منشورات مكتبة النجاح ـ النجف
ـــــــــــــــ
٢
( الاسلام والمرأة )
بقلم
فضيلة الملامة الجليل الشيخ
جعفر النقدي
قدس سره
( الطبعة الثانية على نفقة )
السيد مرتضى الرضوي الكشميري
سنة ١٢٧٤ هج
مطبعة الغرى المحدثية
النجف
١
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمْ
الحمد لله وبه استعين واصلي وسلم على نبيه محمد سيد المصلحين وآله الطييبين الطاهرين ( وبعد ) فهذه رسالة سيمتها ( الاسلام والمرأة ) وجب علي تأليفها ما اقرأ بين آونة واخرى عن كتاب النصرانية ودعاة التبشير ومن حذاه حذوهم من ادعياء الالحاد من قولهم ان المرأة في الاسلام منحطة الشأن مهضومة الحقوق ليس لها نصيب في الحياة (١)
ـــــــــــــــــــ
(١) عن كتاب الهلال والصليب تأليف خليل خالد احد نابغي الاتراك المعلم في كلية « كبرتش » نقلا عن المؤيد « ركبت القطار من الخرطوم مع جماعة من السائحين رجالا ونساء فاشرفنا على عربي ترك جملة واقام يصلي على الرمال غير مبال بالقطار ولا بالسائحين الذين كانوا ينظرون اليه فقالت ـ
٢
وان سنن الدين الاسلامي وشرائعه بالنسبة للمرأة لا توافق روح العصر ولا تناسب قواعد الاجتماع لكونه اوجب عليها الحجاب واعطاها نصف ميراث الرجل ، واباح للرجل الطلاق وتعدد الزوجات وغير ذلك مما لا فائدة في نقله ... بسطت فيها ما كانت عليه
ـــــــــــــــــــ
ـ سيدة انكليزية انظروا هذا العربي فقلت وهل يدهشك ما تشاهدين من تعبد هذا العربي وهل تستغربين صلواته فقالت لا بل استحسن عمل المسلمين هذا في صلواتهم ثم روت لنا انها لما زارت الخرطوم اعترضت على مرسل « مبشر » اوروبي هناك لما يبذله من العناية في تحويل المسلمين عن دينهم وحملهم على تغيير عاداتهم فقال لها احد المرسلين هل يسرك يا سيدتي ان تبقى النساء المسلمات خاضعات لتعليم دين يقضى بحرمانهن من الجنة ثم قال لها المرسل المذكور ان النساء في نظر الدين الاسلامي ليس لهن انفس ولا نصيب من الجنة وانما هي خاصة بالرجال لا غير » ا ه ( قلت ) هذه التهمة التي الصقها ذلك المبشر بدين الاسلام انما هي من اقوال اسلافه فقد نقل ـ
٣
المرأة لدى اهل الاديان وعند العرب فيل الاسلام وما نالته في الاسلام من الكرامة الذاتية والمعنوية ليعتبر طلاب الحقائق ان ما ينسبه عدا الإسلام الى ذلك الدين القويم انما هو كذب بحت وافتراء صريح الجأتهم اليه الحاجة لدى عروض دعوتهم الكاسدة الى البسطاء من الناس ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) واني
ـــــــــــــــــــ
ـ البحاثة فريد وجدي انه اجتمع في روما مجمع في القرن السابع عشر مكون من فطاحل الرجال وطرحت فيه هذه المسئلة هل للمرأة روح ؟ وقبله انعقد مجمع في ما كون سنة ٥٨٦ للميلاد يبحث في هل المرأة انسان ؟ وكانت نتيجة قراره بالايجاب لكنها خلقت لخدمة الرجل . نقل ذلك المغربي في خطاب له . واما ما نسبه الى الاسلام من ان المرأة لا نصيب لها في الجنة فيكذبه قوله تعالى « لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ » وغير هذه الاية من الايات والاحاديث .
٤
ارجو ان اكون بعملي هذا قد خدمت الحقيقة واستمد من الله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .
جعفر نقدي
المرأة
عند الامم قبل الاسلام
كل من امعن النظر في الكتب التاريخية والصحف الاجتماعية عرف ان المرأة قبل اشراق نور السلام على وجة المعمورة لم يكن لها شأن يعتني به لدى الأمم اجمع المتمدنة منها والوحشية فكانت سلمة تباع وتشرى وتملك وتستعبد في ذل واحتقار وامتهان واهانة زواج من غير حب ، وطلاق لا ذنب . وكان تعدد
٥
الزواجات لا حد له ولا انظباط . اما الامم غير الخاضعة للشرائع فقد اعرضنا عن ذكر حال المرأة عندهم لانهم لم يكونوا مقيدين بقانون خاص يردعهم عما يأتونه من المنكرات ويمنعهم عما يعملونه من الهمجية مع المرأة او غيرها وانما نذكر حال المرأة عند الامم المتدينة ليظهر فضل الاسلام على غيره من الاديان الاخر وليعلم ان احترام المرأة في العالم اليوم انما هو من بركات التعاليم الاسلامية المقدسة ( فنقول ) اشهر هذه الامم قبل الاسلام هم المجوس الفرس والبراهمة والبوذيون واليهود والنصارى والعرب .
( اما الفرس ) فان المرأة كانت عندهم حقيرة جداً وكان فساد الاخلاق شايعاً بينهم شيوعاً هائلا فكان منهم يتنعم بعدد عديد من النساء والسراري حتى ان
٦
احد ملوكهم ( پرويز ) كانت له اثنى عشر الف امرأة والرعية تبعت الملوك فكان الوجيه منهم يقترن بمائة من اللنساء او اكثر وربما كان المقدار الكافي منهن من محارمه كالامهات والاخوات والعمات والخالات يمسك من شاء منهن ويطلق من شاء ، وكان له ان يحكم عليهن او على بعضهن بالموت اذا غضب ، وكان يحجب البعض منهن ويسفر البعض يباهي بها الناظرين وبلغ من اضطهادهم لبعض نسائهم ان تقضى حياتها مسجونة ضمن جدران بيتها . واباحت نظاماتهم بيع المرأة وشرائها ومن تعاليم ( مزدك ) الذى ادعى انه يوحي اليه اشتراك الناس في النساء وحمل كيقباد على اباحه زوجته لاهل دينه لكن ولدها تداخل في الامر وصد اباه عن ذلك وكانت الامرأة الفارسية في
٧
ادوارها الطبيعية تبعد عن المنازل وتقيم في خيمة صغيرة في الضواحي يسمونها ( داخمي ) لا يخالطها احد من الناس وكان الخدم الذين يقدمون لها الطعام والشراب يلفون انوفهم وآذانهم وايديهم بلفائف من القماش الغليظ خوفا من النجاسة بمسها او بمس خيمتها حتى انهم كانوا يجتنبون الهواء الذي يمر عليها ( واما البراهمة ) فان شريعتهم كانت تقضي باستعباد المرأة فكانت البنت ملكا لابيها يتصرف فيها كيف يشاء واذا تزوجت كانت ملكا لزوجها واذا مات الزوج صارت تحت وصاية ابنائها واذا لم يكن لها ابناء فتحت وصاية اقرباء زوجها تبقى متقشفة حزينة قذرة فاذا لم ترض بهذه الحال جازلها ان تحرق نفسها وكان اولياء البنت يزوجونها قبل بلوغها الثمان سنوات ، وكانوا يمدون
٨
عقم النساء من المصائب ولحرصهم على الكثار النسل كان تعدد النساء عندهم سنة متبعة وللبرهمي ان يتزوج من النساء العدد الذي يحب ويختار وكان عندهم للحجاب طريق خاص ليس للمرأة ان تخرج من بين جدران البيوت وليس لها ان تعرف احداً من الرجال غير محارمها الذين يخصصهم دينها ( واما البوذيون ) فان منزلة المرأة كانت عندهم في سقوط لا نهاية له وعوائدهم الاجتماعية لا تعتبر المرأة الا كالحيوانات العجم فهي عندهم غير نقية فطرة وامرها يعود الى الرجل كما يعود اليه امر حيواناته المملوكة سواء كانت بنتاً او اختاً او زوجة وشريعتهم وان اشركتها مع الرجل في العبادات واجازات لها الانخرط في سلك الكهانة ولكنها لم تعتبرها في الدنيا الا ملكاً للرجل ولذلك لم
٩
يكن عندهم للمرأة شأن يعتني به ولا حد لتعدد النساء ولا قيد للانفصال عنهن وكانت المرأة البوذية مستسلمة لهذا الاحتقار مقرة للرجل بالعبودية لا تطمع في ميراث ولا تملك شيئاً من اسباب الحياة والحجاب عند البوذيين كالحجاب عند البراهمة حذو النعل بالنعل والى اليوم عند الهنود منه بقايا باقية ( واما اليهود ) فكانت المرأة عندهم سلعة من السلع تباع وتسبى ويتزوج بها وتطلق وتكاد تنتقل بالارث ولا ارادة مرعية لها وكان اليهودى يبيع ابنته القصيرة بيع الرقيق وكان الزوج منهم يشتري الزوجة بما يؤديه لها من مال وكانت درجة الانثى عندهم منحطة جداً فلا يمكنونها الا من خدمة الرجل ولما الغى الرؤساء دينهم بيع المرأة اوجبوا عليها ان تدفع لمن يتزوج
١٠
بها ما يرضيه او تبقى من غير زوج واوجبت الشريعة اليهودية ان يتزوج الاخ امرأة اخيه الميت بالرغم منه ومنها ، وكان تعدد الزوجات لا حصر فيه عندهم ولا حد بالرغم من القيد الذي تقيد به التعدد في ( التلمود ) وهو التزويج بعدد من النساء على قدر ما يستطيع الرجل من اطعامهن والانفاق عليهن وعندهم الامرأة تحرم من الارث بوجود الولد ولم تقبل في الوظائف الدينية بتاتاً ولا تقبل شهادتنا بل لا يعتد بنذرها وقسمها الا بأن يثبت ذلك الرجل سكوته وكل ما ذكرناه او جلة من الاحكام اليهودية تجده اذا نظرت في التوراة الرابحة سيما سفر التثنية منها وكذلك ترى وجوب الحجاب في مواضع عديدة منها في سفر التكوين اصحاح ٢٤ ـ ٦٤ : ٦٥ اصحاح
١١
٣٨ ـ ١٣ : ١٤ واصحاح ٤٧ ـ ٣ ( واما النصارى ) فكانوا في الغالب يتبعون اليهود في انحطاط مركز المرأة في المجتمع الانساني وكانت الكنائس تنظر اليها بعين التحقير ويلتمون عليها حمل الرذيلة متوهمين بانه ملتصق بها من الفطرة وانها غير طاهرة ونظراً الى التعاليم المسيحية الاولى التي القيت على سواحل غاليلية على ان نبي الناصرة ( عيسى ) لم يستطع ان يقدر مسئلة الزواج حق قدرها عامة . كان التعدد في الزواجات شائعاً من غير حد يحدوه من احتقار الشريعة النصرانية للنساء كونها تفضل العزوبة على الزواج ولذلك كان في كل ادوارها يوجد عدد كثير من النساء سجل عليهن الشقاء الدائم وبالجملة كانت المرأة المسيحية قبل الاسلام حالها كحال غيرها من الانحطاط ويستظهر
١٢
من رسالة بولس الى ( تيطس ) حيث يقول عن النساء بان يكن متعقلات ملازمات بيوتهن صالحات خاضعات لرجالهن ان الحجاب كان واجبا في النصرانية الاولى ( واما العرب ) فحدث عن احتقار المرأة والازدراء بها عندهم ولا حرج فكان البعض منهم ينظر اليها كما ينظر الى الحيوان الاعجم فيبيعها كما يبيع الحيوان او يستبدل بها غيرها او حيوانا من الحيوانات وكان بعضهم يتطير من ولادتها ويستبدل بها على الشرور . وربما استتر من ولدت له بنت حياء من الناس كأنه جنى جناية او اذنب ذنبا لا يغتفر ومن العرب من كان يقتل البنات خوف الفقر وكانت عادة الؤد هي دفن البنت في التراب وهي في قيد الحياة من العادات المألوفة عند اكثر القبائل فكان الرجل منهم
١٣
يحفر الحفرة لابنته ويدفنها في تلك الحفرة يحثو عليها التراب وهي تنظر اليه الى ان يغطيها التراب فتموت .
ومن القبائل من كان يذبح البنت ذبحا عند ولادتها او بعدها ومنهم من كان يصعد بها جبلا فيرميها من شاهق ومنهم من كان يغرقها في الماء غرقا كانوا يعملون هذه الاعمال الوحشية ويعتذرون انهم فعلوا كل ذلك خوف العار والمذلة واول من وءد البنات بنو تميم غضب عليهم النعمان ابن المنذر سنة من السنين فوجه اليهم اخاه الريان ابن المنذر ومعه بكر بن وائل فاستاق النعم وسبى الذراري ثم بعد مدة وفدت بنو تميم الى النعمان واستعطفوه فرق عليهم واعاد سبيهم وقال كل امرأة اختارت اباها ردت اليه وان اختارت صاحبها تركت فاختار بعضهن رجالهن وقيل ان ابنة قيس بن عاصم
١٤
اختارت من سباها وهو عمر بن الشمرخ اليشكرى فنذر قيس ان يأد بناته واقتدى به الناس (١) ولم يكن عند العرب نظام للزواج ولا قانون للطلاق يتزوج الرجل منهم ما شاء من النساء ويطلق ما شاء ولم يكن عندهم حد ولا عدد للنساء اللواتي يجوز
ـــــــــــــــــــ
(١) كان صعصعة بن ناجية التميمي اول من فدى المؤدة وهو جد الفرزدق الشاعر وكان من خبرة انه قال اضلت ناقتين فذهبت في طلبهما فقصدت بيتاً كان جالسا بفنائه فسألته فقال هما عندي واذا عجوز خرجت من البيت فقال لها ما وضت فان كان ذكراً شار كناه في اموالنا او انثى وأدناها فقالت انثى فقلت له اتبيعينها فقال وهل تبيع العرب اولادها فقلت انما اشتري حياتها فقال بكم فقلت احتكم قال بالناقتين وهذا الجمل الذي تحتك قلت لك ذلك فعندي ثمانون وماءة موءودة بناقتين وجمل قال الفرزدق يفتخر بذلك .
الم تر انا بنو دارم
زارة منا ابو معبد
ومنا الذي منع الوائدات
فاحيى الوئيد ولم يؤد
١٥
للرجل الابتناء بهن وكان الرجل اذا كره معاشرة زوجته ولها عليه شيء من صداقها يضيق عليها ويؤذيها حتى تسقط عنه ذلك الصداق واذا أراد الابتناء بامرأة ولم يكن عنده مال بهت الاولى بفاحشة لتفتدى منه بما اصدقها به ليصدق يه الثانية فتفتدى رغما عليها وكان الرجل يتزوج بامرأة ابيه التي لم تكن امه بعد موت الاب وربما تزوج بها بعد طلاق ابيه لها كما فعل امية بن عبد شمس وانكر شارح النهج عبد الحميد ابن ابي الحديد ان تكون العرب تتزوج بنساء آبائهم المطلقات وقال ان فعل امية لم يفعله احد في الجاهلية وكان العرب يجمعون بين الاختين فيقع بينهما الشقاق العائلي وكانوا يكرهون جواريهم على البغاء ويقبل الموالي كد فروجهن وربما كانت تستعفف الجارية فلا
١٦
تجد سبيلا الى العفاف وكان الرجل يطلق الامرأة متى اراد ويراجعها قبل انقضاء العدة من غير نهاية معلومة لهذا العمل فكانت المرأة بيده كالكر بيد اللاعب وكان التهامي اذا كره زوجته يسييء صحبتها حتى يطلقها ويشترط عليها ان لا تنكح الا بمعرفته وتفتدي منه بصداقها او ببعضه وكان البعض منهم لا يأبى من التزويج بذوات الرايات من الزواني لقلة ذات يده وربما اجتمع جماعة دون العشر على امرأة فاذا وضعت حملها جمعتهم حولها وقالت قد علمتهم ما كان من امركم وقد وضعت هذا المولود هو ابنك يا فلان فيلتحق به ومن انكحتهم نكاح الاستبدال ( اي زوجه بزوجة ) ونكاح الشقار وهو تزويج الرجل ابنته ببنت الرجل الاخر او اخته باخت الرجل الاخر
١٧
وكانوا يحرمون المرأة من ارث اقاربها وزوجها وربما خصوا المواريث بالكبير او الكبار من العائلة دون النساء والاطفال وكانت عندهم عادة شائعة ان يرث الرجل امرأة قريبته بعد موته بالرغم منها او بالرضا فيلقى عليها ثوبه عند موت بعلها يمنعها من الناس وحينئذ يتزوجها اذا اعجبته او يزوجها غيره ويأكل مهرها او يحبسها حتى تموت وبالجملة فقد بلغ اضطهاد العرب للمرأة مبلغاً عظيماً وكانت تقاسي العذاب الاليم وتعاني القسوة الجائر لا يرثى لها احد ولا نجد مفراً مما هي فيه ولا تقبل لها شهادة ولا تعطى ميراثا يأمرها هذا بالحجاب وذلك بالسفور الى غير ذلك من التحكمات والاضطهادات والذي يظهر من شعرهم ان حجاب النساء كان عادة مألوفة لدى اشرافهم ( قال ربيع ابن
١٨
زياد العيسى يرثي مالك بن زهير )
من كان مسروراً بمقتل مالك
فليأت نسوتنا بوجه نهار
يجد النساء حواسرا يندبنه
وينحن قبل تبلج الاسحار
قد كن يخبأن الوجوه تستراً
فاليوم حين برزن للانظار
يلطمن حر وجوههن على فتى
عف الشمائل طيب الاخبار
افبعد مقتل مالك بن زهير
يرجو النساء عواقب الاطهار
ـ وقال المهلهلي يرثى كليبا ـ
١٩
يحرسن عن بيض الوجوه سوافراً
من بعده ويعدن بالازمان
ـ وقالت شاعرة الحماسه ام عمران ابنة وقدان ـ
وخذوا المكاحل والمجاسد والبسوا
نقب النساء فبئس رهط المرهق
وقالت هند بنت معبد بن خالد بن نافلة ترثي ابن اخيها خالد بن حبيب بن معبد
ان تبكيا لا تبكيا هيناً
وما بما منكما من خفا
اذ تخرج الكاعب من خدرها
يومك لا تذكر فيه الحيا
ومما يدلنا ان الحجاب كان عادة مألوفة لدى اشراف العرب ما ذكره المؤرخون عن سبب حرب الفجار الثانية ان امرأة من بني عدنان كانت جالسة بسوق
٢٠
عكاظ فطاف بها شاب من قريش من بني كنانة وسألها ان تكشف له وجهها فابت وجلس خلفها وهي لا تشعر وعقد ذيلها بشوكة فلما قامت انحسر ذيلها من خلفها فضحك الناس عليها وقيل لها انك بخلت بكشف وجهك فبان غيره فنادت يا آل عامر فساروا بالسلاح ونادى الشاب يا بني كنانة فجاؤا بالسيوف والرماح فحصل الحرب بينهما بسبب ذلك .
المرأة في الاسلام
جاء الاسلام ونشر لوآءه المنصور على ارجاء العالم واورقت المعمورة بنور المنقذ الاعظم ( محمد ) صلى الله عليه وآله وسلم واصلح ما اصلحه من حال البشر
٢١
فاقام المرأة في المقام الذي اوجدتها لها الرحمة الآلهية وعرف الناس بحقوقها المشروعة وابان لهم انها الجزء المقوم لحياة الانسان والسبب المتمم لا يجاده فجاء في كتابه العزيز ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ ) الاية ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) وابطل عادة الؤد واعدام البنات ووجه التوبيخ والتبكيت على فاعلى ذلك بقوله عز من قائل ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ) وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ ونهى من كانوا يقتلون البنات خوف الفقر بقوله تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ) ذكر الكثير من علماء التفسير ان المراد بالاولاد هنا البنات
٢٢
وكذلك في الآية قبلها والاملاق هو الفقر والعرب تسمى البنت ولداً ومن ذلك قول بعضهم وقد بشر ببنت ( والله ما هي بنعم الولد ) اي بنعم المولود وجاء ذم المستتر من ولادة الانثى في قوله تعالى ( واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ايمسكه على هون ام يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون ) وقارن الاسلام الرجل بالمرأة في الاوامر الدينية ونواهيها وقد جاء في كتابه الكريم ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا
٢٣
وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) وقال تعالى ( أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ) وقرن المرأة بالرجل في امره الولد بالاحسان بوالديه في قوله جل وعلا ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) وقال تعالى ( اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) وكان صاحب الشريعة الاسلامية (ص) يوصي في الرفق بالبنات وبالرحمة والحنان عليهن حتى انه (ص) كان يأمر اصحابه انهم اذا حملو شيئاً من السوق الى عيالهم ان يبدأ وا بالاناث قبل الذكور جبراً لخواطرهن وتحبيباً لهن عند الاباء والامهات وغيرهما ووصاياه صلى الله عليه وآله وسلم بالمرأة قد
٢٤
امتلأت بها كتب الحديث فمن ذلك قوله (ص) ( استوصوا بالنساء خيراً فانهن عوان عندكم ) وقوله صلى الله عليه وآله ( ما اكرم النساء الا كريم وما اهانهن الا لئيم ) وقد اصلح دينه الكريم امر الزواج واصلح الطلاق والمواريث اصلاحاً لم يبق منه مجال لقائل وابطل السفرر الباطل واوجب الحجاب المحافظ لشرف المرأة والصائن لكرامتها كما سيتلى عليك التفضيل .
الاسلام واصلاح الزواج
اول ما قام به الاسلام لاصلاح الزواج ان نهى عن الزنا ونكاح الزانيات ورغب الناس بالنكاح
٢٥
الشرعي واوجب الحد على الزناة من الرجال والنساء فجاء في كتابه الكريم ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) ( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) وجاء عن النبى « ص » ( من تزوج احرز نصف دينه فليتق الله
٢٦
في النصف الاخر ) وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ( ما بنى بناء في الاسلام احب الى الله من التزويج ) وقال (ص) مخاطبا اولياء النساء ( اذا اتاكم من ترضون دينه وامانته فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ) وقال عز من قائل يأمر الفقراء بالاستعفاف وبعدهم ( بالغنى وليستعفف الذين لايجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ) وينهى عن نكاح زوجة الاب احتشاما الاب وتعظيما لشأنه بقوله عز من قائل ( وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ) ونهى عن الجمع بين الاختين علما منه تعالى انه موقف للغيرة لا تتمكن المرأة على احتماله ينشأ منه فساد ذات البين فقال جل وعن ( وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ