور ولا مدرك بالحواس ، ولن تكون المطالبة بتلك الدلائل إلّا نوعا من التحدى الموجه للرسل أن يثبتوا للكفرة أن هناك شيئا وراء الحواس ، أو قانونا علميّا يعمل فى الكون غير القوانين التى ألفوها من خلال السبب والنتيجة فى عالم المحسوس المادى الذى يمارسونه فى حياتهم.
    وكانت ناقة صالح ، وعصا موسى وبقية آياته التسع ، وإحياء الموتى على يد عيسى ـ عليهم الصلاة والسلام ـ آيات مؤيدات لبيان اللسان وحجة العقل ، وتحديا لأهل العناد بأن قوة عظمى تحكم الكون غير قوة المادة ، وبأن قانون السبب والنتيجة المحسوس والمألوف ليس إلّا أدنى مراتب السبب والنتيجة ظهورا للإنسان فى عالمه المادى الذى أمر أن يمارسه على هدى من الإيمان المطلق ، حتى يستقيم العمران ، وتتحقق خلافة الإنسان لربه الأعلى.
    ولما لم تجد تلك الآيات والدلائل الواضحة على سلطان الله تعالى
    __________________
    (1) سورة سبأ : 34.

    وملكه المطلق للكون فى هداية هؤلاء المعاندين كانت مرحلة أخرى من مراحل الدعوة هى الوعيد بالخراب والدمار وتدمير الحضارة القائمة حينما أضربوا صفحا عن الوعيد بالهلاك فى الآخرة .. وقد حدث ذلك بالفعل فى تاريخ الديانات ، فكانت وسائل العمران هى بعينها وسائل الدمار والخراب .. فالماء الذى جعله الله سببا للحياة والنماء كان طوفانا أغرق قوم نوح ، والرياح اللواقح المنظمة لوسيلة الرخاء من السحاب والمطر كانت عقيما ، ما تذر من شىء أتت عليه فى قوم هود (عاد) إلّا جعلته رميما ، وتركتهم (صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) (1). وكان ميزان الجاذبية ، والوزن الحق لانسياب الكهربية اللذان قدرهما الله تقديرا يحفظ على الناس منافعهم ، هما سبب الدمار ممثلا فى الصيحة ، والرجفة ، والخسف إلى غير ذلك مما لا تنكره وقائع التاريخ ، وما هو مسطور فى الكتاب المبين.
    ولم يسفر ضياء الرسالة المحمدية الخاتمة إلّا والتراث الدينى مسطور فى الكتاب الكريم بأفصح بيان وأوضحه ، بحيث لا يعجز عن إدراكه أقل الناس فهما ووعيا ، داعيا إلى أن : الكون غيب وشهادة ، الله حاكم على الغيب والشهادة ، قادر على تدمير كل مشهود ومحسوس كما هو قادر على بركته ونمائه وازدهاره إذا كان هناك قبس من النور فى قلوب الناس يرقى بهم على التدبر والتأمل إلى الإيمان بكل مغيب عن المدارك من حقائق الوجود ، وبالله حاكما رحيما بالمؤمنين ، قاهرا للجاحدين .. وكانت كلمة قد سبقت من الله تعالى بألّا يكون خسف ولا رجف ولا مسخ ، حتى تتحقق عالمية الرسالة على مدى الزمان على نور هذا البيان القرآنى الذى لم يفتر عن لفت الأنظار إلى التواريخ السابقة ، وإلى الأمم ذات القوى الهائلة ، وكيف انتهى بها العناد إلى الدمار والهلاك هنا فى الدنيا قبل الآخرة.
    __________________
    (1) سورة الحاقة : 7.

    «لا إله إلّا الله» ، هذه الكلمة هى خلاصة رسالات الله ، محمد وجميع الرسل عباد الله. هذا هو الحجم الأصيل للمبلغين عن الله فى كل ملة ، فلا كهنوت ، ولا احتكار للدين باسم الوساطة ، ولا سحر ولا شعوذة فى الدين وهى الأصول التى تدور حولها حقائق القرآن ، لتثبيتها فى القلوب ، ولإمدادها بطاقة من القوة واليقين عن طريق التشريع بالأمر والنهى.
    فما ذا كان موقف العرب وهم أئمة الفصاحة والبلاغة من هذه الحقائق الواضحة باللسان البليغ المبين؟
    كان هذا البيان هدى لمن رقت حجب الغفلة عن قلوبهم فآمنوا ، وكفر الكثيرون وعاندوا وهم أرباب القلوب الغليظة المعتمة ، وبدأت سلسلة من التحديات وطلبوا آية ربانية ، أى معجزة بالمعنى الاصطلاحى تدل على صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى دعواه. وأعلن الله تعالى أن آية محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعجزته لأهل العناد ما هى إلّا الكتاب المبين حيث يقول : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) (1). أى : أنه قائم مقام المعجزات المادية التى أيد الله بها رسله السابقين. وكان هذا البيان القرآنى حينما طلبوا تلك الآيات صراحة كما فى هذه الآية وحين قالوا : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (2).
    القرآن إذن آية الله لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمعنى اللغوى والاصطلاحى لكلمة (آية) فهو البيان الواضح الجلى يدركه كل المخاطبين ، وهو فى الوقت نفسه معجزة بيانية عظمى يمنح المعتدين مزيدا من النور ، ويتحدى المعاندين أن يعارضوه بمثله ، كما تحدى موسى سحر قومه بعصاه وعيسى طب عصره بإحياء الموتى ، وآمن الكثير حينما تأملوا وتدبروا وعاينوا المعجزة بالقلوب .. فالإعجاز على أى حال هو وسيلة إيمان ، ووسيلة
    __________________
    (1) سورة العنكبوت : 50 ـ 51.
    (2) سورة الأنبياء : 5.

    ضلال (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) (1).
    من هنا كان وجه من وجوه عظمة القرآن ، هو : أن يجمع بين البيان والإعجاز ، فلا تكون الآية الدالة على صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم منفصلة عن البيان كما كان ذلك فى رسالة موسى وعيسى ، إذ كانت آيات موسى التسع ، وإحياء المسيح للموتى شيئا منفصلا تماما عن صلب التوراة والإنجيل .. أما القرآن فلمّا كان مصدقا للتوراة والإنجيل ومهيمنا عليهما ، وجامعا لحقائقهما ، فقد اجتمع فى صلبه البلاغ المبين ، والإعجاز القائم مدى الدهر ، وما ذاك إلّا لأنه كتاب لم ينزل لهداية العرب خاصة ، وإنما نزل لهداية البشرية كلها فى عصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبعد عصره وإلى أن تقوم الساعة ، فلو انفصلت آية صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن نفس القرآن كما حدث فى الرسالات السابقة ، فمن الذى كان يأتى الناس بهذه الآية التى هى المعجزة بمعناها الاصطلاحى الآن؟
    يعنى : أنه إذا ارتاب قوم فى صدق النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى عصرنا الحاضر ، فمن أين نأتى بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليطالبوه بمعجزة مادية تدل على صدقه؟ ولهذا كان القرآن نفسه بيانا ومعجزة فى آن واحد ، ولم تكن مادة إعجازه شيئا واحدا بحيث لا تلائم إلّا عصرا واحدا أو مجموعة من الأجيال بعينها ، بل كانت مواد إعجازه كامنة فى أطوائه ، وكلما تقدم المنكرون الجاحدون فى العلم المادى انكشف من وجوه إعجازه وجه يقمع ضلالات الكفر ، ويهدى إليه الآلاف المؤلفة فى كل عصر ، وهو ما نشهده الآن وقبل الآن ، وما ستشهده الأجيال بعد الآن بإذن الله.
    وقد أشار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى هذا المعنى فى حديث أخرجه البخارى عنه قال : «ما من الأنبياء نبى إلّا أعطى ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله إلىّ ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا». قالوا فى معناه : إن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم ، فلم
    __________________
    (1) سورة البقرة : 26.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:22

    يشاهدها إلّا من حضرها ، ومعجزة القرآن باقية إلى يوم القيامة ، وخرقه للعادة فى أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات ثابت ، فلا يمر عصر من الأعصار إلّا ويظهر فيه شىء مما أخبر أنه سيكون ، ليدل على صحة دعواه ، والمعجزات كانت حسية تشاهد بالأبصار ، ومعجزة القرآن تشاهد بالبصيرة ، فيكون من يتبعه فيها أكثر ، فما يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهديه ، وما يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرّا.
    ومن هنا كان استبطان القرآن للبيان والإعجاز معا فى وقت واحد دليلا على صدقه وعالمية رسالته ، وذلك لأن الجاحد العريق فى الجحود لا يمكن أن يؤمن إلّا إذا صدمته خارقة تهدم مذهبه المادى المتأصل فى أعماقه وتهدده فى الوقت نفسه بخارقة مثلها تأتى على ما بناه من أمجاد مادية فى لمح البصر ، وتلك هى سنة الله الماضية التى سجلها القرآن فى تواريخ الرسل ، ولفت إليها أنظار الناس فى كل زمان فقال تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) (1).
    ولقد كان القرآن وما يزال وافيا بحاجات البشر فى الإقناع والتحدى كلما فرح جيل بما عنده من العلم ، وما زال العلم يكشف من أسراره كل يوم عن جديد يكشف عن أخطاء العلم فى أحدث نظرياته ، فإنكار إعجازه ـ على هذا ـ يعتبر تآمرا على دعوة الإسلام ، وعملا لئيما على انحسار امتدادها ، وتجريدا له من سلاحه الهادف الذى زوّده الله تعالى به لا سيما بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بل وإنكارا لما هو واقع ملموس يشهد له العدو والصديق معا ، بل إن إسلام العلماء فى العصر الحديث ما كان إلّا على ضوء لون من هذا التحدى فى مختلف فروع المعرفة.
    هل كان يمكن أن يؤمن العرب دون أن يذعنوا لإعجاز القرآن إلى جانب إذعانهم لوضوح البيان؟
    __________________
    (1) سورة غافر : 82 ، ومحمد : 10.

    أقول : إن أئمة الكفر أنفسهم شعروا بسلطانه على القلوب ـ وهو القدر المتاح لهم لإدراك إعجازه البيانى ـ فقالوا لأتباعهم : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (1). وذلك خوفا من سريان الروح التى شعر بها الوليد بن المغيرة حين قال : «إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وإنه ليحطم ما تحته». وهو نفس الإعجاز الذى أدرك منه عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ وجها يناسبه حينما سمع القرآن فى بيت أخته فتهاوى صرح الشرك من قلبه ، وشمخ صرح الإيمان فى كيانه ، إلى آخر ما هو معلوم لنا فى تاريخ دعوة الإسلام.
    لقد صحح القرآن كثيرا من النظريات العلمية التى كانت سائدة فى عصر التنزيل ، وسجّل فى مكان تلك النظريات حقائق ثابتة لا تقبل التبديل ولا التغيير ، فكان ذلك إلى جانب استعمال القرآن للحقائق الكونية فى الدعوة إلى الخالق الحكيم المبدع تحديا للعقل البشرى بإحقاق الحق مكان الباطل على يد رسول أمى ما كان يتلو كتابا ولا يخطّه بيمينه.
    وصدق الله تعالى الذى تحدّى العالم كله فى كل العصور فى معرض الدلالة على وحدانيته وتفرده بالسلطان ، وذلك حينما قرر قيام دولة الإسلام على الأرض ، وعجز كل القوى العالمية عن أن تقضى على مجدها فقال : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (2) ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ) (3). ومؤامرات العالم على الإسلام وصموده شامخا أمام المؤامرات ، بل واتساع سلطانه على القلوب أعظم دليل على اتساع مدى الإعجاز القرآنى إلى جانب إقناع البيان ، وتجاوز
    __________________
    (1) سورة فصلت : 26.
    (2) سورة النور : 55.
    (3) سورة الأنفال : 36.

    هذا الإعجاز نطاق البلاغة والفصاحة ، وتصحيح النظريات العلمية ، والتنبؤ بالمستقبل ، إلى نطاق السياسة والاجتماع والعلوم التجريبية كلها.
    ولو لم يكن القرآن معجزا لأهل عصره لكان قصاراه : أن يكون أسلوبا ممتازا يلقى فصحاء العرب إلى من جاء به بزمام التفوق والسلطان ، شأنه فى ذلك شأن المعلقات السبع وأمثالها ، أما والرسول العظيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأبى أن تكون الشمس فى يمينه والقمر فى يساره إلّا أن يظهر دين الله ، فالأمر إذن فوق جودة الأسلوب ، وفوق كل الاعتبارات ، ذلك هو : إذعان العرب عاجزين ، أو انقيادهم مختارين إلى تلك العظمة القرآنية التى تفوق مقاييس العظمة الأسلوبية المتعارفة آنذاك.
    لقد اشتبه الأمر على العرب ، فلم تكن فى الرسالات السابقة معجزات باطنة فى الكتب التى أنزلت على الرسل ، أى : لم تكن هناك معجزات من جنس الكلام ، بل كانت معجزات مادية منفصلة تماما عن الكتب السماوية ، وهذا الواقع هو الذى دفع العرب إلى أن يقولوا : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) (1) وإلى أن يطلبوا منه أن يجعل لهم الصّفا ذهبا ، ... وإلى أن يقولوا عن القرآن : (هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) (2) حينما لم يهتدوا بعيدا عن معجزات المادة.
    وليس فى تحدى الله لعباده انتقاصا من هيبة الله تعالى ، بل إن الإنسان الذى أحل نفسه مكان الله فى الأرض كان وما يزال بعيدا عن الإذعان إلّا على وجه التحدى البيانى ، ثم التحدى بالقوارع المدمرة ، على أن آيات القرآن مليئة بتحدى المخاطبين. ألم يقل الله تعالى لليهود : (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً) (3)؟ ألم يقل لهم : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (4) ... (قُلْ
    __________________
    (1) سورة ص : 7.
    (2) سورة الأحقاف : 11.
    (3) سورة الجمعة : 6 ـ 7.
    (4) سورة آل عمران : 93.

    صَدَقَ اللهُ) (1)؟ وقال : (هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (2).
    أليس هذا هو التحدى بعينه؟ أليس هذا التحدى إبرازا لعظمة الله ، وتقريرالسلطانه وجبروته فوق كل جبروت؟
    بداية القول بعدم إعجاز القرآن :
    ولكنها فرية قديمة ، ونحلة متهالكة كانت فى الماضى ، وقد بدأت تطل برأسها على أيدى المدربين على دس الإلحاد فى ثنايا الإيمان فى الحاضر من المستشرقين وأذنابهم أدعياء الإسلام.
    تلك الفرية هى القول بعدم إعجاز القرآن ، أو بأن مقاصده لا تشمل التحدى.
    وأول من قال بعدم إعجاز القرآن فى نظمه (إبراهيم بن إسحاق النظام) المعتزلى الذى هلك فى القرن الثالث الهجرى ، قال عنه أبو منصور البغدادى فى كتابه (الفرق بين الفرق ص 79 ، 80) : «عاشر فى شبابه قوما من الثنوية والسمنية ، وخالط بعد كبره قوما من ملحدة الفلاسفة ، ثم دون مذاهب الثنوية ، وبدع الفلاسفة ، وشبه الملاحدة فى دين الإسلام ، وأعجب بقول البراهمة بإبطال النبوات ، ولم يجسر على إظهار هذا القول خوفا من السيف ، فأنكر إعجاز القرآن فى نظمه ، وأنكر معجزات نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ليتوصل بإنكار معجزات نبينا إلى إنكار نبوته».
    أرأيت يا أخى إلى أين يسير بنا القائلون بعدم إعجاز القرآن فى عصرنا الحاضر؟
    أرأيت من هم شيوخهم فى هذه النحلة الكافرة الخبيثة؟
    أرايت كيف يكون غش المحدثين باسم الفكر العصرى وهم يرددون نحلا بال عليها الزمان؟
    ولم يكتف إبراهيم النظام القائل بعدم إعجاز القرآن توصلا إلى
    __________________
    (1) سورة آل عمران 95.
    (2) سورة البقرة : 111.

    إبطال نبوة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما نقله إلينا من ضلالات الثنوية والبراهمة وغيرهم ، بل أنه احتاط لأمره احتياطا شيطانيّا ، وذلك أنه كما يقول البغدادى : «استثقل أحكام الشريعة ، ولم يجسر على إظهار رفعها ، فأنكر حجة الإجماع ، وحجة القياس فى الفروع الشرعية ، ولما علم إجماع الصحابة على الاجتهاد فى الفروع الشرعية ذكرهم بما يقرؤه غدا فى صحيفة مخازيه ، وطعن فى فتاوى أعلام الصحابة ، وجميع فرق الأمة». ثم ساق البغدادى من فضائحه وكفرياته الشنيعة إحدى وعشرين فضيحة من أرادها فلينظرها فى كتاب (الفرق بين الفرق ص 80 ـ 91).
    ومن العجيب أننا نجد امتدادا لتلك النحلة فى عصرنا الحديث : دعوات هزيلة إلى إعادة النظر فى اجتهادات السابقين من الأعلام ، ودعوة إلى إحلال الرأى مكانها بينما القاعدة تقول : لا يجوز خرق الإجماع إلّا بإجماع مثله. إن صحت هذه القاعدة ، فأين أهل الإجماع فى عصرنا حتى يخرقوا بإجماعهم إجماع الصحابة والتابعين؟!
    ويكفى أن يعلم القارئ : أن إبراهيم النظام هذا وهو معتزلى المذهب قضى المعتزلة بكفره ، ومنهم خاله أبو الهذيل العلاف ، والجبائى ، والإسكافى ، ... وكثير غيرهم. وكفّره أهل السنة وألفوا فى تكفيره كتبا ومنهم : الأشعرى ، والقلانسى ، والباقلانى وغيرهم كثيرون.
    ولقد عاد هذا الخبيث (النظام) فصادم إجماع المسلمين على إعجاز القرآن بقوله : إن هذا الإعجاز كان بالصرفة ، أى أن الله صرف العرب عن معارضته ، وسلب عقولهم وقدراتهم على ذلك ، وكانت معارضة القرآن مقدورة لهم ، لكن عاقهم عنها أمر خارجى ، فصار القرآن معجزة لذلك.
    وأقول : إن هذا القول معناه : الارتداد إلى الفكر اليهودى السائد فى سفر التكوين ، والذى يصف الله ـ سبحانه ـ بالتردد والغيظ من عبيده ، إذ أنه كما يتصورون قد ندم على خلق آدم لما وجد أنه سوف يسبب له المتاعب ، واغتاظ حينما سادت الأخوة الإنسانية ، فبلبل ألسنة

    الناس ليحل العداء محل الحب بسبب عدم فهم بعضهم لغة بعض. ويتصل قول النظام هذا بالفكر اليهودى فى صورة أوضح حينما نقارنه بما جاء فى سفر التكوين من أن صراعا مريرا كان يدور بين الله وخلقه ، حتى لقد تغلب يعقوب ـ عليه‌السلام ـ فخلع حق فخذه.
    وخلاصة الفكر اليهودى : أن الله كما تصوروه : قابل للهزيمة ، بارع فى التآمر ضد عباده ، متردد فى أفكاره ، يقرر الشيء ثم يرجع عنه ، ويعالج هذا التردد بالكيد لعباده ، وهو نفس القول الذى ردده المختار الثقفى باسم (نظرية البداء) إذ كان الله يعده بالنصر ، ثم يبدو له أن يغير موقفه فيصيبه بالهزيمة.
    أليس القول بأن العرب كان فى مقدورهم معارضة القرآن ولكن الله صرفهم عن ذلك ، وثيق النسب بهذا الفكر اليهودى المشبوه؟؟ وأ ليس التحدى ثم الصرف على هذه الصورة التى رسمها إبراهيم النظام عبارة عن ضرب من ضروب الخداع والهروب من الحقيقة جل الله تعالى عن مثله؟؟ أليس هذا القول يساوى نسبة خطأ التقدير إلى الله ، ثم التخلص من هذا الخطأ بلعبة تشبه ألعاب السياسة المعاصرة؟؟ وإلّا فكيف يتحدى الله العرب صراحة أن يأتوا بمثل القرآن ، أو بآية واحدة من مثله ، وهم مصروفون بطبيعتهم ، أو بصرفهم ـ سبحانه ـ عن الاستجابة للتحدى بوسيلة ما من وسائل الصرف؟ وهل يكون هذا العمل إلّا عبثا تجل عنه حكمة التدبير الماثلة أمام العالم والمعجزة له ، والهادية إلى مزيد من الإيمان فى الوقت نفسه؟؟
    يقول الإمام السيوطى ردّا على هذا القول الذى قال به النظام ومن جرى مجراه : «إن هذا القول فاسد بدليل قوله تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ...) (1) الآية. فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم ، ولو سلبوا القدرة لم يبق لهم فائدة لاجتماعهم ، لمنزلته منزلة اجتماع الموتى ، وليس عجز الموتى مما يحتفل به. هذا مع أن
    __________________
    (1) سورة الإسراء : 88.

    الإجماع قد انعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن. ويلزم من القول بالصرفة زوال الإعجاز بزوال زمان التحدى ، وخلو القرآن من الإعجاز ، وفى ذلك خرق لإجماع الأمة على استمرار معجزة القرآن للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد عصره».
    وقال القاضى أبو بكر الباقلانى : «ومما يبطل القول بالصرفة : أنه لو كانت المعارضة ممكنة ، وإنما منع منها الصرفة ، لم يكن الكلام معجزا ، وإنما يكون بالمنع معجزا فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره فى نفسه ، وليس هذا بأعجب من قول بعضهم : أن الكل قادرون على الإتيان بمثله ، وإنما تأخروا عنه لعدم العلم بوجوه ترتيب أو تعلموه لو صلوا إليه به ، ولا بأعجب من قول آخرين : إن العجز وقع منهم ، وأما من بعدهم ففي قدرته الإتيان بمثله».
    أما الجاحظ فقد فضح أستاذه إبراهيم النظام فقال : «بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم أكثرا ما كانت العرب شاعرا وخطيبا ، وأحكم ما كانت لغة ، وأشد ما كانت عدة .. وهو فى ذلك يحتج عليهم بالقرآن ، ويدعوهم صباحا ومساء إلى أن يعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحدة ، أو بآيات يسيرة ، فكلما ازداد تحديا لهم بهم ، وتقريعا لعجزهم عنها ، تكشف من نقصهم ما كان مستورا ، وظهر منه ما كان خفيّا ، فحين لم يجدوا حيلة ولا حجة قالوا : أنت تعرف من أخبار الأمم ما لا نعرف. قال : فهاتوها مفتريات. فلم يرم ذلك خطيب ، ولا طمع فيه شاعر .. فدل ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم ، وكثرة شعرائهم ، وكثرة من هجاه منهم ، وعارض شعراء أصحابه ، وخطباء أمته ، لأن سورة واحدة ، أو آيات يسيرة ، كانت أنقض لقوله ، وأفسد لأمره ، وأبلغ فى تكذيبه ، وأسرع فى تفريق أتباعه من بذل النفوس ، والخروج من الأوطان ، وإنفاق الأموال ، وهذا من جليل التدبير الذى لا يخفى على من هو دون قريش والعرب فى الرأى والعقل بطبقات ...».

    ومع احتفاظنا بأن القرآن كلام الله غير مخلوق نقول : إن كان صرف الله عباده عن معارضته أمرا مقرّرا فى الإسلام ، فلما ذا لم يصرف الله العلماء عن معارضة خلقه فى العصر الحاضر؟ ألا ترى أن العلماء فى معاملهم راحوا يتحدثون عن الإنسان الآلى ، وعن بناء الأجنة فى غير أرحام الأمهات ، وعن الأمطار الصناعية ، ولم يصب الله تعالى عالما من هؤلاء بالجنون ، ولا بالمغص الكلوى كلما توجه إلى معمله ليصنع خلقا كخلق الله ، بل كانت لهم حرية العمل ، وحرية الاعتراف بالعجز ، وكان من هذا العجز هدى للكثيرين من العلماء فى تلك الدول ، إما إلى الإسلام مباشرة ، أو إلى الإقرار بوجود الله المبدع الذى يعجز العالم كله أمام حكمته وإبداعه.
    فمحاولة التشكيك فى إعجاز القرآن بحجة القول بالصرفة ، أو بحجة أنه آية للبيان وليست للإعجاز تخبط دعا إليه الحقد على الإسلام وعلى القرآن ، أو التعصب العنصرى للجنس العربى تعصبا مصادما لعالمية القرآن وعدم اختصاصه بجنس دون جنس .. ولقد فند الإمام المحقق الشيخ محمد زاهد الكوثرى رحمه‌الله هذا الزعم فى كتابه (العقيدة النظامية) ، ولكن ضلالات المستشرقين ، من أمثال جولدزيهر ، ورودل ، ومرجيلوث ، وجب ، وضلالات أذنابهم وعلى رأسهم طه حسين فى كتابه عن (الشعر الجاهلى) من أنصار المذهب الديكارتى ما زالت تحتاج إلى جهود مضادة تنير قلوب الشباب المسلم بالحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
    * * *

    وجوه إعجاز القرآن
    انتهينا إلى أن حكمة الله تعالى اقتضت أن تكون معجزة الرسالة الخاتمة ، أو الآية الدالة على صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى التبليغ عن ربه هى القرآن الذى جمع بين البيان الواضح ، والإعجاز القاطع لحجة العناد والجحود ، وذلك ليتهيأ استمرار التبليغ بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستمرار وسائل الإقناع على مر الزمن.
    وعلى هذا لم يكن دليل إعجاز القرآن قاصرا على الإعجاز البيانى كما كان فى عصر النزول ، بل كان جامعا لعدد هائل من دلائل الإعجاز بحيث يواجه كل العصور ، وجميع نواحى النشاط الإنسانى فى تفوق معجز ، يجذب إلى دعوته المزيد من الأجيال.
    جهود العلماء الأقدمين
    بذل الأقدمون جهودا مشكورة فى محاولة الكشف عن وجوه إعجاز القرآن ، وألفوا فى ذلك كتبا ، ومنهم : أبو سليمان الخطابى ، وعلى بن عيسى الرمانى ، وفخر الدين الرازى ، وابن سراقة ، وأبو بكر الباقلانى ، والكمال بن الهمام ، وابن الزملكاني ، والسيوطى ، وعبد القاهر الجرجانى ، وغيرهم .. وقد تكلم الكثيرون عن هذا الموضوع فى التفاسير والكتب ذات الموضوعات الأخرى ، ومنهم : ابن عطية ، والمراكشى ، والأصبهانى ، والسكاكى ، والسهيلى ، والقاضى عياض ، والزركشى وغيرهم.
    أما فى العصر الحديث فقد كتب الأستاذ مصطفى صادق الرافعى كتابا فى إعجاز القرآن ، وتحدث كثيرون عن الإعجاز فى كتب ليست فى موضوعه ، ومنهم إمام العصر ، ونزيل مصر ، الشيخ محمد زاهد الكوثرى وكيل المشيخة الإسلامية العثمانية ، والأستاذ عباس

    محمود العقاد ، والأستاذ محمد الغمراوى ، رحمهم‌الله جميعا.
    والذى يسترعى الانتباه أن العلماء على ما لهم من الاقتدار وسعة المعرفة وقفوا هم الآخرون مبهورين أمام إعجاز القرآن ، فراحوا يرددون وجوها عامة وغير محدودة أحيانا ، كقولهم : إن الإعجاز فى جودة الرصف ، وحسن النظم ، وما أشبه ذلك من الصفات العامة التى لا تكشف عن وجه الإعجاز فى جودة الرصف ، ولا حسن النظم. وأحيانا أخرى ذكروا وجوها قالوا : إنه لا يمكن وصفها ، كما قال السكاكى فى مفتاح العلوم : «إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه ، كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها ، وكالملاحة ، وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت ، ولا يدرك تحصيله لغير ذوى الفطرة السليمة إلّا بإتقان علمى المعانى والبيان والتمرين فيهما».
    فإذا كانت تلك المحاولات تنطق بالعجز عن إدراك وجوه الإعجاز ، فقد صرح بعض العلماء بهذا العجز. قال أبو حيان التوحيدى فى (المقابسات) : «سئل بندار الفارسى عن موضع الإعجاز فى القرآن؟ فقال : هذه مسألة فيها حيف على المعنى ، وذلك أنه شبيه بقولك : ما موضع الإنسان من الإنسان .. فالقرآن لشرفه لا يشار إلى شىء فيه إلّا وكان المعنى آية فى نفسه ، ومعجزة لمحاوله ، وهدى لقائله ، وليس فى طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله فى كلامه ، وأسراره فى كتابه ، فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر».
    وقد قرر أبو سليمان الخطابى عجز جمهور العلماء عن إبراز تفاصيل وجوه الإعجاز فقال فى كتابه (بيان إعجاز القرآن) : «ذهب الأكثرون من علماء النظر إلى أن وجه الإعجاز من جهة البلاغة ، لكن صعب عليهم تفصيلها ، وصغوا فيه إلى حكم الذوق».
    ومع ذلك فقد كان الإعجاز البلاغى للقرآن سببا فى زلل الرأى عند المفسر الكبير ابن عطية شيخ القرطبى إذ قال بعد كلام طويل فى مقدمة

    تفسيره : «ونحن تتبين لنا البراعة فى أكثره ، ويخفى علينا وجهها فى مواضع ، لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ فى سلامة الذوق ، وجودة القريحة ، وقامت الحجة على العالم بالعرب ، إذ كانوا أرباب الفصاحة ، وفطنة المعارضة». فقوله : إن الحجة قامت على العالم بالعرب لا يمكن تسليمه على إطلاقه هكذا. إذ لا يمكن أن تكون البلاغة القرآنية الخارقة لبلاغة العرب هى سبب هداية الترك والفرس قديما ، والأوربيين حديثا ، بل يمكن أن يكون عجز العرب عن المعارضة عاملا مساعدا ، وعنصرا واحدا من عناصر الدعوة عن طريق التفوق القرآنى فى جميع الميادين.
    وهناك محاولات تفصيلية بعيدة عن العمومات تدور حول النظر التحليلى فى أسلوب القرآن للتعرف على وجوه إعجازه من وجهة النظر العربية يمكن الإشارة إليها على سبيل المثال لا الحصر.
    أولا : الموازين الدقيقة بين اللفظ والمعنى. وفى هذا يقول ابن عطية : «إذ ترتبت اللفظة من القرآن علم الله بإحاطته ، أى لفظة تصلح إن تلا الأولى ، وتبين المعنى بعد المعنى ، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول ... وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظة ، ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد».
    وقد أكمل ابن سراقة هذا المعنى فقال : «إن من اقتصر على معانيه وغير حروفه أذهب رونقه ، ومن اقتصر على حروفه وغير معانيه أبطل فائدته ، فكان ذلك أبلغ فى الدلالة على إعجازه».
    ولقد أدخل الفخر الرازى فى هذا الباب علم مناسبات الآيات والسور ، وارتباط بعضها ببعض حتى تصير شيئا واحدا ، وبناء متينا لا خلل بين أجزائه ، حتى لقد قال : «إن الإعجاز يكاد ينحصر فى هذا المعنى الذى لا يوجد أبدا فى كلام البشر». وقد أخرجنا بعون الله كتابا مستقلّا فى هذا الباب ، وزودته بدراسة وافية ، وهو (أسرار ترتيب القرآن).

    ثانيا : تفرد القرآن بطريقة بيانية غير طرق العرب. وفى هذا المعنى يقول الأصبهانى فى تفسيره : «بيان كون النظم معجزا يتوقف على بيان نظم الكلام ، ثم بيان أن هذا النظم مخالف لنظم ما عداه ، فمراتب تأليف الكلام خمس : الأولى : ضم الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض لتحصل الكلمات الثلاث : الاسم ، والفعل ، والحرف. والثانية : تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض لتحصل الجمل المفيدة ، ويقال له : منثور الكلام. والثالثة : ضم بعض ذلك إلى بعض ضمّا له مباد ومقاطع ، ومداخل ومخارج ، ويقال له : المنظوم. والرابعة : أن يعتبر فى أواخر الكلام مع ذلك تسجيع ، ويقال له : المسجع. والخامسة : أن يجعل له مع ذلك وزن ، ويقال له : الشعر.
    والمنظوم إما محاورة ، ويقال له : الخطابة. وإما مكاتبة ، ويقال له : الرسالة. فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام ، ولكل من ذلك نظم مخصوص ، والقرآن جامع لمحاسن الجميع على نظم غير نظم شىء منها. فلا يصح أن يقال للقرآن : رسالة أو خطابة ، أو شعر ، أو سجع ، كما لا يصح أن يقال : هو كلام. والبليغ إذا قرع سمعه فصل بينه وبين ما عداه من الكلام».
    وقال الرمانى : بعد أن ساق أنواع الكلام : «فأتى القرآن بطريقة مفردة ، خارجة عن العادة ، لها منزلة فى الحسن تفوق كل طريقة ، وتفوق الموزون الذى هو أحسن الكلام».
    ثالثا : جمع القرآن لمراتب البيان فى أسلوب واحد. قال أبو سليمان الخطابى : «إن أجناس الكلام مختلفة ، ومراتبها فى درجات البيان متفاوتة ، فمنها البليغ الرصين الجزل ، ومنها الفصيح الغريب السهل ، ومنها الجائز الطلق الرسل ، فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة ، وأخذت من كل نوع شعبة ، فانتظم لها بانتظام هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع بين صفتى الفخامة ، والعذوبة ، وهما على الانفراد فى نعوتهما كالمتضادتين ، لأن العذوبة نتاج السهولة ، والجزالة والمتانة يعالجان

    نوعا من الزعورة ، فكان اجتماع النوعين فى نظمه مع نبو كل واحد منهما عن الآخر فضيلة خص بها القرآن ، ليكون آية بينة لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم».
    رابعا : روعته فى القلوب : وقد فطن إلى هذا الوجه بعض المؤمنين بل وكثير من الجاحدين المنكرين أيضا. فيقول الخطابى : «وقد قلت فى إعجاز القرآن وجها ذهب عنه الناس ، وهو صنيعه فى القلوب وتأثيره فى النفوس ، فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة فى حال ، ومن الروعة والمهابة فى حال آخر ما يخلص منه إليه. قال تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) (1) ، وقال : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) (2)». ويقول الزركشى : «فمنها الروعة التى فى قلوب السامعين وأسماعهم ، سواء منهم المقر والجاحد ، ومنها أنه لم يزل غضّا طريّا فى أسماع السامعين ، وعلى ألسنة القارئين». ويكتشف القاضى عياض أن هذه الروعة وتلك الهيبة كانت سببا فى إسلام بعض الكفار من العرب فيقول : «ومنها الروعة التى تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم ، والهيبة التى تعتريهم عند تلاوته ، وقد أسلم جماعة عند سماع آياته منهم جبير بن مطعم ، فإنه سمع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ فى المغرب بالطور. قال : فلما بلغ قوله تعالى : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ ...) (3) إلى قوله : (... الْمُصَيْطِرُونَ) كاد قلبى أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإسلام فى قلبى».
    خامسا : ما وراء التكرار فى القرآن : وهذا الوجه يمكن أن نسميه تجاوزا (بالتركيب الكيميائى للقرآن). وذلك أن أسلوب القرآن من هذه الوجهة مركب تركيبا دقيقا بالغ الدقة ، بحيث تقرب منه التركيبات
    __________________
    (1) سورة الحشر : 21.
    (2) سورة الزمر : 23.
    (3) سورة الطور : 35.

    المعملية التى توزن على مقادير بالغة الدقة ، ولا تؤتى النتيجة المأمولة منها إذا اختلت هذه التراكيب فى جزء من مائة منها.
    هذا توجيه من توجيهات المكررات القرآنية يمكن أن نتبينه واضحا من قوله تعالى فى سورة البقرة : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) (1) ، وقوله فى سورة المائدة : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) (2). فقوله تعالى على لسان الكفار : (بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) لا يمنع أن يرجعوا عن اتباع آبائهم ، فهم لم يبلغوا النهاية فى دعوى إيمانهم بالأوثان ، ولهذا استعمل الله تعالى فى نفى هدايتهم لفظا لا يبلغ النهاية فى اليقين وهو قوله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً). فإن فوق العقل فى اليقين (العلم). أما فى المائدة فقد بلغ الكفار النهاية فى الاعتداد بالأوثان ، وقطعوا على أنفسهم طريق العودة عنها بقولهم : (حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا). ولهذا استعمل الله فى نفى هدايتهم نفى العلم الذى هو أبلغ درجات اليقين فقال : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً). والدليل على أن العلم أرفع من العقل أن الله لا يوصف بالعقل ، وإنما يوصف بالعلم. فهل ترى أدق وزنا لمعانى الألفاظ ، ومراعاة تناسبها من هذا الوزن الحق الذى نزل به القرآن؟؟
    ومن أمثلة هذه الدقة الرائعة التى لا تبلغها دقة العالم فى معمله ما جاء فى قوله تعالى : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) (3) فاستعمل الفاء فى عطف النظر على السير ، وهى للتعقيب بلا تراخ بينهما. وقد
    __________________
    (1) سورة البقرة : 170.
    (2) سورة المائدة : 104.
    (3) سورة النحل : 36.

    تكرر هذا الاستعمال فى سورة النحل (36) ، والنمل (69) ، والروم (42) وهكذا فى القرآن كله ما عدا سورة الأنعام فقد قال تعالى فيها : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) (1) فاستعمل فى عطف النظر على السير (ثُمَ) التى هى للتراخى ، فلم كان ذلك ، وما ذا وراء هذا التكرار مع اختلاف العطف بين التعقيب والتراخى؟
    أقول : إن الآيات كلها تجمع على حث المؤمنين على النظر فى عواقب المكذبين ، وهذا نهج عام يشترك فيه العلماء وغير العلماء من المسلمين على طريق الدعوة إلى الله ، يهتدى به الجاحدون إلى الحق ، ويزداد به الذين آمنوا إيمانا ويقينا ، وهو أن يتعظوا بمجرد رؤية آثار الكفار السابقين ، وكيف دمرت حضاراتهم وبادت حتى صارت أثرا بعد عين ، إذ يكفى : أن يلقى الإنسان نظرة عابرة على آثار الفراعنة فى مصر ، أو على مدائن صالح بالمملكة السعودية ، ليدرك من خلال عظمة الحضارة وسطوة الخراب عظمة الله وسلطانه على الكون ، وتكفى زيارة واحدة يقوم بها الإنسان للحصول على هذه النتيجة العاجلة.
    أما آية سورة الأنعام فهى تطالب بمنهج آخر فيه تريث وتراخ ودراسة علمية متأنية يخرج منها الباحثون بمزيد من التفاصيل ، ومزيد من النتائج والدلالات على وجود الله وعظمته. ولهذا كانت الملابسات التى تحيط بآية الأنعام تشير إلى المطالبة بهذه الدراسة المتأنية المتراخية التى تحتاج بطبيعتها إلى وقت طويل ، ففي الآية (6) أشار الله تعالى إلى القرون الماضية ، وإلى القرون التى أنشأها من بعدهم فى قوله : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (2). فما دام موضوع السير هو البحث فى القرون الماضية والمتتابعة ، والتى أصبحت
    __________________
    (1) سورة الأنعام : 11.
    (2) سورة الأنعام : 6.

    موضوع دراسة وبحث عن أسباب تحول الرى إلى جفاف ، والخصب إلى قفر والعمران إلى خراب ، كما أشارت إليه الآية التاسعة من سورة الأنعام ما دام الأمر هكذا فإن الأمر يحتاج إلى دراسة وبحث يقوم على العلم والتحليل ، وتسجيل الأسباب والنتائج ، ومخاطبة العالم كله بهذه الدراسات الهادفة. وكما قال الكرمانى فى كتابه هذا : «أمروا باستقراء الديار ، وتأمل الآثار ، وفيها كثرة ، فيقع ذلك سيرا بعد سير وزمانا بعد زمان ، ليعلم أن السير مأمور به على حدة ، والنظر مأمور به على حدة ، ولم يتقدم فى سائر السور مثله».
    والعجب العجاب من أمر تكرار القرآن وما يتراءى خلاله من إعجاز آيتان ، إحداهما من سورة الأنعام : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) (1) ، وقوله فى سورة القلم : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) (2) ، فأكثر ما يستعمل وزن (أفعل) فى لغة العرب مع الفعل الماضى ، كقولهم : أعلم من دب ودرج ، وأحسن من قام وقعد ، وأفضل من حج واعتمر. فلما ذا استعمل مع الفعل المضارع فى سورة الأنعام ولم يستعمله مع الماضى كما فى سورة القلم ، وكما هو الغالب فى لغة العرب. ولما ذا الباء فى آية (القلم) ، وحذفت فى آية الأنعام؟
    أما استعمال (أفعل) مع المضارع فى الأنعام فلأن سياق الكلام دائر حول المستقبل لبيان أصل عام ، وماض إلى الأبد ، فى شأن الرأى العام ، أو رأى (الجماهير) فيما يتصل بالعقيدة وشئون الدين بوجه خاص ، فالآية السابقة على آية الأنعام هى قوله تعالى : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (3). بخلاف ما فى سورة القلم ، فإن الكلام فيها عن قوم ضلوا بالفعل ، هم الكافرون من قريش : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ. بِأَيِّكُمُ
    __________________
    (1) سورة الأنعام : 117.
    (2) سورة النجم : 30.
    (3) سورة الأنعام : 116.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:23


    الْمَفْتُونُ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) (1). يعنى : ضل فقال عن الرسول : إنه مجنون ، وعن القرآن : إنه سحر مبين .. فلما جاء (أفعل) مع المضارع فى الأنعام انقطعت مظنة الضلال إلى الله تعالى ، كما هو جائز فى المعنى إذا استعمل مع الماضى ، فصار معنى الآية فى الأنعام : إن الله أعلم بمن يضلون عن طريقه فى المستقبل ، فصار ورود أفعل مع المضارع اتباعا للسياق ، وقطعا لمعنى الإضافة المؤكد فى استعمالها مع الماضى كما هو الغالب فى لغة العرب ، فلما استعمله مع الماضى فى سورة القلم استعمله مع الباء ، إذ لو لم تذكر الباء لصار المعنى أنه تعالى أعلم الضالين عن سبيله ، وتعالى الله علوا كبيرا.
    فانظر كيف خالف الغالب من لغة العرب فى الأنعام ، ولم يزد حرفا لا معنى لزيادته مع فعل المستقبل حفظا للقرآن من الحشو ، وكيف كان الاحتياط للمعنى فى سورة القلم حينما تعارض المعنى مع الاستعمال اللغوى الشائع فى لغة العرب ، فلم تكن الباء زائدة فى سورة القلم. ولهذا عقب الكرمانى على كلامه هنا بقوله : «فتنبه فإنه من أسرار القرآن».
    ثم انظر كيف يستعمل الكتاب والباحثون كلمتى (ينفع ويضر) مقترنتين بتقديم أيهما شاءوا ، وليس فى ذلك خلل فى معانيهم على أى حال ، ولكن كتابا لا يقدم النفع على الضر ، أو الضر على النفع إلّا لأن السياق و (هندسة النظم) و (والتركيب الكيميائى) و (الإبداع الجمالى) يدعو إلى ذلك ، بحيث لا تجد نشازا فى التركيب لا لفظا ولا معنى ـ هذا الكتاب لم نعثر عليه إلى الآن إلّا فيما بين دفتى كتاب الله العزيز الحكيم الذى لا يأتيه الباطل أبدا.
    جاء فى سورة الأعراف : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (2) وعلى هذا الترتيب جاءت آيات فى سورة : الرعد ،
    __________________
    (1) سورة القلم : 5 ـ 7.
    (2) سورة الأعراف : 188.

    وسبأ ، والأنعام ، ويونس ، والأنبياء ، والفرقان ، والشعراء. وجاء تقديم الضرر على النفع فى سورة يونس : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (1). وعلى هذا الترتيب الأخير سارت معظم آيات القرآن إلّا فى المواضع الثمانية التى ذكرناها ، وإنما تقدم الضر على النفع لأنه أصل الفطرة التى نزل بها القرآن ، لأن العابدين يعبدون الله خوفا من عقابه أولا ، وطمعا فى ثوابه ثانيا ، وعلى هذا دلت الدلائل فى فطرة البدائيين وفى وجدان الموحدين ، وقد سجل الله تعالى هذه الفطرة البشرية فى قوله تعالى : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) (2). أما قوله تعالى : (يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) (3) ، فقد جاء معبرا عن نوع راق ومتطور من الفطرة ألف العبادة حتى تحولت إلى معرفة وحب لله ورسوله.
    فلما اختلفت هذه المواضع الثمانية من القرآن مع الأصل ، فتقدم فيها النفع على الضر إذن؟
    اختلفت هذه المواضع الثمانية فتقدم النفع على الضر ، لأن السوابق من الآيات تدعو إلى هذا التركيب ، حرصا على النظام القرآنى البديع المعجز من حيث لا يمكن بأى حال أن يستمر الناس فى كتاباتهم على مراعاة هذا النظام ، بل تعمهم الغفلة غالبا. ففي سورة الأنعام جاءت الآية بعد قوله تعالى : (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) (4). فالولاية والشفاعة تناسب النفع ، وعدم أخذ العدل يناسب الضر ، فجاءت الآية على هذا النسق : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) (5) ، وفى يونس : (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) (6) ، فناسب تقديم النفع رعاية للنجاة ، وهى نفع. وفى الأنبياء جادل الكفار إبراهيم فى أصنامهم فقالوا :
    __________________
    (1) سورة يونس : 49.
    (2) سورة السجدة : 16.
    (3) سورة الأنبياء : 90.
    (4) سورة الأنعام : 70.
    (5) سورة الأنعام : 71.
    (6) سورة يونس : 103.

    (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) (1). حرصا على بقائهم لمنفعتهم فى زعمهم. فقال تعالى : (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ) (2). وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) (3) ، واستمرت الآيات فى سياق يعدد نعم الله الجليلة فى عشر آيات ، ثم قال : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) (4).
    وفى سورة (المؤمنون) قال تعالى : (لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (5). وفى الزخرف (فاكِهَةٌ) على التوحيد ، و (مِنْها تَأْكُلُونَ) بدون واو.
    والسبب أن القرآن لما راعى لفظ الجنة ، ولما كان الحديث فى (المؤمنون) عن الجنات بالجمع كانت الفواكه جمعا ، ولما كان الحديث فى الزخرف عن الجنة مفردة كانت الفاكهة مفردة ، ثم يعود البحث إلى كشف جديد عن وجه بديع من وجوه الخلاف فى حذف الواو من آية الزخرف ، وإثباتها فى آية (المؤمنون) ، لأنها تتحدث عن جنات الأرض فى الدنيا ، وكان حق الكلام أن يقال : منها تبيعون ، ومنها تدخرون ، ومنها تأكلون ، فاقتضى الإيجاز المعجز أن يبقى ما به أساس الحياة مسبوقا بواو تدل على بقية المنافع المقصودة من حدائق الأرض دون إخلال بالمعنى. أما فى الزخرف فالحديث عن جنة الخلد ، وليست للأكل فحسب ، فحذف الواو للدلالة على ذلك.
    ولا حاجة بنا إلى التعليق على هذه الأمثلة القليلة التى انتقيناها من كتاب الكرمانى (أسرار التكرار فى القرآن) لندل على أن هذا التكرار بمعانيه باب واسع من أبواب إعجاز القرآن ، لا يرومه ولا يقاربه بشر على الإطلاق.
    وأنت يا أخى حيثما طوفت فى هذا الكتاب الذى نقدمه فى طبعته
    __________________
    (1) سورة الأنبياء : 65.
    (2) سورة الأنبياء : 66.
    (3) سورة الفرقان : 45.
    (4) سورة الفرقان : 55.
    (5) سورة : المؤمنون : الآية 19.

    الثانية فإن دلائل الإعجاز من هذه الوجهة التى بحثها الكرمانى فى كتاب مستقل تواجهك دلالة بعد دلالة ، بحيث لا تمل أن تستكشفها من وراء التراكيب الموزونة بأدق الموازين ، والتى عبر عنها الكتاب الكريم بالحق وهذا التعبير بالحق يعنى أن هذا التحدى الموجه لأفصح أمة نطقت بلغة القرآن إنما يهدف إلى تقرير الحق.
    وإنك لا تنتهى من فقرة من فقرات هذا الكتاب إلّا وقد تفاعلت مع كل مشاعرك ومداركك ، حتى تنتهى بك إلى نوع من الإذعان والرضا يمس أعماق القلب بلون هادئ وقوى من الأمن والطمأنينة إلى الحق الذى نزل به القرآن. ولا تبدأ فى فقرة أخرى إلّا بدأت استكشاف مزيد من دقائق الأسلوب القرآنى يزيد به الأمن إلى جناب الله ، والإيمان بالحق ، وهكذا يزداد بك الإيمان قوة إلى أن تستقر فى أعماقك العزة والبذل والفداء فى سبيل دعوة القرآن إيمانا بالقرآن ورسول القرآن : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) (1).
    وهذا المعنى هو الذى أشار إليه الزملكانى حين قال فى كتابه (نهاية التأمل فى أسرار التنزيل) : «إن الإعجاز راجع إلى التأليف الخاص بالقرآن ، لا مطلق التأليف ، حيث اعتدلت مفرداته تركيبا وزنة ، وعلت مركباته معنى ، بأن وقع كل فن فى مرتبته العليا فى اللفظ والمعنى». ويؤكد المراكشى هذا المعنى بقوله : «الدليل التفصيلى على إعجاز القرآن مقدمته التفكر فى خواص تركيبه ، ونتيجته العلم بأنه تنزيل من المحيط بكل شىء علما».
    سادسا : القرآن وتيرة واحدة : يقول الله سبحانه : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (2). وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالى مشيرا إلى إعجاز القرآن من هذه الوجهة : «المراد : نفى
    __________________
    (1) سورة الأنفال : 2.
    (2) سورة النساء : 82.

    الاختلاف عن ذات القرآن. يقال : هذا كلام مختلف ، أى لا يشبه أوله آخره فى الفصاحة ، أو هو مختلف الدعوى ، أى بعضه يدعو إلى الدين وبعضه يدعو إلى الدنيا ، أو هو مختلف النظم ، فبعضه على وزن الشعر ، وبعضه منزحف ، وبعضه على أسلوب مخصوص فى الجزالة ، وبعضه على أسلوب يخالفه ، وكلام الله منزه عن هذه الاختلافات فإنه على منهاج واحد فى النظم مناسب أوله آخره ، وعلى درجة واحدة فى الفصاحة ، فليس يشتمل على الغث والسمين ، ومسوق لمعنى واحد ، وهو دعوة الخلق إلى الله ، وصرفهم عن الدنيا إلى الدين.
    وكلام الناس تتطرق إليه هذه الاختلافات ، إذ كلام المترسّلين والشعراء إذا قيس عليه وجد فيه اختلاف فى منهاج النظم ، ثم اختلاف فى درجات الفصاحة ، بل فى أصل الفصاحة ، فلا تتساوى رسالتان ولا قصيدتان ، بل تشتمل قصيدة على أبيات فصيحة ، وأبيات سخيفة ، وكذلك تشتمل القصائد والأشعار على أغراض مختلفة ، لأن الشعراء والفصحاء فى كل واد يهيمون ، فتارة يمدحون الدنيا ، وتارة يذمونها ، وتارة يمدحون الجبن ويسمونه حزما ، وتارة يذمونه ويسمونه تهورا ، ولا ينفك آدمى عن هذه الاختلافات ، لأن منشأها اختلاف الأغراض ، والأحوال ، والإنسان.
    وكذلك تختلف أغراضه ، فيميل إلى الشيء ، تارة ، ويميل عنه أخرى ، فيوجب ذلك اختلافا فى كلامه بالضرورة ، فلا يصادف إنسان يتكلم فى ثلاث وعشرين سنة وهى مدة نزول القرآن ، فيتكلم على غرض واحد. ومنهاج واحد ، ولقد كان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشرا تختلف أحواله ، فلو كان هذا كلامه ، أو كلام غيره من البشر ، لوجدوا فيه اختلافا كثيرا».
    وهذا المعنى فطن إليه صاحب (منهاج البلغاء) حين قال : «وجه الإعجاز : استمرار الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها فى جميعه ،

    استمرارا لا توجد له فترة ، ولا يقدر عليه أحد من البشر ، وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة من جميع أنحائها فى العالى منه إلّا فى الشيء اليسير المعدود ، ثم تعرض الفترات الإنسانية ، فينقطع طيب الكلام ورونقه ، فلا تستمر الفصاحة فى جميعه ، بل توجد فى تفاريق وأجزاء منه.
    وهذا الوجه الذى فطن إليه القدامى لا يحتاج إلى دليل على صحته ، فهذا القرآن بين أيدى الناس فى كل مكان على مدى أربعة عشر قرنا ، وهذه كتب الأدباء ودواوين الشعراء هى الأخرى فى كل مكان ، وهذا علم النقد الأدبى مكتمل المنهج لدى جميع النقاد ، وما وجدنا النقاد إلّا ويتناولون الإنتاج الإنسانى بالتشريح وكشف ما فيه من ظواهر المد والجزر فى درجة الفصاحة والبلاغة ، وكشف ما يتداخله لا معنى له سوى المحافظة على جرس الكلام ، أو مداراة ما اعترى الفكر من فتور بتكرار الجمل على وجه الترادف والتكرار الخطابى الذى لا يبتدئ ولا يعيد.
    أما القرآن فلم يستطع النقاد أن يصلوا فيه إلى ثغرة ، أو إلى وجه من وجوه النقص الكثيرة فى كلام البشر. كل ما قالوه : إن فيه تكرارا ، وقد رد عليهم الكرمانى بكتابه هذا الذى نقدمه للقراء أبلغ رد وأفحمه لمكابر حقود. وقالوا : إن القرآن موضوعات شتى وسور لا رابط بينها ، وقد أخرجنا كتابا فى هذا الموضوع هو كتاب (أسرار ترتيب القرآن) للإمام السيوطى.
    العنصر العالمى فى إعجاز القرآن
    أشرنا إلى خطأ الإمام ابن عطية فى تعميمه القول بأن الحجة قامت على العالم بالعرب فى مسألة الإعجاز القرآنى.
    ونزيد هنا : أن هذا القول قد يكون له بعض الوجاهة إذا فسرناه على أن عجز العرب المطبق عن معارضة القرآن بمثله ، وهم فى الذروة

    العليا من البلاغة والتحكم فى زمام القول ، وجودة القريحة ، وصفاء السليقة ، هذا العجز من هؤلاء القوم الذى أنزل القرآن بلغتهم يشكل عنصرا واحدا من حجة القرآن على العالم ، وهذا العنصر يضع القرآن موضع الاعتبار أمام غير العرب من الناطقين بلغات أخرى ، والذين لا يجيدون إلّا تذوق المعنى فى القرآن ، وهم عن تذوق الأساليب العربية بمعزل.
    وذلك لأن العرب لو نجحوا فى معارضة القرآن لأسقطوا على الفور حجة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أنه رسول يبلغ عن ربه دعوة الإسلام الخاتمة ، ولو سقطت هذه الحجة القائمة للرسول لاندثرت الدعوة ، وأصبحت فى عداد النحل الكاذبة التى زخرت بها المراجع الإسلامية.
    أما وقد عجز العرب تماما عن معارضة القرآن ، فقد قامت حجة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم على العرب ، وكان قيام هذه الحجة عاملا رئيسيّا فى إبراز حجة أخرى تشير بوضوح إلى روح القرآن وأثره العجيب فى بناء القوة من الضعف ، والتماسك من التمزق ، وسمو الهدف من ماديته وأرضيته ، والعالمية من النعرة العصبية ، والنبل والإيثار من السعار المالى الرهيب ، وتواضع الرءوس من تعاليها ، إلى غير ذلك من معجزات التاريخ التى دبت فى الوسط العربى فى قوة وسرعة وعزم فسمت بهم من وهدة التحلل ، وفرقة التجمع حول شيوخ القبائل المختلفى النزعات والأغراض ، وهلهلة العقيدة فى الأحجار والكهان إلى الوحدة حول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أساس متين من عقيدة الوحدانية التى رفضت كل الشوائب ، وأحالت القتام الذى كان يسود الجزيرة العربية إلى صفاء ونقاء.
    ودالت دول الشرك تماما فى الجزيرة ، وكان جيش تبوك وبعث أسامة بن زيد ، الذى توفى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل إنفاذه ، كان هذان العملان العسكريان بمثابة الإشارة النبوية إلى ساعة الصفر التى يتحول فيها جهاد الإسلام إلى الواقع العالمى ، بعد أن أقام حجته الناصعة بالقرآن العربى على العرب الناطقين بالعربية ، وأفصح من نطق بها.

    من هنا يصلح العرب أن يكونوا حجة على العالم ، بعد ما قامت حجة القرآن عليهم بأنه صالح لبناء أمة لها خصائص الأمم الراقية إذا قيس الرقى بموازين العلم والعقل ، لا بمقاييس الشطط والهوى. وكانت صورة الإنسان المسلم الذى بناه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالقرآن حجة على صلاحية القرآن للدعوة العالمية.
    لم يكن الأسلوب العربى إذن مهما بلغ من الإعجاز حجة على الروم والفرس والقبط ، لأن هؤلاء لا يدركون من ذوق العربية لا قليلا ولا كثيرا ، وإنما كانت فاعلية القرآن ، وأعاجيب الفدائية التى كانت ماثلة أمام تلك الشعوب من جهة ، وتسامى السلوك ، وارتفاع الإنسانية إلى مستواها الحق الذى تهفو إليه الدنيا كلها هى الحجة الماثلة أمام الشعوب غير العربية ، مما جعلها بعد أن اطمأنت إلى العدل الذى حمله العرب إلى غيرهم تتحرق شوقا إلى بحث هذا الكتاب الذى هدى العرب ، وبنى منهم تلك الأعجوبة الماثلة أمامهم.
    ومن هنا أيضا كان غزو اللغة العربية للغات الأخرى ، لأن هذا التطلع الملح الذى يتحرك فى أعماق غير العرب إلى استكشاف أسرار القرآن ومفاهيمه دفعهم إلى تعلم العربية ، وكان ذلك بالفعل ، حتى كان الغزو اللغوى العربى فى صف واحد مع الغزو العسكرى فى سبيل تأصيل العقيدة الخاتمة.
    وكان أن تحول الجم الغفير من تلك الشعوب غير العربية إلى علماء فى العربية ، وإلى أصوليين ومفسرين ومحدثين ودعاة لا يقلون شأنا عن الدعاة العرب فى نطاق دعوة الإسلام ، وما زالت الآلاف من تلك الأسماء غير العربية تدوى فى آفاق الأرض شاهدة على إعجاز القرآن من نواح غير النواحى الأسلوبية والبلاغية.
    ويكفى لإدراك معجزة القرآن العملية بعد الأسلوبية أن تعلم أن الأزهر قد أنشئ فى مصر للقضاء على شريعة القرآن على أيدى الأدعياء

    الذين سموا أنفسهم بالفاطميين ، وحاولوا أن يحلوا محل شريعة القرآن مجموعة من المذاهب والنحل الفلسفية سجلها المقريزى فى خططه وكان مع الفاطميين الذهب ، وكان سب الشيخين يسطر على جدران جامع عمرو بن العاص ، وكان الإرهاب بالرءوس المحمولة على الرماح فى شوارع القاهرة. كان كل ذلك ، ولكن الناس لم يفتروا عن المظاهرات المعادية لتلك النحلة الغريبة وهم يرفعون شعارا يسموا على كل اعتبار ، إذ كانوا يهتفون فى مظاهراتهم قائلين : «معاوية خال على وخال المؤمنين» .. وأخيرا تحول الأزهر الشيعى إلى الأزهر السنى بشيوخه من أهل السنة والجماعة إلى اليوم؟
    أليس ذلك إعجازا فى روح القرآن ومعناه؟
    وإذا لم يكن إعجازا فبم نسمى هذا النصر الساحق العجيب؟
    أليست تلك الواحدة أعجوبة فى التاريخ؟
    أليست كافية فى شد أنظار العالم كله إلى القرآن؟
    وهو ما حدث بالفعل. وهذه واحدة من إعجازات القرآن الروحية والمعنوية والسلوكية تضاف مثيلاتها إليها فى العصر الحديث.
    بقيت واحدة نكتفى بها لضيق المقام يمكن أن تكون منطلقا إلى غيرها.
    ذلك : أنه لا يوجد فى التاريخ كله كتاب سماوى ولا كتاب وضعه بشر ، يمكن أن يكون مصدرا لحقائق العلم والمعرفة كلها دون أن يشذ منها شىء إلّا القرآن.
    كتاب ذو موضوع واحد ، تدور حقائقه كلها حول ذلك الموضوع لإثباته ، وفى تطوافه بين الحقائق لإثبات حقيقته العظمى يستبطن كل العلوم والمعارف ما كان منها موجودا من قبل تدوينه ، وما كان فى عصر تدوينه ، وما جد بعد عصر تدوينه إلى أن تقوم الساعة. كتاب مثل هذا الكتاب لم ولن يوجد إلّا فى كتاب الله المبين ، القرآن الحكيم العزيز

    المجيد الكريم .. هكذا سماه الله بأسمائه للدلالة الواضحة على أنه فوق متناول أى بشر أو ملك فى الكون.
    موضوع واحد هو : إثبات وحدانية الله ، ونفى ما عداه من الأوثان وأوهام العقائد الملحدة.
    وفى سبيل إثبات الوحدانية الإلهية استخدم القرآن كل المعارف والعلوم ، وشرع الشريعة الحارسة على هذا الاعتقاد الصحيح ، ووضع الضوابط لعلم الاجتماع الإنسانى ، وكيف لا تتضارب المصالح ، ولا تتصارع الأمم ، وأشار إلى مواطن النماء المالى فى الأرض وفى البحر ، ورسم الخط الواضح للسياسة المالية فى جميع العصور ، ومن منهجه التربوى كان منهج التعليم الأمثل الذى يجب أن يسير عليه الناس إذا طلبوا العافية والسلامة فى دنياهم وأخراهم ، ورفع همم المؤمنين عن الماديات إلى المعارف الروحية فيما وراء المادة.
    وقد نقل الإمام السيوطى فى الإتقان عن أبى الفضل المرسى فى تفسيره أنه قال :
    «جمع القرآن علوم الأولين والآخرين ، بحيث لم يحظ بها علما حقيقة إلّا المتكلم بها ، ثم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خلا ما استأثر الله بعلمه ، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم ، مثل الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، حتى قال : لو ضاع لى عقال بعير لوجدته فى كتاب الله. ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ، ثم تقاصرت الهمم ، وفترت العزائم ، وتضاءل أهل العلم ، وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه ، فنوعوا علومه ، وقامت كل طائفة بفن من فنونه ، فاعتنى قوم بضبط لغاته .. واعتنى النحاة بالمعرب والمبنى منه من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها .. حتى إن بعضهم أعرب مشكله ، وبعضهم أعربه كلمة كلمة ..
    واعتنى المفسرون بألفاظه ، فوجدوا لفظا يدل على معنى واحد ،

    ولفظا يدل على معنيين ، ولفظا يدل على أكثر ، فأجروا الأول على حكمه ، وأوضحوا معنى الخفى ، وخاضوا فى ترجيح أحد محتملات ذى المعنيين والمعانى ، وأعمل كل منهم فكره.
    واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية ، فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده ، وسموا هذا العلم : أصول الدين. وتأملت طائفة معانى خطابه ، فرأت منها ما يقتضى العموم ، ومنها ما يقتضى الخصوص ، إلى غير ذلك ، فاستنبطوا أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز ، وتكلموا فى التخصيص والإخبار ، والنص والاجتهاد ، والظاهر ، والمجمل والمحكم ، والمتشابه ، والأمر والنهى .. وسموا هذا الفن : أصول الفقه».
    ثم عدد ابن أبى الفضل علوم الدين والأدب والأمثال والحكم والوعظ والمعاد ، وأصول تعبير الرؤيا ، والظواهر الكونية ، وعلوم الحقائق ، والطب ، والجدل ، والهيئة ، والهندسة ، والجبر ، والمقابلة ، وأصول الصناعات ، ونبه إلى مكانها من القرآن.
    بل إن السيوطى نقل : أن سكوت القرآن عن حقيقة من الحقائق يمكن استنباط الحقيقة منه. ومثل له باستدلال جماعة على أن القرآن غير مخلوق بأن الله تعالى ذكر الإنسان فى القرآن فى ثمانية عشر موضعا وقال : إنه مخلوق. وذكر القرآن فى أربعة وخمسين موضعا ، ولم يقل : إنه مخلوق. فلما جمع بينهما غاير فقال : (الرَّحْمنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ) (1).
    ونقول : إن فى قوله تعالى : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) دليلا على أنه غير مخلوق لأنه أرجعه إلى ذاته يعلم به عباده ، لا إلى خلقه الذى وضعه بين عباده يتصرفون فيه حيث شاءوا.
    ولقد جمع الإمام بن أسد المحاسبى من هدى القرآن ما يمكن أن
    __________________
    (1) سورة الرحمن : 1 ـ 3.

    يسمى «علم النفس القرآنى». وذلك فى كتابيه : «الرعاية لحقوق الله» و «أدب النفوس» ، وفى كتاب ثالث يعتبر امتدادا للكتابين السابقين هو «أعمال القلوب والجوارح».
    ولقد بذل المحدثون جهدا فى هذا السبيل نرى أنه يتطلب الزيادة والعمق فى كتاباتهم نحو نظم الحكم ، ونظام المال ، وغير ذلك من مواضيع الثقافة الجديدة ، وبحث أصولها فى القرآن.
    كما تكلم المرحوم الدكتور محمد أحمد الغمراوى فى كتابه «الإسلام فى عصر العلم» بما يثبت الوصاية الشرعية على العلم الحديث وإعجازه للعقل البشرى.
    ونبه الكثيرون من علماء الأجانب على هذا المعنى.
    ومن ذلك ما قاله (جول لا بوم) : «القرآن أكثر من الوعظ والترغيب والترهيب ، بل إنه علم اجتماع ، فلم يوجه الكلام إلى الكبراء والقادة ، بل وجهه للناس جميعا بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) (1) و (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) (2) ولم يذكر السادة إلّا فى معرض النص على الأمم فى استسلامها لضلال قادتها وأهواء كبرائها فقال : (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (3).
    ويقول ديسون : «فى القرآن أمثلة كثيرة على هذه الدعوة العالمية. فالواقع أنه يساير الفلسفة الحديثة كل المسايرة ، ويتفق معها كل الاتفاق (؟) وأوامره لا تناقض المبادئ العلمية. فالقرآن ليس كتاب عقيدة وإيمان فحسب ، إذ لا يمكن أن تفرض العقيدة إلّا إذا جعلتها فى صورة يقبلها العقل ، ويطمئن إليها الفكر ، ولا يمكن للإنسان أن يعتقد عقيدة جديدة
    __________________
    (1) سورة التحريم : 6.
    (2) سورة النساء : 174.
    (3) سورة الأحزاب : 67.

    بدون مبرر قوى ، وبراهين واضحة. وهو ليس كتاب تشريع وأخلاق فحسب ، فالتشريع والأخلاق لا بدّ لهما من فلسفة قوية يقومان عليها ، والمشرع الأخلاقى يجب أن يكون فيلسوفا ، فلا يمكن أن يحث القرآن على الزهد إن لم يتحدث عن قيمة الحياة الآخرة ، والخلود ، والبعث ، وهذه مسائل فلسفية ، كما أن القرآن لا يمكن أن يبشر بالتوحيد إن لم يطرق البحث فى الخالق وصفاته وهذه مسائل فلسفية. فالقرآن تعرض لكل بحوث الفلسفة ، فتكلم فى الله وصفاته ، وعرض للروح ، وبحث فى الخلود والبعث ، وصور للإنسان مثلا أعلى يجب أن ينشده ، واختط له طريقا يجب أن يسلكه».
    ويقول دريبر : «إننا لندهش حين نرى فى مؤلفات المسلمين من الآراء العالمية ما كنا نظنه من نتائج العلم الحديث فى هذا العصر ، ومن هذا : إن مذهب النشوء والارتقاء للكائنات العضوية الذى يعتبر مذهبا حديثا كان يدرّس فى مدارسهم ، ولقد أحس المسلمون إحساسا صادقا بتطور الحياة ، حتى إن الفقه الإسلامى ذاته تطبيق عملى لفكرة التطور البشرى وذلك أن مهمته الدائمة هى البحث عن حلول جديدة للمشكلات المتطورة المستجدة ، مستمدة من أصول الدين وروحه .. ولو كان رجال الدين فى أوربا على هذا الفهم الناجح فى القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر لما صدمتهم بحوث العالم الجديدة ، ولما قامت النفرة بينهم وبين العلم ، تلك النفرة التى أودت بأوربا كلها ، وتكاد تؤدى بالإنسانية كلها نحو الهاوية».
    وأخيرا نسوق قول الأستاذ العقاد يؤيد الإعجاز الروحى والمعنوى للقرآن فى صورة ما يسمى الآن بالديمقراطية مذهبا سياسيا قرره الإسلام فى صورته المثلى. يقول : «معجزة أن تنبت الديمقراطية الإسلامية فى تربة الصحراء لا فى تربة الحضارة ، ولكنها معجزة إلهية مثلها فى الظهور بين الجاهلين كمثل الإيمان بالإله الواحد الأحد الذى لا يحابى قوما
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:25

    لأنهم قومه دون سائر الأقوام ، ولا يلعن قوما لأنهم ورثوا اللعنة من الآباء والأجداد ، حق الإنسان الإيمان بالله رب العالمين. كلاهما معجزة إلهية تجلت بها قدرة الله على غير مثال سابق متسلسل عن أسبابه فى بيئته ، ولا فيما جاورها من البيئات ، فإن السوابق التى سلفت قبل الإسلام كانت كسوابق المرض الذى يتطلب الشفاء ، ولم تكن كسوابق العلاج الذى ينتهى إلى الشفاء. وتلك هى السوابق التى تتجلى فيها قدرة الله على يد رسول من رسله ، ينبعث بالهداية ، موفقا بوحى من الله فيصنع المعجزة التى لم تمهد لها أسبابها ودواعيها ، لأن أسبابها الخفية ، ودواعيها الكامنة فى السريرة الإنسانية تفوق ذرع العقول ، ولا تدخل فى الحساب .. المرض الذى يؤدى إلى الموت سبب ، والمرض الذى ينتهى إلى العلاج سبب ، فإذا اختلط علينا السببان ، وجاء الشفاء من حيث نتوقع الهلاك ، فتلك معجزة إلهية علمها عند الله ، وأسبابها غير الأسباب التى نقدرها قبل وقوعها».
    وهكذا يمتد نور القرآن ، فيداخل العقول فى كل مكان على ظهر الأرض يكاد يشبه فعله فيها فعل الصدمات الكهربية فى أدمغة المرضى العقليين ، إذ يفيقون بعدها وقد تفتحت عيونهم على الكون برؤية جديدة ، وإدراك رشيد ، ولم تكن تلك الموجات التى تروى الفكر فى أرجاء الأرض هى موجات اللغة والأسلوب. كل ما فى الأمر أن روح هذا القرآن صنعت المعجزة بين قوم عجزوا عن معارضته فأسلموا له القياد ، وبدأت بعد ذلك مسيرة القرآن فى العالم الناطق بمختلف الألسنة واللغات ، واكتشف هؤلاء الأعاجم من أسرار القرآن ودلائل إعجازه وعظمته وتفوقه على كل الدساتير والمناهج العلمية فى العالم كل ما لم يمارسه الناطقون بالعربية فى عصرنا الحاضر.
    ألم يأن للمؤمنين أن يفتحوا أعينهم بعد؟
    ألم يأن لهم أن يجانبوا السفسطة وحب الظهور على حساب غمز القرآن؟

    ألم يأن لهم أن يتفرغوا للقرآن بدلا من تفرغهم لأوهام ذوى المآرب العالمية؟
    ألم يأن لهم أن يرتفعوا عن ضيق الأفق والعنصرية التى تهدد الزحف القرآنى نحو العالم؟
    بل : ألم يأن لنا أن ننشئ أكاديمية للدراسات القرآنية؟
    إن فى هذا فتحا جديدا للعرب والمسلمين إن فعلوا ، والله نسأل لنا ولهم التوفيق.
    عبد القادر أحمد عطا
    القاهرة :
    محرم 1397 ه‍
    يناير 1977 م
    * * *

    مقدّمة المصنّف (1)
    بسم الله الرّحمن الرّحيم
    قال الشيخ الإمام العالم العلامة ، تاج القراء أبو القاسم محمود (2) ابن حمزة نصر الكرمانى ـ رضى الله عنه ورحمه ـ :
    الحمد لله الذى أنزل الفرقان (3) على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليكون للعالمين نذيرا ومعجزا للإنس والجن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، نحمده على تفضّله علينا بكتابه (4) فضلا كبيرا ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا.
    ونصلى ونسلم على المبعوث بشيرا ونذيرا ، وداعيا (5) إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، صلاة (دائمة) (6) تتصل ولا تنقطع بكرة وهجيرا (7).
    وبعد :
    فإن هذا كتاب أذكر فيه الآيات المتشابهات (Cool التى تكرّرت فى القرآن وألفاظها متّفقة ، ولكن وقع فى بعضها زيادة أو نقصان ، أو تقديم أو إبدال (9) حرف مكان حرف ، أو غير ذلك مما يوجب اختلافا بين الآيتين أو الآيات التى تكرّرت من غير زيادة ولا نقصان ، وأبين (ما) (10)
    __________________
    (1) العنوان من عندنا لزيادة الفائدة (المراجع).
    (2) فى أ : محمد. والمثبت عن ب ومعجم الأدباء لياقوت 19 / 25 وطبقات المفسرين للداودى 2 / 242 وبغية الوعاة 2 / 277 وطبقات القراء 2 / 291.
    (3) فى ب : (القرآن).
    (4) فى ب : (بكتابه تفضيلا).
    (5) فى ب : (ودعانا).
    (6) سقطت من : ب.
    (7) الهجير : وقت الظهيرة.
    (Cool فى ب : (المتشابهة).
    (9) فى ب : (بإبدال).
    (10) سقطت من أ.

    السبب فى تكرارها (1) ، والفائدة فى إعادتها ، وما الموجب للزيادة والنقصان ، والتقديم والتأخير والإبدال ، وما الحكمة فى تخصيص الآية بذلك دون الآية الأخرى ، وهل كان يصلح (ما) (2) فى هذا السورة مكان ما فى السورة التى تشاكلها (3) أم لا؟ ليجرى ذلك مجرى علامات تزيل إشكالها ، وتمتاز (بها) (4) عن أشكالها ، من غير أن أشتغل بتفسيرها وتأويلها ، فإنى بحمد الله (قد) (5) بيّنت ذلك كله (بشرائطه) (6) فى كتاب «لباب التفسير وعجائب التأويل» (7) مشتملا على أكثر ما نحن بصدده ، ولكنى (Cool أفردت هذا الكتاب لبيان المتشابه ، فإن الأئمة ـ رحمهم‌الله تعالى ـ قد شرعوا فى تصنيفه واقتصروا على ذكر الآية ونظيرتها (9) ، ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها والفرق بين الآية ومثلها. (وهو) (10) المشكل الذى لا يقوم بأعبائه إلّا من وفّقه الله لأدائه.
    وقد قال أبو مسلم (11) فى تفسيره عن أبى عبد الله الخطيب (12) فى تفسيره كلمات معدودات منها ، وأنا أحكى لك كلامه فيها إذا بلغت إليها ، مستعينا بالله ، ومتوكلا عليه.
    وسميت هذا الكتاب «البرهان فى متشابه القرآن ، لما فيه من الحجة والبيان» (13) وبالله وعليه التكلان.
    __________________
    (1) فى ب : (تكريرها).
    (2) سقطت من أ.
    (3) فى ب : (تشابهها).
    (4 ، 5 ، 6) سقطت من ب.
    (7) كتاب «لباب التفسير وعجائب التأويل» ذكره ياقوت فى معجم الأدباء 19 / 25 والداودى فى طبقات المفسرين 2 / 242 ، وهو مطبوع فى مجلدين (المراجع).
    (Cool فى أ : (ولكن).
    (9) فى ب : (ونظيرها).
    (10) سقطت من أ.
    (11) أبو مسلم هو : محمد بن محمد على بن الحسين بن مهرايزد النحوى المعلم الأصبهانى الأديب. كان نحويّا غاليا فى الاعتزال ، صنّف تفسيرا فى عشرين مجلدا. ولد عام 266 ه‍ ومات فى 459 ه‍. انظر (بغية الوعاة 1 / 655 ، شذرات الذهب 3 / 307 ، لسان الميزان 5 / 298 ، ميزان الاعتدال 3 / 655 ، والوافى بالوفيات 4 / 130).
    (12) هو : أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالخطيب الإسكافى أحد علماء اللغة والأدب من أهل أصبهانى ، وكان إسكافا ، ولى خطابة الرى ومات سنة 420 ه‍. له كتب فى اللغة والأدب.
    (13) وقد سميناه «أسرار التكرار فى القرآن الكريم» لما بيّنّاه فى المقدمة ، للعدول عن التسمية الأصلية (المراجع).

    سورة الفاتحة
    1 ـ أول المتشابهات قول : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ) فيمن جعل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) آية (1) من الفاتحة. وفى تكراره قولان : قال على بن عيسى (2) : إنما كرّر للتوكيد ، وأنشد قول الشاعر :
    هلّا سألت جموع كن
    دة يوم ولّوا أين أينا

    وقال قاسم بن حبيب (3) : إنما كرّر لأن المعنى : وجب الحمد لله لأنه الرحمن الرحيم.
    قلت : إنما كرّر لأن الرحمة هى : الإنعام على المحتاج. وذكر فى الآية الأولى المنعم ولم يذكر المنعم عليهم ، فأعادها مع ذكرهم وقال : (رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ) لهم جميعا (4) ، ينعم عليهم ويرزقهم (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين خاصة يوم الدين ، ينعم عليهم ويغفر لهم.
    2 ـ قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). كرر (إِيَّاكَ) وقدّمه ، ولم يقتصر على ذكره مرة ، كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين فى آيات كثيرة منها : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (5). أى : ما قلاك. وكذلك الآيات التى بعدها معناها : (فآواك ـ فهداك ـ فأغناك) ، لأن فى التقديم فائدة ، وهى : قطع الاشتراك ، ولو حذف لم يدل على
    __________________
    (1) الذين جعلوا البسملة آية من الفاتحة : ابن عباس ، وابن عمر ، وابن الزبير ، ومكحول ، وطاوس ، وابن المبارك ، وابن شهاب وطائفة لا تحصى والشافعى وابن وهب المالكى ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وطائفة من أهل النظر والأصول (العلوم والمعانى ورقة 15).
    (2) على بن عيسى أبو الحسن الرمانى مفسر من كبار النحاة. ولد ببغداد ومات بها سنة 384 ه‍. له مؤلفات منها : التفسير وهو مفقود ، والمعلوم والمجهول ، والأكوان ، ورسائل فى إعجاز القرآن ... وغيرها. انظر ترجمته فى : (بغية الوعاة 2 / 180 ، 181 ، وفيات الأعيان ، وتاريخ بغداد 2 / 16 ، ونزهة الألباء 289 ، وإنباء الرواة 2 / 294).
    (3) قاسم بن حبيب ذكره الزبيدى فى الطبقة الرابعة من النحاة بالقيروان. (طبقات النحويين واللغويين 372) ، وذكره السيوطى فى بغية الوعاة 2 / 252 / 1917.
    (4) فى أ : أجمعين.
    (5) سورة الضحى ، الآية 3.

    التقديم ، لأنّك لو قلت : إياك نعبد ونستعين ، لم يظهر أن التقدير : إياك نعبد وإياك نستعين ، أم : إياك نعبد ونستعينك ، فكرّره (1).
    3 ـ قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ). كرّر (الصِّراطَ) لعلّه تقرب ممّا ذكرت فى (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، وذلك أن الصراط هو : المكان المهيأ للسلوك ، فذكر فى الأول المكان ، ولم يذكر السّالكين ، فأعاده مع ذكرهم فقال : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ). أى : الذى يسلكه النبيون والمؤمنون. ولهذا كرّر أيضا فى قوله : (... إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِراطِ اللهِ) (2) لأنه ذكر المكان المهيّأ ، ولم يذكر المهيّئ. فأعاده مع ذكره فقال : (صِراطِ اللهِ) ، أى الذى هيّأه للسالكين.
    4 ـ قوله : (عَلَيْهِمْ) ليس بتكرار ، لأن كل واحد منهما متصل بفعل غير الآخر ، وهو : الإنعام ، والغضب. وكل واحد منهما يقتضيه اللفظ ، وما كان هذا سبيله فليس بتكرار ولا من المتشابه.
    سورة البقرة
    5 ـ قوله تعالى : (الم) هذه الآية تتكرر فى أوائل ست سور ، فهى من المتشابه لفظا ، وذهب جماعة من المفسرين إلى أن قوله :
    (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) (3) هى هذه الحروف الواقعة فى أوائل السور ، فهى أيضا من المتشابه لفظا ومعنى ، والموجب لذكره أول البقرة من
    __________________
    (1) والفرق بينهما : أن معنى الأول : لا نعبد غيرك ، ولا نستعين بسواك ، والثانى : لا نعبد غيرك ونستعين بك وبسواك. فكرّر إياك لقطع الاشتراك فى أىّ من الفعلين.
    (2) سورة الشورى ، آية 52 ، 53 والصراط : الطريق والسبيل ، وذلك لقطع دعوى استقامة الطرق السلوكية التى يخترعها الناس ، ولتخصيص الاستقامة بطريق الله وحده. وفى آية الفاتحة ذكر هذا المعنى مفهوما من نتيجة السلوك على الصراط ، وهى : الإنعام على السالكين من الله. فإنعام الله على سالكيه دليل على أنه طريقه المرضى عنده.
    (3) سورة آل عمران آية 7. والقول الذى نقله المؤلف هو قول مقاتل بن حيان. انظر (تفسير ابن كثير 2 / 5).

    القسم وغيره ، وهو بعينه الموجب لذكره فى أوائل سائر السور المبدوءة به ، وزاد فى الأعراف صادا لما جاء بعده : (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) (1) ولهذا قال بعض المفسرين : معنى (المص) (2) ألم نشرح لك صدرك. وقيل : معناه المصور. وزاد فى الرعد راء لقوله بعده : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ) (3).
    6 ـ قوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) (4) ، وفى يس : (وَسَواءٌ) (5) بزيادة واو ، لأن ما فى البقرة جملة هى خبر عن اسم إن ، وما فى يس جملة عطفت بالواو على جملة.
    7 ـ قوله : (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) (6) ليس فى القرآن غيره تكرار العامل مع حرف العطف لا يكون إلّا للتأكيد ، وهذه حكاية كلام المنافقين ، وهم أكّدوا كلامهم نفيا للريبة ، وإبعادا للتهمة ، فكانوا فى ذلك كما قيل : (يكاد المريب يقول خذونى). فنفى الله الإيمان عنهم بأوكد الألفاظ فقال : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (7) ، ويكثر ذلك مع النفى ، وقد جاء فى القرآن فى موضعين : فى النساء : (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) (38) ، وفى التوبة : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) (29).
    8 ـ قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) (21) ليس فى القرآن غيره ، لأن العبادة فى الآية : التوحيد (Cool.
    __________________
    (1) سورة الأعراف : 2.
    (2) سورة الأعراف : 1.
    (3) سورة الرعد : 2.
    (4) سورة البقرة : 6.
    (5) سورة يس : 10.
    (6) سورة البقرة : 8.
    (7) سورة البقرة : 8.
    (Cool انظر فى تفسير هذه الآية القرطبى 1 / 238 ، والكشاف 1 / 80 ، والبيضاوى 1 / 16 ، ومثل قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات : 56. أى يوحدون ، ومثل قوله تعالى : (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) الزخرف 81. أى الموحدين انظر تفسير الطبرى 27 / 228 ، والقرطبى 17 / 55 (المراجع).

    والتوحيد أول ما يلزم العبد من المعارف ، فكان هذا أول خطاب خاطب الله به الناس فى القرآن ، فخاطبهم بما ألزمهم أولا ، ثم ذكر سائر المعارف ، وبنى عليها العبادات فيما بعدها من السور والآيات.
    فإن قيل : سورة البقرة ليست من أول القرآن نزولا ، فلا يحسن فيها ما ذكرت.
    قلت : أول القرآن سورة الفاتحة ، ثم البقرة ، ثم آل عمران ، على هذا الترتيب إلى سورة الناس ، وهكذا هو عند الله فى اللوح المحفوظ ، وهو على هذا الترتيب كان يعرضه عليه الصلاة والسلام على جبريل عليه‌السلام كل سنة أى : ما كان يجتمع عنده منه ، وعرضه عليه الصلاة والسلام فى السنة التى توفى فيها مرتين (1) ، وكان آخر الآيات نزولا : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) (2) ، فأمره جبريل أن يضعها بين آيتى الرّبا والدين (3).
    وذهب جماعة من المفسرين إلى أن قوله فى هود : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) (13) معناه : مثل البقرة إلى هود ، وهى العاشرة ، ومعلوم أن سورة هود مكية ، وأن البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنفال ، والتوبة مدنيات نزلن بعدها.
    __________________
    (1) نقل القرطبى 1 / 60 عن أبى بكر بن الأنبارى : أن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا ثم فرق على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى عشرين سنة. وكانت السورة تنزل فى أمر يحدث ، والآية تنزل جوابا لمستخبر يسأل ، ويوقف جبريل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على موضع السورة والآية ...
    فمن أخّر سورة مقدّمة ، أو قدّم سورة مؤخّرة ، فهو كمن أفسد نظم الآيات. وحديث عرض القرآن مرتين فى آخر حياة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخرجه أحمد فى المسند عن ابن عباس المسند 1 / 213 ، وموافقة ما فى مصحف عثمان للعرضة الأخيرة نقله القسطلانى عن الإمام أحمد ، وابن أبى داود فى المصاحف ، والطبرى من طريق عبيدة السلمانى ، ومحمد بن سيرين (لطائف الإشارات 1 / 30 ، وانظر الإتقان 1 / 77 ـ 79) فقد استوعب السيوطى آراء العلماء فى ترتيب السور والآيات وأنها من الوحى ، وكذلك انظر مقدمة (تناسق الدرر فى تناسب السور) للسيوطى أيضا.
    (2) سورة البقرة : 281.
    (3) تفسير القرطبى 1 / 60 ، 61 أخرجه عن ابن عباس ، خلافا لما روى عن البراء : أن آخر آية نزلت (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ...) [سورة النساء : 176].

    وفسّر بعضهم قوله : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) «73 : 4» أى : اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم وتأخير ، وجاء النكير على من قرأه معكوسا (1) ، ولو حلف إنسان أن يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزمه إلّا على هذا الترتيب ، ولو نزل جملة كما اقترحوا عليه بقولهم : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) «25 : 32» لنزل على هذا الترتيب ، وإنما تفرقت سوره وآياته نزولا لحاجة الناس حالة بعد حالة ، ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ، ولم يكونا ليجتمعا نزولا.
    وأبلغ الحكم فى تفرقة ما قاله سبحانه : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ) «17 : 106» وهذا أصل تنبنى عليه مسائل ، والله أعلم.
    9 ـ قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) «2 : 23» بزيادة (مِنْ) السورة ، وغيرها (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) «10 : 38» ، لأن (مِنْ) تدل على التبعيض ، ولما كانت هذه السورة سنام القرآن (2) وأوله بعد الفاتحة ، حسن دخول (مِنْ) فيها ليعلم أن التحدى واقع على جميع سور القرآن من أوله إلى آخره ، وغيرها من السور لو دخلها (مِنْ) لكان التحدى واقعا على بعض السور دون بعض ، ولم يكن ذلك بالسهل.
    والهاء فى قوله : (مِنْ مِثْلِهِ) تعود إلى (مِمَّا) (3) وهو القرآن ، وذهب بعضهم إلى أنه يعود على محمد عليه الصلاة والسلام (4) ، أى :
    __________________
    (1) هذا هو رأى ابن مسعود وابن عمر. انظر تفسير القرطبى 1 / 61. وقد فسره القرطبى بقراءة السورة منكوسة أى من آخرها إلى أولها.
    (2) أخرجه أحمد فى المسند 5 / 26 عن معقل بن يسار عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «البقرة سنام القرآن وذروته ...» الحديث ، وفى الترمذى 8 / 181 عن أبى هريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لكل شىء سنام وإن سنام القرآن البقرة» أخرجه الطبرانى وأبو حاتم وابن حبان فى صحيحه (مجمع الزوائد 2 / 447) ، والدارمى فى فضائل القرآن 2 / 447 عن ابن مسعود.
    (3) إشارة إلى ما فى قوله تعالى فى نفس الآية : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا ...).
    (4) وهو مدلول عليه فى الآية بقوله : (عَلى عَبْدِنا).

    فأتوا بسورة من إنسان مثله ، وقيل : يعود إلى الأنداد (1) وهو ضعيف. لأن الأنداد جماعة ، والهاء لفرد. وقيل : مثله : التوراة ، والهاء تعود إلى القرآن. والمعنى : فأتوا بسورة من التوراة التى هى مثل القرآن ليعلموا وفاقهما. (وهو) خطاب لليهود.
    10 ـ قوله : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) «2 : 34» ذكر هذه الخلال فى هذه السورة جملة ، ثم ذكرها فى سائر السور مفصلا ، فقال فى الأعراف (2) : (إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (11). وفى سبحان (الإسراء) (3) : (إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) (61). وفى الكهف : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) (4) (50). وفى طه : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) (11). وفى ص : (إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (74) (5).
    11 ـ قوله : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا) (35) بالواو. وفى الأعراف : (فَكُلا) (19) بالفاء. (اسْكُنْ) فى الآيتين ليس بأمر بالسكون الذى هو ضد الحركة ، وإنما الذى فى البقرة من السكون الذى معناه الإقامة (وذلك يستدعى زمانا ممتدا) فلم يصح إلّا بالواو ، لأن المعنى : اجمع بين الإقامة فيها والأكل من ثمارها. ولو كان الفاء مكان الواو لوجب تأخير الأكل إلى الفراغ من الإقامة ، لأن الفاء للتعقيب والترتيب. والذى فى الأعراف من السكنى الذى معناها : اتخاذ الموضع مسكنا ، لأن الله تعالى أخرج إبليس من الجنة بقوله :
    __________________
    (1) الأنداد فى قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) آية 22 من نفس السورة. والأنداد : النظراء والشركاء. (المراجع)
    (2) فى أ ، ب : فى الفرقان ، والآية فى الأعراف كما أثبتناه وليست فى الفرقان.
    (3) إضافات من المراجع.
    (4) الآية : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ...) [الكهف : 50].
    (5) لم يذكر المؤلف علّة الإجمال والتفصيل. وأقول : إن هذه قضية تتعلق بالعقيدة ، وكل ما كان من أصول العقيدة فى القرآن بدئ فيه بالكلى ، ثم بالجزئيات ، إلزاما لصيانة الاعتقاد. وكل ما هو من أصول التشريع جاء تدريجيا ، من الجزئى إلى الكلى.

    (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً) (18) وخاطب آدم فقال : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (19) أى : اتخذاها لأنفسكما مسكنا (فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما) (19) ، فكانت الفاء أولى ، لأن اتخاذ المسكن لا يستدعى زمانا ممتدا ، ولا يمكن الجمع بين الاتخاذ والأكل فيه ، بل يقع الأكل عقيبه.
    وزاد فى البقرة (رَغَداً) لما زاد فى الخبر تعظيما بقوله : (وَقُلْنا) ، بخلاف سورة الأعراف ، فإن فيها (قالَ). والخطيب ذهب إلى أن ما فى الأعراف خطاب لهما قبل الدخول ، وما فى البقرة بعد الدخول (1).
    12 ـ قوله : (اهْبِطُوا مِنْها) (38) ، كرّر الأمر بالهبوط (2) لأن الأول من الجنة والثانى من السماء.
    13 ـ قوله : (فَمَنْ تَبِعَ) (38) ، وفى طه : (فَمَنِ اتَّبَعَ) (123) تبع واتبع بمعنى ، وإنما اختار فى طه (اتَّبَعَ) موافقة لقوله تعالى : (يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) [طه : 108].
    14 ـ قوله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) (48) قدم الشفاعة فى هذه الآية وأخّر العدل ، وقدم العدل فى الآية الأخرى (3) من هذه السورة وأخّر الشفاعة. وإنما قدم الشفاعة قطعا
    __________________
    (1) انظر : (درة التنزيل وغرة التأويل ص 11) نشر دار الآفاق الجديدة فى بيروت 1973 م وفيه كذلك أن كل فعل عطف عليه ما يتعلق به تعلق الجواب بالابتداء. وكان الأول مع الثانى بمنزلة الشرط والجزاء ، فالأصل فيه عطف الثانى على الأول بالفاء ، وما لم يكن كذلك فالعطف بالواو. ومن الأول الآية رقم (19 ، 161) الأعراف ، و (58) البقرة. ومن الثانى آية البقرة هنا (35).
    (2) التكرار فى نفس السورة : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) [البقرة : 36].
    والآية الأخرى : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : 38] (المراجع).
    (3) الآية الأخرى فى نفس السورة (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) (132) ، والعدل هنا : الفدية.

    لطمع من زعم أن آباءهم تشفع لهم ، وأن الأصنام شفعاؤهم عند الله (1) ، وأخرها فى الآية الأخرى لأن التقدير فى الآيتين معا : لا يقبل منها شفاعة فتنفعها تلك الشفاعة ، لأن النفع بعد القبول ، وقدم العدل فى الآية الأخرى ليكون لفظ القبول مقدما فيها.
    15 ـ قوله : (يُذَبِّحُونَ) «49» بغير واو هنا على البدل من (يسومونكم) (2) وفى الأعراف : (يَقْتُلُونَ) «141». وفى إبراهيم : (وَيُذَبِّحُونَ) «6» بالواو ، لأن ما فى «هذه السورة» و «الأعراف» من كلام الله تعالى ، فلم يرد تعداد المحن عليهم ، والذى فى «إبراهيم» من كلام موسى ، فعدد المحن عليهم ، وكان مأمورا بذلك فى قوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) «14 : 5».
    16 ـ قوله : (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) «57» هاهنا ، وفى الأعراف «160». وقال فى آل عمران : (وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) «117» لأن ما فى السورتين إخبار عن قوم ماتوا وانقرضوا ، وما فى آل عمران مثل (3).
    17 ـ قوله : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا) «58» بالفاء ، وفى الأعراف «» بالواو ، لأن الدخول سريع الانقضاء ، فيتبعه الأكل ، وفى (الأعراف) (4) : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا) «161»
    __________________
    (1) ويرى الإسكافى أن الآية الأولى جمعت على الترتيب كل الأمور التى يدفع بها المكروه عن الأعزة ونفت حدوثها فى الآخرة. فالعرب تدافع عن العزيز بغاية القوة والجلد كما يدفع الوالد عن ولده ، فإذا عجزوا عادوا بوجوه الضراعة والشفاعة ، فإذا عجزوا عرضوا الفداء بالمال أو غيره.
    وعلى مقتضى التقاليد العربية نفت الآية جدوى تلك التقاليد فى الآخرة (درة التنزيل ص 12).
    (2) قال الزجاج : يسومونكم : يولونكم سوء العذاب. وقال الليث : السوم : أن تجشم إنسانا مشقة أو سوءا أو ظلما (لسان العرب 12 / 312).
    (3) سياق الآيات فى البقرة والأعراف عن بنى إسرائيل ، وكان المخاطبون بها قد ماتوا وانقرضوا قبل البعثة المحمدية. والمثل فى آل عمران قوله : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (177).
    (4) سقطت من ب.

    المعنى : أقيموا فيها ، وذلك ممتد ، فذكر بالواو ، أى : اجمعوا بين الأكل والسكون ، وزاد فى البقرة (رَغَداً) لأنه سبحانه أسنده إلى ذاته بلفظ التعظم وهو قوله : (وَإِذْ قُلْنا) خلاف ما فى الأعراف ، فإن فيه : (وَإِذْ قِيلَ).
    وقدم (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) على قوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) فى هذه السورة ، وأخّرها فى الأعراف ، لأن السابق فى هذه السورة (ادْخُلُوا) فبيّن كيفية الدخول (1).
    وفى هذه السورة (خَطاياكُمْ) (58) بالإجماع. وفى الأعراف (خَطِيئاتِكُمْ) (161) مختلف (2) لأن خطايا صيغة الجمع الكثير ، ومغفرتها أليق فى الآية بإسناد الفعل إلى نفسه سبحانه.
    وفى هذه السورة (وَسَنَزِيدُ) ، وفى الأعراف (سَنَزِيدُ) بغير واو ، لأن اتصالها فى هذه السورة أشد ، لاتفاق اللفظين. واختلفا فى الإعراب لأن اللائق (سَنَزِيدُ) محذوف الواو ليكون استئنافا لكلام (3).
    __________________
    (1) قال الإسكافى : إن ما أخبر الله به من قصة موسى وبنى إسرائيل وسائر الأنبياء لم يقصد به حكاية الألفاظ بأعيانها ، وإنما قصد اقتصاص معانيها ، وكيف لا يكون كذلك واللغة التى خوطبوا بها غير العربية ، فحكاية اللفظ إذن زائلة ، وتبقى حكاية المعنى ، ومن حكاية المعنى كان مخبرا بأى لفظ أراد ، وكيف شاء من تقديم وتأخير بحرف لا يدل على الترتيب كالواو. وعلى هذا يقاس نظائره فى القرآن (درة التنزيل ص 17).
    (2) قرأ نافع وابن عامر (تغفر) بالتاء مضمومة وفتح الفاء ، والباقون بالنون مفتوحة (نغفر). وقرأ أبو عمرو (خطاياكم) على لفظ قضاياكم ، من غير همز ، وابن عامر (خطيئتكم) بالهمز وضم التاء من غير ألف ، على التوحيد ، ونافع كذلك إلّا أنه على الجمع ، والباقون كذلك إلّا أنهم يكسرون التاء (التيسير ص 114) طبعة إستانبول 1920 م.
    (3) بيان ذلك : أن (ادْخُلُوا) من قوله تعالى فى البقرة : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا) وقعت فى موضع المفعول من (قُلْنَا). والمفعول يكون مفردا ، ويكون مكانه جملة ، والفاعل عند البصريين لا يكون إلّا مفردا ، ولا تصح الجملة مكانه ، ولذلك يقولون فى قوله فى سورة يوسف : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) (35). إن فاعل (بَدا) هو البداء الذى دل عليه الفعل ، لأن الفعل دال على مصدر ، وكذلك قوله تعالى فى السجدة Sadأَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) (26). فاعل (يَهْدِ) عند البصريين يكون الفاعل فى قوله فى الأعراف : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا) مفردا ، ولا يصح أن يكون جملة ، ولا يجوز أن يكون

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:26

    وفى هذه السورة (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً) «59». وفى الأعراف «162» (ظَلَمُوا مِنْهُمْ) ، (لأن فى الأعراف) (1) (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى) «159» ، ولقوله : (مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ) «7 : 168».
    وفى هذه السورة (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) «59» ، وفى الأعراف (فَأَرْسَلْنا) «162» ، لأن لفظ الرسول والرسالة كثرت فى الأعراف ، فجاء ذلك وفقا لما قبله ، وليس كذلك فى سورة البقرة.
    18 ـ قوله : (فَانْفَجَرَتْ)««60» ، وفى الأعراف : (فَانْبَجَسَتْ) «160» ، لأن الانفجار : انصباب الماء بكثرة. والانبجاس : ظهور الماء. وكان فى هذه السورة (كُلُوا وَاشْرَبُوا) فذكر بلفظ بليغ. وفى الأعراف : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) وليس فيه : واشربوا. فلم يبالغ فيه.
    19 ـ قوله : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) «61» فى هذه السورة ، وفى آل عمران : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ) «21» وفيها وفى النساء : (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) «155» ، لأن ما فى البقرة إشارة إلى الحق الذى أذن الله أن تقتل النفس به ، وهو قوله : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) «6 : 151» فكان الأولى أن يذكر (2)
    __________________
    = (اسْكُنُوا) مكان الفاعل كما كان (ادْخُلُوا) مكان المفعول ، فى قوله : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا). فعلى هذا يكون القائم مقام الفاعل لفظا مفردا ، هو القول ، كما كان البداء فاعل قوله : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) ، وإذا خرج قوله : (اسْكُنُوا) عن كونه فاعلا وكان لفظه فى موضع الفاعل ، ولم يتعلق بالفعل الذى قبله تعلق الفاعل بفعله ، ولا تعلق المفعول بفعله الواقع فيه فى قوله : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا) صار كأنه منفصل عن الفعل فى الحكم ، وإن كان متصلا به فى اللفظ ، وجواب الأمر الذى هو اسكنوا قوله : (نَغْفِرْ لَكُمْ). والجواب فى حكم الابتداء ، ينفصل كما يتصل ، ولا دليل فى اللفظ على انفصاله إلّا بفصل ما أصله أن يكون متعلقا به بحرف عطف ، وهو (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) ، بحذف الواو منه ، واستئنافه خبرا مفردا. (درة التنزيل ص 17 ، 18).
    (1) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (2) فى أ : فكان الأولى الذكر.

    معرفا ، لأنه من الله تعالى ، وما فى آل عمران والنساء نكرة ، أى بغير حق فى معتقدهم ودينهم ، فكان هذا بالتنكير أولى. وجمع النبيين جمع السلامة فى البقرة لموافقة ما بعده من جمعى السلامة وهو (النَّبِيِّينَ) ـ (الصَّابِئِينَ) ، وكذلك فى آل عمران (إِنَّ الَّذِينَ) ـ و (ناصِرِينَ) ـ و (مُعْرِضُونَ) بخلاف (الْأَنْبِياءَ) فى السورتين.
    20 ـ قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ) (62) ، وقال فى الحج : (وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى) (17) ، وقال فى المائدة : (وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) (69) ، لأن النصارى مقدمون على الصابئين فى الرتبة ، لأنهم أهل كتاب (1) ، فقدمهم فى البقرة. والصابئون مقدمون على النصارى فى الزمان ، لأنهم كانوا قبلهم ، فقدمهم فى الحج. وداعى (2) فى المائدة (بين) (3) المعنيين ، وقدمهم فى اللفظ ، وأخرهم فى التقدير (4) ، لأن تقديره والصابئون كذلك (5).
    قال الشاعر :
    فإن يك أمسى بالمدينة رحله. فإنى وقيار بها لغريب (6)
    __________________
    (1) فى أ : أهل الكتاب.
    (2) فى أ : وراعى.
    (3) سقطت من أ.
    (4) فى ب : التقديم.
    (5) الصابئون : يزعمون أنهم على دين نوح ، وفى الصحاح : جنس من أهل الكتاب قبلتهم من مهب الشمال عند منتصف النهار. وفى التهذيب : يشبه دينهم دين النصارى ، وقبلتهم نحو مهب الجنوب (لسان العرب 1 / 107).
    وترتيب الطوائف فى المائدة جامع للترتيب بالكتب وبالزمان ، فتقديم الصابئين فيها على النصارى يدل على ترتيب الزمان. ورفعها بين المنصوبات يدل على نية تأخيرهم ، والترتيب بالكتب السماوية. وترتيبهم فى البقرة بالكتب ، فأخّر المجوس لأنهم لا كتاب لهم. وترتيبهم فى الحج بالأزمنة ، فقدمهم لأنهم قبل النصارى ، ولم يقصد الترتيب بالكتب ، لأن أكثر المذكورين ممن لا كتب لهم. وأخر الذين أشركوا وإن تقدمت لهم أزمنة لأنهم كانوا أكثر من ابتلى بهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويحادهم ، فكانوا أهل زمانه أيضا.
    (6) البيت من قصيدة لضابئ البرجمى. وكان عثمان رضى الله عنه اعتقله ، لأنه كان قد همّ بقتله. وقيّار : اسم رجل ، أو فرس ، أو جمل (لسان العرب 5 / 124 ، 125).

    أراد : إنى لغريب وقيار كذلك. فتأمل فيها وفى أمثالها يظهر لك إعجاز القرآن.
    21 ـ قوله : (أَيَّاماً مَعْدُودَةً) (80) ، وفى آل عمران : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) (24) ، لأن الأصل فى الجمع إذا كان واحده مذكرا أن يقتصر فى الوصف على التأنيث ، نحو قوله : (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ. وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ. وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ. وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) «88 : 13 ـ 16» ، وقد يأتى : سرر مرفوعات على تقدير : ثلاث سرر مرفوعة ، وتسع سرر مرفوعات ، إلّا أنه ليس بالأصل ، فجاء فى البقرة على الأصل ، وفى آل عمران على الفرع. وقوله : (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) (203). أى : فى ساعات أيام معدودات (1) ، وكذلك (فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) «22 : 28».
    22 ـ قوله : (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ) «94 ، 95» ، وفى الجمعة : (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ) (7) ، لأن دعواهم فى هذه السورة بالغة قاطعة ، وهى : كون الجنة (لهم) (2) بصفة الخلوص ، فبالغ فى الرد عليهم بلن ، وهو أبلغ (3) ألفاظ النفى ، ودعواهم فى الجمعة قاصرة مترددة ، وهى زعمهم أنهم أولياء الله (4) ، فاقتصر على (لا).
    23 ـ قوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (100) ، وفى غيرها : (لا يَعْقِلُونَ) ـ (لا يَعْلَمُونَ) ، لأنهم بين ناقض عهد ، وجاحد حق ، إلّا القليل ، منهم عبد الله بن سلام وأصحابه ، ولم يأت هذان المعنيان معا (5) فى غير هذه السورة.
    __________________
    (1) وذلك لأن المراد من (اذكروا) أن يكبروا فى اليوم الواحد فى أدبار الصلوات الخمس ، فحذفت الساعات ، وأقيم المضاف إليها مقامها.
    (2) سقطت من ب.
    (3) فى ب : بما هو أبلغ.
    (4) وذلك فى قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) [6]. فدعواهم هنا ليست المطلوب الذى ليس وراءه مطلوب كدعواهم فى البقرة أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس.
    (5) وهما : نقض العهد ، وجحد الحق عند اليهود ، ويوضحه قوله تعالى فى نفس =

    24 ـ قوله : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (120) ، وفيها أيضا : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (145) فجعل مكان قول (الَّذِي ما) وزاد فى أوله (مِنْ) ، لأن العلم فى الآية الأولى علم بالكمال ، وليس وراءه علم ، لأن معناه : بعد الذى جاءك من العلم بالله وصفاته ، وبأن الهدى هدى الله ، ومعناه : بأن دين الله الإسلام ، وأن القرآن كلام الله ، فكان لفظ (الَّذِي) (1) أليق به من لفظ (ما) ، لأنه فى التعريف أبلغ ، وفى الوصف أقعد ، لأن (الَّذِي) تعرفه صلته فلا يتنكر قط ، وتتقدمه أسماء الإشارة ، نحو قوله : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) «67 : 20» ، (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) «67 : 21» فيكتنف (الَّذِي) بيانان : (2) هما الإشارة قبلها والصلة بعدها ، ويلزمه الألف واللام ، ويثنى ويجمع ، وليس لما شىء من ذلك ، لأنه يتنكر مرة ويتعرف أخرى ، ولا يقع وصفا لأسماء الإشارة ، ولا تدخله الألف واللام ، ولا يثنى ولا يجمع.
    وخص الثانى (بِما) لأن المعنى : من بعد ما جاءك من العلم بأن قبلة (اللهِ) (3) هى الكعبة ، وذلك قليل من كثير من العلم ، وزيدت (4) معه (مِنْ) التى لابتداء الغاية ، لأن تقديره : من الوقت الذى جاءك فيه العلم بالقبلة ، لأن القبلة الأولى نسخت بهذه الآية ، وليست الأولى مؤقتة بوقت.
    وقال فى سورة الرعد : (بَعْدَ ما جاءَكَ) (37). فعبر بلفظ (ما) ولم يزد (مِنْ) لأن العلم هنا هو : الحكم العربى (5) ، أى :
    __________________
    السورة : (قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) [93] ، وقوله : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) [100].
    (1) سقطت من أ.
    (2) فى أ : بنيانات.
    (3) سقطت من ب.
    (4) فى أ : وتزيدت.
    (5) الحكم العربى هو المذكور فى نفس الآية : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ).

    القرآن. فكان بعضا من الأول ، ولم يزد فيه (مِنْ) لأنه غير مؤقت ، وقريب من معنى القبلة ما فى آل عمران : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (61) فهذا جاء بلفظ (ما) وزيدت فيه (مِنْ) (1).
    25 ـ قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) «7 ، 48 و 122 ، 123» هذه الآية والتى قبلها متكررتان ، وإنما كررت لأن كل واحدة منهما صادفت معصية تقتضى تنبيها ووعظا ، لأن كل واحدة وقعت فى غير وقت الأخرى. والمعصية الأولى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) (44) ، والثانية : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (120).
    26 ـ قوله : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) (126) ، وفى إبراهيم : (هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) (35) ، لأن (هَذَا) (2) هنا إشارة إلى المذكور فى قوله : (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) (37) قبل بناء الكعبة ، وفى إبراهيم إشارة إلى البلد بعد الكعبة (3). فيكون (بَلَداً) فى هذه السورة المفعول الثانى ، و (آمِناً) صفته (4) و (هَذَا الْبَلَدَ) فى إبراهيم المفعول الأول ، و (آمِناً) المفعول الثانى (5).
    __________________
    (1) ومما يبين الأغراض المذكورة : ما اقترن بكل منها من الوعيد. ففي الآية الأولى منعه الله بعلمه عن الكفر فى قوله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) ، وختمها بقوله : (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ). وفى آية الرعد كان العلم مانعا من ترك شطر القرآن ، فكانت خاتمها : (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ). أما اتباع أهوائهم فى أمر القبلة فلما كان مما يجوز نسخه كان الوعيد عليه أخف : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ).
    (درة التنزيل ص 28 ، 29).
    (2) سقطت من أ.
    (3) فى ب : بعد البناء.
    (4) فى أ : نعته.
    (5) ما بين الحاصرين سقط من أ.
    وفى (درة التنزيل ص 29) : هذا هو المفعول الأول ، والبلد عطف بيان على مذهب سيبويه ، وصفة على مذهب أبى العباس المبرد ، وآمنا مفعول ثان.

    وقيل : لأن النكرة إذا تكررت صارت معرفة (1) ، وقيل : تقديره فى البقرة : البلد بلدا آمنا. فحذف اكتفاء بالإشارة ، فتكون الآيتان سواء (2).
    27 ـ قوله : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) (136) فى هذه السورة. وفى آل عمران (عَلَيْنا) (84) ، لأن (إِلى) للانتهاء إلى الشيء من أى جهة كانت ، والكتب منتهية إلى الأنبياء وإلى أممهم جميعا. والخطاب فى هذه السورة لهذه الأمة (3) ، لقوله تعالى : (قُولُوا) (136) فلم يصح إلّا (إِلى) و (عَلى) مختص بجانب الفوق (4) ، وهو مختص بالأنبياء ، لأن الكتب منزلة عليهم ، لا شركة للأمة فيها.
    وفى آل عمران (قُلْ) (84) وهو مختص بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دون أمته ، فكان الذى يليق به (عَلى).
    وزاد فى هذه السورة : (وَما أُوتِيَ). وحذف من آل عمران ، لأن فى آل عمران قد تقدم ذكر الأنبياء حيث قال : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) (81) (5).
    28 ـ قوله : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) (149) هذه الآية مكررة ثلاث مرات. قيل : إن الأولى لنسخ القبلة ، والثانية للسبب (6) ، وهو قوله : (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) (149) ، والثالثة للعلة ، وهو قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) (150) ، وقيل : الأولى فى مسجد المدينة ، والثانية خارج المسجد ، والثالثة خارج البلد.
    __________________
    (1) قال الإسكافى : هذا التعليل ليس بشيء ، وليس هذا مثالا له ، ولا هذا مكانه. (درة التنزيل ص 30).
    (2) ويكون المراد فى الآيتين الدعاء للبلد بالأمن. كما تقول : كن رجلا كريما ، فليس المراد الأمر بأن يكون المخاطب رجلا ، وإنما المراد : بأن يكون كريما.
    (3) فى ب : للأمة.
    (4) فى أ : الفوت : تحريف.
    (5) يعنى : لأن قوله : (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ) هو معنى : (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ) ومع هذا فقد جاء بعده : (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى). فكان هذا مغنيا عن تكرار الإيتاء للنبيين.
    (6) فى : السبب.

    وقيل : (فى) (1) الآيات خروجان : خروج إلى مكان ترى فيه القبلة ، وخروج إلى مكان لا ترى ، أى : الحالتان فيه سواء.
    قلت : (إنّما) (2) كرر لأن المراد بذلك : الحال ، والمكان ، والزمان ، وقلت فى الآية الأولى : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) وليس فيها (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) فجمع فى الآية الثالثة بين قوله : (حَيْثُ خَرَجْتَ) ـ (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) ، ليعلم أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين فى ذلك سواء.
    29 ـ قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا) (160) ليس فى هذه (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ). وفى غيرها : (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) «3 : 89» لأن قبله هنا : (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ) (159) فلو أعاد التبس (3).
    30 ـ قوله : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (164) خص العقل بالذكر لأن به (4) يتوصّل إلى معرفة الآيات. ومثله فى الرعد (4) ، النحل (12) ، والنور (61) ، والروم (24).
    31 ـ قوله : (ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) (170) فى هذه السورة ، وفى المائدة (104) ، ولقمان (21) : (ما وَجَدْنا) لأن ألفيت يتعدى إلى مفعولين ، تقول : ألفيت زيدا قائما ، وألفيت عمرا على كذا. ووجدت يتعدى مرة إلى مفعول واحد ، تقول : وجدت الضالة ، ومرة إلى مفعولين ، تقول : وجدت زيدا جالسا. فهو مشترك. فكان الموضع الأول باللفظ الأخص (5) أولى ، لأن غيره إذا وقع موقعه فى الثانى والثالث علم (أنّه) (6) بمعناه.
    __________________
    (1) سقطت من ب.
    (2) سقطت من ب.
    (3) وجه الالتباس هو عدم وضوح متعلق قوله : (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ). هل هو متعلق بقوله :
    (يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا) [159] أو متعلق بقوله : (تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا) [160]. والمراد هنا الكتم بعد البيان ، والمراد من الآيات التى ذكر فيها (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) التوبة بعد الكتم.
    (4) فى ب : لأنه يتوصل.
    (5) فى ب : بلفظ الأخص.
    (6) سقطت من ب.

    32 ـ قوله : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً) (170) ، وفى المائدة (لا يَعْلَمُونَ) (104) ، لأن العلم أبلغ درجة من العقل ، ولهذا جاز وصف الله به ، ولم يجز وصفه بالعقل (1) ، فكانت دعواهم فى المائدة أبلغ ، لقولهم : (حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) (104). فادعوا النهاية بلفظ (حَسْبُنا). فنفى ذلك بالعلم وهو النهاية. وقال فى البقرة : (بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) (170) ، ولم تكن النهاية (2) فنفى بما هو دون العلم ، لتكون كل دعوى منفية بما يلائمها ، والله أعلم.
    33 ـ قوله : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) (173). قدم (بِهِ) فى هذه السورة ، وأخرها فى المائدة (3) ، والأنعام (145) ، والنحل (115) ، لأن تقديم الباء (3) الأصل ، فإنها تجرى مجرى الهمزة والتشديد فى التعدى ، فكانت كحرف من الفعل ، فكان الموضع الأول أولى بما هو الأصل ، ليعلم ما يقتضيه اللفظ. ثم قدم فيما سواها ما هو المستنكر (4) وهو الذبح لغير الله ، وتقديم ما هو الغرض أولى ، ولهذا جاز تقديم المفعول على الفاعل ، والحال على ذى الحال ، والظرف على العامل فيه ، إذا كان ذلك أكثر للغرض فى الإخبار.
    34 ـ قوله فى هذه السورة : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) (173) وفى السور الثلاث (5) بحذفها ، لأنه لما قال فى الموضع الأول : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) صريحا كان نفى الإثم (6) فى غيره تضمينا ، لأن قوله :
    __________________
    (1) لا يجوز وصف الله بالعقل ، لأن يعقل معناه : يحصر الشيء بإدراكه له عما لا يدركه ، ويقيده تمييزه له عن غيره مما لا يدركه ، أو معناه : حبس النفس عما تدعو إليه الشهوات. وليس فى الوجود شىء لا يدركه الله ، وليس له شهوة فيحتبس عنها (درة التنزيل ص 39).
    (2) لأن قولهم : (بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) لا يمنع أن يرجعوا عن اتباعهم آباءهم.
    أما قولهم : (حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) فيفيد انتهاءهم إلى عقيدة آبائهم ، واستقرارهم عليها.
    (3) فى ب : لأن فى تقديم الباء فى الأصول ، وما أثبتناه أصح.
    (4) فى أ : المتكثر. وفى ب : المستكثر. والسياق يقتضى ما أثبتناه.
    (5) السور الثلاث : (الأنعام آية 145) ، و (المائدة آية 3) ، و (النحل آية 115).
    (6) فى الأصل : كان النفى ، وما أثبتناه أبعد من اللبس.

    (غَفُورٌ رَحِيمٌ) يدل على أنه لا إثم عليه.
    35 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (173) فى هذه السورة ، خلاف سورة الأنعام فإن فيها : (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (145) ، لأن لفظ الرب تكرر فى الأنعام مرات ، ولأن فى الأنعام قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ) (141) الآية. وفيها ذكر الحبوب والثمار ، وأتبعها بذكر الحيوان ، من الضأن ، والمعز ، والإبل ، وبها تربية الأجسام ، فكان ذكر الرب فيها أليق (1).
    36 ـ قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (174) الآية فى السورة على هذا النسق ، وفى آل عمران : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (77) لأن المنكر فى هذه السورة أكثر فالمتوعد (2) فيها أكثر (3) ، وإن شئت قلت : زاد فى آل عمران : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ)
    __________________
    (1) لم يذكر المؤلف سر اختصاص آية البقرة وآية النحل بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ) ، (فَإِنَّ اللهَ). والسر أنه تقدم على الآيتين الحديث عن الألوهية وما يختص بها. فتقدم فى البقرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ، وختم بقوله : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ) ... كذا وكذا. فتقدم لفظ (اللهِ) وتقدم التحريم ولا يملكه إلّا الله ، والعبادة وهى واجبة لله. وفى النحل : (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فأشبه ما فى البقرة. وكان لفظ (اللهُ) أولى وأخص بالآيتين. وانظر (درة التنزيل ص 42).
    (2) فى أ : فالمتوكل.
    (3) كثرة المنكر فى آية البقرة بكثرة الذنوب التى ارتكبوها. فقال تعالى فى صدر الآية :
    (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ...) الآية. فسجل عليهم : أنهم خالفوا الله فى أمره ، ونقضوا ما عاهدهم عليه ، فى قوله تعالى فى آل عمران : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ...) الآية [187]. فخالفوا وارتكبوا ما حرم الله ثم آثروا القليل من الدنيا على

    فى مقابلة : (ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ).
    37 ـ قوله فى آية الوصية : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (181) خص السمع بالذكر لما فى الآية من قوله : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ) ، ليكون مطابقا. وقال فى الآية الأخرى بعدها : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (182) لقوله قبله : (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) فهو مطابق معنى له.
    38 ـ قوله : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) (184) قيد بقوله : (مِنْكُمْ) ، وكذلك : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) (196) ، ولم يقيد (1) فى قوله : (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) (185) ، اكتفاء (2) بقوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (185) لاتصاله به.
    39 ـ قوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها) (187) ، وقال بعده : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) (229) ، لأن الحد الأول نهى وهو قوله : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (187) ، وما كان من الحدود نهيا أمر بترك المقاربة ، والحد الثانى أمر ، وهو بيان عدد الطلاق (3) بخلاف ما كان عليه العرب من المراجعة بعد الطلاق من غير عدد وما كان أمرا أمر بترك المجاوزة وهو الاعتداء (4).
    40 ـ قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) (189) : جميع ما جاء
    __________________
    = العظيم من عهد الله. فكان غلظ الوعيد لذلك أعظم. أما فى آل عمران فلم يذكر فى صدر الآية إلا بعض ما فى آية البقرة ، إذ قال : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً ...) الآية. انظر : [درة التنزيل 44 ، 45].
    (1) فى ب : ولم يقيده.
    (2) فى ب : اكتفى بقوله.
    (3) وهو قوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ...) إلى قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) [229].
    (4) قال الإسكافى : الحدود ضربان : حد هو منع ارتكاب المحظور ، وحد فاصل بين الحلال والحرام. فالأول : ينهى عن مقاربته ، والثانى : ينهى عن مجاوزته. (درة التنزيل ص 36).

    فى القرآن من السؤال وقع عقبه الجواب بغير الفاء ، إلّا فى قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي) «20 : 105» ، فإنه أجيب بالفاء ، لأن الأجوبة فى الجميع كانت بعد السؤال ، وفى طه قبل (وقوع) السؤال ، فكأنه قيل : إن سئلت عن الجبال فقال : ينسفها ربى.
    41 ـ قوله : (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (193) فى هذه السورة ، وفى الأنفال : (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ) (39) ، لأن القتال فى هذه السورة مع أهل مكة ، وفى الأنفال مع جميع الكفار ، فقيده بقوله : (كُلُّهُ).
    42 ـ قوله : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) (214). وقال فى آل عمران : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (142).
    وقال فى التوبة : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ...) الآية (16) ، الخطيب أطنب فى هذه الآيات ، ومحصول كلامه : أن الأول : للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين ، والثانى : للمؤمنين ، والثالث : للمخاطبين جميعا (1).
    43 ـ قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) «219 ، 220» ، وفى آخر السورة : (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (266) ، ومثله فى الأنعام (2) ، لأنه لما بين (فِي) (3) الأول مفعول التفكر وهو قوله : (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) حذفه مما بعده للعلم به. وقيل : (فِي) متعلقه بقوله : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (219).
    __________________
    (1) انظر : (الإسكافى ص 47 ، 48 ، 49 ، 50).
    (2) الذى فى الأنعام : (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) [50] و (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [152] وليس فيها (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).
    (3) سقطت من ب.

    44 ـ قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) (221) بفتح التاء ، والثانى بضمها (1) ، لأن الأول : من نكحت ، والثانى : من أنكحت ، وهو يتعدى إلى مفعولين (والمفعول) (2) الأول فى الآية : (الْمُشْرِكِينَ) والثانى محذوف وهو (الْمُؤْمِناتِ) أى : لا تنكحوا المشركين النساء المؤمنات حتى يؤمنوا.
    45 ـ قوله : (وَلا تُمْسِكُوهُنَ) (231) (3) أجمعوا على تخفيفه إلّا شاذا (4) وما فى غير هذه السورة قرئ بالوجهين ، لأن قبله (فَأَمْسِكُوهُنَ) (231) ، وقبل ذلك (فَإِمْساكٌ) (229) فاقتضى ذلك التخفيف.
    46 ـ قوله : (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ) (232) ، وفى الطلاق : (ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ ...) (2) الكاف فى (ذلِكَ) (5) لمجرد الخطاب لا محل له (6) من الإعراب ، فجاز الاختصار على التوحيد ، وجاز إجراؤه على عدد المخاطبين ، ومثله : (عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) (52) ، وقيل : حيث جاء موحدا (7) فالخطاب للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وخص بالتوحيد فى هذه السورة لقوله : (مَنْ كانَ مِنْكُمْ) وجمع (فى) (Cool الطلاق لما (لم) (9) يكن بعده (مِنْكُمْ) (10).
    47 ـ قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ
    __________________
    (1) وهو فى نفس الآية : (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [221] بضم التاء.
    (2) سقطت من أ.
    (3) فى ب : تمسوهم. خطأ.
    (4) القراءة الشاذة عن ابن الزبير (ولا تماسكوهن) (مختصر شواذ القراءات لابن خالويه) نشر برجشتراسر. الرحمانية بمصر 1934 م.
    (5) فى أ : ذلكم.
    (6) فى ب : لها.
    (7) فى أ : بواحد.
    (Cool سقطتا من ب.
    (9) سقطتا من ب.
    (10) انظر : (القول الأخير عند الإسكافى ص 51).

    بِالْمَعْرُوفِ) (234) ، وقال فى (الآية) (1) الأخرى : (مِنْ مَعْرُوفٍ) (240) ، لأن تقدير الأول [فيما فعلن بأمر الله وهو المعروف ، والثانى] (2) فيما فعلن فى أنفسهن فعلا (3) من أفعالهن معروفا ، أى : جاز فعله شرعا (4).
    قال أبو مسلم حاكيا عن الخطيب : إنما جاء المعروف الأول معرّف اللفظ لأن المعنى : بالوجه المعروف من الشرع لهن ، وهو الوجه الذى دل الله عليه وأبانه. والثانى : كان وجها من الوجوه التى لهن أن يأتينه ، فأخرج مخرج النكرة لذلك.
    قلت : النكرة إذا تكررت صارت معرفة ، فإن قيل : كيف يصح ما قلت والأول معرفة والثانى نكرة؟ وما ذهبت إليه يقتضى ضد هذا ، بدليل قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) «73 : 15 ، 116» ، فالجواب : أن هذه الآية بإجماع من المفسرين مقدمة على تلك الآية فى النزول ، وإن وقعت متأخرة فى التلاوة. ولهذا نظير فى القرآن فى موضع آخر أو موضعين وقد سبق بيانه (5) ، وأجمعوا أيضا على أن هذه الآية منسوخة بتلك الآية (6) ، والمنسوخ سابق على الناسخ ضرورة ، فصح ما ذكرت أن قوله :
    __________________
    (1) سقطت من ب.
    (2) ما بين الحاصرين سقط من أ.
    (3) فى أ : (فعل).
    (4) يفهم ذلك من صدر آية : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
    أى : لا جناح عليكم فى أن يفعلن فى أنفسهن فعلا هو بأمر الله وهو ما أباحه لهن من التزوج بعد انقضاء العدة فصار المعروف هنا محددا مشهورا. وفى الآية الثانية تخييرا لهن بين أمرين مشروعين هما : القعود ، والزواج. وهما مشروعان ، فلم يكن المعروف الثانى إلا وجها من الوجوه المشروعة غير محدد ، فلهذا خرج مخرج النكرة.
    (5) انظر : الفقرة [26] سورة البقرة.
    (6) أخرج البخارى عن الزبير أنه قال لعثمان : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ...) الآية. قد نسختها الآية الأخرى ، فلم تكتبها؟ فقال عثمان : يا ابن أخى ، لا أغير شيئا من مكانه.
    انظر : (البخارى ، هامش فتح البارى 8 / 33 طبع الهند ، كذلك انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس 72 ـ 7 ط الخانجى).

    بالمعروف ، هو ما ذكر فى قوله : من معروف. فتأمل فيه فإن هذا دليل على إعجاز القرآن (1).
    48 ـ قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) (253). كرّر هنا تأكيدا. وقيل : ليس بتكرار ، لأن الأول : للجماعة ، والثانى : للمؤمنين. وقيل : كرّر تكذيبا لمن زعم (أن ذلك) (2) لم يكن بمشيئة الله تعالى.
    49 ـ قوله : (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) (271) فى هذه السورة بزيادة (مِنْ) موافقة لما بعدها ، لأن بعدها ثلاث آيات فيها (مَنْ) على التوالى وهى قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) ثلاث مرات (3).
    50 ـ قوله : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) (284). (يغفر) مقدم فى هذه السورة وغيرها ، إلّا فى المائدة فإن فيها : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ) (40) ، لأنها نزلت بعدها فى حق السارق والسارقة (4) ، وعذابهما يقع فى الدنيا ، فقدم لفظ العذاب ، وفى غيرها
    __________________
    (1) الآية دليل على أن القرآن من عند الله ، فلو كان من عند النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لوضع الآية الثانية أو لا بمقتضى كونها منسوخة ، وبمقتضى المتعارف من لغة العرب حتى تتعرف النكرة بتكرارها حسب قواعد اللغة. ولكن الحكمة الإلهية اقتضت أن يتقدم الناسخ فى الترتيب باعتباره حكما يجب العمل به ، على الفور ، فهو مقدم لذلك ، وأن يتأخر المنسوخ باعتباره مستبعدا من ناحية العمل به ، ومع ذلك يأخذ حكم المقدم باعتباره سبقه فى النزول ، فيتعرف بالتكرار وإن لم يكن جاريا على الترتيب المتعارف فى اللغة ظاهرا ، وليس هذا صنيع إنسان أمي ، بل هو الله منزل الكتاب.
    (2) سقطت من ب. وهو يقصد قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) (المراجع).
    (3) كررت (مَنْ) ثلاث مرات فى قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) [272] وكررت كذلك فى قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) [273]
    (4) وذلك فى قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ) [38]. وتلك المراعاة الدقيقة للمعانى من دقائق إعجاز القرآن ، فالكلام البشرى يكثر فيه التجوز ونسيان السوابق واللواحق ، دون كلام الحكيم سبحانه وتعالى.

    (قدم لفظ) (1) المغفرة رحمة منه تعالى ، وترغيبا للعباد فى المسارعة إلى موجبات (2) المغفرة (جعلنا الله تعالى منهم بمنّه وكرمه) (3).
    سورة آل عمران
    51 ـ قوله تعالى : (إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (9) أول السورة ، وفى آخرها : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (194) ، فعدل من الخطاب إلى لفظ الغيبة فى أول السورة ، واستمر على الخطاب فى آخرها ، لأن ما فى أول السورة لا يتصل بالكلام الأول كاتصال ما فى آخرها ، فإن اتصال قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (9) بقوله : (إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) (9) معنوى ، واتصال قوله : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (194) بقوله : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا) (194) لفظى ومعنوى جميعا لتقدم لفظ الوعد ، (ولا يجوز أن يكون الأول استئنافا) (3) ، والآخر من تمام الكلام (4).
    52 ـ قوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ) (11) ، كان القياس : فأخذناهم ولكن لما عدل فى الآية الأولى إلى قوله : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (9) عدل فى هذه الآية أيضا ، لتكون الآيات على منهج واحد.
    53 ـ قوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (18) ، ثمّ كرّر فى هذه الآية فقال : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ، لأن الأول جرى مجرى الشهادة وأعاده ليجرى الثانى مجرى الحكم بصحة ما شهد به الشهود.
    __________________
    (1) سقطت من أ.
    (2) فى أ : إلى مرضاته والمغفرة.
    (3) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (4) لأن جمع الناس ليوم لا ريب فيه يقتضى تنفيذ المواعيد.

    54 ـ قوله : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) (28) ، كرّره مرتين (1) لأنه وعيد عطف عليه وعيد آخر فى الآية الأولى ، فإن قوله : (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) معناه : مصيركم إلى الله ، والعذاب معدّ لديه فاستدركه (2) فى الآية الثانية بوعد ، وهو قوله تعالى : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (30) والرأفة أشد من الرحمة. وقيل : من رأفته تحذيره.
    55 ـ قوله : (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) (40). قدّم فى هذه السورة ذكر الكبر ، وأخّر ذكر المرأة. وقال فى سورة مريم : (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) (Cool فقدم ذكر المرأة ، لأن فى مريم قد تقدم ذكر الكبر فى قوله : (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) (4) وتأخر ذكر المرأة فى قوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) (5) ثم أعاد ذكرها فأخّر ذكر الكبر ليوافق (عِتِيًّا) ما بعده من الآيات وهى : (سَوِيًّا (10)) و (عَشِيًّا (11)) و (صَبِيًّا (12)) (3).
    56 ـ قوله : (قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) (47). وفى مريم : (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) (20) ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر المسيح ، وهو ولدها (4) ، وفى مريم ذكر الغلام ، حيث قال : (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) (19).
    57 ـ قوله : (فَأَنْفُخُ فِيهِ) (49). وفى المائدة : (فَتَنْفُخُ فِيها) (110). قيل : الضمير فى هذه السورة يعود إلى الطير. وقيل :
    __________________
    (1) المرة الثانية قوله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) [30].
    (2) فى أ : فاستدرك.
    (3) فى أ ، ب : عتيّا ، وصليا ، وليس كذلك ما بعد (عِتِيًّا) ويلاحظ أن المؤلف ترك (شيئا ـ 9).
    (4) وذلك فى قوله تعالى : (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ) [45].

    إلى الطين. وقيل : إلى المهيأ (1). وقيل : إلى الكاف (2) فإنه فى معنى : مثل ، وفى المائدة يعود إلى الهيئة. وهذا جواب التذكير والتأنيث ، لا جواب التخصيص ، وإنما الكلام وقع فى التخصيص ، وهل يجوز أن يكون كل واحد منهما مكان الآخر أم لا؟ فالجواب أن يقال : فى هذه السورة إخبار قبل الفعل فوحّده ، وفى المائدة خطاب من الله له يوم القيامة وقد تقدم (3) من عيسى ـ عليه‌السلام ـ الفعل مرات ، والطير صالح للواحد وصالح للجميع.
    58 ـ قوله : (بِإِذْنِ اللهِ) (49). ذكر فى هذه الآية مرتين. وقال فى المائدة : (بِإِذْنِي) أربع مرات (4) ، لأن ما فى هذه السورة كلام عيسى ، فما يتصور أن يكون من فعل البشر أضافه إلى نفسه ، وهو : الخلق الذى معناه التقدير ، والنفخ (الذى) (5) هو : إخراج الريح من الفم. وما يتصور إضافته إلى الله تعالى (أضافه إليه) (6) وهو قوله : (فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) بما يكون فى طوق البشر ، فإن الأكمه (7) عند بعض المفسرين : الأعمش ، وعند بعضهم : الأعشى ، وعند بعضهم : الذى يولد أعمى ، وإحياء الموتى من فعل الله فأضافه إليه.
    وما فى المائدة من كلام الله سبحانه وتعالى فأضاف جميع ذلك إلى صنعه إظهارا لعجز البشر ، ولأن فعل العبد (Cool مخلوق لله تعالى.
    وقيل : (بِإِذْنِ اللهِ) يعود إلى الأفعال الثلاثة (9) ، وكذلك
    __________________
    (1) فى أ : المهيئ ، خطأ. والمراد بالمهيإ قوله تعالى : (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ).
    (2) يعنى فى قوله : (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ).
    (3) فى ب : سبق.
    (4) المرات الأربع فى قوله تعالى : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) [المائدة : 110].
    (5) سقطت من ب.
    (6) ما بين الحاصرين سقط من ب
    (7) فى ب : الكمه ، والبرص.
    (Cool فى ب : وأن فعل العبد.
    (9) الأفعال الثلاثة فى آية آل عمران هى : (أَخْلُقُ) ـ (فَأَنْفُخُ) ـ (فَيَكُونُ طَيْراً).

    الثانى يعود إلى الثلاثة الأخرى (1).
    59 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ) (2) (رَبِّي وَرَبُّكُمْ) (51) ، وكذلك فى مريم : (رَبِّي وَرَبُّكُمْ) (36). وفى الزخرف فى هذه القصة : (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) (64) بزيادة (هُوَ).
    قال الشيخ : إذا قلت : زيد هو قائم ، فيحتمل أن يكون تقديره : وعمر قائم ، فإذا قلت : زيد هو القائم ، خصصت القيام به ، فهو كذلك فى الآية ، وهذا مثاله ، لأن (هو) يذكر فى مثل هذه المواضع إعلاما أن المبتدأ مقصور على هذا الخبر ، وهذا الخبر مقصور عليه دون غيره.
    والذى فى آل عمران وقع بعد عشر آيات من قصتها (3) ، وليس كذلك ما فى الزخرف ، فإنه ابتداء كلام منه ، فحسن التأكيد بقوله : (هُوَ) ، ليصير المبتدأ مقصورا على الخبر المذكور فى الآية ، وهو إثبات الربوبية ، ونفى الأبوّة ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
    60 ـ قوله : (بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (52) فى هذه السورة ، وفى المائدة : (بِأَنَّنا) (111) ، لأن ما فى المائدة أول كلام الحواريين ، فجاء على الأصل ، وما فى هذه السورة تكرار لكلامهم ، فجاز فيه التخفيف ، لأن التخفيف فرع ، والتكرار فرع ، والفرع بالفرع أولى.
    61 ـ قوله : (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ) (60) فى هذه السورة ، وفى البقرة : (فَلا تَكُونَنَ) (147) ، لأن ما فى هذه السورة جاء على الأصل ولم يكن فيها ما أوجب إدخال نون التأكيد فى الكلمة ، بخلاف سورة البقرة ، فإن فى أول القصة : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) (144) بنون التوكيد ، فأوجب الازدواج إدخال النون فى الكلمة ، فيصير
    __________________
    (1) الثلاثة الأخرى هى : (أُبْرِئُ) ـ (أُنَبِّئُكُمْ) ـ (أُحْيِي).
    (2) فى الأصول : وإن الله. خطأ.
    (3) من أول قوله تعالى : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ ...) الآيات [42 ـ 51].

    التقدير : فلنولينك قبلة ترضاها ، (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (1). والخطاب فى الآيتين للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والمراد به غيره.
    62 ـ قوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) (73) فى هذه السورة ، وفى البقرة : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) (120) ، لأن الهدى فى هذه السورة هو الدين ، وقد تقدم فى قوله : (لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) (73) ، وهدى الله : الإسلام ، فكأنه قال بعد قولهم : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ). قل : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) كما سبق فى أول السورة.
    والذى فى البقرة معناه : القبلة ، لأن الآية نزلت فى تحويل القبلة ، وتقديره : قل : إن قبلة الله هى الكعبة.
    63 ـ قوله : (مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) (99) ليس هاهنا (به) ولا واو العطف ، وفى الأعراف : (مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها) (86) بزيادة (به) وواو العطف ، لأن القياس : آمن به كما فى الأعراف ، لكنها حذفت فى هذه السورة موافقة لقوله : (وَمَنْ كَفَرَ). فإن القياس أيضا : كفر به ، وقوله : (تَبْغُونَها عِوَجاً) هاهنا حال ، والواو لا تزداد مع الفعل إذا وقع حالا ، نحو قوله : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) «74 ـ 6» و (دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) «34 : 14» وغير ذلك. وفى الأعراف عطف على الحال ، والحال قوله : (تُوعَدُونَ) ، و (تَصُدُّونَ) عطف عليه ، وكذلك (تَبْغُونَها عِوَجاً).
    64 ـ قوله : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (126). هاهنا بإثبات (لَكُمْ) وتأخير (بِهِ). وحذف (إِنَّ اللهَ) ، وفى الأنفال (10) بحذف (لَكُمْ) وتقديم (بِهِ) وإثبات (إِنَّ اللهَ) ، لأن البشرى هنا للمخاطبين (1) ، فبين وقال : (لَكُمْ). وفى الأنفال قد تقدم
    __________________
    (1) ما بين الحاصرين سقط من ب.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:28

    (لَكُمْ) فى قوله : (فَاسْتَجابَ لَكُمْ) (9) فاكتفى بذلك.
    وقدم (قُلُوبُكُمْ) هنا ، وأخّر (بِهِ) ازدواجا بين المخاطبين (1) فقال : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) (126).
    وقدم (بِهِ) فى الأنفال ازدواجا بين الغائبين فقال : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ) (10).
    وحذف (إِنَّ اللهَ) هاهنا ، لأن ما فى الأنفال قصة بدر ، وهى سابقة على ما فى هذه السورة ، فإنها فى قصة أحد ، وأخبر هناك بأن الله عزيز حكيم ، وجعله فى هذه السورة صفة ، لأن الخبر قد سبق.
    65 ـ قوله : (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (136) بزيادة الواو ، لأن الاتصال بما قبلها أكثر من غيرها (2) ، وتقديره : ونعم أجر العاملين المغفرة والجنات والخلود.
    66 ـ قوله : (رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (164) بزيادة الأنفس ، وفى غيرها (رَسُولاً مِنْكُمْ) «2 : 151» لأنه سبحانه منّ على المؤمنين
    __________________
    (1) والمخاطبون فى هذه السورة هم المؤمنون فى قوله تعالى : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) الآية [124] ، وبعدها : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) [125].
    (2) مراده بغيرها فى سورة العنكبوت : (خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) [58].
    ويمكن توضيح كلام الكرمانى : بأن آية آل عمران : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ، وآية العنكبوت : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ). فآية آل عمران مبنية على تداخل الأخبار ، فأولئك مبتدأ ، وجزاؤهم مبتدأ ثان ، ومغفرة خبر المبتدأ الثانى ، والثانى وخبره خبر الأول والجزاء هو الأجر فكأنه قال : أولئك أجزيهم على أعمالهم : محو ذنوبهم وجنة عدن ودوام نعيمهم ، والخبر إذا جاء بعد خبر فى مثل هذا المكان الذى تفصل فيه المواهب المرغب فيها فحقه أن يعطف على ما قبله بالواو ، فصار المعنى جزاؤهم : ترك المؤاخذة بالذنب ، ودخول الجنة ، والخلود فيها ، وذلك تشريف وكرامة للعاملين.
    أما فى العنكبوت فالكلام فيها مدرج على جملة واحدة هى تبوئة المؤمنين غرفا فى الجنة ، وهى جملة ابتداء وخبر لم يعطف عليها بالواو ، لأن الجملة فى موضع خبر المبتدأ ، كأنه قال : ذلك نعم أجر العاملين ، وتجرى مجرى ما هو من تمام الكلام كقوله تعالى : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).

    به فجعله من أنفسهم ليكون موجب المنة أظهر ، وكذلك قوله : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) «9 : 128» لما وصفه بقوله : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) جعله من أنفسهم ليكون موجب الإجابة والإيمان أظهر وأبين.
    67 ـ قوله : (جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (184) هاهنا بباء واحدة ، إلا فى قراءة ابن عامر (1) ، وفى فاطر : (بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ) (25) بثلاث باءات ، لأنه فى هذه السورة وقع فى كلام مبنى على الاختصار ، وهو إقامة لفظ الماضى فى الشرط مقام لفظ المستقبل ، ولفظ الماضى أخف ، وبنى الفعل للمجهول فلا يحتاج إلى ذكر الفاعل ، وهو قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) (184) ، لذلك حذفت الباءات ليوافق الأول فى الاختصار ، بخلاف ما فى فاطر ، فإن الشرط فيه بلفظ المستقبل ، والفاعل مذكور مع الفعل ، وهو قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ) (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (25). ثم ذكر بعدها الباءات ليكون كله على نسق واحد.
    68 ـ قوله : (ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) (197) هاهنا ، وفى غيرها : (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) «9 : 73 ، 95 و 66 : 9» ، لأن ما قبلها فى هذه السورة : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتاعٌ قَلِيلٌ) «196 ، 197» أى : (ذلك) (2) متاع (فى الدنيا) (3) قليل ، والقليل يدل على تراخ وإن صغر وقل ، وثم للتراخى فكان طبقا له ـ والله (تعالى) (4) أعلم ـ.
    __________________
    (1) انظر : (تفسير القرطبى 4 / 296) ، وقال : بزيادة باء فى الكلمتين (بالزبر والكتاب) ، وهو كذلك فى مصاحف أهل الشام.
    (2) سقطت من ب.
    (3) سقطت من أ.
    (4) سقطت من ب.

    سورة النّساء
    69 ـ قوله فى هذه السورة : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) (12). ليس غيره ، أى : عليم بالمضارة ، حليم عن المضادة (1).
    70 ـ قوله : (خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (13) ، بالواو. وفى براءة : (ذلِكَ) «89 ، 100» بغير واو ، لأن الجملة إذا وقعت (بعد جملة) (2) أجنبية لا تحسن إلا بحرف العطف ، وإن كان فى الجملة الثانية ما يعود إلى الأولى حسن إثبات حرف العطف ، وحسن الحذف اكتفاء بالعائد ، ولفظ (ذلِكَ) فى الآيتين يعود إلى ما قبل الجملة ، فحسن الحذف والإثبات فيهما (3) ولتخصيص هذه السورة بالواو وجهان لم يكونا فى براءة :
    أحدهما : موافقة لما قبلها ، وهى جملة مبدوءة بالواو (4) ، وذلك قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) (13).
    والثانى : موافقة لما بعدها ، وهو قوله : (وَلَهُ) بعد قوله : (خالِداً فِيها) (5).
    وفى براءة (أَعَدَّ اللهُ) (6) بغير واو ، ولذلك قال : (ذلِكَ) بغير واو.
    71 ـ قوله : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) (24) ، فى أول
    __________________
    (1) ما أورده المؤلف تذييل لآية الميراث عقب الوصية فيها : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ). يعنى : غير مضار بوصيته أحدا من الورثة.
    ثم قال والله أعلم بالمضارة ، حليم عند المضادة لأمره ، فلا يؤاخذ على الفور ، رجاء أن يعود الحق إلى أهله.
    (2) سقطت من أ.
    (3) فى ب : فيها.
    (4) فى ب : مبدوءة بواو.
    (5) وذلك فى الآية التى بعد هذه : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) [14].
    (6) وذلك فى آية براءة : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [89].

    السورة ، وبعدها : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) (25) ، وفى المائدة (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) (5) ، لأن فى هذه السورة وقع فى حق الأحرار المسلمين ، فاقتصر على لفظ (غَيْرَ مُسافِحِينَ). والثانية الجوارى. وما فى المائدة فى الكتابيات ، فقال : (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) ، حرمة للحرائر المسلمات ، لأنهن إلى الصيانة أقرب ، ومن الخيانة أبعد ، ولأنهن لا يتعاطين ما يتعاطاه الإماء والكتابيات من اتخاذ الأخدان.
    72 ـ قوله : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) (43). فى هذه السورة ، وزاد فى المائدة : (مِنْهُ) (6) ، لأن المذكور فى هذه بعض أحكام الوضوء والتيمم ، فحسن الحذف ، والمذكور فى المائدة جميع أحكامها ، فحسن الإثبات والبيان.
    73 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) (48). ختم الآية مرة بقوله : (فَقَدِ افْتَرى) (48) ، ومرة بقوله : (فَقَدْ ضَلَ) (116) ، لأن الأول نزل فى اليهود ، وهم الذين افتروا على الله ما ليس فى كتابهم ، والثانى نزل فى الكفار ولم يكن لهم كتاب ، فكان ضلالهم أشد (1).
    74 ـ قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) (47) وفى غيرها : (يا أَهْلَ الْكِتابِ) «3 : 65 ، 70 ، 71 ، 99 و 5 : 19 ، 59 ... إلخ». لأنه سبحانه استخف بهم فى هذه الآية وبالغ ، ثم ختم بالطمس ورد
    __________________
    (1) الآيتان رقم 48 ، 116 من سورة النساء مكرّرتان فيما عدا تذييل كل منهما ، ففي الأولى : (فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) ، وفى الثانية : (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً). ولا تكرار ، لأن الأولى فى اليهود ، بدليل قوله تعالى قبلها : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) [44]. ثم قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا) الآية [47]. ولما كانوا قد عرفوا صحّة نبوته وكذبوا ، فقد افتروا إثما عظيما. أما الثانية ففي الكفار ، وقد جاء قبلها : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) [115]. ومن فعل ذلك فقد ضل ضلالا بعيدا.

    الوجوه على الأدبار واللعن ، وبأنها (كلها) (1) واقعة بهم.
    75 ـ قوله : (دَرَجَةً) (95) ، ثم فى الآيات الأخرى : (دَرَجاتٍ) «96 و 3 : 163 و 4 : 96 و 6 : 83 و 132» ، لأن الأولى فى الدنيا ، والثانية فى الجنة. وقيل : الأولى المنزلة ، والثانية المنزل (2) وهو درجات. وقيل : الأولى على القاعدين (بعذر) (3) ، والثانية على القاعدين بغير عذر.
    76 ـ قوله : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) (115) ، بالإظهار فى هذه السورة ، وكذلك فى الأنفال (13). وفى الحشر بالإدغام (4) ، لأن الثانى من المثلين إذا تحرك بحركة لازمة وجب إدغام الأول فى الثانى ، ألا ترى أنك تقول : اردد له بالإظهار؟ ولا يجوز : ارددا ، ارددوا ، أو : ارددى ، لأنها تحركت بحركة لازمة ، والألف واللام فى (اللهِ) لازمتان ، فصارت حركة القاف لازمة وليس الألف واللام فى الرسول كذلك. وأما فى الأنفال فلانضمام الرسول إليه فى العطف ، ولم يدغم فيها لأن التقدير فى القافات قد اتصل بهما ، فإن الواو توجب ذلك.
    __________________
    (1) سقطت من ب.
    (2) فى ب : الأولى بالمنزلة ، والثانية بالمنزل.
    (3) سقطت من أ.
    (4) الآية فى الحشر / 4 : (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (المراجع).
    ملحق :
    (أ) ذكر الإسكافى فى التكرار آية لم يذكرها الكرمانى هى قوله تعالى فى النساء : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) [128].
    وقال بعدها : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ ، وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) [129] ، لم قال فى الأولى :
    (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا) ، وفى الثانية : (وَإِنْ تُصْلِحُوا)؟ ولم ختم الثانية بقوله : (فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)؟
    والجواب عن الأول : أنه لما كان الكلام عن شحّ النساء بمهورهن عند خوف الزوجة نفور زوجها ، ورغبتها فى الخلع ، وهذا يقتضى غضب الزوج ، فخوطب بوجوب الإحسان فى القول والمعاملة.
    أما الآية الثانية : فلما كان العدل بين النساء فى الشهوة والحب غير مستطاع ، اقتضى ذلك الميل إلى إحداهن وترك الأخرى معلّقة ، فاقتضى الحال حث الأزواج على إصلاح هذا الخطأ ،

    77 ـ قوله : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) (135) ، وفى المائدة : (قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) (Cool ، لأن (لِلَّهِ) فى هذه السورة متصل ومتعلق بالشهادة بدليل قوله : (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (135) ، أى : ولو تشهدون عليهم. وفى المائدة منفصل ومتعلق بقوامين ، والخطاب للولاة بدليل قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) الآية «5 / 8».
    78 ـ قوله : (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ) (149) فى هذه السورة ، وفى الأحزاب : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً) (54) ، لأن فى هذه السورة وقع الخبر فى مقابلة السوء فى قوله : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) (148). والمقابلة اقتضت أن يكون بإزاء السوء الخير ، وفى الأحزاب وقع بعدها : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) (60). فاقتضى العموم ، وأعم الأسماء شىء ، ثم ختم الآية بقوله : (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (54).
    79 ـ قوله : (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (170).
    __________________
    فقال : (وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا). ولذلك اقتضى تذييل الآية بقوله : (فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً). وتذييل الأولى بقوله : (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) فهو العالم بحقيقة الإحسان فى المعاملة ، والخبير بما فى الصدور. انظر : (درة التنزيل : 80 ، 81).
    (ب) كذلك ذكر الإسكافى قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فقد كررت ثلاث مرات فى سورة النساء ، [الآيات 126 ، 131 ، 132]. وختمت الأولى بقوله : (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) ، والثانية : (وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً) ، والثالثة بقوله : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً). والأولى لم يتبعها ما أتبع الوسطى والأخيرة.
    ولا تكرار ، لأن الكلام أعيد لأسباب مختلفة ، فالثانية : جاءت بعد الإذن للزوجين بالتفرقة لأنه يغنى كلّا منها من فضله ، لأن له ما فى السموات والأرض ، والثالثة : بعد وصية أهل الكتاب بالتقوى لأنه واسع الفضل ، وله ما فى السموات والأرض ، فناسب ختم الآية بقوله : (وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً). ولما وجبت طاعته لأنه ملك السموات والأرض اقتضى ذلك أن يخبر عن كمال كفايته وحفظه للمؤمنين ولا زيادة على كفايته فى حفظ ما هو موكول إلى تدبيره ، فاقتضى الختم بقوله : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً). انظر : (درة التنزيل 82 ـ 83).

    وسائر ما فى هذه السورة : (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) «126 ، 131 ، 171» ، لأن الله سبحانه ذكر أهل الأرض فى هذه الآية تبعا لأهل السموات ، ولم يفردهم بالذكر لانضمام المخاطبين إليهم ، ودخولهم فى زمرتهم ، وهم كفار عبدة أوثان ، وليسوا بمؤمنين ولا من أهل الكتب ، لقوله : (وَإِنْ تَكْفُرُوا) (170) وليس هذا قياسا مطردا ، بل علامة.
    80 ـ قوله : (يَسْتَفْتُونَكَ) (176) بغير واو ، لأن الأول لما اتصل بما بعده وهو قوله : (فِي النِّساءِ) (127) وصله بما قبله بواو العطف والعائد جميعا ، (والثانى لما انفصل عما بعده) (1) اقتصر من الاتصال على العائد وهو ضمير المستفتين ، وفى الآية متصل بقوله Sadيُفْتِيكُمْ) ، وليس بمتصل بقوله : (يَسْتَفْتُونَكَ) ، لأن ذلك يستدعى : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ). والذى يتصل بيستفتونك (2) محذوف يحتمل أن يكون (فِي الْكَلالَةِ) (3) ، ويحتمل أن يكون فيما بدا لهم من الوقائع.
    سورة المائدة
    81 ـ قوله : (وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ) (4) (3) ، بحذف الياء ، وكذلك : (وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا) (5) (44). وفى البقرة وغيرها : (وَاخْشَوْنِي) (6) (150) بالإثبات ، لأن الإثبات هو الأصل ،
    __________________
    (1) ما بين الحاصرين سقط من أ.
    (2) فى أ : والذى يتصل به يستفتونك.
    (3) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (4) الآية : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...) الآية [المائدة : 3] (المراجع).
    (5) الآية : (... فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً ...) الآية [المائدة : 44] (المراجع).
    (6) الآية : (... فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ...) الآية.
    [البقرة : 150]

    وحذفت الياء من (وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ) من الخط لما حذفت من اللفظ ، وحذفت من (وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا) موافقة لما قبلها (1).
    82 ـ قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (7) ثم أعاد فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (Cool ، لأن الأول وقع على النية وهى بذات الصدور (2) والثانى على العمل.
    وعن ابن كثير : أن الأولى نزلت فى اليهود (3) وليس بتكرار.
    83 ـ قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (9). وقال فى سورة الفتح : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (29). رفع ما فى هذه السورة موافقة لفواصل الآى ، ونصب ما فى الفتح موافقة للفواصل أيضا ، ولأنه فى الفتح مفعول وعد.
    وفى مفعول وعد فى هذه السورة أقوال :
    أحدها : محذوف دل عليه وعد ، خلاف ما دل عليه أو عد ، أى (4) : خيرا ، وقوله : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) يفسره. وقيل : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) جملة وقعت موقع المفرد ، ومحلها نصب كما قال الشاعر :
    وجدنا الصالحين لهم جزاء
    وجنات وعينا سلسبيلا

    فعطف (5) جنات على محل : لهم جزاء. وقيل : رفع على الحكاية ، لأن الوعد قول ، وتقديره قال الله : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ). وقيل : تقديره :إن لهم مغفرة. فحذف إن فارتفع ما بعده.
    __________________
    (1) العبارة مضطربة فى ب هكذا : (وحذف واخشون ولا موافقة قبلها) وما قبلها هو ما فى الآية (1).
    (2) فى أ : ذات الصدور. والنية مفهومة من تشريع التيمم فى الآية رقم (6) من سورة الأنعام ، وهى قبل هذه.
    (3) انظر : (تفسير ابن كثير 2 / 57) طبعة الشعب. رواه على بن طلحة عن ابن عباس.
    وبه قال السدى ، واختاره ابن جرير. وانظر : (جامع البيان الطبرى 10 / 93).
    (4) سقطت من ب.
    (5) فى ب : وعطف.

    84 ـ قوله : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) (13) وبعده : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) (41) ، لأن الأولى فى أوائل اليهود ، والثانية فيمن كانوا فى زمن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أى : حرفوها بعد أن وضعها الله مواضعها ، وعرفوها وعملوا بها زمانا (1).
    85 ـ قوله : (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) «13 ، 14» كرّر لأن الأولى فى اليهود ، والثانية فى حق النصارى ، والمعنى : لم ينالوا منه نصيبا. وقيل : معناه : ونسوا نصيبا. وقيل : معناه : تركوا بعض ما أمروا به.
    86 ـ قوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ ..) (15) ثم كرّرها (2) فقال : (يا أَهْلَ الْكِتابِ) (19) ، لأن الأولى نزلت فى اليهود حين كتموا صفة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآية الرجم (3) من التوراة ، والنصارى حين كتموا بشارة عيسى بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (4) فى الإنجيل ، وهو قوله : (يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ) (15). ثمّ كرّر فقال : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (18) فكرّر : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ) ، أى :
    __________________
    (1) قال الإسكافى : «عن» فى كلام العرب موضوع لما عدا الشيء ، وكان اليهود يعدلون بالكلم تأويله الذى له ، وتنزيله الذى جاء عليه إلى غيره مما هو باطل ، و «عن» فى هذا الموضع تقترب من معنى «بعد» ، إلا أن الأصل فى هذا المكان أن يستعمل «عن» ، لأن «بعد» قد تكون لما تأخر زمانه بأزمنة كثيرة ، و «عن» لما جاوز الشيء صار ملاصقا زمنه لزمنه.
    وأما الآية الثانية : فهى فى قوم من اليهود أخبر الله عنهم بأنهم يسمعون ليكذبوا ، فهم يسمعون مع نية التحريف ، وهذا يكون بعد زمان منفصل عن السماع. (درة التنزيل ص 92).
    وقيل : المراد ما ذهب إليه المفسرون ، وهو أن قوما أرسلوا هؤلاء إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى قصة زان محصن ، فقالوا لهم : إن أفتاكم محمد بالجلد فحدوه ، وإن أفتاكم بالرجم فلا تقتلوه.
    انظر (البخارى فى الحدود 4 / 251 ومسلم فى الحدود 4 / 22).
    (2) فى ب : ثم كرر.
    (3) أخرج الحاكم فى المستدرك 4 / 359 عن ابن عباس : «من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب» ، وهو قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ).
    (4) فى ب : عليهما‌السلام.

    شرائعكم ، فإنكم على ضلال لا يرضاه الله (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) (19) : على انقطاع منهم ودروس مما جاءوا به (1) والله أعلم.
    87 ـ قوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ) (17). ثم كرّر فقال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (18) كرّر ، لأن :
    الأولى : نزلت فى النصارى حين قالوا : (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (17) ، فقال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) ، ليس فيهما معه شريك ، ولو كان عيسى إلها لاقتضى أن يكون معه شريكا ، ثم من يذبّ عن المسيح وأمه وعمن فى الأرض جميعا إن أراد إهلاكهم ، فإنهم كلهم مخلوقون له ، وإن قدرته شاملة عليهم ، وعلى كل ما يريد بهم (2).
    والثانية : نزلت فى اليهود والنصارى حين قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (18) فقال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) (18) ، والأب لا يملك ابنه ، ولا يهلكه ، ولا يعذّبه ، وأنتم مصيركم إليه ، فيعذب من يشاء منكم ، ويغفر لمن يشاء (3).
    __________________
    (1) هذه الكلمة (على فترة من الرسل) برهان لإعجاز القرآن ، لأنها تبطل دعوى التكرار بلا فائدة ، إذ أن فترة الرسل تحتم نسيان الشرائع ، وتعين أن البيان متوجه إلى الشرائع ، لا إلى ما كتموه مما هو مبيّن فى الآية (15).
    (2) كما أن قوله تعالى : (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) يفيد أن الله خلق ما يشاء من أنواع الخلق باعتبار «ما» نكرة موصوفة محلها النصب على المصدرية ، لا على المفعولية. أى : يخلق أى خلق يشاؤه ، فتارة يخلق من غير أصل كالسماوات والأرض ، أو من أصل كخلق ما بينهما ، ومن ذكر وأنثى ، أو من ذكر فقط كآدم ، أو من أنثى وحدها كعيسى ، وبتوسط كخلق الطير على يد عيسى ... إلخ. انظر (إرشاد العقل السليم 3 / 30 والأنموذج الجليل ، ورقة 18 [أ]).
    (3) أخرج ابن جرير فى تفسيره 10 / 150 / 1510 عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نعمان بن أضاء ، وبحرى بن عمرو ، وشاس بن عدى ، فكلموه وكلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ودعاهم إلى الله ، وحذرهم نقمته ، فقالوا : ما تخوفنا يا محمد؟ نحن والله أبناء الله وأحباؤه ، كقول النصارى فأنزل الله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ).

    88 ـ قوله : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا ...) (20) ، وقال فى سورة إبراهيم : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا ..) (6) ، لأن تصريح اسم المخاطب مع حرف الخطاب يدل على تعظيم المخاطب به (1) ، ولما كان ما فى هذه السورة نعما جساما ما عليها من مزيد ، وهو قوله : (جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (20) صرح فقال : يا قوم ، ولموافقته ما قبله وما بعده من النداء ، وهو قوله : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا) (21) و (يا مُوسى إِنَّا) (24) ، ولم يكن ما فى إبراهيم بهذه المنزلة ، فاقتصر على حرف الخطاب (2).
    89 ـ قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) كرّره ثلاث مرات ، وختم الأولى بقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (44) ، والثانية بقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (45) ، والثالثة بقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (47) ، قيل : لأن الأولى : نزلت فى حكّام المسلمين ، والثانية : فى حكّام اليهود ، والثالثة : فى حكّام النصارى ، وقيل : الكافر والفاسق والظالم كلها بمعنى واحد ، وهو الكفر ، عبّر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة ، واجتناب صورة التكرار.
    وقيل : ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارا له فهو كافر ، ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده حقّا وحكم بضده فهو ظالم ، ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق. وقيل : ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمة الله ، ظالم فى حكمه ، فاسق فى فعله.
    90 ـ قوله : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (73) كرّر ، لأن النصارى اختلفت أقوالهم :
    __________________
    (1) فى ت : المخاطب له ، بكسر الطاء.
    (2) فى ب : حرف المخاطب.

    فقالت اليعقوبية : إن الله تعالى ربّما تجلّى فى بعض الأزمان فى شخص ، فتجلى يومئذ فى شخص عيسى ، فظهرت منه المعجزات.
    وقالت الملكية : إن الله اسم يجمع أبا وابنا وروح القدس ، اختلفت بالأقانيم والذات واحدة ، فأخبر الله ـ عزوجل ـ أنهم كلهم كفار (1).
    91 ـ قوله : (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (119) ، ذكر فى هذه السورة هذه الخلال جملة ، ثم فصّل لأنها أول ما ذكرت.
    سورة الأنعام
    92 ـ قوله : (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ) (5) ، وفى الشعراء : (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ) (6) ، لأن سورة الأنعام متقدمة ، فقيد التكذيب بقوله : (بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) ، ثم قال : (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ) على التمام. وذكر فى الشعراء : (فَقَدْ كَذَّبُوا) مطلقا ، لأن تقييده فى هذه السورة يدل عليه ، ثم اقتصر على السين هنا بدل سوف ليتفق اللفظان فيه على الاختصار.
    93 ـ قوله : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا) (6) فى بعض المواضع بغير واو كما فى هذه السورة ، وفى بعضها بالواو ، وفى بعضها بالفاء. هذه الكلمة تأتى فى القرآن على وجهين :
    __________________
    (1) هذه الآية برهان للقرآن من وجهين :
    1 ـ أن تكرار كلمة (ثلاثة) دلت على المذهبين اللذين ذهب إليهما النصارى فى شخص المسيح.
    2 ـ إن قوله تعالى عقيبها : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) يصلح ردّا على المذهبين ، فهو رد على من قال : إن المسيح إله من حيث تجلى الله فى المسيح. ومعناها : ما من إله إلا إله واحد ، من حيث مصدر الموجودات ، ورد على من قال : إن الله جوهر فى ثلاثة أقانيم ومنها المسيح.
    ومعناها : ما من إله إلا إله واحد بالذات ، منزه عن التعدد فهو بيان للمذهبين ، ورد عليهما مع إيجاز معجز ، ووفاء بالغرض أشد إعجازا.

    أحدهما : متصل بما كان الاعتبار فيه بالمشاهدة ، فذكره بالألف والواو ، لتدل الألف على الاستفهام ، والواو على عطف جملة على جملة (1) قبلها. وكذا الفاء ، لكنها أشد اتصالا بما قبلها.
    والوجه الثانى : متصل بما الاعتبار فيه بالاستدلال ، فاقتصر على الألف دون الواو والفاء ، لتجرى مجرى الاستئناف.
    ولا ينقص هذا الأصل قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ) (79) فى النحل لاتصالها بقوله : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) (78) وسيلة الاعتبار بالاستدلال ، فبنى عليه (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ).
    94 ـ قوله : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) (11) فى هذه السورة فحسب ، وفى غيرها : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا) «3 : 137 و 16 : 36 و 27 : 69 و 30 : 42» ، لأن ثم للتراخى ، والفاء للتعقيب ، وفى هذه السورة تقدم ذكر القرون فى قوله : (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) (6) ، ثم قال : (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (6). فأمروا باستقراء الديار ، وتأمل الآثار ، وفيها كثرة ، فيقع ذلك سيرا بعد سير ، وزمانا بعد زمان (2) ، فخصت ب (ثم) على التراخى بين (3) الفعلين (4) ، ليعلم أن السير مأمور به على حدة ، والنظر مأمور به على حدة ، ولم يتقدم فى سائر السور مثله ، فخصت بالفاء الدالة على التعقيب (5).
    95 ـ قوله : (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) «12 ، 20»
    __________________
    (1) الجملة التى عطف عليها مقدرة. والتقدير : أكذبوا ولم يروا.
    (2) فى أ ، ب : سير بعد سير ، وزمان بعد زمان.
    (3) فى ب : فخصت بهم الدار. خطأ.
    (4) فى ب : من الفعلين.
    (5) يرى أبو السعود : أن (ثم) لإبانة ما بين السير والنظر من التفاوت فى مراتب الوجود ، فإن وجوب السير ليس إلا لكونه وسيلة إلى النظر ، والعطف بالفاء دليل على هذا المعنى.
    انظر : (إرشاد العقل السليم 2 / 177).

    ليس بتكرار ، لأن الأول فى حق الكفار ، والثانى فى حق أهل الكتاب.
    96 ـ قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (21) ، وقال فى يونس : (فَمَنْ أَظْلَمُ) (17) ، وختم الآية بقوله : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) (17).
    لأن الآيات التى تقدمت فى هذه السورة عطف بعضها على بعض بالواو ، وهو قوله : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ... ـ إلى ـ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (19). ثم قال : (وَمَنْ أَظْلَمُ) ، ختم الآية بقوله : (الظَّالِمُونَ) ليكون آخر الآية لفقا لأول الأولى.
    وأما فى سورة يونس فالآيات التى تقدمت عطف بعضها على بعض بالفاء ، وهو قوله : (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (16) ، ثم قال : (فَمَنْ أَظْلَمُ) بالفاء ، وختم الآية بقوله : (الْمُجْرِمُونَ) أيضا ، موافقة لما قبلها ، وهو : (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (13) فوصفهم بأنهم مجرمون. وقال بعده : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ) (14) فختم الآية بقوله Sadالْمُجْرِمُونَ). ليعلم أن سبيل هؤلاء سبيل من تقدمهم.
    97 ـ قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) (25) ، وفى يونس : (يَسْتَمِعُونَ) (42) ، لأن ما فى هذه السورة نزل فى أبى سفيان ، والنّضر بن الحارث وعتبة ، وشيبة ، وأميّة ، وأبىّ بن خلف (1) ، فلم يكثروا كثرة (2) من فى يونس ولأن المراد بهم فى يونس جميع الكفار ، فحمل هاهنا مرة على لفظ (من) فوحد لقلتهم ، ومرة على المعنى
    __________________
    (1) روى أنه اجتمع أبو سفيان ، والوليد ، والنضر بن الحارث ، وشيبة ، وأبو جهل ، وأضرابهم يستمعون إلى تلاوة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا للنضر وكان صاحب أخبار : يا أبا قتيلة ، ما يقول محمد؟ فقال : والذى جعلها بينه ، ما أرى ما يقول إلا أن يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين ، مثل ما حدّثتكم عن القرون الماضية. فقال أبو سفيان : إنى لأراه حقا ، وقال أبو جهل :
    كلا ، فنزلت الآية. انظر : (المعتمد من المنقول فيما أوحى إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورقة 120 ـ أ).
    (2) فى ب : ككثرة.

    فجمع ، لأنهم وإن قالوا كانوا جماعة ، وجمع ما فى يونس ليوافق اللفظ المعنى ، وأما قوله فى يونس : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) (43) فسيأتى فى موضعه إن شاء الله.
    98 ـ قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) (27) ، ثم عاد فقال : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) (30) ، لأنهم أنكروا النار فى القيامة ، جزاء الله ونكاله ، فقال فى الأولى : (إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ).
    وفى الثانية : (وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) ، أى : (على) (1) جزاء ربهم ونكاله فى النار ، وختم بقوله : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (30).
    99 ـ قوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (29) ، ليس غيره. وفى غيرها بزيادة : (نَمُوتُ وَنَحْيا) «23 : 37 و 45 : 24» ، لأن ما فى هذه السورة عند كثير من المفسرين متصل بقوله : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (28) ، (وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (29). ولم يقولوا : (أى نموت ونحيا) بخلاف ما فى سائر السور ، فإنهم قالوا ذلك ، فحكى الله عنهم ذلك.
    100 ـ قوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) (32). قدّم اللعب على اللهو فى هذه السورة فى موضعين ، وكذلك (سورتى) القتال «محمد» (2) (36) والحديد (20).
    وقدم اللهو على اللعب فى الأعراف والعنكبوت (3) ، وإنما قدم اللعب فى الأكثر ، لأن اللعب زمانه الصبا ، واللهو زمانه الشباب ،
    __________________
    (1) سقط من ب.
    (2) الإضافة من عند المراجع ، وكذا فى الهامش.
    (3) الموضع الثانى هنا قوله تعالى : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) [70] ، وفى سورة القتال «محمد» : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ)

    وزمان الصبا مقدم على زمان الشباب ، يبينه ما ذكر فى الحديد Sadاعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ) كلعب الصبيان ، (وَلَهْوٌ) كلهو الشبان ، (وَزِينَةٌ) كزينة النسوان ، (وَتَفاخُرٌ) كتفاخر الإخوان ، (وَتَكاثُرٌ) كتكاثر السلطان.
    وقريب من هذا (فى) (1) ، تقديم لفظ اللعب على اللهو قوله تعالى : (وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ. لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) «21 : 16 ، 17».
    وقدم اللهو فى الأعراف ، لأن ذلك فى القيامة ، فذكر على ترتيب ما انقضى ، وبدأ بما به الإنسان انتهى من الحالتين ، أما العنكبوت فالمراد بذكرها زمان الدنيا ، وأنه سريع الانقضاء ، قليل البقاء : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) (64) ، أى : الحياة التى لا أمد لها ، ولا نهاية لأبدها ، بدأ بذكر اللهو لأنه فى زمان الشباب ، وهو أكثر من زمان اللعب ، وهو : زمان الصّبا.
    101 ـ قوله : (أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) (40). ثم قال : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً) (47) وليس لهما ثالث. وقال فيما بينهما : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) (46) ، وكذلك فى غيرها ، وليس لهذه الجملة فى العربية نظير ، لأنه جمع بين علامتى خطاب وهما : التاء والكاف. والتاء اسم الإجماع ، والكاف حرف عند البصريين يفيد الخطاب فحسب (2) ، والجمع بينهما يدل على أن ذلك تنبيه على شىء ما عليه من مزيد ، وهو : ذكر الاستئصال بالهلاك ،
    __________________
    = أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) [36] ، وفى الحديد : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ) [20] ، وفى الأعراف تقدم اللهو فى قوله : (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) [51] ، وكذا فى العنكبوت : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) [64].
    (1) سقط من ب.
    (2) الكاف لتأكيد الخطاب : ومبنى التركيب وإن كان على الاستخبار عن الرؤية القلبية أو البصرية. فالمراد الاستخبار عن متعلقها. انظر : (إرشاد العقل السليم 2 / 205).

    وليس فيما سواهما ما يدل على ذلك ، فاكتفى بخطاب واحد ، والعلم عند الله (1).
    102 ـ قوله : (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) (42) ، فى هذه السورة ، وفى الأعراف : (يَضَّرَّعُونَ) (94) ، بالإدغام ، لأن هاهنا وافق ما بعده ، وهو قوله : (جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) (43) ، ومستقبل تضرعوا : يتضرعون لا غير.
    103 ـ قوله : (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) «46 ، 65» مكرّر ، لأن التقدير : انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون عنها ، فلا تعرض عنهم ، بل تكررها لهم لعلهم يفقهون.
    104 ـ قوله : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) (50) ، فكرّر (لَكُمْ) ، وقال فى هود : (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) (31) فلم يكرر (لَكُمْ) ، لأن فى هود تقدم : (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ) (25) ، وعقبه (وَما نَرى لَكُمْ) (27).
    __________________
    (1) بيان ذلك أن ترادف الخطابين (التاء ، والكاف) لا يكونان إلا عند المبالغة فى التنبيه ، والمبالغة فيه : أن يعلم المخاطب ألا تنبيه بعده ، وما يتصل بقوله : (أَرَأَيْتَكُمْ) فى الموضعين كلام بدل على أنه إذا وقع لم ينفع عنده الزجر والتنبيه. فإتيان العذاب ، أو قيام الساعة فى الموضع الأول وإتيان عذاب الله بغتة أو جهرة فى الموضع الثانى لا ينفع عنده تنبيه ولا زجر ، ولذلك تناهت الآية فى التخويف فترادف الخطابان معا.
    أما ما اقتصر فيه على خطاب واحد ففي الأنعام : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) [46] ، وفى يونس : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) [50]. فى الأنعام لم يهدد الله الكافرين بالاستئصال ، وفى يونس لا يوجد ما يدل على التهديد بالاستئصال ، لأن قبلها : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). فهم لا يخافون ، وقوله : (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) دليل على عدم التصريح بالاستئصال حتى ينذر بأقصى أدوات الإنذار. وهذا من أسرار إعجاز القرآن ، لأنه ليس من دأب البشر الدقة البالغة فى ملاحظة الملابسات ، ومناسبة الكلمات والحروف للحالة النفسية للمخاطبين على هذا الوجه العجيب الذى لا يمكن أن يخطئه القرآن الكريم المعجز العالمين حقّا.

    وبعده (أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ) (34) ، فلما تكرر (لَكُمْ) فى القصة أربع مرات اكتفى بذلك.
    105 ـ قوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) (90) فى هذه السورة ، وفى سورة يوسف ـ عليه‌السلام ـ : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (104) ، منوّن ، لأن فى هذه السورة تقدم (بَعْدَ الذِّكْرى) (68) (وَلكِنْ ذِكْرى) (69) ، فكان الذكرى أليق بها.
    106 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) (95) فى هذه السورة ، وفى آل عمران : (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) (27) ، وكذلك فى الروم (19) ، ويونس (31) : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) ، لأن (ما) (1) فى هذه السورة وقعت بين أسماء الفاعلين ، وهو : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) (95) ، (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) (96) (2) ، واسم الفاعل يشبه الاسم من وجه ، فيدخله الألف واللام والتنوين والجر وغير ذلك ، ويشبه الفعل من وجه ، فيعمل عمل الفعل ، ولا يثنى ولا يجمع إذا عمل ، وغير ذلك ، ولهذا جاز العطف عليه بالفعل (3) نحو قوله : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) «57 : 18» ، وجاز عطفه على الفعل نحو قوله : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) «7 : 193».
    فلما وقع بينهما ، ذكر (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) بلفظ الفعل ،
    __________________
    (1) سقطت من أ.
    (2) قرأ الكوفيون (وَجَعَلَ اللَّيْلَ) بالفعل الماضى. وقرأ باقى السبعة وجاعل الليل باسم الفاعل مضافا إلى الليل. انظر : (البحر المحيط 4 / 186).
    (3) فى ب : جاز العطف عليه بالاسم نحو قوله : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ). وهى زيادة لا معنى لها فحذفناها.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:31

    (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) بلفظ الاسم ، عملا بالشبهين ، وأخّر لفظ الاسم ، لأن الواقع بعده اسمان (1) ، والمتقدم اسم واحد ، بخلاف ما فى آل عمران ، لأن ما قبله وما بعده أفعال ، فتأمل فيه فإنه من معجزات القرآن.
    107 ـ قوله : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (97) ، ثم قال : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (98) ، وقال بعدهما : (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (99) ، لأن من أحاط علما بما فى الآية الأولى (2) صار عالما ، لأنه أشرف العلوم ، فختم الآية بقوله : (يَعْلَمُونَ) ، والآية الثانية (3) مشتملة على ما يستدعى تأملا وتدبرا ، والفقه علم يحصل بالتدبر (والتأمل) (4) والتفكر (5) ولهذا لا يوصف به الله سبحانه وتعالى ، فختم الآية بقوله : (يَفْقَهُونَ) ، ومن أقر بما فى الآية الثالثة صار مؤمنا حقّا (6) ، فختم الآية بقوله : (يُؤْمِنُونَ) (7) ، حكاه أبو مسلم عن الخطيب.
    وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ) (99) ، فى هذه السورة بحضور الجماعات وظهور الآيات ، عم الخطاب وجمع الآيات.
    108 ـ قوله : (أَنْشَأَكُمْ) (98) ، وفى غيرها : (خَلَقَكُمْ)
    __________________
    (1) الأسماء هما : (فالِقُ ـ جاعِلٌ) على قراءة باقى السبعة. انظر (الهامش رقم 2 من الصفحة السابقة).
    (2) وهى قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ).
    (3) هى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) والفقه هنا التأمل لإرجاع ذلك كله إلى الله.
    (4) سقطت من أ.
    (5) فى ب : التفكير والتدبر.
    (6) وهى قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ).
    (7) وجاء فى الآية 136 من نفس السورة : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ). وأغفلها المؤلف. ووجهه : أن من فقه وعلم وآمن نفعه التذكر ، وقد سبقها تحذير من الهوى الذى يضل على علم ، ومن إيحاء الشياطين إلى أوليائهم ، ومن أكابر المجرمين ، ومن تذكر وهو عالم فقيه نجا من كل ذلك. كما أن مادة (ذكر) سبقت فى الآية فى قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ، وقوله : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) فكان مناسبا له والله أعلم.

    «1 : 21 و 4 : 1 و 6 : 2 و 7 : 189 ... إلخ» ، لموافقة ما قبلها وهو : (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) (6) ، وما بعدها : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ) (141).
    109 ـ قوله : (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) (99) ، وفى الأخرى : (مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) (141) ، لأن أكثر ما جاء (1) فى القرآن من هاتين الكلمتين جاء بلفظ التشابه ، نحو قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) «2 / 25» ، (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) «2 / 70» ، (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) (118) ، (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) «3 : 7» فجاء قوله : (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) (2) فى الآية الأولى و (مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) والآية الأخرى على تلك القاعدة.
    ثم كان لقوله : تشابه معنيان :
    أحدهما : التبس. والثانى : تساوى.
    وما فى البقرة معناه : التبس فحسب ، فبين بقوله : (مُتَشابِهاً) ومعناه : ملتبسا ، لأن ما بعده من باب التساوى ، والله أعلم.
    110 ـ قوله : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (102) فى هذه السورة ، وفى المؤمن «غافر» : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (62) ، لأن (فيها) (3) قبله ذكر الشركاء والبنين والبنات ، فدفع قول قائله بقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ثم قال : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ). وفى المؤمن قبله ذكر الخلق وهو : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) ، فخرج الكلام على
    __________________
    (1) فى ب : الأكثر مما جاء.
    (2) فى ب : متشابها وغير متشابه. وليس كذلك فى الآية.
    (3) سقط من ب.

    إثبات خلق الناس ، لا على نفى الشريك ، فقدم فى كل سورة ما يقتضيه ما قبله من الآيات.
    111 ـ قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (112) ، وقال فى الآية الأخرى من هذه السورة : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (137) ، لأن قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) وقع عقيب آيات فيها ذكر الرب مرّات ، ومنها : (جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) (104) (فختم بذكر الرب) (1) ليوافق آخرها أولها ، وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ) وقع بعد قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ) (136) فختم بما بدأ به.
    112 ـ قوله : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) (117) ، وفى (ن وَالْقَلَمِ) : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) (7) ، بزيادة الباء ولفظ الماضى ، لأن إثبات الباء هو الأصل ، كما فى (ن وَالْقَلَمِ) وغيرها من السور ، لأن المعنى لا يعمل فى المفعول به ، فنوى الباء ، وحيث حذفت أضمر فعل يعمل فيما بعده. وخصت (2) هذه السورة بالحذف موافقة لقوله (3) : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (124). وعدل هنا إلى لفظ المستقبل ، لأن الباء لما حذفت التبس اللفظ بالإضافة ، تعالى الله عن ذلك ، فنبّه بلفظ المستقبل على قطع الإضافة ، لأن أكثر ما يستعمل لفظ أفعل (4) من يستعمله مع الماضى ، نحو : «أعلم من دب ودرج» ، «وأحسن من قام وقعد» ، «وأفضل من حج واعتمر» ، فتنبه. فإنه (من) (5) أسرار القرآن ، لأنه لو قال : أعلم من ضل بدون الياء مع الماضى لكان المعنى : أعلم الضالين.
    113 ـ قوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ
    __________________
    (1) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (2) فى ب : خصصت.
    (3) فى ب : الموافقة قوله.
    (4) فى ب : بلفظ أفعل.
    (5) سقط من ب.

    تَعْلَمُونَ) (135) بالفاء حيث وقع ، وفى هود : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (93) بغير فاء ، لأنه تقدم فى هذه السورة وغيرها (قُلْ) فأمرهم أمر وعيد بقوله : (اعْمَلُوا) (أى اعملوا) (1) فستجزون. ولم يكن فى هود (قُلْ) فصار استئنافا ، وقيل : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) فى سورة هود صفة لعامل ، أى : (إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ، فحذف الفاء.
    114 ـ قوله : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) (148) ، وقال فى النحل : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) (35) ، فزاد (مِنْ دُونِهِ) مرتين ، وزاد (نَحْنُ) ، لأن لفظ الإشراك يدل على إثبات شريك لا يجوز إثباته ، ودل على تحريم أشياء وتحليل أشياء من دون الله ، فلم يحتج إلى لفظ (مِنْ دُونِهِ) بخلاف لفظ العبادة ، فإنها غير مستنكرة ، وإنما المستنكر عبادة شىء مع الله سبحانه وتعالى ، ولا يدل على تحريم شىء كما يدل (2) عليه (أشرك) ، فلم يكن لله هنا من يعتبره بقوله : (مِنْ دُونِهِ) ولما حذف (مِنْ دُونِهِ) مرّتين حذف معه (نَحْنُ) لتطرد الآية فى حكم التخفيف.
    115 ـ قوله : (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (151) ، وقال فى «سبحان» «الإسراء» : (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) (31) على الضد ، لأن التقدير : من إملاق بكم (3) ، نحن نرزقكم وإياهم ، وفى (سبحان). خشية إملاق يقع بهم (4) نحن نرزقهم وإياكم (5).
    116 ـ قوله : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (151) ، وفى
    __________________
    (1) ما بين الحاصرين سقط من أ.
    (2) فى ب : دل عليه.
    (3) فى أ : من إملاق لكم.
    (4) فى أ : من إملاق لهم.
    (5) يعنى : أن الإملاق وهو الفقر قد تعلق بالآباء فى هذه السورة ، فقال : (نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) ، وتعلق بالأبناء فى الإسراء فقال : (نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ).

    الثانية : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (152) ، وفى الثالثة : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (153) ، لأن الآية الأولى : مشتملة على خمسة أشياء كلها عظام جسام. فكانت الوصية بها من أبلغ الوصايا (1) ، فختم الآية الأولى بما فى الإنسان من أشرف السجايا وهو العقل ، الذى امتاز به الإنسان عن سائر الحيوان.
    والآية الثانية : مشتملة على خمسة أشياء يقبح تعاطى ضدها (2) وارتكابها (3) ، وكانت الوصية بها تجرى مجرى الزجر والوعظ ، فختم الآية بقوله : (تَذَكَّرُونَ) أى : تتعظون بمواعظ الله.
    والآية الثالثة (4) : مشتملة على ذكر الصراط المستقيم ، والتحريض على اتباعه ، واجتناب مناهيه ، فختم الآية بالتقوى التى هى ملاك العمل ، وخير الزاد.
    117 ـ قوله : (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) (165) فى هذه السورة ، وفى يونس والملائكة : (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) (5) ، لأن فى هذا العشر تكرر ذكر المخاطبين كرّات ، فعرفهم بالإضافة ، وقد جاء فى السورتين على الأصل وهو : (جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) «2 : 30» ، (جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ) «7 : 57».
    118 ـ قوله : (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (165) ، وقال فى الأعراف : (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ
    __________________
    (1) وهى قوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ).
    (2) فى الأصول : يقبح تعاطيها وارتكابها. خطأ.
    (3) وهى فى قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا).
    (4) فى ب : الثانية. خطأ.
    (5) فى يونس آية 14 ، وفى الملائكة (فاطر) آية 19 ، وما فى يونس : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ).

    رَحِيمٌ) (167) ، لأن ما فى هذه السورة وقع بعد قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (160) ، وقوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) (165) ، فقيّد قوله : (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) باللام ترجيحا للغفران على العقاب.
    ووقع ما فى الأعراف بعد قوله : (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ) (165) ، وقوله : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (166) فقيد رحمة منه للعباد ، لئلا يرجح جانب الخوف على الرجاء ، وقدم سريع العقاب فى الآيتين مراعاة لفواصل الآى.
    سورة الأعراف
    119 ـ قوله : (قالَ ما مَنَعَكَ) (12) ، فى هذه السورة ، وفى «ص» : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ) (75) ، وفى الحجر : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ) (32) بزيادة (يا إِبْلِيسُ) فى السورتين ، لأن خطابه قرب من ذكره فى هذه السورة وهو قوله : (إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. قالَ ما مَنَعَكَ) «11 ، 12» فحسن حذف حرف النداء والمنادى ، ولم يقرب فى «ص» قربه منه فى هذه السورة ، لأن فى «ص» : (إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (74) بزيادة (اسْتَكْبَرَ) (1) ، فزاد حرف النداء والمنادى فقال : (يا إِبْلِيسُ) ، وكذلك (فى) (2) الحجر ، فإن فيها : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) (31) بزيادة (أَبى) ، فزاد حرف النداء والمنادى فقال : (يا إِبْلِيسُ ما لَكَ).
    120 ـ قوله : (أَلَّا تَسْجُدَ) (12) ، وفى «ص» : (أَنْ تَسْجُدَ) (75) ، وفى الحجر : (ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ) (32) فزاد فى
    __________________
    (1) فى أ : أبى واستكبر. خطأ.
    (2) سقطت من أ.

    هذه السورة (لا) وللمفسرين فى (لا) أقوال : قال بعضهم : (لا) صلة ، كما فى قوله : (لِئَلَّا يَعْلَمَ) «57 : 29» (1) ، وقال بعضهم : الممنوع من الشيء مضطر إلى ما منع ، وقال بعضهم : معناه : ما الذى جعلك فى منعة من عذابى ، وقال بعضهم : معناه : من قال لك لا تسجد. وقد ذكرت ذلك وأخبرت بالصواب فى كتابى «لباب التفسير». الذى يليق بهذا الكتاب أن نذكر ما السبب الذى خص هذه السورة بزيادة (لا) دون السورتين.
    قلت : لما حذف منها (يا إِبْلِيسُ) واقتصر على الخطاب ، جمع بين لفظ المنع ولفظ (لا) زيادة فى النفى ، وإعلاما أن المخاطب به إبليس ، خلافا للسورتين ، فإنه صرح فيهما باسمه.
    وإن شئت قلت : جمع فى هذه السورة بين ما فى «ص» وما فى الحجر ، فقال : ما منعك أن تسجد ـ مالك ألا تسجد. فحذف (أَنْ تَسْجُدَ) ، وحذف (ما لَكَ) لدلالة الحال ودلالة السورتين عليه ، فبقى (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) ، وهذه لطيفة فاحفظها.
    121 ـ قوله : (أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (14) ، وفى الحجر (26) و «ص» (79) : (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) ، لأنه سبحانه لما اقتصر فى السؤال على الخطاب دون صريح الاسم فى هذه السورة اقتصر فى الجواب أيضا على الخطاب دون ذكر المنادى. وأما زيادة الفاء فى السورتين دون هذه السورة فلأن داعية الفاء ما يتضمنه النداء من : أدعو ، أو أنادى ، نحو : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا) «3 : 193» أى : أدعوك. وكذلك داعية الواو فى قوله : (رَبَّنا وَآتِنا) «3 : 194» فحذف
    __________________
    (1) وقيل : لا زائدة لتوكيد المعنى الذى دخلت عليه ، منبهة على أن الموبخ عليه ترك السجود (إرشاد العقل السليم 2 / 327). ومعنى (أَلَّا تَسْجُدَ) على أن (لا) صلة ، لأن يعلم ، وكأنه قيل : ليتحقق علم أهل الكتاب. والدليل على زيادتها سقوطها فى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ). وقيل : ليست زائدة ، ومعناها : ما منعك فأحوجك ألا تسجد.
    انظر (البحر المحيط 3 / 272).

    المنادى فى هذه السورة ، فلما حذفه انحذفت الفاء.
    122 ـ قوله : (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (15) فى هذه السورة ، وفى السورتين : (قالَ فَإِنَّكَ) (1) ، لأن الجواب يبنى (2) على السؤال ولما خلا فى هذه السورة عن الفاء خلا الجواب عنه. ولما ثبتت الفاء فى السؤال فى السورتين ثبتت (فى الجواب ، والجواب) (3) فى السور الثلاث إجابة ، وليس باستجابة.
    123 ـ قوله : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) (16) فى هذه السورة ، وفى «ص» : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ) (82) ، وفى الحجر : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) (39) ، لأن ما فى هذه السورة موافق لما قبله فى الاقتصار على الخطاب دون النداء ، وما فى الحجر موافق لما قبله فى مطابقة النداء ، وزاد فى هذه السورة الفاء التى (هى) (4) للعطف ، ليكون الثانى مربوطا بالأول ، ولم تدخل فى الحجر ، فاكتفى بمطابقة النداء ، لامتناع النداء منه ، لأنه ليس بالذى يستدعيه النداء ، فإن ذلك يقع مع السؤال والطلب ، وهذا قسم عند أكثرهم ، بدليل ما فى «ص» ، وخبر عند بعضهم والذى فى «ص» على قياس ما فى الأعراف «16 ، 17» دون الحجر «39 ، 40» ، لأن موافقتهما أكثر على ما سبق فقال : (فَبِعِزَّتِكَ) (5) والله أعلم (6).
    وهذا الفصل فى هذه السورة برهان لامع. وسأل الخطيب نفسه عن هذه المسائل فأجاب عنها ، وقال : إن اقتصاص ما مضى إذا لم يقصد به أداء الألفاظ بأعيانها كان اختلافها واتفاقها سواء إذا أدّى
    __________________
    (1) فى سورة الحجر ، آية 27 ، وفى سورة ص ، آية 80.
    (2) فى (أ) ينبنى.
    (3) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (4) سقط من ب.
    (5) سقط من ب.
    (6) وقيل : الباء للسببية ، أى بسبب إغرائك لى. وقال ابن عطية : فيها معنى المجازاة ، كما تقول : فبإكرامك. وهذا أليق بالقصة. (البحر المحيط 5 / 275).

    المعنى المقصود. وهذا جواب حسن ، إن رضيت به كفيت مؤنة السهر إلى السحر.
    124 ـ قوله : (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) (18) ليس فى القرآن غيره ، لأنه سبحانه لما بالغ فى الحكاية عنه بقوله : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ) الآية (16). بالغ فى ذمه فقال : (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً) (1) (مَدْحُوراً). والذأم : أشد الذم.
    125 ـ قوله : (فَكُلا) (19) سبق فى البقرة.
    126 ـ قوله : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) (34). بالفاء حيث وقع ، إلا فى يونس (49) فإنه هنا جملة عطفت على جملة بينهما اتصال وتعقب ، فكان الموضع موضع الفاء وما فى يونس يأتى فى موضعه.
    127 ـ قوله : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ) (45) ما فى هذه السورة جاء على القياس ، وتقديره : وهم كافرون بالآخرة ، (فقدم بالآخرة) (2) تصحيحا لفواصل الآى ، وفى هود لما تقدم : (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) (18) ، ثم قال : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (18). ولم يقل : (عليهم) ، والقياس ذلك ، (ولو قال) (3) لالتبس أنهم هم أم غيرهم ، فكرّر وقال : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (19) ليعلم أنهم هم المذكورون لا غيرهم ، وليس (هم) هاهنا للتوكيد كما زعم بعضهم ، لأن (ذلك) (4) يزاد مع الألف واللام ملفوظا أو مقدرا.
    128 ـ قوله : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) (57) فى هذه
    __________________
    (1) فى أ : (مذموما) فى الموضعين. خطأ. وفى معنى الذأم قال قتادة لعينا. وقال الكلبى :
    ملوما. وقال مجاهد : منفيا ، وقيل : ممقوتا مدحورا.
    (البحر المحيط 4 / 277 ، ولسان العرب 12 / 219).
    (2) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (3) سقطت من أ.
    (4) سقطت من ب.

    السورة وفى الروم (1) بلفظ المستقبل. وفى الفرقان (2) وفاطر (3) بلفظ الماضى ، لأن ما قبلها فى هذه السورة ذكر الخوف والطمع ، وهو قوله : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) (56) وهما يكونان فى المستقبل لا غير ، فكان (يُرْسِلُ) بلفظ المستقبل أشبه بما قبله. وفى الروم قبله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) (46) فجاء بلفظ المستقبل وفقا لما قبله.
    وأما فى الفرقان فإن قبله : (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) (45) الآية. وبعد الآية : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) (47) و (مَرَجَ) (53) و (خَلَقَ) (54). فكان الماضى أليق به.
    وفى فاطر مبنى على أول السورة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ) وهما بمعنى الماضى لا غير ، فبنى (على) (4) ذلك فقال : (أُرْسِلَ) بلفظ الماضى ، ليكون الكل على مقتضى اللفظ الذى خصّ به.
    129 ـ قوله : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) (59). فى هذه السورة بغير واو ، وفى هود (25) ، والمؤمنون (23) (وَلَقَدْ) (5) بالواو ، لأنه لم يتقدم فى هذه السورة ذكر رسول ، فيكون هذا عطفا عليه ، بل هو استئناف كلام. وفى هود تقدم ذكر الرسول مرات (6) ، وفى
    __________________
    (1) فى الروم : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) الآية [48].
    (2) فى الفرقان : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) [48].
    (3) فى فاطر : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) الآية [9].
    (4) سقطت من ب.
    (5) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (6) فى هود من أولها احتجاج على الكفار بآيات الله التى أظهرها على أيدى أنبيائه وألسنتهم ، وتوعد لهم على كفرهم ، وذكر قصص من جحد آيات الأنبياء من قبلهم. وبعد عشر آيات جاء : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ..») إلى الآية [25] منها تتحدث عن الرسالات والرسل.

    المؤمنون (1) تقدم ذكر نوح ضمنا فى قوله : (وَعَلَى الْفُلْكِ) (22) ، لأنه أول من صنع الفلك ، فعطف فى السورتين بالواو.
    130 ـ قوله : (أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ) (59) بالفاء فى هذه السورة ، وكذلك فى المؤمنون فى قصة نوح : (فَقالَ) (23) ، وفى هود فى قصة نوح : (إِنِّي لَكُمْ) (25) بغير (قالَ) ، وفى هذه السورة فى قصة عاد بغير فاء (2) ، لأن إثبات الفاء هو الأصل ، وتقديره : أرسلنا نوحا فجاء فقال. فكان فى هذه السورة والمؤمنون على ما يوجبه اللفظ.
    وأما فى هود فالتقدير : فقال إنى. فأضمر قال ، وأضمر معه الفاء ، وهذا كما قلنا فى قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) «3 : 106» أى فيقال لهم : أكفرتم. فأضمر الفاء والقول معا.
    وأما قصة عاد فالتقدير : وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا فقال. فأضمر (أَرْسَلْنا) ، وأضمر الفاء لأن داعى الفاء أرسلنا.
    131 ـ قوله : (قالَ الْمَلَأُ) (66). بغير فاء فى قصة نوح وهود فى هذه السورة ، وفى سورة هود والمؤمنون : (فَقالَ) (بالفاء) (3) ، لأن ما فى هذه السورة فى السورتين لا يليق بالجواب ، وهو قولهم لنوح : (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (60) ، وقولهم لهود : (إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) «7 : 66» بخلاف السورتين ، فإنهم أجابوا فيهما بما زعموا أنه جواب (4).
    132 ـ قوله : (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ) (62) فى
    __________________
    (1) فى أ : وقى نوح. خطأ.
    (2) وهو قوله : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ) [65].
    (3) سقطت من ب.
    (4) وهو قولهم فى هود : (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) [27] ، وفى المؤمنون : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [24].

    قصة نوح. وقال فى قصة هود : (وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ) (68) ، لأن ما فى هذه الآية : (أُبَلِّغُكُمْ) بلفظ المستقبل ، فعطف عليه (أَنْصَحُ لَكُمْ) كما فى الآية الأخرى : (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) «7 : 79». فعطف الماضى ، لكن فى قصة هود قابل باسم الفاعل على قولهم له : (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (66) ليقابل الاسم بالاسم.
    133 ـ قوله : (أُبَلِّغُكُمْ) (62) فى قصة نوح وهود بلفظ المستقبل ، وفى قصة صالح وشعيب : (أَبْلَغْتُكُمْ) «79 ، 93» بلفظ الماضى ، لأن فى قصة نوح وهود وقع فى ابتداء الرسالة ، وفى قصة صالح وشعيب وقع فى آخر الرسالة ودنوّ العذاب ، ألا تسمع قوله : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) فى القصتين؟
    134 ـ قوله : (رِسالاتِ رَبِّي) فى جميع القصص ، إلّا فى قصة صالح فإن فيها : (رِسالَةَ) (79) على الواحدة ، لأنه سبحانه حكى عنهم بعد الإيمان بالله والتقوى أشياء أمروا قومهم بها ، إلّا فى قصة صالح ، فإن فيها ذكر الناقة فصار كأنها رسالة (1) واحدة ، وقوله : (بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) «7 : 144». مختلف فيها (2).
    135 ـ قوله : (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) (64). وفى يونس : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) (73) ، لأن أنجينا ونجينا للتعدى ، لكن التشديد يدل على الكثرة والمبالغة فكان فى يونس (وَمَنْ مَعَهُ) ، ولفظ (مَنْ) يقع على كثرة مما يقع عليه (الَّذِينَ) لأن من يصلح للواحد والتثنية والجمع ، والمذكر والمؤنث ، بخلاف الذين ، فإنه (3) لجمع
    __________________
    (1) فى أ : كأنه رسالة.
    (2) قرأ نافع وابن كثير المكى (برسالتى). انظر : (تفسير القرطبى 7 / 280).
    (3) فى ب : لأنه.

    المذكر فحسب ، فكان التشديد (مع من) (1) أليق.
    136 ـ قوله فى هذه السورة : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (73) ، وفى هود : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) (64) ، وفى الشعراء : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (156) ، لأنه فى هذه السورة بالغ فى الوعظ ، فبالغ فى الوعيد ، فقال : (عَذابٌ أَلِيمٌ) ، وفى هود لما اتصل بقوله : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) (65) وصفه بالقرب فقال : (عَذابٌ قَرِيبٌ) ، وزاد فى الشعراء ذكر اليوم ، لأنه قبله : (لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (155) ، فالتقدير : لها شرب يوم معلوم ، فختم الآية بذكر اليوم فقال : (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
    137 ـ قوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) (78) على الوحدة ، وقال : (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) «11 : 94» حيث (ذكر الرجفة وهى الزلزلة) (2) ، وحد الدار. وحيث ذكر الصيحة جمع ، لأن الصيحة كانت من السماء ، فبلوغها أكثر وأبلغ من الزلزلة ، فاتصل كل واحد بما هو لائق به.
    138 ـ قوله : (ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) (71) فى هذه السورة (نَزَّلَ) وفى غيرها (أَنْزَلَ) «12 : 40» ، لأن أفعل كما ذكرت آنفا للتعدى ، وفعل للتعدى والتكثير ، فذكر فى الموضع الأول بلفظ المبالغة ليجرى مجرى ذكر الجملة والتفصيل ، وذكر الجنس والنوع ، فيكون الأول كالجنس وما سواه كالنوع.
    139 ـ قوله : (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) (74) فى هذه
    __________________
    (1) ساقطة من ب.
    (2) ما بين الحاصرين سقط من ب.

    السورة ، وفى غيرها (مِنَ الْجِبالِ) «15 : 82 و 26 : 149» ، لأن فى هذه السورة تقدمه (مِنْ سُهُولِها قُصُوراً) (74) فاكتفى بذلك.
    140 ـ قوله : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (84) فى هذه (السورة) ، وفى غيرها : (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) «27 : 58» ، لأن فى هذه السورة وافق ما بعده ، وهو قوله : (وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (86).
    141 ـ قوله : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) (80) بالاستفهام ، وهو استفهام تقريع وتوبيخ وإنكار. وقال بعده : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) (81) فزاد مع الاستفهام (إِنَ) لأن التقريع والتوبيخ والإنكار فى الثانى أكثر ، ومثله فى النمل : (أَتَأْتُونَ) (54). وبعده (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) (29) فجمع بين : إن ، وأئن ، وذلك لموافقة آخر القصة ، فإن فى الآخرة : (إِنَّا مُنَجُّوكَ) (33) ، (إِنَّا مُنْزِلُونَ) (34) فتأمل فيه فإنه صعب المستخرج (1).
    142 ـ قوله : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) (81) ، فى هذه السورة بلفظ الاسم ، وفى النمل : (قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) (55) بلفظ الفعل ، لأن (2) كل إسراف جهل ، وكل جهل إسراف (3) ، ثم ختم الآية بلفظ الاسم موافقة لرءوس الآيات التى تقدمت ، وكلها أسماء (الْعالَمِينَ) (80) ، (النَّاصِحِينَ) (79) و (جاثِمِينَ(4)) (78) و (الْمُرْسَلِينَ) (77) و (كافِرُونَ) (76) و (مُؤْمِنُونَ) (75) و (مُفْسِدِينَ) (74) ،
    __________________
    (1) صعب استخراجه لأن جميع القصص المذكورة لم يأت الجزاء فيها مؤكدا ، فقد جاء فى الأعراف : (فَأَنْجَيْناهُ) [64] ، وفى النمل : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ) [57] ، أما فى العنكبوت فالجزاء : (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) [33] ، و (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً) [34]. فاقتضى تكرار التأكيد لمعنى التقريع مرتين : إحداهما بالاستفهام الإنكارى وإن.
    (2) فى أ : أو لأن. زيادة لا معنى لها.
    (3) يعتبر الجهل إسرافا على النفس من حيث حرمانها من العلم والنظر ، وتعريفها بالحدود.
    (4) فى أ : وقع (جاثِمِينَ) بعد (الْمُرْسَلِينَ) وهو مخالف للترتيب.

    وفى النمل وافق ما قبلها من الآيات وكلها أفعال : (تُبْصِرُونَ) ـ (يَتَّقُونَ) ـ (يَعْلَمُونَ) (1).
    143 ـ قوله : (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) (82) بالواو فى هذه السورة ، وفى غيرها (2) : (فَما) بالفاء ، لأن ما قبله اسم ، والفاء للتعقيب ، والتعقيب يكون مع الأفعال ، فقال فى النمل : (تَجْهَلُونَ. فَما كانَ) «55 ، 56» ، وكذلك فى العنكبوت فى هذه القصة : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ) (29) وفى هذه السورة : (مُسْرِفُونَ. وَما كانَ) «81 ، 82» (3).
    وفى هذه السورة : (أَخْرِجُوهُمْ) (82) (4) ، وفى النمل : (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ) (56) ولأن ما فى هذه السورة كناية فسّرها فى السورة التى بعدها. وفى النمل قال الخطيب : سورة النمل نزلت قبل هذه السورة ، فصرّح فى الأولى وكنّى فى الثانية.
    144 ـ قوله : (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (83) فى هذه السورة ، وفى النمل : (قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) (57) (أى : كانت فى علم الله من الغابرين فقدّرناها من الغابرين. وعلى وزن قول الخطيب : قدّرناها من الغابرين) (5) فصارت من الغابرين. وكان بمعنى صار وقد فسر (كانَ مِنَ الْجِنِ) «18 : 50» بالوجهين.
    145 ـ قوله : (بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) (101) فى هذه السورة ، وفى يونس : (بِما كَذَّبُوا بِهِ) (74) ولأن أول القصة فى هذه السورة : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا ...) (96) ، وفى الآية : (... وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ) (96) وليس بعدها الباء ، فختم القصة بمثل ما بدأ به ، وكذلك فى يونس وافق ما قبله : (فَكَذَّبُوهُ
    __________________
    (1) سقطت (يَعْلَمُونَ) من ب.
    (2) وذلك فى سورة النمل آية 58 ، والعنكبوت آية 29.
    (3) سقطت (وما كان) من ب.
    (4) ما بين الحاصرين سقط من أ.
    (5) ما بين الحاصرين سقط من ب.

    فَنَجَّيْناهُ) (73) ، (كَذَّبُوا بِآياتِنا) (73) فختم بمثل ذلك فقال : (بِما كَذَّبُوا بِهِ) (74).
    وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما فى حق العقلاء (1) من التكذيب فبغير الباء نحو قوله : (فَكَذَّبُوا رُسُلِي) و (فَكَذَّبُوهُ) وغيره. وما فى حق غيرهم ب (باء. نحو) (2) (كَذَّبُوا بِآياتِنا) وغيرها ، وعند المحققين تقديره : فكذبوا رسلنا برد آياتنا حيث وقع.
    146 ـ قوله : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ) (101) ، وفى يونس : (نَطْبَعُ) (74) بالنون ، لأن فى هذه السورة قدّم ذكر الله سبحانه بالصريح (3) والكناية ، فجمع بينهما فقال : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ) (100) بالنون وختم الآية بالصريح فقال : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ). وأما فى يونس فمبنى (4) على ما قبله من قوله : (فَنَجَّيْناهُ) (73) (5) ، (وَجَعَلْناهُمْ) (73) و (ثُمَّ بَعَثْنا) (74) بلفظ الجمع ، فختم بمثله فقال : (كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ) (74).
    147 ـ قوله : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) (109) ، وفى الشعراء : (قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ) (25) ، لأن التقدير فى هذه الآية : قال الملأ من قوم فرعون وفرعون بعض لبعض. فحذف فرعون لاشتمال الملأ من آل فرعون. فحذف فرعون ، لأن آل فرعون اشتمل على اسمه ، فالقائل هو فرعون وحده (6) بدليل الجواب وهو : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) (111) (7) بلفظ التوحيد والملأ هم المقول
    __________________
    (1) حرفت الكلمة فى ب إلى (العقد).
    (2) ما بين الحاصرين سقط من ب.
    (3) فى ب : بالتصريح.
    (4) فى ب : فمشى.
    (5) فى أ : (فنجيناهم) خطأ.
    (6) فى أ : فرعون واحد.
    (7) (قالُوا) أى الملأ من أتباع فرعون : (أَرْجِهْ) ردا على قوله : (لَساحِرٌ عَلِيمٌ. يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ) [110] وهذا دليل على أن القائل هو فرعون وحده ، لا الملأ.

    لهم ، إذ ليس فى الآية مخاطبون بقوله : (يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) (110) غيرهم. فتأمل فيه فإنه برهان للقرآن شاف.
    148 ـ قوله : (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ) (110) ، وفى الشعراء : (مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ) (35) ، لأن الآية الأولى فى هذه السورة بنيت على الاقتصار ، وكذلك الآية الثانية ، ولأن لفظ الساحر يدل على السحر.
    149 ـ قوله : (وَأَرْسِلْ) (111) ، وفى الشعراء : (وَابْعَثْ) (36) ، لأن الإرسال يفيد معنى البعث ، ويتضمن نوعا من العلو ، لأنه يكون من فوق ، فخصصت هذه السورة به لما التبس ، ليعلم أن المخاطب به فرعون دون غيره.
    150 ـ قوله : (بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) (112) ، وفى الشعراء : (بِكُلِّ سَحَّارٍ) (37) ، لأنه راعى ما قبله فى هذه السورة وهو قوله Sadإِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) (109) وراعى فى الشعراء الإمام فإنه فيه Sadبِكُلِّ سَحَّارٍ) ، بالألف. وقرئ فى هذه السورة (سَحَّارٍ) أيضا طلبا للمبالغة ، وموافقة لما فى الشعراء.
    151 ـ قوله : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا) (113) ، وفى الشعراء : (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ) (41) ، لأن القياس فى هذه السورة ، فلما جاء السحرة فرعون قالوا ، أو فقالوا ، لا بدّ من ذلك. لكن أضمر فيه (فَلَمَّا) فحسن حذف الفاء ، وخص هذه السورة بإضمار فلما ، لأن ما فى هذه السورة وقع على الاختصار والاقتصار على ما سبق. وأما تقديم فرعون وتأخيره فى الشعراء فلأن التقدير فيهما : فلما جاء السحرة فرعون قالوا لفرعون ، فأظهر الأول فى هذه السورة ، لأنها الأولى ، وأضمر الثانى فى الشعراء ، لأنها الثانية.
    152 ـ قوله : (قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (114) ، وفى الشعراء (إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (42) ، لأن (إِذاً) فى هذه

    السورة مضمرة مقدرة ، لأن إذا جزاء ، ومعناه : إن غلبتم قربتكم ورفعت منزلتكم ، وخص هذه السورة بالإضمار اختصارا.
    153 ـ قوله : (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) (115) ، وفى طه : (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) (65). راعى فى السورتين أواخر الآى (1) ، ومثله : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) فى السورتين (2) ، وفى طه : (سُجَّداً) (70) ، وفى السورتين أيضا (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (3) وليس فى طه : (رَبُّ الْعالَمِينَ) (4) ، وفى السورتين : (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) (5) ، وفى هذه : (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ، لَأُقَطِّعَنَ) «123 ، 124» ، وفى الشعراء : (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَ) (49) ، وفى طه : (فَلَأُقَطِّعَنَ) (71) ، وفى السورتين : (لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) (6) ، وفى طه : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) (71) وهذا كله مراعاة لفواصل الآى ، لأنها مرعية تنبنى عليها مسائل كثيرة.
    154 ـ قوله فى هذه السورة : (آمَنْتُمْ بِهِ) (123) ، وفى
    __________________
    (1) أواخر الآى فى هذه السورة : (الْغالِبِينَ) ـ (الْمُلْقِينَ) ـ (عَظِيمٌ) ـ (يَأْفِكُونَ).
    وفى طه : (النَّجْوى) ـ (الْمُثْلى) ـ (اسْتَعْلى) ـ (أَلْقى) ـ (تَسْعى).
    (2) أى فى سورة الأعراف ، آية 120 ، وفى سورة الشعراء ، آية 46.
    (3) فى الأعراف ، آية 121 ، وفى الشعراء ، آية 47.
    (4) ولكنها هنا : (بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) [70].
    (5) فى الأعراف ، آية 122 ، والشعراء ، آية 48.
    (6) فى الأعراف : (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) [124] ، وفى الشعراء : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) [149] ، وفى أ : (فَلَأُقَطِّعَنَ) خطأ. والملاحظ أن فى الأعراف (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَ). والتسويف فى الآيتين ، لأن مراد فرعون قتل السحرة المؤمنين وذرياتهم أجمعين ، وفى طه ليس فيه ما يدل على استقصائهم ، بل فيه أنه سيوقع عقوبة عاجلة بهم والله أعلم ، وإنما اقترنت لام القسم بالتسويف فى الشعراء ، لأنه سبقها (وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ. لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ) [39 ، 40].
    فلما غلب موسى السحرة وآمنوا اقتضى تأكيد العقوبة مستقبلا ، لئلا يتبع الناس السحرة إيمانهم ـ والله أعلم.

    السورتين : (آمَنْتُمْ لَهُ) لأن (الضمير) هنا يعود إلى رب العالمين ، وهو المؤمن به بحانه وفى السورتين يعود إلى موسى (وهو المؤمن له) ، لقوله : (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ) ، وقيل : آمنتم به وآمنتم له واحد.
    155 ـ قوله : (قالَ فِرْعَوْنُ) (123) ، وفى السورتين : (قالَ آمَنْتُمْ) ، لأن هذه السورة متعقبة على السورتين ، فصرّح فى الأولى وكنّى فى الأخريين وهو القياس. قال الخطيب : لأن فى هذه السورة بعد عن ذكر فرعون بآيات فصرّح ، وقرب فى السورتين من ذكره فكنّى.
    156 ـ قوله : (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ) (124) ، وفى السورتين : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ) ، لأن ثم تدل على أن الصلب يقع بعد التقطيع ، وإذا دل فى الأولى ، علم فى غيرها ، ولأن موضع الواو تصلح له ثمّ.
    157 ـ قوله : (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) (125) ، وفى الشعراء : (لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) (50) بزيادة (لا ضَيْرَ) ، لأن هذه السورة اختصرت فيها هذه القصة ، وأشبعت فى الشعراء ، وذكر فيها أول أحوال موسى مع فرعون إلى آخرها ، فبدأ بقوله : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) (18) ، وختم بقوله : (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (66) ، فلهذا وقع فيها زوائد لم تقع فى الأعراف وطه ، فتأمل وتدبر تعرف إعجاز القرآن (1).
    158 ـ قوله : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ) (141) بغير واو على البدل وقد سبق.
    159 ـ قوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) (178) بإثبات الياء على الأصل ، وفى غيرها بغير ياء على التخفيف (2).
    __________________
    (1) وفائدة قوله تعالى : (لا ضَيْرَ) فى الشعراء ، وهى السورة التى وقع فيها استقصاء القصة : أن العذاب الذى حاول فرعون إنزاله بالسحرة المؤمنين لا ضير منه ، لأنه ساعة ينقلبون بعدها إلى الله فى النعيم المقيم. ولكن الضير يقع على فرعون أبدا فى الآخرة.
    انظر : (درة التنزيل ص 180).
    (2) وسبب تكرار هذه الآية : التنبيه على أن الهداية من الله أولا وسبيلها اتباع ما أرشد الله إليه ، أما العمل بمقتضى الفكر دون ميزان الشرع فهو الضلال.

    160 ـ قوله : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (188) فى هذه السورة ، وفى يونس : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (49) ، لأن أكثر ما جاء فى القرآن من لفظى الضر والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضر على النفع ، لأن العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أولا ، ثم طمعا فى ثوابه ثانيا ، يقويه قوله : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) «32 : 16» وحيث تقدم النفع على الضر تقدم لسابقة لفظ تضمن نفعا ، وذلك فى ثمانية مواضع ، ثلاثة منها بلفظ الاسم. وهى : هاهنا ، والرعد ، وسبأ (1) ، وخمسة بلفظ الفعل ، وهى فى الأنعام : (يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) (71) ، وآخر فى يونس : (ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) (106) ، وفى الأنبياء : (ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ) (66) ، وفى الفرقان : (ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) (55) ، وفى الشعراء : (يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ) (73).
    أما فى هذه السورة فقد تقدمه : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ ...) (178) فقدم الهداية على الضلالة ، وبعد ذلك Sadلَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) (188) ، فقدم الخير على السوء ، فلذلك قدم النفع على الضر.
    وفى الرعد : (طَوْعاً وَكَرْهاً) (15) فقدم الطوع ، وفى سبأ : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (36) فقدم البسط.
    وفى يونس قدّم الضر على الأصل ، ولموافقة ما قبلها : (ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) (18) وفيها : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ) (12) فيكون فى الآية ثلاث مرات.
    وكذلك ما جاء بلفظ الفعل فلسابقة معنى يتضمن فعلا.
    __________________
    (1) فى الرعد : (أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) [16] ، وفى سبأ : (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) [42].

    أما سورة الأنعام ففيها : (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) (70) ثم وصلها بقوله : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) (71) ، وفى يونس تقدمه قوله : (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (103) ، ثم قال : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) (106) ، وفى الأنبياء تقدم فى الكفار لإبراهيم فى المجادلة : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ. قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ) «65 ، 66» ، وفى الفرقان تقدمه قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) (45). وعدّ نعما جمّة فى الآيات ، ثم قال : (يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) (55). فتأمل فإنه برهان القرآن.
    161 ـ قوله : (وَخِيفَةً) (205) ذكرت فى المتشابه وليست منه ، لأنها من الخوف. و (خفية) (1) من قوله تعالى : (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) من خفى الشيء إذا استتر.
    سورة الأنفال
    162 ـ قوله : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى) (10) ، وقوله : (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ) (13) ، وقوله : (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (39) وقد سبق (2).
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:33


    __________________
    (1) سورة الأنعام ، آية 63. ووردت كذلك فى سورة الأعراف ، آية 55 : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً).
    ملحق :
    (2) لم يذكر المؤلف قوله تعالى فى الأنفال : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) [35] ، وفى الأعراف : (بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) [39] ، لأن ما فى الأعراف جاء بعد مناقشة بين أهل النار ، وادعاء كل فريق أن على غيره ضعف العذاب بما أضله ، يعنى على قدر اكتسابه من الإثم فناسب (تَكْسِبُونَ). أما الأنفال فما قبلها خاص بالكفار وصلاتهم عند البيت ، وهم كفار قريش ، وليس فيه ما يدل على زيادة كسب على كسب ، فجاء على الأصل (تَكْفُرُونَ). انظر : (درة التنزيل ص 188).

    163 ـ قوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) (52) ، ثم قال بعد آية : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) (54). قال الخطيب : قد أجاب فيها بعض أهل النظر بأن قال : ذكر فى الآية الأولى عقوبته إياهم عند الموت كما فعله بآل فرعون ومن قبلهم من الكفار ، وذكر فى الثانية ما يفعل بهم بعد الموت كما فعله بآل فرعون ومن قبلهم ، فلم يكن تكرارا.
    قال الخطيب : والجواب عندى :
    أن الأول : إخبار عن عذاب لم يمكن الله أحدا من فعله ، وهو : ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم.
    والثانى : إخبار عن عذاب مكّن الناس من فعل مثله ، وهو الإهلاك ، والإغراق.
    قلت : وله وجهان آخران محتملان :
    أحدهما : كدأب آل فرعون فيما فعلوا.
    والثانى : كدأب آل فرعون فيما فعل بهم ، فهم فاعلون على الأول ، ومفعولون فى الثانى.
    والوجه الآخر : أن المراد بالأول كفرهم بالله ، وبالثانى تكذيبهم بالأنبياء ، لأن تقدير الآية : كذبوا الرسل بردهم آيات الله.
    وله وجه آخر ، وهو : أن يجعل الضمير فى (كَفَرُوا) لكفار قريش على تقدير : كفروا بآيات الله كدأب آل فرعون. وكذلك الثانى : كذبوا بآيات ربهم كدأب آل فرعون.
    164 ـ قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (72) فى هذه السورة بتقديم (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ). وفى براءة بتقديم : (فِي سَبِيلِ اللهِ) (20) ؛ لأن فى هذه السورة تقدم ذكر المال والفداء والغنيمة فى قوله : (تُرِيدُونَ عَرَضَ

    الدُّنْيا) (67) ، (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ) (68) أى من الفداء ، (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ) (69) فقدم ذكر المال ، وفى براءة تقدم ذكر الجهاد وهو قوله : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) (16) ، وقوله : (كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (19). فقدم ذكر الجهاد فى هذه الآى فى هذه السورة ثلاث مرات ، فأورد فى الأولى : (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) ، وحذف من الثانية : (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) اكتفاء بما فى الأولى ، وحذف من الثالثة : (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) ، وزاد حذف (فِي سَبِيلِ اللهِ) (اكتفاء بما فى الآيتين قبلها) (1).
    سورة التّوبة
    165 ـ قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) «2 ، 3». ليس بتكرار ، لأن الأول للمكان ، والثانى للزمان ، وقد تقدم ذكرهما فى قوله : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) (2).
    166 ـ قوله : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) (11). ليس بتكرار ، لأن الأول : فى الكفار ، والثانى : فى اليهود فيمن حمل قوله : (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) (9) على التوراة. وقيل : هما فى الكفّار ، وجزاء الأول : تخلية سبيلهم ، وجزاء الثانى : إثبات الأخوة لهم ، والمعنى بإثبات الله القرآن (2).
    167 ـ قوله : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) (7) ، ثم ذكر بعده : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) (Cool (3). واقتصر عليه ، فذهب بعضهم إلى أنه
    __________________
    (1) ما بين الحاصرين سقط من أ.
    (2) وذلك لأن الجزاء فى الآية الأولى رقم [5] قوله : (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) وفى رقم [10] قوله : (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ). والأخوة فى الدين إثبات للقرآن ضمنا.
    (3) الإل : العهد ، أو الحلف ، والذمة : اليمين أو الحرمة. (القرطبى 8 / 89).

    تكرار للتأكيد ، واكتفى بذكر (كَيْفَ) عن الجملة بعده ، لدلالة الأولى عليه. وقيل : تقديره : كيف لا تقتلونهم ، فلا يكون من التكرار فى شىء.
    168 ـ قوله : (لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) (Cool ، وقوله : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) (10) ، الأول : للكفار ، والثانى : لليهود. وقيل : ذكر الأول وجعل جزاء للشرط ، ثم أعاد ذلك تقبيحا لهم فقال : (ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) فلا يكون تكرارا محضا.
    169 ـ قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) (20). إنما قدم (فِي سَبِيلِ اللهِ) فى هذه السورة لموافقة قوله قبله : (وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (19) وقد سبق ذكره فى الأنفال ، وقد جاء بعده فى موضعين : (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) ، ليعلم أن الأصل ذلك ، وإنما هاهنا لموافقة ما قبله فحسب.
    170 ـ قوله : (كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ) (54) بزيادة باء ، وبعده : (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا) «80 ، 84» (1) بغير باء فيهما ، لأن الكلام فى الآية الأولى إيجاب بعد نفى ، وهو الغاية فى باب التأكيد ، وهو قولهم : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ) (54). فأكّد المعطوف أيضا ، فالباء ليكون الكل فى التأكيد على منهاج واحد ، وليس كذلك الآيتان بعده ، فإنهما خلتا من التأكيد.
    171 ـ قوله : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ) (55) بالفاء ، وقال فى
    __________________
    (1) ما بين الحاصرين سقط من ب.

    الآية الأخرى : (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ) (85) بالواو ، لأن الفاء تتضمن معنى الجزاء ، والفعل الذى قبله مستقبل يتضمن معنى الشرط ، وهو قوله : (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) (54). أى : إن يكن منهم ذلك فما ذكر جزاؤهم ، فكان الفاء هاهنا أحسن موقعا من الواو ، والتى بعدها جاء قبلها : (كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا) (84) بلفظ الماضى وبمعناه ، والماضى لا يتضمن معنى الشرط ، ولا يقع من الميت فعل ، فكان الواو أحسن.
    172 ـ قوله : (وَلا أَوْلادُهُمْ) (55) بزيادة (لا) ، وقال فى الأخرى : (وَأَوْلادُهُمْ) (85). بغير (لا) ، لأنه لمّا أكّد الكلام الأول بالإيجاب بعد النفى وهو الغاية ، وعلق الثانى بالأول تعليق الجزاء بالشرط ، اقتضى الكلام الثانى من التوكيد ما اقتضاه الأول ، فأكد معنى النهى بتكرار (لا) فى المعطوف.
    173 ـ وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) (55) ، وقال فى الأخرى : (أَنْ يُعَذِّبَهُمْ) (85) ، لأن (أَنْ) فى هذه الآية مقدرة ، وهى الناصبة للفعل فصار فى الكلام هاهنا زيادة كزيادة (الباء ، ولا) فى الآية.
    174 ـ قوله : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (55) ، وفى الآية الأخرى : (فِي الدُّنْيا) (85) ، لأن الدنيا صفة الحياة فى الآيتين ، فأثبت الموصوف والصفة فى الأولى ، وحذف الموصوف فى الثانية ، اكتفاء بذكره فى الأولى (1) ، وليس الآيتان مكرّرتين ، لأن الأولى فى قوم ،
    __________________
    (1) فى الأصول : وهو أن المحذوف فى هذه الآية محذوف. والمثبت عن (البحر المحيط 5 / 81) وعن السياق. وقدره أبو حيان : إنما يريد الله ابتلاءهم بالأموال والأولاد ليعذبهم. وهو أوضح.
    ويرى أبو حيان أنه ليس تكرارا ، لأن الآيتين فى فريقين من المنافقين ، وقيل : أراد بالأولى لا تعظمهم فى حال حياتهم ولا بعد مماتهم (المصدر السابق).

    والثانية فى آخرين ، وقيل : الأولى فى اليهود ، والثانية فى المنافقين.
    وجواب آخر : وهو أن المفعول فى هذه الآية محذوف (1) ، أى أن يزيد فى نعمائهم بالأموال والأولاد ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا. والآية الأخرى إخبار عن قوم ماتوا على الكفر ، فتعلقت الإرادة بما هم فيه ، وهو العذاب.
    175 ـ قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) (32) ، وفى الصف : (لِيُطْفِؤُا) (Cool. هذه الآية تشبه قوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ) (85) ، و (لِيُعَذِّبَهُمْ) (55). حذف اللام من الآية الأولى ، لأن مرادهم إطفاء نور الله بأفواههم ، والمراد الذى هو المفعول به فى الصف مضمر ، تقديره : ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب ليطفئوا نور الله ، واللام لام العلة ، وذهب بعض النحاة إلى أن الفعل محمول على المصدر ، أى : إرادتهم لإطفاء نور الله.
    176 ـ قوله : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (72) هذه الكلمات تقع على وجهين :
    أحدهما : (ذلِكَ الْفَوْزُ) بغير (هُوَ) وهو فى القرآن فى ستة مواضع : فى براءة موضعان ، وفى يونس ، والمؤمن (غافر) ، والدخان والحديد (2). وما فى براءة أحدهما بزيادة الواو ، وهو قوله : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (111) ، وكذلك ما فى المؤمن ، بزيادة واو.
    __________________
    (1) وقد حذف (الْحَياةِ) فى الآية الثانية تنبيها على خساستها وأنها لا تستحق أن تسمى حياة (البحر المحيط 5 / 82).
    (2) الموضعان فى براءة ذكرهما المؤلف «72 ، 111» ، وفى يونس : (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [64]. وفى المؤمن : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [9]. وفى الدخان : (فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [57]. وفى الحديد : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [12].

    والجملة إذا جاءت بعد جملة من غير تراخ بنزول جاءت مربوطة بما قبلها (1) ، إما بواو العطف ، وإما بكناية تعود من الثانية إلى الأولى ، وإما بإشارة فيها إليها ، وربما يجمع بين الاثنين منها (2) والثلاثة للدلالة على مبالغة فيها ، ففي براءة : (خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ) (89) ، (خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ) (100) ، وفيها أيضا : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ) (72) فجمع بين اثنين ، وبعدها : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (111) فجمع بين الثلاثة تنبيها على : أن الاستبشار من الله تعالى يتضمن رضوانه ، والرضوان يتضمن الخلود فى الجنان.
    قلت : ويحتمل أن ذلك لما تقدمه من قوله : (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) (111) ، ويكون كل واحد منها فى مقابلة واحد ، وكذلك فى المؤمن تقدمه (3) (فَاغْفِرْ) (7) (وَقِهِمْ) (7) (وَأَدْخِلْهُمْ) (Cool فوقعت فى مقابلة الثلاثة.
    177 ـ قوله : (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) (87) ، ثم قال بعده : (وَطَبَعَ اللهُ) (93) ، لأن قوله : (وَطُبِعَ) محمول على رأس المائة ، وهو قوله : (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (86) مبنى للمجهول ، والثانى : محمول على ما تقدم من ذكر الله تعالى مرات ، فكان اللائق (وَطَبَعَ اللهُ). ثم ختم كل آية بما يليق بها فقال فى الأولى : (لا يَفْقَهُونَ) ، وفى الثانية : (لا يَعْلَمُونَ) ، لأن العلم فوق الفقه ، والفعل المسند إلى الله فوق المسند إلى المجهول.
    178 ـ قوله : (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ) (94) ، وقال فى الأخرى : (فَسَيَرَى (4) اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
    __________________
    (1) فى أ : مما قبلها.
    (2) فى الأصول : بين اثنين منها والثلاثة.
    (3) فى ب : فى المؤمن أى «غافر» لقومه. تحريف.
    (4) فى أ : (وَسَيَرَى) خطأ.

    وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ) (105) ، لأن الأولى فى المنافقين ، ولا يطلع على ضمائرهم إلّا الله تعالى ، ثم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم باطلاع الله إياه عليها ، كقوله : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) «9 : 94» ، والثانية فى المؤمنين وطاعات المؤمنين وعبادتهم ظاهرة لله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين. وختم آية المنافقين بقوله : (ثُمَّ تُرَدُّونَ) ، فعطفه على الأول ، لأنه وعيد ، وختم آية المؤمنين بقوله : (وَسَتُرَدُّونَ) ، لأنه وعد ، فبناه على قوله : (فَسَيَرَى اللهُ).
    179 ـ قوله : (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ) (120) ، وفى الأخرى : (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ) (121) ، لأن الآية الأولى مشتملة على ما هو من عملهم وهو قوله : (وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً) (1) (يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً) (120) وعلى ما ليس من عملهم ، وهو : الظمأ والنّصب والمخمصة. والله سبحانه وتعالى بفضله أجرى ذلك مجرى عملهم فى الثواب فقال : (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ). أى : جزاء عمل صالح. والثانية : مشتملة على المشاق وقطع المسافات ، فكتب لهم ذلك بعينه ، وكذلك ختم الآية بقوله : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (121) لكن الكل من عملهم ، فوعدهم أحسن الجزاء عليه ، وختم الآية بقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (120) حتى ألحق ما ليس من عملهم بما هو من عملهم ، ثم جازاهم على الكل أحسن الجزاء.
    سورة يونس
    180 ـ قوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) (4) ، وفى هود : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) (4) ، لأن ما فى هذه السورة خطاب للمؤمنين والكافرين جميعا ، يدل عليه قوله : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
    __________________
    (1) الموطىء : المنزل فى السفر.

    الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ (1) وَالَّذِينَ كَفَرُوا ...) الآية (4). وكذلك ما فى المائدة : (مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) (48) ، لأنه خطاب للمؤمنين والكافرين ، بدليل قوله : (فِيهِ مُخْتَلِفُونَ). وما فى هود خطاب للكفار ، يدل عليه : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) (3).
    181 ـ قوله : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ) (12) بالألف واللام ، لأنه إشارة إلى ما تقدم من الضر فى قوله : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) (11) فإن الضر والشر واحد ، وجاء الضر فى هذه السورة بالألف واللام ، وبالإضافة ، وبالتنوين (2).
    182 ـ قوله : (وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) (13) بالواو ، لأنه معطوف على قوله : (ظَلَمُوا) من قوله : (لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) (13) وفى غيرها بالفاء للتعقيب.
    183 ـ قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ) (17) بالفاء لموافقة ما قبلها وقد سبق فى الأنعام.
    184 ـ قوله : (ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) (18) سبق فى الأعراف.
    185 ـ قوله : (فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (19) فى هذه السورة ، وفى غيرها : (فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) «39 : 3» ، بزيادة (هُمْ) لأن فى هذه السورة تقدم (فَاخْتَلَفُوا) فاكتفى به عن إعادة الضمير.
    186 ـ وفى الآية : (بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) (18) بزيادة (لا) وتكرار (فِي) ، لأن تكرار (لا) مع النفى كثير حسن ، فلما كرر (لا) ، كرر (فِي) تحسينا للفظ بالألف ،
    __________________
    (1) القسط : العدل.
    (2) بالإضافة (ضُرَّهُ) [12]. والتنوين : (ضُرٍّ مَسَّهُ) [12] و (ضَرًّا وَلا نَفْعاً) [49].

    لأنه وقع فى مقابلة (أَنْجَيْتَنا) ومثله فى سبأ فى موضعين والملائكة (1).
    187 ـ قوله : (فَلَمَّا أَنْجاهُمْ) (23) بالألف ، لأنه فى مقابلة (أَنْجَيْتَنا) (22) (2).
    188 ـ قوله : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) (38) ، وفى هود : (بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) «11 : 13» ، لأن ما فى هذه السورة تقدير : سورة مثل سورة يونس ، فالمضاف محذوف فى السورتين ، وما فى هود إشارة إلى ما تقدمها من أول الفاتحة إلى سورة هود ، وهو عشر سور.
    189 ـ قوله : (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) (38) فى هذه السورة ، وكذلك فى هود (13) ، وفى البقرة : (شُهَداءَكُمْ) (23) ؛ لأنه لما زاد فى هود السور زاد فى المدعوين ، ولهذا قال فى سبحان : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ) (88) ، مقترنا بقوله : (بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) (88) ، والمراد : به كله.
    190 ـ قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (42) بلفظ الجمع ، وبعده : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) (43) بلفظ المفرد ، لأن المستمع إلى القرآن كالمستمع إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بخلاف النظر ، فكان فى المستمعين كثرة ، فجمع ليطابق اللفظ المعنى ، ووحّد (يَنْظُرُ) حملا على اللفظ ، إذا لم يكثر كثرتهم.
    191 ـ قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) (45) فى هذه الآية فحسب ، لأن قوله قبله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) (28) ، وقوله : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) (4) يدلان على ذلك ، فاكتفى به.
    192 ـ قوله : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ
    __________________
    (1) فى سبأ : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [3] ، (لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [22] ، وفى الملائكة : (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [44].
    (2) فى الأصول : أنجينا ، ولا توجد فى يونس.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:34

    ساعَةً) (49) ، لأن التقدير فيها : لكل أمة أجل فلا يستأخرون ساعة إذا جاء أجلهم ، فكان هذا فيمن قتل ببدر. والمعنى : لم يستأخروا.
    193 ـ قوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (55). ذكر بلفظ (ما) فى هذه الآية ولم يكرّره ، لأن معنى (ما) هاهنا : المال ، فذكر بلفظ (ما) دون (مَنْ) ولم يكررها بقوله قبله Sadوَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ) (54).
    194 ـ قوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (66). ذكر بلفظ (مَنْ) وكرر ، لأن هذه الآية نزلت فى قوم آذوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) (65) فاقتضى لفظ (مَنْ) وكرر ، لأن المراد : من فى الأرض هاهنا ، لكونهم فيها ، لكن قدم ذكر (مَنْ فِي السَّماواتِ) تعظيما ، ثم عطف (مَنْ فِي الْأَرْضِ) على ذلك.
    195 ـ قوله : (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (68) ذكر بلفظ (ما) وكرّر لأن بعض الكفار قالوا : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) (68) فقال سبحانه : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (68) فكان الموضع موضع (ما) ، وموضع التكرار للتأكيد والتخصيص.
    196 ـ قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) (60) ، ومثله فى النمل ، وفى البقرة ، ويوسف ، والمؤمن : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (1) ، لأن فى هذه السورة تقدم (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (55) فوافقه ، وفى غيرها جاء بلفظ الصريح.
    197 ـ وفيها أيضا قوله : (فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (61) فقدم الأرض لكون المخاطبين فيها ، ومثله فى آل عمران ، وإبراهيم ،
    __________________
    (1) فى النمل آية 73 ، وفى البقرة آية 243 ، وفى يوسف آية 38 ، وفى المؤمن (غافر) آية 61.

    وطه ، والعنكبوت (1).
    198 ـ وفيها : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (67) ، بناء على قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (42) ، ومثله فى الروم : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (23) فحسب (2).
    199 ـ قوله : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) (68) بغير واو ، لأنه اكتفى بالفاء عن الواو العاطف ، ومثله فى البقرة على قراءة ابن عامر : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) (116).
    200 ـ قوله : (فَنَجَّيْناهُ) (73) سبق ، ومثله فى الأنبياء (3) والشعراء.
    201 ـ قوله : (كَذَّبُوا) (4) سبق ، وقوله : (نَطْبَعُ عَلى) (74) قد سبق.
    202 ـ قوله : (مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) (83) بالجمع ، وفى غيرها : (مَلَئِهِ) (5) ، لأن الضمير فى هذه السورة يعود إلى الذرية ، وقيل : يعود إلى القوم ، وفى غيرها يعود إلى فرعون.
    203 ـ قوله : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (104) وفى
    __________________
    (1) فى آل عمران : (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) [5].
    وفى إبراهيم : (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) [38] ، وفى العنكبوت : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) [22] ، وفى طه : (تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) [4].
    (2) من سمع أن النوم من صنع الله لا يمكن جلبه ولا دفعه من قبل الإنسان آمن. وقد ذكر هذه العلة فى غير هذا الموضع ، وسبق ذكر النوم فى هذه السورة.
    (3) الذى فى الأنبياء : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً) [71] ، وفى الشعراء [170].
    (4) وردت كلمة (كَذَّبُوا) فى سورة يونس فى الآيات رقم : 39 ، 45 ، 73 ، 74 ، 95.
    (5) وردت كلمة (وَمَلَائِهِ) فى الأعراف 103 ، ويونس 75 ، وهود 97 ، والمؤمنون 46 والقصص 32 ، والزخرف 46.

    النمل : (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (91) ، لأن ما قبله فى هذه السورة : (الْمُؤْمِنِينَ) (103) فوافقه ، وفى النمل وافق ما قبله وهو قوله : (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (81). وقد قدم فى يونس : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (72).
    سورة هود
    204 ـ قوله تعالى : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا) (14) ، بحذف النون والجمع ، وفى القصص : (فَإِنْ لَمْ) بإثبات النون (لَكَ فَاعْلَمْ) (13) على الواحد. عدت هذه الآية من المتشابه فى فصلين :
    أحدهما : حذف النون من (فَإِلَّمْ) فى هذه السورة وإثباتها فى غيرها ، وهذا من فعل الخط ، وقد ذكرته فى «كتابة المصاحف».
    والثانى : جمع الخطاب هاهنا ، وتوحيده فى القصص ، لأن ما فى هذه السورة خطاب للكفار. والفعل يعود ل (مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) ، وما فى القصص خطاب للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والفعل للكفار (1).
    205 ـ قوله : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (19) سبق.
    206 ـ قوله : (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (22) ، وفى النحل : (هُمُ الْخاسِرُونَ) (109) ، لأن هؤلاء صدوا عن سبيل الله وصدوا غيرهم فضلوا. فهم الأخسرون يضاعف لهم العذاب. وفى النحل : صدوا فهم الخاسرون. قال الخطيب : لأن ما قبلها فى هذه السورة : (يُبْصِرُونَ) (20) ، (يَفْتَرُونَ) (21) لا يعتمدان على ألف بينهما. وفى النحل : (الْكافِرُونَ) (83) و (الْغافِلُونَ) (108) فللموافقة بين الفواصل جاء فى هذه السورة
    __________________
    (1) فى قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) [13]. فالفعل هو : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا). مراد به (مَنِ) فى قوله : (مَنِ اسْتَطَعْتُمْ).

    (الْأَخْسَرُونَ) ، وفى النحل (الْخاسِرُونَ).
    207 ـ قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ) (25) بالفاء ، وبعده : (فَقالَ الْمَلَأُ) (27) بالفاء ، وهو القياس ، وقد سبق.
    208 ـ قوله : (وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ) (28) ، وبعده : (وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) (63) ، وبعدهما : (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) (88) لأن (عِنْدِهِ) وإن كان ظرفا فهو اسم ، فذكر الأولى بالصريح ، والثانية والثالثة بالكناية ، لتقدم ذكره ، فلما كنّى عنه قدمه ، لأن الكناية يتقدم عليها الظاهر ، نحو : ضرب زيد عمرا ، فإن كنيت عن عمر قدمته ، نحو : عمرو ضربه زيد ، وكذلك : زيد أعطانى درهما من ماله ، فإن كنيت عن المال قلت : المال زيد أعطانى منه درهما.
    قال الخطيب : لما وقع (آتانِي رَحْمَةً) (28) فى جواب كلام فيه ثلاثة أفعال كلها متعد إلى مفعولين ، ليس بينهما حائل بجار ومجرور ، وهو قوله : (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) (27) و (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ) (27) و (بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ) (27) أجرى الجواب مجراه ، فجمع بين المفعولين من غير حائل.
    وأما الثانى : فقد وقع فى جواب كلام قد حيل بينهما بجار ومجرور ، وهو قوله : (قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا) (62) لأن خبر كان بمنزلة المفعول ، كذلك حيل فى الجواب بين المفعولين بالجار والمجرور.
    209 ـ قوله : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) (29) فى قصة نوح ، وفى غيرها : (أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ) (1) ، لأن فى قصة نوح وقع بعدها (خَزائِنُ) (31) ولفظ المال بالخزائن أليق.
    __________________
    (1) وردت هكذا فى هود 51 ، والشعراء 109 وفيها : (مِنْ أَجْرٍ) ، وكذلك فى رقم 127 ، 245 ، 164 ، 180 ، وفى سبأ 47.

    210 ـ قوله : (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) (31) ، وفى الأنعام : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) (50) ، لأن فى الأنعام آخر الكلام فيه (جاء) (1) بالخطاب ، وختم به ، وليس فى هذه السورة آخر الكلام ، بل آخره : (تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ) (31) ، فبدأ بالخطاب وختم به فى السورتين.
    211 ـ قوله : (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً) (57) ، وفى التوبة : (وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً) (39). ذكر هذا فى المتشابه وليس منه ، لأن قوله : (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً) عطف على قوله : (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي) (57) فهو مرفوع ، وفى التوبة معطوف على (يُعَذِّبْكُمْ) ـ (يَسْتَبْدِلْ) (39) وهما مجزومان فهو مجزوم.
    212 ـ قوله : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً) «58 ، 94» فى قصة هود وشعيب بالواو. وفى قصة صالح ولوط : (فَلَمَّا) «66 ، 82» بالفاء ، لأن العذاب فى قصة هود وشعيب تأخّر عن وقت الوعيد ، فإن فى قصة هود : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ) (57) ، وفى قصة شعيب : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (93). والتخويف قارنه التسويف ، فجاء بالواو المهملة. وفى قصة صالح ولوط وقع العذاب عقيب الوعيد ، فإن فى قصة صالح : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) (65) ، وفى قصة لوط : (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) (81) فجاء الفاء للتعجيل والتعقيب.
    213 ـ قوله : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) (60) ، وفى قصة موسى : (فِي هذِهِ لَعْنَةً) (99) ، لأنه لما ذكر فى الآية الأولى الصفة والموصوف ، اقتصر فى الثانية على الموصوف للعلم ، والاكتفاء بما قبله.
    __________________
    (1) سقطت من أ.

    214 ـ قوله : (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (61) وبعده : (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (90) لموافقة الفواصل ، ومثله : (لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) (75) (1) ، وفى التوبة : (لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (114) للروى (2) فى السورتين.
    215 ـ قوله : (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (62) ، وفى إبراهيم : (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (9) ، لأنه فى السورتين جاء على الأصل وتدعونا خطاب مفرد ، وفى إبراهيم لما وقع بعده (تَدْعُونَنا) بنونين ، لأنه خطاب جمع ، حذف منه (3) النون استثقالا للجمع بين النونات ، ولأن فى إبراهيم اقترن بضمير قد غير ما قبله بحذف الحركة وهو الضمير المرفوع فى قوله : (لَكَفَّرْنا) (4) فغيّر ما قبله فى إننا بحذف النون. وفى هود اقترن بضمير لم يغير ما قبله ، وهو الضمير المنصوب والضمير المجرور فى قوله : (... فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) (62) فصح كما صح.
    216 ـ قوله : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) (67) ، ثم قال : (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) (94) التذكير والتأنيث حسنان ، لكن التذكير أخف فى الأولى بحذف حرف منه ، وفى الأخرى وافق ما بعدها وهو : (كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) (95).
    قال الخطيب : لما جاءت فى قصة شعيب مرة : (الرَّجْفَةُ) ، ومرة : (الظُّلَّةِ) ، ومرة : (الصَّيْحَةُ) ، ازداد التأنيث حسنا.
    217 ـ قوله : (فِي دِيارِهِمْ) «67 ، 94» فى موضعين فى هذه السورة ، لأنه اتصل بالصيحة ، وكانت من السماء ، فازدادت على الرجفة ، لأنها : الزلزلة ، وهى تختص بجزء من الأرض ، فجمعت مع الصيحة ، وأفردت مع الرجفة.
    __________________
    (1) الأواه : الكثير التأوه والألم. والمنيب : الراجع إلى الله.
    (2) هكذا فى الأصل ، وكان ينبغى أن يقول : «مراعاة الفواصل» تأدبا مع القرآن ، إذ أن الروى يطلق فى الشعر (المرجع).
    (3) سقطت ب.
    (4) فى نفس الآية : (وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا ...)
    .

    218 ـ قوله : (إنّ ثمودا) (68) بالتنوين ، ذكر فى المتشابه ، فقلت : ثمود من الثمد ، وهو : الماء القليل ، جعل اسم قبيلة ، فهو منصرف من وجه ، وغير منصرف من وجه (1) ، فصرفوه فى حال النصب ، لأنه أخف أحوال الاسم ، ولم يصرفوه فى حال الرفع ، لأنه أثقل أحوال الاسم ، وجاز الوجهان فى الجر ، لأنه واسطة بين الخفة والثقل.
    219 ـ قوله : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) (117). وفى القصص : (مُهْلِكَ الْقُرى) (59) ، لأن الله تعالى نفى الظلم عن نفسه فأبلغ لفظ يستعمل فى النفى ، لأن هذه اللام لام الجحود ، وتظهر بعدها أن ، ولا يقع بعدها المصدر ، وتختص بكان ، معناه : ما فعلت فيما مضى ، ولا أفعل فى الحال ، ولا أفعل فى المستقبل ، فكان الغاية فى النفى. وما فى القصص لم يكن صريح ظلم (2) ، فاكتفى بذكر اسم الفاعل ، وهو أحد الأزمنة غير معين ، ثم نفاه.
    220 ـ قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ) (3) (مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) (81) ، وفى الحجر : (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) (65). استثنى فى هذه السورة من الأهل قوله : (إِلَّا امْرَأَتَكَ) (81). ولم يستثن فى الحجر اكتفاء بما قبله ، وهو قوله : (إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ) «58 ـ 60». فهذا الاستثناء الذى تفردت به
    __________________
    (1) قال سيبويه : ثمود يكون اسما للقبيلة والحى. فمن صرفه ذهب به إلى الحى ، لأنه اسم عربى مذكر سمى بمذكر. ومن لم يصرفه ذهب به إلى القبيلة وهى مؤنثة.
    (لسان العرب 3 / 105).
    (2) الظلم فى هود صريح ، فإهلاك المصلحين ظلم. أما فى القصص فليس صريحا : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ). وذلك لأن العقل كاف فى استنباط وجود الخالق ، فالإهلاك من الغفلة ليس صريحا فى الظلم.
    (3) بقطع من الليل : بسواد من الليل. (القرطبى ص 799).

    سورة الحجر قام مقام الاستثناء من قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) ، وزاد فى الحجر : (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) (65) ، لأنه إذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم.
    سورة يوسف
    221 ـ قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (6) ليس فى القرآن غيره أى : عليم علّمك تأويل الأحاديث ، حكيم باجتبائك للرسالة.
    222 ـ قوله : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) (18) فى هذه السورة فى موضعين ليس بتكرار ، لأنه ذكر الأول حين نعى إليه يوسف ، والثانى لما رفع إليه ما جرى على بنيامين (1).
    223 ـ قوله : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (22). ومثلها فى القصص ، فى قصة موسى ، وزاد فيها : (وَاسْتَوى) (14) ، لأن يوسف ـ عليه‌السلام ـ أوحى إليه وهو فى البئر ، وموسى ـ عليه‌السلام ـ أوحى إليه بعد أربعين سنة ، وقوله : (وَاسْتَوى) إشارة إلى تلك الزيادة. ومثله : (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) بعد قوله : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) «15 : 46». والخلاف فى أشده قد ذكره فى موضعه.
    224 ـ قوله : (مَعاذَ اللهِ) (23) فى هذه السورة فى موضعين (2). ليس بتكرار ، لأن الأول ذكر حين دعته إلى المواقعة. والثانى حين دعى إلى تغيير حكم السرقة ، فليس بتكرار.
    225 ـ قوله : (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) «31 ، 51» فى الموضعين : أحدهما : فى حضرة يوسف ـ عليه‌السلام ـ حين نفين عنه البشرية بزعمهن. والثانى : بظهر الغيب حين نفين عنه السوء فليس بتكرار.
    __________________
    (1) بنيامين : أخو يوسف عليه‌السلام (المراجع).
    (2) هنا : (مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) [23] ، والثانى : (مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) [79].

    226 ـ قوله : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) «36 ، 78» ، فى موضعين (1) ليس بتكرار ، لأن الأول من كلام صاحبى السجن ليوسف عليه‌السلام ، والثانى من كلام إخوة يوسف ليوسف.
    227 ـ (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) «39 ، 41» ، فى موضعين : الأول منهما : ذكره يوسف حين عدل عن جوابهما إلى دعائهما إلى الإيمان (2) ، والثانى : حين دعياه إلى تعبير الرؤيا لهما (3) ، تنبيها على أن الكلام الأول قد تمّ.
    228 ـ قوله : (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) (46) ، كرّر لعل رعاية لفواصل الآى ، إذ لو جاء بمقتضى الكلام لقال : لعلى أرجع فيعلموا ، بحذف النون على الجواب ، ومثله فى هذه السورة سواء قوله : (لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (62) ، فمقتضى الكلام : لعلهم يعرفونها فيرجعوا.
    229 ـ قوله : (تَاللهِ) «73 ، 85 ، 91 ، 95» فى أربعة مواضع (4) : الأول : يمين منهم أنهم ليسوا سارقين ، وأن أهل مصر بذلك عالمون. والثانى : يمين منهم أنك لو واظبت على الحزن تصير حرضا ، أو تكون من الهالكين. والثالث : يمين منهم أن الله فضله عليهم ، وأنهم كانوا خاطئين. والرابع : ما ذكره ، وهو قوله : (قالُوا
    __________________
    (1) الموضع الأول قوله : (نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [36] ، والثانى : (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [78].
    (2) وذلك فى قوله : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) [39].
    (3) وذلك فى قوله : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) الآية [41].
    (4) فى الأصول : ثلاثة : هى قوله تعالى : (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ) [73] ، وقوله : (قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) [85] ، وقوله : (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) [91].

    تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (95) وهو يمين من أولاده على أنه لم يزل على محبة يوسف.
    230 ـ قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) (109) ، وفى الأنبياء : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) (7) بغير (مِنْ) ، لأن (قبل) اسم للزمان السابق على ما أضيف إليه. و (مِنْ) تفيد استيعاب الطرفين ، وما فى هذه السورة للاستيعاب (1) ، وقد يقع (قبل) على بعض ما تقدم ، كما فى الأنبياء فى قوله : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ) (6). ثم وقع عقيبها : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) (7) بحذف (مِنْ) لأنه بعينه.
    231 ـ قوله : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) (109) بالفاء ، وفى الروم (9) ، والملائكة (2) (44) بالواو ، لأن الفاء تدل على الاتصال والعطف ، والواو تدل على العطف المجرد ، وفى السورة قد اتصلت بالأول لقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) حال من كذبهم ، وما نزل بهم من العذاب ، وليس كذلك فى الروم والملائكة.
    232 ـ قوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) (109) ، وفى الأعراف : (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ) (169) على الصفة ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الساعة ، وصار التقدير : ولدار الساعة الآخرة ، فحذف الموصوف ، وفى الأعراف تقدم قوله : (عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) (169). أى : المنزل الأدنى ، فجعله وصفا للمنزل ، والدار الدنيا والدار الآخرة بمعناه ، فأجرى مجراه. تأمل فى هذه السورة فإن فيها برهانا لأحسن القصص.
    __________________
    (1) إنما كان ما فى هذه السورة للاستيعاب لأن المراد ـ والله أعلم ـ هو توجيه الأنظار إلى استيعاب تواريخ المكذبين ومعرفة عواقبهم ، وهو أمر لا يتحقق إلا فى استيعاب قاعدة الهلاك لجميع المكذبين.
    أما فى سورة الأنبياء فالمراد ـ والله أعلم ـ هو توجيه النظر إلى أن المرسلين بشر يوحى إليهم وليسوا ملائكة لا يأكلون ولا يشربون. وهو أمر يتحقق بمعرفة البعض.
    (2) سورة الملائكة : أى سورة فاطر (المراجع).

    سورة الرّعد
    233 ـ قوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) (2) ، وفى سورة لقمان : (إِلى أَجَلٍ) (29) لا ثانى له ، لأنك تقول فى الزمان : جرى ليوم كذا ، وإلى يوم كذا (1) ، والأكثر اللام ، كما فى هذه السورة وسورة الملائكة (13) ، وكذلك فى يس : (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) (38) ، لأنه بمنزلة التاريخ. تقول : لبثت لثلاث بقين من الشهر ، وآتيك لخمس تبقى من الشهر. وأما فى لقمان فوافق ما قبلها وهو قوله : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) (22). والقياس : لله ، كما فى قوله : (أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) «3 : 20» لكنه حمل على المعنى ، أى : يقصد بطاعته إلى الله ، وكذلك : (يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) «29 : 31» أى يجرى إلى وقته المسمى له.
    234 ـ قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (3) ، وبعدها : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (4) ، لأن (2) بالتفكر فى الآيات يعقل ما جعلت الآيات دليلا عليه ، فهو الأول المؤدى إلى الثانى.
    235 ـ قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) «7 ، 27» فى هذه السورة (فِي) موضعين ، وزعموا أنه لا ثالث لهما. ليس بتكرار محض ، لأن المراد بالأول : آية مما اقترحوا ، نحو ما فى قوله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) «17 : 90» ، والمراد بالثانى : آية ما ، لأنهم لم يهتدوا إلى أن القرآن آية فوق كل آية ، وأنكروا (3) سائر آياته صلى‌الله‌عليه‌وسلم.
    __________________
    (1) والأجل المسمى قيل : منافع العباد. وقال ابن عباس : منازل الشمس والقمر. وقيل : يوم القيامة. (البحر المحيط 5 / 267).
    (2) على هامش أ : لأنه من نسخة ثانية.
    (3) فى ب : فأنكروا.

    236 ـ قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (15) ، وفى النحل : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ) (49) ، وفى الحج : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ) (18) لأن ما (1) فى هذه السورة تقدم آية السجدة ذكر العلويات من البرق والسحاب والصواعق ، ثم ذكر الملائكة وتسبيحهم ، وذكر بآخره الأصنام والكفار ، فبدأ فى آية السجدة بذكر من فى السموات لذلك ، وذكر الأرض تبعا ، ولم يذكر (مَنْ) فيها استخفافا بالكفار والأصنام.
    وأما فى الحج فقد تقدم ذكر المؤمنين وسائر الأديان ، فقدم ذكر من فى السموات تعظيما لهم ولها ، وذكر من فى الأرض لأنهم هم الذين تقدم ذكرهم.
    وأما فى النحل فقد تقدم ذكر ما خلق الله على العموم ، ولم يكن فيه ذكر الملائكة ولا الإنس بالصريح ، فاقتضت الآية (ما فِي السَّماواتِ) فقال فى كل آية ما لاق بها.
    237 ـ قوله : (نَفْعاً وَلا ضَرًّا) (16) قد سبق.
    238 ـ قوله : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ) (17) ، ليس بتكرار ، لأن التقدير : كذلك يضرب الله الحق والباطل الأمثال ، فلما اعترض بينهما (فأما ـ وأما) (2) وأطال الكلام ، أعاد فقال : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) (17).
    239 ـ قوله : (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) (18). وفى المائدة (لِيَفْتَدُوا بِهِ) (36) ، لأن لو وجوابها يتصلان بالماضى ، فقال فى هذه السورة : (لَافْتَدَوْا بِهِ).
    __________________
    (1) سقطت من أ.
    (2) يعنى قوله تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [17].

    وجوابه فى المائدة : (ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ) (36) وهو بلفظ الماضى ، وقوله : (لِيَفْتَدُوا بِهِ) علة ، وليس بجواب.
    240 ـ قوله : (ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) «21 ، 25» فى موضعين من هذه السورة. ليس بتكرار ، لأن الأول : متصل بقوله : (يَصِلُونَ) (21) وعطف عليه (وَيَخْشَوْنَ) (21) (1) ، والثانى : متصل بقوله : (يَقْطَعُونَ) (25) (2) وعطف عليه : (وَيُفْسِدُونَ).
    241 ـ قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) (38) ، ومثله فى المؤمن (78) ، ليس بتكرار. قال ابن عباس : عيّروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم باشتغاله بالنكاح والتكثر منه ، فأنزل الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) (38) (3) بخلاف ما فى المؤمن فإن المراد منه : لست ببدع من الرسل (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) (78).
    242 ـ قوله : (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ) (40). مقطوع ، وفى سائر القرآن (وَإِمَّا) (4) موصل ، وهو من اللهجات. وقد ذكر فى موضعه.
    سورة إبراهيم
    243 ـ قوله : (وَيُذَبِّحُونَ) (6) بواو العطف قد سبق والله أعلم.
    244 ـ قوله : (وَإِنَّا) (9) بنون واحدة (5) و : (تَدْعُونَنا) (9) بنونين على القياس ، وقد سبق فى هود.
    __________________
    (1) من قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ).
    (2) من قوله تعالى : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ).
    (3) الآية جاءت للنهى عن التبتل كما نقله القاشى عن الدارمى والنسائى والترمذى (المعتمد ورقة 301) ، وما أورده المؤلف ذكره القرطبى فى تفسيره 7 / 327 غير منسوب إلى ابن عباس.
    وأخرجه النسائى 6 / 60 عن عائشة وأحمد فى المسند 6 / 91 ، 97 بنحوه ، والترمذى 8 / 93 بتحفة الأحوذى والدارمى بنحوه 2 / 123.
    (4) يريد أن الأولى مركبة من إن وما.
    (5) فى قوله تعالى : (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ).

    245 ـ قوله : (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (11) ، وبعده : (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (12) ، لأن الإيمان سابق على التوكل ، لأن (عَلى) من صفة القدرة ، ولأن (مِمَّا كَسَبُوا) صفة لشىء ، وإنما قدم مما كسبوا فى هذه السورة ، لأن الكسب هو المقصود بالذكر ، فإن المثل ضرب للعمل ، يدل عليه ما قبله : (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ).
    246 ـ قوله تعالى : (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) (18) وقال فى البقرة : (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) (264) ، لأن الأصل ما فى البقرة.
    247 ـ قوله : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) (32) ، وفى النمل : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً) (60) بزيادة (لَكُمْ) ، لأن (لَكُمْ) فى هذه السورة مذكور فى آخر الآية. فاكتفى بذكره ، ولم يكن فى النمل فى آخرها ، فذكر فى أولها ، وليس قوله : (فَما كانَ لَكُمْ) يكفى عن ذكره (1) ، لأنه نفى ولا يفيد معنى الأول.
    سورة الحجر
    248 ـ قوله : (لَوْ ما تَأْتِينا) (7) ، وفى غيرها : (فَلَوْ لا) «34 : 3» ، لأن (فَلَوْ لا) تأتى على وجهين :
    أحدهما : امتناع الشيء لوجود غيره ، وهو الأكثر.
    والثانى : بمعنى هلا ، وهو للتحضيض ، ويختص بالفعل ، ولو لا بمعناه ، وخصت هذه السورة بلو ما موافقة لقوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ) (2) ، فإنها أيضا ممّا خصت به هذه السورة.
    249 ـ قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً) (28)
    __________________
    (1) فى ب : من ذكره.

    هنا ، وفى ص (71) ، وفى البقرة : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ) (30) ، ولا ثالث لهما ، لأن جعل إذا كان بمعنى خلق يستعمل فى الشيء يتجدد ويتكرر ، كقوله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) «6 : 1» ، لأنهما يتجددان زمانا بعد زمان ، وكذلك الخليقة ، يدل لفظه على أن بعضهم يخلف بعضا إلى يوم القيامة ، وخصت هذه السورة بقوله : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً) (28) إذ ليس فى لفظ البشر ما يدل على التجدد والتكرار ، فجاء فى كل واحدة من السورتين ما اقتضاه ما بعده من الألفاظ.
    250 ـ قوله : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (30) فى هذه السورة ، وفى ص (73) ، لأنه لما بالغ فى السورتين فى الأمر بالسجود وهو قوله : (فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) فى السورتين ، بالغ فى الامتثال فيهما فقال : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) لتقع الموافقة بين أولاها وأخراها. وباقى قصة آدم وإبليس سبق.
    251 ـ قوله فى هذه السورة لإبليس : (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) (35) بالألف واللام ، وفى «ص» : (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي) (78) بالإضافة ، لأن الكلام فى هذه السورة جرى على الجنس من أول القصة فى قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) (26) و (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ) (27) و (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ) (30) ، كذلك قال : (عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) ، وفى «ص» تقدم : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (75) ، فختم بقوله : (عَلَيْكَ لَعْنَتِي) (78).
    252 ـ قوله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) (47) (1) ، وزاد فى هذه السورة (إِخْواناً) ، لأنها نزلت فى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما سواها عام فى المؤمنين.
    __________________
    (1) الغل : الحقد ، غل صدره يغل (القاموس المحيط 4 / 61).

    253 ـ قوله فى قصة إبراهيم : (فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) (52) ، لأن هذه السورة متأخرة ، فاكتفى بها عمّا فى هود ، لأن التقدير : فقالوا : سلاما ، قال : سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ، فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ، قال : (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ). فحذف للدلالة عليه.
    254 ـ قوله : (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) (65) قد سبق.
    255 ـ قوله : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ) (74) ، وفى غيرها (1) : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها) «1 : 80». قال بعض المفسرين : عليهم. أى : على أهلها ، وقال بعضهم : على من شذ من القرية منهم.
    قلت : وليس فى القولين ما يوجب تخصيص هذه السورة بقوله : (عَلَيْهِمْ) ، بل هو يعود على أول القصة ، وهو : (إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) (58) ، ثم قال : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) (2) (74) فهذه لطيفة فاحفظها.
    256 ـ قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (75) بالجمع ، وبعدها : (لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (77) على التوحيد.
    قال الخطيب : الأولى إشارة إلى ما تقدم من قصة لوط وضيف إبراهيم ، وتعرض قوم لوط لهم طمعا فيهم ، وقلب القرية على من فيها ، وإمطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم ، فختم بقوله : (لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) أى : لمن تدبر السمة ، وهى ما وسم الله به قوم لوط وغيرهم. قال : والثانية تعود إلى القرية وإنها لسبيل مقيم ، وهى واحدة ، فوحد الآية.
    __________________
    (1) وورد (أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ) فى غير هذه السورة فى الأعراف ، آية 4 ، والشعراء ، آية 172 ، والنمل ، آية 58. إذ كلام المؤلف يوهم أنها هنا فحسب.
    (2) سجيل : شديد كبير وهى ، وسجين واحد. قال تميم بن مقبل :
    ورجلة يضربون البيض ضاحية. حتى تواصى به الأبطال سجينا (البحر المحيط 6 / 200 ، ولسان العرب 12 / 327).

    قلت : ما جاء من الآيات فلجمع الدلائل ، وما جاء من الآية فلوحدانية المدلول عليه. فلما ذكر عقيبه المؤمنون وهم المقرون بوحدانية الله تعالى وحد الآية ، وليس لها نظير فى القرآن إلّا فى العنكبوت ، وهو قوله تعالى : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (44) ، فوحد بعد ذكر الجمع لما ذكرت والله أعلم.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:35

    سورة النّحل
    257 ـ قوله فيها فى موضعين : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) «12 ، 79» بالجمع. وفى خمس مواضع : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) على الوحدة. أما الجمع فلموافقة قوله : (مُسَخَّراتٌ) فى الآيتين ، لتقع الموافقة فى اللفظ والمعنى ، وأما التوحيد فلتوحيد المدلول عليه.
    ومن الخمس قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (13) وليس له نظير ، وخص الذكر لاتصاله بقوله : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) (13) ، فإن اختلاف ألوان الشيء وتغير أحواله يدل على صانع حكيم فما يشبهه شىء ، فمن تأمل فيها تذكر.
    ومن الخمس (1) : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) «11 ، 69» فى موضعين ، وليس لهما نظير ، وخصّتا بالتفكر ، لأن الأولى : متصلة بقوله : (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) (11) وأكثرها للأكل ، وبه قوام البدن ، فيستدعى تفكرا وتأملا ، ليعرف به المنعم عليه فيشكر ، والثانية : متصلة بذكر النحل ، وفيها أعجوبة من انقيادها لأميرها ، واتخاذها البيوت على أشكال يعجز عنها الحاذق ، ثم تتبعها الزهر والطل (2) من الأشجار ، ثم خروج ذلك
    __________________
    (1) وتمام الخمس قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [65] ، و (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [67].
    (2) يعنى السّكر فى قوله تعالى : (سَكَراً) وهو : اللذة ، والبهجة.
    (لسان العرب 15 / 17).

    من بطونها لعابا هو شفاء (1) ، فاقتضى ذلك ذكرا بليغا ، فختم الآية بالتفكير.
    258 ـ قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا) (14) ما فى هذه السورة جاء على القياس ، فإن الفلك المفعول الأول لترى ، ومواخر المفعول الثانى ، وفيه ظروف ، وحقّه التأخر ، والواو فى (وَلِتَبْتَغُوا) للعطف على لام العلّة فى قوله : (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ) (14) ، وأما فى الملائكة فقدم (فِيهِ) (12) موافقة لما قبله ، وهو قوله : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) (12) فوافق تقديم الجار والمجرور على الفعل والفاعل ، ولم يزد الواو على (لِتَبْتَغُوا) ، لأن اللام فى لتبتغوا هنا لام العلّة ، وليس بعطف على شىء قبله : ثم إن قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) فى هذه السورة و (فِيهِ مَواخِرَ) فى فاطر ، اعتراض فى السورتين يجرى مجرى المثل ، ولهذا وحّد الخطاب (فِيهِ) (2) ، وهو قوله : (وَتَرَى) ، وقبله وبعده جمع وهو قوله : (لِتَأْكُلُوا) ـ (وَتَسْتَخْرِجُوا) ـ (وَلِتَبْتَغُوا) (14) ، وفى الملائكة : (تَأْكُلُوا) ـ (تَسْتَخْرِجُونَ) (12) ، ومثله فى القرآن كثير : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا) «57 : 20» ، وكذلك : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) «48 : 29» و (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) «39 : 75» ، وأمثاله. أى : لو حصرت أيها المخاطب لرأيته بهذه الصفة ، كما تقول : أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل ، فتأمل فإن فيه دقيقة.
    259 ـ قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ (3)
    __________________
    (1) حرّفت العبارة فى أ : هو لها شفاء.
    (2) سقطت من أ.
    (3) أساطير : أقاصيص.

    الْأَوَّلِينَ) (24) ، وبعده : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) (30). إنما رفع الأول لأنهم أنكروا إنزال القرآن ، فعدلوا عن الجواب فقالوا : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ). والثانى من كلام المتقين ، وهو مقرون بالوحى والإنزال ، فقالوا : (خَيْراً). أى : أنزل خيرا ، فيكون الجواب مطابقا.
    وخيرا نصب بأنزل ، وإن شئت جعلت خيرا مفعول القول ، أى : قالوا خيرا ، ولم يقولوا شرّا كما قالت الكفار ، وإن شئت جعلت خيرا صفة مصدر محذوف ، أى : قالوا قولا خيرا. وقد ذكرت مثله ما زاد فى موضعها.
    260 ـ قوله : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (29) ليس له فى القرآن نظير. الفاء للعطف على فاء التعقيب فى قوله : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) (29) واللام للتأكيد ، يجرى مجرى القسم موافقة لقوله : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (30) وليس له نظير ، وبينهما (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) (30).
    261 ـ قوله : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (34) هنا ، وفى الجاثية (33) (1) ، وفى غيرهما (ما كَسَبُوا) «39 : 51» ، لأن العمل أعم من الكسب ، ولهذا قال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (99) : (7 ، Cool. وخصت هذه السورة لموافقة ما قبله ، وهو قوله : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (28) ، ولموافقة ما بعده ، وهو قوله : (وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) (111) ، وفى الزمر (70) ، وليس لها نظير.
    __________________
    (1) فى الجاثية : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) وشاهد التكرار بين : (ما عَمِلُوا) ـ (ما كَسَبُوا).

    262 ـ قوله : (لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) (35) قد سبق.
    263 ـ قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ) (49) قد سبق.
    264 ـ قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ) قد سبق أيضا.
    265 ـ قوله : (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (55) ، ومثله فى الروم (34) ، وفى العنكبوت : (وَلِيَتَمَتَّعُوا (1) فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (66) باللام والياء ، أما التاء فى السورتين فإضمار القول ، أى : قل لهم تمتعوا ، كما فى قوله : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) «14 : 3» ، وكذلك : (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) «30 : 8». وخصت هذه بالخطاب بقوله : (إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ) (54) وألحق ما فى الروم به (2).
    وأما فى العنكبوت فعلى القياس ، عطف على اللام قبله ، وهى للغائب (3).
    266 ـ قوله : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) (61) ، وفى الملائكة : (بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) (45). الهاء فى هذه السورة كناية عن الأرض ، ولم يتقدم ذكرها ، والعرب تجوز ذلك فى كلمات منها : الأرض ، تقول : فلان أفضل من عليها. ومنها : السماء ، تقول : فلان أكرم من تحتها. ومنها : الغداء (تقول) : إنها اليوم لباردة. ومنها : الأصابع ، تقول : والذى شقهن خمسا من واحدة ، يعنى الأصابع من اليد. وإنما جوزوا ذلك لحصولها بين يدى كل متكلم وسامع.
    __________________
    (1) فى أ ، ب (وَتَمَتَّعُوا) خطأ.
    (2) فى الروم : (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) [33] وألحق بالخطاب.
    (3) وهى فى قوله تعالى : (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا) الآية.

    ولما كان كناية عن غير مذكور لم يزد معه الظهر ، لئلا يلتبس بالدابة ، لأن الظهر أكثر ما يستعمل فى الدابة. قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «إن المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» (1).
    وأما فى الملائكة فقد تقدم ذكر الأرض فى قوله (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) (44) ، وبعدها : (وَلا فِي الْأَرْضِ) (44) فكان كناية عن مذكور سابق ، فذكر الظهر حيث لا يلتبس.
    قال الخطيب : لما قال فى النحل : (بِظُلْمِهِمْ) (61) لم يقل : (على ظهرها) احترازا عن الجمع بين الظلمين ، لأنها تقل فى الكلام ، وليست لأمة من الأمم سوى العرب.
    قال : ولم يجيء فى هذه السورة إلّا فى سبعة أحرف ، نحو : الظلم ، والنظر ، والظل ، وظل وجهه ، والظهر ، والعظم ، والوعظ ، فلم يجمع بينهما فى جملتين معقودتين عقد كلام واحد وهو : لو وجوابه.
    267 ـ قوله : (فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (65) ، وفى العنكبوت : (مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) (63) ، وكذلك حذف من قوله : (لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) (70) ، وفى الحج : (مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) (5) ، لأنه أجمل الكلام فى هذه السورة (وفصل فى الحج) (2) فقال : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ ...) إلى قوله : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى) (5) فاقتضى الإجمال
    __________________
    (1) أخرجه البزار والحاكم والبيهقى وأبو نعيم والقضاعى عن جابر مرفوعا.
    (المقاصد الحسنة ص 319).
    (2) ما بين الحاصرين سقط من ب فى أ : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ..) الآية ، وهو مخالف لما فى سورة الحج.
    ولم يذكر المؤلف وجه التفصيل فى العنكبوت. ووجه : أن الله تعالى ذكر الدواب وأرزاقها وخلق السموات والأرض وتسخير الشمس والقمر وبسط الرزق وتقديره وهو تفصيل اقتضى إثبات (بِهِ) فى الآية رقم (1) من العنكبوت.

    الحذف ، والتفصيل الإثبات. فجاء فى كل سورة بما اقتضاه الحال.
    268 ـ قوله : (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) (66) ، وفى المؤمنين : (فِي بُطُونِها) (21) ، لأن (الضمير) فى هذه السورة يعود إلى البعض وهو الإناث ، لأن اللبن لا يكون للكل ، فصار تقدير الآية : وإن لكم فى بعض الأنعام. بخلاف ما فى المؤمنين ، فإنه عطف عليه ما يعود على الكل ولا يقتصر على البعض ، وهو قوله : (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَعَلَيْها) «21 ، 22» ، ثم يحتمل أن يكون المراد البعض ، فأنّث حملا على الأنعام ، وما قيل من أن الأنعام هاهنا بمعنى النعم ، لأن الألف واللام تلحق الآحاد بالجمع ، وفى إلحاق الجمع بالآحاد حسن ، لكن الكلام وقع فى التخصيص ، والوجه ما ذكرت والله أعلم.
    269 ـ قوله : (وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (72) ، وفى العنكبوت : (يَكْفُرُونَ) (67) بغير (هُمْ) ، لأن فى هذه السورة اتصل (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) (1) (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) (72). ثم عاد إلى الغيبة فقال : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (72). فلا بد من تقييده بهم ، لئلا تلتبس الغيبة بالخطاب والتاء بالياء.
    وما فى العنكبوت اتصل بآيات استمرت على الغيبة فيها كلها ، فلم يحتج إلى تقييده بالضمير.
    270 ـ قوله : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (110). كرّر (إِنَ) ، وكذلك فى الآية الأخرى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ) (2) ، لأن
    __________________
    (1) حفدة : جمع حفيد وهو : ولد الابن.
    (2) هى قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [119]. فقد كررت إن أيضا.

    الكلام لما طال بصلته أعاد إن واسمها ، وثم ، وذكر الخبر ، ومثله : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) «23 : 35» أعاد أن واسمها لمّا طال الكلام.
    271 ـ قوله : (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا) (127) ، وفى النمل : (وَلا تَكُنْ) (70) بإثبات النون. هذه الكلمة كثر دورها فى الكلام ، فحذف النون منها تخفيفا من غير قياس ، بل تشبيها بحروف العلة ، ويأتى ذلك فى القرآن فى بضع عشرة موضعا ، تسعة منها بالتاء ، وثمانية بالياء ، وموضعان بالنون ، وموضع بالهمزة ، وخصّت هذه السورة بالحذف دون النمل موافقة لما قبلها وهو قوله : (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (120).
    والثانى : إن هذه الآية نزلت تسلية للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قتل عمه حمزة ومثّل به ، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لأفعلن بهم ولأصنعن» ، فأنزل الله تعالى : (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) «126 ، 127» (1) فبالغ فى الحذف ليكون ذلك مبالغة فى التسلى ، وجاء فى النمل على القياس ، ولأن الحزن هنا دون الحزن هناك.
    سورة الإسراء
    272 ـ قوله تعالى : (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (9). وخصت سورة الكهف بقوله : (أَجْراً حَسَناً) (2) ، لأن الأجر فى السورتين : الجنة. والكبير والحسن من أوصافها ، لكن خصت هذه السورة بالكبير موافقة لفواصل الآى قبلها وبعدها ، وهى : (حَصِيراً (Cool ـ أَلِيماً (10) ـ عَجُولاً (11)). وجلها وقع قبل آخرها مدة ، وكذلك فى سورة الكهف جاء على
    __________________
    (1) أخرجه أحمد فى المسند (5 / 135) ، والترمذى (1 / 89) طبع الهند والسيوطى فى الدر المنثور (4 / 135) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبى حاتم وابن حبان والبيهقى فى الدلائل.

    ما تقتضيه الآيات قبلها وبعدها ، وهى : (عِوَجاً (1) ـ أَبَداً (1) ـ وَلَداً). وجلّها قبل آخرها متحرك.
    وأما رفع (يُبَشِّرُ) فى سبحان ، ونصبها فى الكهف ، فليس من المتشابه.
    273 ـ قوله : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) (22) ، وقوله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (29) ، وقوله : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) (39) ، فيها بعض المتشابه ويشبه التكرار ، وليس بتكرار ، لأن الأولى فى الدنيا ، والثالثة فى العقبى (الثانية) الخطاب فيها للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمراد به غيره ، وذلك أن امرأة بعثت صبيّا لها إليه مرة بعد أخرى تسأله قميصا ، ولم يكن عليه ولا له صلى‌الله‌عليه‌وسلم قميص غيره فنزعه ودفعه إليه ، فدخل وقت الصلاة فلم يخرج حياء ، فدخل عليه أصحابه فوجدوه على تلك الحالة ، فلاموه على ذلك ، فأنزل الله تعالى : (فَتَقْعُدَ مَلُوماً) يلومك الناس (مَحْسُوراً) مكشوفا (2). هذا هو الأظهر من تفسيره.
    274 ـ قوله : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا) (41) ، وفى آخر السورة : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ) (89). إنما لم يذكر فى أول سبحان الناس لتقدم ذكرهم فى السورة (3) ، وذكرهم فى آخر السورة (89) ، وذكرهم فى الكهف (4) إذ لم يجر ذكرهم ، لأن ذكر الإنس والجن جرى معا (5) ، فذكر الناس كراهة
    __________________
    (1) فى ب : وكذا خطأ.
    (2) أخرجه السيوطى فى : (الدر المنثور 4 / 178) ، وعزاه إلى ابن أبى حاتم عن المنهال ابن عمرو ، وابن جرير عن ابن مسعود ، والأجهورى فى (إرشاد الرحمن ورقة 124 أ).
    (3) وذلك قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) [3].
    (4) فى الكهف : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) [54].
    (5) جرى ذكر الإنس والجن معا فى الكهف آية 50 : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) [50].

    الالتباس (1).
    وقدمه على قوله : (فِي هذَا الْقُرْآنِ) كما قدمه فى قوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) (88) ، ثم قال : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ) (89).
    وأما فى الكهف فقدم (فِي هذَا الْقُرْآنِ) لأن ذكره جل الغرض ، وذلك أن اليهود سألته عن قصة أصحاب الكهف وقصة ذى القرنين فأوحى الله إليه فى القرآن ، فكان تقديمه فى هذا الموضع أجدر ، والعناية بذكره أحرى.
    275 ـ قوله : (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً (2) أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (49) ، ثم أعادها فى آخر السورة بعينها ، من غير زيادة ولا نقصان (98) ، لأن هذا ليس بتكرار ، فإن الأول من كلامهم فى الدنيا ، حين جادلوا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنكروا البعث. والثانى من كلام الله تعالى ، حين جازاهم على كفرهم ، وقولهم وإنكارهم البعث ، فقال : (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ) (3) (زِدْناهُمْ سَعِيراً. ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) «97 ، 98».
    276 ـ قوله : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا) (98) ، وفى الكهف : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا) (106) ، اقتصر فى هذه السورة على الإشارة لتقدم ذكر جهنم (4).
    ولم يقتصر فى الكهف على الإشارة دون العبارة لما اقترن بقوله :
    __________________
    (1) لأنه لو لم يذكر الناس لالتبس بالملائكة والجن.
    (2) الرفات : الحطام.
    (3) خبت : طفئت.
    (4) ذكرت جهنم فى الإسراء : (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ) [67].

    (جَنَّاتُ) (107) (1) ، فقال : (جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا) الآية (106). ثم قال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) (107) ليكون الوعد والوعيد كلاهما ظاهرين للمستمعين.
    277 ـ قوله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) (56) ، وفى سبأ : (ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) (22) ، لأنه يعود إلى الرب (فى هذه السورة) ، وقد تقدم ذكره فى الآية الأولى وهو قوله : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ) (55) ، وفى سبأ لو ذكر بالكناية لكان يعود إلى الله كما صرح (2) ، فعاد إليه ، وبينه وبين ذكره سبحانه صريحا أربع عشرة آية ، فلما طالت الآيات صرح ولم يكن.
    278 ـ قوله : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي) (62) ، وفى غيرها : (أَرَأَيْتَ) ، لأن ترادف الخطاب يدل على أن المخاطب به أمر عظيم ، وخطب فظيع ، وهكذا هو فى هذه السورة ، لأنه لعنة الله ضمن أخطال ذرية بنى آدم عن آخرهم إلّا قليلا ، ومثل هذا : (أَرَأَيْتَكُمْ) فى الأنعام فى موضعين وقد سبق (3).
    279 ـ قوله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) (94) ، وفى الكهف بزيادة : (وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ) (55) ، لأن ما فى هذه السورة ، معناه : ما منعهم عن الإيمان بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا قولهم : (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (94) ، هلّا بعث ملكا؟ وجهلوا أن التجانس يورث التآنس ، والتغاير يورث التنافر. وما فى الكهف معناه : منعهم عن الإيمان والاستغفار (4) إلّا إتيان سنّة الأولين.
    __________________
    (1) فى قوله تعالى : (كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) [107].
    (2) وذلك فى قوله تعالى فى هذه السورة : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) [8].
    (3) هما الآيتان : 40 ، 47 من سورة الأنعام ، وسبق الكلام فيهما فى الفقرة رقم 101.
    (4) فى ب : والاستعفاء.

    قال الزّجّاج : إلّا طلب سنة الأولين ، وهو قوله : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً) «8 : 32» ، فزاد : (وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ) (55) لاتصاله بقوله : (سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) «18 : 55» وهم : قوم نوح ، وهود ، وصالح ، وشعيب ، كلهم أمروا بالاستغفار. فنوح يقول : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) (1) «11 : 52». وصالح يقول : (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ) «11 : 61». وشعيب يقول : (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) «11 : 90» ، فلما خوفهم سنة الأولين أجرى المخاطبين مجراهم.
    280 ـ قوله : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) (96) ، وفى العنكبوت : (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) (52) كما فى الفتح : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (28) ، والرعد : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً) (43) ، ومثله : (كَفى بِاللهِ نَصِيراً) «40 : 45» (2) ، (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) «4 : 6» ، فجاء فى الرعد وسبحان على الأصل ، وفى العنكبوت آخر (شَهِيداً) ، لأنه لما وصفه بقوله : (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) طال فلم يجز الفصل به.
    281 ـ قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ) (99) ، وفى الأحقاف : (بِقادِرٍ) (33) وفى يس : (81) ، لأن ما فى هذه السورة خبر أن ، وما فى يس خبر ليس (3) ، فدخل الباء الخبر ، وكان القياس ألا يدخل فى (حم «الأحقاف») ولكنه شابه ليس لما ترادف النفى ، وهو قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا) (33) ،
    __________________
    (1) مدرارا : دائما.
    (2) فى أ : قدمت كفى بالله حسيبا على كفى بالله نصيرا.
    (3) ما فى يس آية 81 : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ) فهو خبر ليس.

    (وَلَمْ يَعْيَ) (33) (1) ، وفى هذه السورة نفى واحد ، وأكثر أحكام المتشابه فى العربية ثبت من وجهين ، قياسا على باب ما لا ينصرف وغيره.
    282 ـ قوله : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) (101) قابل موسى ـ عليه‌السلام ـ كل كلمة من فرعون بكلمة من نفسه ، فقال : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) (2) (102).
    سورة الكهف
    283 ـ قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) (22) ، بغير واو (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) (22) بزيادة واو.
    فى هذه الواو أقوال : إحداها : أن الأول والثانى وصفان لما قبلها ، أى : هم ثلاثة ، وكذلك الثانى ، أى : هم خمسة سادسهم كلبهم ، والثالث عطف على ما قبله ، أى : هم سبعة ، عطف عليه (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ).
    وقيل : كل واحد من الثلاثة جملة وقعت بعدها جملة ، وكل جملة وقعت بعدها جملة فيها عائد يعود منها إليها ، فأنت فى إلحاق واو العطف وحذفها بالخيار ، وليس فى هذين القولين ما يوجب تخصيص الثالث بالواو.
    وقال بعض النحويين : السبعة نهاية العدد ، ولهذا كثر ذكرها فى القرآن والأخبار ، والثمانية تجرى مجرى استئناف كلام ، ومن هنا لقبه جماعة من المفسرين بواو الثمانية ، واستدلوا بقوله سبحانه : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ ـ إلى ـ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) «9 : 112» (3)
    __________________
    (1) الآية فى الأحقاف آية 33 : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ) فتكرار النفى قام مقام ليس.
    (2) مثبورا : ملعونا.
    (3) ما بين إلى الحاصرين سقط من ب.

    الآية ، وبقوله : (مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ) ـ إلى ـ (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) «66 : 5» الآية ، وبقوله : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) «39 : 73» وزعموا أن هذه الواو تدل على أن أبوابها ثمانية ، ولكل واحد من هذه الآيات وجوه ذكرتها فى موضعها.
    وقيل : إن الله حكى القولين الأولين ولم يرضهما ، وحكى القول الثالث فارتضاه ، وهو قوله : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ) ، ثم استأنف فقال : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) ، ولهذا عقب الأول والثانى بقوله : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) (22) ، ولم يقل فى الثالث.
    فإن قيل : وقد قال فى الثالث : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ) (22).
    فالجواب : تقديره : قل ربى أعلم بعدتهم وقد أخبركم أنهم سبعة وثامنهم كلبهم ، بدليل قوله : (ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) (22) ، ولهذا قال ابن عباس : أنا من ذلك القليل ، فعد أسماءهم.
    وقال بعضهم : الواو فى قوله : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ) (22) ، يعود إلى الله تعالى ، فذكر بلفظ الجمع ، كقوله : (أَمَّا) وأمثاله ، هذا على الاختصار.
    284 ـ قوله : (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي) (36) ، وفى حم (فصلت) : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي) (50) ، لأن الرد عن الشيء يتضمن كراهة المردود. ولما كان فى الكهف تقديره : ولئن رددت عن جنتى هذه التى أظن ألّا تبيد أبدا إلى ربى. كان لفظ الرد الذى يتضمن الكراهة أولى. وليس فى حم ما يدل على الكراهة ، فذكر بلفظ الرجع ليقع فى كل سورة ما يليق بها.
    285 ـ قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها) (57) ، وفى السجدة : (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) (22) ، لأن الفاء للتعقيب ، وثم للتراخى ، وما فى هذه السورة فى الأحياء من الكفار ، إذ ذكروا فأعرضوا عقيب ما ذكروا ، ونسوا ذنوبهم وهم بعد متوقع منهم

    أن يؤمنوا ، وما فى السجدة فى الأموات من الكفار ، بدليل قوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (12). أى : ذكروا مرة بعد أخرى ، وزمانا بعد زمان ، ثم أعرضوا عنها بالموت ، فلم يؤمنوا ، وانقطع رجاء إيمانهم.
    286 ـ قوله : (نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ) (61). وفى الآية الثالثة : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ) (63) ، لأن الفاء للتعقيب والعطف ، فكان اتخاذ الحوت للسبيل عقيب النسيان ، فذكر بالفاء. وفى الآية الأخرى لما حيل بينهما بقوله : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) (63) زال معنى التعقيب ، وبقى العطف المجرد ، وحرفه الواو.
    287 ـ قوله : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) (71) ، وبعده : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) (74) ، لأن الإمر : العجب والمعجب (1). والعجب يستعمل فى الخير والشر ، بخلاف النكر ، لأن ما ينكره العقل فهو شر ، وخرق السفينة لم يكن معه غرق ، فكان أسهل من قتل الغلام وإهلاكه ، فصار لكل واحد معنى يخصه.
    288 ـ قوله : (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ) (72) ، وبعده : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ) (75) ، لأن الإنكار فى الثانية أكثر ، وقيل : أكد التقدير الثانى بقوله : لك ، كما تقول لمن توبخه : لك أقول ، وإياك أعنى ، وقيل : بين فى الثانى المقول له لما لم يبين فى الأول.
    289 ـ قوله فى الأول : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) (79) ، وفى الثانى : (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما) (81) ، وفى الثالث : (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما) (82) ، لأن الأول فى الظاهر إفساد ، فأسنده إلى نفسه ، والثالث إنعام محض فأسنده إلى الله ـ عزوجل ـ ، والثانى إفساد من حيث القتل ، إنعام من حيث التأويل ، فأسنده إلى نفسه وإلى الله عزوجل.
    __________________
    (1) فى ب : لأن الإمر والمعجب.

    وقيل : القتل كان منه ، وإزهاق الروح كان من الله سبحانه.
    قوله : (ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (78) ، جاء فى الأول على الأصل ، وفى الثانى : (تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (82) على التخفيف ، لأنه الفرع.
    290 ـ قوله : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) (97) اختار التخفيف فى الأول ، لأن مفعوله (1) حرف وفعل وفاعل ومفعول ، فاختار فيه الحذف ، والثانى مفعوله (2) ، اسم واحد ، وهو قوله : (نَقْباً).
    وقرأ حمزة (3) ، بالتشديد وأدغم التاء فى الطاء فى الشواذ ، فما استطاعوا بفتح الهمزة وزنه استفعلوا. ومثلها : استخذ فلان أرضا ، أى : أخذ أرضا وزنه استفعل ومن أهراق ووزنه استفعل ، وقيل : استعمل من وجهين ، وقيل : السين بدل التاء ووزنه افتعل.
    سورة مريم
    291 ـ قوله : (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا) (14) ، وبعده : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) (32) ، لأن الأول فى حق يحيى ، وجاء فى الخبر عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من أحد من بنى آدم إلّا أذنب أو همّ بذنب إلّا يحيى بن زكريا عليهما‌السلام» (4) ، فنفى عنه العصيان. والثانى
    __________________
    (1) فى ب : لأن مفعول.
    (2) فى ب : مفعول.
    (3) قراءة حمزة ذكرها القرطبى 11 / 63 فى تفسيره ، وقال : كأنه أراد استطاعوا فأدغم التاء فى الطاء وشددها ، وهى قراءة ضعيفة الوجه. قال أبو على : وهى غير جائزة ، وعدها الدانى فى السبع ولم يشر إلى ضعفها (التيسير فى القراءات السبع ص 146). وأشار العكبرى إلى أنها قراءة بعيدة (إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات فى القرآن ، لأبى البقاء محب الدين عبد الله بن الحسين العكبرى 2 / 58) ط الميمنية بمصر 1306. وانظر (البحر المحيط 6 / 165) وقال فيه : قرأ الأعشى عن أبى بكر : فما اصطاعوا ، والأعمش استاعوا.
    وفى هذه الفقرة فى : استجد بدل استخذ ، والفراق بدل أهراق ، واهتفعل بدل افتعل.
    (4) أخرجه الإمام أحمد فى (مسنده 1 / 254) عن ابن عباس وفيه : «ما من أحد ولد أم إلّا =

    فى عيسى عليه‌السلام فنفى عنه الشقاوة ، وأثبت له السعادة ، والانبياء عندنا معصومون عن الكبائر غير معصومين عن الصغائر.
    292 ـ قوله : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ) (15) (1) ، فى قصة يحيى : (وَالسَّلامُ عَلَيَ) (33) فى قصة عيسى. فنكّر فى الأول ، وعرّف فى الثانى ، لأن الأول من الله تعالى ، والقليل منه كثير كما قال الشاعر :
    قليل منك يكفينى ولكن
    قليلك لا يقال له قليل

    ولهذا قرأ الحسن : (اهدنا صراطا مستقيما) «1 : 6» (2) ، أى : نحن راضون منك بالقليل ، ومثل هذا فى الشعر كثير قال :
    وإنّى لراض منك يا هند بالّذى
    لو أبصره الواشى لقرت بلابله

    بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى
    وبالوعد حتّى يسأم الوعد آمله

    والثانى : من عيسى عليه‌السلام ، والألف واللام لاستغراق الجنس ، ولو أدخل عليه التسعة والعشرين والفروع المستحسنة والمستقبحة لم تبلغ عشر معشار سلام الله عليه.
    ويجوز أن يكون ذلك وحيا من الله عزوجل ، فيقرب من سلام يحيى.
    وقيل : إنما دخل الألف واللام لأن النكرة إذا تكررت تعرفت.
    وقيل : نكرة الجنس ومعرفته سواء ، تقول : لا أشرب ماء ، ولا أشرب الماء ، فهما سواء.
    __________________
    = قد أخطأ أو هم بخطيئة ...» الحديث. وكما هو هنا أخرجه فى (المسند 1 / 292 ، 215 ، 301) عن ابن عباس رضى الله عنهما.
    ملحق :
    (1) جاء فى هذه السورة : حيّا ، فى قوله تعالى : (ما دُمْتُ حَيًّا) [31] و (يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [33]. ولا تكرار فيها ، لأن الأولى فى الدنيا ، والأخرى يوم البعث.
    (2) قراءة الحسن ذكرها أبو حيان فى (البحر 1 / 26) رواية عن زيد بن على والضحاك ، ونصر بن على عن الحسن.

    293 ـ قوله : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) (37) ، وفى حم (الزخرف) : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) (65) ، لأن الكفر أبلغ من الظلم ، وقصة عيسى فى هذه السورة مشروحة ، وفيها ذكر نسبتهم إياه إلى الله تعالى حين قال : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) (35). فذكر بلفظ الكفر. وقصته فى الزخرف مجملة ، فوصفهم بلفظ دونه ، وهو : الظلم.
    294 ـ قوله : (وَعَمِلَ صالِحاً) (60) ، وفى الفرقان : (وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) (70) ، لأن هذه السورة أوجز فى ذكر المعاصى ، فأوجز فى التوبة ، وأطال هناك فأطال.
    سورة طه
    295 ـ قوله تبارك وتعالى : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى. إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ) (1) (ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ) (2) (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) «9 ، 10» ، وفى النمل : (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (3) (7) ، وفى القصص : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (29). هذه الآيات تشتمل على ذكر رؤية موسى النار ، وأمره أهله بالمكث ، وإخباره أنه آنس نارا ، وإطماعهم أن يأتيهم بنار يصطلون بها ، أو بخبر يهتدون به إلى الطريق التى ضلوا عنها ، لكنه نقص فى النمل (4) ذكر رؤية النار ، وأمر أهله بالمكث ، اكتفاء بما تقدم ، وزاد فى
    __________________
    (1) آنست : رأيت من بعيد. قبس : خشبة فى رأسها شعلة (المعجم الوسيط 2 / 818).
    (2) تصطلون : تستدفئون (المعجم الوسيط 1 / 524).
    (3) أخرج البخارى تعليقا عن ابن عباس 7 / 118 قال : ضلوا الطريق وكانوا شاتين ، فقال موسى : إن لم أجد عليها (أى نار) من يهدى الطريق آتيكم بنار تستدفئون بها.
    (4) فى ب : نقص فى النار.

    القصص : قضاء موسى الأجل المضروب ، وسيره بأهله إلى مصر ، لأن الشيء قد يجمل ثم يفصل ، وقد يفصل ثم يجمل ، وفى طه فصل ، وأجمل فى النمل ، ثم فصل فى القصص وبالغ فيه.
    وقوله فى طه : (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) (10) ، أى : من يخبرنى بالطريق فيهدينى إليه. وإنما أخر ذكر المخبر فيهما وقدمه فيهما مرات لفواصل الآى ، وكرر (لَعَلِّي) فى القصص لفظا ، وفيهما معنى ، لأن (أَوْ) فى قوله : (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) (10) ، نائب عن (لَعَلِّي) ، و (سَآتِيكُمْ) تتضمن معنى لعلى ، وفى القصص : (أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ) (29) ، وفى النمل : (بِشِهابٍ قَبَسٍ) (7) ، وفى طه : (بِقَبَسٍ) (10) ، لأن الجذوة من النار خشبة فى رأسها (1) قبس له شهاب ، فهى فى السور الثلاث عبارة عن معبر واحد.
    296 ـ قوله : (فَلَمَّا أَتاها) (11) هنا ، وفى النمل : (فَلَمَّا جاءَها) (Cool ، وفى القصص : (أَتاها) (30) ، لأن أتى وجاء بمعنى واحد ، لكن كثر دور الإتيان فى طه نحو : (فَأْتِياهُ) (47) ، (فَلَنَأْتِيَنَّكَ) (58) ، (ثُمَّ أَتى) (60) ، (ثُمَّ ائْتُوا) (64) ، (حَيْثُ أَتى) (69). ولفظ (جاء) فى النمل أكثر ، نحو (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ) (13) ، (وَجِئْتُكَ) (22) ، (فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ) (36) وألحق القصص ب (طه) لقرب ما بينهما.
    297 ـ قوله : (فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ) (40) ، وفى القصص : (فَرَدَدْناهُ) (13) ، لأن الرجع إلى الشيء والرد إليه بمعنى ، وارد على الشيء يقتضى كراهة المردود ، ولفظ الرجع ألطف ، فخصّ ب (طه) ، وخصّ القصص بقوله : (فَرَدَدْناهُ) تصديقا لقوله : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) (7).
    __________________
    (1) فى ب : من رأسها.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:37

    298 ـ قوله : (وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) (53) ، وفى الزخرف : (وَجَعَلَ) (10) ، لأن لفظ السلوك مع السبيل أكثر استعمالا به ، فخصّ به طه ، وخصّ الزخرف بجعل ازدواجا للكلام ، وموافقة لما قبله وما بعدها (1).
    299 ـ قوله : (إِلى فِرْعَوْنَ) (43) ، وفى الشعراء : (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ) «10 ، 11» ، وفى القصص : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) (32) ، لأن طه هى السابقة ، وفرعون هو الأصل المبعوث إليه ، وقومه تبع له ، وهم كالمذكورين معه ، وفى الشعراء : (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) ، أى : قوم فرعون وفرعون ، فاكتفى بذكره فى الإضافة عن ذكره مفردا. ومثله : (أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) (2) أى : آل فرعون وفرعون ، وفى القصص : (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) (32) فجمع بين الآيتين ، فصار كذكر الجملة بعد التفصيل.
    300 ـ قوله : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) (27) صرح بالعقدة فى هذه السورة لأنها السابقة ، وفى الشعراء : (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) (13). كناية عن العقدة بما يقرب من التصريح ، وفى القصص : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً) (34). فكنّى عن العقدة كناية مبهمة ، لأن الأول يدل على ذلك.
    __________________
    (1) جاء بعد هذه الآية فى الزخرف : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) [12] ، (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) [15] ، وقبلها فى نفس الآية : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) [10]. ويصح أن يكون سبب التكرار ما ذكره المؤلف فى غير هذا الموضع من أن (خلق) تأتى لما لا يتكرر ويتبدل و (جعل) تأتى لما يتكرر ويتبدل. فالسبل تتغير بفعل الإنسان ، وكذلك الأرض الممهدة يحيلها الإنسان إلى وعر وبالعكس. أما الأزواج والسموات والأرض فخلقها الله ولا يمكن تكرار نماذج أخرى منها.
    (2) وردت فى البقرة مغايرة لها : (فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) [50] ، وفى الأنفال : (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) [54].

    301 ـ وقوله فى الشعراء : (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (14) ، وفى القصص : (إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (33) ، وليس له فى طه ذكره ، لأن قوله : (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) (26) مشتمل على ذلك وغيره ، لأن الله عزوجل إذا يسر له أمره فلن يخاف القتل.
    302 ـ قوله : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي) «29 ، 30» صرح بالوزير لأنها الأولى فى الذكر ، وكنّى عنه فى الشعراء حيث قال : (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) (13) ليأتينى ، فيكون لى وزيرا ، وفى القصص : (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) (34). أى : اجعله لى وزيرا. فكنّى عنه بقوله : (رِدْءاً) لبيان الأول.
    303 ـ قوله : (فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) (47) وبعده : (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) «26 : 16» ، لأن الرسول مصدر يسمى به ، فحيث وحده حمل على المصدر ، وحيث ثنى حمل على الاسم.
    ويجوز أن يقال : حيث وحد حمل على الرسالة ، لأنهما أرسلا لشىء واحد ، وحيث ثنى حمل على الشخصين.
    وأكثر ما فيه من المتشابه سبق.
    304 ـ قوله : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) (128) بالفاء من غير (من) ، وفى السجدة (26) بالواو ، وبعده (من) ، لأن الفاء للتعقيب والاتصال بالأول ، فطال الكلام ، فحسن حذف (من) ، والواو تدل على الاستئناف ، وإثبات (من) مستثقل وقد سبق الفرق بين إثباته وحذفه.
    سورة الأنبياء
    305 ـ قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) (2) ، وفى الشعراء : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) (5).

    خصت هذه السورة بقوله : (مِنْ رَبِّهِمْ) (2) بالإضافة ، لأن الرحمن لم يأت مضافا ، ولموافقته ما بعده ، وهو قوله : (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ) (4) وخصت الشعراء بقوله : (مِنَ الرَّحْمنِ) (5) لتكون كل سورة مخصوصة بوصف من أوصافه ، وليس فى أوصاف الله اسم أشبه باسم الله من الرحمن ، لأنهما اسمان ممنوعان أن يسمى بهما غير الله عزوجل ، ولموافقة ما بعده وهو قوله : (لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (9) ، لأن الرحمن الرحيم مصدر واحد.
    306 ـ قوله : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً) (7) ، وبعده : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) (25). كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدم ، إلّا أن (مِنْ) إذا دخل دل على الحصر بين الحدين ، وضبطه بذكر الطرفين ، ولم يأت (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) (7) إلّا هذه ، وخصت الحذف لأن قبلها : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ) (6) فبناه عليه ، لأنه هو. وأخّر (مِنَ) فى الفرقان : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ) (20) وزاد فى الثانى : (مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) «21 : 25 ، 22 : 52» على الأصل للحصر.
    307 ـ قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ (1) بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (35) ، وفى العنكبوت : (ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (57) ، لأن ثم للتراخى ، والرجوع هو : الرجوع إلى الجنة أو النار ، وذلك فى القيامة ، فخصت سورة العنكبوت به ، وخصت هذه السورة بالواو لما حيل (2) الكلامين بقوله : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) (35) ، وإنما ذكرا (3) لتقدم ذكرهما ، فقام مقام التراخى وناب الواو منابه.
    __________________
    (1) فى ب : (ولنبلونكم) خطأ.
    (2) فى أ : ولما قيل. وفى الأصلين : ولما حيل. فحذفنا الواو ليستقيم الكلام.
    (3) فى أ : ولما ذكر.

    308 ـ قوله : (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) (36) ، وفى الفرقان : (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) (41) ، لأنه ليس فى الآية التى تقدمتها ذكر الكفار (هنا) ، فصرح باسمهم ، وفى الفرقان قد ذكر الكفار (1) ، فخص الإظهار بهذه السورة ، والكناية بتلك.
    309 ـ (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ. قالُوا وَجَدْنا آباءَنا) «52 ، 53» ، وفى الشعراء : (قالُوا بَلْ وَجَدْنا) (74) بزيادة (بَلْ) ، لأن قوله : (وَجَدْنا آباءَنا) (53) جواب لقوله : (ما هذِهِ التَّماثِيلُ) (52) ، وفى الشعراء أجابوا عن قوله : (ما تَعْبُدُونَ) (70) ، بقولهم : (نَعْبُدُ أَصْناماً) (71). ثم قال : (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ. أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ) «72 ، 73». فأتى بصورة الاستفهام ومعناه النفى ، قالوا : (بَلْ وَجَدْنا). أى : قالوا : لا. بل وجدنا عليه آباءنا ، لأن السؤال فى الآية يقتضى فى جوابهم أن ينفوا ما نفاه السائل ، فأضربوا عنه إضراب من ينفى الأول ويثبت الثانى ، فقالوا : بل وجدنا. فخصت السورة به.
    310 ـ قوله : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) (70) ، وفى الصافات : (الْأَسْفَلِينَ) (98) ، لأن فى هذه السورة كادهم إبراهيم عليه‌السلام بقوله : (لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) (57). وكادوا هم إبراهيم بقوله : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً). فجرت بينهم مكايدة فغلبهم إبراهيم ، لأنه كسر أصنامهم ، ولم يغلبوه ، لأنهم لم يبلغوا من إحراقه مرادهم ، فكانوا هم الأخسرون.
    وفى الصّافات : (قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) (97)
    __________________
    (1) سبق ذكر الكفار ضمنا عند ذكر القرية التى أمطرت مطر السوء. وعند ذكر قوم نوح ، وصريحا فى قوله : (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) [36].

    فأججوا نارا عظيمة ، وبنوا بنيانا عاليا ، ورفعوه إليه ، ورموه منه إلى أسفل ، فرفعه الله ، وجعلهم فى الدنيا من الأسفلين ، وردهم فى العقبى أسفل سافلين ، فخصت الصافات بالأسفلين.
    311 ـ قوله : (وَنَجَّيْناهُ) (71) بالفاء سبق فى يونس ، ومثله فى الشعراء : (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) «170 ، 171».
    312 ـ قوله : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ) (83) ، ختم القصة بقوله : (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) (84) ، وقال فى ص : (رَحْمَةً مِنَّا) (43) ، لأنه هنا بالغ فى التضرع بقوله : (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (83) فبالغ سبحانه فى الإجابة وقال : (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) (84) ، لأن (عند) حيث جاء دل على : أن الله سبحانه تولى ذلك من غير واسطة.
    وفى (ص) لما بدأ القصة بقوله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا) (41) ختم بقوله : (مِنَّا) ليكون آخر الآية لفقا بالأول (1). الآية.
    313 ـ قوله : (فَاعْبُدُونِ. وَتَقَطَّعُوا) «92 ، 93» ، وفى المؤمنون : (فَاتَّقُونِ. فَتَقَطَّعُوا) «52 ، 53» ، لأن الخطاب فى هذه السورة للكفار ، فأمرهم بالعبادة التى هى التوحيد ، ثم قال : (وَتَقَطَّعُوا) (93) بالواو ، لأن التقطع قد كان منهم قبل هذا القول لهم ، ومن جملة خطاب المؤمنين ، فمعناه : داوموا على الطاعة. وفى المؤمنون الخطاب للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وللمؤمنين ، بدليل قوله : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) (51) ، والأنبياء والمؤمنون مأمورون بالتقوى. ثم قال : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) (53) أى : ظهر منهم التقطع بعد هذه القول ، والمراد أممهم.
    314 ـ قوله : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها) (91) ،
    __________________
    (1) فى ب : لفقا للأول.

    وفى التحريم : (فَنَفَخْنا فِيهِ) (12) ، لأن المقصود فى هذه السورة ذكرها ، وما آل إليه أمرها حتى ظهر فيها (1) ابنها ، وصارت هى وابنها آية ، وذلك لا يكون إلّا بالنفخ فى حملها وتحملها ، والاستمرار على ذلك إلى ولادتها. فلهذا اختصت بالتأنيث.
    وما فى التحريم مقصور على ذكر إحصانها ، وتصديقها بكلمات ربها ، وكأن النفخ أصاب فرجها وهو مذكر. والمراد به : فرج الجيب ، أو غيره فخصت بالتذكير.
    سورة الحجّ
    315 ـ قوله : (يَوْمَ تَرَوْنَها) (2) ، وبعده : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) (2) محول على : أيها المخاطب ، كما سبق فى قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ) «16 : 14».
    316 ـ قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (Cool فى هذه السورة ، وفى لقمان : (وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (20) ، لأن ما فى هذه السورة وافق ما قبلها من الآيات ، وهى : (قَدِيرٌ (6)) ، (الْقُبُورِ (7)) ، وكذلك فى لقمان وافق ما قبلها وما بعدها ، وهى : (الْحَمِيرِ (19)) ، (السَّعِيرِ (21)) ، (الْأُمُورِ (22)).
    317 ـ قوله : (مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) (5) بزيادة (مِنَ) لقوله تعالى : (مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) الآية (5) وقد سبق فى النحل.
    318 ـ قوله : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) (10) ، وفى غيرها : (أَيْدِيكُمْ) «3 : 182» ، لأن هذه الآية نزلت فى النضر بن الحارث ، وقيل : فى أبى جهل ، فوحّده ، وفى غيرها نزلت فى الجماعة التى تقدم ذكرهم.
    319 ـ قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ
    __________________
    (1) فى ب : حتى يظهر فيها.

    وَالنَّصارى) (17). قدم الصابئين لتقدم زمانهم ، وقد تقدم فى البقرة.
    320 ـ قوله : (يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ) (18) سبق فى الرعد.
    321 ـ قوله : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) (22) ، وفى السجدة : (مِنْها أُعِيدُوا فِيها) (20) ، لأن المراد بالغم : الكرب والأخذ بالنفس ، حتى لا يجد صاحبه متنفسا ، وما قبله من الآيات يقتضى ذلك ، وهو : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) (19) إلى قوله : (مِنْ حَدِيدٍ) (21). فمن كان فى ثياب من نار وفوق رأسه حميم يذوب من حره أحشاء بطنه حتى يذوب ظاهر جلده ، وعليه موكلون يضربون بمقامع من حديد ، كيف يجد سرورا ، أو يجد متنفسا من تلك الكرب التى عليه ، وليس فى السجدة من هذا ذكر ، وإنما قبلها : (فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها).
    322 ـ قوله : (وَذُوقُوا) (22) ، وفى السجدة : (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا) (20) القول هاهنا مضمر ، وخص بالإضمار لطول الكلام بوصف العذاب. وخصت السجدة بالإظهار ، موافقة للقول قبله فى مواضع منها : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) (3) و (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا) (10) و (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ) (11) و (حَقَّ الْقَوْلُ) (13). وليس فى الحج شىء منه.
    323 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) «14 ، 23» مكررة. وموجب هذا التكرار قوله : (هذانِ خَصْمانِ) (19) ، لأنه لما ذكر أحد الخصمين وهو : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) (19). لم يكن بد من ذكر الخصم الآخر فقال : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية (23).

    324 ـ قوله : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ) (26) ، وفى البقرة : (لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ) (125). وحقه أن يذكر هناك ، لأن ذكر العاكف هاهنا سبق فى قوله : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) (25) ، ومعنى (وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) : المصلون ، وقيل : القائمون ، بمعنى المقيمين ، وهم العاكفون ، لكن لما تقدم ذكرهم عبر عنهم بعبارة أخرى.
    325 ـ قوله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) (36) كرر ، لأن الأول (1) متصل بكلام إبراهيم ، وهو اعتراض ، ثم أعاده مع قوله : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ) (36).
    326 ـ قوله : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) (45) ، وبعده : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها) (48). خصّ الأول بذكر الإهلاك (2) لاتصاله بقوله : (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) (44). أى : أهلكتهم.
    والثانى بالإملاء ، لأن قبله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) (47) فحسن ذكر الإملاء.
    327 ـ قوله : (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ) (62) ، وفى سورة لقمان : (مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) (30) ، لأن فى هذه السورة وقع بعد عشر آيات (3) كل آية مؤكدة مرة أو مرتين ، ولهذا أيضا زيد فى السورة اللام فى قوله : (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (64).
    __________________
    (1) الأول هو قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) [28]. والقانع : السائل أو الراضى ، والمعتر : الذى يطلب ما عندك سائلا كان أو ساكنا. وقال مالك : القانع الفقير ، والمعتر : السائل (تفسير القرطبى 12 / 64 ، 65).
    (2) فى ب : إهلاك.
    (3) وهذه العشر من قوله تعالى : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) [53] ، إلى هذه الآية وكلها مؤكدة كما ذكر المؤلف.

    وفى لقمان : (إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (26) إذا لم تكن سورة لقمان بهذه الصفة.
    وإن شئت قلت : لما تقدم فى هذه السورة ذكر الله سبحانه وذكر الشيطان أكدهما ، فإنه خبر وقع بين خبرين ، ولم يتقدم فى لقمان ذكر الشيطان فأكد ذكر الله تعالى وأهمل ذكر الشيطان ، وهذه دقيقة.
    سورة المؤمنون
    328 ـ قوله تبارك وتعالى : (لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (19) بالجمع وبالواو ، وفى الزخرف : (فاكِهَةٌ) (73) على التوحيد (مِنْها تَأْكُلُونَ) (73) بغير واو. راعى فى السورتين لفظ الجنة. فكانت هذه جنات (1) بالجمع ، فقال : (فَواكِهُ) (19) بالجمع ، وفى الزخرف : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ) (72) بلفظ التوحيد ، وإن كانت هذه جنة الخلد ، لكن راعى اللفظ فقال : (فِيها فاكِهَةٌ) (73).
    وقال فى هذه السورة : (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (19) بزيادة الواو ، لأن التقدير الآية : منها تدخرون ومنها تبيعون (2) ، وليس كذلك فاكهة الجنة ، فإنها للأكل فحسب ، فلذلك قال فى الزخرف : (مِنْها تَأْكُلُونَ) (73) ووافق هذه السورة ما بعدها أيضا وهو قوله : (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (21). فهذا للقرآن معجزة وبرهان.
    329 ـ قوله : (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) (24) ، وبعده : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (33) فقدم (مِنْ قَوْمِهِ) فى الآية الأخرى ، وفى الأولى أخّر ، لأن صلة (الَّذِينَ) فى الأولى اقتصرت على الفعل وضمير الفاعل (3) ، ثم ذكر بعده الجار والمجرور ، ثم ذكر
    __________________
    (1) فى نفس الآية : (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ).
    (2) فى ب : ومنها تبغون.
    (3) وهى قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا).

    المفعول وهو المقول. وليس كذلك فى الأخرى ، فإن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة بعد أخرى ، فقدم الجار والمجرور ، ولأن تأخيره ملتبس (1) ، وتوسطه ركيك ، فخص بالتقديم.
    330 ـ قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) (24) ، وفى حم (فصلت) : (لَوْ شاءَ رَبُّنا) (2) (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) (14) ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الله ، وليس فيه ذكر الرب.
    وفى فصلت تقدم ذكر رب العالمين سابقا على ذكر الله. فصرّح فى هذه السورة بذكر الله ، وهناك بذكر الرب ، لإضافته إلى العالمين وهم جملتهم فقالوا : إما اعتقادا وإما استهزاء ، (لَوْ شاءَ رَبُّنا (3) لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) (14) فأضافوا الرب إليهم.
    331 ـ قوله : (وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (51) ، وفى سبأ : (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (11) كلاهما من وصف الله سبحانه وتعالى ، وخص كل سورة بما وافق فواصل الآى.
    332 ـ قوله : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (41) بالألف واللام ، وبعده : (لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (44) ، لأن الأول لقوم صالح ، فعرفهم بدليل قوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) (41) ، والثانى نكرة ، وقبله : (قُرُوناً آخَرِينَ) (42). فكانوا منكرين ، ولم يكن معهم قرينة عرفوا بهم فخصهم بالنكرة.
    333 ـ قوله : (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) (83) ، وفى النمل : (لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ) (68) ، لأن ما فى هذه السورة على القياس ، فإن الضمير المرفوع المتصل لا يجوز
    __________________
    (1) وجه الالتباس أنه لو قال : «... وأترفناهم فى الحياة الدنيا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم». لاحتمل أنه من مقول الذين آمنوا وكانوا مترفين فى معيشتهم كما هو مقول الكفار من هذا النوع. وهذا التقديم فى هذه الآية من براهين الإعجاز المبنى على دقة مراعاة الملابسات.
    (2) فى الأصول : ولو شاء ربك ـ وليس كذلك.

    العطف عليه حتى يؤكد بالمنفصل ، فأكد (وُعِدْنا نَحْنُ) ثم عطف عليه (آباؤُنا) ثم ذكر المفعول وهو (هذا).
    وقدم فى النمل المفعول موافقة لقوله : (تُراباً) (67) (1) ، لأن القياس فيه أيضا : كنا نحن وآباؤنا ترابا ، فقدم ترابا ليسد مسد (نَحْنُ) ، فكانا لفقين.
    334 ـ قوله : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (85) ، وبعده : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (87) ، وبعده : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (89). الأول : جواب لقوله : (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) (84) جواب مطابق لفظا ومعنى ، لأنه قال فى السؤال : قل لمن؟ فقال فى الجواب : لله.
    وأما الثانى والثالث : فالمطابقة فيهما فى المعنى ، لأن القائل إذا قال لك : من مالك هذا الغلام؟ فإن لك أن تقول : زيد ، فيكون مطابقا لفظا ومعنى ولك أن تقول : لزيد ، فيكون مطابقا للمعنى ، ولهذا قرأ أبو عمرو الثانى والثالث الله. الله ، مراعاة للمطابقة.
    335 ـ قوله : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) (105) ، وقبله : (قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) (66) ليس بتكرار ، لأن الأول فى الدنيا عند نزول العذاب ، وهو : الجدب عند بعضهم ويوم بدر (2) عند بعضهم ، والثانى فى القيامة وهم فى الجحيم ، بدليل قوله : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها) (107).
    __________________
    (1) أى فى قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) الآية [67 من سورة النمل].
    (2) أخرج البخارى (5 / 83) ، ومسلم (4 / 13) ، والترمذى (2 / 126) عن ابن مسعود : أن قريشا أبطأت عن الإسلام فدعا عليهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام ـ فجاء أبو سفيان فقال : يا محمد ، جئت تأمر بطاعة الله وصلة الرحم ، وإن قومك هلكوا ، فادع الله ، فقرأ : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) فاستسقى لهم فسقوا. ثم عادوا إلى كفرهم ، فذلك قوله : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) : يوم بدر.

    سورة النّور
    336 ـ قوله تعالى على رأس العشر : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (10) محذوف الجواب. تقديره : لفضحكم ، وهو متصل ببيان حكم الزانيين ، وحكم القاذف ، وحكم اللعان ، وجواب لو لا محذوفا أحسن منه ملفوظا به ، وهو المكان الذى يكون الإنسان فيه أفصح ما يكون إذا سكت.
    337 ـ وقوله على رأس العشرين : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (20) فحذف الجواب أيضا. تقديره : لعجل لكم العذاب ، وهو متضمن بقصتها رضى الله عنها وعن أبيها ، وقيل : دل عليه قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (14) ، وقيل : دل عليه قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) (21).
    وفى خلال هذه الآيات : (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ) (12) ، (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) (13) ، (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ) (16) وليس هو الدال على امتناع الشيء لوجود غيره ، بل هو للتحضيض.
    قال الشاعر :
    تعدون عقر النيب أفضل مجدكم
    بنى ضوطرى لو لا الكمى المقنعا (1)

    __________________
    (1) البيت من قصيدة لجرير يهجو الفرزدق. والنيب جمع ناب وهى : المسنة من الإبل ، والكمى المقنع : الشجاع المغطى بالسلاح ، والضوطرى : المرأة الحمقاء.
    (فوائد القلائد ص 196).

    وهو البيت للتحضيض ، والتحضيض يختص بالفعل ، والفعل فى البيت مقدر ، تقديره : هلا تعدون الكمى ، أو : هلا تعقرون الكمى ، ويختص الثانى بالفعل ، والأول يختص بالاسم ، ويدخل المبتدأ ويلزم خبره الحذف.
    338 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) (30) متصل بآيات الغض (1) وليس له نظير.
    339 ـ قوله : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ) (34) ، وبعده : (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ) (46) ، لأن اتصال الأول بما قبله أشد ، فإن قوله : (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (34) محمول ومصروف إلى قوله : (وَلْيَسْتَعْفِفِ) (33) ، وإلى قوله : (فَكاتِبُوهُمْ) (33) ، (وَلا تُكْرِهُوا) (33) فاقتضى الواو ، ليعلم أنه عطف على الأول ، واقتضى بيانه بقوله : (إِلَيْكُمْ) ليعلم أن المخاطبين بالآية الثانية هم المخاطبون بالآية الأولى. وأما الثانية فاستئناف كلام. فخص بالحذف.
    340 ـ قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) (55) إنما زاد (مِنْكُمْ) لأنهم المهاجرون ، وقيل : عام ، و (من) للتبيين.
    341 ـ قوله : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ) (59) ، ختم الآية بقوله : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) (59) ، وقبلها وبعدها : الآيات «58 ، 61» ، لأن الذى قبلها والذى بعدها يشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها ، وهى فى الأولى : (ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) (58) ، وفى الأخرى : (مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) الآية (61). فعد فيها آيات كلها معلومة ، فختم الآيتين
    __________________
    (1) وهى قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) ، وقبلها : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا).

    بقوله : (لَكُمُ الْآياتِ) (61) ، ومثلها : (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) «17 ، 18». يعنى حد الزانيين وحد القاذف ، فختم بالآيات.
    وأما بلوغ الأطفال فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها ، بل تفرد سبحانه بعلم ذلك ، فخصها بالإضافة إلى نفسه ، وختم كل آية بما اقتضى أولها.
    سورة الفرقان
    342 ـ قوله تعالى : (تَبارَكَ) هذه لفظة لا تستعمل إلّا لله ، ولا تستعمل إلّا بلفظ الماضى. وجاءت فى هذه السورة فى ثلاث مواضع : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) (1) ، و (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ) (10) ، و (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) (61) ، تعظيما لذكر الله. وخصت هذه المواضع بالذكر ، لأن ما بعدها عظائم :
    الأول : ذكر الفرقان وهو القرآن المشتمل على معانى جميع كتب الله.
    والثانى : ذكر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والله خاطبه بقوله : لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات (1).
    والثالث : ذكر للبروج والسيارات ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، ولولاها ما وجد فى الأرض حيوان ولا نبات.
    ومثلها : (فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) «40 : 64» ، و (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) «23 : 14» ، و (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) «67 : 1».
    343 ـ قوله : (مِنْ دُونِهِ) (3) فى هذه السورة ، وفى مريم (48) ،
    __________________
    (1) هذه العبارة تحتاج إلى دليل صحيح (المراجع).

    ويس (74) (مِنْ دُونِ اللهِ) ، لأن هذه السورة وافق ما قبله (1) ، وفى السورتين لو جاء (مِنْ دُونِهِ) لخالف ما قبله ، لأن ما قبله فى السورتين بلفظ الجمع تعظيما فصرح.
    344 ـ قوله : (ضَرًّا وَلا نَفْعاً) (3). قدم الضر موافقة لما قبله وما بعده ، فما قبله نفى وإثبات ، وما بعده موت وحياة ، وقد سبق.
    345 ـ قوله : (ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) (55). قدم النفع موافقة لقوله : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) (53) وقد سبق.
    346 ـ قوله : (وَعَمِلَ عَمَلاً) (70) بزيادة (عَمَلاً) ، قد سبق.
    347 ـ قوله : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ) (59) ، ومثلها فى السجدة.
    يجوز أن يكون الذى فى السورتين مبتدأ ، والرحمن خبره فى الفرقان. و (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ) خبره فى السجدة ، وجاز غير ذلك.
    سورة الشّعراء
    348 ـ قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) (5) سبق فى الأنبياء.
    349 ـ قوله : (فَسَيَأْتِيهِمْ) (6) سبق فى الأنعام ، وكذا : (أَوَلَمْ يَرَوْا) (7). وما يتعلق بقصة موسى وفرعون سبق فى الأعراف (فى).
    350 ـ قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ...) (Cool إلى آخر الآية. مذكور فى ثمانية مواضع : أولها : فى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإن لم يتقدم ذكره صريحا فقد تقدم كناية ووضوحا. والثانية : فى قصة موسى (67) ، ثم إبراهيم (103) ، ثم نوح (121) ، ثم هود (139) ، ثم
    __________________
    (1) لأن ما قبله بالإفراد والغيبة (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [2] و (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) [3].

    صالح (158) ثم لوط (174) ، ثم شعيب (190) (1) عليه‌السلام.
    351 ـ قوله : (أَلا تَتَّقُونَ ...) إلى قوله : (الْعالَمِينَ) مذكور فى خمسة مواضع : فى قصة نوح «106 ـ 109» ، وهود «124 ـ 127» ، وصالح «142 ـ 45» ، ولوط «161 ـ 164» ، وشعيب «177 ـ 180» عليهم الصلاة والسلام ، ثم كرر : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) فى قصة نوح (110) ، وهود (131) ، وصالح (50) ، فصار ثمانية مواضع (وليس فى قصة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) ، لذكرها فى مواضع) (2) ، وليس فى قصة موسى عليه‌السلام ، لأنه رباه فرعون حيث قال : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) (18) ولا فى قصة إبراهيم عليه‌السلام ، لأن أباه فى المخاطبين ، حيث يقول : (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) (70) وهو رباه ، واستحيا موسى وإبراهيم أن يقولا : (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) وإن كانا منزهين من طلب الأجرة.
    352 ـ قوله تعالى فى قصة إبراهيم : (ما تَعْبُدُونَ) (70) ، وفى الصافات : (ما ذا تَعْبُدُونَ) (85) ، لأن (ما) لمجرد الاستفهام ، فأجابوا فقالوا : (نَعْبُدُ أَصْناماً) (71) ، (وَما ذا) فيه مبالغة ، وقد تضمن فى الصافات معنى التوبيخ ، فلما وبخهم قال : (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ. فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) «86 ، 87» ، فجاء فى كل سورة ما اقتضاه ما قبله وما بعده.
    353 ـ قوله : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) «78 ـ 80» زاد (هُوَ) فى الإطعام والشفاء ، لأنهما مما يدعى الإنسان أن يفعله ، فيقال : زيد يطعم ، وعمرو يداوى ، فأكّد إعلاما أن ذلك منه سبحانه ، لا من غيره ، وأما الخلق والموت والحياة فلا يدعيهما مدع فأطلق.
    354 ـ قوله فى قصة صالح : (ما أَنْتَ) (3) (154) بغير
    __________________
    (1) فى الأصول : ثم شعيب ثم لوط والترتيب يقتضى ما أثبتناه.
    (2) ما بين الحاصرين سقط من أ.
    (3) فى الأصول : (ما منت) فى الموضعين خطأ.

    واو ، وفى قصة شعيب : (وَما أَنْتَ) (186) ، لأنه فى قصة صالح بدل من الأولى ، وفى الثانية عطف ، وخصت أولى بالبدل (1) ، لأن صالحا قلل فى الخطاب فقللوا الجواب ، وأكثر شعيب فى الخطاب فأكثروا.
    سورة النّمل
    355 ـ قوله تبارك وتعالى : (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ) (Cool ، وفى القصص (30) ، وفى طه (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ) (11) ، لأنه قال فى هذه السورة : (سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ) (7) فكرر (آتِيكُمْ) ، فاستثقل الجمع بينهما وبين (فَلَمَّا أَتاها) ، فعدل إلى قوله : (فَلَمَّا جاءَها) بعد أن كانا بمعنى واحد.
    وأما فى السورتين فلم يكن إلّا (لَعَلِّي آتِيكُمْ(2)) و (فَلَمَّا أَتاها).
    356 ـ قوله : (وَأَلْقِ عَصاكَ) (10) ، وفى القصص : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) (31) ، لأن فى هذه السورة : (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَأَلْقِ عَصاكَ) «8 ، 9 ، 10» فحيل بينهما بهذه الجملة ، فاستغنى عن إعادة (أَنْ).
    وفى القصص : (أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ. وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) «30 ، 31» ، فلم يكن بينهما جملة أخرى عطف بها على الأول ، فحسن إدخال (أَنْ).
    357 ـ قوله : (لا تَخَفْ) (10) ، وفى القصص : (أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ) (31) ، خصت هذه السورة بقوله : (لا تَخَفْ) ، لأنه
    __________________
    (1) أى : بدل من (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) [153].
    (2) فى أ : (سَآتِيكُمْ) ، وليس فى السورتين إلا ما أثبتناه (طه 10 ، القصص 29).

    بنى على ذكر الخوف كلام يليق به وهو قوله : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) (10).
    وفى القصص اقتصر على قوله : (لا تَخَفْ) ولم يبن عليه كلام ، فزيد قبله (أَقْبِلْ) ليكون فى مقابلة (مُدْبِراً) (31) ، أى : أقبل آمنا غير مدبر ولا تخف. فخصت هذه السورة به.
    358 ـ قوله : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) (12) ، وفى القصص : (اسْلُكْ يَدَكَ) (32). خصت هذه السورة بأدخل ، لأنه أبلغ من قوله : (اسْلُكْ) ، لأن (اسْلُكْ) يأتى لازما ومتعديا ، و (أَدْخِلْ) متعد لا غير ، ولأن فى هذه السورة (فِي تِسْعِ آياتٍ) (12). أى : مع تسع آيات مرسلا إلى فرعون.
    وخصت القصص بقوله : (اسْلُكْ) موافقة لقوله : (اضْمُمْ) (32) ، ثم قال : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ) (32) فكان دون الأول ، فخص بالأدنى (1) (والأقرب) من اللفظين.
    359 ـ قوله : (إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (12) ، وفى القصص : (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) (32) ، لأن الملأ أشراف القوم ، وكانوا فى هذه السورة موصوفين بما وصفهم الله به من قوله : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها) «13 ، 14» ، فلم يسمهم ملأ ، بل سماهم قوما. وفى القصص لم يكونوا موصوفين بتلك الصفات فسماهم ملأ ، وعقبه : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (38) ، وما يتعلق بقصة موسى سوى هذه الكلمات قد سبق.
    360 ـ قوله : (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) (53) ، وفى حم
    __________________
    (1) فى أ : بالإذن. والكلمة بين الحاصرين سقطت من ب.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:38

    (فصلت) : (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (18). نجينا وأنجينا بمعنى واحد ، وخصت هذه السورة بأنجينا لموافقته لما بعده وهو : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ) (57) ، وبعده : (وَأَمْطَرْنا) (58) ، (وَأَنْزَلَ ... فَأَنْبَتْنا) (60) (1) كله على لفظ أفعل.
    وخص حم (فصلت) بنجينا ، لموافقته ما قبله (وَزَيَّنَّا) (12) ، وبعده : (قَيَّضْنا لَهُمْ) (25) ، وكله على لفظ فعلنا.
    361 ـ قوله : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ) (60) قد سبق.
    362 ـ قوله : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) فى خمس آيات وختم الأولى بقوله : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (60). ثم قال : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (61) ، ثم قال : (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (62) ، ثم قال : (تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (63) ، ثم قال : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (64) أى : عدلوا إلى الذنوب (2) وأول الذنوب : العدل عن الحق ، ثم لم يعلموا ، لو علموا ما عدلوا ، ثم لم يذكروا فيعلموا بالنظر والاستدلال ، فأشركوا عن غير حجة (3) وبرهان ، قل لهم يا محمد : (هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (64).
    363 ـ قوله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ) (87) ، وفى الزمر : (فَصَعِقَ) (68). خصت هذه السورة بقوله : (فَفَزِعَ) موافقة لقوله : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (89) ، وخصت الزمر بقوله : (فَصَعِقَ) موافقة لقوله : (وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (30) ، لأن معناه : مات.
    __________________
    (1) فى الأصول : وأنزلنا ، ولم يذكر : فأنبتنا. والمثبت هو ما فى المصحف من هذه السورة بعد تلك الآية. وهى قوله تعالى : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ...) النمل : 60 (المراجع).
    (2) فى جميع الأصول : عدلوا عن الذنوب ، وهو خطأ.
    (3) فى ب : فأشربوا على حجة.

    سورة القصص
    364 ـ قوله تبارك وتعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) (14) أى : كمل أربعين سنة ، وقيل : كمل قوله ، وقيل : خرجت لحيته ، وفى يوسف : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ) (22) ، لأنه أوحى إليه فى صباه.
    365 ـ قوله : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى) (20) ، وفى يس : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) (20) ، اسمه حزبيل (1) من آل فرعون ، وهو النجار ، وقيل : شمعون ، وقيل : حبيب (2) ، وفى يس هو هو (3) ، وقوله : (مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) يحتمل ثلاثة أوجه :
    أحدها : أن يكون من أقصى المدينة صفة لرجل.
    والثانى : أن يكون صلة لجاء.
    والثالث : أن يكون صلة ليسعى. والأظهر فى هذه السورة أن يكون وصفا ، وفى يس : أن يكون صلة.
    وخصت هذه السورة بالتقديم (4) لقوله قبله : (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ) (15) ، ثم قال : (وَجاءَ رَجُلٌ) (20).
    وخصت سورة يس بقوله : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) لما جاء فى التفسير : أنه كان يعبد الله فى جبل ، فلمّا سمع خبر الرسل سعى مستعجلا (5).
    __________________
    (1) فى الدر المنثور (حزقيل) أخرجه ابن أبى حاتم عن الضحاك (5 / 122).
    (2) أخرج السيوطى أن اسمه شمعون عن ابن جرير وابن أبى حاتم (الدر المنثور 5 / 123) ، وأخرج عن عبد الرزاق أنه مؤمن آل فرعون.
    (3) هو هو ، أى : اسم الرجل ، لا نسق الآية.
    (4) يعنى تقديم (رجل).
    (5) أى : إن المراد الإخبار عن سعيه لا عنه ، وهو للاهتمام.

    366 ـ قوله : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (27) ، وفى الصافات : (مِنَ الصَّابِرِينَ) (102) ، لأن ما فى هذه السورة من كلام شعيب ، أى : من الصالحين فى حين المعاشرة ، والوفاء بالعهد ، وفى الصّافات من كلام إسماعيل حين قال له أبوه : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) (102) ، فأجاب : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (102).
    367 ـ قوله : (رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ) (37) ، وبعده : (مَنْ جاءَ) بغير باء ، الأول هو أم الأوجه ، لأن أفعل هذا فيه معنى الفعل ، ومعنى الفعل لا يعمل فى المفعول به ، فزيد بعده باء تقوية للعمل.
    وخص الأول بالأصل ثم حذف من الآخر الباء اكتفاء بدلالة الأول عليه ، ومحله نصب بفعل آخر ، أى : يعلم من جاء بالهدى ، ولم يقتض تغييرا كما قلنا فى الأنعام (1) ، لأن دلالة الأول قام مقام التغيير.
    وخص الثانى به لأنه فرع.
    368 ـ قوله : (لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) (38) ، وفى المؤمن (غافر) : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ. أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) «36 ، 37» ، لأن قوله : (أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) ، وفى هذه السورة خبر لعلى ، وجعل قوله : (أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) فى المؤمن : خبر لعلى ، ثم أبدلت منه (أَسْبابَ السَّماواتِ).
    وإنما زادها ليقع فى مقابلة قوله : (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) «40 : 26» ، لأنه (زعم) (2) أنه إله الأرض فقال : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (38) ، أى : فى الأرض. ألا ترى أنه قال : (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) فجاء على كل سورة ما اقتضاه ما قبله.
    __________________
    (1) الذى فى الأنعام قوله تعالى : (رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) [117].
    (2) سقطت من أ.

    369 ـ قوله : (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) (38) ، وفى المؤمن : (كاذِباً) (37) ، لأن التقدير فى هذه السورة : وإنى لأظنه كاذبا من الكاذبين. فزيد (من) لرءوس الآيات ، ثم أضمر كاذبا لدلالة الكاذبين عليه. وفى المؤمن جاء على الأصل ، ولم يكن فيه موجب تغيير.
    370 ـ قوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ) (60) بالواو ، وفى الشورى : (فَما أُوتِيتُمْ) (36) بالفاء ، لأنه لم يتعلق فى هذه السورة بما قبله كبير تعلق فاقتصر على الواو ، لعطف جملة على جملة (1) ، وتعلق فى الشورى بما قبلها ، أشد تعلق ، لأنه عقب ما لهم من المخافة (2) بما أوتوا من الأمنة ، والفاء حرف للتعقيب.
    371 ـ قوله : (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها) (60) ، وفى الشورى : (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) (36) فحسب ، لأن فى هذه السورة ذكر جميع ما بسط من الرزق ، وأعراض الدنيا كلها مستوعبة بهذين اللفظين. فالمتاع : ما لا غنى عنه فى الحياة من المأكول والمشروب والملبوس ، والمسكن والمنكوح. والزينة : ما يتجمل به الإنسان ، وقد يستغنى عنه ، كالثياب الفاخرة ، والمراكب الرائقة ، والدور المجصصة ، والأطعمة الملبقة (3).
    وأما فى الشورى فلم يقصد الاستيعاب ، بل ما هو مطلوبهم فى تلك الحالة ، ومن النجاة والأمن فى الحياة فلم يحتج إلى ذكر الزينة.
    372 ـ قوله : (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً) (71) ، وبعده : (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً) (72) ، قدم الليل على
    __________________
    (1) أى : إن جملة (وَما أُوتِيتُمْ) [60] معطوفة على جملة (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى) [59].
    (2) المخافة مذكورة فيما قبله فى قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ) [30] ، و (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) [34].
    (3) الأطعمة الملبقة : الشهية.

    النهار ، لأن ذهاب الليل بطلوع الشمس أكثر فائدة من ذهاب النهار (1) بدخول الليل ، ثم ختم الآية الأولى بقوله : (أَفَلا تَسْمَعُونَ) (71) ، بناء على الليل ، وختم الأخرى بقوله : (أَفَلا تُبْصِرُونَ) (72) بناء على النهار ، والنهار مبصر ، وآية النهار مبصرة.
    373 ـ قوله : (وَيْكَأَنَ) (82) و (وَيْكَأَنَّهُ) (82). ليس بتكرار ، لأن كل واحد منهما متصل بغير ما اتصل به الآخر. قال ابن عباس : وى : صلة ، وإليه ذهب سيبويه فقال : وى : كلمة يستعملها النادم بإظهار ندامته ، وهى مفصولة من كأنه (2). وقال الأخفش : أصله : ويك ، وأن الله بعده منصوب بإضمار العلم. أى : أعلم (3) أن الله ، وقال بعضهم : أصله ويلك ، وفيه ضعيف ، وقال الضحاك : الياء والكاف صلة ، وتقديره : وإن الله ، وهذا كلام مزيف (4)
    سورة العنكبوت
    374 ـ قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) (Cool ، وفى لقمان : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ) (14) ، وفى الأحقاف : (بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) (15) (5). الجمهور على أن الآيات الثلاث نزلت فى سعد بن مالك ، وهو سعد بن أبى وقاص ، وأنها فى سورة لقمان اعتراض بين كلام لقمان لابنه ، ولم يذكر فى لقمان (حُسْناً) ، لأن قوله بعده : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) (14) قام
    __________________
    (1) فى الأصول : من ذهاب الليل : والسياق لا يقتضيه.
    (2) وإليه ذهب البصريون ، والكاف متصلة بأن (إملاء ما منّ به الرحمن 2 / 94).
    (3) وبه قال الفراء وهو ضعيف ، لأن معنى الخطاب هنا بعيد ، ولأن تقدير أى بأعلم لا نظير له ، وهو غير سائغ (إملاء ما من به الرحمن 2 / 94).
    (4) لم يذكر المؤلف اتصال كل كلمة بما اتصلت به. والظاهر أن الأولى اتصلت بحكمة الله تعالى فى بسط الرزق وتقديره. والثانية اتصلت بعاقبة قارون وأمثاله من الكافرين حيث لا يفلحون والله أعلم.
    (5) فى الأصول : (حُسْناً) وما أثبتناه هو الصحيح.

    مقامه ، ولم يذكر فى هذه السورة : (حَمَلَتْهُ) ، ولا (وَضَعَتْهُ) موافقة لما قبله من الاختصار ، وهو قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (7) ، فإنه ذكر فيها جميع ما يقع بالمؤمنين بأوجز كلام ، وأحسن نظام ، ثم قال : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) (Cool ، أى : ألزمناه (حُسْناً) فى حقهما ، وقياما بأمرهما ، وإعراضا عنهما ، وخلافا لقولهما ، وخلافا لقولهما إن أمراه بالشرك بالله.
    وذكر فى لقمان والأحقاف حالة حملهما ووضعهما.
    375 ـ قوله : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) (Cool ، وفى لقمان : (عَلى أَنْ تُشْرِكَ) (15) ، لأن ما فى هذه السورة وافق ما قبله لفظا ، وهو قوله : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) (6) ، وفى لقمان محمول على المعنى ، لأن التقدير : وإن حملاك على أن تشرك.
    376 ـ قوله : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) (21) بتقديم العذاب على الرحمة فى هذه السورة فحسب ، لأن إبراهيم خاطب به نمرود وأصحابه ، وأن العذاب وقع بهم فى الدنيا.
    377 ـ قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (22) ، وفى الشورى : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) (31) ، لأنه فى هذه السورة خطاب لنمرود حين صعد الجو موهما أنه يحاول؟ السماء ، فقال إبراهيم له ولقومه (1) : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ). أى : من فى الأرض من الجن والإنس ، ولا من فى السماء من الملائكة ، فكيف تعجزون الله.
    وقيل : ما أنتم بفائتين عليه ولو هربتم فى الأرض أو صعدتم فى
    __________________
    (1) فى الأصول : فقال له ولقوم إبراهيم. وما اخترناه أوضح.

    السماء فقال : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) لو كنتم فيها.
    وما فى الشورى خطاب للمؤمنين ، وقوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (30) يدل عليه ، وقد جاء : (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (51) فى قوله : (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) «39 : 51» من غير ذكر الأرض ولا السماء.
    378 ـ قوله : (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (24) ، وقال بعده : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (44). فجمع الأولى ووحد الثانية ، لأن الأولى إشارة إلى إثبات النبوة ، وفى النبيين ـ صلوات الله عليهم ـ كثرة ، والثانى إشارة إلى التوحيد ، وهو سبحانه واحد لا شريك له.
    379 ـ قوله : (أَإِنَّكُمْ) (29). جمع بين استفهامين ، قد سبق فى الأعراف.
    380 ـ قوله : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) (33) ، وفى هود : (وَلَمَّا جاءَتْ) (77) بغير (أَنْ) ، لأن (لما) يقتضى جوابا ، وإذا اتصل به (أن) دل على أن الجواب وقع فى الحال من غير تراخ كما فى هذه السورة ، وهو قوله : (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) (33) ، ومثله فى يوسف : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) (96).
    وفى هود اتصل به كلام بعد كلام إلى قوله : (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) (81). فلما طال لم يحسن دخول (أن) (1).
    __________________
    (1) وطول الكلام هذا قرينة على أن الجواب لم يقع فى الحال ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) «81». أما فى هذه السورة فإن فيها : (إِنَّا =

    381 ـ قوله : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ) (36). هو عطف على قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ) (14).
    382 ـ قوله : (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) (52) أخّره فى هذه السورة لما وصف ، وقد سبق.
    383 ـ قوله : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) (62) ، وفى القصص : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) (82) ، وفى الرعد (26) ، وفى الشورى : (لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (12) ، لأن ما فى هذه السورة اتصل بقوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) الآية (60) ، وفيها عموم ، فسار تقدير الآية : يبسط الرزق لمن يشاء من عباده أحيانا ، ويقدر له أحيانا ، لأن الضمير (1) يعود إلى (من) ، وقيل : يقدر له : البسط من التقدير.
    وفى القصص تقديره : يبسط الرزق لمن يشاء ، ويقدر لمن يشاء ، وكل واحد منهما غير الآخر ، بخلاف الأولى.
    وفى السورتين يحتمل الوجهين فأطلق.
    384 ـ قوله : (مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) (63) ، وفى البقرة والجاثية والروم : (بَعْدَ مَوْتِها) ، لأن فى هذه السورة وافق ما قبله وهو : (مِنْ قَبْلِهِ) فإنهما يتوافقان. وفيه شىء آخر ، وهو : أن ما فى هذه السورة سؤال وتقرير (2) ، والتقرير يحتاج إلى التحقيق فوق غيره ، فقيد الظرف بمن ، فجمع بين طرفيه كما سبق.
    385 ـ قوله : (نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (58) بغير واو ، لاتصاله بالأول أشد اتصال ، وتقديره : ذلك نعم أجر العاملين.
    __________________
    مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً) «34» وليس فيها ما يدل على إمهال ، وهذا برهان للقرآن من حيث الدقة فى استعمال الكلمات.
    (1) المراد : الضمير فى (لَهُ).
    (2) والسؤال فى نفس الآية ، وهو قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ).

    سورة الرّوم
    386 ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) (9) هنا ، وفى فاطر (44) ، وأول المؤمن (21) بالواو ، وفى غيرهن بالفاء ، لأن ما قبلها فى هذه السورة : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) (Cool ، وكذلك بعدها : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) (9) بالواو ، فوافق ما قبلها وما بعدها. وفى فاطر أيضا وافق ما قبله ما بعده ، فإن قبله : (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (43) ، وبعدها : (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) (44) ، وكذلك أول المؤمن قبله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) (20).
    وأما فى آخر المؤمن فوافق ما قبله وما بعده وكانا بالفاء ، وهو قوله : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) (81) ، وبعده : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) (82).
    387 ـ قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) (9) و (مِنْ قَبْلِهِمْ) متصل بكون آخر مضمر (1) ، وقوله : (كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً). إخبار عما كانوا عليه قبل الإهلاك.
    وخصت هذه السورة بهذا النسق لما يتصل من الآيات بعده ، وكله إخبار عما كانوا عليه وهو : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها) (9) ، وفى فاطر : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا) (44) بزيادة الواو ، لأن التقدير : فينظروا كيف أهلكوا وكانوا أشد منهم قوة.
    وخصت هذه السورة به لقوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) الآية (44).
    وفى المؤمن : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) (21). فأظهر (كانَ) العامل فى (مِنْ قَبْلِهِمْ) ، وزاد (هُمْ) ، لأن فى هذه السورة وقعت فى أوائل قصة نوح ، وهى
    __________________
    (1) يعنى والتقدير : كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم.

    تتم فى ثلاثين آية ، فكان اللائق البسط ، وفى آخر المؤمن : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً) (82) (1) فلم يبسط القول ، لأن أول السورة يدل عليه.
    388 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) (21) ، وختم الآية بقوله : (يَتَفَكَّرُونَ) (21) ، لأن الفكر يؤدى إلى الوقوف على المعانى التى خلقن لها ، من التآنس والتجانس ، وسكون كل واحد منهما إلى الآخر.
    389 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (22) ، وختم بقوله : (لِلْعالِمِينَ) (22) ، لأن الكل تظلهم السماء ، وتقلهم الأرض ، وكل واحد منفرد بلطيفة فى صوته يمتاز بها عن غيرها ، حتى لا ترى اثنين فى ألف يتشابه صوتاهما (2) ويلتبس كلاهما ، وكذلك ينفرد كل واحد بدقيقة فى صورته يتميز بها من بين الأنام ، فلا ترى اثنين يشتبهان ، وهذا يشترك فى معرفته الناس جميعا ، فلهذا قال : (لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ).
    ومن حمل اختلاف الألسن على اللغات ، واختلاف الألوان على السواد والبياض والشقرة والسمرة ، فالاشتراك فى معرفتها أيضا ظاهر.
    ومن قرأ (لِلْعالِمِينَ) بكسر اللام (3) فقد أحسن ، لأن بالعلم يمكن الوصول إلى معرفة ما سبق ذكره.
    390 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ) (23) ، وختم بقوله : (يَسْمَعُونَ) (23) ، فإن من سمع أن النوم من صنع الله الحكيم ولا يقدر أحد على اجتلابه إذا امتنع ، ولا على دفعه إذا ورد ،
    __________________
    (1) سقطت كلمة (أَشَدَّ) من الأصول.
    (2) فى أ : صوتاهما.
    (3) هى قراءة حفص بكسر اللام ، والباقون بفتحها (الدانى : التيسير ص 175).

    تيقن أن له صانعا مدبرا (1).
    قال الخطيب : معنى (يَسْمَعُونَ) هاهنا : يستجيبون إلى ما يدعوهم إليه الكتاب.
    وختم الآية الرابعة (2) بقوله : (يَعْقِلُونَ) (24) ، لأن العقل ملاك أمر فى هذه الأبواب ، وهو المؤدى إلى العلم ، فختم بذكره.
    391 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ) (24) أى : أنه يريكم ، وقيل : تقديره ويريكم من آياته البرق ، وقيل : أن يريكم. فلما حذف (أن) سكن الياء ، وقيل : من آياته كلام كاف. كما تقول : منها كذا ، ومنها كذا ، ومنها وتسكت تريد الكثرة.
    392 ـ قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) (37) ، وفى الزمر : (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا) (52) ، لأن بسط الرزق مما يشاهد ويروى ، فجاء فى هذه السورة على ما يقتضيه اللفظ والمعنى ، وفى الزمر اتصل بقوله : (أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) (49) ، وبعده : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (49) ، فحسن : (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا).
    393 ـ قوله : (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) (46) ، وفى الجاثية : (فِيهِ بِأَمْرِهِ) (12) ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الرياح وهو قوله : (أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) (46) بالمطر وإذاقة الرحمة ، (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) بالرياح بأمر الله تعالى ، ولم يتقدم ذكر البحر.
    وفى الجاثية تقدم ذكر البحر وهو قوله : (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ) (12) ، فكنى عنه فقال : (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ).
    __________________
    (1) انظر : (العبر والاعتبار ورقة 48 ، ففيه بحث ممتع عن النوم خط رقم 32918 جامعة القاهرة).
    (2) المراد بالآية الرابعة : آيات الله ودلائل عظمته.

    سورة لقمان
    394 ـ قوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) (1) (7) ، وفى الجاثية : (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ) (Cool زاد فى هذه السورة : (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) ، جل المفسرين على أن الآيتين نزلتا فى النضر بن الحارث (2). وذلك أنه ذهب إلى فارس فاشترى كتاب كليلة ودمنة ، وأخبار رستم واسفنديار ، وأحاديث الأكاسرة ، فجعل يرويها ويحدث بها قريشا ويقول : إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار ، ويستملحون حديثه ، ويتركون استماع القرآن ، فأنزل الله هذه الآيات. وبالغ فى ذمه لتركه استماع القرآن فقال : (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) أى : صمما لا يقرع مسامعه صوت.
    ولم يبالغ فى الجاثية هذه المبالغة لما ذكر بعده : (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً) (9) ، لأن العلم لا يحصل إلّا بالسماع ، أو ما يقوم مقامه من خط أو غيره.
    395 ـ قوله : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (29) (3) ، وفى الزمر : (لِأَجَلٍ) (5) ، قد سبق شطر من هذا ، ونزيده بيانا : أن (إِلى) متصل لآخر الكلام ، ودال على الانتهاء ، واللام متصل بأول الكلام ، ودال على الصلة والسلام.
    سورة السّجدة
    396 ـ قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) (5) ، وفى المعارج : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (4) ، موضع بيانه التفسير ، والغريب فيه ما روى عن عكرمة فى جماعة : أن اليوم فى المعارج عبارة عن أول
    __________________
    (1) الوقر : الصمم.
    (2) انظر : (البحر المحيط 7 / 183) ، وذكر : أن عبد الله بن خطل اشترى جارية تغنى بالنسيب. وبهذا فسر لهو الحديث : بالمعازف والغناء. المصدر السابق.
    (3) سبق فى سورة الرعد.

    أيام الدنيا إلى انقضائها ، وأنها خمسون ألف سنة ، لا يدرى أحدكم مضى وكم بقى إلّا الله عزوجل (1).
    ومن الغريب أن عبارة عن الشدة واستطالة أهلها إياها ، كالعادة فى استطالة أيام الشدة والحزن ، واستقصار أيام الراحة والسرور حتى قال القائل : سنة الوصل سنة (بكسر السين) ، وسنة الهجر سنة (بفتح السين).
    وخصت هذه السورة بقوله : (أَلْفَ سَنَةٍ) لما قبله ، وهو قوله Sadفِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (4) وتلك الأيام من جنس ذلك اليوم.
    وخصت المعارج بقوله : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، لأن فيها ذكر القيامة وأهوالها ، فكان اللائق بها.
    397 ـ قوله : (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) (22) ، (ثُمَ) هاهنا تدل على الإعراض عقب التذكير (2).
    398 ـ قوله : (عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (20) ، وفى سبأ : (الَّتِي كُنْتُمْ) (42) ، لأن النار فى هذه السورة وقعت موقع الكناية ، لتقدم ذكرها ، والكنايات لا توصف ، فوصف العذاب.
    وفى سبأ يتقدم ذكر النار (قبل) (3) فحسن وصف النار.
    399 ـ قوله : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) (26) بالواو (مِنْ قَبْلِهِمْ) بزيادة (مِنْ) سبق فى طه.
    400 ـ قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) (26) ، ليس غيره ، لأنه لما ذكر القرون والمساكن بالجمع ، حسن جمع الآيات ، ولما تقدم ذكر الكتاب وهو مسموع حسن ذكر لفظ السماع ، فختم الآية به.
    __________________
    (1) للأستاذ الدكتور منصور حسب النبى ، أستاذ الطبيعة بجامعة عين شمس رأى فى هاتين الآيتين وأنهما يدلّان على سرعات ، فآية السجدة تدل على أقوى سرعة فى الكون وهى سرعة الضوء ، وآية المعارج تدل على سرعات الملائكة التى تفوق سرعة الضوء ، وقد نوقشت هذه القضية على صفحات مجلة الأزهر فى أعداد تبدأ من شهر رجب 1414 ه‍ وما بعدها فانظرها (المراجع).
    (2) وذلك فى الآية : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها).
    (3) سقطت من أ.

    سورة الأحزاب
    ذهب بعض القراء إلى أنه ليس فى هذه السورة ما يذكر فى المتشابه ، وبعضهم أورد فيها كلمات ، وليس فى ذلك كثير تشابه ، بل قد يلتبس على الحافظ القليل البضاعة ، وعلى الصبى القليل التجارب ، فأوردتها إذ لم تخل من فائدة ، وذكرت مع بعضها علامة يستعين بها المبتدئ فى تلاوته.
    401 ـ منها قوله : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) (Cool ، وبعده : (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) (24). ليس فيها تشابه ، لأن الأول من لفظ السؤال ، وصلته (عَنْ صِدْقِهِمْ) ، وبعده Sadوَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ) (Cool. والثانى من لفظ الجزاء ، وفاعله (اللهُ) وصلته (بِصِدْقِهِمْ) بالباء ، وبعده (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) (24).
    402 ـ ومنها قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) (9) ، وبعده : (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (41) ، فيقال للمبتدئ : إن الذى يأتى بعد العذاب الأليم نعمة من الله على المؤمنين (1) ، وما يأتى قبل قوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) (43) ، (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (41) شكرا على أن أنزلكم منزلة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صلاته وصلاة ملائكته عليه ، حيث يقول : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (56).
    403 ـ ومنها قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَ) (28) و (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ) (59) ، ليس من المتشابه ، لأن الأول فى التخيير (2) ، والثانى فى الحجاب.
    __________________
    (1) لأن قبل هذه الآية : (وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) [8].
    (2) المراد بالتخيير : تخيير النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أزواجه بين الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين الدنيا.

    404 ـ ومنها قوله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) «38 ، 62» فى موضعين ، وفى الفتح : (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ) (23). التقدير فى الآيات : سنة الله التى قد خلت فى الذين خلوا ، فذكر فى كل سورة الطرف الذى هو أعم ، واكتفى به عن الطرف الآخر ، والمراد بما فى أول هذه السورة : النكاح. نزلت حين عيروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنكاحه زينب ، فأنزل الله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) ، أى النكاح سنة فى النبيين على العموم. وكانت لداود تسع وتسعون ، فضم إليهم (1) المرأة التى خطبها أوريا ، وولدت سليمان ، والمراد بما فى آخر هذه السورة القتل. نزلت فى المنافقين والشاكين الذين فى قلوبهم مرض ، والمرجفين (2) فى المدينة على العموم.
    وما فى سورة الفتح يريد به نصرة الله لأنبيائه ، والعموم فى النصرة أبلغ منه فى النكاح والقتل.
    ومثله فى حم (غافر) : (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) (85) فإن المراد بها : عدم الانتفاع بالإيمان عند البأس ، فلهذا قال Sadقَدْ خَلَتْ).
    405 ـ ومنها قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (34) و (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (52) و (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) (25) و (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) (51) وهذا من باب الإعراب ، وإنما نصب لدخول كان على الجملة ، فتفردت السورة به ، وحسن دخول كان عليها ، مراعاة لفواصل الآى والله أعلم.
    سورة سبأ
    406 ـ قوله تعالى : (مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) (3) مرتين بتقديم السموات. خلاف يونس فإن فيها : (مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي
    __________________
    (1) فى أ : فضم إليها.
    (2) فى الأصول : والمرجفون.

    الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (61) ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر السموات فى أول السورة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (1) وقد سبق فى يونس.
    407 ـ قوله : (أَفَلَمْ يَرَوْا) (9) بالفاء ، ليس غيره ، زيد الحرف ، لأن الاعتبار فيها بالمشاهدة على ما ذكرناه ، وخصت بالفاء لشدة اتصالها بالأول ، لأن الضمير يعود إلى الذين قسموا الكلام فى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالوا : محمد إما غافل كاذب ، وإما مجنون هاذ ، وهو قولهم : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) (Cool ، فقال الله تعالى : بل تركتم القسمة الثالثة وهى : وإما صحيح العقل صادق.
    408 ـ قوله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) (22) ، وفى سبحان : (مِنْ دُونِهِ) (56) ، لأنه فى هذه السورة اتصلت الآية بآية ليس فيها لفظ الله ، فكان الصريح أحسن ، وفى سبحان (1) اتصل بآيتين فيهما بضعة عشر مرة ذكر الله صريحا وكناية ، فكانت الكناية أولى ، وقد سبق.
    409 ـ قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (9) ، وبعده : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (19) ، بالجمع ، لأن المراد بالأول : لآية على إحياء الموتى ، فخصت بالتوحيد ، وفى قصة سبأ جمع ، لأنهم صاروا اعتبارا يضرب بهم المثل ، تفرقوا أيادى سبأ ، وفرقوا كل مفرق ، ومزقوا كل ممزق ، فرفع بعضهم إلى الشام ، وبعضهم (ذهب) (2) إلى يثرب ، وبعضهم إلى عمان ، فختم بالجمع.
    وخصت به لكثرتهم ، وكثرة من يعتبر بهم ، فقال : (لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ) على الجنة (شَكُورٍ) على النعمة ، أى المؤمنين.
    410 ـ قوله : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (36) ،
    __________________
    (1) فى أ : فيها.
    (2) سقطت من أ.

    وبعده : (لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) (39) قد سبق.
    وخص هذه السورة بذكر الرب ، لأنه تكرر فيها مرات كثيرة ، منها : (بَلى وَرَبِّي) (3) و (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (15) و (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ) (19) و (يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) (26) ، (مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (31) ولم يذكر مع الأول (مِنْ عِبادِهِ) ، لأن المراد بهم الكفار ، وذكره مع الثانى لأنهم المؤمنون ، وزاد (لَهُ) وقد سبق بيانه.
    411 ـ قوله : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ) (34) ولم يقل : (مِنْ قَبْلِكَ) ، ولا (قَبْلِكَ). خصت السورة به ، لأنه فى هذه السورة إخبار مجرد ، وفى غيرها إخبار النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتسلية له ، فقال : (قَبْلِكَ) و (مِنْ قَبْلِكَ).
    412 ـ قوله : (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (25) ، وفى غيرها Sadعَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (1) لأن قوله : (أَجْرَمْنا) (25) بلفظ الماضى ، أى قبل هذا. ولم يقل : نجرم ، فيقع فى مقابلة تعملون ، لأن من شرط الإيمان ووصف المؤمن : أن يعزم ألّا يجرم ، وقوله : (تَعْمَلُونَ) خطاب للكفار ، وكانوا مصرين على الكفر فى الماضى من الزمان والمستقبل ، فاستغنت به الآية عن قوله : (كُنْتُمْ).
    413 ـ قوله : (عَذابَ النَّارِ) (42) قد سبق.
    سورة فاطر
    414 ـ قوله جل وعلا : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) (9) بلفظ الماضى ، موافقة لأول السورة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) (1) لأنهما للماضى لا غير ، وقد سبق.
    415 ـ قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) (12) (2) بتقديم
    __________________
    (1) يعنى : (فاطر ـ جاعل).
    (2) مواخر : تشق عباب الموج.

    (فِيهِ) موافقة لتقدم : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ) (12) وقد سبق.
    416 ـ قوله : (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ) (25) بزيادة الباءات ، قد سبق.
    417 ـ قوله : (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) (27) ، وبعده : (أَلْوانُها) (27) ثم : (أَلْوانُهُ) (28) ، لأن الأول يعود إلى (ثَمَراتٍ) (27) ، والثانى يعود إلى (الْجِبالِ) (27) ، وقيل : يعود إلى الحمر ، والثالث يعود إلى بعض الدال عليه (1) (مِنَ) ، لأنه ذكر (مِنَ) ولم يفسره كما فسره فى قوله : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ) (27) ، فاختص الثالث بالتذكير.
    418 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) (31) بالصريح ، وبزيادة اللام ، وفى الشورى : (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (27) ، لأنه المتقدمة فى هذه السورة لم يكن فيها ذكر الله (2) فصرح باسمه سبحانه ، وفى الشورى متصل بقوله : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ) (27) فخص بالكناية.
    ودخل اللام فى الخبر موافقة لقوله : (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) (34) (3).
    419 ـ قوله : (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) (39) على الأصل قد سبق ، و (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) (44) سبق ، و (عَلى ظَهْرِها) سبق بيانه.
    420 ـ قوله : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (43) كرر. وقال فى الفتح : (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (23) وقال فى سبحان : (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) (77) ، التبديل :
    __________________
    (1) وهو قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ).
    (2) وهى قوله تعالى : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [30].
    (3) ولم تدخل اللام فى الخبر فى الشورى موافقة لقوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ).

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:39

    (فصلت) : (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (18). نجينا وأنجينا بمعنى واحد ، وخصت هذه السورة بأنجينا لموافقته لما بعده وهو : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ) (57) ، وبعده : (وَأَمْطَرْنا) (58) ، (وَأَنْزَلَ ... فَأَنْبَتْنا) (60) (1) كله على لفظ أفعل.
    وخص حم (فصلت) بنجينا ، لموافقته ما قبله (وَزَيَّنَّا) (12) ، وبعده : (قَيَّضْنا لَهُمْ) (25) ، وكله على لفظ فعلنا.
    361 ـ قوله : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ) (60) قد سبق.
    362 ـ قوله : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) فى خمس آيات وختم الأولى بقوله : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (60). ثم قال : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (61) ، ثم قال : (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (62) ، ثم قال : (تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (63) ، ثم قال : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (64) أى : عدلوا إلى الذنوب (2) وأول الذنوب : العدل عن الحق ، ثم لم يعلموا ، لو علموا ما عدلوا ، ثم لم يذكروا فيعلموا بالنظر والاستدلال ، فأشركوا عن غير حجة (3) وبرهان ، قل لهم يا محمد : (هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (64).
    363 ـ قوله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ) (87) ، وفى الزمر : (فَصَعِقَ) (68). خصت هذه السورة بقوله : (فَفَزِعَ) موافقة لقوله : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (89) ، وخصت الزمر بقوله : (فَصَعِقَ) موافقة لقوله : (وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (30) ، لأن معناه : مات.
    __________________
    (1) فى الأصول : وأنزلنا ، ولم يذكر : فأنبتنا. والمثبت هو ما فى المصحف من هذه السورة بعد تلك الآية. وهى قوله تعالى : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ...) النمل : 60 (المراجع).
    (2) فى جميع الأصول : عدلوا عن الذنوب ، وهو خطأ.
    (3) فى ب : فأشربوا على حجة.

    سورة القصص
    364 ـ قوله تبارك وتعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) (14) أى : كمل أربعين سنة ، وقيل : كمل قوله ، وقيل : خرجت لحيته ، وفى يوسف : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ) (22) ، لأنه أوحى إليه فى صباه.
    365 ـ قوله : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى) (20) ، وفى يس : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) (20) ، اسمه حزبيل (1) من آل فرعون ، وهو النجار ، وقيل : شمعون ، وقيل : حبيب (2) ، وفى يس هو هو (3) ، وقوله : (مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) يحتمل ثلاثة أوجه :
    أحدها : أن يكون من أقصى المدينة صفة لرجل.
    والثانى : أن يكون صلة لجاء.
    والثالث : أن يكون صلة ليسعى. والأظهر فى هذه السورة أن يكون وصفا ، وفى يس : أن يكون صلة.
    وخصت هذه السورة بالتقديم (4) لقوله قبله : (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ) (15) ، ثم قال : (وَجاءَ رَجُلٌ) (20).
    وخصت سورة يس بقوله : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) لما جاء فى التفسير : أنه كان يعبد الله فى جبل ، فلمّا سمع خبر الرسل سعى مستعجلا (5).
    __________________
    (1) فى الدر المنثور (حزقيل) أخرجه ابن أبى حاتم عن الضحاك (5 / 122).
    (2) أخرج السيوطى أن اسمه شمعون عن ابن جرير وابن أبى حاتم (الدر المنثور 5 / 123) ، وأخرج عن عبد الرزاق أنه مؤمن آل فرعون.
    (3) هو هو ، أى : اسم الرجل ، لا نسق الآية.
    (4) يعنى تقديم (رجل).
    (5) أى : إن المراد الإخبار عن سعيه لا عنه ، وهو للاهتمام.

    366 ـ قوله : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (27) ، وفى الصافات : (مِنَ الصَّابِرِينَ) (102) ، لأن ما فى هذه السورة من كلام شعيب ، أى : من الصالحين فى حين المعاشرة ، والوفاء بالعهد ، وفى الصّافات من كلام إسماعيل حين قال له أبوه : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) (102) ، فأجاب : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (102).
    367 ـ قوله : (رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ) (37) ، وبعده : (مَنْ جاءَ) بغير باء ، الأول هو أم الأوجه ، لأن أفعل هذا فيه معنى الفعل ، ومعنى الفعل لا يعمل فى المفعول به ، فزيد بعده باء تقوية للعمل.
    وخص الأول بالأصل ثم حذف من الآخر الباء اكتفاء بدلالة الأول عليه ، ومحله نصب بفعل آخر ، أى : يعلم من جاء بالهدى ، ولم يقتض تغييرا كما قلنا فى الأنعام (1) ، لأن دلالة الأول قام مقام التغيير.
    وخص الثانى به لأنه فرع.
    368 ـ قوله : (لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) (38) ، وفى المؤمن (غافر) : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ. أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) «36 ، 37» ، لأن قوله : (أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) ، وفى هذه السورة خبر لعلى ، وجعل قوله : (أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) فى المؤمن : خبر لعلى ، ثم أبدلت منه (أَسْبابَ السَّماواتِ).
    وإنما زادها ليقع فى مقابلة قوله : (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) «40 : 26» ، لأنه (زعم) (2) أنه إله الأرض فقال : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (38) ، أى : فى الأرض. ألا ترى أنه قال : (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) فجاء على كل سورة ما اقتضاه ما قبله.
    __________________
    (1) الذى فى الأنعام قوله تعالى : (رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) [117].
    (2) سقطت من أ.

    369 ـ قوله : (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) (38) ، وفى المؤمن : (كاذِباً) (37) ، لأن التقدير فى هذه السورة : وإنى لأظنه كاذبا من الكاذبين. فزيد (من) لرءوس الآيات ، ثم أضمر كاذبا لدلالة الكاذبين عليه. وفى المؤمن جاء على الأصل ، ولم يكن فيه موجب تغيير.
    370 ـ قوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ) (60) بالواو ، وفى الشورى : (فَما أُوتِيتُمْ) (36) بالفاء ، لأنه لم يتعلق فى هذه السورة بما قبله كبير تعلق فاقتصر على الواو ، لعطف جملة على جملة (1) ، وتعلق فى الشورى بما قبلها ، أشد تعلق ، لأنه عقب ما لهم من المخافة (2) بما أوتوا من الأمنة ، والفاء حرف للتعقيب.
    371 ـ قوله : (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها) (60) ، وفى الشورى : (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) (36) فحسب ، لأن فى هذه السورة ذكر جميع ما بسط من الرزق ، وأعراض الدنيا كلها مستوعبة بهذين اللفظين. فالمتاع : ما لا غنى عنه فى الحياة من المأكول والمشروب والملبوس ، والمسكن والمنكوح. والزينة : ما يتجمل به الإنسان ، وقد يستغنى عنه ، كالثياب الفاخرة ، والمراكب الرائقة ، والدور المجصصة ، والأطعمة الملبقة (3).
    وأما فى الشورى فلم يقصد الاستيعاب ، بل ما هو مطلوبهم فى تلك الحالة ، ومن النجاة والأمن فى الحياة فلم يحتج إلى ذكر الزينة.
    372 ـ قوله : (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً) (71) ، وبعده : (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً) (72) ، قدم الليل على
    __________________
    (1) أى : إن جملة (وَما أُوتِيتُمْ) [60] معطوفة على جملة (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى) [59].
    (2) المخافة مذكورة فيما قبله فى قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ) [30] ، و (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) [34].
    (3) الأطعمة الملبقة : الشهية.

    النهار ، لأن ذهاب الليل بطلوع الشمس أكثر فائدة من ذهاب النهار (1) بدخول الليل ، ثم ختم الآية الأولى بقوله : (أَفَلا تَسْمَعُونَ) (71) ، بناء على الليل ، وختم الأخرى بقوله : (أَفَلا تُبْصِرُونَ) (72) بناء على النهار ، والنهار مبصر ، وآية النهار مبصرة.
    373 ـ قوله : (وَيْكَأَنَ) (82) و (وَيْكَأَنَّهُ) (82). ليس بتكرار ، لأن كل واحد منهما متصل بغير ما اتصل به الآخر. قال ابن عباس : وى : صلة ، وإليه ذهب سيبويه فقال : وى : كلمة يستعملها النادم بإظهار ندامته ، وهى مفصولة من كأنه (2). وقال الأخفش : أصله : ويك ، وأن الله بعده منصوب بإضمار العلم. أى : أعلم (3) أن الله ، وقال بعضهم : أصله ويلك ، وفيه ضعيف ، وقال الضحاك : الياء والكاف صلة ، وتقديره : وإن الله ، وهذا كلام مزيف (4)
    سورة العنكبوت
    374 ـ قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) (Cool ، وفى لقمان : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ) (14) ، وفى الأحقاف : (بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) (15) (5). الجمهور على أن الآيات الثلاث نزلت فى سعد بن مالك ، وهو سعد بن أبى وقاص ، وأنها فى سورة لقمان اعتراض بين كلام لقمان لابنه ، ولم يذكر فى لقمان (حُسْناً) ، لأن قوله بعده : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) (14) قام
    __________________
    (1) فى الأصول : من ذهاب الليل : والسياق لا يقتضيه.
    (2) وإليه ذهب البصريون ، والكاف متصلة بأن (إملاء ما منّ به الرحمن 2 / 94).
    (3) وبه قال الفراء وهو ضعيف ، لأن معنى الخطاب هنا بعيد ، ولأن تقدير أى بأعلم لا نظير له ، وهو غير سائغ (إملاء ما من به الرحمن 2 / 94).
    (4) لم يذكر المؤلف اتصال كل كلمة بما اتصلت به. والظاهر أن الأولى اتصلت بحكمة الله تعالى فى بسط الرزق وتقديره. والثانية اتصلت بعاقبة قارون وأمثاله من الكافرين حيث لا يفلحون والله أعلم.
    (5) فى الأصول : (حُسْناً) وما أثبتناه هو الصحيح.

    مقامه ، ولم يذكر فى هذه السورة : (حَمَلَتْهُ) ، ولا (وَضَعَتْهُ) موافقة لما قبله من الاختصار ، وهو قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (7) ، فإنه ذكر فيها جميع ما يقع بالمؤمنين بأوجز كلام ، وأحسن نظام ، ثم قال : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) (Cool ، أى : ألزمناه (حُسْناً) فى حقهما ، وقياما بأمرهما ، وإعراضا عنهما ، وخلافا لقولهما ، وخلافا لقولهما إن أمراه بالشرك بالله.
    وذكر فى لقمان والأحقاف حالة حملهما ووضعهما.
    375 ـ قوله : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) (Cool ، وفى لقمان : (عَلى أَنْ تُشْرِكَ) (15) ، لأن ما فى هذه السورة وافق ما قبله لفظا ، وهو قوله : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) (6) ، وفى لقمان محمول على المعنى ، لأن التقدير : وإن حملاك على أن تشرك.
    376 ـ قوله : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) (21) بتقديم العذاب على الرحمة فى هذه السورة فحسب ، لأن إبراهيم خاطب به نمرود وأصحابه ، وأن العذاب وقع بهم فى الدنيا.
    377 ـ قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (22) ، وفى الشورى : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) (31) ، لأنه فى هذه السورة خطاب لنمرود حين صعد الجو موهما أنه يحاول؟ السماء ، فقال إبراهيم له ولقومه (1) : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ). أى : من فى الأرض من الجن والإنس ، ولا من فى السماء من الملائكة ، فكيف تعجزون الله.
    وقيل : ما أنتم بفائتين عليه ولو هربتم فى الأرض أو صعدتم فى
    __________________
    (1) فى الأصول : فقال له ولقوم إبراهيم. وما اخترناه أوضح.

    السماء فقال : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) لو كنتم فيها.
    وما فى الشورى خطاب للمؤمنين ، وقوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (30) يدل عليه ، وقد جاء : (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (51) فى قوله : (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) «39 : 51» من غير ذكر الأرض ولا السماء.
    378 ـ قوله : (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (24) ، وقال بعده : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (44). فجمع الأولى ووحد الثانية ، لأن الأولى إشارة إلى إثبات النبوة ، وفى النبيين ـ صلوات الله عليهم ـ كثرة ، والثانى إشارة إلى التوحيد ، وهو سبحانه واحد لا شريك له.
    379 ـ قوله : (أَإِنَّكُمْ) (29). جمع بين استفهامين ، قد سبق فى الأعراف.
    380 ـ قوله : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) (33) ، وفى هود : (وَلَمَّا جاءَتْ) (77) بغير (أَنْ) ، لأن (لما) يقتضى جوابا ، وإذا اتصل به (أن) دل على أن الجواب وقع فى الحال من غير تراخ كما فى هذه السورة ، وهو قوله : (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) (33) ، ومثله فى يوسف : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) (96).
    وفى هود اتصل به كلام بعد كلام إلى قوله : (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) (81). فلما طال لم يحسن دخول (أن) (1).
    __________________
    (1) وطول الكلام هذا قرينة على أن الجواب لم يقع فى الحال ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) «81». أما فى هذه السورة فإن فيها : (إِنَّا =

    381 ـ قوله : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ) (36). هو عطف على قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ) (14).
    382 ـ قوله : (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) (52) أخّره فى هذه السورة لما وصف ، وقد سبق.
    383 ـ قوله : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) (62) ، وفى القصص : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) (82) ، وفى الرعد (26) ، وفى الشورى : (لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (12) ، لأن ما فى هذه السورة اتصل بقوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) الآية (60) ، وفيها عموم ، فسار تقدير الآية : يبسط الرزق لمن يشاء من عباده أحيانا ، ويقدر له أحيانا ، لأن الضمير (1) يعود إلى (من) ، وقيل : يقدر له : البسط من التقدير.
    وفى القصص تقديره : يبسط الرزق لمن يشاء ، ويقدر لمن يشاء ، وكل واحد منهما غير الآخر ، بخلاف الأولى.
    وفى السورتين يحتمل الوجهين فأطلق.
    384 ـ قوله : (مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) (63) ، وفى البقرة والجاثية والروم : (بَعْدَ مَوْتِها) ، لأن فى هذه السورة وافق ما قبله وهو : (مِنْ قَبْلِهِ) فإنهما يتوافقان. وفيه شىء آخر ، وهو : أن ما فى هذه السورة سؤال وتقرير (2) ، والتقرير يحتاج إلى التحقيق فوق غيره ، فقيد الظرف بمن ، فجمع بين طرفيه كما سبق.
    385 ـ قوله : (نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (58) بغير واو ، لاتصاله بالأول أشد اتصال ، وتقديره : ذلك نعم أجر العاملين.
    __________________
    مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً) «34» وليس فيها ما يدل على إمهال ، وهذا برهان للقرآن من حيث الدقة فى استعمال الكلمات.
    (1) المراد : الضمير فى (لَهُ).
    (2) والسؤال فى نفس الآية ، وهو قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ).

    سورة الرّوم
    386 ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) (9) هنا ، وفى فاطر (44) ، وأول المؤمن (21) بالواو ، وفى غيرهن بالفاء ، لأن ما قبلها فى هذه السورة : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) (Cool ، وكذلك بعدها : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) (9) بالواو ، فوافق ما قبلها وما بعدها. وفى فاطر أيضا وافق ما قبله ما بعده ، فإن قبله : (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (43) ، وبعدها : (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) (44) ، وكذلك أول المؤمن قبله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) (20).
    وأما فى آخر المؤمن فوافق ما قبله وما بعده وكانا بالفاء ، وهو قوله : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) (81) ، وبعده : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) (82).
    387 ـ قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) (9) و (مِنْ قَبْلِهِمْ) متصل بكون آخر مضمر (1) ، وقوله : (كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً). إخبار عما كانوا عليه قبل الإهلاك.
    وخصت هذه السورة بهذا النسق لما يتصل من الآيات بعده ، وكله إخبار عما كانوا عليه وهو : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها) (9) ، وفى فاطر : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا) (44) بزيادة الواو ، لأن التقدير : فينظروا كيف أهلكوا وكانوا أشد منهم قوة.
    وخصت هذه السورة به لقوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) الآية (44).
    وفى المؤمن : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) (21). فأظهر (كانَ) العامل فى (مِنْ قَبْلِهِمْ) ، وزاد (هُمْ) ، لأن فى هذه السورة وقعت فى أوائل قصة نوح ، وهى
    __________________
    (1) يعنى والتقدير : كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم.

    تتم فى ثلاثين آية ، فكان اللائق البسط ، وفى آخر المؤمن : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً) (82) (1) فلم يبسط القول ، لأن أول السورة يدل عليه.
    388 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) (21) ، وختم الآية بقوله : (يَتَفَكَّرُونَ) (21) ، لأن الفكر يؤدى إلى الوقوف على المعانى التى خلقن لها ، من التآنس والتجانس ، وسكون كل واحد منهما إلى الآخر.
    389 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (22) ، وختم بقوله : (لِلْعالِمِينَ) (22) ، لأن الكل تظلهم السماء ، وتقلهم الأرض ، وكل واحد منفرد بلطيفة فى صوته يمتاز بها عن غيرها ، حتى لا ترى اثنين فى ألف يتشابه صوتاهما (2) ويلتبس كلاهما ، وكذلك ينفرد كل واحد بدقيقة فى صورته يتميز بها من بين الأنام ، فلا ترى اثنين يشتبهان ، وهذا يشترك فى معرفته الناس جميعا ، فلهذا قال : (لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ).
    ومن حمل اختلاف الألسن على اللغات ، واختلاف الألوان على السواد والبياض والشقرة والسمرة ، فالاشتراك فى معرفتها أيضا ظاهر.
    ومن قرأ (لِلْعالِمِينَ) بكسر اللام (3) فقد أحسن ، لأن بالعلم يمكن الوصول إلى معرفة ما سبق ذكره.
    390 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ) (23) ، وختم بقوله : (يَسْمَعُونَ) (23) ، فإن من سمع أن النوم من صنع الله الحكيم ولا يقدر أحد على اجتلابه إذا امتنع ، ولا على دفعه إذا ورد ،
    __________________
    (1) سقطت كلمة (أَشَدَّ) من الأصول.
    (2) فى أ : صوتاهما.
    (3) هى قراءة حفص بكسر اللام ، والباقون بفتحها (الدانى : التيسير ص 175).

    تيقن أن له صانعا مدبرا (1).
    قال الخطيب : معنى (يَسْمَعُونَ) هاهنا : يستجيبون إلى ما يدعوهم إليه الكتاب.
    وختم الآية الرابعة (2) بقوله : (يَعْقِلُونَ) (24) ، لأن العقل ملاك أمر فى هذه الأبواب ، وهو المؤدى إلى العلم ، فختم بذكره.
    391 ـ قوله : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ) (24) أى : أنه يريكم ، وقيل : تقديره ويريكم من آياته البرق ، وقيل : أن يريكم. فلما حذف (أن) سكن الياء ، وقيل : من آياته كلام كاف. كما تقول : منها كذا ، ومنها كذا ، ومنها وتسكت تريد الكثرة.
    392 ـ قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) (37) ، وفى الزمر : (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا) (52) ، لأن بسط الرزق مما يشاهد ويروى ، فجاء فى هذه السورة على ما يقتضيه اللفظ والمعنى ، وفى الزمر اتصل بقوله : (أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) (49) ، وبعده : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (49) ، فحسن : (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا).
    393 ـ قوله : (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) (46) ، وفى الجاثية : (فِيهِ بِأَمْرِهِ) (12) ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الرياح وهو قوله : (أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) (46) بالمطر وإذاقة الرحمة ، (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) بالرياح بأمر الله تعالى ، ولم يتقدم ذكر البحر.
    وفى الجاثية تقدم ذكر البحر وهو قوله : (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ) (12) ، فكنى عنه فقال : (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ).
    __________________
    (1) انظر : (العبر والاعتبار ورقة 48 ، ففيه بحث ممتع عن النوم خط رقم 32918 جامعة القاهرة).
    (2) المراد بالآية الرابعة : آيات الله ودلائل عظمته.

    سورة لقمان
    394 ـ قوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) (1) (7) ، وفى الجاثية : (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ) (Cool زاد فى هذه السورة : (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) ، جل المفسرين على أن الآيتين نزلتا فى النضر بن الحارث (2). وذلك أنه ذهب إلى فارس فاشترى كتاب كليلة ودمنة ، وأخبار رستم واسفنديار ، وأحاديث الأكاسرة ، فجعل يرويها ويحدث بها قريشا ويقول : إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار ، ويستملحون حديثه ، ويتركون استماع القرآن ، فأنزل الله هذه الآيات. وبالغ فى ذمه لتركه استماع القرآن فقال : (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) أى : صمما لا يقرع مسامعه صوت.
    ولم يبالغ فى الجاثية هذه المبالغة لما ذكر بعده : (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً) (9) ، لأن العلم لا يحصل إلّا بالسماع ، أو ما يقوم مقامه من خط أو غيره.
    395 ـ قوله : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (29) (3) ، وفى الزمر : (لِأَجَلٍ) (5) ، قد سبق شطر من هذا ، ونزيده بيانا : أن (إِلى) متصل لآخر الكلام ، ودال على الانتهاء ، واللام متصل بأول الكلام ، ودال على الصلة والسلام.
    سورة السّجدة
    396 ـ قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) (5) ، وفى المعارج : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (4) ، موضع بيانه التفسير ، والغريب فيه ما روى عن عكرمة فى جماعة : أن اليوم فى المعارج عبارة عن أول
    __________________
    (1) الوقر : الصمم.
    (2) انظر : (البحر المحيط 7 / 183) ، وذكر : أن عبد الله بن خطل اشترى جارية تغنى بالنسيب. وبهذا فسر لهو الحديث : بالمعازف والغناء. المصدر السابق.
    (3) سبق فى سورة الرعد.

    أيام الدنيا إلى انقضائها ، وأنها خمسون ألف سنة ، لا يدرى أحدكم مضى وكم بقى إلّا الله عزوجل (1).
    ومن الغريب أن عبارة عن الشدة واستطالة أهلها إياها ، كالعادة فى استطالة أيام الشدة والحزن ، واستقصار أيام الراحة والسرور حتى قال القائل : سنة الوصل سنة (بكسر السين) ، وسنة الهجر سنة (بفتح السين).
    وخصت هذه السورة بقوله : (أَلْفَ سَنَةٍ) لما قبله ، وهو قوله Sadفِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (4) وتلك الأيام من جنس ذلك اليوم.
    وخصت المعارج بقوله : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، لأن فيها ذكر القيامة وأهوالها ، فكان اللائق بها.
    397 ـ قوله : (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) (22) ، (ثُمَ) هاهنا تدل على الإعراض عقب التذكير (2).
    398 ـ قوله : (عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (20) ، وفى سبأ : (الَّتِي كُنْتُمْ) (42) ، لأن النار فى هذه السورة وقعت موقع الكناية ، لتقدم ذكرها ، والكنايات لا توصف ، فوصف العذاب.
    وفى سبأ يتقدم ذكر النار (قبل) (3) فحسن وصف النار.
    399 ـ قوله : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) (26) بالواو (مِنْ قَبْلِهِمْ) بزيادة (مِنْ) سبق فى طه.
    400 ـ قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) (26) ، ليس غيره ، لأنه لما ذكر القرون والمساكن بالجمع ، حسن جمع الآيات ، ولما تقدم ذكر الكتاب وهو مسموع حسن ذكر لفظ السماع ، فختم الآية به.
    __________________
    (1) للأستاذ الدكتور منصور حسب النبى ، أستاذ الطبيعة بجامعة عين شمس رأى فى هاتين الآيتين وأنهما يدلّان على سرعات ، فآية السجدة تدل على أقوى سرعة فى الكون وهى سرعة الضوء ، وآية المعارج تدل على سرعات الملائكة التى تفوق سرعة الضوء ، وقد نوقشت هذه القضية على صفحات مجلة الأزهر فى أعداد تبدأ من شهر رجب 1414 ه‍ وما بعدها فانظرها (المراجع).
    (2) وذلك فى الآية : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها).
    (3) سقطت من أ.

    سورة الأحزاب
    ذهب بعض القراء إلى أنه ليس فى هذه السورة ما يذكر فى المتشابه ، وبعضهم أورد فيها كلمات ، وليس فى ذلك كثير تشابه ، بل قد يلتبس على الحافظ القليل البضاعة ، وعلى الصبى القليل التجارب ، فأوردتها إذ لم تخل من فائدة ، وذكرت مع بعضها علامة يستعين بها المبتدئ فى تلاوته.
    401 ـ منها قوله : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) (Cool ، وبعده : (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) (24). ليس فيها تشابه ، لأن الأول من لفظ السؤال ، وصلته (عَنْ صِدْقِهِمْ) ، وبعده Sadوَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ) (Cool. والثانى من لفظ الجزاء ، وفاعله (اللهُ) وصلته (بِصِدْقِهِمْ) بالباء ، وبعده (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) (24).
    402 ـ ومنها قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) (9) ، وبعده : (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (41) ، فيقال للمبتدئ : إن الذى يأتى بعد العذاب الأليم نعمة من الله على المؤمنين (1) ، وما يأتى قبل قوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) (43) ، (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (41) شكرا على أن أنزلكم منزلة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صلاته وصلاة ملائكته عليه ، حيث يقول : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (56).
    403 ـ ومنها قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَ) (28) و (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ) (59) ، ليس من المتشابه ، لأن الأول فى التخيير (2) ، والثانى فى الحجاب.
    __________________
    (1) لأن قبل هذه الآية : (وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) [8].
    (2) المراد بالتخيير : تخيير النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أزواجه بين الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين الدنيا.

    404 ـ ومنها قوله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) «38 ، 62» فى موضعين ، وفى الفتح : (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ) (23). التقدير فى الآيات : سنة الله التى قد خلت فى الذين خلوا ، فذكر فى كل سورة الطرف الذى هو أعم ، واكتفى به عن الطرف الآخر ، والمراد بما فى أول هذه السورة : النكاح. نزلت حين عيروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنكاحه زينب ، فأنزل الله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) ، أى النكاح سنة فى النبيين على العموم. وكانت لداود تسع وتسعون ، فضم إليهم (1) المرأة التى خطبها أوريا ، وولدت سليمان ، والمراد بما فى آخر هذه السورة القتل. نزلت فى المنافقين والشاكين الذين فى قلوبهم مرض ، والمرجفين (2) فى المدينة على العموم.
    وما فى سورة الفتح يريد به نصرة الله لأنبيائه ، والعموم فى النصرة أبلغ منه فى النكاح والقتل.
    ومثله فى حم (غافر) : (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) (85) فإن المراد بها : عدم الانتفاع بالإيمان عند البأس ، فلهذا قال Sadقَدْ خَلَتْ).
    405 ـ ومنها قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (34) و (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (52) و (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) (25) و (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) (51) وهذا من باب الإعراب ، وإنما نصب لدخول كان على الجملة ، فتفردت السورة به ، وحسن دخول كان عليها ، مراعاة لفواصل الآى والله أعلم.
    سورة سبأ
    406 ـ قوله تعالى : (مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) (3) مرتين بتقديم السموات. خلاف يونس فإن فيها : (مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي
    __________________
    (1) فى أ : فضم إليها.
    (2) فى الأصول : والمرجفون.

    الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (61) ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر السموات فى أول السورة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (1) وقد سبق فى يونس.
    407 ـ قوله : (أَفَلَمْ يَرَوْا) (9) بالفاء ، ليس غيره ، زيد الحرف ، لأن الاعتبار فيها بالمشاهدة على ما ذكرناه ، وخصت بالفاء لشدة اتصالها بالأول ، لأن الضمير يعود إلى الذين قسموا الكلام فى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالوا : محمد إما غافل كاذب ، وإما مجنون هاذ ، وهو قولهم : (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) (Cool ، فقال الله تعالى : بل تركتم القسمة الثالثة وهى : وإما صحيح العقل صادق.
    408 ـ قوله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) (22) ، وفى سبحان : (مِنْ دُونِهِ) (56) ، لأنه فى هذه السورة اتصلت الآية بآية ليس فيها لفظ الله ، فكان الصريح أحسن ، وفى سبحان (1) اتصل بآيتين فيهما بضعة عشر مرة ذكر الله صريحا وكناية ، فكانت الكناية أولى ، وقد سبق.
    409 ـ قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (9) ، وبعده : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (19) ، بالجمع ، لأن المراد بالأول : لآية على إحياء الموتى ، فخصت بالتوحيد ، وفى قصة سبأ جمع ، لأنهم صاروا اعتبارا يضرب بهم المثل ، تفرقوا أيادى سبأ ، وفرقوا كل مفرق ، ومزقوا كل ممزق ، فرفع بعضهم إلى الشام ، وبعضهم (ذهب) (2) إلى يثرب ، وبعضهم إلى عمان ، فختم بالجمع.
    وخصت به لكثرتهم ، وكثرة من يعتبر بهم ، فقال : (لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ) على الجنة (شَكُورٍ) على النعمة ، أى المؤمنين.
    410 ـ قوله : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (36) ،
    __________________
    (1) فى أ : فيها.
    (2) سقطت من أ.

    وبعده : (لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) (39) قد سبق.
    وخص هذه السورة بذكر الرب ، لأنه تكرر فيها مرات كثيرة ، منها : (بَلى وَرَبِّي) (3) و (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (15) و (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ) (19) و (يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) (26) ، (مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (31) ولم يذكر مع الأول (مِنْ عِبادِهِ) ، لأن المراد بهم الكفار ، وذكره مع الثانى لأنهم المؤمنون ، وزاد (لَهُ) وقد سبق بيانه.
    411 ـ قوله : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ) (34) ولم يقل : (مِنْ قَبْلِكَ) ، ولا (قَبْلِكَ). خصت السورة به ، لأنه فى هذه السورة إخبار مجرد ، وفى غيرها إخبار النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتسلية له ، فقال : (قَبْلِكَ) و (مِنْ قَبْلِكَ).
    412 ـ قوله : (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (25) ، وفى غيرها Sadعَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (1) لأن قوله : (أَجْرَمْنا) (25) بلفظ الماضى ، أى قبل هذا. ولم يقل : نجرم ، فيقع فى مقابلة تعملون ، لأن من شرط الإيمان ووصف المؤمن : أن يعزم ألّا يجرم ، وقوله : (تَعْمَلُونَ) خطاب للكفار ، وكانوا مصرين على الكفر فى الماضى من الزمان والمستقبل ، فاستغنت به الآية عن قوله : (كُنْتُمْ).
    413 ـ قوله : (عَذابَ النَّارِ) (42) قد سبق.
    سورة فاطر
    414 ـ قوله جل وعلا : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) (9) بلفظ الماضى ، موافقة لأول السورة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) (1) لأنهما للماضى لا غير ، وقد سبق.
    415 ـ قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) (12) (2) بتقديم
    __________________
    (1) يعنى : (فاطر ـ جاعل).
    (2) مواخر : تشق عباب الموج.

    (فِيهِ) موافقة لتقدم : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ) (12) وقد سبق.
    416 ـ قوله : (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ) (25) بزيادة الباءات ، قد سبق.
    417 ـ قوله : (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) (27) ، وبعده : (أَلْوانُها) (27) ثم : (أَلْوانُهُ) (28) ، لأن الأول يعود إلى (ثَمَراتٍ) (27) ، والثانى يعود إلى (الْجِبالِ) (27) ، وقيل : يعود إلى الحمر ، والثالث يعود إلى بعض الدال عليه (1) (مِنَ) ، لأنه ذكر (مِنَ) ولم يفسره كما فسره فى قوله : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ) (27) ، فاختص الثالث بالتذكير.
    418 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) (31) بالصريح ، وبزيادة اللام ، وفى الشورى : (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (27) ، لأنه المتقدمة فى هذه السورة لم يكن فيها ذكر الله (2) فصرح باسمه سبحانه ، وفى الشورى متصل بقوله : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ) (27) فخص بالكناية.
    ودخل اللام فى الخبر موافقة لقوله : (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) (34) (3).
    419 ـ قوله : (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) (39) على الأصل قد سبق ، و (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) (44) سبق ، و (عَلى ظَهْرِها) سبق بيانه.
    420 ـ قوله : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (43) كرر. وقال فى الفتح : (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (23) وقال فى سبحان : (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) (77) ، التبديل :
    __________________
    (1) وهو قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ).
    (2) وهى قوله تعالى : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [30].
    (3) ولم تدخل اللام فى الخبر فى الشورى موافقة لقوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ).

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:40

    تغيير الشيء عما كان عليه. قيل : مع بقاء مادة الأصل ، كقوله تعالى : (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) «4 : 56» ، وكذلك : (تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) «14 : 48». والتحويل : نقل الشيء من مكان إلى مكان آخر. وسنة الله سبحانه لا تبدل ولا تحول ، فخص هذه الموضع بالجمع بين الوصفين ، لما وصف الكفار بوصفين ، وذكر لهم غرضين ، وهو قوله : (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً) (1) (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً) (39) ، وقوله Sadاسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ) (23).
    وقيل : هما بدلان من (نُفُوراً) (42) فكما ثنى الأول والثانى (2) ثنى الثالث ، ليكون الكلام كله على غرار واحد.
    وقال فى الفتح : (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ (3) تَبْدِيلاً) (23) فاقتصر على مرة واحدة لما لم يكن للتكرار موجب.
    وخص (سبحان) بقوله : (تَحْوِيلاً) (77) ، لأن قريشا قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو كنت نبيّا لذهبت إلى الشام ، فإنها أرض المبعث والمحشر. فهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالذهاب إليها ، فهيأ أسباب الرحيل والتحويل ، فنزل جبريل عليه‌السلام بهذه الآيات : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) (76) ، وختم الآيات بقوله : (تَحْوِيلاً) (77) تطبيقا للمعنى.
    سورة يس
    421 ـ قوله تبارك وتعالى : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) (20) قد سبق.
    422 ـ قوله : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) «29 ، 53»
    __________________
    (1) المقت : السخط.
    (2) المراد ذكر اثنين من الصفات : (نذيرا ، نفورا ـ استكبارا ، ومكر السيئ ـ تبديلا ، تحويلا).
    (3) فى أ : لسنتنا ، وليس هو ما فى الفتح.

    مرتين ليس بتكرار ، لأن الأولى هى النفخة التى يموت بها الخلق ، والثانية هى التى يحيا بها الخلق.
    423 ـ قوله : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ) (76) ، وفى يونس : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (65) تشابها فى الوقف على (قَوْلُهُمْ) فى السورتين ، لأن الوقف عليه لازم ، و (إِنَ) فيهما مكسورة بالابتداء بالكتابة ، ومحكى القول محذوف ، ولا يجوز الوصل ، لأن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم منزه من أن يخاطب بذلك.
    424 ـ قوله : (وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (52) ، وفى الصافات Sadوَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) (37) ، ذكر فى المتشابه : وما يتعلق بالإعراب لا يعد فى المتشابه (1).
    سورة الصّافّات
    425 ـ قوله تبارك وتعالى : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) (16) ، وبعدها : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) (53) ، لأن الأول حكاية كلام الكافرين ، وهم منكرون للبعث ، والثانى قول أحد الفريقين لصاحبه عند وقوع الحساب والجزاء وحصوله فيه : كان لى قرين ينكر الجزاء وما نحن فيه ، فهل أنتم تطلعوننى عليه؟ (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ. قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) (2) «55 ، 56». قيل : كانا أخوين ، وقيل : كانا شريكين ، وقيل : هما بطروس الكافر ، ويهوذا مسلم ، وقيل : القرين هو إبليس.
    426 ـ قوله : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (27) ، وبعده : (فَأَقْبَلَ) (50) بالفاء ، وكذلك فى (ن وَالْقَلَمِ) آية (30) ،
    __________________
    (1) وليس من التكرار ، لأن ما فى يس من كلام الكفار حين البعث ومعاينتهم ما كذبوا به من قبل ، وما فى الصافات من قول الله تعالى ردا على الكفار وتأييدا لرسالة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.
    (2) لتردين : لتهلكنى.

    لأن الأول لعطف جملة على جملة فحسب ، والثانى لعطف جملة على جملة بينهما مناسبة والتئام ، لأنه حكى أحوال أهل الجنة ، ومذاكرتهم فيها ما كان يجرى فى الدنيا بينهم وبين أصدقائهم ، وهو قوله : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ. كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (1) * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) «48 ، 50» : أى يتذاكرون.
    وكذلك فى (ن وَالْقَلَمِ) هو من كلام أصحاب الجنة بصنعاء ، لما رأوها كالصريم ، وندموا ما كان منهم ، وجعلوا يقولون : (سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (29). بعد أن ذكرهم التسبيح أوسطهم. ثم قال Sadفَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) (30) أى على تركهم الاستثناء وتخافتهم : (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) (24).
    427 ـ قوله : (إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (34) ، وفى المرسلات : (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (18) ، لأن فى هذه السورة حيل بين الضمير (2) ، وبين كذلك بقوله : (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (33) فأعاد.
    وفى المرسلات متصل بالأول ، وهو قوله : (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ. كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) «17 ، 18» ، فلم يحتج إلى إعادة الضمير.
    428 ـ قوله : (إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (35) ، وفى القتال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (19) بزيادة (أَنَّهُ) وليس لهما فى القرآن ثالث ، لأن ما فى هذه السورة وقع بعد القول ، فحكى (المقول) ، وفى القتال وقع بعد العلم ، فزيد قبله (أَنَّهُ) ، ليصير مفعول العلم ، ثم يتصل به ما بعده.
    __________________
    (1) مكنون : مصون.
    (2) الضمير هو (إِنَّا) فى قوله تعالى : (فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) [32] ولو لا الفصل لاتصل الكلام ولم يكرر (إِنَّا).

    429 ـ قوله : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) «78 ـ 79» ، وبعده : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) (109) ، ثم : (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) (120) ، وكذلك : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (130) فيمن جعله لغة فى إلياس. ولم يقل فى قصة لوط ولا يونس ولا إلياس : (سَلامٌ) ، لأنه لما قال : (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (133) و (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (139) ، وكذلك Sadوَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (123) ، فقد قال سلام على كل واحد منهم ، لقوله فى آخر السورة : (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (181).
    430 ـ قوله : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (1) ، وفى قصة إبراهيم : (كَذلِكَ) (110) ولم يقل : (إِنَّا) لأنه تقدم فى قصته Sadإِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (105). ولا بقى من قصته شىء ، وفى سائرها بعد الفراغ ، ولم يقل فى قصتى لوط ويونس : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ، لأنه لما اقتصر من التسليم على ما سبق ذكره اكتفى بذلك.
    431 ـ قوله : (بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (101) ، وفى الذاريات : (عَلِيمٍ) (27) ، وكذلك فى الحجر (53) لأن التقدير : بغلام حليم فى صباه ، عليم فى كبره.
    وخصت هذه السورة بحليم لأنه (عليه‌السلام (2)) حليم ، فاتقاه وأطاعه وقال : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (102) والأظهر أن الحليم إسماعيل ، والعليم إسحاق ، لقوله : (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها) (3) «51 : 28». قال مجاهد :
    __________________
    (1) وردت هذه الآية مكررة بنصها رقم 80 ، 121 ، 131.
    (2) ما بين الحاصرين غير ظاهر فى ب فقد أكلته الأرضة.
    (3) فى صرة : جماعة ، أو فى صياح. صكت وجهها : ضربت.

    العليم والحليم فى السورتين إسماعيل ، وقيل : هما فى السورتين إسحاق ، وهذا عند من زعم أن الذبيح إسحاق ، وذكرت ذلك بشرحه فى موضعه.
    432 ـ قوله : (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) (175) ، ثم قال Sadوَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) (179) كرر ، وحذف الضمير من الثانى ، لأنه لما نزل (وَأَبْصِرْهُمْ) قالوا : متى هذا الوعد الذى توعدنا به؟ فأنزل الله : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) (176) ، كرّر تأكيدا. وقيل : الأولى فى الدنيا ، والثانية فى العقبى ، والتقدير : أبصر ما ينالهم ، فسوف يبصرون ذلك (1).
    وقيل : أبصر (2) حالهم بقلبك فسوف يبصرون معاينة ، وقيل : بعد ما ضيعوا من أمرنا فسوف يبصرون ما يحل بهم.
    وحذف الضمير من الثانى اكتفاء بالأول ، وقيل : (الضمير (3) مضمر تقديره : ترى اليوم خيرهم إلى تول ، وترى بعد اليوم ما تحتقر ما شاهدتهم فيه من عذاب الدنيا.
    وذكر فى المتشابه : (فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ) (91) بالفاء ، وفى الذاريات : (قالَ أَلا تَأْكُلُونَ) (27) بغير فاء ، لأن ما فى هذه السورة اتصلت جملة بخمس جمل كلها مبدوءة بالفاء على التوالى وهى Sadفَما ظَنُّكُمْ) الآيات «87 ـ 90» والخطاب للأوثان تقريعا لمن زعم أنها تأكل وتشرب.
    وفى الذاريات متصل بمضمر تقديره : فقربه إليهم فلم يأكلوا ، فلما رآهم لا يأكلون. والخطاب للملائكة ، فجاء فى كل موضع بما يلائمه.
    __________________
    (1) انظر : (تفسير القرطبى 17 / 45).
    (2) فى ب : (بصرهم حالهم) ، وفى أ : (أبصرهم حالهم).
    (3) سقط من ب.

    سورة ص
    433 ـ قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ) (4) بالواو ، وفى «ق» : (فَقالَ) (2) بالفاء ، لأن اتصاله بما قبله فى هذه السورة معنوى ، وهو أنهم عجبوا من مجىء المنذر وقالوا : هذا المنذر ساحر كذاب. واتصاله فى «ق» معنوى ولفظى ، وهو أنهم عجبوا فقالوا : (هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) (2) فراعى المطابقة والعجز والصدر ، وختم بما بدأ به ، وهو النهاية فى البلاغة.
    434 ـ قوله : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) (Cool ، وفى القمر : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) (25) ، لأن ما فى هذه السورة حكاية عن كفار قريش يجيبون محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قرأ عليهم : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ، فقالوا : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) (Cool ، ومثله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) «18 : 1» ، و (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) «25 : 1» وهو كثير.
    وما فى القمر حكاية عن قوم صالح ، وكان يأتى الأنبياء يومئذ صحف مكتوبة ، وألواح مسطورة ، كما جاء إبراهيم وموسى ، فلهذا قالوا : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ) (25) ، مع أن لفظ الإلقاء يستعمل لما يستعمل له الإنزال.
    435 ـ قوله : (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا) (43) ، وفى الأنبياء Sadرَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) (84) ، لأن الله سبحانه ميز أيوب بحسن صبره على بلائه بين أنبيائه ، فحيث قال لهم : (مِنْ عِنْدِنا). قال له Sadمِنْ) وحيث لم يقل لهم : من عندنا قال له : (مِنْ عِنْدِنا).
    فخصت هذه السورة بقوله : (مِنَّا) لما تقدم فى حقهم (مِنْ

    عِنْدِنا) فى مواضع ، وخصت سورة الأنبياء بقوله : (مِنْ عِنْدِنا) لتفرده بذلك.
    436 ـ قوله : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) (12) ، وفى «ق» : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ) إلى قوله : (فَحَقَّ وَعِيدِ) «12 ـ 14».
    قال الخطيب : سورة «ص» بنيت فواصلها على ردف أواخرها. بالباء والواو ، فقال فى هذه السورة : (الْأَوْتادِ) (12) و (الأحزاب) (13) ، (عِقابِ) (14) ، وجاء بإزاء ذلك فى «ق» : (ثَمُودُ) (12) و (وَعِيدِ) (14) (1) ، ومثله فى الصافات : (قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) (48) ، وفى «ص» : (قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) (52). فالقصد للتوفيق بالألفاظ مع وضوح المعانى.
    437 ـ قوله فى قصة آدم عليه‌السلام : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (71) قد سبق.
    سورة الزّمر
    438 ـ قوله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) ، وفى هذه أيضا : (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِ). الفرق بين أنزلنا إليك الكتاب ، وأنزلنا عليك ، قد سبق فى البقرة ، ونزيده وضوحا : أن كل موضع خاطب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) ففيه تكليف ، وإذا خاطبه بقوله : (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ) ففيه تخفيف.
    واعتبر بما فى هذه السورة ، فالذى فى أول السورة (إِلَيْكَ) فكلفه الإخلاص فى العبادة والذى فى آخرها (عَلَيْكَ) فختم الآية
    __________________
    (1) فى جميع الأصول هكذا. ويبدو أنها أسقطت (لوطا) «» فالسياق يقتضيه.

    بقوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أى : لست بمسئول عنهم ، فخفف عنه ذلك.
    439 ـ قوله : (إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) «11 ، 12». زاد مع الثانى لاما ، لأن المفعول من الثانى محذوف تقديره : فأمرت أن أعبد الله لأن أكون ، فاكتفى بالأول.
    440 ـ قوله : (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) (14) بالإضافة. والأول : (مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) (11) ، لأن قوله : (أَعْبُدَ) إخبار صدر عن المتكلم ، فاقتضى الإضافة إلى المتكلم ، وقوله : (أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) (11) ليس بإخبار عن المتكلم ، وإنما الإخبار ، وما بعده فضله ومفعول.
    441 ـ قوله : (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (35) ، وفى النحل : (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (96). وكان حقه أن يذكر هناك.
    خصت هذه السورة بالذى ليوافق ما قبله ، وهو : (أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) (35) ، وقبله : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) (33) وخصت النحل بما ، للموافقة أيضا ، وهو قوله : (إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ) (1) ، و (خَيْرٌ لَكُمْ) (95) و (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (96) فتلاءم اللفظان فى السورتين.
    442 ـ قوله : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) (48) ، وفى الجاثية : (ما عَمِلُوا) (33). علة الآية الأولى : لأن ما كسبوا فى هذه السورة وقع بين ألفاظ الكسب وهو : (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) (24) (2) ، وفى الجاثية وقع بين ألفاظ العمل ، وهو : (ما كُنْتُمْ
    __________________
    (1) سقطت كلمة (هُوَ) من الآية فى الأصول.
    (2) وبعده : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [50] ويبدو أنها سقطت من الأصول كما يدل عليه سياق كلام المؤلف : «بين ألفاظ الكسب».

    تَعْمَلُونَ) (29) و (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (30) ، وبعده : (سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (33) فخصت كل سورة بما اقتضاه.
    443 ـ قوله : (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) (1) (21) ، وفى الحديد : (ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) (20) ، لأن الفعل قبل قوله : (ثُمَّ يَهِيجُ) فى هذه السورة مسند إلى الله تعالى ، وهو قوله : (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) (21) فكذلك الفعل بعد : (ثُمَّ يَجْعَلُهُ) (21).
    وأما الفعل قبله فى الحديد فمسند إلى النبات وهو : (أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) (20) فكذلك ما بعده وهو : (ثُمَّ يَكُونُ) (20) ليوافق فى السورتين ما قبله وما بعده.
    444 ـ قوله : (فُتِحَتْ أَبْوابُها) (71) ، وبعده : (وَفُتِحَتْ) (73) بالواو للحال ، أى : جاءوها وقد فتحت أبوابها ، وقيل : الواو فى (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) زائدة وهو الجواب ، وقيل : الواو واو الثمانية ، وقد سبق فى الكهف.
    445 ـ قوله : (فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ) (41) ، وفى آخرها Sadفَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) لأن هذه السورة متأخرة عن تلك السورة ، فاكتفى بذكره فيها.
    سورة غافر
    446 ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا (2) فِي الْأَرْضِ) (21) ما يتعلق بذكرها قد سبق.
    447 ـ قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ) (22) ، وفى التغابن : (بِأَنَّهُ كانَتْ) (6) ، لأن هاء الكناية إنما زيدت لامتناع
    __________________
    (1) حطاما : باليا.
    (2) فى الأصول : (أفلم يسيروا). خطأ.

    (أن) عن الدخول على كان ، فخصت هذه السورة بكناية المتقدم ذكرهم ، موافقة لقوله : (كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) (21) وخصت سورة التغابن بضمير الأمر والشأن توصلا إلى كان.
    448 ـ قوله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِ) (25) فى هذه السورة فحسب ، لأن الفعل لموسى ، وفى سائر القرآن الفعل للحق.
    449 ـ قوله : (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) (59) (1) ، وفى طه Sadآتِيَةٌ) (15) ، لأن اللام إنما تزاد لتأكيد الخبر ، وتأكيد الخبر إنما يحتاج إليه إذا كان المخبر به شاكا فى الخبر ، فالمخاطبون فى هذه السورة الكفار فأكد ، وكذلك أكد : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) (57) فى هذه السورة باللام.
    450 ـ قوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (61) ، وفى يونس : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) (60) وقد سبق ، لأنه وافق ما قبله فى هذه السورة : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (57) ، وبعده : (أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (59) ، ثم قال : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (61).
    451 ـ قوله فى الآية الأولى : (لا يَعْلَمُونَ) (57) أى : لا يعلمون أن خلق الأكبر أسهل من خلق الأصغر ، ثم قال Sadلا يُؤْمِنُونَ) (59) بالبعث ، ثم قال : (لا يَشْكُرُونَ) (61) أى : لا يشكرون الله على فضله ، فختم كل آية بما اقتضاه.
    452 ـ قوله : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (62) سبق.
    453 ـ قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (65). مدح نفسه سبحانه ، وختم ثلاث آيات على التوالى بقوله : (رَبُّ الْعالَمِينَ)
    __________________
    (1) فى الأصول : (وأن الساعة لآية). خطأ.

    «64 ، 65 ، 66» وليس له فى القرآن نظير (1).
    454 ـ قوله : (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) (78) ، وختم بقوله : (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (85) ، لأن الأول متصل بقوله Sadقُضِيَ بِالْحَقِ) (78) ، ونقيض الحق الباطل ، والثانى متصل بإيمان غير مجد (2) ، ونقيض الإيمان الكفر.
    سورة فصّلت
    455 ـ قوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) (10) ، أى : مع اليومين الذين تقدما قوله : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) (9). لئلا يزيد العدد على ستة أيام ، فيتطرق إليه كلام المعترض.
    وإنما جمع بينهما ولم يذكر اليومين على الانفراد بعدهما لدقيقة لا يهتدى إليها كل أحد ، وهى : أن قوله : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ).
    صلة الذى ، و (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) عطف على قوله : (لَتَكْفُرُونَ) (9) ، (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) (10) عطف على قوله : (خَلَقَ الْأَرْضَ) (9) ، وهذا تفريع فى الإعراب لا يجوز فى الكلام ، وهو فى الشعر من أقبح الضرورات لا يجوز أن يقال : جاءنى الذى يكتب وجلس ويقرأ ، لأنه لا يحال بين صلة الموصول وما يعطف بأجنبى من الصلة.
    فإذا امتنع هذا لم يكن بد من إضمار فعل يصح الكلام به ومعه ، فيضمر خلق الأرض بعد قوله : (ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) (9) فيصير التقدير : ذلك رب العالمين خلق الأرض وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها ، وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام ، ليقع هذا كله فى أربعة أيام ، ويسقط الاعتراض والسؤال. وهذه معجزة وبرهان.
    __________________
    (1) وسبب التكرار والله أعلم هو : تأكيد ربوبية الله للعالمين على أسماع الكفار جميعا ، لا سيما أهل التثليث ثلاث مرات.
    (2) وهو قوله تعالى : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) [85].

    456 ـ قوله : (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ) (1) (20) ، وفى الزخرف وغيره : (حَتَّى إِذا جاءَنا) (38) و (حَتَّى إِذا جاؤُها) «39 : 73» بغير (ما) ، لأن حتى هاهنا هى التى تجرى مجرى واو العطف ، نحو قولك : أكلت السمكة حتى رأسها. أى ورأسها. وتقدير الآية : فهم يوزعون إذا جاءوها. و (ما) هى التى تزاد مع الشروط نحو : أينما ، وحيثما ، و (حتى) فى غيرها من السور للغاية.
    457 ـ قوله : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ (2) مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (36) ، ومثله فى الأعراف ، لكنه ختم بقوله Sadإِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (200) ، لأن الآية فى هذه السورة متصلة بقوله Sadوَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (35) فكان مؤكدا بالتكرار وبالنفى والإثبات ، فبالغ فى قوله : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (36) بزيادة (هُوَ) وبالألف واللام ، ولم يكن فى الأعراف هذا النوع من الاتصال ، فأتى على القياس : المخبر عنه معرفة ، والخبر نكرة.
    458 ـ قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) (45) ، وفى «حم عسق» بزيادة قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وزاد فيها أيضا : (بَغْياً بَيْنَهُمْ) ، لأن المعنى : تفرق قول اليهود فى التوراة ، وتفرق قول الكافرين فى القرآن ، ولو لا كلمة سبقت من ربك بتأخر العذاب إلى يوم الجزاء ، لقضى بينهم بإنزال العذاب عليهم.
    وخصت حم عسق بزيادة قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، لأنه ذكر البداية فى أول الآية ، وهو : (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) (14) وهو مبدأ كفرهم ، فحسن ذكر النهاية التى أمهلوها إليها ، ليكون محدودا من الطرفين.
    __________________
    (1) الآية بين الحاصرين سقطت من ب.
    (2) ينزغنك : يوسوس لك.

    459 ـ قوله : (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) (49) (1) ، وبعده : (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) (51) لا منافاة بينهما ، لأن معناه : قنوط من الضيم ، دعاء لله ، وقيل : يئوس قنوط بالقلب دعاء باللسان ، وقيل : الأول فى قوم ، والثانى فى آخرين. وقيل : الدعاء مذكور فى الآيتين ، ودعاء عريض فى الثانى.
    460 ـ قوله : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) (50) بزيادة (مِنَّا) و (مِنْ) ، وفى هود : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) (10) ، لأن ما فى هذه السورة بين جهة الرحمة ، وبالكلام حاجة إلى ذكرها ، وحذف فى هود اكتفاء بما قبله ، وهو قوله : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) (9) وزاد فى هذه السورة (مِنْ) لأنه لما حد الرحمة والجهة الواقعة منها ، حد الطرف الذى بعدها ، ليتشاكلا فى التحديد.
    وفى هود لما أهمل الأول أهمل الثانى.
    461 ـ قوله : (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) (52) ، وفى الأحقاف : (وَكَفَرْتُمْ بِهِ) (10) بالواو ، لأن معناه فى هذه السورة : كان عاقبة أمركم بعد الإمهال للنظر والتدبر : الكفر ، فحسن دخول (ثُمَ) ، وفى الأحقاف عطف عليه (وَشَهِدَ شاهِدٌ) فلم يكن عاقبة أمرهم ، فكان من مواضع الواو.
    سورة الشّورى
    462 ـ قوله : (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (43) ، وفى لقمان : (مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (17) ، لأن الصبر على وجهين : صبر على مكروه ينال الإنسان ظلما ، كمن قتل بعض أعزته ، وصبر على
    __________________
    (1) قنوط : شديد اليأس.

    مكروه ينال الإنسان ليس بظلم. كمن مات بعض أعزته. فالصبر على الأول أشد ، والعزم عليه أوكد وكان ما فى هذه السورة من الجنس الأول ، لقوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ) (43) فأكد الخبر باللام.
    وفى لقمان من الجنس الثانى فلم يؤكده.
    463 ـ قوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍ) (44) ، وبعده : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) (46) ، ليس بتكرار ، لأن المعنى : ليس له من هاد ولا ملجأ.
    464 ـ قوله : (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (51) ليس له نظير. والمعنى : تعالى أن يكلم أو يتناهى ، حكيم فى تقسيم وجوه التكليم.
    465 ـ قوله : (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) (17) ، وفى الأحزاب Sadتَكُونُ قَرِيباً) (63). زيد معه (تَكُونُ) مراعاة للفواصل وقد سبق.
    466 ـ قوله تبارك وتعالى : (جَعَلَ لَكُمْ) (11) قد سبق.
    سورة الزّخرف
    467 ـ قوله : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (20) ، وفى الجاثية : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (24) ، لأن ما فى هذه السورة متصل بقوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (19). والمعنى : أنهم قالوا : الملائكة بنات الله ، وإن الله قد شاء منا عبادتنا إياهم. وهذا جهل منهم وكذب ، فقال سبحانه Sadما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (20) أى : يكذبون.
    وفى الجاثية خلطوا الصدق بالكذب. فإن قولهم : (نَمُوتُ وَنَحْيا) (24) صدق ، فإن المعنى : يموت السلف ويحيى الخلف ، وهى كذلك إلى أن تقوم الساعة. وكذبوا فى إنكارهم البعث وقولهم Sadما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) (24) ، ولهذا قال : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (24) أى : هم شاكون فيما يقولون.

    468 ـ قوله : (وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (22) ، وبعده Sadمُقْتَدُونَ) (23). خص الأول بالاهتداء ، لأنه كلام العرب فى محاجتهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وادعائهم أن آباءهم كانوا مهتدين ، فنحن مهتدون ، ولهذا قال عقبه : (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى) (24) والثانية حكاية عمن كان قبلهم من الكفار ، وادعوا الاقتداء بالآباء دون الاهتداء ، فاقتضت كل آية ما ختمت به (1).
    469 ـ قوله : (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) (14) ، وفى الشعراء Sadإِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) (50) ، لأن ما فى هذه السورة عام لمن ركب سفينة أو دابة ، وقيل : معناه : إلى ربنا لمنقلبون على مركب آخر وهو الجنازة ، فحسن إدخال اللام على الخبر للعموم ، وما فى الشعراء كلام السحرة حين آمنوا ولم يكن فيه عموم.
    470 ـ قوله : (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) (64) سبق (2).
    سورة الدّخان
    471 ـ قوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) (35). مرفوع ، وفى الصافات منصوب ، ذكر فى المتشابه وليس منه ، لأن ما فى هذه السورة مبتدأ وخبر ، وما فى الصافات استثناء (3).
    472 ـ قوله : (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (32) أى على علم منا. ولم يقل فى الجاثية ، وفضلناهم على علم ، بل قال :
    __________________
    (1) ومن دلائل وبراهين إعجاز القرآن من وجهة الدقة البالغة فى رعاية المعانى : أن من طبائع المترفين : التقليد الأعمى ، والخضوع لتقاليد المجتمعات ، والآية الثانية تترجم عن هذا المعنى :
    (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [23].
    (2) سبق فى سورة مريم.
    (3) ما فى الصافات هو قوله تعالى : (فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ. إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [58 ، 59].

    (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (16) ، لأنه مكرر فى : (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) (23).
    سورة الجاثية (1)
    473 ـ قوله : (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ) (12). أى : البحر وقد سبق.
    474 ـ قوله : (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) (17) نزلت فى اليهود وقد سبق.
    475 ـ قوله : (نَمُوتُ وَنَحْيا) (24). قيل : فيه تقديم (نَمُوتُ) وتأخير (نَحْيا). قيل : يحيا البعض ويموت البعض ، وقيل : هو كلام من يقول بالتناسخ.
    476 ـ قوله : (وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) (22) (2) بالياء موافقة لقوله : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (14).
    477 ـ قوله : (سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (33). لتقدم : (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (29) ، (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (30).
    478 ـ قوله : (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (30) تعظيما لإدخال الله المؤمنين فى رحمته.
    سورة الأحقاف
    479 ـ ما فى هذه السورة من المتشابه قد سبق ، وذكر فى المتشابه (أُولئِكَ) (14) و (أُولئِكَ) (61) (أى) (3) لم يجتمع فى القرآن همزتان مضمومتان فى غيرها.
    __________________
    (1) سقط عنوان السورة من أ.
    (2) الذى فى سورة الجاثية : (وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [22].
    (3) سقطت من ب.

    سورة محمّد
    480 ـ قوله : (لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (20) ، نزل وأنزل كلاهما متعد ، وقيل : نزل للتعدى والمبالغة ، وأنزل للتعدى ، وقيل : نزل دفعه مجموعا ، وأنزل متفرقا.
    وخص الأولى بنزلت لأنه من كلام المؤمنين ، وذكر بلفظ المبالغة ، وكانوا يأنسون لنزول الوحى (1) ، ويستوحشون لإبطائه ، والثانى : من كلام الله ، ولأن فى أول السورة : (نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ) (2) ، وبعده : (أَنْزَلَ اللهُ) (9) ، كذلك فى هذه الآية قال : (نُزِّلَتْ) ثم (أُنْزِلَتْ).
    481 ـ قوله : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) (25) نزلت فى اليهود ، وبعده : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) (32) نزلت فى قوم ارتدوا ، وليس بتكرار.
    سورة الفتح
    482 ـ قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (4) ، وبعده : (عَزِيزاً حَكِيماً) «7 ، 19» ، لأن الأول متصل بإنزال السكينة ، وازدياد إيمان المؤمنين ، فكان الموضع موضع علم وحكمة. وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله : (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً).
    وأما الثانى والثالث الذى بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم ، فكان الموضع موضع عز وغلبة وحكمة.
    483 ـ قوله : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ
    __________________
    (1) فى أ : بنزول الوحى.

    ضَرًّا) (11) ، وفى المائدة : (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ) (17) زاد فى هذه السورة (لَكُمْ) ، لأن ما فى هذه السورة نزلت فى قوم بأعيانهم ، وهم المخلفون (1) ، وما فى المائدة عام لقوله : (أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً).
    484 ـ قوله : (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ) (15) بلفظ الجمع ، وليس له نظير ، وهو خطاب للمضمرين فى قوله : (لَنْ تَتَّبِعُونا) (15).
    سورة الحجرات
    485 ـ قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (1) مذكورة فى السورة خمس (2) مرات ، والمخاطبون المؤمنون ، والمخاطب به أمر ونهى ، وذكر فى السادس : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) (13) فعم المؤمنين والكافرين ، والمخاطب به قوله : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) (13) ، لأن الناس كلهم فى ذلك شرع سواء.
    سورة ق
    486 ـ قوله : (فَقالَ الْكافِرُونَ) (2) بالفاء. سبق.
    487 ـ قوله : (وَقالَ قَرِينُهُ) (23) ، وبعده : (قالَ قَرِينُهُ) (27) ، لأن الأول خطاب الإنسان من قرينه ، ومتصل بكلامه. والثانى استئناف خطاب الله سبحانه به من غير اتصال بالمخاطب الأول ، وهو قوله : (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) (27) ، وكذلك الخطاب بغير واو (3) ، وهو
    __________________
    (1) كما فى صدر الآية : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا).
    (2) الأولى مذكورة ، والثانية رقم 2 : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) ، والثالثة رقم 6 : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) ، والرابعة رقم 11 : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) ، والخامسة رقم 12 : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ ...) الآية.
    (3) فى أ : بفراق ، وفى ب : بغير أو ، والسياق يقتضى ما أثبتناه.

    قوله : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ) (28) ، وكذلك : (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) (29) ، فجاء الأول على نسق واحد.
    488 ـ قوله : (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) (39) ، وفى طه : (وَقَبْلَ غُرُوبِها) (130) ، لأن فى هذه السورة راعى الفواصل ، وفى طه راعى القياس ، لأن الغروب للشمس كما أن الطلوع لها.
    سورة الذّاريات
    489 ـ قوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آخِذِينَ) «15 ، 16» ، وفى الطور : (فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ. فاكِهِينَ) «17 ، 18». ليس بتكرار ، لأن ما فى هذه السورة متصل بذكر ما به يصل الإنسان إليها ، وهو قوله : (كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ) (16) ، وفى الطور متصل بما ينال الإنسان فيها إذا وصل إليها ، وهو قوله : (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ. كُلُوا وَاشْرَبُوا) الآيات «18 ، 19 ، 20».
    490 ـ قوله : (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (50) ، وبعده Sadإِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (51) ، ليس بتكرار ، لأن كل واحد منهما متعلق بغير ما تعلق به الآخر ، فالأول : متعلق بترك الطاعة إلى المعصية ، والثانى : متعلق بالشرك بالله تعالى.
    سورة الطّور
    491 ـ قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ) (30). أعاد (أَمْ) خمس عشرة مرة (1) ، وكلها إلزامات ليس للمخاطبين بها جواب.
    492 ـ قوله : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) (24) بالواو عطف على قوله :
    __________________
    (1) فى الأصول خمسة عشرة مرة (وهو خطأ لغوى) وهى محصورة بين الآية رقم 30 إلى رقم 43. وكرر (أَمْ) لأن لإلزامهم بها إضراب عما سبقها حتى لم يبق أمل فى جوابهم عنها. ولو استعمل غيرها مما لا يفيد الإضراب لاحتمل جواز إجابتهم.

    (وَأَمْدَدْناهُمْ) (22) ، وكذلك : (وَأَقْبَلَ) (25) بالواو ، وفى الواقعة (يَطُوفُ) (17) بغير واو. فيحتمل أن يكون حالا ، أو يكون خبرا ، وفى الإنسان : (وَيَطُوفُ) (19) عطف على : (وَيُطافُ) (15).
    493 ـ قوله : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) (48) بالواو ، سبق.
    سورة النجم
    494 ـ قوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) (23) ، وبعده Sadإِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) (28). ليس بتكرار ، لأن الأول : متصل بعبادتهم اللات والعزى ومناة ، والثانى : بعبادتهم الملائكة ، ثم ذم الظن فقال : (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (28).
    495 ـ قوله : (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) (23) فى جميع القرآن بالألف إلّا فى الأعراف ، وقد سبق.
    سورة القمر
    496 ـ قصة نوح وعاد وثمود ولوط فى كل واحدة منها من التخويف والتحذير مما حل بهم ، فيتعظ بها حامل القرآن وتاليه ، ويعظ غيره.
    497 ـ وأعاد فى قصة عاد : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) «18 ، 21» ، لأن الأولى فى الدنيا والثانية فى العقبى ، كما قال فى هذه القصة : (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) ، وقيل : الأول : لتحذيرهم قبل إهلاكهم ، والثانى : لتحذير غيرهم بهم بعد هلاكهم.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:42

    سورة الرّحمن
    498 ـ قوله : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) «7 ، 8 ، 9». أعاده ثلاث (1) مرات ، فصرح ولم يضمر ، ليكون كل واحد قائما بنفسه ، غير محتاج إلى الأول ، وقيل : لأن كل واحد غير الآخر. الأول : ميزان الدنيا ، والثانى : ميزان الآخرة ، والثالث : ميزان العقل ، وقيل : نزلت متفرقة فاقتضى الإظهار.
    499 ـ قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ). كرر الآية إحدى وثلاثين مرة ، ثمانية منها ذكرت عقيب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله ، وبدائع صنعه (2) ، ومبدأ الخلق ومعادهم. ثم سبعة منها عقيب آيات فيها ذكر النار وشدائدها على عدد أبواب جهنم (3). وحسن ذكر الآلاء عقيبها ، لأن فى صرفها (4) ودفعها نعما توازى النعم المذكورة ، أو لأنها حلت بالأعداء وذلك يعد أكبر النعماء.
    وبعد هذه السبعة ثمانية (5) فى وصف الجنان وأهلها على عدد أبواب الجنة. ثمانية أخرى بعدها للجنتين اللتين دونهما ، فمن اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها استحق كلتا الثمانيتين من الله ، ووقاه السبعة السابقة ، والله تعالى أعلم.
    سورة الواقعة
    500 ـ قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (Cool. أعاد ذكرها ، وكذلك : (الْمَشْئَمَةِ) (9) ، ثم قال : (وَالسَّابِقُونَ) (10) ، لأن التقدير عند بعضهم والسابقون ما السابقون. فحذف
    __________________
    (1) أعاد (الميزان) فقط.
    (2) وهى الآيات من 16 إلى 34.
    (3) والسبعة الثانية من 34 إلى 45.
    (4) على هامش أ : حذفها. من نسخة ثانية.
    (5) والثمانية التى فى نعيم الجنان من 47 إلى 61 ، والتى للجنتين دون الأولين من 63 إلى 75.

    (ما) لدلالة ما قبله عليه ، وقيل : تقديره : أزواجا ثلاثة. فأصحاب الميمنة ، وأصحاب المشئمة ، والسابقون ، ثم ذكر عقيب كل واحد منهم تعظيما وتهويلا فقال : (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (Cool و (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) (9) و (السَّابِقُونَ) (10) أى : هم السابقون والكلام فيه.
    501 ـ قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) (58) و (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) (63) و (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) (68) و (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) (71) بدأ بذكر خلق الإنسان ، ثم (ذكر) (1) ، ما لا غنى له عنه وهو الحبّ الذى منه قوامه وقوته ، ثم الماء الذى منه سوغه وعجنه ، ثم النار التى منه نضجه وصلاحه ، وذكر عقيب كل ما يأتى عليه ويفسده.
    فقال فى الأولى : (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) (60) ، وفى الثانية : (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً) (65) ، و (فى) (2) الثالثة Sadلَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) (70) ولم يقل فى الرابعة ما يفسدها ، بل قال : (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) (73) يتعظون بها (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) (73) أى : المسافرين ينتفعون بها.
    سورة الحديد
    502 ـ قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ) (1) ، وكذلك الحشر والصف ، ثم (يُسَبِّحُ) فى الجمعة (1) والتغابن (1) هذه الكلمة استأثر الله بها ، فبدأ بالمصدر فى بنى إسرائيل (الإسراء) ، لأنه الأصل ، ثم بالماضى لأنه أسبق الزمانين ، ثم بالمستقبل ، ثم بالأمر فى سورة الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها (3) ، وهى أربع : المصدر ، والماضى ، والمستقبل ، والأمر للمخاطب.
    503 ـ قوله : (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (1) ، وفى السور
    __________________
    (1) سقطت من أ.
    (2) سقطت من ب.
    (3) فى ب : أزمنتها.

    الخمس : (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (1) إعادة (ما) هو الأصل ، وخصت هذه السورة بالحذف موافقة لما بعدها ، وهو Sadخَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (4) وبعدها : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) «2 ، 5» ، لأن التقدير فى هذه السورة : سبح لله خلق السموات والأرض ، وكذلك قال فى آخر الحشر بعده قوله : (الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى خلقهما (1).
    504 ـ قوله : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (2) ، وبعده Sadلَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (5) ليس بتكرار ، لأن الأولى (فى الدنيا (2)) يحيى ويميت ، والثانى فى العقبى ، لقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (5).
    505 ـ قوله (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (12) بزيادة (هُوَ) لأن (بُشْراكُمُ) مبتدأ ، وجنات خبره (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) صفة لها (خالِدِينَ فِيها) حال (ذلِكَ) إشارة إلى ما قبله و (هُوَ) تنبيه على عظم شأن المذكور (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبره.
    506 ـ قوله : (لَقَدْ (3) أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) (25) ابتداء كلام (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) (26) عطف عليه.
    507 ـ قوله : (ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) (20) سبق.
    508 ـ قوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ) (22) ، وفى التغابن : (مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (11) ، فصل فى هذه السورة وأجمل هناك موافقة لما قبلها فى هذه السورة ، فإنه فصّل أحوال الدنيا والآخرة فيها بقوله : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ
    __________________
    (1) فى الأصول : خالقها. والسياق يقتضى ما أثبتناه.
    (2) ما بين الحاصرين أكلته الأرضة فى ب.
    (3) فى الأصول : (وَلَقَدْ) وليس فيها واو.

    وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) (20) (1).
    سورة المجادلة
    509 ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) (2) ، وبعده : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) (3) ، لأن الأول خطاب للعرب ، وكان طلاقهم فى الجاهلية الظّهار ، فقيّده بقوله : (مِنْكُمْ) ، وبقوله : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) (2) ، ثم بين أحكام الظهار للناس عامة ، فعطف عليه فقال : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) فجاء فى كل آية ما اقتضاه معناه.
    510 ـ قوله : (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) (4) ، وبعده Sadوَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) (5) ، لأن الأول : متصل بعده وهو الإيمان ، فتوعد على الكفر بالعذاب الأليم الذى هو جزاء الكافرين ، والثانى : متصل بقوله : (كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (5) وهو الإذلال والإهانة ، فوصف العذاب بمثل ذلك فقال : (مُهِينٌ).
    511 ـ قوله : (جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (Cool بالفاء لما فيها من معنى التعقيب ، أى فبئس المصير ما صاروا إليه وهو جهنم (2).
    __________________
    (1) ويجوز ألا يكون تكرارا ، لاتصال الأولى بالدنيا وخلقها ، فالمصيبة مصيبة الدنيا ، والثانية فى الآخرة بدليل قوله قبلها : (يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) [9] و (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) [10] ، فقوله : (بِإِذْنِ اللهِ) يجيز أن يعفو الله عمن يشاء ويعذب من باب الجواز العقلى.
    وجه الاختصار فى الآية الثانية على الوجه الأول : أن ما قبلها مختصرة.
    (2) وفى الحديد : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [15] ، لأن ما فى الحديد تعداد لما حل بهم من آلام ولاية النار لهم ، ومصيرهم السيئ البئيس ولم يلاحظ تعقيبا ، بل هو إخبار عن أن النار لا تفديهم ، لأنها ولى لا يعتق من تحت ولايته وبئست الولاية.

    512 ـ قوله : (مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ) (17) بغير فاء ، موافقة للجمل التى قبلها ، وموافقة لقوله : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ) (22) (1).
    سورة الحشر
    513 ـ قوله : (وَما أَفاءَ اللهُ) (6) ، وبعدها : (ما أَفاءَ) (7) بغير واو ، لأن الأول معطوف على قوله : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) (5) ، والثانى استئناف كلام ، وليس له به تعلق ، وقول من قال : إنه بدل من الأول مزيف عند أكثر المفسرين (2).
    514 ـ قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (13) ، وبعده Sadقَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (14) ، لأن الأول متصل بقوله : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ) (13) ، لأنهم يرون الظاهر ، ولا يفقهون علم ما استتر عليهم ، والفقه : معرفة ظاهر الشيء وغامضه بسرعة وفطنة ، فنفى عنهم ذلك ، والثانى متصل بقوله : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) (14) أى : لو عقلوا لاجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا.
    سورة الممتحنة
    515 ـ قوله تعالى : (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) (1) ، وبعده Sadتُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) (1). الأول : حال من المخاطبين ، وقيل : أتلقون إليهم؟ والاستفهام مقدر ، وقيل : خبر مبتدأ. أى : تلقون ، والثانى : بدل من الأول على الوجوه المذكورة ، والباء زيادة عند الأخفش ، وقيل : بسبب أو تودوا ، وقال الزجاج : تلقون إليهم أخبار النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسره بالمودة (3).
    __________________
    (1) وما قبلها : (عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ) [15] ، وبعدها كذلك : (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) [19].
    (2) نقل أبو حيان أن (ما أَفاءَ) الثانية بيان الأولى يبين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما يصنع بهذا الفيء ، وعن ابن عطية : أهل القرى المذكورين فى الثانية هم أهل الصفراء وينبع ووادى القرى ، وما هنالك قرى عربية ، وحكمها مخالف لبنى النضير ، ولم يحبس النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم منها شيئا. (البحر المحيط 8 / 245). وهذا دليل على تزييف من قال : إنه بدل أو بيان.
    (3) وكرر ، لأن الأول : فى مودة عدو الله جهرا ، والثانى : فى مودتهم سرا ونفاقا للمؤمنين.

    516 ـ قوله : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (4) ، وبعده Sadلَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (6). أنث الفعل الأول مع الحائل ، وذكّر الثانى لكثرة الحائل ، وإنما كرر لأن الأول فى القول ، والثانى فى الفعل ، وقيل : الأول : فى إبراهيم عليه‌السلام ، والثانى : فى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.
    سورة الصّفّ
    517 ـ قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) (7) بالألف واللام. فى غيرها : (افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) (1) بالنكرة ، لأنها أكثر استعمالا فى المصدر فى المعرفة ، وخصت هذه السورة بالمعرفة لأنه إشارة إلى ما تقدم من قول اليهود والنصارى.
    518 ـ قوله : (لِيُطْفِؤُا) (Cool باللام ، لأن المفعول محذوف ، وقيل : اللام زيادة ، وقيل : محمول على المصدر (2).
    519 ـ قوله : (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (12) جزم على جواب الأمر ، فإن قوله : (تُؤْمِنُونَ) (11). محمول على الأمر ، أى : آمنوا ، وليس بعده : (مِنْ) ولا (خالِدِينَ).
    سورة الجمعة
    520 ـ قوله : (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ) (7) ، وفى البقرة : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ) «2 : 95» سبق.
    سورة المنافقون
    521 ـ قوله : (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) (7) ، وبعده Sadلا يَعْلَمُونَ) (Cool ، لأن الأول متصل بقوله : (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (7) ، وفى معرفتها غموض يحتاج إلى فطنة ،
    __________________
    (1) الآية رقم 68 من سورة العنكبوت (المراجع : أحمد عبد التواب).
    (2) وهو قوله تعالى فى الآية قبلها : (قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) [6].

    والمنافق لا فطنة له (1) ، والثانى متصل بقوله : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (Cool معز لأوليائه ومذل لأعدائه.
    سورة التغابن
    522 ـ قوله : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (1) ، وبعده : (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) (4) إنما كرر (ما) فى أول السورة لاختلاف تسبيح أهل الأرض (وتسبيح (2)) أهل السماء فى الكثرة والقلة ، والبعد والقرب من المعصية والطاعة ، وكذلك : (ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) (4) فإنهما ضدان ، ولم يكرر معها (يَعْلَمُ) (3) لأن الكل بالإضافة إلى علم الله سبحانه جنس واحد ، لا يخفى عليه شىء.
    523 ـ قوله : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) (9) ، ومثله فى الطلاق سواء ، لكنه زاد هنا : (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) ، لأن ما فى هذه السورة جاء بعد قوله : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) (6) الآيات. فأخبر عن الكفار سيئات تحتاج إلى تكفير (4) إذا آمنوا بالله ، ولم يتقدم الخبر عن الكفار بسيئات فى الطلاق فلم يحتج إلى ذكرها.
    سورة الطّلاق
    524 ـ قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (2). أمر بالتقوى فى أحكام الطلاق ثلاث مرات ، ووعد فى كل مرة نوعا من الجزاء فقال أولا : (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) ، يخرجه مما دخل فيه وهو
    __________________
    (1) فى ب : لا فقه له ، من نسخة ثانية.
    (2) سقطت من ب.
    (3) فى الأصول : ولم يكرر مع يعلم. وما أثبتناه أوضح.
    (4) والذنوب هى : إنكار الهداية من البشر (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) [6] ، وإنكار البعث : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) [7].

    يكرهه ، ويبيح له محبوبه من حيث لا يأمل. وقال فى الثانى : يسهل عليه الصعب من أمره (1) ويبيح له خيرا ممن طلقها. والثالث : وعد عليه أفضل الجزاء ، وهو ما يكون فى الآخرة من النعماء (2).
    سورة التّحريم
    525 ـ قوله : (خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ) (5) ، ذكر الجميع بغير واو ثم ختم بالواو فقال : (وَأَبْكاراً) (5) ، لأنه استحال العطف على ثيبات ، فعطفها على أول الكلام (3) ، ويحسن الوقف على ثيبات لما استحال عطف أبكارا عليها. وقول من قال : إنها واو الثمانية بعيد ، وقد سبق.
    526 ـ قوله : (فَنَفَخْنا فِيهِ) (12) سبق.
    سورة الملك
    527 ـ قوله : (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) (3) ، وبعده : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) (4) أى : مع الكرة الأولى ، وقيل : هى ثلاث مرات. أى : ارجع البصر وهذه مرة ، ثم ارجع البصر كرتين ، فمجموعها ثلاث مرات.
    قلت : يحتمل أن يكون أربع مرات ، لأن قوله : (ارْجِعِ) يدل على سابقه مرة (4).
    __________________
    (1) وهو قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).
    (2) وهو قوله تعالى : (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً).
    (3) الواو التى قبل وأبكارا لا بدّ منها ، لأن المعنى : بعضهن ثيبات وبعضهن أبكارا.
    ويستحيل العطف لأنه لا يمكن أن يكن ثيبات وأبكارا معا.
    (إملاء ما من به الرحمن «2 / 141»).
    (4) عنى المؤلف بعدد الكرات ولم يذكر سبب التكرار. وأقول : إن رجع البصر فى الكرة الأولى تحد من الله للعالم أن يكتشف الإنسان خللا فى إحكام خلق السموات ، فقد قال

    528 ـ قوله : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) (16) ، وبعده : (أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) (17). خوّفهم بالخسف أولا لكونهم على الأرض ، وبعده : (أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) (1) من السماء فلذلك جاء ثانية.
    سورة القلم
    529 ـ قوله تعالى : (حَلَّافٍ مَهِينٍ) إلى قوله : (زَنِيمٍ) «10 ، 13» (2) أوصاف تسعة ، ولم يدخل بينها واو العطف ، ولا بعد السابع ، فدل على ضعف القول بواو الثمانية.
    530 ـ قوله : (فَأَقْبَلَ) (30) بالفاء. سبق.
    531 ـ قوله : (فَاصْبِرْ) (48) بالفاء. سبق.
    سورة الحاقّة
    532 ـ قوله : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) (19) بالفاء ، وبعده : (وَأَمَّا) (25) بالواو ، لأن الأول متصل بأحوال القيامة
    __________________
    = بعدها : (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) «3» أى : شقوق. أما رجع البصر الثانى فهو كالأمر بالنظر فى ملكوت السموات ، وهو متجه إلى تحدى الإنسان أن يحصى ما فيها من عجائب الخلق ، أو يحيط بما فيها من كواكب وسيارات. فقد ذكر بعدها : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) [5] كما أعجز الخلق أن يعلموا شيئا عن السموات الأخرى غير الدنيا مهما استعانوا بوسائل الكشف جيلا بعد جيل ، وكرة بعد كرة ، فمهما حاولوا فإن البصر سينقلب خاسئا وهو حسير. والعجز متحقق من الإنسان فى الكرتين ، فى الأولى عجز عن إحصاء الكواكب والسيارات. وفى الثانية عجز عن معرفة حقيقة السماء الدنيا ، والسموات الأخرى.
    (1) الحاصب : القذف بالشهب وغيرها.
    (2) الزنيم : الدعى من الزنمة وهى الهنة من جلد الماعز تقطع فتخلى معلقة فى حلقة. سمى بذلك لأنه زيادة معلقة بغير أهله. وكان الوليد دعيا فى قريش ، ادعاه أبوه بعد ثمانى عشرة من مولده (البحر المحيط 8 / 310).
    ولم يدخل الواو لأن الصفات المذكورة كلها كانت مجتمعة فى الوليد الذى نزلت فيه الآية ، ولو ذكر الواو لاقتضى أن تكون موجودة فيه فى بعض الأحيان دون بعض.

    وأهوالها ، فاقتضى الفاء للتعقيب ، والثانى متصل بالأول فأدخل الواو لأنه للجمع.
    533 ـ قوله : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ. وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) «41 ، 42». خص ذكر الشعر بقوله Sadما تُؤْمِنُونَ) لأن من قال : القرآن شعر ، ومحمد شاعر ، بعد ما علم اختلاف آيات القرآن فى الطول والقصر ، واختلاف حروف مقاطعه ، فلكفره وقلة إيمانه. فإن الشعر : كلام موزون مقفى.
    وخص ذكر الكهانة بقوله : (ما تَذَكَّرُونَ) لأن من ذهب إلى أن القرآن كهانة ، وأن محمدا كاهن ، فهو ذاهل عن كلام الكهان ، فإنه أسجاع لا معانى تحتها ، وأوضاع تنبو الطباع عنها ، ولا يكون فى كلامهم ذكر الله تعالى.
    سورة المعارج
    534 ـ قوله : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) (22). وعقيبه ذكر الخصال المذكورة أول سورة المؤمنون (1). وزاد فيها : (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) (33) ، لأنه وقع عقيب قوله : (لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) (32) ، وإقامة الشهادة أمانة يؤديها إذا احتاج إليها صاحبها لإحياء حق ، فهى إذن من جملة الأمانة.
    وقد ذكرت الأمانة فى سورة المؤمنون (2) ، وخصت هذه السورة بزيادة بيانها ، كما خصت بإعادة ذكر الصلاة حيث قال : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) (34) ، بعد قوله : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ *
    __________________
    (1) أى بداية من قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ...) إلى قوله تعالى : (... أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ).
    (2) فى قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ).

    الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (23) (1).
    سورة نوح
    535 ـ قوله : (قالَ نُوحٌ) (21) بغير واو ، ثم قال : (وَقالَ نُوحٌ) (26) بزيادة الواو ، لأن الأول ابتداء دعاء ، والثانى عطف عليه.
    536 ـ قوله : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) (24) ، وبعده Sadإِلَّا تَباراً) (28) (2) ، لأن الأول وقع بعد قوله : (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) (24) ، والثانى بعد قوله : (لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (26) فذكر فى كل مكان ما اقتضاه معناه.
    سورة الجنّ
    537 ـ قوله : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) (3). كرر (أن) مرات ، واختلف القراء فى اثنتى عشرة منها ، وهى من قوله : (وَأَنَّهُ تَعالى ...) (3) إلى قوله : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) (14) ، ففتحها
    __________________
    (1) لم يذكر المؤلف علة التكرار فى الصلاة ، ولا الفرق بين (دائِمُونَ) و (يُحافِظُونَ) وذلك أن ما فى سورة المؤمنون بدأ بذكر الخشوع فى الصلاة إذ لا جدوى بدون الخشوع. ثم ذكر صفات تعين على الخشوع وإقام الصلاة هى :
    1 ـ الإعراض عن اللغو. 2 ـ وأداء الزكاة.
    3 ـ والعفة. 4 ـ وحفظ الأمانة والعهد.
    5 ـ ومن حفظ تلك الخلال حافظ على الصلاة فى وقتها. فقال تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ).
    وفى سورة المعارج ذكر العلة التى تزلزل الإيمان وهى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً. إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) [19 ـ 21]. وذكر أنه لا ينجو من تلك العلة إلا من تمكنت الصلاة والخشوع من قلبه ، ودوام عليها حتى دام له معنى الصلاة فيها وفى غيرها من الأوقات ، ذكرا لربه وصلة دائمة به. ثم ذكر سائر الصفات السابقة فى المؤمنون ، وختمها بقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) بالإفراد لتعم وقت الصلاة وغيره. أى : يحافظون على معنى الصلاة فى قلوبهم ، فيها وفى غيرها من الأوقات وهو : (المراقبة لله فى كل وقت) والله أعلم.
    (2) تبارا : هلاكا ودمارا.

    بعضهم عطفا على (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ) (1) ، وكسرها بعضهم على قوله : (إِنَّا سَمِعْنا) (1) ، وبعضهم فتح أنه عطفا على (أَنَّهُ) وكسر إنا عطفا على (إِنَّا) وهو شاذ (1).
    سورة المزّمّل
    538 ـ قوله : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) (20) ، وبعده Sadفَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (20) ، لأن الأول فى الفرض ، وقيل : فى النافلة ، وقيل : خارج الصلاة ، ثم ذكر سبب التخفيف فقال : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) (20) ، ثم أعاد فقال : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (20) ، والأكثرون على أنه فى صلاة المغرب والعشاء.
    سورة المدّثر
    539 ـ قوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ. فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) «18 ـ 20» ، أعاد (كَيْفَ قَدَّرَ) مرتين ، وأعاد (قَدَّرَ) ثلاث مرات ، لأن التقدير : إنه أى الوليد فكر فى بيان محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما أتى به ، وقدر ما يمكنه أن يقول فيهما ، فقال الله سبحانه : (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ). أى : القول فى محمد و (ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) ، أى : القول فى القرآن.
    540 ـ قوله : (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) (54). أى : تذكير ، وعدل إليها للفاصلة ، وقوله : (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) «54 ، 55» ، وفى عبس : (إِنَّها تَذْكِرَةٌ) (11) ، لأن تقدير الآية فى هذه السورة : إن القرآن تذكرة ، وفى عبس : إن آيات القرآن تذكرة (2) ، وقيل : حمل التذكرة على التذكير ، لأنها بمعناه.
    __________________
    (1) انظر : (البحر المحيط 8 / 347) ولم يذكر هذه القراءة ، وإنما ذكر قراءة الفتح والكسر فحسب.
    (2) ويحتمل أن تكون التذكرة الثانية متوجهة إلى قصة الأعمى ، والآيات التى نزلت فيها ، توجيها للمؤمنين وإلى وسائل تربية المسلمين. أما الأولى فللقرآن كله ، لأن المقام مقام الكلام عن الإيمان والكفر ، لا طرائق تربية المسلمين.

    سورة القيمة
    541 ـ قوله : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (1) ، ثم أعاد فقال Sadوَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (2). فيه ثلاث أقوال (1) : أحدها :أنه سبحانه أقسم بهما ، والثانى : لم يقسم بهما ، والثالث : أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة ، وقد سبق بيانه فى التفسير (2).
    542 ـ قوله : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (Cool. وكرر فى الآية الثانية Sadوَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (9) ، لأن الأول عبارة عن بياض العين (3) ، بدليل قوله : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (4) (7) ، وفيه قول ثان ، وهو قول الجمهور : إنهما بمعنى واحد ، وجاز تكراره لأنه أخبر عنه بغير الخبر الأول.
    وقيل : الثانى واقع موقع الكناية كقوله : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) «58 : 1» فصرح تعظيما وتفخيما وتيمنا.
    قلت : ويحتمل أن يقال : أراد بالأول الشمس قياسا على القمرين ، ولهذا ذكر فقال : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ). أى : جمع القمران ، فإن التثنية أخت العطف ، وهى دقيقة.
    543 ـ قوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) «34 ، 35» كررها مرتين ، بل كررها أربع مرات ، فإن قوله : (أَوْلى) تام فى الذم ، بدليل قوله Sadفَأَوْلى لَهُمْ) «47 : 20». فإن جمهور المفسرين : ذهبوا إلى أنه للتهديد ، وإنما كررها ، لأن المعنى : أولى لك الموت ، فأولى لك العذاب
    __________________
    (1) فى الأصول : ثلاث أقوال.
    (2) درج المؤلف على الإحالة على تفسيره ، ولا يوجد كاملا فيما نعلمه من مخطوطات إلى الآن.
    (3) لم نجد هذا المعنى فيما لدينا من كتب التفسير.
    (4) برق البصر : فزع ودهش.

    فى القبر ، ثم أولى لك أهوال القيامة ، وأولى لك عذاب النار. نعوذ بالله منها.
    سورة الإنسان
    544 ـ قوله : (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ) (15) ، وبعده : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) (19) ، إنما ذكر الأول بلفظ المجهول ، لأن المقصود ما يطاف به لا الطائفون ، ولهذا قال : (بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ) (15) ، ثم ذكر الطائفين فقال : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) (19).
    545 ـ قوله : (مِزاجُها كافُوراً) (5) ، وبعدها : (زَنْجَبِيلاً) (17) و (سَلْسَبِيلاً) (18) ، لأن الثانية غير الأولى ، وقيل : كافورا اسم علم لذلك الماء ، واسم الثانى : زنجبيل ، وقيل : سلسبيلا (1) ، قال ابن المبارك : سل من الله إليه سلسبيلا (2).
    ويجوز أن يكون اسمها زنجبيلا ، ثم ابتدأ فقال : سل سبيلا. ويجوز أن يكون اسمها هذه الجملة كقولهم : «تأبط شرّا» و «برق نحره» ، ويجوز أن يكون معنى (تسمى) : تذكر ، ثم قال الله : سل سبيلا ، واتصاله فى المصحف لا يمنع هذا التأويل لكثرة أمثاله فيه.
    سورة المرسلات
    546 ـ قوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) مكرر عشرات مرات (3) ، لأن كل واحد منها ذكرت عقيب آية غير الأولى ، فلا يكون تكرارا مستهجنا ، ولو لم يكرر كان متوعدا على بعض دون بعض.
    __________________
    (1) قال ابن الأعرابى والزجاج : «لم أسمع السلسبيل إلا فى القرآن ، وهو ما كان من الشراب غاية فى السلاسة». (البحر المحيط 8 / 392).
    (2) لم يورد السيوطى فى الدر ، ولا أبو حيان فى البحر ، ولا الزمخشرى فى الكشاف هذا المعنى.
    (3) هى فى الآيات : [15 ، 19 ، 24 ، 28 ، 34 ، 37 ، 40 ، 45 ، 47 ، 49].

    وقيل : إن من عادة العرب التكرار والإطناب ، كما فى عادتهم الاقتصار والإيجاز ، ولأن بسط الكلام فى الترغيب والترهيب أدعى إلّا إدراك البغية من الإيجاز.
    سورة النّبإ
    547 ـ قوله : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) «4 ، 5». قيل : التكرار للتأكد ، وقيل : الأول للكفار ، والثانى للمؤمنين ، وقيل : الأول عند النزع ، والثانى فى القيامة ، وقيل : الأول ردع عن الاختلاف ، والثانى عن الكفر (1).
    548 ـ قوله : (جَزاءً وِفاقاً) (26) ، وبعده : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) (36) ، لأن الأول للكفار ، وقد قال الله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها). فيكون جزاؤهم على وفق أعمالهم ، والثانى للمؤمنين وجزائهم جزاء وافيا كافيا ، فلهذا قال : (حِساباً) (36) أى : كافيا ، ومن قولك : حسبى وكفانى.
    سورة النّازعات
    549 ـ قوله : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) (34) ، وفى غيرها : (الصَّاخَّةُ) «80 : 33» ، لأن الطامة مشتقة من : طممت البئر ، إذا كسبتها ، وسميت القيامة طامة ، لأنها تكبس كل شىء وتكسره ، وسميت الصاخة ، والصاخة من الصخ : الصوت الشديد ، لأنه بشدة صوتها يجثو لها الناس ، كما يتنبه النائم بالصوت الشديد.
    __________________
    (1) ويجوز أن تكون الأولى لما ينالهم من هزيمة على أيدى المؤمنين ، والثانية لما ينالهم من عذاب الآخرة. ويؤيد هذا أن السورة مكية ، وقرب ما ينالونه من هزيمة ملحوظ ، وكذلك استعمال ثم الدالة على التراخى وتوالى الهزائم. ولم تستعمل سوف للدلالة على أنه قريب بالنسبة له تعالى.

    وخصت النازعات بالطامة ، لأن الطم قبل الصخ ، والفزع قبل الصوت فكانت هى السابقة ، وخصت عبس بالصاخة لأنها بعدها وهى اللاحقة (1).
    سورة التّكوير
    550 ـ قوله : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (6) ، وفى الانفطار Sadوَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) (3) ، لأن معنى سجرت عند أكثر المفسرين : أوقدت فصارت نارا ، من قولهم : سجرت التنور ، وقيل : هى بحار جهنم تملأ حميما فيعاقب بها أهل النار ، فخصت هذه السورة بسجرت موافقة لقوله : (سُعِّرَتْ) (12) ليقع الوعيد بتسعير النار وتسجير البحار.
    وفى الانفطار وافق قوله : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (2) ، أى : تساقطت (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) (3) ، أى : سالت مياهها (2) ففاضت على وجه الأرض و (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) (4) ، قلبت وأثيرت ، وهذه الأشياء كلها زايلت أماكنها ، فلاقت كل واحدة قرائنها (3).
    551 ـ قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (14) ، وفى الانفطار : (ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (5) ، لأن ما فى السورة متصل بقوله : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) (10) فقرأها أربابها ، فعلموا (4) ما أحضرت ، وفى الانفطار متصل بقوله : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) (4) ، والقبور كانت فى الدنيا ، فيذكرون ما قدموا فى الدنيا وما أخروا فى العقبى (5) ، فكل خاتمة لائقة بمكانها ، وهذه السورة من أولها شرط وجزاء ، وقسم وجواب.
    __________________
    (1) لم يذكر المؤلف سورة عبس ، ولعله اكتفى بما ذكره عنها فى آخر سورة النازعات.
    (2) فى أ : مائها.
    (3) فى ب : قراءتها. تحريف.
    (4) فى ب : فعلمت.
    (5) فى ب : فتتذكر ما قدمت فى الدنيا وما أخرت فى العقبى.

    سورة الانفطار
    552 ـ سبق ما فيها ، وقوله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) «17 ، 18» تكرار أفاد التعظيم ليوم الدين ، وقيل : أحدهما : للمؤمن ، والثانى : للكافر.
    سورة المطفّفين
    553 ـ قوله : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ. وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ. كِتابٌ مَرْقُومٌ) «7 ـ 9» ، وبعده : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ. وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ. كِتابٌ مَرْقُومٌ) «18 ـ 20» التقدير فيهما : إن كتاب الفجار لكتاب مرقوم فى سجين ، وإن كتاب الأبرار لكتاب مرقوم فى عليين ، ثم ختم الأول بقوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (10) ، لأنه فى حق الفجار ، وختم الثانى بقوله Sadيَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (21) ، فختم كل واحد بما لا يصلح سواه مكانه.
    سورة الانشقاق
    554 ـ قوله : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) «2 ، 5» ، لأن الأول : متصل بالسماء ، والثانى : متصل بالأرض ، ومعنى أذنت ، سمعت وانقادت وحق لها أن تسمع وتطيع ، وإذا اتصل واحد بغير ما اتصل به الآخر لا يكون تكرارا.
    555 ـ قوله : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) (22) ، وفى البروج : (فِي تَكْذِيبٍ) (19) راعى فواصل الآى مع صحة اللفظ وجودة المعنى (1).
    __________________
    (1) لم يوضح المؤلف ما ستر وراء مراعاة الفواصل من جودة المعنى وما بلغ الغاية من دقته. والذى لاحظته : أن الكلام فى سورة الانشقاق عن الأحياء من الكفار زمن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستعمل القرآن الفعل المضارع دون اقترانه بما يحول معناه إلى الاستقبال دلالة على كفرهم

    سورة البروج
    556 ـ قوله : (ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (11). ذلك مبتدأ والفوز خبره ، والكبير صفته ، وليس له فى القرآن نظير.
    سورة الطّارق
    557 ـ قوله : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (17). هذا تكرار وتقديره : مهل ، مهل ، مهل ، لكنه عدل فى الثانى إلى (أَمْهِلْهُمْ) لأنه من أصله ، وبمعناه ، كراهة التكرار. وعدل فى الثالث إلى قوله : (رُوَيْداً) (17) ، لأنه بمعناه ، أى : إروادا ، ثم إروادا. ثم صغر إروادا تصغير الترخيم فصار رويدا وذهب بعضهم إلى أن رويدا صفة مصدر محذوف ، أى : إمهالا رويدا فيكون التكرار مرتين ، وهذه أعجوبة (1).
    سورة الأعلى
    558 ـ قوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ) «1 ـ 2» وفى العلق : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (1) ، زاد فى هذه السورة (الْأَعْلَى) مراعاة للفواصل (2) ، وفى هذه السورة : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (2) ، وفى العلق : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) (2).
    __________________
    =فى الحال دون أن يغلق عليهم باب الإيمان. فلو قال فى هذه السورة : (فِي تَكْذِيبٍ) لاحتجوا بالقدر. أما فى سورة البروج فالكلام فى الذاهبين من الكفار (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ). وقد ثبت كفرهم وليس لهم مستقبل حياة ، فاستعمل المصدر الشامل لكل الأوقات. ألا ترى أنه قال فى هذه السورة : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ)؟.
    وذلك من دلائل إعجاز القرآن.
    (1) وجه العجب : تصرف القرآن الكريم فى الأسلوب بحيث يصلح بمقتضى التقدير موجزا ومسهبا فى تركيب واحد.
    (2) ليس الوجه هو مراعاة الفواصل فحسب ، بل إن ما فى سورة الأعلى اقترن اسم الرب بالتسبيح ، والتسبيح تنزيه ، والتنزيه علو ، فاقتضى (الْأَعْلَى) فهو توجه محض إلى الأعلى ، ولذلك أخر (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) [6].

    سورة الغاشية
    559 ـ قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) (2) ، وبعده : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) (Cool ليس بتكرار ، لأن الأول : هم الكفار ، والثانى : المؤمنون ، وكان القياس أن يكون الثانى بالواو للعطف ، لكنه جاء على وفاق الجمل قبلها وبعدها ، وليس معهن واو العطف البتة.
    560 ـ قوله : (وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ. وَنَمارِقُ) (1) «14 ، 15» كلها قد سبق ، وقوله : (وَإِلَى السَّماءِ) (18) ، (وَإِلَى الْجِبالِ) (19) ليس من الجمل ، بل هى أتباع لما قبلها.
    سورة الفجر
    561 ـ قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) (15) ، وبعده : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) (16) ، لأن التقدير فى الثانى أيضا : وأما الإنسان فاكتفى بذكره فى الأول. والفاء لازم بعده ، لأن المعنى مهما يكن من شىء فالإنسان بهذه الصفة ، لكن الفاء أخرت ليكون على لفظ الشرط والجزاء (2).
    سورة البلد
    562 ـ قوله : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (1) ، ثم قال : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) (2) كرره وجعله فاصلا فى الآيتين ، وقد سبق القول فى مثل هذا. ومما ذكر فى هذه السورة على الخصوص أن التقدير :
    __________________
    =وفى العلق اقترن اسم الرب بالقراءة ، وهى رسالة كلف بها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأهل الأرض. فهو تسبيح مع تكليف ، فاقتضى حذف (الْأَعْلَى) لئلا يستغرقه شهود العلو ، فلا يقوى على أداء الرسالة فى الأرض : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ).
    (1) النمارق : جمع نمرقة وهى : البساط.
    (2) وسر الشرط والجزاء : بيان فهم الإنسان حكمة الله فيه ، وأنه خاطئ فى نسبة الإهانة إلى الله ، بل أهان الإنسان نفسه بعدم إكرام اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين عند الفقد.

    لا أقسم بهذا البلد وهو حرام ، وأنت حل بهذا البلد (1) ، وهو حلال ، لأنه أحلت له مكة حتى قتل فيها من شاء (2) وقاتل ، فلما اختلف معناه صار كأنه غير الأول ، ودخل فى القسم الذى يختلف معناه ويتفق لفظه.
    سورة الشمس
    563 ـ قوله : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) (12). قيل : هما رجلان : قدار بن سالف ، ومصدع بن يزدهر (3) فوحد لروى الآية.
    سورة الليل
    564 ـ قوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (7) ، وبعده : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (10) أى : نسهله للحالة اليسرى ، والحالة العسرى ، وقيل : الأولى : الجنة ، والثانية : النار. ولفظه سنيسره. وجاء فى الخبر : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (4).
    سورة الضّحى
    565 ـ قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (9) كرر (أَمَّا) ثلاث مرات ، لأنها وقعت فى مقابلة ثلاث آيات أيضا ، وهى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى. وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى. وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى *
    __________________
    (1) أخرج الشيخان وأبو داود عن أبى هريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله تعالى حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليهم رسوله والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد قبلى ، وإنها إنما حلت لى ساعة من نهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدى». (تيسير الوصول 2 / 274 ، 275) حلبى.
    (2) قتل يوم الفتح عبد الله بن خطل. فقد أخرج الستة عن أنس : أن رجلا جاء إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الفتح فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة. فقال : اقتلوه.
    (تيسير الوصول 2 / 273).
    (3) ذكر أبو حيان أن اسمه مصدع بن مهرج ، وقال : استغويا سبعة نفر فكانوا تسعة (البحر المحيط 4 / 330).
    (4) أخرجه الإمام أحمد فى مسند (1 / 27 و 4 / 67 و 6 / 441) ، وأبو داود فى السنة وهو حديث وليس بخبر كما زعم المؤلف.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:43

    الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) «6 ـ 9» واذكر يتمك و (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (10) واذكر فقرك. (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (11) واذكر ضلالك والإسلام ، ولقوله : (ضَالًّا) وجوه ذكرت فى موضعها (1).
    سورة الشرح
    566 ـ قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) «5 ، 6» ليس بتكرار ، لأن المعنى : إن مع العسر الذى أنت فيه من مقاساة الكفار يسرا فى العاجل ، وإن مع العسر الذى أنت فيه من الكفار يسرا فى الآجل ، فالعسر واحد ، واليسر اثنان.
    وعن عمر رضى الله عنه : «لن يغلب عسر يسرين» (2).
    سورة التّين
    567 ـ قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (4) ، وقال فى البلد : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) «90 : 4» لا مناقضة بينهما ، لأن معناه عند كثير من المفسرين : منتصب القامة معتدلها ، فيكون فى معنى : أحسن تقويم ، ولمراعاة الفواصل فى السورتين جاء على ما جاء.
    __________________
    (1) أخرج السيوطى عن ابن عباس رضى الله عنهما فى معناه : ووجدك بين ضالين فاستنقذك منهم. (الدر المنثور 6 / 362).
    وقال أبو حيان : لا يمكن حمله على الضلال الذى هو ضد الهداية ، لأن الأنبياء معصومون من ذلك (البحر المحيط 8 / 486). وأجاد أبو زيد الدبوسى فى تفسير الآية فقال : لم يكن فى الأنبياء بحكم الفطرة خبث يدعوهم إلى المضل ، ولا ما يهديهم إلى المحل ، وكانوا فى مقام الحيرة ضالين عن الطريق بالوقوف على المنزل حتى هدوا بالعقل والكتاب المنزل .. (الأمد الأقصى. كتاب أقسام الناس فى الدين ، ورقة 87) وقد أفاض فى الحديث عن الموضوع.
    (2) هذا حديث عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخرجه السيوطى عن عبد بن حميد عن قتادة بلاغا ، وعن ابن مردويه عن الحسن ، وعن جابر بن عبد الله ، وعن البزار وابن أبى حاتم والطبرانى فى الأوسط ، وابن مردويه والبيهقى فى الشعب عن أنس وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر فدخل عليه حتى يخرجه» ، فأنزل الله : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً). وعند الطبرانى : وتلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الآيتين (الدر المنثور 6 / 364).

    سورة العلق
    568 ـ قوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (1) ، وبعده : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ) (3) ، وكذلك : (الَّذِي خَلَقَ) (1) ، وبعده : (خَلَقَ) (2) ، ومثله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (4) و (عَلَّمَ الْإِنْسانَ) (5) ، لأن قوله : (اقْرَأْ) مطلق ، فقيده بالثانى ، والذى خلق علم فخصه بما بعده ، و (عَلَّمَ) مبهم ففسره فقال : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (1).
    سورة القدر
    569 ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) «1 ، 2» ، ثم قال : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (3) فصرح به وكان حقه الكناية رفعا لمنزلتها ، فإن الاسم قد يذكر بالتصريح فى موضع الكناية تعظيما وتخويفا كما قال الشاعر :
    لا أرى الموت يسبق الموت حتى
    نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

    فصرح باسم الموت ثلاث مرات تخويفا ، وهو من أبيات الكتاب.
    __________________
    (1) ما ذكره المؤلف فى هذه السورة لا يكفى للكشف عن براهين القرآن فيها. والذى أراه والله أعلم : أن (اقْرَأْ) الأولى خاصة بالقرآن حفظا وتأملا ، لأنها كذلك فى سبب نزولها. وقرنها بقوله : (بِاسْمِ رَبِّكَ) تنبيها على الاستعانة به تعالى فى فهم مراده من كتابه. و (اقْرَأْ) الثانية مراد بها جميع العلوم المدونة التى تعين على زيادة الإيمان وقوته ، بالاستعانة بالله وبفيض كرمه ، ولذلك قال : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) بعد قوله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ).
    و (خَلَقَ) الأولى حث على التأمل فى صفة الخلق بالاستعانة به (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) وكذلك سائر جزئيات الخلق.
    و (عَلَّمَ) الأولى هى العلوم المكتوبة المدونة بالقلم مما يعين على الإيمان وللعبد فيها مدخل. والثانية العلم الموهوب من الله تعالى إذا روعيت الملابسات السابقة. ومن الملاحظ أن بداية العلم تأمل كلى يؤدى إلى العلم الجزئى ، ثم ينتهى الجزئى إلى الكلى أيضا على وجه أشمل وأقوى. فقد بدأ فى السورة ب (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وتدرج إلى الجزئى (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) ، ثم إلى جهد الإنسان مستعينا بربه (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ). وانتهى إلى فيض الله ومواهبه (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).

    سورة البيّنة
    570 ـ المتشابه فيها إعادة البينة والبرية مرتين ، وقد سبق.
    سورة الزّلزلة
    571 ـ قوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) «7 ، 8» وأعاده مرة أخرى ليس بتكرار ، لأن الأول متصل بقوله : (خَيْراً يَرَهُ) ، والثانى بقوله : (شَرًّا يَرَهُ).
    سورة العاديات
    572 ـ قوله : (وَالْعادِياتِ) (1). أقسم بثلاثة أشياء Sadوَالْعادِياتِ) و (فَالْمُورِياتِ) (2) و (فَالْمُغِيراتِ) (3) (1) ، وجعل جواب القسم أيضا ثلاثة أشياء : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (2) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ. وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) «4 ـ 6».
    سورة القارعة
    573 ـ قوله : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) (6) ، ثم : (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) (Cool جمع ميزان ، وله كفان وعمود لسان. وإنما جمع لاختلاف الموزونات ، وتجدد الوزن ، وكثرة الموزون لهم ، كقوله : (عَنِ الْأَهِلَّةِ) وإنما هو هلال واحد ، وقيل : هى جمع موزون.
    سورة التّكاثر
    574 ـ قوله : (كَلَّا) «3 ، 4 ، 5» فى المواضع الثلاثة. فيه قولان : أحدهما : أن معناه : الردع والزجر عن التكاثر ، فحسن الوقف عليه
    __________________
    (1) العاديات : الجاريات بسرعة. الموريات قدحا : أى التى تقدح الشرر من اصطدام حوافرها بالصخر وهى تجرى. والمغيرات : التى تغير على العدو فى سبيل الله.
    (2) الكنود : الكفور النعمة.

    والابتداء بما بعده ، والثانى : أنه يجرى مجرى القسم ومعناه (1).
    575 ـ قوله : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (3) ، وبعده : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (4) تكرار للتأكيد عند بعضهم ، وعند بعضهم هما فى وقتين : القبر والقيامة ، فلا يكون تكرارا ، وكذلك قول من قال : الأول للكفار والثانى للمؤمنين (2).
    576 ـ قوله : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ. ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) «5 ، 6» تأكيد أيضا : وقيل : الأول قبل الدخول ، والثانى بعد الدخول. ولهذا قال بعده : (عَيْنَ الْيَقِينِ) (5) أى : عيانا لستم عنها بغائبين ، وقيل : الأول من رؤية القلب ، والثانى من رؤية العين (3).
    سورة العصر
    577 ـ قوله : (وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسانَ) «1 ، 2». إنه أبو جهل ، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) : أبو بكر ، (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : عمر ، (وَتَواصَوْا بِالْحَقِ) : عثمان ، (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) : على رضى الله عن الخلفاء الأربع ، ولعن أبا جهل.
    578 ـ قوله : (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (3). كرر لاختلاف المفعولين. وهما : بالحق ، وبالصبر ، وقيل : لاختلاف
    __________________
    (1) ونزيد على ما ذكره المؤلف : أن الردع متوجه على التكاثر فى الدنيا بالمال والجاه ، ثم التكاثر فى المقابر والفخر بها. فكانت (كَلَّا). الأولى ردعا فى الدنيا بما ينال المتكاثرين من عقوبات مرتبة على الترف سجلها القرآن. والثانية فى الآخرة ، ولذلك اقترنت بحرف التراخى (ثُمَ) حيث لا ينفع مال ولا بنون.
    (2) ليس كذلك ، بل الخطاب فيهما للمتكاثرين بالمال والجاه والأجداد.
    (3) فى الأصول : الأول من رؤية العين ، والثانى من رؤية القلب ، ولعله تحريف من النساخ أفسد المعنى ، بدليل قوله تعالى قبله : (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ. لَتَرَوُنَ) فالخطاب هنا فى الدنيا ، وعلم اليقين هو : رؤية ما ليس مشهودا من الأمور الغيبية وكأنه مشاهد محسوس. وجاء بعدها (ثُمَ) الدالة على التراخى ، وقال : (لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) أى مشاهدة محسوسة بالعين يوم القيامة. وهذا أيضا دليل على ما قلنا فى السورة.

    الفاعلين ، فقد جاء مرفوعا : إن الإنسان (1).
    سورة الهمزة
    579 ـ قوله : (الَّذِي جَمَعَ) (2). فيه اشتباه ، ويحسن الوقف على (لُمَزَةٍ) (1) حيث لم يصلح أن يكون (الَّذِي) (1) وصفا له ، ولا بدلا عنه ، ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء بحسب خبره ، ويجوز أن يرتفع بالخبر. أى : هو الذى جمع. ويجوز أن يكون نصبا على الذم بإضمار. أعنى ، ويجوز أن يكون جرا بالبدل من قوله : (لِكُلِ) (1).
    سورة الفيل
    580 ـ قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ) (1) أتى فى مواضع (2) ، وهذا آخرها. ومفعولاه محذوفان ، وكيف مفعول ، ولا يعمل فيه ما قبله ، لأنه استفهام ، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
    سورة قريش
    581 ـ قوله : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ. إِيلافِهِمْ) «1 ، 2» كرر ، لأن الثانى بدل من الأول ، أفاد بيان المفعول ، وهو : (رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) (2).
    وروى عن الكسائى وغيره : ترك التسمية بين السورتين ، على أن اللام فى (لِإِيلافِ) متصل بالسورة الأولى ، وقد سبق بيانه فى التفسير.
    سورة الماعون
    582 ـ قوله : (الَّذِينَ هُمْ) «5 ، 6». كرر ولم يقتصر على مرة واحدة لامتناع عطف الفعل على الاسم ، ولم يقل : الذين هم يمنعون ، لأنه فعل فحسن عطف الفعل على الفعل.
    __________________
    (1) هكذا فى الأصول.
    (2) فى أ : جاءت فى مواضع.

    سورة الكوثر
    583 ـ قوله : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) (1) ، وبعده : (إِنَّ شانِئَكَ) (3). قيد الخبرين بإن تأكيدا ، والخبر إذا أكد بإن قارب القسم.
    سورة الكافرون
    584 ـ قوله : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (2). فى تكراره أقوال جمة ، ومعان كثيرة ، ذكرت فى موضعها ، قال الشيخ الإمام : وأقول : هذا التكرار اختصار. وهو إعجاز ، لأن الله نفى عن نبيه عبادة الأصنام فى الماضى والحال والاستقبال ، ونفى (عن) (1) الكفار المذكورين عبادة الله فى الأزمنة الثلاثة أيضا ، فاقتضى القياس تكرار هذه اللفظة (2) ست مرات فذكر لفظ الحال ، لأن الحال هو : الزمان الموجود ، واسم الفاعل واقع موقع الحال ، وهو صالح للأزمنة الثلاثة ، واقتصر من الماضى على المسند إليهم ، فقال : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) (4).
    ولأن اسم الفاعل بمعنى الماضى ، فعمل على مذهب الكوفيين ، واقتصر من المستقبل على (لفظ) (3) المسند إليه ، فقال : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) «3 ، 5» ، وكأن أسماء الفاعلين بمعنى المستقبل.
    سورة النّصر
    585 ـ وتسمى أيضا سورة التوديع ، فإن جواب إذا مضمر تقديره : إذا جاء نصر الله إياك على من ناوأك حضر أجلك. وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزلت هذه السورة يقول : «نعى الله تعالى إلى نفسى».
    __________________
    (1) سقطت من ب.
    (2) فى أ : أن تكرار هذه اللفظة.
    (3) سقطت من أ.

    سورة المسد (1)
    586 ـ قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا) ، وبعده : (وَتَبَ) (1) (2) ، ليس بتكرار ، لأن الأول جرى مجرى الدعاء ، والثانى جزاء ، أى : وقد تب ، وقيل : تبت يدا أبى لهب. أى : عمله ، وتب أبو لهب ، وقال مجاهد : وتب ابنه.
    سورة الإخلاص
    587 ـ قوله تعالى : (اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ) «1 ، 2». كرر لتكون كل جملة منهما مستقلة بذاتها ، غير محتاجة إلى ما قبلها. ثم نفى سبحانه عن نفسه (3) الولد والصاحبة (4) ، بقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
    سورة الفلق
    588 ـ نزلت فى ابتداء خمس سور وصارت متلوا بها ، لأنها نزلت جوابا (5).
    وكرر قوله : (مِنْ شَرِّ) أربع مرات ، لأن شر كل واحد منها غير (6) الآخر.
    سورة النّاس
    589 ـ قوله تعالى : (أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (1) ، ثم كرر الناس خمس مرات. قيل : كرر تبجيلا لهم على ما سبق ، وقيل : كرر
    __________________
    (1) وهى سورة المسد (المراجع).
    (2) فى أ : (ثب) خطأ.
    (3) فى ب : عند الولد.
    (4) فى ب : والزوجة والصاحبة.
    (5) لأن قوله تعالى : (قُلْ) : دال على طلب قبله.
    (6) سقطت من أ.

    لانفصال كل آية من الأخرى ، لعدم حرف العطف ، وقيل : المراد بالأول الأطفال ، ومعنى الربوبية يدل عليه (1) ، وبالثانى الشبان ، ولفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه ، وبالثالث الشيوخ ، ولفظ إله المنبئ عن العبادة يدل عليه ، وبالرابع الصالحون والأبرار ، والشيطان يولع بإغوائهم ، وبالخامس المفسدون والأشرار ، وعطفه على المتعوذ منهم يدل على ذلك (2).
    __________________
    (1) فى الأصول : (له).
    (2) فى أ : المعوذ منهم.

    الفَهارِسُ الفَنيّة
    1 ـ فهرس الآيات القرآنية.
    2 ـ فهرس الأعلام.
    3 ـ الكتب السماوية.
    4 ـ فهرس الفرق الملل والنّحل.
    5 ـ فهرس الأحاديث النبوية.
    6 ـ فهرس أقوال الصحابة.
    7 ـ فهرس الأمثال.
    8 ـ فهرس الأشعار.
    * ـ مصادر التحقيق.
    * ـ فهرس الموضوعات.
    * * *


    فهرسُ الآيات القرآنيّة
    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    1 الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم 1 65 1
    الفاتحة الحمد لله رب العالمين 2 65 2
    الفاتحة الرحمن الرحيم 3 65 / 66 1 ، 3
    الفاتحة مالك يوم الدين 4 65 1
    الفاتحة إيَّاك نعبد وإيَّاك يستعين 5 65 2
    الفاتحة صراط الذين أنعمت عليهم 7 66 3
    الفاتحة غير المغضوب عليهم 7 66 4
    2 البقرة إن الذين آمنوا والذين هادوا 62 75 20
    2 البقرة الم 1 66 6
    البقرة سواء عليهم أأنذرتهم 6 67 6
    البقرة آمنا بالله وباليوم الآخر 8 67 7
    البقرة وما هم بمؤمنين 8 67 8
    البقرة يأيها الناس اعبدوا ربكم 21 67 8
    البقرة خلقكم 21 111 108
    البقرة فأتوا بسورة من مثله 23 69 / 140 9 / 188
    البقرة شهداكم 23 140 189
    البقرة وأتوا به متشابهاً 25 112 109
    البقرة جاعل فى الأرض خليفة 30 112 109
    البقرة فسجدوا إلّا إبليس أبى واستكبر 34 70 10
    البقرة اسكن أنت وزوجك الجنة 35 70 11
    البقرة اهبطوا منها 38 71 12
    البقرة فمن تبع 38 71 13
    البقرة أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم 44 78 25


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    2 البقرة وتقوا يوماَ لا تجزى نفس عن نفس شيئاً 48 / 122 / 123 78 25
    البقرة ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل 48 71 14
    البقرة يُذَبِّحون أبناءكم 49 72 16
    البقرة عفونا عنكم من بعد ذلك 52 85 46
    البقرة ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 57 72 16
    البقرة وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا 58 73،72 17
    البقرة فبدل الذين ظلموا قولًا 59 74 17
    البقرة فانفجرت 60 74 18
    البقرة ويَقتُلُون النبيين بغير الحق 61 74 19
    البقرة إن الذين آمنوا ولذين هادوا والنصارى 62 75 20
    البقرة إن البقر تشابه علينا 70 112 109
    البقرة أيَّامّا معدودة 80 76 21
    البقرة فتمنوا الموت إن كنتم ... صادقين ولن يَتَمَنَّوه ... 94 / 95 76 22
    البقرة ولن يتمنوه 95 76 22
    البقرة بل أكثرهم لا يؤمنون 100 76 23
    البقرة قالوا اتخذ الله ولدًا 116 142 199
    البقرة ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى 120 78 25


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    2 البقرة قل إن هدى الله هو الهدى 120 92 62
    البقرة ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم 120 77 24
    البقرة للطائفين والعاكفين 125 182 324
    البقرة ربِّ اجعل هذا بلدًا آمنًا قولوا آمنا بالله وما أُنزل إلينا 136 79 27
    البقرة فلنولينك قبلةً ترضاها 144 91 61
    البقرة من بعد ما جاءك من العلم 145 77 24
    البقرة فلا تكونن 147 91 61
    البقرة ومن حيث خرجت 149 79 28
    البقرة وإنه للحق من ربك 149 79 28
    البقرة واخشونى 150 99 81
    البقرة لئلا يكون للناس حجة 150 79 28
    البقرة رسولًا منكم 151 93 66
    البقرة من بعد ما بيناه 159 80 29
    البقرة إلّا الذين تابوا وأصلحوا وبيَّنوا 160 80 29
    البقرة لآيات لقوم يعقلون 164 80 30
    البقرة بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا 170 80 / 81 31 / 32
    البقرة أولو نتبع ما ألفينا عليه آباءنا 170 80 / 81 31 / 32
    البقرة أولو كان آباوهم لا يعقلون شيئاً 170 81 32
    البقرة وما أُهِلَّ به غير الله 173 81 33
    البقرة فالا إثم عليه 173 81 34



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    2 البقرة إن الله غفور رحيم 173 82 35
    البقرة إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ... 174 82 36
    البقرة إن الله سميع عليم 181 83 37
    البقرة إن الله غفور رحيم 182 83 37
    البقرة فمن كان منكم مريضًا أو على سفر 184 83 38
    البقرة ومن كان مريضًا أو على سفر 185 83 38
    البقرة فمن شهد منكم الشهر فليصمه 185 83 38
    البقرة ولا تباشروهن وأنتم علكفون فى المساجد 187 83 39
    البقرة تلك حدودالله فلا تقربوها 187 83 39
    البقرة يسألونك عن الأهِلَّة 189 83 40
    البقرة ويكون الدّين لله 193 84 41
    البقرة فمن كان منكم مريضًا أو به أذّى من رأسه 196 83 38
    البقرة فى أيّام معدودات 203 76 21
    البقرة أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولَمّا يأتكم 214 84 42
    البقرة لعلكم تتفكرون * فى الدنيا والآخرة 219 / 220 84 43



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    2 البقرة ولا تنكحوا المشركات 221 85 44
    البقرة ولا تنكحوا المشركين 221 85 44
    البقرة فإمساك بمعروف 229 85 45
    البقرة تلك حدود الله فلا تعتدوها 229 83 39
    البقرة فأمسكوهن بمعروف 231 85 45
    البقرة ذلك يوعظ به من كان منكم 232 85 46
    البقرة فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف 234 85 47
    البقرة من معروف 240 86 47
    البقرة ولكن أكثر الناس لا يشكرون 243 141 197
    البقرة ولو شاء الله ما اقتتلوا 253 141 197
    البقرة لا يقدرون على شىء مما كسبوا 264 154 246
    البقرة لعلكم تتفكرون 266 84 43
    البقرة ويكفّر عنكم من سيئاتكم 271 87 49
    البقرة وما تنفقوا من خير 272 87 49
    البقرة واتقوا يومّا ترجعون فيه إلى الله 281 68 8
    البقرة فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء 284 87 50



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    3 آل عمران أياماً معدودات 24 76 21
    آل عمران وأُخر متشابهات 7 66 / 112 5 / 109
    آل عمران إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه 9 88 51
    آل عمران إن الله لا يخلف الميعاد 9 88 51 ، 52
    آل عمران كدأب آل فرعون والذين من قبلهم 11 88 52
    آل عمران شهد الله أنه لا إله إلّا هو 18 88 53
    آل عمران إن الذين عند الله الإسلام 19 92 62
    آل عمران أسلمت وجهى لله 20 151 233
    آل عمران ويقتلون النبيين بغير حق 21 74 19
    آل عمران أيّامًا معدودات 24 76 21
    آل عمران وتخرج الحىّ من الميِّتِ وتخرج الميتَ من الحىِّ 27 110 106
    آل عمران ويحذر كم الله نفسه 28 89 54
    آل عمران وإلى الله المصير 28 89 54
    آل عمران والله رءُوفٌ بالعباد 30 89 54
    آل عمران قال ربّ أنى يكون لى غلام وقد بلغتى الكبر 40 89 55
    آل عمران قالت ربّ أنى يكون لى ولد 47 89 56
    آل عمران فأنفخ فيه 49 89 57
    آل عمران بإذن الله 49 90 58
    آل عمران إن الله ربى وربكم 51 91 59
    آل عمران بأنَّا مسلمون 52 91 60
    آل عمران الحق من ربك فلا تكن 60 91 61


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    3 آل عمران ربنا فاغفر لنا 193 117 121
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:45

    آل عمران ثم مأواهم جهنم 197 94 68
    4 النساء خلقكم 1 111 108
    النساء وكفى بالله حسيبًا 6 167 280
    النساء والله عليم حليم 12 95 69
    النساء ومن يطع الله 13 95 69
    النساء خالدين فيها وذلك الفوز العظيم 13 95 70
    النساء محصنين غير مسافحين 24 95 71
    النساء محصنات غير مسافحات 25 96 72
    النساء ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر 38 67 7
    النساء فامسحوا بوجوهكم وأيديكم 43 96 72
    النساء كفى بالله لا نصيراً 45 167 280
    النساء يأيها الذين أُوتوا الكتاب 47 96 74
    النساء إن الله لا يغفر أن يشرك به 48 96 73
    النساء فقد افترى 48 96 73
    النساء بدَّلناهم جلوداً غيرها 56 211 420
    النساء درجة 95 97 75
    النساء درجات 96 97 75
    النساء ومن يشاقق الرسول 115 97 76
    النساء فقد ضل 116 96 73
    النساء ما فى السماوات وما فى الأرض 126 98 79


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    4 النساء ويستفتونك فى النساء 127 99 80
    النساء لله ما فى السموات وما فى الأرض 131 99 79
    النساء كونوا قوامين بالقسط شهداء لله 135 98 77
    النساء ولو على أنفسكم أو الوالدين 135 98 77
    النساء فقد ضلَّ 136 99 76
    النساء لايحب الله الجهر بالسوء 148 98 78
    النساء إن تبدو خيرًا أو تخفه 149 98 78
    النساء وقتلهم الأنبياء بغير حق 155 74 19
    النساء وإن تكفروا فإن لله ما فى السموات والأرض 170 98 79
    النساء ما فى السموات وما فى الأرض 171 99 79
    النساء يستفتونك 176 99 80
    5 المائدة وما أهل لغير الله به 3 81 33
    المائدة واخشون اليوم أكملت لكم دينكم 3 99 81
    المائدة محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان 5 96 71
    المائدة فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه 6 96 72
    المائدة واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور 7 100 82
    المائدة ولا يجرمنكم شنآن قوم أن تعتدوا 8 98 77



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    5 المائدة قوامين لله شهداء بالقسط 8 98 77
    المائدة واتقوا الله أن الله خبير بما تعملون 8 100 82
    المائدة وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم 9 100 83
    المائدة يُحرفون الكلم عن مواضعه 13 101 84
    المائدة ونسوا حظّا مما ذكروا به 13 / 14 101 85
    المائدة يأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم 15 101 86
    المائدة إن الله هو المسيح ابن مريم 17 102 87
    المائدة فمن يملك من الله شيئًا إن أراد أن يهلك المسيح 17 228 483
    المائدة ولله ملك السموات والأرض وما بينهما 17 102 87
    المائدة وقالت اليهوج والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه 18 101،102 86،87
    المائدة ولله ملك السموات والأرض وما بينهما 18 102 87
    المائدة يأهل الكتاب 19 96 / 101 74 / 86
    المائدة على فترة من الرسل 19 102 86
    المائدة وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله 20 103 88
    المائدة إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكًا وآتاكم مالم يؤت أحدًا 20 103 88


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    5 المائدة يا قوم ادخلوا 21 103 88
    المائدة يا موسى إنّا 24 103 88
    المائدة يعذب من يشاء ويغفر 40 87 50
    المائدة ليفتدوا به 36 152 239
    المائدة يُحَرِّفُون الكلم من بعد مواضعه 41 101 84
    المائدة واخشون ولا تشتروا 44 99 81
    المائدة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون 44 103 89
    المائدة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون 45 103 89
    المائدة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون 47 103 89
    المائدة إلى الله مرجعكم جميعًا 48 139 180
    المائدة يأهل الكتاب 59 96 74
    المائدة والصابئون والنصارى 69 75 20
    المائدة لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة 73 103 90
    المائدة ما وجدنا عليه آباءنا 104 80 / 81 31،32
    المائدة أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا 104 81 32
    المائدة فتنفخ فيها 110 89 57
    المائدة بإذنى 110 90 58



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    5 المائدة بأننا مسلمون 111 91 60
    المائدة لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها 119 104 91
    6 الأنعام الحمد لله الذى خلق السموات والنور 1 155 249
    الأنعام خلقكم 2 112 108
    الأنعام فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم 5 104 92
    الأنعام ألم يروا كم أهلكنا 6 104 93
    الأنعام كم أهلكنا من قبلهم من قرن 6 105 94
    الأنعام وأنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين 6 105 / 112 94 / 108
    الأنعام قل سيروا فى الأرض ثم انظروا 11 105 94
    الأنعام الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون 12 105 95
    الأنعام وأوحى ألىّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ 19 106 96
    الأنعام الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون 20 105 95
    الأنعام وأوحى إلى هذا القرآن لاُنذركم به ومن بلغ 19 106 96
    الأنعام الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون 20 105 95
    الأنعام ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا 21 106 96



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    6 الأنعام ومنهم من يستمع إليك 25 106 97
    الأنعام ولو ترى إذ وقفوا على النار 27 107 98
    الأنعام ولو ردوا لعادوا اما نهوا عنه وإنهم لكاذبون 28 107 99
    الأنعام إن هى إلّا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين 29 107 99
    الأنعام ولو ترى إذ وقفوا على ربهم فذوقوا العذال بماكمتن تكفرون 30 107 98
    الأنعام وما الحياة الدنيا إلّا لعب ولهو 32 107 100
    الأنعام أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة 40 108 101
    الأنعام لعلهم يتضرعون 42 109 102
    الأنعام جاءهم بأسنا تضرعوا 43 109 102
    الأنعام قل أرأيتم 46 108 101
    الأنعام انظر كيف نصرف الآيات 46 109 103
    الأنعام قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة 47 108 101
    الأنعام قل لا أقول لكم عندى خزائن الله 50 109 104
    الأنعام ولا أقول لكم إنى ملك 50 145 210
    الأنعام أفلا تتفكرون 50 84 43
    الأنعام انظر كيف نصرف الآيات 65 109 103
    الأنعام بعد الذكرى 68 110 105



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    6 النعام ولكن ذكرى 69 110 105
    النعام ليس لها من دون الله ولا شفيع 70 131 160
    النعام ما لا ينفعنا ولا يضرنا 71 130 / 131 160
    النعام درجات 83 97 75
    النعام إن هو إلّا ذكرى للعالمين 90 110 106
    النعام إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحىّ من الميت 95 110 106
    النعام فالق الإصباح ودعل الليل سكنًا 96 110 106
    النعام قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون 97 111 107
    النعام أنشأكم 98 111 108
    النعام قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون 98 111 107
    النعام مشتبهًا وغير متشابه 99 112 109
    النعام إن فى ذلكم لآيات لقوم يفقهون 98 111 107
    النعام مشتبهًا وغير متشابه 99 112 109
    النعام إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون 99 111 107
    النعام ذلكم الله ربكم لا إله الّا هو خالق كل شىء 102 112 110
    النعام جاءكم بصائر من ربكم 104 113 111
    النعام ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون 112 113 111



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    6 الأنعام إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله 117 113 112
    الأنعام الله أعلم حيث يجعل رسالته 124 113 112
    الأنعام درجات 132 97 75
    الأنعام اعملوا على مكانتكم إنىعامل فسوف تعلمون 135 113 / 114 113
    الأنعام وجعلوا لله ممّا ذرأ 136 113 111
    الأنعام ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون 137 113 111
    الأنعام وهو الذى أيشأ جنات معروشات 141 82 ـ 112 35 ـ 108
    الأنعام متشابها وغير متشابه 141 112 109
    الأنعام أهل لغير الله به 145 81 33
    الأنعام فإن ربّك غفور رحيم 145 82 35
    الأنعام سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا 148 114 114
    الأنعام نحن نرزقكم وإيّاهم 151 114 115
    الأنعام ولا تقتلوا النفس التى حرّم الله إلّا بالحق 151 74 19
    الأنعام ذلكم وصّاكم به لعلكم تعقلون 151 114 116
    الأنعام لعلكم تذكرون 152 115 116
    الأنعام وهو الذى أنشأ جنات 141 82 35


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    6 الأنعام لعلكم تتقون 153 115 116
    الأنعام من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها 160 116 118
    الأنعام جعلكم خلائف الأرض 165 115 / 116 117 / 118
    الأنعام إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم 165 115 118
    7 الأعراف المص 1 67 5
    الأعراف فلا يكن فى صدرك حرج منه 2 67 5
    الأعراف فسجدوا إلا أبليس لم يكن من الساجدين 11 70 10
    الأعراف إلّا إبليس لم يكن من الساجدين 11 116 119
    الأعراف قال ما منعك 12 116 119
    الأعراف ألّا تسجد 12 116 120
    الأعراف أنظرنى إلى يوم يبعثون 14 117 121
    الأعراف إنك من المنظرين 15 118 122
    الأعراف فبما أغويتنى 16 118 123
    الأعراف لأقعدن لهم 16 119 124
    الأعراف اخرح منها مذءومًا 18 71 / 119 11 / 124
    الأعراف ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة فكلا من حيث شئتما 19 71 / 59 11 / 125
    الأعراف ولكل أمّة أجل فإذا جاء أجلهم 34 119 126


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    7 الأعراف وهم بالخرة كافرون 45 119 127
    الأعراف الذين اتخذوا دينهم لهواً 51 107 100
    الأعراف وخيفة 55 131 161
    الأعراف وادعوه خوفًا وطمعًا 56 120 128
    الأعراف وهو الذى يرسل الرياح 57 119 128
    الأعراف لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه 59 120 / 121 129 / 130
    الأعراف قال الملأ من قومه 60 121 131
    الأعراف أبلغكم رسالات ربّى وأنصح لكم 62 121 132
    الأعراف أبلغكم رسالات 62 122 133 / 134
    الأعراف فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك 64 122 135
    الأعراف قال الملأ 66 121 131
    الأعراف وأنا لكم ناصح أمين 68 122 132
    الأعراف ما نزّل الله بها من سلطان 71 123 138
    الأعراف ولا تمسوّها بسوء فيأخذكم عذاب أليم 73 123 136
    الأعراف تتخذون من سهولها قصورًا 74 124 139
    الأعراف وتنحتون الجبال بيوتاً 74 123 139
    الأعراف مفسدين 74 124 142
    الأعراف مؤمنون 75 124 142
    الأعراف كافرون 76 124 142
    الأعراف المرسلين 77 124 142
    الأعراف فأحذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين 78 123 / 124 137 / 142
    الأعراف الناصحين 79 124 142



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    7 الأعراف لقد أبلغتكم رسالة ربِّى ونصحت لكم 79 122 132 / 134
    الأعراف ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة 80 124 141
    الأعراف العالمين 80 124 142
    الأعراف إنَّكم لتأتون الرجال 81 124 141
    الأعراف بل أنتم قوم مسرفون 81 124 142
    الأعراف مسرفون * وما كان 81 / 82 125 143
    الأعراف ومن كان جواب قومه 82 125 143
    الأعراف أخرجوهم 82 125 143
    الأعراف كانت من الغابرين 83 125 144
    الأعراف وأمطرنا عليهم مكرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين 84 124 140
    الأعراف من آمن به وتبغونها عوجًا 86 92 63
    الأعراف وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين 86 124 140
    الأعراف أبلغتكم 93 122 133
    الأعراف يضرعون 94 109 102
    الأعراف ولو أن اهل القرى آمنوا واتقوا 96 125 145
    الأعراف ونطبع على قلوبهم 100 124 146
    الأعراف بما كذبوا من قبل 101 125 145
    الأعراف كذلك يطبع الله 101 126 146


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    7 الأعراف قال الملأ من قوم فرعون أنّ هذا لساحر عليم 109 126 147
    الأعراف يريد أن يخرجكم من أرضكم 110 127 147 / 148
    الأعراف قالوا أرجه وأخاه 111 126 147
    الأعراف وأرسل 111 127 149
    الأعراف بكل ساحر عليم 112 127 150
    الأعراف وجاء السحرة فرعون قالوا 113 127 151
    الأعراف قال نعم وإنّكم لمن المقربين 114 127 152
    الأعراف إما أن تلقى وإما أن نكون نحن الملقين 115 128 153
    الأعراف قال فرعون 123 129 155
    الأعراف آمنتم به 123 129 154
    الأعراف فسوف تعملون لأقطعن 124 / 123 128 153
    الأعراف ثم لأُصلبنّكم 124 129 156
    الأعراف إنّا إلى ربنا منقلبون 125 129 157
    الأعراف يسومونكم سوء العذاب يقتِّلون 141 72 / 129 15 / 158
    الأعراف برسالاتى وبكلامى 144 122 134
    الأعراف ومن قوم موسى 159 74 17
    الأعراف فانبجست 160 74 18
    الأعراف ولكن كانوا انفسهم يظلمون 160 72 16



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    7 الأعراف وإذ قيل لهم اسكنوا 161 72 17
    الأعراف فأرسلنا 162 74 17
    الأعراف وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس 165 116 118
    الأعراف كونوا قردة خاسئين 166 116 118
    الأعراف إن ربّك لسريع العقاب وإنه لغفورٌ رحيم 167 115 118
    الأعراف منهم الصّالحون ومنهم دون ذلك 168 74 17
    الأعراف عرض هذا الأدنى 169 150 232
    الأعراف والدار الآخرة خير 169 150 232
    الأعراف من يهد الله فهو المهتدى 178 129،130 159،160
    الأعراف قل لا أملك لنفسى يفعًا ولا ضرّا إلّا ما شاء الله 188 130 160
    الأعراف لا ستكثرت من الخير وما مسّنى السوء 188 130 160
    الأعراف خلقكم 189 111 108
    الأعراف سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون 193 110 106
    الأعراف أم أنتم صامتون 193 110 106
    الأعراف إنّه سميعٌ عليم 200 222 457
    الأعراف وخيفة 205 131 161
    8 الأنفال فاستجاب لكم 9 6493 64
    الأنفال وما جعلهُ الله إلّا بشرى 10 / 13193 64 / 162
    الأنفال وما جعله الله إلّا بشرى 10 93 / 131 64 / 162
    الأنفال ومن يشاقق الله ورسوله 13 97 / 131 76 / 162
    الأنفال إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة 32 167 279


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    8 الأنفال ويكون الدين كله لله 39 84،131 41،162
    الأنفال كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله 52 132 163
    الأنفال كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم 54 132 163
    الأنفال تريدون عرض الدّنيا 67 132 / 133 164
    الأنفال لو لا كتابٌ من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم 68 133 164
    الأنفال فكلوا مما غنمتُم 69 133 164
    الأنفال إنّ الذين آمنوا وهاجرا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم 72 132 164
    9 التوبة فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر 2 133 165
    التوبة واعلموا أنكم غير معجزى الله 2 133 165
    التوبة كيف يكون للمشركين عند الله وعند رسوله 7 133 167
    التوبة كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلّا ولا ذمة 8 133 167
    التوبة لا يرقبوا فيكم إلّا ولا ذمة 8 134 168
    التوبة اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا 9 133 166
    التوبة لا يرقبون فى مؤمن إلّا ولا ذمة 10 134 168



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    9 التوبة فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة 11 133 166
    التوبة أم حسبتم أن تتركوا ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم 16 84 / 133 42 / 164
    التوبة كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد فى سبيل الله 19 133 164
    التوبة الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله 20 132 / 133
    134 170 / 171
    التوبة قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله 29 67 7
    التوبة يريدون أن يطفئوا نور الله 32 136 175
    التوبة ولا تضروه شيئًا 39 145 211
    التوبة وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم 54 134 170
    التوبة كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون 54 134 170
    التوبة ولا بأتون الصلاة إلّا وهم كسالى 54 134 / 135 170 / 171
    التوبة فلا تعجبك أموالهم 55 134 171
    التوبة ولا أولادهم 55 135 172
    التوبة إنما يريد الله ليعذبهم 55 136 175
    التوبة فى الحياة الدنيا 55 135 174



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    9 التوبة ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم 72 136 176
    التوبة ومأواهم جهنم 73 94 68
    التوبة إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا 84 134 / 135 170 / 171
    التوبة ولا تفجبك أموالهم 85 135 171
    التوبة وأولادهم 85 135 172
    التوبة إنما يريد الله أن يعذبهم 85 135 171 / 172
    التوبة وإذا أنزلت سورة 86 137 177
    التوبة وطبع على قلوبهم 87 137 177
    التوبة خالدين فيها 89 137 176
    التوبة وطبع الله 93 137 177
    التوبة قد نبأنا الله من أخباركم 94 138 178
    التوبة وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون 94 137 178
    التوبة ومأواهم جهنم 95 94 68
    التوبة خالدين فيها أبدًا ذلك الفوز العظيم 100 137 176
    التوبة ذلك الفود العظيم 100 95 70
    التوبة والمؤمنون وستردون 105 137 / 138 178
    التوبة وعدًا عليه حقًّا فى التوراة والإنديل 111 137 176



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    9 التوبة فاستبشروا ببيعيكم الذى بايعتم به 111 136 / 137 176
    التوبة ولا يطئون موطئًا بغيظ الكفار 120 138 179
    التوبة إلّا كتب لهم به عمل صالح 120 138 179
    التوبة إن الله لا يصيع أجر المحسنين 120 138 179
    التوبة إلّا كتب لهم 121 138 179
    التوبة ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون 121 138 179
    التوبة لقد جاءكم رسول من أنفسكم 128 94 66
    10 يونس أليه مرجعكم جميعًا 4 138 180
    يونس ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط 4 138 180
    يونس ولو يعجل الله للنّاس الشّر 11 139 181
    يونس وإذا مسّ الإنسان الضٌّر 12 130 / 139 182
    يونس كذلك نجزى القوم المخرمين 13 106 96
    يونس ثم جعلناكم خلائف فى الأرض 14 106 96
    يونس فقد لبثت فيكم عمرًا 16 106 96
    يونس فمن أظلم 17 106 / 139 96 / 183
    يونس إنه لا يفلح المجرمون 17 106 69
    يونس ما لا يضرهم ولا ينفعهم 18 130 / 139 160 / 184
    يونس بما لا يعلم عى السموات ولا فى الأرض 18 139 185



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    10 يونس فيما فيه يختلفون 19 139 185
    يونس أنجيتنا 22 140 187
    يونس فلمّا أنجاهم 23 140 187
    يونس ويوم نحشرهم جميعّا 28 140 191
    يونس ومن يخرج الحيّ من الميّت ويخرجُ الميّت من الحِّىّ 31 110 106
    يونس فأتوا بسورة مثله 38 140 188
    يونس واعوا من استطعتم 38 140 189
    يونس ومنهم من يستمعون إليك 42 106 / 140 97 / 190
    يونس ومنهم من ينظر إليك 43 107 / 140 97 / 190
    يونس ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا 45 140 191
    يونس قل لا أملك لنفسى ضرّا ولا نفعاً 49 130 160
    يونس لكل أمّة أجل إذا جاء أجلهم 49 119 / 141 126 / 192
    يونس ولو أن لكل نفس ظلمت ما فى الأرض 54 141 193
    يونس ألا إن لله ما فى السموات والأرض 55 141 193
    يونس ولكن أكثرهم لا يعلمون 55 141 193
    يونس ولكن أكثرهم لا يشكرون 60 141 196
    يونس فى الأرض ولا فى السماء 61 141 / 208 197 / 406



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    10 يونس ولا يحزنك قولهم 65 141 / 212 194 / 423
    يونس ألا إن لله من فى السموات 66 141 194
    يونس إنّ فى ذلك لآيات لقوم سيمعون 67 142 198
    يونس قالوا اتخذ الله ولدًا 68 142 199
    يونس له ما فى السموات وما فى الأرض 68 141 195
    يونس ة أمرت أن أكون من المسلمين 72 143 203
    يونس فنجيناه 73 126 / 142 146 / 200
    يونس وجعلناهم 73 126 146
    يونس كذبوا بآياتنا 73 126 145
    يونس ثم بعثنا 74 126 146
    يونس بما كذبوا به 74 125 / 142 145 / 201
    يونس نطبع 74 126 146
    يونس من فرعون وملئهم 83 142 202
    يونس فقد لبثت فيكم عمرًا 16 106 96
    يونس فمن أظلم 17 106 / 139 96 / 183
    يونس إنه لا يفلح المجرمون 17 106 69
    يونس ما لا يضرهم ولا ينفعهم 18 130 / 139 160 / 184
    يونس بما لا يعلم عى السموات ولا فى الأرض 18 139 185



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    10 يونس ولا يحزنك قولهم 65 141 / 212 194 / 423
    يونس ألا إن لله من فى السموات 66 141 194
    يونس إنّ فى ذلك لآيات لقوم سيمعون 67 142 198
    يونس قالوا اتخذ الله ولدًا 68 142 199
    يونس له ما فى السموات وما فى الأرض 68 141 195
    يونس وأمرت أن أكون من المسلمين 72 143 203
    يونس فنجيناه 73 126 / 142 146 / 200
    يونس وجعلناهم 73 126 146
    يونس كذبوا بآياتنا 73 126 145
    يونس ثم بعثنا 74 126 146
    يونس بما كذبوا به 74 125 / 142 145 / 201
    يونس نطبع 74 126 146
    يونس من فرعون وملئهم 83 142 202
    يونس ثم ننجى رسلنا ولذين آمنوا 103 131 160
    يونس وأمرت أن أكون من المؤمنين 104 142 103
    يونس ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضّرك 106 130 / 131 160 / 161
    هود وإن تولوا فإنى أخاف 3 139 180
    هود إلى الله مرجعكم 4 138 180
    هود ولئن أذقنا الإنسان منّا رحمة 9 223 461



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    11 هود ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسّته 10 223 460
    هود بعشر سور مثله مفتريات 13 68 / 140 8 / 188
    هود وادعوا من استطعتم 13 140 189
    هود فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا 14 143 204
    هود هؤلاء الذين كذبوا 18 119 127
    هود ألا لعنة الله على الظالمين 18 119 127
    هود وهم بالآخره هم كافرون 19 119 / 143 127 / 205
    هود يتصرون 20 143 206
    هود يفترون 21 143 206
    هود لا جرم أنهم فى الآخرة هم الأخسرون 22 143 206
    هود ولقد أرسلنا 25 120 129
    هود ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه إنّى لكم نذير مبين 25 144،120 207،129
    هود فقال الملأُ 27 144 207
    هود ما نراك إلّا بشرًا مثلنا 27 144 208
    هود ما نراك لكم 27 109 104
    هود وآتانى رحمة من عنده 28 144 208
    هود ويا قوم لا أسالكم عليه مالًا إن أجرى 29 144 209
    هود ولا أقول إنّى ملك 31 109 / 145 104 / 210



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    11 هود أنصح لكم 34 110 104
    هود ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا 52 167 280
    هود فإن تولوا فقد أبلغتكم 57 145 212
    هود ولا تضرونه شيئاً 57 145 211
    هود ولمّا جاء أمرنا نجينا هودًا 58 145 212
    هود وأُتبعوا فى هذه الدنيا لعنة 60 145 213
    هود إن ربّى قريب مجيب 61 146 214
    هود قد كنت فينا مرجوّا 62 144 / 146 208 / 215
    هود وإننا لفى شك ممّا تدعونا إليه مريب 62 146 215
    هود وآتانى منه رحمة 63 144 208
    هود ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب 64 123 136
    هود تمتعوا فى دار كم ثلاثة أيَّام 65 145،123 212،136
    هود وأخذ الذين ظلموا الصّيحة 67 146 216
    هود فى ديارهم 67 146 217
    هود إن ثمودَاْ 68 147 218
    هود لحليم أواه منيب 75 146 214
    هود ولمّا جاءت 77 199 380
    هود قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك 81 199 380
    هود فأسر بأهلك بقطع من الليل 81 147 220
    هود أليس الصبح بقريب 81 145 212
    هود ورزقنى منه رزقاً حسناً 88 144 208



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:46


    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    11 هود استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربّى رحيم ودود 90 167،146 214 ـ 279
    هود سوف تعلمون 93 145 212
    هود وأخذت الذين ظلموا الصّيحة فأصبحوا 94 123 / 146 137 / 216
    هود كما بعدت ثمود 95 146 216
    هود فى هذه لعنة 99 145 213
    هود وما كان ربك ليهلك القرى بظلم 117 147 219
    12 يوسف إن ربك عليم حكيم 6 148 221
    يوسف بل سولت لكم أنفسكم أمرّا فصبرٌ جميل 18 148 222
    يوسف ولمّا بلغ أشده آتيناه حكمًا وعلمًا 22 148 / 194 223 / 364
    يوسف معاذ الله 23 148 224
    يوسف إنّا نراك من المحسنين 78،36 149 226
    يوسف ولكن أكثر الناس لا يشكرون 38 141 196
    يوسف يا صاحبى السجن ... 39 / 41 149 227
    يوسف أنزل 40 123 138
    يوسف لعلّى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون 46 149 228
    يوسف قلن حاش لله 51 148 225
    يوسف لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم 62 149 228
    يوسف تالله 73 / 85 149 229
    91 / 95



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    12 يوسف إنّا نراك من المحسنين 78 149 229
    يوسف قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم 95 149 229
    يوسف إن هو إلّا ذكر للعالمين 104 110 105
    يوسف وما أرسلنا من قبلك 109 150 230
    يوسف أفلم يسيروا فى الأرض 109 150 231
    يوسف ولدار الآخرة خير 109 150 231
    13 الرعد الله الذى رفع السموات 2 67 5
    الرعد كلّ يجرى لأجل مسمّى 2 151 233
    الرعد إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون 4 151،80 234،30
    الرعد ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آيةٌ 27،7 151 235
    الرعد ولله يسجد من فى السموات والأرض 15 152 236
    الرعد طوعًا وكرهًا 15 130 160
    الرعد نفعًا ولا ضرّا 16 152 237
    الرعد كذلك يضرب الله الحق والباطل 17 152 238
    الرعد كذلك يضرب الله الأمثال 17 152 238
    الرعد كذلك يضرب الله الأمثال لو أنلهم ما فى الأرض جميعًا ومثله معه 18 152 239



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    13 الرعد ما أمر الله به أن يوصل 25،21 153 240
    الرعد لمن يشاء ويقدر 26 200 383
    الرعد ما جاءك من العلم 37 77 24
    الرعد ولقد أرسلنا رسلَا من قبلك 38 153 241
    الرعد وإن مّا نرينك 40 153 242
    الرعد قل كفى بالله شهيدًا 43 167 281
    14 إبراهيم وذكّرهم بأيّام الله 5 72 15
    إبراهيم وإذ قال موسى لقومه اذكروا 6 103 88
    إبراهيم ويذبّحون 6 72 15
    إبراهيم وإنّا لفى شك ممّا تدعوننا إليه مريب 9 146 215
    إبراهيم فليتوكل المؤمنون 11 154 245
    إبراهيم فليتوكل المتوكلون 12 154 245
    إبراهيم لا يقدرون ممّا كسبوا فلرر شىء 18 154 246
    إبراهيم على شىء 18 154 246
    إبراهيم وأنزل من السماء ماء 32 154 247
    إبراهيم هذا البلد آمناً 35 78 26
    إبراهيم بواد غير ذى زرع 37 78 25
    إبراهيم تُبدّل الأرض غير الأرض والسموات 48 211 421
    15 الحجر رّبما يود 2 154 248
    الحجر لو ما تأتينا 7 154 248
    الحجر ولقد خلقنا الإنسان 26 155 251
    الحجر والجان خلقناه 27 155 251



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    15 الحجر وإذ قال ربك للملائكة إنّى خالق بشرًا 28 154 249
    الحجر إنّى خالق بشرّا 28 155 249
    الحجر فسجد الملائكة كلهم أجمعون 30 155 250
    الحجر إلّا إبليس أبى أن يكون من السّاجدين 31 70 / 116 10 / 119
    الحجر قال يا إبليس مالك 32 116 119
    الحجر ما لك ألّا تكون 32 116 120
    الحجر وإن عليك اللعنة 35 155 251
    الحجر رب فأنظرنى 36 117 121
    الحجر قال فإنّك من المنظرين 37 118 122
    الحجر فبما أغويتنى 39 118 123
    الحجر ونزعنا ما فى صدورهم من غلّ 47 155 252
    الحجر فقالوا سلامًا قال إنّا منكم وجلون 52 156 253
    الحجر عليمٍ 53 214 431
    الحجر إلى قوم مجرمين * إلّا أل لوط إنّا لمنجوهم أجمعين إلّا امرأته 59 / 60 147 220
    الحجر أجمعين إلّا امرأته 59 / 60 147 220
    الحجر بقطع من الليل وأتبع أدبارهم 65 147 220
    الحجر أدبارهم 65 147 220
    الحجر وأمطرنا عليهم 74 156 256



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    15 الحجر إن فى ذلك لآيات للمتوسمين 75 156 256
    الحجر لآية للمؤمنين 77 156 256
    الحجر من الجبال 82 124 139
    16 النحل إن فى ذلك لآيات 11 / 69 157 257
    النحل وما ذرأ لكم فى الأرض مختلفًا ألوانه 13 157 257
    النحل إن فى ذلك لآية لقوم يذكرون 13 157 257
    النحل وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا 14 158 / 180 258 / 315
    النحل وإذا قيل لهم ماذا أيزل ربكم قالوا أساطير الأولين 24 159 259
    النحل ربكم قالوا أساطير الأولين 24 159 259
    النحل ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون 28 159 259
    النحل فلبئس مثوى المتكبرين 29 159 260
    النحل فلبئس مثوى المتكبرين 29 159 259
    النحل وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا 30 159 261
    النحل أنزل ربكم قالوا خيرًا 30 159 259
    النحل فأصابهم سيئات ما عملوا 34 159 261
    النحل وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شىء 35 160،144 262،144



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    16 النحل فسيروا فى الأرض 36 105 94
    النحل ولله يسجد ما فى السموات 49 152 / 160 236 / 264
    النحل إذا فريق منكم 54 160 266
    النحل ليكفروا بما آتيناهم فتمبعوا فسوف تعلمون 55 160 265
    النحل ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابّة 61 160 266
    النحل فأحيا به الأرض بعد موتها 65 161 267
    النحل نسقيكم ممّا فى بطونه 66 162 268
    النحل وبنعمت الله هم يكفرون 72 162 269
    النحل والله أخرجكم من بطون أمهاتكم 78 105 93
    النحل ألم يروا إلى الطير 79 105 93
    النحل إن فى ذلك لآيات 79 157 257
    النحل الكافرون 83 143 206
    النحل خيرٌ لكم 95 218 441
    النحل ما عندكم ينفد وما عند الله باق 96 218 441
    النحل الغافلون 108 143 206
    النحل الخاسرون 109 143 206
    النحل وتوفى كل نفس ما عملت 111 159 261
    النحل وما أهلّ لغير الله به 115 81 33
    النحل إنّ ربك من بعدها لغفور رحيم 119 162 270



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    16 النحل ولم يك من المشركين 120 163 271
    النحل ولئن صبرتم لهو خير للصابرين 126 163 271
    النحل ولا تك فى ضيق ممّا يمكرون 127 163 271
    17 الإسراء حصيرًا 8 163 272
    الإسراء ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات 9 163 272
    الإسراء أليمًا 10 163 272
    الإسراء ((عجولًا 11 163 273
    الإسراء لا تجعل مع الله إلهًا آخر فتقعد مذمومّا محذولّا 22 164 273
    الإسراء عنقك 29 164 273
    الإسراء نحن نرزقهم وإيّاكم 31 114 115
    الإسراء ولا تجعل مع الله إلهًا آخر فتلقى فى جهنم ملومًا مدحورًا 39 164 273
    الإسراء ولقد صرّفنا فى هذا القرأن ليذّكروا 41 164 274
    الإسراء وقالوا أئذا كنّا عظامًا ورفاتًا أئنا لمبعوثون 49 165 275
    الإسراء أئنا لمبعوثون 49 165 275
    الإسراء وربُّك أعلمُ 55 166 277
    الإسراء قل ادعوا الذين زعمتم من دونه 56 166 ـ 208 277 ـ 408



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    17 الأسراء إلًا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينًا 61 70 10
    الأسراء أرأيتك هذا الذى 62 166 278
    الأسراء وإن كادوا يستفزونك من الأرض ليخرجوك 76 211 422
    الأسراء ولا بجد لِسُنَّتِنا تحويلًا 77 210 420
    الأسراء قل لئن لجتمعت الإنس والجن 88 165،140 274،189
    الأسراء ولقد صرّفنا للناس فى هذا القرآن 89 164 274
    الأسراء لن نؤمن لك حتى تفجُرَ لن امن الأرض ينبوعًا 90 151 235
    الأسراء وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى 94 166 279
    الأسراء قل كفى بالله شهيدًا بينى وبينكم 96 167 280
    الأسراء مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرًا 97 165 275
    الأسراء ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا 98 165 275
    الأسراء أولم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض قادر 99 167 281
    الأسراء إنّى لأظنك يا موسى مسحورًا 101 168 282
    الأسراء إنّى لأظنك يا فرعون مثبورًا 102 168 282



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    17 الإسراء وقرآنًا فرقناه لتقرأه على الناس 106 69 8
    الكهف الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب 1 216 434
    الكهف عوجًا 1 216 434
    الكهف أجرًا حسنًا 2 163 272
    الكهف أبدًا 3 164 272
    الكهف ولدًا 4 164 272
    الكهف سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم 22 168 283
    الكهف ولئن رددت إلى ربِّى 36 169 284
    الكهف إلّا إبليس كان من الجن 50 70 / 125 10 / 144
    الكهف ويستغفروا ربهم 55 166 279
    الكهف ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه فأعرض عنها 57 169 285
    الكهف نسيا حوتهما فاتَّخذ سبيله 61 170 286
    الكهف واتّخذ سبيله 63 170 286
    الكهف لقد جئت شيئًا إمرًا 71 170 287
    الكهف ألم أقل إنّك 72 170 288
    الكهف لقد جئت شيئًا نكرًا 74 170 287
    الكهف ألم أقل لك إنك 75 170 288
    الكهف ما لم تستطع عليه صبرًا 78 171 289
    الكهف فأردت أن أعيبها 79 170 289
    الكهف فأردنا أن يبدلهما ربّهما 81 170 289



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    18 الكهف فأرادربك أن يبلغا أشدهما 82 170 289
    الكهف تسطع عليه صبرًا 82 171 289
    الكهف فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا 97 171 290
    الكهف ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا 106 165 276
    الكهف كانت لهم جنات الفردوس نزلًا 107 166 276
    19 مريم وهن العظم منّى 4 89 55
    مريم وإنّى خفت الموالى من ورائى 5 89 55
    مريم وكانت امرأتى عاقرًا وقد بلغت من الكبر عتيّا 8 89 55
    مريم سويّا 10 89 55
    مريم وعشيًّا 11 89 55
    مريم صبيًا 12 89 55
    مريم ولم يكن جبارًا عصيًا 14 171 291
    مريم وسلام عليه يوم ولد 15 172 292
    مريم لأهب لك غلامًا زكيًا 19 89 56
    مريم قالت أنًى يكون لى غلام 20 89 56
    مريم ولم يجعلنى جبارًا شقيًّا 32 171 291
    مريم والسلامُ علىً 33 172 292
    مريم ما كان لله أن يتخذ من ولد 35 173 293
    مريم ربّى وربُّكم 36 91 59



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    19 مريم فاختلف الأحزاب من بينهم 37 173 293
    مريم من دون الله 48 188 343
    مريم وعمل صالحًا 60 173 294
    20 طه وهل أتاك حديث موسى 9 173 295
    طه إذ رأى نارًا فقال لأهله امكثوا 10 173 295
    طه إنّى آنست نارًا 10 173 295
    طه أو أجد على النار هدى 10 173 295
    طه فلمّا أتاها 11 191،174 296 / 355
    طه آتية 15 220 449
    طه ويسر لى أمرى 26 176 301
    طه واحلل عقدة من لسانى 27 175 300
    طه ولجعل لى وزيرًا من أهلى 29 176 302
    طه هارون أخى 30 176 302
    طه فرجعناك إلى أُمك 40 174 297
    طه إلى فرعون 43 174 / 176 296 / 303
    طه فأتياه 47 176 303
    طه وسلك لكم فيها سبلًا 53 175 298
    طه فلنأتينك 58 174 296
    طه ثم أتى 60 174 296
    طه ثم ائتوا 64 174 296
    طه إما أن باقى وإما أن يكون أول من ألقى 65 128 153
    20 طه حيث أتى 69 174 296
    طه سجدًا 70 128 153



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    20 طه آمنتم له 71 129 154
    طه ولأ صلبنكم فى جذوع النخل 71 128 153
    طه ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّى نسفًا 105 84 40
    طه يتبعون الدّاعى 108 71 13
    طه إلّا إبليس أبى 116 70 10
    طه فمن اتبع هداى 123 71 13
    طه أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون 128 176 304
    طه وقبل غروبها 130 229 488
    21 الأنبياء ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث 2 176 305
    الأنبياء قال ربّى يعلمُ 4 177 305
    الأنبياء ما آمنت قبلهم من قرية 6 150 230
    الأنبياء وما أرسلنا قبلك إلّا رجلًا 7 150 / 177 230 / 306
    الأنبياء وما بينهما لاعبين 16 108 100
    الأنبياء لو أردنا أن يتخذ لهوًا لا تخذناه من لدنا 17 108 100
    الأنبياء وما أرسلنا من قبلك 25 177 306
    الأنبياء كل نفس ذائقة الموت 35 177 306
    الأنبياء وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلّ هزوًا 36 178 308



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    21 الأنبياء ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون 52 178 309
    الأنبياء قالوا وجدنا آباءنا 53 178 309
    الأنبياء لأكيدن أصانامكم 57 178 310
    الأنبياء لقد علمت ما هؤلاء ينطقون 65 131 160
    الأنبياء قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضركم 66 130 / 131 160
    الأنبياء وأرادوا به كيدًا فجعلناهم الأخسرين 70 178 310
    الأنبياء ونجّيناه 71 179 311
    الأنبياء وأيوب إذ نادى ربه 83 179 312
    الأنبياء رحمةً من عندنا 84 179 / 216 312 / 435
    الأنبياء والتى أحصنت فرحجها فنفخنا فيها 91 179 314
    الأنبياء فاعبدون 92 179 314
    الأنبياء وتقطّعوا 93 179 313
    22 الحج يوم ترونها 2 180 315
    الحج وترى الناس سكارى 2 180 315
    الحج من بعد علم شيئًا 5 161 / 180 267 / 317
    الحج قدير 6 180 316
    الحج القبُور 7 180 316
    الحج ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم 8 180 316
    الحج ذلك بما قدمت يداك 10 180 119
    الحج والصابئين والنصارى 17 75 20
    الحج إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين 17 181 20 / 319



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    22 الحج ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات 18 152 / 181 236 / 320
    الحج هذان خصمان 19 181 323
    الحج قطعت لهم ثياب من نار 19 181 321 / 323
    الحج من حديد 21 181 323
    الحج كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ 22 181 321
    الحج وذوقوا 22 181 322
    الحج إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات 14 / 23 181 323
    الحج سواء العاكف فيه والباد 25 182 324
    الحج وطهر بيتى للطائفين والقائمين 26 182 324
    الحج فى أيّام معلومات 28 76 21
    الحج والبدن جعلناها لكم 36 182 325
    الحج فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر 36 182 325
    الحج فأمليت للكافرين ثم أخذتهم 44 182 326
    الحج فكأيّن من قرية أهلكناها 45 182 326
    الحج ويستعجلونك بالعذاب 47 182 326
    الحج من قبلك من رسول 52 177 306
    الحج وأن ما يدعون من دونه هو الباطل 62 182 327
    الحج وإن الله لهو الغنى الحميد 64 182 327



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    23 المومنون فتبارك الله أحسن الخالقين 14 188 342
    المومنون لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون 19 183 328
    المومنون ولكم فيها منافع ومنها تأكلون 21 183 328
    المومنون فى بطونها 21 162 268
    المومنون وعلى الفلك 22 121 129
    المومنون ولقد أرسلنا 23 120 129
    المومنون فقال 23 120 130
    المومنون فقال الملأ الذين كفروا من قومه 24 183 329
    المومنون ولو شاو الله لأنزل ملائكة 24 184 330
    المومنون وقال الملأ من قومه الذين كفروا 33 183 329
    المومنون أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابًا وعظامًا أنكم 35 163 271
    المومنون نموت ونحيا 37 107 99
    المومنون فأخذتهم الصيحة 41 184 332
    22 الحج فبعدًا للقوم الظالمين 41 184 332
    لحج قرونًا آخرين 42 184 332
    لحج لقوم لا يؤمنون 44 184 332
    لحج يأيها الرسل كلوا من الطيبات 51 179 313
    لحج واعملوا صالحًا إنّى بما تعملون 51 184 331
    لحج فاتقون * فتقطعوا 53،52 179 313
    لحج قد كانت آياتى تُتلَى عليكم 66 185 335



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    23 المؤمنون لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل 83 184 333
    المؤمنون قل لمن الأرض ومن فيها 84 185 334
    المؤمنون سيقولون لله 85 / 87 / 89 185 335
    المؤمنون ألم تكن آياتى تتلى عليكم 105 185 335
    المؤمنون ربّنا أخرجنا منها 107 185 335
    24 النور ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم 10 186 336
    النور لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون 12 186 337
    النور لولا جاءُوا عليه بأربعة شهداء 13 186 337
    النور ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا 14 186 337
    النور ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا 14 186 337
    النور ولولا إذ سمعتموه قلتم يعظكم الله أن تعدوا لمثله أبدًا 17 / 18 188 341
    النور ولو لا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءُوف رحيم 20 186 337
    النور ولو لا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى 21 186 337
    النور إن الله خبير بما يصنعون 30 187 338
    النور وليستعفف 33 187 339



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    24 النور فكاتبوهم 33 187 339
    النور ولا تكرهوا فتياتكم 33 187 339
    النور ولقد أنزلنا أليكم آيات 34 187 338
    النور وموظعة للمتقين 34 187 339
    النور لقد أنزلنا آيات 46 187 339
    النور وعد الله الذين آمنوا منكم 55 187 340
    النور ثلاث مرات 58 187 341
    النور وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم 59 187 341
    النور كذلك يتين الله لكم آياته 59 187 341
    النور من بيوتكم أو بيوت آبائكم 61 187 341
    النور لكم الآيات 61 188 341
    النور الآيات لعلكم تعقلون 61 80 30
    25 الفرقان تبارك الذى نزل الفرقان على عبده 1 188 342
    النور من دونه 3 188 342
    النور ضرّا ولا نفعًا 3 189 344
    النور تبارك الذى إن شاء جعل 10 188 306
    النور وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلّا إنهم 20 177 306
    النور لو لا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً 32 69 8
    النور وإذا رأوك إن يتخذونك إلّا هزوًا 41 178 308



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    25 الفرقان ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّل 45 131،120 128 / 170
    الفرقان وهو الذى جعل لكم 47 120 128
    الفرقان وهو الذى أرسل الرياح 48 120 128
    الفرقان مَرَجَ 53 120 128
    الفرقان هذا عذبٌ فرات وهذا ملح أُجاج 53 189 345
    الفرقان خلق 54 120 128
    الفرقان ما لا ينفعهم ولا يضرهم 55 130 / 189 160 / 345
    الفرقان الذى خلق السموات والأرض وما بينهما 59 189 347
    الفرقان تبارك الذى جعل فى السماء بروجاً 61 188 342
    الفرقان وعمل عملاً صالحًا 70 173 / 189 294 / 346
    26 الشعراء وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث 5 176 / 189 294 / 346
    الشعراء فقد كذبوا فسيأتيهم 6 189،104 349،92
    الشعراء أولم يروا 7 189 349
    الشعراء إن فى ذلك لآية 8 189 350
    الشعراء لهو العزيز الرحيم 9 177 305
    الشعراء أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون 10 / 11 175 299
    الشعراء ولا ينطلق لسانى 13 175 300
    الشعراء فأرسل إلى هارون 13 176 302
    الشعراء ولهم علىَّ ذنب فأخاف أن يقتلون 14 176 301



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    26 الشعراء إنّا رسول رب العالمين 16 176 303
    الشعراء ألم نُرَبّك فينا وليدّا 18 190،129 351،157
    الشعراء قال لمن حوله 25 126 147
    الشعراء إن هذا لساحر عليم 34 127 150
    الشعراء من أرضكم بسحره 35 127 148
    الشعراء وابعث 36 127 149
    الشعراء بكلّ سحَّارٍ 37 127 150
    الشعراء فلما جاء السحرة قالوا لفرعون 41 127 151
    الشعراء إذًا لمن المقربين 42 127 152
    الشعراء فلسوف تعلمون 49 128 153
    الشعراء إلى ربنا منقلبون 50 225،129 469،157
    الشعراء ثم أغرقنا الآخرين 66 129 157
    الشعراء إذ قال لأبيه وقومه 70 178 / 190 309 / 352
    الشعراء ما تعبدون 70 178 / 190 309 / 352
    الشعراء نعبد أصنامًا 71 178 / 190 309 / 352
    الشعراء هل يسمعونكم إذ تدعون 72 178 309
    الشعراء أو ينفعونكم أو يضرون 73 130 160
    الشعراء قالوا بل وجدنا 74 178 309
    الشعراء الذى خلقنى فهو يهدين* والذى هو يطعمنى ويسقين 78 / 79 190 353
    الشعراء من الجبال 149 124 139
    الشعراء ما أنت 154 190 354
    الشعراء لها شِربٌ ولكم شربُ يوم معلوم 155 123 136
    الشعراء ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم 156 123 136



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    26 الشعراء فنجيناه وأهله أجمعين * إلّا عجوزًا فى الغابرين 170 / 171 179 311
    الشعراء ما أنت 186 191 354
    27 النمل إذ قال موسى لأهله إنّى آنست نارّا 7 173 295
    النمل سآتيكم منها بخبى أو آتيكم بشهاب قبس 7 191 355
    النمل فلما جاءها 8 174 / 191 296 / 355
    النمل نودى أن بورك من فى الأرض 10،9،8 191 356
    النمل وألق عصاك 10 191 356
    النمل لا تخف 10 191 357
    النمل وأدخل يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء 12 192 358
    النمل فى تسع آيات 12 192 358
    النمل إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قومّا فاسقين 12 192 359
    النمل كانوا قومّا فاسقين 12 192 359
    النمل فلما جاءتهم 13 192 358
    النمل وجئتك 22 174 197
    النمل فلما جاء سليمان 36 174 296
    النمل وأنجينا الذين آمنوا 53 192 360
    النمل أتأتون 54 124 141
    النمل أئنكم لتأتون الرجال 55 124 142
    النمل قوم تجهلون * فما كان جواب قومه 55 / 56 125 143



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    27 النمل فما كان جواب قومه 56 125 143
    النمل أخرجوا آل لوط 56 125 143
    النمل قدرناها من الغابرين 57 125 144
    النمل فساء مطر المنذرين 58 124 140
    النمل وأنزل لكم 60 154 / 193 247 / 361
    النمل بل هم قوم يعدلون 60 193 362
    النمل قليلًا ما تذكرون 62 193 362
    النمل تعالى الله قمّا يشركون 63 193 362
    النمل قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين 64 193 362
    النمل إن كنتم صادقين 64 193 362
    النمل ترابًا 67 185 333
    النمل لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا 68 184 333
    النمل قل سيروا فى الأرض 69 105 94
    النمل ولا تكن 70 162 271
    النمل ولكن أكثرهم لا يشكرون 73 141 196
    النمل فهم مسلمون 81 143 201
    النمل ويوم ينفخ فى الصور ففزع من فى السموات 87 193 363
    النمل وهم من فزع يومئذ آمنون 89 193 363
    النمل من المسلمين 91 143 203
    28 القصص إنّا رادوه إليك 7 174 297
    القصص فرددناه 13 174 297


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:47

    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    28 القصص ولمّا بلغ أشده ولستوى 14 194 364
    القصص فوجد فيها رجلين يقتتلان 15 194 365
    القصص وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى 20 194 365
    القصص ستجدنى إن شاء الله من الصّالحين 27 195 366
    القصص فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله 29 173 295
    القصص فلما أتاها نودى 30 131 / 174 355 / 296
    القصص وأن ألق عصاك 31 191 356
    القصص أقبل ولا تخف 31 191 357
    القصص اسلك يدك 32 192 358
    القصص فذانك برهانان من ربك 32 175 / 192 299 / 358
    القصص إلى فرعون وَمَلَئه 32 192 359
    القصص أنّى قتلت منهم نفسًا 33 176 301
    القصص وأخى هارون هو أفصد منّى لسانّا 34 175 / 176 300 / 302
    القصص فأرسله معى ردءًا يصدقنى 34 176 302
    القصص ربّى أعم بمن جاء 37 195 367
    القصص وقال فرعون يأيها الملأ ما علمت لكم 38 192 359
    القصص لعلى أطلع إلى إلى موسى 38 195 368
    القصص وإنّى لأظنه من الكاذبين 38 196 369
    القصص مهلك القرى 59 147 219
    القصص وما أوتيتم من شىء 60 196 370



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    28 القصص فمتاع الحياة الدنيا وزينتها 60 196 371
    القصص إن جعل الله عليكم الليل سرمدًا 71 196 372
    القصص أفلا تسمعون 71 197 173
    القصص إن جعل الله عليكم النهار سرمدًا 72 196 372
    القصص أفلا تبصرون 72 197 373
    القصص ويكأَنَّ 82 197 373
    القصص يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر 82 200 383
    القصص ويْكأَنَّهُ 82 197 373
    29 العنكبوت ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه 6 198 375
    العنكبوت والذين آمنوا وعملوا الصالحات 7 198 375
    العنكبوت ووصينا الإنسان بوالديه حسنّا 8 197 / 198 374
    العنكبوت وإن جاهداك لتشرك بى 8 197 / 198 374
    العنكبوت ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث 14 200 381
    العنكبوت يعذب من يشاء ويرحم من يشاء 21 198 376
    العنكبوت وما أنتم بمعجذين فى الأرض ولا فى السماء 22 198 377



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    29 العنكبوت فأنجاه الله من النار إن فى ذلك لآيات 24 199 378
    العنكبوت أئنكم لتأتون الرجال 29 124 141
    العنكبوت أئنكم 29 125 143
    العنكبوت وتأتون فى ناديكم المنكر فما 29 125 143
    العنكبوت ولمّا أن جاءت رسلنا لوطّا 33 199 380
    العنكبوت سى ءَبهم وضاق بهم ذرعًا 33 199 380
    العنكبوت إنا منزلون 34 124 141
    العنكبوت وإلى مدين أخاهم شعيبًا فقال 36 200 381
    العنكبوت خلق الله السموات والأرض بالحق 44 199 / 157 378 / 256
    العنكبوت قل كفى بالله بينى وبينكم شهيدًا 52 200 / 167 382 / 280
    العنكبوت ثم إلينا ترجعون 57 177 307
    العنكبوت نعم أجر العاملين 58 200 385
    العنكبوت وكأيِّن من دابّة لا تحمل رزقها 60 200 383
    العنكبوت الله يبسط الرزق لمن يشاءمن عباده ويقدر 62 200 / 161 384 / 267
    العنكبوت من بعد موتها 63 200 / 161 384 / 267
    العنكبوت وما هذه الحياة الدنيا إلّا لعب ولهو 64 107 100
    العنكبوت وإن الدار الآخرة لهى الحيوان 64 108 100
    العنكبوت وليتمتعوا فسوف يعلمون 66 160 265
    30 الروم أولم يتفكروا 8 201 386



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    30 الروم أولم يسيروا فى الأرض 3 150 / 201 231 / 386
    الروم كيف كان عاقبة الذين من قبلهم 9 201 387
    الروم وأثاروا الأرض 9 201 386 / 387
    الروم يخرجُ الحىَّ من الميّتِ ويخرجُ الميِّتَ من الحىًِ 19 110 106
    الروم ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا 21 202 388
    الروم ومن آياته خلق السموات والأرض 22 202 389
    الروم ومن آياته منامكم بالليل 23 202 390
    الروم إن فى ذلك لآيات لقوم يسمعون 23 142 198
    الروم ومن آياته يريكم 24 203 391
    الروم يعقلون 24 80 / 203 30 / 390
    الروم أولم يروا أن الله يبسط الرزق 37 203 392
    الروم قل سيروا فى الأرض فانظروا 42 105 34
    الروم أن يرسل الرّياح مبشرات وليذيقكم 46 120 128
    31 لقمان كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرًا 7 204 394
    لقمان ووصينا الإنسان بوالديه حملته 14 197 3375



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    31 لقمان على أن تشرك بى 15 198 375
    لقمان ذلك من عزم الأمور 17 223 462
    لقمان الحمير 19 180 316
    لقمان ولا هدى ولا كتاب منير 20 180 316
    لقمان ما وجدنا عليه آباءنا 21 80 31
    لقمان السّعير 21 180 316
    لقمان ومن يُسلم وجهه إلى الله 22 151 233
    لقمان الأمور 22 180 316
    لقمان إن الله هو الغنى الحميد 26 183 327
    لقمان كل يجرى إلى أجل مسمى 29 204 395
    لقمان من دونه الباطل 30 182 327
    32 السجدة أم يقولون افتراه 3 181 322
    السجدة فى ستة أيّام 4 205 397
    السجدة فى يوم كان مقداره ألف سنة 5 204 396
    السجدة وقالوا أئذا ضللنا 10 181 322
    السجدة قل يتوفاكم 11 181 322
    السجدة ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم 12 170 285
    السجدة حق القول 13 171 231
    السجدة يدعون ربهم خوفًا وطمعًا 16 130 160
    السجدة منها أعيدوا فيها 20 181 321
    السجدة وقيل لهم ذوقوا 20 181 322
    السجدة عذاب النار الذى كنتم به تكذبون 20 205 398
    السجدة ثم أعرض عنها 22 169 / 205 285 / 397



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    32 السجدة أولم يهد لهم 26 205 399
    السجدة إن فى ذلك لآيات أفلا يسمعون 26 205 400
    33 الأحزاب ليسأل الصادقين عن صدقهم 8 206 401
    الأحزاب يأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم 9 206 402
    الأحزاب ليجزى الله الصادقين بصدقهم 24 206 401
    الأحزاب بصدقهم 24 206 401
    الأحزاب وكان الله قويّا عزيزًا 25 207 405
    الأحزاب يأيها النبى قل لأزواجك أن كنتن 28 206 403
    الأحزاب إن الله كان لطيفًا خبيرًا 34 207 405
    الأحزاب سنة الله فى الذين خلوا من قبل 38 207 404
    الأحزاب اذكروا الله ذكرّا كثيرًا 41 206 402
    الأحزاب هو كان الله عليمًا حليمًا 51 207 405
    الأحزاب وكان الله على كل شىء رقيبًا 52 207 405
    الأحزاب إن تبدوا شيئًا 54 98 78
    الأحزاب فإن الله كان بكل شىء عليمًا 54 98 78
    الأحزاب إن الله وملائكته بصلون على النبى 56 206 402
    الأحزاب يأيها النبى قل لأزواجك وبناتك 59 206 403



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    33 الأحزاب لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض 60 98 78
    الأحزاب سنة الله فى الذين خلواْ من قبل 38 / 62 207 404
    الأحزاب تكون قريبًا 63 224 465
    34 سبأ الحمد لله الذى له ما فى السموات وما فى الأرض 1 208 406
    سبأ بلى وربّى 3 209 410
    سبأ مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض 3 207 406
    سبأ أفترى على الله كذبًا أم به جنة 8 208 407
    سبأ أفلم يروا 9 208 407
    سبأ أن فى ذلك لآية لكل عبد منيب 9 208 409
    سبأ إنًى بما تعملون بصير 11 184 331
    سبأ دابة الأرض تأكل منسأته 14 32 63
    سبأ بلدة طيبة ورب غفور 15 209 410
    سبأ ربنا باعد بين 19 209 410
    سبأ إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور 19 208 409
    سبأ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله 22 166 / 208 277 / 408
    سبأ ولا يسئل عما تعملون 25 209 412



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    34 سبأ يجمع بيننا ربنا 26 209 410
    سبأ موقوفون عند ربهم 31 209 410
    سبأ وما أرسلنا فى قرية من نذير 34 209 411
    سبأ قل إن ربى يبسط الرزق لمن 36 130 / 208 160 / 410
    سبأ لمن يشاو من عباده ويقدر 39 209 410
    سبأ عذاب النار 42 209 413
    35 فاطر الحمد لله فاطر السموات والأرض 1 120 / 209 128 / 414
    فاطر والله الذى أرسل الّرياح 9 209 414
    فاطر ومن كل تأكلون 12 210 415
    فاطر كل يجرى لأجل مسمى 13 243 416
    فاطر وترى الفلك فيه مواخر 12 209 415
    فاطر فإن كذبوك فقد كذ رسل من قبلك 25 94 67
    فاطر رسل من قبلك 25 94 67
    فاطر جاءتهم رُسُلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب 25 210 416
    فاطر مختلفاً ألوانها 27 210 416
    فاطر ألوانه 28 210 417
    فاطر إن الله بعباده لخبير بصير 31 210 418
    فاطر إن ربنا لغفور شكور 34 210 418
    فاطر جعلكم خلائف فى الأرض 39 210 419
    فاطر ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلّا مقتًا 39 211 420
    فاطر استكبارًا فى الأرض ومكر السّيِّىء 43 211 420



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    35 فاطر فلن تجد لسنة الله تبديلًا 43 210 420
    فاطر أولم يسيروا 44 141 / 210 232 / 419
    فاطر كيع كان عاقبة الذين من قبلهم 44 201 387
    36 يس وسواء 10 67 6
    يس إن كانت إلا صيحة واحدة 29 / 53 211 422
    يس تجرى لمستقر لها 38 151 233
    يس وصدق المرسلون 52 212 424
    يس من دون الله 74 189 343
    يس فلا يحزنك قولهم إنّا نعلم 76 212 423
    37 الصافات أئذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أئئنا لمبعوثون 16 212 325
    الصافات وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 27 212 425
    الصافات إنّا كذلك نفعل بالمجرمين 34 213 427
    الصافات إذا قيل لهم لا إله إلّا الله 35 213 428
    الصافات وعندهم قاصرات الطرف عين ... 48 213 / 217 426 / 436
    الصافات فأقبل 50 212 426
    الصافات أئذا متنا وكنا تراباً 53 212 425
    الصافات فاطًلع فرآه فى سواء الجحيم * قال تالله 55 / 56 212 425



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    37 الصافات وتركنا عليه فى الأخرين* سلام على نوح فى العالمين 78 / 79 214 429
    الصافات ماذا تعبدون 85 190 352
    الصافات أئفكًا آلهة دون الله تريدون * فما ظنكم برب العالمين 86 / 87 190 352
    الصافات قالوا ابنوا له بنيانًا فألقوه فى الجحيم 97 178 310
    الصافات الأسفلين 98 178 310
    الصافات بغلام حليم 97 178 310
    الصافات ستجدنى إن شاء الله من الصابرين 102 195 366
    الصافات يا أبت افعل ما تؤمر 102 195 366
    الصافات إنًا كذلك نجزى المحسنين 105 214 430
    الصافات سلام على إبراهيم 109 214 429
    الصافات سلام على موسى وهارون 120 214 329
    الصافات وإن إلياس لمن المرسلين 123 214 429
    الصافات وإن لوطًا لمن المرسلين 133 214 429
    الصافات وإن يونس لمن المرسلين 139 214 429
    الصافات وأبصرهم فسوف يبصرون 175 215 432
    الصافات وأبصر فسوف يبصرون 179 215 432
    الصافات أفبعذابنا يستعجلون 176 215 432
    الصافات وسلام على المرسلين 181 214 429



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3295
    نقاط : 4984
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    أسرار التكرار في القرآن Empty
    مُساهمةموضوع: رد: أسرار التكرار في القرآن   أسرار التكرار في القرآن Emptyالجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:49

    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    38 ص وعجبوا أن جءهم منذرٌ منهم 4 216 533
    ص أءُنزل عليه الذّكرُ من بيننا 8 216 434
    ص كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد 12 217 436
    ص الأحزاب 13 217 236
    ص عقاب 14 217 436
    ص واذكر عبدنا 41 179 312
    ص ومثلهم معهم رحمة منا 43 179 / 216 312 / 435
    ص قاصرات الطرف أتراب 52 217 436
    ص إنّى خالق بشرًا من طين 71 217 437
    ص إلًا إبليس استكبى وكان من الكافرين 74 70 / 116 10 / 119
    ص قال يا إبليس ما ميعش أن تسجد 75 116 / 155 119 / 251
    ص وإن عليك لعنتى 78 155 251
    ص رب فأنظرنى 79 117 121
    ص قال فإنك 80 118 122
    ص فبعزتك لأغوينهم 82 118 123
    39 الزمر إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق 2 217 438
    الزمر فيما هم فيه يختلفون 3 139 185
    الزمر لأجل 5 204 395
    الزمر قل إنى أمرت أن أعلد الله مخلصًا له الدين 11 218 439 / 440



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    39 الزمر وأمرت لأن أكون أول المسلمين 12 218 439
    الزمر قل الله أعلد مخلصًا له دينى 14 218 440
    الزمر ثم يهيج فتراه مصفرًّا ثم يجعله حطامًا 21 219 443
    الزمر ذوقوا ما كنتم تكسبون 24 218 442
    الزمر والذى جاء بالصدق 33 218 442
    الزمر أسوأ الذى عملوا 35 218 441
    الزمر إنّا أيزلنا عليك الكتاب للناس بالحق 41 217 438
    الزمر فمن اهتدى فلنفسه 41 219 445
    الزمر وبدا لهم سيئات ما كسبوا 48 218 442
    الزمر أوتيته على علم 49 203 392
    الزمر والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم 51 199 377
    الزمر أولم يعلموا 52 203 392
    الزمر فصعق 68 193 363
    الزمر فتحت أبوابها 71 219 444
    الزمر حتى إذا جاءُوها 73 222 456
    الزمر وفتحت أبوابها 73 169 283
    الزمر وفتحت 73 219 444



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    39 الزمر وترى الملائكة حافين من حول العرش 75 158 258
    40 غافر فاغفر 7 137 176
    غافر وقهم 7 137 176
    غافر وأدخلهم 8 137 176
    غافر أولم يسيروا فى الأرض 21 201 / 219 386 / 446
    غافر كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم 21 202 387
    غافر كانوا أشد منهم قوة 21 220 447
    غافر ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم 22 219 447
    غافر فلما جاءهم بالحق 25 220 448
    غافر أو أن يظهر فى الأرض الفساد 26 195 368
    غافر لعلى أبلغ الأسباب 36 195 368
    غافر أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى 37 195 368
    غافر كاذبًا 37 196 369
    غافر لخلق السموات والأرض 57 112 110
    غافر أكبر من خلق الناس 57 220 449
    غافر ولكن أكثر الناس لا يعلمون 57 220 450
    غافر لا يعلمون 57 220 451
    غافر إن الساعة لآتية 59 220 449



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    40 غافر أكثر الناس لا يؤمنون 59 220 451
    غافر ولكن أشثى الناس لا يشكرون 61 141 / 220 196 / 450
    غافر لا يشكرون 61 220 451
    غافر خالق كل شىء لا إله إلّا هو 62 112 / 220 110 / 452
    غافر رب العالمين 64 220 453
    غافر فتبارك الله رب العالمين 64 188 342
    غافر الحمد لله رب العالمين 65 220 453
    غافر لرب العالمين 66 221 453
    غافر ولقد أرسلنا رسلًا من قبلك 78 153 241
    غافر قضى بالحق 78 221 454
    غافر وخسر هنالك المبطلون 78 221 454
    غافر فأيَّ آيات الله تنكرون 81 201 386
    غافر فما أغنى عنهم 82 201 386
    غافر سنة الله التى خلت فى عباده 85 207 404
    غافر وخسر هنالك الكافرون 85 221 454
    غافر لتكفرون 9 221 455
    41 فصلت خلق الأرض فى يومين 9 221 455
    فصلت وتجعلون له أندادًا 9 221 455
    فصلت ذلك رب العالمين 9 221 455
    فصلت وجعل فيها رواسى 10 221 455
    فصلت فى أربعة أيّام 10 221 455
    فصلت لو شاء ربنا لأنزل ملائكة 14 184 330
    فصلت ونجينا الذين آمنوا 18 193 360



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    41 فصلت حتى إذا ما جاءُوها شهد عليهم سمعهم 20 222 456
    فصلت وما يلقاها إلًا الذين صبروا 35 222 457
    فصلت وإمَّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنّه هُوَ السَّميع العليم 35 222 457
    فصلت ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم 45 222 458
    فصلت وإن مسَّه الشر فيئُوس قنوط 49 223 459
    فصلت ولئن رجعت إلى ربِّى 50 169 284
    فصلت وإن مسَّه الشر فذُو دعاء عريض 51 223 459
    فصلت أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به 52 223 461
    42 الشورى جعل لكم 11 224 466
    الشورى وما تفرقوا إلّا من بعد ما حجاءهم العلم 14 222 458
    الشورى ما جاءهم العلم 14 222 458
    الشورى لعلَّ الساعة قريبٌ 17 224 465
    الشورى إنه بعباده خبير بصير 27 210 418
    الشورى وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم 30 199 377
    الشورى وما أنتم بمعجزين فى الأرض 31 198 377



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    42 الشورى فما أُوتيتم 36 196 370
    الشورى فمتاع الحياة الدنيا 36 196 371
    الشورى وجزاء سيئة مثلها 40 245 548
    الشورى إن ذلك لمن عزم الأمور 43 223 462
    الشورى ومن يضلل الله فما له من ولى 44 224 463
    الشورى ومن يضلل الله فما له من سبيل 46 224 463
    الشورى إنَّه علرٌّ حكيم 51 224 464
    الشورى صراط مستقيم * ضراط الله 52 / 53 66 3
    43 الزخرف وجعل 10 175 298
    الزخرف وإنَّا إلى ربنا لمنقلبون 14 225 469
    الزخرف وجعلوا الملائكة الذين هم علاد الرحمن إناثًا 19 224 467
    الزخرف ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون 20 224 467
    الزخرف وإنَّا على آثارهم مهتدون 22 225 468
    الزخرف قال أو لو جئتكم بأهدى 24 225 468
    الزخرف حتى إذا جاءنا 38 222 456
    الزخرف إن الله هو ربى وربكم 64 91 / 225 59 / 470
    الزخرف فويل الذين ظلموا 65 173 293
    الزخرف فيها فاكهة 73 183 328
    44 الدخان ولقد اخترناهم على علم على العالمين 32 225 472



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    44 الدخان إن هى إلَا موتتنا الأُولى 35 225 471
    45 الجاثية كأن لم نسمعها فبشره 8 204 394
    الجاثية وإذا علم من آياتنا شيئًا اتخذها هزوًا 9 204 394
    الجاثية الله الذى سخر لكم البحر 12 203 393
    الجاثية لتجرى الفلك فيه 12 226 473
    الجاثية فيه بأمره 12 203 393
    الجاثية ليجزى قومًا بما كانوا يكسبون 14 226 476
    الجاثية وفضلناهم على العالمين 16 226 472
    الجاثية وآتيناهم بينات من الأمر 17 226 474
    الجاثية ولتجزى كل نفس بما كسبت 22 226 476
    الجاثية كسبت 22 226 476
    الجاثية إن هم إلَّا يظنون 24 224 467
    الجاثية نموت ونحيا 24 107 / 224 / 226 / 99 467 / 475
    الجاثية ما يهلكنا إلّا الدهر 24 224 467
    الجاثية ما كنتم تعملون 29 218 442
    الجاثية كنتم تعملون 29 226 477
    الجاثية وعملوا الصالحات 30 219 / 226 442 / 477
    الجاثية ذلك هو الفوز المبين 30 226 478
    الجاثية وبدا لهم سيئات ما عملوا 33 159 261
    الجاثية سيئات ما عملوا 33 226 477
    الجاثية ما عملوا 33 218 442



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    46 الأحقاف وكفرتم به 10 223 461
    الأحقاف أولئك 14 226 479
    الأحقاف بوالديه إحسانًا 15 197 374
    الأحقاف أولئك 16 226 479
    الأحقاف بقادر 33 167 281
    47 محمد نَزَّلَ على محمد 2 227 480
    محمد ما أنزَلَ الله 9 227 480
    محمد فاعلم أنه لا إله إلَّا الله 19 213 428
    محمد لولا نزلت سورة فإذا أيزلت سورة 20 227 480
    محمد فأولى لهم 20 243 543
    محمد من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم 25 227 381
    محمد من بعد ما تبين بهم الهدى لن يضروا الله شيئًا 32 227 481
    محمد إنما الحياة الدنيا لعب ولهو 36 107 100
    48 الفتح ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليمًا حكيمًا 4 227 482
    الفتح عزيزًا حكيمًا 7 227 482
    الفتح فمن يملك لكم من الله شيئًا 11 227 483
    الفتح لن تتبعونا 15 228 484
    الفتح كذلكم قال الله 15 228 484



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    48 الفتح عزيزًا حكيمًا 19 227 482
    الفتح ولن تجد لسنة الله تبديلًا 23 210 420
    الفتح وكفى بالله شهيدًا 28 167 280
    الفتح تراهم ركعًا سجدًا 29 158 258
    الفتح وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم معفرة وأجرًا عظيمًا 29 100 83
    49 الحجرات يأيها الذين آمنوا 1 228 485
    الحجرات يأيها الناس 13 228 485
    الحجرات إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى 13 228 485
    50 ق~ فقال 2 216 433
    ق~ فقال الكافرون 2 228 486
    ق~ هذا شىء عجيب 2 216 433
    ق~ كذبت قبلهم قوم نوح 12 217 436
    ق~ وثمود 12 217 436
    48 الفتح وعيد 14 217 436
    الفتح وقال قرينه 23 228 487
    الفتح قال قرينه 27 228 487
    الفتح ربنا ما أطغيته 27 228 487
    الفتح لا تختصموا لدىَّ 28 229 487
    الفتح ما يبدل القول لدىَّ 28 229 487
    الفتح قبل طلوع الشمس وقبل الغروب 39 229 488



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    51 الذاريات إن المتقين فى جنات وعيون 15 229 489
    الذاريات آخذين 16 229 489
    الذاريات كانوا قبل ذلك محسنين 16 229 489
    الذاريات عليم 28 214 431
    الذاريات فأقبلت امرأته فى صرة فصكت وجهها 29 214 431
    الذاريات إنِّى لكم منه نذير مبين 50 229 490
    الذاريات إنِّى لكم منه نذير مبين 51 229 490
    52 الطور فى جنات ونعيم 17 229 489
    الطور فاكهين 18 229 489
    الطور ووقاهم ربهم عذاب الجحيم 18 229 489
    الطور كلوا واشربوا 19 229 489
    الطور وأمددناهم 22 230 492
    الطور ويطوف عليهم 24 229 492
    الطور وأقبل 25 230 492
    الطور أم يقولون شاعر 30 229 491
    الطور واصبر لحكم ربك 48 230 493
    53 النجم إن يتبعون إلَّا الظّن 28 230 494
    النجم ما أنزل الهه بها من سلطان 23 230 495
    النجم إن يتبعون إلَّا الظَّن 28 230 494
    النجم وإن الظَّن لا يغنى من الحق شيئًا 28 230 494
    54 القمر فكيف كان عذابى ونذر 18 / 21 230 494
    القمر أءُلقى الذِّكر عليه من بيننا 25 216 434



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    55 الرحمن ووضع الميزان 7 231 498
    الرحمن الميزان 8 / 9 231 498
    الرحمن فبأى آلاء ربكما تكذبان 13 231 499
    56 الواقعة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة 8 231 500
    الواقعة المشأمة 9 231 500
    الواقعة والسابقون 10 231 500
    الواقعة يطوف 17 230 492
    الواقعة أفرأيتم ما تمنون 58 232 501
    الواقعة لو نشاء لجعلناه حطامًا 65 232 501
    الواقعة أفرأيتم الماء الذى تشربون 68 232 501
    الواقعة لو يشاء جعلناه أُجاجًا 70 232 501
    الواقعة أفرأيتم النار التى تورون 71 232 501
    الواقعة نحن جعلناها تذكرة ومتاعًا للمقوين 73 232 501
    57 الحديد سّبَّحَ لله 1 232 502
    الحديد ما فى السموات والأرض 1 232 503
    الحديد له ملك السموات والأرض 2 233 504
    الحديد خلق السموات والأرض 4 233 504
    الحديد ملك السموات والأرض 5 233 504
    الحديد جعلكم مستحلفين فيه 7 155 117
    الحديد ذلك هو الفوز العظيم 12 233 505



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    57 الحديد إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضًا حسنًا 18 110 106
    الحديد اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو 20 108 / 233 100 / 508
    الحديد كمثل غيث اعدب الكفار نباته 20 158 / 219 258 / 443
    الحديد ثم يكون حطامًا 20 219 / 233 443 / 507
    الحديد ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم 22 233 508
    الحديد لقد أرسلنا رسلنا بالبينات 25 233 506
    الحديد ولقد أرسلنا نوحًا 26 233 506
    الحديد لئلا يعلم 29 117 120
    58 المجادلة قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها 1 243 542
    لمجادلة الذين يظاهرون منكم من نسائهم 2 234 509
    لمجادلة وإنهم ليقولون منكرًا من القول وزورًا 2 234 509
    لمجادلة والذين يظاهرون من يسائهم 3 234 509
    لمجادلة وللكافرين عذاب أليم 4 234 510
    لمجادلة كبتوا كما كبت الذين الذين من قبلهم 5 234 510
    لمجادلة وللكافرين عذاب مهين 5 234 510
    لمجادلة جهنم يصلونها فبئس المصير 8 234 511
    لمجادلة من الله شيئًا أُولئك 17 235 512
    لمجادلة أُلئك حزب الله 22 235 512



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    59 الحشر سَبَّح لله 1 232 502
    الحشر ما فى السموات والأرض 1 232 503
    الحشر ومن يشاقِّ الله 4 97 76
    الحشر ما قطعتم من لينة 5 235 513
    الحشر وما أفاء الله 6 235 513
    الحشر ماأفاء 7 235 513
    الحشر صدورهم من الله 13 235 514
    الحشر ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 235 514
    الحشر لأنتم أشد رهبة فى 13 235 514
    الحشر بحسبهم جميعًا وقلوبهم شتَّى 14 235 514
    الحشر قوم لا يعقلون 14 235 514
    60 الممتحنة تلقون إليهم بالمودَّة 1 235 515
    الممتحنة تسرون إليهم بالمودَّة 1 235 515
    الممتحنة قد كانت لكم أَسوة حسنة 4 236 516
    الممتحنة لقد كان لكم فيقم أُسوة حسنة 6 236 516
    61 الصَّف سَبَّح لله 1 232 502
    الصَّف ما فى السموات وما فى الأرض 1 233 503
    الصَّف ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب 7 236 517
    الصَّف ليطفئوا 8 236،136 518،175
    الصَّف تؤمنون 11 236 519



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    61 الصف يغفر لكم ذنوبكم 12 236 519
    62 الجمعة يُسَبِّحُ 1 232 519
    الجمعة ما فى السموات وما فى الأرض 1 233 503
    الجمعة ولا يتمنونه 7 76 / 236 22 / 520
    63 المنافقون ولله خزائن السموات والأرض 7 236 521
    47 محمد ولكن المنافقين لا يفقهون 7 236 521
    محمد لا يعلمون 8 237 521
    64 التغابن يُسَبِّحُ 1 232 521
    التغابن يسبح لله ما فى السموات وما فى الأرض 1 237 522
    التغابن ما فى السموات وما فى والأرض 1 233 503
    التغابن يعلم ما يفى السموات والأرض ويعلم ما تسرون ما تعلنون 4 237 522
    التغابن بأنة كانت 6 219 447
    التغابن أبشر بهدوننا 6 237 523
    التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحًا بكفِّر عنه سيئابه 9 237 523
    التغابن من مصيبة إلَّا بإذن الله 11 233 508



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    65 الطلاق ذلكم يوعظ به من كان يؤمن 2 85 46
    الطلاق ومن يتق الله يجعل له مخرجًا 2 237 524
    الطلاق خيرًا منكن مسلمات مؤمنات 5 238 525
    66 التحريم مسلمات مؤمنات قانتات 5 169 283
    التحريم وأبكارًا 5 238 525
    التحريم ومأْواهم جهنم 9 94 68
    التحريم فنفخنا فيه 12 180 / 238 314 / 526
    67 الملك تبارك الذى بيده الملك 1 188 342
    الملك فارجع البصر كرتين 4 238 527
    الملك أأمنتم من فى السماء أن يخسف بكم الأرض 16 239 528
    الملك أن يرسل عليكم حاصبًا 17 239 528
    الملك أمن هذا الذى هو جند لكم 20 77 24
    الملك أمن هذا الذى يرزقكم 21 77 24
    68 القلم ن~ والقلم 1 212 426
    القلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله 7 113 112
    القلم ضل عن سبيله 7 113 112
    القلم حلاف مهين 10 239 529
    القلم زنيم 13 239 529
    القلم أن لايخلنَّها اليوم عليكم مسكين 24 213 426



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    68 القلم سبحان ربنا إنَّا كنا ظالمين 29 213 426
    القلم فأقبل 30 239 530
    القلم فأقبل بعضهم على بعض بتلاومون 30 213 426
    القلم فاصبر 48 239 531
    69 الحاقة فأما من أًوتى كتابه بيمينه 19 239 532
    الحاقة وأما 25 239 532
    الحاقة وما هو بقول شاعر قليلًا ما تؤمنون 41 240 533
    الحاقة ولا بقول كاهن قليلًا ما تذكرون 42 240 533
    70 المعارج خمسين ألف سنة 4 204 396
    المعارج إلَّا المصلين 22 240 534
    المعارج والذين هم على صلاتهم دائمون 23 241 534
    المعارج لأمانتهم وعهدهم راعون 32 240 534
    المعارج والذين هم بشهاداتهم قائمون 33 240 534
    المعارج والذين هم على صلاتهم يحافظون 34 240 534
    71 نوح قال نوح 21 241 535
    نوح وقد أضلوا كثيرًا 24 241 535
    نوح ولا تزد الظالمين إلَّا ضلالًا 24 241 536
    نوح وقال نوح 26 241 535
    نوح لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا 26 241 536



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    71 نوح إلا تبارًا 28 241 536
    72 الجن قل أُوحى إلى أنه 1 242 537
    الجن إنَّا سمعنا 1 242 537
    الجن وأنَّه تَعَالَى 3 241 537
    الجن وأنَّا منا المسلمون 14 241 537
    73 المزمل ورتل القرآن ترتيلًا 4 69 8
    المزمل كما أرسلنا إلى فرعون رسولّا 15 86 47
    المزمل فعصى فرعون الرسول 16 86 47
    المزمل فاقرءُوا ما تيسر منه 20 242 538
    47 المدثر ولا تَمْيُنْ تستكثر 6 92 63
    المدثر إنه فكَّى وقدَّر *فقتل كيف قدَّر * ثم قتل كيف قدَّر 18 / 20 242 539
    المدثر كلَّا إنه تذكرة 54 242 540
    المدثر فمن شاء ذكره 55 242 540
    75 القيامة لا أُقسم بيوم القيامة 1 243 541
    القيامة ولا أُسم بالنفس اللوامة 2 243 541
    القيامة فإذا برق البصر 7 243 542
    القيامة وخسف القمر 8 243 542
    القيامة وجمع الشمس والقمر 9 243 542
    القيامة أَولى لك فأَولَى 34 / 35 243 543



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    76 الإنسان مزاجها كافورًا 5 244 545
    الإنسان ويطاف عليهم بآنية من فضة 15 230 / 244 492 / 544
    الإنسان زنبيلًا 17 244 545
    الإنسان سلسبيلًا 18 244 545
    الإنسان ويطوف عليهم ولدان مخلدون 19 230 / 244 492 / 544
    77 المرسلات ويل يومئذ للمكذبين 15 244 546
    المرسلات ثم نتبعهم الآخرين 17 213 427
    المرسلات كذلك نفعل بالمجرمين 18 213 427
    78 النبأ كلَّا سيعلمون * ثم كلَّا سيعلمون 4 / 5 245 547
    النبأ جزاء وفاقًا 26 245 548
    النبأ جزاء من ربك عطاء حسابًا 36 245 548
    79 النازعات فإذا جاءت الطَّامة الكبرى 34 245 549
    80 عبس إنها تذكرة 11 242 540
    عبس الصَّاخة 33 245 540
    81 التكوير وإذا البحار سجرت 6 246 550
    التكوير وإذا الصحف نشرت 10 246 551
    التكوير سعرت 12 246 550
    التكوير علمت نفس ما أحضرت 14 246 551
    82 الانقطار وإذا الكواكب انتثرت 2 246 550
    الانقطار وإذا البحار فجرت 3 246 550
    الانقطار وإذا القبور بعثرت 4 246 551،550
    الانقطار ما قدمت وأخرت 5 246 551



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    82 الانفطار وما أدراك ما يوم الدين * ثم ما أدراك ما يوم الدين / 1817 247 552
    83 المطففين كلا إن كتاب الفجار لفى سجين * وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم 7 / 9 247 552
    المطففين ويل يومئذ للمكذبين 10 247 553
    المطففين كلَّا إن كتاب الأبرار لفى عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم 18 / 20 247 553
    المطففين يشهده المقربون 21 247 553
    84 الانشقاق وأذنت لربها وحقت 2 / 5 247 553
    الانشقاق بل الذين كفروا يكذبون 22 247 555
    85 البروج ذلك الفوز الكبير 11 248 556
    البروج فى تكذيب 19 247 555
    86 الطارق فمهل الكافرين أمهلهم رويدَا 17 248 557
    87 الأعلى سَبِّح اسم ربك الأعلى * الذى خلق 1 / 2 248 558
    الأعلى خلق فسوى 2 248 558
    88 الغاشية وجوه يومئذ 2 و 8 249 559
    الغاشية فيها سرر مرفوعة ... 13 / 16 76 21
    الغاشية وأكواب موضوعة * ونمارق 14 / 15 249 560
    الغاشية إلى السماء 18 249 560
    الغاشية إلى الجبال 19 249 560



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    89 الفجر فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه 15 249 561
    الفجر وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه 16 249 561
    90 البلد لا أُقسم بهذا البلد 1 249 562
    البلد وأنت حل بهذا البلد 2 249 562
    البلد لقد خلقنا الإنسان فى كبد 4 251 567
    91 الشمس إذ انبعث أشقاها 12 250 563
    92 الليل فسنيسره لليسرى 7 250 564
    الليل فسنيسره للعسرى 10 250 564
    93 الضحى ما ودفك ربك وما قلى 3 65 2
    الضحى ألم يَجِدك ضالَّا فآوى * ووجدك ضالًّا فهدى * ووجدك عائلًا فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر 6 / 9 250 / 251 565
    الضحى وأما السائل فلا تنهر 10 251 565
    الضحى وأما السائل فلا تنهر 10 251 565
    94 الشرح فأن مع العسر يسرًا * إن مع العسر يسرًا 5 / 6 251 566
    95 التين لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم 4 251 567
    96 العلق اقرأ باسم ربك 1 248 / 252 558 / 568
    العلق خلق الإنسان من علق 2 248 558
    العلق علم بالقلم 4 252 568
    العلق علم الإنسان 5 252 568



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    97 القدر إنا أنزلناه فى ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر 1 / 2 252 569
    القدر ليلة القدر 3 252 564
    98 الزلزلة فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره 7 159 261
    الزلزلة ومن يعمل مثقال ذرة 7 / 8 253 571
    99 العاديات والعاديات 1 253 572
    العاديات فالموريات 2 253 572
    العاديات أمَّا من خَفَّت موازينه 8 253 573
    101 التكاثر كلَّا 3 / 4 / 5 253 574
    التكاثر سوف تعلمون 3 / 4 254 575
    التكاثر عين اليقين 5 254 576
    التكاثر لترونَّ الجحيم * ثم لترونها 6 / 7 254 576
    102 العصر والعصر * إن الإنسان لفى خسر 1 / 2 254 577
    العصر وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر 3 254 578
    103 الهمزة الذى جمع 2 255 579
    104 الفيل ألم تر كيف فعل 1 255 580



    رقم السورة اسم السورة الآية رقم الآية رقم الصفحة رقم المسألة
    106 قريش لإيلاف قريش إيلافهم 1 255 581
    قريش رحلة الشتاء والصيف 2 255 581
    107 الماعون الذين هم 6 255 582
    108 الكوثر إنَّا أعطيناك الكوثر 1 256 583
    الكوثر إن شانئك 3 256 583
    109 الكافرون لاأعبد ما تعبدون 2 256 584
    الكافرون ولا أنتم عابدون 3 / 5 256 584
    الكافرون ولا أنا عابدٌ ما عبدتم 4 256 584
    111 المسد تبت يدا أبى لهب وتب 1 257 586
    112 الإخلاص الله أحدٌ * الله الصمد * 1 / 2 257 587
    الإخلاص ولم يكن له كفوًا أحدٌ 4 257 587
    113 الفلق من شر 2 / 3
    الفلق 4 / 5 257 588
    114 الناس أعوذ برب الناس 1 257 289



    فهرس الأعلام
    الاسم رقم الصفحة والمسألة
    (أ)
    إبراهيم عليه السلام 178 / 310 ، 182 / 325 ، 198 / 376 ، 236 / 516
    أبو سفيان 106 / 97
    أبو لهب 257 / 586
    أُبّى بن خلف 106 / 97
    الأخفش 197 / 373 ، 235 / 515 ،106 / 97
    أمية 106 / 97
    (ب)
    بنيامين 148 / 222
    حزبيل 194 / 365
    الحسن 172 / 292
    حمزة 171 / 290
    حبيب 194 / 365
    الخطيب 111 / 107 ، 118 / 123 ، 125 / 143 ، 129 / 155 ، 132 / 163 ، 144 / 208 ، 146 / 216 ، 203 / 390 ، 217 / 436



    الاسم رقم الصفحة والمسألة
    (ر)
    رسول الله صلّى عليه وسلم 217 / 240
    (ز)
    الزجاج 167 / 279 ، 235 / 515
    زكريا 171 / 291
    (س)
    سعدبن أبى مالك 197 / 374
    سعد بن أبى وقاص 197 / 374
    سيبويه 197 / 373
    (ش)
    شعيب 167 / 279
    شمعون 194 / 365
    شيبة 106 / 97
    الشيخ 91 / 59
    (ص)
    صالح 167 / 279
    (ض)
    الضحاك 197 / 373
    (ع)
    عاد 230 / 497
    عتبة 106 / 97
    عثمان رضى الله عنه 254 / 577



    الاسم رقم الصفحة والمسألة
    عكرمة 204 / 396
    على رضى الله عنه 254 / 577
    على بن عيسى الرمانى 65
    عمر رضى الله عنه 251 / 566 ، 254 / 577
    عيسى عليه السلام 90 / 57 ، 90 / 58 ، 101 / 86 ، 104 / 90 ، 172 / 292
    (ف)
    فرعون 126 / 147 ، 127 / 149 ، 150 ، 142 / 202 ، 175 / 299 ، 194 / 365
    (ق)
    قاسم بن حبيب 65 / 1
    قدار بن سالف 250 / 563
    (ك)
    الكسائى 255 / 581
    (ل)
    لقمان 197 / 374
    لوط 156 / 256
    (م)
    مجاهد 257 / 586
    محمد صلّى الله عليه وسلم 236 / 516
    مصدع بن يزدهر 250 / 563
    موسى 148 / 223 ، 129 / 157



    الاسم رقم الصفحة والمسألة
    (ن)
    النضر بن حارث 106 / 97 ، 180 / 318
    نمرود 198 / 377
    نوح 167 / 279
    (ه)
    هود 167 / 279
    (ى)
    يحيى 171 / 291
    يوسف 148 / 223 ، 149 / 226



    الكُتُبُ السَّمَاوِيَّة
    التوراة 101 / 86
    الإنجيل 101 / 86



    فهرسُ الفِرَقِ وَالمللِ والنِّحل
    اسم الفرقة رقم الصفحة والمسألة
    أهل الكتاب 75 / 20 ، 96 / 74 ، 99 / 79
    الحواريون 91 / 60
    الصابئون 75 / 20
    الكفار 96 / 73
    الملكية 104 / 90
    المؤمنون 87 / 48
    النصارى 75 / 20 ، 101 / 85
    اليعقوبية 104 / 90
    اليهود 96 / 73 ، 100 / 82 ، 101 / 86 ، 102 / 87



    فهرسُ الأحاديثِ النَّبوِيَّة
    الأحايث رقم الصفحة والمسألة
    «اعملوا فكل مُيَسَّرٌ لما حلق له» [رواه أحمد وأبو داود] 250 / 564
    «البقرة سنام القرآن وذروته» [رواه الترمذى] 69 / 9
    «لكل شىء سنام وسنام القرآن البقرة» [رواه الطبرانى وغيره] 69 / 9
    «نعى الله تعالى إلىّ نفسى» 256 / 585
    فهرسُ أقوالِ الصَّحَابَة
    «لم يغلب عسر يسرين» [عمر بن الخطاب] 251 / 566
    فهرسُ الأمثالِ
    أحسن من قام وقعد 113 / 112
    أعلم من دب ودرج 113 / 112
    أفضل من دب ودرج 113 / 112
    أفضل من حَجَّ واعتمر 113 / 112

    فهرسُ الأشعار
    رقم الصفحة ـ المسألة
    فإن يك أمسى بالمدينة رحله
    فإنى وقيارٌ بها لغريب

    75 / 20
    لا أرى الموت يسبق الموت حتى
    نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

    252 / 569
    تعدون عقر النيب أفضل مجدكم
    بنى ضوطرى لولا الكمى المقنَّعا

    186 / 337
    وجدنا الصَّالحين لهم جزاء
    وجنات وعينًا سلسبيلا

    100 / 83
    قليل منك يكفنى ولكن
    قليلك لا يعال له قليل

    172 / 292
    هلا سألت جموع كنـ
    دة يوم ولَّوا أين أينا

    65 / 1

    مَصَادِىُ التحقيق
    1 ـ القرآن الكريم.
    2 ـ الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى.
    3 ـ أحكام القىآ ، لإكليا الهراسى.
    4 ـ إرشاد الرحمن لعلى بن عطية الأجهورى (مخطوط).
    5 ـ إرشاد العقل السليم لإبى السعود العمادى.
    6 ـ البحر المحيط لأثيى الدين أبى حيان.
    7 ـ بغية الوعاة لجلال الدين السيوطى.
    8 ـ تاريخ بغداد للخطيب البغدادى.
    9 ـ تناسق الدرر فى تناسب السور للسيوطى.
    10 ـ تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير.
    11 ـ تيسير الوصول إلى جامع الأُصول لاتن الديبع الشيبانى.
    12 ـ التيسير فى القراءات السبع لأبى عمر الدانى.
    13 ـ الجامع لأحكام القرآن للقرطبى.
    14 ـ درة التنزيل وغرة التأويل للإسكافى.
    15 ـ الدُّر المنثور فى التفسيى بالمأثور للسيوطى.
    16 ـ سنن الترمذى بتحفة الأحوذى للمبار كفورى.
    17 ـ سنن الدارمى.
    18 ـ شذرات الذهب لابن العماد الحنبلى.
    19 ـ شواذ القراءات لابن خالويه.
    20 ـ صحيح البخارى.
    21 ـ صحيح مسلم.

    22 ـ طبقات المفسرين لجلال الدين السيوطى.
    23 ـ طبقات المفسرين للداودى.
    24 ـ طبقات القراء للجزرى.
    25 ـ طبقات النحويين واللغويين للزبيدى.
    26 ـ العقد الجميل فى متشابه التنزيل لأكاه باشا.
    27 ـ العلوم والمعانى المستودعة فى السبع المثانى للأقليشى (مخطوط).
    28 ـ فتح البارى لابن حجر العسقلانى.
    29 ـ فتح الرحمن للشيخ زكريا الأنصارى.
    30 ـ لسان العرب لابن منظور الأفريقى.
    31 ـ لسان الميزان لابن حجر العسقلانى.
    32 ـ لطائف الإشارات فى فنون القراءات للقسطلانى.
    33 ـ المسند للإمام أحمد بن حنبل.
    34 ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابورى.
    35 ـ إملاء ما من به الرحمن من وجوه القراءات والإعرات فى القرآن لأبى البقاء العكبرى.
    36 ـ المعتمد من المنقول فيما أوحى إلى الرسول لحيدر بم على القاشى (مخطوط).
    37 ـ معجم الأُدباء لياقوت الحموى.
    38 ـ ميزان الاعتدال لشمس الدين الذهبى.
    39 ـ الناسخ والمنسوخ لأبى جعفى النحاس.
    40 ـ وفيات الأعيان لابن خلكان.

    فهرسُ الموضوعات
    الموضوع الصفحة
    تقديم ـ القرآن والكتب السماوية 5
    الدراسات القرآنية وأهميتها 11
    تاج القراء الكرمانى وكتابه البرهان 15
    قيمة الكتاب 19
    منهج الكتاب 21
    منهج التحقيق 23
    دراسة فى إعجاز القرآن 25 ـ 64
    ما هو الإعجاز وما مقاصده؟ ـ القرآن بيان ومعجزة 25 ـ 64
    بداية القول بعدم إعجاز القرآن 35
    وجوه إعجاز القرآن ـ جهود العلماء الأقدمين 40
    العنصر العالمى فى إعجاز القرآن 53
    مقدمة المصنف 63
    سورة الفاتحة 65
    سورة البقرة 66
    سورة آل عمران 88
    سورة النساء 95
    سورة المائدة 99
    سورة الأنعام 104
    سورة الأعراف 116
    سورة الأنفال 131
    سورة التوبة 133
    سورة يونس 138


    الموضوع الصفحة
    سورة هود 143
    سورة يوسف 148
    سورة الرعد 151
    سورة إبراهيم 153
    سورة الحجر 154
    سورة النحل 157
    سورة الإسراء 163
    سورة الكهف 168
    سورة مريم 171
    سورة طه 173
    سورة الأنبياء 176
    سورة الحج 180
    سورة المؤمنون 183
    سورة النور 186
    سورة الفرقان 188
    سورة الشعراء 189
    سورة النمل 191
    سورة القصص 194
    سورة العنكبوت 197
    سورة الروم 201
    سورة لقمان 204
    سورة السجدة 204
    سورة الأحزاب 206
    سورة سبأ 207


    الموضوع الصفحة
    سورة فاطر 209
    سورة (يس) 211
    سورة الصَّافات 212
    سورة (ص) 216
    سورة الزمر 217
    سورة غافر 219
    سورة فصلت 221
    سورة الشورى 223
    سورة الزخرف 224
    سورة الدخان 225
    سورة الجاثية ـ سورة الأحقاف 226
    سورة القتال ـ مورة الأحقاف 226
    سورة الحجرات ـ سورة (ق) 228
    سورة الذاريات ـ سورة الطور 229
    سورة النجم ـ سورة القمر 230
    سورة الرحمن ـ سورة القمر 230
    سورة الحديد 232
    سورة المجادلة 234
    سورة الحشر ـ سورة المتحتة 235
    سور : الصف ـ الجمعة ـ المنافقون 236
    سورة التغابن ـ سورة الطلاق 237
    سورة التحريم ـ سورة تبارك 238
    سورة (ن) ـ سورة الحاقة 239
    سورة المعارج 240
    سورة نوح ـ سورة الجن 241


    الموضوع الصفحة
    سورة المزمل ـ سورة المدثر 242
    سورة القيامة 243
    سورة الإنسان ـ سورة المرسلات 244
    سورة النبأ ـ سورة النازعات 245
    سورة التكوير 246
    سورة الانفطار ـ سورة المطففين ـ سورة الانشقاق 247
    سورة البروج ـ سورة الطارق ـ سورة الأعلى 248
    سورة الغاشية ـ سورة الفجر ـ سورة البلد 249
    سورة الشمس 250
    سورة الليل ـ سورة الضحى 250
    سورة ألم نشرح ـ سورة التين 251
    سورة العلق ـ سورة القدر 252
    سور : البينة ـ الزلزلة ـ العاديات ـ القارعة 253
    سورة : التكاثر 253
    سورة العصر 254
    سور : الهمزة ـ الفيل ـ قريش ـ الماعون 255
    سور : الكوثر ـ الكافرون ـ النصر 256
    سور : المسد ـ الإخلاص ـ الفلق ـ الناس 257
    الفهرس النية 259
    فهرس الآيات القرآنية 261
    فهرس الأعلام 343
    الكتب السماوية 347
    فهرس الفرق والملل والنِّحل 349
    فهرس الأحاديث النبوية 351


    الموضوع الصفحة
    فهرس أقوال الصحابة 351
    فهرس الأمثال 351
    فهرس الأشعار 353
    مصادر التحقيق 355
    فهرس الموضوعات 357
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    أسرار التكرار في القرآن
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » إعراب القرآن [ ج ١ ]
    »  إعجاز آيات القرآن في بيان خلق الإنسان

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 37-منتدى كتب القرأن الكريم-
    انتقل الى: