الذهن على الوجه الذي حرّرناه .
ولا يخفى عليك صدق نفس الأمر على الوجود الحق الصمدي المتعين المطلق
عن الإطلاق والتقييد أيضاً ، وإن لم يصدق عليه ما يصدق على شؤونه النورية ، من أن
لها خزائن وصوراً علمية ، مسمّاة بالأعيان الثابتة ، لأنه سبحانه صورة الصور وحقيقة
الحقائق وجوهر الجواهر ونور الأنوار .
ثم لا يخفى عليك انّ هذا الأمر القويم لا يتبدّل في اختلاف الآراء في إدراك
النفس الحقائق ، من أنه هل هو على سبيل رشح الصور على النفوس ، أو على سبيل
الإشراق ، أو على سبيل الفناء في القدسي (28) .
ومنها : إنّ المراد من الخارج هو خارج الفرض والإعتبار ، وإن كان متحققاً في
المشاعر والقوى المدركة ، وبعبارة اُخرى وإن كان متحققاً في الذهن والخارج ـ بهذا
المعنى الدقيق ـ هو نفس الأمر ، للأحكام الذهنية أي القضايا الذهنية ، فلا يجب في
صحيحها المطابقة لما في الخارج ، بل تكون صحّتها باعتبار مطابقتها لما في نفس الأمر بهذا
المعنى ، أي نفس الشيء في حدّ ذاته .
ومنها : وجه ما قالوا في معنى « نفس الأمر » من أنّها العلم الإلهي . أو من أنّها
النفس الكلية ، واللوح المحفوظ ، أو من أنّها عالم المثال . وكلّ واحد من تلك المعاني
حق ، ولكلٍّ وجهة هو موليها ، كما ستعلم أيضاً .
ومنها : معنى الحقّ والصدق ، وقد أشبعنا البحث عنهما في شرحنا على الفصّ
الواحد والسبعين ـ من شرحنا على فصوص الفارابي ـ فراجع !
تبصرة :
ما قاله العلّامة الحلّي في كشف المراد من أن « المعقول من ( نفس الأمر ) إما
الثبوت الذهني أو الخارجي . . . » ، يعني وما يتصوّر ويعقل من لفظ « نفس الأمر »
عندما يقال : الشيء مطابق لما في نفس الأمر ، ويكون الشيء فيه إما هو الوجود
الخارجي ، وكون الشيء في الخارج ، أو الذهني وكون الشيء في الذهن ، والمفروض
____________________________
(28) كما حقّق في الفصل 33 من المرحلة السادسة من الأسفار في العلّة والمعلول 1 : 200 ، الطبعة الاُولى .
أنّ الأحكام الذهنية التي قلنا : ليست بلحاظ ما في الخارج ، كالإمكان مقابل
للإمتناع ، لا يصحّ القول بأنّ صحيحها لأنها في الخارج ، وكذا لا يصحّ القول : بأنّ
صحيحها لا لأنّها في الذهن ، لإمكان كونها كاذبة ، ومع ذلك موجودة في الذهن ،
ويلزم على هذا صحّة الكواذب .
ولكن أنت بما حقّقنا من معنى نفس الأمر والخارج ، ومعنى صحّة مطابقة
الحكم لنفس الأمر ، تعلم أنّ الشبهة غير واردة أصلاً ، لأنّ الكواذب لا نفسية لها حتى
يتفوّه بها بمطابقتها له وصحّتها .
نعم لو قلنا إنّ نفس الأمر عبارة عن عالم الأمر الحكيم ، فالجواب عن الشبهة
المذكورة وإن كان يعلم أيضاً بالقياس الى ما حرّرناه ، ولكن فيه تحقيقاً أنيقاً آخر يأتي
نقله عن الحكمة المتعالية ، وكلامنا حوله .
ثم إنّ العلّامة القيصري أفاد تحقيقاً في معنى « نفس الأمر » في آخر الفصل
الثاني من فصول شرحه على فصوص الحكم ، على ما ذهب إليه المحقّقون من أهل
التوحيد ، وما تقدّم منا في معنى « نفس الأمر » وإن كان كافلاً لما أفاد ، ولكنّه أجاد بما
أفاد لا يخلو نقله عن فوائد كثيرة ، ونتبعها بإشارات منيفة منّا حول إفاداته إن شاء الله
تعالى ، قال :
« والحقّ أنّ كل من أنصف يعلم ـ من نفسه ـ أنّ الذي أبدع الأشياء
وأوجدها من العدم الى الوجود ـ سواء كان العدم زمانياً أو غير زماني ـ يعلم تلك
الأشياء بحقائقها وصورها اللازمة لها ، الذهنية والخارجية ، قبل إيجاده إيّاها ، وإلّا لا
يمكن اعطاء الوجود لها ، فالعلم غيرها ـ أي غير الأشياء ـ .
والقول باستحالة أن يكون ذاته تعالى وعلمه ـ الذي هو عين ذاته ـ محلاً
للاُمور المتكثرة ، إنّما يصحّ إذا كانت غيره تعالى ، كما عند المحجوبين عن الحق ، اما إذا
كانت عينه من حيث الوجود والحقيقة ، وغيره باعتبار التعيّن والتقيّد فلا يلزم ذلك ،
وفي الحقيقة ليس حالاً ولا محلاً بل شيء واحد ظهر بصورة المحلية تارة والحالية اُخرى .
فنفس الأمر عبارة عن العلم الذاتي الحاوي لصور الأشياء كلّها ، كليها وجزئيها ،
صغيرها وكبيرها ، جمعاً وتفصيلاً ، عينية كانت أو علمية ، ( مَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن
مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ) (29) .
فإن قلت : العلم تابع للمعلوم ، وهو الذات الإلٰهية وكمالاتها ، فكيف
يكون ـ أي العلم ـ عبارة عن نفس الامر ؟
قلت : الصفات الإضافية لها اعتباران ، اعتبار عدم مغايرتها للذات ، واعتبار
مغايرتها لها ـ أي أنّها غير الذات ـ فبالاعتبار الأول العلم ـ والإرادة والقدرة وغيرها
من الصفات التي تعرض لها الإضافة ـ ليس تابعاً للمعلوم ، والمراد والمقدور ، لأنّها عين
الذات ولا كثرة فيها .
وبالاعتبار الثاني العلم تابع للمعلوم ، وكذلك الإرادة والقدرة تابعة للمراد
والمقدور .
وفي العلم اعتبار آخر ، وهو حصول صور الأشياء فيه . فهو ـ أي العلم ـ ليس
من حيث تبعيته لها عبارة عن نفس الأمر ، بل من حيث أنّ صور تلك الأشياء حاصلة
فيه هي عبارة عنه ، من حيث تبعيته لها . يقال : الأمر في نفسه كذا ، أي تلك الحقيقة
التي يتعلّق بها العلم ، وليست غير الذات في نفسها كذا ، أي والحال ان تلك الحقيقة
ليست غير الذات يقال في نفسها كذا .
وجعل بعض العارفين العقل الأول عبارة عن نفس الأمر حق ، لكونه مظهراً
للعلم الإلهي من حيث إحاطته بالكلّيات المشتملة على جزئياتها ، ولكون علمه مطابقاً
لما في علم الله تعالى . وكذلك النفس الكلّية ، المسمّاة باللوح المحفوظ بهذا الاعتبار عبارة
عن نفس الأمر » .
أقول : كلامه الشريف شامل على مطالب عديدة سامية ينبغي الإشارة إليها :
منها : انّه سبحانه عالم بالأشياء على الوجه الكلّي ، وكذلك على الوجه الجزئي ،
من حيث هو جزئي « أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » (30) ، وهذا المطلب الأسمى
مستفاد من وحدة الوجود الشخصية التي هي موضوع الصحف العرفانية ، ومسائلها ،
وإطلاق هذه الوحدة على الذات الصمدية على الوجه التامّ هو ما عبّر به إمام الكلّ في الكلّ
____________________________
(29) يونس : 61 .
(30) الملك : 14 .
عليه السلام في خطبة من النهج ـ قال الرضي في وصفها : وتجمع هذه الخطبة من اُصول
العلم ما لا تجمعه خطبه ـ بقوله : « ولا يُقال لَهُ حدٌ ، ولا نهايةٌ ، ولا انقطاعٌ ، ولا غايةٌ ،
ولا أنَّ الأشياء تحويه ، فتقلّهُ ، أو تُهويه ، أو أنّ شيئاً يحمله فيميله أو يعدّله ، ليسَ في
الأشياءِ بوالج ولا عنها بخارجٍ » (31) .
بل أهل الذوق يفهمون من قوله سبحانه « وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ » (32) ، ومن
قوله : « وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » (33) هذا المعنى اللطيف ، ويفسّرون الإسم
القيوم بهذا السرّ القويم . واستيفاء البحث عن العلم موكول الى رسالتنا في العلم .
ومنها قوله : « والقول باستحالة أن يكون ـ الى قوله ـ والحالية الاُخرى » كلام
كامل متقن في تحقّق الأعيان الثابتة في الذات ، ومن هنا ، وعلى هذا المنوال ، قال صدر
المتألّهين :
« وأمّا تحاشيه ( يعني تحاشي الشيخ الإشراقي ) وتحاشي من تبعه عن القواعد
بالصور الإلهية ، لظنّهم أنه يلزم حلول الأشياء في ذاته ، وفي علمه الذي هو عين ذاته ،
فقد علمت ان ذلك غير لازم ، إلّا عند المحجوبين عن الحق ، الزاعمين انها كانت غيره
تعالى ، وكانت أعراضاً حالّة فيه ، واما إذا كانت عينه من حيث الحقيقة والوجود ،
وغيره من حيث التعيّن والتقيّد ( يعني التقيّد بالحدود ) فبالحقيقة ليس هناك حالّ ،
ولا محلّ ، بل شيء واحد متفاوت الوجود في الكمال والنقص والبطون والظهور .
ونفس الأمر عند التحقيق عبارة عن هذا العلم الإلهي لصور الأشياء كليها
وجزئيها ، وقديمها وحادثها ، فإنّه يصدق عليه أنه وجود الأشياء على ما هي عليها ، فإنّ
الأشياء موجودة بهذا الوجود الإلهي ، الحاوي لكلّ شيء إذا الأشياء كما ان لها وجوداً
طبيعياً ، ووجوداً مثالياً ، ووجوداً عقلياً ، فكذلك لها وجود إلهي عند العرفاء . وهذا
الوجود أولى بأن يكون عبارة عن نفس الأمر ، ولا يلزم من ذلك ثبوت المعدومات إذ
ثبوت المعدوم الذي حكم عليه أنه محال عبارة عن انفكاك الشيئية عن الوجود مطلقاً لا
انفكاكها عن الثبوت الخارجي ، مع تحقّقها بالوجود الربّاني وظهورها فيه » (34) .
____________________________
(31) نهج البلاغة : 274 فهرسة صبحي الصالح .
(32) الحديد : 4 .
(33) ق : 16 .
(34) آخر الفصل الحادي عشر من الموقف الثالث من إلهيات الأسفار 3 : 56 ، الطبعة الاُولى .
أقول : مراد صاحب الأسفار بالكمال هو المرتبة الأحدية ، والنقص هو المرتبة
الواحدية ، ولا شكّ أنّها نقص بالإضافة الى الأحدية لوقوع الكثرة في هذه المرتبة ،
والمرتبة الأحدية هي البطون ، أي الغيب المطلق الذي لا يخبر عنه ، ويمكن أن يكون
المراد بالنقص نفس الماهيات التي يعبّر عنها بالأعيان الثابتة ، أو الوجودات المقيّدة
بالحدود من حيث سعة المجال وضيقه ، أعني التشكيك في اصطلاح العارف ، فتبصر !
ثم العجب من صاحب الحكمة المنظومة حيث قال فيها في « غرر في ذكر الأقوال
في العلم ووجه الضبط لها » ما هذا لفظه : « الشيخ العربي واتباعه جعلوا الأعيان الثابتة
اللازمة لأسمائه تعالى في مقام الواحدية علمه تعالى . وهذا أيضاً مزيف من حيث
إثباتهم شيئية للماهيات ، وإسنادهم الثبوت إليها في مقابل الوجود ، مع انك قد عرفت
أصالة الوجود ولا شيئية الماهية إلّا ان يصطلحوا أن يطلقوا الثبوت على مرتبة من
الوجود ، كأنّهم وضعوها ، مباناً من حقيقة الوجود مرتبة منها ، وقابلوها بها . . . » (35) .
ولست أدري أنّه رحمة الله ـ مع طول باعه في الحكمة المتعالية ـ كيف تفوّه بهذا
الرأي الفائل ؟
وقد حقّقنا في تعليقاتنا على كشف المراد : انّ الماهيات في اصطلاح الحكيم
هي الأعيان الثابتة في اصطلاح العارف ، وهي الصور العلمية بوجودها الأحدي ، الذي
هو عين الذات الصمدية ، وقد اصطلح العارف ان يسمّي العلم ثابتاً ، والعين وجوداً ، لا
أنّ الثبوت واسطَة بين الوجود والعدم ، بل واسطة بين وجوده الخارجي والعدم ، بمعنى أنّه
وجود علمي إلّا أنّه يسميه ثبوتاً للفرق بين العلم والعين ـ اصطلاحاً ـ ، وتفصيل
ذلك يطلب في تعليقنا على المسألة الثالثة عشرة من الفصل الأول من المقصد الأول من
كشف المراد .
ثمّ إنّ كلام العلّامة القيصري وصدر المتألّهين على وزانه من أنّ نفس الأمر
ـ عند التحقيق ـ عبارة عن هذا العلم الإلهي لصور الأشياء في غاية الإحكام والإتقان ،
لأنّ ما له نفسية حقيقة لا بد أن يكون له وجود طبيعي ، ووجود مثالي ، ووجود عقلي ،
ووجود إلهي ، والتفاوت بالكمال والنقص كالأبدان الإنسانية ـ مثلاً ـ بل الإنسان
____________________________
(35) الحكمة المنظومة : 160 ، الطبعة الاُولى .
بالوجودات الأربعة المذكورة ، فتدبّر في قوله سبحانه : « يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ
ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ . . . » ، وكما ان الوجود حقيقة واحدة إطلاقية ، ولها درجات بعضها
طبيعي ، وبعضها نفساني ، وبعضها عقلي ، وبعضها إلهي ، كذلك جميع شؤونها : النفس
الأمرية ، لأنّها أطوار حقيقة ، منتشئة ومنفطرة عن ذات واحدة صمدية سبحانه وتعالى .
نعم ، إنّ نفس الأمر بهذا المعنى لا يصدق عليه سبحانه ، لأنّها كانت عبارة عن
العلم الإلهي لصور الأشياء . فالأمر على هذا المعنى في مقابل الخلق من العقل الأول الى
الهيولى الاُولى ، لا كما قال المحقّق الشريف : أن يجعل الأمر ها هنا في مقابل الخلق ،
ويُراد به عالم المجردات ، كما نقله عنه صاحب الشوارق (36) ، وذلك لأنّ الخلق الإيجاد
على تقدير وترتيب ، وأصل الخلق التقدير ، يقال : خلقت الأديم إذا قدرته قبل القطع .
والخلق هو المنقوش على الصادر الأول ، وهو فرق الخلق ، وقد حقّقنا البحث عنه في
رسالتنا الفارسية المسماة بـ « وحدث از ديدگاه عارف وحكيم » (37) ، فراجع !
فالمجرّدات من الخلق أيضاً والصادر الأول يسمّى في الصحف العرفانية
بالنفس الرحماني والنفس الإلهي ، والهيولى الكلّي ، والماء الذي هو أصل كل شيء ،
والبخار العام ، والتجلّي الساري ، والرقّ المنشور ، والنور المرشوش ، والخزانة الجامعة ،
واُمّ الكتاب المسطور ، والوجود العام ، ومادة الموجودات ، والرحمة العامة ، والرحمة
الذاتية ، والإمتنانية ، وصورة العماء ، والوجود المنبسط ، والعنصر ، والعنصر الأول ،
وأصل الاُصول ، وهيولى العوالم غير المتناهية ، وأب الأكوان ، واُم عالم الإمكان ،
والجوهر الهيولاني وغيرها من الأسامي المذكورة في محالها فراجع الرسالة المذكورة
ومصباح الانس (38) .
والصور العلمية تسمّى بالأعيان الثابتة ، وبالفيض الأقدس أيضاً ، أي
الأقدس عن أن يكون المستفيض غير المفيض ، والأقدس من شوائب الكثرة الأسمائية ،
____________________________
(36) لاحظ : ص 114 ، الطبعة الاُولى .
(37) لاحظ : ص 84 ـ 94 ، الطبعة الاُولى .
(38) لاحظ : ص 70 ، 133 ، 150 ، 161 وكذلك شرح القيصري على الفصّ العيسوي ، واليعقوبي من
فصوص الحكم : 331 و 389 ، الطبعة الاُولى .
ونقائص الحقائق الإمكانية . فهي ليست من جملة العالم ، ومما سوى الله ، وليس
وجودها وجوداً مبايناً لوجود الحق سبحانه ، ولا هي موجودات بنفسها لنفسها ، بل إنّما
هي من المراتب الإلهية ، والمقامات الربوبية ، وهي موجودة بوجود واحد ، باقية ببقاء
واحد ، والعالم إنما هو ما سواه ، كما حرّره صدر المتألّهين (39) .
نعم قد أطلق عليها العالم في الفصل الثالث والثلاثين من تمهيد القواعد ،
لصائن الدين باعتبار تغايرها الذاتي ، فارجع إليه والى تعليقاتنا على ذلك الفصل منه (40) .
ومنها قوله : « فإن قلت : العلم تابع للمعلوم . . . » .
أقول : قد أتى بهذا السؤال والجواب صاحب الأسفار بعد كلامه المذكور آنفاً
مع زيادة إيضاح حيث قال : « فإن قلت : العلم تابع للمعلوم ، فكيف يكون هذا العلم
الذي هو الذات الإلهية تابعة للاشياء ؟ » .
قلنا : هذا العلم الإلهي لكونه كالقدرة ، والقدرة ونظائرها من الصفات
الإضافية ـ أي من الحقائق ذوات الإضافة الى الأشياء ـ فله اعتباران :
أحدهما : اعتبار عدم مغايرته للذات الأحدية ، وهي بهذا الأعتبار من
صفات الله ، وغير تابعة لشيء ، بل الأشياء تابعة له إذ به صدرت وجودات الأشياء في
الخارج ، ولهذه الجهة قيل : علمه تعالى فعلي .
وثانيهما : اعتبار إضافته إلى الأشياء ، وهو بهذا الأعتبار تابع للأشياء متكثّر
بتكثرها ، وسنشبع القول في تحقيق هذا المقام عند بيان كيفية علمه تعالى بالأشياء على
طريقة أصحاب المكاشفة الذوقية ، ونحن قد جعلنا مكاشفاتهم الذوقية مطابقة للقوانين
البرهانية ، والكلام في كون علمه تعالى تابعاً للمعلوم أم المعلوم تابعاً له ؟ الأليق بذكره
أن يكون هناك من ها هنا (41) .
أقول : الموضع المذكور في علمه هو الفصل التالي من الفصل المذكور وهو
الفصل الثاني عشر من الموقف الثالث من إلهيات الأسفار (42) .
وقد حقّقنا في مصنّفنا الموسوم بالعرفان والحكمة المتعالية ان اُمهات مسائل
____________________________
(39) الفصل الثامن من الموقف الثاني من إلهيات الأسفار 3 : 48 ، الطبعة الاُولى .
(40) لاحظ : ص 95 ، الطبعة الاُولى .
(41) لاحظ : ص 57 ، ج 3 ، الطبعة الاُولى .
(42) لاحظ : ص 57 ـ 63 ، ج 3 ، الطبعة الاُولى .
الحكمة المتعالية ، أعني بها أسفار صدر المتألّهين ، مأخوذة من الصحف العرفانية ، كتمهيد
القواعد وشرح القيصري على فصوص الحكم ومصباح الانس لابن الفناري ،
والفتوحات المكّية للشيخ العارف محيي الدين ابن العربي .
وقد أجاد في كلامه الرفيع من انّ المكاشفات الذوقية مطابقة للقوانين
البرهانية ، كقوله : الآخر الثقيل ، أيضاً في أول الفصل الثاني من الباب السادس من
نفس الأسفار :
« الشرع والعقل متطابقان في هذه المسألة ـ يعني في مسألة ان النفس الناطقة
ليست بجسم ولا مقدار ، ولا منطبعة في مقدار ـ كما في سائر الحكميات وحاشى
الشريعة الحقّة الالهية البيضاء ان تكون احكامها مصادمة للمعارف اليقينية الضرورية
وتباً لفلسفة تكون قوانينها غير مطابقة للكتاب والسنة (43) .
فالعرفان والبرهان يدوران حيثما دار القرآن ، ولن يفترق كل واحد منها عن
الآخرين قط . والإنسان الكامل قرآن وبرهان وعرفان ، وهو لن يفترق عن القرآن
والبرهان والعرفان قط ، كما ان العرفان الأتمّ ، والبرهان الأقوم ـ وكذا الحقائق
القرآنية بأعلى ذرى مقاماتها ـ لا تنفكّ عنه ولا تفترق قط .
وجملة الأمر في الاعتبارين ، المأخوذ في الجواب أنّ علم الواجب بالأشياء هو
وجود الواجب ـ بملاحظة اتحاده بالأعيان الثابتة ـ إذا لوحظ بحسب الوجود أي لوحظ
وجود الواجب مع قطع النظر عن هذا الاتحاد يكون متبوعاً وعين الواجب ، وإذا لوحظ
العلم من حيث انه علم ، أي لوحظ وجوده باعتبار اتحاده بالأعيان يكون تابعاً للأعيان ،
بمعنى أنّ علمه يكون على طبق ما تكون الأعيان عليه في نفسها ، ويكون متكثراً بتكثّر
الأعيان ، بمعنى أنّ علمه بهذا العين المخصوص غير علمه بعين اُخرى لتغاير العينين
بالذات .
وقال القيصري في آخر الفصل الأول من الفصول المذكورة في التنبيه المعقود في
عينيّة الصفات للوجود : « إنّ الحياة ، والعلم ، والقدرة ، وغير ذلك من الصفات تطلق
على تلك الذات ، وعلى الحقيقة اللازمة لها من حيث انها مغايرة بالإشتراك
____________________________
(43) لاحظ : ص 75 ، ج 4 ، الطبعة الاُولى .
اللفظي » (44) ، فتدبر !
ونقول إيضاحاً : قوله : إذا كانت غيره تعالى ، أي إذا كانت تلك الاُمور
المتكثّرة ، التي هي الصور المرتسمة غيره تعالى ، تعالى عن ذلك .
ألِغيرك من الظهور ما ليس لك ؟
غيرتش غير در جهان نگذاشت
قوله : فلا يلزم ذلك ، أي لا يلزم كونه محلاً للاُمور المتكثّرة .
قوله : بل شيء واحد ظهر بصورة المحلية ، أي شيء واحد ظهر في ملابس
أسمائه وصفاته ، فإنّها قائمة بالفيض الأقدس ، ولا حالية ، ولا محلّية أصلاً ، بل شيء
واحد تحقّق بصورة البُطون تارة ، وهذا من جهة اعتبار نفس الذات ، وتجلى بصورة
الظهور اُخرى ، وذلك من جهة العلم والإنكشاف ، أي انكشاف الأشياء عنده بنفس
ذاته وهويته البسيطة التي هي كل الأشياء بنحو الأصالة والوحدة والصرافة ، وليس
بشيء منها .
وقال القيصري في شرح الفص الآدمي : لمّا كان الفاعل والقابل شيئاً واحداً
في الحقيقة ـ ظاهراً في صورة الفاعلية تارة ، والقابلية اُخرى ـ عبر عنهما باليدين .
قوله : الحاوي لصور الأشياء كلّها ، أي بنحو البساطة الإطلاقية .
قوله : قلت : الصفات الإضافية ، يعني أنّ الصفات ذات الإضافة لها اعتباران :
اعتبار عدم مغايرتها للذات بحسب حقائقها الإطلاقية ، كالعلم ، وهذا في المرتبة
الأحدية ، واعتبار مغايرتها للذات ، أي اعتبار إضافتها ونسبتها وتعلّقها بالغير ، فتمتاز
نسبة ومفهوماً أيضاً وهذا في المرتبة الواحدية . فالصفات قد تؤخذ إطلاقية ، فهي عين ،
وأسماء ذاتية ، وقد تؤخذ على وجه التعلّق بالتعيّنات ، فهنا امتياز نسبي .
قوله : وفي العلم اعتبار آخر . يعني ليس هذا الأعتبار لسائر الصفات الإضافية ،
وهو حصول صور الأشياء فيه لأنّ بسيط الحقيقة كلّ الأشياء ، فنفس الأمر عبارة عنه
بهذا الاعتبار .
قوله : يقال الأمر في نفسه كذا ، أي تلك الحقيقة العلمية التي يتعلّق بها العلم ،
والحال أنّ تلك الحقيقة ليست غير الذات حقيقة ، تقال في نفسها وحدّ ذاتها كذا . يعني
____________________________
(44) لاحظ : ص 12 ، الطبعة الاُولى .
انّ نفس الأمر عين علمه تعالى بهذا الاعتبار الآخر الذي ليس لسائر الصفات
الإضافية ، فالعلم ليس من جهة تابعيته للأشياء عبارة عن نفس الأمر ، بل من جهة أنّ
صور الأشياء حاصلة فيه عبارة عن نفس الأمر .
فذلكة البحث حول كلام القيصري :
إنّه لمّا قال : فنفس الأمر عبارة عن العلم الذاتي ، أورد عليه ان العلم تابع
للمعلوم ، والمعلوم هو الذات الإلهية ، وكمالاتها ، لأنّه ليس في الوجود علم وعين سوى
الذات الإلهية ، وشؤونها الذاتية ، التي هي كمالاتها ، فنفس الأمر هو المعلوم المتبوع ، لا
العلم التابع له ، المطابق لما في نفس الأمر ، فأراد دفع ذلك الإيراد عن نفسه ، بقوله :
قلت : الصفات الإضافية . . .
وحاصل الجواب انّ العلم من الصفات الإضافية ، أي ذوات الإضافة ، ولها
اعتباران اعتبار أنفسها ، واعتبار إضافتها العارضة لها .
وبالاعتبار الأول عين الذات الإلهية ، لا تابعة لها ، بل هي متبوعة .
وبالاعتبار الثاني العلم وسائر الصفات الإضافية ، كالقدرة ، والإرادة تابعة لما
تضاف إليه .
وللعلم اعتبار آخر ليس لسائر الصفات الإضافية : هو حصول صور الأشياء فيه
التي عبّر عنه بالكمالات تارة باعتبار ، وبالشؤون الذاتية تارة وباعتبار ، وبالشؤون الإلهية
والأسماء وصورها تارة وباعتبار ، ونفس الأمر عين علمه تعالى بهذا الاعتبار .
فالجواب ينشعب شعبتين : اُولاهما في بيان أنّ الصفات مطلقاً يعتبر فيها
الاعتباران ، وثانيتهما في بيان أنّ العلم خاصة له اعتبار ، ليس لغيره من الصفات ، فهو
بهذا الاعتبار عبارة عن نفس الأمر وهو عين الذات ، فتبصر !
ومنها قوله : وجعل بعض العارفين العقل الأول عبارة عن نفس الأمر حق . . .
والعقل الأول هو الإسم العليم في الحقيقة ، وهذا العارف جعل العقل الأول
عبارة عن نفس الأمر لكون علمه مطابقاً لما في علم الله تعالى ، فالملاك عن نفس الأمر
هو العلم الذاتي الحاوي لصور الأشياء كلّها ، وهذا هو الأصل .
قوله : وكذلك النفس الكلّية المسمّاة باللوح المحفوظ ، أي وهي أيضاً عبارة
عن نفس الأمر ؛ لكون علمها مطابقاً لما في علم الله تعالى ، فالملاك أيضاً هو العلم
الذاتي .
وهذا الكلام في نفس الأمر جار في عالم المثال أيضاً من أنّه عبارة عن نفس
الأمر لكونه مطابقاً لما في علم الله تعالى ، فحصل أنّ نفس الأمر يعبّر به عن كل واحد
منها بذلك الاعتبار .
تبصرة :
أنت بما حقّقنا في بيان الوجود الصمدي المساوق للحقّ دريت أن ما هو الأول
والآخر والظاهر والباطن متحقّق مع جميع شؤونه النورية ، ومجالي أسمائه الحسنى ،
ومظاهر صفاته العليا بوجوده الحقّاني ، فالوجود حق ، وما صدر عنه حق ، وله نفسية ،
وليس أمر من الاُمور النورية الوجودية إلّا وله نفسية ، وواقعية وهو حق محض ، وصدق
طلق ، فنفس الأمر في مراتبه النورية ليست إلّا حقاً ، ولا يتطرّق الكواذب ،
والاعتباريات المختلقة من الوهم والخيال الى الحق وشؤونه ، ورسالتنا الموسومة بأنّه
الحق تفيدك في المقام جداً .
واما ما قاله صاحب كشف المراد من أنّ المحقّق الطوسي ـ في حل
الإشكال ـ لم يأت بمقنع ، فقد قال الدواني في حله ـ كما في الأسفار ـ : « إنّ شأن
العقل الفعَال في اختزان المعقولات ، مع الصوادق ، الحفظ والتصديق جميعاً ، ومع
الكواذب ، الحفظ دون التصديق ، أي الحفظ على سبيل التصوّر ، دون الإذعان ، لبراءته
عن الشرور والأسواء التي هي من توابع المادة » (45) .
أقول : الظاهر أنّ مراده المستفاد من تفسيره بقوله : أي الحفظ على سبيل
التصوّر . . . » ان الكواذب منها مختزنة فيه بحسب وجوداتها العارية عن الكذب حقيقة ،
فإنّ الكواذب من الشرور والأسواء التي من توابع المادة . مثلاً النكاح والسفاح من
حيث وجودهما الخارجي على صورة واحدة ، والشرّ إنّما نشأ من جهة اُخرى ليست بسنّة
فطرية إلهية وصورتهما العلمية الوجودية النفس الأمرية ليست بشر ، ولعلّ وجه التعبير
____________________________
(45) لاحظ : ص 171 ، ج 3 ، الطبعة الاُولى .
عن التصديق والحفظ يكون على هذا البيان ، فعلى هذا لا يرد ما أورد عليه صاحب
الأسفار ، بل لا يبعد أن يكون ـ ما أفاده قدّس سره في تحقيقه الرشيق في حلّ
الإشكال ـ راجعاً الى ما قاله الدواني أيضاً . فدونك ما أورد عليه في حلّ الإشكال
أولاً :
قال ـ قدّس سره ـ بعد نقل كلام الدواني المذكور آنفاً ما هذا لفظه : « وفيه
ما لا يخفى من الخلل ، والقصور .
اما أولاً ، فلأنّ ما في العقل الفعال هو أشدّ تحصّلاً ، وأقوى ثبوتاً مما في أذهاننا ،
فاقتران الموضوع للمحمول إذا حصل في أذهاننا ، فربما كان الاقتران بينهما اقتراناً
ضعيفاً ، وارتباط أحدهما بالآخر ارتباطاً متزلزلاً ، وذلك لضعف سببه ، وكاسبه ،
ودليله ، حيث لم يكن الاقتران بينهما من برهان ذي وسط لمّي ، أو من حدس ، أو
حس ، أو تجربة ، أو غير ذلك ، فيكون الحكم منّا باقترانهما غير قاطع ، فهو شكّ أو وهم ،
وربّما كان الواقع بخلافه ، فيكون حكماً كاذباً .
واما إذا اقترن الموضوع بالمحمول في العقل الفعّال ، فيكون اقتران أحدهما
بالآخر اقتراناً مؤكداً ضرورياً ، حاصلاً عن اسباب وجودهما على هذا الوجه ، كاقتران
أحدهما بالآخر في الظرف الخارج ، وليس مصداق الحكم إلّا عبارة عن اقتران الموضوع
بالمحمول ، أو اتحادهما في نحو من الوجود في الواقع .
واما ثانياً ، فلأنّ التصوّر والتصديق ـ كما تقرّر وتبيّن في مقامه ـ إنما هو
نوعان من العلم الإنطباعي ، الحادث في الفطرة الثانية ، فأما علوم المبادیء العالية ،
وعلم الحق الأوّل جلّ ذكره ، فليس شيء منهما تصوراً ، ولا تصديقاً ، فإنّ علوم
المبادیء كلّها عبارة عن حضور ذواتها العاقلة والمعقولة بأنفسها ، وحضور لوازمها
الوجودية بنفس حضور ذواتها الثابتة لذواتها ، من غير جعل وتأثير مستأنف وتحصيل
ثانٍ ، حسبما قرّرناه كعلمنا بذاتنا ، ولوازم ذاتنا غير المنسلخة عنّا ، بحسب وجودنا العيني ،
وهويتنا الإدراكية ، التي هي عين الحياة والشعور » .
أقول : قوله : « حاصلاً عن اسباب وجودهما على هذا الوجه » يعني على هذا
الوجه المؤكّد .
وقوله : « من العلم الإنطباعي » يعني به الإنفعالي الارتسامي ، ثم إنّ الدواني لا
ينكر أنّ ما في العقل الفعّال أشدّ حصولاً ، وآكد وأقوى ثبوتاً مما في أذهاننا ، والتعبير
بالإختزان على سبيل التصوّر بيان لتقررها فيه على وجودها الأحدي ، البسيط الذي هو
عين الحياة والشعور ، لا التصوّر المقابل للتصديق المصطلحين في الميزان ، ولا يتفوّه مثل
الدواني بما أورده هو قدّس سرّه الشريف عليه .
ثم قال ـ في تحقيق المقال في حلّ الإشكال ـ ما هذا لفظه الجميل :
« وامّا حلّ الإشكال ، وحقّ المقال فيه على وجه يطمئنّ به القلب ، وتسكن
إليه النفس ، فهو يستدعی تمهيد مقدمة ، هي ان كلّ ملكة راسخة في النفس
الإنسانية ـ سواء كانت من باب الكمالات أو الملكات العلمية أو من باب الملكات أو
الكمالات العملية كملكة الصناعات التي تحصل بتمرّن الأعمال ، وتكرّر الأفعال
ـ كالكتابة والتجارة والحراثة وغيرها ـ فهي إنّما تحصل بارتباط خاص من النفس
بالعقل الفعّال لأجل جهة فعلية من الجهات الموجودة فيه ، لأنّ الأنواع المختلفة لا تكفي
في تكثّرها ووجودها تكثر القوابل أو تكثّر جهاتها القابلية ، بل يحتاج الى مبادیء متعدّدة
عقلية ، كما رآه الإفلاطونيون من أنّ علل الأنواع المتكثّرة في هذا العلم عقول متكثّرة هي
أربابها ، واما الى جهات متعدّدة فاعلية في العقل الأخير ، كما هو رأي المشائين .
وبالجملة فجميع الكمالات الوجودية في هذا العالم مبدؤها ومنشؤها ـ من
حيث كونها أمراً وجودياً ـ من ذلك العالم ، سواء سمّيت خيرات أو شرور ، إذ الشرور
الوجودية شرّيَتها راجعة الى استلزامها لعدم شيء آخر أو زوال حالة وجودية له ، وهي
في حدّ نفسها ، ومن جهة وجودها ، تكون معدودة من الخيرات ، كالزنا والسرقة
ونظائرهما ، ومنها الجهل المركّب ، والكذب ، فكل منهما في نفسه أمر وجودي وصفة
نفسانية ، يعدّ من الكمالات لمطلق النفوس ، بما هي حيوانية ، وإنما يعدّ شراً بالإضافة الى
النفس الناطقة ، لمضادتها لليقين العلمي الدائم ، ولملكة الصدق ، فإنّ الأول خير حقيقي ،
والثاني نافع في تحصيل الحق .
فإذا تمهّدت هذه المقدمة ، فنقول : لا يلزم أن يكون ما بإزاء كل ملكة
نفسانية ـ أو أمر وجودي في العقل الفعّال أو في عالم العقل ـ هو بعينه من نوع تلك
الملكة أو ذلك الأمر ، بل ـ الذي لا بد منه ـ هو أن يكون فيه أمر مناسب لتلك الملكة
أو لذلك الأمر . فإذن كما ان النفس إذا تكررت ملاحظتها لعلوم صادقة حقّة ، حصلت
لها ملكة الإتصال والإرتباط بشأن من شؤون العقل الفعّال ، متى شاءت من هذه الجهة ،
فكذلك إذا ارتسمت فيها صورة قضية كاذبة ، وتكرّر ارتسامها ، أو التفتت النفس إليها
التفاتاً قوياً حصلت لها ملكة الإتصال من هذه الجهة بشأن آخر من شؤونه متى شاءت ،
ولا يلزم أن يكون ـ ذلك الشأن بعينه ـ قضيّة ذهنية صادقة ، ولا هذا قضيّة كاذبة ،
بل يكون أمراً يناسب ذاك ، وأمراً يناسب هذا ، فهذا معنى اختزان صور الأشياء في
عالم العقل واسترجاع النفس إليه .
وقد أشرنا لك مراراً أن ليس معنى حصول صور الموجودات في العقل البسيط
ارتسامها فيه ، على وجه الكثرة المتميّز بعضها عن بعض ، كما ان صورها المحسوسة ترتسم
في المادّة الجسمانية ، وكذا صورها النفسانية التفصيلية ، التي ترتسم في النفس الخيالية
على هذا الوجه ، وذلك لضيق هذا العالم ، وما يتعلّق به من المشاعر عن الحضور
الجمعي ، والتمام العقلي ، والبراءة عن العدم ، والغيرية ، والكثرة ، والإنقسام » .
أقول : قوله : « من حيث كونها أمراً وجودياً من ذلك العالم » ، أي من ذلك
العالم العقلي . قوله : « فإنّ الأول خير حقيقي » أي اليقين ، « والثاني نافع » أي ملكة
الصدق . وقوله : « من هذه الجهة بشأن آخر » أي من جهة تكرّر ملاحظتها بعلوم صادقة .
ثم ان قوله : « كما رآه الإفلاطونيون » ، قد استوفينا الكلام عن هذا المطلب الرفيع
المنيع في رسالتنا المصنوعة في المثل الإلهية ، وقوله : « واما الى جهات متعدّدة فاعلية في
العقل الأخير ، كما هو رأي المشائين » قد دريت إطلاقات العقل الفعال السائر في
ألسنتهم .
قوله : « وقد أشرنا لك مراراً . . . » وبذلك التحقيق الأنيق يعلم أن ما قال
الفخر الرازي : إنّ العقل الفعال عندهم علّة لحدوث الألوان والصور والمقادير ، مع عدم
اتصافه بها (46) ليس على ما ينبغي ، بل هو رأي فائل ، وقول باطل ، فإنّ الكثرة بوجودها
الأحدي موجودة في خزائنها .
ثم ما حقّقنا في معنى نفس الأمر ، دريت ان نفس الأمر ـ على بعض وجوه
معانيها ـ يشمل الواجب تعالى أيضاً لو تفوّهنا وقلنا مثلاً ـ : إنّ الأمر في الحقّ سبحانه
____________________________
(46) كما نقل ذلك عنه المحقّق الطوسي في آخر الفصل الثالث عشر من النمط الثالث من شرحه على الإشارات .
نفسه كذا ، أو الحقّ تعالى نفسه الأمرية كذا ، ونحوهما من التعبيرات الاُخرى ، وذلك
الوجه هو نفس الأمر بمعنى ذات الشيء وحقيقته دون غيره من الوجوه الاُخرى .
وقالوا : إنّ نفس الأمر أعمّ من الخارج مطلقاً ، ومن الذهن من وجه ، إذ كلّ
ما في الخارج ، هو في نفس الأمر من غير عكس ، وليس كل ما في الذهن هو في نفس
الأمر ، إذا مما هو في الذهن ما هو مجرّد فرض الفارض لا غير ، كزوجية الخمسة ، وليس
جميع ما هو في الذهن دون الخارج هو مجرّد فرض الفارض إذ منه ما ليس بفرض فارض
كجنسية الحيوان مثلاً ، وبين الخارج والذهن عموم من وجه ، فإنّ إنيّة الواجب
ـ مثلاً ـ لا يمكن أن تحصل في ذهن من الأذهان .
وأقول : الخارج في النسبة المذكورة هو الخارج عن وعاء الذهن ، واما الخارج
بمعنى خارج الفرض والاعتبار ، فلا يخفى عليك استنباط النسب بين نفس الأمر
والخارج والذهن .
ولعلّك تقدر بما قدمناه وحرّرناه أن تعلم ان كينونة الصور الكاذبة المخترعة من
اختلاق الوهم والخيال ، أعني العلم بها في المبادیء العالية ، سيّما مبدأ المبادیء ، على
أي نحو كانت ، فإنّ العلم بها حاصل لهم بلا امتراء فتدبر . ورسالتنا في العلم مجدية في
ذلك جداً ، وراجع في ذلك أيضاً الفصل الثالث من فصول شرح القيصري على
فصوص الحكم ـ ص 18 ، الطبعة الاُولى ـ .
وقد حان أن نختم الرسالة حامدين لله وليّ الأمر ، وقد فرغنا من تصنيفها
وتنميقها يوم الأربعاء الخامس من ربيع الثاني 1406 هـ . ق .
« وآخر دعواهم ان الحمد لله ربّ العالمين » .
كتب الصيد والذبائح عند الشيعة الدكتور پرويز اذكائي
من وجهة النظر التحليلية لعلم الإنسان فإنّ كل عادة وتقليد يرجعان إلى
اُسلوب اقتصادي قديم ، كما أنّ الصيد والإصطياد اللذين بدءا بتقليد رياضي وعادة
للتنزّه ، وطريقة للبحث عن الطعام ـ أحياناً ـ في بعض التجمّعات البشرية ، هما بقايا
عصر الطعام الحيواني ( عصر الصيد ) ، من عصر جمع الطعام للجماعات البشرية .
وعندما جاء عصر انتاج الطعام ( عصر الزراعة ) تحوّلت تلك الطريقة
الإقتصادية القديمة الى تقليد وسُنة ، وبقيت في بعض الأحيان كما كانت بشكلها
الإنتاجي السابق .
لذا فإنّ البحث عن الطعام في عصر الصيد والعصور الاُخرى ، التي أصبح بها
تقليداً وعادةً قد أعطى للبشر وثقافته فنوناً متشعّبة وطرقاً وتجارب مهمة في توفير طعام
الصيد .
وبما أنّه لا بدّ لإحراز أيّ اُسلوب معيشي من توافر عوامل أساسية ، كالموادّ
الأولية ( الحيوانات المصيدة ) فإنّ العمل بالصيد قد عُدّ ـ منذ الأزمنة القديمة ـ صناعة ،
فقد قال أبو عبد الله البازيار الفاطمي نقلاً عن ارسطو : « أول الصناعات الضرورية
الصيد ، ثم البناء ، ثم الفلاحة . . . » .
والحق ان جميع الطبقات ، من فقراء وزهّاد وعلماء ممن جعلوا من الصيد علّة
معاشهم ، كانت سواء في الولوع بالصيد ، وقد نقل عن ابن عبّاس في التفسير قوله : « إنّما
سُمّي أصحاب المسيح الحواريّين لبياض ثيابهم ، وكانوا صيّادين » (1) .
وفضلاً عن علاقة المسلمين ورغبتهم في الصيد والتصيّد وطرقهما المختلفة ، فإنّ
الصيد في نظرهم ضرب من ضروب الرياضة واللعب والترويح عن النفس ، وطريقة
من طرق اكتساب المعاش .
ومن جراء تدقيقهم لأحوال الحيوانات وأنواعها حصلوا على معلومات هامة في
علم الحيوان والبيطرة والصيدلة ، التي نستطيع ملاحظة نماذجها في ( البازنامات )
أو كتب الصيد والجوارح ، ولذلك فإنّ تأليفات متعددة عن حياة الحيوانات ـ سواء
كانت بصورة مستقلة أو بصورة فصول وأبواب ضمن كتب الطبيعيات والموسوعات
العامة ـ قد شاعت بين المسلمين ، ويتطلّب عدّها تنظيم قائمة مسهبة بذلك .
وفضلاً عن كتب الحيوان (2) والكتب العامة ، فإنّ كتباً خاصة كثيرة قد اُلّفت
في اللغة العربية مثل كتب الخيل ، وفي الفارسية مثل « آسب نامه » أو « فرس نامه »
وغيرها .
هذا ، وان بعض الكتب التاريخية والمؤلّفات الأدبية قد حوت فصولاً في معرفة
حيوانات الصيد وفنونه .
وبوجه عام فإنّ كتب الصيد العربية والفارسية التي اُلّفت طوال العصور
الإسلامية لم تخل من نوعين :
1 ـ الكتابات الرسمية الفنية .
2 ـ الكتابات الشرعية الفقهية .
فالاُولى : تبحث في الصيد والقنص وآدابهما فنيّاً ـ كتقليد أو صنعة ـ
وتتعرض إلى الجوارح وأمراضها وعلاجها ، وتسمّى كتب الصيد البيزرية هذه غالباً
باسم كتب « الصيد والجوارح » (3) .
والاُخرى : تبحث في الصيد والمصيدات شرعياً ـ كطعام أو ذبيحة ـ وترجع
ذلك إلى الاُصول الفقهية والأحكام الشرعية ، وتُسمّى هذه الكتب الصيدية الفقهية
____________________________
(1) البيزرة : 19 ـ 20 .
(2) تُدعى بالفارسية : « جانورنامات » .
(3) تُدعى بالفارسية : « البازنامات » أو « الشكارنامات » .
غالباً باسم كتب « الصيد والذبائح » أو « الصيديات والذبيحيات » بغض النظر عن
اختلاط بعضها ببعض في قليل جداً من هذين النوعين .
ونحن في هذا البحث نقدّم ـ بعد البحث في المصادر العامة ـ فهرساً للكتب
العربية والفارسية من النوع الثاني ، أي كتب الصيد والذبائح الفقهية ، التي هي من
تصانيف الشيعة فقط .
ومما هو جدير بالذكر هنا الإشارة إلى المصادر العامة وأقدمها :
كتاب « منافع الحيوان » لابن بختيشوع الأهوازي ( القرن 2 ـ 3 للهجرة ) .
كتاب « الحيوان » الذي ألّفه الجاحظ البصري في منتصف القرن الثالث
الهجري ، الذي قام على البحث والدرس والتجارب ومناقشة الاُمم القديمة في هذا
المضمار ، وإن حوى في الغالب منازعة الكلاب والديوك ـ بلا جدوى ـ .
وهناك إشارات مفيدة جداً في هذا المجال وردت في تاريخ المسعودي
البغدادي ، المعروف بـ « مروج الذهب » (4) فمنها :
وصف نوع من البزاة في بحر جرجان (5) .
من أخبار هارون الرشيد في الصيد بالبازي (6) .
وصف الحكماء والملوك للبزاة (7) .
أول من لعب بالصقور أبو كندة الحارث بن معاوية بن ثور الكندي وقد
اتخذها العرب وسيلة للصيد بعده (
.
قسطنطين والشواهين (9) .
اللعب بالبزاة عند اليونانيين (10) .
ولقد قيل : إنّ أبا الفرج الأصفهاني صاحب « الأغاني » ( 284 ـ 356 هـ )
____________________________
(4) راجع : « مروج الذهب » ، طبعة يوسف داغر ، بيروت ، 1965 .
(5) مروج الذهب 1 : 209 ـ 210 .
(6) المصدر السابق 1 : 210 ـ 211 .
(7) المصدر السابق 1 : 211 ـ 212 .
(
المصدر السابق 1 : 212 .
(9) المصدر السابق 1 : 212 ـ 215 .
(10) المصدر السابق 1 : 333 ـ 334 .
كانت له يد في علوم البيزرة والبيطرة أيضاً .
واشتهر اُمراء الفرس من حكام الولايات بشغفهم بالبيزرة ، حتى أنّ بعضهم قد
ألّف فيه الكتب والرسائل ، ولعلَّ من أشهر هؤلاء أمير جرجان كيكاوس بن اسكندر
الزياري الذي صنف لولده كتاب « قابوس نامه » ( سنة 475 هـ ) ، خصّ الباب
الثامن عشر منه للبيزرة .
ومن الكتب التاريخية والأدبية الفارسية التي يمكن ذكرها :
« نوروز نامه » المنسوب الى الحكيم عمر الخيام النيسابوري ( القرن 5 ـ 6
الهجري ) .
« راحة الصدور » للراوندي ، الذي ضم فصلاً في الإصطياد وآداب الصيد ،
وفتاوى في الحلال والحرام منه .
« آداب الحرب والشجاعة » لفخر الدين مبارك شاه ( القرن 6 الهجري ) ،
أبوابه الثامنة والتاسعة والعاشرة ، وقد حوت فصولاً في معرفة حيوانات الصيد وفنونه ،
أو ما حصل عليه من الترجمات الفارسية لكتب الحيوان العربية التي الّفها علماء الإسلام .
وبعد ان الّف كمال الدين محمد الدميري ( م 808 هـ ) كتابه المُسمّى
« حياة الحيوان الكبرى » سنة 773 ، والذي حذا فيه حذو الجاحظ في كتابه
« الحيوان » إلى حد ما ، قام بعض العلماء مثل الدماميني ( 828 ) ، والفاسي ( 832 ) ،
والسيوطي ( 911 ) ، والقاضي الشيبي ( 837 ) بتذييله وتلخيصه .
والترجمة الفارسية الاُولى للكتاب تمّت على يد الحكيم شاه محمد القزويني
باسم السلطان سليم خان الأول العثماني ، والثانية على يد منصور بن الحسن الملقب
بـ « غياث » بن علاء الدين الديني الأيجي الشبانكاري تحت عنوان « صفات الحيوان »
حوالي سنة 930 ، والثالثة تمّت على يد الميرزا محمد تقي التبريزي في عهد حكم الشاه
عباس الثاني الصفوي ، والتي سمّاها « خواص الحيوان » (11) ، والرابعة « ترجمة حياة
____________________________
(11) وجدت كتاباً آخر باسم « خواص الحيوان » بالفارسية الّفه محمد علي بن أبي طالب الزاهدي « حزين »
الكيلاني المؤلف لـ « فرس نامه » أيضاً في « فهرس المخطوطات الفارسية للمتحف البريطاني » ـ رقم
ADD .23562 في إنكلترة ( « ريو » ، ج 2 ، ص 483 ) وتوجد صورته الفتوغرافية في المكتبة المركزية لجامعة
طهران ( فهرست ميكروفيلمها ، ج 1 ، ص 605 ) .
الحيوان » لعلي بن محمد هارون الهروي وتحقيقه لها في سنة 1249 هـ .
نقولُ ـ إذاً ـ إنّه لم يُتحدث عن الصيد وآدابه وحيواناته والمصيدات في
رسائل خاصة مفردة ، أو في كتب علم الحيوان العامة والموسوعات ـ كما مرَّ باختصار ـ
فحسب ، بل إنّ كتباً في الصيد والذبائح اُلّفت منذ بدأ التأليف في الفقه الإسلامي ،
نظراً لأحكامها الشرعية وتلازمها مع الاُمور الدينية . ومن مطالعاتنا للمجموعات
الفقهية الموسّعة ـ العربية منها والفارسية ـ والكتب الموثقة للمذاهب الإسلامية ، نعثر
على كتب الصيد والذبائح .
وقد ذكر ابن النديم في الفهرست (12) كتب من تقدمه من الفقهاء المشهورين ،
ونأتي بها بحسب ترتيب السنين كما يلي :
كتاب « الصيد والذبائح » لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم ( المتوفى سنة
182 هـ ) .
كتاب « الصيد والذبائح » لأبي عبد الله محمد بن الحسن ( المُتوفّى سنة
189 هـ ) .
كتاب « الصيد » لأبي عبد الله الشافعي ( المتوفّى سنة 204 هـ ) وله كتاب
« الصيد والذبائح » أيضاً .
كتاب « الصيد والذبائح» لأبي نصر محمد بن مسعود العياشي ، الفقيه
الشيعي .
كتاب « الصيد » لأبي سليمان داود الاصفهاني ( المُتوفّى سنة 270 هـ ) .
وأمثال هذه الرسائل كثيرة جداً . ولفهرسة ما في الفارسية منها ـ على غرار
الرسائل العربية ـ تحتاج إلى فهرسة جميع الكتب الفقهية .
غير اننا نذكر هنا كل ما عثرنا عليه من مفردات الكتب والرسائل لعلماء
مذهبنا ـ الشيعة فقط ـ ونوردها على الترتيب الزمني كما يأتي :
1 ـ كتاب الصيد ، لأبي محمد الوشاء ( م 208 هـ ) جعفر بن بشير البجلي
الزاهد الشيعي الملقّب بفقحة العلم ، المعاصر للمأمون العباسي والمُتوفّى بالأبواء سنة
____________________________
(12) لاحظ الفهرست : 245 و 257 و 264 و 272 ، طبعة طهران .
ثمان ومائتين (13) .
2 ـ كتاب الصيد والذبائح ، لأبي جعفر محمد بن الحسن بن سنان الزاهدي
الشيعي ( المتوفّى 220 هـ ) من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام (14) .
3 ـ كتاب الصيد والذبائح ، للحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي الكوفي
الشيعي ، من موالي علي بن الحسين ، من أصحاب الرضا ـ عليهم السلام ـ الذي صحب
مع أخيه الحسن بن سعيد أبا جعفر بن الرضا ـ عليه السلام ـ أيضاً (15) .
4 ـ كتاب الصيد والذبائح ، لأبي الحسن علي بن مهزيار الأهوازي الدورقي
الشيعي ( 226 هـ فما بعد ) وكيل الإمامين الرضا والجواد ـ عليهما السلام ـ (16) .
5 ـ كتاب الصيد والذبائح ، لأبي جعفر محمد بن اُورمه القمي (17) .
6 ـ كتاب الصيد والذبائح ، لمحمد بن الحسن بن فروخ الصفّار القمي
الشيعي ( المُتوفّى 290 هـ ) (18) .
7 ـ كتاب الصيد والذبائح ، لأبي النضر محمّد بن مسعود العياشي
السمرقندي الشيعي الإمامي ( عاش في النصف الثاني للقرن الثالث الهجري فما
بعد ) (19) .
8 ـ كتاب الصيد والذبائح ، لأبي الفضل محمّد بن أحمد بن ابراهيم الجعفي
الصابوني المصري ( 350 هـ فما بعد ) (20) .
9 ـ أحكام الصيود والذبائح ، للمولى أبي الحسن ( بن أحمد الكاشي ) الفقيه ،
رسالة مختصرة بالفارسية ، ألّفها باسم السلطان صدر ، من حكام دولة السلطان شاه
طهماسب الأول الصفوي ( 930 ـ 984 هـ ) (21) .
____________________________
(13) الفهرست للطوسي : 75 ، الإختيار للطوسي : 605 ، الذريعة 15 : 104 .
(14) الذريعة 15 : 107 ، الفهرست للطوسي : 295 .
(15) الفهرست لابن النديم : 277 ، الفهرست للطوسي : 104 .
(16) الفهرست للطوسي : 231 ـ 232 ، الإختيار للطوسي : 548 ـ 551 ، الذريعة 15 : 106 .
(17) الذريعة 15 : 106 ، الفهرست للطوسي : 278 .
(18) الفهرست للطوسي : 288 ـ 289 ، الذريعة 15 : 107 .
(19) الفهرست لابن النديم : 245 ، الفهرست للطوسي : 319 ، الإختيار للطوسي : 530 ، الذريعة 15 : 105 .
(20) الفهرست للطوسي : 379 ـ 380 ، الذريعة 15 :