الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» المحكم في أصول الفقه [ ج2
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyاليوم في 9:32 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في اصول الفقه ج3
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyاليوم في 7:41 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في أصول الفقه [ ج4
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyاليوم في 6:55 من طرف الشيخ شوقي البديري

» الصحيفه السجاديه كامله
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyأمس في 20:49 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد [ ج ١ ]
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyأمس في 14:11 من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مسائل من الاجتهاد والتقليد ومناصب الفقيه
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyأمس في 13:36 من طرف الشيخ شوقي البديري

» قاعدة لا ضرر ولا ضرار
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyأمس في 7:51 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول المبين
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:46 من طرف الشيخ شوقي البديري

» ------التقيه
العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:37 من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     العقائد الاسلاميه ج2

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 15:47

    مقدمة المجلد الثاني
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد
    وآله الطيبين الطاهرين
    وبعد ، فهذا هو المجلد الثاني من العقائد الإسلامية وقد اشتمل على مجموعة
    مسائل : الرؤية والتشبيه والتجسيم ، وعدد من البحوث النافعة فيها .
    وقد حرصنا فيه على استقصاء الأحاديث والآراء من مصادرها الأساسية في
    التفسير ، والحديث ، والفقه ، واللغة ، والتاريخ ، وغيرها . . لأن غرضنا
    أن يكون مرجعاً لكل باحث في هذا الموضوع ، يجد فيه بغيته بدون تعب ، وله بعد
    ذلك أن يوافقنا في الفهم والإستنتاج أو يخالفنا .
    إن توفير المادة العلمية للباحث عمل محترم . . خاصة إذا كانت تعجز عنها قدرة
    الشخص الواحد لأنها موزعة في المصادر الكثيرة ، ومبثوثة في المتون الطويلة ، كما
    ترى في مسائل هذا المجلد .
    وبهذا المناسبة ندعو القائمين على مراكز البحوث الإسلامية لأن يهتموا بهذا
    المنهج ، ويوجهوا طاقاتهم إلى هذا الهدف . . ففي ذلك خدمة كبيرة للبحث المقارن ،
    وعونٌ على فهم حقائق العقيدة والشريعة المقدسة ، والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
    سبلنا ، وإن الله لمع المحسنين .
    مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
    علي الكوراني العاملي



    الباب الثاني
    في التوحيد



    الفصل الأول
    جذور مسألة الرؤية والتشبيه والتجسيم
    اعتقاد إخواننا السنة أن الله تعالى يرى بالعين
    المقصود بمسألة الرؤية : إمكان أن يرى الإنسان الله تعالى بحاسة العين في الدنيا
    أو في الآخرة .
    والمقصود بالتشبيه والتجسيم : تشبيه ذات الله تعالى بشئ من مخلوقاته .
    وقد نفى كل ذلك نفياً مطلقاً أهل البيت عليهم‌السلام وأم المؤمنين عائشة وجمهور
    الصحابة ، وبه قال الفلاسفة والمعتزلة وغيرهم ، واستدلوا على ذلك بالقرآن بمثل
    قوله تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) وقوله تعالى ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ) . .
    إلخ . واستدلوا أيضاً بالعقل فقالوا إن القول بإمكان رؤيته سبحانه بالعين يستلزم
    تشبيهه وتجسيمه لا محالة ، لأن ما يرى بالعين لا يكون إلا وجوداً مادياً يشبه غيره
    بأنه محدود بالمكان والزمان .
    بينما تبنى الحنابلة وأتباع المذاهب الأشعرية وهم أكثر الحنفية والمالكية
    والشافعية ، القول برؤية الله تعالى بالعين في الدنيا أو في الآخرة بسبب روايات



    رووها ، وبعض الآيات المتشابهة التي يبدو منها ذلك ، وحاولوا أن يؤولوا الآيات
    المحكمة والأحاديث الصحيحة النافية لإمكان الرؤية بالعين .
    وبسبب الإرتباط بين مسائل الرؤية والتشبيه والتجسيم والإشتراك في بحوثها
    ونصوصها جعلناها تحت عنوان واحد .
    متى ظهرت أحاديث الرؤية والتشبيه
    تدل نصوص الحديث والتاريخ على أن الجو الذي كان سائداً في صحابة النبي
    في عهده صلى‌الله‌عليه‌وآله وعهد الخليفة أبي بكر هو الإنسجام مع آيات القرآن النافية لإمكان
    الرؤية ، وأن الله تعالى ليس من نوع الأشياء التي ترى بالعين أو تحس بالحواس
    الخمس . . لأنه وجود أعلى من الأشياء المادية ، فهو يدرك بالعقل ويحس بالقلب
    والبصيرة لا بالبصر .
    ويبدو أن أفكار التشبيه والرؤية ظهرت بين المسلمين في عهد الخليفة عمر وما
    بعده ، فنهض أهل البيت عليهم‌السلام وبعض الصحابة لردها وتكذيبها .
    وتدل أحاديث التكذيب التي رويت عن أم المؤمنين عائشة أنها كغيرها فوجئت
    وصدمت بهذه المقولات الغريبة عن عقائد الإسلام ، المناقضة لما بَلَّغه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    عن ربه تعالى ، سواء في آيات القرآن أو في أحاديثه الشريفة ! ولذلك أعلنت أم
    المؤمنين أن هذه الأحاديث مكذوبة ، بل هي فرية عظيمة على الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله
    ومن واجب المسلمين ردها وتكذيبها ! !
    عائشة تكذب أحاديث الرؤية والتشبيه
    ـ صحيح البخاري ج 6 ص 50
    . . . عن عامر عن مسروق قال قلت لعائشة رضي الله عنها : يا أمتاه هل رأى محمد
    صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فقالت لقد قَفَّ شعري مما قلت ! أين أنت من ثلاث من
    حدثكهن فقد كذب : من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب


    ثم قرأت : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، وما كان لبشر
    أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب ، ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب
    ثم قرأت : وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ، ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ثم
    قرأت : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الآية ، ولكنه رأى جبرئيل عليه‌السلام في
    صورته مرتين .
    ـ صحيح البخاري ج 8 ص 166
    . . . عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت : من حدثك أن
    محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ، وهو يقول : لا تدركه الأبصار ، ومن
    حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب ، وهو يقول : لا يعلم الغيب إلا الله . انتهى . وروى
    نحوه في ج 2 جزء 4 ص 83 وج 3 جزء 6 ص 50 وج 4 ص 83 وقد استوفينا بقية مصادره
    في كتاب ( الوهابية والتوحيد ) .
    موج الفرية جاء من الشام
    مع أن الخليفة عمر أخذ من ثقافة كعب الأحبار وجماعته وأجاز لهم رسمياً أن
    يحدثوا المسلمين في مساجدهم ، وأن يكتب المسلمون عنهم ، ولكن روايات
    الرؤية واجهت سداً من الصحابة فبقي انتشارها محدوداً في زمن الخليفة عمر ،
    ولكن الدولة الأموية تبنت نشرها بقوة فارتفعت موجتها من الشام ، ووصلت إلى
    المدينة فاستنكرها أهل البيت وعائشة والصحابة !
    تدل الرواية التالية على أن الشام كانت مركز القول بالتشبيه والتجسيم ، وسبب
    ذلك أن كعب الأحبار وجماعته اتخذوا الشام قاعدة لهم وكانوا مقربين من معاوية ،
    وقد أطلق يدهم ليملوا أفكارهم وثقافتهم على المسلمين ، ويظهر أن أول من تأثر
    بهم وتبعهم أهل الشام حتى تأصلت أفكارهم فيهم .
    ومن الظواهر الملفتة أن الشام في تاريخنا الإسلامي كانت موطناً للتشبيه



    والتجسيم أكثر من أي قطر إسلامي آخر ! فلا توجد في العالم الإسلامي منطقة يعتبر
    فيها تأويل صفات الله تعالى التي يتوهم منها التشبيه والتجسيم جريمةً وخروجاً عن
    الدين إلا الشام ، فقد صارت كلمة ( متاولة ) تساوي كلمة كفار أو أسوأ منها ، وكم من
    مسلم قتل في بلاد الشام بجرم أنه ( متوالي ) أي متأول ! وما زالت هذه الكلمة إرثاً
    عند العوام ينبزون بها شيعة أهل البيت عليهم‌السلام وهي في فهم عوامهم أسوأ من الكفر أو
    مساوقة له !
    ـ قال الصدوق في التوحيد ص 179
    حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا
    جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال : حدثنا الحسين
    بن أشكيب قال : أخبرني هارون بن عقبة الخزاعي ، عن أسد بن سعيد النخعي قال :
    أخبرني عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال محمد بن علي
    الباقر عليهما‌السلام : يا جابر ما أعظم فرية أهل الشام على الله عز وجل ، يزعمون أن الله تبارك
    وتعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس ، ولقد وضع
    عبد من عباد الله قدمه على حجر فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتخذه مصلى ، يا جابر
    إن الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه ، تعالى عن صفة الواصفين ، وجلَّ عن أوهام
    المتوهمين ، واحتجب عن أعين الناظرين ، لا يزول مع الزائلين ، ولا يأفل مع
    الآفلين ، ليس كمثله شئ وهو السميع العليم .
    ـ ورواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 59 ، ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج 102
    ص270 وقال : بيان : الظاهر أن المراد بالعبد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث وضع قدمه الشريف
    عليه ليلة المعراج وعرج منه كما هو المشهور ويحتمل غيره من الأنبياء
    والأوصياء عليهم‌السلام وعلى أي حال يدل على استحباب الصلاة عليه . انتهى . ولكن
    الصحيح ما قاله الرباني في هامش بحار الأنوار :

    بل الظاهر من الحجر أن المراد به مقام إبراهيم وبه أثر قدمه الشريف ، وقد أمرنا
    الله عز وجل بقوله : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ، أن نتخذه مصلى . انتهى .
    ولا يبعد أن يكون مقصود الإمام الباقر عليه‌السلام بتعبيره ( أهل الشام ) بني أمية ، وهو
    تعبير يستعمله عنهم أهل البيت عليهم‌السلام وهذا يدعونا إلى القول بأن سبب عدم نجاح
    أفكار كعب في المدينة المنورة أو في الكوفة أو محدودية نجاحها في القرن الأول ،
    الخليفة عمر رغم أنه أعطى كعباً مكانة عظيمة في دولة الخلافة وكان يقبل أفكاره ،
    ولكن كان يوجد في عهده صحابة كثيرون يجابهون كعباً ويردون إسرائيلياته كما
    شاهدنا في موقف عائشة ، وكما نرى في الموقف التالي لعلي عليه‌السلام حيث غضب من
    كلام كعب ونهض ليخرج من مجلس الخليفة عمر محتجاً على أفكاره التجسيمية
    اليهودية !
    ـ فقد روى المجلسي في بحار الأنوار ج 44 ص 194
    عن ابن عباس أنه حضر مجلس عمر بن الخطاب يوماً وعنده كعب الحبر إذ قال :
    يا كعب أحافظ أنت للتوراة .
    قال كعب : إني لأحفظ منها كثيراً .
    فقال رجل من جنبة المجلس : يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن
    يخلق عرشه ، ومم خلق الماء الذي جعل عليه عرشه . فقال عمر : يا كعب هل عندك
    من هذا علم ؟
    فقال كعب : نعم يا أمير المؤمنين نجد في الأصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان
    قديماً قبل خلق العرش وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء ، فلما أراد أن
    يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة ، فهناك خلق عرشه
    من بعض الصخرة التي كانت تحته ، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه !
    قال ابن عباس : وكان علي بن أبي طالب عليه‌السلام حاضراً فعظم على ربه وقام على
    قدميه ونفض ثيابه فأقسم عليه عمر لما عاد إلى مجلسه ففعله .


    قال عمر : غص عليها يا غواص ، ما تقول يا أبا الحسن فما علمتك إلا مفرجاً للغم .
    فالتفت علي عليه‌السلام إلى كعب فقال :
    غلط أصحابك وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه ! يا كعب ويحك إن الصخرة
    التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته ، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره ،
    ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما قدمته ، وعز الله وجل أن يقال له
    مكان يومى إليه ، والله ليس كما يقول الملحدون ولا كما يظن الجاهلون ، ولكن كان
    ولا مكان بحيث لا تبلغه الأذهان ، وقولي ( كان ) عجز عن كونه وهو مما علم من
    البيان يقول الله عز وجل ( خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) فقولي له ( كان ) ما علمني من
    البيان لأنطق بحججه وعظمته ، وكان ولم يزل ربنا مقتدراً على ما يشاء محيطاً بكل
    الأشياء ، ثم كوَّن ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب ، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد ،
    وإنه عز وجل خلق نوراً ابتدعه من غير شئ ، ثم خلق منه ظلمة ، وكان قديراً أن
    يخلق الظلمة لا من شئ كما خلق النور من غير شئ ، ثم خلق من الظلمة نوراً وخلق
    من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين ، ثم زجر الياقوتة فماعت
    لهيبته فصارت ماء مرتعداً ولا يزال مرتعداً إلى يوم القيامة ، ثم خلق عرشه من نوره
    وجعله على الماء ، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف
    لغة ليس فيها لغة تشبه الأخرى ، وكان العرش على الماء من دونه حجب الضباب ،
    وذلك قوله : وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ .
    يا كعب ويحك ، إن من كانت البحار تفلته على قولك ، كان أعظم من أن تحويه
    صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه ، فضحك عمر بن
    الخطاب وقال : هذا هو الأمر وهكذا يكون العلم لا كعلمك يا كعب ، لا عشت إلى
    زمان لا أرى فيه أبا حسن . انتهى .
    وفي هذه الرواية مادة غنية للبحث نكتفي منها بأن كعب الأحبار طرح التجسيم
    رسمياً في دار الخلافة ومجلس الخليفة ولم يرده إلا علي عليه‌السلام وقد قبل الخليفة تنزيه


    عليّ لله تعالى ووبخ كعب الأحبار في ذلك المجلس ، ولكن يظهر أنه قبل منه
    التجسيم بعد ذلك كما سيأتي في أحاديث الخليفة عن تجسيم الله تعالى ، وأنه
    يجلس على عرشه ويطقطق العرش من ثقله . . إلخ .
    وابن عباس يحكم بشرك من يشبه الله تعالى بغيره
    ـ قال الديلمي في فردوس الأخبار ج 4 ص 206
    ابن عباس : من شبه الله عز وجل بشئ أو ظن أن الله عز وجل يشبهه شئ ، فهو من
    المشركين .
    ـ وروى الطبري في تفسيره ج 9 ص 38
    عن ابن عباس قوله تعالى : سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ يقول : أنا أول
    من يؤمن أنه لا يراك شئ من خلقك .
    ـ وقال النويري في نهاية الإرب ج 7 جزء 13 ص 211
    قال وهب : واختلف العلماء في معنى التجلي ، قال ابن عباس : ظهر نوره للجبل .
    ـ وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج 3 ص 29 ـ 30
    واختلف الصحابة رضي الله عنهم هل رأى ربه تلك الليلة أم لا ؟ فصح عن ابن
    عباس أنه رأى ربه ، وصح عنه أنه قال : رآه بفؤاده . انتهى .
    وقال ناشر الكتاب الشيخ عبد القادر عرفان في هامشه :
    لم أقف على هذه الرواية في الصحيح بل الذي صح عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه ما جاء
    عند مسلم في الإيمان 176 / 285 في قوله تعالى : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ وقوله تعالى :
    وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ قال : رآه بفؤاده مرتين . وأخرجه الترمذي في التفسير . ( 3280 ) .
    ثم قال ابن قيم الجوزية : وصح عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك وقالا : إن قوله
    ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى إنما هو جبريل . وصح عن أبي ذر أنه سأله
    هل رأيت ربك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : نور ، أنى أراه ! أي : حال بيني وبين



    رؤيته النور ، كما قال في لفظ آخر : رأيت نوراً . وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي
    اتفاق الصحابة على أنه لم يره .
    ثم قال ابن قيم الجوزية : قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه : وليس قول
    ابن عباس : إنه رآه مناقضاً لهذا ولا قوله رآه بفؤاده وقد صح عنه أنه قال : رأيت ربي
    تبارك وتعالى ولكن لم يكن هذا في الإسراء ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم
    في صلاة الصبح ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه ، وعلى
    هذا بنى الإمام أحمد قدس‌سره وقال : نعم رآه حقاً فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بد ، ولكن لم
    يقل أحمد قدس‌سره أنه رآه بعيني رأسه يقظة ، ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه ، ولكن
    قال مرة رآه ، ومرة قال رآه بفؤاده ، فحكيت عنه روايتان ، وحكيت عنه الثالثة من
    تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه ، وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها
    ذلك . انتهى .
    وقد كفانا ناشر الكتاب الجواب على كلام ابن تيمية أيضاً حيث قال في هامشه :
    ( 6 ) جزء من حديث ضعيف أخرجه أحمد في مسنده 3484 / 1 من طريق أبي
    قلابة عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه . وأبو قلابة ـ واسمه عبد الله بن زيد الجرمي ـ لم يسمع من
    ابن عباس ـ التهذيب 5 ـ 197 ومن طريقه أخرجه الترمذي 3233 وقال : وقد ذكر بين
    أبي قلابة وبين ابن عباس في هذا الحديث رجلاً . وقد رواه قتادة عن أبي قلابة عن
    خالد بن اللجلاج عن ابن عباس اهـ . أقول : لم يسمع قتادة من أبي قلابة . تهذيب
    الكمال 3266 / 10 ط . دار الفكر وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية رقم 12
    و 13 و 14 وتعقبه بقوله : أصل هذا الحديث وطرقه مضطربة قال الدارقطني : كل
    أسانيده مضطربة ليس فيها صحيح . . . وقال أبو بكر البيهقي : قد روي من أوجه كلها
    ضعاف . . . وقال أبو زرعة فيما نقله عنه المزي في تحفة الأشراف 4 / 383 عن أحمد
    بن حنبل : حديث قتادة هنا ليس بشئ . . . وأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص
    319 ـ 320 والآجري في الشريعة ص 496 والترمذي بنحوه 3234 وابن أبي عاصم
    في السنة 469 وأبو يعلى 2608 من طرق عن ابن عباس .

    وتعقبه الحافظ ابن حجر في ( النكت الظراف 4 / 382 نقلاً عن محمد بن نصر في
    تعظيم قدر الصلاة قوله : هذا حديث اضطرب الرواة في إسناده وليس يثبت عند
    أهل المعرفة . وفي الباب عن جابر بن سمرة رضي‌الله‌عنه عند ابن أبي عاصم في السنة 465
    وعن أبي أمامة رضي‌الله‌عنه في المصدر المذكور 466 وعن ثوبان رضي‌الله‌عنه أيضاً برقم 470 وعند
    البزار 2128 وعن أم الطفيل عن ابن أبي عاصم 471 وعن أبي رافع عند الطبراني في
    الكبير 938 وعن ابن عمر عند البزار 2129 من طرق ضعيفة أو واهية لا يعتد بها ولا
    تصح للإحتجاج بها ، والله تعالى أعلم . وقد تقدم القول في هذا الحديث في أول
    الكتاب . راجع الفهرس أخي الكريم رحمك الله تعالى . انتهى .
    ـ وروى المجلسي في بحار الأنوار ج 3 ص 36
    25 ـ لي يد : ابن المتوكل عن السعدآبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن أحمد
    ابن النضر ، عن محمد بن مروان ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن
    عبد الله بن عباس في قوله عز وجل : فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ
    الْمُؤْمِنِينَ ، قال يقول : سبحانك تبت إليك من أن أسألك رؤية ، وأنا أول المؤمنين
    بأنك لا ترى . انتهى .
    والظاهر أن قصد ابن عباس من إنكار التشبيه والرؤية هو ما ادعوه في زمانه وردت
    عليه عائشة وأكدت أنه إفتراء . وهذه الرواية وغيرها تعارض ما رووه عن ابن عباس
    من القول بأن الله تعالى يرى بالعين أو أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى ربه بعينه .
    وأبو هريرة يوافق عائشة وابن عباس وابن مسعود
    يظهر أن أبا هريرة كان يوافق عائشة وابن عباس ويروي أحاديث نفي التشبيه
    والرؤية . . إلى أن غلب الجو القائل بالرؤية فرويت عنه أحاديثها ! قال ابن ماجة في
    سننه ج 2 ص 1426 : . . . عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
    وسلم قال : إن الميت يصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا



    مشعوف ، ثم يقال له فيم كنت ؟ فيقول : كنت في الإسلام فيقال له : ما هذا الرجل
    فيقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه
    فيقال له : هل رأيت الله فيقول : ما ينبغي لأحد أن يرى الله ، فيفرج له فرجة قبل النار
    فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً فيقال له : أنظر إلى ما وقاك الله ، ثم يفرج له قبل الجنة
    فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له : هذا مقعدك ، ويقال له : على اليقين كنت وعليه
    مت وعليه تبعث إن شاء الله .
    وكان الجمهور يرون رأي عائشة ويكذبون أحاديث الرؤية بالعين
    ـ قال الثعالبي في الجواهر الحسان ج 3 ص 253
    ولقد رآه . . . فقالت عائشة والجمهور هو عائد على جبرئيل .
    ـ وقال الشاطبي في الإعتصام ج 2 ص 176
    الأولون ردوا كثيراً من الأحاديث الصحيحه بعقولهم وأساؤوا الظن ( . . . ) بما
    صح عن النبي ( ص ) حتى ردوا كثيراً من الأمور الأخرى . . . وأنكروا رؤية الباري .
    ـ وقال في الإعتصام ج 2 ص 197
    بعض علماء الكلام . . عدوا من البدعة قول من يصف الباري تعالى بالعلو وبأنه
    على عرشه . . . وهذا هو عين السنة المأثورة عن الصحابة .
    ـ وقال في الإعتصام ج 2 ص 334
    ـ وذهب جماعة من العلماء إلى أن المراد بالرأي المذموم في هذه الأخبار البدع
    المحدثة كرأي أبي جهم وغيره . . فقالوا لا يجوز أن يرى الله في الآخرة لأنه تعالى
    يقول : لا تدركه الأبصار . .
    ـ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ج 20 ص 153
    محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان : أبو عبد الله البخاري عالم أهل بخارى
    وشيخهم وكان فقيها ورعاً زاهداً ، ويكفر من قال بخلق القرآن ويثبت أحاديث الرؤية


    والنزول ، ويحرم المسكر توفي سنة 264 هـ في رمضان . انتهى . ومدحه للبخاري بأنه
    يثبت أحاديث الرؤية والنزول يدل على أنه يوجد كثيرون ينفونها .
    ـ وقال الطوسي في تفسير التبيان ج 4 ص 226
    روى مسروق عن عائشة أنها قالت : من حدثك أن رسول الله رأى ربه فقد كذب :
    لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء
    حجاب ولكن رأى جبرئيل في صورته مرتين . وفي رواية أخرى أن مسروقاً لما قال
    لها : هل رأى محمد ربه قالت : سبحان الله لقد قف شعري مما قلت ! ثم قرأت الآية .
    وقال الشعبي : قالت عائشة : من قال إن أحداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ،
    وقرأت الآية ، وهو قول السدي وجماعة أهل العدل من المفسرين كالحسن والبلخي
    والجبائي والرماني وغيرهم . وقال أهل الحشو والمجبرة بجواز الرؤية على الله تعالى
    في الآخرة ، وتأولوا الآية على الإحاطة ، وقد بينا فساد ذلك .
    علي عليه‌السلام يوضح ما لم توضحه عائشة
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 14
    الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ، ولا يحصي نعمه العادون ، ولا يؤدي
    حقه المجتهدون .
    الذي لا يدركه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، الذي ليس لصفته حد
    محدود ، ولا نعت موجود ، ولا وقت معدود ، ولا أجل ممدود .
    فطر الخلائق بقدرته ، ونشر الرياح برحمته ، ووتد بالصخور ميدان أرضه .
    أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ،
    وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل
    صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله
    سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ، ومن ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله ،



    ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن قال فيم
    فقد ضمنه ، ومن قال علام فقد أخلى منه .
    كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شئ لا بمقارنة ، وغير كل شئ لا
    بمزايلة ، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ، متوحد إذ
    لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده . انتهى .
    وسيأتي في الفصل الرابع المزيد من جواهر النبي وآله في التوحيد ونفيهم
    المطلق للرؤية والتشبيه والتجسيم عن الله تبارك وتعالى .
    وأصل روايات الرؤية بالعين لا تتجاوز العشرة
    ـ قال الذهبي في سيره ج 10 ص 455
    قال أحمد بن حنبل : أخبرني رجل من أصحاب الحديث أن يحيى بن صالح قال :
    لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث يعني هذه التي في الرؤية ، ثم قال أحمد :
    كأنه نزع إلى رأي جهم . . . قلت : والمعتزلة تقول لو أن المحدثين تركوا ألف حديث
    في الصفات والأسماء والرؤية والنزول لأصابوا . والقدرية تقول أنهم تركوا سبعين
    حديثاً في إثبات القدر . والرافضة تقول لو أن الجمهور تركوا من الأحاديث التي
    يدعون صحتها ألف حديث لأصابوا ، وكثير من ذوي الرأي يردون أحاديث شافه بها
    الحافظ المفتي المجتهد أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويزعمون أنه ما
    كان فقيهاً ويأتوننا بأحاديث ساقطة أو لا يعرف لها إسناد أصلاً محتجين بها .
    قلنا : وللكل موقف بين يدي الله تعالى ، يا سبحان الله أحاديث رؤية الله في
    الآخرة متواترة والقرآن مصدق لها ، فأين الإنصاف . انتهى .
    نقول : الإنصاف أن في القرآن آيات تنفي الرؤية بالعين بشكل قاطع فهي محكمة ،
    وفيه آيات يفهم من ظاهرها الرؤية بالعين فيجب تأويلها لأنها متشابه يحمل على
    المحكم ، أما أحاديث الرؤية بالعين فهي مهما كثرت مخالفة للقرآن ، مضافاً إلى أن


    بعضها كذبه الصحابة ، وجميعها كذبها أهل بيت النبي الذين أمر النبي أمته أن تأخذ
    معالم دينها منهم صلوات الله عليه وعليهم ، وكذبتها عائشة وغيرها من الصحابة .
    فهذا هو الإنصاف ! جعلنا الله جميعاً من المنصفين في الأمور العلمية والعملية .
    ـ الأحاديث القدسية من الصحاح ج 1 ص 147
    اختلف العلماء في الحديث أعلاه لأنه حديث من أحاديث الصفات ، قال الإمام
    أبو بكر بن فورك : إنها غير ثابته عند أهل النقل ولكن قد رواها مسلم وغيره فهي
    صحيحة . . وقول أهل السلف إنه حق ولا يتكلم في تأويلها . انتهى .
    ولا بد أن المقصود بقوله أهل النقل الذين لم تثبت عندهم : علماء الجرح
    والتعديل وأئمة الحديث النقاد ، بينما هي ثابتة عند المتساهلين ، وعند الذين
    يميلون إلى ما تريده الدولة . كما أن شهادة ابن فورك بأن مسلماً روى في صحيحه ما
    لم يثبت عند أهل النقل يجب أن تفتح الباب لإعادة تقييم روايات مسلم .
    وغلبت موجة كعب ودخلت الرؤية والتشبيه في عقائد المسلمين
    كانت موجة التشبيه التي ساندتها الدولة أقوى من مواجهة الراوين فقد استطاع
    الخليفة عمر ومن سار على خطه أن يحدثوا موجة من القول بالرؤية كما ستعرف ،
    وقد غلبت هذه الموجة رأي عائشة وكل الصحابة ورجحت عليهم ، وصارت الرؤية
    بالعين جزءً من عقيدة جمهور المسلمين إلى يومنا هذا ، وتبرع علماء إخواننا السنة
    بتأويل كلام عائشة رغم صراحته ، بل تجرؤوا على رد كلامها رغم ثقتهم بها ومكانتها
    في عقائدهم ، وقالوا إنها قالت ذلك باجتهادها ! ! مع أن الطبري وغيره رووا أنها لم
    تنف الرؤية من اجتهادها بل روت ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    ـ قال الدميري في حياة الحيوان ج 2 ص 72
    واختلف العلماء من السلف والخلف في أنه هل رأى نبينا محمد صلى الله عليه
    وسلم ربه تعالى أم لا ، فأنكرته عائشة وأبو هريرة وابن مسعود وجماعة من السلف ،



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 15:50

    وبه قال جماعة من المتكلمين والمحدثين ، وأجازه جماعة من السلف وأنه صلى الله
    عليه وسلم رأى ربه ليلة الأسراء بعيني رأسه ، وهو قول ابن عباس وأبي ذر وكعب
    الأحبار والحسن البصري والشافعي وأحمد بن حنبل ، وحكي أيضاً عن ابن مسعود
    وأبي هريرة ، والمشهور عنهما الأول ، وبهذا القول الثاني قال أبو الحسن وجماعة من
    أصحابه ، وهو الأصح ، وهو مذهب المحققين من السادة الصوفية . . . قلت : رؤية الله
    تعالى في الدنيا والآخرة جائزة بالأدلة العقلية والنقلية . . . وأما استدلال عائشة رضي
    الله عنها على عدم الرؤية بقوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ، ففيه
    بُعْدٌ ، إذ يقال بين الإدراك والإبصار فرق ، فيكون معنى لا تدركه الأبصار أي لا تحيط
    به مع أنها تبصره ، قاله سعيد بن المسيب وغيره . وقد نفى الإدراك مع وجود الرؤية
    في قوله تعالى : فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا ، أي لا
    يدركونكم . وأيضاً فإن الأبصار عموم وهو قابل للتخصيص فيختص المنع بالكافرين
    كما قال تعالى عنهم : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ، ويكرم المؤمنين أو من
    شاء الله منهم بالرؤية كما قال تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ . وبالجملة
    فالآية ليست نصاً ولا من الظواهر الجلية في عدم جواز الرؤية ، فلا حجة فيها والله
    أعلم . انتهى .
    وقد لاحظت كيف صاغ صاحب حياة الحيوان الموضوع ، وجعله مسألة ذات
    وجهين وكثَّر القائلين بالرؤية من السلف والخلف ، ثم خلط الإدراك بمعنى اللحوق
    بالإدراك بمعنى الرؤية ، وجعل إمكان تخصيص الله تعالى لعموم آية تخصيصاً
    بالفعل ، ثم كابر في إنكار الظاهر . . ثم جعل رواية عائشة استدلالاً من زميلة له . . كل
    ذلك لأنه يريد مذهب كعب الأحبار في الرؤية بالعين بأي ثمن ! !
    ـ وقال في عارضة الأحوذي ج 6 جزء 11 هامش ص 188
    عن ابن عربي إن الله أنزل هذه الآية لا لنفي الرؤية لله ولا قالت به عائشة ، فإنه
    يرى في الدنيا والآخرة جوازاً ووقوعاً ! !


    ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 2 جزء 3 ص 4 ـ 5
    قال القاضي عياض : اختلف السلف والخلف هل رأى نبينا ( ص ) ربه ليلة
    الأسراء فأنكرته عائشة . . وجاء مثله عن أبي هريرة . .
    . . . الراجح عند أكثر العلماء أن رسول الله ( ص ) رأى ربه بعيني رأسه ليلة الأسراء
    . . . عائشة لم تنف الرؤية وإنما اعتمدت الإستنباط من الآيات . . . أما احتجاج عائشة
    بقول الله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فإن الإدراك هو الإحاطة !
    ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 2 ص 94 ـ هامش الساري
    عن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه في قوله تعالى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ قال : رأى جبريل
    له ستمائة جناح وهو مذهبه في هذه الآية . . وذهب الجمهور من المفسرين إلى أن
    المراد أنه رأى ربه سبحانه وتعالى ! انتهى .
    ـ وقال الطبري في تفسيره ج 7 ص 201 ـ 202
    . . . إلا أنه جائز أن يكون معنى الآية : لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة
    وتدركه أبصار المؤمنين وأولياء الله ! قالوا وجائز أن يكون معناها لا تدركه الأبصار
    بالنهاية والإحاطة وأما الرؤية فبلى . وقال آخرون الآية على العموم ولن يدرك الله
    بصر أحد في الدنيا والآخرة ، ولكن الله يحدث لأوليائه يوم القيامة حاسة سادسة
    سوى حواسهم الخمس فيرونه بها ! انتهى .
    ولكن دعوى الحاسة السادسة تعني التنازل عن أحاديث الرؤية التي تصرح
    بالرؤية بالعين البشرية المعهودة ، كما سيأتي .
    وأيدوا قول كعب بحديث العماء وادعوا قدم الفضاء مع الله تعالى
    ـ مسند أحمد ج 4 ص 11
    ابن سلمة عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قلت يا
    رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : كان في عماء . ما تحته
    هواء وما فوقه هواء . ثم خلق عرشه على الماء .



    ـ سنن الترمذي ج 4 ص 351
    قال : كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء . قال
    أحمد قال يزيد : العماء أي ليس معه شئ . هكذا يقول حماد بن سلمة . هذا حديث
    حسن . انتهى ورواه ابن ماجة في سننه ج 1 ص 64 ورواه البيهقي في المحاسن والمساوئ
    ج 1 ص 47
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 322
    وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر
    وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
    رزين رضي‌الله‌عنه . . . قال : كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء .
    قال الترمذي رضي‌الله‌عنه : العماء أي ليس معه شئ . انتهى . ورواه في كنز العمال ج 1 ص 236
    وفي ج 10 ص 370 وقال في مصادره ( حم وابن جرير ، طب وأبو الشيخ في العظمة .
    عن أبي رزين ) وقال في هامشه : العماء بالفتح والمد : السحاب . قال أبو عبيد : لا
    يدرى كيف كان ذلك العماء . وفي رواية كان في عما بالقصر ، ومعناه ليس معه شئ .
    النهاية 3 ـ 304 . انتهى .
    ملاحظة : مقصود الراوي بالعماء الفضاء الخالي ، وبعض روايات الحديث نصت
    على ذلك ، فيكون الفضاء حسب تصوره إلۤهاً مع الله تعالى ، أو قبله ! ويكون وجوده
    تعالى مادياً محتاجاً لأن يكون في فضاء ! وقد كان الترمذي محتاطاً فابتعد عن
    مسؤولية تفسيره بأنه ليس معه أحد ، وجعل ذلك على عهدة يزيد وحماد بن سلمة !
    ويؤيد ما ذكرنا ، أن كلمة العماء تستعمل عند عوام العرب لمكان الخراب في
    مقابل العمران ، شبيهاً بالأرض البائرة والمزروعة ، فيقولون كانت هذه المنطقة
    عماء لا عمران فيها أو لا إنسان فيها . فيكون معنى أن الله تعالى كان في عماء أن
    الراوي تصور أن الكون كان فضاء وهواء وكان الله تعالى في ذلك الفضاء العماء ، ثم
    أعمره بالخلق .

    وقد يقال في توجيه الحديث إنه تفسير لقوله تعالى ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ )
    ولكن السؤال فيه عما قبل العرش وقبل كل الخلق ، أي عما هو قبل القبل ، فكيف
    يصح جعل العماء والهواء قديماً أو واجب الوجود قبل القبل !
    وقد يقال إن المقصود بالخلق في السؤال الملائكة والناس . ولكن إطلاق السؤال
    عما قبل الخلق ، يأبى تخصيصه بذوي الأرواح أو ببعض المخلوقات .
    وكذلك لا يصح تفسير العماء بالعدم المطلق ، لأن تعبير ( ما تحته هواء وما فوقه
    هواء ) يجعل تفسيره بالعدم المطلق ، تعامياً !
    وهاجموا أمهم عائشة وأساؤوا معها الأدب
    ـ كتاب التوحيد لابن خزيمة ص 225 ـ 230
    قال أبو بكر : هذه لفظة أحسب عائشة تكلمت بها في وقت غضب ، ولو كانت
    لفظة أحسن منها يكون فيها درك لبغيتها كان أجمل بها ، ليس يحسن في اللفظ أن
    يقول قائل أو قائلة : قد أعظم ابن عباس الفرية وأبو ذر وأنس بن مالك وجماعات من
    الناس الفرية على ربهم ! ولكن قد يتكلم المرء عند الغضب باللفظة التي يكون غيرها
    أحسن وأجمل منها . . . الى آخر هجوم ابن خزيمة المجسم وغيره على أمهم
    عائشة . راجع الفصل الأول من كتاب الوهابية والتوحيد .
    ثم رووا الرؤية بالعين حتى عن ابن عباس وعائشة
    ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 316
    أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، ثنا محمد بن عبد السلام ، ثنا إسحاق
    بن إبراهيم ، أنبأ إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدثني أبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس
    رضي الله عنهما أنه سئل هل رأى محمد ربه ؟ قال : نعم رأى كأن قدميه على خضرة
    دونه ستر من لؤلؤ ! فقلت يا ابن عباس أليس يقول الله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ



    الْأَبْصَارَ ؟ قال : يا لا أم لك ، ذلك نوره وهو نوره ، إذا تجلى بنوره لا يدركه شئ . هذا
    حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
    ـ وقال في هامش تهذيب التهذيب ج 4 ص 113
    في تهذيب الكمال عن عكرمة عن ابن عباس قال : رأى محمد صلى الله عليه
    وسلم ربه تعالى ، فقلت لابن عباس : أليس الله يقول : لا تدركه الأبصار وهو يدرك
    الأبصار ؟ قال : أسكت لا أم لك ، إنما ذلك إذا تجلى بنوره لم يقم لنوره شئ . اهـ .
    ـ مجمع الزوائد ج 7 ص 114
    وعن ابن عباس قال : إن محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه ، قال عكرمة : يا أبا
    عباس أليس يقول الله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ؟ فقال ابن عباس لا أم
    لك ، إنما ذلك إذا تجلى بكيفية لم يقم له بصر .
    قلت : له حديث رواه الترمذي غير هذا رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن الحكم بن
    أبان وهو متروك . انتهى .
    ـ مجمع الزوائد ج 1 ص 78
    . . . وعن ابن عباس أنه كان يقول : إن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه مرتين
    مرة ببصره ومرة بفؤاده . رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح ، خلا
    جهور بن منصور الكوفي ، وجهور بن منصور ذكره ابن حبان في الثقات .
    ـ كتاب التوحيد لابن خزيمة ص 198
    . . . عن عبد الله ابن أبي سلمة أن عبد الله بن عمر بن الخطاب بعث إلى عبد الله بن
    العباس يسأله هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فأرسل إليه عبد الله بن
    العباس أن نعم ، فرد عليه عبد الله بن عمر رسوله أن كيف رآه ؟ قال فأرسل أنه رآه في
    روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة ،
    ملك في صورة رجل ، وملك في صورة ثور ، وملك في صورة نسر ، وملك في صورة
    أسد . انتهى .

    هذه هي الرواية التي شهرها ابن خزيمة سيفاً على مذهب أمه عائشة ، لأنها
    خالفت فيه مذهب الخليفة عمر ، وهي رواية إسرائيلية مع الأسف ! وقد علق عليها
    الشيخ محمد الهراس بقوله ( لعل ابن عباس أخذ رأيه هذا من كعب الأحبار فقد كان
    كعب يقول إن الله قسم كلامه ورؤيته بين موسى ومحمد ) .
    ـ ثم قال ابن خزيمة في ص 199
    عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة ،
    واصطفى موسى بالكلام ، واصطفى محمداً بالرؤية . . . عن عكرمة عن ابن عباس رضي
    الله عنهما قال : رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه . . . عن شعبة عن قتادة عن أنس
    بن مالك قال : رأى محمد ربه . انتهى .
    وعلق عليه الهراس بقوله ( هذا رأي لا دليل عليه ، وهذا مخالف لقوله عليه‌السلام في
    حديث أبي ذر ( نور ) أني أراه ) .
    وقد روى ابن خزيمة نفسه حديث أبي ذر في نفي النبي رؤية ربه بعينه ! قال في
    ص 206 : . . . محمد بن بشار بن بندار حدثنا بهذا الخبر ، قال ثنا معاذ بن هشام ، قال
    حدثني أبي ، عن قتادة ، عن عبد الله بن شقيق ، قال قلت لأبي ذر : لو رأيت رسول الله
    صلى الله عليه وسلم لسألته ، فقال عن أي شئ كنت تسأله ؟ فقال كنت أسأله هل
    رأيت ربك ؟ فقال أبو ذر : قد سألته فقال رأيت نوراً . انتهى .
    ويلاحظ أن ابن خزيمة لم يرو تعجب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من سؤال أبي ذر ( أنى أراه ! )
    فقد علق عليه الهراس بقوله ( قوله رأيت نوراً : يفيد أنه لم يرد بذلك النور نور ذاته عز
    وجل ، وإلا لقال للسائل نعم رأيته ، فهو أراد أن يفهم السائل أن الذي رآه هو النور ،
    ولعله نور الحجاب كما ورد في حديث أبي موسى ( حجابه النور ) وهو الذي حال
    دون رؤيته له سبحانه ) . انتهى .
    ولم يترك ابن خزيمة شيئاً إلا وتشبث به لإثبات الرؤية بالعين فقد روى أن الحسن



    البصري كان يحلف الأيمان على الرؤية بالعين ! ! قال في ص 199 : . . ابن سليمان عن
    المبارك بن فضالة قال : كان الحسن يحلف بالله لقد رأى محمد ربه . انتهى .
    وعلق عليه الهراس بقوله : كيف يحلف الحسن سامحه الله على أمر لم يتبين
    صدقه ، وهو محل خلاف بين الصحابة وجمهورهم على نفيه ! انتهى .
    ثم أفتوا بكفر وضلال من خالفهم وشملت فتواهم أمهم عائشة !
    ـ قال النووي في شرح مسلم ج 2 جزء 3 ص 15 ص 8
    باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم . . إن مذهب أهل السنة أن رؤية الله
    ممكنة . . وزعمت طائفة من أهل البدع المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة أن الله
    تعالى لا يراه أحد من خلقه ، وأن رؤيته مستحيلة عقلاً .
    ـ قال الشاطبي في الإعتصام ج 1 ص 331
    ومنها ردهم أهل البدع للأحاديث التي غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم . .
    كالمنكر لعذاب القبر والصراط المستقيم والميزان ، ورؤية الله في الآخرة ، وكذلك
    حديث الذباب وقتله ، وأن في أحد جناحيه داء والآخر دواء !
    ـ وقال الذهبي في سيره ج 14 ص 396
    أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه : أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك ،
    أخبرنا أبو روح بهراة ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عبد الواحد بن أحمد
    المليجي ، أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف ، حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال : من
    لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول من
    يسألني فأعطيه ، فهو زنديق كافر ، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، ولا يصلى
    عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين .
    قلت : لا يكفر إلا إن علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله ، فإن جحد بعد


    ذلك فهذا معاند ، نسأل الله الهدى ، وإن اعترف أن هذا حق ولكن قال أخوض في
    معانيه فقد أحسن ، وإن آمن وأول ذلك كله أو تأول بعضه ، فهو طريقة معروفة .
    ـ وقال الذهبي في سيره ج 7 ص 381
    قال حفص بن عبد الله : سمعت إبراهيم بن طهمان يقول : والله الذي لا إلۤه إلا هو
    لقد رأى محمد ربه .
    وقال أبو حاتم : شيخان بخراسان مرجئان : أبو حمزة السكري وإبراهيم بن طهمان
    وهما ثقتان .
    وقال أبو زرعة : كنت عند أحمد بن حنبل فذكر إبراهيم بن طهمان وكان متكئاً من
    علة فجلس وقال : لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ . وقال أحمد : كان مرجئاً شديداً
    على الجهمية .
    ـ وقال الدميري في حياة الحيوان ج 2 ص 72
    واختلف في جواز الرؤية فأكثر المبتدعة على إنكار جوازها في الدنيا والآخرة
    وأكثر أهل السنة والسلف على جوازها فيهما ووقوعها في الآخرة .
    ـ وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ ج 2 ص 435
    وقال أحمد بن سلمة : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : جمعني وهذا المبتدع
    ابن أبي صالح مجلس الأمير عبد الله بن طاهر فسألني الأمير عن أخبار النزول
    فسردتها ، فقال ابن أبي صالح : كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء ! فقلت : آمنت
    برب يفعل ما يشاء .
    هذه حكاية صحيحة رواها البيهقي في الأسماء والصفات . قال البخاري : مات
    ليلة نصف شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين وله سبع وسبعون سنة .
    ـ وقال السبحاني في بحوث في الملل والنحل ج 2 ص 373
    . . . وقفنا على فتوى لعبد العزيز بن عبد الله بن باز مؤرخة 8 / 3 / 1407 مرقمة



    1717 / 2 جواباً على سؤال عبد الله عبد الرحمن في جواز الإقتداء والإئتمام بمن لا
    يعتقد بمسألة الرؤية يوم القيامة فأفتى : من ينكر رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة
    لا يصلى خلفه وهو كافر عند أهل السنة والجماعة . واستدل لذلك بما ذكره ابن القيم
    في كتابه ( حادي الأرواح ) ذكر الطبري وغيره أنه قيل لمالك : إن قوماً يزعمون أن الله
    لا يرى يوم القيامة فقال مالك رحمه‌الله : السيف السيف .
    وقال أبو حاتم الرازي : قال أبو صالح كاتب الليث : أملى عليَّ عبد العزيز بن سلمة
    الماجشون رسالة عما جحدت الجهمية فقال : لم يزل يملي لهم الشيطان حتى
    جحدوا قول الله تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ .
    . . . عن أحمد بن حنبل وقيل له في رجل يحدث بحديث عن رجل عن أبي
    العواطف إن الله لا يرى في الآخرة فقال : لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ثم
    قال : أخزى الله هذا .
    وقال أبو بكر المروزي : من زعم أن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر . وقال : من لم
    يؤمن بالرؤية فهو جهمي والجهمي كافر .
    وقال إبراهيم بن زياد الصائغ : سمعت أحمد بن حنبل يقول : الرؤية من كذب بها
    فهو زنديق ، وقال : من زعم أن الله لا يرى فقد كفر بالله وكذب بالقرآن ورد على الله
    أمره ، يستتاب فإن تاب وإلا قتل . . إلخ ) انتهى .
    ويشمل حكم الشيخ ابن باز هذا أم المؤمنين عائشة لأنها كذبت من زعم أن
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى الله تعالى واستدلت على نفي إمكانية رؤية الله تعالى مطلقاً في الدنيا
    والآخرة بقوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ . ولا طريق أمام ابن باز إلا أن يقول بكفر عائشة ،
    أو يكذب روايات البخاري ومسلم عنها ! !
    وقد كان الألباني أرحم من أستاذه ابن باز فقد رفع حكم التكفير عن أمه عائشة
    وعن عدة فئات من المسلمين فقال في فتاويه ص 123
    ـ علماء السلف كفروا الجهمية وأعلنوا كفرهم . وأفتوا بقتل رأسهم لكنهم لا


    يكفرون الأباضية الذين ينكرون رؤية الله في الآخرة كذلك المعتزلة . . لكنهم يكتفون
    بتضليلهم دون كفرهم . . وقال في ص 292 قال ابن تيمية : . . . كان أبو حنيفة
    والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية ويصححون الصلاة
    خلفهم . . أئمة الدين لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحداً من المجتهدين
    المخطئين لا في مسائل علمية ولا عملية . . . كتنازع الصحابة هل رأى محمد ربه .
    . . وأهل السنة لا يبتدعون قولاً ولا يكفرون من اجتهد فأخطأ ، كما لم تكفر
    الصحابة الخوارج مع تكفيرهم لعثمان وعلي ومن والاهما .
    وفي مقابل حملة التكفير هذه ، فإن الذين نفوا رؤية الله تعالى بالعين لم يكفروا
    أصحاب الرؤية بل أفتوا بأنهم : لا يفهمون ما يقولون ! قال الشاطبي في الإعتصام ج 1
    ص 236 : حكى أبو بدر العزلي عن بعض من لقي بالمشرق من المنكرين للرؤية أنه
    قيل له : هل يكفر من يقول بإثبات الرؤية ؟ فقال لا ، لأنه قال بما لا يعقل . . قال ابن
    العزلي : فهذه منزلتنا عندهم !
    وكبَّر كعب الأحبار لأنه انتصر على المسلمين ! !
    ـ روى الذهبي في سيره ج 14 ص 45 عن عكرمة حديث ابن عباس ، وقال الناشر في
    هامشه : أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص 199 من طريق عبد الوهاب بن الحكم
    الوراق ، حدثنا هاشم بن القاسم ، عن قيس بن الربيع ، عن عاصم الأحول ، عن
    عكرمة ، عن ابن عباس قال : إن الله . . الخ . وأخرجه أيضاً ص 197 من طريق محمد
    بن بشار ، ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ،
    عن عكرمة ، عن ابن عباس . . . . وهذا رأي لا دليل عليه ، وهو مخالف للأدلة الكثيرة
    الوفيرة في أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة . وقد حكى عثمان بن
    سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك . أنظر التفصيل في زاد المعاد ج 3 ص
    36 ـ 37 . انتهى .


    هذا ، ولكن المعروف عن ابن عباس أنه كان ينفي التشبيه والرؤية كما تقدم ، فلا
    يبعد أن يكون الحديث مكذوباً عليه من عكرمة غلامه ، فقد كان عكرمة معروفاً
    بالكذب على ابن عباس في حياته وبعد وفاته ، حتى ضربه ابن عباس وولده
    وحبسوه لهذا السبب في المرحاض ، كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل .
    وكان عكرمة يروي الإسرائيليات عن وهب وكعب وغيرهما من اليهود .
    ويؤيد ذلك أن السهيلي روى هذا الحديث في الروض الأنف ج 2 ص 156 عن كعب
    وليس عن ابن عباس . وغرض كعب من هذه الرواية أن يثبت تجسم الله تعالى ورؤيته
    بالعين ، فقد كان ذلك مطلباً مهماً يسعى إليه ، فقد روى ابن خزيمة في كتاب التوحيد
    ص 225 ـ 230 . . . . عن الشعبي عن عبد الله بن الحرث قال : اجتمع ابن عباس وكعب
    فقال ابن عباس : إنا بنو هاشم نزعم أو نقول : إن محمداً رأى ربه مرتين ، قال فكبر
    كعب حتى جاوبته الجبال ! فقال : إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى صلى
    الله عليهما وسلم ! انتهى .
    ومن الواضح أن تكبير كعب الأحبار ( حتى جاوبته الجبال ! ) يدل على أن إثبات
    رؤية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مطلباً مهماً عند كعب وأنه كان يبحث عمن يوافقه عليه ولا يجد ،
    فلما وافقه ابن عباس كما تدعي الرواية صرخ بصوت عال من فرحه ، لأن ذلك يوافق
    مصادره اليهودية في تجسيد الله تعالى وجلوسه على عرشه ونزوله إلى الأرض
    ومصارعته ليعقوب . . إلى آخر افتراءات اليهود على الله تعالى !
    واشتغل الوضاعون وكثرت أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم
    تقدم عن عائشة وغيرها تكذيب أحاديث الرؤية عموماً ، وقد طفح كيل هذه
    الأحاديث من كل لون ، لأن الدول كانت تشجعه ، ولأن الموضوع قابل للأسطورة . .
    حتى اعترفت مصادر الجرح والتعديل عند إخواننا بوضع عدد كبير منها !


    هل روى حماد أحاديث الرؤية والتشبيه أم دسوها في لحيته ؟
    ـ قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 3 ص 15
    حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال : كان حماد بن سلمة لا يعترف
    بهذه الأحاديث أي في الصفات ، حتى أخرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها ،
    فسمعت عباد بن صهيب يقول : إن حماداً كان لا يحفظ ، وكانوا يقولون إنها دست
    في لحيته . وقد قيل إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه . .
    وأنكر مالك أحاديث التشبيه واعتذر عنه الذهبي بأنه جاهل
    ـ قال الذهبي في سيره ج 8 ص 103
    أبو أحمد بن عدي : حدثنا أحمد بن علي المدائني ، حدثنا إسحاق ابن إبراهيم
    بن جابر ، حدثنا أبو زيد بن أبي الغمر ، قال قال ابن القاسم : سألت مالكاً عمن حدث
    بالحديث الذين قالوا : إن الله خلق آدم على صورته . والحديث الذي جاء : إن الله
    يكشف عن ساقه ، وأنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد . فأنكر مالك ذلك
    إنكاراً شديداً ونهى أن يحدث بها أحد ! فقيل له : أن ناساً من أهل العلم يتحدثون به
    فقال : من هو ؟ قيل ابن عجلان عن أبي الزناد . قال : لم يكن ابن عجلان يعرف هذه
    الأشياء ، ولم يكن عالماً . وذكر أبا الزناد فقال : لم يزل عاملاً لهؤلاء حتى مات . رواها
    مقدام الرعيني عن ابن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا : حدثنا ابن القاسم .
    قلت : أنكر الإمام ذلك لأنه لم يثبت عنده ولا اتصل به فهو معذور ، كما أن
    صاحبي الصحيحين معذوران في إخراج ذلك أعني الحديث الأول والثاني لثبوت
    سندهما ، وأما الحديث الثالث فلا أعرفه ! انتهى .
    وهذا النص يدل بوضوح على أن الأمويين كانوا يتبنون أحاديث الرؤية
    والتجسيم ، وأن الإمام مالك ذم الراوي بأنه كان عاملاً مطيعاً لهم حتى مات . وأن
    أجواء هذه الإعتقادات كانت محدودة بالدولة بخلاف الجو العام للمسلمين الذي



    يعيش فيه الإمام مالك . وقد بينا في كتاب الوهابية والتوحيد عدم صحة ما نسبه
    الوهابيون إلى الإمام مالك من تفسير الصفات بالظاهر .
    نماذج من الأحاديث الموضوعة لتأييد مذهب كعب
    ـ قال في كتابه الموضوعات ج 1 ص 124 ـ 125
    حديث آخر في ذكر النزول يوم عرفة ، إذ لو رواه الثقات كان مردوداً والرسول
    منزه أن يحكي عن الله عز وجل ما يستحيل عليه ، وأكثر رجاله مجاهيل وفيهم
    ضعفاء . أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد العرار ( القزاز ) قال أنبأنا أبو بكر
    أحمد بن علي بن ثابت ، قال أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، قال أنبأنا محمد بن عبد الله
    الشافعي ، قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال حدثنا نعيم بن حماد ، قال
    حدثنا ابن وهب ، قال حدثنا عمرو بن الحرث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن مروان
    بن عثمان ، عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل امرأة أبي أنها سمعت رسول الله صلى
    الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة شاباً موفوراً رجلاه
    في مخصر عليه نعلان من ذهب في وجهه مراس من ذهب .
    أما نعيم فقد وثقه قوم وقال ابن عدي : كان يضع الحديث ، وكان يحيى بن معين
    يهجنه في روايته حديث أم الطفيل وكان يقول : ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا
    وليس نعيم بشئ في الحديث .
    وأما مروان فقال أبو عبد الرحمن النسائي : ومن مروان حتى يصدق على الله عز
    وجل ، قال مهنى : سألت أحمد عن هذا الحديث فحول وجهه عني وقال : هذا
    حديث منكر هذا رجل مجهول عنى مروان . قال : ولا يعرف أيضاً عمارة .
    ـ وقال الذهبي في ميزان الإعتدال ج 4 ص 269
    نعيم بن حماد ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي
    هلال ، عن مروان بن عثمان عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل ـ أنها سمعت النبي


    صلى الله عليه وسلم يقول : رأيت ربي في أحسن صورة شاباً موقراً رجلاه في خصر
    عليه نعلان من ذهب . قال أبو عبد الرحمن النسائي : ومن مروان حتى يصدق على
    الله تعالى .
    ـ وقال في سيره ج 10 ص 602
    قال عبد الخالق بن منصور : رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في
    خبر أم الطفيل في الرؤية ويقول : ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا . وقال أبو
    زرعة النصري : عرضت على دحيم ما حدثناه نعيم بن حماد ، عن الوليد بن مسلم ،
    عن ابن جابر ، عن ابن أبي زكريا ، عن رجاء بن حيوة ، عن النواس : إذا تكلم الله
    بالوحي . الحديث فقال لا أصل له . فأما خبر أم الطفيل فرواه محمد بن إسماعيل
    الترمذي وغيره حدثنا نعيم ، حدثنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد
    بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل امرأة أبي
    بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا .
    فهذا خبر منكر جداً .
    ـ وقال في هامش سير أعلام النبلاء ج 18 ص 49
    ( 4 ) أخرجه الخطيب في تاريخه 13 ـ 311 من طريق نعيم بن حماد ، حدثنا ابن
    وهب ، حدثنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن مروان بن عثمان ،
    عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل إمرأة أبي أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
    يذكر أنه رأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة شاباً موقراً رجلاه في خضرة له
    نعلان من ذهب على وجهه مراس من ذهب ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات
    وقال : موضوع ، نعيم وثقه قوم وقال ابن عدي : يضع ، وصفه ابن عدي بسبب هذا
    الحديث ، ومروان كذاب ، وعمارة مجهول ، وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال :
    منكر . وفي الميزان 4 ـ 92 : مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى الزرقي : ضعفه
    أبو حاتم ، وقال أبو بكر محمد بن أحمد الحداد الفقيه : سمعت النسائي يقول : ومن



    مروان بن عثمان حتى يصدق على الله ! قاله في حديث أم الطفيل . وأورده في الميزان 4
    ـ 229 في ترجمة نعيم بن حماد في جملة الأحاديث التي أنكرت عليه . وقال الحافظ
    في الإصابة 4 ـ 470 في ترجمة أم الطفيل بعد أن أورده عن الدارقطني من طريق
    مروان بن عثمان . . . ومروان متروك ، قال ابن معين : ومن مروان حتى يصدق .
    ـ وقال ابن الجوزي في الموضوعات ج 1 ص 290
    عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أعطى موسى
    الكلام وأعطاني الرؤية وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود .
    هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتهم به محمد بن
    يونس وهو الكديمي ، وكان وضاعاً للحديث . قال ابن حبان لعله قد وضع أكثر من
    ألف حديث !
    ـ وقال في الموضوعات ج 3 ص 259
    عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أسكن الله عز وجل
    أهل الجنة الجنة وأهل النار النار . قال : فيهبط تبارك وتعالى إلى الجنة في كل جمعة
    في كل سبعة آلاف يعني سنة مرة . قال وفي وحيه : وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما
    تعدون فيهبط عز وجل إلى مرج الجنة فيمد بينه وبين الجنة حجاباً من نور فيبعث
    جبريل إلى أهل الجنة فيأمر فليزوروه ، فيخرج رجل من موكب عظيم حوله صفق
    أجنحة الملائكة ودوي تسبيحهم والنور بين أيديهم أمثال الجبال فيمد أهل الجنة
    أعناقهم فيقولون : من هذا قد أذن له على الله عز وجل فتقول الملائكة : هذا المجبول
    بيده والمنفوخ فيه من روحه والمعلم الأسماء والمسجود له من الملائكة الذي أبيح
    له الجنة ، هذا آدم .
    وذكر نحو هذا في إبراهيم ومحمد وقال : ثم يخرج كل نبي وأمته فيخرج
    الصديقون والشهداء على قدر منازلهم حتى يحفوا حول العرش فيقول لهم عز وجل
    بلذاذة صوته وحلاوة نغمته : مرحباً بعبادي . وذكر حديثاً طويلاً لا فائدة في ذكره .


    وهو حديث موضوع لا نشك فيه والله عز وجل متنزه عن أن يوصف بلذة الصوت
    وحلاوة النغمة فكافأ الله من وضع هذا . وفي إسناده يزيد الرقاشي وهو متروك
    الحديث وضرار بن عمرو قال يحيى : ليس بشئ ولا يكتب حديثه ، وقال الدارقطني :
    ذاهب متروك . ويحيى بن عبد الله قال ابن حبان : يأتي عن الثقاة بأشياء معضلات .
    ـ وقال في الموضوعات ج 3 ص 260
    عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : وجوه يومئذ
    ناضرة إلى ربها ناظرة ، قال : والله ما نسخها منذ أنزلها يزورون ربهم فيطعمون
    ويسقون ويطيبون ويحلون وترفع الحجب بينه وبينهم وينظرون إليه وينظر إليهم ،
    وذلك قوله تعالى : وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا . هذا حديث لا يصح وفيه ميمون
    بن شياه قال ابن حبان : يتفرد بالمناكير عن المشاهير ، لا يحتج به إذا انفرد . وفيه
    صالح المري ، قال النسائي : متروك الحديث .
    . . . قال سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
    يقول : إن الله تعالى يتجلى لأهل الجنة في مقدار كل يوم على كثيب كافور أبيض .
    هذا حديث لا أصل له وجعفر وجده وعاصم مجهولون .
    . . . عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينما أهل الجنة
    في نعيمهم إذ سطع لهم نور فنظروا فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال :
    السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله : سلام قولاً من رب رحيم ، قال فينظر إليهم
    وينظرون إليه فلا يزالون كذلك حتى يحتجب فيبقى نوره وبركته عليهم وفى دارهم .
    طريق ثان . . . طريق ثالث . . .
    هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدار طرقه كلها على
    الفضل بن عيسى الرقاشي ، قال يحيى : كان رجل سوء . ثم في طريقه الأول والثاني
    عبد الله بن عبيد ، قال العقيلي : لا يعرف إلا به ولا يتابع عليه . وفي طريقة الثالث
    محمد بن يونس الكديمي وقد ذكرنا أنه كذاب ، وقال ابن حبان : كان يضع الحديث .




    ـ وقال الشاطبي في الإعتصام ج 1 هامش ص 39
    ولا يغترن أحد بترغيب الخطباء الجاهلين ولا بالحديث الذي يذكرونه على
    منابرهم وهو إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله
    ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له ألا مسترزق
    فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا إلا كذا حتى يطلع الفجر . فإن هذا حديث واه أو
    موضوع رواه ابن ماجة وعبد الرزاق عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، وقد قال فيه
    ابن معين والإمام أحمد أنه يضع الحديث . نقل ذلك محشي سنن ابن ماجة عن
    الزوائد . ووافقه الذهبي في الميزان في الإمام أحمد ، وذكر عن ابن معين أنه قال فيه :
    ليس حديثه بشئ ، وقال الناس : متروك .
    ـ وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص 214
    وقد روى الوليد بن مسلم خبراً يتوهم كثير من طلاب العلم ممن لا يفهم علم
    الأخبار أنه خبر صحيح من وجه النقل وليس كذلك هو عند علماء أهل الحديث ،
    وأنا مبين علله إن وفق الله لذلك حتى لا يغتر بعض طلاب الحديث به فيلتبس
    الصحيح بغير الثابت من الأخبار ، وقد أعلمت ما لا أحصي من مرة أني لا أستحل
    أن أموه على طلاب العلم بالإحتجاج بالخبر الواهي وإني خائف من خالقي جل
    وعلا إذا موهت على طلاب العلم بالإحتجاج بالأخبار الواهية وإن كانت الأخبار
    حجة لمذهبي .
    روى الوليد قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال ثنا خالد ابن اللجلاج ،
    قال حدثني عبد الرحمن بن عائش الحضرمي ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
    وسلم : رأيت ربي في أحسن صورة فقال فيم يختصم الملأ الأعلى . . إلخ . انتهى .
    ـ وقال ابن الأثير في أُسد الغابة ج 3 ص 304
    اللجلاج وأبو سلام الحبشي لا تصح صحبته لأن حديثه مضطرب ، أخبرنا
    أبو منصور ابن مكارم بن أحمد بن سعد المؤدب بإسناده عن المعافي بن عمران ، عن


    الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن زيد أنه سمع خالد بن اللجلاج يحدث مكحولاً ، عن
    عبد الرحمن بن عائش الحضرمي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رأيت ربي في
    أحسن صورة فذكر أشياء . . .
    ـ وقال المزي في تهذيب الكمال ج 17 ص 202
    عبد الرحمان بن عائش الحضرمي ويقال : السكسكي الشامي مختلف في صحبته
    وفي إسناد حديثه ، روي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت ربي في أحسن
    صورة وقيل : عنه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى
    الله عليه وسلم وقيل : عنه عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل ، عن النبي صلى
    الله عليه وسلم وقيل : غير ذلك .
    وقال أبو زرعة الدمشقي : سألت عبد الرحمن بن إبراهيم قلت له : لعبد الرحمان
    بن عائش حديث سوى : رأيت ربي في أحسن صورة ؟ فقال لي عبد الرحمن بن
    إبراهيم : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب ، عن ربيعة بن
    يزيد ، عن عبد الرحمان بن عائش قال : الفجر فجران . . . فذكر الحديث .
    وقال أبو زرعة الدمشقي أيضاً : قلت لأحمد بن حنبل إن ابن جابر يحدث عن
    خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمان بن عائش عن النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت
    ربي في أحسن صورة ، ويحدث به قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن
    عبد الله بن عباس فأيهما أحب اليك قال : حديث قتادة هذا ليس بشئ والقول ما قال
    ابن جابر .
    وقال أبو حاتم الرازي : هو تابعي وأخطأ من قال له صحبة .
    وقال أبو زرعة : الرازي ليس بمعروف . روى له الترمذي وقد وقع لنا حديثه بعلو .
    ـ وقال ابن ناصر في توضيح المشتبه ج 1 ص 588
    محمد بن شجاع الثلجي الفقيه صاحب التصانيف مشهور مبتدع . . قلت : . .
    وبدعته كونه من أصحاب بشر المريسي يقول في القرآن ، ومع ذلك رمي بالوضع



    والكذب ، ومن افترائه أنه تكلم في الشافعي وأحمد . . كان يضع أحاديث التشبيه
    وينسبها إلى أصحاب الحديث ليثلبهم بذلك . .
    ـ وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 440 ـ 441
    فصل : في بيان أربعة أحاديث باطلة تتعلق بالكرسي :
    الحديث الأول : روي عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : سئل النبي
    صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قال : كرسيه
    موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره .
    وهذا باطل مرفوعاً وموقوفاً ! وما هو إلا هراء يجل مقام سيدنا رسول الله صلى الله
    عليه وسلم أو ابن عباس رضي الله عنهما أن يفوها به ، إلا إن حكياه عن اليهود في
    مقام ذم عقائدهم الباطلة وذكر فساد ما يقولون ! وقد رواه مرفوعاً الخطيب البغدادي
    في تاريخه 9 ـ 251 وابن الجوزي في العلل المتناهية 1 ـ 22 ورواه موقوفاً الطبراني
    في الكبير 12 ـ 39 والحاكم 2 ـ 282 والمجسم الكذاب محمد بن عثمان بن أبي شيبة
    في كتاب ( العرش ) قال ابن كثير في تفسيره 1 ـ 317 كذا أورد هذا الحديث الحافظ
    أبو بكر بن مردويه من طريق شجاع بن مخلد الفلاس فذكره وهو غلط ، ثم قال بعد
    ذلك بقليل وقد رواه ابن مردويه من طريق الحاكم بن ظهير الفزاري الكوفي وهو
    متروك ، عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً ولا يصح أيضاً .
    قلت : الصحيح عندنا في هذا الحديث أنه إسرائيلي مأخوذ من كعب الأحبار لأن
    أبا هريرة وابن عباس رضوان الله عليهما رويا عن كعب الأحبار كما في تهذيب
    الكمال للحافظ المزي 24 ـ 190 فإذا علمت ذلك فستعرف خطأ الحافظ الهيثمي في
    مجمع الزوائد 6 ـ 323 حيث اكتفى بالتصريح بأن رجاله رجال الصحيح ، وكذا الإمام
    الحاكم في المستدرك صحح الموقوف أيضاً على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي رحمهم‌الله
    فلا تغفل عن هذا ، لأن هؤلاء رحمهم‌الله كثيراً ما يصححون فيرد تصحيحهم .
    وقد روي نحو هذا الحديث عن أبي موسى الأشعري موقوفاً كما في الأسماء


    والصفات ص 404 للحافظ البيهقي رحمه‌الله وقد تأول هذا النص البيهقي هناك بقوله :
    ذكرنا أن معناه فيما نرى أنه ـ أي الكرسي ـ موضوع من العرش موضع القدمين من
    السرير ، وليس فيه إثبات المكان لله سبحانه .
    وفي أثر أبي موسى هذا ذكر للأطيط ! وقد صرح الحفاظ بأنه لا يصح حديث في الأطيط
    وقد اعترف الشيخ المتناقض ( يقصد الألباني ) بذلك في ضعيفته 2 ـ 257 و 307 !
    وفتحوا الطريق لنقد أحاديث الرؤية بتنازلهم عن عصمة البخاري
    ـ فتاوى الألباني ص 524 ـ 535
    السؤال هو : هل سبق للشيخ أن ضعف أحاديث في البخاري وضعفها في كتاب
    ما ؟ وإن حصل ذلك فهل سبقك إلى ذلك العلماء ؟ نرجو الجواب مع الإشارة جزاك
    الله خيراً .
    جواب : حدد لي ذلك . . إلى ماذا . . لأن سؤالك يتضمن شيئين . . هل سبق لك
    أن ضعفت شيئاً من أحاديث البخاري وهل جمعت ذلك في كتاب . . فلما ذكرت هل
    سبقك إلى ذلك . . ماذا تعني : إلى تضعيف أو إلى تأليف .
    سؤال : إلى الإثنين .
    جواب : أما أنه سبق لي أن ضعفت أحاديث البخاري فهذه الحقيقة يجب
    الإعتراف بها ولا يجوز إنكارها . ذلك لأسباب كثيرة جداً أولها : المسلمون كافة لا
    فرق بين عالم أو متعلم أو جاهل مسلم . . كلهم ( . . . ) يجمعون على أنه لا عصمة
    لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . . وعلى هذا ، من النتائج البديهية أيضاً أن
    أي كتاب يخطر في بال المسلم أو يسمع باسمه قبل أن يقف على رسمه ، لا بد أن
    يرسخ في ذهنه أنه لا بد أن يكون فيه شئ من الخطأ ، لأن العقيدة السابقة أن العصمة
    من البشر لم يحظ بها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    من هنا يروى عن الإمام الشافعي رضي‌الله‌عنه أنه قال : أبى الله أن يتم إلا كتابه . فهذه
    حقيقة لا تقبل المناقشة .


    هذا أولاً . . هذا كأصل . . أما كتفريع ، فنحن من فضل الله علينا وعلى الناس لكن
    أكثر الناس لا يعلمون ولكن أكثر الناس لا يشكرون . قد مكنني الله عز وجل من دراسة
    علم الحديث أصولاً وفروعاً وتعليلاً وتجريحاً ، حتى تمكنت إلى حد كبير بفضل الله
    ورحمته أيضاً أن أعرف الحديث الصحيح من الضعيف من الموضوع ، من دراستي
    لهذا العلم .
    على ذلك طبقت هذه الدراسة على بعض الأحاديث التي جاءت في صحيح
    البخاري فوجدت نتيجة هذه الدراسة أن هناك بعض الأحاديث التي تعتبر بمرتبة
    الحسن فضلاً عن مرتبة الصحة في صحيح البخاري ، فضلاً عن صحيح مسلم .
    هذا جوابي عما يتعلق بي أنا . .
    أما عما يتعلق بغيري مما جاء في سؤالك وهو هل سبقك أحد ، فأقول والحمد
    لله سبقت من ناس كثيرين هم أقعد مني وأعرف مني بهذا العلم الشريف وقدامي
    جداً بنحو ألف سنة .
    فالإمام الدارقطني وغيره قد انتقدوا الصحيحين في عشرات الأحاديث . . أما أنا
    فلم يبلغ بي الأمر أن أنتقد عشرة أحاديث . ذلك لأنني وجدت في عصر لا يمكنني
    من أن أتفرغ لنقد أحاديث البخاري ثم أحاديث مسلم . . ذلك لأننا نحن بحاجة أكبر
    إلى تتبع الأحاديث التي وجدت في السنن الأربعة فضلاً عن المسانيد والمعاجم
    ونحو ذلك لنبين صحتها من ضعفها . بينما الإمام البخاري والإمام مسلم قد
    قاما بواجب تنقية هذه الأحاديث التي أودعوها في الصحيحين من مئات الألوف
    من الأحاديث .
    هذا جهد عظيم جداً . . ولذلك فليس من العلم وليس من الحكمة في شئ أن
    أتوجه أنا إلى نقد الصحيحين ( . . . ) وأدع الأحاديث الموجودة في السنن الأربعة
    وغيرها ، غير معروف صحيحها من ضعيفها .

    لكن في أثناء البحث العلمي تمر معي بعض الأحاديث في الصحيحين أو في
    أحدهما ، فينكشف لي أن هناك بعض الأحاديث الضعيفة . لكن من كان في ريب من
    ما أحكم أنا على بعض الأحاديث فليعد إلى فتح الباري فسيجد هناك أشياء كثيرة
    وكثيرة جداً ينتقدها الحافظ أحمد ابن حجر العسقلاني الذي يسمى بحق أمير
    المؤمنين في الحديث ، والذي أعتقد أنا وأظن أن كل من كان مشاركاً في هذا العلم
    يوافقني على أنه لم تلد النساء بعده مثله .
    هذا الإمام أحمد ابن حجر العسقلاني يبين في أثناء شرحه أخطاء كثيرة في
    أحاديث البخاري ، بوجه ما كان ليس في أحاديث مسلم فقط بل وما جاء في بعض
    السنن وفي بعض المسانيد .
    ثم نقدي الموجود في أحاديث صحيح البخاري تارة يكون للحديث كله . . أي
    يقال هذا حديث ضعيف وتارة يكون نقداً لجزء من حديث ، أصل الحديث
    صحيح ، لكن يكون جزء منه غير صحيح .
    من النوع الأول مثلاً حديث ابن عباس قال : تزوج أو نكح رسول الله صلى الله
    عليه وسلم ميمونة وهو محرم .
    هذا حديث ليس من الأحاديث التي تفرد بها البخاري دون صاحبه مسلم ، بل
    اشتركا واتفقا على رواية الحديث في صحيحيهما .
    والسبب في ذلك أن السند إلى راوي هذا الحديث وهو عبد الله بن عباس لا غبار
    عليه فهو إسناد صحيح لا مجال لنقد أحد رواته ، بينما هناك أحاديث أخرى هناك
    مجال لنقدها من فرد من أفراد رواته .
    مثلاً من رجال البخاري اسمه : فليح بن سليمان ، هذا يصفه ابن حجر في كتابه
    التقريب أنه صدوق سئ الحفظ . فهذا إذا روى حديثاً في صحيح البخاري وتفرد به
    ولم يكن له متابع أو لم يكن لحديثه شاهد ، يبقى حديثه في مرتبة الضعيف الذي
    يقبل التقوية بمتابع أو مشاهد . فحديث ابن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 15:55

    وسلم تزوجها وهو محرم لا مجال لنقد إسناده من حيث فرد من رواته كفليح بن
    سليمان مثلاً . . لا . . كلهم ثقات . لذلك لم يجد الناقدون لهذا الحديث من العلماء
    الذين سبقونا بقرون لم يجدوا مجالاً لنقد هذا الحديث إلا في رواية الأول وهو
    صحابي جليل فقالوا إن الوهم جاء من ابن عباس ، ذلك لأنه كان صغير السن من
    جهة ، ومن جهة أخرى أنه خالف في روايته لصاحبة القصة أي زوجة النبي صلى الله
    عليه وسلم التي هي ميمونة ، فقد صح عنها أنه عليه‌السلام تزوجها وهما محلان .
    إذاً هذا حديث وهم فيه راويه الأول وهو ابن عباس فكان الحديث ضعيفاً ، وهو
    كما ترون كلمات محدودات ( تزوج ميمونة وهو محرم ) أربع كلمات . . مثل هذا
    الحديث وقد يكون أطول منه له أمثلة أخرى في صحيح البخاري .
    النوع الثاني ، يكون الحديث أصله صحيحاً لكن أحد رواته أخطأ من حيث أنه
    أدرج في متنه جملة ليست من حديث النبي صلى الله عليه وسلم . . من ذلك
    الحديث المعروف في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أمتي
    يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء . إلى هنا الحديث صحيح وله شواهد
    كثيرة زاد أحد الرواة في صحيح البخاري : فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل .
    قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، وقال ابن قيم الجوزية ، وقال شيخه ابن تيمية ،
    وقال الحافظ المنذري وعلماء آخرون : هذه الزيادة مدرجة ليست من كلام
    الرسول عليه‌السلام . . . وإنما هو من كلام أبي هريرة .
    إذاً الجواب تم حتى الآن عن الشطر الأول . . أي انتقدت بعض الأحاديث
    وسبقت من أئمة كثيرين .
    أما أنني ألفت أو ألف غيري فأنا ما ألفت ، أما غيري فقد ألفوا لكن لا نعرف اليوم
    كتاباً بهذا الصدد . هذا جواب ما سألت . . .
    الآن ندخل بتصحيح البخاري وندع تضعيف مسلم ، وقد تكون المسألة بالعكس
    حديث ضعفه البخاري وصححه مسلم وهذا يقع كثيراً . . الذي ليس عنده مرجح


    آخر لا شك أنه يطمئن لقول البخاري ، سواء كان تصحيحاً أو تضعيفاً أو كان توثيقاً أو
    كان تجريحاً فيقدم قوله على قول من دونه كمسلم مثلاً على شهرته بعلمه ، فضلاً
    عما إذا خالف البخاري بعض المتأخرين كالدارقطني أو ابن حبان أو غيرهما . هذا
    من المرجحات بلا شك .
    الآن نأتي إلى مثال عرف في العصر الحاضر قيمته وهو : التخصص في العلم . . .
    تعرفون اليوم مثلاً العلم علم الطب وأنواعه وأقسامه ، هناك مثلاً طب عام هناك
    طب خاص . رجل يشكو من ألم في فمه أو في عينه أو في أذنه لا يذهب إلى الطبيب
    العام بل إلى المختص . وهذا مثال واضح جداً . رجل يريد أن يعرف الحكم هل هو
    حلال أو حرام ما يسأل اللغوي ولا يسأل الطبيب ولا عدداً الأمثلة كلها . وإنما يسأل
    عالماً بالشرع . وأنا أعني التعميم الآن يسأل عالماً بالشرع ، لكن العلماء بالشرع
    ينقسمون إلى أقسام : علماء بما يسمى اليوم بالفقه المقارن فيقول لك قال فلان كذا
    وقال فلان كذا وقال فلان كذا فيجعلك في حيرة ، على كل حال سؤالك إياه أقرب من
    المنطق بنسبة لا حدود لها من أن تسأل من كان عالماً أو متخصصاً باللغة العربية . لكن
    إذا كنت تعلم أن هناك رجلاً آخر عالماً بالشرع لكنه يفتي على الراجح من أقوال
    العلماء بناء على الدليل من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة السلف ، لا شك أنك
    تطمئن لهذا أكثر من الأول . وهكذا .
    الآن ندخل في ما نحن بصدده . الآن كما قلت اختلف الأقوال وبعضهم يرد على
    بعض . الشئ الذي ينبغي أن يلاحظه طالب العلم هو هذا التسلسل المنطقي ، وأنا لا
    أريد لنفسي وإن كان هذا يتعلق بي تماماً ، لكن هذا مثل للقاعدة العلمية التي ينبغي
    للعالم ـ عفواً لطالب العلم ـ أن ينطلق منها .
    عندنا مثلاً الآن مشكلة تتعلق بالعقيدة . . عندنا الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه
    الله ، وعندنا هذا الرجل الذي ابتلى الشعب الأردني بجهله وبقلة أدبه مع علماء
    السلف فضلاً عن الخلف ، يقول مثلاً عن الشيخ ابن باز بأنه : لا علم عنده بالتوحيد .



    أنا أتعجب من هؤلاء الشباب الذين التفوا حوله متى عرف هذا الرجل بالعلم حتى
    يعتمد عليه والشيخ ابن باز يملأ علمه العالم الإسلامي .
    إذاً هنا أحد شيئين إما الجهل أو اتباع الهوى . فهؤلاء الذين يلتفون حول هذا
    الرجل . هذا الرجل ابن اليوم في العلم ، ما أحد عرفه ولا أحد شهد له لا من العلماء
    المهتدين ، ولا من العلماء الضالين ، ما أحد شهد له بأنه رجل عالم . فلماذا يلتف
    حوله هؤلاء الشباب أحد شيئين : إما أنهم لا يعلمون هذا التدقيق الذي نحن نتسلسل
    فيه من الصحابة إلى اليوم . . صحابيان اختلفا ، رجل من الأولين السابقين وآخرون
    اتبعهم بإحسان بالفتح وغيره ممن تأخروا بالإسلام ، هؤلاء أهل علم وهؤلاء أهل
    علم . . لكن هؤلاء من السابقين الأولين . فهنا نفس القضية تمشي تماماً . .
    رجلان أحدهما بلغ من السن ما شاء الله وهو عالم وينشر العلم ويعترف بعلمه
    وفضله . . وآخر لا قيمة له ولا يعترف بعلمه وليس له منزلة علمية إطلاقاً في بلده
    فضلاً عن بلاد أخرى .
    إذاً من هنا يأخذ الإنسان منهج ممن يتلقى العلم ، أمن هذا الحدث أو من ذاك
    الرجل الفاضل الذي ملأ بعلمه الدنيا .
    نأتي الآن إلى صلب سؤالك . . والله اختلفت الأقوال الآن بعضهم يرد على
    بعض . . وأنا أقول إخواننا طلبة العلم مع الأسف الشديد ينطبق عليهم ما ينطبق على
    هؤلاء المغشوشين مثل السقاف . . تركوا العلماء قديماً وحديثاً والتفوا حوله وهو ابن
    اليوم لا أقول في العلم . . في طلب العلم ، وربما لا يصدق عليه ذلك ! !
    أهل البيت عليهم‌السلام ينفون أحاديث الرؤية والتشبيه
    ـ روى المجلسي في بحار الأنوار ج 4 ص 38
    15 ـ يد : أبي عن محمد العطار عن ابن عيسى عن البزنطي عن الرضا عليه‌السلام قال :
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسرى بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل عليه‌السلام مكاناً لم يطأه
    جبرئيل قط ، فكشف لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب .


    ـ وروى الكليني في الكافي ج 1 ص 95 باب في إبطال الرؤية :
    1 ـ محمد بن أبي عبد الله عن علي بن أبي القاسم عن يعقوب بن إسحاق قال :
    كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام أسأله : كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه ؟ فوقع عليه‌السلام : يا أبا
    يوسف جل سيدي ومولاي والمنعم علي وعلى آبائي أن يرى . قال وسألته : هل
    رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه ؟ فوقع عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور
    عظمته ما أحب . انتهى . ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج 4 ص 43
    ـ وروى الكليني في الكافي ج 1 ص 95
    2 ـ أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال : سألني
    أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي ،
    فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد ،
    فقال أبو قرة : إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين فقسم الكلام لموسى
    ولمحمد الرؤية .
    فقال أبو الحسن عليه‌السلام : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس : لا تدركه
    الأبصار ولا يحيطون به علماً وليس كمثله شئ أليس محمد ! قال : بلى . قال : كيف
    يجئ رجل إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر
    الله فيقول : لا تدركه الأبصار ، ولا يحيطون به علماً ، وليس كمثله شئ ، ثم يقول أنا
    رأيته بعيني وأحطت به علماً وهو على صورة البشر ! أما تستحيون ! ما قدرت
    الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشئ ثم يأتي بخلافه من وجه آخر !
    قال أبو قرة : فإنه يقول : ولقد رآه نزلة أخرى .
    فقال أبو الحسن عليه‌السلام : إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال : ما كذب
    الفؤاد ما رأى ، يقول : ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ، ثم أخبر بما رأى فقال : لقد
    رأى من آيات ربه الكبرى ، فآيات الله غير الله ، وقد قال الله : ولا يحيطون به علماً ،
    فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة !


    فقال أبو قرة : فتكذِّب بالروايات !
    فقال أبو الحسن عليه‌السلام : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها . وما أجمع
    المسلمون عليه أنه لا يحاط به علماً ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شئ . انتهى .
    وقال في هامشه : إعلم أن الأمة اختلفوا في رؤية الله سبحانه وتعالى عن ذلك
    على أقوال : فذهب المشبهة والكرامية إلى جواز رؤيته تعالى في الدارين في الجهة
    والمكان لكونه تعالى عندهم جسماً ! وذهب الأشاعرة إلى جواز رؤيته تعالى في
    الآخرة منزهاً عن المقابلة والجهة والمكان . وذهب المعتزلة والإمامية إلى امتناعها
    في الدنيا والآخرة ، وقد دلت الآيات الكريمة والبراهين العقلية والأخبار المتواترة
    عن أهل بيت الرسول صلوات الله عليهم على امتناعها مطلقاً كما ستعرف ، وقد أفرد
    العلامة المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس‌سره كتاباً أسماه : كلمة حول
    الرؤية فجاء ـ شكر الله سعيه ـ وافياً كما يهواه الحق ويرتضيه الإنصاف ونحن نذكر منه
    بعض الأدلة العقلية :
    منها : أن كل من استضاء بنور العقل يعلم أن الرؤية البصرية لا يمكن وقوعها ولا
    تصورها إلا أن يكون المرئي في جهة ومكان ومسافة خاصة بينه وبين رائيه ، ولا بد أن
    يكون مقابلاً لعين الرائي ، وكل ذلك ممتنع على الله تعالى مستحيل بإجماع أهل
    التنزيه من الأشاعرة وغيرهم .
    ومنها : أن الرؤية التي يقول الأشاعرة بإمكانها ووقوعها ، إما أن تقع على الله كله
    فيكون مركباً محدوداً متناهياً محصوراً يشغل فراغ الناحية المرئي فيها فتخلو منه
    بقية النواحي ، وإما أن تقع على بعضه فيكون مبعضاً مركباً متحيزاً ، وكل ذلك مما
    يمنعه ويبرأ منه أهل التنزيه من الأشاعرة وغيرهم .
    ومنها : أن كل مرئي بجارحة العين مشار إليه بحدقتها ، وأهل التنزيه من الأشاعرة
    وغيرهم ينزهون الله تعالى عن أن يشار إليه بحدقة ، كما ينزهونه عن الإشارة إليه
    بإصبع أو غيرها .
    ومنها : أن الرؤية بالعين الباصرة لا تكون في حيز الممكنات ما لم تتصل أشعة


    البصر بالمرئي ، ومنزهوا الله تعالى من الأشاعرة وغيرهم مجمعون على امتناع اتصال
    شئ ما بذاته جل وعلا .
    ومنها : أن الإستقراء يشهد أن كل متصور لا بد أن يكون إما محسوساً أو متخيلاً ،
    من أشياء محسوسة أو قائماً في نفس المتصور بفطرته التي فطر عليها ، فالأول
    كالأجرام وألوانها المحسوسة بالبصر وكالحلاوة والمرارة ونحوهما من المحسوسة
    بالذائقة ، والثاني كقول القائل : أعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد ، ونحوه
    مما تدركه المخيلة مركباً من عدة أشياء أدركه البصر . والثالث : كالألم واللذة والراحة
    والعناء والسرور والحزن ونحوها مما يدركه الإنسان من نفسه بفطرته ، وحيث أن الله
    سبحانه متعال عن هذا كله لم يكن تصوره ممكناً . انتهى . وروى النيسابوري في روضة
    الواعظين ص 33 حديث أبي قرة المتقدم . ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج 4 ص 36 وقال
    في ص 37
    قوله تعالى : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، يحتمل كون ضمير الفاعل في رأى راجعاً إلى
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلى الفؤاد .
    قال البيضاوي : ما كذب الفؤاد ما رأى ببصره من صورة جبرئيل ، أو ما كذب
    الفؤاد بصره بما حكاه له ، فإن الأمور القدسية تدرك أولاً بالقلب ثم تنتقل منه إلى
    البصر ، أو ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ، ولو قال ذلك كان كاذباً لأنه عرفه بقلبه كما
    رآه بصره ، أو ما رآه بقلبه . والمعنى لم يكن تخيلاً كاذباً ، ويدل عليه أنه سئل عليه‌السلام هل
    رأيت ربك فقال : رأيته بفؤادي ، وقرأ : ما كذب أي صدقه ولم يشك فيه . أفتمارونه
    على ما يرى أفتجادلونه عليه ، من المراء وهو المجادلة . انتهى .
    قوله تعالى : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ، قال الرازي : يحتمل الكلام وجوهاً ثلاثة : الأول
    الرب تعالى والثاني جبرئيل عليه‌السلام والثالث الآيات العجيبة الإلۤهية . انتهى . أي ولقد رآه
    نازلاً نزلة أخرى فيحتمل نزوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزول مرئية . فإذا عرفت محتملات تلك الآيات
    عرفت سخافة استدلالهم بها على جواز الرؤية ووقوعها بوجوه :
    الأول : أنه يحتمل أن يكون المرئي جبرئيل ، إذ المرئي غير مذكور في اللفظ ،



    وقد أشار أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى هذا الوجه في الخبر السابق . وروى مسلم في
    صحيحه بإسناده عن زرعة عن عبد الله : ما كذب الفؤاد ما رأى قال : رأى جبرئيل عليه‌السلام
    له ستمائة جناح . وروى أيضاً بإسناده عن أبي هريرة : ولقد رآه نزلة أخرى قال : رأى
    جبرئيل عليه‌السلام بصورته التي له في الخلقة الأصلية .
    الثاني : ما ذكره عليه‌السلام في هذا الخبر ، وهو قريب من الأول لكنه أعم منه .
    الثالث : أن يكون ضمير الرؤية راجعاً إلى الفؤاد ، فعلى تقدير إرجاع الضمير إلى
    الله تعالى أيضاً لا فساد فيه .
    الرابع : أن يكون على تقدير ارجاع الضمير إليه عليه‌السلام وكون المرئي هو الله تعالى
    والمراد بالرؤية غاية مرتبة المعرفة ونهاية الإنكشاف .
    وأما استدلاله عليه‌السلام بقوله تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فهو إما لأن الرؤية تستلزم الجهة
    والمكان وكونه جسماً أو جسمانياً ، أو لأن الصورة التي تحصل منه في المدركة
    تشبهه .
    قوله عليه‌السلام : حيث قال ، أي أولاً قبل هذه الآية ، وإنما ذكر عليه‌السلام ذلك لبيان أن المرئي
    قبل هذه الآية غير مفسر أيضاً ، بل إنما يفسره ما سيأتي بعدها .
    قوله عليه‌السلام : وما أجمع المسلمون عليه ، أي اتفق المسلمون على حقية مدلول ما
    في الكتاب مجملاً . والحاصل أن الكتاب قطعي السند متفق عليه بين جميع الفرق
    فلا تعارضه الأخبار المختلفة المتخالفة التي تفردتم بروايتها .
    ثم اعلم أنه عليه‌السلام أشار في هذا الخبر إلى دقيقة غفل عنها الأكثر وهي أن الأشاعرة
    وافقونا في أن كنهه تعالى يستحيل أن يتمثل في قوة عقلية ، حتى أن المحقق الدواني
    نسبه إلى الأشاعرة موهماً اتفاقهم عليه وجوزوا ارتسامه وتمثله في قوة جسمانية ،
    وتجويز إدراك القوة الجسمانية لها دون العقلية بعيد عن العقل مستغرب ، فأشار عليه‌السلام
    إلى أن كل ما ينفي العلم بكنهه تعالى من السمع ينفي الرؤية أيضاً ، فإن الكلام ليس
    في رؤية عرض من أعراضه تعالى ، بل في رؤية ذاته وهو نوع من العلم بكنهه تعالى .


    الإمام الكاظم والإمام الرضا يكشفان تحريف حديث النزول
    ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 183
    18 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قدس‌سره قال : حدثنا محمد بن
    أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس
    عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، عن أبي إبراهيم موسى بن
    جعفر عليهما‌السلام قال : ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا
    فقال : إن الله تبارك وتعالى لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل ، إنما منظره في القرب
    والبعد سواء ، لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد ، ولم يحتج بل يحتاج إليه ، وهو
    ذو الطول لا إلۤه إلا هو العزيز الحكيم . أما قول الواصفين : إنه تبارك وتعالى ينزل فإنما
    يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة ، وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو
    يتحرك به ، فظن بالله الظنون فهلك ، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد
    فتحدوه بنقص أو زيادة أو تحرك أو زوال أو نهوض أو قعود ، فإن الله جل عن صفة
    الواصفين ونعت الناعتين وتوهم المتوهمين .
    ـ وقال الصدوق في كتابه التوحيد ص 176
    7 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن
    هارون الصوفي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى أبو تراب الروياني ، عن عبد العظيم بن
    عبد الله الحسني ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله ما
    تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إن الله تبارك وتعالى
    ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ؟ فقال عليه‌السلام : لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه ، والله ما
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك ، إنما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى يُنْزِلُ ملكاً إلى السماء
    الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي : هل من سائل
    فأعطيه ، هل من تائب فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له ، يا طالب الخير أقبل ، يا
    طالب الشر أقصر ، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله
    من ملكوت السماء . حدثني بذلك أبي عن جدي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .



    الفصل الثاني
    مذاهب السنيين في الألوهية والتوحيد
    عندما قبل إخواننا السنة أحاديث الرؤية والتشبيه ، تورطوا فيها ، وانقسموا في
    تفسيرها منذ القرن الأول إلى أربعة مذاهب وأكثر ، وقد ولدت هذه المذاهب
    العقائدية قبل أن تتكون مذاهبهم الفقهية بمدة طويلة ، بقيت حاكمة على أئمة
    المذاهب الأربعة وأتباعهم إلى يومنا هذا !
    المذهب الأول : مذهب المتأولين الذين يوافقون مذهب أهل البيت عليهم‌السلام تقريباً ،
    ويدافعون عن تنزيه الله تعالى ويجعلون الأساس الآيات المحكمة في التوحيد مثل
    قوله تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) و ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) ويقولون بتأويل كل نص يظهر
    منه التشبيه أو الرؤية بالعين ، لينسجم مع حكم العقل وبقية الآيات والأحاديث .
    المذهب الثاني : مذهب التفويض وتحريم التأويل ، ومعناه تجميد تفسير آيات
    الصفات وأحاديثها ، وتفويضها إلى الله تعالى ، وتحريم الكلام في معانيها مطلقاً .
    وهو مذهب عدد من قدامى رواة الأحاديث ، وقليل من المتأخرين .
    المذهب الثالث : مذهب تحريم التأويل ووجوب تفسير آيات الصفات وأحاديثها
    بمعناها الظاهري الحسين ، والقول بأن لله تعالى يداً ووجهاً ورجلاً وجنباً بالمعنى
    اللغوي المعروف ، غاية الأمر أنهم لا يقولون إن شكل ذلك مثل جوارح الإنسان ،



    وهو مذهب اليهود وكعب الأحبار ومن وافقهم من الصحابة ، وهو المجسمة من
    الحنابلة ، الذي تعصب له ابن تيمية والذهبي والوهابيون ، وادعوا أنه مذهب السلف
    وأهل السنة .
    المذهب الرابع : مذهب المتنقلين بين المذاهب ، والمذبذبين ، والمتحيرين ،
    وهم أنواع ثلاثة .
    والظاهر أن لقب ( المتاولة ) الذي يطلقه السنة على الشيعة في بلاد الشام
    وفلسطين ومصر ، جاء من هؤلاء المجسمة الذين كانوا يكفرون الشيعة وغيرهم ،
    لأنهم يقولون بتأويل أحاديث الصفات . . ومع أن التأويل موجود عند إخواننا السنة
    بل أكثرهم ( متاولة ) إلا أن نبز هذا اللقب وَسُبَّتَهُ بقيت من نصيب شيعة أهل البيت
    المظلومين ، وبقيت كلمة ( مِتْوَالي ) بكسر الميم في ذهن كثير من عوام السنة أسوأ
    من كلمة كافر !
    ونكتفي هنا بالإشارة إلى هذه المذاهب ، وبما كتبناه في ( الوهابية والتوحيد )
    نعم لا بد من ذكر شیء عن أصحاب المذهب الرابع :
    المذهب الرابع : مذهب المتنقلين بين المذاهب والمذبذبين والمتحيرين
    الإنتقال من مذهب فقهي إلى مذهب آخر أمر طبيعي يكثر حدوثه في المسلمين ،
    وكذا الإنتقال من مذهب عقائدي إلى مذهب آخر . ونلاحظ في مسألتنا أن المنتقلين
    من مذهب عقائدي إلى مذهب آخر كثيرون . كما نلاحظ ظاهرةً ثانية عند بعضهم
    هي الجمع بين التأويل والتفويض فترى أحدهم متأولاً تارة مفوضاً أخرى . والظاهر
    أن ذلك كان أمراً شائعاً ومقبولاً عند القدماء ، لأنهم يجوزون الأمرين .
    ولكن تبقى ظاهرة التناقض بين التأويل والتفويض والحمل على الظاهر عند
    أصحاب الظاهر ، أمراً لا يقبل الحل ، لأنهم حرموا التأويل والتفويض وهاجموا
    الآخرين بسببه بل تكفروهم ، ثم ارتكبوا ما حرموه . وفيما يلي نماذج من التهافت
    عند أهل هذه المذاهب ، فبدؤها بما ذكره ابن تيمية عن تهافت آراء ابن فورك ، في


    حين نسي هو تهافت آرائه ، قال ابن تيمية في تفسيره ج 6 ص 108
    فصل . أقوال الفرق في صفات الله تعالى . . . هذا مع أن ابن فورك هو ممن يثبت
    الصفات الخبرية كالوجه واليدين وكذلك المجئ والإتيان موافقة لأبي الحسن فإن
    هذا قوله وقول متقدمي أصحابه ، فقال ابن فورك فيما صنف في أصول الدين : فإن
    سألت الجهمية عن الدلالة على أن القديم سميع بصير ؟ قيل لهم : قد اتفقنا على أنه
    من تستحيل عليه الآفات والحي إذا لم يكن مأووناً بآفات تمنعه من إدراك
    المسموعات والمبصرات كان سميعاً بصيراً .
    وإن سألت فقلت : أين هو ؟ فجوابنا إنه في السماء كما أخبر في التنزيل عن نفسه
    بذلك ، فقال عز من قائل : أأمنتم من في السماء ، وإشارة المسلمين بأيديهم عند
    الدعاء في رفعها إليه ، وإنك لو سألت صغيرهم وكبيرهم فقلت : أين الله ؟ لقالوا إنه
    في السماء ، ولم ينكروا بلفظ السؤال بـ ( أين ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل
    الجارية التي عرضت للعتق فقال : أين الله ؟ فقالت في السماء مشيرة بها . فقال النبي
    صلى الله عليه وسلم : إعتقها فإنها مؤمنة ، ولو كان ذلك قولاً منكراً لم يحكم بإيمانها
    ولأنكره عليها ، ومعنى ذلك أنه فوق السماء لأن ( في ) بمعنى ( فوق ) قال الله
    تعالى : فسيحوا في الأرض أي فوقها .
    قال ابن فورك : وإن سألت كيف هو ؟ قلنا له : كيف سؤال عن صفته وهو ذو
    الصفات العلى ، هو العالم الذي له العلم ، والقادر الذي له القدرة ، والحي الذي له
    الحياة ، الذي لم يزل منفرداً بهذه الصفات ، لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شئ .
    ( قلت ) فهذا الكلام هو موافق لما ذكره الأشعري في كتاب الإبانة ولما ذكره ابن
    كلاب لما حكاه عنه ابن فورك ، لكن ابن كلاب يقول إن العلو والمباينة من الصفات
    العقلية ، وأما هؤلاء فيقولون : كونه في السماء صفة خبرية كالمجئ والإتيان ،
    ويطلقون القول بأنه بذاته فوق العرش وذلك صفة ذاتية عندهم .
    والأشعري يبطل تأويل من تأول الإستواء بمعنى الإستيلاء والقهر بأنه لم يزل



    مستولياً على العرش وعلى كل شئ ، والإستواء مختص بالعرش ، فلو كان بمعنى
    الإستيلاء لجاز أن يقال ( هو مستولياً ( كذا ) على كل شئ وعلى الأرض وغيرها ) كما
    يقال إنه مستول عليها ، ولما اتفق المسلمون على أن الإستواء مختص بالعرش ، فهذا
    الإستواء الخاص ليس بمعنى الإستيلاء العام ، وأين للسلطان جعل الإستواء بمعنى
    الغلبة والقهر وهو الإستيلاء فيشبه والله أعلم أن يكون اجتهاده مختلفاً في هذه
    المسائل كما اختلف اجتهاد غيره ، فأبو المعالي كان يقول بالتأويل ثم حرمه ، وحكى
    إجماع السلف على تحريمه ، وابن عقيل له أقوال مختلفة ، وكذلك لأبي حامد
    والرازي وغيرهم .
    ومما بين اختلاف كلام ابن فورك أنه في مصنف آخر قال : فإن قال قائل : أين هو
    فقال : ليس بذي كيفية فنخبر عنها إلا أن يقول : كيف صنعه ؟ فمن صنعه أنه يعز من
    يشاء ويذل من يشاء وهو الصانع للأشياء كلها .
    فهنا أبطل السؤال عن الكيفية ، وهناك جوزه وقال : الكيفية هي الصفة وهو ذو
    الصفات ، وكذلك السؤال عن الماهية . قال في ذلك المصنف : وإن سألت الجهمية
    فقلت ما هو يقال لهم ( ما ) يكون استفهاماً عن جنس أو صفة في ذات المستفهم ،
    فإن أردت بذلك سؤالاً عن صفته فهو العلم والقدرة والكلام والعزة والعظمة .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 10 ص 610
    . . . أخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، سمعت نعيم بن حماد يقول : من شبه
    الله بخلقه ، فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف به نفسه ، فقد كفر ، وليس ما وصف الله به
    نفسه ولا رسوله تشبيه .
    قلت : هذا الكلام حق ، نعوذ بالله من التشبيه ومن إنكار أحاديث الصفات ، فما
    ينكر الثابت منها من فقه ، وإنما بعد الإيمان بها هنا مقامان مذمومان : تأويلها وصرفها
    عن موضوع الخطاب ، فما أولها السلف ولا حرفوا ألفاظها عن مواضعها ، بل آمنوا
    بها ، وأمروها كما جاءت .

    المقام الثاني : المبالغة في إثباتها ، وتصورها من جنس صفات البشر ، وتشكلها
    في الذهن ، فهذا جهل وضلال ، وإنما الصفة تابعة للموصوف ، فإذا كان الموصوف
    عز وجل لم نره ، ولا أخبرنا أحد أنه عاينه مع قوله لنا في تنزيله : ليس كمثله شئ ،
    فكيف بقي لأذهاننا مجال في إثبات كيفية الباري تعالى الله عن ذلك ، فكذلك صفاته
    المقدسة ، نقر بها ونعتقد أنها حق ، ولا نمثلها أصلاً ولا نتشكلها .
    ـ وقال الذهبي في سيره ج 20 ص 80 ـ 86
    التيمي الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد . . .
    حدث عنه : أبو سعد السمعاني وأبو العلاء الهمذاني وأبو طاهر السلفي وأبو القاسم
    بن عساكر . . . قال أبو موسى المديني : أبو القاسم إسماعيل الحافظ إمام أئمة وقته
    وأستاذ علماء عصره وقدوة أهل السنة في زمانه ، حدثنا عنه جماعة في حال حياته
    . . . قال أبو موسى : ولا أعلم أحداً عاب عليه قولاً ولا فعلاً ولا عانده أحد إلا ونصره
    الله . . . وقال السلفي : وسمعت أبا الحسين بن الطيوري غير مرة يقول : ما قدم علينا
    من خراسان مثل إسماعيل بن محمد .
    . . . وقد سئل أبو القاسم التيمي قدس‌سره : هل يجوز أن يقال لله حد أو لا ، وهل جرى
    هذا الخلاف في السلف ؟ فأجاب : هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها لغموضها
    وقلة وقوفي على غرض السائل منها ، لكني أشير إلى بعض ما بلغني : تكلم أهل
    الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة محصولها أن حد كل شئ موضع بينونته
    عن غيره ، فإن كان غرض القائل : ليس لله حد لا يحيط علم الحقائق به فهو مصيب ،
    وإن كان غرضه بذلك لا يحيط علمه تعالى بنفسه فهو ضال ، أو كان غرضه أن الله
    بذاته في كل مكان فهو أيضاً ضال .
    قلت : الصواب الكف عن إطلاق ذلك إذ لم يأت فيه نص ، ولو فرضنا أن المعنى
    صحيح فليس لنا أن نتفوه بشئ لم يأذن به الله خوفاً من أن يدخل القلب شئ من
    البدعة اللهم إحفظ علينا إيماننا .



    ـ وقال في هامش سير أعلام النبلاء ج 19 ص 443
    وقد بين شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل 8 ـ 60 ـ 61 نوع الخطأ الذي
    وقع فيه ( ابن عقيل ) فقال :
    ولابن عقيل أنواع من الكلام ، فإنه كان من أذكياء العالم كثير الفكر والنظر في كلام
    الناس ، فتارة يسلك مسلك نفاة الصفات الحبرية وينكر على من يسميها صفات
    ويقول : إنما هي إضافات موافقة للمعتزلة كما فعله في كتابه ذم التشبيه وإثبات
    التنزيه ، وغيره من كتبه ، واتبعه على ذلك أبو الفرج ابن الجوزي في كف التشبيه
    بكف التنزيه ، وفي كتابه منهاج الوصول .
    وتارة يثبت الصفات الخبرية ويرد على النفاة والمعتزلة بأنواع من الأدلة
    الواضحات ، وتارة يوجب التأويل كما فعله في كتابه الواضح وغيره . وتارة يحرم
    التأويل ويذمه وينهى عنه كما فعله في كتابه الإنتصار لأصحاب الحديث ، فيوجد في
    كلامه من الكلام الحسن البليغ ما هو معظم مشكور ، ومن الكلام المخالف للسنة
    والحق ما هو مذموم ومدحور . . . ولابن عقيل من الكلام في ذم من خرج عن
    الشريعة من أهل الكلام والتصوف ما هو معروف كما قال في الفنون ، ومن خطه
    نقلت ثم ذكر فصلاً مطولاً استوعب سبع صفحات من الكتاب فراجعه .
    وصار الترمذي متأولاً ذات يوم فكفره المجسمة
    ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 170 ـ 171
    . . . فهذا ابن القيم يقول في كتابه الصواعق المرسلة ـ أنظر مختصر الصواعق
    2 ـ 275 : وأما تأويل الترمذي وغيره له بالعلم فقال شيخنا : ( 98 ) وهو ظاهر الفساد
    من جنس تأويلات الجهمية . . . . وهذا الخلال يقول في سنته ص 232 ناقلاً : لا أعلم
    أحداً من أهل العلم ممن تقدم ولا في عصرنا هذا إلا وهو منكر لما أحدث الترمذي
    ( 99 ) من رد حديث محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله : عسى أن


    يبعثك ربك مقاماً محموداً قال يقعده على العرش ( 100 ) فهو عندنا جهمي يهجر
    ونحذر عنه .
    وقال السقاف في هامش كتابه :
    ( 98 ) يعني بشيخه : ابن تيمية كما لا ينتطح في ذلك كبشان .
    ( 99 ) مع أن التأويل والتفويض لم يحدثه ولم يخترعه الترمذي قدس‌سره . ومن الغريب
    العجيب أيضاً أن محقق سنة الخلال عطية الزهراني ـ حاول أن ينفي أن كون الترمذي
    المراد هنا هو الإمام المعروف صاحب السنن فقال ص 224 في الهامش تعليق رقم 4
    هو جهم بن صفوان ثم تراجع عن ذلك ص 232 فقال في الهامش التعليق رقم 8
    ( كنت أظنه جهم ولكن اتضح من الروايات أن يقصد رجلاً آخر لم أتوصل إلى
    معرفته ) فيا للعجب ! !
    ( 100 ) وهذا القعود الذي يتحدثون عنه هو قعود سيدنا محمد صلى الله عليه
    وسلم بجنب الله تعالى على العرش ! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ! والدليل عليه
    قول الخلال هناك ص 244 :
    حدثنا أبو معمر ثنا أبو الهذيل عن محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد : قال :
    عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ، قال : يجلسه معه على العرش ، قال عبد الله :
    سمعت هذا الحديث من جماعة وما رأيت أحداً من المحدثين ينكره ، وكان عندنا
    في وقت ما سمعناه من المشائخ أن هذا الحديث إنما تنكره الجهمية .
    أقول : ومن العجيب الغريب أن الألباني ينكر هذا ويقول بعدم صحته وأنه لم
    يثبت كما سيأتي ، وكذلك محقق الكتاب وهو متمسلف معاصر ينكر ذلك أيضاً ،
    ويحكم على هذا الأثر بالضعف حيث يقول في هامش تلك الصحيفة تعليق رقم 19 :
    إسناده ضعيف !
    فهل هؤلاء جهمية ! وما هذا الخلاف الواقع بين هؤلاء في أصول اعتقادهم !


    ومن الغريب العجيب أيضاً أنهم اعتبروا أن نفي قعود سيدنا محمد صلى الله عليه
    وسلم بجنب الله نافياً ودافعاً لفضيلة من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ، والدليل
    على ما قلناه قول الخلال هناك ص 237 :
    ( وقال أبو علي إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ( وهو مجهول بنظر المحقق ) : إن
    هذا المعروف بالترمذي عندنا مبتدع جهمي ، ومن رد حديث مجاهد فقد دفع فضل
    رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن رد فضيلة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو
    عندنا كافر مرتد عن الإسلام ) !
    وقال ص 234 ناقلاً ( وأنا أشهد على هذا الترمذي أنه جهمي خبيث ) ! !
    ودافع رشيد رضا عن أكثر الحنابلة وجعلهم متأولة
    ـ قال في تفسير المنار ج 3 ص 198 ـ 199
    . . . الصفات التي هي في الحادث انفعالات نفسية كالمحبة والرحمة والرضا
    والغضب والكراهة ، فالسلف يقرونها على ظاهرها مع تنزيه الله تعالى عن انفعالات
    المخلوقين ، فيقولون إن لله تعالى محبة تليق بشأنه ليست انفعالاً نفسياً كمحبة
    الناس . والخلف يؤولون ما ورد من النصوص في ذلك فيرجعونه إلى القدرة أو إلى
    الإرادة فيقولون الرحمة هي الإحسان بالفعل أو إرادة الإحسان .
    ومنهم من لا يسمي هذا تأويلاً بل يقولون إن الرحمة تدل على الإنفعال الذي هو
    رقة القلب المخصوصة على الفعل الذي يترتب على ذلك الإنفعال ، وقالوا إن هذه
    الألفاظ إذا أطلقت على الباري تعالى يراد بها غايتها التي هي أفعال دون مباديها التي
    هي انفعالات .
    وإنما يردون هذه الصفات إلى القدرة والإرادة بناء على أن إطلاق لفظ القدرة
    والإرادة وكذا العلم على صفات الله إطلاق حقيقي لا مجازي .
    والحق أن جميع ما أطلق على الله تعالى فهو منقول مما أطلق على البشر ، ولما


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 15:57

    كان العقل والنقل متفقين على تنزيه الله تعالى عن مشابهة البشر ، تعين أن نجمع بين
    النصوص فنقول إن لله تعالى قدرة حقيقية ولكنها ليست كقدرة البشر ، وإن له رحمة
    ليست كرحمة البشر ، وهكذا نقول في جميع ما أطلق عليه تعالى جمعاً بين
    النصوص ، ولا ندعي أن إطلاق بعضها حقيقي وإطلاق البعض الآخر مجازي ، فكما
    أن القدرة شأن من شؤونه لا يعرف كنهه ولا يجهل أثره كذلك الرحمة شأن من شؤونه
    لا يعرف كنهه ولا يخفى أثره ، وهذا هو مذهب السلف فهم لا يقولون إن هذه الألفاظ
    لا يفهم لها معنى بالمرة ، ولا يقولون إنها على ظاهرها بمعنى أن رحمة الله كرحمة
    الإنسان ويده كيده وإن ظن ذلك في الحنابلة بعض الجاهلين .
    ومحققوا الصوفية لا يفرقون بين صفات الله تعالى ولا يجعلون بعضها محكماً
    إطلاق اللفظ عليه حقيقي ، وبعضها متشابهاً إطلاقه عليه مجازي ، بل كل ما أطلق
    عليه تعالى فهو مجاز .
    ثم تبنى رشيد رضا رأي الغزالي مع أنه كاد أن يكفر الحنابلة
    للغزالي رسالة إسمها ( إلجام العوام عن علم الكلام ) حرم فيها على العوام حتى
    السؤال عن معنى أحاديث الرؤية والتجسيم ، وقد تبناها الشيخ رشيد رضا ونقلها
    كلها في تفسيره قال في ج 3 ص 207 ـ 208 :
    وللإمام الغزالي تفصيل في كيفية الإستعمال وتحقيق في هذا البحث قاله بعد الرجوع
    إلى مذهب السلف ( ! ) فننقله هنا من كتابه ( إلجام العوام عن علم الكلام ) وهو :
    الباب الأول في شرح اعتقاد السلف في هذه الأخبار :
    إعلم أن الحق الصريح الذي لأمراء فيه عند أهل البصائر هو مذهب السلف أعني
    مذهب الصحابة والتابعين ، وها أنا أورد بيانه وبيان برهانه فأقول : حقيقة مذهب
    السلف ـ وهو الحق عندنا ـ أن كل من بلغه حديث من هذه الأحاديث من عوام الخلق
    يجب عليه فيه سبعة أمور : التقديس ، ثم التصديق ، ثم الإعتراف بالعجز ، ثم
    السكوت ، ثم الإمساك ، ثم الكف ، ثم التسليم لأهل المعرفة .


    أما التقديس فأعني به تنزيه الرب تعالى عن الجسمية وتوابعها .
    وأما التصديق فهو الإيمان بما قاله صلى الله عليه وسلم ، وأن ما ذكره حق وهو
    فيما قاله صادق ، وأنه حق على الوجه الذي قاله وأراده .
    وأما الإعتراف بالعجز ، فهو أن يقر بأن معرفة مراده ليست على قدر طاقته ، وأن
    ذلك ليس من شأنه وحرفته .
    وأما السكوت فأن لا يسأل عن معناه ولا يخوض فيه ويعلم أن سؤاله عنه بدعة ، وأنه
    في خوضه فيه مخاطر بدينه ، وأنه يوشك أن يكفر لو خاض فيه من حيث لا يشعر .
    وأما الإمساك فأن لا نتصرف في تلك الألفاظ بالتصريف والتبديل بلغة أخرى
    والزيادة فيه والنقصان منها والجمع والتفريق ، بل لا ينطق إلا بذلك اللفظ وعلى ذلك
    الوجه من الإيراد والإعراب والتصريف والصيغة .
    وأما الكف فأن يكف باطنه عن البحث عنه والتفكر فيه .
    وأما التسليم لأهله فأن لا يعتقد أن ذلك إن خفي عليه لعجزه فقد خفي على
    رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على الأنبياء أو على الصديقين والأولياء .
    فهذه سبع وظائف اعتقد كافة السلف وجوبها على كل العوام ، لا ينبغي أن يظن
    بالسلف الخلاف في شئ منها ، فلنشرحها وظيفة وظيفة إن شاء الله تعالى . . . انتهى .
    ومع أن الغزالي أنزل بالعوام هذه الفتاوى الشديدة منعاً لهم من تكذيب روايات
    السلف وأشاد بالسلف مدعياً أن ما يقوله هو مذهبهم ، لكنه قدم تأويلاً لها مخالفاً
    للحنابلة والسلف وهاجم اتجاههم في تحريم التأويل والميل إلى التشبيه حتى جعل
    منهم عبدة أصنام !
    قال في ص 209 :
    الوظيفة الأولى التقديس ومعناه : أنه إذا سمع اليد والأصبع وقوله صلى الله عليه
    وسلم : إن الله خمر طينة آدم بيده وإن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن
    فينبغي أن يعلم أن اليد تطلق لمعنيين : أحدهما هو الوضع الأصلي وهو عضو مركب


    من لحم وعظم وعصب ، واللحم والعظم والعصب جسم مخصوص وصفات
    مخصوصة ، أعني بالجسم عبارة عن مقدار له طول وعرض وعمق يمنع غيره من أن
    يوجد بحيث هو إلا بأن يتنحى عن ذلك المكان . وقد يستعار هذا اللفظ أعني اليد
    لمعنى آخر ليس ذلك المعنى بجسم أصلاً كما يقال البلدة في يد الأمير فإن ذلك
    مفهوم وإن كان الأمير مقطوع اليد مثلاً .
    فعلى العامي وغير العامي أن يتحقق قطعاً ويقيناً أن الرسول عليه‌السلام لم يرد بذلك
    جسماً هو عضو مركب من لحم ودم وعظم وأن ذلك في حق الله تعالى محال وهو
    عنه مقدس ، فإن خطر بباله أن الله جسم مركب من أعضاء فهو عابد صنم ! فإن كل
    جسم فهو مخلوق وعبادة المخلوق كفر وعبادة الصنم كان كفراً لأنه مخلوق وكان
    مخلوقاً لأنه جسم ، فمن عبد جسماً فهو كافر بإجماع الأئمة ، السلف منهم
    والخلف ، سواء كان ذلك الجسم كثيفاً كالجبال الصم الصلاب أو لطيفاً كالهواء
    والماء ، وسواء كان مظلماً كالأرض أو مشرقاً كالشمس والقمر والكواكب ، أو مشفاً
    لا لون له كالهواء ، أو عظيماً كالعرش والكرسي والسماء ، أو صغيراً كالذرة والهباء ، أو
    جماداً كالحجارة ، أو حيواناً كالإنسان .
    فالجسم صنم ، فبأن يقدر حسنه وجماله أو عظمه أو صغره أو صلابته وبقاؤه لا
    يخرج عن كونه صنماً .
    ومن نفى الجسمية عنه وعن يده وإصبعه ، فقد نفى العضوية واللحم
    والعصب وقدس الرب جل جلاله عما يوجب الحدوث ليعتقد بعده أنه عبارة عن
    معنى من المعاني ليس بجسم ولا عرض في جسم يليق ذلك المعنى بالله تعالى ، فإن
    كان لا يدري ذلك المعنى ولا يفهم كنه حقيقته فليس عليه في ذلك تكليف أصلاً ،
    فمعرفة تأويله ومعناه ليس بواجب عليه ، بل واجب عليه أن لا يخوض فيه . انتهى .
    وبذلك وافق الغزالي ورشيد رضا مذهبنا ومذهب المتأولين ، وخالف المفوضة
    وأهل الظاهر !



    وكل علماء السنة حتى المجسمة يصيرون متأولة عند الحاجة
    كل المجسمة من الأشاعرة والحنابلة والوهابيين الذين حرموا التأويل ، وأنكروا
    وجود المجاز في القرآن ، وأوجبوا حمل ألفاظه وألفاظ أحاديث الصفات على
    معانيها الظاهرة الحقيقية ، بل حتى أولئك الذين حكموا بأن المتأولة أهل ضلالة
    وبدعة وكفر وحذروا منهم . . كلهم يصيرون متأولة من الدرجة الأولى عندما يقعون
    في مأزق الآيات والأحاديث التي تخالف مذهبهم وتنفي إمكان الرؤية بالعين
    والتشبيه والتجسيم كقوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ . . . لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . . . لَا يُحِيطُونَ
    بِهِ عِلْمًا . . . لَن تَرَانِي . . إلخ .
    وهكذا نجد أن إخواننا الذين نبزونا بألفاظ ( متاولة ، متوالي ، بني متوال )
    يقومون هم بتأويل جميع الآيات والأحاديث المخالفة لمذهبهم جهاراً نهاراً ، وجوباً
    قربة إلى الله تعالى ، من أجل الدفاع عن أحاديث الرؤية بالعين وظاهر الآيات
    المتشابهة فيها !
    وهكذا يسقط منهجهم العلمي بتحريمهم التأويل في بعض الآيات والأحاديث
    وتحليله في بعضها ! وكان الأولى بهم أن لا يلقوا أنفسهم في هذا المأزق ويتأولوا
    الآيات التي يوهم ظاهرها الرؤية من أول الأمر من أجل الجمع المنطقي بينها وبين
    الآيات النافية للرؤية .
    وإذا سألتهم : لماذا أوجبتم الأخذ بظاهر هذه المجموعة من الآيات والأحاديث
    وحرمتم تأويلها ، وأوجبتم تأويل تلك المجموعة وحرمتم الأخذ بظاهرها ! فليس
    عندهم جواب ، إلا أنهم أرادوا المحافظة على ظواهر آيات الرؤية بالعين وأحاديث
    الآحاد ، مهما كلفهم ذلك من تناقض في المنهج العلمي ، فالمهم عندهم أن لا
    تنخدش روايات الرؤية بالعين عن كعب الأحبار ومن قلده من الخلفاء !


    ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 148
    ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في الفتح 13 ـ 432 : فمن أجرى الكلام على
    ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم ، ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي
    يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب نقلتها وإما أن يؤولها . انتهى .
    وقد تبنى ابن تيمية والوهابيون هذا الحل ( الشرعي ) فحكموا بوجوب تصديق
    هذه الروايات وتحريم تأويلها حتى لو أدت إلى التجسيم ، ثم هجموا على روايات
    التنزيه ونفي التجسيم بمعول التأويل !
    ـ وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 156 ـ 159
    وقد نقل الحافظ ابن جرير في تفسيره 27 ـ 7 تأويل لفظة ( أيد ) الواردة في قوله
    تعالى : وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ، بالقوة أيضاً عن جماعة من أئمة السلف
    منهم : مجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان . . . ومما يجدر التنبيه عليه هنا ولا
    يجوز إغفاله أن هؤلاء القوم الذين يحاربون التأويل ويزعمون أنه ضلال وبدعة
    وتحريف للقرآن والسنة هم أنفسهم يؤولون ما لا يوافق آراءهم من نصوص الكتاب
    والسنة في مسائل الصفات ! فنراهم يؤولون مثل قوله تعالى : وَهُوَ مَعَكُمْ وقوله
    تعالى : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ ، وقوله تعالى : مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ
    ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ، وقوله تعالى : إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ، وقوله تعالى : وَهُوَ
    مَعَكُمْ ، إلى غير ذلك من نصوص واضحة !
    فإذا كان هذا قرآن وذاك قرآن فما الذي أوجب اعتقاد ظاهر هذا دون ظاهر ذاك
    وكله قرآن ! ولماذا جوزوا تأويل ظاهر هذا دون ذلك !
    . . . روى الخلال بسنده عن حنبل عن عمه الإمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول :
    احتجوا علي يوم المناظرة فقالوا : تجيء يوم القيامة سورة البقرة . . . الحديث قال
    فقلت لهم : إنما هو الثواب . اهـ . فتأمل في هذا التأويل الصريح . . . نقل الحافظ



    البيهقي في الأسماء والصفات ص 470 عن البخاري أنه قال : معنى الضحك :
    الرحمة اهـ . وقال الحافظ البيهقي ص 298 : روى الفربري عن محمد بن إسماعيل
    البخاري أنه قال : معنى الضحك فيه ـ أي الحديث ـ الرحمة اهـ فتأمل . وقد نقل هذا
    التأويل أيضاً الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6 ـ 40 .
    ـ وقال التلمساني في نفح الطيب ج 8 ص 34
    حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزلة . وذلك أنه اجتمع معه في
    مجلس الخليفة فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم : ما الدليل أيها القاضي
    على جواز رؤية الله تعالى قال قوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فنظر بعض المعتزلة إلى
    بعض وقالوا : جن القاضي ! وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم
    وهو ساكت ثم قال لهم : أتقولون إن من لسان العرب قولك الحائط لا يبصر قالوا : لا . . .
    قال فلا يصح إذا نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له ؟ قالوا : نعم ، قال فكذلك
    قوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، لو لا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه ! انتهى .
    وهكذا نرى أن الذين حرموا التأويل وكفروا المسلمين بسببه ، أفرطوا في ارتكابه
    ووصلوا به إلى حد السفسطة ، فأولوا النفي الصريح بالإثبات ، ولم يبق عليهم إلا أن
    يؤلوا ( لا إلۤه إلا الله ) بوجود عدة آلهة مع الله سبحانه وتعالى عما يصفون . وسوف
    ترى مزيداً من فنونهم في تأويل آيات نفي الرؤية والتنزيه ، عند استعراض تفسيرها ،
    إن شاء الله تعالى .
    ـ ونختم بما قاله الشيخ محمد رضا جعفري في بحث الكلام عند الإمامية ص 151 من
    مجلة تراثنا عدد 30
    قال أبو الفرج ابن الجوزي : « واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر ما تعلق من
    صفات الباري سبحانه على مقتضى الحس فشبهوا ، لأنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا
    حمل المتشابه على مقتضى الحكم . . » (1)
    وقال أيضاً : « واعلم أن الناس في أخبار الصفات على ثلاث مراتب : إحداها ،


    إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل ، إلا أن تقع ضرورة كقوله تعالى
    ( وَجَاءَ رَبُّكَ ) (2) أي : جاء أمره ، وهذا مذهب السلف .
    والمرتبة الثانية ، التأويل ، وهو مقام خطر .
    والمرتبة الثالثة ، القول فيها بمقتضى الحس ، وقد عمَّ جهلة الناقلين (3) ، إذ ليس
    لهم حظ من علوم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى وما يستحيل ،
    فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه ، فإذا عدموا تصرفوا في
    النقل بمقتضى الحس » (4)
    وقال تقي الدين ابن تيمية ، راداً على من قال : إن أكثر الحنابلة مجسمة ومشبهة :
    « المشبهة والمجسمة في غير أصحاب الإمام أحمد أكثر منهم فيهم ، فهؤلاء
    أصناف الأكراد ، كلهم شافعية ، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف
    آخر ، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية ، وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من
    ذلك ما في غيرهم ، والكرامية كلهم حنفية » . (5) ولست أقر ابن تيمية على دفاعه عن
    أهل مذهبه ولكني أسكت عنه . . . .
    4 ـ نماذج مختارة : وكنموذج لما أشار إليه ابن الجوزي في كلامه عن المحدثين
    أختار ثلاثة لم يكونوا من الحنابلة الصرحاء ، وأقدم لكل منهم بعض الترجمة كي لا
    يتهمني متهم بأني عثرت على مغمورين خاملين لم يكونوا ذوي شأن عند المحدثين :
    1 ـ إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم ، أبو يعقوب الحنظلي المروزي ، ابن
    راهويه النيسابوري ( 161 / 778 ت 238 / 853 ) .
    قال الخطيب : كان أحد أئمة المسلمين ، وعلماً من أعلام الدين ، اجتمع له
    الحديث والفقه ، والحفظ والصدق ، والورع والزهد ، ورحل إلى العراق ، والحجاز ،
    واليمن ، والشام . . . وورد بغداد وجالس حفاظ أهلها ، وذاكرهم ، وعاد إلى خراسان
    فاستوطن نيسابور إلى أن توفي بها ، وانتشر علمه عند الخراسانيين . وهكذا قال
    المزي والسبكي . وهو شيخ البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ،
    وبقية بن الوليد ، ويحيى بن آدم ـ وهما من شيوخه ـ وأحمد بن حنبل ، وإسحاق



    الكوسج ، ومحمد بن رافع ، ويحيى بن معين ـ هؤلاء من أقرانه ـ وجماعة .
    قال نعيم بن حماد : إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل فاتهمه في دينه ،
    وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه .
    وقال النسائي : أحد الأئمة ، ثقة مأمون . وقال أحمد بن حنبل : إذا حدثك أبو
    يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به . وقال أبو حاتم : إمام من أئمة المسلمين . وقال ابن
    حبان : وكان إسحاق من سادات زمانه فقهاً ، وعلماً ، وحفظاً ، ونظراً ، ممن صنف
    الكتب ، وفرع السنن ، وذب عنها ، وقمع من خالفها ، وقبره مشهور يزار . وقال أبو
    عبد الله الحاكم : إمام عصره في الحفظ والفتوى . وقال أبو نعيم الأصبهاني : كان
    إسحاق قرين أحمد [ بن حنبل ] وكان للآثار مثيراً ، ولأهل الزيغ مبيراً .
    وقال الذهبي : الإمام الكبير ، شيخ المشرق ، سيد الحفاظ ، قد كان مع حفظه
    إماماً في التفسير ، رأساً في الفقه ، من أئمة الإجتهاد . (6)
    أبو عيسى الترمذي ـ بعد أن أخرج الروايات التي تقول : إن الله يقبل الصدقة
    ويأخذها بيمينه . . . الحديث ـ قال : وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا
    الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة
    إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ، ولا
    يقال : كيف ؟
    هكذا روي عن مالك ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه
    الأحاديث : أمروها بلا كيف . وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة . وأما
    الجهمية فأنكرت هذه الروايات ، وقالوا : هذا تشبيه . وقد ذكر الله عز وجل في غير
    موضع من كتابه : اليد ، والسمع ، والبصر ، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها
    على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إن معنى اليد
    هاهنا القوة .
    وقال إسحاق بن إبراهيم (7) : إنما يكون التشبيه إذا قال : يد كيد ، أو مثل يد ، أو
    سمع كسمع ، أو مثل سمع ، فإذا قال : سمع كسمع أو مثل سمع ، فهذا التشبيه . وأما


    إذا قال ـ كما قال الله تعالى ـ : يد ، وسمع ، وبصر ، ولا يقول : كيف ، ولا يقول مثل
    سمع ، ولا كسمع ، فهذا لا يكون تشبيهاً ، وهو كما قال الله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
    وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) . (Cool
    2 ـ أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري ( 223 / 838 ـ
    311 / 924 ) قالوا عنه : إنه كان إمام نيسابور في عصره ، فقيهاً ، مجتهداً ، بحراً من
    بحور العلم ، اتفق أهل عصره على تقدمه في العلم ، ولقبه الصفدي ، واليافعي ،
    والذهبي ، والسبكي ، وابن الجزري ، والسيوطي ، وابن عبد الحي بإمام الأئمة . وقال
    الدارقطني : كان إماماً معدوم النظير . وقال ابن كثير : هو من المجتهدين في دين
    الإسلام . وذكروا له الكرامات . وقال السمعاني : وجماعة [ من المحدثين ] ينسبون
    إليه ، يقال لكل واحد منهم خزيمي [ فهو إمام مدرسة حدثية ] . وهذا بعض ما قيل
    فيه (9) :
    أثبت ابن خزيمة الوجه لله سبحانه ، وقال : ( ليس معناه أن يشبه وجهه وجه
    الآدميين ، وإلا لكان كل قائل إن لبني آدم وجهاً ، وللخنازير ، والقردة ، والكلاب . . . ـ
    إلى آخر ما عدد من الحيوانات ـ وجوهاً ، قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير
    والقردة والكلاب . . . ) (10)
    وذكر مثل هذا في العين ، واليد ، والكف ، واليمين ، وقال : إن عيني الله لا تشبهان
    أي عين لغيره ، وأضاف : نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى
    وتحت الأرض السابعة السفلى وما في السماوات العلى وما بينهما ونزيد شرحاً
    وبياناً ونقول : عين الله عز وجل قديمة لم تزل باقية ، ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي
    عنها الهلاك والفناء ، وعيون بني آدم محدثة ، كانت عدماً غير مكونة فكونها الله
    وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته . . . » (11)
    وقال : إن لله يدين ويداه قديمتان لم تزالا باقيتين ، وأيدي المخلوقين محدثة فأي
    تشبيه ! . . . (12) ونفى التأويل عن كل هذا ، خاصة تأويل اليد بالنعمة أو القوة . (13)
    وذكر « أن كلام ربنا عز وجل لا يشبه كلام المخلوقين ، لأن كلام الله كلام متواصل



    لا سكت بينه ولا سمت ، لا ككلام الآدميين الذي يكون بين كلامه سكت وسمت
    لانقطاع النفس ، أو التذاكر ، أو العي . . . » (14)
    3 ـ عثمان بن سعيد ، أبو سعيد الدارمي ، التميمي ، السجستاني ( ح 199 / 815 ـ
    280 / 894 ) الإمام العلامة الحافظ ، الناقد الحجة ، وكان جذعاً وقذئ في أعين
    المبتدعة ، قائماً بالسنة ، ثقة ، حجة ، ثبتاً . وقيل فيه : كان إماماً يقتدى به في حياته
    وبعد مماته . ذكره الشافعية في طبقاتهم ، وعده الحنابلة من أصحاب ابن حنبل (15) .
    قال الدارمي بأن لله مكاناً حده ، وهو العرش (16) و ( هو بائن من خلقه فوق عرشه
    بفرجة بينه في هواء الآخرة ، حيث لا خلق معه هناك غيره ، ولا فوقه سماء ) (17)
    وقال ( قد أينا له مكاناً واحداً ، أعلى مكان ، وأطهر مكان ، وأشرف مكان : عرشه
    العظيم فوق السماء السابعة العليا ، حيث ليس معه هناك إنس ولا جان ، ولا بجنبه
    حش ، ولا مرحاض ، ولا شيطان . وزعمت أنت (18) والمضلون من زعمائك أنه في
    كل مكان ، وكل حش ومرحاض ، وبجنب كل إنسان وجان ! أفأنتم تشبهونه إذ قلتم
    بالحلول في الأماكن أم نحن ؟ ! ) (19)
    وقال ( ولو لم يكن لله يدان بهما خلق آدم ومسه مسيساً كما ادعيت ، لم يجز أن يقال
    ( لله ) : بيدك الخير . . . ) (20) وأحال في ذلك كل معنى أو تأويل من نعمة أو قوة إلا
    اليدين (21) ( بما لهما من المعنى ، وهو العضو الخاص المحسوس ) ، ( وأن لله
    إصبعين ، من غير تأويل بمعنى آخر ) (22) ( والقدمان قدمان من غير تأويل ) (23)
    ( غير أنا نقول ، كما قال الله ( وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ) (24) إنه عنى به الوجه الذي هو الوجه
    عند المؤمنين ، لا الأعمال الصالحة ، ولا القبلة . . . ) (25) وإن نفي التشبيه إنما هو بأن
    يكون لله كل هذا ، ولكن لا يشبه شئ منه شيئاً مما في المخلوقين ) (26)
    وقال الجعفري في هوامشه :
    (1) تلبيس ابليس : ط ادارة الطباعة المنيرية ، القاهرة : 1368 / 116 .
    (2) الفجر 89 : 22 .
    (3) ويقصد بهم المحدثين .

    (4) دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ، المكتبة التوفيقية ، القاهرة : 1976 / 73 ـ 74 .
    (5) المناظرة في العقيدة الواسطية ، مجموعة الرسائل الكبرى ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ط
    2 : 1392 / 1972 ، 1 / 418 .
    (6) التاريخ الكبير 1 ـ 379 ـ 380 = 1209 ، التاريخ الصغير 2 / 368 ، الجرح والتعديل 1 ـ 1 ( 2 ) 209 ـ
    210= 714 ، ابن حبان ، الثقات 8 / 115 ـ 116 ، طبقات الحنابلة 1 / 109 = 122 ، المنهج الأحمد 1 / 108 ـ
    109 = 43 ، تاريخ بغداد 6 / 345 ـ 335 = 3381 ، حلية الأولياء 9 / 234 ـ 238 ابن خلكان 1 / 199 ـ 201 ،
    الأنساب 6 / 56 ـ 57 ، السبكي ، طبقات الشافعية 2 / 83 ـ 93 ، ميزان الإعتدال 1 / 182 ـ 183 = 733 ، سير
    أعلام النبلاء 11 / 358 ـ 382 ، تذكرة الحفاظ 2 / 433 ـ 435 ، العبر 1 / 426 ، الوافي بالوفيات 8 / 386 ـ 388
    = 3825 ، طبقات الحفاظ / 188 ـ 189 = 419 ، ابن كثير 10 / 317 ، تهذيب التهذيب 1 / 216 ـ 219 = 408
    ، تهذيب الكمال 2 / 373 ـ 388 ـ 332 ، طبقات المفسرين 1 / 102 ـ 103 ، شذرات الذهب 2 / 89 .
    (7) هو إسحاق بن راهويه ـ عارضة الأحوذي : 3 / 332 .
    (Cool الجامع الصحيح ، الزكاة ( ما جاء في فضل الصدقة ) 3 / 50 ـ 51 أي 662 .
    (9) الذهبي سير أعلام النبلاء : 14 / 365 ـ 382 ، تذكرة الحفاظ : 2 / 720 ـ 731 ، العبر : 2 / 149 ،
    السمعاني ، الأنساب : 5 / 124 ، ابن الأثير ، اللباب : 1 / 442 ، ابن الجوزي ، المنتظم : 6 / 184 ـ 186 ، ابن كثير ،
    البداية والنهاية ، 11 / 149 ، السبكي ، طبقات الشافعية : 3 / 109 ـ 119 ، الصفدي ، الوافي بالوفيات : 2 / 196 ،
    اليافعي ، مرآة الجنان : 2 / 264 ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب : 2 / 262 ـ 263 ، السيوطي ، طبقات الحفاظ :
    310 ـ 311 ، ابن الجزري ، طبقات القراء : 2 / 97 ـ 98 .
    (10) التوحيد واثبات صفات الرب ، راجعه وعلق عليه محمد خليل هراس ، المدرس بكلية أصول الدين
    ( بالأزهر ) ، مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة : 1387 / 1968 ، / 23 .
    (11) المصدر / 50 ـ 52 .
    (12) المصدر / 82 ـ 85 .
    (13) المصدر / 85 ـ 87 .
    (14) المصدر / 145 .
    (15) سير أعلام النبلاء : 13 / 319 ـ 326 ، تذكرة الحفاظ : 2 / 621 ـ 622 ، العبر : 2 / 64 ، مرآة الجنان :



    2 / 193 ، ابن كثير 11 / 69 ، طبقات الشافعية : 2 / 302 ـ 306 ، طبقات الحفاظ : 274 ، طبقات الحنابلة :
    1 / 221 ، شذرات الذهب : 2 / 176 .
    (16) الرد على بشر المريسي ، عقائد السلف ، نشر : دكتور علي سامي النشار ، عمار جمعي الطالبي ، منشأة
    المعارف الإسكندرية ، مصر : 1971 / 382 .
    (17) المصدر / 439 .
    (18) يخاطب به بشر المريسي ، الذي يرد عليه الدارمي ، وهو بشر بن غياب المريسي ، البغدادي ، الحنفي (
    ح 138 / 755 ـ 218 / 833 ) من أعلام الحنيفة ، وممن نادى بخلق القرآن ودافع عنه ، وعن كثير من آراء المعتزلة
    (19) المصدر / 454 .
    (20) المصدر / 387
    (21) ( بما لهما من المعنى ، وهو العضو الخاص المحسوس ) المصدر / 398 .
    (22) المصدر / 420 .
    (23) المصدر / 423 ـ 424 ، 427 ـ 428 .
    (24) الرحمن 55 / 27 .
    (25) المصدر / 516 .
    (26) المصدر / 432 ـ 433 ، 508 . . انتهى .
     


    الفصل الثالث
    بازار الأحاديث في الرؤية والتشبيه والتجسيم
    قالوا إن الله تعالى على صورة بشر !
    ـ صحيح مسلم ج 8 ص 32
    ـ عن أبي هريره قال : قال رسول الله ( ص ) إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه
    فإن الله خلق آدم على صورته . .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 2 ص 299
    أبو هريرة : خلق الله عز وجل آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً . . . فكل من
    يدخل الجنة على صورة آدم ستون ذراعاً فلم تزل تنقص بعده حتى الآن . انتهى .
    ونحوه في ج 5 ص 165 ونحوه في مصابيحه ج 3 ص 266
    ـ مختصر تاريخ دمشق ج 3 جزء 5 ص 125
    عن أبي هريرة ، عن النبي ( ص ) قال : خلق الله آدم على صورته طوله سبعون
    ذراعاً . . . الى آخره . وقد تقدم تكذيب الإمام مالك لهذا الحديث وغيره من أحاديث
    رؤية الله تعالى بالعين ، من سير أعلام النبلاء ج 8 ص 103


    ـ وروى ابن حجر في لسان الميزان ج 3 ص 299 صيغة معقولة لهذا الحديث قال : . . .
    العلاء بن مسلمة ، حدثنا عبد الله بن سيف ، ثنا إسماعيل بن رافع ، عن المقبري ، عن
    أبي هريرة رضي‌الله‌عنه مرفوعاً : لا يضربن أحدكم وجه خادمه ولا يقول لعن الله من أشبه
    وجهك ، فإن الله خلق آدم على صورة وجهه . انتهى . فهل يقبلها اخواننا ويخلصون
    أنفسهم من ورطة التجسيم .
    ـ لجنة الإفتاء الوهابية ج 4 ص 368 فتوى رقم 2331
    س 1 : عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خلق الله آدم
    على صورته ستون ذراعاً ، فهل هذا الحديث صحيح ؟
    ج : نص الحديث : خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً ثم قال : إذهب
    فسلم على أولئك النفر ، وهم نفر من الملائكة جلوس ، فاستمع فما يحيونك فإنها
    تحيتك وتحية ذريتك ، فذهب فقال : السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة
    الله فزادوه ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعاً ، فلم
    يزل الخلق تنقص بعده إلى الآن . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم . وهو حديث
    صحيح ولا غرابة في متنه فإن له معنيان :
    الأول : أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالأطفال من ذريته ثم نما وطال حتى بلغ
    ستين ذراعاً ، بل جعله يوم خلقه طويلاً على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً .
    والثاني : أن الضمير في قوله ( على صورته ) يعود على الله بدليل ما جاء في رواية
    أخرى صحيحة : على صورة الرحمن وهو ظاهر السياق ولا يلزم على ذلك التشبيه ،
    فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه ، ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه ،
    ولم يلزم من ذلك التشبيه وكذا الصورة ، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه لأن
    الاشتراك في الإسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما ،
    لقوله تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .


    وقالوا له سمع وبصر كسمع الإنسان وبصره
    ـ سنن أبي داود ج 2 ص 419
    . . . مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية : إن الله يأمركم أن تؤدوا
    الأمانات إلى أهلها . . إلى قوله تعالى سَمِيعًا بَصِيرًا ، قال : رأيت رسول الله صلى الله
    عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ، قال أبو هريرة : رأيت رسول
    الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه ، قال ابن يونس قال المقرىء : يعني
    أن الله سميع بصير ، يعني أن لله سمعاً وبصراً ، قال أبو داود : وهذا رد على الجهمية .
    انتهى . ورواه في ج 2 ص 233 ، وكأن قصد أبي داود أن الجهمية أفرطوا في التنزيه ،
    فيجب أن نرد عليهم بالتجسيم !
    وقالوا له عينان مثل الإنسان وهما سالمتان
    ـ صحيح البخاري ج 2 جزء 4 ص 141
    قال عبد الله ( يعني ابن عمر ) ذكر النبي ( ص ) يوماً بين ظهري الناس المسيح
    الدجال فقال : إن الله ليس بأعور ، إلا أن المسيح الدجال أعور العين . انتهى . وقد
    فسرها الوهابيون وأسلافهم ، بأن الله تعالى له عينان سالمتان ! ورواه البغوي في
    مصابيحه ج 3 ص 497 ، 507 عن ابن عمر أنه قال : قام رسول الله ( ص ) ثم ذكر
    الدجال : تعلمون أنه أعور ، وأن الله ليس بأعور . عن عبادة ابن الصامت عن رسول
    الله ( ص ) : إن المسيح الدجال رجلٌ قصير أفجح جعد أعور ، وإن ربكم ليس بأعور .
    وقالوا له أيدي وأعين ورجلان
    ـ قال ابن حزم في المحلى ج 1 ص 33
    مسألة : وإن لله عز وجل عزاً وعزة وجلالاً وإكراماً ، ويداً ويدين وأيدياً ( كذا )
    ووجهاً وعيناً وأعيناً ، وكبرياء ، وكل ذلك حق لا يرجع منه ولا من علمه تعالى وقدره
    وقوته إلا إلى الله تعالى لا إلى شئ غير الله عز وجل أصلاً ، نقر من ذلك مما في القرآن



    وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحل أن يزاد في ذلك ما لم يأت به
    نص من قرآن أو سنة صحيحة .
    قال عز وجل : ذو الجلال والإكرام وقال تعالى : يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ، لما خلقت
    بيدي ، ومما عملت أيدينا أنعاماً ، إنما نطعمكم لوجه الله ، ولتصنع على عيني ، إنك
    بأعيننا . ولا يحل أن يقال عينين لأنه لم يأت بذلك نص ، ولا أن يقال سمع وبصر ولا
    حياة ، لأنه لم يأت بذلك نص لكنه تعالى سميع بصير حي قيوم . انتهى .
    ولعل ابن حزم لم يطلع على نص العينين وحديث السمع والبصر وغيرها ، وإلا
    لقال بها !
    وقالوا قد يكون له أذن وقد يكون بلا أذن
    ـ فتاوي الألباني ص 344
    ـ سؤال السائل : صفة الأذن لله ، موقف أهل السنة والجماعة منها ؟
    جواب : لا يثبتون ولا ينفون بالرأي ، أما ما أثبته النص فهم يثبتونه بدون تكييف
    . . . السلفيون مستريحون من هذه الكيفية يعني استراحوا من التشبيه عملاً بالتنزيه . . .
    وأن العين : صفة من صفاته تليق بعظمته وجلاله .
    وقالوا له جنب وحقو
    ـ تفسير الطبري ج 26 ص 36
    ـ عن أبي هريرة عن رسول الله ( ص ) أنه قال خلق الله الخلق فلما فرغ منهم
    تعلقت الرحم بحقو الرحمن فقال مه ! فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . . .
    ورواه البغوي في مصابيحه ج 3 ص 350
    ـ وقال الشاطبي في الإعتصام ج 2 ص 303
    قول من زعم : أن لله سبحانه وتعالى جنباً مستدلاً بقوله : أن تقول نفس يا حسرتا
    على ما فرطت من جنب الله .


    وقالوا إنه يمشي وقد يركض ويهرول
    ـ فتاوي الألباني ص 506
    سؤال : حول الهرولة ، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالى ؟
    جواب : الهرولة كالمجيء والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها .
    ـ فتاوي ابن باز ج 5 ص 374
    . . . ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه : من تقرب إلى شبراً تقربت
    إليه ذراعاً ، ومن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة . . .
    أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية
    والمعتزلة . . . انتهى .
    وقالوا إنه تعالى يرى بالعين في الدنيا
    ـ الفرق بين الفرق للنوبختي ص 294
    وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى يكون مرئياً للمؤمنين في الآخرة ، وقالوا
    بجواز رؤيته في كل حال ولكل حي من طريق العقل ووجوب رؤيته للمؤمنين خاصة
    في الآخرة ، من طريق الخبر . .
    ـ مسند أحمد ج 4 ص 66
    . . . عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي
    صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات غداة وهو
    طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا : يا رسول الله إنا نراك طيب النفس
    مسفر الوجه أو مشرق الوجه ، فقال : وما يمنعي وأتاني ربي عز وجل الليلة في
    أحسن صورة ، قال يا محمد ، قلت لبيك ربي وسعديك ، قال : فيم يختصم الملأ
    الأعلى ؟ قلت لا أدري أي رب ! قال ذلك مرتين أو ثلاثاً ، قال فوضع كفيه بين كتفي
    فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الأرض ، ثم تلا هذه



    الآية : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين . انتهى .
    ورواه في ج 5 ص 378 ، وستأتي بقية رواياته في تفسير قوله تعالى ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ
    مَا رَأَىٰ ) .
    وقالوا إنه يلبس قباء وجبة ويركب على جمل
    ـ لسان الميزان ج 2 ص 238
    ومما في الصفات له ( حدثنا ) أبو حفص بن سلمون ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد
    بن محمد بن يوسف الإصبهاني ثنا شعيب بن بيان الصفار ثنا عمران القطان عن قتادة
    عن أنس رضي‌الله‌عنه مرفوعاً : إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الأذان والإقامة عليه رداء
    مكتوب عليه إنني أنا الله لا إلۤه إلا أنا ، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه ، فإذا سلم
    الإمام صعد إلى السماء . وروى عن ابن سلمون بإسناد له : رأيت ربي بعرفات على
    جمل أحمر عليه إزار ! انتهى . ورواه في ميزان الإعتدال ج 1 ص 512
    وقالوا إنه فتى أمرد جعد الشعر
    ـ ميزان الإعتدال ج 1 ص 593
    . . . عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : فلما تجلى ربه للجبل ،
    قال : أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه فساخ الجبل ، فقال حميد الطويل
    لثابت : تحدث بمثل هذا ! قال فضرب في صدر حميد وقال : يقوله أنس ويقوله
    رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا ! رواه جماعة عن حماد وصححه
    الترمذي . إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن
    عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : رأيت ربي جعداً أمرد ، عليه حلة خضراء .
    وقال ابن عدي : حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا النضر بن سلمة
    شاذان ، حدثنا الأسود بن عامر ، عن حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن
    محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة .

    . . . قال المرودي : قلت لأحمد : يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب
    وأخرج كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث . ورواه الحكم بن أبان عن
    زيرك عن عكرمة . وهو غريب جداً .
    وقالوا إنه يضحك في الدنيا والآخرة
    ـ صحيح البخاري ج 2 جزء 3 ص 210
    عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يضحك الله إلى
    رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب
    الله على القاتل فيستشهد .
    ـ صحيح البخاري ج 4 ص 226
    . . . فباتا طاويين ، فلما أصبح غد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
    ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما ، فأنزل الله : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان
    بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون .
    ـ سنن النسائي ج 6 ص 38
    . . . عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل يعجب من
    رجلين يقتل أحدهما صاحبه ، وقال مرة أخرى : ليضحك من رجلين يقتل أحدهما
    صاحبه ثم يدخلان الجنة . تفسير ذلك أخبرنا محمد بن سلمة . . . عن أبي هريرة أن
    رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر
    كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل
    فيستشهد . انتهى . ورواه ابن ماجة في ج 1 ص 68
    ـ وروى أحمد في مسنده ج 1 ص 392
    عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن آخر من يدخل الجنة
    رجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوز



    الصراط التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً
    من الأولين والآخرين ، قال فترفع له شجرة فينظر إليها فيقول : يا رب أدنني من هذه
    الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها ، فيقول : أي عبدي فلعلي إن أدنيتك منها
    سألتني غيرها ، فيقول : لا يا رب ، ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل
    يعلم أنه سيسأله لأنه يرى ما لا صبر له يعني عليه ، فيدنيه منها ثم ترفع له شجرة
    وهي أحسن منها فيقول : يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من
    مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب هذه لا
    أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها فيدنيه منها ، فترفع له شجرة
    عند باب الجنة هي أحسن منها فيقول : رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها
    وأشرب من مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب
    هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لأنه يرى ما لا
    صبر له عليها فيدنيه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول : يا رب الجنة الجنة ،
    فيقول : عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب أدخلني الجنة .
    قال فيقول عز وجل : ما يصريني منك أي عبدي أيرضيك أن أعطيك من الجنة
    الدنيا ومثلها معها ؟
    قال فيقول : أتهزؤ بي وأنت رب العزة !
    قال فضحك عبد الله حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني لم ضحكت ؟
    قالوا له لم ضحكت ؟
    قال : لضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسألوني لم ضحكت ؟
    قالوا : لم ضحكت يا رسول الله ؟
    قال : لضحك الرب حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة ! ! انتهى . ورواه في ج 1
    ص 411 وج 2 ص 318 وص 464 وص 511 وروى نحوه في ج 2 ص 276 وص 294


    وص 534 وج 3 ص 80 وابن ماجة في سننه ج 1 ص 64 والديلمي في فردوس الأخبار ج 3
    ص 9 ح 3703 والبغوي في مصابيحه ج 1 ص 433 وص 544 وج 3 ص 546 والبيهقي في
    شعب الإيمان ج 1 ص 249 وفي دلائل النبوة ج 6 ص 143 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 10
    ص 615 والشوكاني في نيل الأوطار ج 3 ص 57 وغيرهم . . وغيرهم . .
    وسيأتي عدد آخر من روايات ضحك الله المزعوم على هذا الرجل في روايات
    رؤيته بالعين في الآخرة .
    ـ وقال ابن تيمية في الإيمان ص 424
    وفي الصحيحين في حديث الشفاعة يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم
    غضباً لم يغضب قبله مثله . . . وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر
    كلاهما يدخل الجنة وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول : أتسخر بي
    وأنت رب العالمين ! وكل هذا في الصحيح .
    وقالوا إنه يضحك لمن يستلقي على دابته
    ـ وروى أحمد في ج 1 ص 330 رواية غريبة نسب فيها تصرفاً غير معقول للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ،
    ونسب فيها إلى الله تعالى أنه يضحك لمن يذكره على دابته ثم يستلقي ! قال
    الإمام أحمد :
    عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى
    عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، وحمد الله ثلاثاً ، وسبح الله ثلاثاً ، وهلل
    الله واحدة ثم استلقى عليه فضحك ، ثم أقبل عليَّ فقال : ما من إمريء يركب دابته فيصنع
    كما صنعت إلا أقبل الله تبارك وتعالى فضحك إليه كما ضحكت إليك !
    وقالوا مادام الله يضحك فأملنا فيه كبير
    ـ روى أحمد في مسنده ج 4 ص 11 وص 12 وص 13 رواية تعطي الناس الأمل بالله



    تعالى لأنه يضحك ! قال : . . . عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قال رسول
    الله صلى الله عليه وسلم : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ، قال قلت : يا
    رسول الله أو يضحك الرب عز وجل ! قال نعم ، قال : لن نعدم من رب يضحك خيراً !
    ـ وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج 3 ص 10
    أبو ذر الغفاري : ضحك الله ربنا عز وجل من قنوط عباده وقرب غيره ولن نعدم
    من رب يضحك خيراً . وستأتي روايته عن النويري وغيره .
    وقالوا إنه يضحك . . ويظل يضحك
    ـ قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج 3 ص 566 ـ 567
    ـ قوله ( ص ) : فيضل يضحك ، هو من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا
    يشبهه فيها شئ من مخلوقاته كصفات ذاته . . وكذلك : فأصبح ربك يطوف في
    الأرض ، هو من صفات فعله كقوله تعالى : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ ، وينزل ربنا كل ليله
    إلى السماء الدنيا ، ويدنو عشية عرفة فيباهي بأهل الموقف الملائكة . والكلام في
    الجميع صراط واحد مستقيم إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تحريف ولا تعطيل .
    ـ وقال النويري في نهاية الإرب ج 7 جزء 14 ص 292
    عن لقيط بن عامر العقيلي قال . . . أتينا رسول الله ( ص ) حين انصرف من صلاة
    الغداة فقام خطيباً فقال أيها الناس . . . يشرف عليكم أزلين فيظل يضحك ، قد علم
    أن غوثكم قريب . قال لقيط له : لن نعدم من رب يضحك خيراً . . انتهى . وروى نحوه
    المنذري في الترغيب والترهيب ج 1 ص 434 وص 436 وج 4 ص 503
    وقالوا إنه ضحك لطلحة وسعد
    ـ أُسد الغابة ج 3 ص 83
    روي أنه ( طلحة بن البراء ) توفي ليلاً فقال أدفنوني . . ولا تدعوا رسول الله ( ص )


    فإني أخاف عليه ( ص ) يصاب في سببي ، فأخبر رسول الله حين أصبح فجاء ( ص )
    حتى وقف على قبره وقال : اللهم إلقَ طلحة وأنت تضحك إليه وهو يضحك إليك . .
    ـ مسند أحمد ج 6 ص 456
    . . . أسماء بنت يزيد بن سكن قالت : لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه ، فقال
    النبي صلى الله عليه وسلم : ألا يرفأ دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك
    الله له واهتز له العرش .
    وقالوا إنه يظهر لعباده ضاحكاً
    ـ فردوس الأخبار ج 5 ص 368
    أبو موسى : يتجلى ربنا ضاحكاً يوم القيامة ، حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له
    سجداً فيقول : ارفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة .
    وقالوا منطقه كالرعد ، وضحكه كالبرق
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 366
    أبو هريرة : ينشىء الله عز وجل السحاب ثم ينزل فيه ، لا شئ أحسن من ضحكه
    ولا شئ أحسن من منطقه ، منطقه الرعد ومضحكه البرق !
    ـ أُسد الغابة ج 3 ص 83 وج 6 ص 399
    عن رجل من بني غفار . . قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إن الله عز وجل
    ينشىء السحاب فيضحك أحسن الضحك وينطق أحسن النطق !
    وقالوا يظهر متجسداً لأبي بكر وحده بدون ضحك
    ـ قال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 293
    وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدارقطني عن جابر عن النبي صلى الله عليه
    وسلم : إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر خاصة .


    وأخرج الدارقطني عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله ليتجلى
    للناس عامة ويتجلى لأبي بكر الصديق خاصة .
    ـ وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 400
    أنس بن مالك : يا أبا بكر لأبشرك أن الله عز وجل يتجلى لك يوم القيامة خاصة
    وللناس عامة .
    ـ وقال ابن حبان في المجروحين ج 1 ص 143
    أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليماني . . . والصحيح من حديثه موقوف على
    أبي هريرة وروى عن أبيه . . . عن أبي هريرة قال لما قدم رسول الله ( ص ) من الغار
    يريد المدينة أخذ أبو بكر بغرزه فقال . . ألا أبشرك يا أبا بكر ؟ قال : بلى بأبي أنت
    وأمي يا رسول الله ، قال : إن الله عز وجل يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة ، ويتجلى
    لك خاصة .
    ـ وقال في المجروحين ج 2 ص 115
    علي بن عبده بن قتيبة . . . كان يسرق الحديث ولا يحل الإحتجاج به . . عن جابر
    قال رسول الله ( ص ) إن الله يتجلى للمؤمنين عامة ولأبي بكر خاصة .
    وقالوا يجلس على العرش ولعرشه أطيط وصرير من ثقله
    ذكرنا عدداً من روايات أطيط العرش عن الخليفة عمر من فردوس الأخبار وكنز العمال
    ومجمع الزوائد وقد وثقها الهيثمي ، ونضيف إليها هنا من سنن أبي داود ج 2 ص 418
    . . . إن عرشه على سمواته لهكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه ، وإنه ليئط به
    أطيط الرحل بالراكب . قال ابن بشار في حديثه : إن الله فوق عرشه وعرشه فوق
    سمواته وساق الحديث . . وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن
    عتبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده والحديث بإسناد أحمد بن سعيد
    هو الصحيح وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه


    جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضاً وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى
    وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 1 ص 220
    جبير بن معطم : إن الله عز وجل فوق عرشه وعرشه فوق سمائه وإنه ليئط به
    أطيط الرحل بالراكب !
    ـ الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 398
    وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سلوا الله الفردوس فإنها سرة
    الجنة وإن أهل الفردوس ليسمعون أطيط العرش . رواه الطبراني وفيه جعفر بن الزبير
    وهو متروك . انتهى . ورواه في كنز العمال ج 2 ص 73
    ـ وفي كنز العمال ج 1 ص 224 :
    ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد إن شاء والله أعظم من ذلك . ويحك أتدري
    ما الله ، إن الله فوق عرشه وعرشه على سمواته ، وأرضه مثل القبة ، وإنه ليئط به أطيط
    الرحل بالراكب . د عن جبير بن مطعم . ورواه في ج 10 ص 363 وروى في ص 367
    إن كرسيه وسع السماوات والأرض ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب
    من شقه بز . انتهى . أي من مسافة بعيدة !
    ـ وفي كنز العمال ج 14 ص 469
    إن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش . ابن مردويه عن أبي أمامة .
    ـ تاريخ بغداد ج 4 ص 39
    . . . عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده . قال : جاء أعرابي
    إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وجاع العيال
    وهلكت الأموال فاستسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عل
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 15:59

    كان العقل والنقل متفقين على تنزيه الله تعالى عن مشابهة البشر ، تعين أن نجمع بين
    النصوص فنقول إن لله تعالى قدرة حقيقية ولكنها ليست كقدرة البشر ، وإن له رحمة
    ليست كرحمة البشر ، وهكذا نقول في جميع ما أطلق عليه تعالى جمعاً بين
    النصوص ، ولا ندعي أن إطلاق بعضها حقيقي وإطلاق البعض الآخر مجازي ، فكما
    أن القدرة شأن من شؤونه لا يعرف كنهه ولا يجهل أثره كذلك الرحمة شأن من شؤونه
    لا يعرف كنهه ولا يخفى أثره ، وهذا هو مذهب السلف فهم لا يقولون إن هذه الألفاظ
    لا يفهم لها معنى بالمرة ، ولا يقولون إنها على ظاهرها بمعنى أن رحمة الله كرحمة
    الإنسان ويده كيده وإن ظن ذلك في الحنابلة بعض الجاهلين .
    ومحققوا الصوفية لا يفرقون بين صفات الله تعالى ولا يجعلون بعضها محكماً
    إطلاق اللفظ عليه حقيقي ، وبعضها متشابهاً إطلاقه عليه مجازي ، بل كل ما أطلق
    عليه تعالى فهو مجاز .
    ثم تبنى رشيد رضا رأي الغزالي مع أنه كاد أن يكفر الحنابلة
    للغزالي رسالة إسمها ( إلجام العوام عن علم الكلام ) حرم فيها على العوام حتى
    السؤال عن معنى أحاديث الرؤية والتجسيم ، وقد تبناها الشيخ رشيد رضا ونقلها
    كلها في تفسيره قال في ج 3 ص 207 ـ 208 :
    وللإمام الغزالي تفصيل في كيفية الإستعمال وتحقيق في هذا البحث قاله بعد الرجوع
    إلى مذهب السلف ( ! ) فننقله هنا من كتابه ( إلجام العوام عن علم الكلام ) وهو :
    الباب الأول في شرح اعتقاد السلف في هذه الأخبار :
    إعلم أن الحق الصريح الذي لأمراء فيه عند أهل البصائر هو مذهب السلف أعني
    مذهب الصحابة والتابعين ، وها أنا أورد بيانه وبيان برهانه فأقول : حقيقة مذهب
    السلف ـ وهو الحق عندنا ـ أن كل من بلغه حديث من هذه الأحاديث من عوام الخلق
    يجب عليه فيه سبعة أمور : التقديس ، ثم التصديق ، ثم الإعتراف بالعجز ، ثم
    السكوت ، ثم الإمساك ، ثم الكف ، ثم التسليم لأهل المعرفة .


    أما التقديس فأعني به تنزيه الرب تعالى عن الجسمية وتوابعها .
    وأما التصديق فهو الإيمان بما قاله صلى الله عليه وسلم ، وأن ما ذكره حق وهو
    فيما قاله صادق ، وأنه حق على الوجه الذي قاله وأراده .
    وأما الإعتراف بالعجز ، فهو أن يقر بأن معرفة مراده ليست على قدر طاقته ، وأن
    ذلك ليس من شأنه وحرفته .
    وأما السكوت فأن لا يسأل عن معناه ولا يخوض فيه ويعلم أن سؤاله عنه بدعة ، وأنه
    في خوضه فيه مخاطر بدينه ، وأنه يوشك أن يكفر لو خاض فيه من حيث لا يشعر .
    وأما الإمساك فأن لا نتصرف في تلك الألفاظ بالتصريف والتبديل بلغة أخرى
    والزيادة فيه والنقصان منها والجمع والتفريق ، بل لا ينطق إلا بذلك اللفظ وعلى ذلك
    الوجه من الإيراد والإعراب والتصريف والصيغة .
    وأما الكف فأن يكف باطنه عن البحث عنه والتفكر فيه .
    وأما التسليم لأهله فأن لا يعتقد أن ذلك إن خفي عليه لعجزه فقد خفي على
    رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على الأنبياء أو على الصديقين والأولياء .
    فهذه سبع وظائف اعتقد كافة السلف وجوبها على كل العوام ، لا ينبغي أن يظن
    بالسلف الخلاف في شئ منها ، فلنشرحها وظيفة وظيفة إن شاء الله تعالى . . . انتهى .
    ومع أن الغزالي أنزل بالعوام هذه الفتاوى الشديدة منعاً لهم من تكذيب روايات
    السلف وأشاد بالسلف مدعياً أن ما يقوله هو مذهبهم ، لكنه قدم تأويلاً لها مخالفاً
    للحنابلة والسلف وهاجم اتجاههم في تحريم التأويل والميل إلى التشبيه حتى جعل
    منهم عبدة أصنام !
    قال في ص 209 :
    الوظيفة الأولى التقديس ومعناه : أنه إذا سمع اليد والأصبع وقوله صلى الله عليه
    وسلم : إن الله خمر طينة آدم بيده وإن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن
    فينبغي أن يعلم أن اليد تطلق لمعنيين : أحدهما هو الوضع الأصلي وهو عضو مركب


    من لحم وعظم وعصب ، واللحم والعظم والعصب جسم مخصوص وصفات
    مخصوصة ، أعني بالجسم عبارة عن مقدار له طول وعرض وعمق يمنع غيره من أن
    يوجد بحيث هو إلا بأن يتنحى عن ذلك المكان . وقد يستعار هذا اللفظ أعني اليد
    لمعنى آخر ليس ذلك المعنى بجسم أصلاً كما يقال البلدة في يد الأمير فإن ذلك
    مفهوم وإن كان الأمير مقطوع اليد مثلاً .
    فعلى العامي وغير العامي أن يتحقق قطعاً ويقيناً أن الرسول عليه‌السلام لم يرد بذلك
    جسماً هو عضو مركب من لحم ودم وعظم وأن ذلك في حق الله تعالى محال وهو
    عنه مقدس ، فإن خطر بباله أن الله جسم مركب من أعضاء فهو عابد صنم ! فإن كل
    جسم فهو مخلوق وعبادة المخلوق كفر وعبادة الصنم كان كفراً لأنه مخلوق وكان
    مخلوقاً لأنه جسم ، فمن عبد جسماً فهو كافر بإجماع الأئمة ، السلف منهم
    والخلف ، سواء كان ذلك الجسم كثيفاً كالجبال الصم الصلاب أو لطيفاً كالهواء
    والماء ، وسواء كان مظلماً كالأرض أو مشرقاً كالشمس والقمر والكواكب ، أو مشفاً
    لا لون له كالهواء ، أو عظيماً كالعرش والكرسي والسماء ، أو صغيراً كالذرة والهباء ، أو
    جماداً كالحجارة ، أو حيواناً كالإنسان .
    فالجسم صنم ، فبأن يقدر حسنه وجماله أو عظمه أو صغره أو صلابته وبقاؤه لا
    يخرج عن كونه صنماً .
    ومن نفى الجسمية عنه وعن يده وإصبعه ، فقد نفى العضوية واللحم
    والعصب وقدس الرب جل جلاله عما يوجب الحدوث ليعتقد بعده أنه عبارة عن
    معنى من المعاني ليس بجسم ولا عرض في جسم يليق ذلك المعنى بالله تعالى ، فإن
    كان لا يدري ذلك المعنى ولا يفهم كنه حقيقته فليس عليه في ذلك تكليف أصلاً ،
    فمعرفة تأويله ومعناه ليس بواجب عليه ، بل واجب عليه أن لا يخوض فيه . انتهى .
    وبذلك وافق الغزالي ورشيد رضا مذهبنا ومذهب المتأولين ، وخالف المفوضة
    وأهل الظاهر !



    وكل علماء السنة حتى المجسمة يصيرون متأولة عند الحاجة
    كل المجسمة من الأشاعرة والحنابلة والوهابيين الذين حرموا التأويل ، وأنكروا
    وجود المجاز في القرآن ، وأوجبوا حمل ألفاظه وألفاظ أحاديث الصفات على
    معانيها الظاهرة الحقيقية ، بل حتى أولئك الذين حكموا بأن المتأولة أهل ضلالة
    وبدعة وكفر وحذروا منهم . . كلهم يصيرون متأولة من الدرجة الأولى عندما يقعون
    في مأزق الآيات والأحاديث التي تخالف مذهبهم وتنفي إمكان الرؤية بالعين
    والتشبيه والتجسيم كقوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ . . . لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . . . لَا يُحِيطُونَ
    بِهِ عِلْمًا . . . لَن تَرَانِي . . إلخ .
    وهكذا نجد أن إخواننا الذين نبزونا بألفاظ ( متاولة ، متوالي ، بني متوال )
    يقومون هم بتأويل جميع الآيات والأحاديث المخالفة لمذهبهم جهاراً نهاراً ، وجوباً
    قربة إلى الله تعالى ، من أجل الدفاع عن أحاديث الرؤية بالعين وظاهر الآيات
    المتشابهة فيها !
    وهكذا يسقط منهجهم العلمي بتحريمهم التأويل في بعض الآيات والأحاديث
    وتحليله في بعضها ! وكان الأولى بهم أن لا يلقوا أنفسهم في هذا المأزق ويتأولوا
    الآيات التي يوهم ظاهرها الرؤية من أول الأمر من أجل الجمع المنطقي بينها وبين
    الآيات النافية للرؤية .
    وإذا سألتهم : لماذا أوجبتم الأخذ بظاهر هذه المجموعة من الآيات والأحاديث
    وحرمتم تأويلها ، وأوجبتم تأويل تلك المجموعة وحرمتم الأخذ بظاهرها ! فليس
    عندهم جواب ، إلا أنهم أرادوا المحافظة على ظواهر آيات الرؤية بالعين وأحاديث
    الآحاد ، مهما كلفهم ذلك من تناقض في المنهج العلمي ، فالمهم عندهم أن لا
    تنخدش روايات الرؤية بالعين عن كعب الأحبار ومن قلده من الخلفاء !


    ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 148
    ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في الفتح 13 ـ 432 : فمن أجرى الكلام على
    ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم ، ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي
    يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب نقلتها وإما أن يؤولها . انتهى .
    وقد تبنى ابن تيمية والوهابيون هذا الحل ( الشرعي ) فحكموا بوجوب تصديق
    هذه الروايات وتحريم تأويلها حتى لو أدت إلى التجسيم ، ثم هجموا على روايات
    التنزيه ونفي التجسيم بمعول التأويل !
    ـ وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 156 ـ 159
    وقد نقل الحافظ ابن جرير في تفسيره 27 ـ 7 تأويل لفظة ( أيد ) الواردة في قوله
    تعالى : وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ، بالقوة أيضاً عن جماعة من أئمة السلف
    منهم : مجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان . . . ومما يجدر التنبيه عليه هنا ولا
    يجوز إغفاله أن هؤلاء القوم الذين يحاربون التأويل ويزعمون أنه ضلال وبدعة
    وتحريف للقرآن والسنة هم أنفسهم يؤولون ما لا يوافق آراءهم من نصوص الكتاب
    والسنة في مسائل الصفات ! فنراهم يؤولون مثل قوله تعالى : وَهُوَ مَعَكُمْ وقوله
    تعالى : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ ، وقوله تعالى : مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ
    ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ، وقوله تعالى : إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ، وقوله تعالى : وَهُوَ
    مَعَكُمْ ، إلى غير ذلك من نصوص واضحة !
    فإذا كان هذا قرآن وذاك قرآن فما الذي أوجب اعتقاد ظاهر هذا دون ظاهر ذاك
    وكله قرآن ! ولماذا جوزوا تأويل ظاهر هذا دون ذلك !
    . . . روى الخلال بسنده عن حنبل عن عمه الإمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول :
    احتجوا علي يوم المناظرة فقالوا : تجيء يوم القيامة سورة البقرة . . . الحديث قال
    فقلت لهم : إنما هو الثواب . اهـ . فتأمل في هذا التأويل الصريح . . . نقل الحافظ



    البيهقي في الأسماء والصفات ص 470 عن البخاري أنه قال : معنى الضحك :
    الرحمة اهـ . وقال الحافظ البيهقي ص 298 : روى الفربري عن محمد بن إسماعيل
    البخاري أنه قال : معنى الضحك فيه ـ أي الحديث ـ الرحمة اهـ فتأمل . وقد نقل هذا
    التأويل أيضاً الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6 ـ 40 .
    ـ وقال التلمساني في نفح الطيب ج 8 ص 34
    حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزلة . وذلك أنه اجتمع معه في
    مجلس الخليفة فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم : ما الدليل أيها القاضي
    على جواز رؤية الله تعالى قال قوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فنظر بعض المعتزلة إلى
    بعض وقالوا : جن القاضي ! وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم
    وهو ساكت ثم قال لهم : أتقولون إن من لسان العرب قولك الحائط لا يبصر قالوا : لا . . .
    قال فلا يصح إذا نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له ؟ قالوا : نعم ، قال فكذلك
    قوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، لو لا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه ! انتهى .
    وهكذا نرى أن الذين حرموا التأويل وكفروا المسلمين بسببه ، أفرطوا في ارتكابه
    ووصلوا به إلى حد السفسطة ، فأولوا النفي الصريح بالإثبات ، ولم يبق عليهم إلا أن
    يؤلوا ( لا إلۤه إلا الله ) بوجود عدة آلهة مع الله سبحانه وتعالى عما يصفون . وسوف
    ترى مزيداً من فنونهم في تأويل آيات نفي الرؤية والتنزيه ، عند استعراض تفسيرها ،
    إن شاء الله تعالى .
    ـ ونختم بما قاله الشيخ محمد رضا جعفري في بحث الكلام عند الإمامية ص 151 من
    مجلة تراثنا عدد 30
    قال أبو الفرج ابن الجوزي : « واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر ما تعلق من
    صفات الباري سبحانه على مقتضى الحس فشبهوا ، لأنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا
    حمل المتشابه على مقتضى الحكم . . » (1)
    وقال أيضاً : « واعلم أن الناس في أخبار الصفات على ثلاث مراتب : إحداها ،


    إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل ، إلا أن تقع ضرورة كقوله تعالى
    ( وَجَاءَ رَبُّكَ ) (2) أي : جاء أمره ، وهذا مذهب السلف .
    والمرتبة الثانية ، التأويل ، وهو مقام خطر .
    والمرتبة الثالثة ، القول فيها بمقتضى الحس ، وقد عمَّ جهلة الناقلين (3) ، إذ ليس
    لهم حظ من علوم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى وما يستحيل ،
    فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه ، فإذا عدموا تصرفوا في
    النقل بمقتضى الحس » (4)
    وقال تقي الدين ابن تيمية ، راداً على من قال : إن أكثر الحنابلة مجسمة ومشبهة :
    « المشبهة والمجسمة في غير أصحاب الإمام أحمد أكثر منهم فيهم ، فهؤلاء
    أصناف الأكراد ، كلهم شافعية ، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف
    آخر ، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية ، وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من
    ذلك ما في غيرهم ، والكرامية كلهم حنفية » . (5) ولست أقر ابن تيمية على دفاعه عن
    أهل مذهبه ولكني أسكت عنه . . . .
    4 ـ نماذج مختارة : وكنموذج لما أشار إليه ابن الجوزي في كلامه عن المحدثين
    أختار ثلاثة لم يكونوا من الحنابلة الصرحاء ، وأقدم لكل منهم بعض الترجمة كي لا
    يتهمني متهم بأني عثرت على مغمورين خاملين لم يكونوا ذوي شأن عند المحدثين :
    1 ـ إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم ، أبو يعقوب الحنظلي المروزي ، ابن
    راهويه النيسابوري ( 161 / 778 ت 238 / 853 ) .
    قال الخطيب : كان أحد أئمة المسلمين ، وعلماً من أعلام الدين ، اجتمع له
    الحديث والفقه ، والحفظ والصدق ، والورع والزهد ، ورحل إلى العراق ، والحجاز ،
    واليمن ، والشام . . . وورد بغداد وجالس حفاظ أهلها ، وذاكرهم ، وعاد إلى خراسان
    فاستوطن نيسابور إلى أن توفي بها ، وانتشر علمه عند الخراسانيين . وهكذا قال
    المزي والسبكي . وهو شيخ البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ،
    وبقية بن الوليد ، ويحيى بن آدم ـ وهما من شيوخه ـ وأحمد بن حنبل ، وإسحاق



    الكوسج ، ومحمد بن رافع ، ويحيى بن معين ـ هؤلاء من أقرانه ـ وجماعة .
    قال نعيم بن حماد : إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل فاتهمه في دينه ،
    وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه .
    وقال النسائي : أحد الأئمة ، ثقة مأمون . وقال أحمد بن حنبل : إذا حدثك أبو
    يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به . وقال أبو حاتم : إمام من أئمة المسلمين . وقال ابن
    حبان : وكان إسحاق من سادات زمانه فقهاً ، وعلماً ، وحفظاً ، ونظراً ، ممن صنف
    الكتب ، وفرع السنن ، وذب عنها ، وقمع من خالفها ، وقبره مشهور يزار . وقال أبو
    عبد الله الحاكم : إمام عصره في الحفظ والفتوى . وقال أبو نعيم الأصبهاني : كان
    إسحاق قرين أحمد [ بن حنبل ] وكان للآثار مثيراً ، ولأهل الزيغ مبيراً .
    وقال الذهبي : الإمام الكبير ، شيخ المشرق ، سيد الحفاظ ، قد كان مع حفظه
    إماماً في التفسير ، رأساً في الفقه ، من أئمة الإجتهاد . (6)
    أبو عيسى الترمذي ـ بعد أن أخرج الروايات التي تقول : إن الله يقبل الصدقة
    ويأخذها بيمينه . . . الحديث ـ قال : وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا
    الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة
    إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ، ولا
    يقال : كيف ؟
    هكذا روي عن مالك ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه
    الأحاديث : أمروها بلا كيف . وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة . وأما
    الجهمية فأنكرت هذه الروايات ، وقالوا : هذا تشبيه . وقد ذكر الله عز وجل في غير
    موضع من كتابه : اليد ، والسمع ، والبصر ، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها
    على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إن معنى اليد
    هاهنا القوة .
    وقال إسحاق بن إبراهيم (7) : إنما يكون التشبيه إذا قال : يد كيد ، أو مثل يد ، أو
    سمع كسمع ، أو مثل سمع ، فإذا قال : سمع كسمع أو مثل سمع ، فهذا التشبيه . وأما


    إذا قال ـ كما قال الله تعالى ـ : يد ، وسمع ، وبصر ، ولا يقول : كيف ، ولا يقول مثل
    سمع ، ولا كسمع ، فهذا لا يكون تشبيهاً ، وهو كما قال الله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
    وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) . (Cool
    2 ـ أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري ( 223 / 838 ـ
    311 / 924 ) قالوا عنه : إنه كان إمام نيسابور في عصره ، فقيهاً ، مجتهداً ، بحراً من
    بحور العلم ، اتفق أهل عصره على تقدمه في العلم ، ولقبه الصفدي ، واليافعي ،
    والذهبي ، والسبكي ، وابن الجزري ، والسيوطي ، وابن عبد الحي بإمام الأئمة . وقال
    الدارقطني : كان إماماً معدوم النظير . وقال ابن كثير : هو من المجتهدين في دين
    الإسلام . وذكروا له الكرامات . وقال السمعاني : وجماعة [ من المحدثين ] ينسبون
    إليه ، يقال لكل واحد منهم خزيمي [ فهو إمام مدرسة حدثية ] . وهذا بعض ما قيل
    فيه (9) :
    أثبت ابن خزيمة الوجه لله سبحانه ، وقال : ( ليس معناه أن يشبه وجهه وجه
    الآدميين ، وإلا لكان كل قائل إن لبني آدم وجهاً ، وللخنازير ، والقردة ، والكلاب . . . ـ
    إلى آخر ما عدد من الحيوانات ـ وجوهاً ، قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير
    والقردة والكلاب . . . ) (10)
    وذكر مثل هذا في العين ، واليد ، والكف ، واليمين ، وقال : إن عيني الله لا تشبهان
    أي عين لغيره ، وأضاف : نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى
    وتحت الأرض السابعة السفلى وما في السماوات العلى وما بينهما ونزيد شرحاً
    وبياناً ونقول : عين الله عز وجل قديمة لم تزل باقية ، ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي
    عنها الهلاك والفناء ، وعيون بني آدم محدثة ، كانت عدماً غير مكونة فكونها الله
    وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته . . . » (11)
    وقال : إن لله يدين ويداه قديمتان لم تزالا باقيتين ، وأيدي المخلوقين محدثة فأي
    تشبيه ! . . . (12) ونفى التأويل عن كل هذا ، خاصة تأويل اليد بالنعمة أو القوة . (13)
    وذكر « أن كلام ربنا عز وجل لا يشبه كلام المخلوقين ، لأن كلام الله كلام متواصل



    لا سكت بينه ولا سمت ، لا ككلام الآدميين الذي يكون بين كلامه سكت وسمت
    لانقطاع النفس ، أو التذاكر ، أو العي . . . » (14)
    3 ـ عثمان بن سعيد ، أبو سعيد الدارمي ، التميمي ، السجستاني ( ح 199 / 815 ـ
    280 / 894 ) الإمام العلامة الحافظ ، الناقد الحجة ، وكان جذعاً وقذئ في أعين
    المبتدعة ، قائماً بالسنة ، ثقة ، حجة ، ثبتاً . وقيل فيه : كان إماماً يقتدى به في حياته
    وبعد مماته . ذكره الشافعية في طبقاتهم ، وعده الحنابلة من أصحاب ابن حنبل (15) .
    قال الدارمي بأن لله مكاناً حده ، وهو العرش (16) و ( هو بائن من خلقه فوق عرشه
    بفرجة بينه في هواء الآخرة ، حيث لا خلق معه هناك غيره ، ولا فوقه سماء ) (17)
    وقال ( قد أينا له مكاناً واحداً ، أعلى مكان ، وأطهر مكان ، وأشرف مكان : عرشه
    العظيم فوق السماء السابعة العليا ، حيث ليس معه هناك إنس ولا جان ، ولا بجنبه
    حش ، ولا مرحاض ، ولا شيطان . وزعمت أنت (18) والمضلون من زعمائك أنه في
    كل مكان ، وكل حش ومرحاض ، وبجنب كل إنسان وجان ! أفأنتم تشبهونه إذ قلتم
    بالحلول في الأماكن أم نحن ؟ ! ) (19)
    وقال ( ولو لم يكن لله يدان بهما خلق آدم ومسه مسيساً كما ادعيت ، لم يجز أن يقال
    ( لله ) : بيدك الخير . . . ) (20) وأحال في ذلك كل معنى أو تأويل من نعمة أو قوة إلا
    اليدين (21) ( بما لهما من المعنى ، وهو العضو الخاص المحسوس ) ، ( وأن لله
    إصبعين ، من غير تأويل بمعنى آخر ) (22) ( والقدمان قدمان من غير تأويل ) (23)
    ( غير أنا نقول ، كما قال الله ( وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ) (24) إنه عنى به الوجه الذي هو الوجه
    عند المؤمنين ، لا الأعمال الصالحة ، ولا القبلة . . . ) (25) وإن نفي التشبيه إنما هو بأن
    يكون لله كل هذا ، ولكن لا يشبه شئ منه شيئاً مما في المخلوقين ) (26)
    وقال الجعفري في هوامشه :
    (1) تلبيس ابليس : ط ادارة الطباعة المنيرية ، القاهرة : 1368 / 116 .
    (2) الفجر 89 : 22 .
    (3) ويقصد بهم المحدثين .

    (4) دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ، المكتبة التوفيقية ، القاهرة : 1976 / 73 ـ 74 .
    (5) المناظرة في العقيدة الواسطية ، مجموعة الرسائل الكبرى ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ط
    2 : 1392 / 1972 ، 1 / 418 .
    (6) التاريخ الكبير 1 ـ 379 ـ 380 = 1209 ، التاريخ الصغير 2 / 368 ، الجرح والتعديل 1 ـ 1 ( 2 ) 209 ـ
    210= 714 ، ابن حبان ، الثقات 8 / 115 ـ 116 ، طبقات الحنابلة 1 / 109 = 122 ، المنهج الأحمد 1 / 108 ـ
    109 = 43 ، تاريخ بغداد 6 / 345 ـ 335 = 3381 ، حلية الأولياء 9 / 234 ـ 238 ابن خلكان 1 / 199 ـ 201 ،
    الأنساب 6 / 56 ـ 57 ، السبكي ، طبقات الشافعية 2 / 83 ـ 93 ، ميزان الإعتدال 1 / 182 ـ 183 = 733 ، سير
    أعلام النبلاء 11 / 358 ـ 382 ، تذكرة الحفاظ 2 / 433 ـ 435 ، العبر 1 / 426 ، الوافي بالوفيات 8 / 386 ـ 388
    = 3825 ، طبقات الحفاظ / 188 ـ 189 = 419 ، ابن كثير 10 / 317 ، تهذيب التهذيب 1 / 216 ـ 219 = 408
    ، تهذيب الكمال 2 / 373 ـ 388 ـ 332 ، طبقات المفسرين 1 / 102 ـ 103 ، شذرات الذهب 2 / 89 .
    (7) هو إسحاق بن راهويه ـ عارضة الأحوذي : 3 / 332 .
    (Cool الجامع الصحيح ، الزكاة ( ما جاء في فضل الصدقة ) 3 / 50 ـ 51 أي 662 .
    (9) الذهبي سير أعلام النبلاء : 14 / 365 ـ 382 ، تذكرة الحفاظ : 2 / 720 ـ 731 ، العبر : 2 / 149 ،
    السمعاني ، الأنساب : 5 / 124 ، ابن الأثير ، اللباب : 1 / 442 ، ابن الجوزي ، المنتظم : 6 / 184 ـ 186 ، ابن كثير ،
    البداية والنهاية ، 11 / 149 ، السبكي ، طبقات الشافعية : 3 / 109 ـ 119 ، الصفدي ، الوافي بالوفيات : 2 / 196 ،
    اليافعي ، مرآة الجنان : 2 / 264 ، ابن عبد الحي ، شذرات الذهب : 2 / 262 ـ 263 ، السيوطي ، طبقات الحفاظ :
    310 ـ 311 ، ابن الجزري ، طبقات القراء : 2 / 97 ـ 98 .
    (10) التوحيد واثبات صفات الرب ، راجعه وعلق عليه محمد خليل هراس ، المدرس بكلية أصول الدين
    ( بالأزهر ) ، مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة : 1387 / 1968 ، / 23 .
    (11) المصدر / 50 ـ 52 .
    (12) المصدر / 82 ـ 85 .
    (13) المصدر / 85 ـ 87 .
    (14) المصدر / 145 .
    (15) سير أعلام النبلاء : 13 / 319 ـ 326 ، تذكرة الحفاظ : 2 / 621 ـ 622 ، العبر : 2 / 64 ، مرآة الجنان :



    2 / 193 ، ابن كثير 11 / 69 ، طبقات الشافعية : 2 / 302 ـ 306 ، طبقات الحفاظ : 274 ، طبقات الحنابلة :
    1 / 221 ، شذرات الذهب : 2 / 176 .
    (16) الرد على بشر المريسي ، عقائد السلف ، نشر : دكتور علي سامي النشار ، عمار جمعي الطالبي ، منشأة
    المعارف الإسكندرية ، مصر : 1971 / 382 .
    (17) المصدر / 439 .
    (18) يخاطب به بشر المريسي ، الذي يرد عليه الدارمي ، وهو بشر بن غياب المريسي ، البغدادي ، الحنفي (
    ح 138 / 755 ـ 218 / 833 ) من أعلام الحنيفة ، وممن نادى بخلق القرآن ودافع عنه ، وعن كثير من آراء المعتزلة
    (19) المصدر / 454 .
    (20) المصدر / 387
    (21) ( بما لهما من المعنى ، وهو العضو الخاص المحسوس ) المصدر / 398 .
    (22) المصدر / 420 .
    (23) المصدر / 423 ـ 424 ، 427 ـ 428 .
    (24) الرحمن 55 / 27 .
    (25) المصدر / 516 .
    (26) المصدر / 432 ـ 433 ، 508 . . انتهى .
     


    الفصل الثالث
    بازار الأحاديث في الرؤية والتشبيه والتجسيم
    قالوا إن الله تعالى على صورة بشر !
    ـ صحيح مسلم ج 8 ص 32
    ـ عن أبي هريره قال : قال رسول الله ( ص ) إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه
    فإن الله خلق آدم على صورته . .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 2 ص 299
    أبو هريرة : خلق الله عز وجل آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً . . . فكل من
    يدخل الجنة على صورة آدم ستون ذراعاً فلم تزل تنقص بعده حتى الآن . انتهى .
    ونحوه في ج 5 ص 165 ونحوه في مصابيحه ج 3 ص 266
    ـ مختصر تاريخ دمشق ج 3 جزء 5 ص 125
    عن أبي هريرة ، عن النبي ( ص ) قال : خلق الله آدم على صورته طوله سبعون
    ذراعاً . . . الى آخره . وقد تقدم تكذيب الإمام مالك لهذا الحديث وغيره من أحاديث
    رؤية الله تعالى بالعين ، من سير أعلام النبلاء ج 8 ص 103


    ـ وروى ابن حجر في لسان الميزان ج 3 ص 299 صيغة معقولة لهذا الحديث قال : . . .
    العلاء بن مسلمة ، حدثنا عبد الله بن سيف ، ثنا إسماعيل بن رافع ، عن المقبري ، عن
    أبي هريرة رضي‌الله‌عنه مرفوعاً : لا يضربن أحدكم وجه خادمه ولا يقول لعن الله من أشبه
    وجهك ، فإن الله خلق آدم على صورة وجهه . انتهى . فهل يقبلها اخواننا ويخلصون
    أنفسهم من ورطة التجسيم .
    ـ لجنة الإفتاء الوهابية ج 4 ص 368 فتوى رقم 2331
    س 1 : عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خلق الله آدم
    على صورته ستون ذراعاً ، فهل هذا الحديث صحيح ؟
    ج : نص الحديث : خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً ثم قال : إذهب
    فسلم على أولئك النفر ، وهم نفر من الملائكة جلوس ، فاستمع فما يحيونك فإنها
    تحيتك وتحية ذريتك ، فذهب فقال : السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة
    الله فزادوه ورحمة الله ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعاً ، فلم
    يزل الخلق تنقص بعده إلى الآن . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم . وهو حديث
    صحيح ولا غرابة في متنه فإن له معنيان :
    الأول : أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالأطفال من ذريته ثم نما وطال حتى بلغ
    ستين ذراعاً ، بل جعله يوم خلقه طويلاً على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً .
    والثاني : أن الضمير في قوله ( على صورته ) يعود على الله بدليل ما جاء في رواية
    أخرى صحيحة : على صورة الرحمن وهو ظاهر السياق ولا يلزم على ذلك التشبيه ،
    فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه ، ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه ،
    ولم يلزم من ذلك التشبيه وكذا الصورة ، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه لأن
    الاشتراك في الإسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما ،
    لقوله تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .


    وقالوا له سمع وبصر كسمع الإنسان وبصره
    ـ سنن أبي داود ج 2 ص 419
    . . . مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية : إن الله يأمركم أن تؤدوا
    الأمانات إلى أهلها . . إلى قوله تعالى سَمِيعًا بَصِيرًا ، قال : رأيت رسول الله صلى الله
    عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ، قال أبو هريرة : رأيت رسول
    الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه ، قال ابن يونس قال المقرىء : يعني
    أن الله سميع بصير ، يعني أن لله سمعاً وبصراً ، قال أبو داود : وهذا رد على الجهمية .
    انتهى . ورواه في ج 2 ص 233 ، وكأن قصد أبي داود أن الجهمية أفرطوا في التنزيه ،
    فيجب أن نرد عليهم بالتجسيم !
    وقالوا له عينان مثل الإنسان وهما سالمتان
    ـ صحيح البخاري ج 2 جزء 4 ص 141
    قال عبد الله ( يعني ابن عمر ) ذكر النبي ( ص ) يوماً بين ظهري الناس المسيح
    الدجال فقال : إن الله ليس بأعور ، إلا أن المسيح الدجال أعور العين . انتهى . وقد
    فسرها الوهابيون وأسلافهم ، بأن الله تعالى له عينان سالمتان ! ورواه البغوي في
    مصابيحه ج 3 ص 497 ، 507 عن ابن عمر أنه قال : قام رسول الله ( ص ) ثم ذكر
    الدجال : تعلمون أنه أعور ، وأن الله ليس بأعور . عن عبادة ابن الصامت عن رسول
    الله ( ص ) : إن المسيح الدجال رجلٌ قصير أفجح جعد أعور ، وإن ربكم ليس بأعور .
    وقالوا له أيدي وأعين ورجلان
    ـ قال ابن حزم في المحلى ج 1 ص 33
    مسألة : وإن لله عز وجل عزاً وعزة وجلالاً وإكراماً ، ويداً ويدين وأيدياً ( كذا )
    ووجهاً وعيناً وأعيناً ، وكبرياء ، وكل ذلك حق لا يرجع منه ولا من علمه تعالى وقدره
    وقوته إلا إلى الله تعالى لا إلى شئ غير الله عز وجل أصلاً ، نقر من ذلك مما في القرآن



    وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحل أن يزاد في ذلك ما لم يأت به
    نص من قرآن أو سنة صحيحة .
    قال عز وجل : ذو الجلال والإكرام وقال تعالى : يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ، لما خلقت
    بيدي ، ومما عملت أيدينا أنعاماً ، إنما نطعمكم لوجه الله ، ولتصنع على عيني ، إنك
    بأعيننا . ولا يحل أن يقال عينين لأنه لم يأت بذلك نص ، ولا أن يقال سمع وبصر ولا
    حياة ، لأنه لم يأت بذلك نص لكنه تعالى سميع بصير حي قيوم . انتهى .
    ولعل ابن حزم لم يطلع على نص العينين وحديث السمع والبصر وغيرها ، وإلا
    لقال بها !
    وقالوا قد يكون له أذن وقد يكون بلا أذن
    ـ فتاوي الألباني ص 344
    ـ سؤال السائل : صفة الأذن لله ، موقف أهل السنة والجماعة منها ؟
    جواب : لا يثبتون ولا ينفون بالرأي ، أما ما أثبته النص فهم يثبتونه بدون تكييف
    . . . السلفيون مستريحون من هذه الكيفية يعني استراحوا من التشبيه عملاً بالتنزيه . . .
    وأن العين : صفة من صفاته تليق بعظمته وجلاله .
    وقالوا له جنب وحقو
    ـ تفسير الطبري ج 26 ص 36
    ـ عن أبي هريرة عن رسول الله ( ص ) أنه قال خلق الله الخلق فلما فرغ منهم
    تعلقت الرحم بحقو الرحمن فقال مه ! فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . . .
    ورواه البغوي في مصابيحه ج 3 ص 350
    ـ وقال الشاطبي في الإعتصام ج 2 ص 303
    قول من زعم : أن لله سبحانه وتعالى جنباً مستدلاً بقوله : أن تقول نفس يا حسرتا
    على ما فرطت من جنب الله .


    وقالوا إنه يمشي وقد يركض ويهرول
    ـ فتاوي الألباني ص 506
    سؤال : حول الهرولة ، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالى ؟
    جواب : الهرولة كالمجيء والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها .
    ـ فتاوي ابن باز ج 5 ص 374
    . . . ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه : من تقرب إلى شبراً تقربت
    إليه ذراعاً ، ومن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة . . .
    أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية
    والمعتزلة . . . انتهى .
    وقالوا إنه تعالى يرى بالعين في الدنيا
    ـ الفرق بين الفرق للنوبختي ص 294
    وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى يكون مرئياً للمؤمنين في الآخرة ، وقالوا
    بجواز رؤيته في كل حال ولكل حي من طريق العقل ووجوب رؤيته للمؤمنين خاصة
    في الآخرة ، من طريق الخبر . .
    ـ مسند أحمد ج 4 ص 66
    . . . عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي
    صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات غداة وهو
    طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا : يا رسول الله إنا نراك طيب النفس
    مسفر الوجه أو مشرق الوجه ، فقال : وما يمنعي وأتاني ربي عز وجل الليلة في
    أحسن صورة ، قال يا محمد ، قلت لبيك ربي وسعديك ، قال : فيم يختصم الملأ
    الأعلى ؟ قلت لا أدري أي رب ! قال ذلك مرتين أو ثلاثاً ، قال فوضع كفيه بين كتفي
    فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الأرض ، ثم تلا هذه



    الآية : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين . انتهى .
    ورواه في ج 5 ص 378 ، وستأتي بقية رواياته في تفسير قوله تعالى ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ
    مَا رَأَىٰ ) .
    وقالوا إنه يلبس قباء وجبة ويركب على جمل
    ـ لسان الميزان ج 2 ص 238
    ومما في الصفات له ( حدثنا ) أبو حفص بن سلمون ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد
    بن محمد بن يوسف الإصبهاني ثنا شعيب بن بيان الصفار ثنا عمران القطان عن قتادة
    عن أنس رضي‌الله‌عنه مرفوعاً : إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الأذان والإقامة عليه رداء
    مكتوب عليه إنني أنا الله لا إلۤه إلا أنا ، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه ، فإذا سلم
    الإمام صعد إلى السماء . وروى عن ابن سلمون بإسناد له : رأيت ربي بعرفات على
    جمل أحمر عليه إزار ! انتهى . ورواه في ميزان الإعتدال ج 1 ص 512
    وقالوا إنه فتى أمرد جعد الشعر
    ـ ميزان الإعتدال ج 1 ص 593
    . . . عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : فلما تجلى ربه للجبل ،
    قال : أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه فساخ الجبل ، فقال حميد الطويل
    لثابت : تحدث بمثل هذا ! قال فضرب في صدر حميد وقال : يقوله أنس ويقوله
    رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا ! رواه جماعة عن حماد وصححه
    الترمذي . إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن
    عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : رأيت ربي جعداً أمرد ، عليه حلة خضراء .
    وقال ابن عدي : حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا النضر بن سلمة
    شاذان ، حدثنا الأسود بن عامر ، عن حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن
    محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة .

    . . . قال المرودي : قلت لأحمد : يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب
    وأخرج كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث . ورواه الحكم بن أبان عن
    زيرك عن عكرمة . وهو غريب جداً .
    وقالوا إنه يضحك في الدنيا والآخرة
    ـ صحيح البخاري ج 2 جزء 3 ص 210
    عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يضحك الله إلى
    رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب
    الله على القاتل فيستشهد .
    ـ صحيح البخاري ج 4 ص 226
    . . . فباتا طاويين ، فلما أصبح غد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
    ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما ، فأنزل الله : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان
    بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون .
    ـ سنن النسائي ج 6 ص 38
    . . . عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل يعجب من
    رجلين يقتل أحدهما صاحبه ، وقال مرة أخرى : ليضحك من رجلين يقتل أحدهما
    صاحبه ثم يدخلان الجنة . تفسير ذلك أخبرنا محمد بن سلمة . . . عن أبي هريرة أن
    رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر
    كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل
    فيستشهد . انتهى . ورواه ابن ماجة في ج 1 ص 68
    ـ وروى أحمد في مسنده ج 1 ص 392
    عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن آخر من يدخل الجنة
    رجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوز



    الصراط التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً
    من الأولين والآخرين ، قال فترفع له شجرة فينظر إليها فيقول : يا رب أدنني من هذه
    الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها ، فيقول : أي عبدي فلعلي إن أدنيتك منها
    سألتني غيرها ، فيقول : لا يا رب ، ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل
    يعلم أنه سيسأله لأنه يرى ما لا صبر له يعني عليه ، فيدنيه منها ثم ترفع له شجرة
    وهي أحسن منها فيقول : يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من
    مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب هذه لا
    أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها فيدنيه منها ، فترفع له شجرة
    عند باب الجنة هي أحسن منها فيقول : رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها
    وأشرب من مائها فيقول : أي عبدي ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب
    هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لأنه يرى ما لا
    صبر له عليها فيدنيه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول : يا رب الجنة الجنة ،
    فيقول : عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ، فيقول : يا رب أدخلني الجنة .
    قال فيقول عز وجل : ما يصريني منك أي عبدي أيرضيك أن أعطيك من الجنة
    الدنيا ومثلها معها ؟
    قال فيقول : أتهزؤ بي وأنت رب العزة !
    قال فضحك عبد الله حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني لم ضحكت ؟
    قالوا له لم ضحكت ؟
    قال : لضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسألوني لم ضحكت ؟
    قالوا : لم ضحكت يا رسول الله ؟
    قال : لضحك الرب حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة ! ! انتهى . ورواه في ج 1
    ص 411 وج 2 ص 318 وص 464 وص 511 وروى نحوه في ج 2 ص 276 وص 294


    وص 534 وج 3 ص 80 وابن ماجة في سننه ج 1 ص 64 والديلمي في فردوس الأخبار ج 3
    ص 9 ح 3703 والبغوي في مصابيحه ج 1 ص 433 وص 544 وج 3 ص 546 والبيهقي في
    شعب الإيمان ج 1 ص 249 وفي دلائل النبوة ج 6 ص 143 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 10
    ص 615 والشوكاني في نيل الأوطار ج 3 ص 57 وغيرهم . . وغيرهم . .
    وسيأتي عدد آخر من روايات ضحك الله المزعوم على هذا الرجل في روايات
    رؤيته بالعين في الآخرة .
    ـ وقال ابن تيمية في الإيمان ص 424
    وفي الصحيحين في حديث الشفاعة يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم
    غضباً لم يغضب قبله مثله . . . وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر
    كلاهما يدخل الجنة وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول : أتسخر بي
    وأنت رب العالمين ! وكل هذا في الصحيح .
    وقالوا إنه يضحك لمن يستلقي على دابته
    ـ وروى أحمد في ج 1 ص 330 رواية غريبة نسب فيها تصرفاً غير معقول للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ،
    ونسب فيها إلى الله تعالى أنه يضحك لمن يذكره على دابته ثم يستلقي ! قال
    الإمام أحمد :
    عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى
    عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، وحمد الله ثلاثاً ، وسبح الله ثلاثاً ، وهلل
    الله واحدة ثم استلقى عليه فضحك ، ثم أقبل عليَّ فقال : ما من إمريء يركب دابته فيصنع
    كما صنعت إلا أقبل الله تبارك وتعالى فضحك إليه كما ضحكت إليك !
    وقالوا مادام الله يضحك فأملنا فيه كبير
    ـ روى أحمد في مسنده ج 4 ص 11 وص 12 وص 13 رواية تعطي الناس الأمل بالله



    تعالى لأنه يضحك ! قال : . . . عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قال رسول
    الله صلى الله عليه وسلم : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ، قال قلت : يا
    رسول الله أو يضحك الرب عز وجل ! قال نعم ، قال : لن نعدم من رب يضحك خيراً !
    ـ وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج 3 ص 10
    أبو ذر الغفاري : ضحك الله ربنا عز وجل من قنوط عباده وقرب غيره ولن نعدم
    من رب يضحك خيراً . وستأتي روايته عن النويري وغيره .
    وقالوا إنه يضحك . . ويظل يضحك
    ـ قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج 3 ص 566 ـ 567
    ـ قوله ( ص ) : فيضل يضحك ، هو من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا
    يشبهه فيها شئ من مخلوقاته كصفات ذاته . . وكذلك : فأصبح ربك يطوف في
    الأرض ، هو من صفات فعله كقوله تعالى : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ ، وينزل ربنا كل ليله
    إلى السماء الدنيا ، ويدنو عشية عرفة فيباهي بأهل الموقف الملائكة . والكلام في
    الجميع صراط واحد مستقيم إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تحريف ولا تعطيل .
    ـ وقال النويري في نهاية الإرب ج 7 جزء 14 ص 292
    عن لقيط بن عامر العقيلي قال . . . أتينا رسول الله ( ص ) حين انصرف من صلاة
    الغداة فقام خطيباً فقال أيها الناس . . . يشرف عليكم أزلين فيظل يضحك ، قد علم
    أن غوثكم قريب . قال لقيط له : لن نعدم من رب يضحك خيراً . . انتهى . وروى نحوه
    المنذري في الترغيب والترهيب ج 1 ص 434 وص 436 وج 4 ص 503
    وقالوا إنه ضحك لطلحة وسعد
    ـ أُسد الغابة ج 3 ص 83
    روي أنه ( طلحة بن البراء ) توفي ليلاً فقال أدفنوني . . ولا تدعوا رسول الله ( ص )


    فإني أخاف عليه ( ص ) يصاب في سببي ، فأخبر رسول الله حين أصبح فجاء ( ص )
    حتى وقف على قبره وقال : اللهم إلقَ طلحة وأنت تضحك إليه وهو يضحك إليك . .
    ـ مسند أحمد ج 6 ص 456
    . . . أسماء بنت يزيد بن سكن قالت : لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه ، فقال
    النبي صلى الله عليه وسلم : ألا يرفأ دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك
    الله له واهتز له العرش .
    وقالوا إنه يظهر لعباده ضاحكاً
    ـ فردوس الأخبار ج 5 ص 368
    أبو موسى : يتجلى ربنا ضاحكاً يوم القيامة ، حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له
    سجداً فيقول : ارفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة .
    وقالوا منطقه كالرعد ، وضحكه كالبرق
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 366
    أبو هريرة : ينشىء الله عز وجل السحاب ثم ينزل فيه ، لا شئ أحسن من ضحكه
    ولا شئ أحسن من منطقه ، منطقه الرعد ومضحكه البرق !
    ـ أُسد الغابة ج 3 ص 83 وج 6 ص 399
    عن رجل من بني غفار . . قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إن الله عز وجل
    ينشىء السحاب فيضحك أحسن الضحك وينطق أحسن النطق !
    وقالوا يظهر متجسداً لأبي بكر وحده بدون ضحك
    ـ قال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 293
    وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدارقطني عن جابر عن النبي صلى الله عليه
    وسلم : إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر خاصة .


    وأخرج الدارقطني عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله ليتجلى
    للناس عامة ويتجلى لأبي بكر الصديق خاصة .
    ـ وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 400
    أنس بن مالك : يا أبا بكر لأبشرك أن الله عز وجل يتجلى لك يوم القيامة خاصة
    وللناس عامة .
    ـ وقال ابن حبان في المجروحين ج 1 ص 143
    أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليماني . . . والصحيح من حديثه موقوف على
    أبي هريرة وروى عن أبيه . . . عن أبي هريرة قال لما قدم رسول الله ( ص ) من الغار
    يريد المدينة أخذ أبو بكر بغرزه فقال . . ألا أبشرك يا أبا بكر ؟ قال : بلى بأبي أنت
    وأمي يا رسول الله ، قال : إن الله عز وجل يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة ، ويتجلى
    لك خاصة .
    ـ وقال في المجروحين ج 2 ص 115
    علي بن عبده بن قتيبة . . . كان يسرق الحديث ولا يحل الإحتجاج به . . عن جابر
    قال رسول الله ( ص ) إن الله يتجلى للمؤمنين عامة ولأبي بكر خاصة .
    وقالوا يجلس على العرش ولعرشه أطيط وصرير من ثقله
    ذكرنا عدداً من روايات أطيط العرش عن الخليفة عمر من فردوس الأخبار وكنز العمال
    ومجمع الزوائد وقد وثقها الهيثمي ، ونضيف إليها هنا من سنن أبي داود ج 2 ص 418
    . . . إن عرشه على سمواته لهكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه ، وإنه ليئط به
    أطيط الرحل بالراكب . قال ابن بشار في حديثه : إن الله فوق عرشه وعرشه فوق
    سمواته وساق الحديث . . وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن
    عتبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده والحديث بإسناد أحمد بن سعيد
    هو الصحيح وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه


    جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضاً وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى
    وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 1 ص 220
    جبير بن معطم : إن الله عز وجل فوق عرشه وعرشه فوق سمائه وإنه ليئط به
    أطيط الرحل بالراكب !
    ـ الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 398
    وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سلوا الله الفردوس فإنها سرة
    الجنة وإن أهل الفردوس ليسمعون أطيط العرش . رواه الطبراني وفيه جعفر بن الزبير
    وهو متروك . انتهى . ورواه في كنز العمال ج 2 ص 73
    ـ وفي كنز العمال ج 1 ص 224 :
    ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد إن شاء والله أعظم من ذلك . ويحك أتدري
    ما الله ، إن الله فوق عرشه وعرشه على سمواته ، وأرضه مثل القبة ، وإنه ليئط به أطيط
    الرحل بالراكب . د عن جبير بن مطعم . ورواه في ج 10 ص 363 وروى في ص 367
    إن كرسيه وسع السماوات والأرض ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب
    من شقه بز . انتهى . أي من مسافة بعيدة !
    ـ وفي كنز العمال ج 14 ص 469
    إن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش . ابن مردويه عن أبي أمامة .
    ـ تاريخ بغداد ج 4 ص 39
    . . . عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده . قال : جاء أعرابي
    إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وجاع العيال
    وهلكت الأموال فاستسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عل
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:01

    عليك وبك على الله . فقال النبي
    صلى الله عليه وسلم : سبحان الله سبحان الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في



    وجوه أصحابه ، ثم قال له : ويحك ما تدري ما الله ، إن شأنه أعظم من ذلك ، إنه لا
    يستشفع به على أحد ، إنه لفوق سماواته على عرشه ، وإنه عليه هكذا وأشار بيده
    مثل القبة ، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب .
    معنى الأطيط
    ـ هامش سنن أبي داود ج 2 ص 418 : أط الرحل : صوت أي أصدر صوتاً هو كصوت
    الطقطقه .
    ـ وقال ابن الأثير في النهاية ج 1 ص 54 في معنى أطت السماء : الأطيط : صوت
    الأقتاب ، وأطيط الإبل : أصواتها وحنينها . . . وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير
    عظمة الله تعالى . . . إذ كان معلوماً أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه
    وعجزه عن احتماله .
    وقالوا العرش مطوق بحية تحميه
    ـ العقد الفريد لابن عبد ربه ج 6 ص 208
    ومن حديث عبد الله بن عمر قال : العرش مطوق بحية ، والوحي ينزل في
    السلاسل .
    وقالوا الشمس تذهب كل يوم إلى تحت العرش
    ـ صحيح البخاري ج 3 جزء 6 ص 30
    عن أبي ذر . . . قال كنت مع النبي ( ص ) في المسجد عند غروب الشمس فقال :
    يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس . . . قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش .
    انتهى . ورواه الشوكاني في فتح القدير ج 4 ص 494
    ـ صحيح البخاري ج 4 جزء 8 ص 178
    عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال : سألت النبي ( ص ) عن قوله


    والشمس تجري لمستقر لها . . . قال مستقرها تحت العرش . . . ونحوه في فردوس
    الأخبار للديلمي ج 5 ص 133
    ـ وفي صحيح مسلم ج 1 ص 96
    عن أبي ذر أن النبي ( ص ) قال يوماً أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ قالوا الله
    ورسوله أعلم قال : إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر
    ساجدة . . . فقال لها ارتفعي أصحبي طالعة من مغربك . .
    وقالوا حملة العرش ملائكة صوفية
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 26
    ابن مسعود : نزل جبريل في بعض الليل فقعد فمسحت يدي على ظهره فأصبت
    الشعر فقلت : يا جبريل ما هذا الشعر ؟ قال الصوف ، قلت : سبحان الله ، الملائكة
    يلبسون الصوف ؟ قال : نعم يا محمد ، والله للباس حملة العرش الصوف .
    وقالوا حملة العرش يتكلمون بالفارسية
    ـ المصنف لابن أبي شيبة ج 7 ص 160
    عن أبي أمامة قال : إن الملائكة الذين يحملون العرش يتكلمون بالفارسية .
    وقالوا جبل لبنان من حملة العرش
    ـ مختصر تاريخ دمشق ج 1 جزء 1 ص 288
    عن أبي الزاهرية قال : أنبئنا : جبل لبنان أحد حملة العرش الثمانية يوم القيامة .
    وقالوا حملة العرش حيوانات كما في التوراة
    ـ سنن ابن ماجة ج 1 ص 69
    حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن الصباح ثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني ، عن



    سماك ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ،
    قال : كنت بالبطحاء في عصابة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت به
    سحابة فنظر إليها فقال : ما تسمون هذه ؟ قالوا السحاب ، قال والمزن ، قالوا والمزن ،
    قال والعنان ، قال أبو بكر قالوا والعنان ، قال كم ترون بينكم وبين السماء ؟ قالوا لا
    ندري ، قال فإن بينكم وبينها إما واحداً أو اثنين أو ثلاثاً وسبعين سنة ، والسماء فوقها
    كذلك ، حتى عد سبع سموات ، ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما
    بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء
    إلى سماء ، ثم على ظهورهن العرش بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء ، ثم
    الله فوق ذلك تبارك وتعالى !
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 130
    العباس بن عبد المطلب : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية : ثمانية أملاك
    في صورة الأوعال ، ما بين ظلف أحدهم وركبته مسيرة خمسمائة عام . انتهى .
    ـ حياة الحيوان للدميري ج 2 ص 428
    عن عروة بن الزبير رضي‌الله‌عنه قال : حملة العرش أحدهم على صورة إنسان ، والثاني
    على صورة ثور ، والثالث على صورة نسر ، والرابع على صورة أسد .
    ـ تفسير الطبري ج 1 ص 118
    عن شعيب الجبائي قال : في كتاب الله ( يقصد التوراة ) الملائكة حملة العرش
    لكل ملك منهم وجه إنسان وثور وأسد ، فإذا حركوا أجنحتهم فهو البراق . .
    ـ كتاب الحيوان للجاحظ ج 6 ص 221 ـ 222
    روى تصديق النبي ( ص ) لأمية بن أبي الصلت حين أنشده :
    رجل وثور تحت رجل يمينه
    والنسر للأخرى وليث مرصد

    وقال في هامش ج 1 ص 222 وفي الإصابة 549 عن ابن عباس أن النبي ( ص ) أنشد هذا
    البيت فقال : صدق . هكذا صفة حملة العرش . .


    وقالوا جالس على كرسيه وغائب عن العالم
    ـ مجمع الزوائد ج 1 ص 86
    وعن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه أنه قال : ما بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة
    عام ، وما بين كل سماءين خمسمائة عام ، وما بين السماء السابعة والكرسي مسيرة
    خمسمائة عام ، وما بين الكرسي والماء خمسمائة عام ، والعرش على الماء والله جل
    ذكره على العرش يعلم ما أنتم عليه . رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح .
    وقالوا جالس على العرش وحوله الأنبياء على كراسي
    ـ المصنف لابن أبي شيبة ج 2 ص 58
    عن أنس قال قال رسول الله ( ص ) : أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء . . . قال
    ( جبريل ) لأن ربك تبارك وتعالى اتخذ في الجنة وادياً من مسك أبيض ، فإذا كان يوم
    الجمعة هبط من عليين على كرسيه تبارك وتعالى ثم حف كرسيه منابر من ذهب
    مكللة بالجواهر ثم يجئ النبيون حتى يجلسوا عليها .
    ـ وروى السيوطي حديث المرآة عن الدارقطني في ج 6 ص 290 وروى رواية لقيط
    مفصلة عن زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل . . .
    ـ تهذيب الكمال ج 16 ص 423
    أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري . . . أخبرنا أبو حفص بن طبرزد . . . عن سعيد بن
    المسيب : أنه لقي أبا هريرة فقال أبو هريرة : أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق
    الجنة . فقال سعيد : أو فيها سوق ؟ قال أبو هريرة : نعم ، أخبرني رسول الله صلى الله
    عليه وسلم : أن أهل الجنة إذا دخلوها فنزلوا فيها بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في
    مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيرون الله ، ويبرز لهم عرشه ، ويتبدا لهم في
    روضة من رياض الجنة ، فيوضع لهم منابر من ذهب ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم
    وما فيهم دني على كثبان المسك والكافور ، لا يرون أن أصحاب الكراسي أفضل
    منهم مجلساً .


    قال أبو هريرة : وهل نرى ربنا يا رسول الله قال : نعم ، هل تمارون في رؤية
    الشمس والقمر ليلة البدر قلنا : لا ، قال : كذلك لا تمارون في رؤية ربكم عز وجل . ولا
    يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة ، حتى إنه ليقول للرجل منهم :
    يا فلان بن فلان . أتذكر يوم عملت كذا وكذا ، فيذكره بعض غدراته في الدنيا ،
    فيقول : يا رب ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول : بلى بسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه .
    قال فبيناهم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا
    مثل ريحه شيئاً قط ، قال : ثم يقول ربنا عز وجل : قوموا إلى ما أعددت لكم من
    الكرامة ، فخذوا ما اشتهيتم . قال : فنأتي سوقاً قد حفت به الملائكة ، فيه ما لم تنظر
    العيون إلى مثله . ولم يخطر على القلوب ، قال : فيحمل لنا ما اشتهينا ، ليس يباع فيه
    شئ ولا يشتري ، في ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضاً . قال : فيقبل الرجل
    ذو المنزلة الرفيعة فيلقى من هو دونه وما فيهم يعني دني ، فيروعه ما يرى يعني عليه
    من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ، وذلك أنه لا ينبغي
    لأحد أن يحزن فيها ، قال : ثم ننصرف إلى منازلنا فنلقى أزواجنا ، فيقولون ( فيقلن ) :
    مرحباً وأهلاً بحبنا لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه ،
    قال : فنقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا .
    رواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل البخاري ، عن هشام بن عمار ، عنه ، فوقع لنا
    بدلاً عالياً بدرجتين وليس عنده غيره ، وقال : غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
    ورواه ابن ماجة عن هشام بن عمار . فوافقناه فيه بعلو . ( سنن ابن ماجة ج 2 ص 1450 )
    هشام بن عمار صاحب حديث الكراسي حول العرش
    ـ سير أعلام النبلاء ج 11 ص 420
    ـ هشام بن عمار ، الإمام الحافظ العلامة المقرئ عالم أهل الشام ، أبو الوليد
    السلمي ويقال الظفري خطيب دمشق ، نقل عنه الباغندي قال : ولدت سنة ثلاث
    وخمسين ومئة ، وسمع من مالك وتمت له معه قصة . . .

    وحدث عنه بشر كثير وجم غفير . . . . . وعدة سواهم مذكورين في تهذيب الكمال
    وفي تاريخ دمشق . فلقد كان من أوعية العلم . . .
    وروى عنه : أبو عبيد القاسم بن سلام ، ومات قبله بنيف وعشرين سنة ، ومحمد
    بن سعد ومات قبله ببضع عشرة سنة ، ومؤمل بن الفضل الحراني كذلك ، ويحيى بن
    معين ، كذلك وحدث عنه من كبار شيوخه : الوليد بن مسلم ، ومحمد بن شعيب ابن
    شابور . . .
    وحدث عنه من أصحاب الكتب : البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة ،
    وروى الترمذي عن رجل عنه ، ولم يلقه مسلم ، ولا ارتحل إلى الشام ، ووهم من زعم
    أنه دخل دمشق .
    . . . وكان خطيباً بدمشق رزق كبر السن وصحة العقل والرأي ، فارتحل الناس إليه
    في نقل القراءة والحديث .
    . . . فلما توفي ابن ذكوان سنة اثنتين وأربعين ، اجتمع الناس على إمامة هشام بن
    عمار في القراءة والنقل .
    قال صالح بن محمد جزرة : كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث ، ولا يحدث
    ما لم يأخذ . . . كنت شارطت هشاماً أن أقرأ عليه بانتخابي ورقة ، فكنت آخذ الكاغذ
    الفرعوني وأكتب مقرمطاً ، فكان إذا جاء الليل ، أقرأ عليه إلى أن يصلي العتمة ، فإذا
    صلى العتمة ، يقعد وأقرأ عليه ، فيقول : يا صالح ليس هذه ورقة ، هذه شقة !
    . . . قال : وكان يأخذ على كل ورقتين درهما ويشارط ويقول إن كان الخط دقيقاً ،
    فليس بيني وبين الدقيق عمل .
    قال أبو بكر المروذي : ذكر أحمد بن حنبل هشام بن عمار ، فقال : طياش خفيف .
    خيثمة : سمعت محمد بن عوف ، يقول : أتينا هشام بن عمار في مزرعة له ، وهو
    قاعد على مورج له وقد انكشفت سوءته ، فقلنا : يا شيخ غط عليك . فقال : رأيتموه
    لن ترمد عينكم أبداً ، يعني يمزح .


    قال الحافظ محمد بن أبي نصر الحميدي : أخبرني بعض أصحاب الحديث
    ببغداد أن هشام بن عمار قال : سألت الله تعالى سبع حوائج ، فقضى لي منها ستاً ،
    والواحدة ما أدري ما صنع فيها . سألته أن يغفر لي ولوالدي فما أدري ، وسألته أن
    يرزقني الحج ففعل ، وسألته أن يعمرني مئة سنة ففعل . قلت : إنما عاش اثنتين
    وتسعين سنة .
    ثم قال : وسألته أن يجعلني مصدقاً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
    ففعل .
    وسألته أن يجعل الناس يغدون إلي في طلب العلم ففعل .
    وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل .
    وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالاً ففعل .
    قال : فقيل له : كل شئ قد عرفناه ، فألف دينار حلال من أين لك ؟ فقال : وجه
    المتوكل بعض ولده ليكتب عني لما خرج إلينا ، يعني لما سكن دمشق ، وبني له
    القصر بداريا . قال : ونحن نلبس الأزر ، ولا نلبس السراويلات فجلست فانكشف
    ذكري ، فرآه الغلام فقال : إستتر يا عم . قلت رأيته قال : نعم . قلت : أما إنه لا ترمد
    عينك أبداً إن شاء الله !
    قال : فلما دخل على المتوكل ضحك ، قال فسأله فأخبره بما قلت له ، فقال : فأل
    حسن تفاءل لك به رجل من أهل العلم ! احملوا إليه ألف دينار ، فحملت إلي فأتتني
    من غير مسألة ، ولا استشراف نفس . فهذه حكاية منقطعة . ولعلها جرت .
    وذكر الذهبي قصته مع مالك في ص 428 فقال :
    قال أبو بكر محمد بن سليمان الربعي : حدثنا محمد بن الفيض الغساني ، سمعت
    هشام بن عمار يقول : باع أبي بيتاً له بعشرين ديناراً ، وجهزني للحج ، فلما صرت إلى
    المدينة ، أتيت مجلس مالك ، ومعي مسائل أريد أن أسأله عنها . فأتيته ، وهو جالس
    في هيئة الملوك وغلمان قيام والناس يسألونه وهو يجيبهم ! فلما انقضى المجلس


    قال لي بعض أصحاب الحديث : سل عن ما معك ، فقلت له : يا أبا عبد الله ما تقول
    في كذا وكذا ؟ فقال : حصلنا على الصبيان ، يا غلام احمله ! فحملني كما يحمل
    الصبي وأنا يومئذ غلام مدرك ، فضربني بدرةٍ مثل درة المعلمين سبع عشرة درة ،
    فوقفت أبكي فقال لي : ما يبكيك أوجعتك هذه الدرة ؟ قلت : إن أبي باع منزله ووجه
    بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني ! فقال : أكتب ، قال : فحدثني سبعة عشر
    حديثاً ، وسألته عما كان معي من المسائل فأجابني !
    قال يعقوب بن إسحاق الهروي ، عن صالح بن محمد الحافظ : سمعت هشام بن
    عمار ، يقول : دخلت على مالك فقلت له حدثني ، فقال : إقرأ ، فقلت : لا بل حدثني ،
    فقال إقرأ ، فلما أكثرت عليه ، قال : يا غلام تعال اذهب بهذا فاضربه خمسة عشر ،
    فذهب بي فضربني خمس عشرة درة ، ثم جاء بي إليه فقال قد ضربته ، فقلت له : لم
    ظلمتني ضربتني خمس عشرة درة بغير جرم ، لا أجعلك في حل ، فقال مالك فما
    كفارته قلت : كفارته أن تحدثني بخمسة عشر حديثاً . قال : فحدثني بخمسة عشر
    حديثاً . فقلت له : زد من الضرب ، وزد في الحديث ، فضحك مالك ، وقال : اذهب !
    قال الخليلي : سمعت علي بن أحمد بن صالح المقرئ ، حدثنا الحسن بن علي
    الطوسي ، سمعت محمد بن طرخان ، سمعت هشام بن عمار ، يقول : قصدت باب
    مالك ، فهجمت عليه بلا إذن فأمر غلاماً له ، حتى ضربني سبعة عشر ضرب
    السلاطين . وأخرجت ! فقعدت على بابه أبكي ، ولم أبك للضرب بل بكيت حسرة ،
    فحضر جماعة قال فقصصت عليهم ، فشفعوا في ، فأملى علي سبعة عشر حديثاً . . .
    قلت : لم يخرج له الترمذي سوى حديث سوق الجنة ثم قال عبدان : ما كان في
    الدنيا مثله .
    قال ابن حبان البستي : كانت أذناه لاصقتين برأسه ، وكان يخضب بالحناء .
    وقال في هامشه : أخرجه الترمذي ( 2549 ) باب ما جاء في سوق الجنة ، من
    طريق محمد بن إسماعيل ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن



    أبي العشرين ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا حسان بن عطية ، عن سعيد بن المسيب ،
    عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال أبو عيسى الترمذي : هذا
    حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
    ونصه بتمامه : إن أهل الجنة إذا دخلوها ، نزلوا فيها بفضل أعمالهم ، ثم يؤذن في
    مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا ، فيزورون ربهم ، ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في
    روضة من رياض الجنة ، فتوضع لهم منابر من نور ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من
    فضة ، ويجلس أدناهم ـ وما فيهم من دني ـ على كثبان المسك والكافور ، وما يرون أن
    أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلساً . قال أبو هريرة : قلت : يا رسول الله ، وهل
    نرى ربنا ؟ قال : نعم ، قال : هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا : لا .
    قال : كذلك لا تمارون في رؤية ربكم ، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره
    الله محاضرة ، حتى يقول للرجل منهم : يا فلان ابن فلان ، أتذكر يوم كذا وكذا ،
    فيذكره ببعض غدراته في الدنيا ، فيقول : يا رب ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول : بلى ، فسعة
    مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه .
    فبينما هم على ذلك ، غشيتهم سحابة من فوقهم ، فأمطرت عليهم طيباً لم يجدوا
    مثل ريحه شيئاً قط . ويقول ربنا ، تبارك وتعالى : قوموا إلى ما أعددت لكم من
    الكرامة ، فخذوا ما اشتهيتم . فنأتي سوقاً قد حفت به الملائكة ، وفيه ما لم تنظر
    العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب ، فيحمل لنا ما اشتهينا ،
    ليس يباع فيها ولا يشتري . وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا . قال :
    فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة ، فيلقى من هو دونه ـ وما فيهم دني ـ فيروعه ما
    يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه ،
    وذلك أنه ما ينبغي لأحد أن يحزن فيها .
    ثم ننصرف إلى منازلنا ، فيتلقانا أزواجنا ، فيقلن : مرحباً وأهلاً ، لقد جئت وإن بك
    من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه ، فيقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ، ويحقنا أن
    ننقلب بمثل ما انقلبنا . وأخرجه ابن ماجة ( 4336 ) عن هشام بن عمار به .


    وقالوا جنة عدن مسكن الله تعالى وعرشه فيها
    وقد تقدمت أحاديثها في الفصل الخامس عن عمر وكعب وأبي موسى
    الأشعري ، ومنها ما رواه السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 254
    وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه
    وسلم : الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأنهار والأثمار .
    ـ تفسير الطبري ج 15 ص 94
    عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ( ص ) : إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات
    يبقين من الليل ، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره ،
    فيمحو ما يشاء ويثبت ، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهو داره التي لم
    ترها عين . . وهي مسكنه ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة : النبيين والصديقين
    والشهداء . . ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته . .
    ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 154
    وعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل الله تبارك وتعالى
    في آخر ثلاث ساعات بقين من الليل فينظر في الساعة الأولى في الكتاب الذي لا
    ينظر فيه غيره فيمحو ما يشاء ويثبت ، وينظر في الساعة الثانية في جنة عدن وهي
    مسكنه التي لا يكون فيها معه إلا الأنبياء والشهداء والصديقون ، وفيها ما لم يره أحد
    ولا خطر على قلب بشر ، ثم يهبط آخر ساعة من الليل فيقول ألا مستغفر يستغفرني
    فأغفر له ، ألا سائل يسئلني فأعطيه ، ألا داع يدعوني . ولذلك قال الله : وقرآن الفجر
    إن قرآن الفجر كان مشهوداً ، فيشهده الله والملائكة . رواه الطبراني في الكبير
    والأوسط والبزاز بنحوه . وفيه زيادة بن محمد الأنصاري ، وهو منكر الحديث .
    وروينا ورووا أن الفردوس مسكن إبراهيم وآله ومحمد وآله
    ـ روى النسائي في سننه ج 4 ص 12 عن فاطمة الزهراء عليها‌السلام أن الفردوس مسكن



    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يذكر أنها مسكن الله تعالى . قال : عن أنس أن فاطمة بكت على
    رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات فقالت : يا أبتاه من ربه ما أدناه ، يا أبتاه إلى
    جبريل ننعاه ، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه . وروى ذلك غيره أيضاً .
    ـ وفي كنز العمال ج 2 ص 274
    عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت علياً يقول : ألا إن لكل شئ ذروة ، وإن ذورتنا
    جبال الفردوس في بطنان الفردوس قصراً من لؤلؤة بيضاء وصفراء من عرق واحد ،
    وإن في البيضاء سبعين ألف قصر ، منازل إبراهيم وآل إبراهيم ، فإذا صليتم على
    محمد فصلوا على إبراهيم وآل إبراهيم . خط في تلخيص المتشابه .
    ـ وقال القسطلاني في إرشاد الساري ج 5 ص 38
    فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة أي أفضلها ، قال : وفوقه عرش
    الرحمن . انتهى .
    ـ وروى الديلمي في فردوس الاخبار ج 3 ص 162 حديثاً غريباً طريفاً لطيفا ، قال : عمر
    بن الخطاب : فاطمة وعلي والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء
    سقفها عرش الرحمن عز وجل .
    وقالوا أرواح الشهداء في حواصل طيور في قناديل معلقة بالعرش
    ـ صحيح مسلم ج 6 ص 38
    عن مسروق قال سألنا عبد الله عن هذه الآية : وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
    اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، قال : أما إنا قد سألناه عن ذلك فقال : أرواحهم
    في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم
    تأوي إلى تلك القناديل ، فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً فقال هل تشتهون شيئاً ؟ قالوا أي
    شئ نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما


    رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا ، قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى
    نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة ، تركوا .
    ـ وروى الدميري في حياة الحيوان ج 1 ص 657
    أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر ترعى في الجنة وتأوى إلى قناديل معلقة تحت
    العرش . قال شيخنا : أولئك شهداء السيوف ، وأما شهداء الصفوة فأجسادهم أرواح !
    ـ وقال الدارمي في سننه ج 2 ص 206
    عن مسروق قال سألنا عبد الله عن أرواح الشهداء ولو لا عبد الله لم يحدثنا أحد ،
    قال : أرواح الشهداء عند الله يوم القيامة في حواصل طير خضر لها قناديل معلقة
    بالعرش ( ترعى ) أي الجنة حيث شاءت ، ثم ترجع إلى قناديلها فيشرف عليهم ربهم
    فيقول : ألكم حاجة تريدون شيئاً ، فيقولون لا ، إلا أن نرجع إلى الدنيا فنقتل مرة
    أخرى . انتهى . وروى نحوه ابن ماجة في ج 1 ص 466 وج 2 ص 936 وأبو داود ج 1
    ص 566 والترمذي في ج 4 ص 299 وقال : هذا حديث حسن صحيح . وأحمد ج 1 ص 265
    وص 386 والحاكم ج 2 ص 88 وص 297 وابن منصور في سننه ج 2 ص 216 والبيهقي في
    سننه ج 9 ص 163 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 6 ص 328 والهيثمي في ج 5 ص 298
    والهندي في كنز العمال ج 4 ص 308 وص 403 وص 413 وص 414 وج 13 ص 481
    ورد أهل البيت عليهم‌السلام حديث القناديل وحواصل الطيور
    ـ الكافي ج 3 ص 244
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط عن أبي
    عبد الله عليه‌السلام قال قلت له : جعلت فداك يروون أن أرواح المؤمنين في حواصل طيور
    خضر حول العرش ؟ فقال : لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة
    طير ، ولكن في أبدان كأبدانهم .



    ـ الكافي ج 3 ص 245
    محمد ، عن أحمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن
    أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنا نتحدث عن أرواح المؤمنين أنها في
    حواصل طيور خضر ترعى في الجنة وتأوي إلى قناديل تحت العرش ، فقال : لا ، ما
    هي في حواصل طير ، قلت : فأين هي قال : في روضة كهيئة الأجساد في الجنة .
    انتهى . وروى نحوه الطوسي في تهذيب الأحكام ج 1 ص 466
    واختلفت رواياتهم فيما هو مكتوب على العرش
    ـ تاريخ بغداد ج 11 ص 173
    عن أنس بن مالك قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : لما عرج بي رأيت على
    ساق العرش مكتوباً لا إلۤه إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي ، نصرته بعلي .
    ـ لسان الميزان ج 2 ص 484
    وحدثنا محمد بن عثمان ثنا زكريا بن يحيى الكسائي ثنا يحيى بن سالم ثنا أشعث
    بن عم الحسن بن صالح ثنا مسعر عن عطية العوفي عن جابر رضي‌الله‌عنه مرفوعاً : مكتوب
    على باب الجنة لا إلۤه إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بعلي .
    قال أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو علي بن الصواف ومحمد بن علي بن سهل
    وسليمان الطبراني والحسن بن علی بن الخطاب قالوا : ثنا محمد بن عثمان بن أبي
    شيبة فساقه بنحوه ، لكن لفظه على باب الجنة لا إلۤه إلا الله محمد رسول الله علي أخو
    رسول الله قبل أن يخلق الله السموات بألفي عام ، ساقه الخطيب عن أبي نعيم في
    ترجمة الحسن هذا ، وقد روى الكسائي عن ابن فضيل وجماعة ، وقال النسائي
    والدارقطني متروك . انتهى . وقد تقدم في ترجمة أشعث ابن عم الحسن بن صالح
    لهذا الرجل ذكر بالتشيع ، وسيأتي كلام ابن عداء فيه في ترجمة علي بن القاسم .


    ـ الجواهر الحسان للثعالبي ج 1 ص 67
    وقالت طائفة إن آدم رأى مكتوباً على ساق العرش : محمد رسول الله ، فتشفع به ،
    فهي الكلمات . .
    ـ لسان الميزان ج 3 ص 237
    ومن أباطيله عن خالد بن أبي عمرو الأزدي عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي
    هريرة رضي‌الله‌عنه قال : مكتوب على العرش لا إلۤه إلا الله ، محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي .
    ـ ميزان الإعتدال ج 3 ص 182
    عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني . عن أبيه وغيره . كذبه ابن معين .
    وقال النسائي والدارقطني : متروك . وقال ابن عدي : يسرق الحديث . . . وقال ابن
    جرير الطبري : حدثنا عمر بن إسماعيل ، حدثنا ابن فضيل ، عن ابن جريج ، عن
    عطاء ، عن أبي الدرداء مرفوعاً : رأيت ليلة الإسراء جريدة خضراء فيها مكتوب بنور :
    لا إلۤه إلا الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق . تابعه السري بن عاصم .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 4 ص 410
    البراء بن عازب : مكتوب على العرش لا إلۤه إلا الله ، محمد رسول الله ، أبي بكر
    الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان الشهيد ، علي الرضا .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 468
    تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدم ، فتتعلق بقائمة من قوائم العرش
    فتقول : يا عدل ، أحكم بيني وبين قاتل ولدي ، فيحكم لابنتي ورب الكعبة .
    ـ لسان الميزان ج 3 ص 423
    عبد الرحمن بن عفان . . . قال ابن الجنيد سمعت يحيى بن معين وذكر أبا بكر بن
    عفان ختن مهدي بن حفص فقال : كذاب مكذب رأيت له حديثاً حدث به عن أبي
    إسحاق الفزاري كذباً .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:04

    قلت : وله خبر آخر عن محمد بن محمد بن الصائغ عن جعفر بن محمد عن أبيه
    عن جده مرفوعاً : لما أسرى بي رأيت على العرش مكتوباً لا إلۤه إلا الله محمد رسول
    الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين ، يقتل ظلماً . رواه الختلي
    في الديباج عنه ، والمتهم به صاحب الترجمة .
    ـ الموضوعات ج 1 ص 327
    أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علی بن ثابت قال : أخبرني أحمد
    بن عمر بن علي القاضي قال : أنبأنا أحمد بن علي بن محمد بن الجهم قال : حدثنا
    محمد بن جرير الطبري قال : حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد قال : حدثنا ابن
    فضيل عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم
    قال : رأيت ليلة أسري بي في العرش فرندة خضراء فيها مكتوب بنور أبيض : لا إلۤه إلا
    الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق . هذا حديث لا يصح ،
    والمتهم به عمر بن اسماعيل ، قال يحيى : ليس بشئ كذاب دجال سوء خبيث ،
    وقال النسائي والدارقطني : متروك الحديث .
    ـ الموضوعات ج 1 ص 336
    أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال : أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أنبأنا
    القاضي أبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن الشافعي قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن
    جعفر بن مالك القطيعي قال : حدثنا أحمد ابن محمد القاضي قال : حدثنا
    الإحتياطي قال : حدثنا علي بن جميل ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن ليث ، عن
    مجاهد ، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما في الجنة شجرة
    إلا مكتوب على ورقة محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو
    النورين . اسم الإحتياطي الحسن بن عبد الرحمن بن عباد أبو علي .
    قال أبو حاتم بن حبان : هذا باطل موضوع ، وعلي بن جميل كان يضع الحديث لا
    تحل الرواية عنه بحال . . .

    أنبأنا أبو منصور القزاز قال : أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت قال : أنبأنا محمد
    بن عبيد الله الحنائي قال : أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال : أنبأنا إسحاق بن إبراهيم
    الختلي قال : حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن عنان الصوفي قال : حدثنا محمد بن
    مجيب الصائغ قال : حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله
    صلى الله عليه وسلم : ليلة أسري بي رأيت على العرش مكتوباً لا إلۤه إلا الله ، محمد
    رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين يقتل مظلوماً . هذا
    حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأبو بكر الصوفي ومحمد بن
    مجيب كذابان ، قاله يحيى بن معين .
    ـ لسان الميزان ج 2 ص 295
    وقال الهيثم بن خلف حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الإحتياطي ، ثنا جرير ، عن
    ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس في
    الجنه شجرة إلا على كل ورقة منها مكتوب لا إلۤه إلا الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر
    الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين . قلت : هذا باطل والمتهم به الحسين .
    انتهى . وكذا في ميزان الإعتدال ج 1 ص 540 ونحوه في لسان الميزان ج 6 ص 61 وميزان
    الإعتدال ج 4 ص 145 وفي كتاب المجروحين ج 1 ص 116 وقال أخبرناه الحسن بن
    عبد الله بن يزيد القطان بالرقة قال : حدثنا على بن جميل . وهذان خبران باطلان
    موضوعان لا شك فيه ، وله مثل هذا أشياء كثيرة يطول الكتاب بذكرها . ومات علي
    بن جميل بالرقة سنة تسع وأربعين ومائتين . ونحوه في المجروحين ج 1 ص 366
    ـ نهج الحق للعلامة الحلي ص 252
    وقد ذكرت في كتاب : كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين : أن الفضائل إما قبل
    ولادته ، مثل ما روى أخطب خوارزم ، من علماء الجمهور ، عن ابن مسعود ، قال :
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدم ، فقال : الحمد
    لله ، فأوحى الله تعالى إليه حمدني عبدي ، وعزتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن



    أخلقهما في دار الدنيا ما خلقتك ، قال : إلۤهي فيكونان مني قال : نعم يا آدم ، ارفع
    رأسك ، وانظر ، فرفع رأسه ، فإذا مكتوب على العرش : لا إلۤه إلا الله ، محمد نبي
    الرحمة ، وعلي مقيم الحجة ، من عرف حق علي زكا وطاب ، ومن أنكر حقه لعن
    وخاب ، أقسمت بعزتي وجلالي : أن أدخل الجنة من أطاعه ، وإن عصاني ،
    وأقسمت بعزتي : أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني . والأخبار في ذلك كثيرة .
    وقال في هامشه : رواه في المناقب ، بسنده عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن ابن
    مسعود ، كما في ينابيع المودة ص 11 .
    وقالوا إنه تعالى أثقل من الحديد
    ـ الدر المنثور ج 6 ص 3
    وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن
    ابن عباس رضي الله عنهما : تكاد السموات يتفطرن من فوقهن ، قال : من الثقل .
    انتهى . أي من ثقل الله تعالى ! وستأتي بقية رواياتهم عن أطيط العرش وحريره في
    تفسير آيات الإستواء على العرش .
    وقالوا يرى بالعين في الآخرة ويناقش رجلاً ويضحك عليه
    ـ صحيح البخاري ج 1 ص 195
    ( عن أبي هريرة ) أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
    قال : هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟
    قالوا : لا يا رسول الله .
    قال : فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟
    قالوا : لا .
    قال : فإنكم ترونه كذلك . يحشر الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئاً
    فليتبع ، فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت ،


    وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله عز وجل فيقول أنا ربكم .
    فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله فيقول : أنا
    ربكم .
    فيقولون : أنت ربنا ؟ !
    فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل
    بأمته ، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم . وفي
    جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟
    قالوا : نعم .
    قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، تخطف الناس
    بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو ، حتى إذا أراد الله رحمة
    من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم
    ويعرفونهم بآثار السجود ، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ، فيخرجون من
    النار ، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود ، فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب
    عليهم ماء الحياة ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل !
    ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ، ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار
    دخولاً الجنة مقبلاً بوجهه قبل النار ، فيقول : يا رب إصرف وجهي عن النار قد قشبني
    ريحها وأحرقني ذكاؤها .
    فيقول : هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك ؟
    فيقول : لا وعزتك ، فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن
    النار ، فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال : يا رب
    قدمني عند باب الجنة .
    فيقول الله له : أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت :
    فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك .


    فيقول : فما عسيت أن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره .
    فيقول : لا وعزتك لا أسأل غير ذلك ، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه
    إلى باب الجنة ، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما
    شاء الله أن يسكت فيقول :
    يا رب أدخلني الجنة .
    فيقول الله تعالى : ويحك يا ابن آدم ما أغدرك ، أليس قد أعطيت العهد والميثاق
    أن لا تسأل غير الذي أعطيت ؟
    فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في
    دخول الجنة فيقول له : تمنَّ ، فيتمنى ، حتى إذا انقطع أمنيته قال الله عز وجل : زد من
    كذا وكذا ، وأقبل يذكره ربه عز وجل ، حتى إذا انتهت به الأماني ، قال الله تعالى : لك
    ذلك ومثله معه .
    قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضي الله عنهما : إن رسول الله صلى الله عليه
    وسلم قال : قال الله عز وجل لك ذلك وعشرة أمثاله .
    قال أبو هريرة : لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله لك ذلك
    ومثله معه .
    قال أبو سعيد الخدري : إني سمعته يقول ذلك لك وعشرة أمثاله .
    وروى نحوه في ج 7 ص 205 وفيه ( فلا يزال يدعو حتى يضحك ، فإذا ضحك
    منه أذن له بالدخول فيها فإذا دخل فيها ، قيل تمن من كذا فيتمنى ، ثم يقال له تمن
    من كذا فيتمنى ، حتى تنقطع به الأماني فيقول : هذا لك ومثله معه .
    قال أبو هريرة : وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولاً . قال عطاء وأبو سعيد
    الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئاً من حديثه حتى انتهى إلى قوله هذا
    لك ومثله معه ، قال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هذا لك
    وعشرة أمثاله ، قال أبو هريرة : حفظت مثله معه ) .

    وروى البخاري نحوه أيضاً في عدة مواضع من صحيحه كما في ج 1 جزء 1 ص 138 و
    143 و 195 وجزء 2 ص 113 ـ 114 وج 3 جزء 6 ص 48 ، 56 و 72 وج 4 جزء 7 ص 198 ،
    203 ، 204 ، 205 و 206 وج 4 جزء 8 ص 179 ، 181 ، 184 ، 203 وج 5 ص 179 وج 6
    ص 48 وج 8 ص ص 167 ، 179 و 186 ! !
    وقالوا يكشف عن ساقه بل عن ساقيه ويعفو عن المنافقين
    زاد مسلم على البخاري إضافات وتفصيلات عن تجسد الله تعالى وعن شمول
    شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للمنافقين والمشركين حتى لا يكاد يبقى في النار أحد ! فقال في
    ج 1 ص 112 :
    عن أبي سعيد الخدري أن ناساً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا
    رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم .
    قال هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب ؟ وهل
    تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب ؟
    قالوا : لا يا رسول الله .
    قال : ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية
    أحدهما .
    إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فلا يبقى أحد كان يعبد
    غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار ، حتى إذا لم يبق إلا من
    كان يعبد الله من بر وفاجر ، وغير أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم
    تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزيراً بن الله ، فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ،
    فماذا تبغون ؟ قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا ، فيشار إليهم ألا تردون ، فيحشرون إلى النار
    كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار .


    ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله ،
    فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فيقال لهم ماذا تبغون ؟ فيقولون
    عطشنا يا ربنا فاسقنا ، قال فيشار إليهم ألا تردون ، فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب
    يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار .
    حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه
    وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها .
    قال فما تنتظرون ، تتبع كل أمة ما كانت تعبد !
    قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم .
    فيقول أنا ربكم .
    فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئاً ، مرتين أو ثلاثاً !
    حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها ؟
    فيقولون نعم ، فيكشف عن ساق ، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا
    أذن الله له بالسجود ، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء ، إلا جعل الله ظهره طبقة
    واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ، ثم يرفعون رؤسهم وقد تحول في صورته
    التي رأوه فيها أول مرة فقال : أنا ربكم .
    فيقولون أنت ربنا .
    ثم يضرب الجسر على جهنم ، وتحل الشفاعة ، ويقولون اللهم سلم سلم .
    قيل يا رسول الله وما الجسر ؟ قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك
    تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان ، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق
    وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب ، فناج مسلم ومخدوش مرسل ،
    ومكدوس في نار جهنم ، حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما
    منكم من أحد بأشد منا شدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة
    لإخوانهم الذين في النار ، يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون ، فيقال


    لهم أخرجوا من عرفتم ، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت
    النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ، ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به ،
    فيقول إرجعوا ، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه ، فيخرجون خلقاً
    كثيراً ، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا ، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في
    قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقاً كثيراً ، ثم يقولون ربنا لم
    نذر فيها ممن أمرتنا أحداً ، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير
    فأخرجوه ، فيخرجون خلقاً كثيراً ، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيراً .
    وكان أبو سعيد الخدري يقول : إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم :
    إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً ، فيقول
    الله عز وجل : شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم
    الراحمين ، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لن يعملوا خيراً قط ، قد عادوا
    حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة ، فيخرجون كما تخرج الحبة
    في حميل السيل ، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس
    أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض ، فقالوا يا رسول الله كأنك كنت
    ترعى بالبادية ، قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء
    عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ، ثم يقول أدخلوا
    الجنة فما رأيتموه فهو لكم ، فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين ،
    فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شئ أفضل من هذا ؟ فيقول
    رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً .
    ـ وروى مسلم عدداً من أحاديث الرؤية أيضاً في ج 2 ص 113
    ـ وروى أبو داود في سننه نحو حديث البخاري المتقدم في ج 2 ص 419
    ـ وروى أحمد في مسنده ج 3 ص 383 :
    . . . أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود قال : نحن يوم



    القيامة على كذا وكذا أنظر أي ذلك فوق البأس ، قال فتدعي الأمم بأوثانها وما كانت
    تعبد الأول فالأول ، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من تنظرون ؟ فيقولون ننتظر ربنا عز
    وجل ، فيقول أنا ربكم ، يقولون حتى ننظر إليك ، فيتجلى لهم يضحك ، قال سمعت
    النبي صلى الله عليه وسلم قال : فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منافق أو
    مؤمن نوراً ، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله ، ثم
    يطفأ نور المنافق ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر
    سبعون ألفاً لا يحاسبون ، ثم الذين يلونهم كأضوأ أنجم في السماء ، ثم كذلك ، ثم
    تحل الشفاعة حتى يخرج من النار من قال لا إلۤه إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن
    شعيرة ، فيجعلون بفناء أهل الجنة ، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى
    ينبتون نبات الشئ في السيل ، ثم يسأل حتى يجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها .
    ـ ورواه ابن ماجه في سننه ج 1 ص 63 ، 66 ، 590 وج 2 ص 731 و 1450 وفيه
    ( ويتبدي لهم في روضة من رياض الجنة . . . ويجلس أدناهم ) .
    ـ وأبو داود في سننه ج 2 ص 420 وج 4 ص 233 ـ والترمذي ج 4 ص 90 وج 4 ص 92 ،
    93 ، 95 ـ والبغوي في المصابيح ج 3 ص 533 وص 542 وص 569 ـ وروى من أحاديث
    الرؤية في الآخرة ابن أبي شيبة في المصنف ج 2 ص 58 ـ والهيثمي في مجمع الزوائد ج 10
    ص 343 ـ وابن الأثير في أسد الغابة ج 1 ص 334 ـ والهندي في كنز العمال ج 14 ص 436
    و 446 و 493 ـ والبيهقي في سننه ج 10 ص 41 وفي البعث والنشور ص 262 وفي شعب
    الإيمان ج 3 ص 202 ، ـ وقال في شعب الإيمان ج 3 ص 99 :
    عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله أن الناس يجلسون يوم القيامة من الله
    على قدر رواحهم إلى الجمعة ، الأول ثم الثاني ثم الثالث . انتهى . ورواه الحاكم في
    المستدرك ج 4 ص 560 وص 582 مع تفاوت في التفاصيل . ورواه الطبري في تفسيره ج 25
    ص 94 وفي ج 29 ص 26 وج 30 ص 119 ، ـ وقال في ج 29 ص 24
    ـ قال أبو الزهراء عن عبد الله يتمثل الله للخلق يوم القيامة . .

    ـ وأورد السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 290 عدداً وفيراً من أحاديث الرؤية قال :
    وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي
    والدارقطني في الرؤية والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قال الناس
    يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون الشمس . . . الخ .
    وأخرج الدارقطني في الرؤية عن أبي هريرة قال : سأل الناس رسول الله صلى الله
    عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون . . . الخ . وفيه
    تفصيلات لا توجد في غيره .
    وأخرج الدارقطني في الرؤية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
    وسلم : إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء الرب عز وجل إلى المؤمنين
    فوقف عليهم والمؤمنون على كوم فيقول هل تعرفون ربكم عز وجل فيقولون إن
    عرفنا نفسه عرفناه فيقول لهم الثانية هل تعرفون ربكم فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه
    فيتجلى لهم عز وجل فيضحك في وجوههم فيخرون له سجداً .
    وأخرج النسائي والدارقطني وصححه عن أبي هريرة قال قلنا يا رسول الله هل
    نرى ربنا . . . الخ .
    وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ترون الله عز
    وجل يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر . . . الخ .
    وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدارقطني والحاكم والبيهقي
    عن أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة . . . الخ .
    ـ وقال البخاري في ج 6 ص 72
    عن أبي سعيد رضي‌الله‌عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يكشف ربنا عن
    ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة
    فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً . انتهى . ورواه في ج 8 ص 181 وهو يشبه ما
    تقدم عن رؤية الله تعالى وفيه :


    ( فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس . . . وإنما ننتظر ربنا قال فيأتيهم الجبار
    في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا
    يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن
    ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد
    فيعود ظهره طبقاً واحداً ) . وروى نحوه في ج 3 جزء 6 ص 72 وروى نحوه الدارمي في
    سننه ج 2 ص 326 والحاكم في المستدرك ج 4 ص 590 وج 4 ص 599 وأحمد في ج 3
    ص17 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 329 وج 10 ص 340 والهندي في كنز العمال
    ج 14 ص 298 وص 441 والسيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 292 ـ وقال الصنعاني في
    تفسيره ج 2 ص 248 ـ عن ابن مسعود في قوله تعالى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ قال : يعني
    ساقيه تبارك وتعالى ! وقال المنذري في الترغيب والترهيب ج 4 ص 391 : عن عبد الله ابن
    مسعود قال النبي ( ص ) . . . أن أمة محمد تبقى يوم القيامة تنتظر خروج ربها فلا
    يعرفونه إلا بكشف ساقه . انتهى . وقال في ج 5 ص 369 : ابن مسعود : يكشف ربنا عز
    وجل عن ساقه يوم القيامة .
    ـ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 340
    وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين
    الآخرين لميقات يوم معلوم قياماً أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل
    القضاء ، قال وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي ، ثم
    ينادي مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه
    ولا تشركوا به شيئاً أن يولي كل أناس منكم ما كانوا يعبدون في الدنيا ، أليس ذلك
    عدلاً من ربكم ؟ قالوا بلى ، قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويقولون في
    الدنيا قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس
    ومنهم من ينطلق إلى القمر والأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون ، قال ويمثل
    لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيراً شيطان عزير .

    ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ، قال فيتمثل الرب تبارك وتعالى
    فيأتيهم فيقول : ما لكم لا تنطلقون كانطلاق الناس ؟ فيقولون إن لنا لإلۤهاً ما رأيناه ،
    فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها ، قال
    فيقول ما هي ؟ فنقول يكشف عن ساقه ، قال فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخر كل
    من كان نظره ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ،
    وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ، ثم يقول ارفعوا رؤوسكم فيرفعون
    رؤسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم
    يسعى بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ، ومنهم من يعطى مثل النخلة
    بيده ، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك ، حتى يكون آخرهم رجلاً يعطى نوره على
    إبهام قدميه يضىء مرة ويطفأ مرة ، فإذا أضاء قدم قدمه وإذا طفىء قام ، قال والرب
    تبارك وتعالى أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف ، قال فيقول مروا
    فيمرون على قدر نورهم ، منهم من يمر كطرفة العين ، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم
    من يمر كالسحاب ، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالريح ،
    ومنهم من يمر كشد الفرس ، ومنهم من يمر كشد الرحل ، حتى يمر الذي يعطى نوره
    على ظهر قدميه يجثو على وجهه ويديه ورجليه تخرُّ يدٌ وتعلق يد ، وتخر رجل
    وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف
    عليها فقال الحمد لله فقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها ،
    قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم ،
    فيرى ما في الجنة من خلل الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول الله أتسأل الجنة
    وقد نجيتك من النار ، فيقول رب اجعل بيني وبينها حجاباً لا أسمع حسيسها ، قال
    فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم ، فيقول رب
    أعطني ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا
    أسألك غيره ، وأنى منزل أحسن منه ، فيعطي فينزله ويرى أمام ذلك منزلاً كأن ما هو
    فيه إليه حلم ، قال رب أعطني ذلك المنزل ، فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن



    أعطيتكه تسأل غيره ، فيقول وعزتك يا رب وأني منزل يكون أحسن منه فيعطاه
    وينزله ثم يسكت ، فيقول الله جل ذكره مالك لا تسأل ، فيقول رب قد سألتك حتى
    قد استحييتك وأقسمت حتى استحييتك ، فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك
    مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه ، فيقول أتهزأ بي وأنت رب
    العزة ؟ فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله !
    قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك ، فقال
    له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مراراً كلما بلغت هذا
    المكان ضحكت ، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا
    الحديث مراراً كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه ،
    قال فيقول الرب جل ذكره لا ولكني على ذلك قادر ، سل فيقول ألحقني بالناس ،
    فيقول الحق بالناس ، قال فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر
    من درة فيخر ساجداً ، فيقال له إرفع رأسك مالك ، فيقول رأيت ربي أو تراءى لي
    ربي ، فيقال له إنما هو منزل من منازلك ، قال ثم يلقى رجلاً فيتهيأ للسجود له فيقال له
    مه ، فيقول رأيت أنك ملك من الملائكة ، فيقول إنما أنا خازن من خزانك وعبد من
    عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه ، قال فينطلق أمامه حتى يفتح له
    القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله
    جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون باباً كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء
    مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر
    وأزواج ووصائف ، أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء
    حللها ، كبدها مرآته وكبده مرآتها ، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين
    ضعفاً عما كانت قبل ذلك ، فيقول لها والله لقد أزددت في عيني سبعين ضعفاً ،
    وتقول له وأنت ازددت في عيني سبعين ضعفاً ، يقال له أشرف فيشرف فيقال له
    ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك .

    قال فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلاً
    فكيف أعلاهم ؟ قال يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، إن الله جل
    ذكره خلق داراً جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها
    أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة ، ثم قال كعب : فلا تعلم نفس ما أخفي
    لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون ، قال وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما
    شاء وأراهما من شاء من خلقه ، ثم قال من كان كتابه في عليين نزل في تلك الدار التي
    لم يرها أحد ، حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة
    من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه ، فيستبشرون لريحه فيقولون واهاً لهذا الريح
    هذا ريح رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه .
    قال ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها ، فقال كعب إن لجهنم
    يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرَّ لركبتيه ، حتى أن إبراهيم
    خليل الله ليقول : رب نفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك
    لظننت أن لا تنجو . . . رواه كله الطبراني من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير
    أبي خالد الدالاني وهو ثقة ) . انتهى .
    ويدل هذا الحديث الذي وثقه الطبراني على أن دار الخلافة بحضور الخليفة عمر
    كانت عامرة بمثل هذه الأحاديث ، وأن كعب الأحبار كان المرجع الذي يؤخذ برأيه !
    وتفصيل ذلك في الفصل الخامس .
    ـ وقال البغوي في مصابيحه ج 3 ص 529
    وقال ( ص ) : يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنه . انتهى . ورواه
    الديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 369 ورواه السهمي في تاريخ جرجان ص 391
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 254
    قوله تعالى ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ) الآية . . أخرج البخاري وابن المنذر وابن
    مردويه عن أبي سعيد . . . .


    وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله
    عليه وسلم : يوم يكشف عن ساق ، قال يكشف الله عز وجل عن ساقه .
    وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن ابن مسعود في
    قوله : يوم يكشف عن ساق ، قال عن ساقيه تبارك وتعالى ، قال ابن مندة : لعله في
    قراءة ابن مسعودي كشف بفتح الياء وكسر الشين .
    وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال : والذي أنزل التوراة على موسى
    والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في
    الصلوات المكتوبات حيث ينادى بهن يوم يكشف عن ساق إلى قوله وقد كانوا
    يدعون إلى السجود وهم سالمون الصلوات الخمس إذا نودي بها .
    وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والطبراني
    والآجري في الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه
    والبيهقي في البعث عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال . . .
    الخ . ونحوه في الدر المنثور ج 5 ص 341
    وحاول الصنعاني والنووي تخليص الله تعالى من كشف ساقه
    ـ تفسير الصنعاني ج 2 ص 247
    عن إبراهيم في قوله تعالى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ قال : عن أمر عظيم وقال : قد
    قامت الحرب على ساق . وقال إبراهيم . . . قال ابن عباس : يكشف عن ساق فيسجد
    كل مؤمن ويقسو ظهر الكافر فيكون عظماً واحداً .
    ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 2 جزء 3 ص 27 :
    قوله ( ص ) فيكشف عن ساق . . . أي يكشف عن شدة وأمر مهول . . . وكشف
    عن ساقه للإهتمام به . قال القاضي : وقيل المراد بالساق هنا نور عظيم . . وقيل قد
    يكون الساق علامة بينه وبين المؤمنين . انتهى .

    وسوف نورد في تفسير آية : يوم يكشف عن ساق ، أن كشفت الحرب عن ساقها ،
    أو كشف الأمر عن ساقه ، في اللغة العربية تعبير عن حلول الأمر الشديد ، وسنورد
    عدداً من الأحاديث التي فسرت الآية بذلك .
    وقالوا إنه يجلس على الجسر ويضع رجله على الأخرى
    ـ روى ابن أبي شيبة في المصنف ج 6 ص 112
    عن الحكم قال : سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس ويضع إحدى رجليه على
    الأخرى فقال : لا بأس به إنما هو شئ كرهته اليهود ، قالوا إنه خلق السموات والأرض
    في ستة أيام ، ثم استوى يوم السبت فجلس تلك الجلسة .
    ـ روى الديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 369
    عن ثوبان مولى النبي ( ص ) : يقبل الجبار عز وجل يوم القيامة فيثني رجله على
    الجسر !
    ـ وروى الذهبي في تاريخ الإسلام ج 9 ص 520
    عثمان بن أبي عاتكة . . . روى عن أبي أمامة عن رسول الله ( ص ) : إن الله يجلس
    يوم القيامة على القنطرة الوسطى بين الجنة والنار .
    الإمام الصادق يقول إنها رواية يهودية
    ـ تفسير العياشي ج 1 ص 137
    . . . عن حماد عنه ( الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام ) قال : رأيته جالساً متوركاً برجله
    على فخذه فقال له رجل عنده : جعلت فداك هذه جلسة مكروهة ، فقال : لا ، إن
    اليهود قالت : إن الرب لما فرغ من خلق السموات والأرض جلس على الكرسي هذه
    الجلسة ليستريح ، فأنزل الله : الله لا إلۤه إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم .



    وقالوا لا تمتلئ النار حتى يضع رجله فيها
    ـ صحيح البخاري ج 3 جزء 6 ص 47
    . . . عن أنس رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى في النار وتقول هل من
    مزيد حتى يضع قدمه فتقول قط قط .
    . . . عن أبي هريرة . . . يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ، فيضع الرب
    تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول قط قط . . إلى آخر الرواية وفيها من مناظرة بين الجنة
    والنار .
    . . . عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم تحاجت الجنة والنار
    فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ، وقالت الجنة ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء
    الناس وسقطهم ، قال الله تبارك وتعالى للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من
    عبادي ، وقال للنار إنما أنت عذاب أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة
    منهما ملؤها ، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط ، فهنالك تمتلئ
    ويزوى بعضها إلى بعض .
    ـ صحيح البخاري ج 4 جزء 7 ص 224
    عن أنس بن مالك : قال النبي ( ص ) لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع
    رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط .
    ـ صحيح البخاري ج 4 جزء 8 ص 166
    وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم تقول جهنم قط قط وعزتك .
    ـ صحيح البخاري ج 4 جزء 8 ص 167
    عن أنس عن النبي ( ص ) قال : لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع
    فيها رب العزة قدمه فينزوي بعضها إلى بعض ثم تقول قد قد بعزتك .


    صحيح البخاري ج 4 جزء 8 ص 186
    عن أبي هريرة عن النبي ( ص ) قال . . وإنه ينشأ للنار من يشاء فيلقون فيها ، فتقول هل
    من مزيد ثلاثاً ، حتى يضع قومه فتمتليء ويرد بعضها إلى بعض وتقول قط قط قط .
    ـ صحيح مسلم ج 8 ص 151
    فأما النار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها
    إلى بعض . . . فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله تقول قط قط قط ،
    فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ، ولا يظلم الله من خلقه أحداً . وأما الجنة فإن
    الله ينشىء لها خلقاً .
    ـ صحيح مسلم ج 8 ص 152
    . . . جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول
    قط قط وعزتك ، ويزوى بعضها إلى بعض . . .
    . . . عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تزال جهنم يلقى
    فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض
    وتقول قط قط بعزتك وكرمك . ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً
    فيسكنهم فضل الجنة .
    ـ سنن الترمذي ج 4 ص 95
    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يجمع الله الناس يوم
    القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول : ألا يتبع كل إنسان ما
    كانوا يعبدون فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب
    النار ناره ، فيتبعون ما كانوا يعبدون ، ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين
    فيقول : ألا تتبعون الناس ؟ فيقولون : نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك ، الله ربنا وهذا
    مكاننا حتى نرى ربنا ، و
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:06

    وهو يأمرهم ويثبتهم ! قالوا : وهل نراه يا رسول الله قال : وهل



    تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا : لا يا رسول الله قال : فإنكم لا تضارون في
    رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى ، ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول : أنا ربكم فاتبعوني ،
    فيقوم المسلمون ويوضع الصراط فيمر عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه
    سلم سلم ، ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج فيقال هل امتلأت ، فتقول هل من
    مزيد ، ثم يطرح فيها فوج فيقال هل امتلأت ، فتقول هل من مزيد ، حتى إذا أوعبوا
    فيها وضع الرحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض ، ثم قال : قط . قالت : قط قط . . .
    هذا حديث حسن صحيح .
    ـ الطبري في تفسيره ج 26 ص 105
    إن الله الملك قد سبقت منه كلمة لأملأن جهنم ، لا يلقى فيها شئ إلا ذهب فيها لا
    يملؤها شئ حتى إذا لم يبق من أهلها أحد إلا دخلها ، وهي لا يملؤها شئ ، أتاها
    الرب فوضع قدمه عليها ثم قال لها : هل امتلأت يا جهنم ؟ فتقول قط قط قد امتلأت ،
    ملأتني من الجن والإنس ، فليس فيَّ مزيد ! قال ابن عباس ولم يكن يملؤها شئ حتى
    وجدت مس قدم الله تعالى ذكره . فتضايقت فما فيها موضع إبرة ! ! . انتهى . وروى
    نحوه الدارمي في سننه ج 2 ص 341 والبيهقي في سننه ج ص 42 وروى نحوه أحمد في ج 2
    ص 276 بأربع قطات وفي ص 314 وص 369 بثلاث قطات .
    وفي ص 507 وفي ج 3 ص 134 وص 141 وص 230 وص 234 وص 279 بقطين ورواه
    الصنعاني في المصنف ج 11 ص 422 بثلاث قطات ، والديلمي في فردوس الأخبار ج 5
    ص 237 بقطين ، والبغوي في معالم التنزيل ج 4 ص 224 بقطين ، وفي مصابيح السنة ج 4 ص
    14 وص 15 بدون قط ، والبيهقي في البعث والنشور ص 136 بقطين ، وأبو الشيخ في طبقات
    المحدثين بإصبهان ج 1 ص 238 بقطين ، وابن القيم في زاد المعاد ج 1 ص 337 ، ورواه
    الهندي في كنز العمال ج 1 ص 234 وج 14 ص 428 وص 521 وص 436 وص 544 وج 16
    ص 208 بروايات كثيرة عن مصادر متعددة .


    وادعوا أن رؤيته بالعين من أكبر اللذات
    ـ قال القسطلاني في إرشاد الساري ج 10 ص 410
    . . . الأشعري في كتابه الإبانة فقال أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه
    ( ص ) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين
    ( . . . ) النظر إلى وجهه الكريم ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني .
    ـ فتاوي الألباني ص 142
    . . . المعتزلة وغيرهم ينكرون هذه النعمة ويضللون من يؤمن بها وينسبونهم إلى
    التشبيه والتجسيم . . . ونحن أهل السنة نؤمن بأن من نعم الله على عباده أن يتجلى
    لهم يوم القيامة ويرونه كما نرى القمر ليلة البدر . انتهى .
    وستأتي بقية الروايات المشابهة لعقائد اليهود في تفسير الآيات المتشابهة .
    لكن اختلفوا هل تراه النساء في الجنة !
    ـ إرشاد الساري ج 10 ص 409
    ( قوله ( ص ) قال جنتان من فضة . . . وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم رداء
    الكبر ) والحاصل أن رؤية الله تعالى واقعة يوم القيامة في الموقف لكل أحد من
    الرجال والنساء وقال قوم من أهل السنة تقع أيضاً للمنافقين . . . وأما الرؤية في الجنة
    فأجمع أهل السنة على أنها حاصلة للأنبياء والرسل والصديقين من كل أمة ورجال
    المؤمنين من البشر ، واختلف في نساء هذه الأمة .
    ـ السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 293
    وأخرج الدارقطني عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم
    القيامة رأى المؤمنون ربهم عز وجل فأحدثهم عهداً بالنظر إليه في كل جمعة ، ويراه
    المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر . انتهى . وكأن في الجنة صوم وحج !



    ـ زاد المعاد ج 1 ص 311
    عن أنس ابن مالك : قال : رسول الله ( ص ) : إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون
    ربهم فأحدثهم عهداً بالنظر إليه . . . من بكر في كل جمعة ، وتراه المؤمنات يوم الفطر
    ويوم النحر . . .
    ـ إرشاد الساري ج 10 ص 410 :
    . . الأشعري في كتابه الإبانة فقال : أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه
    ( ص ) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين
    ( . . . ) النظر إلى وجهه الكريم ، ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني .
    بازار أحاديث النزولات
    قالوا : إن الله تعالى جسم ينزل إلى الأرض كل ليلة
    ـ روى البخاري في صحيحه ج 1 جزء 2 ص 47
    . . . عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل ربنا تبارك
    وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : من يدعوني
    فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له . انتهى . ونحوه في ج 4 جزء 7
    ص 149 ـ 150 وج 4 جزء 8 ص 197 ورواه في الأدب المفرد ص 207 ورواه مسلم في
    صحيحه ج 2 ص 175 وأبو داود في سننه ج 2 جزء 3 ص 34 وج 4 ص 234 وابن ماجة في
    سننه ج 1 ص 435 ومالك في كليات الموطأ ج 1 ص 142 وأحمد في مسنده ج 1 ص 120 و
    403 و 446 والصنعاني في تفسيره ج 1 ص 259 وفي مصنفه ج 2 ص 160 وج 10 ص 444
    ورواه في عارضة الأحوذي ج 1 جزء 1 ص 2 وص 232 والبغوي في معالم التنزيل ج 1 ص 431
    ج 3 ص 22 ومصابيح السنة ج 1 ص 431 وابن الأثير في أسد الغابة ج 2 ص 231 وج 6 ص 91
    والديلمي في فردوس الأخبار ج 1 ص 321 وج 5 ص 358 ـ 365 والأبشيهي في المستطرف
    ج 2 ص 250 والمنذري في الترغيب والترهيب ج 2 ص 489 والشوكاني في نيل الأوطار ج 3


    ص 57 والنويري في نهاية الإرب ج 3 جزء 5 ص 290 وابو الشيخ في طبقات المحدثين ج 2
    ص 540 وجامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج 1 ص 72 و 75 والثعالبي في الجواهر
    الحسان ج 1 ص 286 والنويري في نهاية الإرب ج 3 جزء 5 ص 290 والخطيب في تاريخ
    بغداد 17 ص 242 والمزي في تهذيب الكمال ج 9 ص 207 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 8
    ص 125 وج 10 ص 236 وص 621 وص 760 وص 9 . . وروته مصادر كثيرة أخرى .
    ـ وروى الطبري في تفسيره ج 13 ص 114 :
    عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ( ص ) إن الله ينزل في ثلاث ساعات يبقين
    من الليل . . وروى في ج 15 ص 94
    عن أبي الدرداء قال قال رسول الله ( ص ) : إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات
    يبقين من الليل ، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره
    فيمحو ما يشاء ويثبت ، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهو داره التي لم
    ترها عين . . وهي مسكنه ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة النبيين والصديقين
    والشهداء . . ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته . .
    ـ وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص 125
    باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي
    صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى سماء الدنيا كل ليلة . نشهد شهادة
    مقر بلسانه مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن
    نصف الكيفية ، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا
    وأعلمنا أنه ينزل والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه عليه‌السلام بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة
    من أمر دينهم ، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذاك النزول غير
    متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية ، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا
    كيفية النزول ، وفي هذه الأخبار مابان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا



    الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينزل إليه ، إذ محال في لغة العرب أن يقول
    ينزل من أسفل إلى أعلا ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلا إلى أسفل . . .
    ـ وقال الذهبي في سيره ج 17 ص 656
    قال أبو نصر السجزي في كتاب الإبانة : وأئمتنا كسفيان ومالك والحمادين وابن
    عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق ، متفقون على أن الله
    سبحانه فوق العرش ، وعلمه بكل مكان ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يغضب
    ويرضى ويتكلم بما شاء .
    ـ وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 361
    ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ويضع عرشه حيث يشاء من
    الأرض . !
    ـ نقل ابن بطوطة في رحلته ص 90 تمثيل ابن تيمية لنزول الله تعالى ، فقال :
    وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام يتكلم في
    الفنون إلا أن في عقله شيئاً . . وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ
    الناس على منبر الجامع ويذكرهم ، فكان من جملة كلامه أن قال : إن الله ينزل إلى
    سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل ربعة من ربع المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن
    الزهراء وأنكر ما تكلم به ، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال
    ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته !
    وقالوا لو دلى رجل حبلاً لهبط على الله
    ـ تفسير الصنعاني ج 2 ص 139
    ـ عن قتادة قال : بينما النبي ( ص ) جالس مع أصحابه إذ مر سحاب فقال النبي ( ص )
    أتدرون ما هذه العنان ؟ هذه روايا أهل الأرض ، يسوقها الله إلى قوم لا يعبدونه . ثم قال :
    أتدرون ما هذه السماء ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فوق ذلك سماء أخرى . . . ثم


    قال : والذي نفسي بيده لو دلى رجل بحبل حتى يبلغ أسفل الأرض السابعه لهبط على
    الله ، ثم قال : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم .
    ـ مجمع الزوائد ج 1 ص 251 :
    عن أبي هريرة عن رسول الله ( ص ) بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام
    وعد سبع سماوات ، ثم العرش ، وبين أرضكم والأرض الأخرى سبعمائة عام فعد
    سبع أرضين ، فإذا أدليتم حبلاً هبط على الله .
    وقالوا إنه تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان
    ـ روى ابن ماجه في سننه ج 1 ص 444
    . . . عن عائشة قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت أطلبه
    فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء ، فقال يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف الله
    عليك ورسوله ؟ قالت قد قلت : وما بي ذلك ، ولكني ظننت أنك أتيت بعض
    نسائك ، فقال : إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر
    من عدد شعر غنم كلب . انتهى . وروى هذه الأحاديث أحمد في مسنده ج 1 ص 120 و
    ص 403 و 446 وفي ج 6 ص 238 والبيهقي في شعب الإيمان ج 3 ص 380 وفي ج 5 ص 272
    والبخاري في الأدب المفرد ص 207 وأبو داود في سننه ج 1 جزء 1 ص 447 وابن أبي شيبة
    في مصنفه ج 7 ص 139 والديلمي في فردوس الأخبار ج 1 ص 188 وص 321 وج 5
    ص 359 والبغوي في مصابيحه ج 1 ص 431 وص 449 ومعالم التنزيل ج 4 ص 148
    والمنذري في الترغيب والترهيب ج 3 ص 460 والعسقلاني في تهذيب التهذيب ج 3
    ص 315 وعارضة الأحوذي شرح الترمذي ج 2 جزء 3 ص 275 وجامع الأحاديث القدسية من
    الصحاح ج 1 ص 77 وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بإصبهان ج 1 ص 218 والهندي في كنز
    العمال ج 3 ص 466 وج 12 ص 313 وابن حجر في تهذيب التهذيب ج 3 ص 272 وفي لسان
    الميزان ج 4 ص 67 وص 252 والمزي في تهذيب الكمال ج 9 ص 308 .



    ـ وقال ابن باز في فتاويه ج 1 ص 195 :
    وقد اغتر بهذا الحديث ( في صلاة ليلة نصف شعبان ) جماعة من الفقهاء
    كصاحب الإحياء وغيره ، وكذا من المفسرين وقد رويت صلاة هذه الليلة أعني ليلة
    النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة ، ولا ينافي هذا رواية
    الترمذي من حديث عائشة لذهابه صلى الله عليه وسلم إلى البقيع ونزول الرب ليلة
    النصف إلى سماء الدنيا وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم كلب ، فإن الكلام إنما هو
    في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة ، على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف
    وانقطاع ، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها لا ينافي كون هذه الصلاة
    موضوعة ، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه .
    وقالوا إنه تعالى ينزل يوم عرفة
    ـ مصابيح السنة للبغوي ج 2 ص 254
    ـ عن جابر ( رض ) أنه قال : قال رسول الله ( ص ) : إذا كان يوم عرفة فإن الله ينزل
    إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكه . .
    ـ ورواه المنذري في الترغيب والترهيب ج 2 ص 187 وص 200 وص 204
    ـ والديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 16
    الإمام الرضا عليه‌السلام يلعن الذين حرفوا حديث النزول
    ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 176
    حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن
    هارون الصوفي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى أبو تراب الروياني ، عن عبد العظيم
    بن عبد الله الحسني ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضا عليه‌السلام :
    يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه
    قال : إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ؟ فقال عليه‌السلام : لعن الله


    المحرفين الكلم عن مواضعه ، والله ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك ، إنما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن
    الله تبارك وتعالى يُنْزِلُ مَلَكاً إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير وليلة الجمعة
    في أول الليل ، فيأمره فينادي : هل من سائل فأعطيه ، هل من تائب فأتوب عليه ،
    هل من مستغفر فأغفر له ، يا طالب الخير أقبل ، يا طالب الشر أقصر ، فلا يزال ينادي
    بهذا حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء . حدثني
    بذلك أبي عن جدي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    وأحاديث إخواننا تؤيد ما قاله الإمام الرضا
    ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 343 ـ 344
    وإنما المعنى الصحيح للحديث والتوجيه السديد أن النازل هو ملك من الملائكة
    يأمره الله تعالى بأن ينادي في السماء الدنيا في وقت السحر فيما يوازي كل جزء من
    الكرة الأرضية طوال الأربع والعشرين ساعة ، ويصح في اللغة العربية أن ينسب
    الفعل إلى الأمر به فتقول العرب مثلاً : غزا الملك البلدة الفلانية أي أمر وأرسل قائد
    جيشه بذلك ، مع أنه لم يفارق قصره ، ولله المثل الأعلى .
    والذي يثبت هذا المعنى وينفي ما تتوهمه المجسمة وتدعو إليه أنه ورد الحديث
    أيضاً بروايتين صحيحتين في الدلالة على ذلك . أما الرواية الأولى : فقد روى الإمام
    النسائي في السنن الكبرى 6 ـ 124 بإسناد صحيح وهو في عمل اليوم والليلة له
    المطبوع ص 340 برقم 482 عن سيدنا أبي سعيد الخدري وسيدنا أبي هريرة رضي
    الله عنهما أنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يمهل حتى
    يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر منادياً ينادي يقول : هل من داع فيستجاب له ، هل
    من مستغفر يغفر له ، هل من سائل يعطى .
    وأما الرواية الثانية : فعن سيدنا عثمان بن أبي العاص الثقفي قال رسول الله صلى
    الله عليه وسلم : تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب



    له ، هل من سائل فيعطى ، هل من مكروب فيفرج عنه ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة
    إلا استحباب الله عز وجل له إلا زانية تسعى بفرجها ، أو عشاراً . رواه أحمد 4 ـ 22 و
    217 والبزار 4 ـ 44 كشف الاستار والطبراني 9 ـ 51 وغيرهم بأسانيد صحيحة
    والعشار : صاحب المكس .
    فهذه الأحاديث الواضحة تقرر بلا شك ولا ريب بأن النازل إلى السماء الدنيا هو
    ملك من الملائكة يأمره الله تعالى أن ينادي بذلك ، على أن الحافظ ابن حجر حكى
    في الفتح 3 ـ 30 في شرح الحديث الأول الذي في الصحيحين أن بعض المشايخ
    ضبط الحديث بضم الياء في ( ينزل ) فيكون اللفظ هكذا : ينزل الله تعالى كل ليلة إلى
    السماء الدنيا ، أي : ينزل ملكاً كما تقدم .
    وتؤيده أحاديث فيها اطلع الله بدل ينزل
    ـ سنن ابن ماجة ج 1 ص 444
    . . . عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله
    ليطلع في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن .
    ـ مسند أحمد ج 2 ص 176
    عن عبد الله بن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يطلع الله عز وجل
    إلى خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لعباده إلا لاثنين : مشاحن وقاتل نفس .
    ـ كنز العمال ج 3 ص 464
    إن الله تعالى يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين
    ويرحم المسترحمين ، ويؤخر أهل الحقد كما هم عليه . هب عن عائشة . إذا كان ليلة
    النصف من شعبان إطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل
    الحقد بحقدهم حتى يدعوه . هب عن أبي ثعلبة الخشني ) . . . . تعرض أعمال الناس
    في كل جمعة مرتين يوم الإثنين ويوم الخميس ، فيغفر الله لكل عبد مؤمن ، إلا عبد
    بينه وبين أخيه شحناء فيقال أتركوا هذين حتى يفيئا . حم عن أبي هريرة .


    ـ كنز العمال ج 3 ص 466
    يطلع الله تعالى إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه المشرك
    أو مشاحن . حب ، طب ، وابن شاهين في الترغيب ، هب ، وابن عساكر عن معاذ . . .
    يطلع الله تعالى على خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين : مشاحناً أو
    قاتل نفس . حم ت عن ابن عمرو .
    ـ كنز العمال ج 12 ص 313
    إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو
    مشاحن . هـ عن أبي موسى .
    وأحاديث خالية من ينزل ويصعد
    ـ كنز العمال ج 12 ص 313
    إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى مناد : هل من مستغفر فأغفر له ، هل من
    سائل فأعطيه ، فلا يسأل أحد شيئاً إلا أعطاه ، إلا زانية بفرجها أو مشرك . هب عن
    عثمان بن أبي العاص . . . إذا كان ليلة النصف من شعبان يغفر الله من الذنوب أكثر
    من عدد شعر غنم كلب . هب عن عائشة . . . إن الله تعالى يغفر ليلة النصف من
    شعبان للمسلمين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم . ابن قانع عن أبي
    ثعلبة الخشني .
    وادعوا أن رؤية الله تعالى في المنام تدل على الإيمان
    ـ شرح مسلم للنووي ج 8 جزء 15 ص 25
    قال القاضي : واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها وإن رآه
    الإنسان على صفة لا تليق بحاله من صفات الأجسام ، لأن ذلك المرئي غير ذات الله
    تعالى ، إذ لا يجوز عليه سبحانه وتعالى التجسم ، ولا اختلاف الأحوال ، بخلاف
    رؤية النبي ( ص ) . قال ابن الباقلاني : رؤية الله تعالى في المنام خواطر في القلب ،
    وهي دلالات للرائي على أمور مما كان أو يكون كسائر المرئيات .



    ـ تهذيب التهذيب لابن حجر ج 11 ص 432
    يوسف الحماني عن أبيه عن يوسف بن ميمون عن ابن سيرين قال : من رأى ربه
    في المنام دخل الجنة ! !
    ـ تهذيب التهذيب لابن حجر ج 3 ص 458
    عن عبد الله بن أحمد : سمعت سريح بن يونس يقول : رأيت رب العزة في المنام
    فقال لي : يا سريح سل حاجتك ، فقلت : رحمان سر بسر . انتهى . يعني رأساً برأس !
    قال البخاري : مات في ربيع الآخر منه 225 .
    ـ صفة الصفوة لابن الجوزي جزء 1 و 2 ص 618
    عن إسحاق بن إبراهيم الجيلي قال : سمعت سريج بن يونس يقول : رأيت فيما
    يرى النائم كأن الناس وقوف بين يدي الله وأنا في أول صفه في آخره ونحن ننظر إلى
    رب العزة تعالى . . إذ قال : أي شئ تريدون ؟ فسكت الناس . . وجزت الصف لأول
    . . . فقال : أي شئ تريد ؟ فقلت رحمان سر بسر . . . قال تعالى قد خلقتكم ولا
    أعذبكم ! ثم غاب في السماء فذهب .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 17 ص 169
    سريج بن يونس بن إبراهيم . . . وقال عبد الله بن أحمد : سمعت سريج بن يونس
    يقول رأيت رب العزة من المنام فقال سل حاجتك . . . له حكايات شبه الكرامات
    رحمه الله . وكان إماماً في السنة .
    ـ حياة الحيوان للدميري ج 1 ص 51
    وروى الإمام أحمد بن حنبل رضي‌الله‌عنه : أنه رأى رب العزة في المنام تسعاً وتسعين مرة
    فقال : إن رأيته تمام المائة لأسألنه ، فرآه تمام المائة فسأله وقال : يا رب بماذا ينجو
    العباد يوم القيامة ؟
    ـ وقال في سيره ج 19 ص 114
    ـ أبو المظفر السمعاني الإمام العلامة مفتي خراسان شيخ الشافعية أبو المظفر منصور


    ابن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي . . .
    ولد سنة ست وعشرين وأربع مئة . . . وسمعت شهردار بن شيرويه سمعت منصور بن
    أحمد وسأله أبي فقال : سمعت أبا المظفر السمعاني يقول : كنت حنفياً فبدا لي
    وحججت ، فلما بلغت سميراء رأيت رب العزة في المنام فقال لي : عد إلينا يا أبا المظفر
    فانتبهت وعلمت أنه يريد مذهب الشافعي فرجعت إليه ! . انتهى . ورواه في تاريخ
    الإسلام ج 33 ص 321 لكن فيه ( عد يا أبا المظفر إلى الشافعية ) .
    ـ شعب الإيمان للبيهقي ج 3 ص 164
    عن رقبة قال : رأيت رب العزة في المنام فقال : وعزتي لأكرمن مثوى سليمان التيمي .
    ـ تاريخ الاسلام للذهبي ج 9 ص 158
    عن ابن مصقلة : رأيت رب العزة في المنام فقال : وعزتي وجلالي لأكرمن مثوى
    سليمان التيمي .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 20 ص 412
    الفتح بن شخرف أبو نصر الكشي الزاهد نزيل بغداد ومن كبار مشايخ الصوفية قال
    ابن البربهاري : سمعت الفتح يقول : رأيت رب العزة في المنام فقال لي : يا فتح احذر
    لا آخذك على غرة ، توفي سنة 273 هـ ، وكذا في صفوة الصفوة لابن الجوزي ج ص 643
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 21 ص 192
    صالح بن يونس . . . ورد عنه أنه رأى الحق في المنام ، وحج على قدميه سبعين
    حجة . . . والدعاء عند قبره مستجاب .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 25 ص 350
    عبد الله بن إبراهيم بن واضح . . يقال أنه رأى الحق في النوم مرتين .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 26 ص 316
    يعلي بن موسى البربري الصوفي . . رأى رب العزة في المنام . . .



    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 26 ص 650
    محمد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة . . . أبو سليمان بن القاضي بن محمد الربعي
    . . . روى عنه أبو نصر بن الجبان أنه رأى رب العزة في المنام . . .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 27 ص 134
    عن جعفر الابهري قال سمعت أبا علي القومساني يقول : رأيت رب العزة في
    المنام فناولني كوزين شبه القوارير ، فشربت منهما وأنا أتلو هذه الآية : وسقاهم ربهم
    شراباً طهوراً ، ورأيت رب العزة في أيام القحط فقال : يا أبا علي لا تشغل خاطرك
    فإنك من عيالي وعيالك عيالي وأضيافك عيالي .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 29 ص 185
    أحمد بن محمد بن إبراهيم . . الثعلبي صاحب التفسير . . . وقد جاء عن أبي
    القاسم القشيري قال : رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه فكان في
    أثناء ذلك أن قال الرب جل اسمه : أقبل الرجل الصالح ، فالتفت فإذا أحمد الثعلبي
    مقبل . انتهى . ورواه في هامش معجم الأدباء للحموي ج 3 جزء 5 ص 36 ، وفيه ( الثعالبي ) .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 29 ص 381
    عبد الله بن عبدان بن محمد بن عبدان . . . شيخ همدان . . . قال شيرويه رأيت
    بخط بن عبدان : رأيت رب العزة في المنام فقلت له : أنت خلقت الأرض وخلقت
    الخلق ثم أهلكتهم ، ثم خلقت خلقاً بعدهم ؟ وكأني أرى أنه ارتضى كلامي ومدحي
    له ، فقال لي كلاماً يدل على أنه يخاف عليَّ الإفتخار . . وقبره يزار ويتبرك به . .
    ـ المستطرف للإبشيهي ج 1 ص 147
    وحكي أن بعضهم كان ملاحاً ببحر النيل . . . فبينما أنا ذات يوم في الزورق إذا
    بشيخ مشرق الوجه عليه مهابة فقال . . إني أريد أن أحملك أمانة قلت ما هي قال : إذا
    كان غداً وقت الظهر تجدني عند تلك الشجرة ميتاً وستنسى ، فإذا ألهمت فأتني


    وغسلني وكفني في الكفن الذي تجده تحت رأسي . . . ثم نمت فرأيت رب العزة
    جل جلاله في النوم فقال : يا عبدي أثقل عليك أن مننت على عبد عاص بالرجوع .
    ـ معجم الأدباء للحموي ج 3 جزء 5 ص 70
    أبا الحسن بن سالم البصري يقول . . . قال : سمعت أبا بكر محمد بن مجاهد
    المقرىٔ يقول : رأيت رب العزة في المنام فختمت عليه ختمتين فلحنت في
    موضعين فاغتممت ، فقال : يا بن مجاهد الكمال لي الكمال لي !
    ـ مختصر تاريخ دمشق ج 3 جزء 5 ص 204
    قال أبو عبد الرحمن . . . رفيق بشر بن الحارث : رأى صاحب لنا رب العزة في
    النوم قبل موت بشر بقليل فقال : قل لبشر بن الحارث : لو سجدت لي على الجمر ما
    كنت تكافئني بما نوهت اسمك في الناس . . .
    ـ مختصر تاريخ دمشق ج 3 جزء 6 ص 348
    قال إسحاق الحربي : بلغني أن أبا حسان الزيادي رأى رب العزة تبارك وتعالى في
    النوم . . .
    ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء 3 و 4 ص 214
    عن رقبة قال سليمان بن طرخان : رأيت رب العزة تبارك وتعالى في النوم .
    ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء 3 و 4 ص 355
    قال علي بن المثنى سمعت عمي يقول : سمعت أبي يقول سمعت أبا يزيد
    البسطامي يقول : رأيت رب العزة تبارك وتعالى في المنام . .
    ـ الإعتصام للشاطبي ج 1 ص 260
    عن أبي يزيد السبطايي قال : رأيت ربي في المنام فقلت : كيف الطريق إليك ؟ قال
    أترك نفسك وتعال . وشأن هذا الكلام من الشرع موجود . . .



    ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء 3 و 4 ص 356
    عن جعفر بن علي الترمذي : أن أحمد بن خضرويه قال : رأيت رب العزة في
    منامي فقال لي : يا أحمد كل الناس يطلبون مني إلا أبا يزيد البسطامي فإنه يطلبني .
    ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء 3 و 4 ص 388
    قال إبراهيم بن عبد الله : فرأيت الله تعالى في النوم فوقفني بين يديه .
    ـ صفوة الصفوة لابن الجوزي جزء 3 و 4 ص 468
    يوسف بن موسى القطان يحدث أن أبا عمرو الأوزاعي قال : رأيت رب العزة في
    المنام .
    ـ المواعظ للمقريزي ج 2 ص 255
    عن رجل من صلحاء المصريين يقال له أبو هادون الخرقي قال : رأيت الله عز
    وجل في منامي فقلت : يا ربي أنت تراني وتسمع كلامي قال : نعم . . . انتهى .
    ومما يلاحظ أن أكثر الذين رأوا ربهم في المنام ، من الفرس المشبهة والمجسمة !
    أما درجة ابن عربي وأمثاله فهي أكبر من الرؤية في المنام
    ـ مذاهب التفسير الإسلامي لجولد تسيهر ص 239
    وقد عرض ابن عربي تعاليمه . . بأنه استمد علمه لا من فم الرسول الذي ظهر له ،
    ولا من الملائكة فحسب ، بل من كلام الله المباشر الذي حظى به تكراراً . فهو
    يتحدث كثيراً عن لقائه مع الله سبحانه . . إني رأيت الحق في النوم مرتين وهو يقول
    لي : إنصح عبادي ! ! انتهى .
    وقد ادعى ابن عربي لنفسه مقامات الأنبياء وأوصيائهم ، ودون ذلك في كتبه ! !
    ـ كرامات الأولياء للنبهاني ج 1 ص 588
    اسماعيل الأنبابي : كان يطلع على اللوح المحفوظ فيقول : يقع كذا ، فلا يخطئ !


    ـ مقالات الإسلاميين للأشعري ج 1 ص 289
    وفيهم ( يعني النساك ) من يزعم أن العبادة تبلغ بهم أن يروا الله سبحانه ، ويأكلوا
    من ثمار الجنة ، ويعانقوا الحور العين في الدنيا ، مُنَاوَلَةً .
    ـ ونختم بما جاء في هامش تاريخ الإسلام للذهبي ج 38 ص 135
    قال أبو محمد العكبري رأيت رسول الله ( ص ) في المنام فقلت يا رسول الله
    إمسح بيدك عيني فإنها تؤلمني فقال : إذهب إلى نصر بن العطار يمسح عينك . . .
    هذا نصر قد صافحته يد الحق . انتهى .
    لكن الإمام الصادق تشاءم من صاحب هذه الرؤية
    ـ بحار الأنوار ج 4 ص 32
    عن إبراهيم الكرخي قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : إن رجلاً رأى ربه
    عز وجل في منامه فما يكون ذلك ؟ فقال : ذلك رجل لا دين له ، إن الله تبارك وتعالى
    لا يرى في اليقظة ولا في المنام ، ولا في الدنيا ولا في الآخرة .
    بيان : لعل المراد أنه كذب في تلك الرؤيا ، أو أنه لما كان مجسماً تخيل له ذلك ،
    أو أن هذه الرؤيا من الشيطان ، وذكرها يدل على كونه معتقداً للتجسيم .
    ـ وقال النيشابوري في روضة الواعظين ص 33
    وقيل له عليه‌السلام : إن رجلاً رأى ربه في منامه فما يكون ذلك فقال : ذلك رجل لا دين
    له ، إن الله تعالى لا يرى في اليقظة ولا في المنام ، ولا في الدنيا ولا في الآخرة .
     




    الفصل الرابع
    خلاصة اعتقادنا في التنزيه ونفي التشبيه
    العقل والآيات والأحاديث تنفي إمكان رؤية الله تعالى بالعين
    نعتقد نحن الشيعة بأن الله تعالى لا يمكن أن يرى بالعين لا في الدنيا ولا في
    الآخرة ، لأنه ليس كمثله شئ ، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، ولا يحيطون به
    علماً . . إلى آخر الآيات الصريحة بأنه تعالى لا يمكن أن يرى بالعين ، بل يرى بالعقل
    والقلب وهي أعمق وأصح من رؤية العين .
    وقد استدل أئمتنا عليهم‌السلام وعلماؤنا رضي الله عنهم ، على نفي التجسيم والرؤية
    بالكتاب والسنة والعقل . . واعتبروا أن ذلك من أصول مذهبنا ، بل هو كالبديهيات
    حتى عند عوامنا .
    وستعرف أن القول برؤية الله تعالى جاءت من تأثر المسلمين باليهود والنصارى
    والمجوس ، وأن أهل البيت عليهم‌السلام وجمهور الصحابة وقفوا في وجه ذلك ، وكذبوا
    نسبة الرؤية بالعين إلى الإسلام ، وكل ما تستلزمه من التشبيه والتجسيم ، ولكن موجة
    التشبيه والتجسيم غلبت . . لأن دولة الخلافة تبنتها !


    والدليل البسيط على نفي إمكان رؤية الله تعالى بالعين أن ما تراه العين لا بد أن
    يكون موجوداً داخل المكان والزمان ، والله تعالى وجود متعال على الزمان والمكان ،
    لأنه خلقهما وبدأ شريطهما من الصفر والعدم ، فكيف نفترضه محدوداً بهما خاضعاً
    لقوانينهما !
    لقد تعودت أذهاننا أن تعمل داخل الزمان والمكان ، حتى ليصعب عليها أن
    تتصور موجوداً خارج قوانين الزمان والمكان ، وحتى أننا نتصور خارج الفضاء
    والكون بأنه فضاء ! وهذه هي طبيعة الإنسان قبل أن يكبر ويطلع ، وقد ورد أن النملة
    تتصور أن لربها قرنين كقرنيها !
    لكن مع ذلك فإن عقل الإنسان يدرك أن الوجود لا يجب أن يكون محصوراً
    بالمكان والزمان ، وأن بإمكان الإنسان أن يرتقي في إدراكه الذهني فيدرك ما هو
    أعلى من الزمان والمكان ويؤمن به ، وإن عرف أنه غير قابل للرؤية بالعين .
    وهذا الإرتقاء الذهني هو المطلوب منا نحن المسلمين بالنسبة إلى وجود الله
    تعالى ، لا أن نجره إلى محيط وجودنا ومألوف أذهاننا ، كما فعل اليهود عندما شبهوه
    بخلقه وادعوا تجسده في عزير عليه‌السلام وغيره ، وكما فعل النصارى فشبهوه بخلقه
    وادعوا تجسده بالمسيح عليه‌السلام وغيره ! !
    الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم الأمة التوحيد
    ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 107
    حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم
    عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : مر
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو ، فقال له رسول : غض
    بصرك ، فإنك لن تراه .

    وقال : ومر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو ، فقال رسول
    الله : أقصر من يديك ، فإنك لن تناله .
    ـ الكافي ج 1 ص 93
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ، عن اليعقوبي ، عن بعض
    أصحابنا ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال إن يهودياً يقال له
    سبحت ، جاء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله جئت أسألك عن ربك ، فإن أنت
    أجبتني عما أسألك عنه ، وإلا رجعت ؟
    قال : سل عما شئت .
    قال : أين ربك ؟
    قال : هو في كل مكان ، وليس في شئ من المكان المحدود .
    قال : وكيف هو ؟
    قال : وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق ، والله لا يوصف بخلقه .
    قال : فمن أين يعلم أنك نبي الله ؟
    قال : فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين : يا سبحت إنه
    رسول الله !
    فقال سبحت : ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا !
    ثم قال : أشهد أن لا إلۤه إلا الله وأنك رسول الله .
    ويعلمنا أن أقصى ما يمكن أن يراه الإنسان نور عظمة الله
    ـ بحار الأنوار ج 4 ص 38
    يد : أبي ، عن محمد العطار ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلام قال :
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل عليه‌السلام مكاناً لم يطأه
    جبرئيل قط ، فكُشِفَ لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب .



    علي عليه‌السلام يثبت مشاهدة القلوب وينفي مشاهدة العيان
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 99
    179 ومن كلام له عليه‌السلام وقد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربك يا أمير
    المؤمنين ؟
    فقال عليه‌السلام : أفأعبد ما لا أرى !
    فقال : وكيف تراه !
    فقال : لا تراه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب
    من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين ، متكلم لا بروية ، مريد لا بهمة ، صانع لا
    بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ، بصير لا يوصف بالحاسة ،
    رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتجب القلوب من مخافته .
    ـ ورواه في بحار الأنوار ج 4 ص 27 عن :
    يد ، لي : القطان والدقاق والسناني ، عن ابن زكريا القطان ، عن محمد بن العباس ،
    عن محمد بن أبي السري ، عن أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن ابن طريف ، عن
    الأصبغ في حديث قال : قام إليه رجل يقال له ذعلب فقال : يا أمير المؤمنين هل
    رأيت ربك ؟ فقال : ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد رباً لم أره . قال : فكيف رأيته
    صفه لنا . قال : ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق
    الإيمان . ويلك يا ذعلب إن ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ، ولا
    بالقيام قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب ، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف ، عظيم
    العظمة لا يوصف بالعِظَم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف
    بالغلظ ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة ، مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا بمجسة ، قائل لا
    بلفظ ، هو في الأشياء على غير ممازجة ، خارج منها على غير مباينة ، فوق كل شئ
    ولا يقال شئ فوقه ، أمام كل شئ ولا يقال له أمام ، داخل في الأشياء لا كشئ في شئ
    داخل ، وخارج منها لا كشئ من شئ خارج . . فخر ذعلب مغشياً عليه . . . . الخبر .

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:07

    لم يحلل في الأشياء . . . . ولم ينأ عنها
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 112
    65 ومن خطبة له عليه‌السلام : الحمد لله الذي لم يسبق له حال حالاً . فيكون أولاً قبل أن
    يكون آخراً . ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً . كل مسمى بالوحدة غيره قليل ، وكل
    عزيز غيره ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره
    متعلم ، وكل قادر غيره يقدر ويعجز ، وكل سميع غيره يصمُّ عن لطيف الأصوات
    ويصمه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان
    ولطيف الأجسام ، وكل ظاهر غيره باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر .
    لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، ولا تخوف من عواقب زمان ، ولا استعانة على
    ند مثاور ، ولا شريك مكاثر ، ولا ضد منافر ، ولكن خلائق مربوبون ، وعباد داخرون .
    لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن .
    لم يؤده خلق ما ابتدأ ، ولا تدبير ما ذرأ ، ولا وقف به عجز عما خلق ، ولا ولجت
    عليه شبهة فيما قدر ، بل قضاء متقن وعلم محكم ، وأمر مبرم . المأمول مع النقم ،
    والمرهوب مع النعم . . . .
    لا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 160
    91 ومن خطبة له عليه‌السلام تعرف بخطبة الأشباح وهي من جلائل خطبه عليه‌السلام وكان سأله
    سائل أن يصف الله حتى كأنه يراه عياناً ، فغضب عليه‌السلام لذلك :
    الحمد لله الذي لا يَفِرْهُ المنع والجمود ، ولا يكديه الإعطاء والجود ، إذ كل معط
    منتقص سواه ، وكل مانع مذموم ما خلاه ، وهو المنان بفوائد النعم ، وعوائد المزيد
    والقسم . عياله الخلق ، ضمن أرزاقهم وقدر أقواتهم ، ونهج سبيل الراغبين إليه ،
    والطالبين ما لديه ، وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل .


    الأول الذي لم يكن له قبل فيكون شئ قبله ، والآخر الذي ليس له بعد فيكون شئ
    بعده ، والرادع أناسيَّ الأبصار عن أن تناله أو تدركه .
    ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال ، ولا كان في مكان فيجوز عليه الإنتقال ،
    ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال وضحكت عنه أصداف البحار ، من فلز
    اللجين والعقيان ، ونثارة الدر وحصيد المرجان ، ما أثر ذلك في جوده ، ولا أنفد سعة
    ما عنده ، ولكان عنده من ذخائر الأنعام ما لا تنفده مطالب الأنام ، لأنه الجواد الذي
    لا يغيضه سؤال السائلين ، ولا يبخله إلحاح الملحين .
    فانظر أيها السائل فما دلك القرآن عليه من صفته فائتم به ، واستضئ بنور هدايته ،
    وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه ، ولا في سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    وأئمة الهدى أثره ، فكل علمه إلى الله سبحانه ، فإن ذلك منتهى حق الله عليك .
    واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون
    الغيوب ، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله اعترافهم
    بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً ، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم
    البحث عن كنهه رسوخاً . فاقتصر على ذلك ، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر
    عقلك فتكون من الهالكين .
    هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، وحاول الفكر المبرأ من
    خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، وتولهت القلوب إليه
    لتجري في كيفية صفاته ، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصفات لتناول
    علم ذاته ، دعاها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه ، فرجعت
    إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ، ولا تخطر ببال أولي
    الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته .
    الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، ولا مقدار احتذى عليه ، من خالق
    معهود كان قبله . وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ،


    واعتراف لحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته ، ما دلنا باضطرار قيام الحجة
    له على معرفته ، وظهرت في البدائع التي أحدثها آثار صنعته ، وأعلام حكمته ، فصار
    كل ما خلق حجة له ودليلاً عليه ، وإن كان خلقاً صامتاً فحجته بالتدبير ناطقة ، ودلالته
    على المبدع قائمة .
    فأشهد أن من شبهك بتباين أعضاء خلقك ، وتلاحم حقاق مفاصلهم المحتجبة
    لتدبير حكمتك ، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك ، ولم يباشر قلبه اليقين بأنه لا
    ند لك ، وكأنه لم يسمع تبرأ التابعين من المتبوعين إذ يقولون : تالله إن كنا لفي ضلال
    مبين ، إذ نسويكم برب العالمين .
    كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم ، ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم ،
    وجزأوك تجزئة المجسمات بخواطرهم ، وقدروك على الخلقة المختلفة القوى
    بقرائح عقولهم . وأشهد أن من ساواك بشئ من خلقك فقد عدل بك ، والعادل بك
    كافر بما تنزلت به محكمات آياتك ، ونطقت عنه شواهد حجج بيناتك . وأنك أنت
    الله الذي لم تتناه في العقول فتكون في مهب فكرها مكيفاً ، ولا في رويات خواطرها
    فتكون محدوداً مصرفاً .
    ـ وروى هذه الخطبة الصدوق في التوحيد ص 48 فقال :
    139 حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن
    أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثني علي بن
    العباس ، قال : حدثني إسماعيل بن مهران الكوفي ، عن إسماعيل بن إسحاق
    الجهني ، عن فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام
    يقول : بينما أمير المؤمنين عليه‌السلام يخطب على المنبر بالكوفة إذ قام إليه رجل فقال : يا
    أمير المؤمنين صف لنا ربك تبارك وتعالى لنزداد له حباً وبه معرفة ، فغضب أمير
    المؤمنين عليه‌السلام ونادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله ، ثم قام
    متغير اللون فقال . . . . كما في نهج البلاغة بتفاوت في بعض الكلمات .



    لا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 115
    185 ومن خطبة له عليه‌السلام : الحمد الله الذي لا تدركه الشواهد ، ولا تحويه المشاهد ،
    ولا تراه النواظر ، ولا تحجبه السواتر ، الدال على قدمه بحدوث خلقه ، وبحدوث
    خلقه على وجوده ، وباشتباههم على أن لا شبه له .
    الذي صدق في ميعاده ، وارتفع عن ظلم عباده ، وقام بالقسط في خلقه ، وعدل
    عليهم في حكمه . مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته ، وبما وسمها به من العجز
    على قدرته ، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه .
    واحد لا بعدد ، ودائم لا بأمد ، وقائم لا بعمد . تتلقاه الأذهان لا بمشاعرة ،
    وتشهد له المرائي لا بمحاضرة . لم تحط به الأوهام بل تجلى لها ، وبها امتنع منها ،
    وإليها حاكمها .
    ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيماً ، ولا بذي عظم تناهت به
    الغايات فعظمته تجسيداً . بل كبر شأناً ، وعظم سلطاناً .
    وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصفي ، وأمينه الرضي صلى‌الله‌عليه‌وآله . أرسله بوجوب
    الحجج ، وظهور الفلج ، وإيضاح المنهج ، فبلغ الرسالة صادعاً بها ، وحمل على
    المحجة دالاً عليها ، وأقام أعلام الإهتداء ومنار الضياء ، وجعل أمراس الإسلام
    متينة ، وعرى الإيمان وثيقة .
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 116
    186 ومن خطبة له عليه‌السلام في التوحيد ، وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا
    تجمعه خطبة :
    ما وحده من كيفه ، ولا حقيقته أصاب من مثله ، ولا إياه عنى من شبهه ، ولا
    صمده من أشار إليه وتوهمه .

    فاعل لا باضطراب آلة ، مقدر لا بجول فكرة ، غني لا باستفادة ، لا تصحبه
    الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والإبتداء أزله .
    بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له ،
    وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له . ضاد النور بالظلمة ، والوضوح بالبهمة ،
    والجمود بالبلل ، والحرور بالصرد ، مؤلف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ،
    مقرب بين متباعداتها ، مفرق بين متدانياتها .
    لا يشمل بحد ، ولا يحسب ببعد ، وإنما تحد الأدوات أنفسها ، وتشير الآلة إلى
    نظائرها ، منعتها منذ القدمية ، وحمتها قد الأزلية ، وجنبتها لولا التكملة . بها تجلى
    صانعها للعقول ، وبها امتنع عن نظر العيون .
    لا يجري عليه السكون والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما
    هو أبداه ، ويحدث فيه ما هو أحدثه ، إذن لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من
    الأزل معناه ، ولكان له وراء إذ وجد له أمام ، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان . وإذا
    لقامت آية المصنوع فيه ، ولتحول دليلاً بعد أن كان مدلولاً عليه ، وخرج بسلطان
    الإمتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره .
    الذي لا يحول ولا يزول ، ولا يجوز عليه الأفول ، ولم يلد فيكون مولوداً ، ولم
    يولد فيصير محدوداً . جل عن اتخاذ الأبناء ، وطهر عن ملامسة النساء . لا تناله
    الأوهام فتقدره ، ولا تتوهمه الفطن فتصوره ، ولا تدركه الحواس فتحسه ، ولا تلمسه
    الأيدي فتمسه .
    لا يتغير بحال ، ولا يتبدل بالأحوال ، ولا تبليه الليالي والأيام ، ولا يغيره الضياء
    والظلام . ولا يوصف بشئ من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من
    الأعراض ، ولا بالغيرية والأبعاض ، ولا يقال له حد ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية ،
    ولا أن الأشياء تحويه ، فتقله أو تهويه ، أو أن شيئاً يحمله فيميله أو يعدله .
    ليس في الأشياء بوالج ، ولا عنها بخارج ، يخبر لا بلسان ولهوات ، ويسمع لا
    بخروق وأدوات . يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفظ ، ويريد ولا يضمر .


    يحب ويرضى من غير رقة ، ويبغض ويغضب من غير مشقة . يقول لمن أراد كونه
    كن فيكون . لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع ، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ،
    ومثله لم يكن من قبل ذلك كائناً ، ولو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً .
    لا يقال كان بعد أن لم يكن ، فتجري عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون
    بينها وبينه فصل ، ولا له عليها فضل ، فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ
    المبتدئ والبديع .
    خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على خلقها بأحد من
    خلقه ، وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غير قرار ، وأقامها بغير
    قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصنها من الأود والإعوجاج ، ومنعها من التهافت
    والإنفراج . أرسى أوتادها ، وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخد أوديتها ، فلم
    يهن ما بناه ، ولا ضعف ما قواه .
    هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ، والعالي على
    كل شئ منها بجلاله وعزته ، لا يعجزه شئ منها طلبه ، ولا يمتنع عليه فيغلبه ، ولا
    يفوته السريع منها فيسبقه ، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه .
    خضعت الأشياء له ، وذلت مستكينة لعظمته ، لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى
    غيره فتمتنع من نفعه وضره ، ولا كفؤ له فيكافئه ، ولا نظير له فيساويه .
    هو المفني لها بعد وجودها ، حتى يصير موجودها كمفقودها ، وليس فناء الدنيا
    بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها .
    أول الدين معرفته . . . . وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 14
    ومن خطبة له عليه‌السلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم :
    الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ، ولا يحصي نعماءه العادون ، ولا يؤدي
    حقه المجتهدون . الذي لا يدركه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، الذي ليس


    لصفته حد محدود ، ولا نعت موجود ، ولا وقت معدود ، ولا أجل ممدود فطر
    الخلائق بقدرته ، ونشر الرياح برحمته ، ووتد بالصخور مَيَدَان أرضه . .
    أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ،
    وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل
    صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله
    سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ، ومن ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله ،
    ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن قال فيم
    فقد ضمنه ، ومن قال علام فقد أخلى منه .
    كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شئ لا بمقارنة ، وغير كل شئ لا
    بمزايلة ، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ، متوحد إذ
    لا سكن يستأنس به ، ولا يستوحش لفقده .
    أنشأ الخلق إنشاء ، وابتدأه ابتداء ، بلا رَوِيَّةً أجالها ، ولا تجربة استفادها ، ولا
    حركة أحدثها ، ولا همامة نفس اضطرب فيها ، أحال الأشياء لأوقاتها ، ولاءم بين
    مختلفاتها ، وغرز غرائزها ، وألزمها أشباحها ، عالماً بها قبل ابتدائها ، محيطاً
    بحدودها وانتهائها ، عارفاً بقرائنها وأحنائها .
    ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء ، وشق الأرجاء ، وسكائك الهواء ، فأجرى فيها ماء
    متلاطماً تياره ، متراكماً زخاره ، حمله على متن الريح العاصفة ، والزعزع القاصفة ،
    فأمرها برده ، وسلطها على شده ، وقرنها إلى حده ، الهواء من تحتها فتيق ، والماء من
    فوقها دفيق .
    ثم أنشأ سبحانه ريحاً اعتقم مهبهاً ، وأدام مربها ، وأعصف مجراها ، وأبعد
    منشاها ، فأمرها بتصفيق الماء الزخار ، وإثارة موج البحار ، فمخضته مخض السقاء ،
    وعصفت به عصفها بالفضاء ، ترد أوله إلى آخره ، وساجيه إلى مائره ، حتى عب
    عُبَابُه ، ورمى بالزبد ركامه ، فرفعه في هواء منفتق ، وجو منفهق ، فسوى منه سبع



    سموات ، جعل سفلاهن موجاً مكفوفاً ، وعلياهن سقفاً محفوظاً ، وسمكاً مرفوعاً ،
    بغير عمد يدعمها ، ولا دسار ينظمها .
    ثم زينها بزينة الكواكب ، وضياء الثواقب ، وأجرى فيها سراجاً مستطيراً ، وقمراً
    منيراً ، في فلك دائر ، وسقف سائر ، ورقيم مائر ، ثم فتق ما بين السموات العلا ،
    فملأهن أطواراً من ملائكته ، منهم سجود لا يركعون ، وركوع لا ينتصبون ، وصافون
    لا يتزايلون ، ومسبحون لا يسأمون ، لا يغشاهم نوم العين ، ولا سهو العقول ، ولا فترة
    الأبدان ، ولا غفلة النسيان . ومنهم أمناء على وحيه ، وألسنة إلى رسله ، ومختلفون
    بقضائه وأمره . ومنهم الحفظة لعباده ، والسدنة لأبواب جنانه . ومنهم الثابتة في
    الأرضين السفلى أقدامهم ، والمارقة من السماء العليا أعناقهم ، والخارجة من الأقطار
    أركانهم ، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم ، ناكسة دونه أبصارهم ، متلفعون تحته
    بأجنحتهم ، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة وأستار القدرة ، لا يتوهمون
    ربهم بالتصوير ، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين ، ولا يحدونه بالأماكن ، ولا
    يشيرون إليه بالنظائر .
    ثم جمع سبحانه من حَزْن الأرض وسهلها ، وعذبها وسبخها ، تربة سنَّها بالماء
    حتى خلصت ، ولاطها بالبلة حتى لزبت ، فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول ،
    وأعضاء وفصول ، أجمدها حتى استمسكت ، وأصلدها حتى صلصلت ، لوقت
    معدود ، وأمد معلوم ، ثم نفخ فيها من روحه ، فمثلت إنساناً ذا أذهان يجيلها ، وفكر
    يتصرف بها ، وجوارح يختدمها ، وأدوات يقلبها ، ومعرفة يفرق بها بين الحق
    والباطل ، والأذواق والمشام ، والألوان والأجناس . معجوناً بطينة الألوان المختلفة ،
    والأشباه المؤتلفة ، والأضداد المتعادية ، والأخلاط المتباينة ، من الحر والبرد ، والبلة
    والجمود ، واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم ، وعهد وصيته إليهم ، في
    الإذعان بالسجود له ، والخشوع لتكرمته . . . .


    كان المسلمون يعرفون قيمة الجواهر فيكتبونها
    ـ التوحيد للشيخ الصدوق ص 31
    حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله ،
    عن أبيه محمد بن خالد البرقي ، عن أحمد بن النضر وغيره ، عن عمرو بن ثابت ،
    عن رجل سماه ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الأعور قال : خطب أمير
    المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يوماً خطبة بعد العصر ، فعجب الناس من حسن
    صفته وما ذكر من تعظيم الله جل جلاله ، قال أبو إسحاق فقلت للحارث : أو ما
    حفظتها قال : قد كتبتها ، فأملاها علينا من كتابه :
    الحمد لله الذي لا يموت ، ولا تنقضي عجائبه ، لأنه كل يوم في شأن ، من إحداث
    بديع لم يكن . الذي لم يولد فيكون في العز مشاركاً ، ولم يلد فيكون موروثاً هالكاً ،
    ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحاً ماثلاً ، ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها
    حائلاً ، الذي ليست له في أوليته نهاية ، ولا في آخريته حد ولا غاية ، الذي لم يسبقه
    وقت ، ولم يتقدمه زمان ، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان ، ولم يوصف بأين ولا بمكان ،
    الذي بطن من خفيات الأمور ، وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات
    التدبير . الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا بنقص ، بل وصفته بأفعاله ،
    ودلت عليه بآياته ، ولا تستطيع عقول المتفكرين جحده ، لأن من كانت السماوات
    والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن هو الصانع لهن ، فلا مدفع لقدرته .
    الذي بان من الخلق فلا شئ كمثله . الذي خلق الخلق لعبادته وأقدرهم على
    طاعته بما جعل فيهم ، وقطع عذرهم بالحجج ، فعن بينة هلك من هلك وعن بينة
    نجا من نجا . ولله الفضل مبدئاً ومعيدا . . . .
    الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسد ، والمرتدي بالجلال بلا تمثل ، والمستوي
    على العرش بلا زوال ، والمتعالي عن الخلق بلا تباعد منهم ، القريب منهم بلا
    ملامسة منه لهم ، ليس له حد ينتهي إلى حده ، ولا له مثل فيعرف بمثله ، ذل من



    تجبر غيره ، وصغر من تكبر دونه ، وتواضعت الأشياء لعظمته ، وانقادت لسلطانه وعزته ،
    وكلت عن إدراكه طروف العيون ، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق ، الأول قبل
    كل شئ والآخر بعد كل شئ ، ولا يعدله شئ ، الظاهر على كل شئ بالقهر له ، والمشاهد
    لجميع الأماكن بلا انتقال إليها ، ولا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة ، وهو الذي في السماء
    إلۤه وفي الأرض إلۤه وهو الحكيم العليم . أتقن ما أراد خلقه من الأشياء كلها بلا مثال سبق
    إليه ، ولا لغوب دخل عليه ، في خلق ما خلق . . . . إلى آخر الخطبة .
    أمير المؤمنين يرد على تجسيم اليهود
    ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 77
    حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر المعروف بأبي
    سعيد المعلم بنيسابور ، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، قال حدثنا علي ابن
    سلمة الليفي ، قال حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبد الله ، عن عبد الله بن طلحة بن
    هجيم ، قال حدثنا أبو سنان الشيباني سعيد بن سنان ، عن الضحاك ، عن النزال بن
    سبرة قال : جاء يهودي إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين متى كان
    ربنا ؟ قال فقال له علي عليه‌السلام : إنما يقال : متى كان لشئ لم يكن فكان ، وربنا تبارك
    وتعالى هو كائن بلا كينونة كائن ، كان بلا كيف يكون ، كائن لم يزل بلا لم يزل ، وبلا
    كيف يكون ، كان لم يزل ليس له قبل ، هو قبل القبل بلا قبل وبلا غاية ولا منتهى ،
    غاية ولا غاية إليها ، غاية انقطعت الغايات عنه ، فهو غايه كل غاية .
    أخبرني أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي فيما أجازه لي بهمدان
    سنة أربع وخمسين وثلاثمائة قال : حدثنا محمد بن سهل يعني العطار البغدادي
    لفظاً من كتابه سنة خمس وثلاثمائة قال : حدثنا عبد الله بن محمد البلوي قال :
    حدثني عمارة بن زيد ، قال : حدثني عبد الله بن العلاء قال : حدثني صالح بن سبيع ،
    عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان قال : حدثني أبي ، عن أبي المعتمر
    مسلم بن أوس قال : حضرت مجلس علي عليه‌السلام في جامع الكوفة فقام إليه رجل مصفر


    اللون كأنه من متهودة اليمن فقال : يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا كأنا نراه
    وننظر إليه ، فسبح علي عليه‌السلام ربه وعظمه عز وجل وقال :
    الحمد لله الذي هو أول بلا بدء مما ، ولا باطن فيما ، ولا يزال مهما ، ولا ممازج
    مع ما ، ولا خيال وهما ، ليس بشبح فيرى ، ولا بجسم فيتجزى ، ولا بذي غاية
    فيتناهى ، ولا بمحدث فيبصر ، ولا بمستتر فيكشف ، ولا بذي حجب فيحوى .
    كان ولا أماكن تحمله أكنافها ، ولا حملة ترفعه بقوتها ، ولا كان بعد أن لم يكن ، بل
    حارت الأوهام أن تكيف المكيف للأشياء ومن لم يزل بلا مكان ، ولا يزول باختلاف
    الأزمان ، ولا ينقلب شاناً بعد شان .
    البعيد من حدس القلوب ، المتعالي عن الأشياء والضروب ، والوتر علام الغيوب ،
    فمعاني الخلق عنه منفية ، وسرائرهم عليه غير خفية ، المعروف بغير كيفية ، لا يدرك
    بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، ولا تدركه الأبصار ، ولا تحيط به الأفكار ، ولا تقدره
    العقول ، ولا تقع عليه الأوهام ، فكل ما قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود ،
    وكيف يوصف بالأشباح ، وينعت بالألسن الفصاح ، من لم يحلل في الأشياء فيقال
    هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال هو عنها بائن ، ولم يخل منها فيقال أين ، ولم يقرب
    منها بالإلتزاق ، ولم يبعد عنها بالإفتراق ، بل هو في الأشياء بلا كيفية ، وهو أقرب إلينا
    من حبل الوريد ، وأبعد من الشبه من كل بعيد .
    لم يخلق الأشياء من أصول أزلية ، ولا من أوائل كانت قبله بدية ، بل خلق ما خلق ،
    وأتقن خلقه ، وصور ما صور ، فأحسن صورته ، فسبحان من توحد في علوه ، فليس
    لشئ منه امتناع ، ولا له بطاعة أحد من خلقه انتفاع ، إجابته للداعين سريعة ،
    والملائكة له في السماوات والأرض مطيعة ، كلم موسى تكليماً بلا جوارح وأدوات ،
    ولا شفة ولا لهوات ، سبحانه وتعالى عن الصفات ، فمن زعم أن إلۤه الخلق محدود ،
    فقد جهل الخالق المعبود . . . . والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة . . انتهى .
    وقد تقدم في الفصل الأول رده على كعب الأحبار في مجلس الخليفة عمر .



    ويوجه المسلمين إلى التفكر في عظمة المخلوقات فيصف الطاووس
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 70
    165 ومن خطبة له عليه‌السلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس :
    ابتدعهم خلقاً عجيباً من حيوان وموات ، وساكن وذي حركات ، فأقام من شواهد
    البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ، ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة
    له ، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته .
    وما ذرأ من مختلف صور الأطيار ، التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها ،
    ورواسي أعلامها ، من ذات أجنحة مختلفة ، وهيئات متباينة ، مصرفة في زمان
    التسخير ، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح ، والفضاء المنفرج .
    كَوَّنها بعد أن لم تكن ، في عجائب صور ظاهرة ، وركبها في حقاق مفاصل
    محتجبة ، ومنع بعضها بعبالة خلقة ، أن يسمو في السماء خفوفاً ، وجعله يدف
    دفيفاً ، ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته ، ودقيق صنعته ، فمنها
    مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ، ومنها مغموس في لون صبغ
    قد طوق بخلاف ما صبغ به ، ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في أحكم
    تعديل ، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد ، بجناح أشرج قصبه ، وذنب أطال مسحبه .
    إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه ، وسما به مطلاً على رأسه ، كأنه قلع داري عَنَجَهُ
    نُوتِيُّهُ ، يختال بألوانه ، ويميس بزيفانه ، يفضي كإفضاء الديكة ، وَيُؤرُّ بملاقحة أرَّ
    الفحول المغتلمة للضراب الضراب .
    أحيلك من ذلك على معاينة ، لا كمن يحيل على ضعيف إسناده ، ولو كان كزعم
    من يزعم أنه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه ، فتقف في ضفتي جفونه ، وأن أنثاه تطعم
    ذلك ، ثم تبيض لا من لقاح فحل ، سوى الدمع المنبجس ، لما كان ذلك بأعجب من
    مطاعمة الغراب .
    تخال قصبه مداري من فضة ، وما أنبت عليها من عجيب داراته ، وشموسه


    خالص العقيان ، وفلذ الزبرجد ، فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت : جني جني من
    زهرة كل ربيع ، وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشى الحلل ، أو مونق عصب اليمن ،
    وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل .
    يمشي مشي المرح المختال ، ويتصفح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكاً لجمال
    سرباله ، وأصابيغ وشاحه ، فإذا رمى ببصره إلى قوائمه ، زقا معولاً بصوت يكاد يبين
    عن استغاثته ، ويشهد بصادق توجعه ، لأن قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية ،
    وقد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفية .
    وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة ، ومخرج عنقه كالإبريق ، ومغرزها
    إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية ، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال ، وكأنه
    متلفع بمعجر أسحم ، إلا أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه أن الخضرة الناضرة
    ممتزجة به ، ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في لون الأقحوان ، أبيض يقق ، فهو
    ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق ، وقل صبغ إلا وقد أخذ منه بقسط ، وعلاه بكثرة
    صقاله وبريقه ، وبصيص ديباجه ورونقه ، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع ،
    ولا شموس قيظ ، وقد يتحسر من ريشه ، ويعرى من لباسه ، فيسقط تترى ، وينبت
    تباعاً ، فينحت من قصبه انحتات أوراق الأغصان ، ثم يتلاحق نامياً حتى يعود كهيئته
    قبل سقوطه ، لا يخالف سالف ألوانه ، ولا يقع لون في غير مكانه .
    وإذا تصفحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة وردية ، وتارة خضرة
    زبرجدية ، وأحياناً صفرة عسجدية .
    فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم
    وصفه أقوال الواصفين ! وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه ، والألسنة أن تصفه ،
    فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون ، فأدركته محدوداً مكوناً ،
    ومؤلفاً ملوناً ، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته ، وقعد بها عن تأدية نعته .
    وسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة ، إلى ما فوقهما من خلق الحيتان والأفيلة ،



    ووأى على نفسه أن لا يضطرب شبح مما أولج فيه الروح ، إلا وجعل الحمام موعده ،
    والفناء غايته . . .
    ويصف النملة والجرادة
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 115
    185 ومن خطبة له عليه‌السلام : . . . . ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة ، لرجعوا
    إلى الطريق ، وخافوا عذاب الحريق ، ولكن القلوب عليلة ، والبصائر مدخولة .
    ألا تنظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السمع
    والبصر ، وسوى له العظم والبشر . أنظروا إلى النملة في صغر جثتها ، ولطافة هيئتها ،
    لا تكاد تنال بلحظ البصر ، ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبت على أرضها ، وصبت
    على رزقها ، تنقل الحبة إلى جحرها ، وتعدها في مستقرها ، تجمع في حرها لبردها ،
    وفي وردها لصدرها ، مكفولة برزقها ، مرزوقة بوفقها ، لا يغفلها المنان ، ولا يحرمها
    الديان ، ولو في الصفا اليابس ، والحجر الجامس .
    ولو فكرت في مجاري أكلها ، في علوها وسفلها ، وما في الجوف من شراسيف
    بطنها ، وما في الرأس من عينها وأذنها ، لقضيت من خلقها عجباً ، ولقيت من وصفها
    تعبا . فتعالى الذي أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها ، لم يشركه في فطرتها
    فاطر ، ولم يعنه في خلقها قادر .
    ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ، ما دلتك الدلالة إلا على أن فاطر
    النملة هو فاطر النخلة ، لدقيق تفصيل كل شئ ، وغامض اختلاف كل حي ، وما
    الجليل واللطيف ، والثقيل والخفيف ، والقوي والضعيف ، في خلقه إلا سواء ،
    وكذلك السماء والهواء ، والرياح والماء . فانظر إلى الشمس والقمر ، والنبات
    والشجر ، والماء والحجر ، واختلاف هذا الليل والنهار ، وتفجر هذه البحار ، وكثرة
    هذه الجبال ، وطول هذه القلال ، وتفرق هذه اللغات ، والألسن المختلفات .

    فالويل لمن جحد المقدر وأنكر المدبر . زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع ، ولا
    لاختلاف صورهم صانع ، ولم يلجؤوا إلى حجة فيما ادعوا ، ولا تحقيق لما أوعوا .
    وهل يكون بناء من غير بان ، أو جناية من غير جان .
    وإن شئت قلت في الجرادة ، إذ خلق لها عينين حمراوين ، وأسرج لها حدقتين
    قمراوين ، وجعل لها السمع الخفي ، وفتح لها الفم السوي ، وجعل لها الحس القوي ،
    ونابين بهما تقرض ، ومنجلين بهما تقبض ، يرهبها الزراع في زرعهم ، ولا يستطيعون
    ذبها ولو أجلبوا بجمعهم ، حتى ترد الحرث في نزواتها ، وتقضي منه شهواتها ،
    وخلقها كله لا يكون إصبعاً مستدقة .
    فتبارك الله الذي يسجد له من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً ، ويعفرِّ له خداً
    ووجهاً ، ويلقى إليه بالطاعة سلماً وضعفاً ، ويعطى له القياد رهبة وخوفاً ، فالطير
    مسخرة لأمره ، أحصى عدد الريش منها والنفس ، وأرسى قوائمها على الندى
    واليبس ، وقدر أقواتها ، وأحصى أجناسها ، فهذا غراب ، وهذا عقاب ، وهذا حمام ،
    وهذا نعام . دعا كل طائر باسمه ، وكفل له برزقه ، وأنشأ السحاب الثقال فأهطل
    ديمها ، وعدد قسمها ، فبلَّ الأرض بعد جفوفها ، وأخرج نبتها بعد جدوبها .
    علي عليه‌السلام مؤسس علم التوحيد
    ـ أمالي المرتضى ج 1 ص 103
    إعلم أن أصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وخطبه ،
    وأنها تتضمن من ذلك ما لا مزيد عليه ولا غاية وراءه ، ومن تأمل المأثور في ذلك من
    كلامه ، علم أن جميع ما أسهب المتكلمون من بعد في تصنيفه وجمعه ، إنما هو
    تفصيل لتلك الجمل ، وشرح لتلك الأصول .
    وروي عن الأئمة من أبناءه عليهم‌السلام من ذلك ما لا يكاد يحاط به كثرة ، ومن أحب الوقوف
    عليه وطلبه من مظانه أصاب منه الكثير الغزير ، الذي في بعضه شفاء للصدور السقيمة ،



    ونتاج للعقول العقيمة ، ونحن نقدم على ما نريد ذكره شيئاً مما روي عنهم في هذا الباب .
    فمن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وهو يصف الله تعالى :
    بمضادته بين الأشياء علم أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الأمور علم أن لا قرين له ،
    ضاد النور بالظلمة ، والخشونة بالليل ، واليبوسة بالبلل ، والصرد بالحرور ، مؤلف بين
    متباعداتها ، مفرق بين متدانياتها .
    وروي عنه عليه‌السلام أنه سئل : بم عرفت ربك ؟ فقال : بما عرفني به . قيل : وكيف
    عرفك ؟ قال : لا تشبهه صورة ، ولا يحس بالحواس ، ولا يقاس بقياس الناس .
    وقيل له عليه‌السلام : كيف يحاسب الله الخلق ؟ قال : كما يرزقهم . فقيل كيف يحاسبهم
    ولا يرونه ؟ فقال : كما يرزقهم ولا يرونه .
    وسأله رجل فقال : أين كان ربك قبل أن يخلق السماء والأرض ؟ فقال : أين سؤال
    عن مكان ، وكان الله ولا مكان .
    الإمام زين العابدين عليه‌السلام ينظم زبور آل محمد
    ـ قال عليه‌السلام في أدعيته المعروفة بالصحيفة السجادية ، الدعاء الأول :
    الحمد لله الأول بلا أول كان قبله ، والآخر بلا آخر يكون بعده ، الذي قصرت عن
    رؤيته أبصار الناظرين ، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين ، ابتدع بقدرته الخلق
    ابتداعاً ، واخترعهم على مشيته اختراعاً ، ثم سلك بهم طريق إرادته ، وبعثهم في
    سبيل محبته ، لا يملكون تأخيراً عما قدمهم إليه ، ولا يستطيعون تقدماً إلى ما
    أخرهم عنه ، وجعل لكل روح منهم قوتاً معلوماً مقسوماً من رزقه ، لا ينقص من زاده
    ناقص ، ولا يزيد من نقص منهم زائد ، ثم ضرب له في الحياة أجلاً موقوتاً ، ونصب له
    أمداً محدوداً ، يتخطى إليه بأيام عمره ، ويرهقه بأعوام دهره ، حتى إذا بلغ أقصى
    أثره ، واستوعب حساب عمره ، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور ثوابه ، أو محذور
    عقابه ، ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، عدلاً منه
    تقدست أسماؤه ، وتظاهرت آلاؤه ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . . . .


    ـ الصحيفة السجادية الدعاء الثاني والثلاثون
    وكان من دعائه عليه‌السلام بعد الفراغ من صلاة الليل : اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود
    والسلطان ، الممتنع بغير جنود ولا أعوان ، والعز الباقي على مر الدهور وخوالي
    الاعوام ، ومواضي الأزمان والأيام ، عز سلطانك عزاً لا حد له بأولية ، ولا منتهى له
    بآخرية ، واستعلى ملكك علواً سقطت الأشياء دون بلوغ أمده ، ولا يبلغ أدنى ما
    استأثرت به من ذلك أقصى نعت الناعتين ، ضلت فيك الصفات ، وتفسخت دونك
    النعوت ، وحارت في كبريائك لطائف الأوهام .
    كذلك أنت الله الأول في أوليتك ، وعلى ذلك أنت دائم لا تزول .
    وأنا العبد الضعيف عملاً ، الجسيم أملاً ، خرجت من يدي أسباب الوصلات إلا
    ما وصلته رحمتك ، وتقطعت عني عصم الآمال إلا ما أنا معتصم به من عفوك ، قلَّ
    عندي ما أعتد به من طاعتك ، وكثر علي ما أبوء به من معصيتك ، ولن يضيق عليك
    عفو عن عبدك وإن أساء ، فاعف عني . . . . .
    ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 21
    دعاؤه عليه‌السلام في التحميد لله عز وجل : الحمد لله الذي تجلى للقلوب بالعظمة ،
    واحتجت عن الأبصار بالعزة ، واقتدر على الأشياء بالقدرة ، فلا الأبصار تثبت لرؤيته ،
    ولا الأوهام تبلغ كنه عظمته ، تجبر بالعظمة والكبرياء ، وتعطف بالعز والبر والجلال ،
    وتقدس بالحسن والجمال ، وتجمل بالفخر والبهاء ، وتهلل بالمجد والآلاء ،
    واستخلص بالنور والضياء . خالق لا نظير له ، وواحد لا ند له ، وماجد لا ضد له ،
    وصمد لا كفو له ، وإلۤه لا ثاني معه ، وفاطر لا شريك له ، ورازق لا معين له ، الأول بلا
    زوال ، والدائم بلا فناء ، والقائم بلا عناء ، والباقي بلا نهاية ، والمبدئ بلا أمد ،
    والصانع بلا ظهير ، والرب بلا شريك ، والفاطر بلا كلفة ، والفاعل بلا عجز .
    ليس له حد في مكان ، ولا غاية في زمان ، لم يزل ولا يزول ولن يزال ، كذلك أبداً
    هو الإلۤه الحي القيوم ، الدائم القديم ، القادر الحكيم . . . .



    الإمام محمد الباقر عليه‌السلام يجيب على سؤال متى وجد الله
    ـ الكافي ج 8 ص 120
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن
    أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبي منصور ، عن أبي الربيع قال : حججنا مع أبي
    جعفر عليه‌السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى
    عمر بن الخطاب ، فنظر نافع إلى أبي جعفر عليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه
    الناس فقال نافع : يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداك عليه الناس ؟ فقال : هذا نبي
    أهل الكوفة ، هذا محمد بن علي !
    فقال : أشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي
    نبي ، قال : فاذهب إليه وسله لعلك تخجله .
    فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر عليه‌السلام فقال : يا محمد بن
    علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد
    جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي ، قال فرفع أبو
    جعفر عليه‌السلام رأسه فقال : سل عما بدا لك .
    فقال : أخبرني كم بين عيسى وبين محمد من سنة .
    قال : أخبرك بقولي أو بقولك ؟
    قال : أخبرني بالقولين جميعاً .
    قال : أما في قولي فخمسمائة سنة ، وأما في قولك فستمائة سنة .
    قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه : وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا
    أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ . من الذي سأل محمد ، وكان بينه وبين عيسى
    خمسمائة سنة .
    فقال : فتلا أبو جعفر عليه‌السلام هذه الآية : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ
    الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا . فكان من الآيات التي


    أراها الله تبارك وتعالى محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز
    ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيل عليه‌السلام فأذن شفعاً وأقام
    شفعاً وقال في أذانه حي على خير العمل ، ثم تقدم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بالقوم فلما
    انصرف قال لهم : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إلۤه إلا الله
    وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا .
    فقال نافع : صدقت يا أبا جعفر ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ
    كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا .
    قال : إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم إلى الأرض وكانت السماوات رتقاً لا تمطر
    شيئاً ، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت شيئاً ، فلما أن تاب الله عز وجل على آدم عليه‌السلام أمر
    السماء فتقطرت بالغمام ثم أمرها فأرخت عزاليها ، ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار
    وأثمرت الثمار وتفهقت بالأنهار ، فكان ذلك رتقها ، وهذا فتقها .
    قال نافع : صدقت يا بن رسول الله ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : يَوْمَ تُبَدَّلُ
    الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ، أي أرض تبدل يومئذ .
    فقال أبو جعفر عليه‌السلام : أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز وجل من
    الحساب .
    فقال نافع : إنهم عن الأكل لمشغولون .
    فقال أبو جعفر : أهم يومئذ أشغل أم إذ هم في النار ؟
    فقال نافع : بل إذ هم في النار .
    قال : فوالله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم ، ودعوا بالشراب فسقوا
    الحميم .
    قال : صدقت يا بن رسول الله ، ولقد بقيت مسألة واحدة .
    قال : وما هي .
    قال : أخبرني عن الله تبارك وتعالى متى كان ؟


    قال : ويلك متى لم يكن حتى أخبرك متى كان ! سبحان من لم يزل ولا يزال ، فرداً
    صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ، ثم قال : يا نافع أخبرني عما أسألك عنه .
    قال : وما هو .
    قال : ما تقول في أصحاب النهروان ، فإن قلت إن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد
    ارتددت ، وإن قلت إنه قتلهم باطلاً فقد كفرت .
    قال : فولى من عنده وهو يقول : أنت والله أعلم الناس حقاً حقا ، فأتى هشاماً فقال
    له : ما صنعت ؟ قال : دعني من كلامك ، هذا والله أعلم الناس حقاً حقا ، وهو ابن
    رسول الله حقاً ، ويحق لأصحابه أن يتخذوه نبياً ! ! انتهى .
    والظاهر أن الإمام الباقر عليه‌السلام سأل نافعاً عن رأيه في الخوارج ، لأن نافعاً كان ناصبياً
    مؤيداً لرأي الخوارج في تكفير علي عليه‌السلام .
    ويركز في المسلمين قاعدة : لا تشبيه ولا تعطيل
    ـ التوحيد للصدوق ص 104
    أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله الأشعري قال : حدثنا أحمد بن محمد بن
    خالد ، عن محمد بن عيسى عمن ذكره قال : سئل أبو جعفر عليه‌السلام أيجوز أن يقال : إن
    الله عز وجل شئ قال : نعم ، يخرجه عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه .
    الإمام الصادق عليه‌السلام : لا نفي ولا تشبيه ولا جبر ولا تفويض
    ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 102
    حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن
    الصفار قال : حدثنا العباس بن معروف قال : حدثنا ابن أبي نجران عن حماد بن
    عثمان ، عن عبد الرحيم القصير قال : كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي
    عبد الله عليه‌السلام بمسائل ، فيها : أخبرني عن الله عز وجل هل يوصف بالصورة وبالتخطيط
    فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد ،


    فكتب عليه‌السلام بيد عبد الملك بن أعين :
    سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك ، فتعالى الله الذي ليس
    كمثله شئ وهو السميع البصير ، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله تبارك
    وتعالى بخلقه ، المفترون على الله . واعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في
    التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز وجل ، فانف عن الله البطلان والتشبيه ،
    فلا نفي ولا تشبيه ، هو الله الثابت الموجود ، تعالى الله عما يصفه الواصفون ، ولا تَعْدُ
    القرآن فتضل بعد البيان .
    ـ توحيد الصدوق ص 103
    حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ،
    عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب السراج قال :
    قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن بعض أصحابنا يزعم أن لله صورة مثل صورة الإنسان ،
    وقال آخر إنه في صورة أمرد جعد قطط ، فخر أبو عبد الله ساجداً ، ثم رفع رأسه ،
    فقال : سبحان الله الذي ليس كمثله شئ ، ولا تدركه الأبصار ، ولا يحيط به علم ، لم
    يلد لأن الولد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ، ولم يكن له من خلقه كفواً
    أحد ، تعالى عن صفة من سواه علواً كبيرا .
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:09

    المؤمنون يرون الله بعقولهم وقلوبهم في الدنيا والآخرة
    ـ بحار الأنوار ج 4 ص 31
    لي : الطالقاني ، عن ابن عقدة ، عن المنذر بن محمد ، عن علي بن إسماعيل
    الميثمي ، عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد
    الصادق عليهما‌السلام عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد فقال : سبحان الله وتعالى عن
    ذلك علواً كبيرا . يا ابن الفضل ، إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية ، والله خالق
    الألوان والكيفية .



    ـ بحار الأنوار ج 4 ص 44
    يد : الدقاق ، عن الأسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن البطائني ، عن أبي
    بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له : أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون
    يوم القيامة .
    قال : نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة .
    فقلت : متى ؟
    قال : حين قال لهم : ألست بربكم قالوا بلى . ثم سكت ساعة ثم قال : وإن
    المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال أبو بصير
    فقلت له : جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال لا ، فإنك إذا حدثت به فأنكره
    منكر جاهل بمعنى ما تقوله ، ثم قدر أن ذلك تشبيه كَفَر ، وليست الرؤية بالقلب
    كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون .
    ضه : سأل محمد الحلبي الصادق عليه‌السلام فقال : رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه قال : نعم رآه
    بقلبه ، فأما ربنا جل جلاله فلا تدركه أبصار حدق الناظرين ، ولا تحيط به أسماع السامعين .
    ـ بحار الأنوار ج 4 ص 33
    ج : عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : لا تدركه الأبصار ، قال :
    إحاطة الوهم ، ألا ترى إلى قوله : قد جاءكم بصائر من ربكم ، ليس يعني بصر العيون .
    فمن أبصر فلنفسه ، ليس يعني من أبصر بعينه ، ومن عمي فعليها ، ليس يعني عمى
    العيون ، إنما عنى إحاطة الوهم ، كما يقال فلان بصير بالشعر ، وفلان بصير بالفقه ،
    وفلان بصير بالدراهم ، وفلان بصير بالثياب . الله أعظم من أن يرى بالعين .
    الإمام الصادق عليه‌السلام يرد على الحلول والثنائية بين الذات والصفات
    ـ الكافي ج 1 ص 82
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن النضر بن
    سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا


    عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه ، وكل ما وقع عليه شئ ما خلا الله
    فهو مخلوق ، والله خالق كل شئ ، تبارك الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير .
    ـ الكافي ج 1 ص 83
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العباس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم
    عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال للزنديق حين سأله : ما هو قال : هو شئ بخلاف الأشياء ،
    أرجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شئ بحقيقة الشيئية ، غير أنه لا جسم ولا صورة
    ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس ، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه
    الدهور ، ولا تغيره الأزمان ، فقال له السائل : فتقول إنه سميع بصير قال : هو سميع
    بصير : سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ، ليس
    قولي إنه سميع يسمع بنفسه وبصير يبصر بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ، ولكن
    أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولاً وإفهاماً لك إذ كنت سائلاً ، فأقول : إنه سميع
    بكله لا أن الكل منه له بعض ، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي ، وليس
    مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع .
    ـ الكافي ج 1 ص 87
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا
    عبد الله عليه‌السلام عن أسماء الله واشتقاقها : الله مما هو مشتق ؟ قال : فقال لي : يا هشام الله
    مشتق من أله ، والإلۤه يقتضي مألوهاً والإسم غير المسمى ، فمن عبد الإسم دون
    المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً ، ومن عبد الإسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين ، ومن
    عبد المعنى دون الإسم فذاك التوحيد ، أفهمت يا هشام ؟ قال فقلت : زدني قال : إن
    لله تسعة وتسعين إسماً فلو كان الإسم هو المسمى لكان كل إسم منها إلۤهاً ، ولكن الله
    معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره ، يا هشام الخبز إسم للمأكول والماء إسم
    للمشروب والثوب إسم للملبوس والنار إسم للمحرق ، أفهمت يا هشام فهماً تدفع به
    وتناضل به أعداءنا والمتخذين مع الله عز وجل غيره ؟ قلت : نعم .


    قال فقال : نفعك الله به وثبتك يا هشام ، قال هشام فوالله ما قهرني أحد في
    التوحيد حتى قمت مقامي هذا .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن العباس بن معروف ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال :
    كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام أو قلت له : جعلني الله فداك نعبد الرحمن الرحيم الواحد
    الأحد الصمد ؟ قال : فقال : إن من عبد الإسم دون المسمى بالأسماء أشرك وكفر
    وجحد ولم يعبد شيئاً بل أعبد الله الواحد الأحد الصمد المسمى بهذه الأسماء دون
    الأسماء أن الأسماء صفات وصف بها نفسه .
    ـ الكافي ج 1 ص 103
    علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، وعن غيره ، عن محمد بن سليمان ، عن علي
    بن إبراهيم ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : إن الله عظيم رفيع لا
    يقدر العباد على صفته ، ولا يبلغون كنه عظمته ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار
    وهو اللطيف الخبير ، ولا يوصف بكيف ولا أين وحيث ، وكيف أصفه بالكيف وهو
    الذي كيف الكيف حتى صار كيفاً فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف ، أم كيف
    أصفه بأين وهو الذي أين الأين حتى صار أيناً فعرفت الأين بما أين لنا من الأين ، أم
    كيف أصفه بحيث وهو الذي حيث الحيث حتى صار حيثاً فعرفت الحيث بما حيث
    لنا من الحيث ، فالله تبارك وتعالى داخل في كل مكان وخارج من كل شئ ، لا تدركه
    الأبصار وهو يدرك الأبصار . لا إلۤه إلا هو العلي العظيم ، وهو اللطيف الخبير .
    الإمام الكاظم عليه‌السلام يرد على تجسيد النصارى
    ـ وقال الصدوق في كتابه التوحيد ص 30
    حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن
    هاشم ، عن أبيه ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن
    جعفر قال : سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام وهو يكلم راهباً من النصارى ،


    فقال له في بعض ما ناظره : إن الله تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يحد بيد أو رجل
    أو حركة أو سكون ، أو يوصف بطول أو قصر ، أو تبلغه الأوهام ، أو تحيط به صفة
    العقول . أنزل مواعظه ووعده ووعيده ، أمر بلا شفة ولا لسان ، ولكن كما شاء أن
    يقول له كن ، فكان خبراً كما أراد في اللوح .
    ويبين أن الله تعالى غني عن النزول والحركة
    ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 183
    حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بأبي عبد
    الله الكوفي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن
    الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، عن أبي إبراهيم موسى بن
    جعفر عليهما‌السلام قال : ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا ،
    فقال : إن الله تبارك وتعالى لا ينزل ، ولا يحتاج إلى أن ينزل ، إنما منظره في القرب
    والبعد سواء ، لم يبعد منه قريب ، ولم يقرب منه بعيد ، ولم يحتج بل يحتاج إليه ،
    وهو ذو الطَّول ، لا إلۤه إلا هو العزيز الحكيم . أما قول الواصفين : إنه تبارك وتعالى
    ينزل ، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة ، وكل متحرك محتاج إلى من
    يحركه أو يتحرك به ، فظن بالله الظنون فهلك ، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له
    على حد ، فتحدوه بنقص أو زيادة أو تحرك أو زوال أو نهوض أو قعود ، فإن الله جل
    عن صفة الواصفين ونعت الناعتين وتوهم المتوهمين .
    الإمام الرضا عليه‌السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد
    ـ توحيد الصدوق ص 107
    حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال :
    حدثني عدة من أصحابنا ، عن محمد بن عيسى بن عبيد قال قال لي أبو الحسن عليه‌السلام :
    ما تقول إذا قيل لك أخبرني عن الله عز وجل شئ هو أم لا ؟ قال فقلت له : قد أثبت



    الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول : قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني
    وبينكم ، فأقول : إنه شئ لا كالأشياء ، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه .
    قال لي : صدقت وأصبت .
    ثم قال لي الرضا عليه‌السلام : للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : نفي ، وتشبيه ، وإثبات
    بغير تشبيه ، فمذهب النفي لا يجوز ، ومذهب التشبيه لا يجوز ، لأن الله تبارك وتعالى
    لا يشبهه شئ ، والسبيل في الطريقة الثالثة : إثبات بلا تشبيه .
    ـ توحيد الصدوق ص 98
    حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن
    الصفار ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد ابن زيد
    قال : جئت إلى الرضا عليه‌السلام أسأله عن التوحيد فأملى علي :
    الحمد لله فاطر الأشياء إنشاء ، ومبتدعها ابتداء بقدرته وحكمته ، لا من شئ
    فيبطل الإختراع ، ولا لعلة فلا يصح الإبتداع . خلق ما شاء كيف شاء ، متوحداً بذلك
    لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته ، لا تضبطه العقول ، ولا تبلغه الأوهام ، ولا تدركه
    الأبصار ، ولا يحيط به مقدار ، عجزت دونه العبارة ، وكلت دونه الأبصار ، وضل فيه
    تصاريف الصفات ، احتجب بغير حجاب محجوب ، واستتر بغير ستر مستور ، عرف
    بغير رؤية ، ووصف بغير صورة ، ونعت بغير جسم ، لا إلۤه إلا الله الكبير المتعال .
    ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 9
    ويكشف حقيقة جديدة في الإسراء والمعراج
    ـ التوحيد للصدوق ص 113
    حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن أبي
    عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن
    بكر بن صالح ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن محمد الخزاز ، ومحمد بن


    الحسين ، قالا : دخلنا على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فحكينا له ما روي أن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله
    رأى ربه في هيئة الشاب الموفق في سن أبناء ثلاثين سنة ، رجلاه في خضرة ، وقلت :
    إن هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي يقولون : إنه أجوف إلى السرة والباقي
    صمد ، فخر ساجداً ثم قال : سبحانك ما عرفوك ولا وحدوك ، فمن أجل ذلك
    وصفوك ، سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك ، سبحانك كيف
    طاوعتهم أنفسهم أن شبهوك بغيرك . إلهي لا أصفك إلا بما وصفت به نفسك ، ولا
    أشبهك بخلقك ، أنت أهل لكل خير ، فلا تجعلني من القوم الظالمين .
    ثم التفت إلينا فقال : ما توهمتم من شئ فتوهموا الله غيره ، ثم قال : نحن آل
    محمد النمط الأوسط ، الذي لا يدركنا الغالي ولا يسبقنا التالي . يا محمد إن رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق وسن أبناء ثلاثين سنة . .
    يا محمد عظم ربي وجل أن يكون في صفة المخلوقين .
    قال قلت : جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة ؟ قال : ذاك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كان
    إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب !
    إن نور الله منه اخضرَّ ما اخضر ، ومنه احمرَّ ما احمر ، ومنه أبيضَّ ما أبيض ، ومنه غير
    ذلك . يا محمد ما شهد به الكتاب والسنة فنحن القائلون به .
    ـ ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج 4 ص 41 وقال :
    بيان : قوله عليه‌السلام : النمط الوسطى وفي الكافي الأوسط قال الجزري : في حديث
    علي : خير هذه الأمة النمط الأوسط ، النمط : الطريقة من الطرائق والضروب ، يقال :
    ليس هذا من ذلك النمط أي من ذلك الضرب ، والنمط : الجماعة من الناس أمرهم
    واحد . انتهى .
    قوله عليه‌السلام : لا يدركنا الغالي في أكثر النسخ بالغين المعجمة ، وفي بعضها بالعين
    المهملة ، وعلى التقديرين المراد به من يتجاوز الحد في الأمور ، أي لا يدركنا ولا
    يلحقنا في سلوك طريق النجاة من يغلو فينا أو في كل شئ ، والتالي أي التابع لنا لا



    يصل إلى النجاة إلا بالأخذ عنا ، فلا يسبقنا بأن يصل إلى المطلوب لا بالتوصل بنا .
    وفي الكافي : إن نور الله منه أخضر ، ومنه أحمر ، ومنه أبيض ، ومنه غير ذلك .
    وسيأتي في باب العرش في خبر أبي الطفيل إن الله خلق العرش من أنوار مختلفة ،
    فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ، ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ،
    ونور أحمر احمرت منه الحمرة ، ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار .
    ثم اعلم أنه يمكن إبقاء الحجب والأنوار على ظواهرها بأن يكون المراد بالحجب
    أجساماً لطيفة مثل العرش والكرسي يسكنها الملائكة الروحانيون ، كما يظهر من
    بعض الدعوات والأخبار ، أي أفاض عليه شبيه نور الحجب ليمكن له رؤية الحجب
    كنور الشمس بالنسبة إلى عالمنا .
    ويحتمل التأويل أيضاً بأن يكون المراد بها الوجوه التي يمكن الوصول إليها في
    معرفة ذاته تعالى وصفاته إذ لا سبيل لأحد إلى الكنه ، وهي تختلف باختلاف
    درجات العارفين قرباً وبعداً ، فالمراد بنور الحجب قابلية تلك المعارف وتسميتها
    بالحجب ، إما لأنها وسائط بين العارف والرب تعالى كالحجاب ، أو لأنها موانع عن
    أن يسند إليه تعالى ما لا يليق به ، أو لأنها لما لم تكن موصلة إلى الكنه فكأنها حجب ، إذ
    الناظر خلف الحجاب لا تتبين له حقيقة الشئ كما هي .
    وقيل : إن المراد بها العقول فإنها حجب نور الأنوار ، ووسائط النفوس الكاملة ،
    والنفس إذا استكملت ناسبت نوريتها نورية تلك الأنوار ، فاستحقت الإتصال بها
    والإستفادة منها ، فالمراد بجعله في نور الحجب جعله في نور العلم والكمال مثل نور
    الحجب ، حتى يناسب جوهر ذاته جوهر ذاتهم فيستبين له ما في ذواتهم ، ولا يخفى
    فساده على أصولنا بوجوه شتى .
    وأما تأويل ألوان الأنوار فقد قيل فيه وجوه :
    الأول : أنها كناية عن تفاوت مراتب تلك الأنوار بحسب القرب والبعد من نور
    الأنوار ، فالأبيض هو الأقرب ، والأخضر هو الأبعد ، كأنه ممزوج بضرب من الظلمة ،


    والأحمر هو المتوسط بينهما ، ثم ما بين كل اثنين ألوان أخرى كألوان الصبح والشفق
    المختلفة في الألوان لقربها وبعدها من نور الشمس .
    الثاني : أنها كناية عن صفاته المقدسة ، فالأخضر قدرته على إيجاد الممكنات
    وإفاضة الأرواح التي هي عيون الحياة ومنابع الخضرة ، والأحمر غضبه وقهره على
    الجميع بالإعدام والتعذيب ، والأبيض رحمته ولطفه على عباده كما قال تعالى : وَأَمَّا
    الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ .
    الثالث : ما استفدته من الوالد العلامة قدس الله روحه وذكر أنه مما أفيض عليه من
    أنوار الكشف واليقين ، وبيانه يتوقف على تمهيد مقدمة وهي : أن لكل شئ مثالاً في
    عالم الرؤيا والمكاشفة ، وتظهر تلك الصور والأمثال على النفوس مختلفة باختلاف
    مراتبها في النقص والكمال ، فبعضها أقرب إلى ذي الصورة ، وبعضها أبعد ، وشأن
    المعبر أن ينتقل منها إلى ذواتها ، فإذا عرفت هذا فالنور الأصفر عبارة عن العبادة
    ونورها كما هو المجرب في الرؤيا ، فإنه كثيراً ما يرى الرائي الصفرة في المنام فيتيسر
    له بعد ذلك عبادة يفرح بها ، وكما هو المعاين في جباه المتهجدين ، وقد ورد في
    الخبر في شأنهم أنه ألبسهم الله من نوره لما خلوا به . والنور الأبيض العلم لأنه منشأ
    للظهور ، وقد جرب في المنام أيضاً . والنور الأحمر المحبة كما هو المشاهد في
    وجوه المحبين عند طغيان المحبة ، وقد جرب في الأحلام أيضاً . والنور الأخضر
    المعرفة ، كما تشهد به الرؤيا ويناسبه هذا الخبر ، لأنه عليه‌السلام في مقام غاية العرفان كانت
    رجلاه في خضرة .
    ولعلهم عليهم‌السلام إنما عبروا عن تلك المعاني على تقدير كونها مرادة بهذه التعبيرات ،
    لقصور أفهامنا عن محض الحقيقة كما تعرض على النفوس الناقصة في الرؤيا هذه
    الصور ، ولأنا في منام طويل من الغفلة عن الحقائق ، كما قال عليه‌السلام : الناس نيام فإذا
    ماتوا انتبهوا .
    وهذه التأويلات غاية ما تصل إليه أفهامنا القاصرة ، والله أعلم بمراد حججه
    وأوليائه عليهم‌السلام . انتهى .


    ملاحظة : إذا شرح لنا عالم الفيزياء مثلاً بعض قوانين الضوء وتحدث عن تغير
    تركيب الأجسام وطاقاتها إذا تحركت بسرعة الضوء أو بأسرع منه ، فإننا نتعجب
    لذلك ونحترم آراءه . .
    أما النبي والإمام المعصوم فإن حديثهما أولى بالإحترام والثقة من عالم الفيزياء ،
    ومن كل علماء الأرض ، لأنهما يتحدثان عن الفيزياء كما أخبرهما عنها خالقها تبارك
    وتعالى . فحديث الإمام الرضا عليه‌السلام عن المعراج وعن أصل الأنوار والألوان إنما هو
    عن جده المصطفى سيد البشر صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أوحى إليه الله تعالى وعرج به مرات
    متعددة كما في الأحاديث الشريفة ، فأراه ملكوت السماوات والأرض .
    وأحاديث المعراج فيها أحاديث صحيحة ومهمة ، وهي تحتاج إلى دراسة من
    علماء الطبيعة ، لعلهم يكتشفون منها حقائق جديدة عن الكون والطبيعة .
    ولا نعني بذلك رفض التفسيرات العقلية والإشراقية كالتي أوردها المجلسي رحمه‌الله ،
    ولكنها تبقى تفسيراً لجانب ، أو احتمالات . . ونعم ما ختم به المحدث المجلسي رحمه‌الله
    كلامه فقال ( وهذه التأويلات غاية ما تصل إليه أفهامنا القاصرة ، والله أعلم بمراد
    حججه وأوليائه عليهم‌السلام ) .
    الإمام الرضا عليه‌السلام يعلم بني العباس التوحيد
    ـ توحيد الصدوق ص 34
    حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن عمر
    والكاتب ، عن محمد بن زياد القلزمي ، عن محمد بن أبي زياد الجدي صاحب
    الصلاة بجدة قال : حدثني محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال :
    سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يتكلم بهذا الكلام عند المأمون في التوحيد ، قال ابن
    أبي زياد : ورواه لي أيضاً أحمد بن عبد الله العلوي مولى لهم وخالاً لبعضهم ، عن
    القاسم بن أيوب العلوي ، أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا عليه‌السلام على هذا الأمر


    جمع بني هاشم فقال : إني أريد أن أستعمل الرضا على هذا الأمر من بعدي ،
    فحسده بنو هاشم وقالوا : أتولي رجلاً جاهلاً ليس له بصر بتدبير الخلافة ، فابعث إليه
    رجلاً يأتنا فترى من جهله ما يستدل به عليه ، فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم : يا أبا
    الحسن إصعد المنبر وانصب لنا علماً نعبد الله عليه ، فصعد عليه‌السلام المنبر ، فقعد ملياً لا
    يتكلم مطرقاً ، ثم انتفض انتفاضة واستوى قائماً ، وحمد الله وأثنى عليه وصلى على
    نبيه وأهل بيته . ثم قال :
    أول عبادة الله معرفته ، وأصل معرفة الله توحيده ، ونظام توحيد الله نفي الصفات
    عنه ، لشهادة العقول أن كل موصوف مخلوق ، وشهادة كل مخلوق أن له خالقاً ليس
    بصفة ولا موصوف ، وشهادة كل صفة وموصوف بالإقتران ، وشهادة الإقتران
    بالحدث ، وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل الممتنع من الحدث ، فليس الله عرف
    من عرف بالتشبيه ذاته ، ولا إياه وحد من اكتنهه ، ولا حقيقة أصاب من مثله ، ولا به
    صدق من نهاه ، ولا صمد صمده من أشار إليه ، ولا إياه عنى من شبهه ، ولا له تذلل
    من بعضه ، ولا إياه أراد من توهمه .
    كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، بصنع الله يستدل عليه ،
    وبالعقول تعتقد معرفته ، وبالفطرة تثبت حجته . خلق الله حجاباً بينه وبينهم ،
    ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم ، وابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له ، لعجز كل
    مبتدأ عن ابتداء غيره ، وأَدْوه إياهم دليل على أن لا أداة فيه ، لشهادة الأدوات بفاقة
    المتأدين ، وأسماؤه تعبير ، وأفعاله تفهيم ، وذاته حقيقة ، وكنهه تفريق بينه وبين
    خلقه ، وغبوره تحديد لما سواه .
    فقد جهل الله من استوصفه ، وقد تعداه من اشتمله ، وقد أخطأه من اكتنهه ، ومن
    قال كيف فقد شبهه ، ومن قال لم فقد علله ، ومن قال متى فقد وقته ، ومن قال فيم
    فقد ضمنه ، ومن قال إلى م فقد نهاه ، ومن قال حتى م فقد غياه ، ومن غياه فقد
    غاياه ، ومن غاياه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد وصفه ، ومن وصفه فقد ألحد فيه ، لا



    يتغير الله بانغيار المخلوق ، كما لا يتحدد بتحديد المحدود ، أحد لا بتأويل عدد ،
    ظاهر لا بتأويل المباشرة ، متجل لا باستهلال رؤية ، باطن لا بمزايلة ، مبائن لا
    بمسافة ، قريب لا بمداناة ، لطيف لا بتجسم ، موجود لا بعد عدم ، فاعل لا
    باضطرار ، مقدر لا بجول فكرة ، مدبر لا بحركة ، مريد لا بهمامة ، شاء لا بهمة ، مدرك
    لا بمجسة ، سميع لا بآلة ، بصير لا بأداة .
    لا تصحبه الأوقات ، ولا تضمنه الأماكن ، ولا تأخذه السنات ، ولا تحده الصفات ،
    ولا تقيده الأدوات .
    سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والإبتداء أزله .
    بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له ،
    وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له ،
    ضاد النور بالظلمة ، والجلاية بالبهم ، والجسو بالبلل ، والصرد بالحرور ، مؤلف بين
    متعادياتها ، مفرق بين متدانياتها ، دالة بتفريقها على مفرقها ، وبتأليفها على مؤلفها ،
    ذلك قوله عز وجل : وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، ففرق بها بين قبل
    وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد ، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها ، دالة بتفاوتها
    أن لا تفاوت لمفاوتها ، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها ، حجب بعضها عن بعض
    ليعلم أن لا حجاب بينه وبينها غيرها ، له معنى الربوبية إذ لا مربوب ، وحقيقة الإلۤهية
    إذ لا مألوه ، ومعنى العالم ولا معلوم ، ومعنى الخالق ولا مخلوق ، وتأويل السمع ولا
    مسموع .
    ليس منذ خلق استحق معنى الخالق ، ولا بإحداثه البرايا استفاد معنى البارئية ،
    كيف ولا تغيبه مذ ، ولا تدنيه قد ، ولا تحجبه لعل ، ولا توقته متى ، ولا تشمله حين ،
    ولا تقارنه مع ، إنما تحد الأدوات أنفسها ، وتشير الآلة إلى نظائرها ، وفي الأشياء
    يوجد فعالها ، منعتها منذ القدمة ، وحمتها قد الأزلية ، وجبتها لولا التكملة ، افترقت
    فدلت على مفرقها ، وتباينت فأعربت من مباينها ، لما تجلى صانعها للعقول ، وبها


    احتجب عن الرؤية ، وإليها تحاكم الأوهام ، وفيها أثبت غيره ، ومنها أنيط الدليل ،
    وبها عرفها الإقرار .
    وبالعقول يعتقد التصديق بالله ، وبالإقرار يكمل الإيمان به ، ولا ديانة إلا بعد
    المعرفة ، ولا معرفة إلا بالإخلاص ، ولا إخلاص مع التشبيه ، ولا نفي مع إثبات
    الصفات للتشبية ، فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه ، وكل ما يمكن فيه يمتنع من
    صانعه ، لا تجري عليه الحركة والسكون ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، أو يعود
    إليه ما هو ابتداه ، إذا لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من الأزل معناه ، ولما كان
    للبارئ معنى غير المبروء .
    ولو حد له وراء إذاً حد له أمام ، ولو التمس له التمام إذاً لزمه النقصان ، كيف
    يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث ، وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من
    الإنشاء ، إذاً لقامت فيه آية المصنوع ، ولتحول دليلاً بعد ما كان مدلولاً عليه .
    ليس في محال القول حجة ، ولا في المسألة عنه جواب ، ولا في معناه له تعظيم ،
    ولا في إبانته عن الخلق ضيم ، إلا بامتناع الأزلي أن يثنى ، وما لا بدأ له أن يبدى ، لا
    إلۤه إلا الله العلي العظيم ، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالاً بعيداً ، وخسروا خسراناً
    مبينا . وصلى الله على محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين .
    نماذج من كلمات علماء مذهب أهل البيت عليهم‌السلام
    ـ الإعتقادات ص 93 للصدوق المتوفى سنة 381
    إعلم أن اعتقادنا في التوحيد : أن الله تعالى واحد أحد ليس كمثله شئ ، قديم لم
    يزل ولا يزال ، سميعاً بصيراً عليماً حكمياً حياً قيوماً عزيزاً قدوساً عالماً قادراً غنياً ،
    لا يوصف بجوهر ولا جسم ولا صورة ولا عرض ولا خط ولا سطح ولا ثقل ولا خفة
    ولا سكون ولا حركة ولا مكان ولا زمان ، وأنه تعالى متعال من جميع صفات خلقه ،
    خارج عن الحدين حد الإبطال وحد التشبيه . وأنه تعالى شئ لا كالأشياء ، صمد ، لم



    يلد فيورث ولم يولد فيشارك ولم يكن له كفواً أحد ، ولا نِدَّ له ولا ضد ولا شبه ، ولا
    صاحبة ولا مثل ولا نظير ولا شريك له ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ولا
    الأوهام وهو يدركها ، لا تأخذه سنة ولا نوم وهو اللطيف الخبير ، خالق كل شئ ، لا
    إلۤه إلا هو ، له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين .
    ومن قال بالتشبيه فهو مشرك ، ومن نسب إلى الإمامية غير ما وصف في التوحيد
    فهو كاذب ، وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوع مخترع ، وكل
    حديث لا يوافق كتاب الله فهو باطل ، وإن وجد في كتب علمائنا فهو مدلس .
    والأخبار التي يتوهمها الجهال تشبيهاً لله تعالى بخلقه فمعانيها محمولة على ما
    في القرآن من نظائرها ، لأن ما في القرآن : كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ، ومعنى الوجه
    الدين ، والوجه الذي يؤتى الله منه ويتوجه به إليه .
    وفي القرآن : يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود وهم سالمون ، والساق
    وجه الأمر وشدته .
    وفي القرآن : أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ، والجنب
    الطاعة .
    وفي القرآن : وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ، وهو روح مخلوقة جعل الله منها في آدم
    وعيسى ، وإنما قال روحي كما قال : نبيي وعبدي وجنتي أي : مخلوقي ، وناري
    وسمائي وأرضي . وفي القرآن : بل يداه مبسوطتان ، يعني نعمة الدنيا ونعمة الآخرة .
    وفي القرآن : وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ، والأيد القوة ، ومنه قوله تعالى : وَاذْكُرْ عَبْدَنَا
    دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ، يعني ذا القوة .
    وفي القرآن : يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ، يعني بقدرتي وقوتي .
    وفي القرآن : وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يعني ملكه ولا يملكها معه أحد .
    وفي القرآن : وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ، يعني بقدرته .
    وفي القرآن : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ، يعني وجاء أمر ربك .

    وفي القرآن : كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ، يعني عن ثواب ربهم .
    وفي القرآن : هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ ، أي
    عذاب الله .
    وفي القرآن : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، يعني مشرقة تنظر ثواب ربها .
    وفي القرآن : وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ، وغضب الله عقابه ، ورضاه
    ثوابه .
    وفي القرآن : تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ، أي تعلم غيبي ولا أعلم
    غيبك .
    وفي القرآن ، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ، يعني إنتقامه .
    وفي القرآن : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ .
    وفيه : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ ، والصلاة من الله رحمة ومن الملائكة
    استغفار وتذكية ومن الناس دعاء .
    وفي القرآن : وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ .
    وفي القرآن : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ .
    وفيه : اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ .
    وفي القرآن : سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ .
    وفيه : نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ .
    ومعنى ذلك كله أنه عز وجل يجازيهم جزاء المكر وجزاء المخادعة وجزاء
    الإستهزاء وجزاء النسيان وهو أن ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل : وَلَا تَكُونُوا
    كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ، لأنه عز وجل في الحقيقة لا يمكر ولا يخادع ولا
    يستهزئ ولا يسخر ولا ينسى ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
    وليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف والإلحاد إلا بمثل هذه الألفاظ
    ومعانيها معاني ألفاظ القرآن .



    ـ الكافي ص 38 ، لأبي الصلاح الحلبي المتوفى سنة 447
    . . . وثبوت كونه تعالى قديماً مقتض لكونه سبحانه غنياً تستحيل عليه الحاجة ،
    ( لأن ) الحاجة لا تكون إلا لاجتلاب نفع أو دفع ضرر ، من حيث علمنا استحالة
    الحاجة على من يستحيل عليه الضرر والنفع كالموات والجماد . والنفع والضرر لا
    يجوزان إلا على من يلذ ويألم ، لأن الحي إنما ينتفع بما يلذ به أو يسر له ، ويستضر
    بما يألم به أو يغتم لأجله ، واللذة والألم لا يجوزان إلا على ذي شهوة ونفور ، إذ
    معنى ملتذ أنه أدرك ما يشتهيه ، ومعنى متألم أنه أدرك ما ينفر عنه ، ومعنى مسرور
    أنه اعتقد أو ظن وصول نفع إليه أو إلى من يجري مجراه واندفاع ضرر ، ومعنى مغتم
    أنه اعتقد أو ظن وصول ضرر اليه أو إلى من يجري مجراه أو فوت نفع ، فعاد معنى
    السرور والغم إلى النفع والضرر .
    إذا تقرر هذا وكانت الشهوة والنفار معاني تفتقر إلى محل استحال تخصيصها .
    وكونه تعالى لا يشبه شيئاً يحيل إدراكه سبحانه بشئ من الحواس ، لاختصاص
    الإدراك المعقول بالجواهر وأجناس من الأعراض ، وليس هو من الجنسين ،
    فاستحال إدراكه تعالى .
    ولأنه لو كان مما يصح أن يدرك بشئ من الحواس لوجب أن ندركه الآن ، لأنا على
    الصفة التي معها يجب أن يدرك كلما يصح إدراكه بشرط ارتفاع الموانع ، وهو سبحانه
    موجود والموانع مستحيلة عليه ، لأنها اللطافة والرقة وتفاوت البعد والقرب
    والحجاب والكون في غير جهة المقابلة ، وذلك أجمع من صفات المتحيزات ، وقد
    دللنا على كونه سبحانه بخلافها ، فلو كان مما يصح أن يدرك لأدركناه الآن ، ولو
    أدركناه لعلمناه ضرورة ، من حيث كان العلم بالمدرك من كمال العقل ، وفي عدم
    العلم به سبحانه ضرورة دليل على عدم إدراكه . . . .
    وثبوت كونه تعالى لا يشبه شيئاً يحيل عليه التنقل والإختصاص بالحياة
    والمجاورة ، لأن ذلك من أحكام المتحيزات وليس بمتحيز . ويحيل عليه سبحانه


    الحلول وإيجاب الأحوال والأحكام ، لأن ذلك من خواص الأعراض ، فتسقط لذلك
    مذاهب الثنوية والمجوس والصابئين وعباد الأصنام والمنجمين والنصارى والغلاة ،
    لإثبات هؤلاء أجمع إلۤهية الأجسام ، أو كونها مؤثرة ما يستحيل من الجسم تأثيره ،
    على ما سلف بيانه .
    ـ كشف المراد للعلامة الحلي ص320 : المتوفى سنة 726
    المسألة العشرون : في أنه تعالى ليس بمرئي .
    أقول : وجوب الوجود يقتضي نفي الرؤية أيضاً . واعلم أن أكثر العقلاء ذهبوا إلى
    امتناع رؤيته تعالى ، والمجسمة جوزوا رؤيته لاعتقادهم أنه تعالى جسم ولو اعتقدوا
    تجرده لم يجوزوا رؤيته عندهم . والأشاعرة خالفوا العقلاء كافة هنا وزعموا أنه تعالى
    مع تجرده يصح رؤيته .
    والدليل على امتناع الرؤية أن وجوب الوجود يقتضي تجرده ونفي الجهة والحيز
    عنه ، فتنتفي الرؤية عنه بالضرورة ، لأن كل مرئي فهو في جهة يشار إليه بأنه هناك أو
    هنا ، ويكون مقابلاً أو في حكم المقابل ، ولما انتفى هذا المعنى عنه تعالى انتفت
    الرؤية . . . . أقول : لما استدل على نفي الرؤية شرع في الجواب عن الإحتجاج ،
    والأشاعرة قد احتجوا بوجوه أجاب المصنف رحمه‌الله عنها .
    الأول ، إن موسى عليه‌السلام سئل الرؤية ولو كانت ممتنعة لم يصح عنه السؤال .
    والجواب : أن السؤال كان من موسى عليه‌السلام لقومه ليبين لهم امتناع الرؤية لقوله
    تعالى : لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ، وقوله : أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ
    السُّفَهَاءُ مِنَّا . . . .
    الوجه الثاني لهم ، أنه تعالى حكى عن أهل الجنة النظر اليه فقال : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ،
    والنظر المقرون بحرف إلى يفيد الرؤية ، لأنه حقيقة في تقليب الحدقة نحو المطلوب
    التماساً للرؤية ، وهذا متعذر في حقه تعالى لانتفاء الجهة ، عنه فيتعين أن يكون



    المراد منه المجاز ، وهي الرؤية التي هي معلولة النظر الحقيقي ، واستعمال لفظ
    السبب في المسبب من أحسن وجوه المجاز .
    والجواب : المنع من إرادة هذا المجاز ، فإن النظر وإن اقترن به حرف إلى لا يفيد
    الرؤية ، ولهذا يقال نظرت إلى الهلال فلم أره ، وإذا لم يتعين هذا المعنى للإرادة أمكن
    حمل الآية على غيره ، وهو أن يقال إن إلى واحد إلاء ويكون معنى ناظرة أي منتظرة ،
    أو نقول إن المضاف هنا محذوف وتقديره إلى ثواب ربها ناظرة .
    لا يقال : الإنتظار سبب الغم والآية سيقت لبيان النعم .
    لأنا نقول : سياق الآية يدل على تقدم حال أهل الثواب والعقاب على استقرارهم
    في الجنة والنار بقوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، بدليل قوله تعالى : وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ
    تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ، فإن في حال استقرار أهل النار في النار قد فعل بها فاقرة فلا
    يبقى للظن معنى . وإذا كان كذلك فانتظار النعمة بعد البشارة بها لا يكون سبباً للغم
    بل سبباً للفرح والسرور ونضارة الوجه كمن يعلم وصول نفع إليه يقيناً في وقت ، فإنه
    يسر بذلك وإن لم يحضر الوقت ، كما أن انتظار العقاب بعد الأنذار بوروده يوجب
    الغم ويقتضي بسارة الوجه .
    قال : وتعليق الرؤية باستقرار المتحرك لا يدل على الإمكان .
    أقول : هذا جواب عن الوجه الثالث للأشعرية وتقرير احتجاجهم أن الله سبحانه
    وتعالى علق الرؤية في سؤال موسى عليه‌السلام على استقرار الجبل ، والإستقرار ممكن لأن
    كل جسم فسكونه ممكن ، والمعلق على الممكن ممكن .
    والجواب : أنه تعالى علق الرؤية على الإستقرار لا مطلقاً بل على استقرار الجبل
    حال حركته ، واستقرار الجبل حال الحركة محال ، فلا يدل على إمكان المعلق .
    قال : واشتراك المعلولات لا يدل على اشتراك العلل مع منع التعليل والحصر .
    أقول : هذا جواب عن شبهة الأشاعرة من طريق العقل استدلوا بها على جواز
    رؤيته تعالى ، وتقريرها أن الجسم والعرض قد اشتركا في صحة الرؤية ، وهذا حكم


    مشترك يستدعي علة مشتركة ، ولا مشترك بينهما إلا الحدوث أو الوجود ،
    والحدوث لا يصلح للعلية لأنه مركب من قيد عدمي فيكون عدمياً ، فلم يبق إلا
    الوجود فكل موجود يصح رؤيته وأنه تعالى موجود .
    وهذا الدليل ضعيف جداً لوجوه :
    الأول : المنع من رؤية الجسم ، بل المرئي هو اللون أو الضوء لا غير .
    الثاني ، لا نسلم اشتراكهما في صحة الرؤية ، فإن رؤية الجوهر مخالفة لرؤية
    العرض .
    الثالث ، لا نسلم أن الصحة ثبوتية بل هي أمر عدمي ، لأن جنس صحة الرؤية وهو
    الإمكان عدمي ، فلا يفتقر إلى العلة .
    الرابع ، لا نسلم أن المعلول المشترك يستدعي علة مشتركة ، فإنه يجوز اشتراك
    العلل المختلفة في المعلولات المتساوية .
    الخامس ، لا نسلم الحصر في الحدوث والوجود ، وعدم العلم لا يدل على
    العدم ، مع أنا نتبرع قسماً آخر وهو الإمكان ، وجاز التعليل به وإن كان عدمياً ، لأن
    صحة الرؤية عدمية .
    السادس ، لا نسلم أن الحدوث لا يصلح للعلية ، وقد بينا أن صحة الرؤية عدمية ،
    على أنا نمنع من كون الحدوث عدمياً ، لأنه عبارة عن الوجود المسبوق بالغير لا
    المسبوق بالعدم .
    السابع ، لم لا يجوز أن تكون العلة هي الوجود بشرط الإمكان أو بشرط الحدوث ،
    والشروط يجوز أن تكون عدمية .
    الثامن ، المنع من كون الوجود مشتركاً ، لأن وجود كل شئ نفس حقيقته ، ولو
    سلم كون الوجود الممكن مشتركاً ، لكن وجود الله تعالى مخالف لغيره من
    الوجودات ، لأنه نفس حقيقته ، ولا يلزم من كون وجود بعض الماهيات علة لشئ
    كون ما يخالفه علة لذلك الشئ .


    التاسع ، المنع من وجود الحكم عند وجود المقتضي ، فإنه جاز وجود مانع في
    حقه تعالى ، أما ذاته أو صفة من صفاته ، أو نقول الحكم يتوقف على شرط كالمقابلة
    هنا وهي تمتنع في حقه تعالى ، فلا يلزم وجود الحكم فيه .
    ـ الرسالة السعدية للعلامة الحلي ص 39
    والدليل على المذهب الأول : العقل ، والنقل .
    أما العقل ، فإن الضرورة قاضية : بأن كل مرئي ، فإنه لا بد وأن يكون مقابلاً للرائي ،
    أو في حكم المقابل كالمرئي في المرايا . وكل مقابل أو في حكمه فهو في جهة ، والله
    تعالى ليس في جهة فلا يكون مرئياً .
    ولأنه لو كان مرئياً لرأيناه الآن ، لوجود العلة المقتضية للرؤية وهي حصول
    الشرايط وانتفاء الموانع وسلامة الحاسة .
    وأما النقل ، فقوله تعالى : لَن تَرَانِي ، ولو كانت صحيحة ويراه بعض المؤمنين ،
    لكان موسى عليه‌السلام أولى بالرؤية .
    وقوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ، تمدح بنفي الرؤية فيكون
    ثبوتها نقصاً ، والنقص على الله تعالى محال .
    ولأن الخصم يسلم أن معرفة الله تعالى ليست حاصلة إلا بصفاته وآثاره دون
    حقيقته ، فكيف تصح رؤيته والإحاطة بكنه حقيقته ، تعالى الله عن ذلك .
     


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:10

    الفصل الخامس
    من أين نشأت المشكلة عند إخواننا السنة
    العامل الأول : ميل العوام إلى التشبيه والتجسيم
    للذهن البشري حالة ابتدائية طفولية يتصور فيها كثيراً من الأمور تصوراً خاطئاً ،
    حتى إذا تعمق في الفكر والتجربة . . تصححت نظرته ! ولعل أكثر الناس يتصورون الله
    تعالى في طفولتهم بصور من محيطهم ، فيتخيله أحدهم كأبيه مثلاً ، أو كإنسان
    صاحب صفات حسنة . . . . وهذا أمر طبيعي ، بل قد يكون فطرياً ، فقد ورد أن النملة
    تتصور أن لربها قرنين كقرنيها ( نحوه في بحار الأنوار ج 69 ص 293 )
    ولكن هذه الحالة الطفولية إذا استمرت مع الإنسان ولم تتطور ، فإنها تتحول إلى
    حالة عامية مستعصية ، ولذا ترى أصحابها يميلون إلى الإعتقاد بأن الله تعالى جسم ،
    ويروون عنه القصص والخيالات !
    وقد كانت هذه ( العامية ) سائدة في مجتمع اليهود الذي انحرف عن رسالات
    أنبيائه ، وكذا في مجتمع العرب الوثني ، وصارت أرضية لتقبل نظريات الرؤية
    والتشبيه والتجسيم من اليهود ، وترويجها بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والتنظير لها ! حتى أن بعض



    الحنابلة والأشعريين كابن عقيل والذهبي ادعيا أن الإسلام دين عوامي يتبنى منهج
    العوامية !
    قال الذهبي في سيره ج 19 ص 448 : قال ابن عقيل في الفنون : الأصلح لاعتقاد
    العوام ظواهر الآي ، لأنهم يأنسون بالإثبات ، فمتى محونا ذلك من قلوبهم زالت
    الحشمة . قال : فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه ، لأن التشبيه
    يغمسهم في الإثبات فيخافون ويرجون ، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي ، فلا طمع ولا
    مخافة في النفي . ومن تدبر الشريعة رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ
    الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه كقول الأعرابي : أو يضحك ربنا ؟ قال النبي صلى
    الله عليه وسلم : نعم ، فلم يكفهر لقوله وتركه وما وقع له ! انتهى .
    وقد تبنى الذهبي هذا الإتجاه الخطير وأشاد بأهله ! وبلغ به الأمر أنه نقل كلام أبي
    حاتم بن خاموش الذي كفر فيه كل المسلمين ما عدا الحنابلة ولم يعلق عليه ، قال في
    سيره ج 18 ص 507 :
    قال ابن طاهر : وسمعت أبا إسماعيل يقول : قصدت أبا الحسن الخرقاني
    الصوفي ، ثم عزمت على الرجوع ، فوقع في نفسي أن أقصد أبا حاتم بن خاموش
    الحافظ بالري وألتقيه ، وكان مقدم أهل السنة بالري ، وذلك أن السلطان محمود بن
    سبكتكين لما دخل الري ، وقتل بها الباطنية منع الكل من الوعظ غير أبي حاتم ،
    وكان من دخل الري يعرض عليه اعتقاده فإن رضيه أذن له في الكلام على الناس وإلا
    فمنعه ، قال : فلما قربت من الري كان معي رجل في الطريق من أهلها فسألني عن
    مذهبي فقلت : حنبلي ، فقال : مذهب ما سمعت به وهذه بدعة وأخذ بثوبي ، وقال :
    لا أفارقك إلى الشيخ أبي حاتم ، فقلت خيرة ، فذهب بي إلى داره ، وكان له ذلك
    اليوم مجلس عظيم ، فقال : هذا سألته عن مذهبه ، فذكر مذهباً لم أسمع به قط . قال :
    وما قال ؟ فقال قال : أنا حنبلي . فقال : دعه ، فكل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم .
    فقلت في نفسي : الرجل كما وصف لي ، ولزمته أياماً وانصرفت . انتهى .

    وقال الناشر عما وجده في المخطوطة : ( في حاشية الأصل بخط مغاير ما نصه :
    أخطأ هذا القائل قطعاً والمقول له في تصويبه ذلك وكذلك المادح له ، بل لو قيل : إن
    قائل هذه المقالة يكفر بها لم يبعد ، لأنه نفى الإسلام عن عالم عظيم من هذه الأمة
    ليسوا بحنابلة ، بل هم الجمهور الأعظم ، ولقد بالغ المصنف في هذا الكتاب في
    تعظيم رؤوس التجسيم ، وسياق مناقبهم ، والتغافل عن بدعهم ، بل يعدها سنة .
    ويهضم جانب أهل التنزيه ، ويعرض بهم أو يصرح ، ويتغافل عن محاسنهم العظيمة
    وآثارهم في الدين ، كما فعل في ترجمة إمام الحرمين والغزالي ، والله حسيبه ، فلا
    حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) . انتهى .
    وقد كان العوام الرعاع في كل جيل يتعصبون للقول بالتشبيه ولمن يقول به ،
    ويؤيدونه ضد خصومه بأساليب خشنة عدوانية ! فقد روى ابن بطوطة في رحلته ج 1
    ص 90 إحدى مشاهداته فقال :
    ( وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام ، يتكلم في
    الفنون إلا أن في عقله شيئاً . . وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعه وهو يعظ
    الناس على منبر الجامع ويذكرهم فكان من جملة كلامه أن قال : إن الله ينزل إلى
    سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل ربعة من ربع المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن
    الزهراء وأنكر ما تكلم به ، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال
    ضرباً كثيراً ، حتى سقطت عمامته وظهر على رأسه شاشية حرير ) انتهى .
    وبقى هذا السلوك العوامي لأصحاب الرؤية والتجسيم ، إرثاً موروثاً من قرون
    الإسلام الأولى ! بل زاد عليه الأشعريون والمجسمة والدولة في ابتكار أساليب القمع
    والإرهاب للذين يخالفونهم ، كما عرفت في موقفهم من التأويل والمتأولة ، وكما
    فعلوا مع الطبري المؤرخ لأنه لم يوافقهم على أن الله تعالى يجلس على عرشه ،
    فيفضل منه أربع أصابع ليجلس عليها الأنبياء إلى جنبه ! قال الحموي في معجم الأدباء
    ج 9 جزء 18 ص 57 في ترجمة الطبري :


    فلما قدم إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها تعصب عليه أبو عبد الله
    الجصاص وجعفر بن عرفة والبياضي . وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل
    في الجامع يوم الجمعة وعن حديث الجلوس على العرش . فقال أبو جعفر : أما
    أحمد بن حنبل فلا يعد خلافه . فقالوا له : فقد ذكره العلماء في الإختلاف ، فقال : ما
    رأيته روي عنه ، ولا رأيت له أصحاباً يعول عليهم . وأما حديث الجلوس على
    العرش فمحال ثم أنشد :
    سبحان من ليس له أنيس
    ولا له في عرشه جليس

    فلما سمع ذلك الحنابلة منه وأصحاب الحديث وثبوا ورموه بمحابرهم ، وقيل
    كانت ألوفاً فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه
    كالتل العظيم . . . . إلى آخر القصة التي سنذكرها في مكانة المجسمين في مصادر
    إخواننا . . . .
    ـ وقال ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد ج 4 ص 39
    قال القاضي : صنف المروزي كتاباً في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه
    إقعاده على العرش وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم . . . . وعبد الله بن الإمام
    أحمد . . . . إلخ . ثم قال ابن القيم : قلت : وهو قول ابن جرير الطبري وإمام هؤلاء كلهم
    مجاهد إمام التفسير . انتهى .
    ولم يذكر ابن القيم عمن أخذه مجاهد ، ولا ذكر إهانة الحنابلة للطبري وإجبارهم
    إياه على القول بذلك !
    ـ وقال ابن خلدون في تاريخه ج 4 ص 477
    كانت مدينة بغداد قد احتفلت في كثرة العمران بما لم تنته إليه مدينة في العالم
    منذ مبدأ الخليقة فيما علمناه ، واضطربت آخر الدولة العباسية بالفتن وكثر فيها
    المفسدون والدعار والعيارون من الرها ، وأعيا على الحكام أمرهم ، وربما أركبوا
    العساكر لقتالهم ويثخنون فيهم ، فلم يحسم ذلك من عللهم شيئاً ، وربما حدثت


    الفتن من أهل المذاهب ومن أهل السنة والشيعة من الخلاف في الإمامة ومذاهبها ،
    وبين الحنابلة والشافعية وغيرهم من تصريح الحنابلة بالتشبية في الذات والصفات
    ونسبتهم ذلك إلى الإمام أحمد وحاشاه منه ، فيقع الجدال والنكير ثم يفضي إلى
    الفتنة بين العوام ، وتكرر ذلك منذ حُجِرَ الخلفاء ، ولم يقدر بنو بويه ولا السلجوقية
    على حسم ذلك منها ، لسكنى أولئك بفارس وهؤلاء بأصبهان وبُعْدِهِم عن بغداد ،
    والشوكة التي تكون بها حسم العلل لاتفاقهم ، وإنما تكون ببغداد شحنة ( حامية
    عسكرية ) تحسم ما خف من العلل ما لم ينته إلى عموم الفتنة .
    . . . .لم يحصل من ملوكهم اهتمام لحسم ذلك لاشتغالهم بما هو أعظم منه في
    الدولة والنواحي ، وعامة بغداد أهون عليهم من أن يصرفوا همتهم عن العظائم
    إليهم ، فاستمرت هذه العلة ببغداد ولم تقلع عنها ، إلى أن اختلفت جدتها وتلاشى
    عمرانها ، وبقي طراز في ردائها لم تذهبه الأيام ! !
    ـ وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج 12 ص 143
    ثم دخلت سنة سبعين وأربعمائة قال ابن الجوزي . . . . وفي شوال منها وقعت فتنة
    بين الحنابلة وبين فقهاء النظامية ، وحمي لكل من الفريقين طائفة من العوام ، وقتل
    بينهم نحو من عشرين قتيلاً ، وجرح آخرون ثم سكنت الفتنة .
    ـ وقال الصديق المغربي في فتح الملك العلي ص 95
    وقال ابن قتيبة في اختلاف الحديث : الحديث يدخله الفساد من وجوه ثلاثة :
    الزنادقة واحتيالهم للإسلام بدس الأحاديث المستبشعة والمستحيلة . والقصاص
    فإنهم يميلون وجوه العوام إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير وغرائب الأحاديث ،
    ومن شأن العوام ملازمة القصاص ما دام يأتي بالعجائب الخارجة عن نظر العقول .
    وقال ابن الجوزي في الموضوعات : معظم البلاء في وضع الحديث إنما يجري
    من القصاص لأنهم يريدون أحاديث ترقق وتنفق ، والصحيح فيها يقل .
    ويحكى عن أبي عبد الله النهاوندي أنه قال : قلت لغلام خليل : هذه الأحاديث



    التي تحدث بها في الرقاق قال : وضعناها لنقوي بها قلوب العامة ، قال : وكان يتزهد
    ويهجر شهوات الدنيا ويتقوت الباقلاء صرفاً ، وغلقت الأسواق ببغداد يوم موته ! . . .
    وقد نص السلف على أن القصص بدعة ، وأن التزهد والتقشف الخارج عن السنة
    بدعة أيضاً . انتهى .
    لكن ذكرت مصادر إخواننا أن أول من فتح الباب للقصاصين وأعطاهم الشرعية
    هو الخليفة عمر . . قال أحمد في مسنده ج 3 ص 449 : عن السائب بن يزيد : أنه لم يكن
    يقص على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ، وكان أول من قص
    تميماً الداري ، استأذن عمر بن الخطاب أن يقص على الناس قائماً فأذن له عمر !
    وقال في كنز العمال ج 10 ص 280 : عن ثابت البناني قال : أول من قص عبيد بن
    عمير على عهد عمر بن الخطاب ابن سعد والعسكري في المواعظ .
    العامل الثاني : الخوف من أن يؤدي التنزيه إلى التعطيل
    أفرط بعضهم في التأكيد على الصفات السلبية وتنزيه الله تعالى ، فسبب ذلك عند
    الآخرين الخوف من سلب فاعليته تعالى وتأثيره في الوجود .
    ولكن هؤلاء المتخوفين وقعوا في الإفراط من الجهة الأخرى في الصفات
    الثبوتية ، فتصوروا أن فاعلية الله تعالى وتدبيره للكون يتوقف على أن يكون وجوداً
    محدوداً ، يتجول في سماواته وينزل إلى أرضه ويتجسد في صورة إنسان . . إلخ .
    ونلاحظ أن هذين الخطين من الإفراط والتفريط موجودان عند المتكلمين والفلاسفة
    من الأمم السابقة كما هما في هذه الأمة !
    وقد أخذ الأشاعرة موقع الدفاع عن التحميد ومقاومة التعطيل ، وأخذ المعتزلة
    موقع الدفاع عن التنزيه ومقاومة التشبيه .
    ونفس الكلام يرد أيضاً في أفعال الإنسان ، أو الجبر والإختيار ، أو القضاء والقدر ،
    فقال الأشاعرة بالجبر للدفاع عن فاعلية الله تعالى في الوجود . . بينما قال المعتزلة
    بحرية الإنسان ومسؤوليته عن أعماله للدفاع عن عدل الله تعالى وتنزيهه عن الظلم .

    أما أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم فكان لهم موقف ثالث يمثل أصالة الدين الإلۤهي من
    آدم عليه‌السلام إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في تنزيه الله تعالى وتحميده في آن واحد ، فنفوا عنه التشبيه
    والتجسيم والرؤية ، كما نفوا عنه الظلم والإجبار ، وأثبتوا فاعليته تعالى وهيمنته
    الشاملة على الوجود ، ومسؤولية الإنسان عن عمله ، كما سترى إن شاء الله تعالى .
    وقد اشتبه الأمر على بعض الباحثين فتخيلوا أن موقف أهل البيت عليهم‌السلام حل وسط
    بين الإتجاهين ، بينما هو مذهب ثالث أقدم من مذهبي الأشاعرة والمعتزلة ، وهو
    يختلف عنهما في أساسه وعدد من تفاصيله ، وإن أخذ منه الطرفان بعض الأسس
    والتفاصيل .
    العامل الثالث : مضاهاة بعض المسلمين لليهود
    كان الجدل بين المسلمين واليهود كثيراً في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي صدر الإسلام ،
    ومن أبرز مسائله المفاضلة بين نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين النبي موسى عليه‌السلام .
    وقد حاول بعض المسلمين مضاهاة اليهود بمعارضة كل فضيلة يذكرونها
    لموسى عليه‌السلام بإثبات فضيلة مقابلها لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكأن المسألة مغالبة بين نبيين ، وكأن
    أذهان البشر هي التي تزن فضائل الأنبياء وتعطي أحدهم درجة الأفضلية أو المساواة !
    وقد عارض هؤلاء فضيلة تكليم الله تعالى لموسى عليه‌السلام التي نص عليها القرآن ،
    باختراع حديث رؤية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لربه ، لكي يتم بذلك تقسيم الفضائل بين
    الأنبياء عليهم‌السلام ، ويكون الترجيح لفضائل نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن ادعاء هذه الفضيلة
    المستحيلة بنص القرآن جاء على حساب تنزيه الله تعالى ! وفيما يلي عدد من
    الأحاديث التي رووها في ذلك :
    ـ روى النسائي في تفسيره ج 2 ص 348
    عن ابن عباس : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم ، والكلام لموسى ، والرؤية
    لمحمد ( ص ) .



    ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 2 جزء 3 ص 5
    . . . والحجج في هذه المسألة . . . . حديث ابن عباس ( رض ) أتعجبون أن تكون
    الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد ( ص ) . .
    ـ وروى الحاكم في المستدرك ج 1 ص 65
    . . . عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أتعجبون أن تكون
    الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله . هذا حديث صحيح على شرط
    البخاري ولم يخرجاه . وله شاهد صحيح عن ابن عباس في الرؤية . . . . قال رأى
    محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه . وله شاهد ثالث صحيح الإسناد . . . . عن ابن عباس قال قد رأى
    محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه . . . . وهذه الأخبار التي ذكرتها صحيحة كلها ، والله اعلم . انتهى .
    ورواه الحاكم أيضاً في ج 2 ص 282 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط البخاري
    ولم يخرجاه . وروى نحوه في ج 2 ص 316 وص 469
    ـ وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج 1 ص 217
    جابر : إن الله أعطى موسى الكلام فأعطاني الرؤية . . وفضلني بالمقام المحمود
    والحوض المورود . انتهى . وروى نحوه الدميري في حياة الحيوان ج 2 ص 72
    ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 1 ص 78
    وعن ابن عباس قال : نظر محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه تبارك وتعالى ، قال
    عكرمة : فقلت لابن عباس نظر محمد إلى ربه ! قال نعم ، جعل الكلام لموسى
    والخلة لإبراهيم والنظر لمحمد صلى الله عليه وسلم . رواه الطبراني في الأوسط ،
    وفيه حفص بن عمر العدني روى ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي عبد الله الطهراني ،
    وقد ضعفه النسائي وغيره .
    ـ وروى الذهبي في سيره ج 14 ص 45 عن عكرمة حديث ابن عباس ، وقال الناشر في
    هامشه : أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص 199 من طريق عبد الوهاب بن الحكم


    الوراق ، حدثنا هاشم بن القاسم ، عن قيس بن الربيع ، عن عاصم الأحول ، عن
    عكرمة ، عن ابن عباس قال : إن الله . . الخ . وأخرجه أيضاً ص 197 من طريق محمد
    بن بشار ، ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ،
    عن عكرمة ، عن ابن عباس . . . . وهذا رأي لا دليل عليه ، وهو مخالف للأدلة الكثيرة
    الوفيرة في أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة . وقد حكى عثمان بن
    سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك . أنظر التفصيل في زاد المعاد ج 3
    ص 36 ـ 37 . انتهى .
    هذا ، ولكن المعروف عن ابن عباس أنه كان ينفي التشبيه والرؤية كما تقدم ، فلا
    يبعد أن يكون الحديث مكذوباً عليه من عكرمة غلامه ، فقد كان عكرمة معروفاً
    بالكذب على ابن عباس في حياته وبعد وفاته ، حتى ضربه ابن عباس وولده
    وحبسوه لهذا السبب في المرحاض ، كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل .
    وكان عكرمة يروي الإسرائيليات عن وهب وكعب وغيرهما من اليهود .
    ويؤيد ذلك أن السهيلي روى هذا الحديث في الروض الأنف ج 2 ص 156 عن كعب
    وليس عن ابن عباس . وغرض كعب من هذه الرواية أن يثبت تجسم الله تعالى ورؤيته
    بالعين ، فقد كان ذلك مطلباً مهماً يسعى إليه ، وكثرت عنه وعن جماعته نسبة ذلك
    إلى ابن عباس وبني هاشم ! كالذي رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص 225 ـ 230 .
    . . . عن الشعبي عن عبد الله بن الحرث قال : اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس :
    إنا بنو هاشم نزعم أو نقول : إن محمداً رأى ربه مرتين ، قال فكبر كعب حتى جاوبته
    الجبال ! فقال : إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى صلى الله عليهما وسلم !
    انتهى . والمطلع على أحاديث ابن عباس وبني هاشم يعرف ان رأيهم يخالف كعباً
    وجماعته ، ومن أجل هذا رووا تكبير كعب المزعوم ! !



    العامل الرابع : تأثير ثقافة اليهود
    اعتقاد اليهود والنصارى بتشبيه الله تعالى ورؤيته بالعين
    بلغ من تحريف اليهود لدينهم أنهم قالوا بتشبيه الله تعالى بخلقه وأنه محدود
    بشكل مادي ، ثم جعلوا له ولداً فقالوا عزير ابن الله ، بل قالوا إن كل اليهود أبناء الله
    وأحباؤه وشعبه المختار . . إلى آخر ما حكى الله تعالى عنهم في القرآن .
    وفيما يلي نصوص ننقلها من توراتهم الموجودة المطبوعة باسم العهد القديم
    والجديد ، طبعة مجمع الكنائس الشرقية في بيروت :
    جاء في ص 4 : 27 فخلق الله الإنسان على صورته . على صورة الله خلقه . ذكراً
    وأنثى خلقهم .
    وجاء في ص 6 : 8 وسمعا صوت الرب الإلۤه ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار .
    فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإلۤه في وسط شجر الجنة . 9 فنادى الرب الإلۤه آدم
    وقال له أين أنت . 10 فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت .
    11 فقال من أعلمك أنك عريان . هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها .
    12 فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت .
    وجاء في ص 24 : 1 ولما كان أبرام ابن تسع وتسعين سنة ظهر الرب لأبرام وقال له
    أنا الله القدير . سر أمامي وكن كاملاً . 2 فأجعل عهدي بيني وبينك وأكثرك كثيراً جداً .
    3 فسقط أبرام على وجهه وتكلم الله معه قائلاً . 4 أما أنا فهو ذا عهدي معك وتكون أبا
    الجمهور من الأمم .
    وجاء في ص 169 : 3 وكلم بني إسرائيل قائلاً خذواً تيساً من المعز لذبيحة خطية
    وعجلاً وخروفاً حوليين صحيحين لمحرقة 4 وثوراً وكبشاً لذبيحة سلامة للذبح أمام
    الرب وتقدمة ملتوتة بزيت . لأن الرب اليوم يتراءى لكم . 5 فأخذوا ما أمر به موسى
    إلى قدام خيمة الإجتماع وتقدم كل الجماعة ووقفوا أمام الرب .

    وجاء في ص 183 : 2 وقال الرب لموسى كلم هرون أخاك أن لا يدخل كل وقت
    إلى القدس داخل الحجاب أمام الغطاء الذي على التابوت لئلا يموت ، لأني في
    السحاب أتراءى على الغطاء .
    وجاء في ص 330 : فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الإجتماع 15 فتراءى
    الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة . 16
    وقال الرب لموسى ها أنت ترقد مع آبائك فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء آلهة
    الأجنبيين في الأرض التي هو داخل إليها في ما بينهم ، ويتركني وينكث عهدي الذي
    قطعته معه .
    وجاء في ص 404 : 22 فقال منوح لامرأته نموت موتاً لأننا قد رأينا الله . 23 فقالت
    له امرأته لو أراد الرب أن يميتنا لما أخذ من يدنا محرقة وتقدمة ، ولما أرانا كل هذه
    ولما كان في مثل هذا الوقت أسمعنا مثل هذه .
    وجاء في ص 549 : 2 إن الرب تراءى لسليمان ثانية كما تراءى له في جبعون . 3
    وقال له الرب قد سمعت صلاتك وتضرعك الذي تضرعت به أمامي .
    وجاء في ص 431 : 21 وعاد الرب يتراءى في شيلوه ، لأن الرب استعلن لصموئيل
    في شيلوه بكلمة الرب . 4 فأرسل الشعب إلى شيلوه وحملوا من هناك تابوت عهد
    رب الجنود الجالس على الكروبيم . . . .
    وجاء في ص 491 : 2 وقام داود وذهب هو وجميع الشعب الذي معه من بعلة
    يهوذا ليصعدوا من هناك تابوت الله الذي يدعى عليه بالإسم إسم رب الجنود
    الجالس على الكروبيم .
    وجاء في ص 534 : 5 في جبعون تراءى الرب لسليمان في حلم ليلاً ، وقال الله
    إسأل ماذا أعطيك .
    وجاء في ص 554 : 9 فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إلۤه
    إسرائيل الذي تراءى له مرتين 10 وأوصاه في هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى فلم



    يحفظ ما أوصى به الرب . 11 فقال الرب لسليمان من أجل أن ذلك عندك ولم تحفظ
    عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها فإني أمزق المملكة عنك تمزيقاً وأعطيها لعبدك .
    وجاء في ص 569 : 15 فقال إيليا حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه ، إني
    اليوم أتراءى له .
    وجاء في ص 579 : 17 فقال رأيت كل إسرائيل مشتتين على الجبال كخراف لا
    راعي لها . فقال الرب ليس لهؤلاء أصحاب فليرجعوا كل واحد إلى بيته بسلام . 18
    فقال ملك إسرائيل ليهوشافاط أما قلت لك إنه لا يتنبأ علي خيراً بل شراً . 19 وقال
    فاسمع إذاً كلام الرب . قد رأيت الرب جالساً على كرسيه وكل جند السماء وقوف
    لديه عن يمينه وعن يساره . 20 فقال الرب من يغوي أخآب فيصعد ويسقط في
    راموت جلعاد . فقال هذا هكذا وقال ذاك هكذا .
    وجاء في ص 586 : 14 فقال أليشع حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه إنه
    لولا أني رافع وجه يهوشافاط ملك يهوذا لما كنت أنظر إليك ولا أراك . 15 والآن
    فأتوني بعواد . ولما ضرب العواد بالعود كانت عليه يد الرب 16 فقال هكذا قال الرب
    إجعلوا هذا الوادي جباباً جباباً .
    وجاء في ص 683 : 1 وشرع سليمان في بناء بيت الرب في أورشليم في جبل
    المريا حيث تراءى لداود أبيه حيث هيأ داود مكاناً في بيدر أرنان اليبوسي .
    وجاء في ص 690 : 12 وتراءى الرب لسليمان ليلاً وقال له . قد سمعت صلاتك
    واخترت هذا المكان لي بيت ذبيحة .
    وجاء في ص 848 : 8 من هو هذا ملك المجد . الرب القدير الجبار الرب الجبار في
    القتال . 9 إرفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن وارفعنها أيتها الأبواب الدهريات فيدخل
    ملك المجد . 10 من هو هذا ملك المجد رب الجنود هو ملك المجد .
    وجاء في ص 799 : 1 يا راعي إسرائيل إصغ ، يا قائد يوسف كالضأن ، يا جالساً
    على الكروبيم أشرق . 2 قدام أفرايم وبنيامين ومنسي أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا .

    وجاء في ص 840 : 4 الرب في هيكل قدسه ، الرب في السماء كرسيه ، عيناه
    تنظران ، أجفانه تمتحن بني آدم . 5 الرب يمتحن الصديق ، أما الشرير ومحب الظلم
    فتبغضه نفسه . 6 يمطر على الأشرار فخاخاً ناراً وكبريتا ، وريح السموم نصيب كأسهم .
    وجاء في ص 998 : 1 في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالساً على كرسي عال
    ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل . 2 السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة . باثنين
    يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير . 3 وهذا نادى ذاك وقال قدوس
    قدوس قدوس رب الجنود مجده ملأ كل الأرض . 4 فاهتزت أساسات العتب من
    صوت الصارخ وامتلأ البيت دخاناً 5 فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس
    الشفتين ، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين ، لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود .
    وجاء في ص 1186 : 8 وكان بينما هم يقتلون وأبقيت أنا أني خررت على وجهي
    وصرخت وقلت : آه يا سيد الرب . هل أنت مهلك بقية إسرائيل كلها بصب
    رجزك على أورشليم 9 فقال لي : إن إثم بيت إسرائيل ويهوذا عظيم جداً جداً ، وقد
    امتلأت الأرض دماء وامتلأت المدينة جنفاً . لأنهم يقولون الرب قد ترك الأرض
    والرب لا يرى .
    وجاء في الإنجيل ص 42 : 20 فإن من حلف بالمذبح فقد حلف به وبكل ما عليه .
    21 ومن حلف بالهيكل فقد حلف به وبالساكن فيه . 22 ومن حلف بالسماء فقد
    حلف بعرش الله وبالجالس عليه .
    وجاء في ص 280 : 7 فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده .
    وأما المرأة فهي مجد الرجل . 8 لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل . 9
    ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة ، بل المرأة من أجل الرجل .
    وجاء في ص 321 : 5 فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً 6 الذي
    إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله 7 لكنه أخلى نفسه آخذاً
    صورة عبد صائراً في شبه الناس .


    وجاء في ص 325 : 14 الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا . 15 الذي هو صورة
    الله غير المنظور بكر كل خليقة .
    وجاء في ص 366 : 2 ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور
    الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً ، بالخزي ، فجلس في يمين عرش الله .
    وجاء في ص 399 : 21 من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت
    أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه . 22 من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس .
    وجاء في ص 399 ـ 400 : 1 بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت
    الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً إصعد إلى هنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد
    هذا . 2 وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس
    . 3 وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في
    المنظر شبه الزمرد . 4 وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً . ورأيت على العروش
    أربعة وعشرين شيخاً جالسين متسربلين بثياب بيض وعلى رؤوسهم أكاليل من
    ذهب . 5 ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات . وأمام العرش سبعة مصابيح نار
    متقدة هي سبعة أرواح الله .
    وجاء في ص 400 : وشكراً للجالس على العرش الحي إلى أبد الآبدين .
    وجاء في ص 401 : 11 ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش
    والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف . . . . 13 وكل خليقة
    مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة :
    للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين .
    وجاء في ص 403 : 15 من أجل ذلك هم أمام عرش الله ويخدمونه نهاراً وليلاً في
    هيكله ، والجالس على العرش يحل فوقهم .
    وجاء في ص 417 : 4 وخر الاربعة والعشرون شيخاً والأربعة الحيوانات وسجدوا
    لله الجالس على العرش .

    وجاء في ص 419 : 5 وقال الجالس على العرش : ها أنا أصنع كل شئ جديداً .
    وقال لي : أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة .
    ـ وقال الدكتور أحمد شلبي في كتابه مقارنة الأديان ج 2 ص 243 طبعة مكتبة النهضة
    المصرية 1973 تحت عنوان ( الله عند اليهود ) :
    لم يستطع بنو إسرائيل في أي فترة من فترات تاريخهم أن يستقروا على عبادة الله
    الواحد الذي دعا له الأنبياء ، وكان اتجاههم إلى التجسيم والتعدد والنقيصة واضحاً
    في جميع مراحل تاريخهم ، وعلى الرغم من ارتباط وجودهم بإبراهيم إلا أن البدائية
    الدينية كانت طابعهم ، وكثرة أنبيائهم دليل على تجدد الشرك فيهم ، وبالتالي تجدد
    الحاجة إلى أنبياء يجددون الدعوة إلى التوحيد ، وكانت هذه الدعوات قليلة
    الجدوى على أي حال ، فظهروا للتاريخ بدائيين يعبدون الأرواح والأحجار ، وأحياناً
    مقلدين يعبدون معبودات الأمم المجاورة التي كانت لها حضارة وفكر قلدهما اليهود
    . . . . ويقول : إن اليهود كانوا في مطلع ظهورهم على مسرح التاريخ بدواً رحلاً تسيطر
    عليهم الأفكار البدائية كالخوف من الشياطين ، والإعتقاد في الأرواح ، وكانوا يعبدون
    الحجارة والأغنام والأشجار ، ويقول : إن اليهود اتخذوا في بيوتهم أصناماً صغيرة
    كانوا يعبدونها ويتنقلون بها من مكان إلى مكان ( 1 ) وقد ظل بنو إسرائيل على هذا
    الإعتقاد حتى جاء موسى وخرج بهم من مصر .
    ولكن بني إسرائيل كما يقول ول ديورانت ( 2 ) لم يتخلوا قط عن عبادة العجل
    والكبش والحمل ، ولم يستطع موسى أن يمنع قطيعه من عبادة العجل الذهبي .
    عبادة العجول كانت لا تزال حية في ذاكرتهم منذ كانوا في مصر ، وظلوا زمناً طويلاً
    يتخذون هذا الحيوان القوي آكل العشب رمزاً لإلۤههم . وتقرر التوراة قصة العجل
    الذي عمله لهم هارون فعبدوه بعد أن تأخر موسى في العودة إليهم ، وكيف خلعوا
    ملابسهم وأخذوا يرقصون عراة أمام هذا الرب ، وقد أعدم موسى ثلاثة آلاف منهم
    عقاباً لهم على عبادة هذا الوثن ( 3 ) وقد بقيت عبادة العجل تتجدد في حياة بني



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:13

    إسرائيل من حين إلى حين ، فقد عمل يربعام بن سليمان عجلي ذهب ليعبدهما
    أتباعه حتى لا يحتاجوا إلى الذهاب إلى الهيكل ( 4 ) وقد عبد أهاب ملك إسرائيل
    الابقار بعد سليمان بقرن واحد ( 5 ) .
    وقال في هوامشه : ( 1 ) 176 . ( 2 ) قصة الحضارة ج 2 ص 338 . ( 3 ) خروج 32 :
    18 26 والقرآن الكريم يقرر أن السامري هو الذي عمل العجل . ( 4 ) الملوك الأول
    12 : 26 28 . ( 5 ) ول ديورانت ج 2 ص 339 .
    ـ وقال الدكتور شلبي في ج 1 ص 174 :
    وبعد موسى وفي عهد القضاة ، تأثر بنو إسرائيل بمعبودات الكنعانيين تأثراً
    كبيراً ، ويوضح أن إلۤه الكنعانيين ( بعل ) أصبح معبوداً لبني اسرائيل في كثير من
    قراهم ، وفي أحوال كثيرة أصبح للطائفتين معبد واحد به تمثال يهوه وتمثال بعل ،
    بل أصبح يهوه ينادى بعل ، وقد ظل ذلك إلى عهد يوشع . ( 1 )
    وقال في هامشه : ( 1 ) CHARLES FOSTER : HISTERY OF THE HEPREW POPEL P.94
    ـ وقال الدكتور شلبي في ج 1 ص 187
    ويوضح الكتاب المقدس أن بني اسرائيل عبدوا أنواعاً من هذه الآلهة ، وقد ندد
    بها أرميا في سفره ، ومنه نقتبس بعض النصوص :
    اسمعوا كلمة الرب يا بنات يعقوب وكل عشائر بيت إسرائيل ، هكذا قال الرب : ماذا
    وجد في آباؤكم من جور حتى ابتعدوا عني وساروا وراء الباطل وصاروا باطلاً ( 1 ) .
    وحين تقولون لماذا صنع الرب إلۤهنا كل هذه أقول لكم : كما أنكم تركتموني
    وعبدتم آلهة غريبة في أرضكم . ( 2 )
    يقول الرب أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً ، وتبخرون للبعل وتسيرون
    وراء آلهة أخرى ( 3 ) . . . .
    ـ يقول الرب : إن آباءكم قد تركوني وذهبوا وراء آلهة أخرى ، وعبدوها وسجدوا
    لها ، وإياي تركوا وشريعتي لم يحفظوها ، وأنتم أسأتم في عملكم أكثر من آبائكم ،


    وها أنتم ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه الشرير حتى لا تسمعوا لي ( 4 ) .
    وعلى هذا فمع وجود الهيكل في عهد سليمان كانت عبادة آلهة الأجانب
    منتشرة ، وينسب العهد القديم لسليمان نفسه أنه أقام مذابح للآلهة الخارجية التي
    كانت تعبدها زوجاته الأجنبيات ، فبنى مذبحاً لعشتروت رجاسة الصيدونيين ،
    ولكموش رجاسة المؤابيين ، ولملكوم إلۤهة بني عمون ( 5 ) وعقب موت سليمان
    انقسم ملكه بين ابنيه يربعام ورحبعام ، وهذا التغيير في تاريخ العبرانيين صحبه تغير
    في عقيدتهم ، فإسرائيل في الشمال كانت دولة غنية حظى سكانها بالإستقرار ،
    وقبلوا عادات الكنعانيين وعبدوا آلهتهم ( بعل ) أما دولة يهوذا في الجنوب فكانت
    دولة فقيرة يشتغل سكانها بالزراعة والرعي وظلوا على تبعيتهم لإلۤهم يهوه ، إلۤه
    الفقراء ، وإلى هذه الفترة ينسب الأنبياء ( 6 ) وقد صنع يربعام عجلين من ذهب
    ووضع أحدهما في بيت إبل وثانيهما في دان ، وبنى عندهما مذابح وقال لشعبه :
    هذه آلهتكم التي أصعدتكم من مصر ، فاذبحوا وعيدوا عندها ولا تصعدوا إلى
    أورشليم ، فاستجاب له الشعب . ( 7 ) .
    وقال في هامشه : 1 أرميا : 2 : 54 . 2 أرميا 5 : 2019 . 3 أرميا 7 : 109 . 4 أرميا :
    16 : 11 13 . 5 الملوك الثاني 33 : 12 .
    BERRY : RELIRINS OF THE WERLED PP 32 - 33 .
    إقرأ الصحاح الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني .
    ـ وقال الدكتور شلبي في ج 1 ص 267
    يروى التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل ، ومما يرويه التلمود على
    لسان الله قوله : تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي .
    وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود ، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل
    فاستولى عليه الطيش ، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية ، ولكنه ندم على ذلك
    بعد أن هدأ غضبه ، ولم ينفذ قسمه ، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة .


    ويقرر التلمود أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير ، وأنه أعطى الإنسان
    طبيعة رديئة وسن له شريعة لم يستطع بطبيعته الرديئة أن يسير على نهجها ، فوقف
    الإنسان حائراً بين اتجاه الشر في نفسه ، وبين الشريعة المرسومة إليه ، وعلى هذا فإن
    داود الملك لم يرتكب خطيئة بقتله أوريا واتصاله بامرأته ، لأن الله هو السبب في كل
    ذلك ( التلمود شريعة إسرائيل ص 17 ـ 19 ) .
    ـ وقال في ص 192 تحت عنوان : اليهود والألوهية عموماً :
    على أن مسألة الألوهية كلها ، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد ، لم تكن عميقة
    الجذور في نفوس بني اسرائيل ، فقد كانت المادية والتطلع إلى أسلوب نفعي في
    الحياة من أكثر ما يشغلهم ، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر اليهودي الحديث
    يجعل لليهود رباً جديداً نفعياً كذلك ، ذلك هو تربة فلسطين وزهر برتقالها ، والذي
    يقرأ رواية ( طوبى للخائفين ) للكاتبة اليهودية يائيل ديان ابنة القائد الصهيوني
    العسكري موشى ديان ، يجد أحد أبطالها ( إيفرى ) ينصح ابنه الطفل بأن يتخلى عن
    الذهاب للكنيسة ، وأن يحول اهتمامه لإلۤهه الجديد : تراب فلسطين . ونقتبس فيما
    يلي سطوراً من هذه الرواية :
    . . . الصبي يحب أن يذهب إلى الكنيس مع أمه ، ولكنه عندما عاد مرة من المعبد
    الذي لا يذهب إليه إلا القليلون ، ثار أبوه في وجهه بحديث له مغزى عميق قال له :
    أيام زمان حين كنا يهوداً في روسيا وغيرها كان من الضروري بالنسبة لنا أن نطيع
    التعليمات ونحافظ على ديننا ، فقد كان الدين اليهودي لنا وسيلتنا لنتعاون ونتعاطف
    ونذود عنا الردى ، أما الآن فقد أصبح لدينا شئ أهم هو الأرض ، أنت الآن إسرائيلي
    ولست مجرد يهودي ، إني قد تركت في روسيا كل شئ ، ملابسي ومتاعي وأقاربي
    وإلۤهي ، وعثرت هنا على رب جديد ، هذا الرب الجديد هو خصب الأرض وزهر
    البرتقال ، ألا تحس بذلك ؟ . . . . وأخذ إيفرى حفنة من تراب الأرض وسكبها في


    كف ابنه ، وقال له : إمسك هذا التراب ، إقبض عليه ، تحسسه ، تذوقه ، هذا هو ربك
    الوحيد ، إذا أردت أن تصلي للسماء فلا تصل لها لكي تسكب الفضيلة في أرواحنا ،
    ولكن قل لها أن تنزل المطر على أرضنا ، هذا هو المهم ، إياك أن تذهب مرة أخرى
    إلى المعبد .
    ـ وقال ابن حزم في الفصل في الملل ج 1 جزء 1 ص 16
    قال في التوراة : إن الله عز وجل قال لبني إسرائيل : لقد رأيتموني كلكم من السماء
    فلا تتخذوا معي آلهة الفضة ، ثم قال بعد ذلك ثم صعد موسى وهارون . . ونظروا إلى
    إلۤه إسرائيل .
    ـ وقال في ص 141
    ذكر في هذا المكان ( من التوراة ) أن يعقوب صارع الله عز وجل . . حتى قالوا إن
    الله عز وجل عجز عن أن يصرع يعقوب . . وفيه أن يعقوب قال : رأيت الله مواجهة
    وسلمت عليه .
    ـ وقال في ص 212
    ونقل في توراتهم وكتب الأنبياء بأن رجلاً اسمه إسماعيل كان إثر خراب البيت
    المقدس سمع الله يئن كما تئن الحمامة ويبكي وهو يقول : الويل الويل لمن أخرب
    بيته . . . . ويلي على ما أخربت من بيتي ويلي على ما فرقت من بيتي ، وبناتي .
    ـ وقال في ص 218
    وفي بعض كتبهم : إن الله تعالى قال لبني إسرائيل : من تعرض لكم فقد تعرض
    حدقة عيني .
    ـ وقال في ص 221
    وفي كتاب لهم يسمى شعر توما من كتاب التلمود . . ففي الكتاب المذكور أن
    تكسير جبهة خالقهم من أعلاها إلى أنفه خمسة آلاف ذراع .



    محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم
    جاء في هامش المطالب العالية ج جزء 2 ص 25 :
    في التوراة أن الله إلۤه واحد . وفي التوراة أن الله ليس كمثله شئ . ففي الإصحاح
    السادس من سفر التثنية : إسمع يا إسرائيل . إن الرب إلهنا رب واحد . فأحبب الرب
    إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك . ولتكن هذه الكلمات التي أنا آمرك بها
    اليوم في قلبك ، وكررها على بنيك وكلمهم بها إذا جلست في بيتك وإذا مشيت في
    الطريق وإذا نمت وإذا قمت ، واعقدها علامة على يدك ، ولتكن عصائب بين عينيك
    واكتبها على عضائد أبواب بيتك وعلى أبوابك . تثنية 6 : 94 ترجمة اليسوعيين .
    وفي الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية : لا كفء لله . وفي ترجمة
    البروتستانت : ليس مثل الله . تثنية 33 : 26 .
    وقال موسى بن ميمون في دلالة الحائرين : إن ما ورد في التوراة مما يوحي بأن الله
    شبه إنسان بأعضائه وبصفاته ، فذلك مؤول على معنى : أن الله يقرب ذاته إلى عقول
    الخلق ، حديثه عن نفسه كأنه واحد منهم . أما هو فليس مثل إنسان وليس كمثله شئ ،
    وذلك ليفهم الخلق ذات الله على نحو قريب من تصوراتهم . وما جاء عن مشبهة
    اليهود أن الله يبكي على خراب هيكل سليمان ويلعب مع الحيتان ، فهو قول قال به
    سفهاء من اليهود لا وزن لهم عند الله ولا عند الناس . انتهى .
    والمتأمل في التوراة يقبل مقولة هذا الباحث اليهودي القديم بأنها تشتمل على
    عبارات في التوحيد شبيهة بالتوحيد الخالص الذي يقدمه القرآن ، ولكن نصوص
    التشبيه والتجسيم فيها أكثر من نصوص التوحيد . وهذا من الأدلة على وقوع
    التحريف فيها ، وأن أيدي سفهاء اليهود الذين ذكرهم وصلت إلى نصوص التوراة
    وملؤوها من تجسيمهم وتشبيههم . وقد وجدنا في نسخة التوراة المذكورة النصوص
    التالية في التوحيد : جاء في العهد القديم ص 98 : 9 فقال موسى لفرعون عين لي متى


    أصلي لأجلك ولأجل عبيدك وشعبك لقطع الضفادع عنك وعن بيوتك ، ولكنها
    تبقي في النهر . 10 فقال غداً فقال كقولك لكي تعرف أن ليس مثل الرب إلهنا . 11
    فترتفع الضفادع عنك وعن بيوتك وعبيدك وشعبك .
    وجاء في ص 100 : 14 لأني هذه المرة أرسل جميع ضرباتي إلى قلبك وعلى
    عبيدك وشعبك ، لكي تعرف أن ليس مثلي في كل الأرض .
    وجاء في ص 493 : 22 لذلك قد عظمت أيها الرب الإلۤه ، لأنه ليس مثلك وليس إلۤه
    غيرك حسب كل ما سمعناه بآذاننا . . . .
    وجاء في ص 530 : 20 يا رب ليس مثلك ، ولا إلۤه غيرك ، حسب كل ما سمعناه
    بآذاننا .
    وجاء في ج 2 ص 43 : 9 أذكروا الأوليات منذ القديم ، لأني أنا الله وليس آخر . الإلۤه
    وليس مثلي .
    وجاء في ج 2 ص 84 : 6 لا مثل لك يا رب ، عظيم أنت ، وعظيم اسمك في
    الجبروت . 7 من لا يخافك يا ملك الشعوب ، لأنه بك يليق ، لأنه في جميع حكماء
    الشعوب وفي كل ممالكهم ليس مثلك .
    ـ العهد القديم والجديد ج 1 ص 253 ـ
    الإصحاح الثاني 1 يا ابني إن قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك 2 حتى تميل
    أذنك إلى الحكمة وتعطف قلبك على الفهم 3 إن دعوت المعرفة ورفعت صوتك إلى
    الفهم 4 إن طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز 5 فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد
    معرفة الله . 6 لأن الرب يعطي حكمة من فمه المعرفة والفهم . 7 يذخر معونة
    للمستقيمين . هو مجن السالكين بالكمال . 8 لنصر مسالك الحق وحفظ طريق
    أتقيائه . 9 حينئذ تفهم العدل والحق والإستقامة . كل سبيل صالح 10 إذا دخلت
    الحكمة قلبك ولذت المعرفة لنفسك .



    لكن البابا في عصرنا يصر على التجسيم وينتقد التوحيد عند المسلمين
    ـ كتاب العبور إلى الرجاء للبابا يوحنا بولس الثاني :
    والعبور إلى الرجاء هو التسجيل الكامل لأول وأشمل حوار مع البابا للصحافي
    الإيطالي الكبير فيتوري ميسوري ، لمناسبة ذكرى مرور خمس عشرة سنة على
    اعتلائه السدة البابوية . . . . كان الأول بين ( خلفاء القديس بطرس ) يظهر أمام آلات
    التصوير والتسجيل ليجيب على أسئلة ترك اختيارها لمبادرة حرة من قبل صحافي .
    وبعد ما حصر البث بالمحطة الأولى ليلة الذكرى ، عرضت تلك المقابلة في كبريات
    المحطات العالمية .
    ويروي فيتوري ميسوري قصة المقابلة التي تمت بعد ما قدم عشرين سؤالاً خطياً
    تشمل مختلف الموضوعات والقضايا الكبرى ، وتلقى مخطوطة الأجوبة عليها من
    مكتب البابا في نهاية شهر نيسان 1994 . كما أن البابا وضع عنوان هذا الكتاب بنفسه
    . . . من هذا الحوار الوثيقة نقتطف هنا جواب الحبر الأعظم على سؤالين ، يتصل
    أولهما بالعلاقة مع الدين الإسلامي ، في حين يتصل الثاني بعلاقة المسيحية
    بالدين اليهودي ، وقد رأينا فيهما أكمل رأي للبابا في هذا المجال خصوصاً وأنه
    بقلمه مباشرة :
    السؤال الأول : ما الفرق بين إلۤه المسلمين وإلۤه المسيحيين ؟
    الجواب : لا شك في أن القارية مختلفة عندما يتعلق الأمر بالكنيس والمسجد
    حيث مجتمع الذين يعبدون الإلۤه الواحد . نعم ، صحيح ما تقوله ، فالأمر يختلف في
    ما يتعلق بهاتين الديانتين التوحيديتين ، بدءً بإسلام . ففي الإعلان المجمعي ( في
    عصرنا ) الآنف الذكر ، يمكننا أن نقرأ ما يأتي ( وتنظر الكنيسة أيضاً بتقدير إلى
    المسلمين الذين يعبدون الله الواحد ، الحي القيوم ، الرحمن القدير ، الذي خلق
    السماء والأرض ) إن المؤمنين بالتوحيد هم بنوع خاص الأقرب إلينا . أتذكر حدثاً من
    أحداث شبابي يوم كنا نزور دير القديس مرقس في فلورنسا ، فقد وقفنا مندهشين


    معجبين أمام جدرانيات فردا انجليكو . . في تلك الأثناء انضم إلينا رجل راح يشاطرنا
    إعجابنا بأعمال ذلك الراهب والفنان العظيم ، غير أنه ما لبث أن أضاف : ولكن ما من
    شئ هنا يبلغ مدى جمال توحيدنا الإسلامي ! لم يمنعنا ذلك التصريح من أن نكمل
    زيارتنا برفقة ذلك الرجل ، وأن نتابع معه نقاشاً ودياً . لقد تذوقت سلفاً في تلك
    المناسبة ما يمكن أن يكون عليه الحوار بين المسيحية والإسلام . والذي حاولنا أن
    نطوره منهجياً منذ المجمع .
    من يطالع القرآن ، وكان ملماً بالعهدين القديم والجديد يتبين له جلياً ما وقع فيه
    للوحي الإلۤهي من اختزال . ومن المستجبل ألا يلحظ عدم مقاربة ما قاله الله عن ذاته
    بلسان الأنبياء أولاً في العهد القديم ، ثم وبشكل نهائي بواسطة ابنه في العهد
    الجديد . إن الغنى الذي يتجلى في كشف الله لذاته والذي يشكل تراث العهدين
    القديم والجديد ، كل ذلك قد تغاضى عنه الإسلام بالفعل . ( ! )
    إن القرآن يصف الله بأجمل ما عرفه اللسان البشري من الأسماء الحسنى ، ولكنه
    في النهاية ، إلۤه متعال عن العالم ، ذو جلال ، لا ( إلهنا معنا ) عمانوئيل .
    ليس الإسلام دين فداء فلا مجال فيه للصلب ! يذكر عيسى ، ولكن ليس إلا
    بوصفه نبياً ، يمهد لخاتمة جميع الأنبياء محمد . كذلك ورد ذكر السيدة مريم البتول ،
    ولكن لا ذكر لمأساة الفداء .
    لذلك تختلف نظرة الإسلام عن المسيحية ، لا على الصعيد اللاهوتي فحسب ، بل
    أيضاً على الصعيد الانتروبولوجي .
    بيد أن التدين الإسلامي يستحق كل تقدير ، فلا يمكننا مثلاً إلا نعجب بالأمانة
    على الصلاة . إذ أن الذي يسمي الرب ( الله ) يجثو على ركبته غير آبه بالزمان أو
    بالمكان ، مستغرقاً في الصلاة مرات عديدة في النهار . هذه الصورة تبقى نموذجاً
    لمن يعترفون بالله الحق ، وبخاصة لأولئك المسيحيين الذين يهجرون كاتدرائياتهم
    الرائعة ويصلون قليلاً أو لا يصلون مطلقاً . . . . ) انتهى .


    أقول : السبب في تهمة البابا للدين الإسلامي بأنه اختزل التصور الذي قدمته كتب
    اليهود والنصارى عن الله تعالى ، وبيت القصيد عنده وإشكاله الأساسي على
    الإسلام : أن القرآن يقرر أن الله تعالى ليس كمثله شئ ، وأنه غير متجسد في وجود
    مادي في السماء أو الأرض ، وبتعبيره ( لكنه في النهاية إلۤه متعال عن العالم ، ذو
    جلال ، لا ( إلهنا معنا عمانوئيل ) .
    ولكن الظاهر أن البابا لم يقرأ الصحاح الستة ليرى أن ما يريده من نزول الله تعالى
    وصعوده وتجسده موجود فيها ، وأن هذا البلاء الذي ابتلى به اليهود والنصارى قد
    سرى إلى إخواننا السنة وصحاحهم ! !
    كما أنه لو تأمل في تاريخ المسيحية لتوصل إلى أن دعوة المسيح عليه‌السلام كانت دعوة
    إلى التوحيد ولم يكن فيها تجسيم ، وأن تجسم الله تعالى في المسيح إنما هو فكرة
    ( بولسية ) وليست مسيحية . . قال الدكتور أحمد شلبي في كتابه مقارنة بين الأديان ج 2
    ص 245 تحت عنوان : الله في التفكير المسيحي :
    عندما نصل إلى الحديث عن الله في التفكير المسيحي نحتاج إلى مزيد من الصبر
    لنرى التحول الخطير الذي أصاب الفكر المسيحي في هذه القضية الهامة : تقرر
    الأناجيل المسيحية وأعمال الرسل ثلاث قضايا مهمة :
    أولاها : أن الله واحد لا شريك له .
    والثانية : أن عيسى رسول الله وليس أكثر من رسول .
    والثالثة : أن عيسى رسول لبني إسرائيل فقط .
    وعن القضية الأولى نورد النصوص التالية من هذه الأناجيل :
    ـ يروي متى عن عيسى قوله : إن أباكم واحد الذي في السموات ( إصحاح 23
    الفقرة 8 )
    ـ ويروي مرقص قول عيسى : الرب إلهنا إلۤه واحد وليس آخر سواء ( 12 : 30 31 ) .
    ـ ويروي يوحنا عن عيسى قوله : إني أصمد إلى أبي وأبيكم وإلۤهي وإلۤهكم ( 20 : 18 )

    وعن القضية الثانية من الأناجيل النصوص التالية :
    ـ جاء في إنجيل متى قوله : هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل ( 21 : 11 ) .
    ـ وجاء في لوقا : قد خرج نبي عظيم ( 7 : 16 ) .
    ـ ويروي يوحنا : إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم ( 4 : 14 و 7 : 40 ) .
    ـ ويروي يوحنا كذلك عن عيسى قوله : وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه
    من الله ( 8 : 40 ) .
    ـ ويروي لوقا عن عيسى قوله عندما أحس بقرب نهايته بسبب مؤامرات اليهود
    عليه : ينبغي أن أسير اليوم وغداً وما يليه ، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارج
    أورشليم ، يا أورشليم ، يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين .
    وعن القضية الثالثة نورد النصوص التالية :
    ـ جاء في متى ما نصه : ثم خرج يسوع من هناك ، وانصرف إلى نواحي صور
    وصيدا ، وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت قائلة : إرحمني يا سيد يا
    ابن داود ، ابنتي مجنونة جداً ، فلم يجبها بكلمة ، فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين :
    إصرفها لأنها تصيح وراءنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل
    الضالة ( متى 15 : 21 24 ) .
    ـ وفي متى كذلك أن عيسى عند ما حدد الحواريين الإثني عشر أوصاهم قائلاً :
    إلى طريق أمم لا تمضوا ، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا ، بل اذهبوا بالحرى إلى
    خراف بني اسرائيل الضالة ( 10 : 65 ) .
    ـ وقد خاصم اليهود بطرس لأنه دخل على غير اليهود وتكلم معهم ( أعمال
    الرسل 11 الفقرة الأولى ) .
    ـ وورد في عبارات بطرس قوله لغير اليهود : أنتم تعلمون كيف هو محرم على
    رجل يهودي أن يلتصق بأحد أجنبي أو يأتي إليه ( أعمال الرسل 10 : 28 ) .


    والقرآن الكريم يقرر هذه الإتجاهات الثلاث في المسيحية ، قال تعالى :
    ـ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ (سورة المائدة الآية 72 ) .
    ـ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ( سورة المائدة
    الآية 73 ) .
    ـ مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ( سورة المائدة 75 ) .
    ـ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا
    دُمْتُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ( سورة المائدة 117 ) .
    ـ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ ( سورة
    آل عمران 48 ـ 49 ) .
    ومن أجل هذا كان نقل المسيحية من الوحدانية إلى التثليث ، ونقل عيسى من
    رسول إلى إلۤه ، والقول بأن المسيحية رسالة عامة ، والقول بأن عيسى ابن الله نزل
    ليضحي بنفسه للتكفير عن خطيئة البشر ، وأنه عاد مرة أخرى إلى السماء ليجلس
    على يمين أبيه ، كان هذا كله عملاً جديداً على المسيحية التي جاء بها عيسى .
    كيف انتقلت المسيحية من حال إلى حال ، ومن الذي قام بذلك ومتى ؟ هذا ما
    سنحاول إبرازه فيما يلي :
    ترتبط هذه الأمور بشخصية مهمة في المسيحية ، هي شخصية شاؤول ( بولس )
    ولذلك يرى الباحثون الغربيون أن المسيحية الحالية بهذه العناصر الجديدة من صنع
    هذا الرجل ، ويقول إن بولس هو في الحقيقة مؤسس المسيحية ، ويقول إن كثيراً من
    الثقات العصريين يعدونه المؤسس الحقيقي للمسيحية .
    وبولس كما يقول عن نفسه ( يهودي فريسي ابن فريسي على رجاء قيامة الأموات
    ـ أعمال الرسل 23 : 6 ) وكان عدواً للمسيحيين ، وهو في ذلك يقول ( سمعتم
    بسيرتي قبلاً في الديانة اليهودية ، إني كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها ، وكنت
    أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي ، إذ كنت أوفر غيرة في
    تقليدات آبائي ( غلاطية 1 : 13 14 ) .

    ويبدو أنه كان من وسائل بولس لتدمير المسيحية أن يحطم معتقداتها واتجاهاتها
    المقدسة ، ووضع لذلك طريقة تكفل له الوقوف في وجه معارضيه عندما يظهر
    بأفكاره الجديدة ، فادعى شاؤول أن السيد المسيح بعد نهايته على الأرض ظهر له
    وصاح فيه وهو في طريقه إلى دمشق : لماذا تضطهدني فخاف شاؤول وصرخ : من
    أنت يا سيد ؟ قال : أنا يسوع الذي تضطهده . قال شاؤول : ماذا تريد أن أفعل ؟ قال
    يسوع : قم وكرز بالمسيحية . ويقول لوقا في ختام هذه القصة جملة ذات بال غيرت
    وجه التاريخ هي : وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أنه ابن الله ( أعمال 9 :
    3 ـ 30 ) انتهى .
    ـ وقال أبو رية في أضواء على السنة المحمدية ص 189 :
    يعتقد المسيحيون أن المسيح عليه‌السلام قد ارتفع بجسمه بعد صلبه وأنه يجلس هناك
    مع أبيه . وعند الكاتوليكية الرومانية عقيدة جوهرية تقضي بأن أمه مريم العذراء قد
    ارتفعت هي الأخرى بجسدها إلى السماء وأنها لم تمت . ومنذ سبع عشرة سنة انعقد
    مجمع ديني مقدس برياسة البابا بيوس الثاني عشر بميدان القديس بطرس اشترك
    فيه 35 كردينالاً ونحو 500 بطريركا من جميع أنحاء العالم واحتشد له مليون مسيحي
    وقرر هذا المجمع هذه العقيدة الدينية ، وقال إنها لا تقبل الجدل أو المناقشة ومن
    يناقشها أو يشك فيها يعتبر من وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية ملحداً أو كافراً
    ( يراجع جريدة الوفد المصري في 31 / 10 ، و 1 و 2 و 3 / 11 / 1950 )
    والأقباط المصريون جميعاً يؤمنون بهذه العقيدة وتحتفل كل طوائفهم في يوم 16
    مسري من كل سنة ، بعيد انتقال السيدة مريم بجسدها إلى السماء ، ويطلقون على
    هذا الإحتفال اسم : عيد العذراء الكبير ، وليس لأحد أن يعترض على هذه العقيدة أو
    يماري فيها ، إذ ما دام المسيح عليه‌السلام قد ارتفع إلى السماء وجلس بجوار أبيه ، فإنه لا
    مانع من أن تصعد إليه أمه من بعده لتقيم وإياه مع الله في السماء ، ويحيون جميعاً
    حياة طيبة في هناء وصفاء !


    وإليك هذه الكلمة الصغيرة ننقلها من كتاب العقيدة والشريعة للمستشرق الكبير
    جولد تسيهر ص 42 و 43 :
    وهناك جمل أخذت من العهد القديم والعهد الجديد ، وأقوال للربانيين ، أو
    مأخوذة من الأناجيل الموضوعة وتعاليم من الفلسفة اليونانية وأقوال من حكم
    الفرس والهنود ، كل ذلك أخذ في الإسلام عن طريق ( الحديث ) حتى لفظ ( أبونا )
    لم يعدم مكانه في الحديث المعترف به ، وبهذا أصبحت ملكاً خالصاً للإسلام بطريق
    مباشر أو غير مباشر ! وقد تسرب إلى الإسلام كنز ( . . . . ) كبير من القصص الدينية
    حتى إذا ما نظرنا إلى المواد المعدودة في الحديث ونظرنا إلى الأدب الديني
    اليهودي ، فإننا نستطيع أن نعثر على قسم كبير دخل الأدب الديني الإسلامي من هذه
    المصادر اليهودية . ولا نستقصي كل ما دخل الإسلام من المسيحيات . انتهى .
    أول قنوات التشبيه والتجسيم والرؤية من اليهودية إلى الإسلام
    ينبغي أن نعرف أن نظرة العرب في الجاهلية والإسلام إلى ثقافة اليهود كانت نظرة
    إيجابية ، وأن الخليفة عمر قد تبنى سياسة الإنفتاح على هذه الثقافة ، فسبب ذلك
    تأثيراً واسعاً على ثقافة الإسلام وعقائده . . لذلك نمهد للموضوع ببعض ما كتبناه في
    ( تدوين القرآن ) ص 409 تحت عنوان ( احترام عرب الجاهلية للثقافة اليهودية ) :
    ( كان اعتداد العرب بقوميتهم ووثنيتهم في الجاهلية اعتداداً قوياً إلى حد
    التعصب ، ولم يكونوا يحترمون اليهود كأمة ولكنهم كانوا يحترمون علماءهم
    وثقافتهم ، ويرجعون إليهم في العديد من مسائل التاريخ والتنبؤ بالمستقبل والأمور
    الروحية . بل كان الكثير من عرب الجاهلية يعيشون حالة الإنهزام أمام الثقافة اليهودية
    لأن اليهود أصحاب كتاب سماوي وعلماء وأنبياء ، والعرب أميون وثنيون ، وإن
    بقيت عندهم بقايا من دين إبراهيم . . . .
    والشواهد على ذلك من مصادر التاريخ والتفسير والحديث والفقه كثيرة ، نكتفي


    منها بالنص التالي الذي يدل على أن تأثيرات الثقافة اليهودية بقيت حتى بعد بعثة
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وحتى على ذهن زوجته عائشة وأبيها الخليفة أبي بكر !
    روى مالك في الموطأ ج 2 ص 502 ( عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة بنت عبد
    الرحمن ، أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي ، ويهودية ترقيها ! فقال
    أبو بكر : إرقيها بكتاب الله ) .
    وقال في كتاب الأم للشافعي ج 7 ص 241 ( باب ما جاء في الرقية . سألت الشافعي
    عن الرقية ؟
    فقال : لا بأس أن يرقى الرجل بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله .
    قلت : أيرقي أهل الكتاب المسلمين ؟
    فقال : نعم ، إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله .
    فقلت : وما الحجة في ذلك ؟
    قال : غير حجة ، فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكاً أخبرنا عن يحيى بن
    سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية
    ترقيها فقال أبو بكر إرقيها بكتاب الله .
    فقلت للشافعي : فإنا نكره رقية أهل الكتاب .
    فقال : ولم وأنتم تروون هذا عن أبي بكر ، ولا أعلمكم تروون عن غيره من
    أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه . وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل
    الكتاب ونساءهم ، وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا ، أو أخف ) . انتهى .
    ورواه البيهقي في سننه ج 9 ص 347 ، كما روى أن امرأة عبد الله بن مسعود كانت
    تذهب بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يهودي لرقية عينها .
    وقال النووي في المجموع ج 9 ص 64 ( فرع في جواز الرقية بكتاب الله تعالى وبما
    يعرف من ذكر الله . . . . وروى البيهقي بإسناده الصحيح عن يحيى بن سعيد عن
    عمرة عن عائشة قالت : دخل أبو بكر رضي‌الله‌عنه عليها وعندها يهودية ترقيها فقال : إرقيها



    بكتاب الله عز وجل . وبإسناده الصحيح عن الربيع بن سليمان قال سألت الشافعي
    عن الرقية . . . . ) . انتهى .
    يلاحظ على هذه الفتوى المجمع عليها عند إخواننا السنيين ، أن الخليفة أبا بكر
    لم ينه عائشة عن هذا العمل ، وإنما طلب من المرأة اليهودية باحترام أن ترقيها
    ببعض آيات القرآن ، باعتبار أن ذلك أفضل من الأدعية التي تقرؤها من عندها ، أو
    أراد منها أن تضم إلى أدعيتها آيات من القرآن ليكون ذلك أرجى لشفائها ابنته . . هذا
    إذا كان مقصوده بكتاب الله : القرآن ، وإلا فيكون قصده : إرقيها بنص من التوراة ، لا
    بدعاء من عندك !
    وبذلك يتضح أن الشرط الذي شرطه الشافعي وغيره لما يجب أن يقرأه اليهودي
    أو النصراني في رقية المسلم لا أساس له في الرواية . وغاية ما يمكن استفادته منها
    أن الأحسن للمسلم أن يطلب من الكتابي أن يقرأ على مريضه شيئاً من القرآن . .
    خاصة أن الذي يكلف أحداً أن يرقي مريضه لا يملي عليه ماذا يقرأ عليه ، لأنه
    لا يكلفه بالرقية إلا وهو يعتقد بأنه عبد صالح قريب إلى الله تعالى ، فهو أعرف بما
    يقرأ عليه !
    كما يلاحظ استغراب السائل لهذه الرواية والفتوى ! فأجابه الشافعي بأن الرواية
    صحيحة ولم يصل إلينا إنكار أحد من الصحابة لعمل عائشة وإقرار أبي بكر .
    والقاعدة عند إخواننا أنه إذا فعل الصحابي شيئاً فهو جائز وحجة على غيره ، إلا إذا
    عارضه صحابي آخر ، ويشترط أن يكون الصحابي المعارض من الصحابة الذين تؤثر
    معارضتهم عند الإخوة السنيين . . فبعض الصحابة عندهم لا تضر معارضتهم مثل
    علي المظلوم ، وبعضهم تضر !
    . . . إن معرفة هذا الجو في الجزيرة من التأثر العام بثقافة اليهود ، تمكننا من تفسير
    مواقف الخليفة عمر تجاه الثقافة اليهودية . . فقد كان من نشأته في مكة يحترم هذه
    الثقافة كثيراً قبل بعثة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتدل عدة نصوص على أنه استمر على احترامها
    حتى وهو إلى جانب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم عندما صار خليفة .

    وبهذا نفهم سبب احترامه لكعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام . .
    وأمثالهم من اليهود الذين أعلنوا دخولهم في الإسلام . . وتميم الداري وأمثاله من
    النصارى الذين دخلوا في الإسلام . . وكذا ثقته بما عند علماء اليهود والنصارى من
    كتب وتاريخ وتنبؤات واستنتاجات عن المستقبل !
    وينبغي للباحث في هذا الموضوع أن يعرف المقومات الأساسية لشخصية
    الخليفة عمر . . فهو أولاً ، عربي معتز بقوميته إلى حد أنه يرى أن المخاطب بقوله
    تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا . . )
    هم العرب خاصة ! قال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 98 ( وأخرج ابن مردويه عن
    عمر بن الخطاب إن هذه الآية في الحجرات . إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، هي مكية
    وهي للعرب خاصة . الموالي أي قبيلة لهم وأي شعاب ؟ وقوله : إن أكرمكم عند الله
    أتقاكم ، قال : أتقاكم للشرك ) .
    وعلى تفسير الخليفة فإن الآية لا تساوي بين العرب وغيرهم كما فهم منها
    المسلمون . ولعله لذلك أفتى بأنه لا ملك على عربي وبأن العرب لهم أن يتزوجوا من
    الأمم الأخرى ولكن ليس لهم أن يزوجوهم ، لأن العربية لا كفؤ لها إلا العربي . . إلى
    آخر فتاواه وقراراته في هذا المجال .
    وهو ثانياً : قرشي يحب قريش ويعتز بها اعتزازاً شديداً . . حتى بالطلقاء وقادة
    الأحزاب بعد انهزامهم وإسلامهم . . فيقول عن معاوية : كسرى العرب ، وعن أبي
    سفيان : سيد العرب ! بل يثقل عليه يوم فتح مكة أن يدخل أنصاري براية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    وهو يتحدى قادة الأحزاب من قريش . . فقد روى البيهقي في سننه ج 10 ص 228 . . . .
    عن أنس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فقام أهلها سماطين ينظرون إلى
    رسول الله وإلى أصحابه ، قال وابن رواحة يمشي بين يدي رسول الله ، فقال ابن رواحة :
    خلوا بني الكفار عن سبيله
    فاليوم نضربكم على تنزيله

    ضرباً يزيل الهام عن مقيله
    ويذهل اخليل عن خليله


    يا رب إني مؤمن بقيله



    فقال عمر رضي‌الله‌عنه : يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله تقول الشعر ! ! فقال
    رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه يا عمر فوالذي نفسي بيده لكلامه هذا أشد عليهم من
    وقع النبل ! وروى نحوه الترمذي في سننه ج 4 ص 217 ، وسير أعلام النبلاء ج 1 ص 235
    وعلى هذا الأساس يجب أن نعرف أن إعجاب الخليفة عمر بالثقافة اليهودية لا
    يتنافى في نظره مع عروبته وقرشيته بل يخدمهما . . وقد كان تقريبه لكعب الأحبار
    وتميم الداري وغيرهما ، مشروطاً بأن يحترموا العرب وخاصة قريش . . فإن شعر
    منهم انتقاصاً للعرب أو قريش لم يتردد في اتخاذ الموقف الحاسم منهم . . وقد عنف
    كعب الأحبار وتميماً الداري أكثر من مرة .
    إنها نظرة مركبة إلى اليهود من عناصر متعددة في ذهنية الخليفة ، وقد نتجت عنها
    هذه السياسة المركبة مع اليهود ، ومع أن فيها مواقف مضادة لهم ، لكنها على العموم
    كانت ترضيهم .
    وقد روت المصادر ـ المحبة للخليفة ـ مواقفه الدالة على هذه السياسة ، وروت أن
    بعض مواقفه جاء على شكل اندفاع خطير منه لإدخال الثقافة اليهودية في الإسلام ،
    فنهاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مرات متعددة عن ذلك . . ثم ذات يوم غضب غضباً شديداً ودعا
    المسلمين إلى اجتماع طارئ ليحذرهم من خطورة ما يريده عمر وأصحابه . . . . إلى
    آخر ما ذكرناه هناك .
    من أفكار كعب الأحبار في الرؤية والتشبيه والتجسيم
    ـ وروى الطبري في تفسيره ج 25 ص 6
    فقال كعب : . . . . سألت أين ربنا ، وهو على العرش العظيم متكئ واضع إحدى
    رجليه على الأخرى ، ومسافة هذه الأرض التي أنت عليها خمسمائة سنة ، ومن
    الأرض إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنه وكثافتها . . . . ثم قال : إقرؤوا إن شئتم : تكاد
    السموات يتفطرن من فوقهن !

    ـ وروى البغوي في معالم التنزيل ج 4 ص 460 : قال كعب الأحبار : عليين هو قائمة
    العرش اليمين .
    ـ وقال الصنعاني في تفسيره ج 2 ص 37 : عن قتادة في قوله : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، قال
    قال كعب : إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة : خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس الجنة
    بيده . . . . الخ .
    ـ وقال الطبري في تفسيره ج 7 ص 100 : قال محمد لكعب : ما أول شئ ابتدأه الله من
    خلقه فقال : كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد . .
    ـ فتح القدير للشوكاني ج 4 ص 560 : عن ابن عمر قال : خلق الله أربعاً بيده : العرش
    وجنة عدن والقلم وآدم . . . .
    ـ وقال الطبري في تفسيره ج 18 ص 2 : عن ميسرة قال : لم يخلق الله شيئاً غير أربعة
    أشياء : خلق آدم بيده ، وكتب الألواح بيده ، والتوراة بيده ، وغرس عدناً بيده .
    ـ وقال البغوي في معالم التنزيل 4 ص 236 : . . . . وكتاب مسطور ، قال الكلبي : هو ما
    كتب الله بيده لموسى من التوراة ، وموسى يسمع صرير القلم .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 6 : وأخرج ابن جرير عن أبي المخارق زهير
    بن سالم ، قال قال عمر لكعب : ما أول شئ ابتدأه الله من خلقه فقال كعب : كتب الله
    كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد ، ولكن كتب بإصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت :
    أنا الله لا إلۤه إلا أنا سبقت رحمتي غضبي .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 120
    وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عمر قال : خلق الله آدم بيده ، وخلق جنة عدن
    بيده ، وكتب التوراة بيده ، ثم قال لسائر الأشياء كن فكان .
    وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال : كتب الله التوراة لموسى بيده ، وهو مسند ظهره
    إلى الصخرة يسمع صريف القلم في ألواح من زمرد ، ليس بينه وبينه إلا الحجاب .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:14

    وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن الله لم يمس شيئاً إلا ثلاثة : خلق آدم
    بيده ، وغرس الجنة بيده ، وكتب التوراة بيده .
    وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كتبت التوراة بأقلام من
    ذهب .
    وأخرج ابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن المنذر عن حكيم بن جابر : قال
    أخبرت أن الله تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئاً إلا ثلاثة أشياء : غرس الجنة
    بيده ، وجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك ، وخلق آدم بيده ، وكتب
    التوراة لموسى بيده .
    وأخرج عبد بن حميد عن وردان بن خالد قال : خلق الله آدم بيده ، وخلق جبريل
    بيده ، وخلق القلم بيده ، وخلق عرشه بيده ، وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه
    غيره بيده ، وكتب التوراة بيده .
    وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : أخبرت أن الألواح من زبرجد ومن زمرد
    الجنة ، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن وكتبها بيده ، بالقلم الذي كتب به
    الذكر ، واستمد الرب من نهر النور ، وكتب به الألواح .
    وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانوا يقولون كانت الألواح من
    ياقوتة ، وأنا أقول إنما كانت من زبرجد وكتابها الذهب ، كتبها الله بيده فسمع أهل
    السموات صريف القلم .
    وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر ، أمر الرب
    تعالى جبريل فجاء بها من عدن فكتب الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر ،
    واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح .
    وأخرج عبد بن حميد عن مغيث الشامي قال بلغني أن الله تعالى لم يخلق بيده إلا
    ثلاثة أشياء : الجنة غرسها بيده ، وآدم خلقه بيده ، والتوراة كتبها بيده .


    كعب يدعي أن جنة عدن مسكن الله والأنبياء والخلفاء !
    ـ روى السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 57
    عن الحسن البصري أن عمر قال لكعب : ما عدن ؟ قال : هو قصر في الجنة لا
    يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حاكم عدل .
    وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي‌الله‌عنه قال :
    قرأ عمر رضي‌الله‌عنه على المنبر : جنات عدن ، فقال : أيها الناس هل تدرون ما جنات عدن ؟
    قصر في الجنة له عشرة آلاف باب ، على كل باب خمسة وعشرون ألفاً من الحور
    العين ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد .
    ـ وروى في كنز العمال ج 12 ص 560 و 573
    عن الحسن قال : قال عمر بن الخطاب : حدثني يا كعب عن جنات عدن . قال :
    نعم يا أمير المؤمنين ، قصور في الجنة لا يسكنها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حاكم
    عدل . فقال عمر : أما النبوة فقد مضت لأهلها ، وأما الصديقون فقد صدقت الله
    ورسوله : وأما الحكم العدل فإني أرجو الله أن لا أحكم بشئ إلا لم آل فيه عدلاً ، وأما
    الشهادة فأنى لعمر بالشهادة ؟ ابن المبارك وأبو ذر الهروي في الجامع .
    . . . عن كعب أن عمر بن الخطاب قال : أنشدك بالله يا كعب ، أتجدني خليفة أم
    ملكاً ؟ قال : بل خليفة . فاستحلفه ، فقال كعب : خليفة والله ، من خير الخلفاء ،
    وزمانك خير زمان .
    ـ وروى في الدر المنثور ج 5 ص 347
    وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي‌الله‌عنه . . . . في قوله تعالى : وَأَدْخِلْهُمْ
    جَنَّاتِ عَدْنٍ ، قال : إن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال : يا كعب ما عدن ؟ قال : قصور من
    ذهب في الجنة يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل .
    ـ وروى في الدر المنثور ج 6 ص 257
    . . . فقال عمر بن الخطاب عند ذلك : ألا تسمع يا كعب ما يحدثنا به ابن أم عبد



    عن أدنى أهل الجنة ، ما له فكيف بأعلاهم ؟ ! قال : يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا
    أذن سمعت ، إن الله كان فوق العرش والماء فخلق لنفسه داراً بيده فزينها بما شاء ،
    وجعل فيها ما شاء من الثمرات والشراب ، ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه منذ
    خلقها ، جبريل ولا غيره من الملائكة ، ثم قرأ كعب : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من
    قرة أعين . . الآية ، وخلق دون ذلك جنتين فزينهما بما شاء وجعل فيهما ما ذكر من
    الحرير والسندس والإستبرق ، وأراهما من شاء من خلقه من الملائكة ، فمن كان كتابه
    في عليين نزل تلك الدار ، فإذا ركب الرجل من أهل عليين في ملكه لم يبق خيمة من
    خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه حتى أنهم ليستنشقون ريحه ويقولون واهاً هذه
    الريح الطيبة ، ويقولون لقد أشرف علينا اليوم رجل من أهل عليين .
    فقال عمر : ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها ! فقال كعب :
    يا أمير المؤمنين إن لجهنم زفرة ما من ملك ولا نبي إلا يخر لركبتيه ، حتى يقول إبراهيم
    خليل الله : رب نفسي نفسي ، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك لظننت
    أن لن تنجو منها !
    ـ قال في معجم ما استعجم ج 2 ص 74
    ( الحثمة ) بفتح أوله وإسكان ثانيه : صخرات بأسفل مكة ، بها ربع عمر بن
    الخطاب ، روى عنه مجاهد ( أي عن عمر ) أنه قرأ على المنبر ( جنات عدن ) فقال :
    أيها الناس ، أتدرون ما جنات عدن ؟ قصر في الجنة له خمسة آلاف باب ، على كل
    باب خمسة وعشرون ألفاً من الحور العين ، لا يدخله إلا نبي ، وهنيئاً لصاحب القبر ،
    وأشار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو صديق وهنيئاً لأبي بكر وأشار إلى قبره ، أو
    شهيد ، وأنى لعمر بالشهادة ؟ وإن الذي أخرجني من منزلي بالحثمة قادر أن يسوقها
    إلي . انتهى .
    هذا ، وقد ضعف الذهبي في ميزان الإعتدال ج 2 ص 98 زياد بن محمد
    الأنصاري أحد رواة هذا الحديث ولكن تضعيف هذا السند لا يعني تضعيفهم


    للحديث ، لأنه روي عندهم بطرق أخرى ومضمونه عندهم صحيح . وقد تقدم
    توثيق الهيثمي لرواية السيوطي الثانية ، وفي مشابهاتها صحيح عندهم . وسوف نذكر
    بقيتها في تفسير قوله تعالى ( عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) إن شاء الله . وقد تقدمت
    أحاديثهم في أن الفردوس هو مسكن الله تعالى وبعض الخلفاء . . . .
    ـ وروى الطبري في تفسيره ج 15 ص 94
    ـ عن أبي الدرداء ، قال قال رسول الله ( ص ) : إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات
    بقين من الليل في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره
    فيمحو ما يشاء ويثبت ، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهي داره التي لم
    ترها عين . . وهي مسكنه ، ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة النبيين والصديقين
    والشهداء . . ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته . الخ .
    ـ وروى السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 254
    أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن
    مردويه والحكم وصححه عن أبي أمامة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة ، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش .
    وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى
    الله عليه وسلم : إذا سألتم الله فاسألوه الفرودس ، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه
    عرش الرحمن .
    ـ وقال عبد الرزاق في تفسيره ج 2 ص 37
    عن قتادة في قوله : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، قال قال كعب : إن الله لم يخلق بيده إلا
    ثلاثة : خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس الجنة بيده ، ثم قال للجنة تكلمي فقالت :
    قد أفلح المؤمنون ، لما علمت فيها من كرامة الله لأهلها . انتهى . ورواه الطبري في
    تفسيره ج 18 ص 6


    وفي مصادر اخواننا روايات كثيرة عن صحابة وتابعين مثل أبي هريرة وأبي
    الدرداء وقتادة وغيرهم ، وأصلها كلها عن كعب ووهب وأمثالهما من اليهود .
    نموذج من علم كعب بالله تعالى
    ـ الدر المنثور ج 4 ص 293
    سأل عمر كعباً عن آيات أول سورة الحديد فقال : معناها إن علمه بالأول كعلمه
    بالآخر وعلمه بالظاهر كعلمه بالباطن . انتهى .
    وهذا يدل على أن فكر كعب الأحبار سطحي وحشوي ، لأن الآيات المسؤول
    عنها هي قوله تعالى ( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . لَهُ مُلْكُ
    السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ
    وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد : 31 ، وقد فسر كعب قوله تعالى ( هُوَ الْأَوَّلُ
    وَالْآخِرُ . . . . ) بأنه يعلم الأول والآخر !
    وقال كعب وعمر : يفضل من ربه أو من عرشه أربع أصابع
    ـ مجمع الزوائد ج 1 ص 83
    عن عمر رضي‌الله‌عنه أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : أدع الله أن يدخلني
    الجنة ، فعظم الرب تبارك وتعالى وقال : إن كرسيه وسع السموات والأرض ، وإن له
    أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله . رواه البزار ورجاله رجال الصحيح .
    ـ وقال في مجمع الزوائد ج 10 ص 159 : رواه أبو يعلى في الكبير ورجاله رجال
    الصحيح غير عبد الله بن خليفة الهمذاني وهو ثقة .
    ـ ورواه في كنز العمال ج 10 ص 373 ، وقال : ( ع ، وابن أبي عاصم ، وابن خزيمة ، قط
    في الصفات ، طب في السنة ، وابن مردويه ، ص ) .
    ـ ونحوه في كنز العمال ج 2 ص 466 ، وقال : ابن مردويه خط ص . ونحوه في ج 6 ص152
    وقال الخطيب من طريق أبي إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة الهمداني .


    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 1 ص 328
    وأخرج عبد بن حميد وابن أبي عاصم في السنة والبزار وأبو يعلى وابن جرير
    وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والضياء المقدسي في المختارة عن عمر أن امرأة
    أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أدع الله أن يدخلني الجنة ، فعظم الرب تبارك
    وتعالى وقال : إن كرسيه وسع السموات والأرض ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل
    الجديد إذا ركب من ثقله ، ما يفضل منه أربع أصابع .
    ـ وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج 3 ص 86
    ـ عمر بن الخطاب : على العرش استوى ، حتى يسمع له أطيط كأطيط الرحل .
    ـ تاريخ بغداد ج 1 ص 295
    . . . عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في
    قوله تعالى : عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، قال : حتى يسمع أطيط كأطيط الرحل .
    ـ وقال ابن الأثير في النهاية ج 1 ص 54
    الأطيط : صوت الأقتاب . وأطيط الإبل : أصواتها وحنينها . . . . أي أنه ليعجز عن
    حمله وعظمته ، إذ كان معلوماً أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه
    وعجزه عن احتماله .
    ـ وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج 1 ص 219
    ابن عمر : إن الله عز وجل ملأ عرشه يفضل منه كما يدور العرش أربعة أصابع
    بأصابع الرحمن عز وجل . انتهى .
    ويلاحظ أنه جعل العرش أكبر من حجم الله تعالى بأربع أصابع مرة ، وجعل الله
    تعالى أكبر من كرسيه بأربع أصابع بأصابع الرحمن مرة أخرى ، وبما أن آدم في
    رواياتهم مخلوق على صورة الله تعالى وطوله ستون ذراعاً وفي بعضها سبعون
    ذراعاً ، فتكون إصبع الرحمن أكثر من متر ! سبحانه وتعالى عما يصفون ، ونبرأ إليه
    وإلى رسوله من هذه المقولات ، وقد تقدم أكثر منها في فصل بازار الأحاديث . . . .



    وقالوا : نبي الله داود يمسك بقدم الله تعالى وهو أعبد من جميع الأنبياء
    ـ كنز العمال ج 2 ص 488
    من مسند عمر رضي‌الله‌عنه . عن عمر قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : يوم القيامة
    فعظم شأنه وشدته ، قال ويقول الرحمن لداود عليه‌السلام : مر بين يدي ، فيقول داود : يا
    رب أخاف أن تدحضني خطيئتي ، فيقول : مر خلفي ، فيقول : يا رب أخاف أن
    تدحضني خطيئتي ، فيقول خذ بقدمي ، فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر ، قال : فتلك
    الزلفى التي قال الله تعالى : وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ ! انتهى . ورواه في كنز
    العمال ج 2 ص 488 ورواه الشوكاني في فتح القدير ج 4 ص 583 والسيوطي في الدر
    المنثور ج 5 ص 305 عن ابن مردويه
    ـ الدر المنثور ج 5 ص 297
    وأخرج الديلمي عن عمر رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي
    لأحد أن يقول إني أعبد من داود .
    ـ الدر المنثور ج 5 ص 305
    وأخرج عبد بن حميد عن السدي بن يحيى قال حدثني أبو حفص رجل قد أدرك
    عمر بن الخطاب أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد ، فينادي المنادي
    داود فيسقى على رؤوس العالمين ، فهو الذي ذكر الله : وإن له عندنا لزلفى
    وحسن مآب !
    وقالوا : عمر أفضل من داود لأنه يصافح الله ويعانقه
    ـ روى ابن ماجة في ج 1 ص 38
    . . . عن سعيد بن المسيب ، عن ( أبي بن ) كعب قال : قال رسول الله صلى الله
    عليه وسلم : أول من يصافحه الحق عمر ، وأول من يسلم عليه ، وأول من يأخذ بيده
    فيدخله الجنة ! انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 83


    عبد الله بن عمر يؤكد أحاديث أبيه
    ـ سنن ابن ماجه ج 1 ص 65 : قال ابن عمر : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : يدني
    المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كتفه .
    ـ تفسير الطبري ج 12 ص 14 : عبد الله بن عمر : قال سمعت نبي الله ( ص ) يقول يدنو
    المؤمن من ربه حتى يضع عليه كتفه . .
    ـ تفسير الطبري ج 23 ص 119 : عن ابن عمر قال : خلق الله أربعة بيده : العرش وعدن
    والقلم وآدم . .
    ـ مصابيح البغوي ج 3 ص 497 : عن ابن عمر أنه قال : قام رسول الله ( ص ) ثم ذكر
    الدجال . تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور .
    ـ البعث والنشور للبيهقي ص 251 : . . . . سمعت ابن عمر يحدث رفع الحديث إلى
    النبي ( ص ) . . . . وأكرمهم على الله عز وجل من ينظر إلى وجه غدوةً وعشية .
    ـ كنز العمال ج 14 ص 493 : إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه
    ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة ، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة
    وعشية ، ثم قرأ : وجوه يومئذ ناضرة ت ، طب عن ابن عمر .
    ـ العقد الفريد ج 6 ص 208 : ومن حديث عبد الله بن عمر قال : العرش مطوق بحية
    والوحي ينزل في السلاسل .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 1 ص 214 : ابن عمر : إن الله عز وجل كلم موسى بمائة
    ألف وعشرين ألفاً وثلاثمائة وثلاث عشر كلمة ، فكان الكلام من الله والإستماع من
    موسى فقال : أي رب أنت الذي تكلمني أم غيرك ؟ قال الله عز وجل : يا موسى أنا
    أكلمك لا رسول بيني وبينك .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 3 ص 85 : ابن عمر : عسى الله أن يبعثك ربك مقاماً
    محموداً ، يجلسني معه على السرير .


    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 165 : ابن عمر : لا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل
    خلق آدم على صورته .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 128 : ابن عمر : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ،
    من البهاء والحسن ناظرة في وجه الله تعالى .
    ـ وقال المنذري في الترغيب والترهيب ج 4 ص 507 : روي عن ابن عمر : أكرم أهل
    الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشياً . وروى نحوه في ج 4 ص 539
    وص 551 وص 552 وص 553 وص 556 ورواه الديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 86
    وص 125 وص 128
    ـ وقال الديلمي في ج 3 ص 473 : ابن عمر : لما كان في الليلة التي ولد فيها أبو بكر
    الصديق أقبل ربكم عز وجل على جنات عدن فقال : وعزتي وجلالي لا أدخلك إلا
    من أحب هذا المولود .
    من روايات أبي موسى الأشعري وابنه
    ـ قال السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 254
    وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه
    وسلم : الفردوس مقصورة الرحمن ، فيها خيار الأنهار والأثمار .
    ـ وقال في الدر المنثور ج 1 ص 327
    وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
    موسى الأشعري قال : الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرحل .
    ـ تفسير الطبري ج 3 ص 7
    وسع كرسيه السموات والأرض . . . . عن أبي موسى : قال الكرسي موضع
    القدمين . وعن السدي : والكرسي بين يدي العرش وهو موضع قدميه .


    ـ صحيح البخاري ج 8 جزء 6 ص 185
    عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه ( أبي موسى الأشعري ) عن النبي صلى
    الله عليه وسلم قال : جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما
    فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة
    عدن . انتهى . ورواه البخاري في ج 3 جزء 6 ص 56 ، وفي ج 4 ص 86 ، وفي ج 8 ص 185
    ومسلم ج 1 ص 112 والدارمي ج 2 ص 333 ورواه أحمد ج 4 ص 411 كما في مسلم وكذا
    ابن ماجة ج 1 ص 66 والحاكم ج 2 ص 392 والذهبي في سيره ج 8 ص 370
    ـ ورواه أحمد في ج 4 ص 4162 وفيه ( في جنة عدن وهذه الأنهار تشخب من جنة
    عدن ثم تصدع بعد ذلك أنهاراً ) .
    ـ وروى في ج 4 ص 400 وص 411
    عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم
    قال : الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً ، في كل زاوية منها للمؤمن أهل
    لا يراهم الآخرون ، ورباً قال عفان لكل زاوية . انتهى . يعني بالرب المسؤول عن أهله
    في كل زاوية من زوايا الخيمة !
    ـ وروى أحمد رواية تدل على أن المقصود كثرة النساء في تلك الدرة الكروية
    الهائلة ! قال في ج 4 ص 411 : عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن رسول الله
    صلى الله عليه وسلم أنه قال : في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة ، عرضها ستون ميلاً ،
    في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم ( عليهن ) المؤمن .
    ـ وروى أحمد روايات أخرى غير معقولة عن أبي موسى الأشعري في تجسيم الله
    تعالى والتكفير عن المسلمين المستحقين لدخول النار بغيرهم ! قال في ج 4 ص 408 :
    عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    يجمع الله عز وجل الأمم في صعيد يوم القيامة ، فإذا بدا لله عز وجل أن يصدع بين



    خلقه ، مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون ، فيتبعونهم حتى يقحمونهم النار ، ثم يأتينا ربنا
    عز وجل ونحن على مكان رفيع فيقول : من أنتم ؟ فنقول : نحن المسلمون . فيقول :
    ما تنتظرون ؟ فيقولون : ننتظر ربنا عز وجل . قال فيقول : وهل تعرفونه إن رأيتموه ؟
    فيقولون : نعم . فيقـول : كيف تعرفونه ولم تروه ؟ ! فيقولون : نعم إنه لا عدل له .
    فيتجلى لنا ضاحكاً فيقول : أبشروا أيها المسلمون فإنه ليس منكم أحد إلا جعلت
    مكانه في النار يهودياً أو نصرانياً !
    وقال في ج 4 ص 410 وص 411 وص 418
    عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة دفع
    إلى كل مؤمن رجل من أهل الملل ، فقال له هذا فداؤك من النار !
    عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله
    عليه وسلم : إن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب ! إنما عذابها في
    الدنيا القتل والبلابل والزلازل ! قال أبو النضر بالزلازل والقتل والفتن !
    ـ وروى أحمد عن أبي موسى في ج 4 ص 414
    عن أسيد بن أبي أسيد عن موسى بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أن النبي
    صلى الله عليه وسلم قال : الميت يعذب ببكاء الحي عليه ، إذا قالت النائحة
    وا عضداه وا ناصراه وا كاسباه ، جبذ الميت وقيل له : أنت عضدها أنت ناصرها أنت
    كاسبها ؟ فقلت : سبحان الله يقول الله عز وجل : وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ! فقال :
    ويحك ، أحدثك عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا فينا
    كذب ؟ ! فوالله ما كذبت على أبي موسى ، ولا كذب أبو موسى على رسول الله صلى
    الله عليه وسلم !
    ـ وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج 5 ص 368
    أبو موسى : يتجلى ربنا ضاحكاً يوم القيامة حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له
    سجداً فيقول : إرفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة .


    ـ البعث والنشور للبيهقي ص 262
    سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصره يقول : إن الله عز وجل
    يبعث يوم القيامة ملكاً إلى أهل الجنة فيقول . . . . قد بقي شئ إن الله يقول : للذين
    أحسنوا الحسنى وزيادة ، قال ألا إن الحسنى الجنة ، وزياده : النظر إلى وجه الله .
    وقال الجرجاني وغيره : أطيط العرش فكرة يهودية
    ـ شرح المواقف للجرجاني ص 19
    المقصد الأول ، أنه تعالى ليس في جهة من الجهات ولا في مكان من الأمكنة ،
    وخالف فيه المشبهة وخصصوه بجهة الفوق اتفاقاً ، ثم اختلفوا فيما بينهم فذهب أبو
    عبد الله محمد بن كرام إلى أن كونه في الجهة ككون الأجسام فيها ، وهو أن يكون
    بحيث يشار إليه أنه هاهنا أو هناك ، قال : وهو مماس للصفحة العليا من العرش
    ويجوز عليه الحركة والإنتقال وتبدل الجهات ، وعليه اليهود حتى قالوا العرش يئط
    من تحته أطيط الرحل الجديد تحت الركب الثقيل ، وقالوا إنه يفضل على العرش من
    كل جهة أربعة أصابع ، وزاد بعض المشبهة كمضر وكهمس وأحمد الهجيمی أن
    المخلصين من المؤمنين يعانقونه في الدنيا والآخرة ! ومنهم من قال هو محاذ للعرش
    غير مماس له ، فقيل بعده عنه بمسافة متناهية ، وقيل بمسافة غير متناهية ! ! . . . .
    التجسيم في مصادر إخواننا من روايات الحاخامات
    من أقدم النصوص وأوسعها انتشاراً في مصادر إخواننا قصة الحاخام اليهودي
    التي رواها أهل الصحاح بروايات عديدة عن عبد الله بن عمر ، ومفادها أن هذا
    الحاخام جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعرض عليه عقيدة التجسيم ، فصدق النبي قوله
    وضحك له حتى بدت نواجذه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد روى البخاري في صحيحه ج 6 ص 33 :
    . . . عن عبد الله رضي‌الله‌عنه قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    فقال : يا محمد ، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع



    والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع ، فيقول أنا
    الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ،
    ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما قدروا الله حق قدره .
    وروى في ج 8 ص 173
    عن عبد الله أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله
    يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر
    على إصبع والخلائق على إصبع ، ثم يقول أنا الملك ، فضحك رسول الله صلى الله
    عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، ثم قرأ : وما قدروا الله حق قدره . قال يحيى بن سعيد
    وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله فضحك
    رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له .
    . . . قال عبد الله جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال : يا
    أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى
    على إصبع والخلائق على إصبع ، ثم يقول أنا الملك ، أنا الملك فرأيت النبي صلى
    الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ، ثم قرأ : وما قدروا الله حق قدره .
    ـ صحيح البخاري ج 8 ص 187
    . . . عن عبد الله قال جاء حبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد
    إن الله يضع السماء على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر
    والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول بيده أنا الملك ، فضحك رسول
    الله صلى الله عليه وسلم وقال : وما قدروا الله حق قدره .
    ـ صحيح البخاري ج 8 ص 202
    . . . عن عبد الله رضي‌الله‌عنه قال جاء حبر من اليهود فقال : إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله
    السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على
    إصبع ثم يهزهن ، ثم يقول أنا الملك أنا الملك ، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه


    وسلم يضحك حتى بدت نواجذه تعجباً وتصديقاً لقوله ، ثم قال النبي صلى الله عليه
    وسلم : وما قدروا الله حق قدره ، إلى قوله يشركون .
    ـ ورواه مسلم في ج 8 ص 125 بعدة روايات منها بلفظ البخاري وفيها عبارة ( وقال
    فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه تعجباً لما قال
    تصديقاً له ) .
    ـ ورواه أحمد في مسنده ج 1 ص 378 وص 429 وص 457 وذكر في جميع رواياته أن
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ضحك حتى بدت نواجذه تصديقاً لليهودي ! انتهى . ورواه البغوي في
    معالم التنزيل ج 4 ص 87 وفي مصابيحه ج 3 ص 523 والمراغي في تفسيره جزء 21 ص 31
    والصنعاني في تفسيره ج 2 ص 250 والأحاديث القدسية ج 2 ص 39 وأبو الشيخ في
    طبقات المحدثين ج 1 ص 287 . . وغيرهم .
    ـ ورواه الطبري في تفسيره ج 24 ص 18 ، بصيغة كأنها ابتداء من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بدون ذكر
    لليهودي ! قال : عن ابن عمر قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول : يأخذ الجبار
    سمواته وأرضيه بيمينه وقبض يده فجعل يقبضها ويبسطها ثم يقول أنا الجبار أنا
    الملك ، أين الجبارون أين المتكبرون ! قال ويميل رسول الله ( ص ) عن يمينه وعن
    شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه ، حتى أني لأقول أساقط
    هو برسول الله ( ص ) !
     
    نكتفي بهذا القدر من النصوص عن الخليفة عمر وابنه وأبي موسى الأشعري
    وابنه ، وهي أقدم من جميع نصوص الرؤية والتشبيه والتجسيم !
    ومنها يتضح أن الخليفة عمر أول رائد في هذا المجال ، وأن كعب الأحبار هو أول
    مصدر يهودي بعد يهود المدينة تلقى منه الخليفة ومن أطاع الخليفة من المسلمين
    بشكل رسمي ! وكان من أبرز المتأثرين بالخليفة ولده عبد الله وأبا موسى الأشعري



    وولده أبا بكر . ثم جاء الذين من بعدهم فوجدوا طريقاً ممهداً فسلكوه ، لأن فتح
    الخليفة عمر لهذا الباب لم يكن حدثاً عادياً ، بل كان وضع أساس من صدر الإسلام
    لكل من جاء بعده ، وفتح ( قناة شرعية ) بين نهر ثقافة أحبار اليهود ومكتوباتهم لتصب
    في نهر الإسلام الصافي !
    وقد نشطت قناة الخليفة عمر ، وصارت مصدراً أساسياً لثقافة المسلمين في عهد
    معاوية ، وشرب الرواة وعلماء السلطة من أفكار كعب وجماعته ، وشيدوا أبنيتهم
    بأحجارها ! وهذه آثارها شاخصة في مصادر المسلمين وصحاحهم !
    ومن جهة سياسية فقد سببت هذه الأفكار اختلافات في الأمة وانقسامات
    وصراعات مريرة . . وحاول المؤرخون كعادتهم أن يبرئوا منها السلطة والخليفة
    ويتهموا بها المعارضة من أهل البيت وشيعتهم ، لمجرد أنهم معارضة مكروهون !
    ويطول البحث لو أردنا تعداد الذين رووا عن اليهود من رواة القرن الأول والثاني . .
    . . ومن باب المثال نذكر ما قاله السبكي في طبقات الشافعية ج 9 ص 73 في رده على ابن
    تيمية : ( . . . . ثم أفاد المدعي ( ابن تيمية ) وأسند أن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة
    اليهود والمشركين وضلال الصابئين . قال : فإن أول من حفظ عنه هذه المقالة : الجعد
    بن درهم ، وأخذها عنه جهم بن صفوان ، وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه ، قال
    والجعد أخذها عن أبان بن سمعان ، وأخذها أبان من طالوت بن أخت لبيد بن
    الأعصم ، وأخذها طالوت من لبيد اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم .
    قال : وكان الجعد هذا فيما يقال من أهل حران .
    فيقال له : أيها المدعي إن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود ، قد خالفت
    الضرورة في ذلك ، فإنه ما يخفى على جميع الخواص وكثير من العوام أن اليهود
    مجسمة مشبهات ، فكيف يكون ضد التجسيم والتشبيه مأخوذاً عنهم ! ) انتهى .
    ويسهل على الباحث أن يلاحظ أن بعض الأحاديث التي استدل بها ابن تيمية
    وغيره من القائلين بالرؤية بالعين والتشبيه ، هي نصوص يهودية أو نصرانية موجودة
    في مصادرهم ، وبعضها الآخر يشم منها رائحة يهودية قوية !

    ومن ذلك الحديثان اللذان أوردهما السبكي في مناقشته لابن تيمية ، قال في
    طبقات الشافعية ج 9 ص 53 : ( حديث الرقية : ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك .
    . . . حديث الأوعال : والعرش فوق ذلك كله والله فوق ذلك كله . فقد فهمه هذا
    المدعي ( يقصد ابن تيمية ) أن الله فوق العرش حقيقة . انتهى .
    وحديث الأوعال هو الحديث الذي يدعي أن الله تعالى يجلس على عرشه وأن
    الحيوانات تحمل عرشه ، تعالى الله عما يصفون ، وستأتي رواياته في تفسير قوله
    تعالى : الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ .
    هذا وقد حاول بعض شراح البخاري ومسلم الدفاع عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإثبات أنه لم
    يصدق الحاخام بل رد عقيدة اليهود في الله تعالى ، ولكنهم ثاروا في وجههم !
    ـ قال في الأحاديث القدسية من الصحاح ج 2 ص 42
    قال القسطلاني : هذا من شديد الإشتباه وقد حمله بعضهم على أن اليهود
    مشبهة ، وروي الحديث من غير واحد فلم يذكروا قوله ( ص ) إنه تعجب من قول
    الحبر تصديقاً لقوله بل ذكروا أنه ( ص ) تعجب من كذب اليهودي . انتهى . وذكر نحوه
    في إرشاد الساري ج 10 ص 388 وقال : . . . . وهذه الأوصاف في حق الله تعالى
    محال . انتهى .
    ـ وقال النووي في شرح مسلم 9 جزء 17 ص 130
    قوله ( فضحك رسول الله ( ص ) تعجباً مما قال الحبر تصديقاً له ، ثم قرأ : وما
    قدروا الله حق قدره . . ) ظاهر الحديث أن النبي ( ص ) صدق الحبر في قوله إن الله
    تعالى يقبض السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع . قال القاضي : وقال بعض
    المتكلمين ليس ضحكه ( ص ) وتعجبه تصديقاً للحبر ، بل هو رد لقوله وإنكار
    تعجب من سوء اعتقاده ، فإن مذهب اليهود التجسيم . . . . انتهى . ونحوه في ج 9 جزء
    17 ص 131 وفي ج 2 ص 46


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:16

    ولكن جمهور علماء إخواننا السنة لم يقبلوا هذه النقود العلمية لأنها رد لما صرح
    به البخاري ومسلم ، فعصمة هذين الكتابين واجبة عندهم حتى من اشتباهات الرواة
    والنساخ ، وحتى لو استلزم ذلك تهمة النبي بتصديق اليهود في التجسيم ! قال في
    الأحاديث القدسية من الصحاح ج 2 ص 43 : قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : ما اتفق
    عليه الشيخان بمنزلة التواتر ، وإن ضحك الرسول ليس إنكاراً . . . . إن ما اتفق عليه
    الشيخان بمنزلة المتواتر فلا ينبغي التجاسر على الطعن في ثقاة الرواة ، ورد الأخبار
    الثابتة ! انتهى .
    وأمام ذلك التشدد تراجع القسطلاني في كتاب التوحيد ج 10 ص 388 ونقل قول
    أبي عمر الصلاح وأيده ! وقال جامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج 2 ص 45 : قال ابن
    فورك : . . . . وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور على
    سبيل الإنكار منه صلى الله عليه وسلم !
     
    وهكذا أخذ أكثر علماء إخواننا السنة بحديث البخاري عن الحاخام ، وشهدوا أن
    النبي أيده وصدقه ، وضحك له ضحكاً كثيراً شديداً من فرحه بهذا العلم العظيم
    على حد تعبير إمام الوهابية . ولكن عدداً منهم بقي يراوده الشك والتحير كيف
    يمكن أن يؤيد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قول يهودي في التجسيم ، مع أن الآية التي قرأها النبي تدل
    على رده قول اليهودي .
    الكوثري يصعد درجات ولا يصل إلى لب الحقيقة
    اقترب الشيخ محمد زاهد الكوثري من الحقيقة ، فاعترف بأن التشبيه والتجسيم
    انتقل الى المسلمين من اليهود عن طريق رواة إخواننا السنة من التابعين ومن بعدهم ،
    ولكنه لم ينفذ الى لب الحقيقة ، ولم يجرأ على نسبة ذلك إلى الصحابة الذين أخذوا
    هذه العقائد من اليهود وأدخلوها في عقائد المسلمين .


    ـ قال في مقدمته لكتاب الأسماء والصفات للبيهقي :
    للمحدثين ورواة الاخبار منزلة عليا عند جمهرة أهل العلم ، لكن بينهم من تعدى
    طوره وألف فيما لا يحسنه ، فأصبح مجلبة العار لطائفته بالغ الضرر لمن يسايره ويتقلد
    رأيه ! من هؤلاء غالب من ألف منهم في صفات الله سبحانه ، فدونك مرويات حماد
    بن سلمة في الصفات تجدها تحتوي على كثير من الأخبار التالفة يتناقلها الرواة طبقة
    عن طبقة ، مع أنه قد تزوج نحو مائة امرأة من غير أن يولد له ولد منهن ، وقد فعل هذا
    التزواج والتنكاح في الرجل فعله بحيث أصبح في غير حديث ثابت البناني لا يميز
    بين مروياته الأصلية وبين ما دسه في كتبه أمثال ربيبه ابن أبي العوجاء وربيبه الآخر
    زيد المدعو بابن حماد ، بعد أن كان جليل القدر بين الرواة قوياً في اللغة ، فضلّ
    بمروياته الباطلة كثير من بسطاء الرواة .
    ويجد المطالع الكريم نماذج شتى من أخباره الواهية في باب التوحيد من كتب
    الموضوعات المبسوطة ، وفي كتب الرجال ، وإن حاول أناس الدفاع عنه بدون
    جدوى ، وشرع الله أحق بالدفاع من الدفاع عن شخص ، ولا سيما عند تراكب التهم
    القاطعة لكل عذر .
    فعلت مرويات نعيم بن حماد أيضاً مثل ذلك بل تحمسه البالغ أدى به إلى
    التجسيم كما وقع مثل ذلك لشيخ شيخه مقاتل بن سليمان تجد آثار الضرر الوبيل في
    مروياتهما في كتب الرواة الذين كانوا يتقلدونها من غير معرفة منهم لما هنالك ،
    فدونك كتاب الاستقامة لخشيش بن أصرم ، والكتب التي تسمى السنة لعبد الله
    وللخلال ، ولأبي الشيخ ، وللعسال ، ولأبي بكر بن عاصم ، وللطبراني ، والجامع ،
    والسنة والجماعة لحرب بن إسماعيل السيرجاني ، والتوحيد لابن خزيمة ، ولابن
    منده ، والصفات للحكم بن معبد الخزاعي ، والنقض لعثمان بن سعيد الدارمي ،
    والشريعة للآجري ، والابانة لأبي نصر السجزي ، ولابن بطة ، ونقض التأويلات لأبي
    يعلي القاضي ، وذم الكلام ، والفاروق لصاحب منازل السائرين . . تجد فيها ما ينبذه



    الشرع والعقل في آن واحد ولا سيما النقض لعثمان بن سعيد الدارمي السجزي
    المجسم فإنه أول من اجترأ من المجسمة بالقول إن الله لو شاء لاستقر على ظهر
    بعوضة فاستقلت به بقدرته ، فكيف على عرش عظيم ! ! وتابعه الشيخ الحراني ( ابن
    تيمية ) في ذلك كما تجد نص كلامه في غوث العباد المطبوع سنة 1351 بمطبعة
    الحلبي . وكم لهذا السجزي من طامات مثل إثبات الحركة له تعالى وغير ذلك ! كم من
    كتب من هذا القبيل فيها من الأخبار الباطلة والآراء السافلة ما الله به عليم ، فاتسع
    الخرق بذلك على الراقع وعظم الخطب إلى أن قام علماء أمناء برأب الصدع نظراً
    ورواية وكان من هؤلاء العلماء الخطابي ، وأبو الحسن الطبري ، وابن فورك ،
    والحليمي ، وأبو إسحاق الاسفرايني ، والأستاذ عبد القاهر البغدادي ، وغيرهم من
    السادة القادة الذين لا يحصون عدداً . . . انتهى .
    نقول : مع شكرنا لمن تصدى لهذه التحريفات في عقائد الاسلام . . فإن المشكلة
    ما زالت قائمة في مصادر إخواننا لكثرة أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم فيها ،
    وجلها إن لم يكن كلها يرجع مصدره الى كعب الأحبار وزملائه وتلاميذهم ومن تأثر
    بهم مثل أبي هريرة وعكرمة ووهب ومقاتل والسفيانين والحمادين ونعيم بن حماد . .
    الخ . ! فلا بد من فتح باب الاجتهاد في الجرح والتعديل وقيام الدراسات النقدية
    الجادة لرواة أخبار الصفات .
    وفيما يلي نقدم خلاصة أقوال علماء الجرح والتعديل في اثنين من قدماء الرواة
    ذكرهما الكوثري في كلامه ، وهما : حماد بن سلمة ، ونعيم بن حماد .
    السفيانان والحمادان
    السفيانان والحمادان من كبار أئمة الحديث عند إخواننا السنيين ، بل هم شيوخ
    أئمة المذاهب سوى مالك ، وكلهم من الفرس ما عدا سفيان الثوري الذي نسب الى
    تميم طابخة ! وقد ولد الثوري سنة 97 ومات سنة 161 ثم سفيان بن عيينة الرازي أي


    الطهراني ولد سنة 107 وتوفي سنة 178 ، ثم حماد بن سلمة الفارسي أيضا الذي
    توفي سنة 167 ثم حماد بن زيد الفارسي أيضا الذي توفي سنة 179 كما في سير
    أعلام النبلاء للذهبي .
    فالحمادان متعاصران ومتقاربان في السن ، بل ذكر الكوثري أن حماد بن زيد هو
    ربيب حماد بن سلمة . . وقد حكم أهل الجرح بأن عقل ابن زيد أكبر من دينه ، وأن
    دين ابن سلمة أكبر من عقله .
    حماد بن سلمة
    حماد بن سلمة الربعي فارسي مولى ربيعة الجوع ، أو ربيعة كلب ، قال في إكمال
    الكمال ج 4 ص 147 :
    وفي اللباب ( ربيعة الجوع وهو ربيعة بن مالك بن زيد مناة ، منهم حماد بن سلمة
    الربعى مولاهم إمام مشهور ) وذكر أيضاً ربيعة كلب ( ربيعة بن حصن بن ضمضم بن
    عدي بن جناب بن هبل . . . . )
    ـ قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 7 ص 456
    حماد بن زيد بن درهم ، العلامة ، الحافظ الثبت ، محدث الوقت ، قال إبراهيم بن
    سعيد الجوهري : سمعت أبا أسامة يقول : كنت إذا رأيت حماد بن زيد قلت : أدبه
    كسرى ، وفقهه عمر رضي‌الله‌عنه .
    قال الخليلي : سمعت عبد الله بن محمد الحافظ ، سمعت أبا عبيد محمد بن
    محمد بن أخي هلال الرأي ، سمعت هشام بن علي يقول : كانوا يقولون كان علم
    حماد بن سلمة أربعة دوانيق ، وعقله دانقين ، وعلم حماد بن زيد دانقين ، وعقله
    أربعة دوانيق .
    ـ وقال المزي في تهذيب الكمال ج 7 ص 251 عن حماد بن زيد :
    وقال أبو حاتم بن حبان : كان ضريراً يحفظ حديثه كله ، وكان درهم جده من سبي



    سجستان ، وما كان يحدث إلا من حفظه ، وقد وهم من زعم أن بينهما كما بين
    الدينار والدرهم ، إلا أن يكون القائل أراد فضل ما بينهما مثل الدينار والدرهم في
    الفضل والدين ، لان حماد بن سلمة كان أفضل وأدين وأورع من حماد بن زيد ، ولسنا
    ممن يطلق الكلام على أحد بالجزاف بل نعطي كل شيخ قسطه ، وكل راوٍ حظه ،
    والله الموفق .
    ـ تهذيب التهذيب ج 3 ص 10
    وقال أحمد بن حنبل : حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث . حماد من أئمة
    المسلمين من أهل الدين والاسلام ، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة .
    ـ ميزان الاعتدال ج 3 ص 136
    وقال الذهلي : قلت لأحمد في علي بن عاصم فقال : كان حماد بن سلمة يخطئ ،
    وأومأ أحمد بيده كثيراً ، ولم نر بالرواية عنه بأساً .
    ونحوه في سير أعلام النبلاء ج 9 ص 253 وفي تهذيب الكمال ج 20 ص 510
    ـ سير أعلام النبلاء ج 5 ص 236
    قال أبو داود : سمعت أبا عبد الله أحمد يقول : حماد ( بن أبي سليمان ) مقارب
    الحديث ، ما روى عنه سفيان وشعبة ، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط .
    ـ الأنساب ج 1 ص 121
    الإمام أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي البصري المعروف بالأزرق . . .
    ـ وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 9 ص 114 أن حماد بن سلمة كان لا يحترم
    علم حماد بن زيد . . قال الذهبي : وروى عفان قال : كنا عند حماد بن سلمة ، فأخطأ
    في حديث ، وكان لا يرجع إلى قول أحد ، فقيل له : قد خولفت فيه فقال : من ؟ قالوا :
    حماد بن زيد فلم يلتفت ، فقيل إن إسماعيل ابن علية يخالفك ، فقام ودخل ثم
    خرج ، فقال : القول ما قال إسماعيل .


    بعض روايات ابن سلمة في التشبيه والتجسيم
    ـ لسان الميزان ج 1 ص 485
    أيوب بن عبد السلام ، أبو عبد السلام ، قال ابن حبان : كانه كان زنديقا ! يروي عن
    أبي بكرة عن ابن مسعود رضي الله عنهما : إن الله إذا غضب انتفخ على العرش حتى
    يثقل على حملته . رواه حماد بن سلمة وكان كذاباً .
    قلت ، بئس ما فعل حماد بن سلمة برواية مثل هذا الضلال ، فقد قال النبي صلى
    الله عليه وسلم : كفى بالمرء إثما إن يحدث بكل ما سمع ، بل ولا أعرف له إسنادا عن
    حماد فيتأمل هذا ، فإن ابن حبان صاحب تشنيع وتشغب . انتهى .
    ـ وكذا في ميزان الإعتدال ج 1 ص 290 وفيه : ص 590 :
    حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن ابن أبي ليلى ، عن صهيب ـ مرفوعاً : للذين
    أحسنوا الحسنى وزيادة ، قال : هي النظر إلى وجه الله .
    حماد ، عن ثابت ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : فلما تجلى
    ربه للجبل ، قال : أخرج طرف خنصره ، وضرب على إبهامه ، فساخ الجبل ! فقال
    حميد الطويل لثابت : تحدث بمثل هذا ! قال فضرب في صدر حميد وقال : يقوله
    أنس ، ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا ! رواه جماعة عن حماد
    ( وصححه الترمذي ) .
    إبراهيم بن أبى سويد ، وأسود بن عامر ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ،
    عن ابن عباس ـ مرفوعاً : رأيت ربي جَعْداً أمرد عليه حلة خضراء .
    وقال ابن عدي : حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا النضر بن سلمة
    شاذان ، حدثنا الاسود بن عامر ، عن حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس
    أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في
    خضرة . وحدثنا ابن أبي سفيان الموصلي وابن شهريار قالا : حدثنا محمد بن رزق



    الله بن موسى ، حدثنا الاسود بنحوه . وقال عفان : حدثنا عبد الصمد بن كيسان ،
    حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه
    وسلم ، قال : رأيت ربي . ( ومثله في تذكرة الحفاظ ج 2 ص 596 )
    وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير ، حدثنا أبي ، حدثنا
    حماد بنحوه . فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة ، وهذه الرؤية رؤية منام إن
    صحت . . . قال المرودي : قلت لأحمد : يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب
    وأخرج كتابه بسماع قتادة ، عن عكرمة ، في ستة أحاديث . ورواه الحكم بن أبان عن
    زيرك عن عكرمة . وهو غريب جداً . . . .
    ـ وقال . . . في الموضوعات ج 1 ص 122 عن حديث ( أخرج خنصره أو طرف
    خنصره ) : وهذا حديث لا يثبت . قال ابن عدي الحافظ : كان ابن أبي العوجاء ربيب
    حماد بن سلمة فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث . ومثله في ص 100
    ـ سير أعلام النبلاء ج 7 ص 444
    وروى عبد العزيز بن المغيرة ، عن حماد بن سلمة : أنه حدثهم بحديث نزول
    الرب عز وجل فقال : من رأيتموه ينكر هذا ، فاتهموه . . . .
    ـ وقال في ميزان الإعتدال ج 1 ص 590
    الدولابي ، حدثنا محمد بن شجاع الثلجي ، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن
    مهدي ، قال : كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث يعني التي في الصفات
    حتى خرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها ، فلا أحسب إلا شيطاناً خرج إليه من
    البحر ، فألقاها إليه !
    قال ابن الثلجي : فسمعت عباد بن صهيب يقول : إن حماداً كان لا يحفظ ، وكانوا
    يقولون إنها دُسَّت في كتبه .
    وقد قيل : إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه . قلت : ابن الثلجي
    ليس بمصدق على حماد وأمثاله ، وقد اتهم . نسأل الله السلامة .


    ـ وفي تهذيب التهذيب ج 3 ص 11
    وقال الدولابي ثنا محمد بن شجاع البلخي حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن
    مهدي قال كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث التي في الصفات حتى خرج
    مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها ! فسمعت عباد ابن صهيب يقول : إن حماداً كان لا
    يحفظ وكانوا يقولون إنها دست في كتبه . وقد قيل إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان
    يدس في كتبه . . .
    وحكى أبو الوليد الباجي في رجال البخاري أن النسائي سئل عنه فقال ثقة . قال
    الحكم بن مسعدة فكلمته فيه فقال : ومن يجترئ يتكلم فيه لم يكن عند القطان
    هناك . ثم جعل النسائي يذكر الأحاديث التي انفرد بها في الصفات كأنه خاف أن
    يقول الناس تكلم في حماد من طريقها انتهى .
    وهو يدل على ما ذكرناه من أن العوام يحبون التجسيم لأن المعبود المادي أسهل على
    أذهانهم ، وقد كان ذلك عاملاً في رواج سوق روايات التجسيم اليهودية ، حتى أن أئمة
    المحدثين مثل النسائي يخاف أن يقولوا عنه إنه ضعف حماداً الروايات التجسيم ! !
    ـ سير أعلام النبلاء ج 5 ص 31
    وروى جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، عن يحيى بن معين قال : إذا رأيت إنساناً يقع
    في عكرمة ، وفي حماد بن سلمة ، فاتهمه على الاسلام ! .
    قلت : هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف في وزنهما ، أما من نقل ما قيل
    في جرحهما وتعديلهما على الانصاف فقد أصاب ، نعم إنما قال يحيى هذا في
    معرض رواية حديث خاص في رؤية الله تعالى في المنام ، وهو حديث يستنكر .
    وقد جمع ابن مندة فيه جزءاً سماه : صحة حديث عكرمة .
    حماد يروي أن النبي لا يحفظ القرآن !
    ـ تهذيب الكمال ج 2 ص 267
    وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن الجارود بن أبي سبرة ، عن أبي بن كعب :



    أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فترك آية ! فقال : أيكم أخذ علي
    شيئاً من قراءتي ؟ فقال أبي : أنا يا رسول الله ، تركت آية كذا وكذا ، فقال النبي صلى
    الله عليه وسلم : قد علمت إن كان أحد أخذها علي فإنك أنت هو !
    ـ وقال في تهذيب الكمال ج 2 ص 268 : رواه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام
    عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل ، عن حماد . فوقع لنا بدلاً عالياً !
    أخذ حماد القول بالجبر من شيخ شيخه وهب
    ـ ميزان الإعتدال ج 4 ص 353
    وروى حماد بن سلمة عن أبي سنان : سمعت وهب بن منبه يقول : كنت أقول
    بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلها : من جعل لنفسه شيئاً
    على المشيئة فقد كفر ، فتركت قولي انتهى . ومثله في تهذيب الكمال ج 31 ص 147
    ويقصد وهب بكتب الأنبياء : كتب بني إسرائيل المنسوبة الى الأنبياء .
    ويقصد بعبارته التي نقلها من كتب اليهود : أن من يجعل للانسان شيئا من الإرادة
    في أفعاله فقد كفر ! بل أفعاله كلها بما فيها المعاصي والجرائم من الله تعالى ! ! وبذلك
    رفع اليهود مسؤولية مخالفتهم لأنبيائهم وقتلهم إياهم عن عواتقهم ، ونسبوها الى الله
    تعالى . . ! ! وتبعهم في ذلك بعض المسلمين حذو القذة بالقذة ! !
    ربيبه عبد الكريم بن أبي العوجاء
    نذكر فيما يلي شيئا عن ابن العوجاء ابن زوجة حماد الذي اتهموه بالدس في
    أحاديثه ، لكي تعرف خطورته . . قال في لسان الميزان ج 4 ص 51 :
    عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة زنديق مغتر ، قال أحمد بن عدي :
    لما أخذ ليضرب عنقه قال : لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيه الحلال
    وأحلل الحرام ! ! قتله محمد بن سليمان العباسي الأمير بالبصرة . انتهى .
    وذكر أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني عن جرير بن حازم : كان بالبصرة ستة


    من أصحاب الكلام : واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وبشار بن برد وصالح بن
    عبد القدوس وعبد الكريم بن أبي العوجاء ورجل من الأزد ، فكانوا يجتمعون في
    منزل الأزد . . .
    ـ وفي تهذيب المقال ج 3 ص 101 ابن أبي العوجاء : هو عبد الكريم بن أبي
    العوجاء ، أحد زنادقة عصر الامام الصادق عليه‌السلام . كان من تلامذة الحسن البصري
    فانحرف عن التوحيد ، فقيل له تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا
    حقيقة ! قال : إن صاحبي كان مخلطاً يقول طوراً بالقدر وطوراً بالجبر ، فما أعلمه
    اعتقد مذهباً دام عليه .
    قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل البصرة من جهة المنصور . وكان خال معن
    بن زائدة . وقد جرى بينه وبين مولانا الصادق عليه‌السلام احتجاجات كثيرة . . . . انتهى .
    وتجد مناظرات الإمام الصادق عليه‌السلام وتلاميذه مع ابن أبي العوجاء وصاحبيه أبي
    شاكر الديصاني وعبد الله بن المقفع ، وبقية أخباره ونشاطه في نشر الالحاد ، في :
    الكنى والألقاب للقمي ج 1 ص 201 ، وفي إختيار معرفة الرجال للطوسي ج 2 ص 430 ،
    جامع الرواة للأردبيلي ج 2 ص 160 و 296 و 438 ، والإحتجاج للطبرسي . . وغيرها .
    عشرات الألوف من الأحاديث ومئات التلاميذ
    ـ تهذيب الكمال ج 19 ص 147
    وقال أبو حاتم : صدوق ثقة ، روى عنه أحمد بن حنبل وكان عنده عن حماد بن
    سلمة تسعة آلاف حديث . . . ! ! .
    ـ تهذيب الكمال ج 22 ص 89
    قال إسحاق بن سيار النصيبي : سمعت عمرو بن عاصم يقول : كتبت عن حماد
    بن سلمة بضعة عشر ألفاً ! وكذا ج 7 ص 263 وفي سير أعلام النبلاء ج 10 ص 257
    وتهذيب التهذيب ج 8 ص 52



    ـ وفي سير أعلام النبلاء ج 7 ص 446
    قال عمرو بن عاصم : كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً .
    جعفر الطيالسي : سمعت عفان يقول : كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً .
    ـ وفي تهذيب الكمال ج 20 ص 172
    وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي : سمعت عفان يقول : يكون عند أحدهم
    حديث فيخرجه بالمقرعة ، كتبت عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث ما حدثت
    منها بألفي حديث .
    وقال علي بن سهل بن المغيرة : سمعت يحيى بن معين يقول : لي حانوت بباب
    الطاق وددت أن عفان قرأ عليَّ كتب حماد بن سلمة فأبيعه وأدفع ثمنه إليه .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 9 ص 500
    قال علي بن المديني : كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف
    حديث !
    ـ تذكرة الحفاظ ج 1 ص 202
    قال ابن المديني : كان عند يحيى بن ضريس عن حماد عشرة آلاف حديث .
    ـ وقال في الجرح والتعديل ج 3 ص 140
    قال أحمد بن وكان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف
    حديث ، وعن الثوري عشرة آلاف أو نحوه . . . .
    ـ الجرح والتعديل ج 1 ص 335
    حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول : كتبت عن أبي سملة التبوذكي
    عشرة آلاف حديث ، أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث ، وكنا نظن أنه
    يقرأ كما يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شئ نحو قوصرة فوهبت لقوم
    بالبصرة . انتهى . أي بقي من أحاديث التبوذكي تلميذ ابن حماد كيس كبير ( خيشة )
    وسيأتي أن أحمد بن حنبل روى عنه تسعة آلاف حديث !


    ـ تهذيب التهذيب ج 3 ص 11
    البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة : حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة
    مولى تميم . ويقال مولى قريش وقيل غير ذلك . روى عن : ثابت البناني وقتادة
    وخاله حميد الطويل وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وانس بن سيرين وثمامة بن
    عبد الله بن أنس ومحمد بن زياد القرشي وأبي الزبير المكي وعبد الملك بن عمير
    وعبد العزيز بن صهيب وأبي عمران الجوني وعمرو بن دينار وهشام بن زيد بن انس
    وهشام بن عروة ويحيى ابن سعيد الأنصاري وأيوب السختياني وخالد الحذاء وداود
    بن أبي هند وسليمان التيمي وسماك بن حرب وخلق كثير من التابعين فمن بعدهم .
    وعنه : ابن جريج والثوري وشعبة وهم أكبر منه وابن المبارك وابن مهدي والقطان
    وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيان وأبو سلمة التبوذكي وآدم بن أبي اياس والاشيب
    وأسود بن عامر شاذان وبشر بن السري وبهز بن أسد وسليمان بن حرب وأبو نصر
    الثمار وهدبة بن خالد وشيبان بن فروخ وعبيد الله العيشي وآخرون . . . انتهى . وقد
    أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 7 ص 444 عدداً أكبر من شيوخه وتلاميذه .
    ـ تهذيب التهذيب ج 10 ص 294
    دعس ( أبي داود والنسائي في مسند علي ) مهنأ بن عبد الحميد أبو شبل ويقال
    أبو سهل البصري . روى عن حماد بن سلمة ، وعنه أحمد بن حنبل .
    كان مفتي البصرة وله مسجد ويلزم تلاميذه بالكتابة عنه
    ـ تهذيب التهذيب ج 3 ص 11
    وحماد من أجلة المسلمين وهو مفتي البصرة ، وقد حدث عنه من هو أكبر منه
    سناً . ونحوه في ميزان الاعتدال ج 1 ص 590
    ـ ميزان الاعتدال ج 1 ص 608
    حمزة بن واصل البصري . . . . قلت : هو صاحب حديث المرأة البيضاء بطوله ،



    رواه الدارقطني في كتاب الرؤية من طريق محمد بن سعيد القرشي ، حدثنا حمزة بن
    واصل المنقري ، وكان يلزم مسجد حماد بن سلمة ، وحماد أمرنا أن نكتب عنه . .
    ـ تذكرة الحفاظ ج 1 ص 202
    قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب إلا كتاب قيس بن سعد . . . ! ومثله في
    سير أعلام النبلاء ج 7 ص 444
    ـ الأنساب ج 2 ص 356
    قلت : وعباد أيضا ليس بشئ وقد قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب غير
    كتاب قيس بن سعد يعني كان يحفظ علمه .
    وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : ضاع كتاب حماد عن قيس بن سعد وكان
    يحدثهم من حفظه .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 11 ص 99
    وقال ابن عدي : سمعت أبا يعلى وسئل عن هدبة وشيبان أيهما أفضل فقال :
    هدبة أفضلهما وأوثقهما وأكثرهما حديثاً ، كان حديث حماد بن سلمة عنده
    نسختين : واحدة على الشيوخ ، وأخرى على التصنيف .
    ومع هذا وثقه إخواننا وغالوا فيه
    ـ إكمال الكمال ج 2 ص 185
    وفي المشتبه : فقيه العصر أبو حنيفة الخزاز ، وإمام المحدثين حماد بن سلمة . . .
    ـ ميزان الإعتدال ج 1 ص 590
    حماد بن سلمة بن دينار الامام العلم ، أبو سلمة البصري . . . . وقال ابن المديني :
    من سمعتموه يتكلم في حماد فاتهموه .
    وقال رجل لعفان : أحدثك عن حماد قال : من حماد ويلك ! قال : ابن سلمة . قال :
    ألا تقول أمير المؤمنين . . . .


    ـ تهذيب الكمال ج 19 ص 147
    قال أبو طالب ، عن أحمد بن حنبل : صدوق في الحديث . . . . . روى عنه أحمد
    بن حنبل وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث . . . !
    ـ تهذيب الكمال ج 7 ص 261
    وقال شهاب بن المعمر البلخي : كان حماد بن سلمة يعد من الابدال ، وعلامة
    الأبدال أن لا يولد لهم ! تزوج سبعين امرأة فلم يولد له . انتهى . وكذا في أنساب
    السمعاني ج 2 ص 356 .
    ولم أجد فيما راجعت من كتب الجرح والتعديل أنه تزوج نحو مئة امرأة كما ذكر
    العلامة الكوثري ، وإن كانت السبعين أكثر من ثلثي المئة !
    ـ تذكرة الحفاظ ج 1 ص 202
    شهاب بن معمر كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال .
    ـ وقال في الجرح والتعديل ج 3 ص 140
    نا سعيد بن أبي سعيد الأراطي الرازي قال سئل أحمد بن حنبل عن حماد بن
    سلمة فقال : صالح . . . المديني : لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة
    . . . عن يحيى بن معين قال : حماد بن سلمة ثقة .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 7 ص 444
    حماد بن سلمة ابن دينار ، الامام القدوة ، شيخ الاسلام ، أبو سلمة البصري ،
    النحوي ، البزاز ، الخرقي ، البطائني ، مولى آل ربيعة بن مالك . . . .
    وقال حجاج بن منهال : حدثنا حماد بن سلمة ، وكان من أئمة الدين .
    قال أبو عبد الله الحاكم : قد قيل في سوء حفظ حماد بن سلمة ، وجمعه بين
    جمعة في الاسناد بلفظ واحد ، ولم يخرج له مسلم في الأصول إلا من حديثه عن
    ثابت ، وله في كتابه أحاديث في الشواهد عن غير ثابت . . . .


    قال أحمد بن حنبل : إذا رأيت من يغمزه ، فاتهمه فإنه كان شديداً على أهل
    البدع ، إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه ، فلذلك لم يحتج به البخاري ، وأما مسلم
    فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت ، مما سمع منه قبل تغيره ، وما عن غير
    ثابت فأخرج نحو اثني عشر حديثاً في الشواهد دون الاحتجاج ، فالاحتياط أن لا
    يحتج به فيما يخالف الثقات . . . .
    قال أبو القاسم البغوي : حدثني محمد بن مطهر قال : سألت أحمد ابن حنبل
    فقال : حماد بن سلمة عندنا من الثقات ، ما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة .
    قال أبو سلمة التبوذكي : مات حماد بن سلمة وقد أتى عليه ست وسبعون سنة .
    وقال ابن سعد : أخبرني أبو عبد الله التميمي قال : أخبرني أبو خالد الرازي ، عن
    حماد بن سلمة قال : أخذ إياس بن معاوية بيدي وأنا غلام فقال : لا تموت حتى
    تقص ، أما إني قد قلت هذا لخالك يعني حميد الطويل ، فما مات حماد حتى قص .
    قال أبو خالد قلت لحماد : أنت قصصت قال : نعم .
    قلت : القاص هو الواعظ .
    قال علي بن عبد الله : قلت ليحيى : حملت عن حماد بن سلمة إملاء . قال : نعم ،
    إملاء كلها ، إلا شيئا كنت أسأله عنه في السوق ، فأتحفظ . قلت ليحيى : كان يقول :
    حدثني وحدثنا قال : نعم ، كان يجئ بها عفواً ، حدثني وحدثنا . . . انتهى .
    أقول : ينبغي للباحث أن يتوقف عند فراسة إياس بن معاوية بأن حماداً قصاص ،
    وأن فراسته قد تحققت في حماد ! فالقصاص في القرون الأولى له مواصفات
    محددة ، ومن أولها أن يعرف الاسرائيليات ويقصها على الناس . . ولا بد أن حمادا
    كان صاحب بضاعة كبيرة من الاسرائيليات ، وأين هي . . . إلا في مروياته !
    ـ تذكرة الحفاظ ج 1 ص 202
    حماد بن سلمة بن دينار الامام الحافظ شيخ الاسلام أبو سلمة الربعي مولاهم
    البصري . . . . وقال وهيب : حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا .

    وقال أحمد بن حنبل : حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت البناني وأثبتهم في
    حميد . . . قلت : هو أول من صنف التصانيف . . . وقيل إن حماد بن سلمة تزوج سبعين
    امرأة ولم يولد له ولد . وعن حمد بن حنبل قال : إذا رأيت الرجل ينال من حماد بن
    سلمة فاتهمه على الإسلام . مناقب حماد يطول شرحها . . . .
    واحترمه البخاري وروى عنه ولم يكتفوا بذلك
    مع أن البخاري ترجم لحماد في تاريخه الكبير ج 3 ص 22 بكل احترام ، وروى عنه
    في صحيحه ، ولكن المتعصبين لحماد هاجموا البخاري لماذا لم يحتج بحماد فيما
    خالف فيه الثقات ! وقد دافع بعضهم عن البخاري !
    قال في الموضوعات ج 1 ص 34 : وإنما اشترط البخاري ومسلم الثقة والاشتهار وقد
    تركا أشياء كثيرة تركها قريب وأشياء لا وجه لتركها ، فمما ترك البخاري الرواية عن حماد
    بن سلمة مع علمه بثقته لأنه قيل له إنه كان له ربيب يدخل في حديثه ما ليس منه .
    ـ تهذيب الكمال ج 7 ص 266
    يعرض ابن حبان هنا بمحمد بن اسماعيل البخاري صاحب الصحيح ، وقد
    رد ابن حبان على البخاري رداً قوياً في مقدمة صحيحه 114 ـ 117 بسبب عدم
    تخريجه له .
    ـ الأنساب للسمعاني ج 2 ص 356
    ولم ينصف من جانب حديثه واحتج بأبي بكر بن عياش في كتابه وبابن أخي
    الزهري وبعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، فإن كان تركه إياه لما كان يخطئ فغيره
    من أقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما كانوا يخطئون ، فإن زعم أن خطأه قد كثر من
    تغير حفظه فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجوداً ، وأنى يبلغ أبو بكر حماد بن
    سلمة ، ولم يكن من أقران حماد بالبصرة مثله في الفضل والدين والعلم والنسك
    والجمع والكتبة والصلابة في السنة والقمع لأهل البدعة ، ولم يكن مثله في أيامه



    معتزلي قدري جهمي لما كان يظهر من السنن الصحيحة التي ينكرها المعتزلة ، وأنى
    يبلغ أبو بكر بن عياش حماد ابن سلمة في إتقانه أم في جمعه أم في ضبطه . هذا كله
    كلام أبي حاتم بن حبان البستي .
    . . . . واعتذر أبو الفضل بن طاهر عن ذلك لما ذكر أن مسلماً أخرج أحاديث أقوام
    ترك البخاري حديثهم ، قال : وكذلك حماد بن سلمة إمام كبير لمدحه الائمة وأطنبوا
    لما تكلم بعض منتحلي المعرفة أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه . لم
    يخرج عنه البخاري معتمداً عليه ، بل استشهد به في مواضع ليبين أنه ثقة ، وأخرج
    أحاديثه التي يرويها من حديث أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وغيرهم .
    ومسلم اعتمد عليه لأنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين لم يختلفوا
    وشاهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم . ثم عدالة الرجل في نفسه وإجماع أئمة
    أهل النقل على ثقته وأمانته ! !
    نعيم بن حماد
    ـ التاريخ الكبير ج 8 ص 100
    نعيم بن حماد المروزي سكن مصر كنيته أبو عبد الله سمع ابن المبارك وابن عيينة
    والفضل بن موسى ، هو الفارض . . . .
    ـ الجرح والتعديل ج 8 ص 463
    نعيم بن حماد وكنيته أبو عبد الله المروزي الخزاعي الاعور المعروف بالفارض
    سكن مصر روى عن عبد المؤمن بن خالد . . . مات سنة ثمان وعشرين ومئتين . . .
    بعض مناكيره ورواياته في التجسيم
    ـ ميزان الإعتدال ج 2 ص 102
    نعيم بن حماد ، حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه ، عن سعيد بن


    المسيب ، عن عمر ـ مرفوعاً : سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي ،
    فأوحى الله إلي : يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضهم أضوأ من بعض ،
    فمن أخذ بشئ مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى . فهذا باطل ، وعبد
    الرحيم تركوه ، ونعيم صاحب مناكير .
    ـ ميزان الإعتدال ج 4 ص 268
    قال أبو داود : كان عند نعيم بن حماد نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه
    وسلم ، ليس لها أصل . وقال النسائي : هو ضعيف .
    وقال أبو زرعة الدمشقي : عرضت على دحيم حديثاً حدثناه نعيم بن حماد ، عن
    الوليد بن مسلم ، عن ابن جابر ، عن ابن أبي زكريا ، عن رجاء بن حياة ، عن النواس بن
    سمعان : إذا تكلم الله بالوحي . . . . فقال دحيم : لا أصل له .
    نعيم بن حماد ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي
    هلال ، عن مروان بن عثمان ، عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل أنها سمعت النبي
    صلى الله عليه وسلم يقول : رأيت ربي في أحسن صورة شابا موقرا رجلاه في خضرة
    عليه نعلان من ذهب . قال أبو عبد الرحمن النسائي : ومن مروان حتى يصدق على
    الله تعالى ! وقد سرد ابن عدي في الكامل جملة أحاديث انفرد بها نعيم . . .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 13 ص 299
    عن ابن قتيبة : وما أحسن قول نعيم بن حماد ، الذي سمعناه بأصح إسناد عن
    محمد ابن إسماعيل الترمذي ، أنه سمعه يقول : من شبه الله بخلقه ، فقد كفر ، ومن
    أنكر ما وصف الله به نفسه ، فقد كفر ، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيهاً .
    قلت : أراد أن الصفات تابعة للموصوف ، فإذا كان الموصوف تعالى : صفاته لا
    مثل لها ، إذ لا فرق بين القول في الذات والقول في الصفات ، وهذا هو مذهب
    السلف . انتهى .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:17

    وهكذا يدافع الذهبي عن تشبيه ابن حماد وتجسيمه ، وقد صحح خبر أم الطفيل
    كما سترى !
    ـ تهذيب التهذيب ج 10 ص 409
    وقال صالح بن محمد الاسدي في حديث شعيب عن الزهري كان محمد بن
    جبير يحدث عن معاوية في : الأمراء من قريش ، والزهري إذا قال كان فلان يحدث
    فليس هو سماع . قال : وقد روى هذا الحديث نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن
    معمر عن الزهري عن محمد بن جبير عن معاوية نحوه ، وليس لهذا الحديث أصل
    من ابن المبارك ! ولا أدري من أين جاء به نعيم ! وكان نعيم يحدث من حفظه وعنده
    مناكير كثيرة لا يتابع عليها . قال : وسمعت يحيى بن معين سئل عنه فقال ليس في
    الحديث بشئ ولكنه صاحب سنة .
    وقال الآجري عن أبي داود عند نعيم نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه
    وسلم ليس لها أصل . وقال النسائي نعيم ضعيف ، وقال في موضع آخر ليس بثقة . . .
    وقال غيره : كان يضع الحديث في تقوية السنة ! ! وحكايات في ثلب أبي حنيفة كلها
    كذب . . . .
    وقال أبو الفتح الأزدي : قالوا كان يضع الحديث في تقوية السنة ! ! وحكايات
    مزورة في ثلب أبي حنيفة كلها كذب . . . قال النسائي ضعيف . . .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 10 ص 595
    قال عبد الخالق بن منصور : رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في
    خبر أم الطفيل في الرؤية ويقول : ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا . . . .
    فأما خبر أم الطفيل ، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره ، حدثنا نعيم ،
    حدثنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن
    عثمان حدثه عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب : سمعت رسول
    الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا . فهذا خبر منكر جدا ،


    أحسن النسائي حيث يقول : ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله !
    وهذا لم ينفرد به نعيم ، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ ، وأحمد بن
    عيسى التستري ، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، عن ابن وهب . قال أبو زرعة
    النصري : رجاله معروفون .
    قلت : بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال وهم معروفون
    عدول ، فأما مروان ، وما أدراك ما مروان ، فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الانصاري ،
    وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الانصاري . ولئن جوزنا أن النبي صلى
    الله عليه وسلم قاله ، فهو أدرى بما قال ! ! ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره عليه‌السلام ، ولا
    نحن نحسن أن نعبره ، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي ، فمعاذ الله أن نعتقد
    الخوض ( ! ) في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء قال : تصحف الحديث ، وإنما هو :
    رأى رئية ، بياء مشددة . وقد قال علي رضي‌الله‌عنه : حدثوا الناس بما يعرفون ، ودعوا ما
    ينكرون . وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرا مما لا يحتاجه المسلم في دينه ،
    وكان يقول : لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم ، وليس هذا من باب كتمان العلم في
    شئ ، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الامة حفظه ، والعلم الذي في
    فضائل الاعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره ، وينبغي للامة نقله ،
    والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء . ! ! انتهى .
    فقد صحح الذهبي حديث أم الطفيل وفسره بالظاهر الحسي المادي ، ثم حبذ
    عدم الخوض فيه ! وهذا هو مذهبه ومذهب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ، كما
    بينا في كتاب الوهابية والتوحيد .
    ـ وقال ابن كثير في تفسيره ، في قوله تعالى : ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ـ الأعراف 54 :
    بل الأمر كما قال الأئمة ، منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري : من شبه الله
    بخلقه فقد كفر . ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر . وليس فيما وصف الله به
    نفسه ولا رسوله تشبيه !


    ـ قال السبكي الكبير في السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل ـ ومعه تكملة الرد
    على نونية ابن القيم للكوثري ـ مكتبة زهران بمصر . وابن زفيل هو ابن القيم وزفيل
    اسم أبيه الذي كان قيما للمدرسة الجوزية وهي مدرسة للحنابلة بدمشق فعرف باسم
    ابن قيم الجوزية .
    ـ قال في ص 205 :
    ومما يزيدك بصيرة في هذا الباب اجتراء الذهبي على حذف لفظ ( إن صحت
    الحكاية عنه ) من كلام البيهقي في الأسماء والصفات ( ص 303 ) عندما نقل كلامه
    في كتاب العلو ( ص 126 ) في صدد نسبة القول بأن الله في السماء الى أبي حنيفة
    ليخيل الى السامع أن سند هذه الرواية لا مغمز فيه !
    مع أن نوحاً الجامع ربيب مقاتل بن سليمان المجسم في السند هالك مثل زوج
    أمه ، وكذلك نعيم بن حماد ربيب نوح وقد ذكره كثير من أئمة أصول الدين في عداد
    المجسمة ! فأين التعويل على رواية مجسم فيما يحتج به لمذهبه ؟ ! وليس بقليل ما
    ذكره الذهبي في حقهما في ميزان الاعتدال . .
    ومع ذلك وثقوا نعيماً لأنه صلب في السنة ! !
    ـ سير أعلام النبلاء ج 10 ص 595
    نعيم بن حماد بن معاوية ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك ، الامام العلامة
    الحافظ ، أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الأعور . . . روى عنه : البخاري مقرونا
    بآخر ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة بواسطة ، ويحيى بن معين ، والحسن بن
    علي الحلواني ، وأحمد بن يوسف السلمي ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومحمد بن
    عوف ، والرمادي ، وأبو محمد الدارمي ، وسمويه ، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب ،
    وعبيد بن شريك البزار ، وأبو حاتم ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، ويعقوب
    الفسوي ، وأبو الأحوص العكبري ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وخلقٌ . . .


    ـ تهذيب التهذيب ج 10 ص 409
    روى عنه البخاري مقروناً وروى له الباقون سوى النسائي بواسطة . . . وقال
    الميموني عن أحمد : أول من عرفناه يكتب المسند نعيم . وقال الخطيب يقال إنه
    أول من جمع المسند .
    وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : كان نعيم كاتباً لابي عصمة وهو شديد الرد على
    الجهمية وأهل الاهواء ومنه تعلم نعيم بن حماد . . . .
    وقال أيضاً : ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبد العزيز بن سلام حدثني أحمد بن ثابت
    أبو يحيى سمعت أحمد ويحيى بن معين يقولان : نعيم معروف بالطلب ، ثم ذمه بأنه
    يروي عن غير الثقات . . . .
    قال ابن عدي وابن حماد متهم فيما يقوله عن نعيم لصلابته في أهل الرأي وأورد
    له ابن عدي أحاديث مناكير وقال : وليعلم غير ما ذكرت . وقد أثنى عليه قوم وضعفه
    قوم وكان أحد من يتصلب في السنة .
    ـ تهذيب التهذيب ج 10 ص 411
    قال عبد الغني بن سعيد المصري : كل من حدث به عن عيسى بن يونس غير
    نعيم بن حماد فإنما أخذه من نعيم . وبهذا الحديث سقط نعيم عند كثير من أهل
    العلم بالحديث إلا أن يحيى ابن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب بل كان ينسبه إلى
    الوهم . . . . وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ ووهم . . . . أما نعيم فقد ثبتت
    عدالته وصدقه ولكن في حديثه أوهام معروفة . . . قال فيه الدارقطني إمام في السنة
    كثير الوهم . وقال أبو أحمد الحاكم ربما يخالف في بعض حديثه وقد مضى أن ابن
    عدي يتتبع ما وهم فيه ، فهذا فصل القول فيه .
    ـ هامش سير أعلام النبلاء ج 19 ص 505
    هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي نزيل مصر ، مشهور
    من الحفاظ ، لقيه البخاري ولكنه لم يخرج عنه في الصحيح سوى موضع أو



    موضعين ، وعلق له أشياء أخر ، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً ،
    وأصحاب السنن إلا النسائي ، وكان أحمد يوثقه ، وكذا في رواية عن ابن معين ،
    وسئل عنه ابن معين فقال : ليس في الحديث بشئ ولكنه صاحب سنة ، وقال
    الآجري عن أبي داود : عند نعيم نحو عشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم
    ليس لها أصل ، وقال النسائي : نعيم ضعيف ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة ، وقال
    الحافظ أبو علي النيسابوري : سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في
    العلم والمعرفة بالسنن ، فقيل له في قبول حديثه ، فقال : قد كثر تفرده عن الائمة
    فصار في حد من لا يحتج به . وقال ابن قاسم : كان صدوقاً وهو كثير الخطأ ، وله
    أحاديث منكرة ( في الملاحم ) انفرد بها . وقال الدارقطني : إمام في السنة كثير الوهم .
     


    الفصل السادس
    مكانة المشبهين والمجسمين في مصادر إخواننا
    لا نحتاج إلى إثبات احترام مصادر إخواننا السنة لأهل التشبيه والتجسيم ، بعد أن
    كشفنا أن التشبيه والتجسيم دخل إلى المسلمين من كعب الأحبار وجماعته ، عن
    طريق أكبر شخصيات الدولة الإسلامية ، وبذلك شقت أحاديثه طريقها إلى
    مصادرهم ، فصارت جزء من عقائد الأمة وتاريخها ، وتأثر بها علماء وجماهير !
    وتحقق قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تقليد المسلمين لليهود والنصارى : حذو القذة بالقذة
    والنعل بالنعل !
    إنه بحث مفيد أن يتتبع الباحث مجرى هذه الأحاديث وتأثيرها على حياة الأمة
    الفكرية والإجتماعية والسياسية ، ويؤرخ لقصة التجسيم والمجسمين ابتداء من
    كعب الأحبار . . إلى . . عصرنا ، وما سببته من انقسامات في الأمة وصراعات ،
    وحروب وخسارات . .
    ونكتفي هنا بلقطات من عصور مختلفة يظهر منها احترام أكثر المصادر وأكثر
    الحكام للتجسيم والمجسمين .



    وهب بن منبه : فارسي ، يهودي ، مجسم محترم وشيخ للمحدثين
    ـ روى عنه الصنعاني في تفسيره كثيراً من أفكار التوراة والتلمود في التجسيم ،
    منها في ج 1 ص 216 : عن وهب بن منبه . . . . لما أكل آدم وحواء من الشجرة بدت
    لهما سوآتهما دخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه أين أنت يا آدم ؟
    قال : هاهنا يا رب .
    قال : ألا تخرج ؟
    قال : أستحي منك يا رب !
    فقال : ملعونة الأرض التي خلقت منها !
    ـ ورواه الطبري مفصلاً في تاريخه ج 1 ص 72 ، وروى عنه أنواعاً من الإسرائيليات
    تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية ، فمما رواه في تاريخه ج 1
    ص 337 : عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال : لما سلمت بنو إسرائيل
    الملك لطالوت أوحى الله إلى نبي بني إسرائيل أن قل لطالوت فليغز أهل مدين فلا
    يترك فيها حياً إلا قتله ، فإني سأظهره عليهم ، فخرج بالناس حتى أتى مدين فقتل من
    كان فيها إلا ملكهم فإنه أسره وساق مواشيهم .
    فأوحى الله إلى أشمويل : ألا تعجب من طالوت إذ أمرته بأمري فأختل فيه فجاء
    بملكهم أسيراً وساق مواشيهم ، فالقه فقل له لأنزعن الملك من بيته ثم لا يعود فيه
    إلى يوم القيامة ، فإني إنما أكرم من أطاعني وأهين من هان عليه أمري .
    فلقيه فقال له : ما صنعت لم جئت بملكهم أسيراً ، ولم سقت مواشيهم !
    قال : إنما سقت المواشي لأقربها .
    قال له أشمويل : إن الله قد نزع من بيتك الملك ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة !
    فأوحى الله إلى أشمويل إنطلق إلى إيشي فيعرض عليك بنيه فادهن الذي آمرك
    بدهن القدس يكن ملكاً على بني إسرائيل ! فانطلق حتى أتى إيشي فقال : إعرض
    عليَّ بنيك .

    فدعا إيشي بأكبر ولده فأقبل رجل جسيم حسن المنظر ، فلما نظر إليه أشمويل
    أعجبه ، فقال الحمد لله إن الله بصير بالعباد ، فأوحى الله إليه : إن عينيك تبصران ما
    ظهر ، وإني أطلع على ما في القلوب ليس بهذا .
    فقال ليس بهذا ، إعرض علي غيره فعرض عليه ستة ، في كل ذلك يقول ليس
    بهذا إعرض عليَّ غيره ، فقال هل لك من ولد غيرهم ؟
    فقال بلى لي غلام أمغر وهو راع في الغنم .
    قال أرسل إليه ، فلما أن جاء داود جاء غلام أمغر فدهنه بدهن القدس ، وقال
    لأبيه : أكتم هذا فإن طالوت لو يطلع عليه قتله !
    فسار جالوت في قومه إلى بني إسرائيل فعسكر ، وسار طالوت ببني إسرائيل
    وعسكر وتهيؤوا للقتال فأرسل جالوت إلى طالوت : لم يقتل قومي وقومك ؟ أبرز لي
    أو أبرز لي من شئت ، فإن قتلتك كان الملك لي وإن قتلتني كان لك ، فأرسل طالوت
    في عسكره صائحاً من يبرز لجالوت . . ثم ذكر قصة طالوت وجالوت وقتل داود إياه
    وما كان من طالوت إلى داود . انتهى .
    وقد قبل الطبري هذه الرواية فقال : قال أبو جعفر : وفي هذا الخبر بيان أن داود قد
    كان الله حول الملك له قبل قتله جالوت وقبل أن يكون من طالوت إليه ما كان من
    محاولته قتله ، وأما سائر من روينا عنه قولاً في ذلك فإنهم قالوا إنما ملك داود بعد ما
    قتل طالوت وولده .
    ـ وروى الطبري في تاريخه عن وهب أيضاً ج 1 ص 343
    ابن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول : إن داود أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل
    كم هم ، فبعث لذلك عرفاء ونقباء وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم ، فعتب الله
    عليه ذلك وقال :
    قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلهم كعدد نجوم
    السماء وأجعلهم لا يحصى عددهم ، فأردت أن تعلم عدد ما قلت إنه لا يحصى



    عددهم ، فاختاروا بين أن أبتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليكم العدو ثلاثة
    أشهر أو الموت ثلاثة أيام !
    فاستشار داود في ذلك بني إسرائيل فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر ، ولا
    بالعدو ثلاثة أشهر ، فليس لهم بقية ، فإن كان لا بد فالموت بيده لا بيد غيره .
    فذكر وهب بن منبه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كبيرة لا يدرى ما
    عددهم !
    فلما رأى ذلك داود شق عليه ما بلغه من كثرة الموت فتبتل إلى الله ودعاه فقال :
    يا رب أنا آكل الحماض وبنو إسرائيل يضرسون ! أنا طلبت ذلك فأمرت به بني
    إسرائيل فما كان من شئ فبي واعف عن بني إسرائيل .
    فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت ، فرأى داود الملائكة سالين سيوفهم
    يغمدونها يرتقون في سلم من ذهب من الصخرة إلى السماء ، فقال داود : هذا مكان
    ينبغي أن يبنى فيه مسجد .
    فأراد داود أن يأخذ في بنائه فأوحى الله إليه أن هذا بيت مقدس وأنك قد صبغت
    يدك في الدماء فلست ببانيه ، ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان أسلمه من
    الدماء ، فلما ملك سليمان بناه وشرفه !
    ـ وروى عنه المزي في تهذيب الكمال ج 20 ص 33
    وقال حنظلة بن أبي سفيان ، عن عروة بن محمد : لما استعملت على اليمن قال
    لي أبي : أوليت اليمن قلت : نعم . قال : إذا غضبت فانظر إلى السماء فوقك وإلى
    الأرض أسفل منك ثم أعظم خالقهما . وقال سماك بن الفضل : كنت عند عروة بن
    محمد جالساً وعنده وهب بن منبه فأتي بعامل لعروة فشكي ، فأكثروا عليه فقالوا :
    فعل وفعل وثبتت عليه البينة . قال : فلم يملك وهب نفسه فضربه على قرنه بعصا
    فإذا دماؤه تشخب وقال : أفي زمن عمر بن عبد العزيز تصنع مثل هذا ! قال : فاشتهاها
    عروة وكان حليماً واستلقى على قفاه وضحك ، وقال : يعيب علينا أبو عبد الله


    الغضب في حكمته وهو يغضب ! فقال وهب : وما لي لا أغضب وقد غضب خالق
    الأحلام ! إن الله تعالى يقول : فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ ، يقول : أغضبونا . انتهى .
    أقول : حاول وهب أن يستدل على نسبة الغضب إلى الله تعالى بالآية ففسر
    ( آسَفُونَا ) بأن الله تعالى يغضب كغضب البشر ، ولكن أصل الغضب الإلۤهي في رأس
    وهب هو الغضب التلمودي الذي قال عنه الدكتور أحمد شلبي في مقارنة الأديان
    ج 1 ص 267 :
    يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل ، ومما يرويه التلمود على
    لسان الله قوله : تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي . وليست
    العصمة من صفات الله في رأي التلمود ، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى
    عليه الطيش ، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية ، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ
    غضبه ، ولم ينفذ قسمه لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة .
    ـ وترجم السمعاني لوهب في الأنساب بكل احترام فقال في ج 3 ص 11
    وأبو عبد الله وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن سبسجان الذماري من أبناء
    فارس ، كان ينزل ذمار ، يروي عن جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله عنهم وأخيه
    همام بن منبه ، وكان عابداً فاضلاً ، قرأ الكتب ومكث أربعين سنة يصلي الصبح
    بوضوء العشاء الآخرة ، وهم أخوة خمسة : وهب وهمام وغيلان وعقيل ومعقل والد
    عقيل بن معقل ، روى عنه عمرو بن دينار والمغيرة بن حكيم وعوف الأعرابي
    وسماك بن الفضل والمنذر بن النعمان وبكار وعبد الصمد بن معقل ، وسئل أبو زرعة
    عن وهب بن منبه فقال : يماني ثقة . . . . الخ .
    ـ وترجم له الذهبي في ميزان الإعتدال كما يترجم لثقاة الرواة فقال في ج 4 ص 352 :
    وهب بن منبه أبو عبد الله اليماني ، صاحب القصص ، من أحبار علماء التابعين ،
    ولد في آخر خلافة عثمان ، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين . وروى عن ابن
    عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وروى عنه عمرو بن دينار وعوف الأعرابي وأقاربه .



    وكان ثقة صادقاً ، كثير النقل من كتب الإسرائيليات . قال العجلي : ثقة تابعي ، كان
    على قضاء صنعاء . انتهى . وماذا يقول الباحث أمام حقيقة : حديثه في الصحيحين . . .
    كثير النقل من كتب الاسرائيليات !
    ـ وترجم له كذلك في سيره ج 4 ص 1 فقال :
    وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار ، وهو الأسوار ، الإمام العلامة
    الأخباري القصصي ، أبو عبد الله الأبناوي اليماني الذماري الصنعاني ، أخو همام بن
    منبه ، ومعقل بن منبه ، وغيلان بن منبه . مولده في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين ،
    ورحل وحج ، وأخذ عن ابن عباس ، وأبي هريرة إن صح وأبي سعيد ، والنعمان بن
    بشير ، وجابر ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه وطاووس .
    حتى إنه ينزل ويروي عن عمرو بن دينار ، وأخيه همام ، وعمرو بن شعيب وفنج
    اليماني ولا يدري من فنج .
    حدث عنه ولداه : عبد الله وعبد الرحمن ، وعمرو بن دينار ، وسماك بن الفضل ،
    وعوف الأعرابي ، وعاصم بن رجاء بن حيوة ، ويزيد بن يزيد بن جابر ، وعبد الله بن
    عثمان بن خثيم ، وإسرائيل أبو موسى ، وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق ، والمغيرة بن
    حكيم ، والمنذر بن النعمان ، وابن أخيه عقيل بن معقل ، وابن أخيه عبد الصمد بن
    معقل ، وسبطه إدريس بن سنان ، وصالح بن عبيد ، وعبد الكريم بن حوران ،
    وعبد الملك بن خلج ، وداود بن قيس ، وعمران بن هربذ أبو الهذيل ، وعمران بن
    خالد الصنعانيون ، وخلق سواهم .
    وروايته للمسند قليلة ، وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات ، ومن صحائف أهل
    الكتاب .
    قال أحمد : كان من أبناء فارس له شرف ، قال : وكل من كان من أهل اليمن له ذي
    هو شريف ، يقال : فلان له ذي ، وفلان لا ذي له . قال العجلي : تابعي ثقة ، كان على
    قضاء صنعاء . . وقال أبو زرعة والنسائي : ثقة .

    قال أحمد بن محمد بن الأزهر : سمعت سلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر
    عن آبائه : أن هماماً ووهبا وعبد الله ومعقلاً ومسلمة بنو منبه أصلهم من خراسان ،
    من هراة ، فمنبه من أهل هراة ، خرج أيام كسرى ، وكسرى أخرجه من هراة ، ثم إنه
    أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه . ومسكنهم باليمن ، وكان
    وهب بن منبه يختلف إلى هراة ، ويتفقد أمر هراة .
    حسان بن إبراهيم : حدثنا يحيى بن زبان ، أنبأنا عبد الله بن راشد ، عن مولى
    لسعيد بن عبد الملك : سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت ، سمع
    النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون في أمتي رجلان : أحدهما يقال له وهب ،
    يؤتيه الله الحكم ، والآخر يقال له غيلان ، هو أشد على أمتي من إبليس . سئل ابن
    معين عن ابن زبان وشيخه فقال : لا أعرفهما . . . . .
    وعن عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن وهب قال : يقولون عبد الله بن سلام كان أعلم
    أهل زمانه ، وإن كعباً أعلم أهل زمانه ، أفرأيت من جمع علمهما ، أهو أعلم أم هما ،
    إسنادها مظلم .
    وعن كثير ، أنه سار مع وهب ، فباتوا بصعدة عند رجل ، فخرجت بنت الرجل
    فرأت مصباحاً ، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه . . . .
    ـ وقال ابن كثير كلاماً ناعماً حول اسرائيليات كعب ووهب كما في سير أعلام النبلاء في
    ترجمة وهب :
    قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ، فيه ( كعب الأحبار ) وفي وهب بن منبه :
    سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد
    والغرائب والعجائب ، مما كان ومما لم يكن ، ومما حرف وبدل ونسخ . انتهى .
    والدعاء لهما بالمسامحة والمغفرة شئ ، ومعالجة آثار عدوانهما من مصادر
    المسلمين شئ آخر .



    مقاتل بن سليمان البلخي ، مجسم وشيخ ابن حماد وأستاذ للمفسرين
    ـ قال ابن حبان في المجروحين ج 3 ص 14
    مقاتل بن سليمان الخراساني مولى الأزد ، أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة وبها مات
    بعد خروج الهاشمية ، كنيته أبو الحسن ، كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي
    يوافق كتبهم ، وكان شَبَهياً يشبه الرب بالمخلوقين ، وكان يكذب مع ذلك في الحديث .
    أخبرنا عمرو بن محمد قال : حدثنا محمد بن حبال قال : حدثنا عمر بن
    عبد الغفار : سمعت سفيان بن عيينة وذكر عنده مقاتل بن سليمان فقال : كنت أتيته
    سراً فقلت له : إن الناس يزعمون أنك لم تسمع من الضحاك ، فقال : لقد كان يغلق
    علي وعليه باب واحد .
    سمعت إبراهيم بن محمد بن يوسف قال : سمعت الخضر بن حيان سمعت
    يحيى بن نصر بن حاجب : سمعت أبا حنيفة يقول : يا أبا يوسف إحذر صنفين من
    خراسان : الجهمية والمقاتلية .
    سمعت ابن خزيمة يقول سمعت علي بن خشرم يقول سمعت وكيعاً يقول : لقينا
    مقاتل بن سليمان كان كذاباً . . . .
    أخبرنا عمرو بن محمد قال : حدثنا محمد بن عبد بن حميد قال : حدثنا ابن أبي
    شيبة وهو عثمان قال : حدثنا جرير عن مغيرة بن عبد الرحمن قال : العجب لقوم
    يكون ذلك فيهم رأساً يعني مقاتل بن سليمان . أخبرناه الحسين بن صالح بن حمويه
    بهمدان قال : حدثنا عبد العزيز بن منيب قال : حدثنا أبو معاوية النحوي قال : حدثنا
    خارجة قال : سمعت الكلبي يقول : ما قتلت مسلماً ولا معاهداً ولو رأيت مقاتل بن
    سليمان حيث لا يكون بيني وبينه أحد لتقربت بدمه إلى الله عز وجل .
    ـ وقال الرازي في الجرح والتعديل ج 8 ص 354
    ثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان قال سئل وكيع عن مقاتل بن
    سليمان فقال : سمعنا منه والله المستعان .

    نا عبد الرحمن انا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي سمعت بعض مشيختنا
    يقول : جلس مقاتل بن سليمان في مسجد بيروت فقال : لا تسألوني عن شئ ما دون
    العرش إلا أنبأتكم عنه ، فقال الأوزاعي لرجل : قم إليه فسله ما ميراثه من جدتيه ،
    فحار ولم يكن عنده جواب ، فما بات فيها إلا ليلة ثم خرج بالغداة .
    نا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي : مقاتل بن سليمان
    صاحب التفسير ما يعجبني أن أروي عنه شيئاً .
    نا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال : سئل عبد الرحمن يعني بن
    الحكم بن بشير عن مقاتل بن سليمان فقال : كان قاصاً ، ترك الناس حديثه .
    ـ وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 10 ص 249
    وروي عن الشافعي أن وجوه الناس عيال على مقاتل في التفسير !
    وقال نعيم بن حماد : رأيت عند ابن عيينة كتاباً لمقاتل فقلت : يا أبا محمد تروي
    لمقاتل في التفسير ! قال لا ، ولكن أستدل به وأستعين . . . .
    وقال مكي بن إبراهيم عن يحيى بن شبل قال لي عباد بن كثير : ما يمنعك من مقاتل ؟
    قلت : إن أهل بلادنا كرهوه ، فقال : لا تكرهه فما بقي أحد أعلم بكتاب الله تعالى منه .
    وقال القاسم بن أحمد الصفار : قلت لإبراهيم الحربي ما بال الناس يطعنون على
    مقاتل ؟ قال : حسداً منهم له . . . .
    وكان يقص في الجامع فوقعت العصبية بينه وبين جهم فوضع كل واحد منهما
    كتاباً على الآخر ينقض عليه . . . .
    وقال محمد بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة : أفرط جهم في النفي
    حتى قال إنه ليس بشئ ، وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعل الله تعالى مثل خلقه . . .
    وقال عبد الله ابن أبي القاضي الخوارزمي سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي
    يقول : أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم في الدنيا نظير يعني في البدعة والكذب ،
    جهم ومقاتل وعمر بن صبح .



    ـ وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 10 ص 251
    وقال أبو إسماعيل الترمذي عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي قال : حدثنا مالك
    بن أنس أنه بلغه أن مقاتل بن سليمان جاءه إنسان فقال له : إن إنساناً جاءني فسألني
    عن لون كلب أصحاب الكهف فلم أدر ما أقول له ، فقال له : ألا قلت أبقع ، فلو قلته لم
    تجد أحداً يرد عليك ! ! . . . .
    وقال أحمد بن سيار المروزي : كان من أهل بلخ وتحول إلى مرو وخرج إلى
    العراق فمات بها ، وهو متهم متروك الحديث مهجور القول ، وكان يتكلم في الصفات
    بما لا يحل ذكره . . . .
    وقال العباس بن الوليد بن مزيد عن أبيه : سألت مقاتل بن سليمان عن أشياء فكان
    يحدثني بأحاديث كل واحد ينقض الآخر ! فقلت : بأيها ؟ قال : بأيها شئت !
    ـ الذهبي في ميزان الإعتدال ج 4 ص 173
    مقاتل بن سليمان البلخي المفسر أبو الحسن . روى عن مجاهد ، والضحاك ، وابن
    بريدة . وعنه حرمى بن عمارة ، وعلي بن الجعد ، وخلق .
    قال ابن المبارك : ما أحسن تفسيره لو كان ثقة . . . .
    ـ وترجم له الذهبي في سيره باحترام أكثر فقال في ج 7 ص 201
    مقاتل كبير المفسرين أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي . يروي عن مجاهد
    والضحاك وابن بريدة وعطاء وابن سيرين وعمرو بن شعيب وشرحبيل بن سعد
    والمقبري والزهري ، وعدة . وعنه : سعد بن الصلت ، وبقية ، وعبد الرزاق ، وحرمي
    بن عمارة ، وشبابة ، والوليد بن مزيد ، وخلق آخرهم علي بن الجعد .
    قال ابن المبارك وأحسن : ما أحسن تفسيره لو كان ثقة . . . . ! انتهى .
    ويبدو للباحث من مراجعة كتب إخواننا في الجرح والتعديل أن كفة تكذيب
    مقاتل هي الراجحة عندهم ، ولكن جرح الجارحين ليس هو المقياس العملي ، بل
    المقياس هو مصادرهم التفسيرية وغيرها المليئة بآراء مقاتل ، والمؤلم أنهم ينقلونها
    كأنها مسلمات السلف الصالح ، بل كأنها أحاديث نبوية شريفة !


    يزيد بن هارون من شيوخ الامام أحمد
    ـ سير أعلام النبلاء ج 9 ص 358 362
    يزيد بن هارون بن زاذي ، الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو خالد السلمي مولاهم
    الواسطي الحافظ . مولده في سنة ثمان عشرة ومئة . . . .
    وكان رأساً في العلم والعمل ، ثقة حجة ، كبير الشأن .
    حدث عنه : بقية بن الوليد مع تقدمه ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن حنبل . . . .
    يقال : إن أصله من بخاري .
    قال علي بن المديني : ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون .
    وقال زياد بن أيوب : ما رأيت ليزيد كتاباً قط ، ولا حدثنا إلا حفظاً .
    قال أبو حاتم الرازي : يزيد ثقة إمام ، لا يسأل عن مثله .
    وقال مؤمل بن يهاب : سمعت يزيد بن هارون يقول : ما دلست حديثاً قط إلا
    حديثاً واحداً عن عوف الأعرابي ، فما بورك لي فيه .
    عن عاصم بن علي قال : كنت أنا ويزيد بن هارون عند قيس بن الربيع ، فأما يزيد ،
    فكان إذا صلى العتمة ، لا يزال قائماً حتى يصلي الغداة بذلك الوضوء نيفاً وأربعين
    سنة . . . .
    قلت : احتفل محدثو بغداد وأهلها لقدوم يزيد ، وازدحموا عليه لجلالته وعلو
    إسناده . . . . العباس بن عبد العظيم ، وأحمد بن سنان ، عن شاذ بن يحيى ، سمع
    يزيد بن هارون يقول : من قال القرآن مخلوق ، فهو زنديق . . . . وقد كان يزيد رأساً في
    السنة معادياً للجهمية ، منكراً تأويلهم في مسألة الإستواء . انتهى .
    ومعناه أنه كان يرفض تفسير الآية بالاستواء المعنوي ، ويفسرها بالقعود الحسي لله
    تعالى على العرش ! !



    السمناني المجسم رئيس الأشعرية
    ـ قال الذهبي في سيره ج 17 ص 540
    السمناني العلامة قاضي الموصل ، أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد
    السمناني الحنفي . حدث عن نصر المرجي وعلي بن عمر الحربي وأبي الحسن
    الدارقطني ، وجماعة . ولازم ابن الباقلاني حتى برع في علم الكلام .
    قال الخطيب : كتبت عنه ، وكان صدوقاً فاضلاً حنفياً ، يعتقد مذهب الأشعري ،
    وله تصانيف .
    قلت : كان من أذكياء العالم وقد ذكره ابن حزم فقال : هو أبو جعفر السمناني
    المكفوف ، هو أكبر أصحاب أبي بكر الباقلاني ومقدم الأشعرية في وقتنا ، ومن
    مقالته قال : من سمى الله جسماً من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته فقد أصاب
    المعنى وأخطأ في التسمية فقط . . . .
    توفي أبو جعفر بالموصل سنة أربع وأربعين وأربع مئة وله ثلاث وثمانون سنة .
    تخرج به في العقليات القاضي أبو الوليد الباجي ، وغيره . انتهى .
    ومن العجيب أن الأشاعرة والمجسمة يتهمون الشيعة بالتجسيم لمجرد أن هشاماً
    بن الحكم قال للمعتزلة تقولون إنه شىء لا كالأشياء فلماذا لا تقولون إنه جسم لا
    كالأجسام !
    الإمام الدارمي المجسم
    ـ سير أعلام النبلاء ج 10 ص 199
    المريسي المتكلم المناظر البارع أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة
    العدوي مولاهم البغدادي المريسي ، من موالي آل زيد بن الخطاب رضي‌الله‌عنه كان بشر من
    كبار الفقهاء ، أخذ عن القاضي أبي يوسف ، وروى عن حماد بن سلمة وسفيان بن
    عيينة . ونظر في الكلام فغلب عليه وانسلخ من الورع والتقوى ، وجرد القول بخلق


    القرآن ودعا إليه حتى كان عين الجهمية في عصره وعالمهم فمقته أهل العلم ، وكفره
    عدة . . . . ذكره النديم وأطنب في تعظيمه وقال : كان دينا ورعاً متكلما . ثم حكى أن
    البلخي قال : بلغ من ورعه أنه كان لا يطأ أهله ليلاً مخافة الشبهة ، ولا يتزوج إلا من
    هي أصغر منه بعشر سنين مخافة أن تكون رضيعته .
    وكان جهمياً له قدر عند الدولة ، وكان يشرب النبيذ . . . . وصنف كتاباً في التوحيد
    . . . . وكتاب الرد على الرافضة في الإمامة . . . .
    قلت : وقع كلامه إلى عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ ، فصنف مجلداً في الرد
    عليه . . . . فيه بحوث عجيبة مع المريسي ، يبالغ فيها في الإثبات والسكوت عنها ،
    أشبه بمنهج السلف في القديم والحديث .
    وقال الشيخ محمد حامد الفقي : إنه أتى فيه ببعض ألفاظ دعاه إليها عنف الرد
    وشدة الحرص على إثبات صفات الله وأسمائه التي كان يبالغ بشر المريسي وشيعته
    في نفيها ، وكان الأولى والأحسن أن لا يأتي بها ، وأن يقتصر على الثابت من الكتاب
    والسنة الصحيحة كمثل الجسم والمكان والحيز ، فإنني لا أوافقه عليها ولا أستجيز
    إطلاقها ، لأنها لم تأت في كتاب الله ولا في سنة صحيحة .
    أبو العباس السراج وإسحاق الحنظلي إمامان مجسمان
    ـ قال الذهبي في سيره ج 11 ص 375
    قال أبو العباس السراج : سمعت إسحاق الحنظلي يقول : دخلت على طاهر بن
    عبد الله بن طاهر وعنده منصور بن طلحة ، فقال لي منصور : يا أبا يعقوب تقول : إن
    الله ينزل كل ليلة قلت : نؤمن به ، إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء رباً لا تحتاج أن
    تسألني عن هذا . فقال له طاهر الأمير : ألم أنهك عن هذا الشيخ : قال أبو داود
    السجستاني : سمعت ابن راهويه يقول : من قال لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق ،
    فهو جهمي .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:19

    وورد عن إسحاق أن بعض المتكلمين قال له : كفرت برب ينزل من سماء إلى
    سماء . فقال : آمنت برب يفعل ما يشاء . . . .
    ـ وقال في سيره ج 14 ص 396
    أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه ، أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك ،
    أخبرنا أبو روح بهراة ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عبد الواحد بن أحمد
    المليجي ، أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف ، حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال : من
    لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول من
    يسألني فأعطيه ، فهو زنديق كافر ، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، ولا يصلى
    عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين . . . .
    وصار ابن عقيل شيخ الحنابلة
    ـ سير أعلام النبلاء ج 19 ص 443
    ابن عقيل . الإمام العلامة البحر شيخ الحنابلة ، أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد
    بن عقيل بن عبد الله البغدادي الظفري الحنبلي المتكلم ، صاحب التصانيف ، كان
    يسكن الظفرية ، ومسجده بها مشهور .
    ولد سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة وسمع أبا بكر بن بشران ، وأبا الفتح بن شيطا ،
    وأبا محمد الجوهري ، والحسن بن غالب المقرئ ، والقاضي أبا يعلى بن الفراء ،
    وتفقه عليه ، وتلا بالعشر على أبي الفتح بن شيطا ، وأخذ العربية عن أبي القاسم بن
    برهان ، وأخذ علم العقليات عن شيخي الإعتزال أبي علي بن الوليد ، وأبي القاسم
    بن التبان صاحبي أبو الحسين البصري ، فانحرف عن السنة .
    وكان يتوقد ذكاء ، وكان بحر معارف وكنز فضائل ، لم يكن له في زمانه نظير على
    بدعته ، وعلق كتاب الفنون ، وهو أزيد من أربع مئة مجلد ، حشد فيه كل ما كان


    يجري له مع الفضلاء والتلامذة ، وما يسنح له من الدقائق والغوامض ، وما يسمعه من
    العجائب والحوادث . . . .
    قال المبارك بن كامل : صلى على شيخنا بجامع القصر فأمهم ابن شافع ، وكان
    الجمع ما لا يحصى ، وحمل إلى جامع المنصور فصلي عليه ، وجرت فتنة
    وتجارحوا ، ونال الشيخ تقطيع كفن ، ودفن قريباً من الإمام أحمد . . . .
    وفي تاريخ ابن الأثير قال : كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته علي ابن
    الوليد ، فأراد الحنابلة قتله فاستجار بباب المراتب عدة سنين ، ثم أظهر التوبة .
    وقال ابن عقيل في الفنون : الأصلح لإعتقاد العوام ظواهر الآي لأنهم يأنسون
    بالإثبات ، فمتى محونا ذلك من قلوبهم زالت الحشمة . قال : فتهافتهم في التشبيه
    أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه ، لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات فيخافون
    ويرجون ، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي فلا طمع ولا مخافة في النفي . ومن تدبر
    الشريعة رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها
    سواه ، كقول الأعرابي : أو يضحك ربنا قال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم . فلم
    يكفهر لقوله ، وتركه وما وقع له . . . .
    من عقائد الدولة : إطاعة الحاكم الجائر والتجسيم والرؤية
    ـ سير أعلام النبلاء ج 12 ص 67
    وعن يحيى بن عون : قال : دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض فقال :
    ما هذا القلق ؟ قال له : الموت والقدوم على الله . قال له سحنون : ألست مصدقاً
    بالرسل والبعث والحساب ، والجنة والنار ، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر ، ثم عمر ،
    والقرآن كلام الله غير مخلوق ، وأن الله يرى يوم القيامة ، وأنه على العرش استوى ،
    ولا تخرج على الأئمة بالسيف وإن جاروا ؟ قال : إي والله ، فقال : مت إذا شئت ، مت
    إذا شئت ! !



    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 29 ص 73
    محمود السلطان كان صادق النية في إعلاء كلمة الله . . وقبره بغزنة يدعى عنده . .
    دخل ابن فورك على السلطان محمود فقال : لا يجوز أن يوصف الله بالفوقيه لأنه
    يلزمك أن تصفه بالتحتيه . . فقال السلطان : هو وصف نفسه !
    هجمة الحنابلة على الطبري
    ـ قال الحموي في معجم الأدباء ج 9 جزء 18 ص 57 في ترجمة الطبري :
    فلما قدم إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها تعصب عليه أبو عبد الله الجصاص
    وجعفر بن عرفة والبياضي . وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم
    الجمعة ، وعن حديث الجلوس على العرش ، فقال أبو جعفر : أما أحمد بن حنبل فلا يعد
    خلافه . فقالوا له : فقد ذكره العلماء في الإختلاف ، فقال : ما رأيته روي عنه ولا رأيت له
    أصحاباً يعول عليهم . وأما حديث الجلوس على العرش فمحال ثم أنشد :
    سبحان من ليس له أنيس
    ولا له في عرشه جليس

    فلما سمع ذلك الحنابلة منه وأصحاب الحديث وثبوا ورموه بمحابرهم وقيل
    كانت ألوفاً ، فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره فرموا داره بالحجارة حتى صار على
    بابه كالتل العظيم ! وركب نازوك صاحب الشرطة في ألوف من الجند يمنع عنه العامة
    ، ووقف على بابه يوماً إلى الليل وأمر برفع الحجارة عنه . وكان قد كتب على بابه :
    سبحان من ليس له أنيس ولا له في عرشه جليس ، فأمر نازوك بمحو ذلك ، وكتب
    مكانه بعض أصحاب الحديث :
    لأحمد منزل لا شك عال
    إذا وافى إلى الرحمن وافد

    فيدنيه ويقعده كريماً
    على رغم لهم في أنف حاسد

    على عرش يغلفه بطيب
    على الأكباد من باغ وعاند

    له هذا المقام الفرد حقاً
    كذاك رواه ليث عن مجاهد


    فخلا في داره وعمل كتابه المشهور في الإعتذار إليهم ، وذكر مذهبه واعتقاده
    وجرح من ظن فيه غير ذلك ، وقرأ الكتاب عليهم وفضل أحمد بن حنبل ، وذكر
    مذهبه وتصويب اعتقاده ولم يزل في ذكره إلى أن مات ، ولم يخرج كتابه في
    الإختلاف حتى مات فوجدوه مدفوناً في التراب ، فأخرجوه ونسخوه أعني اختلاف
    الفقهاء ، هكذا سمعت من جماعة منهم أبي رحمه‌الله !
    ـ وقال ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد ج 4 ص 39
    قال القاضي : صنف المروزي كتاباً في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه
    إقعاده على العرش ، وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم . . . . وعبد الله بن الإمام
    أحمد . . . . إلخ . ثم قال ابن قيم : قلت وهو قول ابن جرير الطبري ، وإمام هؤلاء كلهم
    مجاهد إمام التفسير . انتهى .
    ولم يذكر ابن القيم عمن أخذه مجاهد ، ولم يذكر تهديد الحنابلة للطبري
    وإجبارهم إياه على القول بذلك حتى صار ليناً هينا مع التجسيم وأهله .
    ولكن جولد تسيهر اليهودي قال في مذاهب التفسير الاسلامي ص 118 :
    وهو ( الطبري ) يعارض أشد صرامة وعنفاً فهم التجسيد في عبارات التشبيه
    المضافة الى الله والذهاب إلى أن مثل هذه العبارات دالة على صفات الله الحقيقية . .
    فقد اختلف أهل الجدل . . في تأويل قوله ( بل يداه مبسوطتان ) فقال بعضهم . . عنى
    باليد النعمة أو القدرة أو الملك . وقال آخرون : بل يد الله صفة من صفاته ، هي يد
    غير أنها ليست بجارحة . . والطبري يجزم بالرأي الثاني . .
    هجمة الحنابلة على ابن حبان
    ـ المجروحين لابن حبان ج 1 مقدمة
    قال أبو اسماعيل عبد الله بن محمد . . . . قال سألت يحيى بن عمار عن ابن حبان ،
    قلت رأيته ؟ قال : وكيف لم أره ونحن أخرجناه من سجستان ، لأنه أنكر الحد لله !


    وقال السبكي تعليقاً على ذلك : من أحق بالإخراج من يجعل ربه محدوداً ، أو من
    ينزهه عن الجسمية . . . .
    ـ وقال ابن حجر في لسان الميزان ج 5 ص 113
    وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه بها . قال أبو إسمعيل الأنصاري
    شيخ الإسلام : سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان فقال : رأيته ونحن
    أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ولم يكن له كبير دين ، قدم علينا فأنكر الحد
    لله فأخرجناه .
    قلت : إنكاره الحد وإثباتكم للحد نوع من فضول الكلام ، والسكوت من الطرفين
    أولى إذ لم يأت نص بنفي ذلك ولا إثباته ، والله تعالى ليس كمثله شئ ، فمن أثبته قال
    له خصمه جعلت لله حداً برأيك ولا نص معك بالحد ، والمحدود مخلوق تعالى الله
    عن ذلك علواً كبيراً . وقال هو للنافي ساويت ربك بالشئ المعدوم ، إذ المعدوم لا
    حد له . فمن نزه الله وسكت سلم وتابع السلف .
    ـ وقال الذهبي في سيره ج 16 ص 94
    وقال أبو بكر الخطيب : كان ابن حبان ثقة نبيلاً فهماً . وقال أبو عمرو بن الصلاح
    في طبقات الشافعية : غلط ابن حبان الغلط الفاحش في تصرفاته . قال ابن حبان في
    أثناء كتاب الأنواع : لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ .
    قلت : كذا فلتكن الهمم ، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية والفضائل الباهرة
    وكثرة التصانيف . . . .
    وقال أبو إسماعيل الأنصاري : سمعت يحيى بن عمار الواعظ ، وقد سألته عن ابن
    حبان ، فقال : نحن أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين ،
    قدم علينا ، فأنكر الحد لله ، فأخرجناه !
    قلت : إنكاركم عليه بدعة أيضاً ، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله ، ولا أتى


    نص بإثبات ذلك ولا بنفيه . ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه . وتعالى الله أن
    يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه ، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا
    كيف : ليس كمثله شئ وهو السميع البصير . انتهى .
    وهكذا مدح الذهبي ابن حبان وأظهر إعجابه بعلو همته ، ولكنه خطَّأه في إنكاره
    الحد لله تعالى وحكم بأنه صاحب بدعة ، فهو يستحق الطرد من سجستان ، بل قد
    يستحق الإعدام إن لم يتب !
    ومن عجب الزمان أن يكون الجو الحاكم في بعض مناطق المسلمين في أواخر
    القرن الثالث أن الذي يقول إن الله تعالى غير محدود بمكان ولا زمان ، يعتبر مبدعاً
    في الإسلام ، وكأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد بلغ الأمة بأن ربكم محدود بالمكان والزمان ، ومن
    أنكر ذلك فقد أبدع !
    ولا تغتر بتخطئة الذهبي للذين طردوا ابن حبان من سجستان ، فإنه لم يخطئهم
    لطرده على بدعته ، بل خطَّأهم لمجادلته حتى أظهر بدعته ، ولأنه كان الواجب
    عليهم أن يسكتوا عن لوازم التجسيم في نزول الله تعالى وجلوسه على العرش ، كما
    هو مذهبه ! !
    من تكفيرات المجسمين لمن خالفهم
    ـ سير أعلام النبلاء ج 11 ص 70
    قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبا معمر الهذلي يقول : من زعم أن الله لا يتكلم ولا
    يسمع ولا يبصر ولا يرضى ولا يغضب ، فهو كافر ، إن رأيتموه واقفاً على بئر فألقوه
    فيها ، بهذا أدين الله عز وجل !
    ـ سير أعلام النبلاء ج 11 ص 302
    حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري قال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : هذا
    مذهب أهل العلم والأثر ، فمن خالف شيئاً من ذلك أو عاب قائلها ، فهو مبتدع .



    وكان قولهم : إن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة ، والإيمان يزيد وينقص ،
    ومن زعم أن الإيمان قول والأعمال شرائع فهو جهمي ، ومن لم ير الإستثناء في
    الإيمان فهو مرجئ ، والزنى والسرقة وقتل النفس والشرك كلها بقضاء وقدر من غير
    أن يكون لأحد على الله حجة . إلى أن قال : والجنة والنار خلقتنا ثم خلق الخلق لهما
    لا تفنيان ، ولا يفنى ما فيهما أبداً . إلى أن قال : والله تعالى على العرش ، والكرسي
    موضع قدميه . إلى أن قال : وللعرش حملة . ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له
    مخلوقة والقرآن كلام الله ، فهو جهمي . ومن لم يكفره فهو مثله . وكلم الله موسى
    تكليماً من فيه ! إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر ، والأشياء التي والله ما
    قالها الإمام . فقاتل الله واضعها . ومن أسمج ما فيها قوله : ومن زعم أنه لا يرى التقليد
    ولا يقلد دينه أحداً فهذا قول فاسق عدو لله . فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون
    هذه الخرافة ويسكتون عنها . انتهى .
    ومع أن الذهبي وصف الأنموذج بأنه منكر وخرافة ، فهو يتبنى أكثر عقائده !
    ـ التحفة اللطيفة للسخاوي ج 2 ص 285
    علي بن عبد الله . . قال قبل أن يموت بشهرين . . من زعم أن الله لا يرى فهو كافر ،
    ومن زعم أن الله لم يكلم موسى على الحقيقة فهو كافر . انتهى .
    وقصدهم أن الله تعالى كلم موسى من فمه ، ولم يخلق الصوت في شئ مخلوق ،
    وقد نصت على ذلك أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام وقال به أكثر المسلمين .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 17 ص 386
    هارون بن معروف . . . . وقال هارون الجبال : سمعت هارون بن معروف يقول :
    من زعم أن القرآن مخلوق فكأنما عبد اللات والعزى ! وروى عبد الله بن أحمد بن
    حنبل عن هارون بن معروف قال : من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام ! انتهى .
    وقصده أن الله تعالى يتكلم من فمه ! وأن الذي يعتقد بأن الله لا فم له فقد جعله صنماً !
    والذي يقول له فم ، فقد نزهه عن الصنمية ! !


    ـ سير أعلام النبلاء ج 17 ص 255
    قال الإمام تقي الدين ابن الصلاح في فتاويه : وجدت عن الإمام أبي الحسن
    الواحدي المفسر رحمه‌الله أنه قال : صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير ، فإن
    كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر . قلت : وا غوثاه ! وا غربتاه ! .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 8 ص 403
    حدثنا أحمد بن يونس ، سمعت ابن المبارك قرأ شيئاً من القرآن ، ثم قال : من
    زعم أن هذا مخلوق ، فقد كفر بالله العظيم .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 10 ص 18
    الحاكم : سمعت أبا سعيد بن أبي عثمان ، سمعت الحسن ابن صاحب الشاشي ،
    سمعت الربيع ، سمعت الشافعي وسئل عن القرآن فقال : أف أف ، القرآن كلام الله ،
    من قال : مخلوق ، فقد كفر . هذا إسناد صحيح .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 11 ص 58
    ابن مخلد العطار : حدثنا محمد بن عثمان ، سمعت علي بن المديني ، يقول قبل
    أن يموت بشهرين : القرآن كلام الله غير مخلوق . ومن قال مخلوق ، فهو كافر . وقال
    عثمان بن سعيد الدارمي ، سمعت علي بن المديني يقول : هو كفر ، يعني من قال :
    القرآن مخلوق .
    ملحد ( سني ) يحبه المجسمة لأنه يلعن من خالفهم
    ـ مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 43 44
    كان رجل في أيام هارون الرشيد ببغداد ، وإنه كان دهرياً من أهل السنة والجماعة !
    ويلعن أهل البدع . . . . ويعرف بالسني ، تنقاد له العامة فكان يجتمع إليه خلق من
    الناس ، وإذا اجتمعوا وثب قائماً على قدمه فقال : يا معشر المسلمين قلتم لا ضار ولا
    نافع إلا الله ، فلأي شئ مصيركم إليَّ تسألوني عن مضاركم ومنافعكم ؟ إلجؤوا الى
    ربكم وتوكلوا على بارئكم . .



    من الفتن التي حدثت بسبب التجسيم
    في القرن الثاني انتقل ثقل التشبيه والتجسيم من الشام إلى بغداد ، وأرخ
    المؤرخون لفتن متعددة حدثت في بغداد ذكرنا بعضها في الفصل الخامس ، ونشير
    منها هنا إلى الفتنة التي ذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام ج 23 ص 384 بسبب تفسير
    آية : عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ، قالت الحنابلة معناه أن يقعده على عرشه
    كما فسره مجاهد . وقال غيرهم : بل هي الشفاعة العظمى . وقد تقدم أن ابن خلدون
    يرى أن الفتن بين الحنابلة ومخالفيهم كانت أحد الأسباب في خراب بغداد .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 18 ص 89
    القاضي أبو يعلى الإمام العلامة ، شيخ الحنابلة ، القاضي أبو يعلى ، محمد بن
    الحسين ابن محمد بن خلف بن أحمد البغدادي ، الحنبلي ، ابن الفراء ، صاحب
    التعليقة الكبرى ، والتصانيف المفيدة في المذهب . ولد في أول سنة ثمانين وثلاث
    مئة . . . . أفتى ودرس ، وتخرج من الأصحاب ، وانتهت إليه الإمامة في الفقه ، وكان
    عالم العراق في زمانه ، مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره ، والنظر والأصول ، وكان أبوه
    من أعيان الحنفية ، ومن شهود الحضرة ، فمات ولأبي يعلى عشرة أعوام ، فلقنه
    مقرئه العبادات من مختصر الخرقي ، فلذ له الفقه ، وتحول إلى حلقة أبي عبد الله بن
    حامد ، شيخ الحنابلة ، فصحبه أعواماً ، وبرع في الفقه عنده ، وتصدر بأمره للإفادة
    سنة اثنتين وأربع مئة ، وأول سماعه من علي بن معروف في سنة 385 .
    وقد سمع بمكة ودمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر ، وبحلب ، وجمع كتاب
    إبطال تأويل الصفات ، فقاموا عليه لما فيه من الواهي والموضوع ، فخرج إلى العلماء
    من القادر بالله المعتقد الذي جمعه ، وحمل إلى القادر كتاب إبطال التأويل ، فأعجبه ،
    وجرت أمور وفتن نسأل الله العافية ثم أصلح بين الفريقين الوزير علي بن المسلمة ،
    وقال في الملا : القرآن كلام الله ، وأخبار الصفات تمر كما جاءت . ثم ولي أبو يعلى
    القضاء بدار الخلافة والحريم ، مع قضاء حران حلوان . .


    وواجه بعض الخلفاء تطرف المجسمين
    ـ نشوار المحاضرة للتنوخي ج 3 ص 144
    وكانت العامة قد هاجت في أيام وزارته وعظمت الفتنة وكثر كلام القصاص في
    المساجد ورؤساء الصوفية . . . . فاتفق أن بدئ برجل من رؤساء الصوفية يعرف
    بإسحاق بن ثابت أحد الربانيين عند أصحابه ، فقال له : بلغني أنك تقول في دعائك :
    يا واحدي بالتحقيق يا جاري اللصيق ، فمن لا يعلم بأن الله لا يجوز أن يوصف أنه
    لصيق على الحقيقة فهو كافر ، لأن الملاصقة من صفات الأجسام . إنكم تهذون
    وتوهمون الناس على أنكم ربانيين . . . . وكتب إليه أن لا يتكلم على الناس .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 32 ص 171 ، 172
    أبو بكر الواعظ البكري . . . . قدم إلى بغداد وجلس للوعظ وذكر ما يلطخ به
    الحنابلة من التجسيم . . . . وضربه جماعة من الهاشميين ( يقصد العباسيين )
    بالحصى وهم من أصحاب أحمد ، فأخذهم النقيب وعاقبهم .
    وقتل خلفاء شرعيون إماماً مجسماً طمع بالحكم
    ـ تهذيب الكمال ج 1 ص 507
    . . . حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال : وقُتِل أحمد بن نصر بن مالك
    الخزاعي سنة إحدى وثلاثين ومئتين . قال الحافظ أبو بكر : وكان قتله في خلافة
    الواثق لامتناعه عن القول بخلق القرآن . وبه حدثني القاضي أبو عبد الله الصيمري ،
    حدثنا محمد ابن عمران المرزباني ، أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال : كان
    أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي من أهل الحديث ، وكان جده من رؤساء
    نقباء بني العباس ، وكان أحمد وسهل بن سلامة ، حين كان المأمون بخراسان ، بايعا
    الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إلى أن دخل المأمون بغداد ، فرفق
    بسهل حتى لبس السواد ، وأخذ الأرزاق ولزم أحمد بيته ، ثم إن أمره تحرك ببغداد



    في آخر أيام الواثق ، واجتمع إليه خلق من الناس ، يأمرون بالمعروف ، إلى أن ملكوا
    بغداد ، وتعدى رجلان من أصحابه يقال لأحدهما : طالب في الجانب الغربي ،
    ويقال للآخر أبو هارون في الجانب الشرقي ، وكانا موسرين فبذلا مالاً ، وعزما على
    الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومئتين ، فنم عليهم قوم إلى إسحاق
    بن إبراهيم فأخذ جماعة فيهم أحمد بن نصر ، وأخذ صاحبيه طالباً وأبا هارون
    فقيدهما ، ووجد في منزل أحدهما أعلاماً ، وضرب خادماً لأحمد بن نصر فأقر أن
    هؤلاء كانوا يصيرون إليه ليلاً فيعرفونه ما عملوا ، فحملهم إسحاق مقيدين إلى سر من
    رأى ، فجلس لهم الواثق وقال لأحمد بن نصر : دع ما أخذت له ، ما تقول في القرآن
    قال : كلام الله . قال : أفمخلوق هو قال : كلام الله . قال : أفترى ربك في القيامة قال :
    كذا جاءت الرواية ، قال : ويحك ، يرى كما يرى المحدود المتجسم ويحويه مكان
    ويحصره الناظر ، أنا أكفر برب هذه صفته ، ما تقولون فيه ؟ فقال عبد الرحمان بن
    إسحاق ، وكان قاضياً على الجانب الغربي ببغداد فعزل : هو حلال الدم ، وقال
    جماعة من الفقهاء كما قال ، فأظهر ابن أبي دؤاد أنه كاره لقتله ، فقال للواثق : يا
    أمير المؤمنين شيخ مختل لعل به عاهة أو تغير عقله يؤخر أمره ويستتاب . فقال
    الواثق : ما أراه إلا مؤدياً لكفره قائماً بما يعتقده منه . ودعا الواثق بالصمصامة وقال :
    إذا قمت إليه فلا يقومن أحد معي ، فإني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد
    رباً لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها ، ثم أمر بالنطع فأجلس عليه وهو مقيد
    وأمر بشد رأسه بحبل ، وأمرهم أن يمدوه ، ومشى إليه حتى ضرب عنقه ، وأمر بحمل
    رأسه إلى بغداد فنصب بالجانب الشرقي أياماً ، وفي الجانب الغربي أياماً ، وتتبع
    رؤساء أصحابه فوضعوا في الحبوس ! . انتهى . ورواه الذهبي أيضاً في ج 17 ص 56
    ـ سير أعلام النبلاء ج 11 ص 165
    قال الحسن بن محمد الحربي : سمعت جعفر بن محمد الصائغ ، يقول : رأيت
    أحمد بن نصر حين قتل قال رأسه : لا إلۤه إلا الله . قال المروذي : سمعت أحمد ذكر


    أحمد بن نصر فقال رحمه‌الله : لقد جاد بنفسه . وعلق في أذن أحمد بن نصر ورقة فيها : هذا
    رأس أحمد بن نصر ، دعاه الإمام هارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه ، فأبى
    إلا المعاندة فعجله الله إلى ناره . وكتب محمد بن عبد الملك .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 17 ص 58
    قال : رأى بعض أصحابنا أحمد بن نصر في النوم فقال : ما فعل ربك ؟ قال : ما كانت
    إلا غفوه حتى لقيت الله فضحك لي . . . . وقال غضبت له فأباحني النظر إلى وجهه !
    وكان التجسيم منتشراً في عصر ابن الجوزي والسبكي
    ـ كشف الظنون ج 1 ص 218
    للشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة 597
    سبع وتسعين وخمسمائة ، مختصر صنف في تأييد مذهبه والرد على الحنابلة
    المجسمة . انتهى .
    وله ايضاً كتاب دفع شبهة التشبيه بأكف التنزيه ، حققه في عصرنا ونشره الباحث
    السيد حسن السقاف ، وتجد في ترجمة ابن الجوزي وكتبه قصة محنته مع الحنابلة
    المجسمين في عصره !
    ـ كشف الظنون ج 1 ص 879
    رسالة الغفران من المكث بحران ، مختصر لبعض العلماء ، أولها الحمد لله على
    كل حال الخ . ألفها سنة 627 سبع وعشرين وستمائة رد فيها على حنبلي مجسم
    منكر ، على قواعد علم الكلام .
    ـ وقد ذكر السبكي في طبقات الشافعية وغيره نماذج عديدة للمجسمة العلنيين والسريين ،
    قال في ج 2 ص 19 : وقد وصل حال بعض المجسمه في زماننا إلى أن كتب شرح
    صحيح مسلم للشيخ محي الدين النووي وحذف من كلام النووي ما تكلم به على
    أحاديث الصفات ، فإن النووي أشعري العقيدة ، فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن



    يكتب الكتاب على الوضع الذي صنفه مصنفه ! انتهى .
    ووصل الحال في عصرنا إلى أن بعض الوهابيين ينشرون كتب النووي وغيره
    ويحذفون منها كل ما يخالف مذهبهم حتى أنهم حذفوا فضل زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من
    أحد كتبه . وهذا غيض من فيض فإن دور نشرهم في عدة بلدان تعمل مناشيرها
    وسكاكينها في كتب الثراث الاسلامي ، ومستأجريهم ينفذون تعليماتهم بحذف كل
    ما لا يليق لهم !
    هذا مضافاً الى نشرهم كتب المشبهة والمجسمة وتكبير شخصياتهم وإشاعة
    تعظيمهم وتقدسيهم ، وتكفير مخالفيهم من سلف الأمة ومعاصريها !
    وانتقل التجسيم من بغداد إلى مصر
    ـ سير أعلام النبلاء ج 15 ص 429
    أبو إسحاق المروزي الإمام الكبير ، شيخ الشافعية وفقيه بغداد ، أبو إسحاق
    إبراهيم بن أحمد المروزي ، صاحب أبي العباس بن سريج وأكبر تلامذته ، اشتغل
    ببغداد دهراً وصنف التصانيف وتخرج به أئمة كأبي زيد المروزي ، والقاضي أبي
    حامد أحمد بن بشر المروروذي مفتي البصرة ، وعدة .
    شرح المذهب ولخصه ، وانتهت إليه رئاسة المذهب . ثم إنه في أواخر عمره
    تحول إلى مصر فتوفي بها في رجب في تاسعه ، وقيل في حادي عشرة سنة أربعين
    وثلاث مئة ، ودفن عند ضريح الإمام الشافعي ولعله قارب سبعين سنة . . . . . صنف
    المروزي كتاباً في السنة ، وقرأه بجامع مصر ، وحضره آلاف فجرت فتنة ، فطلبه كافور
    فاختفى ، ثم أدخل إلى كافور ، فقال : أما أرسلت إليك أن لا تشهر هذا الكتاب فلا
    تظهره . وكان فيه ذكر الإستواء ، فأنكرته المعتزلة . انتهى . يقصد أنه كان في الكتاب
    ذكر القعود الحسي لله تعالى على عرشه ، فأنكره علماء مصر . ولكن الحاكم كافوراً
    الإخشيدي كان يميل إلى التجسيم فطلب منه أن لا ينشر كتابه فقط !


    الإمام العبدري المغربي المجسم
    ـ تذكرة الحفاظ ج 4 ص 72
    العبدري : الإمام الحافظ العلامة أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجي القرشي
    العبدري الميورقي الأندلسي نزيل بغداد ، وكان من أعيان الحفاظ ومن فقهاء
    الظاهرية ، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ورزق الله التميمي وأبا الفضل
    ابن خيرون وطراد بن محمد الزينبي ويحيى بن أحمد السيبي وأبا عبد الله الحميدي
    وطبقتهم ، قال القاضي أبو بكر بن العربي في معجمه : أبو عامر العبدري هو أنبل من
    لقيته . وقال ابن ناصر : كان فهماً عالماً متعففاً وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع .
    وقال السلفي في معجمه : كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام ، متصرفاً في
    فنون من العلوم أدباً ونحواً ومعرفة بالأنساب ، وكان داودي المذهب قرشي النسب ،
    كتب عني وكتبت عنه ، مولده بقرطبة . وقال أحمد بن أبي بكر البندنيجي : لما دفنوا
    أبا عامر العبدري قال ابن ناصر : خلا لك الجو فبيضي واصفري . مات أبو عامر حافظ
    حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من شاء فليقل ما شاء .
    قال الحافظ ابن عساكر : كان أبو عامر داودياً وكان أحفظ شيخ لقيته . . . . ذكر أنه
    دخل دمشق ، سمعته يقول جرى ذكر الإمام مالك فقال : جلف جاف ضرب هشام
    بالدرة . . . . بلغني أنه قال في : يوم يكشف عن ساق ، وضرب على ساقه فقال : ساق
    كساقي هذه . قلت : هذه حكاية منقطعة ، وهذا قول الضلال المجسمة ، وما أعتقد أن
    بلغ بالعبدري هذا . ثم قال : وبلغني أنه قال إن أهل البدع يحتجون بقوله تعالى : لَيْسَ
    كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، أي في الإلۤهية أما في الصورة فهو مثلي ومثلك . . . . قال ثم تلا قوله
    تعالى : يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ، أي في الحرمة ! !
    ـ وترجم له ترجمة مفصلة في تاريخ الإسلام ج 36 ص 103



    التجسيم ينتشر في المغرب فيقاومه المهدي بن تومرت
    ـ تاريخ ابن خلدون ج 7 ص 225
    الخبر عن مبدأ أمر المهدي ودعوته وما كان للموحدين القائمين بها على يدى
    بني عبد المؤمن من السلطان والدولة بالعدوتين وإفريقية . . . . وكانت وفاة المهدي
    لأربعة أشهر بعدها ، وكان يسمى أصحابه بالموحدين ، تعريضاً بلمتونة في أخذهم
    بالعدول عن التأويل وميلهم إلى التجسيم . وكان حصوراً لا يأتي النساء ، وكان يلبس
    العباءة المرقعة ، وله قدم في التقشف والعبادة ، ولم تحفظ عنه فلتة في البدعة ، إلا ما
    كان من وفاقه الإمامية من الشيعة في القول بالإمام المعصوم ، والله تعالى أعلم .
    انتهى . يستكثر علينا إخواننا السنة أن نقول بعصمة أهل البيت وهم الأئمة الإثني
    عشر والصديقة الزهراء عليهم‌السلام اللذين نص عليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال إني تارك فيكم الثقلين
    كتاب الله وعترتي ونص الله تعالى على طهارتهم ، وأوجب محبتهم وجعل بغضهم
    نفاقاً ، وجعل الصلوة عليهم في صلاة المسلمين اليومية . . ثم نراهم يقولون بعصمة
    الخليفة عمر وأبي بكر وعثمان ، بل وعصمة كل الصحابة وعدالتهم . فهل يريدون
    بذلك استثناء أهل البيت فقط من عشرة آلاف صحابي . واذا أجابوا بأنا لا نقول
    بعصمة الصحابة طالبناهم بأن يذكروا أخطاء الذين يقدسونهم منهم .
    ـ تاريخ ابن خلدون ج 7 ص 266
    هذا العهد لما دعا المهدي إلى أمره في قومه من المصامدة بجبال درن ، وكان
    أصل دعوته نفي التجسيم الذي آل إليه مذهب أهل المغرب باعتمادهم ترك التأويل
    في المتشابه من الشريعة ، وصرح بتكفير من أبى ذلك ، أخذاً بمذهب التكفير
    بالمآل ، فسمى لذلك دعوته بدعوة التوحيد وأتباعه بالموحدين ، نعياً على
    الملثمين فإن مذاهبهم إلى اعتقاد الجسمية .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:21

    ـ وقال الدكتور حسن إبراهيم في تاريخ الإسلام ج 4 ص 368
    صرف ابن تومرت الناس عن اتباع مذهب السلف الذي قد يجر معتنقيه إلى
    التشبيه والتجسيم . وابن تومرت في هذا الميدان العلمي يعتبر من الشخصيات
    العلمية البارزة في التاريخ الإسلامي .
    وكثر الحشوية والمخلطون في العالم الإسلامي
    قال العلامة الأرموي في منهاج الكرامة ص 6 : وقالت جماعة الحشوية والمشبهة :
    إن الله تعالى جسم له طول وعرض وعمق ، وإنه يجوز عليه المصافحة ، وإن
    الصالحين من المسلمين يعانقونه في الدنيا ، وحكى الكعبي عن بعضهم أنه كان
    يجوز رؤيته في الدنيا وأنه يزورهم ويزورونه ، وحكى عن داود الظاهري أنه قال :
    أعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك ، وقال : إن معبودهم له جسم
    ولحم ودم وله جوارح وأعضاء كيد ورجل ولسان وعينين وأذنين ، وحكى أنه قال :
    هو أجوف من أعلاه إلى صدره مصمت ما سوى ذلك ، وله شعر قطط . حتى قالوا :
    اشتكت عيناه فعادته الملائكة ، وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه ، وأنه
    يفضل من العرش من كل جانب أربع أصابع . وذهب بعضهم إلى أنه تعالى ينزل في
    كل ليلة جمعة على شكل أمرد حسن الوجه راكباً على حمار ، حتى أن بعضهم
    ببغداد وضع على سطح داره معلفاً يضع كل ليلة جمعة فيه شعيراً وتبناً لتجويز أن
    ينزل الله على حماره على ذلك السطح فيشتغل الحمار بالأكل ويشتغل الرب بالنداء ،
    ويقول : هل من تائب هل من مستغفر ، تعالى الله عن مثل ذلك .
    . . . وحكى عن بعض المنقطعين التاركين من شيوخ الحشوية أنه اجتاز عليه في
    بعض الأيام نفاط ومعه أمرد حسن الوجه قطط الشعر على الصفات التي يصفون
    ربهم بها ، فألح الشيخ بالنظر إليه وكرره وأكثر تصويبه إليه ، فتوهم فيه النفاط فجاء إليه
    ليلاً فقال : أيها الشيخ رأيتك تلح بالنظر إلى هذا الغلام وقد أتيتك به فإن كان لك فيه



    نية فأنت الحاكم ، فحرد الشيخ عليه وقال : إنما كررت النظر إليه لأن مذهبي أن الله
    تعالى ينزل على صورة هذا الغلام ، فتوهمت أنه الله تعالى ! فقال له النفاط : ما أنا
    عليه من النفاطة أجود مما أنت عليه من الزهد مع هذه المقالة . . . .
    وأضاف الأرموي : أقول : لا يسع المقام أكثر من ذلك وإلا لنقلنا أضعاف ما ذكرنا .
    . . . . وقال الطبراني : حدثنا على بن سعيد الرازي حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي
    حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن الضحاك عن ابن عباس قال : رأى محمد
    ربه عز وجل في صورة شاب أمرد وبه قال ابن جريج . . عن صفوان بن سليم عن
    عائشة قالت : رأى النبي ربه على صورة شاب جالس على كرسي رجله في خضرة
    من لؤلؤ يتلألأ !
     


    الفصل السابع
    كل الناس مبرؤون . . . . والشيعة متهمون
    المنطق الحاكم في كتب العقائد عند إخواننا ، هو منطق الدولة الذي يصدر
    الأحكام ولا يقبل الإعتراض ، وأحكامه هنا تقول :
    أولاً : السنة هم المسلمون الموحدون ، حتى لو كانت مصادرهم تنادي بالتشبيه
    والتجسيم بأحاديث صحيحة عندهم !
    والشيعة هم المجسمون والمعطلون ، وإن كانت مصادرهم تنادي بالتنزيه ونفي
    التشبيه بأحاديث صحيحة عندهم !
    ثانياً : يحرم قراءة أي كلام والخوض في أي بحث يوجب اتهام السنة بالتجسيم !
    كما يحرم قراءة كتب الشيعة وأحاديثهم في العقائد ، لأنهم يجسمون الله تعالى
    ويؤلهون الأئمة من ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    هذا هو حكم أكثر الكتاب والمؤلفين في العقائد ، ودليلهم أن التاريخ عامل
    الشيعة بهذه الأحكام ، فصارت هي الجو العام الذي نشأوا فيه ، فكتبوا كما قرؤوا
    وكما سمعوا .


    لقد استطاع كثير من المظلومين في التاريخ ، أن يرفعوا أيديهم أو أصواتهم
    ويسجلوا ( آخهم ) من ظالميهم . أما نحن الشيعة فلم نستطع إلى الآن أن نسجل (
    آخنا ) من التاريخ .
    يكفيك أن تلقي نظرة على مصادر التاريخ والعقائد وما كتبوه عن الفرق والملل
    والنحل ، وما يكتبه خصوم الشيعة وأهل البيت في عصرنا . . لتراها تكرر ادعاء أن الشيعة
    أخذوا عقائدهم من اليهود والفرس والهندوس ، فهم المجسمون الذين يعبدون إلۤهاً مادياً
    له طول وعرض وأعضاء ، ولذا فهم يعبدون صنماً ولا يعبدون الله تعالى !
    أما السنة فهم المسلمون الأصيلون الذين أخذوا عقائدهم من منبع الإسلام
    الصافي ، من الكتاب والسنة ، عن طريق الصحابة الأبرار بدون أي تأثر باليهود ولا
    بغيرهم ، فهم الموحدون المنزهون لله تعالى عما افتراه عليه اليهود والنصارى
    والمجوس والشيعة !
    إن مشكلتنا نحن شيعة أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الكتب التي اتهمتنا قد كتبت بحبر
    حكام الجور وأقلام موظفيهم ! وأن الذين أنصفونا ومدحونا ، كتبوا ذلك وهم على
    وجل من غضب السلاطين !
    ولكن ذلك من مفاخرنا أيضاً !
    محاولات الدولة والمشبهين إلصاق التشبيه بالنبي وآله
    يدل النص التالي على أن تهمة التشبيه والتجسيم للشيعة كانت موجودة في القرن
    الثاني ، أي منذ أن راج التشبيه والتجسيم وطفح كيله فمجه الناس ، فاتهمت به
    السلطة معارضيها من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام .
    وفي نفس الوقت عمد المشبهون والمجسمون إلى نسبة مذهبهم إلى النبي وأهل
    بيته صلى الله عليه وعليهم ، ليثبتوا شرعية فريتهم ! وهو اسلوب مزدوج في ترويج
    التهمة في الناس ، بنسبتها الى أهل البيت عليهم‌السلام ، ثم رمي أهل البيت وشيعتهم بها ! !


    ـ روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 33
    قال الحسن بن خالد : قلت للرضا عليه‌السلام : يا بن رسول الله إن الناس ينسبونا إلى القول
    بالتشبيه والجبر لما روي في الأخبار في ذلك عن آبائك عليهم‌السلام !
    فقال : يا بن خالد أخبرني عن الأخبار التي رويت عن آبائي عليهم‌السلام في التشبيه أكثر ،
    أم الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك ؟
    فقلت : بل ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر .
    فقال : فليقولوا إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول بالتشبيه إذن ! !
    فقلت له : إنهم يقولون إن رسول الله لم يقل من ذلك شيئاً ، وإنما روي عليه .
    قال : قولوا في آبائي عليهم‌السلام إنهم لم يقولوا من ذلك شيئاً وإنما روي عليهم .
    ثم قال عليه‌السلام : من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ، ونحن منه براء في الدنيا
    والآخرة . يا بن خالد : إنما وضع الأخبار عنا في التشبيه الغلاة الذين صغروا عظمة الله
    جل جلاله ، فمن أحبهم فقد أبغضنا . . إلى آخر الخبر .
    ـ وقال الشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 في مقدمة كتابه التوحيد ص 17 :
    إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوماً من المخالفين لنا ينسبون
    عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر ، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا
    تفسيرها ولم يعرفوا معانيها ووضعوها في غير موضعها ، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ
    القرآن ، فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا ، ولبسوا عليهم طريقتنا ، وصدوا
    الناس عن دين الله ، وحملوهم على جحود حجج الله ، فتقربت إلى الله تعالى ذكره
    بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر ، مستعيناً به ومتوكلاً عليه .
    بغض أهل البيت وشيعتهم إرث غير شرعي
    إن التهم لأهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وشيعتهم موروثة إرثاً ( غير شرعي ) وقد كانت
    بدايتها يوم فارق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحياة وتركوا جنازته لأهل بيته ، وأعلنوا ولادة حكومة



    السقيفة ، فعارضها أهل البيت وجماعة من الأنصار والمهاجرين ، واعتصموا في بيت
    فاطمة الزهراء عليها‌السلام فكان الهجوم على بيت فاطمة بالحطب والنار !
    ولم يهدأ الهجوم علينا بالحطب والنار إلى يومنا هذا !
    نحن لا ننتظر من تاريخنا الإسلامي الذي لم يتحمل كلمة معارضة من بنت
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فهاجم بيتها وبدأ بإحراقه بمن فيه ، أن يتحمل معارضتنا في بحوث وكتب !
    ولا ننتظر من دول اضطهدتنا وطاردتنا وشردتنا وقتلتنا ، أن تمدحنا وتمدح
    عقائدنا ، أو تترك تهمة أو سبة تخطر بالبال أو لا تخطر ، دون أن ترمينا بها !
    لكن يحق لنا أن ننتظر من علماء إخواننا المنصفين بعد قرون وقرون ، أن لا يرثوا
    بغض أهل بيت نبيهم وشيعتهم ، وأن يقرؤوا عقائدهم وفقههم من مصادر مذهبهم لا
    من مصادر الذين اضطهدوهم وأبغضوهم .
    ـ قال السيد شرف الدين في الفصول المهمة ص 180
    فهنا مقصدان : المقصد الأول ، في الأمور التي ينفر منها الشيعي ولا يكاد يمتزج
    بسببها مع السني ، وأهمها شيئان : الأول ، ما سمعته في الفصول السابقة من التكفير
    والتحقير والشتم والتزوير .
    الثاني ، إعراض إخواننا أهل السنة عن مذهب الأئمة من أهل البيت ، وعدم
    الإعتناء بأقوالهم في أصول الدين وفروعه بالمرة ، وعدم الرجوع إليهم في تفسير
    القرآن العزيز ( وهو شقيقهم ) إلا دون ما يرجعون فيه إلى مقاتل بن سليمان المجسم
    المرجئ الدجال ، وعدم الإحتجاج بحديثهم إلا دون ما يحتجون بدعاة الخوارج
    والمشبهة والمرجئة والقدرية ! ولو أحصيت جميع ما في كتبهم من حديث ذرية
    المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان إلا دون ما أخرجه البخاري وحده عن عكرمة البربري
    الخارجي المكذب . انتهى .
    وإني لأعجب من علماء إخواننا السنة القدماء والجدد ، الذين بحثوا في توحيد
    الله تعالى وصفاته ، ورووا حتى عن أقل الصحابة والتابعين ، برهم وفاجرهم ، وعن


    اليهود والنصارى ، معتدلهم ومتطرفهم . . كيف لم يطلعوا على الخطب الغنية لعلي
    أمير المؤمنين عليه‌السلام وكلمات أهل البيت البليغة في حقائق التوحيد ، التي تشهد بأنهم
    باب مدينة علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد كانت هذه الخطب والأحاديث وما تزال في متناولهم ،
    مودعة في المصادر المختلفة ، ومجموعة في نهج البلاغة وأمثاله . . ! فلو أنهم اطلعوا
    عليها لفتحت لهم أبواباً جديدة ، وحلت لهم مشكلات مستعصية ولظهر شئ من
    آثارها وأنوارها في مؤلفاتهم !
    إن مقتضى قاعدة ( إحمل أخاك المسلم على الأحسن ) أن نقول إنهم لم
    يقرؤوا شيئاً من أحاديث الشيعة ومؤلفاتهم وبحوثهم في التوحيد والصفات ، لأنا
    إذا اتهمناهم بأنهم قرؤوها وتجاهلوها ، فذلك يعني وجود كارثة في بحوث
    العقائد عندهم .
    وتعجبي الأكبر من جرأة بعض إخواننا على تبرئة مصادرهم من التشبيه
    والتجسيم ، واتهام الشيعة ومذهبهم بذلك !
    وتواصلت علينا الإفتراءات عبر العصور
    ـ قال السمعاني المتوفى 562 في كتابه الأنساب ج 5 ص 643
    والهشامية جماعة من غلاة الشيعة ، وهم الهشامية الأولى والأخرى . أما الأولى
    فهم أصحاب هشام بن الحكم الرافضي المفرط في التشبيه والتجسيم ، وكان يقول إن
    معبوده جسم ذو حد ونهاية وإنه طويل عريض عميق وطوله مثل عرضه وعرضه
    مثل عمقه ، وله مقالات في هذا الفن حكيت عنه .
    وأما الهشامية الأخرى فهم أصحاب هشام بن سالم الجواليقي ، وكان يزعم أن
    معبوده جسم ، وأنه على صورة الإنسان ولكنه ليس بلحم ولا دم ، بل هو نور ساطع
    يتلألأ بياضاً ، وله حواس خمس كحواس الإنسان ويد ورجل وسائر الأعضاء ، وأن
    نصفه الأعلى مجوف ، إلا الفرج واللحية . وزعم هشام بن الحكم أنه كسبيكة



    الفضة ، وأنه بشبر نفسه سبعة أشبار . وكل واحد منهما يكفر صاحبه ، ويكفرهما
    غيرهما . انتهى .
    وقد وصل الأمر بالسمعاني وأمثاله أن ادعوا أن تجسيم الكرامية جاءهم من
    تأثرهم بالشيعة وغيرهم ، وإلا فشيخهم الكرام عالم متقشف زاهد وإن كان في مذهبه
    شئ من التشبيه والتجسيم ! قال السمعاني في الأنساب ج 5 ص 43 : الكرامي : بفتح
    الكاف وتشديد الراء المهملة . هذه النسبة إلى أبي عبد الله محمد بن كرام
    النيسابوري . . . . من أهل نيسابور ، ثم أزعج عنها وانتقل إلى بيت المقدس وسكنها
    ومات بها . يروي عن مالك بن سليمان الهروي . روى عنه محمد بن إسماعيل بن
    إسحاق وحكى عنه من الزهد والتقشف أشياء ، وفي المذهب أشياء من التشبيه
    والتجسيم ، وذكر في كتاب له سماه ( عذاب القبر ) في وصف الرب عز وجل ، أنه
    أحدي الذات أحدي الجوهر ، فشارك النصارى في وصفه إياه بالجوهر ، وشارك
    اليهود والهشامية والجوالقية من مشبهة الروافض في وصفه إياه بأنه جسم . وناقض
    أصحابه في امتناعهم عن وصفهم إياه أنه جوهر ، مع إطلاقهم وصفه بأنه جسم ،
    إطلاق الجسم أفحش من إطلاق الجوهر . وذكر في هذا الكتاب أنه معبود في مكان
    مخصوص ، وأنه مماس لعرشه من فوقه ، وهكذا حكي عنه . انتهى . ولكن من حكي
    عنه ، ومن أين أخذ ما نقله عنه . . هذا ليس مهماً عند من يريد الاتهام .
    ـ وقال المسعودي في مروج الذهب ج 4 ص 103 104
    وكان أبو الهذيل محمد بن الهذيل اجتمع مع هشام بن الحكم الكوفي ، وكان
    هشام شيخ المجسمه والرافضة في وقته ممن وافقه على مذهبه ، وكان أبو الهذيل
    يذهب إلى نفي التجسيم ورفض التشبيه .
    ـ وقال الأميني في الغدير ج 3 ص 142
    الملل والنحل ، هذا الكتاب وإن لم يكن يضاهي ( الفصل ) في بذاءة المنطق غير
    أن في غضونه نسباً مفتعلة وآراء مختلقة وأكاذيب جمة ، لا يجد القارئ ملتحداً عن


    تفنيدها ، فإليك نماذج منها :
    1 ـ قال : قال هشام بن الحكم متكلم الشيعة : إن الله جسم ذو أبعاض في سبعة
    أشبار بشبر نفسه ، في مكان مخصوص وجهة مخصوصة .
    2 ـ قال في حق علي : إنه إلۤه واجب الطاعة . .
    3 ـ وقال هشام بن سالم : إن الله على صورة إنسان أعلاه مجوف وأسفله مصمت ،
    وهو نور ساطع يتلألأ ، وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وأذن وعين وفم ، وله
    وفرة سوداء ، وهو نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم ، وإن هشام هذا أجاز المعصية
    على الأنبياء مع قوله بعصمة الأئمة .
    4 ـ وقال زرارة بن أعين : لم يكن الله قبل خلق الصفات عالماً ولا قادراً ولا حياً ولا
    بصيراً ولا مريداً ولا متكلماً .
    5 ـ قال أبو جعفر محمد بن النعمان : إن الله نور على صورة إنسان ، ويأبى أن
    يكون جسماً .
    6 ـ وزعم يونس بن عبد الرحمن القمي أن الملائكة تحمل العرش والعرش تحمل
    الرب ، وهو من مشبهة الشيعة ، وصنف لهم في ذلك كتباً .
    ـ وقال الأميني في الغدير ج 3 ص 89
    وذكر ابن تيمية في منهاج السنة هذه النسب والإضافات المفتعلة ، وراقه أن يري
    المجتمع أنه أقدر في تنسيق الأكاذيب من سلفه ، وأنه أبعد منه عن أدب الصدق
    والأمانة فزاد عليها :
    اليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين إنما يقولون السام عليكم ( السام :
    الموت ) وكذلك الرافضة .
    اليهود لا يرون المسح على الخفين ، وكذلك الرافضة .
    اليهود يستحلون أموال الناس كلهم ، وكذلك الرافضة .
    اليهود تسجد على قرونها في الصلاة ، وكذلك الرافضة .


    اليهود لا تسجد حتى تخفق برؤسها مراراً تشبيهاً بالركوع ، وكذلك الرافضة .
    اليهود يرون غش الناس ، وكذلك الرافضة .
    وأمثال هذه من الخرافات والسفاسف ، وحسبك في تكذيب هذه التقولات
    المعزوة إلى الشيعة شعورك الحر ، وحيطتك بفقههم وكتبهم وعقائدهم وأعمالهم ،
    وما عرف منهم قديماً وحديثاً . فإلى الله المشتكى .
    ـ وقال الأميني في الغدير ج 3 هامش ص 90 واصفاً كتاب الإنتصار لعبد الرحيم الخياط :
    إنك غير مائن لو سميته بمصدر الأكاذيب ، ولو عزى إليه على عدد صفحاته 173
    الصفحة لما كذب القائل ، ولو جست خلال صحايفه لأوقفك الفحص على العجب
    العجاب ، من كذب شائن وتحكم بارد وتهكم ممض ونسب مفتعلة ، وإنا نرجىٔ
    إيقافك عليها إلى ظفرك بالكتاب نفسه ، فإنه مطبوع بمصر منشور ، ولا نسود جبهات
    صحائف كتابنا بنقل هاتيلك الأساطير كلها ، وإنما نذكر لك نماذج منها لتعرف مقدار
    توغله في القذائف وتهالكه دون الطامات ، وتغلغل الحقد في ضميره الدافع له إلى
    تشويه سمعة أمة كبيرة كريمة نزيهة عن كل ما تقوله عليها قال :
    1 ـ الرافضة تعتقد أن ربها ذو هيئة وصورة يتحرك ويسكن ويزول وينتقل ، وأنه
    كان غير عالم فعلم . . . . إلى أن قال : هذا توحيد الرافضة بأسرها إلا نفراً منهم يسيراً
    صحبوا المعتزلة واعتقدوا التوحيد ، فنفتهم الرافضة عنهم وتبرأت منهم ، فأما
    جملتهم ومشايخهم مثل هشام بن سالم ، وشيطان الطاق ، وعلي بن ميثم ، وهشام
    بن الحكم بن منور ، والسكاك ، فقولهم ما حكيت عنهم .
    2 ـ الرافضة تقول وهي معتقدة : إن ربها جسم ذو هيئة وصورة يتحرك ويسكن
    ويزول وينتقل وأنه كان غير عالم ثم علم .
    3 ـ فهل على وجه الأرض رافضي إلا وهو يقول : إن الله صورة ويروي في ذلك
    الروايات ، ويحتج فيه بالأحاديث عن أئمتهم ! إلا من صحب المعتزلة منهم قديماً
    فقال بالتوحيد فنفته الرافضة عنها ولم تقر به ! !


    وتضاعفت التهم في عصرنا عصر العلم وحرية الفكر
    ـ قال الدكتور حسن إبراهيم في تاريخ الإسلام ج 1 ص 424
    ـ الرافضة قالوا : إن الله له قد وصورة وإنه جسم ذو أعضاء . هشام بن الحكم
    وهشام بن سالم وشيطان الطاق من معتقدي الرافضة .
    ـ وقال في تاريخ الإسلام ج 2 ص 158
    الشيعة انقسمت حسب اعتقادها إلى ثلاثة أقسام : غالية ورافضة وزيدية ،
    والشيعة الغالية هم الذين غلوا في علي وقالوا فيه قولاً عظيماً . . والشيعة الرافضة هم
    الذين قالوا إن الله قد وصورة وإنه جسم ذو أعضاء !
    ـ فتاوي الألباني ص 441
    إن الإسلام كفكر لا يمكن أن يصور أنه مصفى . . كيف وهناك فرق كثيرة جداً
    كالمعتزلة . . . والشيعة والرافضة ، كل هؤلاء يدعون الإسلام فلا بد أن يقوم العلماء
    بواجب تصفية هذا الإسلام وتقديمه للناس .
    ـ وقال الدكتور القفاري في كتابه أصول مذهب الشيعة ، الذي منحته السعودية درجة
    دكتوراه برتبة الشرف الأولى ، وأوصت بجعله مصدراً ( أكاديمياً ) في جامعات المملكة ،
    علماً أن نسبة كبيرة من سكان المملكة من الشيعة ! قال القفاري في ج 1 ص 87 :
    المذهب الشيعي مباءة للعقائد الآسيوية القديمة . ويضيف البعض أن مذهب
    الشيعة كان مباءة ومستقراً للعقائد الآسيوية القديمة كالبوذية وغيرها . يقول الأستاذ
    أحمد أمين : وتحت التشيع ظهر القول بتناسخ الأرواح وتجسيم الله والحلول ، ونحو
    ذلك من الأقوال التي كانت معروفة عند البراهمة والفلاسفة والمجوس قبل الإسلام .
    ويشير بعض المستشرقين إلى تسرب الكثير من العقائد غير الإسلامية إلى الشيعة
    ويقول : إن تلك العقائد انتقلت إليها من المجوسية والمانوية والبوذية ، وغيرها من
    الديانات التي كانت سائدة في آسيا قبل ظهور الإسلام . انتهى .


    وكأن هذا ( الباحث ) لا يعرف أن الفرس المجوس صاروا سنيين أولاً ، وألفوا أهم
    مصادر إخواننا السنة وصحاحهم ، ونظَّروا لعقائدهم ومذاهبهم بل أسسوا مذاهبهم ،
    وبعد قرون طويلة صار أبناؤهم شيعة ! فإن كانوا متأثرين بعقائدهم المجوسية
    والآسيوية فقد نقلوها معهم إلى التسنن الذي صاروا أئمة مذاهبه ثم أئمة
    مصادره قروناً طويلة ، وما زالوا ، فالعلامة المجلسي الشيعي مثلاً صاحب موسوعة
    ( بحار الأنوار ) المتوفى سنة 1111 هجرية هو من أولاد الحافظ أبي نعيم الإصفهاني
    السني المتوفى سنة 435 هجرية ! وهكذا العشرات بل المئات غيره من الفرس الذين
    صاروا أئمة المذاهب السنية أولاً ، ثم صار أبناؤهم شيعة بعد قرون قد تطول أو
    تقصر ، حتى أنك تجد الكثير من أبنائهم اليوم ما زالوا يحملون أسماء أجدادهم من
    أئمة السنة !
    فمن أولى بتهتة التأثر بالعقائد المجوسية والآسيوية ، الأجداد السنيون أم الأبناء
    الشيعيون !
    على أن الباحث علمياً لا يمكنه أن يرسل أحكامه هكذا جزافاً ، ولا بد له أن
    يفحص الأفكار والعقائد واحدة واحدة ، ويرى من أين جاءت ومن تبناها ، ومن
    وقف ضدها . . الخ .
    وقد رأيت أن أفكار الرؤية والتشبيه والتجسيم وأحاديثها ولدت في بيوت الدولة ،
    ودرجت في قصورها ومساجدها ، وتربت على يد كبار شخصياتها ، وأن أهل
    البيت عليهم‌السلام وشيعتهم وقفوا ضدها ، وأفتوا بأنها دخيلة ، وأن آباءها يهوداً ! !
     


    الفصل الثامن
    تفسير مقارن للآيات المتعلقة بالموضوع
    الآيات المحكمة النافية لإمكان الرؤية
    ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . لَّا
    تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ . الأنعام 102 ـ 103
    فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا
    يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . الشورى ـ 11
    يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا . طه ـ 110
    الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ
    الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ، فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ . البقرة ـ 22
    وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ، قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ
    انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ، فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ
    مُوسَىٰ صَعِقًا ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ . الأعراف ـ 143
    وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ
    تَنظُرُونَ . . البقرة ـ 55


    يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن
    ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ، ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا
    جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُّبِينًا . النساء ـ 153
    وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا ، لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا
    فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا . يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ
    حِجْرًا مَّحْجُورًا . الفرقان 21 ـ 22
    قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ ، وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ .
    الإخلاص 1 ـ 4
    الآيات المتشابهة التي استدلوا بها على الرؤية
    كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ، وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ . وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ .
    وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ . تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ . القيامة 20 ـ 25
    وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ . مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ . وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ . إِنْ هُوَ إِلَّا
    وَحْيٌ يُوحَىٰ . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ . ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ . وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ . ثُمَّ دَنَا
    فَتَدَلَّىٰ . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ . فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ . مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا
    رَأَىٰ . أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ . وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ . عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ . عِندَهَا جَنَّةُ
    الْمَأْوَىٰ . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ . لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ
    الْكُبْرَىٰ . النجم 1 ـ 18
    أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ . سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ
    زَعِيمٌ . أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ . يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ
    وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ . خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ
    إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ . القلم 39 ـ 43
    آيات : استوى على العرش
    إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ


    يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ، أَلَا لَهُ
    الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ . الأعراف ـ 54
    إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ
    يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ، مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ، ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ .
    يونس ـ 3
    اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
    وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ، يُفَصِّلُ الْآيَاتِ ، لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ
    تُوقِنُونَ . الرعد ـ 2
    طه . مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ . إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ . تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ
    الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى . الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ . لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
    الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ . طه 1 ـ 6
    الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ
    الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا . الفرقان ـ 59
    اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى
    الْعَرْشِ ، مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ . السجدة ـ 4
    هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ، يَعْلَمُ مَا
    يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ، وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا
    كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ .
    الحديد ـ 4 ـ 5
    وقد أوردنا عدداً من الأحاديث الشريفة ومن كلمات العلماء في تفسير هذه
    الآيات ، ونورد هنا ما بقي من تفسيرها ، وفيها أحاديث وآراء مشتركة بين أكثر من
    آية ، لأنها وردت في موضوع الرؤية ككل .
     



    تفسير آية : لا تدركه الأبصار
    ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . لَّا
    تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ . الأنعام . 102 ـ 103
    النبي وآله يقولون : لا تدركه الأبصار ولا . . الأوهام
    ـ روى الصدوق في التوحيد ص 398
    حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله
    الكوفي ، قال حدثني محمد بن أبي بشير ، قال حدثني الحسين بن أبي الهيثم ، قال
    حدثنا سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث ، قال حدثني خير الجعافر جعفر بن
    محمد ، قال حدثني باقر علوم الأولين والآخرين محمد بن علي ، قال حدثني سيد
    العابدين علي بن الحسين ، قال حدثني سيد الشهداء الحسين بن علي ، قال حدثني
    سيد الأوصياء علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالساً في
    مسجده إذ دخل عليه رجل من اليهود فقال : يا محمد إلى ما تدعو ؟
    قال : إلى شهادة أن لا إلۤه إلا الله ، وأني رسول الله .
    قال : يا محمد أخبرني عن هذا الرب الذي تدعو إلى وحدانيته وتزعم أنك
    رسوله ، كيف هو ؟
    قال : يا يهودي إن ربي لا يوصف بالكيف ، لأن الكيف مخلوق وهو مكيفه .
    قال : فأين هو ؟
    قال : إن ربي لا يوصف بالأين ، لأن الأين مخلوق وهو أينه .
    قال : فهل رأيته يا محمد ؟
    قال : إنه لا يرى بالأبصار ولا يدرك بالأوهام .
    قال : فبأي شئ نعلم أنه موجود ؟
    قال : بآياته وأعلامه .

    قال : فهل يحمل العرش أم العرش يحمله ؟
    فقال : يا يهودي إن ربي ليس بحال ولا محل .
    قال : فكيف خروج الأمر منه ؟
    قال : بإحداث الخطاب في المحال .
    قال : يا محمد أليس الخلق كله له ؟
    قال : بلى .
    قال : فبأي شئ اصطفى منهم قوماً لرسالته ؟
    قال : بسبقهم إلى الإقرار بربوبيته .
    قال : فلم زعمت أنك أفضلهم .
    قال : لأني أسبقهم إلى الإقرار بربي عز وجل ؟
    قال : فأخبرني عن ربك هل يفعل الظلم ؟
    قال : لا .
    قال : ولم ؟
    قال : لعلمه بقبحه واستغنائه عنه .
    قال : فهل أنزل عليك في ذلك قرآناً يتلى ؟
    قال : نعم إنه يقول عز وجل : وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ، ويقول : إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ
    شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ، ويقول : وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ ، ويقول : وَمَا
    اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ .
    قال اليهودي : يا محمد فإن زعمت أن ربك لا يظلم فكيف أغرق قوم نوح عليه‌السلام
    وفيهم الأطفال ؟
    فقال : يا يهودي إن الله عز وجل أعقم أرحام نساء قوم نوح أربعين عاماً فأغرقهم
    حين أغرقهم ولا طفل فيهم ، وما كان الله ليهلك الذرية بذنوب آبائهم ، تعالى عن
    الظلم والجور علواً كبيراً .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:22

    قال اليهودي : فإن كان ربك لا يظلم فكيف يخلد في النار أبد الآبدين من لم يعصه
    إلا أياماً معدودة ؟
    قال : يخلده على نيته ، فمن علم الله نيته أنه لو بقي في الدنيا إلى انقضائها كان
    يعصي الله عز وجل خلده في ناره على نيته ، ونيته في ذلك شر من عمله ، وكذلك
    يخلد من يخلد في الجنة بأنه ينوي أنه لو بقي في الدنيا أيامها لأطاع الله أبداً ، ونيته
    خير من عمله ، فبالنيات يخلد أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، والله عز
    وجل يقول : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا .
    قال اليهودي : يا محمد إني أجد في التوراة أنه لم يكن لله عز وجل نبي إلا كان له
    وصي من أمته فمن وصيك ؟
    قال : يا يهودي وصيي علي بن أبي طالب ، واسمه في التوراة إليا وفي الإنجيل
    حيدار ، وهو أفضل أمتي وأعلمهم بربي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا
    نبي بعدي ، وإنه لسيد الأوصياء كما أني سيد الأنبياء .
    فقال اليهودي : أشهد أن لا إلۤه إلا الله وأنك رسول الله وأن علي بن أبي طالب
    وصيك حقاً ، والله إني لأجد في التوراة كل ما ذكرت في جواب مسائلي ، وإني لأجد
    فيها صفتك وصفة وصيك ، وإنه المظلوم ومحتوم له بالشهادة ، وإنه أبو سبطيك
    وولديك شبراً وشبيراً سيدي شباب أهل الجنة .
    ـ وروى الكليني في الكافي ج 1 ص 98
    محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد
    الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : لا تدركه الأبصار ، قال : إحاطة الوهم ،
    ألا ترى إلى قوله : قد جاءكم بصائر من ربكم ، ليس يعني بصر العيون . فمن أبصر
    فلنفسه ، ليس يعني من البصر بعينه . ومن عمي فعليها ، ليس يعني عمى العيون إنما
    عنى إحاطة الوهم ، كما يقال فلان بصير بالشعر ، وفلان بصير بالفقه ، وفلان بصير
    بالدراهم ، وفلان بصير بالثياب . الله أعظم من أن يرى بالعين . . . .

    محمد بن أبي عبد الله ، عمن ذكره ، عن محمد بن عيسى ، عن داود بن القاسم
    أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار
    فقال : يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند
    والهند والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك وأوهام القلوب لا تدركه فكيف
    أبصار العيون !
    يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي هاشم الجعفري ، عن
    أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الله عز وجل هل يوصف ؟ فقال : أما تقرأ القرآن
    قلت بلى ، قال أما تقرأ قوله عز وجل : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ قلت بلى ،
    قال : فتعرفون الأبصار قلت : بلى ، قال : وما هي قلت : أبصار العيون فقال : إن أوهام
    القلوب أكثر من أبصار العيون فهو لا تدركه الأوهام ، وهو يدرك الأوهام .
    ـ وروى النيسابوري في روضة الواعظين ص 33
    عن الإمام الرضا عليه‌السلام في قول الله عز وجل : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ،
    قال : لا تدركه أوهام القلوب ، فكيف تدركه أبصار العيون .
    وسئل الصادق عليه‌السلام هل يرى الله في المعاد ؟ فقال : سبحان الله تبارك وتعالى عن
    ذلك علواً كبيرا ، إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية ، والله خالق الألوان والكيفية .
    وقال محمد بن أبي عمير : دخلت على سيدي موسى بن جعفر عليهما‌السلام فقلت له :
    يا بن رسول الله علمني التوحيد فقال : يا أبا أحمد لا تتجاوز في التوحيد ما ذكره الله
    تبارك وتعالى في كتابه فتهلك ، واعلم أن الله تعالى واحد أحد صمد لم يلد فيورث
    ولم يولد فيشارك ، ولم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولا شريكاً ، وأنه الحي الذي لا يموت ،
    والقادر الذي لا يعجز ، والقاهر الذي لا يغلب ، والحليم الذي لا يعجل ، والدائم
    الذي لا يبيد ، والباقي الذي لا يفنى ، والثابت الذي لا يزول ، والغني الذي لا يفتقر ،
    والعزيز الذي لا يذل ، والعالم الذي لا يجهل ، والعدل الذي لا يجور ، والجواد الذي



    لا يبخل . وأنه لا تقدره العقول ، ولا تقع عليه الأوهام ، ولا تحيط به الأقطار ، ولا
    يحويه مكان ، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، وليس
    كمثله شئ وهو السميع البصير ، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ، ولا خمسة
    إلا وهو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ، وهو الأول الذي
    لا شئ قبله ، والآخر الذي لا شئ بعده ، وهو القديم وما سواه محدث ، تعالى عن
    صفات المخلوقين علواً كبيرا .
    وسئل الصادق عليه‌السلام هل لله تعالى رضى وسخط ؟ فقال : نعم ، وليس ذلك على ما
    يوجد من المخلوقين ، ولكن غضب الله عقابه ورضاه ثوابه .
    وقال أيضاً عليه‌السلام : إن الله تعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ولا حركة ولا انتقال ولا
    سكون ، بل هو خالق الزمان والمكان ، والحركة والسكون والإنتقال ، تعالى عما يقول
    الظالمون علواً كبيرا .
    ـ وروى المجلسي في بحار الأنوار ج 4 ص 46
    نص : الحسين بن علي ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن الحسن ، عن
    الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام قال : كنت عند الصادق
    جعفر بن محمد عليه‌السلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين ، فقال له
    معاوية بن وهب : يا بن رسول الله ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى
    ربه ، على أي صورة رآه ، وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم
    في الجنة ، على أي صورة يرونه ؟ فتبسم عليه‌السلام ثم قال : يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي
    عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمه ، ثم لا يعرف الله
    حق معرفته .
    ثم قال عليه‌السلام : يا معاوية إن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله لم ير الرب تبارك وتعالى بمشاهدة العيان ،
    وإن الرؤية على وجهين : رؤية القلب ، ورؤية البصر ، فمن عني برؤية القلب فهو


    مصيب ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته ، لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شبه الله
    بخلقه فقد كفر . ولقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي قال : سئل أمير
    المؤمنين عليه‌السلام فقيل : يا أخا رسول الله هل رأيت ربك فقال : وكيف أعبد من لم أره لم
    تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان . فإذا كان المؤمن
    يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق ، ولا بد
    للمخلوق من الخالق ، فقد جعلته إذا محدثاً مخلوقاً ، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع
    الله شريكاً ، ويلهم أو لم يسمعوا يقول الله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ
    وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ . وقوله : لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ
    تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ، وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج
    من سم الخياط فدكدكت الأرض وصعقت الجبال فخر موسى صعقاً ، أي ميتاً ، فلما
    أفاق ورد عليه روحه ، قال سبحانك تبت إليك من قول من زعم أنك ترى ، ورجعت
    إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك ، وأنا أول المؤمنين ، وأول المقرين بأنك ترى
    ولا ترى ، وأنت بالمنظر الأعلى .
    ثم قال عليه‌السلام : إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الرب والإقرار له
    بالعبودية ، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إلۤه غيره ، ولا شبيه له ولا نظير ، وأن يعرف
    أنه قديم مثبت موجود غير فقيد ، موصوف من غير شبيه ولا مبطل ، ليس كمثله شئ
    وهو السميع البصير .
    وبعده معرفة الرسول والشهادة بالنبوة .
    وأدنى معرفة الرسول الإقرار بنبوته ، وأن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك
    من الله عز وجل ، وبعده معرفة الإمام الذي به تأتم بنعته وصفته واسمه في حال
    العسر واليسر . . . .
    ثم قال : يا معاوية جعلت لك أصلاً في هذا فاعمل عليه ، فلو كنت تموت على ما
    كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال ، فلا يغرنك قول من زعم أن الله تعالى يرى بالبصر .


    قال : وقد قالوا أعجب من هذا ، أو لم ينسبوا آدم عليه‌السلام إلى المكروه !
    أولم ينسبوا إبراهيم عليه‌السلام إلى ما نسبوه !
    أولم ينسبوا داود عليه‌السلام إلى ما نسبوه من حديث الطير !
    أولم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا !
    أولم ينسبوا موسى عليه‌السلام إلى ما نسبوه من القتل !
    أولم ينسبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ما نسبوه من حديث زيد !
    أولم ينسبوا علي بن أبي طالب عليه‌السلام إلى ما نسبوه من حديث القطيفة !
    إنهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام ليرجعوا على أعقابهم ، أعمى الله أبصارهم كما
    أعمى قلوبهم ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا .
    ـ وروى نحوه في بحار الأنوار ج 4 ص 33 وص 39 وفيه ( إن أوهام القلوب أكثر من
    أبصار العيون فهي لا تدركه ، وهو يدرك الأوهام ) .
    ـ وروى نحوه في بحار الأنوار ج 4 ص 29 وفيه ( لا تدركه أوهام القلوب فكيف تدركه
    أبصار العيون ! وقال المجلسي رحمه‌الله :
    بيان : هذه الآية إحدى الدلالات التي استدل بها النافون للرؤية وقرروها بوجهين :
    أحدهما : أن إدراك البصر عبارة شائعة في الإدراك بالبصر إسناداً للفعل إلى الآلة ،
    والإدراك بالبصر هو الرؤية بمعنى اتحاد المفهومين أو تلازمهما ، والجمع المعرف
    باللام عند عدم قرينة العهدية والبعضية للعموم والإستغراق بإجماع أهل العربية
    والأصول وأئمة التفسير ، وبشهادة استعمال الفصحاء ، وصحة الإستثناء ، فالله
    سبحانه قد أخبر بأنه لا يراه أحد في المستقبل ، فلو رآه المؤمنون في الجنة لزم كذبه
    تعالى وهو محال .
    واعترض عليه : بأن اللام في الجمع لو كان للعموم والإستغراق كما ذكرتم كان قوله
    تدركه الأبصار موجبة كلية ، وقد دخل عليها النفي ، فرفعها وهو رفع الإيجاب الكلي ،
    ورفع الإيجاب الكلي سلب جزئي . ولو لم يكن للعموم كان قوله لا تدركه الأبصار


    سالبة مهملة في قوة الجزئية ، فكان المعنى لا تدركه بعض الأبصار ، ونحن نقول
    بموجبه حيث لا يراه الكافرون ، ولو سلم فلا نسلم عمومه في الأحوال والأوقات
    فيحمل على نفي الرؤية في الدنيا جمعاً بين الأدلة .
    والجواب : أنه قد تقرر في موضعه أن الجمع المحلى باللام عام نفياً وإثباتاً في
    المنفي والمثبت كقوله تعالى : وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ ، وما على المحسنين من
    سبيل ، حتى أنه لم يرد في سياق النفي في شئ من الكتاب الكريم إلا بمعنى عموم
    النفي ، ولم يرد لنفي العموم أصلاً ، نعم قد اختلف في النفي الداخل على لفظة كل
    لكنه في القرآن المجيد أيضاً بالمعنى الذي ذكرنا كقوله تعالى : وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ
    مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، إلى غير ذلك ، وقد اعترف بما ذكرنا في شرح المقاصد وبالغ فيه .
    وأما منع عموم الأحوال والأوقات فلا يخفى فساده ، فإن النفي المطلق الغير
    المقيد لا وجه لتخصيصه ببعض الأوقات إذ لا ترجيح لبعضها على بعض ، وهو أحد
    الأدلة على العموم عند علماء الأصول .
    وأيضاً صحة الإستثناء دليل عليه ، وهل يمنع أحد صحة قولنا : ما كلمت زيداً إلا
    يوم الجمعة ، ولا أكلمه إلا يوم العيد ، وقال تعالى : وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ ، إلى قوله : إِلَّا أَن
    يَأْتِينَ . وقال : ولَا تُخْرِجُوهُنَّ ، إلى قوله إِلَّا أَن يَأْتِينَ .
    وأيضاً كل نفي ورد في القرآن بالنسبة إلى ذاته تعالى فهو للتأبيد وعموم الأوقات
    لا سيما فيما قبل هذه الآية .
    وأيضاً عدم إدراك الأبصار جميعاً لشئ لا يختص بشئ من الموجودات ،
    خصوصاً مع اعتبار شمول الأحوال والأوقات ، فلا يختص به تعالى ، فتعين أن يكون
    التمدح بعدم إدراك شئ من الأبصار له في شئ من الأوقات .
    وثانيهما : أنه تعالى تمدح بكونه لا يرى فإنه ذكره في أثناء المدائح ، وما كان من
    الصفات عدمه مدحاً كان وجوده نقصاً يجب تنزيه الله تعالى عنه ، وإنما قلنا من
    الصفات احترازاً عن الأفعال كالعفو والإنتقام فإن الأول تفضل ، والثاني عدل ،
    وكلاهما كمال .



    ـ الإقتصاد للشيخ الطوسي ص 39
    ولا يجوز عليه تعالى الرؤية بالبصر ، لأن من شرط صحة الرؤية أن يكون المرئي
    نفسه أو محله مقابلاً للرائي بحاسة ، أو في حكم المقابل ، والمقابلة يستحيل عليه
    لأنه ليس بجسم ، ومقابلة محله أيضاً يستحيل عليه لأنه ليس بعرض على ما بيناه .
    ولأنه لو كان مرئياً لرأيناه مع صحة حواسنا وارتفاع الموانع المعقولة ووجوده ،
    لأن المرئي إذا وجد وارتفعت الموانع المعقولة وجب أن نراه ، وإنما لا نراه إما لبعد
    مفرط أو قرب مفرط أو لحائل بيننا وبينه أو للطافة أو صغر ، وكل ذلك لا يجوز عليه
    تعالى لأنه من صفات الأجسام والجواهر .
    وبمثل ذلك بعينه يعلم أنه لا يدرك بشئ من الحواس الباقية ، فلا وجه للتطويل
    بذكره ، والحاسة السادسة غير معقولة ، ولو كانت معقولة لكان حكمها حكم هذه
    الحواس مع اختلافها واتفاقها في هذا الحكم .
    وأيضاً قوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ، دليل على استحالة
    رؤيته ، لأنه تمدح بنفي الإدراك عن نفسه ، وكل تمدح تعلق بنفي فإثباته لا يكون إلا
    نقصاً ، كقوله : لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ، وقوله تعالى : مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ ، وقوله تعالى :
    ولم تكن له صاحبة ولا ولداً ، وقوله تعالى : لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ، وغير ذلك مما تعلق
    المدح بالنفي ، فكان إثباته نقصاً . والآية فيها مدح بلا خلاف وإن اختلفوا في جهة
    المدح ، والإدراك في الآية بمعنى الرؤية ، لأنه نفى عن نفسه ما أثبته لنفسه بقوله :
    وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ .
    وقوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، لا يعارض هذه الآية ، لأن النظر
    المذكور في الآية معناه الإنتظار ، فكأنه قال : لثواب ربها منتظرة .
    ومثله قوله : وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ ، أي منتظرة . وليس النظر بمعنى
    الرؤية في شئ من كلام العرب ، ألا ترى أنهم يقولون : نظرت إلى الهلال فلم أره ،


    فيثبتون النظر وينفون الرؤية ، ولو كان معناه الرؤية لكان ذلك مناقضة ، ويقولون : ما
    زلت أنظر إليه حتى رأيته ، ولا يقولون : ما زلت أراه حتى رأيته . ولو سلم أن النظر
    بمعنى الرؤية لجاز أن يكون معناه : إلى ثواب ربها رائية ، وثواب الله يصح رؤيته .
    ويحتمل أن تكون إلى في الآية واحد الآلاء ، لأنه يقال إلى وإلي وألي ، وإنما
    لم تنون لمكان الإضافة ، فتكون إلى في الآية إسماً لا حرفاً ، فتسقط بذلك
    شبهة المخالف .
    وقول موسى عليه‌السلام : رب أرني أنظر اليك ، يحتمل أن يكون سأل الرؤية لقومه على
    ما حكاه الله عز وجل في قوله : فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ،
    فسأل الله تعالى ذلك ليرد الجواب من جهته فيكون أبلغ .
    ويحتمل أن يكون سأل العلم الضروري الذي تزول معه الخواطر والشبهات ، أو
    إظهار آية من آيات الساعة التي يحصل عندها العلم الذي لا شك فيه ، وللأنبياء أن
    يسألوا تخفيف البلوى في التكليف ، كما سأل ابراهيم عليه‌السلام فقال : رب أرني كيف
    تحيي الموتى ، قال أولم تؤمن ، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ، وكل ذلك لا ينافي
    الآية التي ذكرناها . انتهى . ويؤيد الوجه الأخير الذي ذكره الشيخ الطوسي رحمه الله
    تركيب الآية : أرني أنظر اليك ، ولم يقل أنظرك ، فهو يريد أن يريه شيئاً يجعله كأنه
    يشاهد الله تعالى .
    ـ تفسير التبيان ج 4 ص 223
    قوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ـ 103
    في هذه الآية دلالة واضحة على أنه تعالى لا يرى بالأبصار ، لأنه تمدح بنفي
    الإدراك عن نفسه ، وكلما كان نفيه مدحاً غير متفضل به فإثباته لا يكون إلا نقصاً ،
    والنقص لا يليق به تعالى . فإذا ثبت أنه لا يجوز إدراكه ولا رؤيته .
    وهذه الجملة تحتاج إلى بيان أشياء : أحدها ، أنه تعالى تمدح بالآية . والثاني أن
    الإدراك هو الرؤية . والثالث أن كلما كان نفيه مدحاً لا يكون إثباته إلا نقصاً .



    والذي يدل على تمدحه شيئان :
    أحدهما ، إجماع الأمة فإنه لا خلاف بينهم في أنه تعالى تمدح بهذه الآية ، فقولنا
    تمدح بنفي الإدراك عن نفسه لاستحالته عليه ، وقال المخالف تمدح لأنه قادر على
    منع الأبصار من رؤيته . فالإجماع حاصل على أن فيها مدحة .
    والثاني ، أن جميع الأوصاف التي وصف بها نفسه قبل هذه الآية وبعدها مدحة ،
    فلا يجوز أن يتخلل ذلك ما ليس بمدحة . والذي يدل على أن الإدراك يفيد الرؤية أن
    أهل اللغة لا يفرقون بين قولهم : أدركت ببصري شخصاً ، وآنست ، وأحسست
    ببصري . وأنه يراد بذلك أجمع الرؤية . فلو جاز الخلاف في الإدراك لجاز الخلاف
    فيما عداه من الأقسام .
    فأما الإدراك في اللغة ، فقد يكون بمعنى اللحوق كقولهم : أدرك قتادة الحسن .
    ويكون بمعنى النضج ، كقولهم أدركت الثمرة ، وأدركت القدر ، وإدرك الغلام إذا بلغ
    حال الرجال .
    وأيضاً فإن الإدراك إذا أضيف إلى واحد من الحواس أفاد ما تلك الحاسة آلة فيه .
    ألا ترى أنهم يقولون : أدركته بأذني يريدون سمعته ، وأدركته بأنفي يريدون شممته ،
    وأدركته بفمي يريدون ذقته . وكذلك إذا قالوا : أدركته ببصري يريدون رأيته . وأما
    قولهم أدركت حرارة الميل ببصري فغير معروف ولا مسموع ، ومع هذا ليس بمطلق
    بل هو مقيد ، لأن قولهم حرارة الميل تقييد لأن الحرارة تدرك بكل محل فيه حياة ،
    ولو قال أدركت الميل ببصري لما استفيد به إلا الرؤية .
    وقولهم إن الإدراك هو الإحاطة باطل ، لأنه لو كان كذلك لقالوا : أدرك الجراب
    بالدقيق وأدرك الحب بالماء وأدرك السور بالمدينة لإحاطة جميع ذلك بما فيه ،
    والأمر بخلاف ذلك . وقوله : حتى إذا أدركه الغرق ، فليس المراد به الإحاطة بل
    المعنى حتى إذا لحقه الغرق ، كما يقولون أدركت فلاناً إذا لحقته ، ومثله : فلما تراءى
    الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ، أي لملحوقون .

    والذي يدل على أن المدح إذا كان متعلقاً بنفي فإثباته لا يكون إلا نقصاً ، قوله : لا
    تأخذه سنة ولا نوم ، وقوله : مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ ، لما كان مدحاً
    متعلقاً بنفي فلو ثبت في حال لكان نقصاً .
    فإن قيل : كيف يتمدح بنفي الرؤية ومع هذا يشاركه فيها ما ليس بممدوح من
    المعدومات والضمائر .
    قلنا : إنما كان ذلك مدحاً بشرط كونه مدركاً للأبصار ، وبذلك تميز من جميع
    الموجودات ، لأنه ليس في الموجودات ما يدرك ولا يدرك .
    فإن قيل : ولم إذا كان يدرك ولا يدرك يجب أن يكون ممدوحاً .
    قلنا : قد ثبت أن الآية مدحة بما دللنا عليه ، ولا بد فيها من وجه مدحة فلا يخلو
    من أحد وجهين : إما أن يكون وجه المدحة أنه يستحيل رؤيته مع كونه رائياً ، أو ما
    قالوه من أنه يقدر على منع الأبصار من رؤيته بأن لا يفعل فيها الإدراك ، وما قالوه
    باطل لقيام الدلالة على أن الإدراك ليس بمعنى الإحاطة ، فإذا بطل ذلك لم يبق إلا ما
    قلناه ، وإلا خرجت الآية من كونها مدحة . وقد قيل : إن وجه المدحة في ذلك أن من
    حق المرئي أن يكون مقابلاً أو في حكم المقابل ، وذلك يدل على مدحته ، وهذا
    دليل من أصل المسألة لا يمكن أن يكون جواباً في الآية .
    فإن قيل : إنه تعالى نفى أن تكون الأبصار تدركه فمن أين أن المبصرين لا يدركونه ؟
    قلنا : الأبصار لا تدرك شيئاً البتة فلا اختصاص لها به دون غيره ، وأيضاً فإن العادة
    أن يضاف الإدراك إلى الأبصار ويراد به ذووا الأبصار ، كما يقولون : بطشت يدي
    وسمعت أذني وتكلم لساني ، ويراد به أجمع ذووا الجارحة .
    فإن قيل : إنه تعالى نفى أن جميع المبصرين لا يدركونه ، فمن أين أن البعض لا
    يدركونه وهم المؤمنون ؟
    قلنا : إذا كان تمدحه في استحالة الرؤية عليه لما قدمناه ، فلا اختصاص لذلك براء
    دون رائي ، ولك أن تستدل بأن تقول : هو تعالى نفى الإدراك عن نفسه نفياً عاماً كما



    أنه أثبت لنفسه ذلك عاماً ، فلو جاز أن يخص ذلك بوقت دون وقت لجاز مثله في
    كونه مدركاً . وإذا ثبت نفي إدراكه على كل حال ، فكل من قال بذلك قال الرؤية
    مستحيلة عليه . ومن أجاز الرؤية لم ينفها نفياً عاماً فالقول بنفيها عموماً ، مع جواز
    الرؤية عليه قول خارج عن الإجماع .
    فإن عورضت هذه الآية بقوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، فإنا نبين أنه لا
    تعارض بينهما وأنه ليس في هذه الآية ما يدل على جواز الرؤية إذا انتهينا إليها إنشاء الله .
    ـ تفسير التبيان ج 1 ص 228
    وقال قوم : إن النظر إذا كان معه إلى لا يحتمل إلا الرؤية . وحملوا قوله : إلى ربها
    ناظرة على ذلك وقالوا لا يحتمل التأمل . وذلك غلط لأنهم يقولون : إنما أنظر إلى الله
    ثم إليك بمعنى أتوقع فضل الله ثم فضلك . وقال الطريح بن إسماعيل :
    وإذا نظرت إليك من ملك
    والبحر دونك جرتني نعماء

    وقال جميل بن معمر :
    إني إليك لما وعدت لناظر
    نظر الفقير إلى الغني الموسر

    وقال آخر :
    وجوه يوم بدر ناظرات
    إلى الرحمان تأتي بالفلاح

    وأتوا بـ ( إلى ) على معنى نظر الإنتظار .
    والصحيح أن النظر لا يفيد الرؤية وإنما حقيقته تحديق الجارحة الصحيحة نحو
    المرئي طلباً لرؤيته ، ولو أفاد الرؤية لما جعل غاية لنفسه ، ألا تراهم يقولون : ما زلت
    أنظر إليه ( حتى رأيته ) ولا يقولون ما زلت أراه حتى رأيته ، ولأنهم يثبتون النظر
    وينفون الرؤية فيقولون : نظرت إليه فلم أره ، ولا يقولون رأيته فلم أره .
    ـ تفسير التبيان ج 10 ص 197
    ثم قسم تعالى أهل الآخرة فقال ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) أي مشرقة
    مضيئة ، فالنضرة الصورة الحسنة التي تملأ القلب سروراً عند الرؤية ، نضر وجهه


    ينضر نضرة ونضارة فهو ناضر . والنضرة مثل البهجة والطلاقة ، وضده العبوس
    والبسور ، فوجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة بما جعل الله عليها من
    النور علامة للخلق ، والملائكة على أنهم مؤمنون مستحقون الثواب .
    وقوله : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، معناه منتظرة نعمة ربها وثوابه أن يصل إليهم .
    وقيل ( ناضرة ) أي مشرفة ( إلى ) ثواب ربها ( ناظرة ) وليس في ذلك تنغيص ،
    لأن الإنتظار إنما يكون فيه تنغيص إذا كان لا يوثق بوصوله إلى المنتظر أو هو محتاج
    إليه في الحال ، والمؤمنون بخلاف ذلك ، لأنهم في الحال مستغنون منعمون ، وهم
    أيضاً واثقون أنهم يصلون إلى الثواب المنتظر .
    والنظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلباً للرؤية ، ويكون النظر بمعنى
    الإنتظار ، كما قال تعالى ( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ ، أي منتظرة ، وقال الشاعر :
    وجوه يوم بدر ناظرات
    إلى الرحمن تأتي بالفلاح

    أي منتظرة للرحمة التي تنزل عليهم .
    وقد يقول القائل : إنما عيني ممدودة إلى الله وإلى فلان ، وأنظر إليه أي أنتظر
    خيره ونفعه وأؤمل ذلك من جهته ، وقوله : وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، معناه لا
    ينيلهم رحمته .
    ويكون النظر بمعنى المقابلة ، ومنه المناظرة في الجدل ، ومنه نظر الرحمة أي
    قابله بالرحمة ، ويقال : دور بني فلان تتناظر أي تتقابل ، وهو وينظر إلى فلان أي
    يؤمله وينتظر خيره ، وليس النظر بمعنى الرؤية أصلاً ، بدلالة أنهم يقولون : نظرت إلى
    الهلال فلم أره ، فلو كان بمعنى الرؤية لكان متناقضاً ، ولأنهم يجعلون الرؤية غاية
    للنظر يقولون : ما زلت أنظر إليه حتى رأيته ، ولا يجعل الشئ غاية لنفسه لا يقال : بما
    زلت أراه حتى رأيته ، ويعلم الناظر ناظراً ضرورة ، ولا يعلم كونه رائياً بل يسأل بعد
    ذلك هل رأيت أم لا .


    ودخول ( إلى ) في الآية لا يدل على أن المراد بالنظر الرؤية ، ولا تعليقه بالوجوه
    يدل على ذلك ، لأنا أنشدنا البيت وفيه تعليق النظر بالوجه وتعديه بحرف ( إلى )
    والمراد به الإنتظار ، وقال جميل بن معمر :
    وإذا نظرت إليك من ملك
    والبحر دونك جدتني نعما

    والمراد به الإنتظار والتأميل .
    وأيضاً ، فإنه في مقابلة قوله في صفة أهل النار : تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ،
    فالمؤمنون يؤمنون بتجديد الكرامة وينتظرون الثواب ، والكفار يظنون الفاقرة ، وكله
    راجع إلى فعل القلب .
    ولو سلمنا أن النظر يعد الرؤية لجاز أن يكون المراد أنها رؤية ثواب ربها ، لأن
    الثواب الذي هو أنواع اللذات من المأكول والمشروب والمنكوح تصح رؤيته .
    ويجوز أيضاً أن يكون إلى واحد إلاء وفي واحدها لغات ( ألا ) مثل قفا و ( ألي )
    مثل معي و ( ألي ) مثل حدي و ( أل ) مثل حسا ، فإذا أضيف إلى غيره سقط التنوين ،
    ولا يكون ( إلى ) حرفاً في الآية . وكل ذلك يبطل قول من أجاز الرؤية على الله تعالى .
    وليس لأحد أن يقول : إن الوجه الأخير يخالف الإجماع ، أعني إجماع
    المفسرين ، وذلك لأنا لا نسلم لهم ذلك ، بل قد قال مجاهد وأبو صالح والحسن
    وسعيد بن جبير والضحاك : إن المراد نظر الثواب . وروي مثله عن علي عليه‌السلام .
    وقد فرق أهل اللغة بين نظر الغضبان ونظر الراضي ، يقولون : نظر غضبان ، ونظر
    راض ، ونظر عداوة ونظر مودة ، قال الشاعر :
    تخبرني العينان ما الصدر كاتم
    ولا حن بالبعضاء والنظر الشزر

    والرؤية ليست كذلك فإنهم لا يضيفونها ، فدل على أن النظر غير الرؤية ، والمرئي هو
    المدرك ، والرؤية هي الإدراك بالبصر ، والرائي هو المدرك ، ولا تصح الرؤية وهي
    الإدراك إلا على الأجسام أو الجوهر أو الألوان . ومن شرط المرئي أن يكون هو أو محله
    مقابلاً أو في حكم المقابل ، وذلك يستحيل عليه تعالى ، فكيف تجيز الرؤية عليه تعالى !


    أمير المؤمنين عليه‌السلام يدفع الشبهات
    ـ كتاب التوحيد للصدوق ص 254 ـ 269
    حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدثنا أحمد بن يحيى ، عن بكر بن عبد الله
    بن حبيب قال : حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر قال : حدثنا محمد بن الحسن ابن
    عبد العزيز الأحدب الجند بنيسابور قال : وجدت في كتاب أبي بخطه : حدثنا طلحة
    بن يزيد ، عن عبيد الله بن عبيد عن أبي معمر السعداني أن رجلاً أتى أمير المؤمنين
    علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين إني قد شككت في كتاب الله المنزل ،
    قال له عليه‌السلام : ثكلتك أمك وكيف شككت في كتاب الله المنزل ؟
    قال : لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضاً فكيف لا أشك فيه .
    فقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : إن كتاب الله ليصدق بعضه بعضاً ولا يكذب بعضه
    بعضاً ، ولكنك لم ترزق عقلاً تنتفع به ، فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز وجل .
    قال له الرجل : إني وجدت الله يقول : فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا ،
    وقال أيضاً : نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ، وقال : وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ، فمرة يخبر أنه ينسى ، ومرة
    يخبر أنه لا ينسى ، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين !
    قال : هات ما شككت فيه أيضاً .
    قال : وأجد الله يقول : يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
    الرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَابًا ، وقال واستنطقوا فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين ، وقال : يَوْمَ
    الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا ، وقال : إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ
    النَّارِ ، وقال : لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ، وقال : نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ
    وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ، فمرة يخبر أنهم يتكلمون ومرة
    يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً ، ومرة يخبر أن الخلق لا
    ينطقون ويقول عن مقالتهم : والله ربنا ما كنا مشركين : ومرة يخبر أنهم يختصمون ،
    فأنى ذلك يا أمير المؤمنين ، وكيف لا أشك فيما تسمع . . . . .


    قال : هات ويحك ما شككت فيه .
    قال : وأجد الله عز وجل يقول : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، ويقول : لَّا
    تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، ويقول : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ،
    عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ ، ويقول : يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ
    قَوْلًا ، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ، ومن أدركته الأبصار فقد
    أحاط به العلم ، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع ؟ . . . .
    فقال عليه‌السلام : وأما قوله عز وجل : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، وقوله : لَّا
    تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ، وقوله : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ ،
    وقوله : يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا يَعْلَمُ مَا بَيْنَ
    أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ، فأما قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا
    نَاظِرَةٌ ، فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعد ما يفرغ من الحساب
    إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتنضر وجوههم إشراقاً فيذهب
    عنهم كل قذى ووعث ، ثم يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم
    كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنة ، فذلك قوله عز وجل من تسليم الملائكة عليهم :
    سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ، فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما
    وعدهم ربهم فذلك قوله : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، وإنما ( عنى ) بالنظر إليه النظر إلى ثوابه يعني
    لا تحيط به الأوهام . وهو يدرك الأبصار ، يعني يحيط بها وهو اللطيف الخبير ، وذلك
    مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علواً كبيرا ، وقد سأل موسى عليه‌السلام وجرى
    على لسانه من حمد الله عز وجل : رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ، فكانت مسألته تلك أمراً
    عظيماً ، فقال الله تبارك وتعالى : لَن تَرَانِي . . فانظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف
    تراني ، فأبدى الله سبحان بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميماً
    وخر موسى صعقاً ، يعني ميتاً ، ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه ، فقال : سُبْحَانَكَ تُبْتُ
    إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ، يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك .

    وأما قوله : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ ، يعني محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله كان عند
    سدرة المنتهى حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله ، وقوله في آخر الآية : مَا زَاغَ
    الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ ، رأى جبرئيل عليه‌السلام في صورته مرتين
    هذه المرة ومرة أخرى ، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا
    يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين . ورواه الطبرسي في الإحتجاج ج 1 ص 358
    ـ 362 ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج 4 ص 32
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 185
    ( يا من يَرى ولا يُرى )
    طال التشاجر بين الأشاعرة والمعتزلة في مسألة الرؤية فذهب الأشاعرة إلى أن الله
    تعالى يرى في الآخرة وينكشف انكشاف البدر المرئي ولكن بلا مقابلة وجهة
    ومكان ، خلافاً للمعتزلة حيث نفوها ، وللمشبهة والكرامية فإنهم وإن جوزوا رؤيته
    تعالى ولكن في الجهة والمكان وعلى سبيل المقابلة ، لاعتقادهم جسميته تعالى
    عما يقول الظالمون علواً كبيرا .
    وحرر بعض متأخري الأشاعرة حل النزاع بأنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف
    التام العلمي ، ولا للمثبتين في امتناع ارتسام صورة المرئي في العين ، أو اتصال
    الشعاع الخارج من العين بالمرئي .
    وإنما محل النزاع أنا إذا عرفنا الشمس مثلاً بحد أو رسم كان نوعاً من المعرفة ، ثم
    إذا أبصرناها وغمضنا العين كان نوعاً آخر من المعرفة فوق الأول ، ثم إذا فتحنا العين
    حصل نوع آخر من الإدراك فوق الأولين ، نسميها الرؤية ولا يتعلق في الدنيا إلا بما
    هو في جهة ومكان ، فمثل هذه الحالة الإدراكية هل يصح أن تقع بدون المقابلة
    والجهة ، وأن تتعلق بذات الله تعالى منزها عن الجهة والمكان أم لا .
    واحتج الأشاعرة بحجة عقلية كلامية لا نطيل الكلام بذكرها ، وأدلة نقلية منها
    قوله تعالى حكاية عن موسى عليه‌السلام : رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ . . . .


    ومنها ، قوله تعالى لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ .
    ومنها ، هذا الإسم الشريف الذي هو نظير هذه الآية .
    وبالجملة كل الآيات والسنن التنزيهية تدل عليه نصاً وظاهراً ومنطوقاً ومفهوماً ،
    والحق أن مراد محققي الأشاعرة من الرؤية هو الشهود بنوره لنوره والإنكشاف البالغ
    حد العيان ، أيدته الأذواق وصدقه قاطع البرهان ، بدليل قولهم بلا مقابلة وجهة
    ومكان ، وكذا قولهم في تحرير محل النزاع ، فمثل تلك الحالة الإدراكية أعدل شاهد
    على ذلك ، إذ ليس مرادهم ما هو ظاهره حتى يقال حصول مثل تلك الحالة وعدم
    حصول مقابله ولا جهة ، ومع هذا تكون رؤية لا تعقلاً ، بل مرادهم أنه كما أن تلك
    الحالة ممتازة عن التعقل والتخيل والإحساس بالحس المشترك ومشاهدة وشهود
    للبصر ، كذلك سيحصل لنا حالة عيانية ممتازة عنها وعلم حضوري بالنسبة إليه
    تعالى ، هو شهود لا على المشاعر الجامع لجميعها بنحو أعلى ، خذ الغايات ودع
    المبادئ أي المبادي الطبيعية المحدودة ، كما ذكرنا في كونه سميعاً بصيراً أن
    المشاهدة التي يترتب على قوانا يترتب على ذاته النورية بنحو أنور فإنه سميع بصير
    بذاته لا بالسمع والبصر ، فهذا مرادهم ، وإلا فكما لا يليق بالعلماء التكلم في
    مسموعيته أو مشموميته مثلاً إذ ليس من سنخ المسموعات أو المشمومات ، كذلك
    لا يليق بهم التكلم في مبصريته إذ ليس من سنخ المبصرات لأن المبصر بالذات هو
    الضوء واللون عند التحقيق ، وإن كانت الجواهر الفردة عند المتكلم مبصرة بالذات .
    فإذا عرفت هذا ، فاعلم أن أرباب القشور منهم حرفوا الكلم عن مواضعه فلم
    يتفوهوا بما هو مخ القول ، وعموا وصموا عما هو لب الحق ، إذ كان المراد هو
    الشهود ، والمعتزلة أيضاً لا ينكرونه ، وإنما أنكروا الرؤية الظاهرية التي بالجارحة كما
    مر في محل النزاع أنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف التام العلمي بأن يكون
    المراد بالعلمي العلم الحضوري ، ولكن لا على سبيل الإكتناه ، كما قيل إن العارفين
    المتألهين يشاهدونه ولكن لا بالكنه بل على سبيل الفناء الذي هو قرة عين العرفاء
    والعلماء ، بأن يرى كل فعل وصفة ووجود مستهلكة في فعله وصفته ووجوده تعالى .

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:24

    ولا يجوز للمؤمن إنكار ذلك الشهود لأن إنكاره إنكار الكتب السماوية والسنن
    النبوية والآثار الولوية ، بل هو غاية إرسال المرسلين وإرشاد الأئمة الهادين وسير
    السايرين وسلوك السالكين ، ولولاه لم يكن سماء ولا أرض ولا بسيط ولا مركب ، كما
    قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، أي ليعرفون ، وفي الحديث
    القدسي : فخلقت الخلق لأعرف ، فالكتاب المجيد الذي هو تنزيل من حكيم حميد
    مشحون منه قال تعالى من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت . يا أيتها النفس
    المطمئنه ارجعي إلى ربك . شهد الله أنه لا إلۤه إلا هو والملائكة وأولوا العلم .
    والشهادة بالوحدانية فرع الشهادة بالوجود وشهوده ، وهكذا كل آية مشتملة على ما
    دل على الشهود حتى لفظ الإيمان باعتبار بعض درجاته العالية . . . .
    قال سيد الأولياء عليه‌السلام : لم أعبد رباً لم أره . ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله فيه أو قبله
    أو معه .
    وقال ابنه سيد الشهداء عليه‌السلام : عميت عين لا تراك .
    وقال أيضاً : تعرفت بكل شئ فما جهلك شئ . تعرفت إليَّ في كل شئ فرأيتك
    ظاهراً في كل شئ ، فأنت الظاهر لكل شئ .
    وليكف هذا اليسير من الكثير لأن كل أشراك مقالاتهم وحبايل تحريراتهم
    لاصطياد هذا الصيد العديم المثال ، فتمام سهام قصودهم واقعة على هذا الغرض
    الرفيع المنال ، وحيث حملنا الرؤية على الشهود فلا تخصيص له بالآخرة ، فإن أبناء
    اليقين لموتهم الإرادي قبل موتهم الطبيعي وفنائهم عن ذواتهم قامت قيامتهم ورأوا
    ما رأوا ، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى :
    روى الشيخ الصدوق رحمه‌الله عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عن الله
    تعالى هل يراه المؤمنون يوم القيمة قال : نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة ، فقلت متى ؟
    قال : حين قال ألست بربكم قالوا بلى . ثم سكت ساعة ثم قال : وإن المؤمنين يرونه
    في الدنيا قبل يوم القيامة . ألست تراه في وقتك هذا قال أبو بصير فقلت : جعلت



    فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال : لا فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما
    تقول ثم قدر أن هذا تشبيه كفر ، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالى عما
    يصفه المشبهون والملحدون .
    وقال سيد الموقنين ومولى المكاشفين : لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً . . . .
    وقوله عليه‌السلام ما ازددت يقيناً ، لعل المراد منه نفي الزيادة الكمية لا الكيفية ، ومن ثم
    قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العيش عيش الآخرة . ونعم ما قال العارف عبد الرحمن الجامي قدس‌سره
    السامي :
    تا بود باقى بقاياى وجود
    كى شود صاف از كدر جام شهود

    تا بود پيوند جان وتن بجاى
    كى شود مقصود كل برقع گشاى

    تا بود قالب غبار چشم جان
    كى توان ديد رخ جانان عيان

    ثم إن الشهود الحاصل لأهل الله في الدنيا ليس لهم بما هم بأبدانهم فرشيون
    دنيويون ، بل بما هم بقلوبهم عرشيون أخرويون ، فيصدق أن الرؤية والشهود مطلقاً
    مخصوصة بالآخرة .
    ويمكن أيضاً التوفيق بين المذهبين بأن الرؤية وإن كانت بمعنى الشهود لا يمكن
    في الدنيا والآخرة بالنسبة إلى كنه ذاته ، احتجب عن العقول كما احتجب عن
    الأبصار ، ويمكن بالنسبة إلى وجهه : أينما تولوا فثم وجه الله .
    بل هاهنا نظر آخر فيه حصر النظر على وجهه الكريم كما قال المعصوم عليه‌السلام بنقل
    القاضي سعيد القمي : لا أرى إلا وجهك ولا أسمع إلا صوتك ، يا من يخلق ولا
    يخلق ، يا من يهدي ولا يهدى ، يا من يحيي ولا يحيى ، يا من يسأل ولا يسأل . هذا
    الإسم الشريف مأخوذ من الآية الشريفة وهي : لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
    وقد تمسك الأشاعرة بها في كثير من المواضع ، منها أنهم قالوا بنفي اللمية الغائية
    والداعي وجواز الترجيح من غير مرجح ، فإذا سئل عنهم ما المخصص لأحداث
    العالم في وقت مخصوص دون ساير الأوقات مع تشابهها ، وما المرجح للإمساك في


    أوقات غير متناهية ، كما هو مذهبهم من التعطيل والإفاضة في وقت ؟ مع كونه تعالى
    علة تامة غير محتاج إلى شرط أو آلة أو معاون أو حالة منتظرة ، وبالجملة ما به يتم
    فاعليته ؟ قالوا : لا يسئل عما يفعل ، والتزموا القدرة الخرافية .
    ومنها ، أنهم حيث قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعيين دون العقليين قالوا بنفي
    العلاقة اللزومية بين الأعمال الحسنة ودخول الجنة وبين الأعمال القبيحة ودخول
    النار ، بحيث جوزوا أن يدخل الله السعيد في النار خالداً والشقي في الجنة أبداً ، فإذا
    قيل عليهم إن هذا ظلم صريح ، قالوا : لا يسأل عما يفعل . . . . إلخ .
    واحتج المعتزلة أيضاً بحجج عقلية ونقلية كثيرة ، نذكر بعضها ونترك أكثرها ، لأن
    من أنس بالقواعد العقلية وحافظ على تنزيه الله من سمات المحدثات وصفات
    الأجسام قدر على إقامة حجج كثيرة وإبطال ما هو ظاهر الأشاعرة من الرؤية .
    فمنها ، أنه فيما عندنا من المبصرات يجب الرؤية عند تحقق شروط ثمانية ككون
    الحاسة سليمة وكون الشئ جايز الرؤية وكون الشئ مقابلاً أو في حكم المقابل وعدم
    كون المرئي في غاية القرب وغاية البعد وغاية اللطافة وغاية الصغر وأن لا يكون بين
    الرائي والمرئي حجاب ، إذ لو لم تجب الرؤية عند حصول الشرائط جاز أن يكون
    بحضرتنا جبال وأشخاص لا نراها ، والستة الأخيرة لا يمكن اعتبارها في رؤيته تعالى
    لتنزهه عن الجهة والحيز ، بقي سلامة الحاسة وجواز الرؤية ، وسلامة الحاسة حاصلة
    فلو جاز الرؤية وجب أن تراه في الدنيا والجنة دائماً ، والأول منتف بالضرورة والثاني
    بالإجماع والنصوص القاطعة الدالة على اشتغالهم بغير ذلك من اللذات .
    تفسيرهم الموافق لمذهبنا
    روى السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 37 عدداً من الروايات التي توافق مذهبنا
    ومذهب عائشة ، قال :
    ـ وأخرج عبد ابن حميد وأبو الشيخ عن قتادة : لا تدركه الأبصار ، قال هو أجلُّ من
    ذلك وأعظم من أن تدركه الأبصار .


    ـ وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ،
    يقول لا يراه شئ وهو يرى الخلائق .
    ـ تفسير الطبري ج 9 ص 38
    معاوية عن علي ( بن طلحة ) عن ابن عباس قوله تعالى : سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا
    أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ، يقول أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك . انتهى .
    وقد تقدم استدلال عائشة بالآية على عدم إمكان الرؤية ، قال الرازي في المطالب
    العالية ج 1 جزء 1 ص 87 : إن عائشه رضي‌الله‌عنه قالت : من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد
    أعظم الفرية ، ثم قرأت : لا تدركه الأبصار .
    محاولاتهم تأويل الآية وإبطال معناها
    ـ رد النووي على عائشة في شرح مسلم ـ هامش الساري ج 2 ص 93 فقال : فأما إحتجاج
    عائشة بقول الله تعالى لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ . فجوابه ظاهر فإن الإدراك هو الإحاطة والله
    تعالى لا يحاط به ! وإذا ورد النص بنفي الإحاطة فلما يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة .
    انتهى . ولكن المنفي هنا هو إدراك البصر ، وهو أعم من الرؤية الجزئية والإحاطة !
    ـ وقال الجويني في لمع الأدلة ص 101 ـ 105
    مذهب أهل الحق أن الباري تعالى مرئي ، ويجوز أن يراه الراؤون بالأبصار . . . .
    والدليل على جواز الرؤية عقلاً : أن الرب سبحانه وتعالى موجود ، وكل موجود
    مرئي . وبيان ذلك : أنا نرى الجواهر والألوان ، فإن رئي الجوهر لكونه جوهراً لزم ألا
    يرى الجوهر ، وإن رئيا لوجودهما لزم أن يرى كل موجود ، والباري سبحانه وتعالى :
    موجود فصح أن يرى .
    فإن قالوا : إنما يرى ما يرى لحدوثه والرب تعالى أزلي قديم الذات فلا يرى ،
    فالجواب من وجهين : أحدهما أن نقول كلامكم هذا نقض عليكم لجواز رؤية الطعوم
    والروائح والعلوم ونحوها فإنها حوادث ، وعندكم يستحيل أن ترى .

    ثم الجواب الحقيقي أن نقول : الحدوث ينبئ عن موجود مسبوق بعدم والعدم
    السابق لا يصحح الرؤية ، فانحصر التصحيح في الوجود ، فدل على أن كل موجود
    صح أن يرى .
    ويستدل على جواز الرؤية وأنها ستكون في الجنان وعداً من الله صدقاً وقولاً منه
    حقاً بقوله تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ . والنظر إذا عدي بإلى اقتضى
    رؤية البصر . وإن عارضونا بقوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ . قلنا : فمن أصحابنا من قال
    الرب تعالى يرى ولا يدرك فإن الإدراك ينبئ عن الإحاطة ودرك الغاية ، والرب
    مقدس عن الغاية والنهاية . فإن عارضونا بقوله تعالى في جواب موسى عليه‌السلام : لَن
    تَرَانِي ، فزعموا أن لن تقتضي النفي على التأييد . . . . .
    قلنا : هذه الآية من أوضح الأدلة على جواز الرؤية ! فإنها لو كانت مستحيلة لكان
    معتقد جوازها ضالاً أو كافراً ، وكيف يعتقد ما لا يجوز على الله تعالى من اصطفاه الله
    تعالى لرسالته واجتباه لنبوته وخصصه بتكريمه وشرفه بتكليمه وجعله أفضل أهل
    زمانه وأيده ببرهانه ، ويجوز على الأنبياء الريب في أمر يتعلق بعلم الغيب ، أما ما
    يتعلق بوصف الباري عز وعلا فلا يجوز الريب عليهم ، فيجب حمل الآية على أن ما
    اعتقد موسى عليه‌السلام جوازه جائز ، لكن ظن أن ما اعتقد جوازه ناجزاً فيرجع النفي في
    الجواب إلى السؤال . وما سأل موسى عليه‌السلام ربه رؤية في الدنيا لينصرف النفي إليها ،
    والجواب نزل على قضية الخطاب . انتهى . وقد تقدم أن موسى عليه‌السلام لم يطلب رؤية
    ذات الله تعالى ، بل طلب أن يريه شيئاً من آياته كأنه ينظر إليه .
    ـ وروى السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 37
    وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إسماعيل بن علية ، في قوله : لَّا تُدْرِكُهُ
    الْأَبْصَارُ ، قال : هذا في الدنيا !
    وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس قال : إن
    النبى صلى الله عليه وسلم رأى ربه ، فقال له رجل عند ذلك أليس قال الله : لَّا تُدْرِكُهُ



    الْأَبْصَارُ ! فقال له عكرمة : ألست ترى السماء ؟ قال : بلى ، قال فكلها ترى ! ( يقصد
    بما أن الله تعالى كبير فإنا نرى جزءً منه فقط ! )
    وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه
    وابن مردويه واللالكائي في السنة عن ابن عباس قال : رأى محمد ربه ، قال عكرمة
    فقلت له : أليس الله يقول لا تدركه الأبصار ! وهو يدرك الأبصار قال : لا أم لك ، ذاك نوره
    الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شئ ، وفي لفظ : إنما ذلك إذا تجلى بكيفيته لم
    يقم له بصر . انتهى . وهو يقصد أن ذات الله تعالى ترى ولكن نوره لا تدركه الأبصار ! !
    ثم أكد السيوطي رأي عكرمة فنقل في ج 3 ص 37 قول ابن جريح في تفسير الآية
    أن الأبصار لا تدرك الله تعالى كله لكبر حجمه ! قال :
    وأخرج ابن المنذر عن ابن جريح في قوله : لا تدركه الأبصار ، قال : قالت امرأة
    استشفع لي يا رسول الله على ربك . قال : هل تدرين على من تستشفعين ، إنه ملأ كرسيه
    السموات والأرض ثم جلس عليه فما يفضل منه من كل أربع أصابع ، ثم قال : إن له
    أطيطاً كأطيط الرحل الجديد فذلك قوله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، ينقطع به بصره قبل أن يبلغ
    أرجاء السماء . زعموا أن أول من يعلم بقيام الساعة الجن تذهب فإذا أرجاؤها قد
    سقطت لا تجد منفذاً تذهب في المشرق والمغرب واليمن والشام . انتهى .
    وأعجب منه روايتهم التي تفسر الأبصار التي لا تدركه بأنها أبصار العقول ، ومع
    ذلك تدركه أبصار العيون ! ! قال : وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ واللالكائي من
    طريق عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت أبا الحصين يحيى بن الحصين قارئ أهل
    مكة يقول : لا تدركه الأبصار قال أبصار العقول . انتهى .
    وقد تقدم في أول الباب عن ( إمام الأئمة ) ابن خزيمة حملته الشديدة على
    عائشة وتفسيره للآية بأن جميع الأبصار لا تدركه ولكن البصر الواحد يدركه ! قال في
    كتاب التوحيد ص 226
    لأن قوله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، قد يحتمل معنيين على مذهب من يثبت رؤية النبي


    صلى الله عليه وسلم خالقه عز وجل ، قد يحتمل بأن يكون معنى قوله : لَّا تُدْرِكُهُ
    الْأَبْصَارُ ، على ما قال ترجمان القرآن لمولاه عكرمة ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى
    بنوره لا يدركه شيء . والمعنى الثاني أي لا تدركه الأبصار أبصار الناس لأن الأعم
    والأظهر من لغة العرب أن الأبصار إنما تقع على أبصار جماعة ، لا أحسب غريباً
    يجئ من طريق اللغة أن يقال لبصر امرئ واحد أبصار وإنما يقال لبصر امرئ واحد
    بصر ، لا ولا سمعنا غريباً يقال لعين امرئ واحد بصران فكيف أبصار ، ولو قلنا : إن
    الأبصار ترى ربنا في الدنيا لكنا قد قلنا الباطل والبهتان ، فأما من قال إن النبي صلى
    الله عليه وسلم قد رأى ربه دون سائر الخلق فلم يقل إن الأبصار قد رأت ربها في
    الدنيا فكيف يكون ـ يا ذوي الحجا ـ من ينفي أن النبي صلى الله عليه وسلم محمداً
    قد رأى ربه دون سائر الخلق مثبتاً أن الأبصار قد رأت ربها ، فتفهموا يا ذوي الحجا
    هذه النكتة تعلموا أن ابن عباس رضي الله عنهما وأباذر وأنس بن مالك ومن وافقهم
    لم يعظموا الفرية على الله ، لا ولا خالفوا حرفاً من كتاب الله في هذه المسألة ! انتهى .
    وقد علق على ذلك محقق كتابه وهو الشيخ محمد الهراس من علماء الأزهر ، فقال :
    عجباً لإمام الأئمة كيف خانه علمه فتوهم أن المنفي هو إدراك الأبصار له إذا
    اجتمعت فإذا انفرد واحد منها أمكن أن يراه ! فهل إذا قال قائل لا آكل الرمان ، يكون
    معنى هذا أنه لا يأكل الحبات منه ولكن يأكل الحبة ! يرحم الله ابن خزيمة فلقد كبا
    ولكل جواد كبوة .
    ـ وقد كان الطبري من أعقلهم في تفسير الآية حيث اعترف بأنه لا مجال للهروب
    منها ولا بد من الإعتراف بأنها تنفي إمكان الرؤية مطلقاً ، وأن الأخبار المروية في
    رؤيته تعالى تنافيها ، ولكن لا بد لنا من قبول الأخبار وطرح الآية ! قال في تفسيره ج 7
    ص 200 ـ 203 :
    قالوا فإن قال لنا قائل : وما أنكرتم أن يكون معنى قوله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، لا تراه
    الأبصار ؟ قلنا له : أنكرنا ذلك لأن الله جل ثناؤه أخبر في كتابه أن وجوهاً في القيامة



    إليه ناظرة ، وأن رسول الله ( ص ) أخبر أمته أنهم سيرون ربهم يوم القيامة كما يرى
    القمر ليلة البدر . . . .
    وقال آخرون . . لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، إلا أنه جائز أن يكون معنى
    الآية لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة ، وتدركه أبصار المؤمنين وأولياء الله .
    قالوا وجائز أن يكون معناها لا تدركه الأبصار بالنهاية والإحاطة وأما الرؤية فبلى .
    وقال آخرون : الآية على العموم ولن يدرك الله بصر أحد في الدنيا والآخرة ، ولكن الله
    يحدث لأوليائه يوم القيامة حاسة سادسة سوى حواسهم الخمس فيرونه بها . . . .
    والصواب من القول في ذلك : عذرنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله ( ص ) أنه
    قال إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر . انتهى .
    ولم يبين الطبري ولا غيره كيف صار هذا هو الصواب ، وهل كلما عارض صريح
    القرآن خبر أخذنا به وخصصنا به القرآن وقلنا : عذرنا الأخبار المناقضة للقرآن !
    ـ قال القسطلاني في إرشاد الساري ج 10 ص 364
    قوله تعالى في سورة الأنعام : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، وأجاب المثبتون بأن معنى الآية
    لا تحيط به الأبصار أو لا تدركه الأبصار ، وإنما يدركه المبصرون ! أو لا تدركه في
    الدنيا لضعف تركيبها في الدنيا ، فإذا كان في الآخرة خلق الله تعالى فيهم قوة يقدرون
    بها على الرؤية . انتهى .
    ولكنهم بهذه المواصفات الجديدة للعين ونظام الرؤية ، خرجوا عن موضوع
    البحث ، بل هربوا منه ، وفي نفس الوقت ردوا أحاديثهم في الرؤية التي ظاهرها
    رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة بالعين المتعارفة المجردة ، في أحسن صورة ، وكما
    يرى القمر ليلة البدر على حد زعمهم !
    ـ وقال الشوكاني في فتح القدير ج 2 ص 185
    في قوله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ . . . . التقدير لا تدركه كل الأبصار بل بعضها ، وهي
    أبصار المؤمنين ! . . . .


    ـ وقال التلمساني في نفح الطيب ج 7 ص 296
    سئل النصيبي عن الرؤية بمجلس عضد الدولة فأنكرها محتجاً بأن كل شئ يرى
    بالعين فهو في مقابلتها ، فقال له القاضي ابن الطيب : لا يرى بالعين ، قال له الملك :
    فبماذا يرى ؟ قال : بالإدراك الذي يحدثه الله في العين . . وهذا الأجهر عينه قائمة ولا
    يرى بها شيئاً ! انتهى .
    ـ وقال في نفح الطيب ج 8 ص 34
    حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزلة ، وذلك أنه اجتمع معه في
    مجلس الخليفة ، فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم : ما الدليل أيها القاضي
    على جواز رؤية الله تعالى ؟ قال : قوله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ! فنظر بعض المعتزلة
    إلى بعض وقالوا : جنَّ القاضي ، وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على
    مذهبهم ، وهو ساكت ، ثم قال لهم : أتقولون إن من لسان العرب قولك : الحائط لا
    يبصر قالوا : لا . . قال : فلا يصح إذن نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له ؟ قالوا
    نعم ، قال : فكذلك قوله تعالى ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) لولا جواز إدراك الأبصار له لم
    يصح نفيه عنه . انتهى . ولا بدّ أنهم أجابوه إن الذي يصحح النفي هو توهم جواز
    الرؤية لا جوازها وإمكانها !
    وهكذا يحرِّم إخواننا التأويل ، ولكنهم إذا وصلوا إلى آيات نفي الرؤية وأحاديثها
    هجموا عليها بمعاول التأويل والمغالطات بلا رحمة ولا ضابطة ، حتى يجعلوا من
    النفي إثباتاً ، وقد يجعلون من الكفر إيماناً !
     
    تفسير آية : ما كذب الفؤاد ما رأى
    قال الله تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ . مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ . وَمَا يَنطِقُ عَنِ
    الْهَوَىٰ . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ . ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ . وَهُوَ بِالْأُفُقِ



    الْأَعْلَىٰ . ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ . فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ . مَا
    كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ . أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ . وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ . عِندَ سِدْرَةِ
    الْمُنتَهَىٰ . عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ .
    لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ . النجم 1 ـ 18
    قال أهل البيت عليهم‌السلام رأى ربه بفؤاده ورأى آياته بعينيه
    تقدم في الفصول السابقة عدد من الأحاديث عن النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير هذه
    الآية ، ونضيف إليها هنا ما يلي :
    ـ روى الصدوق في كتاب التوحيد ص 108 :
    أبي رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، قال :
    حدثنا ابن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي
    إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكاناً لم يطأه جبرئيل قط ، فكشف لي فأراني الله عز
    وجل من نور عظمته ما أحب .
    ـ وفي ص 116 :
    حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ،
    عن ابن أبي عمير ، عن مرازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : رأى رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل يعني بقلبه ، وتصديق ذلك : ما حدثنا به محمد بن الحسن بن
    أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن
    أبي الخطاب ، عن محمد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام هل رأى رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل ؟ فقال : نعم بقلبه رآه ، أما سمعت الله عز وجل يقول : مَا كَذَبَ
    الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، أي لم يره بالبصر ، لكن رآه بالفؤاد .
    ـ وقد عقد الصدوق في التوحيد باباً بعنوان ( ما جاء في الرؤية ) ص 107 ، نورد
    بعض روايته قال :

    حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن
    أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : مر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : غض بصرك
    فإنك لن تراه .
    وقال : ومر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو ، فقال رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أقصر من يديك فإنك لن تناله .
    حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي
    عبد الله الكوفي ، عن علي بن أبي القاسم ، عن يعقوب بن إسحاق قال : كتبت إلى
    أبي محمد عليه‌السلام أسأله كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه ؟ فوقع عليه‌السلام يا أبا يوسف جل
    سيدي ومولاي والمنعم علي وعلى آبائي أن يرى .
    قال : وسألته هل رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربه ؟ فوقع عليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى أرى
    رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب .
    حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن
    صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، قال : ذاكرت أبا عبد الله عليه‌السلام فيما يروون من
    الرؤية ، فقال : الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي ، والكرسي جزء من
    سبعين جزءاً من نور العرش ، والعرش جزء من سبعين جزءاً من نور الحجاب ،
    والحجاب جزء من سبعين جزءاً من نور الستر ، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم
    من الشمس ليس دونها سحاب .
    ـ وفي علل الشرائع ج 1 ص 131
    حدثنا محمد بن أحمد بن السناني وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق والحسين
    بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم ،
    قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ،
    عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن ثابت بن دينار ،
    قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن الله جل



    جلاله هل يوصف بمكان ؟ فقال : تعالى عن ذلك . قلت : فلم أسرى بنبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله
    إلى السماء ؟ قال : ليريه ملكوت السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه .
    قلت فقول الله عز وجل : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ؟ قال : ذاك رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دنا من حجب النور فرأى ملكوت السموات ، ثم تدلى صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر من تحته
    إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى .
    ـ وروى النيسابوري في روضة الواعظين ص 33
    قال عكرمة : بينما ابن عباس يحدث الناس إذ قام نافع بن الأزرق فقال : يا بن
    عباس ، تفتي في النملة والقملة ، صف لنا إلۤهك الذي تعبده . فأطرق ابن عباس
    إعظاماً لله عز وجل ، وكان الحسين بن علي قاعداً في موضع فقال : إليَّ يا بن الأزرق ،
    فقال : لست إياك أسأل ، فقال ابن عباس : يا بن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة وهم
    ورثة العلم ، فأقبل نافع بن الأزرق نحو الحسين فقال الحسين عليه‌السلام : يا نافع ، إن من
    وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس ، مائلاً على المنهاج ظاعناً في
    الإعوجاج ، ضالاً عن السبيل قائلاً غير الجميل ، يا بن الأزرق أصف إلۤهي بما وصف
    به نفسه وأعرفه بما عرف به نفسه : لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ، فهو قريب
    غير ملتصق ، وبعيد غير منفصل ، يوحد ولا يبعض ، معروف بالآيات ، موصوف
    بالعلامات ، لا إلۤه إلا هو الكبير المتعال .
    ـ وقال الطوسي في تفسير التبيان ج 9 ص 424
    وقوله : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، قال ابن عباس : رأى ربه بقلبه ، وهو معنى قوله
    علمه ، وإنما علم ذلك بالآيات التي رآها .
    وقال ابن مسعود وعائشة وقتادة : رأى محمد جبرائيل على صورته .
    وقال الحسن : يعني ما رأى من مقدورات الله تعالى وملكوته .
    وقال الحسن : عرج بروح محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء وجسده في الأرض .
    وقال أكثر المفسرين وهو الظاهر من مذهب أصحابنا والمشهور في أخبارهم : أن


    الله تعالى صعد بجسمه حياً سليماً حتى رأى ملكوت السموات وما ذكره الله بعيني
    رأسه ، ولم يكن ذلك في المنام بل كان في اليقظة . . . . . ومعنى : ما كذب الفؤاد ، أي
    ما توهم أنه يرى شيئاً وهو لا يراه من جهة تخيله لمعناه ، كالرائي للسراب بتوهمه ماء
    ويرى الماء من بعيد فيتوهمه سراباً . ومن شدد أراد لم يكذب فؤاد محمد ما رأت
    عيناه من الآيات الباهرات فعداه .
    ـ وفي تفسير نور الثقلين ج 5 ص 155
    في تفسير علي بن ابراهيم : حدثني أبي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن
    علي بن موسى الرضا عليه‌السلام قال قال لي : يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب
    هشام بن الحكم في التوحيد ؟ فقلت : جعلت فداك قلنا نحن بالصورة ، للحديث
    الذي روى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى ربه في صورة شاب ، وقال هشام بن الحكم بالنفي
    للجسم ، فقال : يا أحمد إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أسري به إلى السماء وبلغ عند سدرة
    المنتهى ، خرق له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى
    وأردتم أنتم التشبيه ، دع هذا يا أحمد لا ينفتح عليك منه أمر عظيم .
    ـ ورواه في بحار الأنوار ج 3 ص 307 ، وقال : المراد بالحجب إما الحجب المعنوية ،
    وبالرؤية الرؤية القلبية ، أو الحجب الصورية ، فالمراد بنور العظمة آثار عظمته برؤية
    عجائب خلقه .
    ـ وفي بحار الأنوار ج 4 ص 37
    بيان : إعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير تلك الآيات قوله تعالى : مَا كَذَبَ
    الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، يحتمل كون ضمير الفاعل في رأى راجعاً إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلى الفؤاد .
    قال البيضاوي : ما كذب الفؤاد ما رأى ببصره من صورة جبرئيل ، أو الله ، أي ما كذب
    الفؤاد بصره بما حكاه له ، فإن الأمور القدسية تدرك أولاً بالقلب ثم تنتقل منه إلى
    البصر ، أو ما قال فؤاده لما رآه : لم أعرفك ، ولو قال ذلك كان كاذباً ، لأنه عرفه بقلبه
    كما رآه بصره ، أو ما رآه بقلبه ، والمعنى لم يكن تخيلاً كاذباً . ويدل عليه أنه سئل عليه‌السلام
    هل رأيت ربك فقال : رأيته بفؤادي ، وقرىٔ ( ما كذَّب ) أي صدقه ولم يشك فيه . . . .


    قوله تعالى : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ، قال الرازي : يحتمل الكلام وجوهاً ثلاثة : الأول
    الرب تعالى ، والثاني جبرئيل عليه‌السلام ، والثالث الآيات العجيبة الإلۤهية . انتهى . أي ولقد
    رآه نازلاً نزلة أخرى فيحتمل نزوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزول مرئية .
    فإذا عرفت محتملات تلك الآيات عرفت سخافة استدلالهم بها على جواز الرؤية
    ووقوعها بوجوه :
    الأول : أنه يحتمل أن يكون المرئي جبرئيل ، إذا المرئي غير مذكور في اللفظ ،
    وقد أشار أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى هذا الوجه في الخبر السابق .
    وروى مسلم في صحيحه بإسناده عن زرعة عن عبد الله : ما كذب الفؤاد ما رأى ،
    قال : رأى جبرئيل عليه‌السلام له ستمائة جناح . وروى أيضاً بإسناده عن أبي هريرة ، ولقد
    رآه نزلة أخرى قال : رأي جبرئيل عليه‌السلام بصورته التي له في الخلقة الأصلية .
    الثاني : ما ذكره عليه‌السلام في هذا الخبر وهو قريب من الأول لكنه أعم منه .
    الثالث : أن يكون ضمير الرؤية راجعاً إلى الفؤاد ، فعلى تقدير إرجاع الضمير إلى
    الله تعالى أيضاً لا فساد فيه .
    الرابع : أن يكون على تقدير إرجاع الضمير إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله وكون المرئي هو الله تعالى ،
    المراد بالرؤية غاية مرتبة المعرفة ونهاية الإنكشاف .
    وأما استدلاله عليه‌السلام بقوله تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فهو إما لأن الرؤية تستلزم
    الجهة والمكان وكونه جسماً أو جسمانياً ، أو لأن الصورة التي تحصل منه في
    المدركة تشبهه .
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:26

    رأي الشيعة الزيدية في نفي الرؤية
    ـ مختصر في العقيدة للدكتور المرتضى بن زيد المحطوري ص 11
    8 ـ الله سبحانه وتعالى لا يرى بالأبصار . لأنه ليس جسماً ولا عرضاً لا يُرى ،
    والدليل على ذلك ـ عقلاً ونقلاً :

    دليل العقل : إن حاسة الرؤية إذا كانت سليمة ولم يمنع مانع من الرؤية من ظلام أو
    إضاءة زائدة أو بعد أو قرب ملاصق للعين ، فعندما توجد شروط الرؤية المذكورة
    تستطيع العين رؤية الموجودات . والله سبحانه وتعالى موجود ولم نره ، ولا يصح لنا
    أن نراه ، لأن المرئي يجب أن يكون جسماً يرى ، وله لون ، وفي جهة من الجهات ،
    والله سبحانه وتعالى ليس كذلك ، فعظمته سبحانه في خفائه بدليل أن أعظم سر
    نبحث عنه هو الحياة والروح والعقل والتفكير والتمييز والفرح والحزن ونحو ذلك
    مما لا نقدر على وضع اليد عليه مع علمنا بوجوده ، فالكائنات الحية معجزة في
    تكوينها . ولكن الروح التي لا ندركها معجزة أكبر ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ
    أَمْرِ رَبِّي ) فكيف يرى الله والروح بعض أسراره ؟
    وكيف يخفى والشمس بعض آياته ؟ !
    نراه سبحانه بعيون التصديق والإيمان في آياته الباهرة وآثاره الظاهرة ، نراه
    بالبصائر لا بالأبصار .
    ومن زعم أنه يرى في الآخرة فقد استدل بقوله سبحانه ( إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) وهي
    مؤولة بحذف مضاف والتقدير إلى رحمة ربها ناظرة لأنها مقابلة للآية التي بعدها
    ( تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) والمقابلة تقتضي ذلك فوجوه منتظرة لرحمة الله ، ووجوه
    تتوقع غضبه ونقمته .
    ومن جهة ثانية : فقد ورد ناظر بمعنى منتظر كما في قوله سبحانه ( مَا يَنظُرُونَ إِلَّا
    صَيْحَةً ) والصيحة لا تنظر بالعين وإنما تنتظر . وكذلك قوله تعالى ـ حكاية عن بلقيس
    ـ ( فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ) . والدليل إذا طرقه الإحتمال بطل الإستدلال به .
    كما أن أهل البيت عليهم‌السلام مجمعون على عدم تجويز رؤية الله ، وإجماعهم حجة ،
    كما قال ابن تيمية وغيره ، والأحاديث الواردة في هذا الشأن تعرض على القرآن ،
    والقرآن ينفي عن الله الرؤية لأنها تقتضي التشبيه .
    فالحديث الذي يقول ( إنكم ترون ربكم كالقمر ) يؤدي إلى تشبيه الله بخلقه



    كالقمر ، وإن كان الحديث لا يفيد ذلك ، فهو الذي نريد ويكون معناه ترون وعده
    ووعيده وصدق ما أخبركم به كالقمر عياناً ، وإلا توقفنا عن العمل بحديث ظني
    يؤدي إلى التشبيه والتجسيم تعالى الله عن ذلك ، والأخذ بالآية المحكمة أولى من
    الأخذ بالمتشابه .
    تفسيرهم الموافق لمذهبنا
    ـ صحيح مسلم ج 1 ص 109
    ـ عن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل رأيت ربك قال : نور ،
    أنى أراه !
    عن عبد الله بن شقيق قال قلت لأبي ذر : لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
    لسألته ، فقال عن أي شئ كنت تسأله ؟ قال كنت أسأله هل رأيت ربك ؟ قال أبو ذر :
    قد سألته فقال : رأيت نوراً .
    حدثنا عباد وهو ابن العوام حدثنا الشيباني قال سألت زر بن حبيش عن قول الله
    عز وجل : فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ، قال أخبرني ابن مسعود أن النبي صلى الله
    عليه وسلم رأى جبريل له ستمائة جناح .
    عن زر ، عن عبد الله قال : ما كذب الفؤاد ما رأى ، قال : رأى جبريل عليه‌السلام له ستمائة
    جناح .
    زر بن حبيش ، عن عبد الله قال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى ، قال : رأى جبريل
    في صورته له ستمائة جناح .
    عن عطاء ، عن أبي هريرة : ولقد رآه نزلة أخرى ، قال : رأى جبريل .
    عن عبد الملك عن عطاء ، عن ابن عباس قال : رآه بقلبه .
    عن أبي العالية ، عن ابن عباس قال : ما كذب الفؤاد ما رأى ، ولقد رآه نزلة أخرى ،
    قال : رآه بفؤاده مرتين . انتهى .

    ـ وروى الترمذي في ج 5 ص 70 ، عدة روايات في رؤية النبي لربه في الإسراء
    بقلبه ، وروايتين في رؤيته له بعينه ، قال : عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ما كذب
    الفؤاد ما رأى ، قال رآه بقلبه . هذا حديث حسن . . . .
    عن قتادة ، عن عبد الله ابن شقيق ، قال قلت لأبي ذر لو أدركت النبي صلى الله
    عليه وسلم لسألته ، فقال عما كنت تسأله ؟ قلت : أسأله هل رأى محمد ربه ؟ فقال :
    قد سألته فقال : نوراً ، أنى أراه ! هذا حديث حسن .
    ـ عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله : ما كذب الفؤاد ما رأى ، قال : رأى رسول
    الله صلى الله عليه وسلم جبرائيل في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض .
    هذا حديث حسن صحيح .
    عن عكرمة عن ابن عباس قال : رأى محمد ربه ، قلت أليس الله يقول : لَّا تُدْرِكُهُ
    الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ، قال ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره وقد رأى
    محمد ربه مرتين . هذا حديث حسن غريب .
    عن ابن عباس في قول الله : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ ، فأوحى إلى
    عبده ما أوحى . فكان قاب قوسين أو أدنى . قال ابن عباس : قد رآه النبي صلى الله
    عليه وسلم . هذا حديث حسن . انتهى .
    ـ وروى أحمد في مسنده ج 1 ص 223
    عن ابن عباس في قوله عز وجل : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، قال : رأى محمد ربه عز
    وجل بقلبه مرتين .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 123
    وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر
    والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في
    الدلائل عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه قوله ما كذب الفؤاد ما رأى ، قال : رأى صلى الله عليه
    وسلم جبريل عليه حلتا رفرف أخضر قد ملأ ما بين السماء والأرض .


    وأخرج مسلم وأحمد والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات
    عن ابن عباس في قوله : ما كذب الفؤاد ما رأى ولقد رآه نزلة أخرى ، قال : رأى محمد
    ربه بقلبه مرتين .
    وأخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن
    ابن عباس في قوله : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، قال : رآه بقلبه .
    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي
    عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قالوا يا رسول الله هل رأيت ربك ؟
    قال لم أره بعيني ، ورأيته بفؤادي مرتين .
    وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال سئل رسول الله صلى الله
    عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ قال : رأيت نهراً ورأيت وراء النهر حجاباً ، ورأيت وراء
    الحجاب نوراً لم أره غير ذلك .
    وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ،
    قال : محمد ، رآه بفؤاد ولم يره بعينيه .
    وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ،
    قال : رآه مرتين بفؤاده .
    وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : ما أزعم أنه رآه ، وما أزعم أنه لم يره .
    وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله
    عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ فقال نور ، أنى أراه ؟ ! وأخرج مسلم وابن مردويه عن
    أبي ذر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ فقال رأيت نوراً !
    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال :
    رآه بقلبه ولم يره بعينيه .
    وأخرج النسائي عن أبي ذر قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بقلبه
    ولم يره ببصره .

    وأخرج مسلم والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة في قوله : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ،
    قال : رأى جبريل عليه‌السلام .
    وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : رأى جبريل في صورته .
    وأخرج عبد بن حميد عن مرة الهمداني قال : لم يأته جبريل في صورته إلا
    مرتين ، فرآه في خضر يتعلق به الدر .
    وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ولقد رآه نزلة أخرى ، قال : رأى نوراً
    عظيماً عند سدرة المنتهى .
    وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن مسعود ولقد رآه نزلة أخرى ، قال : رأى
    جبريل معلقاً رجله بسدرة عليه الدر كأنه قطر المطر على البقل .
    وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، قال :
    رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته عند السدرة له ستمائة جناح ،
    جناح منها سد الأفق يتناثر من أجنحته التهاويل الدر والياقوت ما لا يعلمه إلا الله .
    وأخرج آدم بن أبي إياس والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد ، إذ يغشى
    السدرة ما يغشى ، قال : كان أغصان السدرة من لؤلؤ وياقوت ، وقد رآها محمد بقلبه
    ورأى ربه .
    وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عائشة رضي الله عنها
    قالت : كان أول شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه جبريل بأجياد
    ثم خرج لبعض حاجته فصرخ به جبريل يا محمد يا محمد ، فنظر يميناً وشمالاً فلم
    ير شيئاً ثلاثاً ، ثم رفع بصره فإذا هو ثان إحدى رجليه على الأخرى على أفق السماء ،
    فقال يا محمد جبريل جبريل يسكنه ، فهرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل
    في الناس ، فنظر فلم ير شيئاً ، ثم خرج من الناس فنظر فرآه ، فذلك قول الله : وَالنَّجْمِ
    إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ إلى قوله : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ ، يعني جبريل إلى
    محمد ، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ، يقول القاب نصف الإصبع ، فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا
    أَوْحَىٰ ، جبريل إلى عبد ربه .


    وروى حديث ( في حلة من رفرف ) أحمد في ج 1 ص 394 وص 418 والحاكم ج 2
    ص 468 ، وكلها عن عبد الله بن عمر ، وقال الحاكم ( صحيح على شرط الشيخين ولم
    يخرجاه )
    ـ الجواهر الحسان للثعالبي ج 3 ص 252
    أنكر جمهور العلماء الأشاعرة من أهل السنة حديث مشرك بن أبي خمر الذي
    يثبت فيه الدنو والتدلي لرب العزة ، سبحانه وتعالى عما يصفون . . . . ذهب البيهقي
    إلى ترجيح ما روي عن عائشة وابن مسعود وأبي هريرة ومن حملهم هذه الآيات ( ثُمَّ
    دَنَا فَتَدَلَّىٰ . . ) عن رؤية جبرئيل ، ورواية شريك تنقضها رواية أبي ذر الصحيحة ، قال
    يا رسول الله هل رأيت ربك ؟ قال : نور ، أنى أراه !
    ـ مصابيح السنة للبغوي ج 4 ص 30
    عن زرارة بن أوفى : أن رسول الله ( ص ) قال لجبرئيل : هل رأيت ربك ؟ فانتفض
    جبرئيل وقال : يا محمد إن بيني وبينه سبعين حجاباً من نور ، لو دنوت من
    بعضها لاحترقت .
    ونفى قدماء المتصوفة الرؤية بالعين في الدنيا
    ـ التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي المتوفى سنة 380 قال في ص 43 :
    وأجمعوا أنه لا يرى في الدنيا بالأبصار ولا بالقلوب إلا من جهة الإيقان ، لأنه غاية
    الكرامة وأفضل النعم ، ولا يجوز أن يكون ذلك إلا في أفضل المكان ، ولو أعطوا في
    الدنيا أفضل النعم لم يكن بين الدنيا الفانية والجنة الباقية فرق ، ولما منع الله سبحانه
    كليمه موسى عليه‌السلام ذلك في الدنيا ، وكان من هو دونه أحرى . وأخرى أن الدنيا دار فناء ،
    ولا يجوز أن يرى الباقي في الدار الفانية ، ولو رأوه في الدنيا لكان الإيمان به ضرورة .
    والجملة أن الله تعالى أخبر أنها تكون في الآخرة ، ولم يخبر أنها تكون في الدنيا
    فوجب الإنتهاء إلى ما أخبر الله تعالى به .

    واختلفوا في النبي صلى الله عليه وسلم : هل رأى ربه ليلة المسرى ، فقال
    الجمهور منهم والكبار إنه لم يره محمد صلى الله عليه وسلم ببصره ، ولا أحد من
    الخلائق في الدنيا ، على ما روي عن عائشة أنها قالت : من زعم أن محمداً رأى ربه
    فقد كذب . . . . .
    وقال بعضهم : رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المسرى ، وإنه خص من بين
    الخلائق بالرؤية كما خص موسى عليه‌السلام بالكلام ، واحتجوا بخبر ابن عباس وأسماء
    وأنس ، منهم أبو عبد الله القرشي والشبلي وبعض المتأخرين .
    وقال بعضهم : رآه بقلبه ولم يره ببصره ، واستدل بقوله : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ .
    ولا نعلم أحداً من مشايخ هذه العصبة المعروفين منهم والمتحققين به ، ولم نر
    في كتبهم ولا مصنفاتهم ولا رسائلهم ، ولا في الحكايات الصحيحة عنهم ، ولا سمعنا
    ممن أدركنا منهم من زعم أن الله تعالى يرى في الدنيا أو رآه أحد من الخلق ، إلا طائفة
    لم يعرفوا بأعيانهم .
    بل زعم بعض الناس أن قوماً من الصوفية ادعوها لأنفسهم ، وقد أطبق المشايخ
    كلهم على تضليل من قال ذلك وتكذيب من ادعاه ، وصنفوا في ذلك كتباً ، منهم أبو
    سعيد الخراز ، وللجنيد في تكذيب من ادعاه وتضليله رسائل وكلام كثير . وزعموا أن
    من ادعى ذلك فلم يعرف الله عز وجل ، وهذه كتبهم تشهد على ذلك .
    تفسيرهم الذي فيه تجسيم
    يلاحظ أن روايات إخواننا التي ادعت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى ربه تعالى بعينه ، ورد
    قليل منها في حادثة الإسراء والمعراج ، وأكثرها ورد في حادثة غير مفهومة ادعى
    راويها أنها وقعت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في المدينة ، وبعض رواياتها نصت على أنها منام ، أو
    شك راويها في أن تكون في المنام . . الخ .



    ـ شرح مسلم للنووي ـ الساري ج 2 ص 94
    قوله عن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه في قوله تعالى : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، قال رأى
    جبريل له ستمائة جناح ، وهو مذهبه في هذه الآية . . وذهب الجمهور من المفسرين
    إلى أن المراد أنه رأى ربه سبحانه وتعالى . انتهى .
    ويلاحظ أنه نسب القول بالرؤية بالعين إلى جمهور المفسرين ، وهم نوعاً مفسروا
    العهد الأموي من تلامذة كعب الأحبار وجماعته أو من الرواة عنهم ! ولكنه عاد
    ونسبها إلى أكثر العلماء ، فقال في هامش الساري ج 2 ص 92 :
    الراجح عند أكثر العلماء أن رسول الله ( ص ) رأى ربه يعني بعيني رأسه ليلة
    الإسراء . انتهى . وهذا إن صحّ فهو يعني أن أكثرية علماء إخواننا قلدوا المفسرين من
    تلاميذ كعب وأعرضوا عن الأحاديث الصحيحة المعارضة لها .
    ـ روى أحمد في مسنده ج 4 ص 66 وج 5 ص 378 وفي ج 1 ص 368 :
    عن أبي قلابة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني ربي عز
    وجل الليلة في أحسن صورة أحسبه يعني في النوم فقال يا محمد هل تدري فيم
    يختصم الملأ الأعلى ؟ قال قلت لا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده بين
    كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو قال نحري ، فعلمت ما في السموات وما في
    الأرض ، ثم قال يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال قلت نعم
    يختصمون في الكفارات والدرجات ، قال وما الكفارات والدرجات ؟ قال المكث
    في المساجد والمشي على الأقدام إلى الجمعات وابلاغ الوضوء في المكاره ، ومن
    فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه ! وقال : يا محمد
    أصليت اللهم إني أسألك الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت
    بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون ، قال والدرجات : قل إذا بذل الطعام وإفشاء
    السلام والصلاة بالليل والناس نيام .

    ـ ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 176 ـ 178 بعدة روايات ، وقال عن رواية ابن
    عايش : رواه أحمد ورجاله ثقات . وقال : عن ربيع بن أنس أن النبي ( ص ) قال رأيت
    ربي . . . . قال أحمد بن حنبل : أنا أقول بحديث ابن عباس بعينه ، رآه رآه حتى انقطع
    نفس أحمد .
    ـ وروى الترمذي في سننه ج 5 ص 44 وقال :
    وقد ذكروا بين أبي قلابة وبين ابن عباس في هذا الحديث رجلاً وقد رواه قتادة
    عن أبي قلابة ، عن خالد بن اللجلاج ، عن ابن عباس .
    ورواه في 2 ص 45 وص 46 بروايتين أيضاً وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا
    الوجه ، قال : وفي الباب عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عائش ، عن النبي صلى
    الله عليه وسلم .
    ـ وقال النويري في نهاية الإرب ج 8 جزء 16 ص 295 :
    عن ربيع بن أنس أن النبي ( ص ) قال رأيت ربي . . . . ثم ذكر قول أحمد : أنا أقول
    بحديث بن عباس بعينه رآه رآه ، حتى انقطع نفس أحمد .
    ـ وقال السهيلي في الروض الأنف ج 2 ص 156 وقال : سئل ابن حنبل عن الرؤية قال :
    رآه رآه رآه حتى انقطع صوته .
    ورواه أيضاً عن أبي هريرة وابن عباس . . . . وروى : رأى ربه في أحسن صورة
    ووضع يديه بين كتفيه حتى وجد بردها بين ثدييه .
    ـ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ج 1 ص 257
    وأما الروايات عن ابن مسعود فإنما فيها تفسير ما في النجم ، وليس في قوله ما
    يدل على نفي الرؤية لله .
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 16 ص 429
    عن نعيم عن . . . . أم الطفيل أنها سمعت النبي ( ص ) يقول رأيت ربي في أحسن
    صورة ، شاباً ، موقراً ، رجلاه في مخصر ، عليه نعلان من ذهب .



    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 24
    وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن
    عبد الرحمن بن عائش الحضرمي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال
    سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : رأيت ربي في أحسن صورة . . . .
    ـ وقال الذهبي في ميزان الإعتدال ج 1 ص 593
    إبراهيم زبن أبي سويد ، وأسود بن عامر ، حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ،
    عن ابن عباس مرفوعاً : رأيت ربي جعداً أمرد ، عليه حلة خضراء .
    وقال ابن عدي : حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا النضر بن سلمة
    شاذان ، حدثنا الأسود بن عامر ، عن حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن
    محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد ، دونه ستر من لؤلؤ ، قدميه أو رجليه في خضرة .
    وحدثنا ابن أبي سفيان الموصلي وابن شهريار قالا : حدثنا محمد بن رزق الله بن
    موسى ، حدثنا الأسود بنحوه . وقال عفان : حدثنا عبد الصمد بن كيسان ، حدثنا حماد ،
    عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رأيت ربي .
    وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير ، حدثنا أبي ، حدثنا
    حماد بنحوه ، فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة ، وهذه الرؤية رؤية منام إن
    صحت . قال المرودي قلت لأحمد : يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة ! فغضب وأخرج
    كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث . ورواه الحكم بن أبان ، عن زيرك ، عن
    عكرمة . وهو غريب جداً . انتهى . وروى نحوه الدارمي في سننه ج 2 ص 126 والبغوي في
    مصابيحه ج 1 ص 290 والسهيلي في الروض الأنف ج 1 ص 268 وابن الأثير في أسد الغابة
    ج 3 ص 465 وج 7 ص 356 ورواه الهندي في كنز العمال ج 15 ص 897 ـ 598 وفي ج 16
    ص 245 ـ 247 بروايات متعددة وقال في مصادره ( عب ، حم وعبد بن حميد ، ت
    عن ابن عباس ) ( ت ، ك عن معاذ ) ( كر ) ( ابن مندة ، والبغوي ، ق ، كر ) . والنويري
    في نهاية الإرب ج 8 جزء 16 ص 295 والمنذري في الترغيب والترهيب ج 1 ص 262


    ـ وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 6 ص 204
    عبد الرحمن بن عائش الحضرمي ، روي عنه حديث : رأيت ربي في أحسن صورة .
    ـ الأحاديث القدسية من الصحاح ج 1 ص 158
    ـ حديث : أتاني ربي في أحسن صورة ، أخرجه الترمذي عن ابن عباس : إن الله وضع
    يده على كتف رسول الله ( ص ) حتى وجد رسول الله بردها بين ثدييه أو قال في خدي .
    وروى نحوه أيضاً في ج 2 ص 44 والقسطلاني في إرشاد الساري ج 7 ص 320 وص 359
    ـ وقال أبو الشيخ في طبقات المحدثين ج 2 ص 432
    عن عبد الله بن عباس أن رسول الله ( ص ) خرج يوماً على أصحابه مستبشراً . .
    فقال لهم : إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة . . . . فوضع يده على كتفي فوجدت
    بردها بين ثديي . . الخ .
    ـ وقال في ج 1 ص 129
    عن عبد الرحمن بن المبارك بن فضالة عن أبيه : كان الحسن يحلف بالله أن محمداً
    ( ص ) قد رأى ربه تبارك وتعالى .
    ـ وقال الطبري في تفسيره ج 7 ص 162
    خالد الحلاج ، قال سمعت عبد الرحمن بن عياش ، يقول صلى بنا رسول الله
    ( ص ) ذات غداة فقال له قائل : ما رأيت أسعد منك الغداة ، قال : وما لي وقد أتاني
    ربي في أحسن صورة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ قلت أنت أعلم ،
    فوضع يده على كتفي فعلمت ما في السموات والأرض . . . . الخ .
    ـ وقال الدميري في حياة الحيوان ج 2 ص 359
    من حديث معاذ بن جبل رضي‌الله‌عنه قال : احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس ، فخرج سريعاً فَثَوَّبَ
    بالصلاة فصلى وتجوز في صلاته . . . . ثم انفتل إلينا فقال : أما إني سأحدثكم ما



    حبسني عنكم الغداة : إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قدر لي فنعست في
    صلاتي حتى استثقلت ، فإذا أنا بربي تعالى في أحسن صورة ! فقال يا محمد . . . .
    فيم يختصم الملأ الأعلى . . . . الخ .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 5 ص 319
    أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد ابن حميد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر . . .
    الخ .
    وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابن مردويه عن
    معاذ بن جبل رضي‌الله‌عنه . . . . الخ .
    وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه عن جابر بن سمرة رضي‌الله‌عنه . . . . عن أبي
    هريرة رضي‌الله‌عنه . . .
    وأخرج الطبراني في السنة والشيرازي في الألقاب . . . .
    وابن مردويه عن أنس رضي‌الله‌عنه . . . .
    وأخرج ابن نصر والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة . . . .
    وأخرج الطبراني في السنة والخطيب عن أبي عبيدة بن الجراح رضي‌الله‌عنه . . . .
    وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والطبراني في السنة عن عبد الرحمن بن
    عابس الحضرمي رضي‌الله‌عنه . . . .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 124
    وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال قال صلى الله عليه وسلم رأيت ربي في
    أحسن صورة فقال لي : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت لا يا
    رب ، فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماء والأرض ،
    فقلت يا رب في الدرجات والكفارات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة
    بعد الصلاة ، فقلت يا رب إنك اتخذت ابراهيم خليلاً وكلمت موسى تكليماً وفعلت
    وفعلت فقال : ألم أشرح لك صدرك ألم أضع عنك وزرك ألم أفعل بك ألم أفعل ،


    فأفضى إليَّ بأشياء لم يؤذن لي أن أحدثكموها فذلك قوله : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ . فجعل نور بصري
    في فؤادي فنظرت إليه بفؤادي . انتهى .
    ـ قال الذهبي في سيره ج 2 ص 166
    ولم يأتنا نص جلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله تعالى بعينيه . وهذه
    المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها ، فأما رؤية المنام فجاءت من
    وجوه متعددة مستفيضة ، وأما رؤية الله عياناً في الآخرة فأمر متيقن تواترت به
    النصوص . جمع أحاديثها الدارقطني والبيهقي وغيرهما .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 123
    وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن
    الشعبي قال : لقي ابن عباس كعباً بعرفة ، فسأله عن شئ فكبر حتى جاوبته الجبال فقال
    ابن عباس إنا بنو هاشم نزعم أو نقول إن محمداً قد رأى ربه مرتين ، فقال كعب : إن الله
    قسم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد عليهما‌السلام فرأى محمد ربه مرتين وكلم موسى مرتين .
    قال مسروق فدخلت على عائشة فقلت هل رأى محمد ربه ؟ فقالت لقد تكلمت
    بشئ قَفَّ له شعري ، قلت رويداً ، ثم قرأت لقد رأى من آيات ربه الكبرى ، قالت أين
    يذهب بك ! إنما هو جبريل . من أخبرك أن محمداً رأى ربه أو كتم شيئاً مما أمر به أو
    يعلم الخمس التي قال الله إن الله عنده علم الساعة الآية ، فقد أعظم الفرية ، ولكنه
    رأى جبريل لم يره في صورته إلا مرتين ، مرة عند سدرة المنتهى ، ومرة عند جياد له
    ستمائة جناح قد سد الأفق .
    ـ وروى الطبري في تفسيره ج 9 ص 34 ما يوهم قرب النبي المادي من الله تعالى في
    الإسراء ، قال : عن عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ، قال :
    من لقي أصحاب النبي أنه قرب للرب حتى سمع صريف القلم من الشوق إليه . انتهى .



    ـ وروى النويري في نهاية الإرب ج 8 جزء 16 ص 298
    قال جعفر بن محمد . . . . والدنو من الله لا حد له ، ومن العباد بالحدود . انتهى .
    ويقصد بجعفر الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام .
    والملاحظات على هذه الروايات كثيرة : منها تعارض نصوصها ، واضطرابها ، وأن
    سؤال الله تعالى لنبيه عن اختصام الملأ الأعلى غير مفهوم ، بل غير منطقي ! وكذا
    تأخر النبي عن صلاة الصبح ، وطريقة تحديثه المسلمين بالقصة ، ثم شباهة متونها
    بأحاديث اليهود مثل قوله ( فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما
    في السماء والأرض ) . هذا مضافاً إلى أن بعضها خلط بين القصة المزعومة وبين
    روايات المعراج وآياته ، والمعراج كان في مكة ، وهذه القصة المزعومة في المدينة .
    كل ذلك ، وغيره ، يوجب الشك في هذه الرواية والتريث في الحكم بصحتها ،
    خاصة أن بعضها اشتمل على التناقض كرواية الطبري التي يذكر في أولها أنه رآه في
    أحسن صورة ، وفي آخرها أنه رآه بفؤاده !
    وبعضها روي عن صاحبها ما يناقضها كرواية ابن عباس ، وقد شهد ابن قيم أن
    روايتي الرؤية بالعين وضدها كلتاهما صحتا عن ابن عباس ، فلا بد أن تكون إحداهما
    مكذوبة ! قال في زاد المعاد ج 3 ص 29 ـ 30 : واختلف الصحابة رضي الله عنهم ، هل
    رأى ربه تلك الليلة أم لا ؟ فصح عن ابن عباس أنه رأى ربه وصح عنه أنه قال : رآه
    بفؤاده . انتهى .
    وقد علق على ذلك ناشر الكتاب الشيخ عبد القادر عرفان فقال في هامشه : لم
    أقف على هذه الرواية في الصحيح ، بل الذي صح عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه ما جاء عند
    مسلم في الإيمان 176 ـ 285 في قوله تعالى : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ، وقوله تعالى :
    وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ، قال رآه بفؤاده مرتين . وأخرجه الترمذي في التفسير 3280 .
    ثم قال ابن قيم : وصح عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك وقالا إن قوله : ولقد رآه


    نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، إنما هو جبريل . وصح عن أبي ذر أنه سأله هل رأيت
    ربك فقال صلى الله عليه وسلم : نور ، أنى أراه ! أي : حال بيني وبين رؤيته النور ، كما
    قال في لفظ آخر : رأيت نوراً . وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة
    على أنه لم يره .
    ثم قال ابن قيم : قال شيخ الإسلام ابن تيمية . . . وقد صح عنه أنه قال : رأيت ربي
    تبارك وتعالى ولكن لم يكن هذا في الإسراء ، ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم
    في صلاة الصبح ، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه ، وعلى
    هذا بنى الإمام أحمد رحمه‌الله وقال : نعم رآه حقاً ، فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بد ، ولكن لم
    يقل أحمد رحمه‌الله : إنه رآه بعيني رأسه يقظة ، ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه ، ولكن
    قال مرة رآه ، ومرة قال رآه بفؤاده ، فحكيت عنه روايتان ، وحكيت عنه الثالثة من
    تصرف بعض أصحابه : أنه رآه بعيني رأسه ، وهذه نصوص أحمد موجودة ، ليس
    فيها ذلك . انتهى .
    راجع ما تقدم في أول الباب من أن جمهور الصحابة كانوا يوافقون عائشة على
    نفي الرؤية بالعين .
    وجهل بعضهم فنسب الدنو والتدلي إلى الله تعالى !
    ـ تاريخ الإسلام للذهبي ج 1 ص 267
    وقال سليمان بن بلال . . وذكر حديث الإسراء وفيه ثم عرج به محمد ( ص ) إلى
    السماء السابعة ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء إلى سدرة المنتهى ،
    ودنا الجبار رب العزة فتدلى . . . .
    ـ تفسير الطبري ج 12 ص 14
    عبد الله بن عمر ، قال سمعت نبي الله ( ص ) يقول يدنو المؤمن من ربه حتى
    يضع عليه كتفه !



    ـ الدر المنثور ج 6 ص 123
    وأخرج ابن جرير عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
    عرج بي مضى جبريل حتى جاء الجنة فدخلت فأعطيت الكوثر ، ثم مضى حتى جاء
    لسدرة المنتهى فدنا ربك فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى !
    وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم دنا قال
    دنا ربه فتدلى .
    وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الدلائل عن سريج بن عبيد قال لما صعد النبي
    صلى الله عليه وسلم إلى السماء فأوحى الله إلى عبده ما أوحى ، قال فلما أحس
    جبريل بدنو الرب خر ساجداً ، فلم يزل يسبحه تسبيحات ذي الجبروت والملكوت
    والكبرياء والعظمة حتى قضى الله إلى عبده ما قضى ، ثم رفع رأسه فرأيته في خلقه
    الذي خلق عليه منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت فخيل إليَّ أن ما بين
    عينيه قد سد الأفقين وكنت لا أراه قبل ذلك إلا على صور مختلفة ، وأكثر ما كنت أراه
    على صورة دحية الكلبي ، وكنت أحياناً لا أراه قبل ذلك إلا كما يرى الرجل صاحبه
    من وراء الغربالي .
    ـ وقال السهيلي في الروض الأنف ج 2 ص 156
    وروي : لما أحس جبريل دنو الرب خر ساجداً . انتهى .
    وقد تقدم ذكر روايات أخرى تنسب التدلي إلى الله تعالى ، وتقدم عن أهل البيت عليهم‌السلام
    أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ( دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات ، ثم تدلى فنظر من تحته
    الى ملكوت الأرض ، حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى ) .
    ووصفوا عرشه بأنه تحمله حيوانات كما وصفه اليهود
    ـ الدر المنثور ج 6 ص 123
    وأخرج ابن إسحاق والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه عن عبد الله بن أبي


    سلمة أن عبد الله بن عمر بن الخطاب بعث إلى عبد الله بن عباس يسأله هل رأى
    محمد ربه ؟ فأرسل إليه عبد الله بن عباس : أن نعم ، فرد عليه عبد الله بن عمر رسوله
    أن كيف رآه ؟ فأرسل أنه رآه في روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من
    ذهب يحمله أربعة من الملائكة ، ملك في صورة رجل وملك في صورة ثور وملك
    في صورة نسر وملك في صورة أسد ! انتهى .
    وسيأتي ذكر بقية الحيوانات التي ادعوا أنها تحمل عرش الله تعالى في بازار
    الأحاديث ، ويأتي بعضها في تفسير : الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ .
    وقالوا رأى ربه واقفاً على أرض خضرة خلف ستر شفاف
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 124
    وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات وضعفه من طريق عكرمة عن ابن عباس
    أنه سئل هل رأى محمد ربه ؟ قال نعم رآه كأن قدميه على خضرة دونه ستر من لؤلؤ ،
    فقلت يا أبا عباس أليس يقول الله لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ! قال لا أم لك ذاك نوره الذي هو
    نوره ، إذا تجلى بنوره لا يدركه شئ ! انتهى .
    ومضافاً إلى تضعيف البيهقي لهذه الرواية ، فإنها تحاول تفسير قوله تعالى : لَّا
    تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، أي لا تدرك نوره ، أما ذاته تعالى فتدركها الأبصار . وهو مخالف
    لظهور الآية ، ولم يفسرها به أحد .
    وحاول بعضهم أن يخفف القصة ويجعلها رؤيا في المنام
    ـ تقدم في رواية الترمذي نقل قول الراوي وهو ابن عباس بزعمهم ( أحسبه قال
    في المنام )
    ـ وروى عبد الرزاق في تفسيره ج 2 ص 137
    عن ابن عباس : أن النبي ( ص ) قال : أتاني ربي الليلة في أحسن صورة أحسبه
    قال : يعني في المنام ، فقال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال



    النبي ( ص ) قلت : لا ، قال النبي ( ص ) : فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين
    ثديي . . فعلمت ما في السموات والأرض . . . . ! !
    ـ وروى ابن حبان في المجروحين ج 3 ـ 135
    عن أنس أن الرسول ( ص ) قال : أتاه ربه في المنام في أحسن صورة ، حتى وضع
    يده بين كتفه فوجد بردها بين ثديية .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 5 ص 319
    وأخرج ابن نصر والطبراني في السنة عن ثوبان رضي‌الله‌عنه . . . . وفي بعض روايات
    السيوطي أنه رآه بقلبه ، وفي بعضها ( فعلمت في منامي ذلك ما سألني عنه من أمر
    الدنيا والآخرة ، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى ) .
    تفسير آية : وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة
    كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ . وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ . وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ .
    وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ . تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ . القيامة 20 ـ 25
    تفسير أهل البيت عليهم‌السلام وفقهاء مذهبهم
    ـ تفسير القمي ج 2 ص 397
    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ : أي مشرقة . إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ : قال ينظرون إلى وجه الله أي إلى
    رحمة الله ونعمته . وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ : أي ذليلة . انتهى . ورواه في الإحتجاج ج 2
    ص191 وفي تفسير نور الثقلين ج 5 ص 464 وقال : وفي مجمع البيان ، وقال : وروي
    ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك ، وهو المروي عن علي عليه‌السلام .
    ـ أمالي المرتضى ج 1 ص 28
    مسألة : إعلم أن أصحابنا قد اعتمدوا في إبطال ما ظنه أصحاب الرؤية في قوله
    تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، على وجوه معروفة ، لأنهم بينوا أن النظر


    ليس يفيد الرؤية ولا الرؤية من أحد محتملاته ، ودلوا على أن النظر ينقسم إلى أقسام
    كثيرة ، منها تقليب الحدقة الصحيحة في جهة المرئي طلباً لرؤيته ، ومنها النظر الذي
    هو الإنتظار ، ومنها النظر الذي هو التعطف والمرحمة ، ومنها النظر الذي هو الفكر
    والتأمل ، وقالوا إذا لم يكن قي أقسام النظر الرؤية لم يكن للقوم بظاهرها تعلق
    واحتجنا جميعاً إلى طلب تأويل الآية من غير جهة الرؤية .
    وتأولها بعضهم على الإنتظار للثواب وإن كان المنتظر في الحقيقة محذوفاً
    والمنتظر منه مذكوراً ، على عادة للعرب معروفة .
    وسلم بعضهم أن النظر يكون الرؤية بالبصر وحمل الآية على رؤية أهل الجنة
    لنعم الله تعالى عليهم ، على سبيل حذف المرئي في الحقيقة وهذا كلام مشروح في
    مواضعه ، وقد بينا ما يرد عليه وما يجاب به عن الشبهة المعترضة في مواضع كثيرة .
    وهاهنا وجه غريب في الآية حكي عن بعض المتأخرين لا يفتقر معتمده إلى العدول
    عن الظاهر أو إلى تقدير محذوف ولا يحتاج إلى منازعتهم في أن النظر يحتمل الرؤية
    أو لا يحتملها ، بل يصح الإعتماد عليه سواء كان النظر المذكور في الآية هو الإنتظار
    بالقلب أم الرؤية بالعين ، وهو أن يحمل قوله تعالى إِلَىٰ رَبِّهَا إلى أنه أراد نعمة ربها لأن
    الآلاء النعم وفي واحدها أربع لغات : ألا مثل قفا ، وألى مثل رمى ، وألي مثل معي ،
    وألَّى مثل حتَّى ، قال أعشى بكر بن وائل :
    أبيض لا يرهب الهزال ولا
    يقطع رحماً ولا يخون إلى

    أراد أنه لا يخون نعمة ، وأراد تعالى إلى ربها فأسقط التنوين للإضافة .
    فإن قيل : فأي فرق بين هذا الوجه وبين تأويل من حمل الآية على أنه أراد به إلى
    ثواب ربها ناظرة بمعنى رائية لنعمه وثوابه .
    قلنا : ذلك الوجه يفتقر إلى محذوف لأنه إذا جعل إلى حرفاً ولم يعلقها بالرب تعالى
    فلا بد من تقدير محذوف ، وفي الجواب الذي ذكرناه لا يفتقر إلى تقدير محذوف ، لأن
    إلى فيه اسم يتعلق به الرؤية ولا يحتاج إلى تقدير غيره ، والله أعلم بالصواب .



    ـ بحار الأنوار ج 4 ص 28
    لي : علي بن أحمد بن موسى ، عن الصوفي ، عن الروياني ، عن عبد العظيم
    الحسني ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال قال علي بن موسى الرضا عليه‌السلام في قول الله
    عز وجل : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ : يعني مشرفة تنتظر ثواب ربها .
    بيان : إعلم أن للفرقة المحقة في الجواب عن الإستدلال بتلك الآية على جواز
    الرؤية وجوها :
    الأول : ما ذكره عليه‌السلام في هذا الخبر من أن المراد بالناظرة المنتظرة كقوله تعالى :
    فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ . روي ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير
    والضحاك ، وهو المروي عن علي عليه‌السلام ، واعترض عليه بأن النظر بمعنى الإنتظار لا
    يتعدى بإلى ، وأجيب بأن تعديته بهذا المعنى بإلى كثيرة ، كما قال الشاعر :
    إني إليك لما وعدت لناظر
    نظر الفقير إلى الغني الموسر

    وقال آخر :
    ويوم بذي قار رأيت وجوههم
    إلى الموت من وقع السيوف نواظر

    والشواهد عليه كثيرة مذكورة في مظانه ، ويحكى عن الخليل أنه قال : يقال :
    نظرت إلى فلان بمعني انتظرته ، وعن ابن عباس أنه قال : العرب تقول إنما أنظر إلى
    الله ثم إلى فلان ، وهذا يعم الأعمى والبصير ، فيقولون : عيني شاخصة إلى فلان
    وطامحة إليك ، ونظري إلى الله وإليك . . . .
    الثاني : أن يكون فيه حذف مضاف أي إلى ثواب ربها ، أي هي ناظرة إلى نعيم
    الجنة حالاً بعد حال ، فيزداد بذلك سرورها ، وذكر الوجوه والمراد به أصحاب
    الوجوه ، روي ذلك عن جماعة من علماء المفسرين من الصحابة والتابعين وغيرهم .
    الثالث : أن تكون إلى بمعنى عند ، وهو معنى معروف عند النحاة وله شواهد ،
    كقول الشاعر :
    فهل لكم فيما إلي فإنني
    طبيب بما أعيي النطاسي حذيما

    أي فيما عندي ، وعلى هذا يحتمل تعلق الظرف بناضرة وبناظرة . والأول أظهر .

    الرابع : أن يكون النظر إلى الرب كناية عن حصول غاية المعرفة بكشف العلائق
    الجسمانية ، فكأنها ناظرة إليه تعالى كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعبد الله كأنك تراه .
    ـ وقال السيد شرف الدين في كتاب أبو هريرة ج 1 ص 61
    أما رؤية الله عز وجل بالعين الباصرة فقد أجمع الجمهور على إمكانها في الدنيا
    والآخرة ، وأجمعوا أيضاً على وقوعها في الآخرة وأن المؤمنين والمؤمنات سيرونه
    يوم القيامة بأبصارهم ، وأن الكافرين والكافرات لا يرونه أبداً . وأكثر هؤلاء على أن
    الرؤية لا تقع في الدنيا ، وربما قال بعضهم بوقوعها أيضاً .
    ثم أن المجسمة يرونه ماثلاً أمامهم فينظرون إليه كما ينظر بعضهم إلى بعض ، لا
    يمارون فيه كما لا يمارون في الشمس والقمر ليس دونهما سحاب ، على ما يقتضيه
    حديث أبي هريرة . وقد خالف هؤلاء حكم العقل والنقل ، وخرقوا إجماع الأمة
    بأسرها ، وخرجوا عليها ومرقوا من الدين ، وخالفوا ما علم منه بحكم الضرورة
    الإسلامية ، فلا كلام لنا معهم .
    وأما غيرهم من الجمهور وهم المنزهون من الأشعرية فقد قالوا بأن الرؤية قوة
    سيجعلها الله تعالى يوم القيامة بأبصار المؤمنين والمؤمنات خاصة ، لا تكون باتصال
    الأشعة ، ولا بمقابلة المرئي ولا بتحيزه ولا بتكيفه ، ولا ، ولا ، فهي على غير الرؤية
    المعهودة للناس ، بل هي رؤية خاصة تقع من أبصار المؤمنين والمؤمنات على الله
    عز وجل لا كيف فيها ولا جهة من الجهات الست .
    وهذا محال لا يعقل ، ولا يمكن أن يتصوره متصور إلا إذا اختص الله المؤمنين في
    الدار الآخرة ببصر آخر لا تكون فيه خواص الأبصار المعهودة في الحياة الدنيا على
    وجه تكون فيه الرؤية البصرية كالرؤية القلبية ، وهذا خروج عن محل النزاع في ظاهر
    الحال . ولعل النزاع بيننا وبينهم في الواقع ونفس الأمر لفظي . انتهى .
    وقد بيننا في تفسير لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، أن محاولة جعل الرؤية بحاسة أخرى
    كالعين خروج عن الموضوع ، وأن روايات إخواننا تأبى ذلك لأنها ظاهرة في الرؤية
    بالعين المتعارفة .



    رؤية العارفين بقلوبهم أرقى من الرؤية البصرية
    ـ روى الصدوق في التوحيد ص 117
    حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن أبي
    عبد الله الكوفي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ،
    عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال قلت له : أخبرني
    عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال : نعم ، وقد رأوه قبل يوم القيامة ،
    فقلت متى ؟ قال : حين قال لهم : ألست بربكم قالوا بلى ، ثم سكت ساعة ، ثم قال :
    وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال أبو
    بصير فقلت له : جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال لا ، فإنك إذا حدثت به فأنكر
    منكر جاهل بمعنى ما تقوله ، ثم قدَّر أن ذلك تشبيه كفر . وليست الرؤية بالقلب
    كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون . ورواه المجلسي في بحار
    الأنوار ج 4 ص 44
    ـ التحفة السنية ص 84
    ومن ثمت كان العلم الحاصل من الرؤية ألذ من العلم الحاصل من غيرها لازدياد
    الكشف فيها بسبب حضور نفس المعلوم عند الحس وصورته عند الذهن ، فاللذة
    الزايدة إنما هي باعتبار هذا الإنكشاف الزايد من تصور معشوقه في خياله ، فإنه يلتذ
    بتصوره لا محالة .
    لكن لا نسبة لهذه اللذة إلى اللذة الحاصلة من مشاهدته رأي العين ، وحيث أنها
    أقوى طرق الإنكشاف ربما يعبر عن مطلق الإنكشاف التام بأي طريق حصل بالرؤية
    والنظر كما في قوله سبحانه : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، وما ورد من بعض الطرق : أن رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى ربه ليلة المعراج ونحو ذلك ، لتطابق العقل والنقل على امتناع الرؤية
    الحسية في حقه تعالى ، لاشتراطها بالوضع والجهة وكثافة المرئي وغير ذلك .


    فالمراد بها أينما أطلقت في كلمات من يعتنى بتصحيح كلامهم : غاية الإنكشاف
    التام الذي لا يكون ما فوقه مجازاً مقبولاً لوجود العلاقة البينة ، إن ثبت كون اللفظ
    حقيقة في خصوص البصرية ، وإلا فمن استعمال المشترك في معناه الآخر حقيقة
    اعتماداً على وضوح القرينة وهي اشتراط الحسية بما يمتنع في حقه سبحانه .
    وأحسن ما ينكشف به هذا المطلب ما سبقت روايته عن أمير المؤمنين عليه‌السلام من
    قوله : لم أعبد رباً لم أره ، لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب
    بحقايق الإيمان ، حيث أثبت عليه‌السلام الرؤية أولاً ، ثم استدرك ذلك بصرفها من العينية
    لأنها المتبادر ، إلى القلبية .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 185 ـ 191
    . . . ومنها قوله تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، وجه الإحتجاج : أن
    النظر في اللغة جاء بمعنى الإنتظار ويتعدى بنفسه ، وبمعنى التفكر ويستعمل بفي ،
    وبمعنى الرأفة ويستعمل باللام ، وبمعنى الرؤية ويستعمل بإلى كما في الآية ،
    فوجب حمله على الرؤية كما قيل .
    ويظهر من صاحب القاموس أن النظر المتعدي بنفسه يجئ بمعنى الرؤية أيضاً ،
    وجعله من باب الحذف والإيصال خلاف الأصل ، وأنه جاء بمعنى الحكم ويستعمل
    بكلمة بين فقال : نظره كضربه وسمعه ، وإليه نظراً ومنظراً ونظراناً ومنظرة وتنظاراً :
    تأمله بعينه كتنظره ، والأرض أرت العين نباتها ، ولهم : أعانهم ، وبينهم : حكم . انتهى .
    واعترض على هذا الدليل أيضاً بأن النظر لا يدل على الرؤية ، فإن النظر تقليب
    الحدقة نحو المرئي . بل ادعى بعضهم أن النظر المستعمل بإلى موضوع لذلك
    ولتحققه بدونها ، يقال نظرت إلى الهلال فما رأيته ، ولو كان بمعنى الرؤية لكان
    تناقضاً ، ولم أزل أنظر إلى الهلال حتى رأيته ، ولو حمل على الرؤية لكان الشئ
    غاية لنفسه .


    أقول : يمكن جعله من باب الإكتفاء بالمراد عن الإرادة ، كقوله تعالى : إِذَا قُمْتُمْ
    إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ، وهذا باب واسع كما في المغني وغيره ، فمعنى
    قولهم نظرت إلى الهلال فما رأيته أردت رؤية الهلال فما رأيته ، وهكذا في الآخر ، بل
    في كل موضع يقال إنه لتقليب الحدقة ، فالنظر محمول على معناه الحقيقي وهو
    الرؤية المرادة بتلك الإرادة ، بل إذا نظرت المعاني المستعمل فيها النظر وجدت
    روح جلها لو لم يكن كلها ، الرؤية . وأجيب أيضاً : بأن معنى قولهم نظرت إلى الهلال
    فما رأيته ونحوه ، نظرت إلى مطلع الهلال .
    واعترض أيضاً على هذا الدليل بأنا لا نسلم أن لفظة إلى صلة للنظر ، بل واحدة
    الآلاء ومفعول به للنظر بمعنى الإنتظار ، أي نعمة ربها منتظرة ، ولو سلم فالنظر
    الموصول بإلى قد جاء للإنتظار قال الشاعر :
    وشعث ينظرون إلى هلال
    كما نظر الظما حب الغمام

    والجواب : أما عن الثاني فبمثل ما ذكر عن حديث التقليب وكون النظر المستعمل
    بإلى بمعنى الإنتظار مما لم يثبت عند البلغاء ، وأما عن الأول فبأن انتظار النعمة غم ،
    بل قيل الإنتظار موت أحمر ، والآية مسوقة لبيان النعم .
    وهذا الجواب زيف ، لأن الآية دالة على أن الحالة التي عبر عنها بقوله سبحانه :
    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، سابقة على حالة استقرار أهل الجنة في الجنة
    وأهل النار في النار ، بقرينة المقابلة لقوله تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا
    فَاقِرَةٌ ، أي تظن أن يفعل بها فعل هو في شدته وفظاعته داهية فاقرة تقصم فقار الظهر ،
    ولم يفعل بها بعد ، وحينئذ كان انتظار النعمة بعد البشارة بها سروراً يستتبع نضارة
    الوجه ، كما أن انتظار إكرام الملك لا يكون موجباً للغم إذا تيقن وصوله إليه .
    بل الحق في الجواب أن كون إلى في الآية بمعنى النعمة لا يخفى بعده وغرابته
    وإخلاله بالفهم عند تعلق النظر به ، ولهذا ل
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:28

    تفسيرهم الموافق لمذهبنا
    ـ أورد السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 290 ـ أكثر من ثلاثين رواية وقولاً في تفسير
    قوله تعالى : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، منها روايتان توافقان مذهبنا وهما :
    وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي صالح رضي‌الله‌عنه في قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ،
    قال : حسنة ، إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ : قال : تنتظر الثواب من ربها . . . . وأخرج ابن جرير عن
    مجاهد رضي‌الله‌عنه في قوله : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، قال : تنتظر منه الثواب . انتهى .
    وستأتي بقية رواياته التي فيها تجسيم . وقد تقدم عدد من رواياتهم النافية لإمكان
    الرؤية بالعين في تفسير لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، كرواية أبي سعيد الخدري في الدر المنثور
    ج 3 ص 37 وغيرها .
    ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 583
    وأما في الآخرة فذهب جمهور أهل السنة إلى إثبات رؤية الله تعالى للمؤمنين في
    الجنة ، واحتجوا بقوله تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، وبقوله تعالى عن
    الكافرين : كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ، وبحديث : إنكم سترون ربكم كما
    ترون هذا البدر ، وفي رواية : كما ترون الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب ،
    وهو في البخاري ومسلم .
    وخالفهم في ذلك جماعة من أهل السنة والجماعة وغيرهم كالسيدة عائشة
    رضي الله عنها ومجاهد وأبي صالح السمان وعكرمة وغيرهم ، وكذا المعتزلة
    والأباضية والزيدية ، واحتجوا بقول الله تعالى : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ،
    وأوَّلوا الآيات التي احتج بها جمهور أهل السنة بأن المراد بالآية هو : وجوه ناضرة
    مسرورة لأنها تنظر ثواب ربها وعطاءه وجنته وإنعامه ، كما أنه هناك بالمقابل وجوه
    يومئذ باسرة عابسة تظن أن يفعل بها فاقرة أي مصابة بداهية كبيرة ، وهذا الكلام هو
    بيان ما يكون في أرض المحشر ، وحال المؤمنين والكافرين يومئذ ، والرؤيا إنما
    تكون في الجنة .


    قالوا : فالمقام هنا مقام مقابلة بين وجوه تنتظر الثواب ووجوه تنتظر العقاب ،
    ورؤية الله تعالى غير مرادة هنا وخصوصاً أن الكلام يتعلق بالموقف قبل الدخول
    للجنة والنار ، وأنتم ـ يا جمهور أهل السنة والجماعة ـ تقولون بأن الرؤية إنما تتم في
    الجنة لا في أرض المحشر ، وهذا الكلام يتعلق في أرض المحشر .
    ورد هؤلاء على من قال من أهل السنة بأن لفظ ( نَاظِرَةٌ ) لا تأتي عربية بمعنى
    منتظرة ، فقالوا : إن ذلك ليس صحيحاً ، بل قد ورد القرآن الكريم بإثبات أن معنى
    ناظرة منتظرة ! من ذلك قوله تعالى عن بلقيس : وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ
    يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ . النمل : 35 ، أي منتظرة بم يرجع المرسلون ، وهو واضح ظاهر .
    كذلك قالوا بأن المراد بقوله تعالى : كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ، أي عن
    ثواب ربهم وإكرامه وإنعامه ، والحجاب أيضاً هو عن كلامه لا عن رؤيته ، لأن الله تعالى
    يقول وهو أصدق القائلين : وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ . البقرة : 174
    ـ ثم قال في آخر بحثه ص 590 فتبين من هذا كله أن هذه الآيات لا يصح الإستدلال بها
    في مسألة إثبات الرؤية ، والله تعالى الموفق . انتهى .
    ونؤكد هنا على ضرورة ملاحظة قوله تعالى ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ
    بِهَا فَاقِرَةٌ ) الذي يدل على أن هذا المشهد أحد مشاهد المحشر قبل دخول الجنة
    والنار كما روي عن علي عليه‌السلام . وهذا قرينة على أن ( نَاظِرَةٌ ) بمعنى منتظرة . ودليل
    على أن الذين فسروها بالنظر إلى الله تعالى في الجنة لم يلتفتوا إلى بقية الآيات !
    تفسيرهم الذي فيه تجسيم
    ـ صحيح البخاري ج 8 ص 178
    باب قول الله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ . . . . عن جرير قال كنا
    جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال : إنكم سترون
    ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة
    قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا .


    ـ سنن الترمذي ج 4 ص 93
    عن إسرائيل ، عن ثوير ، قال سمعت ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه
    وسلم : إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وزوجاته ونعيمه وخدمه
    وسرره مسير ألف سنة ، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ، ثم قرأ
    رسول الله صلى الله عليه وسلم : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ . وقد روى هذا
    الحديث من غير وجه عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر مرفوعاً . ورواه عبد الملك
    بن أبجر عن ثوير ، عن ابن عمر موقوفاً . ورواه عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن
    ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله ولم يرفعه .
    ـ سنن الترمذي ج 5 ص 103
    عن إسرائيل عن ثوير قال سمعت ابن عمر يقول . . . . الخ . هذا حديث غريب ،
    وقد روى غير واحد عن إسرائيل مثل هذا مرفوعاً ، وروى عبد الملك بن الجبر عن
    ثوير ، عن ابن عمر قوله ولم يرفعه . وروى الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد
    عن ابن عمر قوله ولم يرفعه ، ولا نعلم أحداً ذكر فيه عن مجاهد غير الثوري . انتهى .
    ورواه أحمد في ج 2 ص 64 ورواه الحاكم في المستدرك ج 2 ص 509 ، ولكن فيه ( ألفي
    سنة ) بدل ألف سنة ، قال : عن ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل ينظر في ملكه ألفي سنة يرى
    أقصاه كما يرى أدناه ، ينظر في أزواجه وخدمه وسرره .
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 37
    وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في كتاب الرؤية عن الحسن في قوله : لَّا تُدْرِكُهُ
    الْأَبْصَارُ ، قال : في الدنيا ، وقال الحسن : يراه أهل الجنة في الجنة ، يقول الله وُجُوهٌ
    يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، قال ينظر إلى وجه الله .
    ـ وقد استعرض السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 290 ، أكثر رواياتهم وأقوالهم في
    تفسير الآية ، وقد تقدم منها ما يوافق مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، ونورد فيما يلي بقيتها ،



    ونلاحظ أن أكثرها غير مسند إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل هو أقوال مفسرين ، وأكثرهم علماء
    سلطة أو معادون لأهل البيت عليهم‌السلام . قال السيوطي في ج 6 ص 290 :
    وأخرج ابن المنذر والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة والبيهقي في الرؤية
    عن ابن عباس في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، قال يعني حسنها ، إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، قال :
    نظرت إلى الخالق .
    وأخرج ابن المنذر والآجري عن محمد بن كعب القرظي في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
    نَّاضِرَةٌ ، قال نضر الله تلك الوجوه وحسنها للنظر إليه .
    وأخرج ابن المنذر والآجري واللالكائي والبيهقي عن عكرمة : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
    نَّاضِرَةٌ ، قال : ناضرة من النعيم ، إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، قال : تنظر إلى الله نظراً .
    وأخرج الدارقطني والآجري واللالكائي والبيهقي عن الحسن في الآية قال :
    النضرة الحسن ، نظرت إلى ربها فنضرت بنوره .
    وأخرج ابن جرير عن الحسن ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ : يقول حسنة ، إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ،
    قال : تنظر إلى الخالق .
    وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، قال مسرورة .
    إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، قال أنظر ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه أن لو جعل نور أعين
    جميع خلق الله من الإنس والجن والدواب وكل شئ خلق الله فجعل نور أعينهم في
    عيني عبد من عباده ثم كشف عن الشمس ستراً واحداً ودونها سبعون ستراً ما قدر
    على أن ينظر إلى الشمس ، والشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي ،
    والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش ، والعرش جزء من سبعين جزء من نور
    الستر . قال عكرمة : أنظروا ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه أن نظر إلى وجه
    الرب الكريم عياناً .
    وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ،
    قال : تنظر إلى وجه ربها .

    وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في
    قول الله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قال : ينظرون إلى ربهم بلا كيفية ولا حد
    محدود ولا صفة معلومة . ( وهل لهذا معنى مفهوم غير النظر بالقلب ؟ ! )
    وأخرج الدارقطني والخطيب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه هذه
    الآية : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، قال : والله ما نسخها منذ أنزلها ، يزورون
    ربهم تبارك وتعالى فيطعمون ويسقون ويتطيبون ويحلون ، ويرفع الحجاب بينه
    وبينهم فينظرون إليه وينظر إليهم عز وجل ، وذلك قوله عز وجل : وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا
    بُكْرَةً وَعَشِيًّا .
    وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي‌الله‌عنه قال : أول من ينظر إلى الله تبارك وتعالى
    الأعمى .
    وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن موسى بن صالح بن الصباح قال : إذا كان يوم
    القيامة يؤتى بأهل ولاية الله فيقومون بين يديه ثلاثة أصناف ، فيؤتى برجل من
    الصنف الأول فيقول عبدي لماذا عملت ؟ فيقول : يا رب خلقت الجنة وأشجارها
    وثمارها وأنهارها وحورها ونعيمها وما أعددت لأهل طاعتك فيها فأسهرت ليلي
    وأظمأت نهاري شوقاً إليها . . . . ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث فيقول عبدي لماذا
    عملت ؟ فيقول ربي حباً لك وشوقاً إليك وعزتك لقد أسهرت ليلي وأظمأت نهاري
    شوقاً إليك وحباً لك ، فيقول الله عبدي إنما عملت شوقاً إلي وحباً لي ، فيتجلى له
    الرب فيقول ها أنا ذا أنظر إليَّ ! ثم يقول فضلي عليك أن أعتقك من النار وأبيحك
    جنتي وأزيرك ملائكتي وأسلم عليك بنفسي ، فيدخل هو ومن معه الجنة .
    ـ الجواهر الحسان للثعالبي ج 3 ص 416
    قوله تعالى : إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، حمل جميع أهل السنه هذه الآية على أنها متضمنة
    رؤية المؤمنين لله عز وجل بلا تكييف ولا تحديد . انتهى . ولكن هل ذلك نظراً بالعين !



    ـ تفسير الطبري ج 29 ص 119
    عن مجاهد في : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، قال مسرورة . إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، قال : إلى ربها
    نظراً .
    ـ وقال ابن حزم في المحلى ج 1 ص 33
    مسألة : وأن الله تعالى يراه المسلمون يوم القيامة بقوة غير هذه القوة . قال عز
    وجل : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ . . . . ولو كانت هذه القوة لكانت لا تقع إلا
    على الألوان ، تعالى الله عن ذلك . وأما الكفار فإن الله عز وجل قال : إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ
    يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ . انتهى . وقد اضطر ابن حزم أن يجعل الرؤية غير بصرية وأن
    يوافق أهل البيت عليهم‌السلام .
    ـ وقال القسطلاني في إرشاد الساري ج 10 ص 398
    ـ قوله تعالى ( إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة . وقال القاضي :
    تراه مستغرقة في مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه . انتهى . وهي رؤية غير
    بصرية كما ترى .
    ـ وقال الألباني في فتاويه ص 143
    إن عقيدة رؤية الله لم ترد في السنة فقط حتى تشككوا فيها ، إن هذه العقيدة أيضاً
    قد جاءت في القرآن الكريم المتواتر روايته عن رسول الله . . . . إن قوله تعالى : وُجُوهٌ
    يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ، هي وجوه المؤمنين قطعاً إلى ربها ناظرة . . . . المعتزلة
    والشيعة جاءوا بفلسفه ففسروا : وجوه إلى ربها ناظرة ، أي إلى نعيم ربها ناظرة ،
    أعطوا دلالة الآية ورفضوا التفسير الثاني للذين أحسنوا ، وهذه الفلسفة معول هدام
    للسنة الصحيحة . انتهى .
    وبذلك كشف الشيخ الألباني حقيقة موقف القائلين بالرؤية ، فقد اعترف بأن
    تفسير ( نَاظِرَةٌ ) بالنظر المعنوي يحقق الإنسجام والتوافق بين الآيات المحكمات


    مثل : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، وبين هذه الآية . ولكن الخطر كل الخطر منه على ( السنة
    الشريفة ) أن يهدمها معول تأويل هذه الآية !
    فلماذا يا ترى يهتمون بالمحافظة على روايات الرؤية ويخافون أن تهدم ، ولا
    يهتمون بالآيات المحكمات النافية للرؤية ولا يخافون أن تهدم !
    ثم إن أحاديث السنة عند إخواننا منها ما ينفي الرؤية بالعين مطلقاً ومنها ما يثبتها
    صراحة ، وجميعها في البخاري ، الكتاب المعصوم بزعمهم من الجلد إلى الجلد ،
    فكيف صار بعض البخاري سنة يجب أن يحفظ من خطر الهدم ، وبعضه سنة لا مانع
    أن يهدم ، وتهدم معه آيات محكمات !
    لعل جوابهم : أن الذين رووا أحاديث نفي الرؤية عن النبي هم عائشة وعدد من
    الصحابة وأهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بينما الذين رووا أحاديث الرؤية الخليفة عمر
    والمقربون منه ، وعند التعارض يجب أن نحافظ على روايات عمر ولا نسمح لأحد
    أن يهدمها أو يمسها ، ويجب أن نعمل معول التأويل أو الهدم في آيات نفي الرؤية
    وأحاديثها لكي تخضع لما قاله كعب الأحبار والخليفة عمر ومن وافقهما !
    بل الظاهر أنه لا مانع عند إخواننا من أن ترد أقوال كل الصحابة وأن تهدم عصمة
    البخاري برد بعض أحاديثه ، لأنهم إنما يريدون عصمة البخاري من أجل عصمة
    المولى عمر ! إنهم يقولون : الخليفة قال برؤية الله بالعين ، والقول ما قاله عمر ،
    وانتهى الكلام .
    وإذا وصل الأمر إلى هذا ، فعلى المسلم أن يسكت كما سكت نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على
    فراش الموت عندما صاحوا في وجهه ( القول ما قاله عمر ) عندما كرروا شعارهم في
    وجهه قال لهم : قوموا عني ! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !
     



    تفسير آيات التجلي لموسى عليه‌السلام
    قال الله تعالى : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ، قَالَ
    لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ، فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
    جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ .
    الأعراف ـ 143
    قال أهل البيت عليهم‌السلام : تجلى بنوره الذي خلقه ، لا بذاته
    الإمام الرضا يدفع التهم عن الأنبياء عليهم‌السلام
    ـ روى الصدوق في كتابه التوحيد ص 118 ـ 122
    حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله قال : حدثنا علي بن الحسين السعد
    آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن أحمد بن
    النضر ، عن محمد بن مروان ، عن محمد بن السائب ، عن أبي الصالح ، عن عبد الله
    بن عباس في قوله عز وجل : فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ،
    قال يقول : سبحانك تبت إليك من أن أسألك الرؤية ، وأنا أول المؤمنين بأنك لا ترى .
    قال محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتاب رضي‌الله‌عنه : إن موسى عليه‌السلام علم أن
    الله عز وجل لا يجوز عليه الرؤية ، وإنما سأل الله عز وجل أن يريه ينظر إليه عن قومه
    حين ألحوا عليه في ذلك ، فسأل موسى ربه ذلك من غير أن يستأذنه فقال : رب أرني
    أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه ، في حال تدكدكه
    فسوف تراني . ومعناه أنك لا تراني أبداً ، لأن الجبل لا يكون ساكناً متحركاً في حال
    أبداً ، وهذا مثل قوله عز وجل : وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ،
    ومعناه أنهم لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً .

    فلما تجلى ربه للجبل : أي ظهر بآية من آياته ، وتلك الآية نور من الأنوار التي
    خلقها ألقى منها على ذلك الجبل ، فجعله دكا وخر موسى صعقا ، من هول تدكدك
    ذلك الجبل على عظمه وكبره ، فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك ، أي رجعت إلى
    معرفتي بك عادلاً عما حملني عليه قومي من سؤالك الرؤية ، ولم تكن هذه التوبة
    من ذنبه لأن الأنبياء لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ، ولم يكن الإستيذان قبل السؤال
    بواجب عليه ، لكنه كان أدباً أن يستعمله ويأخذ به نفسه متى أراد أن يسأله .
    على أنه قد روى قوم أنه قد استأذن في ذلك فأذن له ليعلم قومه بذلك أن الرؤية
    لا تجوز على الله عز وجل .
    وقوله : وأنا أول المؤمنين ، يقول أنا أول المؤمنين من القوم الذين كانوا معه
    وسألوه أن يسأل ربه أن يريه ينظر إليه ، بأنك لا ترى .
    والأخبار التي رويت في هذا المعنى وأخرجها مشايخنا رضي الله عنهم في
    مصنفاتهم عندي صحيحة ، وإنما تركت إيرادها في هذا الباب خشية أن يقرأها
    جاهل بمعانيها فيكذب بها فيكفر بالله عز وجل وهو لا يعلم . . . .
    ومعنى الرؤية الواردة في الأخبار العلم ، وذلك أن الدنيا دار شكوك وارتياب
    وخطرات ، فإذا كان يوم القيامة كشف للعباد من آيات الله وأموره في ثوابه وعقابه ما
    تزول به الشكوك ، وتعلم به حقيقة قدرة الله عز وجل .
    وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ
    غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ، فمعنى ما روي في الحديث أنه عز وجل يرى أي يعلم
    علماً يقينياً ، كقوله عز وجل : أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ . وقوله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي
    حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ ، وقوله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ
    الْمَوْتِ : وقوله : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ، وأشباه ذلك من رؤية القلب
    وليست من رؤية العين .
    وأما قول الله عز وجل : فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ، فمعناه : لما ظهر عز وجل للجبل



    بآية من آيات الآخرة التي تكون بها الجبال سراباً ، والذي ينسف بها الجبال نسفاً ،
    تدكدك الجبل فصار تراباً ، لأنه لم يطق حمل تلك الآية ، وقد قيل إنه بدا له نور
    العرش . . . .
    وتصديق ما ذكرته ما حدثنا به تميم القرشي ، عن أبيه ، عن حمدان بن سليمان ،
    عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن
    موسى عليهما‌السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك : إن الأنبياء معصومون
    قال : بلى ، فسأله عن آيات من القرآن فكان فيما سأل أن قال له : فما معنى قول الله عز
    وجل : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ،
    الآية كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران عليه‌السلام لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا
    يجوز عليه الرؤية حتى يسأله عن هذا السؤال .
    فقال الرضا عليه‌السلام : إن كليم الله موسى بن عمران عليه‌السلام علم أن الله تعالى عن أن يرى
    بالأبصار ، ولكنه لما كلمه الله عز وجل وقربه نجياً رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز
    وجل كلمه وقربه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت وكان
    القوم سبعمائة ألف رجل فاختار منهم سبعين ألفاً ، ثم اختار منهم سبعة آلاف ، ثم
    اختار منهم سبعمائة ، ثم اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربه ، فخرج بهم إلى طور
    سيناء فأقامهم في سفح الجبل ، وصعد موسى عليه‌السلام إلى الطور ، وسأل الله تبارك
    وتعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه ، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق
    وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام ، لأن الله عز وجل أحدثه في الشجرة ثم جعله
    منبعثاً منها حتى سمعوه من جميع الوجوه ، فقالوا : لن نؤمن لك بأن هذا الذي
    سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة ، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا
    بعث الله عز وجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا رب ما
    أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا : إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن
    صادقاً فيما ادعيت من مناجاة الله ، إياك فأحياهم الله وبعثهم معه فقالوا : إنك لو


    سألت الله أن يريك تنطر إليه لأجابك ، وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته !
    فقال موسى عليه‌السلام : يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا كيفية له ، وإنما يعرف بآياته ويعلم
    بأعلامه . فقالوا : لن نؤمن لك حتى تسأله فقال موسى عليه‌السلام : يا رب إنك قد سمعت
    مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله جل جلاله إليه : يا موسى
    اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى عليه‌السلام : رب أرني أنظر
    إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه ، وهو يهوي ، فسوف
    تراني ، فلما تجلى ربه للجبل بآياته جعله دكاً وخر موسى صعقا ، فلما أفاق قال
    سبحانك تبت إليك ، يقول : رجعت إلي معرفتي بك عن جهل قومي ، وأنا أول
    المؤمنين ، منهم بأنك لا ترى .
    فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن . . . . الخبر . . . .
    ولو أوردت الأخبار التي رويت في معنى الرؤية لطال الكتاب بذكرها وشرحها
    وإثبات صحتها ، ومن وفقه الله تعالى ذكره للرشاد آمن بجميع ما يرد عن الأئمة عليهم‌السلام
    بالأسانيد الصحيحة وسلم لهم ، ورد الأمر فيما اشتبه عليه إليهم ، إذ كان قولهم قول
    الله وأمرهم أمره ، وهم أقرب الخلق إلى الله عز وجل وأعلمهم به ، صلوات الله
    عليهم أجمعين .
    ـ وقال في علل الشرائع ج 2 ص 497
    حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى العلوي الحسيني رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن
    إبراهيم بن أسباط قال حدثنا أحمد بن محمد بن زياد القطان قال : حدثني أبو الطيب
    أحمد بن محمد بن عبد الله قال حدثني عيسى بن جعفر العلوي العمري عن آبائه
    عن عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه سئل مم خلق الله الذر الذي
    يدخل في كوة البيت ؟ فقال : إن موسى عليه‌السلام : لما قال : ربي أرني أنظر إليك ، قال الله
    تعالى : إن استقر الجبل لنوري فإنك ستقوى على أن تنظر إلي ، وإن لم يستقر فلا
    تطيق إبصاري لضعفك ، فلما تجلى الله تبارك وتعالى للجبل تقطع ثلاث قطع ،



    فقطعة ارتفعت في السماء ، وقطعة غاصت تحت الأرض ، وقطعة تفتت فهذا الذر
    من ذلك الغبار ، غبار الجبل .
    ـ تفسير العياشي ج 2 ص 26
    عن أبي بصير عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : لما سأل موسى ربه تبارك
    وتعالى : قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ
    فَسَوْفَ تَرَانِي ، قال : فلما صعد موسى على الجبل فتحت أبواب السماء وأقبلت
    الملائكة أفواجاً في أيديهم العمد وفي رأسها النور ، يمرون به فوجاً بعد فوج
    يقولون : يا بن عمران أثبت فقد سألت عظيماً ، قال : فلم يزل موسى واقفاً حتى تجلى
    ربنا جل جلاله ، فجعل الجبل دكاً وخر موسى صعقاً ، فلما أن رد الله إليه روحه أفاق
    قال : سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين .
    قال ابن أبي عمير : وحدثني عدة من أصحابنا أن النار أحاطت به ، حتى لا يهرب
    من هول ما رأى .
    ـ وقال الشريف المرتضى في أماليه ج 4 ص 125
    فإن قيل : كيف يجوز منه عليه الصلاة والسلام مع علمه باستحالة الرؤية عليه
    تعالى أن يسأل فيها لقومه ، ولئن جاز ذلك ليجوزن أن يسأل لقومه سائر ما يستحيل
    عليه تعالى من كونه جسماً وما أشبهه متى شكوا فيه .
    قلنا : إنما صح ما ذكرناه في الرؤية ولم يصح فيما سألت عنه لأنه مع الشك في
    جواز الرؤية التي لا يقتضي كونه جسماً يمكن معرفة السمع وأنه تعالى حكيم صادق
    في إخباره ، فيصح أن يعرفوا بالجواب الوارد من جهته تعالى استحالة ما شكوا في
    صحته وجوازه ، ومع الشك في كونه جسماً لا يصح معرفة السمع فلا يقع بجوابه
    انتفاع ولا علم . .
    وقد قال بعض من تكلم في هذه الآية قد كان جائزاً أن يسأل موسى عليه‌السلام لقومه ما
    يعلم استحالته وإن كانت دلالة السمع لا تثبت قبل معرفته متى كان المعلوم أن في


    ذلك صلاحاً للمكلفين في الدين ، وإن ورود الجواب يكون لطفاً لهم في النظر في
    الأدلة وإصابة الحق منها ، غير أن من أجاب بذلك شرط أن يتبين في مسألة علمه
    باستحالة ما سأل عنه وأن غرضه في السؤال ورود الجواب ليكون لطفاً . .
    والجواب الثاني في الآية أن يكون موسى عليه‌السلام إنما سأل ربه أن يعلمه نفسه ضرورةً
    بإظهار بعض أعلام الآخرة التي تضطره إلى المعرفة فتزول عنه الدواعي والشكوك
    والشبهات ويستغني عن الإستدلال فتخف المحنة عليه بذلك ، كما سأل إبراهيم عليه‌السلام
    ربه تعالى أن يريه كيف يحيى الموتى طلباً للتخفيف عليه بذلك ، وإن كان قد عرف
    ذلك قبل أن يراه ، والسؤال إن وقع بلفظ الرؤية فإن الرؤية تفيد العلم كما تفيد الإدراك
    بالبصر ، وذلك أظهر من أن يستدل عليه أو يستشهد به ، فقال له جل وعز : لَن تَرَانِي ،
    أي لن تعلمني على هذا الوجه الذي التمسته مني ، ثم أكد تعالى ذلك بأن أظهر في
    الجبل من آياته وعجائبه ما دل به على أن إظهار ما تقوم به المعرفة الضرورية في
    الدنيا مع التكليف وبيانه لا يجوز ، وأن الحكمة تمنع منه .
    والوجه الأول أولى لما ذكرناه من الوجوه ولأنه لا يخلو موسى عليه‌السلام من أن يكون
    شاكاً في أن المعرفة ضرورية لا يصح حصولها في الدنيا أو عالماً بذلك ، فإن كان
    شاكاً فهذا مما لا يجوز على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأن الشك فيما يرجع إلى أصول الديانات
    وقواعد التكليف لا يجوز عليهم سلام الله عليهم ، لا سيما وقد يجوز أن يعلم ذلك
    على الحقيقة بعض أمتهم فيزيد عليهم في المعرفة ، وهذا أبلغ في التنفير عنهم من
    كل شئ يمنع منه فيهم . وإن كان عالماً فلا وجه لسؤاله إلا أن يقال إنه سأل لقومه ،
    فيعود إلى معنى الجواب الأول .
    والجواب الثالث في الآية ، ما حكي عن بعض من تكلم في هذه الآية من أهل
    التوحيد وهو أن قال : يجوز أن يكون موسى عليه‌السلام في وقت مسألته ذلك كان شاكاً في
    جواز الرؤية على الله تعالى فسأل ذلك ليعلم هل يجوز عليه أم لا ، قال وليس شكه
    في ذلك بمانع من أن يعرف الله تعالى بصفاته بل يجري مجرى شكه في جواز الرؤية
    على بعض ما لا يرى من الأعراض في أنه غير مخل بما يحتاج إليه في معرفته تعالى .


    قال : ولا يمتنع أن يكون غلطه في ذلك ذنباً صغيراً وتكون التوبة الواقعة منه
    لأجل ذلك .
    وهذا الجواب يبعد من قبل أن الشك في جواز الرؤية التي لا تقتضي تشبيهاً ، وإن
    كان لا يمنع من معرفته تعالى بصفاته فإن الشك في ذلك لا يجوز على الأنبياء عليهم‌السلام
    من حيث يجوز من بعض من بعثوا إليه أن يعرف ذلك على الحقيقة فيكون النبي
    صلى الله عليه شاكاً فيه وغيره عارفاً به مع رجوعه إلى المعرفة بالله تعالى وما يجوز
    عليه وما لا يجوز عليه ، وهذا أقوى في التنفير وأزيد على كل ما وجب أن يجنبه
    الأنبياء عليهم‌السلام .
    فإن قيل : فعن أي شئ كانت توبة موسى عليه‌السلام على الجوابين المتقدمين ؟
    قلنا : أما من ذهب إلى أن المسألة كانت لقومه ، فإنه يقول إنما تاب لأنه أقدم على
    أن سأل على لسان قومه ما لم يؤذن له فيه ، وليس للأنبياء ذلك لأنه لا يؤمن أن يكون
    الصلاح في المنع منه فيكون ترك إجابتهم إليه منفراً عنهم . ومن ذهب إلى أنه سأل
    المعرفة الضرورية يقول إنه تاب من حيث سأل معرفة لا يقتضيها التكليف . وعلى
    جميع الأحوال تكون التوبة من ذنب صغير لا يستحق عليه العقاب ولا الذم .
    والأولى أن يقال في توبته عليه الصلاة والسلام : إنه ليس في الآية ما يقتضي أن
    تكون التوبة وقعت من المسألة أو من أمر يرجع إليها ، وقد يجوز أن يكون ذلك منه
    إما لذنب صغير تقدم تلك الحال أو تقدم النبوة ، فلا يرجع إلى سؤال الله تعالى الرؤيا
    أو ما أظهره من التوبة على سبيل الرجوع إلى الله تعالى وإظهار الإنقطاع إليه والتقرب
    منه وإن لم يكن هناك ذنب صغير ، وقد يجوز أيضاً أن يكون الغرض في ذلك مضافاً
    إلى ما قلناه تعليماً وتوقيفاً على ما نستعمله وندعوه به عند الشدائد ونزول الأهوال
    وتنبيه القوم المخطئين خاصة على التوبة مما التمسوه من الرؤية المستحيلة عليه
    تعالى ، فإن الأنبياء عليهم‌السلام وإن لم يقع منهم القبيح عندنا فقد يقع من غيرهم ويحتاج
    من رفع ذلك عنه إلى التوبة من الإستقالة . .

    فأما قوله تعالى : فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ، فإن التجلى هاهنا هو التعريف والإعلام
    والإظهار لما يقتضي المعرفة ، كقولهم هذا كلام جلي أي واضح ظاهر ، وكقول
    الشاعر :
    تجلى لنا بالمشرفية والقنا
    وقد كان عن وقع الأسنة نائيا

    أراد أن تدبيره دل عليه حتى علم أنه المدبر له وإن كان نائياً فأقام ما أظهره من
    دلالة فعله على مقام مشاهدته وعبر عنه بأنه تجلى منه .
    وفي قوله تعالى ( لِلْجَبَلِ ) وجهان ، أحدهما ، أن يكون المراد لأهل الجبل ومن
    كان عند الجبل فحذف كما قال تعالى : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، وما بكت عليهم السماء
    والأرض ، وقد علمنا أنه بما أظهره من الآيات إنما دل من كان عند الجبل على أن
    رؤيته تعالى غير جائزة . والوجه الآخر ، أن يكون المعنى للجبل أي بالجبل ، فأقام
    اللام مقام الباء كما قال تعالى : آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ، أي به ، وكما تقول : أخذتك
    لجرمك أي بجرمك ، ولما كانت الآية الدالة على منع ما سأل إنما حلت الجبل
    وظهرت فيه جاز أن يضاف التجلي إليه .
    وقد استدل بهذه الآية كثير من العلماء الموحدين على أنه تعالى لا يرى بالأبصار
    من حيث نفي الرؤية نفياً عاماً بقوله تعالى : لَن تَرَانِي ، ثم أكد ذلك بأن علق الرؤية
    باستقرار الجبل الذي علمنا أنه لم يستقر ، وهذه طريقة للعرب معروفة في تبعيد
    الشئ لأنهم يعلقونه بما يعلم أنه لا يكون كقولهم : لا كلمتك ما أضاء الفجر وطلعت
    الشمس ، وكقول الشاعر :
    إذا شاب الغراب رجوت أهلي
    وصار القير كاللبن الحليب

    ـ بحار الأنوار ج 3 ص 45 : أورد رواية الصدوق الأولى عن الأمالي والتوحيد وقال :
    بيان : إعلم أن المنكرين للرؤية والمثبتين لها كليهما استدلوا بما ورد في تلك
    القصة على مطلوبهم ، فأما المثبتون فاحتجوا بها بوجهين :
    الأول : أن موسى عليه‌السلام سأل الرؤية ولو امتنع كونه تعالى مرئياً لما سأل ، لأنه حينئذ



    إما أن يعلم امتناعه أو يجهله فإن علمه فالعاقل لا يطلب المحال لأنه عبث ، وإن
    جهله فالجاهل بما لا يجوز على الله تعالى ويمتنع لا يكون نبياً كليماً .
    وأجيب عنه بوجوه : الأول : ما ورد في هذا الخبر من أن السؤال إنما كان بسبب
    قومه لا لنفسه ، لأنه كان عالماً بامتناعها ، وهذا أظهر الوجوه واختاره السيد الأجل
    المرتضى في كتابي تنزيه الأنبياء وغرر الفوائد ، وأيده بوجوه :
    منها ، حكاية طلب الرؤية من بني إسرائيل في مواضع كقوله تعالى : فَقَدْ سَأَلُوا
    مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ . وقوله تعالى :
    وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ .
    ومنها ، أن موسى عليه‌السلام أضاف ذلك إلى السفهاء ، قال الله تعالى : فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ
    قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا . وإضافة ذلك
    إلى السفهاء تدل على أنه كان بسببهم ومن أجلهم حيث سألوا ما لا يجوز عليه تعالى .
    فإن قيل : فلم أضاف السؤال إلى نفسه ووقع الجواب مختصاً به .
    قلنا : لا يمتنع وقوع الإضافة على هذا الوجه ، مع أن السؤال كان لأجل الغير إذا
    كانت هناك دلالة تؤمن من اللبس ، فلهذا يقول أحدنا إذا شفع في حاجة غيره
    للمشفوع إليه : أسألك أن تفعل بي كذا وتجيبني إلى ذلك ، ويحسن أن يقول
    المشفوع إليه : قد أجبتك وشفعتك ، وما جرى مجرى ذلك ، على أنه قد ذكر في
    الخبر ما يغني عن هذا الجواب .
    وأما ما يورد في هذا المقام من أن السؤال إذا كان للغير ، فأي جرم كان لموسى
    حتى تاب منه ؟
    فأجاب رحمه‌الله بحمل التوبة على معناها اللغوي أي الرجوع ، أي كنت قطعت النظر
    عما كنت أعرفه من عدم جواز رؤيتك ، وسألت ذلك للقوم فلما انقضت المصلحة
    في ذلك تركت هذا السؤال ورجعت إلى معرفتي بعدم جواز رؤيتك وما تقتضيه من
    عدم السؤال .

    وأجاب السيد قدس الله روحه عنه بأنه يجوز أن يكون التوبة لأمر آخر غير هذا
    الطلب ، أو يكون ما أظهره من التوبة على سبيل الرجوع إلى الله تعالى ، وإظهار
    الإنقطاع إليه والتقرب منه وإن لم يكن هناك ذنب .
    والحاصل أن الغرض من ذلك إنشاء التذلل والخضوع ، ويجوز أن يضاف إلى
    ذلك تنبيه القوم المخطئين على التوبة مما التمسوه من الرؤية المستحيلة عليه . بل
    أقول يحتمل أن تكون التوبة من قبلهم كما كان السؤال كذلك .
    الثاني : أنه عليه‌السلام لم يسأل الرؤية بل تجوز بها عن العلم الضروري لأنه لازمها ،
    وإطلاق اسم الملزوم على اللازم شائع سيما استعمال رأى بمعنى علم وأرى بمعنى
    أعلم ، والحاصل أنه سأله أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض أعلام الآخرة التي
    تضطره إلى المعرفة ، فتزول عنه الدواعي والشكوك ، ويستغني عن الإستدلال كما
    سأل إبراهيم عليه‌السلام : رب أرني كيف تحيي الموتى .
    الثالث : أن في الكلام مضافاً محذوفاً أي أرني آية من آياتك أنظر إلى آيتك ،
    وحاصله يرجع إلى الثاني .
    الرابع : أنه عليه‌السلام سأل الرؤية مع علمه بامتناعها لزيادة الطمأنينة بتعاضد دليل العقل
    والسمع ، كما في طلب إبراهيم عليه‌السلام ، وحاصله يرجع إلى منع أن العاقل لا يطلب
    المحال الذي علم استحالته إذ يمكن أن يكون الطلب لغرض آخر غير حصول
    المطلوب ، فلا يلزم العبث لجواز ترتب غرض آخر عليه ، والعبث ما لا فائدة فيه
    أصلاً ، ولعل في هذا السؤال فوائد عظيمة سوى ما ذكر أيضاً ولا يلزمنا تعيين الفائدة
    بل على المستدل أن يدل على انتفائها مطلقاً ، ونحن من وراء المنع ، ومما يستغرب
    من الأشاعرة أنهم أجمعوا على أن الطلب غير الإرادة ، واحتجوا عليه بأن الآمر ربما
    أمر عبده بأمر وهو لا يريده ، بل يريد نقيضه ، ثم يقولون هاهنا : بأن طلب ما علم
    استحالته لا يتأتى من العاقل .
    الثاني من وجهي احتجاجهم : هو أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل وهو



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:29

    أمر ممكن في نفسه ، والمعلق على الممكن ممكن ، لأن معنى التعليق أن المعلق يقع
    على تقدير وقوع المعلق عليه ، والمحال لا يقع على شئ من التقادير .
    ويمكن الجواب عنه بوجوه ، أوجهها أن يقال : التعليق إما أن يكون الغرض منه
    بيان وقت المعلق وتحديد وقوعه بزمان وشرط ، ومن البيِّن أن ما نحن فيه ليس من
    هذا القبيل . وإما أن يكون المطلوب فيه مجرد بيان تحقق الملازمة وعلاقة الإستلزام
    بأن يكون لإفادة النسبة التي بين الشرط والجزاء مع قطع النظر عن وقوع شئ من
    الطرفين وعدم وقوعه ، ولا يخفى على ذي لب أن لا علاقة بين استقرار الجبل
    ورؤيته تعالى في نفس الأمر ولا ملازمة . على أن إفادة مثل هذا الحكم وهو تحقق
    علاقة اللزوم بين هاتين القضيتين لا يليق بسياق مقاصد القرآن الحكيم مع ما فيه من
    بعده عن مقام سؤال الكليم ، فإن المناسب لما طلب من الرؤية بيان وقوعه ولا
    وقوعه ، لا مجرد إفادة العلاقة بين الأمرين فالصواب حينئذ أن يقال : المقصود من
    هذا التعليق بيان أن الجزاء لا يقع أصلاً بتعليقه على ما لا يقع ، ثم هذا التعليق إن كان
    مستلزماً للعلاقة بين الشرط والجزاء فواجب أن يكون إمكان الجزاء مستتبعاً لإمكان
    الشرط ، لأن ماله هذه العلاقة مع المحال لا يكون ممكناً على ما هو المشهور من أن
    مستلزم المحال محال ، وإلا فلا وجه لوجوب إمكان الجزاء . والأول وإن كان شائع
    الإرادة من اللفظ إلا أن الثاني أيضاً مذهب معروف للعرب كثير الدوران بينهم ، وهو
    عمدة البلاغة ودعامتها ، ومن ذلك قول الشاعر :
    إذا شاب الغراب أتيت أهلي
    وصار القار كاللبن الحليب

    ومعلوم أن مشيب الغراب وصيرورة القار كالحليب لا ملازمة بينهما وبين إتيان
    الشاعر أهله . ونظيره في الكتاب الكريم كثير كتعليق خروج أهل النار منها على ولوج
    الجمل في سم الخياط ، وبعيد من العاقل أن يدعي علاقة بينهما ، وإذا كان ذلك
    التعليق أمراً شائعاً كثير الوقوع في كلامهم فلا ترجيح للإحتمال الأول بل الترجيح
    معنا ، فإن البلاغة في ذلك ، وأما إذا تحققت العلاقة في الواقع بينهما وعلق عليه


    لمكان تلك العلاقة فليس له ذلك الموقع من حسن القبول ، ألا ترى أن المتمني
    لوصال حبيبه الميت لو قال : إذا رجع الموتى إلى الدنيا أمكن لي زيارة الحبيب ، لم
    يكن كقول الصب المتحسر على مفارقة الأحباء : متى أقبل الأمس الدابر وحيي
    الميت الغابر طمعت في اللقاء .
    وأيضاً لا يخفى على ذي فطرة أن التزام تحقق علاقة لزوم بين استقرار الجبل في
    تلك الحال وبين رؤيته تعالى بحيث لو فرض وقوع ذلك الإستقرار امتنع أن لا تقع
    رؤيته تعالى ، مستبعد جداً يكاد يجزم العقل ببطلانه ، فإذن المقصود من ذلك الكلام
    مجرد بيان انتفائه بتعليقه على أمر غير واقع ، ويكفي في ذلك عدم وقوع المعلق
    عليه ، ولا يستدعي امتناع المعلق امتناعه . ولو سلم فنقول : إن المعلق عليه هو
    الإستقرار لا مطلقاً بل في المستقبل وعقيب النظر ، بدلالة الفاء وإن ، وذلك لأنه إذا
    دخلت الفاء على إن تفيد اشتراط التعقيب لا تعقيب الإشتراط ، فالشرط هاهنا وقوع
    الإستقرار عقيب النظر ، والنظر ملزوم لوقوع حركة الجبل عقيبه ، فوقوع السكون
    عقيبه محال لاستحالة وقوع الشئ عقيب ما يستعقب منافي ذلك الشئ ويستلزم
    وقوعه عقيبه .
    وأما أن النظر لا يستلزم اندكاك الجبل وتزلزله ولا علاقة بينه وبينه وإنما هو
    مصاحبة اتفاقية فممنوع ، ولعل النظر ملزوم للحركة كما أن استقرار الجبل ملزوم
    لرؤيته تعالى ، وتحقق العلاقة بين النظر والحركة ليس بأبعد من تحقق العلاقة بين
    الإستقرار والرؤية .
    ولنقتصر على ذلك فإن إطناب الكلام في كل من الدلائل والأجوبة يوجب
    الخروج عما هو المقصود من الكتاب .
    وأما المنكرون فاحتجوا بقوله تعالى : لَن تَرَانِي ، إن كلمة لن تفيد إما تأبيد النفي
    في المستقبل ، كما صرح به الزمخشري في أنموذجه ، فيكون نصاً في أن موسى عليه‌السلام
    لا يراه أبداً ، أو تأكيده على ما صرح به في الكشاف ، فيكون ظاهراً في ذلك لأن
    المتبادر في مثله عموم الأوقات ، وإذا لم يره موسى لم يره غيره إجماعاً .


    وإن نوقش في كونها للتأكيد أو للتأبيد فكفاك شاهداً استدلال أئمتنا عليهم‌السلام بها على
    نفي الرؤية مطلقاً ، لأنهم أفصح الفصحاء طراً باتفاق الفريقين ، مع أنا لكثرة براهيننا لا
    نحتاج إلى الإكثار في دلالة هذه الآية على المطلوب .
    وقال في هامشه : قال الرضي في تلخيصه : هذه استعارة على أحد وجهي التأويل
    وهو أن يكون المعنى : فلما حقق تعالى بمعرفته لحاضري الجبل الآيات التي أحدثها
    في العلم بحقيقته عوارض الشبه وخوالج الريب ، وكأن معرفته سبحانه تجلت لهم
    من غطاء أو برزت لهم من حجاب .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 185 ـ 191
    واحتج الأشاعرة بحجة عقلية كلامية لا نطيل الكلام بذكرها ، وأدلة نقلية منها
    قوله تعالى حكاية عن موسى عليه‌السلام : رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى
    الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي .
    والإحتجاج به من وجهين ، أحدهما ، أن موسى سأل الرؤية فلو استحالت كان
    سؤاله عليه‌السلام إما عبثاً إن علم المحالية وإما جهلاً إن لم يعلم ، وكلاهما محالان على
    النبي ولا سيما أنه كليم الله ، كيف والنبي يدعو إلى العقايد الحقة والأعمال الصالحة .
    وثانيهما ، أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل ، وهو أمر ممكن في نفسه فكذا
    ما علق عليه .
    واعترض على الأول ، بأن سؤال موسى عليه‌السلام عن لسان قومه بدليل قوله تعالى : لَن
    نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، وقوله تعالى : أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ .
    وأجيب بأنه مع مخالفته للظاهر حيث لم يقل أرهم ينظروا إليك ، وهو فاسد ، أما
    أولاً فلأنهم لما قالوا أرنا الله جهرة زجرهم بأخذ الصاعقة فلم يحتج إلى سؤال الرؤية
    وليس أخذ الصاعقة دليلاً لهم لجواز أن يكون ذلك لقصدهم إعجاز موسى عليه‌السلام عن
    إتيان ما طلبوه عناداً ، أو لعدم قابليتهم بما هم منهمكون في الدنيا ، ولذا قال
    الأشاعرة : المؤمنون يرونه تعالى في الآخرة .

    وأما ثانياً ، فلأن تجويز الرؤية باطل عند المعتزلة فلا يجوز لموسى عليه‌السلام تأخير رد
    الرؤية وتقرير الباطل ، ألا ترى أنهم لما قالوا إجعل لنا إلۤهاً كما لهم آلهة ، رد عليهم من
    ساعة بقوله : إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ .
    وعلى الوجه الثاني بأنها علقت على الإستقرار عقيب النظر بدليل الفاء وكلمة إن ،
    وهو حالة الإندكاك ، ولا نسلم إمكان الإستقرار حينئذ . والجواب : أن الإستقرار حال
    الحركة ممكن لا بشرط الحركة كما أن قيام زيد ممكن حال قعوده لا بشرط قعوده .
    أنواع التجلي الإلۤهي
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 2 ص 5
    بيان ذلك : أن لله تعالى تجليات : تجل ذاتي هو تجلي ذاته بذاته على ذاته ، إذ لم
    يكن إسم ولا رسم .
    وتجل صفاتي ، هو تجلي ذاته في أسمائه الحسنى وصفاته العليا على وجه
    يستتبع تجليه في صور أسمائه وصفاته ، أعني الأعيان الثابتة اللازمة للأسماء
    والصفات لزوماً غير متأخر في الوجود ، بل هي هناك موجودة بوجود الأسماء
    الموجودة بوجود المسمى جل شأنه .
    وهذا التجلي يسمى بالمرتبة الواحدية ، كما أن الأول يسمى بالمرتبة الأحدية .
    وتجل أفعالي ، هو تجلي ذاته بفعله ، وهو الوجود الإنبساطي على كل ماهية
    ماهية من الدراة البيضاء إلى ذرة الهباء ، في كل من الجبروت والملكوت والناسوت
    بحسبه . وهذا مسمى بالرحمة الفعلية ، كما أن الثاني مسمى بالرحمة الصفتية ، وهذا
    بالفيض المقدس وذاك بالفيض الأقدس .
    وصبح الأزل يمكن أن يراد به الثاني ، كما يمكن أن يراد به الثالث .
    وبيان النطق الحقيقي للصباح سواء كان صباح عالم الصورة أو صباح عالم
    المعنى : أن النطق الظاهري اللفظي إنما يكون نطقاً لكونه وجوداً كاشفاً عن وجود



    ذهني وهو عن وجود عيني ، لا لكون خصوصية الصوت معتبرة فيه حتى لو لم يكن
    صوتاً لم يكن نطقاً ، وإنما هذه بالمواضعة للتسهيل . كما أن كاشفيته عن وجود آخر
    ذهني بالمواضعة ودلالته بالوضع لا بالطبع ، ولو كان بالطبع لأكد نطقيته كما في
    الوجودات الذهنية بالنسبة إلى الوجودات العينية ، ولذا تسمى العقول المدركة
    للكليات نواطق والنفس ناطقة وقيل شعراً :
    إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
    جعل اللسان على الفؤاد دليلا

    والأشاعرة ذهبوا إلى الكلمات النفسية ، ولكن لا وجه للتخصيص ، فإذن إن كان
    بدل الكيفيات المسموعة الموضوعة أشياء أخرى موضوعة ، بحيث يكون حضور
    الأشياء الدالة منشأ لحضور الأشياء المدلولة في الذهن ، كان حالها حينئذ حالها .
    تفسير عرفاني لعدم إمكان رؤية الله تعالى
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 210
    ( يا من لا تدرك الأفهام جلاله ، يا من لا تنال الأوهام كنهه )
    كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار ، وإن
    الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم . ولذلك يطلق على الذات باعتبار الحضرة
    الأحدية غيب الغيوب والغيب المطلق والغيب المكنون والغيب المصون والمنقطع
    الوحداني ومنقطع الإشارات والتجلي الذاتي والكنز المخفي والعماء ، وغير ذلك .
    وإنما لا يدرك كنه الذات لما تقرر أنه إذا جاوز الشئ حده انعكس ضده فإذا كان
    ظهوره في قصيا مراتب الظهور أنتج غاية الخفاء وانعكس عكس الجلاء .
    وأيضاً لما كان قهاراً للكل فلم يبق أحد في سطوع نوره حتى يراه ، بل يتلاشى
    ويضمحل بتأجج نار محياه .
    وأيضاً هو تعالى بكل شئ محيط ، والمحيط لا يصير محاطاً . . . .


    الله تعالى يتجلى بخلقه
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 150
    ( يا من في الآفاق آياته )
    أي في النواحي من عوالم الوجود علاماته ، والإسم مأخوذ من الآية أعني قوله
    تعالى : سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ، وفي التعبير بالآيات إشارة إلى أن عالم
    الآفاق كتاب تكويني له كالكتاب التدويني ، كما قال الإمام الغزالي : العالم كله
    تصنيف الله ، وقيل بالفارسية :
    بنزد آنكه جانش در تجلى است
    همه عالم كتاب حق تعالى است

    عرض اعراب وجوهر چون حروفست
    مراتب همچو آيات وقوفست

    از هر عالمى چون سورهٔ خاص
    يكى زان فاتحه وآن ديگر اخلاص

    وفي الإكتفاء بالآفاق في الإسم إشارة إلى تطابق الكتاب الآفاقي والكتاب
    الأنفسي وأن كلاً منهما تام فيه جميع ما في الآخر .
    قال ابن جمهور : الكتب ثلاثة : الآفاقي والقرآني والأنفسي ، فمن قرأ الكتاب
    القرآني الجمعي على الوجه الذي ينبغي فكمن قرأ الكتاب الآفاقي بأسره إجمالاً
    وتفصيلاً ، ومن قرأ الكتاب الآفاقي على الوجه المذكور فكمن قرأ الكتاب الأنفسي
    إجمالاً وتفصيلاً ، ولهذا اكتفى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بواحد منهما في معرفته تعالى بقوله : من
    عرف نفسه فقد عرف ربه ، لأنه كان عارفاً بأن من يعرف نفسه على ما ينبغي ويطالع
    كتابه على ما هو عليه في نفسه يعرف ربه على ما ينبغي ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :
    اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا .
    وكذلك من طالع الكتاب القرآني على وجه التطبيق تجلى له الحق تعالى في صور
    ألفاظه وتركيبه وآياته وكلماته تجلياً معنوياً ، كما أشار إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله :
    لقد تجلى لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون .
    ومن طالع الكتاب الآفاقي على ما هو عليه تجلى له الحق تعالى في صور مظاهرة



    الأسمائية وملابسه الفعلية الكونية المسماة بالحروف والكلمات والآيات ، المعبر
    عنها بالموجودات العلوية والسفلية والمخلوقات الروحانية والجسمانية على
    الإطلاق والتعيين تجلياً شهودياً عيانياً ، لأنه ليس في الوجود سوى الله وصفاته
    وأسمائه وأفعاله ، فالكل هو وبه ومنه وإليه .
    ومن طالع الكتاب الأنفسي الصغير الإنساني وطبقه بالكتاب الآفاقي تجلى له
    الحق تعالى في الصورة الإنسانية الكاملة والنشأة الحقيقية الجامعة ، تجلياً ذاتياً
    شهودياً عيانياً بحسب ما يشاهده في كل عين من حروفه وكلماته وآياته ، المعبر عنها
    بالقوى والأعضاء والجوارح .
    فكل من طالع كتابه الخاص به وشاهد نفسه المجردة وبساطتها وجوهريتها
    ووحدتها وبقاءها ودوامها وإحاطتها بعالمها ، عرف الحق وشاهده وعرف أنه محيط
    بالأشياء وصورها ومعانيها عاليها وسافلها شريفها وخسيسها ، مع تجرده ووحدته
    وتنزهه وبقائه ودوامه من غير تغير في ذاته وحقيقته .
    قالوا : وكذلك الحق إذا أراد أن يشاهد نفسه في المرآة الكاملة الذاتية الجامعة
    يشاهدها في الإنسان الكامل بالفعل ، وفي غير الكامل بالقوة لأنه مظهر الذات
    الجامعة لا غير . . . . ومن هذا قيل : أراد الله أن يظهر ذاته الجامعة في صورة جامعة
    فأظهرها في صورة الإنسان ، وأراد أن يظهر الأسماء والصفات والأفعال في صورة
    كاملة مفصلة فأظهرها في صورة العالم .
    أقول : في هذا التقسيم لكتب الكون تأملات فكرية وروحية مفيدة ، ولا شك في
    صحة القول بأن الله تعالى قد تجلى بخلقه بمعنى من معاني التجلي ، ولكن قولهم
    بأنه تعالى خلق الإنسان ليكون مظهراً تتجلى به ذاته ، وخلق الكون ليكون مظهراً
    لأسمائه ، كلام جميل لو وجد عليه دليل . وإلا فمن أين للعرفاني والفيلسوف أن
    يعرف لماذا خلق الله هذا المخلوق أو ذاك ؟ إن الدليل على ذلك منحصر بإخباره
    تعالى عن أهدافه عن طريق أنبيائه وأوصيائهم ، وما ربما يجزم به العقل . . وما سوى
    ذلك فهو ظنون من عقولنا واحتمالات ، لا يمكننا أن ننسبها إلى الله تعالى !

    كما نلاحظ أن بعض الفلاسفة والمتصوفين والعرفانيين يميلون إلى قبول أحاديث
    التشبيه بلا تحقيق في سندها ، ويحاولون الإستشهاد بها على أفكارهم ، بل قد يبنون
    عليها نظرياتهم ، مع أن الحديث لا وجود له ! أو له وجود في المصادر لكن ورد عن
    الأئمة عليهم‌السلام أو عن علماء الجرح والتعديل تكذيبه ، كما رأيت في حديث ( خلق الله
    آدم على صورته ) ! وهذا البلاء عام في مصادر الفلسفة والعرفان والتصوف عند
    السنة والشيعة !
    تفسيرهم الموافق لمذهبنا
    ـ قال النويري في نهاية الإرب ج 7 جزء 13 ص 211
    واختلف العلماء في معنى التجلي ، قال ابن عباس : ظهر نوره للجبل . . . . فقام
    موسى يسبح الله تعالى ويقول : آمنت أنك ربي وصدقت أنه لا يراك أحد .
    ـ وأورد السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 118 ـ 123 بضع عشرة رواية في بعضها
    تصريح بعدم إمكان الرؤية في الدنيا ، وليس فيها ذكر خنصر الله تعالى ولا أصابعه ،
    وفي بعضها أن الله تعالى تجلى بأن أظهر خنصر يده ! وفي بعضها اتهامات
    لموسى عليه‌السلام بما اتهمه اليهود ، وتأثر واضح بأساطير الإسرائيليات . . ونذكر منها هنا
    الروايات الموافقة لمذهبنا ، وشبه الموافقة . . قال السيوطي :
    وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس ، وخر موسى صعقا ، قال : غشى
    عليه إلا أن روحه في جسده ، فلما أفاق قال لعظم ما رأى : سبحانك تنزيهاً لله من أن
    يراه . تبت إليك ، رجعت عن الأمر الذي كنت عليه . وأنا أول المؤمنين ، يقول : أول
    المصدقين الآن أنه لا يراك أحد .
    وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس : وأنا أول المؤمنين ، يقول : أنا أول
    من يؤمن أنه لا يراك شئ من خلقك .
    وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : فلما تجلى ربه للجبل ،
    قال : كشف بعض الحجب .


    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله :
    وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ، أي ميتاً . فلما أفاق ، قال : فلما رد الله عليه روحه ونفسه قال :
    سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ، أنه لن تراك نفس فتحيا .
    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :
    تُبْتُ إِلَيْكَ ، قال من سؤالي إياك الرؤية ، وأنا أول المؤمنين ، قال : أول قومي إيماناً .
    وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله : وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ،
    قال : قد كان إذن قبله مؤمنون ، ولكن يقول أنا أول من آمن بأنه لا يراك أحد من
    خلقك إلى يوم القيامة .
    وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس
    قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ، قال قال الله
    عز وجل : يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات ، ولا يابس إلا تدهده ، ولا رطب إلا
    تفرق ، وإنما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم ولا تبلى أجسادهم .
    عبد بن حميد عن مجاهد قال : لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل ، فإنه أكبر منك
    وأشد خلقاً قال ، فلما تجلى ربه للجبل فنظر إلى الجبل لا يتمالك ، وأقبل الجبل
    يندك على أوله ، فلما رأى موسى ما يصنع الجبل ، خر موسى صعقا .
    وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
    أوحى الله إلى موسى بن عمران أني مكلمك على جبل طور سينا ، صار من مقام
    موسى إلى الجبل طور سينا أربع فراسخ في أربع فراسخ رعد وبرق وصواعق فكانت
    ليلة قر ، فجاء موسى حتى وقف بين يدي صخرة جبل طور سينا فإذا هو بشجرة
    خضراء الماء يقطر منها وتكاد النار تلفح من جوفها ، فوقف موسى متعجباً فنودي من
    جوف الشجرة ياميشا فوقف موسى مستمعاً للصوت ، فقال موسى من هذا الصوت
    العبراني يكلمني ؟ فقال الله له : يا موسى إني لست بعبراني إني أنا الله رب العالمين ،
    فكلم الله موسى في ذلك المقام بسبعين لغة ليس منها لغة إلا وهي مخالفة للغة


    الأخرى ، وكتب له التوراة في ذلك المقام ، فقال موسى : إلۤهي أرني أنظر اليك ، قال :
    يا موسى إنه لا يراني أحد إلا مات ، فقال موسى : إلۤهي أرني أنظر إليك وأموت ،
    فأجاب موسى جبل طور سينا : يا موسى بن عمران لقد سألت أمراً عظيماً لقد
    ارتعدت السموات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن ، وزالت الجبال
    واضطربت البحار لعظم ما سألت يا ابن عمران ، فقال موسى وأعاد الكلام : رب أرني
    أنظر اليك ، فقال : يا موسى أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فإنك تراني ، فلما تجلى
    ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً ، مقدار جمعة فلما أفاق موسى مسح التراب
    عن وجهه وهو يقول : سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ، فكان موسى بعد
    مقامه لا يراه أحد إلا مات ، واتخذ موسى على وجهه البرقع فجعل يكلم الناس
    بقفاه ، فبينا موسى ذات يوم في الصحراء فإذا هو بثلاثة نفر يحفرون قبراً حتى انتهوا
    إلى الضريح ، فجاء موسى حتى أشرف عليهم فقال لهم لمن تحفرون هذا القبر ، قالوا
    له لرجل كأنه أنت أو مثلك وفي طولك أو نحوك ، فلو نزلت فقدرنا عليك هذا
    الضريح فنزل موسى فتمدد في الضريح فأمر الله الأرض فانطبقت عليه ! انتهى .
    وهذه واحدة من تهم اليهود لنبيهم موسى على نبينا وآله وعليه السلام ، وهو يدل
    على أن وجوده كان ثقيلاً عليهم ، حتى زعموا أن الله تعالى أراحهم منه بهذه الطريقة ! !
    تفسيرهم الذي فيه تجسيم
    ـ مسند أحمد ج 3 ص 125 :
    عن ثابت عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فَلَمَّا
    تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ، قال قال : هكذا ، يعنى أنه أخرج طرف الخنصر ! قال أبي أرانا
    معاذ ، قال فقال له حميد الطويل : ما تريد إلى هذا يا أبا محمد ! قال فضرب صدره
    ضربة شديدة وقال : من أنت يا حميد وما أنت يا حميد ! يحدثني به أنس بن مالك
    عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت : ما تريد إليه !



    ـ مسند أحمد ج 3 ص 209
    عن ثابت عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل :
    فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ، قال : فأومأ بخنصره ، قال فساخ .
    ـ ميزان الإعتدال ج 1 ص 593
    عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ . قال :
    أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه ، فساخ الجبل . فقال حميد الطويل لثابت :
    تحدث بمثل هذا قال : فضرب في صدر حميد وقال : يقوله أنس ، ويقوله رسول الله
    صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا ! رواه جماعة عن حماد ، وصححه الترمذي .
    ـ مستدرك الحاكم ج 1 ص 25
    . . . عن ثابت عن أنس رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في هذه الآية فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ
    لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ : بدا منه قدر هذا . . . . . عن ثابت عن أنس رضي‌الله‌عنه قال قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :
    قال رب أرني أنظر إليك ، قال فأخرج من النور مثل هذا وأشار بيده إلى نصف أنملة
    الخنصر فضرب بها صدر حماد ، قال فساخ الجبل . هذا حديث صحيح على شرط
    مسلم ولم يخرجاه .
    ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 320
    عن ثابت عنه ( أنس ) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله عز وجل : فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
    جَعَلَهُ دَكًّا ، قال حماد : هكذا ووضع الإبهام على مفصل الخنصر الأيمن ، قال فقال
    حميد لثابت : تحدث بمثل هذا ! قال فضرب ثابت صدر حميد ضربة بيده وقال :
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحدث به وأنا لا أحدث به ، هذا حديث صحيح على شرط مسلم .
    ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 576
    عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن موسى بن عمران لما كلمه ربه
    أحب أن ينظر إليه فقال : رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ، قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ


    اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ، فحف حول الجبل الملائكة وحف حول الملائكة بنار ،
    وحف حول النار بملائكة وحف حول الملائكة بنار ، ثم تجلى ربه للجبل ، ثم
    تجلى منه مثل الخنصر فجعل الجبل دكاً وخر موسى صعقاً ما شاء الله ، ثم إنه أفاق
    فقال : سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ، يعني أول من آمن من بني إسرائيل .
    هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
    عن أنس رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلا هذه الآية : فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ، أشار
    حماد ووضع إبهامه على مفصل الخنصر ، قال فساخ الجبل . هذا حديث صحيح
    على شرط مسلم ولم يخرجاه .
    ـ بقية روايات السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 118 ـ 123
    وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه ، وابن جرير وابن المنذر وابن
    أبي حاتم وابن عدي في الكامل وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وابن مردويه والبيهقي
    في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية :
    فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ، قال هكذا وأشار بإصبعيه ووضع طرف إبهامه على
    أنملة الخنصر ، وفي لفظ على المفصل الأعلى من الخنصر ، فساخ الجبل وخر موسى
    صعقا . وفي لفظ فساخ الجبل في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة .
    وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الرؤية عن ابن عباس :
    فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ، قال : ما تجلى منه إلا قدر الخنصر ، جعله دكاً ، قال تراباً وخر
    موسى صعقاً ، قال مغشياً عليه .
    وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
    قال : لما تجلى الله لموسى تطاير سبعة أجبال ، ففي الحجاز منها خمسة وفي اليمن
    اثنان ، في الحجاز أحد وثبير وحراء وثور وورقان ، وفي اليمن حصور وصير .
    وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :
    لما تجلی ربه للجبل جعله دكاً ، قال : أخرج خنصره !



    من هو قيس بن ثابت راوي حديث خنصر الله تعالى
    الظاهر أن عمدة السند عند إخواننا في الحديث المرفوع إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هو ثابت
    بن قيس غلام بني أمية ، ولذلك نعرض شيئاً من ترجمته من مصادر الجرح
    والتعديل ، ونلاحظ أن حميداً الطويل الذي هو غلام كابلي من منطقة ثابت قد
    استنكر على ثابت أن يروي هذا الحديث الذي فيه تجسيم ، وأن الذهبي على عادته
    في مدح المجسمين وصف ثابتاً بالصادق ، مع أن عدداً من العلماء جرحوه أو
    وصفوه بالوهم والخلط ، قال ابن حبان في كتاب المجروحين ج 1 ص 206 :
    ثابت بن قيس أبو الغصن من أهل المدينة مولى عثمان بن عفان ، روى عنه ابن
    مهدي وابن أبي أويس ، وكان قليل الحديث كثير الوهم فيما يرويه ، لا يحتج بخبره
    إذا لم يتابعه غيره عليه ، سمعت الحنبلي يقول : سمعت أحمد بن زهير يقول : سئل
    يحيى بن معين عن ثابت بن قيس أبي الغصن فقال : ضعيف .
    ـ وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 2 ص 13
    20 ـ ي د س . البخاري في جزء رفع اليدين وأبي داود والنسائي . ثابت بن قيس
    ثابت بن قيس الغفاري مولاهم أبو الغصن المدني . رأى أبا سعيد الخدري وروى عن
    أنس ونافع بن جبير بن مطعم وسعيد المقبري وأبيه أبي سعيد وخارجة بن زيد بن
    ثابت وجماعة .
    وعنه ، ابن مهدي ، وزيد بن الحباب ، وإسماعيل ابن أبي أويس ، والقعنبي ،
    وخالد بن مخلد ، وغيرهم . . . .
    قال أبو طالب عن أحمد : ثقة ، وقال عباس عن ابن معين : ليس به بأس ، وقال في
    موضع آخر حديثه ليس بذاك وهو صالح ، وقال النسائي : ليس به بأس .
    وقال ابن سعد مات سنة ( 168 ) وهو يومئذ ابن مائة سنة وكان قديماً قد رأى
    الناس وروى عنهم ، وهو شيخ قليل الحديث .
    وقال ابن أبي عدي هو ممن يكتب حديثه .

    قلت : وقال الآجري عن أبي داود : ليس حديثه بذاك ، وقال مسعود الشحري عن
    الحاكم : ليس بحافظ ولا ضابط . وقال ابن حبان في الضعفاء : كان قليل الحديث كثير
    الوهم فيما يرويه لا يحتج بخبره إذا لم يتابعه عليه غيره . وأعداده في الثقات .
    ـ وترجم له الذهبي في ميزان الإعتدال ج 1 ص 366 وقال في سير أعلام النبلاء ج 7 ص 25
    أبو الغصن ، هو الشيخ العالم الصادق المعمر بقية المشيخة أبو الغصن ثابت ابن
    قيس الغفاري ، مولاهم المدني : عداده في صغار التابعين .
    يروي عن : أنس بن مالك ، وسعيد بن المسيب ، ونافع بن جبير . . . .
    قال يحيى بن معين والنسائي : ليس به بأس . وقال ابن معين أيضاً في رواية عباس :
    هو صالح ، ليس حديثه بذاك ، وروى أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى : ضعيف . قال ابن
    حبان : هو من موالي عثمان بن عفان . وكان قليل الحديث ، كثير الوهم فيما يروي ، لا
    يحتج بخبره إذا لم يتابعه غيره عليه . وقال ابن عدي : يكتب حديثه . انتهى .
    ومن الملاحظ في كتب الجرح والتعديل وعموم مصادر اخواننا أن أسهم رواة
    أحاديث التشبيه والتجسيم ارتفعت مع العصور ، حتى بلغت أوجها على يد
    المجسمين من أمثال الذهبي ، وأن الوهابيين أهتموا بتعظيمهم ونشر كتبهم في أنحاء
    العالم الإسلامي ! !
     
    تفسير قوله تعالى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ
    قال تعالى : أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ . سَلْهُمْ
    أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ . أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ . يَوْمَ يُكْشَفُ عَن
    سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ . خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا
    يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ . فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم
    مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ . وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ . القلم 39 ـ 45


    وقد تقدم قسم من تفسير إخواننا لهذه الآية تحت عنوان ( بازار الأحاديث والآراء
    في الرؤية )
    فسرها أهل البيت عليهم‌السلام بكشف حجاب الآخرة وأهوالها
    ـ تفسير نور الثقلين ج 5 ص 395
    في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الأخبار في التوحيد بإسناده
    إلى الحسن بن سعيد عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ
    إِلَى السُّجُودِ ، قال : حجاب من نور يكشف ، فيقع المؤمنون سجداً ، وتدمج أصلاب
    المنافقين فلا يستطيعون السجود .
    في مجمع البيان : وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام أنهما قالا في هذه الآية :
    أفحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر لما رهقهم
    من الندامة والخزي والذلة ، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ، أي لا
    يستطيعون الأخذ بما أمروا والترك لما نهوا عنه ، ولذلك ابتلوا .
    في كتاب التوحيد بإسناده إلى حمزة بن محمد الطيار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام
    عن قول الله عز وجل : وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ، قال : مستطيعون
    يستطيعون الأخذ بما أمروا به والترك لما نهوا عنه ، وبذلك ابتلوا . ثم قال : ليس شئ
    مما أمروا به ونهوا إلا ومن الله عز وجل فيه ابتلاء وقضاء .
    ـ تفسير التبيان ج 10 ص 86
    وقوله يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ، قال الزجاج : هو متعلق بقوله : فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ . . . .
    وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك معناه : يوم يبدو
    عن الأمر الشديد كالقطيع من هول يوم القيامة . والساق ساق الإنسان وساق الشجرة
    لما يقوم عليه بدنها ، وكل نبت له ساق فهو شجر ، قال الشاعر :
    للفتى عقل يعيش به
    حيث يهدي سَاقَهُ قَدَمُهْ


    فالمعنى يوم يشتد الأمر كما يشتد ما يحتاج فيه إلى أن يقوم على ساق ، وقد كثر
    في كلام العرب حتى صار كالمثل فيقولون : قامت الحرب على ساق وكشفت عن
    ساق ، قال زهير بن جذيمة :
    فإذا شَمَّرَتْ لك عن ساقها
    فَوَيْهاً ربيعُ ولا تسأمِ

    وقال جد أبي طرفة :
    كشفت لهم عن ساقها
    وبدا من الشر الصراح

    وقال آخر :
    قد شمرت عن ساقها فشدوا
    وجدَّت الحرب بكم فجدوا


    والقوس فيها وترٌ غِرَدُّ

    وقوله : وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ، قيل : معناه إنه يقال لهم على وجه التوبيخ :
    اسجدوا فلا يستطيعون ، وقيل : معناه إن شدة الأمر وصعوبة الحال تدعوهم إلى
    السجود ، وإن كانوا لا ينتفعون به .
    تفسير إخواننا الموافق لمذهبنا
    ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 499
    عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه سئل عن قوله عز وجل : يَوْمَ
    يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ، قال : إذا خفي عليكم شئ من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان
    العرب ، أما سمعتم قول الشاعر . إصبر عناق إنه شر باق . . . .
    وقد روى الحاكم وغيره عدة أحاديث فيها ( يكشف عن ساق ) بدون نسبة الساق
    إلى الله تعالى ، كما في ج 2 ص 376 وج 4 ص 551 وقال عنه : حديث صحيح على
    شرط الشيخين ولم يخرجاه . ورواه في ج 4 ص 582 ونحوه في مسلم في ج 1 ص 115
    وج 8 ص 202



    ـ مجمع الزوائد ج 7 ص 128
    قوله تعالى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ، عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه
    وسلم : يوم يكشف عن ساق ، قال عن نور عظيم يخرون له سجداً . رواه أبو يعلى
    وفيه روح بن جناح وثقه دحيم وقال فيه ليس بالقوي ، وبقية رجاله ثقات .
    ـ وقال في مجمع الزوائد ج 6 ص 303 ، ونحوه في ج 9 ص 277
    وعن الضحاك بن مزاحم الهلالي قال : خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في
    نفر من رؤوس الخوارج ينقرون عن العلم ويطلبونه ، حتى قدموا مكة فإذا هم بعبد الله
    بن عباس قاعداً قريباً من زمزم وعليه رداء له أحمر وقميص ، فإذا أناس قيام يسألونه
    عن التفسير يقولون يا أبا عباس ما تقول في كذا وكذا ، فيقول هو كذا وكذا ، فقال له
    نافع به الأزرق : ما أجرأك يا ابن عباس على ما تخبر به منذ اليوم !
    فقال له ابن عباس : ثكلتك أمك يا نافع وعدمتك ! ألا أخبرك من هو أجرأ مني ؟
    قال : من هو يا ابن عباس ؟
    قال : رجل تكلم بما ليس له به علم ، أو كتم علماً عنده .
    قال صدقت يا ابن عباس ، أتيتك لأسألك .
    قال : هات يا ابن الأزرق فسل .
    قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ ) ما الشواظ ؟
    قال : اللهب الذي لا دخان فيه .
    قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله
    عليه وسلم ؟
    قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت :
    ألا من مبلغ حسان عني
    مغلغلةً تدبُّ إلى عُكاظِ

    أليس أبوك قيناً كان فينا
    إلى الفتيات فَسْلاً في الحفاظ

    يمانياً يظل يشب كيراً
    وينفخ دائباً لهب الشواظ


    قال : صدقت فأخبرني عن قوله : ونحاس فلا تنتصران ، ما النحاس ؟
    قال : الدخان الذي لا لهب فيه .
    قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله
    عليه وسلم .
    قال : نعم ، قال أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول :
    يضئ كضوء سراج السليط
    لم يجعل الله فيه نحاسا

    يعني دخانا .
    قال : صدقت فأخبرني عن قول الله : أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ ؟
    قال : ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا في الرحم كانا مشجاً .
    قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله
    عليه وسلم ؟
    قال : نعم أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي وهو يقول :
    كأن النصل والفوقين فيه
    خلاف الريش سيط به مشيج

    قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ، ما الساق
    بالساق ؟
    قال : الحرب .
    قال : هل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله
    عليه وسلم ؟
    قال : نعم أما سمعت قول أبي ذؤيب :
    أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها
    وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا

    ـ الدر المنثور ج 6 ص 254
    وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن منده والبيهقي في الأسماء والصفات من
    طريق إبراهيم النخعي في قوله : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ، قال قال ابن عباس : يكشف
    عن أمر عظيم ، ثم قال : قد قامت الحرب على ساق .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:31

    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في
    الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : يَوْمَ يُكْشَفُ
    عَن سَاقٍ ، قال : إذا خفي عليكم شئ من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب .
    . . . وقامت الحرب بنا على ساق ، قال ابن عباس : هذا يوم كرب وشدة .
    وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : يَوْمَ
    يُكْشَفُ عَن سَاقٍ . . . .
    وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس . . . .
    وأخرج ابن منده عن ابن عباس . . . .
    وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن مجاهد في قوله : يَوْمَ
    يُكْشَفُ عَن سَاقٍ . . . .
    وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قرأ : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن
    سَاقٍ ، قال : يريد القيامة والساعة لشدتها .
    وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ، قال : حين
    يكشف الأمر وتبدو الأعمال ، وكشفه دخول الآخرة وكشف الأمر عنه .
    وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مندة من طريق عمرو ابن دينار قال
    كان ابن عباس يقرأ يوم تكشف عن ساق بفتح التاء ، قال أبو حاتم السجستاني : أي
    تكشف الآخرة عن ساقها يستبين منها ما كان غائباً .
    وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ : يوم يكشف عن ساق ، بالياء ورفع الياء .
    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن عكرمة أنه
    سئل عن قوله : يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ . . . .
    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله : يَوْمَ
    يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ، فغضب غضباً شديداً وقال : إن أقواماً يزعمون أن الله يكشف عن
    ساقه ، وإنما يكشف عن الأمر الشديد . انتهى . ورواه أيضاً عن مجاهد والنخعي .
    ورواه في ج 6 ص 292 عن قتادة .


    ـ الأحاديث القدسية للمجلس الأعلى المصري ج 1 ص 98
    قوله : فيكشف عن ساق ، فسر ابن عباس وجمهور أهل اللغة الساق هنا بالشدة ،
    أي يكشف عن الشدة . انتهى .
    وقد تقدمت رواياتهم التي فيها تجسيم ، في الفصل الثالث في بازار الأحاديث ،
    وهي كثيرة . وقد تبنى علماء الوهابية تفسيرها بساق الله تعالى عما يصفون !
     
    تفسير آيات الإستواء على العرش
    قال الله تعالى : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ
    اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ
    مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ، أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ . الأعراف ـ 54
    إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ
    يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ، مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ، ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ .
    يونس ـ 3
    اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
    وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ .
    الرعد ـ 2
    طه . مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ . إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ . تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ
    الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى . الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ . لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
    الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ . طه 1 ـ 6
    الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ
    الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا . الفرقان ـ 59


    اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى
    الْعَرْشِ ، مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ . السجدة ـ 4
    هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ، يَعْلَمُ مَا
    يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ، وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا
    كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ .
    الحديد ـ 4 ـ 5
    وقد تقدم قسم من تفسير إخواننا للاستواء على العرش تحت عنوان ( بازار
    الأحاديث والآراء في الرؤية )
    تفسير أهل البيت عليهم‌السلام
    الإستواء على العرش : استواء نسبة الله إلى العالم
    ـ روى الكليني في الكافي ج 1 ص 127
    علي بن محمد ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن موسى
    الخشاب عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن قول الله عز وجل : الرَّحْمَٰنُ
    عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، فقال استوى على كل شئ ، فليس شئ أقرب إليه من شئ .
    وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن
    عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : الرَّحْمَٰنُ عَلَى
    الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، فقال : استوى في كل شئ فليس شئ أقرب إليه من شئ ، لم يبعد
    منه بعيد ، ولم يقرب منه قريب ، استوى في كل شئ .
    وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن
    سعيد عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي
    عبد الله عليه‌السلام قال : من زعم أن الله من شئ ، أو في شئ ، أو على شئ ، فقد كفر ، قلت :


    فسر لي ، قال : أعني بالحواية من الشئ له أو بإمساك له أو من شئ سبقه .
    وفي رواية أخرى : من زعم أن الله من شئ فقد جعله محدثاً ، ومن زعم أنه في
    شئ فقد جعله محصوراً ، ومن زعم أنه على شئ فقد جعله محمولاً .
    ـ وروى في الكافي ج 1 ص 128
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي رفعه ، قال : سأل الجاثليق أمير
    المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرني عن الله عز وجل يحمل العرش أو العرش يحمله فقال
    أمير المؤمنين عليه‌السلام : الله عز وجل حامل العرش والسماوات والأرض وما فيهما وما
    بينهما ، وذلك قول الله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ، ولئن
    زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفورا .
    قال : فأخبرني عن قوله : وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ، فكيف قال
    ذلك وقلت إنه يحمل العرش والسماوات والأرض ؟
    فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة : نور أحمر ، منه
    احمرت الحمرة ، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ، ونور أصفر منه اصفرت
    الصفرة ، ونور أبيض منه ابيض البياض ، وهو العلم الذي حمله الله الحملة وذلك نور
    من عظمته ، فبعظمته ونوره أبصرت قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه
    الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه
    الوسيلة ، بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة ، فكل محمول يحمله الله بنوره
    وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا ، فكل
    شئ محمول ، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا ، والمحيط بهما من شئ
    وحياة كل شئ ونور كل شئ ، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً .
    قال له : فأخبرني عن الله عز وجل أين هو ؟
    فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو
    قوله : مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن



    ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ، فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما
    بينهما وما تحت الثرى ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وذلك قوله تعالى :
    وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ .
    فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه ، وليس يخرج عن
    هذه الأربعة شئ خلق الله في ملكوته الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله عليه‌السلام فقال :
    وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ، وكيف
    يحمل حملة العرش الله ، وبحياته حييت قلوبهم ، وبنوره اهتدوا إلى معرفته !
    ـ التوحيد للصدوق ص 247 من حديث عن الإمام الصادق عليه‌السلام :
    قال السائل : فله كيفية ؟
    قال : لا ، لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة ، ولكن لا بد من الخروج من جهة
    التعطيل والتشبيه ، لأن من نفاه أنكره ورفع ربوبيته وأبطله ، ومن شبهه بغيره فقد أثبته
    بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية ، ولكن لا بد من إثبات ذات
    بلا كيفية لا يستحقها غيره ، ولا يشارك فيها ، ولا يحاط بها ، ولا يعلمها غيره .
    قال السائل : فيعاني الأشياء بنفسه ؟
    قال أبو عبد الله عليه‌السلام : هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة ، لأن ذلك
    صفة المخلوق الذي لا تجئ الأشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة ، وهو تعالى نافذ
    الإرادة والمشية ، فعال لما يشاء .
    قال السائل : فله رضى وسخط ؟
    قال أبو عبد الله عليه‌السلام : نعم ، وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين ، وذلك أن
    الرضا والسخط دَخَالٌ يدخل عليه فينقله من حال إلى حال ، وذلك صفة المخلوقين
    العاجزين المحتاجين ، وهو تبارك وتعالى العزيز الرحيم لا حاجة به إلى شئ مما
    خلق ، وخلقه جميعاً محتاجون إليه ، وإنما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب ،
    اختراعاً وابتداعاً .

    قال السائل فقوله : الرحمن على العرش استوى ؟
    قال أبو عبد الله عليه‌السلام : بذلك وصف نفسه ، وكذلك هو مستول على العرش بائن من
    خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له ولا أن يكون العرش حاوياً له ، ولا أن العرش
    محتاز له ، ولكنا نقول : هو حامل العرش وممسك العرش ، ونقول من ذلك ما قال :
    وسع كرسيه السموات والأرض ، فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ، ونفينا أن يكون
    العرش والكرسي حاوياً له ، أو يكون عز وجل محتاجاً إلى مكان ، أو إلى شئ مما
    خلق ، بل خلقه محتاجون إليه .
    قال السائل : فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو
    الأرض ؟
    قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنه عز وجل أمر
    أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لأنه جعله معدن الرزق ، فثبتنا
    ما ثبته القرآن والإخبار عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله حين قال : إرفعوا أيديكم إلى الله عز وجل ،
    وهذا يجمع عليه فرق الأمة كلها .
    ـ التوحيد للصدوق ص 315
    روى الحديثين المتقدمين في الكافي ثم قال :
    استعمل الإستواء في معان : استقرار شئ على شئ ، وهذا ممتنع عليه تعالى كما
    نفاه الإمام عليه‌السلام في أخبار من هذا الباب ، لأنه من خواص الجسم . والعناية إلى الشئ
    ليعمل فيه ، وعليه فسر في بعض الأقوال قوله تعالى : ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ .
    والإستيلاء على الشئ ، كقول الشاعر :
    فلما علونا واستوينا عليهم
    تركناههم صرعى لِنِسْرٍ وكاسرِ

    والآية التي نحن فيها فسرت به في بعض الأقوال ، وفي الحديث الأول من الباب
    الخمسين .
    والإستقامة ، وفسر بها قوله تعالى : فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ ، وهذا قريب من المعنى



    الأول . والإعتدال في شئ وبه ، فسر قوله تعالى : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ . والمساواة
    في النسبة ، وهي نفيت في الآيات عن أشياء كثيرة كقوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ
    وَلَا الْأَمْوَاتُ . وفسر الإمام عليه‌السلام الآية بها في هذا الباب ، وظاهره مساواة النسبة من
    حيث المكان ، لأنه تعالى في كل مكان وليس في شئ من المكان بمحدود ، ولكنه
    تعالى تساوت نسبته إلى الجميع من جميع الحيثيات ، وإنما الإختلاف من قبل
    حدود الممكنات ، ولا تبعد الروايات من حيث الظهور عن هذا المعنى .
    حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي قال : حدثنا أحمد بن
    محمد أبو سعيد النسوي قال : حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الصغدي
    بمرو قال : حدثنا محمد بن يعقوب بن الحكم العسكري وأخوه معاذ بن يعقوب قالا :
    حدثنا محمد بن سنان الحنظلي قال : حدثنا عبد الله بن عاصم قال : حدثنا
    عبد الرحمن بن قيس ، عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان ، عن سلمان الفارسي في
    حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد قبض رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ، ثم أرشد إلى أمير المؤمنين علي بن
    أبي طالب عليه‌السلام فسأله عنها فأجابه ، وكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن الرب أين
    هو وأين كان ؟
    فقال علي عليه‌السلام : لا يوصف الرب جل جلاله بمكان ، هو كما كان ، وكان كما هو ، لم
    يكن في مكان ، ولم يزل من مكان إلى مكان ، ولا أحاط به مكان ، بل كان لم يزل بلا
    حد ولا كيف .
    قال : صدقت ، فأخبرني عن الرب أفي الدنيا هو أو في الآخرة ؟
    قال علي عليه‌السلام : لم يزل ربنا قبل الدنيا ، ولا يزال أبداً ، هو مدبر الدنيا ، وعالم
    بالآخرة ، فأما أن تحيط به الدنيا والآخرة فلا ، ولكن يعلم ما في الدنيا والآخرة .
    قال : صدقت يرحمك الله ، ثم قال : أخبرني عن ربك أيحمل أو يحمل ؟
    فقال علي عليه‌السلام : إن ربنا جل جلاله يحمل ولا يحمل .

    قال النصراني : فكيف ذاك ونحن نجد في الإنجيل ( كذا ) : ويحمل عرش ربك
    فوقهم يومئذ ثمانية ؟
    فقال علي عليه‌السلام : إن الملائكة تحمل العرش ، وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ،
    ولكنه شئ محدود مخلوق مدبر ، وربك عز وجل مالكه ، لا أنه عليه ككون الشئ
    على الشئ . وأمر الملائكة بحمله فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه .
    قال النصراني : صدقت رحمك الله . . والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ،
    وقد أخرجته بتمامه في آخر كتاب النبوة . . . .
    حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد
    ابن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد
    الله عليه‌السلام قال : من زعم أن الله عز وجل من شئ أو في شئ أو على شئ فقد أشرك ، ثم
    قال : من زعم أن الله من شئ فقد جعله محدثاً ، ومن زعم أنه في شئ فقد زعم أنه
    محصور ، ومن زعم أنه على شئ فقد جعله محمولاً .
    قال مصنف هذا الكتاب : إن المشبهة تتعلق بقوله عز وجل : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي
    خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ
    حَثِيثًا . ولا حجة لها في ذلك لأنه عز وجل عنى بقوله : ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ، أي
    ثم نقل إلى فوق السماوات وهو مستول عليه ومالك له ، وقوله عز وجل ( ثُمَّ ) إنما
    لرفع العرش إلى مكانه الذي هو فيه ونقله للإستواء ، فلا يجوز أن يكون معنى قوله
    استوى استولى لأن استيلاء الله تبارك وتعالى على الملك وعلى الأشياء ليس هو بأمر
    حادث ، بل لم يزل مالكاً لكل شئ ومستولياً على كل شئ ، وإنما ذكر عز وجل
    الإستواء بعد قوله ثم وهو يعني الرفع مجازاً ، وهو كقوله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ
    الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ ، فذكر ( نَعْلَمَ ) مع قوله ( حَتَّىٰ ) وهو عز وجل يعني
    حتى يجاهد المجاهدون ونحن نعلم ذلك ، لأن حتى لا يقع إلا على فعل حادث ،
    وعلم الله عز وجل بالأشياء لا يكون حادثاً . وكذلك ذكر قوله عز وجل : اسْتَوَىٰ عَلَى



    الْعَرْشِ ، بعد قوله ( ثُمَّ ) وهو يعني بذلك ثم رفع العرش لإستيلائه عليه ، ولم يعن
    بذلك الجلوس واعتدال البدن لأن الله لا يجوز أن يكون جسماً ولا ذا بدن ، تعالى الله
    عن ذلك علواً كبيرا .
    ـ الإقتصاد للشيخ الطوسي ص 37
    وقوله : الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، معناه استولى عليه لما خلقه ، كما قال
    الشاعر :
    قد استوى بشرٌ على العراق
    من غير سيف ودمٍ مُهْرَاق

    وقوله : لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ، معناه أنه تولى خلقه بنفسه ، كما يقول القائل هذا ما
    عملت يداك ، أي أنت فعلته . وقيل : معناه لما خلقت لنعمتي الدينية والدنيوية
    وقوله : في جنب الله معناه في ذات الله وفي طاعته .
    وقوله : وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ، أي بقدرته ، كما قال الشاعر :
    إذا ما رايةٌ رفعت لمجد
    تلقاها عَرَابةُ باليمين

    وقوله : تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ، أي ونحن عالمون .
    ولا يجوز أن يكون تعالى بصفة شئ من الأعراض ، لأنه قد ثبت حدوث
    الأعراض أجمع ، فلو كان بصفة شئ من الأعراض لكان محدثاً ، وقد بينا قدمه . ولأنه
    لو كان بصفة شئ من الأعراض لم يخل من أن يكون بصفة ما يحتاج إلى محل أو
    بصفة ما لا يحتاج إلى المحل كالغني وإرادة القديم تعالى وكراهته ، فإن كان بصفة
    القسم الأول أدى إلى قدم المحال وقد بينا حدوثها ، ولو كان بصفة القسم الثاني
    لاستحال وجوده وقتين كاستحالة ذلك على هذه الأشياء . وأيضاً لو كان بصفة الغني
    لاستحال وجود الأجسام معه ، وذلك باطل . . . .
    ولا يجوز أن يكون تعالى في جهة من غير أن يكون شاغلاً لها ، لأنه ليس في
    الفعل ما يدل على أنه في جهة لا بنفسه ولا بواسطة ، وقد بينا أنه لا يجوز وصفه بما
    يدل عليه الفعل لا بنفسه ولا بواسطة .

    ولا يجوز عليه تعالى الحاجة ، لأن الحاجة لا تجوز إلا على من يجوز عليه المنافع
    والمضار ، والمنافع والمضار لا يجوزان إلا على من تجوز عليه الشهوة والنفار ، وهما
    يستحيلان عليه تعالى . والذي يدل على أنه يستحيل عليه الشهوة والنفار أنه ليس
    في الفعل لا بنفسه ولا بواسطة ما يدل على كونه مشتهياً ونافراً ، وقد بينا أنه لا يجوز
    إثباته على صفة لا يقتضيها الفعل لا بنفسه ولا بواسطة .
    وأيضاً فالشهوة والنفار لا يجوزان إلا على الأجسام ، لأن الشهوة تجوز على من إذا
    أدرك المشتهي صلح عليه جسمه وإذا أدرك ما ينفر عنه فسد عليه جسمه ، وهما
    يقتضيان كون من وجدا فيه جسماً ، وقد بينا أنه ليس بجسم ، فيجب إذا نفي الشهوة
    والنفار عنه . وإذا انتفيا عنه انتفت عنه المنافع والمضار ، وإذا انتفيا عنه انتفت عنه
    الحاجة ووجب كونه غنياً ، لأن الغني هو الحي الذي ليس بمحتاج .
    ـ تفسير التبيان ج 4 ص 34
    والإستواء على أربعة اقسام : استواء في المقدار ، واستواء في المكان ، واستواء
    في الذهاب ، واستواء في الإنفاق . والإستواء بمعنى الإستيلاء راجع إلى الإستواء
    في المكان ، لأنه تمكن واقتدار .
    ـ تفسير التبيان ج 7 ص 159
    الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، قيل في معناه قولان : أحدهما ، أنه استولى عليه ،
    وقد ذكرنا فيما مضى شواهد ذلك . الثاني ، قال الحسن : استوى لطفه وتدبيره ، وقد
    ذكرنا ذلك أيضاً فيما مضى وأوردنا شواهده في سورة البقرة ، فأما الإستواء بمعنى
    الجلوس على الشئ فلا يجوز عليه تعالى ، لأنه من صفة الأجسام والأجسام كلها
    محدثة . ويقال : استوى فلان على مال فلان وعلى جميع ملكه أي احتوى عليه ، قال
    الفراء : يقال كان الأمر في بني فلان ثم استوى في بني فلان ، أي قصد إليهم وأنشد :
    أقول وقد قَطَعْنَ بنا شرورى
    ثواني واستويْنَ من النُّجوعِ

    أي خرجن وأقبلن .



    ـ كتاب العين ج 7 ص 326
    والمساواة والإستواء واحد ، فأما يسوى فإنها نادرة . . . . ويقال : هما على سوية
    من الأمر أي : على سواء وتسوية واستواء .
    ـ مفردات الراغب ص 251
    واستوى يقال على وجهين ، أحدهما : يسند إليه فاعلان فصاعداً نحو استوى
    زيد وعمرو في كذا أي تساويا ، وقال : لا يستوون عند الله . والثاني أن يقال لاعتدال
    الشئ في ذاته نحو : ذو مرة فاستوى ، وقال : فإذا استويت أنت . لتستووا على ظهوره .
    فاستوى على سوقه . واستوى فلان على عمالته واستوى أمر فلان .
    ومتى عدي بعلى اقتضى معنى الإستيلاء كقوله : الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ،
    وقيل معناه استوى له ما في السموات وما في الأرض ، أي استقام الكل على مراده
    بتسوية الله تعالى إياه ، كقوله : ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ . وقيل معناه استوى كل
    شئ في النسبة إليه فلا شئ أقرب إليه من شئ ، إذ كان تعالى ليس كالأجسام الحالة
    في مكان دون مكان .
    وإذا عدي بإلى اقتضى معنى الإنتهاء إليه إما بالذات أو بالتدبير ، وعلى الثاني
    قوله : ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ .
    معنى العرش والكرسي عند أهل البيت عليهم‌السلام
    ـ الكافي للكليني ج 1 ص 130
    أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى قال : سألني
    أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فأستأذنته فأذن لي ، فدخل
    فسأله عن الحلال والحرام ثم قال له : أفتقرُّ أن الله محمول ؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : كل
    محمول للمفعول مضاف ، إلى غيره محتاج ، والمحمول اسم نقص في اللفظ
    والحامل فاعل وهو في اللفظ مدحة ، وكذلك قول القائل : فوق وتحت وأعلا


    وأسفل ، وقد قال الله : وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ، ولم يقل في كتبه إنه
    المحمول ، بل قال : إنه الحامل في البر وبالبحر والممسك السماوات والأرض أن
    تزولا ، والمحمول ما سوى الله ، ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه :
    يا محمول !
    قال أبو قرة : فإنه قال : وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ، وقال : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ .
    فقال أبو الحسن عليه‌السلام : العرش ليس هو الله والعرش اسم علم وقدرة ، وعرش فيه
    كل شئ ، ثم أضاف الحمل إلى غيره خلق من خلقه ، لأنه استعبد خلقه بحمل
    عرشه ، وهم حملة علمه ، وخلقاً يسبحون حول عرشه وهم يعملون بعلمه ،
    وملائكة يكتبون أعمال عباده ، واستعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته ، والله على
    العرش استوى كما قال ، والعرش ومن يحمله ومن حول العرش ، الله الحامل لهم
    الحافظ لهم الممسك القائم على كل نفس وفوق كل شئ وعلى كل شئ ، ولا يقال
    محمول ولا أسفل ، قولاً مفرداً لا يوصل بشئ فيفسد اللفظ والمعنى .
    قال أبو قرة : فتكذب بالرواية التي جاءت أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه أن
    الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم فيخرون سجداً ، فإذا
    ذهب الغضب خف ورجعوا إلى مواقفهم ؟
    فقال أبو الحسن عليه‌السلام : أخبرني عن الله تبارك وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا
    هو غضبان عليه فمتى رضي ، وهو في صفتك لم يزل غضبان عليه وعلى أوليائه
    وعلى أتباعه ! كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال وأنه يجري عليه
    ما يجري على المخلوقين ! سبحانه وتعالى لم يزل مع الزائلين ولم يتغير مع
    المتغيرين ولم يتبدل مع المتبدلين ، وَمَنْ دونَه يدُه وتدبيره ، وكلهم إليه محتاج وهو
    غني عمن سواه !
    محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ابن



    عبد الله ، عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : وَسِعَ
    كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، فقال : يا فضيل كل شئ في الكرسي ، السماوات
    والأرض وكل شئ في الكرسي .
    محمد بن يحيى ، عن أحمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن
    زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
    السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، السماوات والأرض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع
    السماوات والأرض ؟ فقال : بل الكرسي وسع السماوات والأرض والعرش ، وكل
    شئ وسع الكرسي .
    محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن
    أيوب ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول
    الله عز وجل : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، السماوات والأرض وسعن الكرسي
    أو الكرسي وسع السماوات والأرض ؟ فقال : إن كل شئ في الكرسي .
    ـ التوحيد للصدوق ص 108
    ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ،
    عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، قال : ذاكرت أبا عبد الله عليه‌السلام فيما يروون
    من الرؤية ، فقال : الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي ، والكرسي جزء من
    سبعين جزء من نور العرش ، والعرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب ،
    والحجاب جزء من سبعين جزء من نور الستر ، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من
    الشمس ليس دونها سحاب .
    ـ التوحيد للصدوق ص 319
    باب معنى قوله عز وجل : وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ .
    حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي
    عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثنا جذعان بن نصر


    أبو نصر الكندي قال : حدثني سهل بن زياد الآدمي ، عن الحسن بن محبوب ، عن
    عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله عز وجل :
    وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، فقال لي : ما يقولون في ذلك . قلت : يقولون إن العرش كان
    على الماء والرب فوقه . فقال : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولاً ووصفه
    بصفة المخلوقين ، ولزمه أن الشئ الذي يحمله أقوى منه ! قلت : بين لي جعلت
    فداك . فقال : إن الله عز وجل حمل علمه ودينه الماء قبل أن تكون أرض أو سماء أو
    جن أو إنس أو شمس أو قمر ، فلما أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم :
    من ربكم فكان أول من نطق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمة صلوات الله
    عليهم ، فقالوا : أنت ربنا ، فحملهم العلم والدين ، ثم قال للملائكة : هؤلاء حملة
    علمي وديني وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون ، ثم قيل لبني آدم : أقروا لله
    بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربنا أقررنا ، فقال للملائكة : إشهدوا ،
    فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا إنا كنا عن هذا غافلين ، أو يقولوا إنما أشرك
    آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون . يا داود ولايتنا مؤكدة
    عليهم في الميثاق .
    حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن علي
    الأنصاري ، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون أبا
    الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام عن قول الله عز وجل : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
    وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ، فقال : إن الله
    تبارك وتعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السموات والأرض ، وكانت
    الملائكة تستدل بأنفسها وبالعرش والماء على الله عز وجل ، ثم جعل عرشه على
    الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فيعلموا أنه على كل شئ قدير ، ثم رفع العرش
    بقدرته ونقله فجعله فوق السموات السبع ، وخلق السموات والأرض في ستة أيام ،
    وهو مستول على عرشه ، وكان قادراً على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنه عز وجل



    خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئاً بعد شئ ، وتستدل بحدوث ما
    يحدث على الله تعالى ذكره مرة بعد مرة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة به إليه ، لأنه
    غني عن العرش وعن جميع ما خلق ، لا يوصف بالكون على العرش لأنه ليس
    بجسم ، تعالى الله عن صفة خلقه علواً كبيرا .
    وأما قوله عز وجل : لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ، فإنه عز وجل خلق خلقه ليبلوهم
    بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الإمتحان والتجربة ، لأنه لم يزل عليماً بكل
    شئ .
    فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك .
    ـ التوحيد للصدوق ص 321
    باب العرش وصفاته .
    حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن أبي
    عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا الحسين بن
    الحسن قال : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العرش
    والكرسي فقال : إن للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن
    صفة على حدة . فقوله : رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، يقول : الملك العظيم ، وقوله : الرَّحْمَـٰنُ
    عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك لكيفوفية الأشياء .
    ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي ، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ،
    وهما جميعاً غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لأن الكرسي هو الباب الظاهر من
    الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي
    يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة ، وعلم
    الألفاظ والحركات والترك ، وعلم العود والبدء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لأن
    ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال :
    رب العرش العظيم ، أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان .

    قلت : جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي ؟
    قال : إنه صار جاره لأن علم الكيفوفية فيه ، وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها
    وحد رتقها وفتقها ، فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الصرف وبمثل صرف
    العلماء ( كذا ) وليستدلوا على صدق دعواهما لأنه يختص برحمته من يشاء وهو
    القوي العزيز .
    فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك وتعالى : رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ،
    وهو وصف عرش الوحدانية لأن قوماً أشركوا كما قلت لك ، قال تبارك وتعالى : رَبِّ
    الْعَرْشِ ، رب الواحدانية عما يصفون . وقوماً وصفوه بيدين فقالوا : يد الله مغلولة .
    وقوماً وصفوه بالرجلين فقالوا : وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى
    إلى السماء . وقوماً وصفوه بالأنامل فقالوا : إن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إني وجدت برد
    أنامله على قلبي !
    فلمثل هذه الصفات قال : رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ، يقول رب المثل الأعلى عما
    به مثلوه ، ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شئ ولا يوصف ولا يتوهم ، فذلك المثل
    الأعلى ، ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال
    وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به ، فلذلك قال : وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ،
    فليس له شبه ولا مثل ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي
    التي وصفها في الكتاب فقال : فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ، جهلاً
    بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ، ويكفر به وهو يظن
    أنه يحسن ، فلذلك قال : وما يومن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ، فهم الذين يلحدون
    في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها .
    يا حنان إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الله
    الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان الدليل على الله
    بإذن الله عز وجل ، حتى مضى دليلاً هادياً ، فقام من بعده وصيه عليه‌السلام دليلاً هادياً على
    ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ، ثم الأئمة الراشدون عليهم‌السلام .



    ـ التوحيد للصدوق ص 324
    باب أن العرش خلق أرباعاً .
    حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن
    الصفار ، عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ،
    عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر ، عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق
    العرش أرباعاً ، لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء : الهواء والقلم والنور ، ثم خلقه من أنوار
    مختلفة : فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ، ونور أصفر اصفرت منه
    الصفرة ، ونور أحمر احمرت منه الحمرة ، ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء
    النهار ، ثم جعله سبعين ألف طبق ، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين ،
    ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير
    مشتبهة ، ولو أذن للسانٍ منها فأسمع شيئاً مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون ،
    ولخسف البحار ولأهلك ما دونه .
    له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم إلا الله عز
    وجل ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، ولو أحس شئ مما فوقه ما قام لذلك طرفة
    عين . بينه وبين الإحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة ثم العلم ،
    وليس وراء هذا مقال .
    حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن
    عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ
    وَالْأَرْضَ فقال : السماوات والأرض وما بينهما في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي
    لا يقدر أحد قدره .
    ـ أخبار مكة للازرقي ج 1 ص 50
    عن أبي الطفيل قال : شهدت علياً رضي‌الله‌عنه وهو يخطب وهو يقول : سلوني فوالله لا
    تسألوني عن شئ يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به . وسلوني عن كتاب الله فوالله


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3297
    نقاط : 4986
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج2 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج2   العقائد الاسلاميه ج2 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2024 - 16:32

    تفسير إخواننا الموافق لمذهبنا
    ـ تفسير البيضاوي ج 3 ص 12
    ثم استوى على العرش : استوى أمره أو استولى ، وعن أصحابنا أن الإستواء على
    العرش صفة لله بلا كيف ، والمعنى : أن له تعالى استواء على العرض على الوجه
    الذي عناه ، منزهاً عن الإستقرار والتمكن .
    والعرش الجسم المحيط بسائر الأجسام ، سمي به لإرتفاعه أو للتشبيه بسرير
    الملك ، فإن الأمور والتدابير تنزل منه ، وقيل الملك .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 20 ص 87
    قال أبو موسى المديني : سألت إسماعيل يوماً ( إسماعيل بن محمد الحافظ ) :
    أليس قد روي عن ابن عباس في قوله استوى ، قعد قال : نعم . قلت له : إسحاق بن
    راهويه يقول : إنما يوصف بالقعود من يمل القيام . قال : لا أدري أيش يقول إسحاق .
    وسمعته يقول : أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة ، ولا يطعن عليه بذلك ، بل
    لا يؤخذ عنه هذا فحسب .
    قال أبو موسى : أشار بهذا إلى أنه قل إمام إلا وله زلة ، فإذا ترك لأجل زلته ، ترك
    كثير من الأئمة ، وهذا لا ينبغي أن يفعل .
    ـ إرشاد الساري ج 3 ص 24
    إضافة الظل إليه سبحانه وتعالى إضافة تشريف . . . . والله تعالى منزه عن الظل
    لأنه من خواص الأجسام ، فالمراد ظل عرشه ، كما في حديث سلمان .



    ـ إرشاد الساري ج 10 ص 420
    قوله تعالى : ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ، وتفسير العرش بالسرير والإستواء بالإستقرار
    كما يقول المشبه باطل ، لأنه تعالى كان قبل العرش ولا مكان ، وهو الآن كما كان ،
    والتغير من صفات الأكوان .
    ـ الجواهر الحسان للثعالبي ج 2 ص 179
    قوله سبحانه : ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ، إنه سبحانه مستوى على العرش على
    الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده ، استواء منزهاً عن المماسة والإستقرار
    والتمكن والحلول والإنتقال .
    ـ نهاية الإرب للنويري ج 1 ص 32
    روي أن أبا ذر قال يا رسول الله ( ص ) أي آية أنزلت عليك أعظم ؟ قال : آية
    الكرسي ، ثم قال : يا أبا ذر أتدري ما الكرسي قلت لا ، فقال ما السماوات والأرض
    في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في فلاة . ونحوه في الجواهر الحسان للثعالبي ج 1
    ص 196 ونحوه في فتح القدير للشوكاني ج 1 ص 347
    ـ لسان الميزان ج 1 ص 78
    إبراهيم بن عبد الصمد ، عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس رضي
    الله عنهما في قوله : الرحمن على العرش استوى على جميع بريته فلا يخلو منه
    مكان ، وعنه عبد الله بن داود الواسطي بهذا . أورده ابن عبد البر في التمهيد وقال لا
    يصح ، وعبد الله وعبد الوهاب ضعيفان ، وإبراهيم مجهول لا يعرف .
    ـ حياة الحيوان للدميري ج 1 ص 382
    سئل إمام الحرمين : هل الباري تعالى في جهة ؟ فقال : هو متعال عن ذلك .
    ـ الفرق بين الفرق للنوبختي ص 292
    وقد قال أمير المؤمنين علي رضي‌الله‌عنه : إن الله خلق العرش إظهاراً لقدرته لا مكاناً لذاته .
    وقال أيضاً : قد كان ولا مكان ، وهو الآن على ما كان .


    ـ معالم السنن للخطابي ج 4 ص 302
    قال الشيخ : هذا الكلام ( أتدري ما الله إن عرشه على سماواته وقال بأصابعه مثل
    القبه . . ) إذا جرى على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية ، والكيفية عن الله وصفاته منفية .
    ـ تفسير المنار لرشيد رضا ج 12 ص 16
    أما عرش الرحمن عز وجل فهو من عالم الغيب الذي لا ندركه بحواسنا ، ولا
    نستطيع تصويره بأفكارنا ، فأجدر بنا أن لا نعلم كنه استوائه عليه . . . . إن بعض
    المتكلمين تكلفوا تفسير السموات السبع والكرسي والعرش العظيم ، أو تأويلهن
    بالأفلاك التسعة عند فلاسفة اليونان المخالف للقرآن . . . .
    ـ خزانة الأدب للحموي ج 1 ص 240
    قال الزمخشري : . . . . قوله تعالى : الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ . . الإستواء على
    معنيين ، أحدهما الإستقرار في المكان وهو المعنى القريب المورى به الذي هو غير
    مقصود ، لأن الحق تعالى وتقدس منزه عن ذلك .
    ـ وقد طعن المستشرق اليهودي جولد تسيهر في تفسير الإستواء على العرش بغير
    القعود المادي ، تأييداً لمذهبه في التجسيم ، فقال في مذاهب التفسير الإسلامي ص 169 :
    وجاء ذكر كرسي الله سبحانه في آية الكرسي . . . . ويقول الزمخشري في ذلك : وما هو
    إلا تصوير لعظمته وتخييل فقط . ولا كرسي ثمة ولا قعود ولا قاعد . انتهى . وقد كذب
    هذا اليهودي على الزمخشري ليشنع عليه ، لأنه خالف مذهبه في التجسيم .
    تفسيرهم الذي فيه تجسيم
    قالوا إن الله جالس على كرسيه كما قال اليهود
    ـ تاريخ بغداد ج 1 ص 295
    محمد بن أحمد بن خالد بن شيرزاذ . . أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال قرىٔ
    علي أبي الحسين بن مظفر وأنا أسمع ، حدثكم أبو بكر محمد بن أحمد بن خالد



    القاضي ، قال نا سعيد بن محمد ، قال نا سلم بن قتيبة ، قال نا شعبة ، عن أبي
    إسحاق ، عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم
    في قوله تعالى : عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ، قال : حتى يسمع أطيط كأطيط الرحل . انتهى .
    ونحوه في فردوس الأخبار ج 1 ص 220 وفتح القدير ج 1 ص 347
    ـ مسند احمد ج 1 ص 295
    عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس على هذا المنبر منبر البصرة قال : قال رسول
    الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يكن نبي إلا له دعوة تنجزها في الدنيا ، وإني اختبأت
    دعوتي شفاعة لأمتي ، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه
    الأرض ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، آدم فمن دونه تحت لوائي . قال :
    ويطول يوم القيامة على الناس . . . . قال ثم آتي باب الجنة فآخذ بحلقة باب الجنة
    فأقرع الباب فيقال من أنت فأقول محمد فيفتح لي فأرى ربي عز وجل وهو على
    كرسيه أو سريره ، فأخر له ساجداً وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي ولا
    يحمده بها أحد بعدي ، فيقال : إرفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع .
    قال فأرفع رأسي فأقول : أي رب أمتي أمتي ، فيقال لي : أخرج من النار من كان في
    قلبه مثقال كذا وكذا فأخرجهم ، ثم أعود فأخر ساجداً وأحمده بمحامد لم يحمده
    بها أحد كان قبلي ولا يحمده بها أحد بعدي ، فيقال لي : إرفع رأسك وقل يسمع لك
    وسل تعطه واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : أي رب أمتي أمتي ، فيقال : أخرج من
    النار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا فأخرجهم ، قال وقال في الثالثة مثل هذا أيضاً !
    انتهى .
    وهذه الرواية مضافاً إلى ما فيها من تجسيم فهي واحدة من روايات توسيع
    الشفاعة لتشمل جميع الأمة بر وفاجرها وظالمها ومظلومها ، وقاتلها ومقتولها ، بل
    لتشمل كل الكفار تقريباً كما سترى في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى . ولم يستثن
    إخواننا من هذه الشفاعة الموسعة المجانية إلا أهل بيت النبي وشيعتهم ! !


    ـ مجمع الزوائد ج 1 ص 126
    وعن ثعلبة بن الحكم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل
    للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لفصل عباده : إني لم أجعل علمي وحلمي
    فيكم ، إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي . رواه الطبراني في الكبير
    ورجاله موثقون .
    ـ سير أعلام النبلاء ج 17 ص 656
    قال أبو نصر السجزي في كتاب الأبانة : وأئمتنا كسفيان ، ومالك ، والحمادين ،
    وابن عيينة ، والفضيل ، وابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، متفقون على أن
    الله سبحانه فوق العرش ، وعلمه بكل مكان ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا ، وأنه
    يغضب ويرضى ، ويتكلم بما شاء !
    ـ دلائل النبوة للبيهقي ج 5 ص 481
    يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إلى الله وهو جالس على كرسيه .
    انتهى .
    وقد أوردنا في الفصلين الثالث والخامس عدداً آخر من رواياتهم في جلوس الله
    تعالى على عرشه وأطيط العرش من ثقله بزعمهم ، وأثبتنا أن أول من فتح القول
    بالتجسيم في الإسلام هو كعب الأحبار والخليفة عمر .
    وتناقضت رواياتهم في العرش والكرسي
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 1 ص 219
    ابن عمر : إن الله عز وجل ملأ عرشه ، يفضل منه كما يدور العرش أربعة أصابع
    بأصابع الرحمن عز وجل .
    ـ تفسير الطبري ج 3 ص 8
    ـ عن عبد الله بن خليفة أتت امرأة النبي فقال أدع الله أن يدخلني الجنه . . ثم قال ( ص )
    إن كرسيه وسع السموات والأرض وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع .



    ـ تفسير الطبري ج 3 ص 7
    عن الربيع : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، قال لما نزلت . . قال أصحاب النبي :
    يا رسول الله هذا الكرسي وسع السموات والأرض فكيف العرش ؟ فأنزل الله تعالى
    وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ . . . . عن أبي موسى : قال الكرسي موضع القدمين . وعن
    السدي : والكرسي بين يدي العرش وهو موضع قدميه .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 128
    ابن عباس : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، كرسيه موضع قدمه ، والعرش لا
    يقدر قدره . ونحوه في تاريخ بغداد ج 9 ص 251 وفي تفسير الصنعاني ج 2 ص 203 وفي
    فردوس الأخبار ج 5 ص 128
    ـ مجمع الزوائد ج 10 ص 343
    وعن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يجمع
    الأمم يوم القيامة ثم ينزل من عرشه إلى كرسيه ، وكرسيه وسع السموات والأرض .
    ـ سنن أبي داود ج 2 ص 419
    قال ابن بشار في حديثه : إن الله فوق عرشه ، وعرشه فوق سمواته . وساق
    الحديث .
    ـ إرشاد الساري للقسطلاني ج 5 ص 249
    عن بعض السلف أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهه .
    ـ إرشاد الساري للقسطلاني ج 7 ص 42
    قال قوم هو ( أي الكرسي ) جسم بين يدي العرش . . . . وزعم بعض أهل الهيئة
    من الإسلاميين أن الكرسي هو الفلك الثامن . . . . وهو الأطلس .
    ـ إرشاد الساري للقسطلاني ج 7 ص 312
    قال ابن كثير : والعرش فوق العالم مما يلي رؤس الناس .


    وقالوا عرش الله كرسي متحرك
    ـ مجمع الزوائد ج 10 ص 154
    وعن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا تبارك
    وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول . . . . فيكون كذلك حتى يصبح
    الصبح ثم يعلو عز وجل على كرسيه . رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه . . . .
    ويحيى بن إسحاق لم يسمع من عبادة ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة ، وبقية رجال
    الكبير رجال الصحيح .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 360
    عبادة بن الصامت : ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا فلا يزال كذلك
    حتى يصلي الصبح ، ثم يعلو ربنا عز وجل على كرسيه .
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 361
    ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ، ويضع عرشه حيث يشاء من
    الأرض .
    وقالوا العرش غير الكرسي ، وقالوا العرش هو الكرسي !
    ـ فردوس الأخبار للديلمي ج 5 ص 365
    ينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي .
    ـ معالم التنزيل للبغوي ج 1 ص 239
    أبو هريرة : الكرسي هو العرش .
    ـ وروى السيوطي في ج 1 ص 324
    وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال كان الحسن يقول الكرسي هو العرش . . . .
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . . وسع كرسيه السموات والأرض ، فهي تئط
    من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الجديد . ورواه في كنز العمال ج 14 ص 636



    تفسير قوله تعالى : عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا
    قال الله تعالى : أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ
    الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا . وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا
    مَّحْمُودًا . الإسراء 78 ـ 79
    وقالوا يجلس الله على عرشه ويُجْلس النبي إلى جانبه
    ـ روى الدارمي في سننه ج 2 ص 325
    عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قيل له ما المقام المحمود ؟
    قال : ذاك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه يئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه به ،
    وهو كسعة ما بين السماء والأرض ، ويجاء بكم حفاة عراة غزلاً ، فيكون أول من
    يكسى إبراهيم ، يقول الله تعالى أكسوا خليلي ، فيؤتي بريطتين بيضاوين من رياط
    الجنة ، ثم أكسى على أثره ثم أقوم عن يمين الله مقاماً يغبطني الأولون والآخرون .
    ورواه الحاكم في المستدرك ج 2 ص 364 والبغوي في مصابيحه ج 3 ص 552 والهندي في
    كنز العمال ج 14 ص 412 والسيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 84
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 1 ص 34 وص 328 وص 324
    وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله ما المقام
    المحمود ؟ قال : ذلك يوم ينزل الله على كرسيه يئط منه كما يئط الرحل الجديد من
    تضايقه ، وهو كسعة ما بين السماء والأرض . ورواه في كنز العمال ج 14 ص 636
    ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 198
    وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
    مَقَامًا مَّحْمُودًا ، قال : يجلسه بينه وبين جبريل عليه‌السلام ويشفع لأمته ، فذلك المقام
    المحمود .


    ـ وروى البيهقي في دلائل النبوة ج 5 ص 481
    يأتي رسول الله ( ص ) يوم القيامة إلى الله وهو جالس على كرسيه .
    ـ دلائل النبوة للبيهقي ج 5 ص 486
    عن عبد الله بن سلام : . . وينجو النبي ( ص ) والصالحون معه وتتلقاهم الملائكة
    يرونهم منازلهم . . حتى ينتهي إلى الله عز وجل فيلقى له كرسي .
    ـ وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج 3 ص 85
    ابن عمر : عسى الله أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ، يجلسني معه على السرير .
    ـ وفي فردوس الأخبار ج 4 ص 298
    أنس بن مالك : من كرامتي على ربي عز وجل قعودي على العرش .
    ـ وقال الشوكاني في فتح القدير ج 3 ص 316
    إن المقام المحمود هو أن الله سبحانه يجلس محمداً ( ص ) معه على كرسيه ،
    حكاه ابن جرير . . . . وقد ورد في ذلك حديث .
    ـ تاريخ بغداد ج 3 ص 22
    أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي ، أخبرنا يحيى بن وصيف الخواص ،
    حدثنا أحمد بن علي الخراز ، حدثنا المعيطي وغير واحد قالوا : حدثنا محمد بن
    فضيل عن ليث بن مجاهد في قوله : عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ، قال :
    يقعده معه على العرش . .
    ـ تاريخ بغداد ج 8 ص 52
    عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل وما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع ، وإن له
    أطيطاً كأطيط الرحل الجديد !


    قال أبو بكر المروذي قال لي أبو علي الحسين بن شبيب قال لي أبو بكر بن سلم
    العابد حين قدمنا إلى بغداد : أخرج ذلك الحديث الذي كتبناه عن أبي حمزة فكتبه
    أبو بكر بن سلم بخطه وسمعناه جميعاً ، وقال أبو بكر بن سلم : إن الموضع الذي
    يفضل لمحمد صلى الله عليه وسلم ليجلسه عليه . قال أبو بكر الصيدلاني : من رد
    هذا فإنما أراد الطعن على أبي بكر المروذي ، وعلى أبي بكر بن سلم العابد . . . .
    ونفى الفكرة بعض علماء السنة
    ـ صحيح شرح العقيدة الطحاوية ج 1 ص 570
    قال الإمام الطحاوي رحمه‌الله : والشفاعة التي ادخرها لهم حق كما روي في الأخبار ،
    ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ، ولا نأمن
    عليهم ولا نشهد لهم بالجنة ، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ، ولا نقنطهم .
    الشرح : لقد ثبتت الشفاعة منطوقاً ومفهوماً في القرآن الكريم وخاصة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ،
    ومن تلك الآيات قوله تعالى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ، الضحى 5 ، وقال
    تعالى : عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا . الإسراء 79 ، وتفسير المقام المحمود
    بالشفاعة ثابت في الصحيحين وغيرهما ( 338 ) . وقال الله تعالى : يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ
    الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا . طه 109 . وقال تعالى : مَا مِن شَفِيعٍ
    إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ يونس ـ 3 . وفي شفاعة الملائكة قوله تعالى : بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ . لَا
    يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ . وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ . يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا
    لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ . الأنبياء : 26 ـ 28 .
    وقال في هامشه : ( 338 ) أنظر البخاري 3 ـ 338 و 8 ـ 399 و 13 ـ 422 ومسلم 1 ـ
    179 . ومن الغريب العجيب أن يعرض المجسمة والمشبهة عن هذا الوارد الثابت في
    الصحيحين ، ويفسروا المقام المحمود بجلوس سيدنا محمد على العرش بجنب


    الله ! ! تعالى الله عن إفكهم وكذبهم علواً كبيراً ، وهم يعتمدون على ذلك على ما
    يروى عن مجاهد بسند ضعيف من أنه قال ما ذكرناه من التفسير المنكر المستشنع ،
    وتكفل الخلال في كتابه السنة 1 ـ 209 بنصرة التفسير المخطئ المستبشع ، وقد نطق
    بما هو مستنشع عند جميع العقلاء !
    وقال المستشرقون إنها فكرة مسيحية
    ـ مذاهب التفسير الإسلامي لجولد شهر ص 122 ـ 123
    . . . سجلت فتنة ببغداد ، أثارها نزاع على مسألة من التفسير ذلك هو تفسير الآية
    79 من سورة الإسراء : وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا .
    ما المراد من المقام المحمود ؟ ذهب الحنابلة . . . . إلى أن الذي يفهم من ذلك هو أن
    الله سبحانه يقعد النبي معه على العرش . . . . ربما كان هذا متأثراً بما جاء في إنجيل
    مرقص 16 ، 19 ، وآخرون ذهبوا إلى أن المقام المحمود . . هو مرتبة الشفاعة التي
    يرفع اليها النبي .
    واعترفوا بأن بعض هذه الأحاديث موضوع
    ـ ميزان الإعتدال ج 4 ص 174
    أنبأني جماعة عن عين الشمس الثقفية ، أخبرنا محمد ابن أبي ذر سنة ست
    وعشرين وخمسمائة ، أخبرنا أبو طاهر عبد الرحيم ، أخبرنا عبد الله بن محمد القباب ،
    أخبرنا أحمد بن الحسن بن هارون الأشعري ، حدثنا علي بن محمد القادسي بعكبرا
    سنة ست وخمسين ومائتين ، حدثنا محمد بن حماد ، عن مقاتل بن سليمان ، عن
    الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد : أين حبيب الله
    فيتخطى صفوف الملائكة حتى يصير إلى العرش ، حتى يجلسه معه على العرش ،
    حتى يمس ركبته . فهذا لعله وضعه أحد هؤلاء أصحاب مقاتل أو القادسي .



    وقالوا يجلس صاحب أحمد بن حنبل على سجاد العرش
    ـ تاريخ بغداد ج 12 ص 112
    حدثنا أحمد بن عبد الله الحفار ، قال رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقلت : يا أبا
    عبد الله ما صنع الله بك ؟ قال : حباني وأعطاني وقربني وأدناني . قال قلت : الشيخ الزمن
    علي بن الموفق ما صنع الله به ؟ قال : الساعة تركته على زلالي ، يريد العرش . انتهى .
    وقال في هامشه : الزلية : بكسر الزاي واللام البساط ، والجمع زلالي . عن القاموس .
    وقالوا يُجْلس أبا بكر على كرسي عند العرش
    ـ تاريخ بغداد ج 4 ص 386
    عن ابن أبي ذئب ، عن معن بن الوليد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ بن جبل
    قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة نصب لإبراهيم منبر أمام
    العرش ونصب لي منبر أمام العرش ، ونصب لأبي بكر كرسي ، فنجلس عليها وينادي
    مناد يا لك من صديق بين خليل وحبيب . ! !
    تفسير قوله تعالى : فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ
    قال تعالى عن فرعون : فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ . فَلَمَّا
    آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ . الزخرف 54 ـ 55
    قال أهل البيت عليهم‌السلام : إن الله لا يأسف كأسفنا
    ـ الكافي ج 1 ص 144
    محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن
    عمه حمزة بن بزيع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا
    مِنْهُمْ ، فقال : إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون


    ويرضون وهم مخلوقون مربوبون ، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه ،
    لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه ، فلذلك صاروا كذلك ، وليس أن ذلك يصل
    إلى خلقه ، لكن هذا معنى ما قال من ذلك ، وقد قال : من أهان لي ولياً فقد بارزني
    بالمحاربة ودعاني إليها ، وقال : ومن يطع الرسول فقد أطاع الله . وقال : إن الذين
    يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم . فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك ،
    وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك .
    ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما ، لجاز لقائل
    هذا أن يقول : إن الخالق يبيد يوماً ما ، لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير ،
    وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ، ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر
    من المقدور عليه ، ولا الخالق من المخلوق ، تعالى الله عن هذا القول علواً كبيرا ، بل
    هو الخالق للأشياء لا لحاجة ، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه ، فافهم إن
    شاء الله تعالى . انتهى .
    أقول : ومما يؤيد تفسير آسفونا في الآية بأنهم آسفوا الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام ، أنه
    تعالى قال ( آسَفُونَا ) بجمع المتكلم ولم يقل آسفوني بالمفرد ، وقد فسرها الإمام عليه‌السلام
    بأن الله تعالى نسب الفعل إلى نفسه لأنهم آسفوا عباده الخاصين ، لأن إغضابهم
    إغضاب له تعالى .
    وهذا يفتح لنا باباً لفهم نسبة الفعل الإلۤهي وقانونها في القرآن ، ومتى يسند الفعل
    إلى الله تعالى بصيغة المفرد المتكلم ، ومتى يسند بصيغة الجمع ، أو بصيغة الغائب .
    فإن دراسة الأفعال المسندة إلى الله تعالى في القرآن ، عن طريق إحصائها وتقسيمها
    وتحليلها ، سيعطينا فوائد متعددة في معرفة أنواع الفعل الإلۤهي ووسائله . ففي كل
    نوع من صيغ نسبته إلى الله تعالى هدف ، ووراءه قاعدة . .
    فبعض الأفعال أسندها عز وجل إلى نفسه بصيغة المفرد المتكلم وجمع المتكلم
    والمفرد الغائب ، مثل : أوحيت ، أوحينا ، نوحي ، أوحي . . . . وبعضها أسندها



    بصيغة جمع المتكلم والغائب فقط ولم يسندها بصيغة المفرد مثل : بشرنا ، أرسلنا ،
    صورنا ، رزقنا ، بينا . . الخ . ولم يقل بشرت أو رزقت . . . . الخ .
    إن كلمات القرآن وحروفه موضوعة في مواضعها بموجب علوم إلۤهية عميقة
    وحسابات ربانية دقيقة ، كما وضعت النجوم في مواضعها ومداراتها في الكون ( فَلَا
    أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) . وإن كشف
    أصل وجود القاعدة في نسبة الفعل الإلۤهي في القرآن بحد ذاته أمر مهم . ولكن
    معادلتها وتطبيقاتها ستبقى على الأرجح ظناً وتخميناً ، لأننا محرومون من الذي
    عنده علم الكتاب روحي فداه !
    روى في الإحتجاج أن شخصاً جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال له : لولا ما في
    القرآن من الإختلاف والتناقص لدخلت في دينكم ! فقال له عليه‌السلام : وما هو فقال : . . . .
    أجد الله يقول : قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ، وفي موضع آخر يقول : اللَّهُ
    يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ، و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ، وما أشبه ذلك ، فمرة
    يجعل الفعل لنفسه ومرة لملك الموت ، ومرة للملائكة . . . . فقال أمير المؤمنين :
    سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، تبارك وتعالى ، هو الحي الدائم ، القائم على كل
    نفس بما كسبت ، هات أيضاً ما شككت فيه :
    قال : حسبي ما ذكرت . . . . . قال عليه‌السلام : فأما قوله : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ،
    وقوله : يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ ، و تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ، و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ،
    و الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ . . . . فهو تبارك وتعالى أعظم وأجل من أن
    يتولى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله ، لأنهم بأمره يعملون ، فاصطفى جل
    ذكره من الملائكة رسلاً وسفرة بينه وبين خلقه وهم الذين قال فيهم : اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ
    الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ . . فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة
    الرحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك
    الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكل ما


    يأتون به منسوب إليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت وفعل ملك الموت فعل الله
    لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ، ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من
    يشاء ، وإن فعل أمنائه فعله . انتهى .
    ـ التوحيد للصدوق ص 168
    باب معنى رضاه عز وجل وسخطه .
    حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثني أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن
    محمد عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع ، عمن ذكره قال : كنت
    في مجلس أبي جعفر عليه‌السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له : جعلت فداك قول
    الله تبارك وتعالى : وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ، ما ذلك الغضب ؟ فقال أبو
    جعفر عليه‌السلام : هو العقاب يا عمرو ، إنه من زعم أن الله عز وجل زال من شئ إلى شئ
    فقد وصفه صفة مخلوق ، إن الله عز وجل لا يستفزه شئ ولا يغيره .
    وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن أبي عبد الله : ـ . . . . كما في رواية الكافي المتقدمة .
    حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ،
    عن أبيه ، عن العباس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم أن رجلاً سأل أبا
    عبد الله عليه‌السلام عن الله تبارك وتعالى له رضا وسخط ؟ فقال : نعم ، وليس ذلك على ما
    يوجد من المخلوقين ، وذلك أن الرضا والغضب دَخَال يدخل عليه فينقله من حال
    إلى حال ( لأن المخلوق أجوف ) معتمل مركب ، للأشياء فيه مدخل ، وخالقنا لا
    مدخل للأشياء فيه ، واحد أحدي الذات واحدي المعنى ، فرضاه ثوابه ، وسخطه
    عقابه ، من غير شئ يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال ، فإن ذلك صفة
    المخلوقين العاجزين المحتاجين ، وهو تبارك وتعالى القوي العزيز الذي لا حاجة به
    إلى شئ مما خلق ، وخلقه جميعاً محتاجون إليه ، إنما خلق الأشياء من غير حاجة
    ولا سبب ، اختراعاً وابتداعاً .


    حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدثنا الحسن بن علي السكري قال : حدثنا
    محمد بن زكريا الجوهري ، عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه قال : سألت
    الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام فقلت له : يا بن رسول الله أخبرني عن الله عز وجل هل
    له رضا وسخط ؟ فقال : نعم وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ولكن غضب
    الله عقابه ، ورضاه ثوابه .
    ـ بحار الأنوار ج 4 ص 63
    روى حديث توحيد الصدوق الثالث ، وقال :
    بيان : في الكافي هكذا : فينقله من حال إلى حال لأن المخلوق أجوف معتمل .
    وهو الظاهر . والحاصل أن عروض تلك الأحوال والتغيرات إنما يكون لمخلوق
    أجوف له قابلية ما يحصل فيه ويدخله ، معتمل يعمل بأعمال صفاته وآلاته ، مركب
    من أمور مختلفة وجهات مختلفة للأشياء من الصفات والجهات والآلات فيه مدخل ،
    وخالقنا تبارك اسمه لا مدخل للأشياء فيه لاستحالة التركيب في ذاته ، فإنه أحدي
    الذات واحدي المعنى ، فإذن لا كثرة فيه لا في ذاته ولا في صفاته الحقيقية ، وإنما
    الإختلاف في الفعل فيثيب عند الرضا ويعاقب عند السخط . قال السيد الداماد رحمه‌الله :
    المخلوق أجوف لما قد برهن واستبان في حكمة ما فوق الطبيعة أن كل ممكن زوج
    تركيبي ، وكل مركب مروج الحقيقة فإنه أجوف الذات لا محالة ، فما لا جوف لذاته
    على الحقيقة هو الأحد الحق سبحانه لا غير ، فإذن الصمد الحق ليس هو إلا الذات
    الأحدية الحقة من كل جهة ، فقد تصحح من هذا الحديث الشريف تأويل الصمد بما
    لا جوف له وما لا مدخل لمفهوم من المفهومات وشئ من الأشياء في ذاته أصلاً .
    الاحتجاج : عن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق عن الصادق عليه‌السلام . فقال : فلم يزل
    صانع العالم عالماً بالأحداث التي أحدثها قبل أن يحدثها ؟ قال : لم يزل يعلم فخلق .
    قال : أمختلف هو أم مؤتلف ؟ قال : لا يليق به الإختلاف ولا الايتلاف ، إنما يختلف
    المتجزي ويأتلف المتبعض ، فلا يقال له : مؤتلف ولا مختلف .

    قال : فكيف هو الله الواحد ؟
    قال : واحد في ذاته فلا واحد كواحد ، لأن ما سواه من الواحد متجزئ ، وهو
    تبارك وتعالى واحد لا متجزئ ، ولا يقع عليه العد .
    تفسير إخواننا الموافق لمذهبنا
    ـ إرشاد الساري ج 4 ص 235
    الغضب من المخلوقين شئ يداخل قلوبهم ، ولا يليق أن يوصف الباري تعالى
    بذلك ، فيؤول ذلك على ما يليق به تعالى ، فيحمل على آثاره ولوازمه . وفي ج 5
    ص 229 والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال الشر إلى المغضوب عليه . وفي
    ج 6 ص 156 نسبة الضحك والتعجب إلى الباري جل وعلا مجازية ، والمراد بهما
    الرضا بصنيعهما .
    ـ شرح مسلم للنووي ج 2 جزء 3 ص 68
    المراد بغضب الله تعالى ما يظهر من انتقامه فيمن عصاه . . لأن الله تعالى يستحيل
    في حقه التغير في الغضب .
    تفسيرهم الذي فيه تجسيم
    ـ تفسير الصنعاني ج 2 ص 166
    حدثنا عبد الرزاق قال : سمعت ابن جريج يقول : وغضب في شئ فقيل له :
    أتغضب يا أبا خالد ! فقال : قد غضب خالق الأحلام ، إن الله تعالى يقول لما آسفونا ،
    أغضبونا .
    عن سماك بن الفضل قال : كنت عند عروة بن محمد جالساً وعنده وهب بن منبه
    فأتى بعامل لعروة . . فقالوا فعل وفعل ، وثبت عليه البينة ، قال فلم يملك وهب بن
    منبه نفسه فضربه على قرنه بعصا وقال : أفي زمن عمر بن عبد العزيز يصنع مثل هذا



    قال : فاشتهاها عروة . . . . وقال : يعيب علينا أبو عبد الله الغضب وهو يغضب ! قال
    وهب : قد غضب خالق الأحلام ، إن الله يقول : فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ ، يقول
    أغضبونا . انتهى . وقد ذكرنا في فصل مكانة المشبهين والمجسمين في مصادر
    إخواننا : أن وهباً استند في الظاهر إلى الآية ليثبت أن الغضب الإلۤهي كغضب البشر ،
    ولكن أصل الغضب الإلۤهي في ثقافته هو الغضب التلمودي الذي قال عنه الدكتور
    أحمد شلبي في مقارنة الأديان ج 1 ص 267 : يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود
    وبالهيكل ، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله : تب لي لأني صرحت بخراب
    بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي . وليست العصمة من صفات الله في رأي
    التلمود ، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش فحلف بحرمانهم
    من الحياة الأبدية ، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه ، ولم ينفذ قسمه لأنه
    عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة . انتهى . والمصيبة أن اخواننا أخذوا نسبة الغضب
    البشري إلى الله تعالى من وهب وأمثاله من اليهود وجعلوها من عقائد الإسلام ، ثم
    قعدوا يبكون من خطر الاسرائيليات على الإسلام والمسلمين !
    ـ الدر المنثور ج 6 ص 19
    وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة : فَلَمَّا آسَفُونَا ، قال أغضبونا .
    وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فَلَمَّا آسَفُونَا ، قال
    أغضبونا . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في
    قوله : فَلَمَّا آسَفُونَا ، قال أغضبونا .
    ـ دلائل النبوة للبيهقي ج 5 ص 477
    عن أبي هريرة قال : . . . . فيأتون موسى فيقولون : يا موسى أنت رسول الله . . إشفع
    لنا عند ربك . . فيقول لهم موسى : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله ، وإني
    قتلت نفساً لم أومر بقتلها . . نفسي نفسي ، إذهبوا إلى عيسى . . . . قال : فيأتون عيسى


    فيقولون : يا عيسى أنت رسول الله إشفع لنا عند ربك . . . . فيقول لهم عيسى : إن ربي
    غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله ، ولم يذكر ذنباً ، نفسي نفسي ، إذهبوا إلى غيري ،
    إذهبوا إلى محمد ( ص ) .
    ـ مقالات الإسلاميين للاشعري ج 1 ص 211
    واختلف الناس في حملة العرش ما الذي يحمله ؟ فقال قائلون الحملة تحمل
    الباري وأنه إذا غضب ثقل على كواهلهم ، وإذا رضي خف ! . . وقال بعضهم الحملة
    ثمانية أملاك . وقال بعضهم ثمانية أصناف . وقال قائلون : إنه على العرش .
    ـ الإيمان لابن تيمية ص 424
    وفي الصحيحين في حديث الشفاعة : يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب
    اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله . . . . عن النبي : لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل
    أضل راحلته بأرض دوية مهلكة . . وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر
    كلاهما يدخل الجنة ، وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول أتسخر بي
    وأنت رب العالمين . . . . وكل هذا في الصحيح . .
    ـ فتاوى ابن باز ج 2 ص 96
    وهكذا القول في باقي الصفات ، من السمع ، والبصر ، والرضى ، والغضب ،
    واليد ، والقدم ، والأصابع ، والكلام ، والإرادة ، وغير ذلك ، كلها يقال إنها معلومة
    من حيث اللغة العربية ! فالإيمان بها واجب والكيف مجهول لنا لا يعلمه إلا الله . . .
    انتهى .
    وإذا كان الكيف مجهولاً كما يقول المفتي ابن باز فلماذا يصر على تفسيره بالظاهر
    الحسي ولماذا لا يكون مفوضاً مثل مفوضة السلف ، اللذين أوكلوا هذه الصفات إلى
    الله تعالى ؟ !



    تفسير آيات أخرى تتعلق بالموضوع
    ـ قال الصدوق في التوحيد ص 159
    باب تفسير قول الله عز وجل : نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ
    حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن يعقوب
    الكليني قال : حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان قال : حدثنا أبو حامد عمران بن
    موسى بن إبراهيم ، عن الحسن بن القاسم الرقام ، عن القاسم بن مسلم ، عن أخيه
    عبد العزيز بن مسلم قال : سألت الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام عن قول الله عز وجل :
    نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ، فقال : إن الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو ، وإنما ينسى ويسهو
    المخلوق المحدث ، ألا تسمعه عز وجل يقول : وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ، وإنما يجازي من
    نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال عز وجل : وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
    نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . وقوله عز وجل : فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا
    نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا . أي نتركهم كما تركوا الإستعداد للقاء يومهم هذا .
    قال مصنف هذا الكتاب رضي‌الله‌عنه : قوله : نتركهم أي لا نجعل لهم ثواب من كان يرجو
    لقاء يومه ، لأن الترك لا يجوز على الله عز وجل .
    وأما قول الله عز وجل : وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ ، أي لم يعاجلهم بالعقوبة
    وأمهلهم ليتوبوا .
    باب تفسير قوله عز وجل :
    وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ .
    حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب
    الكليني قال : حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني قال : حدثنا محمد بن
    عيسى بن عبيد قال : سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري عليهما‌السلام عن قول الله عز


    وجل : وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ، فقال : ذلك
    تعبير الله تبارك وتعالى لمن شبهه بخلقه ، ألا ترى أنه قال : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ،
    ومعناه إذ قالوا : إن الأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه ، كما
    قال عز وجل : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ، إذ قالوا : ما أنزل الله على بشر من شئ ، ثم نزه
    عز وجل نفسه عن القبضة واليمين فقال : سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ .
    حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رحمه‌الله قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا
    القطان قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ،
    عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول
    الله عز وجل : وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فقال : يعني ملكه لا يملكها معه
    أحد ، والقبض من الله تبارك وتعالى في موضع آخر المنع ، والبسط منه الإعطاء
    والتوسيع ، كما قال عز وجل : وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، يعني يعطي
    ويوسع ويمنع ويضيق ، والقبض منه عز وجل في وجه آخر الأخذ في وجه القبول
    منه كما قال : وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ ، أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها .
    قلت : فقوله عز وجل : وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قال : اليمين اليد ، واليد القدرة
    والقوة ، يقول عز وجل : السماوات مطويات بقدرته وقوته ، سبحانه وتعالى عما
    يشركون .
    باب تفسير قول الله عز وجل : كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ
    حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي قال : حدثنا أحمد بن
    محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ،
    عن أبيه قال : سألت الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام عن قول الله عز وجل : كَلَّا إِنَّهُمْ عَن
    رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ، فقال : إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان يحل فيه
    فيحجب عنه فيه عباده ، ولكنه يعني أنهم عن ثواب ربهم لمحجوبون .



    باب تفسير قوله عز وجل : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا
    حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي قال : حدثنا أحمد بن
    محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ،
    عن أبيه قال : سألت الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام عن قول الله عز وجل : وَجَاءَ رَبُّكَ
    وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ، فقال : إن الله عز وجل لا يوصف بالمجئ والذهاب ، تعالى عن
    الإنتقال ، إنما يعني بذلك : وجاء أمر ربك والملك صفاً صفاً .
    باب تفسير قوله عز وجل : هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ
    وَالْمَلَائِكَةُ
    حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي قال : حدثنا أحمد بن
    محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ،
    عن أبيه ، عن الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : هَلْ
    يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ ، قال : يقول هل ينظرون إلا أن
    يأتيهم الله بالملائكة في ظلل من الغمام ، وهكذا نزلت . انتهى . أي هكذا نزل
    تفسيرها معها .
    باب تفسير قوله عز وجل : سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ، وقوله عز وجل : اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ،
    وقوله عز وجل : وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ، وقوله عز وجل : يُخَادِعُونَ اللَّهَ
    وَهُوَ خَادِعُهُمْ .
    حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي قال حدثنا أحمد بن محمد
    بن سعيد الكوفي الهمداني قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ،
    عن الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ،
    وعن قول الله عز وجل : اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ، وعن قوله : وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ، وعن قوله :


    يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ، فقال : إن الله تبارك وتعالى لا يسخر ولا يستهزئ ولا
    يمكر ولا يخادع ، ولكنه عز وجل يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الإستهزاء وجزاء
    المكر والخديعة ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا .
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    العقائد الاسلاميه ج2
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » العقائد الاسلاميه ج3
    » العقائد الاسلاميه ج4

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 47-منتدى العقائد والكلام-
    انتقل الى: