الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
البيت اهل
المواضيع الأخيرة
» المحكم في اصول الفقه ج3
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyاليوم في 8:41 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في أصول الفقه [ ج4
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyاليوم في 7:55 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» الصحيفه السجاديه كامله
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyأمس في 9:49 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد [ ج ١ ]
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyأمس في 3:11 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مسائل من الاجتهاد والتقليد ومناصب الفقيه
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyأمس في 2:36 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» قاعدة لا ضرر ولا ضرار
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyأمس في 8:51 am من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول المبين
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالثلاثاء نوفمبر 19, 2024 4:46 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

» ------التقيه
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالثلاثاء نوفمبر 19, 2024 4:37 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

»  فقه الحضارة
العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالثلاثاء نوفمبر 19, 2024 4:25 pm من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     العقائد الاسلاميه ج1

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:25 pm

    مقدمة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد
    وآله الطيبين الطاهرين
    1 ـ أصول الدين وفروعه كلٌّ موحد
    تعارف العلماء القدماء على تقسيم الدين إلى : أصول وفروع ، وكثر التعبير في
    عصرنا بأن الدين يتكون من عقيدة وشريعة ، واستعمل بعضهم عبارة : النظرية
    والتطبيق . . .
    ومن الواضح أنها تقسيماتٌ تقريبية ، من أجل التمييز بين المسائل التي تبين نظرة
    الإسلام إلى الكون والحياة والإنسان ، والمسائل التي تبين أحكام الشريعة الإسلامية
    لتنظيم سلوك الإنسان وحياته .
    وإلا فلو نظرنا بعمق إلى الإسلام لوجدنا أحكامه الشرعية عقائد يجب الإيمان بها
    وعقد القلب عليها ، وعقائده أحكاماً شرعية أوحى بها الله تعالى وأوجب الإعتقاد
    بها ، أو هدى إليها العقول وأمضاها .
    إن الإسلام كلٌّ موحدٌ مترابط ، وعقائده وشرائعه أركانٌ لحقيقة واحدة ، جعلها الله
    تعالى في أبعاد متعددة ، لأنها تنزلت لبناء شخصية هذا الإنسان ذات الأبعاد
    المتعددة ، وبناء حياته ذات الأبعاد المتعددة أيضاً .


    ومسائل الإسلام العقيدية لا تقل في أهميتها وضرورتها عن مسائله الفقهية ، بل
    إن معرفة العقائد متقدمة رتبةً على معرفة الشرائع ، لأنها أساسها والمؤثرة في فهمها
    وتطبيقها .
    2 ـ اهتمام مراجع الدين بالأصول والفروع
    وبسبب هذا الترابط بين العقائد والأحكام كان اهتمام النبي وأهل بيته ، صلى الله
    عليه وعليهم ، ببناء عقائد المسلمين موازياً لاهتمامهم بتعليمهم أحكام الشريعة . . .
    وعلى خطهم سار فقهاء مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فكانوا حَفَظَةَ علوم
    الإسلام وحُرَّاسَ عقيدته وشريعته ، وعملوا في تعليم الأمة عقيدتها وشريعتها معاً ،
    وألفوا في العقائد والفقه مئات الكتب . . وكانوا يضاعفون جهودهم وينوعون
    وسائلهم عندما يتطلب الأمر ذلك ، أو تحدث انحرافات ، أو تظهر شبهات .
    وشعوراً بأهمية البحوث العقائدية في عصرنا ، فقد أمر
    سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني مد ظله
    بإنشاء ( مركز المصطفى للدراسات الإسلامية ) من أجل البحوث والدراسات
    العقائدية ، ومواجهة الشبهات التي تثار حول هذه المسألة أو تلك من عقائد الإسلام
    ومذهب أهل البيت عليهم‌السلام .
    وقد توفقنا والحمد لله إلى تحقيق خطوة متواضعة في تدوين العقائد المقارنة من
    مصادرنا ومصادر إخواننا السنة ، في عدة مجلدات ، وها نحن نقدم منها المجلد
    الأول الذي يشمل مسائل : الفطرة ، المعرفة ، الرؤية ، التشبيه ، التجسيم . ونرجو الله
    تعالى أن يوفقنا لإخراج بقية مجلداته .
    كما يجري العمل حسب أمر سيدنا المرجع مد ظله في تكوين ( بنك معلومات
    عقائدي ) وذلك باستخراج المسائل العقائدية الحيوية التي يحتاجها المسلمون في
    عصرنا من أمهات المصادر ، وتبويبها وتقديمها في برنامج كمپيوتري لتسهيل الرجوع
    إليها ، ونأمل أن نتوفق لإتمام هذا العمل بعون الله تعالى .


    3 ـ العرض المقارن
    هدفنا الأول من هذه المجلدات التي قد تصل إلى خمسة ، أن نعرض المواد
    العلمية الأساسية لمسائل العقيدة الإسلامية من مصادرها المعتمدة عند المذاهب
    المختلفة ، عرضاً مقارناً ، لأن هذا المنهج يساعد الباحث على رؤية المسألة على
    طبيعتها ، وتفاوت الآراء فيها وأساليب معالجتها ، ويغنيه عن الرجوع إلى مئات
    المصادر التي بذلنا جهداً واسعاً في مطالعتها وتبويبها .
    4 ـ التسلسل المنطقي والتاريخي
    من الأمور التي حرصنا عليها في عرض هذه المواد ، أن نقدمها في تسلسل
    منطقي وتاريخي والمشتغلون في المسائل العقائدية يعرفون أنها مسائل متفاوتة في
    صعوبتها وسهولتها وطواعيتها للعرض الميسر وَشِمَاسِهَا ، وأن بعضها يتعسر اكتشاف
    تسلسلها التاريخي أو يتعذر . . وأن الاجتهادات تختلف في بدايتها وتطورها ،
    وأساليب تقديمها .
    ولكنا بذلنا في هذه المجلدات جهدنا ، وتحرّينا فيها وسعنا ، لكي نقدمها في
    عرض شامل متكامل ، فنوفر على الباحث وقته ، ونيسر له أن يطلع على مواد
    المسألة المتنوعة ، ثم يختار منها لموضوعه ما شاء .
    5 ـ المنهج الكلامي أو الحديثي
    كانت أساليب الناس ومؤلفاتهم بشكل عام في صدر الإسلام ، متأثرةً بالأسلوب
    القرآني الفريد المعجز ، مرصعةً بآياته ، وموشحةً بالأسلوب النبوي السهل الممتنع ،
    الذي هو جوامع الكلم . .
    ثم دخلت ثروات الثقافات الأخرى ، خاصة الثقافة اليونانية من منطق وفلسفة ،



    والفارسية من فلك وأدبيات ، فتأثر بها المجتمع الإسلامي عموماً وتولدت بسببها
    شُبَهٌ جديدة على عقائد الإسلام ومفاهيمه ، فجاءت ردود علماء المسلمين عليها
    بذلك الأسلوب الجديد ، الذي تميز بأنواع من المصطلحات والتعمق . . والتعقيد .
    وفي هذا الجو نما علم الكلام واتسع ، وعلى هذا المنوال تابع مسيرته عبر القرون
    فجاءت الثروة الكلامية الكبيرة التي يملكها المسلمون ممزوجةً في كثير من الأحيان
    بالفلسفة والمنطق والجدل ، ومصبوبة في قوالبها ، وإن كانت مبنية من لبنات القرآن
    والحديث والسيرة .
    وبسبب ذلك تكوَّن عند أهل المذاهب السنية اتجاهان في المسائل العقائدية ،
    عرفا باسم : المنهج الحديثي ، والمنهج الكلامي . . وجاء الفرق بين المنهجين في
    الشكل وفي المضمون معاً .
    فالمنهج الحديثي الذي يسمونه مذهب أهل الحديث والأثر ، يعتمد على مواد
    الحديث وتفسيرات الرواة والعلماء المقبولين عند هذا المذهب أو ذاك ، بينما
    يعتمد المنهج الكلامي على أحكام العقل ومسائل المنطق والفلسفة ، ويلائم بينها
    وبين الأحاديث ، أو يحاكم الأحاديث على أساسها .
    وقد مثَّل المنهج الحديثي الأشاعرة ، وتَطَرَّفَ منهم مجسمة الحنابلة ، كما مثَّل
    المنهج الكلامي المعتزلة ، وَتَطَرَّفَ ورثتهم في عصرنا من المتأثرين بفلسفة الغرب
    وثقافته .
    أما الشيعة فلم يكن عندهم فرق في المضمون بين المنهجين ، ولم يواجهوا
    تعارضاً بين الأحاديث وأحكام العقل ، وانحصر الفرق عندهم بين المنهج الحديثي
    والمنهج الكلامي بالشكل وحده .
    وقد رجحنا أن نقدم العقائد الإسلامية بأسلوب يغلب فيه الطابع الحديثي على


    الطابع الكلامي الفلسفي ، وجعلنا هدفنا الأول بحث آيات القرآن الكريم والأحاديث
    الشريفة وآراء العلماء المعتمدين عند المذاهب ، لأن هذه اللغة أوسع قبولاً عند
    المسلمين ، وأكثر أصالة أيضاً .
    على أن اختيار هذا المنهج لا يقلل من قيمة البحوث الكلامية الفلسفية ونفعها ،
    بل وضرورتها ، فقد طَعَّمنا فيها المسائل ، واخترنا عدداً منها في مواضعها المناسبة .
    6 ـ التوثيق من مصادر الدرجة الأولى
    يلاحظ القارئ والباحث أنا سعينا في هذه البحوث إلى توثيق نصوصها من
    مصادر الدرجة الأولى مهما أمكن ، ونعني بالدرجة الأولى الأكثر اعتماداً عند
    المذاهب ، والأقدام تأليفاً . . فإن من مشكلات البحوث العقائدية المعاصرة أن فيها
    الكثير من كلام المؤلف وتحليله وتنظيره ، والقليل من توثيق أفكاره من المصادر ،
    خاصة عندما ينسب فكرةً أو عقيدةً إلى فئة ، أو رأياً إلى شخص . . كما توجب
    الأصول الأولية للبحث العلمي .
    7 ـ الأمانة العلمية والإنصاف
    والأمانة العلمية صفةٌ ضروريةٌ للباحثين وليست كمالية ، وهي تَتْبَع حالة الباحث
    الدينية والإنسانية . . فتراها قويةً عند الأتقياء ، وأصحاب الفطرة السليمة ، ضعيفةً
    عند ضعاف الدين ، والشخصية .
    كما أن الدقة في فهم آراء الآخرين وتفسيرها ، تتبع حالة الفهم والإنصاف عند
    الباحث ، وقدرته على القضاء العادل وتجاوز الذات .
    ونحن ندعي أننا حرصنا في هذه البحوث الحساسة على الأمانة في النقل ،
    والدقة في الفهم ، والإنصاف في التفسير ، ثم لا نبرئ أنفسنا من الإشتباه والزلل ،
    ونشكر من يلفتنا الى خطأ وينفعنا في مطلب . . فالعصمة لله تعالى ، ولمن خصهم بها
    من الأنبياء والأوصياء ، صلوات الله وسلامه عليهم .



    8 ـ بين علم الكلام والمذهب الكلامي
    يتحدث بعض الباحثين في المسائل العقائدية عن الموضوعية والأكاديمية
    والتجرد عن الذاتية في بحوثهم ، ومع ذلك يقع في الميل والتحيز ، وربما في التجني
    على من يخالفه !
    والإنصاف أن من يختار موضوعاً عقائدياً ويُدَوِّن مسائله ويقدمها للباحثين
    والقراء ، لا بد أن يكون صاحب هدف ورأي فيها . . ولا عيب على باحثٍ أن يكون
    صاحب مذهبٍ في بحثه الكلامي أو الفلسفي أو الفقهي ، مادام أميناً في نقله ،
    منصفاً في بحثه .
    ولا نظن منصفاً ينتقدنا في هذا العمل العقائدي المقارن ، فيقول لماذا عرضتم
    آراء مذهب أهل البيت مع آراء بقية المذاهب ، مع أن سيرة المؤلفين من السلف أن
    يهملوا آراء هذا المذهب ، أو يتحاملوا عليه !
    فقد مضى عهد الحساسية من أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم ، وآن
    للباحثين أن يفهموا وجهة نظر أهل بيت نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله في عقائد الإسلام .
    لقد تربى أكثرنا في المعاهد الدينية بين مصادر علم الكلام والتفسير على سماع
    آراء عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والحسن البصري ، ومقاتل ، وابن واصل ، وابن
    عطاء ، والجبائي ، والأشعري ، والباقلاني ، والطحاوي ، ومن قلدهم من المتأخرين
    والمعاصرين . . حتى كأنه لا يوجد علم إلا عند هؤلاء ، وكأن بيت نبي هذه الأمة صلی
    الله عليه وآله قد انطفأ بوفاته إلى الأبد فلم يكن له آلٌ ولا عِتْرة ، وكأن الله تعالى لم
    يخبر نبيه بأن أهل بيته باقون إلى يوم القيامة ، وبأنهم مرجع الأمة مع القرآن ، كما في
    الحديث الصحيح :
    ( إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تاركٌ فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل وعترتي . كتاب الله
    حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن
    يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروني بِمَ تخلفوني فيهما ) رواه أحمد في مسنده ج 3 ص
    17 وغيره .

    أما أجيال الأمة السابقة فقد ذهبوا إلى ربهم وحاسبهم كيف خَلَفوُا نبيه في أهل
    بيته . . وعلينا نحن أن نريه صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف نخلفه فيهم . . وإن من أبسط حسن خلافته فيهم
    أن نفهم ما قالوه في عقائد الإسلام وشريعته .
    اللهم اجعل رسولك أحب إلينا من أنفسنا ، وآله وقرابته أحب إلينا من قرابتنا ،
    وكلامهم أحب إلينا من كلام غيرهم .
    شكر وتقدير
    في الختام نسجل شكرنا الجزيل للأخوة الباحثين والفنيين الذين يعملون في هذا
    المركز ، ويساهمون بجهودهم المشكورة في إعداد أكبر موسوعة عقائدية مقارنة .
    ونختم بالشكر لسماحة الأخ العلامة السيد جواد الشهرستاني وكيل السيد
    المرجع دام ظله ، الذي قام بتأسيس هذا المركز ، وواصل الإهتمام به حتى يحقق
    هدفه المبارك إن شاء الله .
    ونسأل الله تعالى أن يحفظ سيدنا المرجع ذخراً للإسلام والمسلمين ، وأن يوفقنا
    لخدمة شريعة سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين ، صلوات الله وسلامه عليهم .
    مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
    علي الكوراني العاملي





    الباب الأول
    الفطرة والمعرفة





    الفصل الأول
    الفطرة
    هذا الباب بمثابة المقدمة لبقية أبواب العقائد ، وفيه بحوث كثيرة ، لكن أصوله
    بشكل عام موضع اتفاق بين المسلمين ، لذلك تَتَبعنا مواد موضوعاته من المصادر
    المختلفة ، وقمنا بتنظيمها وتبويبها موضوعياً تحت عناوين مناسبة ، ليسهل على
    الباحث الرجوع إليها ، وبسطنا القول أحياناً في بعض موضوعاته التي قدرنا أنها
    تحتاج إلى ذلك .
    آيات فطرة السماوات والكون
    وقد أوردنا في أول الفصل الأول منه آيات فطرة الكون ، لأنها تنفع في فهم فطرة
    الإنسان :
    ـ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا
    تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ
    الْمُشْرِكِينَ . الأنعام 78 ـ 79
    ـ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن
    ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا
    عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ . إبراهيم ـ 10


    ـ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ
    الشَّاهِدِينَ . وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ . الأنبياء 56 ـ 57
    يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ . وَيَا قَوْمِ
    اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا
    تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ . هود 51 ـ 52
    ـ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا
    يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . الشورى ـ 11
    ـ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ
    الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ . الملك ـ 3
    ـ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ
    وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ، إِنَّ الله عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . فاطر ـ 1
    ـ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ
    فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ . الزمر ـ 46
    ـ قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي
    أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ، وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . الأنعام ـ 14
    ـ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
    الأنعام ـ 79
    ـ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ
    وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ . يوسف ـ 101
    انفطار الكون عند القيامة
    ـ إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ . وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ . وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ . وَإِذَا الْقُبُورُ
    بُعْثِرَتْ . عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ . الإنفطار 1 ـ 5

    ـ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا . السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ
    مَفْعُولًا . إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا . المزمل 17 ـ 19
    تكاد السماوات تتفطر من عظمة الله
    ـ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ
    لِمَن فِي الْأَرْضِ ، أَلَا إِنَّ الله هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الشورى ـ 5 وقال في بحار الأنوار ج 70
    ص 346 : تكاد السموات يتفطرن ، أي يتشققن من عظمة الله ، وروى علي بن إبراهيم
    عن الباقر عليه‌السلام : أي يتصدعن من فوقهن . انتهى . وروى نحوه السيوطي في
    الدر المنثور ج 6 ص 3
    تكاد السماوات تتفطر من الإفتراء على الله
    ـ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا . أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ
    وَلَدًا . وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا . إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي
    الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا . لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا . مريم 90 ـ 94
     
    فطرة الله التي فطر الناس عليها
    ـ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ،
    ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ . مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا
    تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ .
    الروم ـ 30 ـ 32
    ـ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ، قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ
    الْمُشْرِكِينَ . قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ



    وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ ، وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ، وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ، لَا نُفَرِّقُ
    بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ، وَّإِن تَوَلَّوْا
    فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ
    صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ . قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ
    أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ . البقرة 135 ـ 139
    ـ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ . هود ـ 51
    ـ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ . إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
    وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ . الزخرف 26 ـ 28
    ـ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ . اتَّبِعُوا مَن لَّا
    يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ . وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . أَأَتَّخِذُ مِن
    دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ . يس 20 ـ 23
    ـ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ . قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي
    عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ، فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ
    وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ . قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا
    فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . طه 70 ـ 72
    الفطرة الأولى والفطرة الثانية
    ـ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا . قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ
    حَدِيدًا . أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا ، قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ
    مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ، قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا . يَوْمَ
    يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا . الإسراء 49 ـ 52
    فطرة الناس على معرفة الله تعالى وتوحيده
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 215
    110 ـ ومن خطبة له عليه‌السلام : إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه


    وتعالى ، الإيمان به وبرسوله ، والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام ، وكلمة
    الإخلاص فإنها الفطرة ، وإقام الصلاة فإنها الملة . انتهى . ورواه في الفقيه ج 1 ص 205
    ـ الكافي ج 2 ص 12
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي
    عبد الله عليه‌السلام قال قلت : فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟ قال : التوحيد .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن
    أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، ما
    تلك الفطرة ؟ قال : هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال :
    ألست بربكم ؟ وفيهم المؤمن والكافر .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة عن أبي
    جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ؟ قال :
    الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها . لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ؟ قال : فطرهم على
    المعرفة به .
    ـ المحاسن للبرقي ج 1 ص 241
    عنه ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال سألت أبا
    جعفر عليه‌السلام عن قول الله : حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ، ما الحنيفية ؟ قال : هي الفطرة التي
    فطر الناس عليها ، فطر الله الخلق على معرفته .
    ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ،
    عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
    عَلَيْهَا ؟ قال : فطرهم جميعاً على التوحيد .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ابن أبي جميلة ، عن محمد
    الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ؟
    قال : فطرهم على التوحيد .


    ـ عنه ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سألت
    أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
    وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ . قال : ثبتت المعرفة في قلوبهم ونسوا
    الموقف وسيذكرونه يوماً ما ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه .
    ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 117 ، ورواه في تفسير القمي وفيه : فمنهم من أقر
    بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله : فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ .
    ـ التوحيد للصدوق ص 328 ـ 330
    روى الصدوق عشر روايات تحت عنوان ( باب فطرة الله عز وجل الخلق على
    التوحيد ) وقد تقدم أكثرها ، وجاء في السابعة منها ( التوحيد ومحمد رسول الله
    وعلي أمير المؤمنين ) .
    ـ معاني الأخبار للصدوق ص 350
    محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن
    قول الله عز وجل : حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ، وقلت : ما الحنفية ؟ قال : هي الفطرة .
    انتهى . ورواه في بحار الأنوار ج 3 ص 276 ، وروى عدداً وافراً من هذه الأحاديث ج 3 ص
    276 وج 5 ص 196 وص 223 ، والحلي في مختصر بصائر الدرجات ص 158 ـ 160 ،
    والحويزي في تفسير نور الثقلين ج 2 ص 96 وج 4 ص 186 . . . . وغيرهم .
    الفطرة حالة استعداد لا تعني الإجبار وسلب الإختيار
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 120
    اللهم داحي المدحوات وداعم المسموكات ، وجابل القلوب على فطرتها ،
    شقيها وسعيدها ، إجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك
    ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل .


    ـ علل الشرائع ج 1 ص 121
    أبي ، قال حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن غير
    واحد ، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيكون الرجل
    مؤمناً قد ثبت له الإيمان ينقله الله بعد الإيمان إلى الكفر ؟ قال : إن الله هو العدل ،
    وإنما بعث الرسل ليدعو الناس إلى الإيمان بالله ، ولا يدعو أحداً إلى الكفر .
    قلت فيكون الرجل كافراً قد ثبت له الكفر عند الله فينقله الله بعد ذلك من الكفر
    إلى الإيمان ؟ قال : إن الله عز وجل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها لا
    يعرفون إيماناً بشريعة ولا كفراً بجحود ، ثم ابتعث الله الرسل إليهم يدعونهم إلى
    الإيمان بالله ، حجةً لله عليهم ، فمنهم من هداه الله ، ومنهم من لم يهده . انتهى . ورواه
    في الكافي ج 2 ص 416 ، وجاء في هامشه :
    قال المجلسي رحمه‌الله : الظاهر أن كلام السائل استفهام ، وحاصل الجواب : أن الله
    خلق العباد على فطرة قابلة للإيمان وأتم على جميعهم الحجة بإرسال الرسل وإقامة
    الحجج ، فليس لأحد منهم حجة على الله في القيامة ، ولم يكن أحد منهم مجبوراً
    على الكفر لا بحسب الخلقة ولا من تقصير في الهداية وإقامة الحجة ، لكن بعضهم
    استحق الهدايات الخاصة منه تعالى فصارت مؤيدة لإيمانهم ، وبعضهم لم يستحق
    ذلك لسوء اختياره ، فمنعهم تلك الألطاف فكفروا ، ومع ذلك لم يكونوا مجبورين
    ولا مجبولين بعد ذلك من الإيمان إلى الكفر .
    ـ تفسير العياشي ج 1 ص 104
    ـ عن مسعدة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ
    النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ .
    فقال : كان ذلك قبل نوح . قيل : فعلى هدى كانوا ؟ قال : بل كانوا ضلالاً ، وذلك
    أنه لما انقرض آدم وصالح ذريته بقي شيث وصيه لا يقدر على إظهار دين الله الذي
    كان عليه آدم وصالح ذريته ، وذلك أن قابيل تواعده بالقتل كما قتل أخاه هابيل ،



    فسار فيهم بالتقية والكتمان ، فازدادوا كل يوم ضلالاً حتى لم يبق على الأرض معهم
    إلا من هو سلف ، ولحق الوصي بجزيرة في البحر يعبد الله ، فبدا لله تبارك وتعالى أن
    يبعث الرسل ، ولو سئل هؤلاء الجهال لقالوا : قد فرغ من الأمر وكذبوا إنما هي ( هو )
    أمر يحكم به الله في كل عام ، ثم قرأ : فيها يفرق كل أمر حكيم ، فيحكم الله تبارك
    وتعالى ما يكون في تلك السنة من شدة أو رخاء أو مطر أو غير ذلك .
    قلت : أفضلالاً كانوا قبل النبيين أم على هدى ؟
    قال : لم يكونوا على هدى ، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل
    لخلق الله ، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله ، أما تسمع يقول إبراهيم : لئن لم
    يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ، أي ناسياً للميثاق . انتهى . ورواه في تفسير
    نور الثقلين ج 1 ص 736
    ـ تفسير التبيان ج 2 ص 195
    فإن قيل : كيف يكون الكل كفاراً مع قوله : فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ؟
    قلنا : لا يمتنع أن يكونوا كلهم كانوا كفاراً ، فلما بعث الله إليهم الأنبياء مبشرين
    ومنذرين اختلفوا ، فآمن قوم ولم يؤمن آخرون .
    وروي عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله ، لا
    مهتدين ولا ضلالاً ، فبعث الله النبيين . . . .
    ـ بحار الأنوار ج 65 ص 246
    وقال النيسابوري : إعلم أن جمهور الحكماء زعموا أن الإنسان في مبدأ فطرته
    خال عن المعارف والعلوم ، إلا أنه تعالى خلق السمع والبصر والفؤاد وسائر القوى
    المدركة حتى ارتسم في خياله بسبب كثرة ورود المحسوسات عليه حقائق تلك
    الماهيات وحضرت صورها في ذهنه . ثم إن مجرد حضور تلك الحقائق إن كان كافياً
    في جزم الذهن بثبوت بعضها لبعض أو انتفاء بعضها عن بعض فتلك الأحكام علوم


    بديهية ، وإن لم يكن كذلك بل كانت متوقفة على علوم سابقة عليها ـ ولا محالة
    تنتهي إلى البديهيات قطعاً للدور أو التسلسل ـ فهي علوم كسبية . فظهر أن السبب
    الأول لحدوث هذه المعارف في النفوس الإنسانية هو أنه تعالى أعطى الحواس
    والقوى الداركة للصور الجزئية . وعندي أن النفس قبل البدن موجودة عالمة بعلوم
    جمة هي التي ينبغي أن تسمى بالبديهيات ، وإنما لا يظهر آثارها عليها ، حتى إذا
    قوي وترقى ظهرت آثارها شيئاً فشيئاً . وقد برهنا على هذه المعاني في كتبنا الحكمية
    فالمراد بقوله : لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ، أنه لا يظهر أثر العلم عليهم ، ثم إنه بتوسط الحواس
    الظاهرة والباطنة يكتسب سائر العلوم . ومعنى : لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، إن تصرفوا كل آلة
    في ما خلقت لأجله ، وليس الواو للترتيب حتى يلزم من عطف ( جعل ) على
    ( أخرج ) أن يكون جعل السمع والبصر والأفئدة متأخراً عن الإخراج من البطن .
    ـ بحار الأنوار ج 1 ص 93
    مص : قال الصادق عليه‌السلام : الجهل صورة ركبت في بني آدم ، إقبالها ظلمة ، وإدبارها
    نور ، والعبد متقلب معها كتقلب الظل مع الشمس ، ألا ترى إلى الإنسان تارة تجده
    جاهلاً بخصال نفسه حامداً لها عارفاً بعيبها في غيره ساخطاً ، وتارة تجده عالماً
    بطباعه ساخطاً لها حامداً لها في غيره ، فهو متقلب بين العصمة والخذلان ، فإن
    قابلته العصمة أصاب ، وإن قابله الخذلان أخطأ ، ومفتاح الجهل الرضا والإعتقاد به ،
    ومفتاح العلم الإستبدال مع إصابة موافقة التوفيق ، وأدنى صفة الجاهل دعواه العلم
    بلا استحقاق ، وأوسطه جهله بالجهل ، وأقصاه جحوده العلم ، وليس شيء إثباته
    حقيقة نفيه إلا الجهل والدنيا والحرص ، فالكل منهم كواحد ، والواحد منهم كالكل .
    وقال في هامشه : وقوله عليه‌السلام : الجهل صورة ركبت . . إلخ . لأن طبيعة الإنسان في
    أصل فطرتها خالية عن الكمالات الفعلية والعلوم الثابتة ، فكأن الجهل عجن في
    طينتها وركب مع طبيعتها ، ولكن في أصل فطرته له قوة كسب الكمالات بالعلوم
    والتَّنَور والمعارف .


    قوله عليه‌السلام : فالكل كواحد ، لعل معناه أن هذه الخصال كخصلة واحدة لتشابه
    مباديها ، وانبعاث بعضها عن بعض ، وتقوي بعضها ببعض ، كما لا يخفى .
    ـ بحار الأنوار ج 11 ص 10
    . . . . عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : إنهم كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله لا مهتدين
    ولا ضلالاً ، فبعث الله النبيين . انتهى .
    قال المجلسي رحمه‌الله : وعلى هذا فالمعنى أنهم كانوا متعبدين بما في عقولهم غير
    مهتدين إلى نبوة ولا شريعة .
    ـ الإقتصاد للشيخ الطوسي ص 100
    فإن قيل : لو كانت المعرفة لطفاً لما عصى أحد .
    قلنا : اللطف لا يوجب الفعل ، وإنما يدعو إليه ويقوي الداعي إليه ويسهله ، فربما
    وقع عنده الفعل ، وربما يكون معه أقرب وإن لم يقع .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 2 ص 84
    . . . . كما سئل عليه‌السلام : أنحن في أمر فرغ أم في أمر مستأنف ؟ فقال : في أمر فرغ وفي
    أمر مستأنف ، فالموضوعان السعيد والشقي الأخرويان كما قال تعالى : يَوْمَ يَأْتِ لَا
    تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ .
    إن قلت : هذا فيما سوى هذا الوجه ينافي قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على فطرة
    الإسلام ، إلا أن أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ؟
    قلت : كل مولود يولد على الفطرة روحاً وصورة بالجهة النورانية ، والسعيد سعيد
    في بطن أمه وكذا الشقي جسداً ومادة ، وإذا جعلنا بطن الأم النشاة العلمية فكل
    مولود يولد على الفطرة وجوداً ، والسعيد سعيد ماهية ومفهوماً ، وكذا الشقي شقي
    ماهية ومفهوماً ، كل منهما بالحمل الأولي ، ليس فاقداً لنفسه ، وليس مفهوم أحدهما
    هو المفهوم من الآخر ، فإن المفاهيم من أية نشأة كانت فطرتها وذاتيها الإختلاف ،


    والوجود أية مرتبة منه ذاته وجبلته الوحدة والإتفاق ، ما به الإمتياز فيه عين ما به
    الإشتراك ، به استمساك الماهيات التي هي مثار الكثرة والمخالفة ، فهو جهة ارتباطها
    ونظمها وبه لا انفصام لها .
    وبالجملة قد ظهر لك أن اختلاف الوجودات مرتبة في العين ، واختلاف قبول
    الماهيات لمراتب الوجود المقول بالتشكيك فيه ، على طبق اختلاف الماهيات
    بحسب المفهوم في العلم . وهذا معنى اختلاف الطينة في الأزل كما هو عن
    الأئمة عليهم‌السلام مأثور . . . . وهو مقتضى العدل .
    ويمكن التوفيق بين هذا القول التحقيقي البرهاني والذوقي الوجداني ، وبين
    القول بالتسوية في الطينة باعتبار الوجود والماهية ، ولا سيما في مقام الجمع .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 54
    قال صدر المتألهين : إن الله عز وجل لا يولي أحداً إلا ما تولاه طبعاً وإرادة ، وهذا
    عدل منه ورحمة . وقد ورد أن الله تعالى خلق الخلق كلهم في ظلمة ثم قال : ليختر
    كل منكم لنفسه صورة أخلقه عليها ، وهو قوله : خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ، فمنهم من
    قال رب اخلقني خلقاً قبيحاً أبعد ما يكون في التناسب وأوغله في التنافر ، حتى لا
    يكون مثلي في القبح والبعد عن الإعتدال أحد ، ومنهم من قال خلاف ذلك ، وكل
    منهما أحب لنفسه التفرد فإن حب الفردانية فطرة الله السارية في كل الأمم التي تقوم
    بها وجود كل شئ ، فخلق الله كلاً على ما اختاره لنفسه ، فتحت كل منكر معروف
    وقبل كل لعنة رحمة وهي الرحمة التي وسعت كل شئ ، فإن الله يولي كلاً ما تولى ،
    وهو قوله تعالى : وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ . . . نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ
    جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ، فإن شك في ذلك شاك فليتأمل قوله تعالى : إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ
    عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا . . الآية ، ليعلم أن الله تعالى لا
    يحمل أحداً شيئاً قهراً وقسراً ، بل يعرضه أولاً فإن تولاه ولاه وإلا فلا . وهذا من
    رحمة الله وعدله .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:27 pm

    يقال : ليس تولي الشئ ما تولاه عدلاً حيث لا يكون ذلك التولي عن رشد
    وبصيرة فإن السفيه قد يختار لنفسه ما هو شر بالنسبة إليه وضر لجهله وسفاهته ،
    فالعدل والشفقة عليه منعه إياه .
    لأنا نقول : هذا التولي والتوجيه الذي كلامنا فيه أمر ذاتي لا يحكم عليه بالخير
    والشر بل هو قبلهما ، لأن ما يختاره السفيه إنما يعد شراً بالقياس إليه لأنه مناف لذاته
    بعد وجوده ، فلذاته اقتضاء أول متعلق بنقيض هذه السفاهة ، فذلك هو الذي أوجب
    أن يسمى ذلك شراً بالقياس إليه .
    وأما الإقتضاء الأول الذي كلامنا فيه فلا يمكن وصفه بالشر ، لأنه لم يكن قبله
    اقتضاء يكون هذا بخلافه فيوصف بأنه شر ، بل هو الإقتضاء الذي جعل الخير خيراً ،
    لأن الخير لشئ ليس إلا ما يقتضيه ذاته . والتولي الذي كلامنا فيه هو الإستدعاء
    الذاتي الأزلي والسؤال الوجودي الفطري الذي يسأله الذات المطيعة السامعة لقول
    كن ، وقوله ليس أمر قسر وقهر ، لأن الله عز وجل غني عن العالمين ، فكأنه قال لربه
    إئذن لي أن أدخل في عدلك وهو الوجود ، فقال الله تعالى كن .
    ـ تفسير الميزان ج 2 ص 346
    لكن يمكن أن يقال إن الإنسان بحسب خلقته على نور الفطرة هو نور إجمالي
    يقبل التفصيل ، وأما بالنسبة إلى المعارف الحقة والأعمال الصالحة تفصيلاً فهو في
    ظلمة بعد لعدم تبين أمره . والنور والظلمة بهذا المعنى لا يتنافيان ولا يمتنع
    اجتماعهما ، والمؤمن بإيمانه يخرج من هذه الظلمة إلى نور المعارف والطاعات
    تفصيلاً ، والكافر بكفره يخرج من نور الفطرة إلى ظلمات الكفر والمعاصي التفصيلية .
    والإتيان بالنور مفرداً وبالظلمات جمعاً في قوله تعالى : يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ
    إِلَى النُّورِ ، وقوله تعالى : يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ، للإشارة إلى أن الحق
    واحد لا اختلاف فيه كما أن الباطل متشتت مختلف لا وحدة فيه ، قال تعالى : وَأَنَّ
    هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ . . . . الأنعام ـ 153


    ـ مجموعة الرسائل للشيخ الصافي 243
    للشيخ المفيد في بحث الإعتقاد بالفطرة رأي آخر غير ما ذهب إليه الشيخ
    الصدوق ، ولتوضيح ذلك نقول : توجد في باب الإعتقاد بالفطرة وآيات الفطرة
    وأحاديثها كالحديث ( فطرهم على التوحيد ) أو ( كل مولود يولد على الفطرة )
    ثلاثة أوجه :
    الوجه الأول : أن المراد من ذلك هو أن الله جعل فطرة الإنسان نقية مقتضية
    للتوحيد والعقائد الحقة ، وحب الحق والخير والتصديق بحسن العدل وقبح الظلم
    والنفور عن الباطل والشر ، بحيث لو لم يحجب هذه الفطرة الأمور المخالفة من قبيل
    التربية فالإنسان بنفسه سيهتدي إلى الله ويقر بوجود الصانع ، كما يتقبل العقائد الحقة
    عند ما تعرض عليه .
    والصدوق فسر الفطرة بهذا المعنى وقد بحثنا بتفصيل في ( رسالتنا ) في تفسير
    آية الفطرة حول هذا الوجه وكونه موافقاً لأصول العقائد الإسلامية في الفطرة
    والأحاديث الشريفة التي تدل على هذا المعنى .
    الوجه الثاني : أن معنى ( فطر الله الخلق على التوحيد ) فطرهم للتوحيد ، أي
    خلق الناس للإعتقاد بالتوحيد ، وإلى هذا المعنى ذهب الشيخ الأعظم الشيخ
    المفيد ، واختاره .
    الوجه الثالث : هو أنه عبر عن إرادة التوحيد منهم بالإرادة التكوينية ، والظاهر أن
    المفيد استظهر من كلام الصدوق هذا الوجه فأجاب عن ذلك بقوله : لو كان الأمر
    كذلك لكان الجميع موحدين .
    وبديهي أنه لو كان الأمر دائراً بين الوجه الثاني والثالث ، فالقول الصحيح والمعتبر
    هو قول المفيد ( الوجه الثاني ) . لكن بما أننا قلنا بأن الوجه المعتبر المستفاد من الآية
    والروايات هو القول الأول ، وهو ما اختاره الصدوق ظاهراً ، وفيه رجحان على القول
    الثاني ظاهراً .



    الفطرة والميثاق وعالم الذر
    ـ تفسير نور الثقلين ج 1 ص 55
    ـ في كتاب علل الشرايع بإسناده إلى حبيب قال : حدثني الثقة عن أبي
    عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق العباد وهم أظلة قبل الميلاد ، فما
    تعارف من الأرواح ائتلف ، وما تناكر منها اختلف .
    ـ وبإسناده إلى حبيب ، عمن رواه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما تقول في الأرواح
    إنها جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ؟ قال فقلت إنا نقول
    ذلك ، قال : فإنه كذلك ، إن الله عز وجل أخذ من العباد ميثاقهم وهم أظلة قبل الميلاد
    وهو قوله عز وجل : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ
    أَنفُسِهِمْ ، إلى آخر الآية ، قال : فمن أقر به يومئذ جاءت ألفته هاهنا ، ومن أنكره يومئذ
    جاء خلافه هاهنا .
    ـ في كتاب التوحيد بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له :
    أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمن يوم القيمة ؟ قال : نعم وقد رأوه قبل يوم
    القيمة ، فقلت متى ؟ قال : حين قال لهم ألست بربكم قالوا بلى ، ثم سكت ساعة ثم
    قال : وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيمة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال
    أبو بصير فقلت له : جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال : لا ، فإنك إذا حدثت به
    فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول ثم قدر أن ذلك تشبيه كفر . وليست الرؤية بالقلب
    كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون .
    ـ في الكافي محمد بن يحيى ، عن محمد بن موسى ، عن العباس بن معروف ،
    عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي حمزة عن
    أبي جعفر عليه‌السلام قال قال له رجل : كيف سميت الجمعة جمعة ؟ قال : إن الله عز وجل


    جمع فيها خلقه لولاية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيه في الميثاق ، فسماه يوم الجمعة لجمعه
    فيه خلقه .
    ـ في غوالي اللئالي ، وقال عليه‌السلام : أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان ، يعني عرفة
    فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم ، وتلا : ألست
    بربكم ، قالوا بلى .
    ـ في الكافي ، أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن
    أبي عميرة ، عن عبد الرحمان الحذاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان علي بن
    الحسين عليهما‌السلام لا يرى بالعزل بأساً ، أتقرأ هذه الآية : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن
    ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ، فكل شيء أخذ الله
    منه الميثاق فهو خارج وإن كان على صخرة صماء .
    ـ عن ابن مسكان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :
    إن أمتي عرضت علي في الميثاق ، فكان أول من آمن بي علي عليه‌السلام ، وهو أول من
    صدقني حين بعثت ، وهو الصديق الأكبر ، والفاروق يفرق بين الحق والباطل .
    ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ، قالوا
    بألسنتهم ؟ قال : نعم وقالوا بقلوبهم ، فقلت : وأي شيء كانوا يومئذ ؟ قال : صنع
    منهم ما اكتفى به .
    ـ عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه‌السلام قال : أتاه ابن الكوا فقال : يا أمير المؤمنين
    أخبرني عن الله تبارك وتعالى هل كلم أحداً من ولد آدم قبل موسى ؟ فقال علي عليه‌السلام :
    قد كلم الله جميع خلقه برّهم وفاجرهم وردوا عليه الجواب ، فثقل ذلك علي ابن
    الكوا ولم يعرفه ، فقال له : كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال له : أو ما تقرأ كتاب
    الله إذ يقول لنبيه : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على
    أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ، فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب ، كما تسمع



    في قول الله يابن الكوا وقالوا بلى ، فقال لهم : إني أنا الله لا إله إلا أنا ، وأنا الرحمان ،
    فأقروا له بالطاعة والربوبية ، وميز الرسل والأنبياء والأوصياء ، وأمر الخلق بطاعتهم
    فأقروا بذلك في الميثاق ، فقال الملائكة عند إقرارهم : شهدنا عليكم يا بني آدم أن
    تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين .
    ـ في الكافي ، محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد عن موسى بن عمر ، عن ابن
    سنان عن سعيد القماط ، عن بكير بن اعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : لأي علة
    وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يضع في غيره ؟ ولأي علة يُقَبَّل ؟ ولأي
    علة أخرج من الجنة ، ولأي علة وضع ميثاق العباد فيه والعهد فيه ولم يوضع في
    غيره ، وكيف السبب ذلك ؟ تخبرني جعلني الله فداك فإن تفكري فيه لعجب !
    قال فقال : سألت وأعضلت في المسالة واستقصيت ، فافهم الجواب وفرغ قلبك
    وأصغ سمعك ، أخبرك إن شاء الله ، إن الله تبارك وتعالى وضع الحجر الأسود وهي
    جوهرة أخرجت من الجنة إلى آدم عليه‌السلام فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق ، وذلك
    أنه لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك
    المكان وفي ذلك المكان ترائى لهم ، وفي ذلك المكان يهبط الطير على القائم عليه‌السلام
    فأول من يبايعه ذلك الطير ، وهو والله جبرئيل عليه‌السلام وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره
    وهو الحجة والدليل على القائم ، وهو الشاهد لمن وافى في ذلك المكان ، والشاهد
    على من أدى إليه الميثاق والعهد الذي أخذ الله عز وجل على العباد .
    فأما علة ما أخرجه الله من الجنة ، فهل تدري ما كان الحجر ؟ قلت : لا ، قال : كان
    ملكاً من عظماء الملائكة عند الله فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن
    به وأقر ذلك الملك ، فاتخذه لله أميناً على جميع خلقه ، فألقمه الميثاق وأودعه
    عنده ، واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالميثاق والعهد الذي
    أخذ الله عز وجل عليهم ، ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده
    الإقرار في كل سنة ، فلما عصى آدم أخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي


    أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولوصيه عليه‌السلام وجعله تائهاً حيراناً ، فلما تاب الله
    على آدم حول ذلك الملك في صورة بيضاء ، فرماه من الجنة إلى آدم وهو بأرض
    الهند ، فلما نظر إليه أنس إليه وهو لا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة وأنطقه الله عز وجل ،
    فقال له : يا آدم أتعرفني ؟ قال لا ، قال : أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر
    ربك ، ثم تحول إلى صورته التي كان مع آدم عليه‌السلام في الجنة ، فقال لآدم : أين العهد
    والميثاق ، فوثب إليه آدم عليه‌السلام وذكر الميثاق وبكى وخضع وقبله ، وجدد الإقرار
    بالعهد والميثاق ، ثم حوله الله عز وجل إلى جوهرة درة بيضاء صافية تضئ ، فحمله
    آدم على عاتقه إجلالاً له وتعظيماً ، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل عليه‌السلام حتى وافى
    به مكة ، فما زال يأنس به بمكة ويجدد الإقرار له كل يوم وليلة ، ثم إن الله عز وجل لما
    بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان ، لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من
    ولد آدم أخذه في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان ألقم الله الملك الميثاق ، ولذلك
    وضع في ذلك الركن وتنحى آدم من مكان البيت إلى الصفا وحوالي المروة ، ووضع
    الحجر في ذلك الركن ، فلما نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله
    وهلله ومجده ، فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من
    الصفا ، فإن الله أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة . . . .
    ـ بحار الأنوار ج 3 ص 276
    سن : البزنطي عن رفاعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي
    آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ . قال : نعم لله
    الحجة على جميع خلقه أخذهم يوم أخذ الميثاق هكذا وقبض يده . نعم لله الحجة
    على جميع خلقه أخذهم يوم أخذ الميثاق ، هكذا وقبض يده .
    ـ بحار الأنوار ج 5 ص 244
    عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب ،
    وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة ، وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض



    أن خلقه من طينة النار ، ثم بعثهم في الظلال : فقلت وأي شيء الظلال ؟ فقال : ألم تر
    إلى ظلك في الشمس شيء وليس بشيء ؟ ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار
    بالله وهو قوله عز وجل : وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، ثم دعوهم إلى الإقرار
    بالنبيين فأنكر بعض وأقر بعض ، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب ،
    وأنكرها من أبغض ، وهو قوله عز وجل : مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ، ثم قال
    أبو جعفر عليه‌السلام : كان التكذيب ثَمَّ .
    توضيح : قوله عليه‌السلام : في الظلال ، أي عالم الأرواح بناء على أنها أجسام لطيفة ،
    ويحتمل أن يكون التشبيه للتجرد أيضاً تقريباً إلى الأفهام ، أو عالم المثال على القول
    به قبل الإنتقال إلى الأبدان .
    تذكير الأنبياء بميثاق الفطرة
    سمى الله عز وجل القرآن الكريم : الذكر ، ووصف عمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنه تذكير ،
    واستعمل مادة التذكير في القرآن للتذكير بالله تعالى ، والتذكير باليوم الآخر ، والتذكير
    بالفطرة والميثاق .
    ووصف أمير المؤمنين علي عليه‌السلام عمل الأنبياء عليهم‌السلام بأنه مطالبة للناس بالإنسجام
    مع ميثاق الفطرة ، قال عليه‌السلام في خطبة طويلة في نهج البلاغة ج 1 ص 23 ، يذكر فيها خلق
    آدم عليه‌السلام وصفته :
    فأهبطه إلى دار البلية ، وتناسل الذرية ، اصطفى سبحانه من ولده أنبياء ، أخذ
    على الوحي ميثاقهم ، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم ، لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم
    فجهلوا حقه واتخذوا الأنداد معه ، واجتالتهم الشياطين عن معرفته ، واقتطعتهم عن
    عبادته ، فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم
    منسي نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول ، ويروهم آيات
    المقدرة من سقف فوقهم مرفوع . . . . إلى آخر الخطبة .

    وقال الشيخ محمد عبده في شرح قوله عليه‌السلام ليستأدوهم ميثاق فطرته : كأن الله
    تعالى بما أودع في الإنسان من الغرائز والقوى ، وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى
    قد أخذ عليه ميثاقاً بأن يصرف ما أوتي من ذلك فيما خلق له ، وقد كان يعمل على
    ذلك الميثاق ولا ينقضه لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات ، فبعث إليه النبيين
    ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق ، أي ليطالبوهم بما تقتضيه فطرتهم وما ينبغي أن
    تسوقهم إليه غرائزهم .
    دفائن العقول : أنوار العرفان التي تكشف للإنسان أسرار الكائنات ، وترتفع به إلى
    الإيقان بصانع الموجودات ، وقد يحجب هذه الأنوار غيوم من الأوهام وحجب من
    الخيال ، فيأتي النبيون لإثارة تلك المعارف الكامنة وإبراز تلك الأسرار الباطنة .
    ـ وقال الراغب الإصفهاني في المفردات ص 179
    الذكر : تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من
    المعرفة ، وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتباراً بإحرازه ، والذكر يقال اعتباراً
    باستحضاره ، وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول ، ولذلك قيل الذكر ذكران :
    ذكر بالقلب وذكر باللسان ، وكل واحد منهما ضربان ، ذكر عن نسيان وذكر لا عن
    نسيان بل عن إدامة الحفظ . وكل قول يقال له ذكر .
    فمن الذكر باللسان قوله تعالى : لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ، وقوله تعالى :
    وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ، وقوله : هَٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ، وقوله : أَأُنزِلَ عَلَيْهِ
    الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ، أي القرآن ، وقوله تعالى : ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ . . . .
    ومن الذكر عن النسيان قوله : فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ .
    ومن الذكر بالقلب واللسان معاً قوله تعالى : فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ
    ذِكْرًا ، وقوله : فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ . . . .
    والذكرى : كثرة الذكر وهو أبلغ من الذكر ، قال تعالى : رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي
    الْأَلْبَابِ ، وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ . . . .


    ـ وقال الراغب أيضاً : الوعظ زجر مقترن بتخويف . قال الخليل : هو التذكير بالخير
    فيما يرق له القلب . والعظة والموعظة الإسم ، قال تعالى : يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ،
    قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم . ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ . قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ . . . .
    ـ وقال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية ص 121
    الفرق بين التذكير والتنبيه : أن قولك ذكر الشئ يقتضي أنه كان عالماً به ثم نسيه
    فرده إلى ذكره ببعض الأسباب ، وذلك أن الذكر هو العلم الحادث بعد النسيان على
    ما ذكرنا . ويجوز أن ينبه الرجل على الشئ لم يعرفه قط ، ألا ترى أن الله ينبه على
    معرفته بالزلازل والصواعق وفيهم من لم يعرفه البتة فيكون ذلك تنبيهاً له كما يكون
    تنبيهاً لغيره ، ولا يجوز أن يذكره ما لم يعلمه قط . انتهى .
    وفيما ذكره اللغويون فوائد ومحال للنظر ، وحاصل المسألة : أنه يصح القول إن
    تسمية القرآن والدين بالذكر لأنه يدل على ما أودعه الله تعالى في عمق فكر الإنسان
    ومشاعره من الفطرة على التوحيد ومعرفة الله ، ولكن السبب الأهم أنه يثير ما بقي في
    ذهنه ووجدانه من نشأته الأولى وحنينه إلى عالم الغيب والآخرة ، وإحساسه
    بالميثاق الذي أخذ عليه في تلك النشأة .
    وقد لاحظت أن الروايات صريحة في أخذ الميثاق على الناس قبل خلقهم في
    هذه الدنيا ، وهي متواترة في مصادر المسلمين ، ولذا فإن تفسير تذكير الأنبياء لا
    يصح حصره بتذكير الإنسان بفطرته لكي ينسجم معها ، والتغافل عن التذكير الحقيقي
    بالميثاق الذي صرحت به الأحاديث الشريفة .
    كل مولود يولد على الفطرة
    ـ الكافي ج 2 ص 12
    . . . . قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة ، يعني المعرفة بأن الله عز
    وجل خالقه ، كذلك قوله : وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ .


    ـ علل الشرائع ج 2 ص 376
    أبي رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن سهل بن زياد ،
    عن علي بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان الأعور قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول :
    ما من مولود ولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، وإنما أعطى
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذمة وقبل الجزية عن رؤوس أولئك بأعيانهم على أن لا يهودوا ولا
    ينصروا ولا يمجسوا . فأما الأولاد وأهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم ! انتهى . ورواه
    الصدوق في الفقيه ج 2 ص 49 وفي التوحيد ص 330 وروى المجلسي عدداً من هذه
    الأحاديث في بحار الأنوار ج 100 ص 65 ، والعاملي في وسائل الشيعة ج 11 ص 96
    ـ من لا يحضره الفقيه ج 2 هامش ص 50
    وقال الفاضل التفرشي : قوله : إلا على الفطرة ، أي على فطرة الإسلام وخلقته ،
    أي المولود خلق في نفسه على الخلقة الصحيحة التي لو خلي وطبعه كان مسلماً
    صحيح الإعتقاد والأفعال ، وإنما يعرض له الفساد من خارج ، فصيرورته يهودياً أو
    نصرانياً أو مجوسياً إنما هي من قبل أبويه غالباً لأنهما أشد الناس اختلاطاً وتربية له ،
    ولعل وجه انتفاء ذمتهم أن ذمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم تشملهم ، بل أعطاهم الذمة بسبب
    أن لا يفسدوا اعتقاد أولادهم ليحتاجوا إلى الذمة . ولم يعطوا الذمة من قبل
    الأوصياء عليهم‌السلام لعدم تمكنهم في تصرفات الإمامة ، وإنما يعطوها من قبل من ليس له
    تلك الولاية ، فإذا ظهر الحق وقام القائم عليه‌السلام لم يقروا على ذلك ولا يقبل منهم إلا
    الإسلام . وأخذ الجزية منهم هذا الزمان من قبيل أخذ الخراج من الأرض ، والمنع
    عن التعرض لهم باعتبار الأمان . وأما قوله في حديث زرارة الآتي : ذلك إلى الإمام ،
    فمعناه أنه إذا كان متمكناً ويرى المصلحة في أخذ الجزية منهم كما وقع في زمان
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو لا ينافي انتفاء الذمة عنهم اليوم . انتهى .



    ـ تفسير التبيان ج 8 ص 247
    قال مجاهد : فطرة الله الإسلام ، وقيل فطر الناس عليها ولها وبها بمعنى واحد ،
    كما يقول القائل لرسوله : بعثتك على هذا ولهذا وبهذا بمعنى واحد . ونصب فطرة
    الله على المصدر ، وقيل تقديره : اتبع فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لأن الله تعالى
    خلق الخلق للإيمان ، ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه
    وينصرانه ويمجسانه .
    ومعنى الفطر الشق ابتداءً يقولون : أنا فطرت هذا الشيء أي أنا ابتدأته ، والمعنى
    خلق الله الخلق للتوحيد والإسلام .
    ـ بحار الأنوار ج 3 ص 22
    ـ غوالي : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه
    وينصرانه .
    بيان : قال السيد المرتضى رحمه‌الله في كتاب الغرر والدرر بعد نقل بعض التأويلات عن
    المخالفين في هذا الخبر : والصحيح في تأويله أن قوله يولد على الفطرة ، يحتمل
    أمرين :
    أحدهما : أن تكون الفطرة هاهنا الدين ، ويكون على بمعنى اللام ، فكأنه قال : كل
    مولود يولد للدين ومن أجل الدين ، لأن الله تعالى لم يخلق من يبلغه مبلغ المكلفين
    إلا ليعبده فينتفع بعبادته ، يشهد بذلك قوله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا
    لِيَعْبُدُونِ . والدليل على أن على تقوم مقام اللام ما حكاه يعقوب بن السكيت عن أبي
    يزيد عن العرب أنهم يقولون : صف عليَّ كذا وكذا حتى أعرفه ، بمعنى صف لي ،
    ويقولون : ما أغبطك عليَّ يريدون ما اغبطك لي ، والعرب تقيم بعض الصفات مقام
    بعض ، وإنما ساغ أن يريد بالفطرة التي هي الخلقة في اللغة الدين من حيث كان هو
    المقصود بها ، وقد يجري على الشئ اسم ماله به هذا الضرب من التعلق


    والإختصاص ، وعلى هذا يتأول قوله تعالى : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي
    فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، أراد دين الله الذي خلق الخلق له . وقوله تعالى : لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
    أراد به أن ما خلق الله العباد له من العبادة والطاعة ليس مما يتغير ويختلف ، حتى
    يخلق قوماً للطاعة وآخرين للمعصية . ويجوز أن يريد بذلك الأمر ، وإن كان ظاهره
    ظاهر الخبر فكأنه قال : لا تبدلوا ما خلقكم الله له من الدين والطاعة بأن تعصوا
    وتخالفوا .
    والوجه الآخر في تأويل قوله عليه‌السلام على الفطرة : أن يكون المراد به الخلقة ، وتكون
    لفظة ( على ) على ظاهرها لم يرد بها غيره ، ويكون المعنى : كل مولود يولد على
    الخلقة الدالة على وحدانية الله تعالى وعبادته والإيمان به ، لأنه عز وجل قد صور
    الخلق وخلقهم على وجه يقتضي النظر فيه معرفته والإيمان به وإن لم ينظروا
    ويعرفوا ، فكأنه عليه‌السلام قال : كل مخلوق ومولود فهو يدل بخلقته وصورته على عبادة الله
    تعالى وإن عدل بعضهم فصار يهودياً أو نصرانياً . وهذا الوجه أيضاً يحتمله قوله
    تعالى : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا .
    وإذا ثبت ما ذكرناه في معنى الفطرة فقوله عليه الصلاة والسلام : حتى يكون أبواه
    يهودانه وينصرانه ، يحتمل وجهين :
    أحدهما : أن من كان يهودياً أو نصرانياً ممن خلقته لعبادتي وديني فإنما جعله
    أبواه كذلك ، أو من جرى مجراهما ممن أوقع له الشبهة وقلده الضلال عن الدين ،
    وإنما خص الأبوين لأن الأولاد في الأكثر ينشؤون على مذاهب آبائهم ويألفون
    أديانهم ونحلهم ، ويكون الغرض بالكلام تنزيه الله تعالى عن ضلال العباد وكفرهم ،
    وأنه إنما خلقهم للإيمان فصدهم عنه آباؤهم ، أو من جرى مجراهم .
    والوجه الآخر : أن يكون معنى يهودانه وينصرانه أي يلحقانه بأحكامهما لأن
    أطفال أهل الذمة قد ألحق الشرع أحكامهم بأحكامهم ، فكأنه عليه‌السلام قال : لا تتوهموا
    من حيث لحقت أحكام اليهود والنصارى أطفالهم أنهم خلقوا لدينهم ، بل لم يخلقوا



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:31 pm

    آدم فرض إخراجهم من صلب آدم من غير حاجة إلى مؤونة زائدة ، ثم إخراج ذريتهم
    من ظهورهم بإخراج أولاد الأولاد من صلب الأولاد وهكذا ، ويتحصل منه أن الله
    أخرج أولاد آدم لصلبه من صلبه ثم أولادهم من أصلابهم ثم أولاد أولادهم من
    أصلاب أولادهم حتى ينتهى إلى آخرهم ، نظير ما يجري عليه الأمر في هذه النشأة
    الدنيوية التي هي نشأة التوالد والتناسل .
    وقد أجاب الرازي عنه في تفسيره بأن الدلالة على إخراج أولاده لصلبه من صلبه
    من ناحية الخبر ، كما أن الدلالة على إخراج أولاد أولاده من أصلاب آبائهم من ناحية
    الآية ، فبمجموع الآية والخبر تتم الدلالة على المجموع ، وهو كما ترى .
    وأما الأخبار المشتملة على ذكر إخراج ذرية آدم من صلبه وأخذ الميثاق منهم ،
    فهي في مقام شرح القصة لا في مقام تفسير ألفاظ الآية حتى يورد عليها بعدم موافقه
    الكتاب أو مخالفته . وأما عدم شمول الآية لأولاد آدم من صلبه لعدم وجود آباء
    مشركين لهم وكذا بعض من عداهم فلا يضر شيئاً ، لأن مراد الآية أن الله سبحانه إنما
    فعل ذلك لئلا يقول المشركون يوم القيامة إنما أشرك آباؤنا لا أن يقول كل واحد
    واحد منهم إنما أشرك آبائي ، فهذا مما لم يتعلق به الغرض البتة ، فالقول قول
    المجموع من حيث المجموع لا قول كل واحد ، فيؤول المعنى إلى أنا لو لم نفعل
    ذلك لكان كل من أردنا إهلاكه يوم القيامة يقول لم أشرك أنا وإنما أشرك من كان قبلي
    ولم أكن إلا ذرياً وتابعاً لا متبوعاً .
    والجواب عن الرابع ، يظهر من الجواب عن سابقه ، قد دلت الآية والرواية على
    أن الله فصل هناك بين الآباء والأبناء ثم ردهم إلى حال الجمع .
    والجواب عن الخامس ، أنه خلاف ظاهر بعض الروايات وخلاف صريح بعض
    آخر منها ، وما في ذيله من عدم تمام الحجة من جهة عروض النسيان ، ظهر الجواب
    عنه من الجواب عن الإشكال الأول .
    والجواب عن السادس ، أن استقرار الظهور في الكلام كاف في حجيته ، ولا



    يتوقف ذلك على صفة الصراحة ، وإمكان الحمل على التمثيل لا يوجب الحمل
    عليه ما لم يتحقق هناك مانع عن حمله على ظاهره ، وقد تبين أن لا مانع من ذلك .
    وإما أن الروايات ضعيفة لا معول عليها فليس كذلك ، فإن فيها ما هو الصحيح
    وفيها ما يوثق بصدوره كما سيجيء إن شاء الله تعالى ، في البحث الروائي التالي .
    هذا ملخص ما جرى بينهم من البحث فيما استفيد من الآية من حديث عالم الذر
    إثباتاً ونفياً ، واعتراضاً وجواباً . واستيفاء التدبر في الآية والروايات ، والتأمل فيما
    يرومه المثبتون بإثباتهم ويدفعه المنكرون بإنكارهم ، يوجب توجيه البحث إلى جهة
    أخرى غير ما تشاجر فيه الفريقان بإثباتهم ونفيهم .
    فالذي فهمه المثبتون من الرواية ثم حملوه على الآية وانتهضوا لإثباته محصله :
    أن الله سبحانه بعد ما خلق آدم إنساناً تاماً سوياً أخرج نطفه التي تكونت في صلبه ثم
    صارت هي بعينها أولاده الصلبيين إلى الخارج من صلبه ، ثم أخرج من هذه النطف
    نطفها التي ستتكون أولاداً له صلبيين ففصل بين أجزائها والأجزاء الأصلية التي
    اشتقت منها ، ثم من أجزاء هذه النطف أجزاء أخرى هي نطفها ثم من أجزاء الأجزاء
    أجزاءها ، ولم يزل حتى أتى آخر جزء مشتق من الأجزاء المتعاقبة في التجزي .
    وبعبارة أخرى : أخرج نطفة آدم التي هي مادة البشر ووزعها بفصل بعض أجزائه من
    بعض إلى ما لا يحصى من عدد بني آدم بحذاء كل فرد ما هو نصيبه من أجزاء نطفة
    آدم ، وهي ذرات منبثة غير محصورة ، ثم جعل الله سبحانه هذه الذرات المنبثة عند
    ذلك أو كان قد جعلها قبل ذلك كل ذرة منها إنساناً تاماً في إنسانيته هو بعينه الإنسان
    الدنيوي الذي هو جزء المقدم له ، فالجزء الذي لزيد هناك هو زيد هذا بعينه والذي
    لعمرو هو عمرو هذا بعينه ، فجعلهم ذوي حياة وعقل وجعل لهم ما يسمعون به وما
    يتكلمون به وما يضمرون به معاني فيظهرونها أو يكتمونها ، وعند ذلك عرفهم نفسه
    فخاطبهم فأجابوه وأعطوه الإقرار بالربوبية ، إما بموافقة ما في ضميرهم لما في
    لسانهم أو بمخالفة ذلك .

    ثم إن الله سبحانه ردهم بعد أخذ الميثاق إلى مواطنهم من الأصلاب حتى
    اجتمعوا في صلب آدم وهي على حياتها ومعرفتها بالربوبية وإن نسوا ما وراء ذلك
    مما شاهدوه عند الإشهاد وأخذ الميثاق ، وهم بأعيانهم موجودون في الأصلاب
    حتى يؤذن لهم في الخروج إلى الدنيا فيخرجون ، وعندهم ما حصلوه في الخلق
    الأول من معرفة الربوبية ، وهي حكمهم بوجود رب لهم من مشاهدة أنفسهم
    محتاجة إلى من يملكهم ويدبر أمرهم .
    هذا ما يفهمه القوم من الخبر والآية ويرومون إثباته وهو مما تدفعه الضرورة
    وينفيه القرآن والحديث بلا ريب ، وكيف الطريق إلى اثبات أن ذرة من ذرات بدن زيد
    وهو الجزء الذري الذي انتقل من صلب آدم من طريق نطفته إلى ابنه ثم إلى ابن ابنه
    حتى انتهى إلى زيد هو زيد بعينه وله إدراك زيد وعقله وضميره وسمعه وبصره ، وهو
    الذي يتوجه إليه التكليف وتتم له الحجة ويحمل عليه العهود والمواثيق ويقع عليه
    الثواب والعقاب ، وقد صح بالحجة القاطعة من طريق العقل والنقل أن إنسانية
    الإنسان بنفسه التي هي أمر وراء المادة حادث بحدوث هذا البدن الدنيوي ، وقد
    تقدم شطر من البحث فيها .
    على أنه قد ثبت بالبحث القطعي أن هذه العلوم التصديقية البديهية والنظرية ،
    ومنها التصديق بأن له رباً يملكه ويدبر أمره ، تحصل للإنسان بعد حصول التطورات ،
    والجميع تنتهي إلى الإحساسات الظاهرة والباطنة ، وهي تتوقف على وجود التركيب
    الدنيوي المادي ، فهو حال العلوم الحصولية التي منها التصديق بأن له رباً هو القائم
    برفع حاجته .
    على أن هذه الحجة إن كانت متوقفة في تمامها على العقل والمعرفة معاً فالعقل
    مسلوب عن الذرة حين أرجعت إلى موطنها الصلبي حتى تظهر ثانياً في الدنيا ، وإن
    قيل إنه لم يسلب عنها ما تجري في الأصلاب والأرحام فهو مسلوب عن الإنسان ما
    بين ولادته وبلوغه أعني أيام الطفولية ، ويختل بذلك أمر الحجة على الإنسان وإن



    كانت غير متوقفة عليه ، بل يكفي في تمامها مجرد حصول المعرفة ، فأي حاجة إلى
    الإشهاد وأخذ الميثاق ، وظاهر الآية أن الإشهاد وأخذ الميثاق إنما هما لأجل إتمام
    الحجة ، فلا محالة يرجع معنى الآية إلى حصول المعرفة فيؤول المعنى إلى ما فسرها
    به المنكرون .
    وبتقرير آخر إن كانت الحجة إنما تتم بمجموع الإشهاد والتعريف وأخذ الميثاق
    سقطت بنسيان البعض وقد نسي الإشهاد والتكليم وأخذ الميثاق ، وإن كان الإشهاد
    وأخذ الميثاق جميعاً مقدمة لثبوت المعرفة ثم زالت المقدمة ولزمت المعرفة وبها
    تمام الحجة ، تمت الحجة على كل إنسان حتى الجنين والطفل والمعتوه والجاهل ،
    ولا يساعد عليه عقل ولا نقل ، وإن كانت المعرفة في تمام الحجة بها متوقفة على
    حصول العقل والبلوغ ونحو ذلك وقد كانت حصلت في عالم الذر فتمت الحجة ثم
    زالت وبقيت المعرفة حجة ناقصة ثم كملت ثانياً لبعضهم في الدنيا فتمت الحجة ثانياً
    بالنسبة إليهم ، فكما أن لحصول العقل في الدنيا أسباباً تكوينية يحصل بها وهي
    الحوادث المتكررة من الخير والشر ، وحصول الملكة المميزة بينهما من التجارب
    حصولاً تدريجياً ينتهي من جانب إلى حد من الكمال ومن جانب إلى حد من
    الضعف لا يعبأ به ، كذلك المعرفة لها أسباب إعدادية تهئ الإنسان إلى التلبس بها
    وليست تحصل قبل ذلك ، وإذا كانت تحصل في ظرفنا هذا بأسبابها المعدة لها
    كالعقل ، فأي حاجة إلى تكوينه تكويناً آخر في سالف من الزمان لإتمام الحجة
    والحجة تامة دونه وماذا يغني ذلك .
    على أن هذا العقل الذي لا تتم حجة ولا ينفع إشهاد ولا يصح أخذ ميثاق بدونه
    حتى في عالم الذر ، المفروض هو العقل العملي الذي لا يحصل للإنسان إلا في هذا
    الظرف الذي يعيش فيه عيشة اجتماعية فتتكرر عليه حوادث الخير والشر وتهيج
    عواطفه وإحساساته الباطنية نحو جلب النفع ودفع الضرر فتتعاقب عليه الأعمال عن


    علم وإرادة فيخطئ ويصيب ، حتى يتدرب في تمييز الصواب من الخطأ والخير من
    الشر والنفع من الضر .
    والظرف الذي يثبتونه أعني ما يصفونه من عالم الذر ليس بموطن العقل العملي
    إذ ليس فيه شرائط حصوله وأسبابه ، ولو فرضوه موطناً له وفيه أسبابه وشرائطه كما
    يظهر مما يصفونه تعويلاً على ما في ظواهر الروايات أن الله دعاهم هناك إلى التوحيد
    فأجابه بعضهم بلسان يوافقه قلبه وأجابه آخرون وقد أضمروا الكفر وبعث إليهم
    الأنبياء والأوصياء فصدقهم بعض وكذبهم آخرون ، ولا يجري ما هاهنا إلا على ما
    جرى به ما هنالك ، إلى غير ذلك مما ذكروه ، كان ذلك إثباتاً لنشأة طبيعية قبل هذه
    النشأة الطبيعية في الدنيا نظير ما يثبته القائلون بالأدوار والأكوار ، واحتاج إلى تقديم
    كينونة ذرية أخرى تتم بها الحجة على من هنالك من الإنسان ، لأن عالم الذر على
    هذه الصفة لا يفارق هذا العالم الحيوي الذي نحن فيه الآن ، فلو احتاج هذا الكون
    الدنيوي إلى تقديم إشهاد وتعريف حتى تحصل المعرفة وتتم الحجة لاحتاج إليه
    الكون الذري من غير فرق فارق البتة .
    على أن الإنسان لو احتاج في تحقق المعرفة في هذه النشأة الدنيوية إلى تقدم
    وجود ذري يقع فيه الإشهاد ويوجد فيه الميثاق حتى تثبت بذلك المعرفة بالربوبية ،
    لم يكن في ذلك فرق بين إنسان وإنسان ، فما بال آدم وحواء استثنيا من هذه الكلية ،
    فإن لم يحتاجا إلى ذلك لفضل فيهما أو لكرامة لهما ففي ذريتهما من هو أفضل منهما
    وأكرم ، وإن كان لتمام خلقتهما يومئذ فأثبتت فيهما المعرفة من غير حاجة إلى
    إحضار الوجود الذري ، فلكل من ذريتهما أيضاً خلقة تامة في ظرفه الخاص به ، فلم
    لم يؤخر إثبات المعرفة فيهم ولهم إلى تمام خلقتهم بالولادة حتى تتم عند ذلك
    الحجة ، وأي حاجة إلى التقديم .
    فهذه جهات من الإشكال في تحقق الوجود الذري للإنسان على ما فهموه من
    الروايات لا طريق إلى حلها بالأبحاث العلمية ، ولا حمل الآية عليه معها حتى بناء



    على عادة القوم في تحميل المعنى على الآية إذا دلت عليه الرواية وإن لم يساعد
    عليه لفظ الآية ، لأن الرواية القطعية الصدور كالآية مصونة عن أن تنطق بالمحال .
    وأما الحشوية وبعض المحدثين ممن يبطل حجة العقل الضرورية قبال الرواية
    ويتمسك بالآحاد في المعارف اليقينية ، فلا بحث لنا معهم .
    هذا ما على المثبتين . بقي الكلام فيما ذكره النافون أن الآية تشير إلى ما عليه حال
    الإنسان في هذه الحياة الدنيا ، وهو أن الله سبحانه أخرج كلا من آحاد الإنسان من
    الأصلاب والأرحام إلى مرحلة الإنفصال والتفرق وركب فيهم ما يعرفون به ربوبيته
    واحتياجهم إليه كأنه قال لهم إذا وجه وجوههم نحو أنفسهم المستغرقة في الحاجة :
    ألست بربكم ، وكأنهم لما سمعوا هذا الخطاب من لسان الحال قالوا : بلى أنت ربنا
    شهدنا بذلك ، وإنما فعل الله ذلك لتتم عليهم حجتة بالمعرفة وتنقطع حجتهم عليه
    بعدم المعرفة ، وهذا ميثاق مأخوذ منهم طول الدنيا جار ما جرى الدهر والإنسان
    يجري معه .
    والآية بسياقها لا تساعد عليه ، فإنه تعالى افتتح الآية بقوله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ الآية ،
    فعبر عن ظرف هذه القضية بإذ وهو يدل على الزمن الماضي أو على أي ظرف محقق
    الوقوع نحوه ، كما في قوله : وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ، إلى أن
    قال : قَالَ اللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ . المائدة ـ 119 فعبر بإذ عن ظرف
    مستقبل لتحقق وقوعه .
    وقوله : وإذ أخذ ربك خطاب للنبي ( ص ) أو له ولغيره كما يدل عليه قوله : أَن
    تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الآية ، إن كان الخطاب متوجهاً إلينا معاشر السامعين للآيات
    المخاطبين بها والخطاب خطاب دنيوي لنا معاشر أهل الدنيا ، والظرف الذي يتكي
    عليه هو زمن حياتنا في الدنيا أو زمن حياة النوع الإنساني فيها وعمره الذي هو طول
    إقامته الأرض ، والقصة التي يذكرها في الآية ظرفها عين ظرف وجود النوع في الدنيا
    فلا مصحح للتعبير عن ظرفها بلفظه إذ الدالة على تقدم ظرف القصة على ظرف


    الخطاب ، ولا عناية أخرى في المقام تصحح هذا التعبير من قبيل تحقق الوقوع
    ونحوه وهو ظاهر . فقوله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، في عين
    أنه يدل على قصة خلقه تعالى النوع الإنساني بنحو التوليد ، وأخذ الفرد من الفرد
    وبث الكثير من القليل ، كما هو المشهود في نحو تكون الآحاد من الإنسان
    وحفظهم وجود النوع بوجود البعض من البعض على التعاقب ، يدل على أن للقصة
    وهي تنطبق على الحال المشهود نوعاً من التقدم على هذا المشهود من جريان
    الخلقة وسيرها .
    وقد تقدمت استحالة ما افترضوا لهذا التقدم من تقدم هذه الخلقة بنحو تقدماً
    زمانياً بأن يأخذ الله أول فرد من هذا النوع فيأخذ منه مادة النطفة التي منها نسل هذا
    النوع فيجزؤها أجزاء ذرية بعدد أفراد النوع إلى يوم القيامة ، ثم يلبس وجود كل فرد
    بعينه بحياته وعقله وسمعه وبصره وضميره وظهره وبطنه ويكسيه وجوده التي هي
    له قبل أن يسير مسيره الطبيعي فيشهده نفسه ويأخذ منه الميثاق ، ثم ينزعه منها
    ويردها إلى مكانها الصلبي ، حتى يسير سيره الطبيعي وينتهي إلى موطنها الذي لها
    من الدنيا ، فقد تقدم بطلان ذلك وأن الآية أجنبية عنه .
    لكن الذي أحال هذا المعنى هو استلزامه وجود الإنسان بماله من الشخصية
    الدنيوية مرتين في الدنيا واحدة بعد أخرى ، المستلزم لكون الشئ غير نفسه بتعدد
    شخصيته ، فهو الأصل الذي تنتهي إليه جميع المشكلات السابقة .
    وأما وجود الإنسان أو غيره في امتداد مسيره إلى الله ورجوعه إليه في عوالم
    مختلفة النظام متفاوتة الحكم فليس بمحال ، وهو مما يثبته القرآن الكريم ولو كره
    ذلك الكافرون الذين يقولون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر
    فقد أثبت الله الحياة الآخرة للإنسان وغيره يوم البعث وفيه هذا الإنسان بعينه ، وقد
    وصفه بنظام وأحكام غير هذه النشأة الدنيوية نظاماً وأحكاماً . وقد أثبت حياة
    برزخية لهذا الإنسان بعينه وهي غير الحياة الدنيوية نظاماً وحكماً . وأثبت بقوله : وَإِن



    مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ . الحجر ـ 21 أن لكل شئ عنده
    وجوداً وسيعاً غير مقدر في خزائنه وإنما يلحقه الأقدار إذا نزله إلى الدنيا مثلاً ،
    فللعالم الإنساني على سعته سابق وجود عنده تعالى في خزائنه ، أنزله إلى
    هذه النشأة .
    وأثبت بقوله : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ . فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ
    مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ . يس ـ 83 وقوله : وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ . القمر ـ 50 وما
    يشابههما من الآيات أن هذا الوجود التدريجي الذي للأشياء ومنها الإنسان هو أمر
    من الله يفيضه على الشئ ويلقيه إليه بكلمة كن ، إفاضة دفعية وإلقاء غير تدريجي .
    فلوجود هذه الأشياء وجهان : وجه إلى الدنيا وحكمه أن يحصل بالخروج من القوة
    إلى الفعل تدريجاً ومن العدم إلى الوجود شيئاً فشيئاً ، ويظهر ناقصاً ثم لا يزال
    يتكامل حتى يفنى ويرجع إلى ربه .
    ووجه إلى الله سبحانه وهي بحسب هذا الوجه أمور تدريجية وكل ما لها فهو لها
    في أول وجودها من غير أن تحتمل قوة تسوقها إلى الفعل .
    وهذا الوجه غير الوجه السابق وإن كانا وجهين لشئ واحد ، وحكمه غير حكمه
    وإن كان تصوره التام يحتاج إلى لطف قريحة ، وقد شرحناه في الأبحاث السابقة
    بعض الشرح ، وسيجئ إن شاء الله استيفاء الكلام في شرحه .
    ومقتضى هذه الآيات أن للعالم الإنساني على ما له من السعة وجوداً جميعاً عند
    الله سبحانه ، وهو الذي يلي جهته تعالى ويفيضه على أفراده لا يغيب فيها بعضهم
    عن بعض ولا يغيبون فيه عن ربهم ولا هو يغيب عنهم ، وكيف يغيب فعل عن فاعله
    أو ينقطع صنع عن صانعه ، وهذا هو الذي يسميه الله سبحانه بالملكوت ، ويقول :
    وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . الأنعام ـ 75
    ويشير إليه بقوله : كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ .
    التكاثر ـ 7 .

    وأما هذا الوجه الدنيوي الذي نشاهده نحن من العالم الإنساني ، وهو الذي يفرق
    بين الآحاد ويشتت الأحوال والأعمال بتوزيعها على قطعات الزمان وتطبيقها على مر
    الليالي والأيام ويحجب الإنسان عن ربه بصرف وجهه إلى التمتعات المادية الأرضية
    واللذائذ الحسية ، فهو متفرع على الوجه السابق متأخر عنه . وموقع تلك النشأة وهذه
    النشأة في تفرعها عليها موقعاً كن ويكون في قوله تعالى : أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ .
    النحل ـ 40 .
    ويتبين بذلك أن هذه النشاة الإنسانية الدنيوية مسبوقة بنشأة أخرى إنسانية هي
    هي بعينها غير أن الآحاد موجودون فيها غير محجوبين عن ربهم يشاهدون فيها
    وحدانيته تعالى في الربوبية بمشاهدة أنفسهم ، لا من طريق الإستدلال بل لأنهم لا
    ينقطعون عنه ولا يفقدونه ويعترفون به وبكل حق من قبله . وأما قذارة الشرك
    وألواث المعاصي فهو من أحكام هذه النشأة الدنيوية دون تلك النشأة التي ليس فيها
    إلا فعله تعالى القائم به ، فافهم ذلك .
    وأنت إذا تدبرت هذه الآيات ثم راجعت قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ
    مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، الآية ، وأجدت التدبر فيها وجدتها تشير إلى تفصيل أمر تشير
    هذه الآيات إلى إجماله ، فهي تشير إلى نشأة إنسانية سابقة فرق الله فيها بين أفراد هذا
    النوع وميز بينهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا .
    ولا يرد عليه ما أورد على قول المثبتين في تفسير الآية على ما فهموه من معنى
    عالم الذر من الروايات على ما تقدم ، فإن هذا المعنى المستفاد من سائر الآيات
    والنشأة السابقة التي تثبته لا تفارق هذه النشأة الإنسانية الدنيوية زماناً ، بل هي معها
    محيطة بها لكنها سابقة عليها السبق الذي في قوله تعالى كُن فَيَكُونُ ، ولا يرد عليه
    شئ من المحاذير المذكورة .
    ولا يرد عليه ما أوردناه على قول المنكرين في تفسيرهم الآية بحال وجود النوع
    الإنساني في هذه النشأة الدنيوية من مخالفته لقوله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ، ثم التجوز في



    الإشهاد بإرادة التعريف منه وفي الخطاب بقوله : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ بإرادة دلالة الحال ،
    وكذا في قوله : قَالُوا بَلَىٰ ، وقوله : شَهِدْنَا ، بل الظرف ظرف سابق على الدنيا وهو
    غيرها ، والإشهاد على حقيقته والخطاب على حقيقته .
    ولا يرد عليه أنه من قبيل تحميل الآية معنى لا تدل عليه ، فإن الآية لا تأبى عنه
    وسائر الآيات تشير إليه بضم بعضها إلى بعض .
    وأما الروايات فسيأتي أن بعضها يدل على أصل تحقق هذه النشأة الإنسانية
    كالآية ، وبعضها يذكر أن الله كشف لآدم عليه‌السلام عن هذه النشأة الإنسانية وأراه هذا العالم
    الذي هو ملكوت العالم الإنساني وما وقع فيه من الإشهاد وأخذ الميثاق ، كما أرى
    إبراهيم عليه‌السلام ملكوت السماوات والأرض .
    رجعنا إلى الآية ، قوله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ، أي واذكر لأهل الكتاب في تتميم البيان
    السابق ، أو واذكر للناس في بيان ما نزلت السورة 20 : لأجل بيانه ، وهو أن لله عهداً
    على الإنسان وهو سائله عنه وأن أكثر الناس لا يفون به وقد تمت عليهم الحجة ، أذكر
    لهم موطناً قبل الدنيا أخذ فيه ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم فما من أحد
    منهم إلا استقل من غيره وتميز منه فاجتمعوا هناك جميعاً وهم فرادى فأراهم
    ذواتهم المتعلقة بربهم وأشهدهم على أنفسهم فلم يحتجبوا عنه وعاينوا أنه ربهم ،
    كما أن كل شئ بفطرته يجد ربه من نفسه من غير أن يحتجب عنه ، وهو ظاهر الآيات
    القرآنية كقوله : وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ . اسراء ـ 44 .
    أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ، وهو خطاب حقيقي لهم لا بيان حال ، وتكليم إلۤهي لهم فإنهم
    يفهمون مما يشاهدون أن الله سبحانه يريد به منهم الإعتراف وإعطاء الموثق ، ولا
    نعني بالكلام إلا ما يلقى للدلالة به على معنى مراد ، وكذا الكلام في قوله : قَالُوا
    بَلَىٰ شَهِدْنَا .
    وقوله : أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ، الخطاب للمخاطبين بقوله
    ألست بربكم القائلين بلى شهدنا ، فهم هناك يعاينون الإشهاد والتكليم من الله


    والتكلم بالإعتراف من أنفسهم ، وإن كانوا في نشأة الدنيا على غفلة مما عدا المعرفة
    بالإستدلال ، ثم إذا كان يوم البعث وانطوى بساط الدنيا وانمحت هذه الشواغل
    والحجب عادوا إلى مشاهدتهم ومعاينتهم ، وذكروا ما جرى بينهم وبين ربهم .
    ويحتمل أن يكون الخطاب راجعاً إلينا معاشر المخاطبين بالآيات أي إنما فعلنا
    ببني آدم ذلك حذر أن تقولوا أيها الناس يوم القيامة كذا وكذا ، والأول أقرب ويؤيده
    قراءة أن يقولوا بلفظ الغيبة .
    وقوله : أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل ، هذه حجة الناس إن فرض الإشهاد
    وأخذ الميثاق من الآباء خاصة دون الذرية ، كما أن قوله أَن تَقُولُوا الخ ، حجة للناس
    إن ترك الجميع فلم يقع إشهاد ولا أخذ ميثاق من أحد منهم .
    ومن المعلوم أن لو فرض ترك الإشهاد وأخذ الميثاق في تلك النشأة كان لازمه
    عدم تحقق المعرفة بالربوبية في هذه النشأة إذ لا حجاب بينهم وبين ربهم في تلك
    النشأة ، فلو فرض هناك علم منهم كان ذلك إشهاداً وأخذ ميثاق ، وأما هذه النشأة
    فالعلم فيها من وراء الحجاب وهو المعرفة من طريق الإستدلال ، فلو لم يقع هناك
    بالنسبة إلى الذرية إشهاد وأخذ ميثاق كان لازمه في هذه النشأة أن لا يكون لهم سبيل
    إلى معرفة الربوبية فيها أصلاً ، وحينئذ لم يقع منهم معصية شرك بل كان ذلك فعل
    آبائهم وليس لهم إلا التبعية العملية لآبائهم والنشوء على شركهم من غير علم ، فصح
    لهم أن يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل
    المبطلون .
    قوله تعالى : وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، تفصيل الآيات تفريق بعضها
    وتمييزه من بعض ليتبين بذلك مدلول كل منها ولا تختلط وجوه دلالتها ، وقوله :
    وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، عطف على مقدر والتقدير لغايات عالية كذا وكذا ولعلهم يرجعون
    من الباطل إلى الحق .
    ( ثم أورد صاحب الميزان رحمه‌الله رواية ابن الكوا المتقدمة ، وقال ) :


    أقول والرواية كما تقدم وبعض ما يأتي من الروايات يذكر مطلق أخذ الميثاق من
    بني آدم من غير ذكر إخراجهم من صلب آدم وإراءتهم إياه . وكان تشبيههم بالذر كما
    في كثير من الروايات تمثيل لكثرتهم كالذر لا لصغرهم جسماً أو غير ذلك ، ولكثرة
    ورود هذا التعبير في الروايات سميت هذه النشأة بعالم الذر .
    وفي الرواية دلالة ظاهرة على أن هذا التكليم كان تكليماً حقيقياً لا مجرد دلالة
    الحال على المعنى . وفيها دلالة على أن الميثاق لم يؤخذ على الربوبية فحسب ، بل
    على النبوة وغير ذلك . وفي كل ذلك تأييد لما قدمناه .
    وفي تفسير العياشي عن رفاعة قال : سالت أبا عبد الله عن قول الله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ
    مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، قال نعم لله الحجة على جميع خلقه أخذهم يوم
    أخذ الميثاق هكذا وقبض يده .
    أقول : وظاهر الرواية أنها تفسر الأخذ في الآية بمعنى الإحاطة والملك .
    وفي تفسير القمي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد
    الله عليه‌السلام في قوله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ
    أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ، قلت معاينة كان هذا قال نعم . . . . ( إلى آخر الرواية
    المتقدمة ) . .
    أقول : والرواية ترد على منكري دلالة الآية على أخذ الميثاق في الذر تفسيرهم
    قوله : وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ، أن المراد به أنه عرفهم آياته الدالة
    على ربوبيته ، والرواية صحيحة ومثلها في الصراحة والصحة ما سيأتي من رواية
    زرارة وغيره .
    وفي الكافي عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زرارة : أن
    رجلاً سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن
    ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ . . إلى آخر الآية ، فقال وأبوه يسمع : حدثني أبي أن الله عز وجل
    قبض قبضه من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات ، ثم


    تركها أربعين صباحاً ، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج ، فتركها أربعين صباحاً ،
    فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركاً شديداً ، فخرجوا كالذر من يمينه وشماله ،
    وأمرهم جميعاً أن يقعوا في النار ، فدخلها أصحاب اليمين فصارت عليهم برداً
    وسلاماً ، وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها .
    أقول وفي هذا المعنى روايات أخر ، وكأن الأمر بدخول النار كناية عن الدخول
    حظيرة العبودية والإنقياد للطاعة .
    وفيه بإسناده عن عبد الله بن محمد الحنفي وعقبه جميعاً عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :
    إن الله عز وجل خلق الخلق ، فخلق من أحب مما أحب ، فكان ما أحب أن خلقه من
    طينة الجنة ، وخلق من أبغض مما أبغض ، وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ، ثم
    بعثهم في الظلال ، فقيل : وأي شئ الظلال قال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ
    وليس بشئ ، ثم بعث معهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله ، وهو قوله وَلَئِن سَأَلْتَهُم
    مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، ثم دعوهم إلى الإقرار فأقر بعضهم وأنكر بعض ، ثم دعوهم
    إلى ولايتنا ، فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض ، وهو قوله : فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا
    بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ، ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام كان التكذيب ثَمَّ .
    أقول : والرواية وإن لم تكن مما وردت في تفسير آية الذر غير أنا أوردناها
    لاشتمالها على قصة أخذ الميثاق وفيها ذكر الظلال ، وقد تكرر ذكر الظلال في لسان
    أئمة أهل البيت عليهم‌السلام والمراد به كما هو ظاهر الرواية وصف هذا العالم الذي هو بوجه
    عين العالم الدنيوي وبوجه غيره ، وله أحكام غير أحكام الدنيا بوجه وعينها بوجه ،
    فينطبق على ما وصفناه في البيان المتقدم .
    وفي الكافي وتفسير العياشي عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام كيف
    أجابوا وهم ذر ؟ قال : جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه ، وزاد العياشي يعني
    في الميثاق .
    أقول وما زاده العياشي من كلام الراوي ، وليس المراد بقوله جعل فيهم ما إذا



    سألهم أجابوه دلالة حالهم على ذلك ، بل لما فهم الراوي من الجواب ما هو من نوع
    الجوابات الدنيوية استبعد صدوره عن الذر ، فسأل عن ذلك فأجابه عليه‌السلام بأن الأمر
    هناك بحيث إذا نزلوا في الدنيا كان ذلك منهم جواباً دنيوياً باللسان والكلام اللفظي ،
    ويؤيده قوله عليه‌السلام ما إذا سألهم ولم يقل ما لو تكلموا ونحو ذلك .
    وفي تفسير العياشي أيضاً عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في قول الله : أَلَسْتُ
    بِرَبِّكُمْ ، قالوا بألسنتهم ؟ قال نعم وقالوا بقلوبهم ، فقلت وأين كانوا يومئذ ؟ قال صنع
    منهم ما اكتفى به . .
    أقول جوابه عليه‌السلام إنهم قالوا بلى بألسنتهم وقلوبهم مبني على كون وجودهم يومئذ
    بحيث لو انتقلوا إلى الدنيا كان ذلك جواباً بلسان على النحو المعهود في الدنيا ، لكن
    اللسان والقلب هناك واحد ، ولذلك قال عليه‌السلام نعم وبقلوبهم فصدق اللسان وأضاف
    إليه القلب . ثم لما كان في ذهن الراوي أنه أمر واقع في الدنيا ونشأة الطبيعة وقد
    ورد في بعض الروايات التي تذكر قصة إخراج الذرية من ظهر آدم تعيين المكان له
    وقد روى بعضها هذا الراوي أعني أبا بصير ، سأله عليه‌السلام عن مكانهم بقوله وأين كانوا
    يومئذ فأجابه عليه‌السلام بقوله صنع منهم ما اكتفى به ، فلم يجبه بتعيين المكان بل بأن الله
    سبحانه خلقهم خلقاً يصح معه السؤال والجواب ، وكل ذلك يؤيد ما قدمناه في
    وصف هذا العالم .
    والرواية كغيرها مع ذلك كالصريح في أن التكليم والتكلم في الآية على الحقيقة
    دون المجاز ، بل هي صريحة فيه .
    وفي الدر المنثور أخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ،
    وأبو الشيخ في العظمة ، وابن مردويه ، عن أبي إمامة أن رسول الله ( ص ) قال : خلق
    الله الخلق وقضى القضية ، وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء ، فأخذ أهل اليمين
    بيمينه ، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى ، وكلتا يدي الرحمن يمين ، فقال : يا
    أصحاب اليمين ، فاستجابوا له فقالوا لبيك ربنا وسعديك ، قال ألست بربكم قالوا :


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:32 pm

    بلى . قال يا أصحاب الشمال ، فاستجابوا له فقالوا لبيك ربنا وسعديك ، قال ألست
    بربكم قالوا بلى . فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم : رب لم خلطت بيننا ، قال
    ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ، أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا
    غافلين ، ثم ردهم في صلب آدم ، فأهل الجنة أهلها وأهل النار أهلها .
    فقال قائل يا رسول الله فما الأعمال ؟ قال : يعمل كل قوم لمنازلهم ، فقال عمر بن
    الخطاب : إذاً نجتهد .
    أقول قوله ( ص ) وعرشه على الماء ، كناية عن تقدم أخذ الميثاق وليس المراد به
    تقدم خلق الأرواح على الأجساد زماناً ، فإن عليه من الإشكال ما على عالم الذر
    بالمعنى الذي فهمه جمهور المثبتين ، وقد تقدم .
    وقوله ( ص ) يعمل كل قوم لمنازلهم ، أي أن كل واحد من المنزلين يحتاج إلى
    أعمال تناسبه في الدنيا ، فإن كان العامل من أهل الجنة عمل الخير لا محالة وإن كان
    من أهل النار عمل الشر لا محالة ، والدعوة إلى الجنة وعمل الخير لأن عمل الخير
    يعين منزله في الجنة وإن عمل الشر يعين منزله في النار لا محالة ، كما قال تعالى :
    وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ . البقره ـ 148 فلم يمنع تعين الوجهة عن
    الدعوة إلى استباق الخيرات ، ولا منافاة بين تعين السعادة والشقاوة بالنظر إلى العلل
    التامة ، وبين عدم تعينها بالنظر إلى اختيار الإنسان في تعيين عمله ، فإنه جزء العلة
    وجزء علة الشئ لا يتعين معه وجود الشئ ولا عدمه بخلاف تمام العلة ، وقد تقدم
    استيفاء هذا البحث في موارد من هذا الكتاب ، وآخرها في تفسير قوله تعالى : كَمَا
    بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ـ الأعراف ـ 30 ، وأخبار الطينة
    المتقدمة من أخبار هذا الباب بوجه .
    وفيه ، أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ،
    وأبو الشيخ ، عن ابن عباس : في قوله إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ الآية ، قال : خلق الله
    آدم وأخذ ميثاقه أنه ربه ، وكتب أجله ورزقه ومصيبته ، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة



    الذر ، فأخذ مواثيقهم أنه ربهم ، وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم .
    أقول : وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس بطرق كثيرة في ألفاظ مختلفة ، لكن
    الجميع تشترك في أصل المعنى وهو إخراج ذرية آدم من ظهره وأخذ الميثاق منهم .
    وفيه ، أخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي
    صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود وناس من الصحابة : في
    قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، قالوا : لما أخرج الله آدم
    من الجنة ، قبل تهبيطه من السماء مسح صفحة ظهره اليمنى ، فأخرج منه ذرية بيضاء
    مثل اللؤلؤ كهيئة الذر ، فقال لهم أدخلوا الجنة برحمتي ، ومسح صفحة ظهره اليسرى
    فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال ادخلوا النار ولا أبالي ، فذلك قوله أصحاب
    اليمين وأصحاب الشمال . ثم أخذ منهم الميثاق فقال ألست بربكم قالوا بلى ،
    فأعطاه طائفة طائعين ، وطائفة كارهين على وجه التقيه فقال هو والملائكة : شهدنا
    أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل ، قالوا
    فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف الله أنه ربه وذلك قوله عز وجل : وَلَهُ أَسْلَمَ مَن
    فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهً ، وذلك قوله : فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ
    أَجْمَعِينَ ، يعني يوم أخذ الميثاق .
    أقول : وقد روى حديث الذر كما في الرواية موقوفة وموصولة عن عدة من
    أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كعلي عليه‌السلام وابن عباس وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر
    وسلمان وأبي هريرة وأبي أمامة وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود
    وعبد الرحمان بن قتادة وأبي الدرداء وأنس ومعاوية وأبي موسى الأشعري .
    كما روي من طرق الشيعة عن علي وعلي بن الحسين ، ( ومحمد بن علي ) ،
    وجعفر بن محمد ، والحسن بن علي العسكري عليهم‌السلام .
    ومن طرق أهل السنة أيضاً عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن


    محمد بطرق كثيرة ، فليس من البعيد أن يدعي تواتره المعنوي .
    واعلم أن الروايات في الذر كثيرة جداً ، وقد تركنا إيراد أكثرها لوفاء ما أوردنا من
    ذلك بمعناها . وهنا روايات أخر في أخذ الميثاق عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسائر الأنبياء عليهم‌السلام
    سنوردها في محلها إن شاء الله تعالى . انتهى .
    عوالم وجـود الإنسان
    تحصل من بحث صاحب الميزان رحمه‌الله أنه جعل الأقوال في عالم الذر ثلاثة :
    الأول : نفي وجود عالم الذر ، والقول بأن ما ورد في الآية من إشهاد الناس
    وإقرارهم بالربوبية ، إنما هو تعبير مجازي عن تكوينهم الذي يهديهم إلى ربهم
    تعالى . وهو قول عدد من المتأثرين بالفلسفة اليونانية من القدماء ، وبالثقافة الغربية
    من المتأخرين .
    الثاني : أن عالم الذر بمعنى أن الله تعالى استخرج نطف أبناء آدم عليه‌السلام من ظهره ،
    ثم من ظهور أبنائه إلى آخر أب ، ثم كونهم بشكل معين وأشهدهم فأقروا ، ثم
    أعادهم إلى حالتهم الأولى في ظهر آدم عليه‌السلام . وقد ذهب إليه بعض المفسرين من
    السنة والشيعة .
    الثالث : أن عالم الذر هو عالم الملكوت والخزائن ، وهو الوجه الذي اختاره
    صاحب الميزان رحمه‌الله وأطال في الكلام حوله واختصر في الإستدلال عليه .
    ولكن يرد عليه إشكالات متعددة ، أهمها :
    أولاً ، أن عالم الملكوت اسم عام لكل عوالم ملك الله تعالى ، وتفسير عالم الذر
    به لا يحل المشكلة ، لأنه يبقى السؤال وارداً : في أي عالم من ملكوت الله تعالى تم
    خلق الناس وأخذ الميثاق منهم ؟
    ثانياً ، أن تفسير عالم الذر بعالم الملكوت تفسير استحساني لا دليل عليه ،
    وطريقنا إلى معرفة عوالم خلق الله وأفعاله سبحانه وتعالى ، محصور بما أخبرنا به



    النبي وآله صلى الله عليهم ، وما دل العقل عليه بدلالة قطعية ، لا ظنية أو احتمالية .
    ثالثاً ، أن عوالم وجود النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووجود الناس قبل هذا العالم ، وردت فيها
    أحاديث كثيرة لا يمكن إغفالها في البحث ، كما فعل بعضهم ، ولا نفيها بجرة قلم كما
    فعل بعضهم ، كما لا يمكن دمجها في عالم واحد كعالم الملكوت أو الخزائن كما
    فعل صاحب الميزان رحمه‌الله بل هي عوالم متعددة قد تصل إلى عشرة عوالم ، نذكر منها :
    عالم الأنوار الأولى ، أو عالم الأشباح ، وهو أول ظلال أو فئ خلقه الله تعالى من
    نور عظمته ، وهو نور نبينا وآله صلى الله عليه وعليهم .
    عالم الأظلة ، الذي تم فيه خلق جميع الناس وتعارفهم .
    عالم الذر الذي أخذ فيه الميثاق على الناس ، وتدل الأحاديث على أنه نفس عالم
    الأظلة أو مرتبط به بنحو من الإرتباط .
    عالم الطينة التي خلق منها الناس .
    وذكرت أحاديث أخرى أن خلق الأرواح تم قبل خلق الأجساد . . الخ .
    كما ذكرت الآيات والأحاديث عوالم أخرى مثل قوله تعالى ( هَلْ أَتَىٰ عَلَى
    الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ) أي كان في ذلك الحين شيئاً ، ولكنه
    غير مذكور ، كما ورد في الرواية عن الإمام الباقر عليه‌السلام .
    وهذه العوالم كلها من عالم الملكوت ومن خزائن ملكه تعالى ، ولكنها ليست
    نفس عالم الملكوت ولا الخزائن .
    وقد تقدم عدد من روايات العوالم الأربعة الأولى ، ونورد فيما يلي عدداً آخر ،
    وبعضها نص على أن عالم الذر هو عالم الأظلة .
    من روايات عالم الأشباح ( ظلال النور )
    ـ الأصول الستة عشر ص 15
    عباد عن عمرو ، عن أبي حمزة قال : سمعت علي بن الحسين عليه‌السلام يقول : إن الله


    خلق محمداً وعلياً وأحد عشر من ولده من نور عظمته ، فأقامهم أشباحاً في ضياء
    نوره يعبدونه قبل خلق الخلق ، يسبحون الله ويقدسونه . وهم الأئمة من ولد رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    ـ ورواه الكليني في الكافي ج 1 ص 530 ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن
    أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوري ، عن عمرو بن ثابت ، عن
    أبي حمزة . . . . كما في الأصول الستة عشر .
    ـ الكافي ج 1 ص 442
    الحسين ( عن محمد ) بن عبد الله ، بن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن جابر
    بن يزيد قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله
    وعترته الهداة المهتدين ، فكانوا أشباح نور بين يدي الله ، قلت : وما الأشباح ؟ قال :
    ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح ، وكان مؤيداً بروح واحدة وهي روح القدس ، فبه
    كان يعبد الله وعترته ، ولذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء ، يعبدون الله بالصلاة
    والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ، ويصلون الصلوات ويحجون ويصومون .
    انتهى . ورواه البحراني في حلية الأبرار ج 1 ص 19
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 208
    حدثنا إبراهيم بن هارون الهاشمي قال : حدثنا محمد بن احمد بن أبي الثلج قال :
    حدثنا عيسى بن مهران قال : حدثنا منذر الشراك قال : حدثنا إسماعيل بن علية قال :
    أخبرني أسلم بن ميسرة العجلي ، عن أنس بن مالك ، عن معاذ بن جبل : أن رسول
    الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله عز وجل خلقني وعلياً وفاطمة والحسن
    والحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام . قلت فأين كنتم يا رسول الله ؟ قال :
    قدام العرش نسبح الله تعالى ونحمده ونقدسه ونمجده . قلت : على أي مثال ؟ قال :
    أشباح نور ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور ، ثم قذفنا في
    صلب آدم ، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ، ولا يصيبنا نجس الشرك



    ولا سفاح الكفر ، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون ، فلما صيرنا إلى صلب عبد
    المطلب أخرج ذلك النور فشقه نصفين فجعل نصفه في عبد الله ونصفه في أبي
    طالب ، ثم أخرج النصف الذي لي إلى آمنة والنصف إلى فاطمة بنت أسد
    فأخرجتني آمنة وأخرجت فاطمة علياً ، ثم أعاد عز وجل العمود إلي فخرجت مني
    فاطمة ، ثم أعاد عز وجل العمود إلى علي فخرج منه الحسن والحسين ـ يعني من
    النصفين جميعاً ـ فما كان من نور علي فصار في ولد الحسن ، وما كان من نوري صار
    في ولد الحسين ، فهو ينتقل في الأئمة من ولده إلى يوم القيامة .
    ـ شرح الأخبار ج 3 ص 6
    صفوان الجمال قال : دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام وهو يقرأ هذه
    الآية : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم . ثم التفت الي فقال :
    يا صفوان إن الله تعالى ألهم آدم عليه‌السلام أن يرمي بطرفه نحو العرش ، فإذا هو بخمسة
    أشباح من نور يسبحون الله ويقدسونه ، فقال آدم : يا رب من هؤلاء ؟ قال : يا آدم
    صفوتي من خلقي ، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم ،
    والنار لمن عاداهم . لو أن عبداً من عبادي أتى بذنوب كالجبال الرواسي ثم توسل
    الي بحق هؤلاء لعفوت له .
    فلما أن وقع آدم في الخطيئة قال : يا رب بحق هؤلاء الأشباح اغفر لي ، فأوحى
    الله عز وجل إليه : إنك توسلت إلي بصفوتي وقد عفوت لك . قال آدم : يا رب
    بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم . فأوحى الله إليه : يا آدم هؤلاء خمسة من
    ولدك ، لعظيم حقهم عندي اشتققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود
    وهذا محمد ، وأنا الأعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا المحسن وهذا
    الحسن ، وأنا الإحسان وهذا الحسين .
    ـ شرح الأخبار ج 3 ص 514
    عن عبد القادر بن أبي صالح ، عن هبة الله بن موسى ، عن هناد بن إبراهيم ، عن


    الحسن بن محمد ، عن محمد بن فرحان ، عن محمد بن يزيد ، عن الليث بن سعد ،
    عن العلاء بن عبد الرحمان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : أنه لما خلق
    الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور
    خمسة أشباح . . . . الحديث .
    ـ شرح الأخبار ج 2 ص 500
    أحمد بن محمد بن عيسى المصري ، بإسناده عن أبي هريرة قال : سمعت رسول
    الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقول : لما خلق الله عز وجل آدم ( عليه‌السلام ) ونفخ فيه من روحه ، نظر آدم
    ( عليه‌السلام ) يمنة العرش ، فإذا من النور خمسة أشباح على صورته ركعاً سجداً فقال : يا
    رب هل خلقت أحداً من البشر قبلي ؟ قال : لا . قال : فمن هؤلاء الذين أراهم على
    هيئتي وعلى صورتي ؟ قال : هؤلاء خمسة من ولدك ، لولاهم ما خلقتك ولا خلقت
    الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الإنس
    ولا الجن . هؤلاء خمسة اشتققت لهم أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمد
    وأنا الأعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا حسن ، وأنا
    المحسن وهذا الحسين . . . .
    ـ تحف العقول ص 163
    . . . . بل اشتقاق الحقيقة والمعنى من اسمه تعالى كما جاء في حديث المعراج :
    إن الله تعالى قال لي : يا محمد اشتققت لك إسماً من أسمائي فأنا المحمود وأنت
    محمد ، واشتققت لعلي إسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي ، وهكذا فاطمة
    والحسن والحسين عليهم‌السلام فكلهم أشباح نور من نوره تعالى جل اسمه .
    ـ كفاية الأثر ص 70
    قال هارون : حدثنا حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي ، قال حدثني أبو النصر
    محمد بن مسعود العياشي ، عن يوسف بن المشحت البصري ، قال حدثنا إسحق بن



    الحارث ، قال حدثنا محمد بن البشار ، عن محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة ، عن
    هشام بن يزيد ، عن أنس بن مالك قال : كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد
    بن أرقم عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ودخل الحسن والحسين عليهما‌السلام فقبلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقام
    أبو ذر فانكب عليهما وقبل أيديهما ، ثم رجع فقعد معنا ، فقلنا له سراً : رأيت رجلاً
    شيخاً من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم إلى صبيين من بني هاشم فينكب عليهما
    ويقبل أيديهما ؟ فقال : نعم ، لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لفعلتم
    بهما أكثر مما فعلت . قلنا : وماذا سمعت يا أبا ذر ؟ قال : سمعته يقول لعلي ولهما : يا
    علي والله لو أن رجلاً صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذاً ما نفعه صلاته وصومه
    إلا بحبكم . يا علي من توسل إلى الله بحبكم فحق على الله أن لا يرده . يا علي من
    أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى . قال : ثم قام أبو ذر وخرج . وتقدمنا
    إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلنا : يا رسول الله أخبرنا أبو ذر عنك بكيت وكيت .
    قال : صدق أبو ذر ، صدق والله ، ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي
    لهجة أصدق من أبي ذر . ثم قال : خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد
    قبل أن يخلق آدم بسبعة آلاف عام ، ثم نقلنا إلى صلب آدم ، ثم نقلنا من صلبه في
    أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات . فقلت : يا رسول الله فأين كنتم وعلى أي
    مثال كنتم ؟ قال : كنا أشباحاً من نور تحت العرش نسبح الله تعالى ونمجده . ثم قال :
    لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرئيل عليه‌السلام فقلت :
    حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام تفارقني ؟ فقال : يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع
    فتحترق أجنحتي .
    ثم زج بي في النور ما شاء الله ، فأوحى الله إلي : يا محمد إني اطلعت إلى الأرض
    اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً ، ثم اطلعت ثانياً فاخترت منها علياً فجعلته
    وصيك ووارث علمك والإمام بعدك ، وأخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والأئمة
    المعصومين خزان علمي ، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار . يا


    محمد أتحب أن تراهم قلت : نعم يا رب . فنوديت : يا محمد إرفع رأسك ، فرفعت
    رأسي فإذا أنا بأنوار علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي
    وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن
    محمد والحسن بن علي ، والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري . فقلت : يا رب
    من هؤلاء ومن هذا ؟ قال : يا محمد هم الأئمة بعدك المطهرون من صلبك ، وهو
    الحجة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويشفي صدور قوم مؤمنين .
    قلنا : بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجباً . فقال عليه‌السلام : وأعجب من هذا
    أن قوماً يسمعون مني هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ، ويؤذوني
    فيهم ، لا أنالهم الله شفاعتي .
    ـ بصائر الدرجات ص 83
    أحمد بن محمد ويعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي
    جميلة ، عن محمد بن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله
    مثَّل لي أمتي في الطين وعلمني أسماءهم كلها ، كما علم آدم الأسماء كلها ، فمر بي
    أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته ، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة .
    قيل يا رسول الله وما هي ؟ قال المغفرة منهم لمن آمن واتقى ، لا يغادر منهم صغيرة
    ولا كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات .
    الحسن بن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن بعض قريش قال
    لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأي شئ سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ قال : إني
    كنت أول من أقر بربي وأول من أجاب ، حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على
    أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ، وكنت أنا أول نبي قال بلى ، فسبقتهم بالإقرار بالله .
    حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن النعمي ، عن ابن مسكان ، عن
    عبد الرحيم القصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أمتي عرضت



    عليَّ عند الميثاق ، وكان أول من آمن وصدقني علي ، وكان أول من آمن بي
    وصدقني حيث بعثت فهو الصديق الأكبر .
    حدثنا العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي الجارود ، عن أبي
    بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم وعنده جماعة من
    أصحابه : اللهم لقني إخواني ، مرتين . فقال من حوله من أصحابه : أما نحن إخوانك
    يا رسول ؟ فقال : لا ، إنكم أصحابي ، وإخواني قوم من آخر الزمان آمنوا بي ولم
    يروني ، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب
    آبائهم وأرحام أمهاتهم ، لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة
    الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا . أولئك مصابيح الدجى ، ينجيهم الله من كل
    فتنة غبراء مظلمة . انتهى . وروايات البصائر هذه ليس فيها تصريح بعالم الأظلة أو
    الاشباح ، لكن يصح حملها عليه بالقرائن .
    من روايات عالم الأظلة
    ـ الإعتقادات للصدوق ص 26
    وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها
    اختلف . وقال الصادق عليه‌السلام : إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان
    بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورَّث الأخ الذي آخا بينهما في الأظلة ، ولم
    يورث الأخ من الولادة . انتهى . ورواه في الفقيه ج 4 ص 352 ورواه في بحار الأنوار ج 6
    ص 249 ورواه الصدوق في الخصال ص 169 ، قال :
    حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي قال :
    حدثنا محمد بن عبد الله بن عمران البرقي قال : حدثنا محمد بن علي الهمداني ، عن
    علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما‌السلام قالا : لو قد قام القائم لحكم
    بثلاث لم يحكم بها أحد قبله : يقتل الشيخ الزاني ، ويقتل مانع الزكاة ، ويورث الأخ
    أخاه في الأظلة .


    ـ الكافي ج 1 ص 441
    علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن علي بن إبراهيم ، عن علي بن
    حماد ، عن المفضل قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف كنتم حيث كنتم في الأظلة ؟
    فقال : يا مفضل كنا عند ربنا ليس عنده أحد غيرنا ، في ظلة خضراء نسبحه ونقدسه
    ونهلله ونمجده ، وما من ملك مقرب ولا ذي روح غيرنا ، حتى بدا له في خلق
    الأشياء ، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم ، ثم أنهى علم ذلك إلينا .
    انتهى . والمقصود بقوله عليه‌السلام : ثم أنهى علم ذلك إلينا ، شبيه قوله تعالى : وَعَلَّمَ آدَمَ
    الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا .
    ـ الكافي ج 1 ص 436
    محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن
    صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد الجعفري ، عن أبي جعفر عليه‌السلام وعن عقبة ، عن
    أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله خلق ، فخلق ما أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من
    طينة الجنة ، وخلق ما أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ، ثم
    بعثهم في الظلال . فقلت : وأي شئ الظلال ؟ قال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ
    وليس بشئ ، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعونهم إلى الإقرار بالله وهو قوله : ولئن
    سألتهم من خلقهم ليقولون الله . ثم دعاهم إلا الإقرار بالنبيين ، فأقر بعضهم وأنكر
    بعضهم ، ثم دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض ، وهو قوله :
    فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ . ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان التكذيب ثَمَّ .انتهى .
    ورواه في الكافي ج 2 ص 10 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد
    بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد الجعفي وعقبة ، جميعاً عن
    أبي جعفر عليه‌السلام قال . . . . ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 118 رواه في بصائر الدرجات
    ص80 ، وفيه ( كان التكذيب ثمت ) .



    ـ الكافي ج 8 ص 2
    حدثني علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن حفص المؤذن ، عن أبي
    عبد الله عليه‌السلام ، وعن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل
    بن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها
    والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم ، فإذا فرغوا
    من الصلاة نظروا فيها .
    قال : وحدثني الحسن بن محمد ، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن
    القاسم بن الربيع الصحاف ، عن إسماعيل بن مخلد السراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام
    قال : خرجت هذه الرسالة من أبي عبد الله عليه‌السلام إلى أصحابه :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أما بعد ، فاسألوا ربكم العافية ، وعليكم بالدعة والوقار والسكينة ، وعليكم
    بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم ، وعليكم بمجاملة أهل الباطل . . . .
    وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه ، وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من
    أمر آخرتكم ويأجركم عليه . .
    وعليكم بالدعاء ، فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من
    الدعاء والرغبة إليه . . . .
    فاتقوا الله أيتها العصابة الناجية أن أتم الله لكم ما أعطاكم ، فإنه لا يتم الأمر حتى
    يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم . . . .
    واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه
    بهوى ولا رأي ولا مقائيس . قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شئ وجعل
    للقرآن ولتعلم القرآن أهلاً لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا
    فيه بهوى لا رأي ولا مقائيس ، أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه وخصهم به


    ووضعه عندهم ، كرامة من الله أكرمهم بها ، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة
    بسؤالهم ، وهم الذين من سألهم ـ وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم ـ
    أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه ، وإلى جميع سبل الحق ،
    وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله
    عندهم إلا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة ،
    فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه
    عندهم وأمر بسؤالهم ، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقائيسهم حتى
    دخلهم الشيطان . . . .
    ـ الأصول الستة عشر ص 63
    جابر قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن تفسير هذه الآية ، عن قول الله عز وجل : وَأَن لَّوِ
    اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا ، يعني لو أنهم استقاموا على الولاية في
    الأصل تحت الأظلة ، حين أخذ الله ميثاق ذرية آدم . لأسقيناهم ماء غدقاً : يعني
    لأسقينا أظلتهم الماء العذب الفرات .
    ـ تفسير القمي ج 2 ص 391
    أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ،
    عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جابر قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام
    يقول في هذه الآية : وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا ، يعني من
    جرى فيه شئ من شرك الشيطان . على الطريقة : يعني على الولاية في الأصل عند
    الأظلة ، حين أخذ الله ميثاق ذرية آدم . انتهى . ونحوه في تفسير نور الثقلين ج 5 ص 438
    ـ بصائر الدرجات ص 73
    حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميره ، عن أبي بكر
    الحضرمي ، عن حذيفة بن أسيد الغفار ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تكاملت النبوة



    لنبي في الأظلة حتى عرضت عليه ولايتي وولاية أهل بيتي ، ومثلوا له ، فأقروا
    بطاعتهم وولايتهم .
    ـ تفسير العياشي ج 2 ص 126
    عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : إن الله خلق الخلق
    وهي أظلة ، فأرسل رسوله محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه ، ثم بعثه
    في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن في الأظلة ، وجحده من جحد به يومئذ ، فقال :
    ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل .
    ـ تفسير فرات الكوفي ص 147
    فرات قال : حدثني عثمان بن محمد معنعناً : عن أبي خديجة قال قال محمد بن
    علي عليهما‌السلام : لو علم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما اختلف فيه اثنان .
    قال قلت : متى ؟ قال فقال لي : في الأظلة حين أخذ الله من بني آدم من ظهورهم
    ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا : بلى . محمد نبيكم ، علي أمير
    المؤمنين وليكم .
    ـ الإيضاح لابن شاذان ص 106
    . . . . فوالله ما الحق إلا واضح بين منير ، وما الباطل إلا مظلم كدر ، وقد عرفتم
    موضعه ومستقره ، إلا أن الميثاق قد تقدم في الأظلة بالسعادة والشقاوة ، وقد بين الله
    جل ذكره لنا ذلك بقوله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ
    عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 166
    قد عرف ال
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:34 pm

    النور بأنه الظاهر بذاته المظهر لغيره وهو القدر المشترك بين جميع
    مراتبه من الضوء وضوء الضوء والظل وظل الظل ، في كل بحسبه وهذا المعنى حق
    حقيقة الوجود ، إذ كما أنها الموجودة بذاتها وبها توجد المهيات المعدومة بذواتها


    بل لا موجودة ولا معدومة ، كذلك تلك الحقيقة ظاهرة بذاتها مظهرة لغيرها من
    الأعيان ، والمهيات المظلمة بذواتها بل لا مظلمة ولا نورية ، فمراتب الوجود من
    الحقايق والرقايق والأرواح والأشباح والأشعة والأظلة كلها أنوار لتحقق هذا المعنى
    فيها ، حتى في الأشباح المادية وأظلال الأظلال . انتهى .
    ـ ويدل النص التالي على أن حديث عالم الظلال كان معروفاً في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    ثم غاب من بعده كما غابت أحاديث كثيرة في فضائله صلى‌الله‌عليه‌وآله والسبب في ذلك أن هذه
    الأحاديث فيها ذكر فضل بني هاشم وبني عبد المطلب وفضل علي وفاطمة والأئمة
    الإثني عشر الموعودين في هذه الأمة ! وقد عتموا عليها ما استطاعوا ! وما رووه منها
    من فضائل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جردوه من فضائل أهل بيته وعترته إلا ما أفلت منها ، وما رواه
    أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم !
    ـ قال في كنز العمال ج 12 ص 427 :
    عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلی الله عليه وسلم فقلت : فداك أبي وأمي
    أين كنت وآدم في الجنة ؟ فتبسم حتى بدت نواجذه ثم قال : كنت في صلبه وركب
    بي السفينة في صلب أبي نوح ، وقذف بي في صلب أبي إبراهيم ، لم يلتق أبواي قط
    على سفاح ، لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الحسنة إلى الأرحام الطاهرة مصفى
    مهذباً ، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما ، قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالإسلام
    عهدي ، ونشر في التوراة والإنجيل ذكري ، وبين كل نبي صفتي ، تشرق الأرض
    بنوري والغمام لوجهي ، وعلمني كتابه ، ورقى بي في سمائه وشق لي اسماً من
    أسمائه ، فذو العرش محمود وأنا محمد ، ووعدني أن يحبوني بالحوض والكوثر ،
    وأن يجعلني أول مشفع ، ثم أخرجني من خير قرن لأمتي وهم الحمادون ، يأمرون
    بالمعروف وينهون عن المنكر .


    قال ابن عباس : فقال حسان بن ثابت في النبي صلی الله عليه وسلم :
    من قبلها طبت في الظلال وفي
    مستودع حيث يُخْصَف الورقُ

    ثم سكنت البلاد لا بشرٌ
    أنت ولا نطفةٌ ولا علقُ

    مطهرٌ تركب السفين وقد
    ألجمَ أهل الضلالة الغرق

    تُنقل من صلب إلى رحم
    إذا مضى عالم بدا طبق

    فقال النبي صلی الله عليه وسلم : يرحم الله حساناً ! فقال علي بن أبي طالب :
    وجبت الجنة لحسان ورب الكعبة . كر ، وقال : هذا حديث غريب جداً ، والمحفوظ
    أن هذه الأبيات للعباس . انتهى . ولكن نسبة هذه الأبيات إلى حسان أولى ، فهي تشبه
    شعره إلى حد كبير ، ولم يعهد في التاريخ شعر للعباس عم النبي ، كما عهد لعمه أبي
    طالب صلى‌الله‌عليه‌وآله . ورواه في مجمع الزوائد للعباس في ج 8 ص 217 ، وقال : رواه الطبراني
    وفيهم من لم أعرفهم ، قال :
    وعن خريم بن أوس بن جارية بن لام قال : كنا عند النبي صلی الله عليه وسلم
    فقال له العباس بن عبد المطلب : يا رسول الله إني أريد أن أمدحك ، فقال له صلی الله
    عليه وسلم : هات لا يفضض الله فاك ، فأنشأ يقول :
    قبلها طبت في الظلال وفـي
    مستودع حيث يخصف الورق

    ثم هبطت البلاد لا بشر
    أنت ولا مضغة ولا علق

    بل نطفة تركب السفين وقد
    ألجم نسراً وأهله الغرق

    تنقل من صالب إلى رحم
    إذا مضى عالم بدا طبق

    حتى احتوى بيتك المهيمن
    من خندف علياء تحتها النطق

    وأنت لما ولدت أشرقت الأ
    رض وضاءت بنورك الأفق

    فنحن في ذلك الضياء وفي
    النور سبل الرشاد نخترق



    ـ وروى نحوه في مناقب آل ابي طالب ج 1 ص 27
    ـ وفي مناقب آل ابي طالب ج 2 ص 17
    أشباحكم كن في بدو الظلال له
    دون البرية خداماً وحجابا

    وأنتمُ الكلمات اللاي لقنها
    جبريل آدم عند الذنب إذ تابا

    وأنتمُ قبلة الدين التي جعلت
    للقاصدين إلى الرحمن محرابا

    وقد روى إخواننا السنة أحاديث كثيرة وصححوا عدداً منها تنص على أن خلق
    النبي ونبوته صلى‌الله‌عليه‌وآله قد تما قبل خلق آدم عليه‌السلام ولكنها مجردة عن فضل أهل بيته ، ففي
    مسند أحمد ج 4 ص 127
    الكلبي عن عبد الله بن هلال السلمي ، عن عرباض بن سارية قال : قال رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني عبد الله لخاتم النبيين وإن آدم عليه‌السلام لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بأول
    ذلك : دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى بي ، ورؤيا أمي التي رأت ، وكذلك أمهات
    النبيين يَرَيْنَ . انتهى . ورواه في مستدرك الحاكم ج 2 ص 418 وص 600 في ص 608 وزاد
    فيه ( وإن أم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأت حين وضعته له نورا أضاءت لها قصور الشام ، ثم تلا :
    النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا .
    هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
    ـ ورواه في مجمع الزوائد ج 8 ص 223 تحت عنوان : باب قدم نبوته صلى‌الله‌عليه‌وآله كما في
    الحاكم وقال ( رواه أحمد بأسانيد ، والبزار ، والطبراني بنحوه ، وقال : سأحدثكم
    بتأويل ذلك : دعوة إبراهيم دعا وابعث فيهم رسولاً منهم ، وبشارة عيسى بن مريم
    قوله وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ، ورؤيا أمي التي رأت في منامها أنها
    وضعت نوراً أضاءت منه قصور الشام . وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح
    غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان .


    وعن ميسرة العجر قال قلت يا رسول الله متى كتبت نبياً ؟ قال : وآدم بين الروح
    والجسد . رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح .
    وعن عبد الله بن شقيق عن رجل قال قلت يا رسول الله متى جعلت نبياً ؟ قال :
    وآدم بين الروح والجسد . رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح .
    وعن ابن عباس قال : قيل يا رسول الله متى كتبت نبياً ؟ قال وآدم بين الروح
    والجسد . رواه الطبراني في الأوسط والبزار ، وفيه جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف .
    وعن أبي مريم قال أقبل أعرابي حتى أتى النبي صلی الله عليه وسلم وعنده خلق
    من الناس فقال : ألا تعطيني شيئاً أتعلمه واحمله وينفعني ولا يضرك ، فقال الناس مه
    أجلس ، فقال النبي صلی الله عليه وسلم دعوه فإنما يسأل الرجل ليعلم ، فأفرجوا له
    حتى جلس فقال : أي شئ كان أول نبوتك ؟ قال : أخذ الميثاق كما أخذ من النبيين ،
    ثم تلا : وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ
    مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ، وبشرى المسيح عيسى بن مريم ، ورأت أم رسول
    الله صلی الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور
    الشام .
    فقال الأعرابي هاه وأدنى منه رأسه وكان في سمعه شئ ، فقال النبي صلی الله
    عليه وسلم ووراء ذلك . رواه الطبراني ورجاله وثقوا .
    ـ وروى أحاديثه في كنز العمال ج 11 ص 409 وقال في مصادرها ( ابن سعد ، حل ـ عن
    ميسرة الفجر ، ابن سعد ـ عن ابن أبي الجدعاء ، طب ـ عن ابن عباس ) . وقال في
    هامشه : أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب فضل النبي صلی الله عليه وسلم رقم
    ( 3609 ) وقال : حسن صحيح غريب ص .
    ـ وفي ج 11 ص 418 وص 449 وص 450 ، وقال في مصادره ( حم ، طب ، ك ، حل ،
    هب ـ عن عرباض ابن سارية ) . ( حم وابن سعد ، طب ، ك ، حل هب ـ عن عرباض


    بن سارية ) ( ابن سعد ـ عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ) ( ابن سعد ـ عن عبد الله
    بن شقيق عن أبيه أبي الجدعاء ، ابن قانع ـ عن عبد الله بن شقيق عن أبيه ، طب ـ عن
    ابن عباس ، ابن سعد ـ عن ميسرة الفجر ) ( ابن عساكر ـ عن أبي هريرة )
    ـ ورواها السيوطي عن المصادر المتقدمة وغيرها في الدر المنثور ج 1 ص 139 وج 5
    ص 184 وص 207 وج 6 ص 213
    وروى إخواننا كذلك أحاديث متعددة عن اختيار الله تعالى لبني هاشم تؤيد هذه
    الأحاديث ، وليس هذا مقام الكلام فيها .
    من روايات عالم طينة الخلق
    ـ مجمع الزوائد ج 9 ص 128
    وعن بريدة قال : بعث رسول الله صلی الله عليه وسلم علياً أميراً على اليمن ،
    وبعث خالد بن الوليد على الجبل ، فقال : إن اجتمعتما فعلي على الناس ، فالتقوا
    وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله ، وأخذ عليٌّ جاريةً من الخمس ، فدعا خالد
    ابن الوليد بريدة فقال : إغتنمها فأخبر النبي صلی الله عليه وسلم ما صنع !
    فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله صلی الله عليه وسلم في منزله ،
    وناس من أصحابه على بابه ، فقالوا : ما الخبر يا بريدة ؟
    فقلت : خيراً فتح الله على المسلمين . فقالوا : ما أقدمك ؟ قلت : جارية أخذها
    علي من الخمس ! فجئت لأخبر النبى صلی الله عليه وسلم .
    فقالوا : فأخبر النبي صلی الله عليه وسلم فإنه يسقط من عين النبي صلی الله عليه
    وسلم ! ورسول الله صلی الله عليه وسلم يسمع الكلام ، فخرج مغضباً فقال : ما بال
    أقوام ينتقصون علياً ! من تنقص علياً فقد تنقصني ، ومن فارق علياً فقد فارقني . إن
    علياً مني وأنا منه ، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم
    ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم . يا بريدة أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية



    التي أخذ ، وأنه وليكم بعدي !
    فقلت : يا رسول الله بالصحبة إلا بسطت يدك فبايعتني على الإسلام جديداً !
    قال فما فارقته حتى بايعته على الإسلام . رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه جماعة
    لم أعرفهم وحسين الأشقر ضعفه الجمهور ، ووثقه ابن حبان .
    ـ مجمع الزوائد ج 5 ص 208
    وعن جابر ـ قال : لما قدم جعفر من أرض الحبشة تلقاه رسول الله ، فلما نظر إلى
    رسول الله حجل إعظاماً لرسول الله صلی الله عليه وسلم فقبل رسول الله بين عينيه ،
    وقال له : يا حبيبي أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي ، وخلقت من الطينة التي خلقت
    منها ، يا حبيبي حدثني عن بعض عجائب أهل الحبشة . قال : نعم بأبي أنت وأمي يا
    رسول الله ، بينا أنا قائم في بعض طرقها إذ أنا بعجوز على رأسها مكيل ، وأقبل شاب
    يركض على فرس فزحمها وألقى المكيل عن رأسها ، واستوت قائمة وأتبعته البصر
    وهي تقول : الويل لك غداً إذا جلس الملك على كرسيه فاقتص للمظلوم من الظالم !
    قال جابر : فنظر إلى رسول الله صلی الله عليه وسلم وهو يقول : لا قدس الله أمة لا
    تأخذ للمظلوم حقه من الظالم غير متعتع . رواه الطبراني في الأوسط وفيه مكي بن
    عبد الله الرعيني وهو ضعيف . انتهى . ورواه في مجمع الزوائد ج 9 ص 272 ، وروى
    أيضاً :
    وعن أسامة بن زيد أن النبي صلی الله عليه وسلم قال لجعفر : خلقك كخلقي
    وأشبه خلقي خلقك فأنت مني ، وأنت يا علي فمني وأبو ولدي . رواه الطبراني عن
    شيخه أحمد ابن عبد الرحمن بن عفال وهو ضعيف .
    ـ كنز العمال ج 11 ص 662
    خلق الناس من أشجار شتى ، وخلقت أنا وجعفر من طينة واحدة . ابن عساكر عن
    وهب بن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً ، ووهب كان يضع الحديث .
    مسند جابر بن عبد الله ، عن مكي بن عبد الله الرعيني ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن


    ابن الزبير ، عن جابر قال : لما قدم جعفر من أرض الحبشة تلقاه رسول الله ، فلما نظر
    جعفر إلى رسول الله حجل إعظاماً منه لرسول الله صلی الله عليه وسلم ، فقبل رسول
    الله بين عينيه وقال : يا حبيبي ! أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي وخلقت من الطينة
    التي خلقت منها يا حبيبي . عق ، وأبو نعيم ، قال عق غير محفوظ ، وقال في الميزان :
    مكي له مناكير ، وقال في المغنى : تفرد عن ابن عيينة بحديث عب . انتهى . ورواه في
    كنز العمال ج 11 ص 662 ، بعدة روايات في بعضها من طينتي وفي بعضها من شجرتي .
    ـ الكافي ج 2 ص 2
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله عن رجل
    عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين : قلوبهم
    وأبدانهم ، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و ( جعل ) خلق أبدان المؤمنين من
    دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين ، قلوبهم وأبدانهم ، فخلط بين الطينتين ،
    فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ، ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة ،
    ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة . فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب
    الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه . انتهى . ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 82 وروى في
    ص 116 : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن النضر بن شعيب ، عن
    عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة
    الجنة وخلق الكافر من طينة النار . وقال : إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً طيب روحه
    وجسده فلا يسمع شيئاً من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئاً من المنكر إلا أنكره .
    قال وسمعته يقول : الطينات ثلاث : طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن
    الأنبياء هم من صفوتها ، هم الأصل ولهم فضلهم ، والمؤمنون الفرع من طين لازب ،
    كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم . وقال : طينة الناصب من حمأ
    مسنون ، وأما المستضعفون فمن تراب ، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن
    نصبه ، ولله المشيئة فيهم .


    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل قال : قلت لأبي
    عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك من أي شئ خلق الله عز وجل طينة المؤمن ؟ فقال : من
    طينة الأنبياء ، فلم تنجس أبداً .
    محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد وغيره ، عن محمد بن خلف ، عن
    أبي نهشل قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا
    جعفر عليه‌السلام يقول : إن الله عز وجل خلقنا من أعلى عليين ، وخلق قلوب شيعتنا مما
    خلقنا منه ، وخلق أبدانهم من دون ذلك ، وقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا
    منه ، ثم تلا هذه الآية : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ . كتاب
    مرقوم يشهده المقربون . وخلق عدونا من سجين ، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم
    منه وأبدانهم من دون ذلك ، فقلوبهم تهوي إليهم ، لأنها خلقت مما خلقوا منه ، ثم
    تلا هذه الآية : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ، وَيْلٌ
    يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ . انتهى . ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 116
    ـ الكافي ج 1 ص 389
    أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن
    محمد بن شعيب ، عن عمران بن إسحاق الزعفراني ، عن محمد بن مروان ، عن أبي
    عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن الله خلقنا من نور عظمته ، ثم صور خلقنا من طينة
    مخزونة مكنونة من تحت العرش ، فأسكن ذلك النور فيه ، فكنا نحن خلقاً وبشراً
    نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً ، وخلق أرواح شيعتنا من
    طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من تلك الطينة . . . . الحديث .
    ـ الكافي ج 1 ص 402
    أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن منصور بن العباس ، عن صفوان بن
    يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمد بن عبد الخالق وأبي بصير قال : قال أبو
    عبد الله عليه‌السلام : يا أبا محمد . . . . وإن عندنا سراً من سر الله وعلماً من علم الله أمرنا الله


    بتبليغه ، فبلغنا عن الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه ، فلم نجد له موضعاً ولا أهلاً ولا
    حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواماً ، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله
    وذريته عليهم‌السلام ومن نور خلق الله منه محمداً وذريته ، وصنعهم بفضل صنع رحمته التي
    صنع منها محمداً وذريته ، فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوا ذلك ،
    وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا ، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا
    كذلك لا والله ما احتملوه . . . . الحديث .
    من آيات وروايات عالم الملكوت
    قال تعالى : أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ . أَوَلَمْ يَنظُرُوا
    فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ
    أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ . الأعراف 184 ـ 185
    ـ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا
    جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ . فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ
    بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . الأنعام
    75 ـ 77
    ـ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ .
    سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ . المؤمنون ـ 88
    ـ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . يس ـ 83
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 162
    . . . . هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، وحاول الفكر المبرأ
    من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، وتولهت القلوب
    إليه لتجري في كيفية صفاته ، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه . . . .
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 163


    . . . . وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ، واعتراف
    الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته ، ما دلنا باضطرار قيام الحجة . . . .
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 168
    ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته ، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته ، خلقاً
    بديعاً من ملائكته ملأ بهم فروج فجاجها ، وحشى بهم فتوق أجوائها . وبين فجوات
    تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس وسترات الحجب وسرادقات
    المجد . ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الأسماع . . . .
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 45
    الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته ، وردعت عظمته العقول فلم
    تجد مساغاً إلى بلوغ غاية ملكوته . . . .
    ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 185
    الآمدي في الغرر ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : التفكر في ملكوت السماوات
    والأرض عبادة المخلصين .
    ـ الكافي ج 1 ص 35
    عن حفص بن غياث قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : من تعلم العلم وعمل به وعلم
    لله ، دعي في ملكوت السماوات عظيماً ، فقيل : تعلم لله وعمل لله وعلم لله . انتهى .
    وروى نحوه في كنز العمال ج 10 ص 164 وفي سنن الترمذي ج 4 ص 155 ، وروى في
    مجمع الزوائد ج 10 ص 248
    البراء بن عازب قال قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : من قضى نهمته في
    الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ، ومن مد عينيه إلى زينة المترفين ، كان مهيناً
    في ملكوت السموات . ومن صبر على القوت الشديد صبراً جميلاً أسكنه الله من
    الفردوس حيث شاء .


    ـ وسائل الشيعة ج 11 ص 278
    . . . . ثم قال : وذلك إذا انتهكت المحارم ، واكتسب المآثم ، وتسلط الأشرار على
    الأخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر الحاجة ، وتفشو الفاقة ، ويتباهون في الناس ،
    ويستحسنون الكوبة والمعازف ، وينكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . إلى أن
    قال : فأولئك يدعون في ملكوت السماء : الأرجاس الأنجاس . . . . الحديث .
    ـ الكافي ج 1 ص 93
    محمد بن أبي عبد الله رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر
    لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه ، تريد أن تعرف بهما ملكوت
    السماوات والأرض ، إن كنت صادقاً فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن
    تملأ عينيك منها فهو كما تقول .
    ـ الكافي ج 1 ص 273
    علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي
    بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ
    مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع
    الأئمة ، وهو من الملكوت .
    ـ الكافي ج 2 ص 263
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام
    قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى للمساكين بالصبر ، وهم الذين يرون ملكوت السماوات
    والأرض .
    ـ تفسير الإمام العسكري ص 513
    وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ، قوى الله



    بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين ، فرأى
    رجلاً وامرأة على فاحشة فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فدعا عليهما
    بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما ، فأوحى الله تعالى إليه : يا إبراهيم
    أكفف دعوتك من عبادي وإمائي . . . . الحديث . انتهى . وروى نحوه في الكافي ج 8
    ص 305 وفي كنز العمال ج 4 ص 269
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 131
    قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي ، عن موسى بن عمران
    النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم عن أبيه ، عن ثابت
    بن دينار قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن الله
    جل جلاله : هل يوصف بمكان ؟ فقال : تعالى عن ذلك . قلت : فلم أسرى بنبيه
    محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء ؟ قال : ليريه ملكوت السموات ، وما فيها من عجائب صنعه
    وبدايع خلقه . . . .
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 15
    حدثنا علي بن أحمد ، عن محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن إسماعيل
    البرمكي قال : حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز قال : حدثنا عبد الله بن الفضل
    الهاشمي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي علة جعل الله عز وجل الأرواح في الأبدان
    بعد كونها في ملكوته الأعلى في أرفع محل ؟ فقال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى علم أن
    الأرواح في شرفها وعلوها متى ما تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية
    دونه عز وجل ، فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدر لها في ابتداء التقدير نظراً لها
    ورحمة بها ، وأحوج بعضها إلى بعض وعلق بعضها على بعض ورفع بعضها على
    بعض في الدنيا ، ورفع بعضها فوق بعض درجات في الآخرة ، وكفى بعضها ببعض .
    قلت : فقول الله عز وجل : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ؟ قال : ذاك


    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دنا من حجب النور فرأى ملكوت السموات ، ثم تدلى صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر من
    تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض ، كقاب قوسين أو أدنى .
     
    وقد روت مصادر إخواننا السنة عدداً من الروايات عن عالم الملكوت ، كالتي
    رواها أحمد في مسنده ج 2 ص 363 ، من حديث المعراج . . . . فلما نزلت وانتهيت إلى
    سماء الدنيا فإذا أنا برهج ودخان وأصوات فقلت من هؤلاء ؟ قال : الشياطين
    يحرفون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السموات والأرض ، ولولا
    ذلك لرأت العجائب .
    ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 178
    وعن رقبة بن مصقلة قال لما حصر الحسين بن علي رضي الله عنهما قال :
    أخرجوني إلى الصحراء لعلي أتفكر أنظر في ملكوت السماوات يعني الآيات ، فلما
    أخرج به قال : اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس عليَّ ، وكان مما
    صنع الله له أنه احتسب نفسه . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن رقبة لم
    يسمع من الحسن فيما أعلم ، وقد سمع من أنس فيما قيل .
    من آيات وروايات عالم الخزائن
    قال الله تعالى : وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ
    مَّوْزُونٍ . وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ . وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ
    وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ . الحجر 19 ـ 21
    ـ الصحيفة السجادية ج 1 ص 71
    اللهم يا منتهى مطلب الحاجات ، ويا من عنده نيل الطلبات ، ويا من لا يبيع نعمه
    بالأثمان ، ويا من لا يكدر عطاياه بالإمتنان ، ويا من يستغنى به ولا يستغنى عنه ،



    ويا من يرغب إليه ولا يرغب عنه ، ويا من لا تفني خزائنه المسائل ، ويا من
    لا تبدل حكمته الوسائل ، ويا من لا تنقطع عنه حوائج المحتاجين ، ويا من لا يعنيه
    دعاء الداعين . . . .
    ـ مصباح المتهجد ص 467
    سبحان الحي القيوم ، سبحان الدائم الباقي الذي لا يزول ، سبحان الذي لا تنقص
    خزائنه ، سبحان من لا ينفد ما عنده ، سبحان من لا تبيد معالمه ، سبحان من لا
    يشاور في أمره أحداً ، سبحان من لا إلۤه غيره .
    ـ مصباح المتهجد ص 578
    الحمد لله الفاشي في الخلق أمره وحمده ، الظاهر بالكرم مجده ، الباسط بالجود
    يده ، الذي لا تنقص خزائنه ، ولا تزيده كثرة العطاء إلا كرماً وجوداً ، إنه هو
    العزيز الوهاب .
    ـ مستدرك الحاكم ج 1 ص 525
    عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يدعو : اللهم احفظني بالإسلام قائماً ، واحفظني
    بالإسلام قاعداً ، واحفظني بالإسلام راقداً ، ولا تشمت بي عدواً حاسداً . اللهم إني
    أسألك من كل خير خزائنه بيدك ، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك . هذا حديث
    صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه .
    هذا ما تيسر لنا تتبعه من الأحاديث الدالة على وجود الإنسان في عوالم قبل
    الدنيا . وفيها بحوث شريفة في عدد هذه العوالم وترتيبها وصفاتها ، قلما تعرض
    المتكلمون والمفسرون لبحثها .
    وفيها بحوث أخرى في امتحان الإنسان فيها واختياره الكفر أو الإيمان قبل
    وصوله إلى عالم الأرض . وقد بحثها المفسرون والمتكلمون في باب الجبر
    والإختيار ، والقضاء والقدر .


    ـ قال المجلسي رحمه‌الله في بحار الأنوار ج 5 ص 260
    بيان : إعلم أن أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار ،
    ولأصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك :
    منها ، ما ذهب إليه الأخباريون ، وهو أنا نؤمن بها مجملاً ، ونعترف بالجهل عن
    حقيقة معناها ، وعن أنها من أي جهة صدرت ، ونرد علمها إلى الأئمة عليهم‌السلام .
    ومنها ، أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة ، ولما ذهبت إليه
    الأشاعرة وهم جلهم ، ولمخالفتها ظاهراً لما مر من أخبار الإختيار والإستطاعة .
    ومنها ، أنها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون ، فإنه تعالى لما خلقهم مع
    علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة .
    ومنها ، أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم ، وهذا أمر بين لا يمكن
    إنكاره ، فإنه لا شبهة في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبا جهل ليسا في درجة واحدة من الإستعداد
    والقابلية ، وهذا لا يستلزم سقوط التكليف ، فإن الله تعالى كلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حسب ما
    أعطاه من الإستعداد لتحصيل الكمالات ، وكلف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك ،
    ولم يكلفه ما ليس في وسعه ، ولم يجبره على شئ من الشر والفساد .
    ومنها ، أنه لما كلف الله تعالى الأرواح أولاً في الذر وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير
    والشر باختيارهم في ذلك الوقت ، وتفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم
    كما دل عليه بعض الأخبار السابقة ، فلا فساد في ذلك .
    ولا يخفى ما فيه وفي كثير من الوجوه السابقة ، وترك الخوض في أمثال تلك
    المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى ، لا سيما في تلك
    المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها . ( مسألة القضا والقدر ) .
    ولنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم ومخالفوهم .
    فمنها : ما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية حيث



    سئل : ما قوله ـ أدام الله تأييده ـ في معنى الأخبار المروية عن الأئمة الهادية عليهم‌السلام في
    الأشباح وخلق الله تعالى الأرواح قبل خلق آدم عليه‌السلام بألفي عام ، وإخراج الذرية من
    صلبه على صور الذر ، ومعنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الأرواح جنود مجندة فما تعارف
    منها ائتلف وما تناكر منها اختلف .
    الجواب : وبالله التوفيق ، إن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها ، وتتباين
    معانيها ، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة ، وصنفوا فيها كتباً لغوا فيها ، وهزئوا فيما
    أثبتوه منه في معانيها ، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق
    وتخرصوا الباطل بإضافتها إليهم ، من جملتها كتاب سموه كتاب ( الأشباح والأظلة )
    نسبوه في تأليفه إلى محمد بن سنان ، ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه .
    وإن كان صحيحاً فإن ابن سنان قد طعن عليه وهو متهم بالغلو ، فإن صدقوا في إضافة
    هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضال عن الحق ، وإن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك .
    والصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقاة بأن آدم عليه‌السلام رأى على
    العرش أشباحاً يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها ، فأوحى إليه أنها أشباح رسول الله
    صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم ، وأعلمه أنه لولا
    الأشباح التي رآها ما خلقه ولا خلق سماءً ولا أرضاً . والوجه فيما أظهره الله تعالى من
    الأشباح والصور لآدم أن دله على تعظيمهم وتبجيلهم ، وجعل ذلك إجلالاً لهم
    ومقدمة لما يفترضه من طاعتهم ، ودليلاً على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم ،
    ولم يكونوا في تلك الحال صوراً مجيبة ، ولا أرواحاً ناطقة ، لكنها كانت على مثل
    صورهم في البشرية ، يدل على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة ، والنور الذي
    جعله عليهم يدل على نور الدين بهم وضياء الحق بحججهم . وقد روي أن أسماءهم
    كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش ، وأن آدم عليه‌السلام لما تاب إلى الله عز وجل وناجاه
    بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه ، وهذا غير منكر في العقول ولا
    مضاد للشرع المنقول ، وقد رواه الصالحون الثقاة المأمونون ، وسلم لروايته طائفة


    الحق ، ولا طريق إلى إنكاره ، والله ولي التوفيق . انتهى .
    ويدل كلام المفيد قدس‌سره أن الغلاة في عصره كانوا استغلوا أحاديث الأشباح والظلال
    وبنوا عليها أباطيل تخالف مذهب أهل البيت عليهم‌السلام فشنع بسببها الخصوم على
    المذهب ، فنفى المفيد دعوى الخصوم وفي نفس الوقت أثبت أحاديث الأشباح
    والظلال ، ثم فسرها بتفسير يفهمه العوام ولا يثير ثائرة الخصوم .
    وقال في هامش الكافي ج 2 ص 3 :
    الأخبار مستفيضة في أن الله تعالى خلق السعداء من طينة عليين ( من الجنة )
    وخلق الأشقياء من طينة سجين ( من النار ) وكل يرجع إلى حكم طينته من السعادة
    والشقاء ، وقد أورد عليها : أولاً ، بمخالفة الكتاب . وثانياً ، باستلزام الجبر الباطل .
    أما البحث الأول ، فقد قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ، وقال : وَبَدَأَ
    خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ، فأفاد أن الإنسان مخلوق من طين ، ثم قال تعالى : وَلِكُلٍّ
    وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا . . الآية . وقال : مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي
    كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا . . الآية . فأفاد أن للإنسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء ،
    وهو متوجه إليها سائر نحوها . وقال تعالى : كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ، فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا
    حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ . . الآية . فأفاد أن ما ينتهي إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاء هو
    ما كان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طيناً ، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة
    شقاء ، وآخر السعيد إلى الجنة وآخر الشقي إلى النار ، فهما أولهما لكون الآخر هو
    الأول ، وحينئذ صح أن السعداء خلقوا من طينة الجنة والأشقياء خلقوا من طينة
    النار . وقال تعالى : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
    يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ، كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
    وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ . . الآيات . وهي تشعر بأن عليين وسجين هما ما ينتهي اليه أمر
    الأبرار والفجار من النعمة والعذاب ، فافهم .
    وأما البحث الثاني ، وهو أن أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين



    حتميين للإنسان ، ومعه لا يكون أحدهما اختيارياً كسبياً للإنسان وهو الجبر الباطل .
    والجواب عنه ، أن اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها بل من
    قبل حكمه تعالى وقضائه ما قضى من سعادة وشقاء ، فيرجع الإشكال إلى سبق قضاء
    السعادة والشقاء في حق الإنسان قبل أن يخلق ، وإن ذلك يستلزم الجبر . وقد ذكرنا
    هذا الإشكال مع جوابه في باب المشيئة والإرادة في المجلد الأول من الكتاب
    ص 150 ، وحاصل الجواب : أن القضاء متعلق بصدور الفعل عن اختيار العبد فهو
    فعل اختياري في عين أنه حتمي الوقوع ، ولم يتعلق بالفعل سواء اختاره العبد أو لم
    يختره ، حتى يلزم منه بطلان الإختيار . وأما شرح ما تشمل عليه هذه الأخبار تفصيلاً
    فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر ، فليرجع فيه إلى مطولات الشروح
    والتعاليق والله الهادي . ( الطباطبائي ) انتهى .
    ونختم بالقول : إن مسألة وجود الإنسان في عوالم قبل عالم الأرض ، أوسع مما
    بحثه المتكلون والفلاسفة ، وهي تحتاج إلى تتبع كامل وبحث دقيق في أحاديثها
    الشريفة ، للتوصل إلى عدد تلك العوالم وصفاتها ، ولا يبعد أنها تحل كثيراً من
    المشكلات ، ومنها مشكلة الجبر والإختيار ، وقد تبين من مجموعها أن أخذ الميثاق
    تم من الذر المأخوذ من طين آدم كما في بعضها ، وفي عالم الظلال كما في بعضها ،
    ومن المحتمل أنه حصل في أكثر من عالم .
    كما لا يصح استبعاد أن تكون الذرة إنساناً كاملاً عاقلاً بعد ما سمعنا عن عالم
    الذرة والجينات .
    ولا يصح القول بأن عالم الذر هو عالم الملكوت وإن كان جزء من عالم الملكوت
    إلا من باب تسمية الجزء باسم الكل . والملكوت كما رأيت في آياته وأحاديثه شامل
    لعوالم الشهادة والغيب ، والبعد عن الله تعالى والحضور ، وعالم الذر أو الظلال واحد
    من عوالم الحضور .


    الفطرة بمعنى الولادة في الإسلام
    ـ الكافي ج 8 ص 340
    قال علي بن الحسين : ولم يولد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من خديجة على فطرة الإسلام إلا
    فاطمة عليها‌السلام وقد كانت خديجة عليها‌السلام ماتت قبل الهجرة بسنة ومات أبو طالب بعد موت
    خديجة بسنة ، فلما فقدهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد
    وأشفق على نفسه من كفار قريش ، فشكا إلى جبرئيل عليه‌السلام ذلك ، فأوحى الله عز وجل
    إليه : أخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة فليس لك اليوم بمكة ناصر ،
    وانصب للمشركين حرباً . فعند ذلك توجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة . انتهى . ورواه
    في بحار الأنوار ج 19 ص 117
    ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 58
    وعن إسماعيل بن موسى ، بإسناده عن أبي البختري قال : لما انتهى علي عليه‌السلام إلى
    البصرة خرج أهلها . . . . إلى أن قال : فقاتلوهم وظهروا عليهم وولوا منهزمين ، فأمر
    علي منادياً ينادي : لا تطعنوا في غير مقبل ، ولا تطلبوا مدبراً ، ولا تجهزوا على
    جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وما كان بالعسكر فهو
    لكم مغنم ، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عز وجل ، فقام
    إليه قوم من أصحابه فقالوا : يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم
    وحرمت علينا نساءهم ؟ فقال : لأن القوم على الفطرة ، وكان لهم ولاء قبل الفرقة ،
    وكان نكاحهم لرشدة . فلم يرضهم ذلك من كلامه . فقال لهم : هذه السيرة في أهل
    القبلة فأنكرتموها ، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه ؟ ! فرضوا بما قال ، فاعترفوا
    صوابه وسلموا لأمره . انتهى . ورواه المغربي في شرح الأخبار ج 1 ص 395 ، وروته أيضاً
    مصادر التاريخ .



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:36 pm

    القول بأن من ولد في الإسلام فهو من أهل الجنة
    ـ الدر المنثور ج 2 ص 115
    وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال : خرج رسول الله صلی الله عليه وسلم في
    جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب : لا تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل
    فاجر ، فالتفت رسول الله صلی الله عليه وسلم إلى الناس قال : هل رآه أحد منكم
    على الإسلام ؟ فقال رجل : نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله ، فصلى عليه
    رسول الله صلی الله عليه وسلم وحثى عليه التراب وقال : أصحابك يظنون أنك من
    أهل النار ، وأنا أشهد أنك من أهل الجنة . وقال : يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال
    الناس ولكن تسأل عن الفطرة .
    ـ صحيح مسلم ج 2 ص 4
    . . . . فسمع رجلاً يقول الله اكبر ، الله اكبر ، فقال رسول الله صلی الله عليه وسلم :
    على الفطرة ثم قال : أشهد أن لا إلۤه إلا الله أشهد أن لا إلۤه إلا الله ، فقال رسول الله صلی
    الله عليه وسلم : خرجت من النار ، فنظروا فإذا هو راعي معزى .
    ـ كنز العمال ج 8 ص 366
    كنا مع رسول الله صلی الله عليه وسلم في سرية فسمعنا منادياً ينادي : الله اكبر ،
    الله اكبر ، فقال النبي صلی الله عليه وسلم : على الفطرة فقال : أشهد أن لا إلۤه إلا الله ،
    قال : خرج من النار ، فابتدرناه فإذا هو شاب حبشي يرعى غنماً له في واد ، فأدرك
    صلاة المغرب فأذن لنفسه ـ أبو الشيخ .
    ـ سنن الترمذى ج 3 ص 87
    . . . . واستمع ذات يوم فسمع رجلاً يقول : الله اكبر ، الله اكبر ، فقال : على الفطرة ،
    فقال : أشهد أن لا إلۤه إلا الله ، قال خرجت من النار .


    ـ مسند أحمد ج 3 ص 241
    . . . نحن مع رسول الله صلی الله عليه وسلم في سفر إذ سمع رجلاً يقول الله اكبر ،
    الله اكبر ، فقال النبي صلی الله عليه وسلم : على الفطرة ، قال أشهد ان لا إلۤه إلا الله
    وأشهد أن محمداً رسول الله ، فقال النبي صلی الله عليه وسلم : خرج هذا من النار .
    انتهى .
    وقد صحت الروايات عند اخواننا أن الخليفة عمر قد وسع دائرة شفاعة
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى تشمل المنافقين بل والكفار ، بل صحت رواياتهم بأن مذهب
    الخليفة عمر أن جهنم تنتهي بعد مدة وينقل أهلها إلى الجنة . . إلخ . وسيأتي ذلك في
    بحث الشفاعة إن شاء الله تعالى .
    الفطرة والنبوة والشرائع الإلۤهية
    ـ الكافي ج 8 ص 424
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان
    ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كانت شريعة نوح عليه‌السلام أن يعبد الله
    بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها ، وأخذ الله
    ميثاقه على نوح وعلى النبيين أن يعبدوا الله تبارك وتعالى ولا يشركوا به شيئاً ، وأمر
    بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام ، ولم يفرض عليه
    أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته ، فلبث فيهم نوح ألف سنة إلا
    خمسين عاماً يدعوهم سراً وعلانية ، فلما أبوا وعتوا قال : رب إني مغلوب فانتصر .
    فأوحى الله عز وجل إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا
    يعملون . فلذلك قال نوح عليه‌السلام : ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً . فأوحى الله عز وجل إليه :
    أن اصنع الفلك . انتهى . ورواه العياشي في تفسيره ج 2 ص 144 ، ورواه في بحار الأنوار
    ج 11 ص 331



    ـ الكافي ج 2 ص 17
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، وعدة من أصحابنا
    عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن محمد بن مروان ،
    جميعاً عن أبان بن عثمان ، عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى
    أعطى محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام : التوحيد والإخلاص
    وخلع الأنداد والفطرة الحنفية السمحة لا رهبانية ولا سياحة ، أحل فيها الطيبات
    وحرم فيها الخبائث ، ووضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، ثم افترض
    عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال
    والحرام والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل الله ، وزاده الوضوء ،
    وفضله بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة والمفصل ، وأحل له المغنم والفئ ،
    ونصره بالرعب ، وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً ، وأرسله كافة إلى الأبيض
    والأسود والجن والإنس ، وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم ، ثم كلفه ما لم
    يكلف أحداً من الأنبياء ، أنزل عليه سيف من السماء في غير غمد وقيل له : قاتل في
    سبيل الله لا تكلف إلا نفسك .
    ـ ورواه في بحار الأنوار ج 72 ص 317 وقال :
    تبيين : قوله عليه‌السلام ( شرايع نوح ) يحتمل أن يكون المراد بالشرايع أصول الدين
    ويكون التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد بياناً لها ، والفطرة الحنيفية معطوفة على
    الشرايع ، وإنما خص عليه‌السلام ما به الإشتراك بهذه الثلاثة ، مع اشتراكه عليه‌السلام معهم في كثير
    من العبادات لاختلاف الكيفيات فيها دون هذه الثلاثة ، ولعله عليه‌السلام لم يرد حصر
    المشتركات فيما ذكر لعدم ذكر السائل أصول الدين كالعدل والمعاد ، مع أنه يمكن
    إدخالها بعض ما ذكر ، لا سيما الإخلاص بتكلف .
    ويمكن أن يكون المراد منها الأصول وأصول الفروع المشتركة وإن اختلفت في


    الخصوصيات والكيفيات ، وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قوله عليه‌السلام ( وزاده )
    بياناً للشرايع ، ويشكل حينئذ ذكر الرهبانية والسياحة ، إذ المشهور أن عدمهما من
    خصائص نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا أن يقال المراد عدم الوجوب وهو مشترك ، أو يقال إنهما لم
    يكونا في شريعة عيسى عليه‌السلام أيضاً .
    وإن استشكل بالجهاد وأنه لم يجاهد عيسى عليه‌السلام فالجواب أنه يمكن أن يكون
    واجباً عليه لكن لم يتحقق شرائطه ، ولذا لم يجاهد .
    ولعل قوله عليه‌السلام ( زاده وفضله ) بهذا الوجه أوفق .
    وكأن المراد بالتوحيد نفي الشريك في الخلق ، وبالإخلاص نفي الشريك في
    العبادة ، وخلع الأنداد تأكيد لهما ، أو المراد به ترك أتباع خلفاء الجور وأئمة الضلالة
    أو نفي الشرك الخفي ، أو المراد بالإخلاص نفي الشرك الخفي ، وبخلع الأنداد نفي
    الشريك في استحقاق العبادة .
    والأنداد : جمع ند ، وهو مثل الشئ الذي يضاده في أموره ، ويناده أي يخالفه .
    والفطرة : ملة الإسلام التي فطر الله الناس عليها ، كما مر .
    والحنيفية : المائلة من الباطل إلى الحق ، أو الموافقة لملة إبراهيم عليه‌السلام قال
    في النهاية : الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم ، وأصل الحنف الميل ،
    ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة ، وفي القاموس : السمحة الملة التي
    ما فيها ضيق .
    ـ بحار الأنوار ج 76 ص 68
    مكا : عن الصادق عليه‌السلام قال : كان بين نوح وإبراهيم عليهما‌السلام ألف سنة ، وكانت شريعة
    إبراهيم بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي
    الحنيفية . وأخذ عليه ميثاقه وأن لا يعبد إلا الله ، ولا يشرك به شيئاً ، قال : وأمره
    بالصلاة والأمر والنهي ولم يحكم له أحكام فرض المواريث ، وزاده في الحنيفية :



    الختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار وحلق العانة ، وأمره ببناء البيت
    والحج والمناسك ، فهذه كلها شريعته عليه‌السلام .
    معنى الفطرة والصبغة
    ـ تفسير التبيان ج 1 ص 485
    قوله تعالى : صِبْغَةَ اللَّهِ ، معناه فطرة الله في قول الحسن وقتادة وأبي العالية
    ومجاهد وعطية وابن زيد والسدي .
    وقال الفراء والبلخي : إنه شريعة الله في الختان الذي هو التطهير .
    وقوله صِبْغَةَ اللَّهِ ، مأخوذ من الصبغ ، لأن بعض النصارى كانوا إذا ولد لهم مولود
    جعلوه في ماء طهور يجعلون ذلك تطهيراً له ويسمونه العمودية ، فقيل صبغة الله أي
    تطهير الله ، تطهيركم بتلك الصبغة وهو قول الفراء .
    وقال قتادة : اليهود تصبغ أبناءها يهوداً والنصارى تصبغ أبناءها نصارى ، فهذا غير
    المعنى الأول ، وإنما معناه أنهم يلقنون أولادهم اليهودية والنصرانية ، فيصبغونهم
    بذلك لما يشربون قلوبهم منه ، فقيل صبغة الله التي أمر بها ورضيها يعني الشريعة ، لا
    صبغتكم .
    وقال الجبائي : سمي الدين صبغة لأنه هيئة تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة
    والصلاة وغير ذلك من الآثار الجميلة التي هي كالصبغة ، وقال أمية :
    في صبغة الله كان إذ نسي الـ
    ـعهد وخلى الصواب إذ عزما

    ـ تفسير التبيان ج 3 ص 334
    وقوله : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ : اختلفوا في معناه فقال ابن عباس ، والربيع بن
    أنس ، عن أنس : إنه الإخصاء ، وكرهوا الإخصاء في البهائم ، وبه قال سفيان ، وشهر
    بن حوشب ، وعكرمة ، وأبو صالح . وفي رواية أخرى عن ابن عباس : فليغيرن دين
    الله ، وبه قال إبراهيم ومجاهد ، وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام . قال


    مجاهد : كذب العبد يعني عكرمة في قوله إنه الإخصاء ، وإنما هو تغيير دين الله الذي
    فطر الناس عليه في قوله : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ
    الدِّينُ الْقَيِّمُ . وهو قول قتادة والحسن والسدي والضحاك وابن زيد .
    ـ وقال الكفعمي في المصباح ص 340
    الفاطر أي المبتدع لأنه فطر الخلق أي ابتدعهم ، وخلقهم من الفطر وهو الشق ،
    ومنه : إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ، أي انشقت ، وقوله : تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ ، أي يتشققن
    كأنه سبحانه شق العدم بإخراجنا منه ، وقوله تعالى : فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ أي مبدئ خلقها .
    ـ بحار الأنوار ج 3 ص 276 ـ 281
    سن : المحسن بن أحمد ، عن أبان الأحمر ، عن أبي جعفر الأحول ، عن محمد
    بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : عروة الله الوثقى التوحيد ، والصبغة الإسلام .
    بيان : قال البيضاوي في قوله تعالى : صِبْغَةَ اللَّهِ : أي صبغنا الله صبغته وهي فطرة
    الله التي فطر الناس عليها ، فإنها حلية الإنسان ، كما أن الصبغة حلية المصبوغ ، أو
    هدانا هدايته وأرشدنا حجته ، أو طهر قلوبنا بالإيمان تطهيره . وسماه صبغة لأنه ظهر
    أثره عليهم ظهور الصبغ على المصبوغ ، وتداخل قلوبهم تداخل الصبغ الثوب ، أو
    للمشاكلة فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه العمودية
    ويقولون هو تطهير لهم وبه تحقق نصرانيتهم .
    ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن أبان ،
    عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ، قال :
    هي الإسلام .
    ـ شف : من كتاب القاضي القزويني ، عن هارون بن موسى التلعكبري ، عن محمد
    بن سهل ، عن الحميري ، عن ابن يزيد ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن
    كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، قال



    : هي التوحيد ، وأن محمداً رسول الله ، وأن علياً أمير المؤمنين .
    شي : عن زرارة ، عن أبي جعفر وحمران ، عن أبي عبد الله عليهما‌السلام قال :
    الصبغة الإسلام .
    شي : عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ
    أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ، قال : الصبغة معرفة أمير المؤمنين عليه‌السلام بالولاية في الميثاق .
    ـ بحار الأنوار ج 1 ص 209
    ل : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الأشعري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن
    معروف ، عن ابن مهزيار ، عن حكم بن بهلول ، عن ابن همام ، عن ابن أذينة ، عن
    أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت علياً عليه‌السلام يقول لأبي
    الطفيل عامر بن واثلة الكناني : يا أبا الطفيل العلم علمان : علم لا يسع الناس إلا النظر
    فيه وهو صبغة الإسلام ، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه وهو قدرة الله عز وجل .
    بيان : قال الفيروزآبادي : الصبغة بالكسر : الدين والملة ، وصبغة الله : فطرة الله ، أو
    التي أمر الله بها محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي الختانة . انتهى .
    أقول : المراد بالصبغة هنا الملة أوكل ما يصبغ الإنسان بلون الإسلام من العقائد
    الحقة ، والأعمال الحسنة ، والأحكام الشرعية .
    وقدرة الله تعالى لعل المراد بها هنا تقدير الأعمال ، وتعلق قدرة الله بخلقها ، أي
    علم القضاء والقدر والجبر والإختيار ، فإنه قد نهي عن التفكر فيها .
    وفي نهج البلاغة : أنه قال أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد سئل عن القدر فقال : طريق
    مظلم فلا تسلكوه . انتهى .
    ـ بحار الأنوار ج 67 ص 130
    البقرة ـ 138 : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ .
    الروم ـ 30 : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، لَا تَبْدِيلَ
    لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .

    ـ كا : عن علي ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعاً ، عن ابن
    محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : صِبْغَةَ اللَّهِ
    وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ، قال : الإسلام .
    بيان : قيل على هذه الأخبار يحتمل أن تكون ( صبغة ) منصوبة على المصدر من
    مسلمون في قوله تعالى قبل ذلك : لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . ثم
    يحتمل أن يكون معناها وموردها مختصاً بالخواص والخلص المخاطبين بـ ( قولوا )
    في صدر الآيات حيث قال : قولا آمنا بالله وما أنزل إلينا ، دون سائر أفراد بني آدم ، بل
    يتعين هذا المعنى إن فسر الإسلام بالخضوع والإنقياد للأوامر والنواهي كما فعلوه ،
    وإن فسر بالمعنى العرفي فتوجيه التعميم فيه كتوجيه التعميم في فطرة الله . . . .
    وقيل : صبغة الله إبداع الممكنات وإخراجها من العدم إلى الوجود وإعطاء كل ما
    يليق به من الصفات والغايات وغيرهما . . . .
    وقيل : معناه كل مولود يولد على معرفة الله والإقرار به ، فلا تجد أحداً إلا وهو يقر
    بأن الله صانعه ، وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره ، ومنه حديث حذيفة ( على
    غير فطرة محمد ) أراد دين الإسلام الذي هو منسوب إليه . انتهى .
    وقال بعضهم : المراد بالفطرة كونه خلقاً قابلاً للهداية ومتهيئاً لها ، لما أوجد فيه
    من القوة القابلة لها ، لأن فطرة الإسلام وصوابها موضوع في العقول ، وإنما يدفع
    العقول عن إدراكها تغيير الأبوين ، أو غيرهما .
    وأجيب عنه بأن حمل الفطرة على الإسلام لا يأباه العقل ، وظاهر الروايات يدل
    عليه . وحملها على خلاف الظاهر لا وجه له من غير مستند .
    . . . . لا تبديل لخلق الله : أي بأن يكونوا كلهم أو بعضهم عند الخلق مشركين ، بل
    كان كلهم مسلمين مقرين به أو قابلين للمعرفة ، وأراهم نفسه : أي بالرؤية العقلية
    الشبيهة بالرؤية العينية في الظهور ليرسخ فيهم معرفته ، ويعرفوه في دار التكليف ،
    ولولا تلك المعرفة الميثاقية لم يحصل لهم تلك القابلية ، وفسر عليه‌السلام الفطرة في



    الحديث بالمجبولية على معرفة الصانع والإذغان به . كذلك قوله في هذه الآية أيضاً
    محمولة على هذا المعنى : وَلَئِن سَأَلْتَهُم ، أي كفار مكة كما ذكره المفسرون ، أو الأعم
    كما هو الأظهر من الخبر ، ليقولن الله ، لفطرتهم على المعرفة . وقال البيضاوي :
    لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره ، بحيث اضطروا إلى إذعانه .
    والمشهور أنه مبنى على أن كفار قريش لم يكونوا ينكرون أن الصانع هو الله ، بل
    كانوا يعبدون الأصنام لزعمهم أنها شفعاء عند الله ، وظاهر الخبر أن كل كافر لو خلي
    وطبعه وترك العصبية ومتابعة الأهواء وتقليد الأسلاف والآباء ، لأقر بذلك ، كما ورد
    ذلك الأخبار الكثيرة .
    قال بعض المحققين : الدليل على ذلك ما ترى أن الناس يتوكلون بحسب الجبلة
    على الله ويتوجهون توجهاً غريزياً إلى مسبب الأسباب ومسهل الأمور الصعاب ، وإن
    لم يتفطنوا لذلك ، ويشهد لهذا قول الله عز وجل قال : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ
    أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ . بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ
    إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ .
    وفي تفسير مولانا العسكري عليه‌السلام أنه سئل مولانا الصادق عن الله فقال للسائل : يا
    عبد الله هل ركبت سفينة قط ؟ قال : بلى ، قال : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك
    ولا سباحة تغنيك ؟ قال بلى ، قال : فهل تعلق قلبك هناك أن شيئاً من الأشياء قادر
    على أن يخلصك من ورطتك ؟ قال : بلى ، قال الصادق : فذلك الشئ هو الله القادر
    على الإنجاء حين لا منجي ، وعلى الإغاثة حين لا مغيث .
    ولهذا جعلت الناس معذورين في تركهم اكتساب المعرفة بالله عز وجل متروكين
    على ما فطروا عليه ، مرضياً عنهم بمجرد الإقرار بالقول ، ولم يكلفوا الإستدلالات
    العلمية في ذلك ، وإنما التعمق لزيادة البصيرة ولطائفة مخصوصة . وأما الإستدلال
    فللرد على أهل الضلال .
    ثم إن أفهام الناس وعقولهم متفاوتة في قبول مراتب العرفان ، وتحصيل


    الإطمينان كماً وكيفاً شدةً وضعفاً سرعةً وبطئاً حالاً وعلماً وكشفاً وعياناً ، وإن كان
    أصل المعرفة فطرياً ، إما ضروري أو يهتدي إليه بأدنى تنبيه ، فلكل طريقة هداه الله
    عز وجل إليها إن كان من أهل الهداية ، والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ، وهم
    درجات عند الله ، يرفع الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات .
    قال بعض المنسوبين إلى العلم : إعلم أن أظهر الموجودات وأجلاها هو الله عز
    وجل ، فكأن هذا يقتضي أن يكون معرفته أول المعارف ، وأسبقها إلى الأفهام
    وأسهلها على العقول ، ونرى الأمر بالضد من ذلك ، فلا بد من بيان السبب فيه .
    وإنما قلنا إن أظهر الموجودات وأجلاها هو الله فمعنى لا تفهمه إلا بمثال ، هو : أنا
    إذا رأينا إنساناً يكتب أو يخيط مثلاً ، فإن كونه حياً من أظهر الموجودات فحياته
    وعلمه وقدرته للخياطة أجلى عندنا من سائر صفاته الظاهرة والباطنة ، إذ صفاته
    الباطنة كشهوته وغضبه وخلقه وصحته ومرضه ، وكل ذلك لا نعرفه ، وصفاته
    الظاهرة لا نعرف بعضها ، وبعضها نشك فيه ، كمقدار طوله ، واختلاف لون بشرته
    وغير ذلك من صفاته . أما حياته وقدرته وإرادته وعلمه وكونه حيواناً فإنه جلي عندنا
    من غير أن يتعلق حس البصر بحياته وقدرته وإرادته ، فإن هذه الصفات لا تحس
    بشئ من الحواس الخمس ، ثم لا يمكن أن يعرف حياته وقدرته وإرادته إلا بخياطته
    وحركته ، فلو نظرنا إلى كل ما في العالم سواء لم نعرف به صفاته ، فما عليه إلا دليل
    واحد ، وهو مع ذلك جلي واضح .
    ووجود الله وقدرته وعلمه وسائر صفاته يشهد له بالضرورة كل ما نشاهده وندركه
    بالحواس الظاهرة والباطنة من حجر ومدر ، ونبات وشجر ، وحيوان وسماء ، وأرض
    وكوكب ، وبر وبحر ، ونار وهواء ، وجوهر وعرض ، بل أول شاهد عليه أنفسنا ،
    وأجسامنا وأصنافنا ، وتقلب أحوالنا ، وتغير قلوبنا ، وجميع أطوارنا ، في
    حركاتنا وسكناتنا .
    وأظهر الأشياء في علمنا أنفسنا ، ثم محسوساتنا بالحواس الخمس ، ثم مدركاتنا



    بالبصيرة والعقل ، وكل واحد من هذه المدركات له مدرك واحد ، وشاهد ودليل
    واحد ، وجميع ما في العالم شواهد ناطقة ، وأدلة شاهدة بوجود خالقها ومدبرها
    ومصرفها ومحركها ، ودالة على علمه وقدرته ولطفه وحكمته . والموجودات
    المدركة لا حصر لها .
    فإن كانت حياة الكاتب ظاهرة عندنا وليس يشهد له إلا شاهد واحد ، وهو ما
    أحسسنا من حركة يده ، فكيف لا يتصور في الوجود داخل نفوسنا وخارجها إلا وهو
    شاهد عليه وعلى عظمته وجلاله ، إذ كل ذرة فإنها تنادي بلسان حالها أنه ليس
    وجودها بنفسها ، ولا حركتها بذاتها وإنما يحتاج إلى موجد ومحرك لها ، يشهد بذلك
    أولاً تركيب أعضائنا وائتلاف عظامنا ، ولحومنا وأعصابنا ونبات شعورنا ، وتشكل
    أطرافنا ، وسائر أجزائنا الظاهرة والباطنة ، فإنا نعلم أنها لم تأتلف بنفسها ، كما نعلم أن
    يد الكاتب لم تتحرك بنفسها . ولكن لما لم يبق في الوجود مدرك ، ومحسوس
    ومعقول ، وحاضر وغائب إلا وهو شاهد ومعرف عظم ظهوره ، فانبهرت العقول ،
    ودهشت عن إدراكه .
    فإذن ما يقصر عن فهمه عقولنا له سببان : أحدهما خفاؤه في نفسه وغموضه ،
    وذلك لا يخفى مثاله ، والآخر ما يتناهى وضوحه . وهذا كما أن الخفاش يبصر بالليل
    ولا يبصر بالنهار ، لا لخفاء النهار واستتاره ، ولكن لشدة ظهوره ، فإن بصر الخفاش
    ضعيف يبهره نور الشمس إذا أشرق ، فيكون قوة ظهوره مع ضعف بصره سبباً لامتناع
    أبصاره فلا يرى شيئاً إلا إذا امتزج الظلام بالضوء ، وضعف ظهوره . فكذلك عقولنا
    ضعيفة ، وجمال الحضرة الإلۤهية في نهاية الإشراق والإستنارة وفي غاية الإستغراق
    والشمول ، حتى لا يشذ عن ظهوره ذرة من ملكوت السماوات والأرض ، فصار
    ظهوره سبب خفائه ، فسبحان من احتجب بإشراق نوره ، واختفى عن البصائر
    والأبصار بظهوره . ولا تتعجب من اختفاء ذلك بسبب الظهور ، فإن الأشياء تستبان
    بأضدادها وما عم وجوده حتى لا ضد له عسر إدراكه ، فلو اختلفت الأشياء فدل


    بعضها دون البعض أدركت التفرقة على قرب ، ولما اشتركت في الدلالة على نسق
    واحد أشكل الأمر . ومثاله نور الشمس المشرق على الأرض ، فإنا نعلم أنه عرض من
    الأعراض يحدث في الأرض ، ويزول عند غيبة الشمس . . . .
    ـ الدر المنثور ج 5 ص 155
    فَأَقِمْ وَجْهَكَ . . . . الآية . أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن
    مجاهد رضي‌الله‌عنه قوله : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، قال : الدين الإسلام ، لَا تَبْدِيلَ
    لِخَلْقِ اللَّهِ ، قال لدين الله .
    ـ وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ
    اللَّهِ ، قال : دين الله . ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ، قال : القضاء القيم .
    دور الفطرة في المعرفة والثقافة والحضارة
    ـ تفسير نور الثقلين ج 4 ص 175
    ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام في الرد على
    الدهرية :
    تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الإنسان من هذا النطق الذي
    يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه ونتيجة فكره ، به يفهم غيره ما في نفسه ،
    ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشئ ، ولا تفهم عن
    مخبر شيئاً ، وكذلك الكتابة التي بها تقيد أخبار الماضين للباقين وأخبار الباقين للآتين
    وبها تجلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها ، وبها يحفظ الإنسان ذكر ما يجري بينه
    وبين غيره من المعاملات والحساب ، ولولاها لانقطع أخبار بعض الأزمنة عن بعض
    وأخبار الغائبين عن أوطانهم ، ودرست العلوم وضاعت الآداب ، وعظم ما يدخل
    على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم ، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر
    دينهم وما روي لهم مما لا يسعهم جهله .


    ولعلك تظن أنها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة ، وليست مما أعطيه الإنسان من
    خلقه وطباعه . وكذلك الكلام إنما هو شئ يصطلح عليه الناس فيجري بينهم ، ولهذا
    صار يختلف في الأمم المختلفة بألسن مختلفة ، وكذلك الكتابة ككتابة العربي
    والسرياني والعبراني والرومي وغيرها من ساير الكتابة التي هي متفرقة في الأمم ،
    إنما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكلام .
    فيقال لمن ادعى ذلك إن الإنسان وإن كان له في الأمرين جميعاً فعل أو حيلة ،
    فإن الشئ الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من الله عز وجل في خلقه ،
    فإنه لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام وذهن يهتدي به للأمور ، لم يكن ليتكلم أبداً ، ولو
    لم يكن له كف مهيأة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبداً ، واعتبر ذلك من البهائم التي
    لا كلام لها ولا كتابة . فأصل ذلك فطرة الباري عز وجل ، وما تفضل به على خلقه ،
    فمن شكر أثيب ، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين .
    بحث في دور الفطرة والنبوة في الحياة الإنسانية
    ـ تفسير الميزان ج 10 ص 128
    قوله تعالى : وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ .
    قد مر أن المراد به الإختلاف الواقع في نفس الدين من حملته ، وحيث كان الدين
    من الفطرة كما يدل عليه قوله تعالى : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ
    النَّاسَ عَلَيْهَا . الروم ـ 30 . . . .
    على أن الفطرة لا تنافي الغفلة والشبهة ولكن تنافي التعمد والبغي ، ولذلك خص
    البغي بالعلماء ومن استبانت له الآيات الإلۤهية ، قال تعالى : وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا
    بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . البقره ـ 39 ، والآيات في هذا المعنى
    كثيرة ، وقد قيد الكفر في جميعها بتكذيب آيات الله ثم أوقع عليه الوعيد . وبالجملة
    فالمراد بالآية أن هذا الإختلاف ينتهي إلى بغي حملة الكتاب من بعد علم . . . .

    وقد تبين من الآية : أولاً ، حد الدين ومعرفته وهو أنه نحو سلوك في الحياة الدنيا
    يتضمن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي والحياة الدائمة الحقيقية عند الله
    سبحانه ، فلا بد في الشريعة من قوانين تتعرض لحال المعاش على قدر الإحتياج .
    وثانياً ، أن الدين أول ما ظهر ظهر رافعاً للإختلاف الناشئ عن الفطرة ، ثم
    استكمل رافعاً للإختلاف الفطري وغير الفطري معاً .
    وثالثاً ، أن الدين لا يزال يستكمل حتى تستوعب قوانينه جهات الإحتياج في
    الحياة فإذا استوعبها ختم ختماً فلا دين بعده ، وبالعكس إذا كان دين من الأديان
    خاتماً كان مستوعباً لرفع جميع جهات الإحتياج ، قال تعالى : مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ
    مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ . الأحزاب ـ 40 وقال تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ
    الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ . النحل ـ 89 وقال تعالى : وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن
    بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ .
    حم السجده ـ 42 .
    ورابعاً ، أن كل شريعة لاحقة أكمل من سابقتها .
    وخامساً ، السبب في بعث الأنبياء وإنزال الكتب ، وبعبارة أخرى العلة في الدعوة
    الدينية هو أن الإنسان بحسب طبعه وفطرته سائر نحو الإختلاف ، كما أنه سالك نحو
    الإجتماع المدني ، وإذا كانت الفطرة هي الهادية إلى الإختلاف لم تتمكن من رفع
    الإختلاف ، وكيف يدفع شئ ما يجذبه إليه نفسه ، فرفع الله سبحانه هذا الإختلاف
    بالنبوة والتشريع بهداية النوع إلى كماله اللائق بحالهم المصلح لشأنهم .
    وهذا الكمال كمال حقيقي داخل في الصنع والإيجاد ، فما هو مقدمته كذلك ،
    وقد قال تعالى : الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ . طه ـ 50 ، فبين أن من شأنه
    وأمره تعالى أن يهدي كل شئ إلى ما يتم به خلقه ، ومن تمام خلقة الإنسان أن يهتدي
    إلى كمال وجوده في الدنيا والآخرة ، وقد قال تعالى أيضاً : كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ
    عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا . الإسراء ـ 20 وهذه الآية تفيد أن شأنه تعالى



    هو الإمداد بالعطاء يمد كل من يحتاج إلى إمداده في طريق حياته ووجوده ويعطيه
    ما يستحقه ، وأن عطاءه غير محظور ولا ممنوع من قبله تعالى إلا أن يمتنع ممتنع
    بسوء حظ نفسه من قبل نفسه لا من قبله تعالى .
    ومن المعلوم أن الإنسان غير متمكن من تتميم هذه النقيصة من قبل نفسه ، فإن
    فطرته هي المؤدية إلى هذه النقيصة ، فكيف يقدر على تتميمها وتسوية طريق
    السعادة والكمال في حياته الإجتماعية .
    وإذا كانت الطبيعة الإنسانية هي المؤدية إلى هذا الإختلاف العائق للإنسان عن
    الوصول إلى كماله الحري به ، وهي قاصرة عن تدارك ما أدت إليه وإصلاح ما أفسدته
    فالإصلاح لو كان يجب أن يكون من جهة غير جهة الطبيعة وهي الجهة الإلۤهية التي
    هي النبوة بالوحي ، ولذا عبر تعالى عن قيام الأنبياء بهذا الإصلاح ورفع الإختلاف
    بالبعث ، ولم ينسبه في القرآن كله إلا إلى نفسه ، مع أن قيام الأنبياء كسائر الأمور له
    ارتباطات بالمادة بالروابط الزمانية والمكانية .
    فالنبوة حالة إلۤهية ، وإن شئت قل غيبية ، نسبتها إلى هذه الحالة العمومية من
    الإدراك والفعل نسبة اليقظة إلى النوم بها يدرك الإنسان المعارف التي بها يرتفع
    الإختلاف والتناقض في حياة الإنسان ، وهذا الإدراك والتلقي من الغيب هو المسمى
    في لسان القرآن بالوحي ، والحالة التي يتخذها الإنسان منه لنفسه بالنبوة .
    ومن هنا يظهر أن هذا أعني تأدية الفطرة إلى الإجتماع المدني من جهة وإلى
    الإختلاف من جهة أخرى وعنايته تعالى بالهداية إلى تمام الخلقة ، مبدأ حجة على
    وجود النبوة ، وبعبارة أخرى دليل النبوة العامة .
    تقريره : أن نوع الإنسان مستخدم بالطبع وهذا الإستخدام الفطري يؤديه إلى
    الإجتماع المدني وإلى الإختلاف والفساد في جميع شئون حياته الذي يقضي
    التكوين والإيجاد برفعه ، ولا يرتفع إلا بقوانين تصلح الحياة الإجتماعية برفع
    الإختلاف عنها . وهداية الإنسان إلى كماله وسعادته بأحد أمرين ، إما بفطرته وإما


    بأمر وراءه ، لكن الفطرة غير كافية فإنها هي المؤدية إلى الإختلاف فكيف ترفعه ،
    فوجب أن يكون بهداية من غير طريق الفطرة والطبيعة وهو التفهيم الإلۤهي غير
    الطبيعي المسمى بالنبوة والوحي ، وهذه الحجة مؤلفة من مقدمات مصرح بها في
    كتاب الله تعالى كما عرفت فيما تقدم ، وكل واحدة من هذه المقدمات تجربية بينتها
    التجربة للإنسان تاريخ حياته واجتماعاته المتنوعة التي ظهرت وانقرضت في طي
    القرون المتراكمة الماضية إلى أقدم أعصار الحياة الإنسانية التي يذكرها التاريخ . فلا
    الإنسان انصرف في حين من أحيان حياته عن حكم الإستخدام ولا استخدامه لم
    يؤد إلى الإجتماع وقضى بحياة فردية ، ولا اجتماعه المكون خلا عن الإختلاف ، ولا
    الإختلاف ارتفع بغير قوانين اجتماعية ، ولا أن فطرته وعقله الذي يعده عقلاً سليماً
    قدرت على وضع قوانين تقطع منابت الإختلاف وتقلع مادة الفساد .
    وناهيك في ذلك ما تشاهده من جريان الحوادث الإجتماعية وما هو نصب
    عينيك من انحطاط الأخلاق وفساد عالم الإنسانية والحروب المهلكة للحرث
    والنسل والمقاتل المبيدة للملايين بعد الملايين من الناس ، وسلطان التحكم ونفوذ
    الإستعباد في نفوس البشر وأعراضهم وأموالهم في هذا القرن الذي يسمى عصر
    المدنية والرقي والثقافة والعلم ، فما ظنك بالقرون الخالية أعصار الجهل والظلمة .
    وأما أن الصنع والإيجاد يسوق كل موجود إلى كماله اللائق به فأمر جار في كل
    موجود بحسب التجربة والبحث ، وكذا كون الخلقة والتكوين إذا اقتضى أثراً لم
    يقتض خلافه بعينه أمر مسلم تثبته التجربة والبحث ، وأما أن التعليم والتربية الدينيين
    الصادرين من مصدر النبوة والوحي يقدران على دفع هذا الإختلاف والفساد ، فأمر
    يصدقه البحث والتجربة معاً ، أما البحث فلأن الدين يدعو إلى حقائق المعارف
    وفواضل الأخلاق ومحاسن الأفعال ، فصلاح العالم الإنساني مفروض فيه ، وأما
    التجربة فالإسلام أثبت ذلك في اليسير من الزمان الذي كان الحاكم فيه على الإجتماع
    بين المسلمين هو الدين ، وأثبت ذلك بتربية أفراد من الإنسان صلحت نفوسهم



    وأصلحوا نفوس غيرهم من الناس على أن جهات الكمال والعروق النابضة في هيكل
    الإجتماع المدني اليوم التي تضمن حياة الحضارة والرقي مرهونة للتقدم الإسلامي
    وسريانه في العالم الدنيوي على ما تعطيه التجزية والتحليل من غير شك . انتهى .
    وأنت تلاحظ أن صاحب الميزان رحمه‌الله فسر الفطرة بالغرائز الخيرة والشريرة معاً ،
    ولكن والذي يظهر من الأحاديث الشريفة اختصاصها ببعض الغرائز الخيرة .
    ـ تفسير الميزان ج 11 ص 151
    فلو كان في الدنيا خير مرجو وسعادة لوجب أن ينسب إلى الدين وتربيته . ويشهد
    بذلك ما نشاهده من أمر الأمم التي بنت اجتماعها على كمال الطبيعة وأهملت أمر
    الدين والأخلاق فإنهم لم يلبثوا دون أن افتقدوا الصلاح والرحمة والمحبة وصفاء
    القلب وسائر الفضائل الخلقية والفطرية ، مع وجود أصل الفطرة فيهم ، ولو كانت
    أصل الفطرة كافية ولم تكن هذه الصفات بين البشر من البقايا الموروثة من الدين ، لما
    افتقدوا شيئاً من ذلك .
    على أن التاريخ أصدق شاهد على الإقتباسات التي عملتها الأمم المسيحية بعد
    الحروب الصليبية فاقتبسوا مهمات النكات من القوانين العامة الإسلامية فتقلدوها
    وتقدموا بها ، والحال أن المسلمين اتخذوها وراءهم ظهرياً فتأخر هؤلاء وتقدم
    أولئك . . والكلام طويل الذيل .
    وبالجملة الأصلان المذكوران أعني السراية والوراثة وهما التقليد الغريزي في
    الإنسان والتحفظ على السيرة المألوفة ، يوجبان نفوذ الروح الديني في الإجتماعات
    كما يوجبان في غيره ذلك وهو تأثير فعلي .
    فإن قلت : فعلى هذه فما فائدة الفطرة فإنها لا تغني طائلاً ، وإنما أمر السعادة بيد
    النبوة ، وما فائدة بناء التشريع على أساس الفطرة على ما تدعيه النبوة .
    قلت : ما قدمناه في بيان ما للفطرة من الإرتباط بسعادة الإنسان وكماله يكفي في
    حل هذه الشبهة ، فإن السعادة والكمال الذي تجلبه النبوة إلى الإنسان ليس أمراً


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:37 pm

    خارجاً عن هذا النوع ولا غريباً عن الفطرة ، فإن الفطرة هي التي تهتدي إليه لكن هذا
    الإهتداء لا يتم لها بالفعل وحدها من غير معين يعينها على ذلك ، وهذا المعين الذي
    يعينها على ذلك وهو حقيقة النبوة ليس أيضاً أمراً خارجاً عن الإنسانية وكمالها
    منضماً إلى الإنسان كالحجر الموضوع في جنب الإنسان مثلاً ، وإلا كان ما يعود منه
    إلى الإنسان أمراً غير كماله وسعادته كالثقل الذي يضيفه الحجر إلى ثقل الإنسان في
    وزنه ، بل هو أيضاً كمال فطري للإنسان مذخور في هذا النوع وهو شعور خاص
    وإدراك مخصوص مكمون في حقيقته لا يهتدي إليه بالفعل إلا آحاد من النوع
    أخذتهم العناية الإلۤهية ، كما أن للبالغ من الإنسان شعوراً خاصاً بلذة النكاح لا تهتدي
    إليه بالفعل بقية الأفراد غير البالغين بالفعل ، وإن كان الجميع من البالغ وغير البالغ
    مشتركين في الفطرة الإنسانية والشعور شعور مرتبط بالفطرة . وبالجملة لا حقيقة
    النبوة أمر زائد على إنسانية الإنسان الذي يسمى نبياً وخارج عن فطرته ، ولا السعادة
    التي تهتدي سائر الأمة إليها أمر خارج عن إنسانيتهم وفطرتهم غريب عما يستأنسه
    وجودهم الإنساني ، وإلا لم تكن كمالاً وسعادة بالنسبة إليهم .
    فإن قلت : فيعود الإشكال على هذا التقرير إلى النبوة فإن الفطرة على هذا كافية
    وحدها والنبوة غير خارجة عن الفطرة . فإن المتحصل من هذا الكلام هو أن النوع
    الإنساني المتمدن بفطرته والمختلف في اجتماعه يتميز من بين أفراده آحاد من
    الصلحاء فطرتهم مستقيمة وعقولهم سليمة عن الأوهام والتهوسات ورذائل
    الصفات ، فيهتدون باستقامة فطرتهم وسلامة عقولهم إلى ما فيه صلاح الإجتماع
    وسعادة الإنسان فيضعون قوانين فيها مصلحة الناس وعمران الدنيا والآخرة ، فإن
    النبي هو الإنسان الصالح الذي له نبوغ اجتماعي .
    قلت : كلا وإنما هو تفسير لا ينطبق على حقيقة النبوة ولا ما تستتبعه .
    أما أولاً ، فلان ذلك فرض افترضه بعض علماء الإجتماع ممن لا قدم له في
    البحث الديني والفحص عن حقائق المبدأ والمعاد . فذكر أن النبوة نبوغ خاص



    اجتماعي استتبعته استقامة الفطرة وسلامة العقل ، وهذا النبوغ يدعو إلى الفكر في
    حال الإجتماع وما يصلح به هذا الإجتماع المختل وما يسعد به الإنسان الإجتماعي
    فهذا النابغة الإجتماعي هو النبي والفكر الصالح المترشح من قواه الفكرية هو الوحي ،
    والقوانين التي يجعلها لصلاح الإجتماع هو الدين ، وروحه الطاهر الذي يفيض هذه
    الأفكار إلى قواه الفكرية ولا يخون العالم الإنساني باتباع الهوى هو الروح الأمين وهو
    جبرائيل ، والموحى الحقيقي هو الله سبحانه والكتاب الذي يتضمن أفكاره العالية
    الطاهرة هو الكتاب السماوي ، والملائكة هي القوى الطبيعية أو الجهات الداعية إلى
    الخير ، والشيطان هي النفس الأمارة بالسوء أو القوى أو الجهات الداعية إلى الشر
    والفساد ، وعلى هذا القياس . وهذا فرض فاسد وقد مر في البحث عن الإعجاز ، وأن
    النبوة بهذا المعنى لأن تسمى لعبة سياسية أولى بها من أن تسمى نبوة إلۤهية .
    وقد تقدم أن هذا الفكر الذي يسمى هؤلاء الباحثون نبوغه الخاص نبوة ، من
    خواص العقل العملي الذي يميز بين خير الأفعال وشرها بالمصلحة والمفسدة ، وهو
    أمر مشترك بين العقلاء من أفراد الإنسان ومن هداية الفطرة المشتركة ، وتقدم أيضاً إن
    هذا العقل بعينه هو الداعي إلى الإختلاف ، وإذا كان هذا شأنه لم يقدر من حيث هو
    كذلك على رفع الإختلاف واحتاج فيه إلى متمم يتمم أمره ، وقد عرفت أنه يجب أن
    يكون هذا المتمم نوعاً خاصاً من الشعور يختص به بحسب الفعلية بعض الآحاد من
    الإنسان ، وتهتدي به الفطرة إلى سعادة الإنسان الحقيقية في معاشه ومعاده .
    ومن هنا يظهر أن هذا الشعور من غير سنخ الشعور الفكري ، بمعنى أن ما يجده
    الإنسان من النتائج الفكرية من طريق مقدماتها العقلية ، غير ما يجده من طريق
    الشعور النبوي والطريق غير الطريق .
    ولا يشك الباحثون في خواص النفس في أن في الإنسان شعوراً نفسياً باطنياً ،
    ربما يظهر في بعض الآحاد من أفراده يفتح له باباً إلى عالم وراء هذا العالم ، ويعطيه
    عجائب من المعارف والمعلومات وراء ما يناله العقل والفكر ، صرح به جميع علماء


    النفس من قدمائنا وجمع من علماء النفس من أوروبا مثل جمز الإنجليزي وغيره .
    فقد تحصل أن باب الوحي النبوي غير باب الفكر العقلي ، وأن النبوة وكذا
    الشريعة والدين والكتاب والملك والشيطان لا ينطبق عليها ما اختلقوه من المعاني .
    أمور ورد أنها من الفطرة
    ـ من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 130
    وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم ، وإنا نجز
    الشوارب ونعفي اللحى ، وهي الفطرة . انتهى . ورواه في وسائل الشيعة ج 1 ص 423
    ـ الخصال ص 310
    حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر البندار ، قال حدثنا جعفر بن محمد بن نوح ،
    قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حماد من أهل قومس ، قال حدثنا
    أبو محمد الحسن بن علي الحلواني ، قال حدثنا بشر بن عمر ، قال حدثنا مالك بن
    أنس ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :
    خمس من الفطرة : تقليم الأظفار ، وقص الشارب ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ،
    والإختتان . انتهى . ورواه في وسائل الشيعة ج 1 ص 434
    ـ مستدرك الوسائل ج 2 ص 120
    دعائم الإسلام : عن أمير المؤمنين أنه قال : من الفطرة أن يستقبل بالعليل القبلة
    إذا احتضر . انتهى . ورواه في بحار الأنوار ج 85 ص 243 وروى نحوه الحاكم في
    المستدرك ج 1 ص 353 والبيهقي في سننه ج 3 ص 384
    ـ الكافي ج 5 ص 496
    عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن
    عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع أبي سيار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب أن يكون على فطرتي فليستن بسنتي وإن من سنتي النكاح .



    ـ بحار الأنوار ج 22 ص 263
    كا : العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح عن أبي
    عبد الله عليه‌السلام قال : جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : يا رسول الله
    إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مغضباً يحمل نعليه حتى
    جاء إلى عثمان فوجده يصلي ، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا
    عثمان لم يرسلني الله بالرهبانية ، ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة ، أصوم
    وأصلي وألمس أهلي ، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح .
    ـ بحار الأنوار ج 103 ص 220
    جع : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : النكاح سنتي فمن رغب ، عن سنتي فليس مني .
    وقال : تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط .
    ـ وروى البخاري في صحيحه ج 7 ص 56
    . . . . عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلی الله عليه وسلم قال : من الفطرة
    قص الشارب . . . . عن أبي هريرة رواية الفطرة خمس أو خمس من الفطرة : الختان ،
    والإستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب .
    . . . . عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلی الله عليه وسلم قال :
    من الفطرة حلق العانة ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب .
    . . . . عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه سمعت النبي صلی الله عليه وسلم يقول : الفطرة خمس :
    الختان ، والإستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإباط .
    . . . . عن ابن عمر عن النبي صلی الله عليه وسلم قال : خالفوا المشركين ، ووفروا
    اللحى واحفوا الشوارب . انتهى . وروى نحوه في ج 7 ص 143 ورواه النسائي ج 1 ص 14
    ـ وروى مسلم في ج 1 ص 153 :
    عن عائشة . . . . قالت قال رسول الله صلی الله عليه وسلم عشر من الفطرة : قص


    الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل
    البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء . قال زكريا قال مصعب ونسيت
    العاشرة إلا أن تكون المضمضة ، زاد قتيبة قال وكيع . انتقاص الماء ، يعني الإستنجاء .
    انتهى . ورواه النسائي ج 8 ص 126 ونحوه في سنن ابن ماجة ج 1 ص 107 والبيهقي في
    سننه ج 1 ص 3
    ـ وروى في كنز العمال ج 9 ص 520 : عن مجاهد قال : غسل الدبر من الفطرة .
    أمور ورد أنها تضر بالفطرة
    ـ الكافي ج 2 ص 400
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن رجل
    عن عبد الله عليه‌السلام قال : من شك في الله بعد مولده على الفطرة لم يفىٔ إلى خير أبداً .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 2 ص 43
    اللهم إن الطاعة تسرك والمعصية لا تضرك ، فهب لي ما يسرك ، واغفر لي ما لا
    يضرك ، يا أرحم الراحمين .
    أي : لو خليتني يا إلۤهي ونفسي الخائنة الجانية وأوهامي المؤملة المرجية ، فمن
    يزيل آثار زلاتي الجمة الكثيرة ، كما هو مقتضى الجمع المضاف المفيد للعموم ، لأن
    إمهال العظيم الصبور مديد موفور ، فإذا استحكمت الملكات الرذيلة وتجوهرت
    العادات السيئة صارت طبيعة ثانية مخالفة للفطرة الأولى الإسلامية ( المحكمة
    الراسخة كيفاً ) والذاتي لا يتبدل ، والنفس موضوع بسيط ولا ضد له .
    ـ تهذيب الأحكام ج 3 ص 269
    . . . . عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا : قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام
    يقول : من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة .



    ـ كنز العمال ج 8 ص 286
    عن علي قال : من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة . ليس من الفطرة القراءة مع
    الإمام .
    ـ كنز العمال ج 3 ص 62
    لن تزال أمتي على الفطرة ما لم يتخذوا الأمانة مغنماً ، والزكاة مغرماً . ص ، عن
    ثوبان .
    ـ صحيح البخاري ج 1 ص 192
    شعبة عن سليمان ، قال سمعت زيد بن وهب قال رأى حذيفة رجلاً لا يتم الركوع
    والسجود قال : ما صليت ، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً صلی
    الله عليه وسلم . انتهى . ونحوه في سنن البيهقي ج 2 ص 386 وكنز العمال ج 8 ص 200
    ومسند أحمد ج 5 ص 384
    تقوية الفطرة وتضعيفها وإساءة استعمالها
    ـ بحار الأنوار ج 73 ص 269
    . . . ثم الناس في هذه القوة على درجات ثلاث في أول الفطرة وبحسب ما يطرأ
    عليها من الأمور الخارجة من التفريط والإفراط والإعتدال ، أما التفريط فيفقد هذه
    القوة أو يضعفها بأن لا يستعملها فيما هو محمود عقلاً وشرعاً مثل دفع الضرر عن
    نفسه على وجه سائغ ، والجهاد مع أعدائه والبطش عليهم ، وإقامة الحدود على
    الوجه المعتبر ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فتحصل فيه ملكة الجبن بل
    ينتهي إلى عدم الغيرة على حرمه وأشباه ذلك . انتهى . أقول : ويدل عليه أيضاً
    قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( ولكن أبواه يهودانه أو ينصرانه ) .
    ـ بحار الأنوار ج 60 ص 372
    الإقبال : عن الحسين بن علي عليهما‌السلام في دعاء يوم عرفة :

    ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئاً مذكوراً وخلقتني من التراب ، ثم أسكنتني
    الأصلاب ، آمناً لريب المنون واختلاف الدهور ، فلم أزل ظاعناً من صلب إلى رحم
    في تقادم الأيام الماضية والقرون الخالية ، لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك لي
    وإحسانك إلي في دولة أئمة الكفرة الذين نقضوا عهدك ، وكذبوا رسلك ، لكنك
    أخرجتني رأفةً منك وتحنناً علي للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني وفيه
    أنشأتني ، ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك ، وسوابغ نعمتك ، فابتدعت
    خلقي ، من مني يمني ، ثم اسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم ، لم
    تشهرني بخلقي ، ولم تجعل إليَّ شيئاً من أمري ، ثم أخرجتني إلى الدنيا تاماً سوياً ،
    وحفظتني في المهد طفلاً صبياً ، ورزقتني من الغذاء لبناً مرياً ، وعطفت على قلوب
    الحواضن ، وكفلتني الأمهات الرحائم ، وكلأتني من طوارق الجان ، وسلمتني من
    الزيادة والنقصان ، فتعاليت يا رحيم يا رحمان .
    حتى إذا استهللت ناطقاً بالكلام ، أتممت على سوابغ الأنعام ، فربيتني زائداً في
    كل عام حتى إذا كملت فطرتي ، واعتدلت سريرتي ، أوجبت عليَّ حجتك بأن
    ألهمتني معرفتك ، وروعتني بعجائب فطرتك ، وأنطقتني لما ذرأت لي في سمائك
    وأرضك من بدائع خلقك ، ونبهتني لذكرك وشكرك ، وواجب طاعتك وعبادتك ،
    وفهمتني ما جاءت به رسلك . . إلخ . انتهى .
    قال المجلسي رحمه‌الله الفطرة إشارة إلى قوة الأعضاء والقوى الظاهرة ، واعتدال
    السريرة إلى كمال القوى الباطنة . . . . ألقيت في روعي أي قلبي عجائب الفطرة ، لكنه
    بعيد عن الشائع في إطلاق هذا اللفظ بحسب اللغة . انتهى .
    أقول : الظاهر أن معناه : جعلتني أدرك روائع وعجائب ما فطرته من مخلوقاتك .
    ـ تفسير الميزان ج 16 ص 178
    الفطرة بناء نوع من الفطر بمعنى الإيجاد والإبداع ، وفطرة الله منصوب على
    الاغراء أي إلزم الفطرة ، ففيه إشارة إلى أن هذا الدين الذي يجب إقامة الوجه له ، هو



    الذي تهتف به الخلقة وتهدي إليه الفطرة الإلۤهية التي لا تبديل لها .
    وذلك أنه ليس الدين إلا سنة الحياة والسبيل التي يجب على الإنسان أن يسلكها
    حتى يسعد في حياته ، فلا غاية للانسان يتبعها إلا السعادة ، وقد هدى كل نوع من
    أنواع الخليقة إلى سعادته التي هي بغية حياته بفطرته ونوع خلقته ، وجهزه في
    وجوده بما يناسب غايته من التجهيز ، قال تعالى : رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ
    هَدَىٰ . طه ـ 50 وقال : الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ . الأعلى ـ 3 .
    فالإنسان كسائر الأنواع المخلوقة مفطور بفطرة تهديه إلى تتميم نواقصه ورفع
    حوائجه وتهتف له بما ينفعه وما يضره في حياته ، قال تعالى : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
    فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا : الشمس ـ 8 وهو مع ذلك مجهز بما يتم له به ما يجب له أن
    يقصده من العمل ، قال تعالى : ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ : عبس ـ 20 .
    فللانسان فطرة خاصة تهديه إلى سنة خاصة في الحياة وسبيل معينة ذات غاية
    مشخصة ليس له إلا أن يسلكها خاصة ، وهو قوله : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ،
    وليس الإنسان العائش في هذه النشأة إلا نوعاً واحداً لا يختلف ما ينفعه وما يضره
    بالنظر إلى هذه البنية المؤلفة من روح وبدن ، فما للإنسان من جهة أنه إنسان إلا
    سعادة واحدة وشقاء واحد ، فمن الضروري حينئذ أن يكون تجاه عمله سنة واحدة
    ثابتة يهديه اليها هاد واحد ثابت ، وليكن ذاك الهادي هو الفطرة ونوع الخلقة ، ولذلك
    عقب قوله : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، بقوله : لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ، فلو اختلفت
    سعادة الإنسان باختلاف أفراده لم ينعقد مجتمع واحد صالح يضمن سعادة الأفراد
    المجتمعين ، ولو اختلفت السعادة باختلاف الأقطار التي تعيش فيها الأمم المختلفة
    بمعنى أن يكون الأساس الوحيد للسنة الإجتماعية ، أعني الدين هو ما يقتضيه حكم
    المنطقة ، كان الإنسان أنواعاً مختلفة باختلاف الأقطار ، ولو اختلفت السعادة
    باختلاف الأزمنة بمعنى أن تكون الأعصار والقرون هي الأساس الوحيد للسنة
    الدينية ، اختلفت نوعية كل قرن وجيل مع من ورثوا من آبائهم أو أخلفوا من أبنائهم ،


    ولم يسر الإجتماع الإنساني سير التكامل ، ولم تكن الإنسانية متوجهة من النقص إلى
    الكمال ، إذ لا يتحقق النقص والكمال إلا مع أمر مشترك ثابت محفوظ بينهما .
    وليس المراد بهذا إنكار أن يكون لاختلاف الأفراد أو الأمكنة أو الأزمنة بعض
    التأثير في انتظام السنة الدينية في الجملة ، بل إثبات أن الأساس للسنة الدينية هو
    البنية الإنسانية التي هي حقيقة واحدة ثابتة مشتركة بين الأفراد ، فللإنسانية سنة
    واحدة ثابتة بثبات أساسها الذي هو الإنسان ، وهي التي تدير رحى الإنسانية مع ما
    يلحق بها من السنن الجزئية المختلفة باختلاف الأفراد أو الأمكنة أو الأزمنة . وهذا
    هو الذي يشير إلى قوله بعد ذلك : الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ . . . .
    وللقوم في مفردات الآية ومعناها أقوال أخر متفرقة ، منها : أن المراد بإقامة الوجه
    تسديد العمل ، فإن الوجه هو ما يتوجه إليه وهو العمل وإقامته تسديده . وفيه أن
    وجه العمل هو غايته المقصودة منه وهي غير العمل ، والذي في الآية هو : فَأَقِمْ
    وَجْهَكَ ، ولم يقل فأقم وجه عملك . . . .
    ومنها ، أن لا في قوله : لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ، تفيد النهي أي لا تبدلوا خلق الله أي
    دينه الذي أمرتم بالتمسك به ، أو لا تبدلوا خلق الله بإنكار دلالتة على التوحيد ، ومنه
    من نسب إلى ابن عباس أن المراد به النهي عن الخصاء .
    وفيه ، أن لا دليل على أخذ الخلق بمعنى الدين ولا موجب لتسمية الإعراض عن
    دلالة الخلقة أو إنكارها تبديلاً لخلق الله ، وأما ما نسب إلى ابن عباس ففساده ظاهر .
    ومنها ، ما ذكره الرازي في التفسير الكبير قال : ويحتمل أن يقال خلق الله الخلق
    لعبادته وهم كلهم عبيده لا تبديل لخلق الله ، أي ليس كونهم عبيداً مثل كون المملوك
    عبداً للإنسان فإنه ينتقل عنه إلى غيره ويخرج عن ملكه بالعتق ، بل لا خروج للخلق
    عن العبادة والعبودية . وهذا لبيان فساد قول من يقول العبادة لتحصيل الكمال والعبد
    يكمل بالعبادة فلا يبقى عليه تكليف ، وقول المشركين إن الناقص لا يصلح لعبادة
    الله ، وإنما الإنسان عبد الكواكب والكواكب عبيد الله ، وقول النصارى إن عيسى كان



    يحل الله فيه وصار إلۤها ، فقال : لا تبديل لخلق الله بل كلهم عبيد لا خروج لهم عن
    ذلك . إنتهى .
    وفيه ، أنه مغالطة بين الملك والعبادة التكوينيين والملك والعبادة التشريعيين ، فإن
    ملكه تعالى الذي لا يقبل الإنتقال والبطلان ملك تكويني بمعنى قيام وجود الأشياء
    به تعالى ، والعبادة التي بإزائه عبادة تكوينية وهو خضوع ذوات الأشياء له تعالى ،
    ولا تقبل التبديل والترك كما في قوله : وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ : إسراء ـ 44
    وأما العبادة الدينية التي تقبل التبديل والترك فهي عبادة تشريعية بإزاء الملك
    التشريعي المعتبر له تعالى ، فافهمه . ولو دل قوله لا تبديل لخلق الله على عدم تبديل
    الملك والعبادة والعبودية لدل على التكويني منهما ، والذي يبدله القائلون بارتفاع
    التكليف عن الإنسان الكامل أو بعبادة الكواكب أو المسيح ، فإنما يعنون به
    التشريعي منهما .
    ـ تفسير الميزان ج 5 ص 312
    البيانات القرآنية تجري في بث المعارف الدينية وتعليم الناس العلم النافع هذا
    المجرى ، وتراعي الطرق المتقدمة التي عينتها للحصول على المعلومات ، فما كان
    من الجزئيات التي لها خواص تقبل الإحساس فإنها تصريح فيها إلى الحواس كالآيات
    المشتملة على قوله : أَلَمْ تَرَ ، أَفَلَا يَرَوْنَ ، أَفَرَأَيْتُمُ ، أَفَلَا تُبْصِرُونَ ، وغير ذلك .
    وما كان من الكليات العقلية مما يتعلق بالأمور الكلية المادية ، أو التي هي وراء
    عالم الشهادة ، فإنها تعتبر فيها العقل اعتباراً جازماً وإن كانت غائبة عن الحس خارجة
    عن محيط المادة والماديات كغالب الآيات الراجعة إلى المبدأ والمعاد المشتملة
    على أمثال قوله : لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ، لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ، لقوم يتذكرون ، يَفْقَهُونَ ، وغيرها .
    وما كان من القضايا العملية التي لها مساس بالخير والشر والنافع والضار في العمل
    والتقوى والفجور ، فإنها تستند فيها إلى الإلهام الإلۤهي بذكر ما بتذكره يشعر الإنسان
    بإلهامه الباطني كالآيات المشتملة على مثل قوله : ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ ، فإنه آثم قلبه ،


    والإثم والبغي بغير الحق ، إن الله لا يهدي ، وغيرها ، وعليك بالتدبر فيها .
    ومن هنا يظهر أولاً أن القرآن الكريم يخطيء طريق الحسيين وهم المعتمدون
    على الحس والتجربة النافون للأحكام العقلية الصرفة في الأبحاث العلمية ، وذلك أن
    أول ما يهتم القرآن به في بيانه هو أمر توحيد الله عز اسمه ، ثم يرجع إليه ويبني عليه
    جميع المعارف الحقيقية التي يبينها ويدعو إليها .
    ومن المعلوم أن التوحيد أشد المسائل ابتعاداً من الحس وبينونة للمادة وارتباطاً
    بالأحكام العقلية الصرفة . والقرآن يبين أن هذه المعارف الحقيقية من الفطرة ، قال :
    فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ . الروم ـ
    30 أي أن الخلقة الإنسانية نوع من الإيجاد يستتبع هذه العلوم والإدراكات ، ولا معنى
    لتبديل خلق إلا أن يكون نفس التبديل أيضاً من الخلق والإيجاد ، وأما تبديل الإيجاد
    المطلق أي إبطال حكم الواقع فلا يتصور له معنى ، فلن يستطيع الإنسان وحاشا ذلك
    أن يبطل علومه الفطرية ويسلك في الحياة سبيلاً آخر غير سبيلها البتة .
    وأما الإنحراف المشهود عن أحكام الفطرة فليس إبطالاً لحكمها بل استعمالاً لها
    غير ما ينبغي من نحو الإستعمال ، نظير ما ربما يتفق أن الرامي لا يصيب الهدف في
    رميته ، فإن آلة الرمي وسائر شرائطه موضوعة بالطبع للإصابة ، إلا أن الإستعمال
    يوقعها في الغلط ، والسكاكين والمناشير والمثاقب والابر وأمثالها إذا عبئت في
    الماكينات تعبئة معوجة تعمل عملها الذي فطرت عليه بعينه من قطع أو نشر أو ثقب
    وغير ذلك ، لكن لا على الوجه المقصود ، وأما الإنحراف عن العمل الفطري كأن
    يخاط بنشر المنشار بأن يعوض المنشار فعل الإبرة من فعل نفسه فيضع الخياطة
    موضع النشر ، فمن المحال ذلك .
    وهذا ظاهر لمن تأمل عامة ما استدل به القوم على صحة طريقهم ، كقولهم إن
    الأبحاث العقلية المحضة والقياسات المؤلفة من مقدمات بعيدة من الحس يكثر
    وقوع الخطأ فيها ، كما يدل عليه كثرة الإختلافات في المسائل العقلية المحضة ، فلا



    ينبغي الإعتماد عليها لعدم اطمئنان النفس إليها . وقولهم في الاستدلال على صحة
    طريق الحس والتجربة إن الحس آلة لنيل خواص الأشياء بالضرورة وإذا أحس بأثر
    في موضوع من الموضوعات على شرائط مخصوصة ثم تكرر مشاهدة الأثر معه مع
    حفظ تلك الشرائط بعينها من غير تخلف واختلاف ، كشف ذلك عن أن هذا الأثر
    خاصة الموضوع من غير اتفاق ، لأن الإتفاق ( الصدفة ) لا يدوم البتة .
    والدليلان كما ترى سيقا لإثبات وجوب الإعتماد على الحس والتجربة ورفض
    السلوك العقلي المحض ، مع كون المقدمات المأخوذة فيهما جميعاً مقدمات عقلية
    خارجة عن الحس والتجربة ، ثم أريد بالأخذ بهذه المقدمات العقلية إبطال الأخذ
    بها ، وهذا هو الذي تقدم أن الفطرة لن تبطل البتة ، وإنما يغلط الإنسان في كيفية
    استعمالها .
    قدوات البشرية في فطرتهم المستقيمة
    آدم عليه‌السلام فطرة الله تعالى
    ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 39
    في الصلاة على آدم عليه‌السلام : اللهم وآدم بديع فطرتك ، وأول معترف من الطين
    بربوبيتك ، وبكر حجتك على عبادك وبريتك .
    ـ بحار الأنوار ج 101 ص 230
    ( زيارة أخرى ) رواها الكفعمي في البلد الأمين عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا وصلت
    إلى الفرات فاغتسل والبس أنظف ثوب تقدر عليه ، ثم صر إلى القبر حافياً وعليك
    السكينة والوقار ، وقف بالباب وكبر أربعاً وثلاثين تكبيرة وقل : السلام عليك يا وارث
    آدم فطرة الله ، السلام عليك يا وارث نوح صفوة الله .


    إبراهيم عليه‌السلام إمام الإستقامة على الفطرة
    ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 256
    يا موضع كل شكوى ، ويا شاهد كل نجوى ، ويا عالم كل خفية ، ويا دافع كل بلية ،
    يا كريم العفو ، يا حسن التجاوز ، توفني على ملة إبراهيم وفطرته ، وعلى دين محمد
    وسنته ، وعلى خير الوفادة فتوفني ، موالياً لأوليائك ومعادياً لأعدائك . اللهم إني
    أسألك التوفيق لكل عمل أو قول أو فعل يقربني إليك زلفى ، يا أرحم الراحمين .
    ـ الكافي ج 8 ص 366
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان
    عن حجر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خالف إبراهيم عليه‌السلام قومه وعاب آلهتهم حتى
    أدخل على نمرود فخاصمه ، فقال إبراهيم عليه‌السلام : ربي الذي يحيي ويميت قال : أنا
    أحيي وأميت . قال إبراهيم : فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب ،
    فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين .
    وقال أبو جعفر عليه‌السلام : عاب آلهتهم فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم ، قال أبو
    جعفر عليه‌السلام : والله ما كان سقيماً وما كذب ، فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل
    إبراهيم عليه‌السلام إلى آلهتهم بقدوم فكسرها إلا كبيراً لهم ووضع القدوم في عنقه ، فرجعوا
    إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا : لا والله ما اجترأ عليها ولا كسرها إلا الفتى
    الذي كان يعيبها ويبرأ منها ، فلم يجدوا له قتلةً أعظم من النار ، فجمعوا له الحطب
    واستجادوه ، حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء
    لينظر إليه كيف تأخذه النار ، ووضع إبراهيم عليه‌السلام في منجنيق ، وقالت الأرض : يا رب
    ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار ؟ قال الرب : إن دعاني كفيته .
    فذكر أبان عن محمد بن مروان ، عمن رواه عن أبي جعفر عليه‌السلام أن دعاء إبراهيم عليه‌السلام
    يومئذ كان ( يا أحد يا أحد ، يا صمد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً



    احد . ثم قال : توكلت على الله ) فقال الرب تبارك وتعالى : كفيت ، فقال للنار : كوني
    برداً . قال فاضطربت أسنان إبراهيم عليه‌السلام من البرد حتى قال الله عز وجل : وَسَلَامًا
    عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ . وانحط جبرئيل عليه‌السلام وإذا هو جالس مع إبراهيم عليه‌السلام يحدثه في النار ، قال
    نمرود : من اتخذ إلۤهاً فليتخذ مثل إلۤه إبراهيم ! قال : فقال عظيم من عظمائهم : إني
    عزمت على النار أن لا تحرقه ، قال فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه !
    قال : فآمن له لوط ، وخرج مهاجراً إلى الشام هو وسارة ولوط .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن
    الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام
    يقول : ان إبراهيم عليه‌السلام كان مولده بكوثى رباً ، وكان أبوه من أهلها وكانت أم إبراهيم
    وأم لوط سارة ورقة وفي نسخة رقية أختين ، وهما ابنتان للاحج ، وكان لاحج نبياً
    منذراً ولم يكن رسولاً ، وكان إبراهيم عليه‌السلام في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز
    وجل الخلق عليها ، حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه ، وإنه تزوج سارة
    ابنة لاحج وهي ابنة خالته ، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال
    حسنة ، وكانت قد ملكت إبراهيم عليه‌السلام جميع ما كانت تملكه ، فقام فيه وأصلحه
    وكثرت الماشية والزرع ، حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالاً منه .
    وإن إبراهيم عليه‌السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق ، وعمل له حيراً وجمع
    له فيه الحطب وألهب فيه النار ، ثم قذف إبراهيم عليه‌السلام في النار لتحرقه ، ثم اعتزلوها
    حتى خمدت النار ، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه‌السلام سليماً مطلقاً من وثاقه
    فأخبر نمرود خبره ، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم عليه‌السلام من بلاده وأن يمنعوه من الخروج
    بماشيته وماله ، فحاجهم إبراهيم عليه‌السلام عند ذلك فقال : إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن
    حقي عليكم أن تردوا عليَّ ما ذهب من عمري في بلادكم ، واختصموا إلى قاضي
    نمرود فقضى على إبراهيم عليه‌السلام أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى
    على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم عليه‌السلام ما ذهب من عمره في بلادهم !

    فأخبر بذلك نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وما له وأن يخرجوه ،
    وقال : إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم ، فأخرجوا إبراهيم ولوطاً
    معه صلى الله عليهما من بلادهم إلى الشام ، فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه
    وسارة وقال لهم : إني ذاهب إلى ربي سيهدين ، يعني بيت المقدس .
    فتحمل إبراهيم عليه‌السلام بماشيته وماله وعمل تابوتاً وجعل فيه سارة وشد عليها
    الأغلاق غيرةً منه عليها ، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان
    رجل من القبط يقال له عرارة ، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه ، فلما
    انتهى إلى العاشر ومعه التابوت .
    قال العاشر لإبراهيم عليه‌السلام : إفتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه .
    فقال له إبراهيم عليه‌السلام : قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا
    نفتحه .
    قال فأبى العاشر إلا فتحه ، قال وغضب إبراهيم عليه‌السلام على فتحه ، فلما بدت له
    سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال ، قال له العاشر : ما هذه المرأة منك ؟
    قال إبراهيم عليه‌السلام : هي حرمتي وابنة خالتي .
    فقال له العاشر : فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت ؟
    فقال إبراهيم عليه‌السلام : الغيرة عليها أن يراها أحد .
    فقال له العاشر : لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك ، قال : فبعث
    رسولاً إلى الملك فأعلمه فبعث الملك رسولاً من قبله ليأتوه بالتابوت فأتوا ليذهبوا
    به . فقال لهم إبراهيم عليه‌السلام : إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي ،
    فأخبروا الملك بذلك فأرسل الملك أن احملوه والتابوت معه ، فحملوا إبراهيم عليه‌السلام
    والتابوت وجميع ما كان معه حتى أدخل على الملك فقال له الملك : إفتح التابوت .
    فقال إبراهيم عليه‌السلام : أيها الملك إن فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع
    ما معي .


    قال : فغضب الملك وأجبر إبراهيم عليه‌السلام على فتحه ، فلما رأى سارة لم يملك
    حلمه سفهه أن مد يده إليها فأعرض إبراهيم عليه‌السلام بوجهه عنها وعنه غيرة منه وقال :
    اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي ، فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه !
    فقال له الملك : إن إلۤهك الذي فعل بي هذا ؟
    فقال له : نعم ، إن إلۤهي غيور يكره الحرام وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من
    الحرام .
    فقال له الملك : فادع إلۤهك يرد عليَّ يدي فإن أجابك فلم أعرض لها .
    فقال إبراهيم عليه‌السلام : إلۤهي رد عليه يده ليكف عن حرمتي .
    قال : فرد الله عز وجل عليه يده فأقبل الملك نحوها ببصره ، ثم أعاد بيده نحوها
    فأعرض إبراهيم عليه‌السلام عنه بوجهه غيرة منه وقال : اللهم احبس يده عنها ، قال فيبست
    يده ولم تصل إليها !
    فقال الملك لإبراهيم عليه‌السلام : ان إلۤهك لغيور وإنك لغيور فادع إلۤهك يرد علي يدي
    فإنه إن فعل لم أعد .
    فقال له إبراهيم عليه‌السلام : أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله .
    فقال الملك : نعم .
    فقال إبراهيم عليه‌السلام : اللهم إن كان صادقاً فرد عليه يده ، فرجعت إليه يده !
    فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ورأى الآية في يده ، عظم إبراهيم عليه‌السلام
    وهابه وأكرمه واتقاه ، وقال له : قد أمنت من أن أعرض لها أو لشئ مما معك ، فانطلق
    حيث شئت ولكن لي إليك حاجة .
    فقال إبراهيم عليه‌السلام : ما هي ؟
    فقال له : أحب ان تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادماً .
    قال : فأذن له إبراهيم عليه‌السلام فدعا بها فوهبها لسارة وهي هاجر أم إسماعيل عليه‌السلام .
    فسار إبراهيم عليه‌السلام بجميع ما معه وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم عليه‌السلام


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:39 pm

    إعظاماً لإبراهيم عليه‌السلام وهيبة له ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم أن قف ولا تمش
    قدام الجبار المتسلط ويمشي هو خلفك ، ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه
    وهبه ، فإنه مسلط ولا بد من إمرة في الأرض برة أو فاجرة ، فوقف إبراهيم عليه‌السلام وقال
    للملك : إمض فإن إلۤهي أوحى إليَّ الساعة أن أعظمك وأهابك وأن أقدمك أمامي
    وأمشي خلفك إجلالاً لك .
    فقال له الملك : أوحى إليك بهذا ؟ فقال له إبراهيم عليه‌السلام : نعم .
    فقال له الملك : أشهد أن إلۤهك لرفيق حليم كريم ، وإنك ترغبني في دينك .
    قال : وودعه الملك فسار إبراهيم عليه‌السلام حتى نزل بأعلى الشامات وخلف لوطاً عليه‌السلام
    في أدنى الشامات .
    ثم إن إبراهيم عليه‌السلام لما أبطأ عليه الولد قال لسارة : لو شئت لبعتني هاجر لعل الله أن
    يرزقنا منها ولداً فيكون لنا خلفاً ، فابتاع إبراهيم عليه‌السلام هاجر من سارة فوقع عليها
    فولدت اسماعيل . انتهى . ورواه في تفسير نور الثقلين ج 4 ص 416 ورواه المجلسي في
    بحار الأنوار ج 12 ص 48
    وفي هذا الحديث من الحقائق والأضواء على حياة سيدنا إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يرد
    كثيراً من الشبه الواردة في الإسرائيليات ، والتهم التي اتهمه بها اليهود ، وقلدهم
    بعض المسلمين ! !
    نبينا صلی الله عليه وآله رائد العارفين ورائد سعادتنا
    ـ نهج البلاغة ج 3 ص 44
    . . . والرسول قد عرف عن الله وأخبرنا ، فهو رائد سعادتنا .
    ـ مروج الذهب للمسعودي ج 1 ص 32
    فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه
    علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
    كرم الله وجهه :


    إن الله حين شاء تقدير الخليقة وذرأ البرية وإبداع المبدعات ، نصب الخلق في
    صور كالهباء قبل دحو الأرض ورفع السماء ، وهو في انفراد ملكوته وتوحد جبروته
    فأتاح ( فأساح ) نوراً من نوره فلمع ، و [ نزع ] قبساً من ضيائه فسطع ، ثم اجتمع النور
    في وسط تلك الصور الخفية فوافق ذلك صورة نبينا محمد صلی الله عليه وسلم ،
    فقال الله عز من قائل : أنت المختار المنتخب ، وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي ،
    من أجلك أسطح البطحاء ، وأمرج الماء ، وارفع السماء ، وأجعل الثواب والعقاب
    والجنة والنار ، وأنصب أهل بيتك للهداية ، وأوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل
    عليهم دقيق ولا يعييهم خفي ، وأجعلهم حجتي على بريتي ، والمنبهين على قدرتي
    ووحدانيتي ، ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبية والإخلاص بالوحدانية . فبعد أخذ
    ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخاب محمد وآله ( فقبل أخذ ما أخذ جل
    شأنه ببصائر الخلق انتخب محمد وآله ) وأراهم أن الهداية معه والنور له والإمامة في
    آله ، تقديماً لسنة العدل ، وليكون الإعذار متقدماً .
    ثم أخفى الله الخليقة في غيبه ، وغيبها في مكنون علمه ، ثم نصب العوامل وبسط
    الزمان ، ومرج الماء ، وأثار الزبد ، وأهاج الدخان ، فطفا عرشه على الماء ، فسطح
    الأرض على ظهر الماء [ وأخرج من الماء دخاناً فجعله السماء ] ثم استجلبهما إلى
    الطاعة فأذعنتا بالإستجابة .
    ثم أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها ، وأرواح اخترعها ، وقرن بتوحيده نبوة
    محمد صلی الله عليه وسلم ، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض ، فلما خلق
    آدم أبان فضله للملائكة ، وأراهم ما خصه به من سابق العلم من حيث عرفه عند
    استنبائه إياه أسماء الأشياء ، فجعل الله آدم محراباً وكعبة وباباً وقبلة أسجد إليها
    الأبرار والروحانيين الأنوار ، ثم نبه آدم على مستودعه ، وكشف له [ عن ] خطر ما
    ائتمنه عليه ، بعد ما سماه إماماً عند الملائكة ، فكان حظ آدم من الخير ما أراه من
    مستودع نورنا ، ولم يزل الله تعالى يخبىء النور تحت الزمان إلى أن فضل محمداً
    صلی الله عليه وسلم في ظاهر الفترات ، فدعا الناس ظاهراً وباطناً ، وندبهم سراً
    وإعلاناً ، واستدعى عليه‌السلام التنبيه على العهد الذي قدمه إلى الذر قبل النسل ، فمن


    وافقه وقبس من مصباح النور المقدم اهتدى إلى سره ، واستبان واضح أمره ، ومن
    أبلسته الغفلة استحق السخط .
    ثم انتقل النور إلى غرائزنا ، ولمع في أئمتنا ، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض ،
    فبنا النجاء ، ومنا مكنون العلم ، والينا مصير الأمور ، وبمهدينا تنقطع الحجج ، خاتمة
    الائمة ، ومنقذ الأمة ، وغاية النور ، ومصدر الأمور ، فنحن أفضل المخلوقين ،
    وأشرف الموحدين ، وحجج رب العالمين ، فليهنأ بالنعمة من تمسك بولايتنا ،
    وقبض على عروتنا . انتهى وروى شبيهاً به ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 128 ـ 130
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 5
    حدثنا الحسن بن محمد سعيد الهاشمي قال : حدثنا فرات بن إبراهيم ابن فرات
    الكوفي قال : حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني ، قال حدثني أبو الفضل
    العباس بن عبد الله البخاري ، قال حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد بن
    عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر ، قال حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي ،
    عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه
    محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن
    أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه
    مني ، قال علي عليه‌السلام فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل ؟ فقال : يا علي إن الله
    تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع
    النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك ، وإن الملائكة
    لخدامنا وخدام محبينا . يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد
    ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا ، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا
    الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة ، وقد
    سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه ، لأن أول ما خلق الله عز وجل
    خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتحميده ، ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا



    نوراً واحداً استعظموا أمرنا ، فسبحنا لتعلم الملائكة إنا خلق مخلوقون ، وإنه منزه
    عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا ، فلما شاهدوا عظم
    شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إلۤه إلا الله وأنَّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو
    دونه ، فقالوا : لا إلۤه إلا الله ، فلما شاهدوا كبر محلنا كبرَّنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من
    أن ينال عظم المحل إلا به ، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العز والقوة قلنا لا حول
    ولا قوة إلا بالله لتعلم الملائكة أن لا حول لنا ولا قوة إلا بالله ، فلما شاهدوا ما أنعم الله
    به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا الحمد الله لتعلم الملائكة ما يحق الله تعالى
    ذكره علينا من الحمد على نعمته ، فقالت الملائكة الحمد لله .
    فبنا اهتدي إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده ، ثم أن الله
    تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً .
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 117
    ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن
    أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمان بن كثير ، عن داود الرقي
    عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما أراد الله عز وجل أن يخلق الخلق خلقهم ونشرهم بين
    يديه ، ثم قال لهم : من ربكم ؟ فأول من نطق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والأئمة
    صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا : أنت ربنا ، فحمَّلهم العلم والدين ، ثم قال للملائكة :
    هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون ، ثم قيل لبني آدم
    أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة والولاية ، فقالوا نعم ربنا أقررنا ، فقال الله جل
    جلاله للملائكة : إشهدوا ، فقالت الملائكة شهدنا . . . على أن لا يقولوا غداً إنا كنا عن
    هذا غافلين ، أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما
    فعل المبطلون ، يا داود الأنبياء مؤكدة عليهم في الميثاق .


    ـ الإعتقادات للصدوق ص 67
    . . . وأن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله سيدهم وأفضلهم ، وأنه جاء بالحق وصدق المرسلين ، وأن
    الذين كذبوه لذائقوا العذاب الأليم . وأن الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور
    الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون الفائزون . ويجب أن يعتقد أن الله عز وجل لم
    يخلق خلقاً أفضل من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام ، وأنهم أحب الخلق إلى الله وأكرمهم ،
    وأولهم إقراراً به لما أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا
    بلى . وأن الله بعث نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله للأنبياء في الذر . وأن الله عز وجل أعطى ما أعطى
    كل نبي على قدر معرفته ، ومعرفة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسبقه إلى الإقرار به . ونعتقد :
    أن الله تبارك وتعالى خلق جميع الخلق له ولأهل بيته عليهم‌السلام ، وأنه لولاهم ما خلق الله
    سبحانه السماء والأرض ولا الجنة ولا النار ولا آدم ولا حواء ولا الملائكة ، ولا شيئاً
    مما خلق ، صلوات الله عليهم أجمعين . انتهى .
    وقد أوردنا في فصل الفطرة تحت عنوان : عوالم وجود الإنسان ، عدداً من
    أحاديث خلق نور النبي وآله صلى الله عليه وعليهم قبل الخلق .
    خط الفطرة لم ينقطع من ذرية إبراهيم
    ـ بحار الأنوار ج 15 ص 117
    بيان : اتفقت الإمامية رضوان الله عليهم على أن والدي الرسول وكل أجداده إلى
    آدم عليه‌السلام كانوا مسلمين ، بل كانوا من الصديقين : إما أنبياء مرسلين ، أو أوصياء
    معصومين ، ولعل بعضهم لم يظهر الإسلام لتقية أو لمصلحة دينية . . . .
    ورووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام
    المطهرات ، حتى أخرجني في عالمكم هذا ، لم يدنسني بدنس الجاهلية . ولو كان
    من آبائه عليه‌السلام كافر لم يصف جميعهم بالطهارة ، مع قوله سبحانه : إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ
    نَجَسٌ . . . .
    وهذا المسلك ذهبت إليه طائفة ، منهم الإمام فخر الدين الرازي فقال في كتابه



    أسرار التنزيل ما نصه : قيل : إن آزر لم يكن والد إبراهيم بل كان عمه واحتجوا
    عليه بوجوه :
    منها ، أن آباء الأنبياء ما كانوا كفاراً ، ويدل عليه وجوه : منها قوله تعالى : الَّذِي
    يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ . وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ . . . .
    الثانية : أن الأحاديث والآثار دلت على أنه لم تخل الأرض من عهد نوح عليه‌السلام إلى
    بعثة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن تقوم الساعة من ناس على الفطرة يعبدون الله ويوحدونه
    ويصلون له ، وبهم تحفظ الأرض ، ولولاهم لهلكت الأرض ومن عليها . . . .
    وأما المخالفون : فذهب أكثرهم إلى كفر والدي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وكثير من أجداده
    كعبد المطلب وهاشم وعبد مناف صلوات الله عليهم اجمعين ، وإجماعنا وأخبارنا
    متظافرة . . . . وقال في هامشه :
    وذهب بعضهم إلى إيمان والديه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأجداده ، واستدلوا عليه بالكتاب والسنة ،
    منهم السيوطي ، قال في كتاب مسالك الحنفاء : المسلك الثاني أنهما أي عبد الله
    وآمنة لم يثبت عنهما شرك ، بل كانا على الحنيفية دين جدهما إبراهيم على نبينا
    وعليه الصلاة والسلام . . . .
    ثم قال ( السيوطي ) وعندي في نصرة هذا المسلك وما ذهب إليه الإمام فخر
    الدين أمور : أحدها دليل استنبطه مركب من مقدمتين .
    الأولى : أن الأحاديث الصحيحة دلت على أن كل أصل من أصول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من
    آدم عليه‌السلام إلى أبيه عبد الله ، فهو خير أهل قرنه وأفضلهم ، ولا أحد في قرنه ذلك خير
    منه ولا أفضل .
    الثانية : إن الأحاديث والآثار دلت على أنه لم تخل الأرض من عهد نوح عليه‌السلام أو
    آدم عليه‌السلام إلى بعثة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن تقوم الساعة من ناس على الفطرة يعبدون الله
    ويوحدونه ويصلون له ، وبهم تحفظ الأرض ولولا هم لهلكت الأرض ومن عليها ،


    وإذا قرنت بين هاتين المقدمتين أنتج منهما قطعاً أن آباء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن فيهم
    مشرك ، لأنه ثبت في كل منهم أنه خير قرنه . . . . ( ثم ذكر عن السيوطي آيات
    وأحاديث لإثبات ذلك منها ) : ما ورد في تفسير قوله تعالى : وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي
    عَقِبِهِ ، تدل على أن التوحيد كان باقياً في ذرية إبراهيم عليه‌السلام ولم يزل ناس من ذريته
    على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى تقوم الساعة . . . .
    فحصل مما أوردناه أن آباء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من عهد إبراهيم إلى كعب بن لؤي كانوا
    كلهم على دين إبراهيم عليه‌السلام . . . .
    ـ الدر المنثور ج 3 ص 341
    وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن علي رضي‌الله‌عنه قال قالت سارة رضي الله عنها لما بشرتها
    الملائكة عليهم‌السلام يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشئ عجيب ، فقالت
    الملائكة ترد على سارة : أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه
    حميد مجيد ، قال فهو كقوله : وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ، بمحمد صلی الله عليه
    وسلم من عقب إبراهيم .
    ـ الدر المنثور ج 4 ص 87
    وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي‌الله‌عنه في قوله : رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن
    ذُرِّيَّتِي ، قال فلن يزال من ذرية إبراهيم عليه‌السلام ناس على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى
    تقوم الساعة .
    ـ الدر المنثور ج 6 ص 16
    وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة : وجعلها كلمة باقية في عقبه ، قال : في الإسلام
    أوصى بها ولده .
    وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد : وجعلها كلمة باقية في عقبه ،
    قال : الإخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يقولها من بعده .


    وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس : وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ، قال : لا إله إلا
    الله ، في عقبه : قال عقب إبراهيم ولده .
    عمار علم الثابتين على الفطرة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    ـ بحار الأنوار ج 22 ص 320
    لي : بهذا الإسناد عن إبراهيم بن الحكم ، عن عبيد الله بن موسى ، عن سعد بن
    أوس ، عن بلال بن يحيى العبسي قال : لما قتل عمار ( كذا والصحيح عثمان ) أتوا
    حذيفة فقالوا : يا عبد الله قتل هذا الرجل وقد اختلف الناس ، فما تقول ؟ قال إذا أتيتم
    فأجلسوني ، قال : فأسندوه إلى صدر رجل منهم فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :
    أبو اليقظان على الفطرة ثلاث مرات ، لن يدعها حتى يموت . انتهى . ورواه في بحار
    الأنوار ج 33 ص 9
    ـ شرح الأخبار ج 1 ص 412
    أبو أحمد بإسناده عن حذيفة بن اليمان ، أنه لما احتضر قيل له أوصنا ، فقال : أما
    إذا قلتم ذلك فأسندوني ، فأسندوه فقال : سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله
    يقول : أبو اليقظان على الفطرة لا يدعها ثلاث مرات ، لا يدعها حتى يموت .
    ـ روضة الواعظين للنيسابوري ص 286
    . . . . وقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أبو اليقظان على الفطرة ثلاث مرات لن
    يدعها حتى يموت ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما .
    ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 393
    . . . عن عائشة أنها قالت : أنظروا عمار بن ياسر فإنه يموت على الفطرة ، إلا أن
    تدركه هفوة من كبر . صحيح الإسناد .
    . . . . عن قيس بن أبي حازم قال قال عبد الله : ما أعلم أحداً خرج في الفتنة يريد به
    وجه الله تعالى والدار الآخرة إلا عمار بن ياسر . صحيح الإسناد .


    ـ مجمع الزوائد ج 9 ص 295
    وعن بلال بن يحيى قال لما قتل عثمان رضي‌الله‌عنه أتى حذيفة فقيل له يا أبا عبد الله قتل
    هذا الرجل ، وقد اختلف الناس فما تقول ؟ قال أسندوني فأسندوه إلى ظهر رجل
    فقال : سمعت رسول الله صلی الله عليه وسلم يقول : أبو اليقظان على الفطرة لا
    يدعها حتى يموت أو يمسه الهرم . رواه البزار والطبراني في الأوسط باختصار ،
    ورجالهما ثقات .
    ـ كنز العمال ج 11 ص 723
    أبو اليقظان على الفطرة ، أبو اليقظان على الفطرة ، أبو اليقظان على الفطرة ، لا
    يدعها حتى يموت أو يمسه الهرم . ن ، وابن سعد ، عد وضعفه ، عن حذيفة .
    ـ كنز العمال ج 13 ص 532 و 537
    عن حذيفة قال : إن عماراً لا تصيبه الفتنة حتى يخرف ، سمعت رسول الله صلی
    الله عليه وسلم يقول : أبو اليقظان على الفطرة لم يدعها حتى يموت ، أو ينسيه الهرم .
    كر . انتهى .
    ملاحظة : من واضحات تاريخنا الإسلامي أن عمار بن ياسر رضي‌الله‌عنه وقف بعد
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع علي عليه‌السلام في مواجهة بيعة السقيفة ، ثم في عهد أبي بكر وعمر ،
    وأحداث خلافة عثمان ، وكان عمار من قادة جيش علي عليه‌السلام في حرب الجمل وله
    فيها مواقف سجلها التاريخ ، ومنها مواقف مع عائشة ، ثم ختم الله له بالشهادة تحت
    راية علي في صفين ، وقتلته فئة معاوية الباغية كما أخبر بذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . . ولذلك لا
    يشك الإنسان بأن جعل النبي عماراً علماً على خط الفطرة من بعده ، يعني جعله
    علياً عليه‌السلام علماً للأمة ، وتأكيده بأن خط علي من بعده هو خط الفطرة .
    ومن الطبيعي أن تكون مواقف عمار إلى جانب علي ثقيلة على عائشة وعلى
    قريش ، وأن لا يرووا في حقه مثل هذه الشهادة النبوية التي تدينهم ، ولكنها كانت
    شهادة معروفة بين المسلمين ، ومن هنا أدخل خصوم علي عليه‌السلام في روايتها غمغمة



    واستثناءات وشروطاً لغرض إحباط مفعولها !
    ويدل على بطلان هذه الإضافات أن الشهادة النبوية وردت في حق عمار مطلقة
    بنصوص صحيحة عندنا وعند إخواننا وليس فيها تلك الإستثناءات . مضافاً إلى أن
    طبيعة مثل هذه الشهادة لا تقبل الإستثناء ، لأنه يؤدي إلى نسبة التناقض إلى
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث يشهد لشخص بأنه على الفطرة حتى يموت ، ويجعله علماً لأمته من
    بعده ويأمرهم بأن يكونوا في خطه ، ثم يستثني من ذلك ويشترط شرطاً مبهماً يبطل
    كلامه الأول ، ويوقع الأمة في الشك والريب ! !
    ـ وقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 243 حديثاً يدل على مدى تأثير هذه
    الشهادة النبوية ومدى حسد قريش لعلي عليه‌السلام قال :
    وعن سيار أبي الحكم قال : قالت بنو عبس لحذيفة : إن أمير المؤمنين عثمان قد
    قتل فما تأمرنا ؟ قال آمركم أن تلزموا عماراً . قالوا إن عماراً لا يفارق علياً ! قال إن
    الحسد هو أهلك الجسد وإنما ينفركم من عمار قربه من علي ؟ ! فوالله لعلي أفضل
    من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب ، وإن عماراً لمن الأحباب . وهو يعلم أنهم إن
    لزموا عماراً كانوا مع علي . رواه الطبراني ورجاله ثقات ، إلا أني لم أعرف الرجل
    المبهم . انتهى . ولا يبعد أن يكون إسم بني عبس وضع في هذه الرواية بدل قريش
    لأن حسدة بني هاشم الذين عناهم حذيفة والذين تحدث عنهم القرآن هم قبائل
    قريش ، وليسوا بني عبس أو تميم .
    علي عليه‌السلام إمام الثابتين على الفطرة
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 105
    ومن كلام له عليه السلام لأصحابه : أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم
    مندحق البطن يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه ، ألا وإنه سيأمركم


    بسبي والبراءة مني ، فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة ، وأما البراءة فلا
    تتبرؤوا مني فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة .
    ـ شرح الأخبار ج 1 ص 159
    عن الشعبي أنه كان يقول : سمعت رشيد الهجري والحارث الأعور الهمداني
    وصعصعة بن صوحان العبدي وسالم بن دينار الأزدي ، كلهم يذكرون أنهم سمعوا
    علي بن أبي طالب عليه‌السلام على منبر الكوفة يقول في خطبته : يا معشر أهل الكوفة ، والله
    لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن الله عليكم أقواماً أنتم أولى بالحق منهم ،
    فيعذبكم الله بهم ثم يعذبهم بما شاء من عنده ، أَوَ من قتلة بالسيف تفرون إلى الموت
    على الفراش . فإني أشهد إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن معالجة ملك الموت
    لأشد من ضربة ألف سيف ، أخبرني جبرئيل يا علي إنه يصيبكم بعدي أَثَرةٌ وزلزال ،
    فعليكم بالصبر الجميل .
    وقال لي أيضاً : قضاء مقضي على لسان النبي الأمي : إنه لا يبغضك يا علي مؤمن
    ولا يحبك كافر ، وقد خاب من حمل ظلماً وافترى . ثم جعل يقول لنفسه : يا علي
    إنك ميت مقتول ، بل مقتول إن شاء الله ، فما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من هذا ،
    ثم أمرَّ يده اليمنى على لحيته ، ثم وضعها على رأسه ، ثم قال : أما لقد رأيت في
    منامي أنه يهلك في اثنان ولا ذنب لي : محب غالٍ ، ومبغض قالٍ . ثم قال : إلا أنكم
    ستعرضون على البراءة مني فلا تتبرأوا مني ، فإن صاحبكم والله على فطرة الله التي
    فطر الناس عليها . ثم نزل عن المنبر .
    ـ شرح الأخبار ج 1 ص 169
    . . . . ثم قال : سيظهر عليكم بعدي رجل وإنه سيعرضكم على سبي والبراءة مني ،
    فإن خفتموه فسبوني فإنما هي زكاة ونجاة ، وإن سألكم البراءة مني فلا تبرؤوا مني
    فإني على الفطرة .


    ثم قال : يكون بعدي أئمة يأمرونكم بسبي والبراءة مني ، أما السب فسبوني ، ولا
    تتبرؤوا مني فإني ولدت على الفطرة وأموت على الفطرة إن شاء الله .
    ـ بحار الأنوار ج 36 ص 350
    عن سعيد بن المسيب قال : سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن علي بن أبي طالب
    فقال له ابن عباس : إن علي بن أبي طالب صلى القبلتين وبايع البيعتين ، ولم يعبد
    صنماً ولا وثناً ، ولم يضرب على رأسه بزلم ولا قدح ، ولد على الفطرة ولم يشرك
    بالله طرفة عين . فقال الرجل : إني لم أسألك عن هذا إنما أسألك عن حمله سيفه
    على عاتقه يختال به حتى أتى البصرة فقتل بها أربعين ألفاً ، ثم سار إلى الشام فلقي
    حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم ، ثم أتى النهروان وهم مسلمون
    فقتلهم عن آخرهم !
    فقال له ابن عباس : أعليٌّ أعلم عندك أم أنا ؟ فقال : لو كان علي أعلم عندي منك
    ما سألتك !
    قال : فغضب ابن عباس حتى اشتد غضبه ثم قال : ثكلتك أمك عليٌّ علمني ،
    وكان علمه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورسول الله علمه الله من فوق عرشه ، فعلم النبي من
    علم الله وعلم علي من علم النبي وعلمي من علم علي ، وعلم أصحاب محمد كلهم
    في علم علي كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر ! !
    ـ بحار الأنوار ج 43 ص 316
    ما : بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه قال :
    إلا أنكم ستعرضون على سبي ، فإن خفتم على أنفسكم فسبوني ، إلا وأنكم
    ستعرضون على البراءة مني فلا تفعلوا فإني على الفطرة . . . .
    فإن قيل : كيف علل نهيه لهم من البراءة منه بقوله : فإني ولدت على الفطرة ، فإن
    هذا التعليل لا يختص به لأن كل ولد يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه وينصرانه ؟
    والجواب : أنه علل نهيه لهم عن البراءة منه بمجموع أمور وهو كونه ولد على


    الفطرة وسبق إلى الإيمان والهجرة ، ولم يعلل بآحاد هذا المجموع . ومراده هنا
    بالولادة على الفطرة أنه لم يولد في الجاهلية لأنه ولد لثلاثين عاماً مضت من عام
    الفيل ، والنبي أرسل لأربعين مضت من عام الفيل ، وقد جاء في الأخبار الصحيحة
    أنه مكث قبل الرسالة سنين عشراً يسمع الصوت ويرى الضوء ولا يخاطبه أحد ،
    وكان ذلك إرهاصاً لرسالته ، فحكم تلك السنين العشر حكم أيام رسالته صلى‌الله‌عليه‌وآله فالمولود
    فيها إذا كان في حجره وهو المتولي لتربيته مولود في أيام كأيام النبوة ، وليس بمولود
    في جاهلية محضة ، ففارقت حاله حال من يدعى له من الصحابة مماثلته في الفضل .
    وقد روي أن السنة التي ولد فيها هذه السنة التي بدئ فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأسمع
    الهتاف من الأحجار والأشجار وكشف عن بصره ، فشاهد أنواراً وأشخاصاً ولم
    يخاطب منها بشئ ، وهذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل والإنقطاع والعزلة
    في جبل حراء ، فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة وأنزل عليه الوحي ، وكان رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتيمن بتلك السنة وبولادة علي عليه‌السلام فيها ، ويسميها سنة الخير وسنة البركة ،
    وقال لأهله ليلة ولادته وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات والقدرة الإلۤهية ولم يكن
    من قبلها شاهد من ذلك شيئاً : لقد ولد لنا مولود يفتح الله علينا به أبواباً كثيرة من
    النعمة والرحمة . وكان كما قال صلوات الله عليه ، فإنه كان ناصره والمحامي
    عنه وكاشف الغم عن وجهه ، وبسيفه ثبت دين الإسلام ورست دعائمه وتمهدت
    قواعده .
    وفي المسألة تفصيل آخر ، وهو أن يعني بقوله : فإني ولدت على الفطرة التي لم
    تتغير ولم تحل ، وذلك أن معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة ، أن كل
    مولود فإن الله تعالى قد هيأه بالعقل الذي خلقه فيه وبصحة الحواس والمشاعر لأن
    يتعلم التوحيد والعدل ، ولم يجعل فيه مانعاً يمنعه من ذلك ، ولكن التربية والعقيدة
    في الوالدين والألف لاعتقادهما وحسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه ، وأمير
    المؤمنين عليه‌السلام دون غيره ولد على الفطرة التي لم تحل ، ولم يصد عن مقتضاها مانع ،



    لا من جانب الأبوين ولا من جهة غيرهما .
    وغيره ولد على الفطرة ولكنه حال عن مقتضاها وزال عن موجبها .
    ويمكن أن يفسر أنه أراد بالفطرة العصمة ، وأنه منذ ولد لم يواقع قبيحاً ولا كان
    كافراً طرفة عين ، ولا مخطئاً ولا غالطاً في شيء من الأشياء المتعلقة بالدين وهذا
    تفسير الإمامية . انتهى .
    أقول : التفسيران الأخيران اللذان ذكرهما المجلسي رحمه‌الله متحدان ، لأن قصد أمير
    المؤمنين عليه‌السلام والله أعلم ، إني ولدت على فطرة الله الصافية ولم أدنسها بعبادة وثن ولا
    بارتكاب ذنب ، وسبقت إلى الإيمان بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والوقوف معه والهجرة معه . .
    ولا شك أن فطرة الله تعالى التي خلق عليها وليه ووزير رسوله صلى الله عليهما
    أرقى من الفطرة العادية التي يولد عليها كل مولود ، فالنبي وآله خيرة الله تعالى
    وفطرتهم خيرة الفطر ، وقد ورد في الدعاء : يا دائم الفضل على البرية ، يا باسط
    اليدين بالعطية ، يا صاحب المواهب السنية ، صل على محمد وآله خير الورى
    سجية ، واغفر لنا يا ذا العلى في هذه العشية .
    وتوجد هنا مسألتان في هذا الحديث يناسب التعرض لهما ، وإن كان محلهما
    باب الإمامة .
    المسألة الأولى : أن الفرق بين السب والبراءة من وجهين :
    أولهما ، أن البعد السياسي في السب أقوى وأظهر منه في البراءة ، والبعد
    العقائدي في البراءة أقوى وأظهر . فالخطر العقائدي على المسلمين في البراءة أكثر ،
    بينما سب السلطة له عليه‌السلام وإجبارها المسلمين على ذلك لا تصل خطورته إلى خطورة
    البراءة ، وإن كان فيه خطر كبير على أجيال المسلمين .
    ولعل هذا هو مقصود الفقهاء الذين اعتبروا أن البراءة شهادة بالكفر بعكس السب
    واللعن ، قال السيد الگلپايگاني رحمه‌الله في الدر النضيد ج 2 ص 253 : ولعل الفرق بين
    السب والبراءة حيث أمر بالأول ونهى عن الثاني ، أن السب صادر بالنسبة إلى المسلم


    أيضاً ، بخلاف البراءة فإنها تكون عن المشركين والكافرين ، كما قال الله تعالى : بَرَاءَةٌ
    مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ . وكان من كان يأمر بالبراءة عن
    الإمام عليه‌السلام يريد أن يجعل الإمام في عداد المشركين والخارجين عن الدين ، ومن كان
    يتبرأ منه صلوات الله عليه يعده من الكفار ، وبهذه المناسبة علل الإمام عليه‌السلام نهيه عن
    البراءة بقوله : فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة ، وعلى هذا فلو
    أكره على السب فسب فلا شيء عليه ، بل وربما كان محموداً على فعله كما يشهد
    بذلك حكاية عمار ونزول الآية الكريمة : مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ
    مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ . انتهى .
    والفرق الثاني ، أن الحق الشخصي في السب أقوى منه في البراءة ، فالحق العام
    في السب وإن كان عظيماً بسبب أنه ظلم وعدوان على وصي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يمثل
    دين الله تعالى ، ولكن فيه حقاً شخصياً أيضاً لأنه ظلم وعدوان على شخص علي عليه‌السلام
    وباعتبار هذا الحق الشخصي كان له عليه‌السلام أن يجعل المؤمنين في حل عند الضرورة
    بخلاف البراءة منه . فكأنه عليه‌السلام قال : بما أن السب مركب من حقين ، فأنتم في حل من
    حقي ، ويبقى حق الله تعالى فهو حكم شرعي بينكم وبينه ، وهو تعالى يجيزه عند
    الضرورة . أما البراءة فحقها الإلۤهي غالب ، لأن البراءة مني براءة من الفطرة النقية التي
    أنا عليها ، وبراءة من إيماني بالله ورسوله وجهادي وهجرتي ، فلا أستطيع أن أجعلكم
    في حل منها ، بل يجري عليها الحكم الشرعي .
    والمسألة الثانية : أن فقهاءنا رضوان الله عليهم أفتوا بجواز البراءة عند الضرورة
    المهمة كالخوف من القتل ، ولم يفت أحد منهم بوجوب تحمل القتل للتخلص من
    البراءة ، إلا ما يظهر من المفيد كما سيأتي ، وذلك لأنه لم يثبت عندهم النص الذي
    تضمن النهي عن البراءة ، بل رووا تكذيب حديث علي عليه‌السلام فقد روى الحميري في
    قرب الإسناد ص 12 :


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:40 pm

    ـ عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، قال قيل له : إن الناس يروون أن
    علياً عليه‌السلام قال على منبر الكوفة : أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ، ثم
    ستدعون إلى البراءة مني ، وإني لعلى دين محمد . ولم يقل وتبرؤوا مني ، فقال له
    السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة منه ؟
    فقال : والله ما ذلك عليه ، وما له إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل
    مكة وقلبه مطمئن بالإيمان ، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه : إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ
    بِالْإِيمَانِ ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عندها : يا عمار إن عادوا فعد ، فقد أنزل الله عز وجل
    عذرك في الكتاب وأمرك ان تعود إن عادوا . انتهى . وقد أفتى بهذا الحديث ابن
    إدريس في السرائر ج 3 ص 624 وأكثر فقهائنا .
    لكن اختلفوا في أن أيهما أرجح ، ولعل الذين ثبت عندهم النهي عن البراءة
    حملوه على كراهة البراءة وترجيح تحمل القتل عليها ، ويشهد له ما رواه في وسائل
    الشيعة ج 11 ص 475 عن الكشي في رجاله عن جبرئيل بن أحمد ، عن محمد بن
    عبد الله بن مهران ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن علي بن محمد عن يوسف بن
    عمران الميثمي قال : سمعت ميثم النهرواني يقول : دعاني أمير المؤمنين علي بن
    أبي طالب عليه‌السلام وقال : كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية عبيد الله بن زياد إلى
    البراءة مني ؟
    فقلت : يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك ؟
    قال : إذاً والله يقتلك ويصلبك .
    قلت : أصبر فذاك في الله قليل !
    فقال : يا ميثم إذا تكون معي في درجتي . . الحديث . انتهى . وقال في الوسائل :
    رواه الراوندي في الخرائج والجرائح عن عمران عن أبيه ميثم .
    وفي المقابل توجد روايات يفهم منها ترجيح التقية والبراءة ، ففي الوسائل ج 11


    ص 475 . . . . عن عبد الله بن عطاء قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجلان من أهل الكوفة
    أخذا فقيل لهما إبرآ من أمير المؤمنين عليه‌السلام فبرىٔ واحد منهما وأبى الآخر ، فخلي
    سبيل الذي برىء وقتل الآخر ، فقال : أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه ، وأما الذي
    لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة .
    ولعل تعارض روايات الترجيح جعل السيد الخوئي رحمه‌الله يفتي بتخيير المكلف
    وعدم ترجيح أي من التقية أو الشهادة ، قال في مستند العروة ( التنقيح ) ج 4 ص 264 :
    وقد يقال إن ترك التقية أرجح من التقية بإظهار التبرئ منه عليه‌السلام وعليه فيكون المقام من
    موارد التقية المكروهة والمرجوحة ، وإذا قلنا بعكس ذلك وإن التقية بإظهار التبرئ
    أرجح من تركها فيكون المقام مثالاً للتقية المستحبة لا محالة . والصحيح أن الأمرين
    متساويان ولا دلالة لشئ من الروايات على أرجحية أحدهما عن الآخر ، أما رواية
    عبد الله بن عطاء فلأنها إنما دلت على أن من ترك التقية فقتل فقد تعجل إلى الجنة ،
    ولا دلالة لذلك على أن ترك التقية باختيار القتل أرجح من فعلها ، وذلك لأن
    العامل بالتقية أيضاً من أهل الجنة وإنما لم يتعجل بل تأجل ، فلا يستفاد منه إلا
    تساويهما . انتهى .
    لكن يبدو من المفيد رحمه‌الله أنه يفتي بحرمة البراءة ووجوب تحمل القتل ، فقد عبر
    عن حديث نهج البلاغة بأنه مستفيض ، وفيه نهي مشدد عن البراءة ، قال في الإرشاد
    ج 1 ص 322 :
    ومن ذلك ما استفاض عنه عليه‌السلام من قوله : إنكم ستعرضون من بعدي على سبي
    فسبوني ، فإن عرض عليكم البراءة مني فلا تبرؤوا مني فإني ولدت على الإسلام ،
    فمن عرض عليه البراءة مني فليمدد عنقه ، فمن تبرأ مني فلا دنيا له ولا آخرة ، وكان
    الأمر ذلك كما قال عليه‌السلام . انتهى .
    وقد رد الشيخ الأنصاري على القول بوجوب تحمل القتل ، فقال في المكاسب ص



    325 : بل عن المفيد في الإرشاد أنه قد استفاض عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال :
    ستعرضون من بعدي على سبي فسبوني ، ومن عرض عليه البراءة فليمدد عنقه ،
    فإن برأ مني فلا دنيا له ولا آخرة . وظاهرها حرمة التقية فيها كالدماء ، ويمكن حملها
    على أن المراد الإستمالة والترغيب إلى الرجوع حقيقة عن التشيع إلى النصب ،
    مضافاً إلى أن المروي في بعض الروايات أن النهي من التبري مكذوب على أمير
    المؤمنين عليه‌السلام وأنه لم ينه عنه . انتهى .
    وذكر السيد الگلپايگاني أنه قد يجب العمل بالتقية أحياناً فلا بد من ملاحظة
    المصالح والمفاسد ، قال رحمه‌الله في الدر النضيد ج 4 ص 253 :
    قلت : بل وربما يستفاد منه ( حديث مسعدة ) ومن غيره أن الأفضل له ذلك وإن
    كان لو لم يجبهم إلى ذلك ولم يسب وقتل لذلك لم يكن آثماً ومؤاخذاً عليه ، بل هو
    مأجور وقد تعجل إلى جنات النعيم وإلى جوار الله رب العالمين ، على حسب ما ورد
    في بعض الروايات ، إلا أن التقية أفضل . ومع ذلك كله لا بد من ملاحظة المصالح
    والمفاسد والعمل على وفقها ، فربما يترتب على ترك التقية وعلى قتله مثلاً مفاسد
    عظيمة ، فهنا لا بد له من التقية . انتهى .
    ولا يبعد أن يكون أصل الحكم في المسألة جواز الأمرين للمكلف ، وأنه قد يطرأ
    عنوان من المصلحة أو المفسدة الملزمة فيوجب اختيار التقية أو اختيار تحمل
    الشهادة . ويكون تشخيص ذلك راجعاً إلى المكلف نفسه ، أو الى أهل الخبرة .
    ولاية علي عليه‌السلام علامة على صحة الفطرة وطيب المولد
    ـ شرح الأخبار ج 3 ص 449
    . . . . عمران بن ميثم قال : دخلت على حبابة الوالبية فسمعتها تقول : والله ما أحد
    على الفطرة إلا نحن وشيعتنا ، والناس براء . وهذا صحيح لأن من لم يكن من شيعة
    محمد وآل محمد فهو من عدوهم ، وقال الله تعالى : هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ،


    ومن كان عدواً لمحمد وآله لم يكن على فطرة الإسلام . انتهى . وروى نحوه في ج 3
    ص 573
    ـ وسائل الشيعة ج 20 ص 160
    أقول : وفي الكشي ، عن محمد بن مسعود بإسناده عن عمران بن ميثم قال :
    دخلت أنا وعباية الأسدي على امرأة من بني أسد يقال لها حبابة الوالبية ، فقال لها
    عباية : تدرين من هذا الشاب الذي هو معي ؟ قالت : لا ، قال : مه ابن أخيك ميثم .
    قالت : إي والله إي والله ، ثم قالت : ألا أحدثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله
    الحسين بن علي عليهم‌السلام قلنا بلى ، قالت : سمعت الحسين بن علي عليه‌السلام يقول : نحن
    وشيعتنا على الفطرة التي بعث الله عليها محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله وسائر الناس منها براء .
    ـ مناقب أمير المؤمنين ج 1 ص 226
    . . . . سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يا علي أنت وشيعتك على الفطرة ، وسائر
    الناس منهم براء .
    ـ بحار الأنوار ج 67 ص 23
    . . . . يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، قيل من نور الفطرة إلى فساد الإستعداد ،
    وفي الكافي عن الصادق عليه‌السلام : النور آل محمد ، والظلمات عدوهم .
    ـ تهذيب الأحكام ج 4 ص 145
    . . . . عن الحرث بن المغيرة النصري قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فجلست
    عنده ، فإذا نجية قد استأذن عليه فأذن له ، فدخل فجثى على ركبتيه ثم قال : جعلت
    فداك إني أريد أن أسألك عن مسألة والله ما أريد بها إلا فكاك رقبتي من النار ، فكأنه
    رق له فاستوى جالساً فقال له . . . . وقال : يا نجية ما على فطرة إبراهيم عليهم‌السلام غيرنا
    وغير شيعتنا . انتهى . وروى نحوه في الإختصاص ص 107 عن الإمام زين العابدين عليه‌السلام .



    ـ بحار الأنوار ج 3 ص 276
    فس : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن جعفر
    بن بشير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : فَأَقِمْ
    وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ، قال : الولاية .
    كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن جعفر بن بشير ،
    عن علي بن حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عز
    وجل : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، قال : هي الولاية .
    انتهى . ورواه أيضاً في ج 23 ص 365
    ـ تفسير القمي ج 2 ص 154 و155
    حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال حدثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن
    جده محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام في قوله : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، قال :
    هو لا إلۤه إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين ولي الله ، إلى هاهنا التوحيد .
    ـ التوحيد للصدوق ص 328
    حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن
    الصفار ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن الحسن بن يونس ، عن عبد الرحمن بن
    كثير مولى جعفر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
    عَلَيْهَا ، قال : التوحيد ، ومحمد رسول الله ، وعلي أمير المؤمنين . انتهى . ورواه فرات
    الكوفي في تفسيره ص 322 والمجلسي في بحار الأنوار ج 3 ص 276 وج 26 ص 277
    والحويزي في نور الثقلين ج 4 ص 182
    ـ وفي بصائر الدرجات ص 78 :
    أحمد بن موسى ، عن الحسين بن موسى الخشاب ، عن علي بن حسان ، عن
    عبد الرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ،
    قال : فقال : على التوحيد ، ومحمد رسول الله ، وعلي أمير المؤمنين .


    ـ وفي بحار الأنوار ج 3 ص 276
    شي : عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ
    أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ، قال : الصبغة معرفة أمير المؤمنين عليه‌السلام بالولاية في الميثاق .
    ـ وفي المحاسن ج 1 ص 138
    عن أبي عبد الله المدايني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا برد على قلب أحدكم حبنا
    فليحمد الله على أولى النعم ، قلت : على فطرة الإسلام ؟ قال : لا ، ولكن على طيب
    المولد ، إنه لا يحبنا إلا من طابت ولادته ، ولا يبغضنا إلا الملزق الذي تأتي به أمه من
    رجل آخر فتلزقه زوجها ، فيطلع على عوراتهم ويرثهم أموالهم فلا يحبنا ذلك أبداً ،
    ولا يحبنا إلا من كان صفوة ، من أي الجِبَل كان . انتهى ، والجِبَل هي الجِبِلَّات ، جمع
    جِبِلَّة . انتهى . ورواه في بحار الأنوار ج 27 ص 152
    ـ مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 11
    وقال آخر :
    أحب النبي وآل النبي
    لأني ولدت على الفطرة

    إذا شك في ولد والد
    فآيته البغض للعترة

    ـ ثواب الأعمال ص 174
    أبي رحمه‌الله قال حدثني سعد بن عبد الله ، قال حدثني الحسن بن موسى الخشاب ،
    عن عقيل بن المتوكل المكي ، يرفعه عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن جده عليهم‌السلام
    قال : من صاغ خاتماً عقيقاً فنقش فيه ( محمد نبي الله وعلي ولي الله ) وقاه الله ميتة
    السوء ولم يمت إلا على الفطرة . ورواه في وسائل الشيعة ج 3 ص 403
     





    الفصل الثاني
    وجوب المعرفة والنظر
    وجوب معرفة الله تعالى ومنشؤها
    وجوب معرفة الله تعالى وأنها أساس الدين
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 14
    أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ،
    وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل
    صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة . . . .
    ـ الهداية للصدوق ص 1
    يجب أن يعتقد أن الله تعالى واحد ليس كمثله شيء لا يحد ولا يحس ولا يجس ،
    ولا يدرك بالأوهام والأبصار ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، شاهد كل نجوى ، ومحيط
    بكل شيء ، لا يوصف بجسم ولا صورة ولا جوهر ولا عرض ولا سكون ولا حركة



    ولا صعود ولا هبوط ولا قيام ولا قعود ولا ثقل ولا خفة ولا جيئة ولا ذهاب ولا مكان
    ولا زمان ولا طول ولا عرض ولا عمق ولا فوق ولا أسفل ولا يمين ولا شمال ولا وراء
    ولا أمام ، وأنه لم يزل ولا يزال سميعاً بصيراً حكيماً عليماً حياً قيوماً قدوساً عزيزاً
    أحداً فرداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، وأنه شيء ليس كمثله شيء
    وخارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه ، خالق كل شيء ، لا إله إلا هو ، لا
    تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وهو اللطيف الخبير .
    وقال عليه‌السلام : من زعم أن الله تعالى من شيء أو في شيء أو على شيء فقد أشرك ،
    ثم قال عليه‌السلام : من زعم أن الله تعالى من شيء فقد جعله محدثاً ، ومن زعم أنه في شئ
    فقد زعم أنه محصور ومن زعم أنه على شيء فقد جعله محمولاً .
    وقال في هامشه :
    قال الصدوق في رسالة الإعتقادات بعد أن ذكر نحواً مما ذكر ما نصه : من قال
    بالتشبيه فهو مشرك ، ومن نسب إلى الإمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب ،
    وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوع مخترع ، وكل حديث لا يوافق
    كتاب الله فهو باطل ، وإن وجد في كتب علمائنا فهو مدلس ، والأخبار التي يتوسمها
    الجهال تشبيهاً لله تعالى بخلقه فمعانيها محمولة على ما في القرآن من نظائرها . . . .
    ـ الإقتصاد للشيخ الطوسی ص 4
    الذي يلزم المكلف أمران : علم ، وعمل . فالعمل تابع للعلم ومبني عليه . والذي
    يلزم العلم به أمران : التوحيد ، والعدل .
    فالعلم بالتوحيد لا يتكامل إلا بمعرفة خمسة أشياء : أحدها معرفة ما يتوصل به
    إلى معرفة الله تعالى ، والثاني معرفة الله على جميع صفاته ، والثالث معرفة كيفية
    استحقاقه لتلك الصفات ، الرابع معرفة ما يجوز عليه وما لا يجوز ، الخامس معرفته
    بأنه واحد لا ثاني له في القدم .


    معرفة الله تعالى وتوحيده نصف الدين
    ـ التوحيد للصدوق ص 68
    حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدثنا
    علي بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء عن علي بن موسى الرضا ، عن
    أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : التوحيد نصف الدين ،
    واستنزلوا الرزق بالصدقة . انتهى . ورواه في دعائم الإسلام ج 1 ص 13
    لا تتحقق العبادة إلا بالمعرفة
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 9
    ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن
    الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن عبد الكريم بن عبد الله ، عن سلمة ابن عطاء ، عن
    أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خرج الحسين بن علي عليهما‌السلام على أصحابه فقال : أيها الناس إن
    الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا
    بعبادته عن عبادة من سواه . . . .
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 13
    ـ حدثنا محمد بن الشيباني رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال :
    حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن
    سالم ، عن أبيه بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : وَمَا خَلَقْتُ
    الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، قال : خلقهم ليأمرهم بالعبادة ، قال : وسألته عن قول الله
    عز وجل : وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ؟ قال : ليفعلوا ما
    يستوجبون به رحمته فيرحمهم .
    ـ جواهر الكلام ج 29 ص 30
    نعم ربما قيل بالتفصيل بين من كانت عبادته من الأعمال فالتزويج أفضل منها ،



    لإطلاق ما دل على ذلك ، وبين من كانت عبادته تحصيل العلوم الدينية فهي أفضل
    منه ، لأن كمال الإنسان العلم الذي هو الغرض الأصلي من خلقته ، قال الله تعالى :
    وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، والمراد بها كما في الحديث المعرفة .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 2 ص 23
    قوله عليه‌السلام : يا من دل على ذاته بذاته .
    وهو مجمع عليه للعرفاء الشامخين والعقلاء والمتكلمين ، بل جميع إرسال
    الرسل وإنزال الكتب وإرشاد الكاملين المكملين إنما هو للإيصال إلى هذه البغية
    العظمى والغبطة الكبرى ، كما قال تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، وفي
    القدسي : خلقت الخلق لكي أعرف . . . .
    فانظر إلى جعلهم غاية العمل هي المعرفة والشهود ، ولذا فسر المفسرون
    ليعبدون بقولهم ليعرفون .
    ـ شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 189
    . . . ولا يجوز للمؤمن إنكار ذلك الشهود لأن انكاره إنكار الكتب السماوية والسنن
    النبوية والآثار الولوية ، بل هو غاية إرسال المرسلين وإرشاد الأئمة الهادين وسير
    السائرين وسلوك السالكين ، ولولاه لم يكن سماء ولا أرض ولا بسيط ولا مركب ، كما
    قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أي ليعرفون . وفي الحديث
    القدسي فخلقت الخلق لأعرف . . . .
    ـ الرواشح السماوية ص 21
    . . . لأن المعرفة غاية وجودهم وغرض خلقهم كما في قوله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ
    الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، أي ليعرفون ، ومعرفتهم بالله وباليوم الآخر لا تحصل إلا
    من طريق النبوة والرسالة لأن عقولهم غير كافية فيها ، سيما ما يتعلق منها بأحوال
    المعاد وحشر العباد فيحتاجون إلى معلم بشري . . . .


    فضل معرفة الله تعالى
    ـ الكافي ج 8 ص 247
    محمد بن سالم بن أبي سلمة ، عن أحمد بن الريان ، عن أبيه عن جميل بن دراج ،
    عن عبد الله عليه‌السلام قال : لو يعلم الناس ما في فضل معرفة الله عز وجل ما مدوا أعينهم
    إلى ما متع الله به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها ، وكانت دنياهم أقل عندهم
    مما يطوونه بأرجلهم ، ولنعموا بمعرفة الله عز وجل وتلذذوا بها تلذذ من لم يزل في
    روضات الجنان مع أولياء الله .
    إن معرفة الله عز وجل أنس من كل وحشة ، وصاحب من كل وحدة ، ونور من كل
    ظلمة ، وقوة من كل ضعف ، وشفاء من كل سقم .
    ثم قال عليه‌السلام : وقد كان قبلكم قوم يقتلون ويحرقون وينشرون بالمناشير وتضيق
    عليهم الأرض برحبها ، فما يردهم عما هم عليه شئ مما هم فيه ، من غير ترة وتروا
    من فعل ذلك بهم ولا أذى ، بل ما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ،
    فاسألوا ربكم درجاتهم واصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم .
    ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 236
    وقال عليه‌السلام : أكثر الناس معرفة أخوفهم لربه .
    الحث على مجالسة أهل المعرفة
    ـ مستدرك الوسائل ج 8 ص 328
    الكشي في الرجال : روى علي بن جعفر عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن
    الحسين عليهم‌السلام أنه كان يقول لبنيه : جالسوا أهل الدين والمعرفة ، فإن لم تقدروا عليهم
    فالوحدة آنس وأسلم ، فإن أبيتم مجالسة الناس ، فجالسوا أهل المروات ، فإنهم لا
    يرفثون في مجالسهم . انتهى . ورواه في مسائل علي بن جعفر ص 338



    فضل من مات على المعرفة
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 133
    . . . ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم . فإنه من مات منكم على فراشه وهو على
    معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته ، مات شهيداً ووقع أجره على الله ،
    واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله . وقامت النية مقام إصلاته لسيفه . وإن لكل
    شيء مدة وأجلاً .
    نعمة معرفة حمد الله وشكره
    ـ الصحيفة السجادية ج 1 ص 22
    والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ما أبلاهم من مننه
    المتتابعة ، وأسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة ، لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه ،
    وتوسعوا في رزقه فلم يشكروه ، ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الإنسانية إلى حد
    البهيمة ، فكانوا كما وصف في محكم كتابه : إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا .
    والحمد لله على ما عرَّفنا من نفسه .
    ـ الكافي ج 8 ص 394
    علي بن محمد ، عن بعض أصحابه رفعه قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا قرأ
    هذه الآية : وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا ، يقول : سبحان من لم يجعل في أحد من
    معرفه نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها ، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه
    أكثر من العلم أنه لا يدركه ، فشكر عز وجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة
    شكره ، فجعل معرفتهم بالتقصير شكراً ، كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه
    إيماناً . علماً منه أنه قدر وسع العباد فلا يجاوزون ذلك .
    نعمة معرفة كرم الله وآلائه
    ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 407
    وإن أنامتني الغفلة عن الإستعداد للقائك ، فقد نبهتني المعرفة بكرمك وآلائك ،


    وإن أوحش ما بيني وبينك فرط العصيان والطغيان ، فقد آنسني بشرى الغفران
    والرضوان .
    ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 225
    فوعزتك لو انتهرتني ما برحت عن بابك ، ولا كففت عن تملقك ، لما أُلهم قلبي
    من المعرفة بكرمك ، وسعة رحمتك ، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه ، وإلى من
    يلتجئ المخلوق إلا إلى خالقه .
    معرفة الله لا تكون إلا بالله ومن الله
    ـ مصباح المتهجد ص 582
    روى أبو حمزة الثمالي قال : كان علي بن الحسين سيد العابدين صلوات الله عليهما
    يصلي عامة الليل في شهر رمضان ، فإذا كان السحر دعا بهذا الدعاء : إلۤهي لا تؤدبني
    بعقوبتك ولا تمكر بي في حيلتك ، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك ،
    ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك ، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك ،
    ولا الذي أساء واجترأ عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك ، يا رب يا رب يا رب ، بك
    عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك ، ولولا أنت لم أدر ما أنت . . . . إلخ .
    ـ الكافي ج 1 ص 851
    علي بن محمد ، عمن ذكره ، عن أحمد بن عيسى ، عن محمد حمران ، عن
    الفضل بن السكن ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إعرفوا الله بالله ،
    والرسول بالرسالة ، وأولي الأمر بالمعروف والعدل والإحسان .
    ومعنى قوله عليه‌السلام : إعرفوا الله بالله ، يعني أن الله خلق الأشخاص والأنوار والجواهر
    والأعيان ، فالأعيان الأبدان ، والجواهر الأرواح ، وهو عز وجل لا يشبه جسماً ولا
    روحاً ، وليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر ولا سبب ، هو المتفرد بخلق
    الأرواح والأجسام فإذا نفى عنه الشبهين : شبه الأبدان وشبه الأرواح فقد عرف الله
    بالله ، وإذا شبهه بالروح أو البدن أو النور ، فلم يعرف الله بالله .



    لا يفوز الإنسان بالمعرفة إلا بإذن الله تعالى
    ـ أمالي المرتضى ج 1 ص 30
    إن قال قائل ما تأويل قوله تعالى : وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ
    الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ .
    . . . فأما ظن السائل دخول الإرادة في محتمل اللفظ فباطل ، لأن الإذن لا يحتمل
    الإرادة في اللغة ، ولو احتملها أيضاً لم يجب ما توهمه لأنه إذا قال إن الإيمان لا يقع
    إلا وأنا مريد له لم ينف أن يكون مريداً لما لم يقع ، وليس في صريح الكلام ولا دلالته
    شيء من ذلك .
    وأما قوله تعالى : وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ، فلم يعن بذلك الناقصي
    العقول ، وإنما أراد الذين لم يعقلوا ولم يعلموا ما وجب عليهم علمه من معرفة الله
    خالقهم ، والإعتراف بنبوة رسله والإنقياد إلى طاعتهم . ووصفهم تعالى بأنهم لا
    يعقلون تشبيهاً ، كما قال تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ، وكما يصف أحدنا من لم يفطن
    لبعض الأمور أو لم يعلم ما هو مأمور بعمله بالجنون وفقد العقل .
    الهداية والإضلال من الله تعالى لكن الإضلال باستحقاق العبد
    ـ الكافي ج 1 ص 162
    محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي
    عمير ، عن محمد بن حكيم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المعرفة من صنع من هي ؟
    قال : من صنع الله ، ليس للعباد فيها صنع .
    ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن إسباط ، عن الحسين بن
    زيد ، عن درست بن أبي منصور ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ستة أشياء
    ليس للعباد فيها صنع : المعرفة والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة .


    ـ الكافي ج 1 ص 165
    باب الهداية أنها من الله عز وجل : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن
    عيسى ، عن محمد بن إسماعيل ، عن إسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت
    بن سعيد قال : قال أبو عبد الله : يا ثابت ما لكم وللناس ، كفوا عن الناس ولا تدعوا
    أحداً إلى أمركم ، فوالله لو أن أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يهدوا
    عبداً يريد الله ضلالته ما استطاعوا أن يهدوه ، ولو أن أهل السماوات وأهل الأرضين
    اجتمعوا على أن يضلوا عبداً يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلوه ، كفوا عن الناس
    ولا يقول أحد : عمي وأخي وابن عمي وجاري ، فإن الله إذا أراد بعبد خيراً طيب
    روحه فلا يسمع معروفاً إلا عرفه ولا منكراً إلا أنكره ، ثم يقذف الله في قلبه كلمة
    يجمع بها أمره .
    ـ علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ،
    عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : إن الله عز وجل إذا أراد بعبد
    خيراً نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكاً يسدده ، وإذا أراد
    بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطاناً يضله ، ثم تلا
    هذه الآية : فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ .
    ـ دعائم الإسلام ج 1 ص 13
    وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنه سئل ما الإيمان
    وما الإسلام ؟
    فقال : الإسلام الإقرار والإيمان الإقرار والمعرفة فمن عرفه الله نفسه ونبيه وإمامه
    ثم أقر بذلك فهو مؤمن .
    قيل له : فالمعرفة من الله والإقرار من العبد ؟


    قال : المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة والإقرار من يمن الله به على من يشاء ،
    والمعرفة صنع الله في القلب والإقرار فعل القلب بمن من الله وعصمه ورحمه ، فمن
    لم يجعله الله عارفاً فلا حجة عليه وعليه أن يقف ويكف عما لا يعلم ، ولا يعذبه الله
    على جهله ويثيبه على عمله بالطاعة ويعذبه على عمله بالمعصية ، ولا يكون شئ
    من ذلك إلا بقضاء الله وقدره وبعلمه وبكتابه بغير جبر ، لأنهم لو كانوا مجبورين لكانوا
    معذورين وغير محمودين ، ومن جهل فعليه أن يرد إلينا ما أشكل عليه ، قال الله عز
    وجل : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ . انتهى .
    وقد عقد البخاري باباً في ج 1 ص 10 تحت عنوان ( باب قول النبي صلی الله
    عليه وسلم أنا أعلمكم بالله وإن المعرفة فعل القلب لقول الله تعالى وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم
    بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) ولكنه لم يرو حديثاً على أن المعرفة فعل القلب ، ومثل هذه
    الظاهرة متكررة في البخاري ، حيث تجد عنواناً ولا معنون له .
    دعاء طلب المعرفة من الله تعالى
    ـ مصباح المتهجد ص 411
    وما روى عن أبي عمرو بن سعيد العمري رضي‌الله‌عنه قال : أخبرنا جماعة ، عن محمد
    هرون بن موسى التلعكبري أن أبا علي محمد بن همام أخبره بهذا الدعاء ، وذكر أن
    الشيخ أبا عمرو العمري قدس الله روحه أملاه عليه وأمره أن يدعو به ، وهو الدعاء
    في غيبة القائم من آل محمد عليه وعليهم السلام :
    اللهم عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك .
    اللهم عرفني رسولك ، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك .
    اللهم عرفني حجتك ، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني .
    ـ الكافي ج 1 ص 337
    علي بن إبراهيم ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن عبد الله بن موسى عن


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:41 pm

    عبد الله بن بكير ، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن للغلام غيبة قبل أن
    يقوم ، قال : قلت ولم ؟ قال : يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ ثم قال : يا زرارة وهو
    المنتظر ، وهو الذي يشك في ولادته ، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من
    يقول حمل ومنهم من يقول إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين ، وهو المنتظر غير أن الله
    عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة ، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة .
    قال قلت : جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل ؟ قال : يا زرارة إذا
    أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء :
    اللهم عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ، اللهم عرفني
    رسولك ، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك ،
    فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني .
    ثم قال : يا زرارة لا بد من قتل غلام بالمدينة ، قلت : جعلت فداك أليس يقتله
    جيش السفياني ؟ قال : لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان ، يجئ حتى يدخل المدينة
    فيأخذ الغلام فيقتله ، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لا يمهلون ، فعند ذلك توقع الفرج
    إن شاء الله .
    وسائل معرفة الله
    أداة معرفة الله تعالى : العقل
    ـ الكافي ج 1 ص 48
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن نوح بن شعيب النيسابوري ، عن
    عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، عن درست بن أبي منصور ، عن عروة بن أخي شعيب
    العقرقوفي عن شعيب ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان أمير
    المؤمنين عليه‌السلام يقول : يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرة : فرأسه التواضع ، وعينه



    البراءة من الحسد ، وأذنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه الفحص ، وقلبه حسن النية
    وعقله معرفة الأشياء والأمور ، ويده الرحمة ، ورجله زيارة العلماء .
    ـ الكافي ج 1 ص 13
    أبو عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي
    أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم
    في كتابه فقال : فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين
    هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب .
    يا هشام ، إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ، ونصر النبيين بالبيان ،
    ودلهم على ربوبيته بالأدلة فقال : وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم . إن
    في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر
    بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها
    من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض ، لآيات
    لقوم يعقلون .
    يا هشام ، قد جعل الله ذلك دليلاً على معرفته بأن لهم مدبراً فقال : وَسَخَّرَ لَكُمُ
    اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
    يَعْقِلُونَ . وقال : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا
    ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى
    وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . وقال : إن في إختلاف الليل والنهار ما أنزل الله من السماء من
    رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء
    والأرض لآيات لقوم يعقلون . وقال : يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ
    لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
    وقال : وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ
    وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .

    وقال : وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ
    الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .
    وقال : قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
    وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
    وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
    وقال : هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ
    تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .
    يا هشام ، ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله ، فأحسنهم
    استجابة أحسنهم معرفة ، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلاً ، وأكملهم عقلاً أرفعهم
    درجة في الدنيا والآخرة .
    يا هشام ، إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة وحجة باطنة ، فأما الظاهرة
    فالرسل والأنبياء والأئمة عليهم‌السلام وأما الباطنة فالعقول .
    يا هشام ، إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ، ولا يغلب الحرام صبره .
    يا هشام ، الصبر على الوحدة علامة قوة العقل ، فمن عقل عن الله اعتزل أهل
    الدنيا والراغبين فيها ، ورغب فيما عند الله ، وكان الله أنسه في الوحشة ، وصاحبه في
    الوحدة ، وغناه في العيلة ، ومعزه من غير عشيرة .
    يا هشام ، إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا : رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
    وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ، حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى
    عماها ورداها . إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد
    قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلا من
    كان قوله لفعله مصدقاً ، وسره لعلانيته موافقاً ، لأن الله تبارك اسمه لم يدل على
    الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه .



    ـ رسائل الشريف المرتضى ج 1 ص 127
    المسألة التاسعة قد سئل رحمه‌الله عن الطريق إلى معرفة الله بمجرد العقل أو من
    طريق السمع .
    الجواب : إن الطريق إلى معرفة الله تعالى هو العقل ، ولا يجوز أن يكون السمع ،
    لأن السمع لا يكون دليلاً على الشئ إلا بعد معرفة الله وحكمته ، وإنه لا يفعل القبيح
    ولا يصدق الكذابين ، فكيف يدل السمع على المعرفة . ووجه دلالته مبني على
    حصول المعارف بالله حتى يصح أن يوجب عليه النظر . ورددنا على من يذهب من
    أصحابنا إلى أن معرفة الله تستفاد من قول الإمام ، لأن معرفة كون الإمام إماماً مبنية
    على المعرفة بالله تعالى . . . .
    وبينا أن العاقل إذا نشأ بين الناس ، وسمع اختلافهم في الديانات ، وقول كثير
    منهم أن للعالم صانعاً خلق العقلاء ليعرفوه ، ويستحقوا الثواب على طاعاتهم وأن من
    فرط في المعرفة استحق العقاب : لا بد من كونه خائفاً من ترك النظر وإهماله ، لأن
    خوف الضرر وجهه على وجوب كل نظر في دين أو دنيا ، وأنه متى خاف الضرر
    وجب عليه النظر وقبح منه إهماله والإخلال به .
    ـ الرسالة السعدية للعلامة الحلي ص 54
    وخامسها : أن معرفة الله تعالى واجبة ، وليس مدرك الوجوب السمع ، لأن معرفة
    الإيمان يتوقف على معرفة الموجب ، فيستحيل معرفة الإيجاب قبل معرفة
    الموجب ، فلو أسندت معرفة الموجب به ، دار .
    ـ نهج الحق للعلامة الحلي ص 51
    الحق أن وجوب معرفة الله تعالى مستفاد من العقل وإن كان السمع قد دل عليه
    بقوله : فاعلم أنه لا إله إلا الله ، لأن شكر المنعم واجب بالضرورة وآثار النعمة علينا
    ظاهرة ، فيجب أن نشكر فاعلها ، وإنما يحصل بمعرفته ، ولأن معرفة الله تعالى واقعة
    للخوف الحاصل من الإختلاف ، ودفع الخوف واجب بالضرورة .

    وقالت الأشعرية : إن معرفة الله تعالى واجبة بالسمع لا بالعقل فلزمهم ارتكاب
    الدور المعلوم بالضرورة بطلانه ، لأن معرفة الإيجاب تتوقف على معرفة الموجب
    فإن من لا نعرفه بشئ من الإعتبارات البتة نعلم بالضرورة أنا لا نعرف أنه أوجب ، فلو
    استفيدت معرفة الموجب من معرفة الإيجاب لزم الدور المحال !
    وأيضاً لو كانت المعرفة إنما تجب بالأمر لكان الأمر بها إما أن يتوجه إلى العارف
    بالله تعالى أو إلى غير العارف والقسمان باطلان ، فتعليل الإيجاب بالأمر محال . أما
    بطلان الأول فلأنه يلزم منه تحصيل الحاصل وهو محال . وأما بطلان الثاني : فلأن
    غير العارف بالله تعالى يستحيل أن يعرف أن الله قد أمره وأن امتثال أمره واجب ،
    وإذا استحال أن يعرف أن الله تعالى قد أمره وأن امتثال أمره واجب استحال أمره وإلا
    لزم تكليف ما لا يطاق . وسيأتي بطلانه إن شاء الله تعالى .
    لا يحاسب الله الناس إلا على قدر معرفتهم ، وما بيَّن لهم ، وما آتاهم
    ـ الكافي ج 1 ص 162 ـ 164
    عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله لم ينعم على عبد نعمة إلا وقد ألزمه فيها الحجة
    من الله ، فمن منَّ الله عليه فجعله قوياً فحجته عليه القيام بما كلفه ، واحتمال من هو
    دونه ممن هو أضعف منه ، فمن منَّ الله عليه فجعله موسعاً عليه فحجته عليه ماله ،
    ثم تعاهده الفقراء بعد بنوافله ، ومن منَّ الله عليه فجعله شريفاً في بيته ، جميلاً في
    صورته ، فحجته عليه أن يحمد الله تعالى على ذلك وأن لا يتطاول على غيره ، فيمنع
    حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله .
    ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن
    ميمون ، عن عبد الأعلى بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام من لم يعرف شيئاً هل
    عليه شئ ؟ قال : لا .
    ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن داود بن



    فرقد عن أبي الحسن زكريا بن يحيى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما حجب الله عن
    العباد فهو موضوع عنهم .
    ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد
    عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن ابن الطيار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن
    الله احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم .
    ـ وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن حماد ، عن عبد الأعلى قال : قلت لأبي
    عبد الله عليه‌السلام : أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة ؟ قال : فقال : لا ،
    قلت : فهل كلفوا المعرفة ؟ قال : لا ، على الله البيان : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ، و لَا
    يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ، قال : وسألته عن قوله : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ
    حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ، قال : حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه .
    ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن
    ميمون ، عن حمزة بن محمد الطيار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : وَمَا
    كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ . قال : حتى يعرفهم ما
    يرضيه وما يسخطه . وقال : فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ، قال : بين لها ما تأتي وما تترك ،
    وقال : إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ، قال : عرفناه ، إما آخذ وإما تارك . وعن
    قوله : وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ ، قال : عرفناهم فاستحبوا
    العمى على الهدى وهم يعرفون ؟ وفي رواية : بينا لهم .
    ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان
    الأحمر عن حمزة بن الطيار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أكتب فأملى علي : إن من قولنا أن
    الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم ، ثم أرسل إليهم رسولاً وأنزل عليهم الكتاب
    فأمر فيه ونهى ، أمر فيه بالصلاة والصيام فنام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصلاة فقال : أنا أنيمك
    وأنا أوقظك فإذا قمت فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ، ليس كما يقولون
    إذا نام عنها هلك ، وكذلك الصيام أنا أمرضك وأنا أصحك ، فإذا شفيتك فأقضه .

    ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحداً في
    ضيق ، ولم تجد أحداً إلا ولله عليه الحجة ولله فيه المشيئة ، ولا أقول : إنهم ما شاؤوا
    صنعوا ، ثم قال : إن الله يهدي ويضل ، وقال : وما أمروا إلا بدون سعتهم ، وكل شيء
    أمر الناس به فهم يسعون له ، وكل شئ لا يسعون له فهو موضوع عنهم ، ولكن الناس
    لا خير فيهم ، ثم تلا عليه‌السلام : لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا
    يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ ـ فوضع عنهم ـ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ
    رَّحِيمٌ . وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ـ قال : فوضع عنهم لأنهم لا يجدون .
    ـ الإعتقادات للصدوق ص 168
    قال الشيخ أبو جعفر رحمه‌الله : إعتقادنا في ذلك أن الله تعالى فطر جميع الخلق على
    التوحيد وذلك قوله عز وجل : فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا . وقال الصادق عليه‌السلام في
    قوله تعالى : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ . وقال عليه‌السلام :
    حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه .
    وقال في قوله تعالى : فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ، قال : بين لها ما تأتي وما تترك من
    المعاصي .
    وقال في قوله تعالى : إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ، قال : عرفناه إما
    آخذاً وإما تاركاً .
    وفي قوله تعالى : وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ ، قال : وهم
    يعرفون .
    وسئل عن قول الله عز وجل : وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ، قال : نجد الخير ونجد الشر .
    وقال عليه‌السلام : ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم .
    وقال عليه‌السلام : إن الله تعالى احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم .



    من أسباب المعرفة وآثارها
    ما يورث المعرفة
    ـ مستدرك الوسائل ج 7 ص 500
    الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام عن
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في ليلة المعراج :
    يا رب ما أول العبادة ؟ قال : أول العبادة الصمت والصوم ، قال : يا رب وما ميراث
    الصوم ؟ قال : يورث الحكمة ، والحكمة تورث المعرفة ، والمعرفة تورث اليقين ،
    فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح بعسر أم بيسر .
    ما تورثه المعرفة
    ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 185
    . . . قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فكر ساعة خير من عبادة سنة ، ولا ينال منزلة التفكر إلا
    من خصه الله بنور المعرفة والتوحيد .
    ما يفسد المعرفة ويطفيء نورها
    ـ مستدرك الوسائل ج 16 ص 218
    الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لا
    تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم .
    ـ مستدرك الوسائل ج 16 ص 213
    القطب الراوندي في لب اللباب : عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : فساد الجسد
    في كثرة الطعام ، وفساد الزرع في كسب الأثام ، وفساد المعرفة في ترك الصلاة على
    خير الأنام .


    خطر ضلال الأمم بعد المعرفة
    كان نبينا يخاف على أمته الضلال بعد المعرفة
    ـ الكافي ج 2 ص 79
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث أخافهن على أمتي من بعدي : الضلالة بعد المعرفة ،
    ومضلات الفتن ، وشهوة البطن والفرج . انتهى . ورواه في وسائل الشيعة ج 11 ص 198
    وفي مستدرك الوسائل ج 11 ص 276 وفي مسند الإمام زيد ص 494
    ـ أمالي المفيد ص 111
    قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال : حدثنا علي بن مهرويه
    القزويني قال : حدثنا داود بن سليمان الغاري قال : حدثنا الرضا علي بن موسى قال :
    حدثني موسى بن جعفر قال : حدثني أبي جعفر بن محمد قال : حدثني أبي محمد
    بن علي قال : حدثني علي بن الحسين قال : حدثني أبي الحسين بن علي قال :
    حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة أخافهن
    على أمتي : الضلالة بعد المعرفة ، ومضلات الفتن ، وشهوة الفرج والبطن .
    وقد روت هذا المعنى مصادر إخواننا السنة ، ففي مسند أحمد ج 4 ص 420
    عن أبي برزة الأسلمي قال أبو الأشهب لا أعلمه إلا عن النبي صلی الله عليه
    وسلم قال : إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات
    الفتن . وفي رواية ومضلات الهوى . انتهى . ورواه في مجمع الزوائد ج 7 ص 305 وقال :
    رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح . ورواه في كنز العمال ج 16 ص 45
    وضع المعرفة في بني اسرائيل بعد موسى
    ـ العهد القديم ج 2 ص 282
    الإصحاح الرابع 1 إسمعوا قول الرب يا بني اسرائيل . إن للرب محاكمة مع سكان



    الأرض لأنه لا أمانة ولا إحسان ولا معرفة الله في الأرض . 2 لعنٌ وكذبٌ وقتل وسرقة
    وفسق . يعتنفون ودماء تلحق دماء . . . .
    قد هلك شعبي من عدم المعرفة . لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى
    لاتكهن لي . ولأنك نسيت شريعة إلهك أنسى أنا أيضاً بنيك .
    ـ العهد القديم ص 254
    الإصحاح الخامس والعشرون 1 وأقام إسرائيل في شطيم وابتدأ الشعب يزنون
    مع بنات موآب . 2 فدعون الشعب إلى ذبائح آلهتهن فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهن .
    3 وتعلق إسرائيل ببعل فغور . فحمي غضب الرب على إسرائيل .
    ـ العهد القديم ص 296
    الإصحاح الحادي عشر 1 فأحبب الرب إلۤهك واحفظ حقوقه وفرائضه وأحكامه
    ووصاياه كل الأيام . 2 واعلموا اليوم أني لست أريد بنيكم الذين لم يعرفوا ولا رأوا
    تأديب الرب إلۤهكم عظمته ويده الشديدة وذراعه الرفيعة . 3 وآياته وصنائعة التي
    عملها في مصر بفرعون ملك مصر وبكل أرضه . 4 والتي عملها بجيش مصر بخيلهم
    ومراكبهم حيث أطاف مياه بحر سوف على وجوههم حين سعوا وراءكم فأبادهم
    الرب إلى هذا اليوم . 5 والتي عملها لكم في البرية حتى جئتم إلى هذا المكان . 6
    والتي عملها بداثان وأبيرام ابني الياب ابن راوبين اللذين فتحت الأرض فاها
    وابتلعتهما مع بيوتهما وخيامهما وكل الموجودات التابعة لهما في وسط كل إسرائيل
    . . . . 27 البركة إذا سمعتم لوصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها اليوم . 28 واللعنة
    إذا لم تسمعوا لوصايا الرب إلهكم وزغتم عن الطريق التي أنا أوصيكم بها اليوم ،
    لتذهبوا وراء آلهة أخرى لم تعرفوها .
    ـ العهد القديم ص 300
    الإصحاح الثالث عشر 1 إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلماً وأعطاك آية أو


    أعجوبة 2 ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلاً لنذهب وراء آلهة
    أخرى لم نعرفها ونعبدها 3 فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم ، لأن
    الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل
    أنفسكم . . . .
    وإذا أغواك سراً أخوك ابن أمك أو ابنك أو ابنتك أو امرأة حضنك أو صاحبك
    الذي مثل نفسك قائلاً : نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفها أنت ولا آباؤك 7 من آلهة
    الشعوب الذين حولك القريبين منك أو البعيدين عنك من أقصاء الأرض إلى أقصائها
    8 فلا ترض منه ولا تسمع لا ولا تشفق عينك عليه ولا ترق له ولا تستره . . . .
    قد خرج أناس بنو لئيم من وسطك وطوحوا سكان مدينتهم قائلين : نذهب ونعبد
    آلهة أخرى لم تعرفوها .
    ـ العهد القديم ص 196
    وقال الرب من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الأعناق
    وغامزات بعيونهن وخاطرات في مشيهن ويخشخشن بأرجلهن . 17 يصلع السيد
    هامة بنات صهيون ويعرى الرب عورتهن . 18 ينزع السيد في ذلك اليوم زينة
    الخلاخيل والضفائر والأهلة . 19 والحلق والأساور والبراقع . 20 والعصائب
    والسلاسل والمناطق وحناجر الشمامات والأحراز . 21 والخواتم وخزائم الأنف . 22
    والثياب المزخرفة والعطف والأردية والأكياس . 23 والمرائي والقمصان والعمائم
    والأزر . 24 فيكون عوض الطيب عفونة ، وعوض المنطقة حبل ، وعوض الجدائل
    قرعة ، وعوض الديباج زنار مسح ، وعوض الجمال كي .
    إتهامهم نبيهم موسى بأنه لم يعرف الله تعالى
    ـ العهد القديم 142
    وقال موسى للرب أنظر ، أنت قائل لي أصعد هذا الشعب ، وأنت لم تعرفني من



    ترسل معي ، وأنت قد قلت عرفتك باسمك ، ووجدت أيضاً نعمة في عيني ، 13
    فالآن إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فعلمني طريقك حتى أعرفك لكي أجد
    نعمة في عينيك .
    بولس يصف فساد الناس في عصره وبعدهم عن المعرفة
    ـ العهد الجديد ص 246
    الإصحاح الأول 21 لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإلۤه بل حمقوا في
    أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي . 22 وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء . 23
    وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى والطيور والدواب
    والزحافات . . . .
    وكذلك الذكور أيضاً تاركين استعمال الأنثى الطبيعي اشتعلوا بشهوتهم بعضهم
    لبعض فاعلين الفحشاء ذكوراً بذكور ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق . 28
    وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما
    لا يليق . 29 مملوئين من كل إثم وزناً وشر وطمع وخبث ، مشحونين حسداً وقتلاً
    وخصاماً ومكراً وسوءاً . 30 نمامين مفترين مبغضين لله ، ثالبين متعظمين مدعين
    مبتدعين شروراً ، غير طائعين للوالدين . 31 بلا فهم ولا عهد ولا حنو ولا رضى ولا
    رحمة . 32 الذين إذ عرفوا حكم الله أن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت لا
    يفعلونها فقط ، بل أيضاً يسرون بالذين يعملون .
    المعرفة التي دعا إليها بولس الذي نَصَّر النصارى
    ـ العهد الجديد ص 381
    رسالة بطرس الرسول الثانية الإصحاح الأول . 1 سمعان بطرس عبد يسوع
    المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببر إلۤهنا والمخلص يسوع
    المسيح . 2 لتكثر لكم النعمة والسلام بمعرفة الله ويسوع ربنا . 3 كما أن قدرته الإلۤهية


    قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة . 4
    اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة ، لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة
    الإلۤهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة . . . . لأن هذه إذا كانت فيكم
    وكثرت تُصَيِّركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح . . . .
    ـ العهد الجديد ص 389
    الإصحاح الرابع 1 أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من
    الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم . 2 بهذا تعرفون روح الله . كل روح
    يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله . 3 وكل روح لا يعترف
    بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله . . . . نحن من الله فمن يعرف الله
    يسمع لنا ومن ليس من الله لا يسمع لنا . من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال .
    ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا . الله محبة ومن يثبت في المحبة
    يثبت في الله والله فيه .
    ـ العهد الجديد ص 390
    الإصحاح الخامس 1 كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله ، وكل من
    يحب الوالد يحب المولود منه أيضاً . 2 بهذا نعرف إننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله
    وحفظنا وصاياه . . . . ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق ، ونحن
    في الحق في ابنه يسوع المسيح ، هذا هو الإلۤه الحق والحياة الأبدية . 21 أيها الأولاد
    إحفظوا أنفسكم من الأصنام .
    متى اخترع المسيحيون التثليث بعد التوحيد
    ـ قاموس الكتاب المقدس ص 232
    الثالوث الأقدس ( تثليث ) عرف قانون الإيمان هذه العقيدة بالقول ( نؤمن بإلۤه واحد
    الأب والإبن والروح القدس إلۤه واحد جوهر واحد متساوين في القدرة والمجد ) .



    في طبيعة هذا الإلۤه الواحد تظهر ثلاثة خواص أزلية ، يعلنها الكتاب في صورة
    شخصيات ( أقانيم ) متساوية . ومعرفتنا بهذه الشخصية المثلثة الأقانيم ليست إلا
    حقاً سماوياً أعلنه لنا الكتاب في العهد القديم بصورة غير واضحة المعالم ، لكنه
    قدمه في العهد الجديد واضحاً ، ويمكن أن نلخص العقيدة في هذه النقاط الست
    التالية :
    1 ـ الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله .
    2 ـ هؤلاء الثلاثة يصفهم الكتاب بطريقة تجعلهم شخصيات متميزة الواحدة عن
    الأخرى .
    3 ـ هذا التثليث في طبيعة الله ليس موقتاً أو ظاهرياً بل أبدي وحقيقي .
    4 ـ هذا التثليث لا يعني ثلاثة آلهة بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد .
    5 ـ الشخصيات الثلاث الأب والإبن والروح القدس متساوون .
    6 ـ ولا يوجد تناقض في هذه العقيدة ، بل بالأحرى أنها تقدم لنا المفتاح لفهم
    باقي العقائد المسيحية . ولقد كانت هذه الحقيقة متضمنة في تعليم المسيح
    ( يو : 9 ـ 141 : 1 ويو 14 : 26 ويو 15 : 26 )
    وقد تمسكت الكنيسة بما جاء واضحاً في مت 28 : 19 ، وتحدث الرسل مقدمين
    هذه الحقيقة في 2 كو 13 : 14 و 1 بط 1 : 2 و 1 يو 5 : 7
    ولا نستطيع أن نغفل منظر معمودية المسيح وفيه يسمع صوت الأب واضحاً
    موجهاً إلى المسيح ، ويستقر الروح القدس على رأس المسيح الإبن في شكل حمامة
    ( مت 3 : 16 و 17 ومر 1 : 10 و 11 ولو 3 : 21 و 22 ويو 1 : 32 و 33 ) .
    ولقد كان يقين الكنيسة وإيمانها بلاهوت المسيح هو الدافع الحتمي لها لتصوغ
    حقيقة التثليث في قالب يجعلها المحور الذي تدور حوله كل معرفة المسيحيين بالله
    في تلك البيئة اليهودية أو الوثنية وتقوم عليه .
    والكلمة نفسها ( التثليث أو الثالوث ) لم ترد في الكتاب المقدس ، ويظن أن أول


    من صاغها واخترعها واستعملها هو ترتليان في القرن الثاني للميلاد . ثم ظهر
    سبيليوس ببدعته في منتصف القرن الثالث وحاول أن يفسر العقيدة بالقول : إن
    التثليث ليس أمراً حقيقياً لله لكنه مجرد إعلان خارجي ، فهو حادث موقت وليس
    أبدياً . ثم ظهرت بدعة إريوس الذي نادى بأن الأب وحده هو الأزلي بينما الإبن
    والروح القدس مخلوقان متميزان عن سائر الخليقة .
    وأخيراً ظهر إثناسيوس داحضاً هذه النظريات وواضعاً أساس العقيدة السليمة
    التي قبلها واعتمدها مجمع نيقية في عام 325 ميلادية .
    ولقد تبلور قانون الإيمان الإثناسيوسي على يد اغسطينوس في القرن الخامس ،
    وصار القانون عقيدة الكنيسة الفعلية من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا .
    متى تجب المعرفة على الإنسان
    في أي سن يجب التفكير والمعرفة
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 135
    إعلم أن المتكلمين حددوا وقت التكليف بالمعرفة بالتمكن من العلم بالمسائل
    الأصولية ، حيث قالوا في باب التكليف أن المكلف يشترط كونه قادراً على ما كلف
    به مميزاً بينه وبين غيره مما لم يكلف به متمكناً من العلم بما كلف به ، إذ التكليف
    بدون ذلك محال . وظاهر أن هذا لا يتوقف على تحقق البلوغ الشرعي بإحدى
    العلامات المذكورة في كتب الفروع ، بل قد يكون قبل ذلك بسنتين أو بعده كذلك ،
    بحسب مراتب الإدراك قوة وضعفاً . وذكر بعض فقهائنا أن وقت التكليف بالمعارف
    الإلۤهية هو وقت التكليف بالأعمال الشرعية ، إلا أنه يجب أولاً بعد تحقق البلوغ
    والعقل المسارعة إلى تحصيل المعارف قبل الإتيان بالأعمال .


    أقول : هذا غير جيد ، لأنه يلزم منه أن يكون الإناث أكمل من الذكور ، لأن الأنثى
    تخاطب بالعبادات عند كمال التسع إذا كانت عاقلة ، فتخاطب بالمعرفة أيضاً عند
    ذلك ، والصبي لا يبلغ عند كمال التسع بالإحتلام ولا بالإنبات على ما جرت به العادة ،
    فلا يخاطب بالمعرفة وإن كان مميزاً عاقلاً لعدم خطابه بالعبادات ، فتكون أكمل منه
    استعداداً للمعارف ، وهو بعيد عن مدارك العقل والنقل . ومن ثم ذهب بعض
    العلماء إلى وجوب المعرفة على من بلغ عشراً عاقلاً ، ونسب ذلك إلى الشيخ أبي
    جعفر الطوسي قدس‌سره وأيضاً هذا لا يوافق ما هو الحق من أن معرفة الله تعالى واجبة عقلاً
    لا سمعاً ، لأنا لو قلنا إن المعرفة لا تجب إلا بعد تحقق البلوغ الشرعي الذي هو مناط
    وجوب العبادات الشرعية ، لكنا قد أوجبنا المعرفة بالشرع لا بالعقل ، لأن البلوغ
    المذكور إنما علم من الشرع ، وليس في العقل ما يدل على أن وجوب المعرفة إنما يكون
    عند البلوغ المذكور ، فلو وجبت عنده لكان الوجوب معلوماً من الشرع ، لا من العقل .
    لا يقال : العقل إنما دل على وجوب المعرفة في الجملة دون تحديد وقته ،
    والشرع إنما دل على تحديد وقت الوجوب وهو غير الوجوب ، فلا يلزم كون
    الوجوب شرعياً .
    لأنا نقول : لا نسلم أن في الشرع ما يدل على تحديد وقت وجوب المعرفة أيضاً ،
    بل إنما دل على تحديد وقت العبادات فقط ، نعم دل الشرع على تقدم المعرفة على
    العبادات في الجملة ، وهو أعم من تعيين وقت التقدم ، فلا يدل عليه .
    وأيضاً لا معنى لكون العقل يدل على وجوب المعرفة في الجملة من دون اطلاعه على
    وقت الوجوب ، إذ لا ريب أنه يلزم من الحكم بوجوبها كونها واجبة في وقت الحكم .
    والحاصل : أنه لا يمكن العلم بوجوبها إلا بعد العلم بوقت وجوبها ، فالوقت كما
    أنه ظرف لها فهو ظرف للوجوب أيضاً . وتوضيحه : أن العبد متى لاحظ هذه النعم
    عليه وعلم أن هناك منعماً أنعم بها عليه ، أوجب على نفسه شكره عليها في ذلك
    الوقت ، خوفاً من أن يسلبه إياها لو لم يشكره ، وحيث أنه لم يعرفه بعد يوجب على


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:44 pm

    نفسه النظر في معرفته في ذلك الوقت ليمكنه شكره ، فقد علم أنه يلزم من وجوب
    المعرفة بالعقل معرفة وقتها أيضاً .
    نعم ما ذكروه إنما يتم على مذهب الأشاعرة ، حيث أن وجوب المعرفة عندهم
    سمعي .
    فإن قلت : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ ، فيه دلالة على تحديد وقت
    وجوب المعرفة بالبلوغ الشرعي ، لأن رفع القلم كناية عن رفع التكليف وعدم جريانه
    عليه إلى الغاية المذكورة ، فقبلها لا يكون مكلفاً بشئ ، سواء كان قد عقل أم لا .
    قلت : لا نسلم دلالته على ذلك ، بل إن دل فإنما يدل على أن البلوغ الشرعي غاية
    لرفع التكليف مطلقاً . وإن كان عقلياً ، فيبقى الدليل الدال على كون التكليف بالمعرفة
    عقلياً سالماً عن المعارض ، فإنه يستلزم تحديد وقت وجوب المعرفة بكمال العقل ،
    كما تقدمت الإشارة إليه .
    والحاصل : أن عموم رفع القلم مخصص بالدليل العقلي ، وقد عرف العقل الذي
    هو مناط التكاليف الشرعية بأنه قوة للنفس بها تستعد للعلوم والإدراكات ، وهو
    المعني بقولهم غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات ، وهذا التفسير
    اختاره المحقق الطوسي رحمه‌الله وجماعة .
    ـ مجمع الفائدة والبرهان ج 10 ص 409
    المراهق إذا أسلم حكم بإسلامه ، فإن ارتد بعد ذلك يحكم بارتداده وإن لم يتب
    قتل . . . .
    وقال أبو حنيفة : يصح إسلامه وهو مكلف بالإسلام ، وإليه ذهب بعض أصحابنا ،
    لأنه يمكنه معرفة التوحيد بالنظر والإستدلال ، فصح منه كالبالغ ، ونقل الشيخ عن
    أصحابه أنهم حكموا بإسلام علي عليه‌السلام وهو غير بالغ وحكم بإسلامه بالإجماع .
    والإستدلال بالرواية مشكل ، لعدم ظهور الصحة والدلالة على هذا المطلب ، وما
    نقل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مما لا يقاس عليه غيره ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام ليسوا



    من قبيل سائر الناس ، ولهذا حكموا بكون الحجة صلوات الله وسلامه عليه إماماً مع
    كونه ابن خمس سنين .
    نعم الحكم بإسلام المراهق غير بعيد لعموم من قال : لا إلۤه إلا الله محمد رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو مسلم ، وقاتلوهم حتى يقولوا لا إلۤه إلا الله ، وأمثاله كثيرة . ولأنهم إذا
    قدروا على الإستدلال وفهموا أدلة وجود الواجب والتوحيد وما يتوقف عليه ،
    ووجوب المعرفة والنظر في المعرفة ، يمكن أن يجب عليهم ذلك ، لأن دليل وجوب
    المعرفة عقلي ، فكل من يعرف ذلك يدخل تحته ، ولا خصوصية له بالبالغ ، ولا
    استثناء في الأدلة العقلية ، فلا يبعد تكليفهم ، بل يمكن أن يجب ذلك ، فإذا أوجب
    عليهم يجب أن يصح منهم ، بل يلزم من الحكم بالصحة وجوبه أيضاً ، ويترتب عليه
    الأحكام . . . . وقد أجمعوا على عدم وجوب الفروع عليهم وعدم تكليفهم بها ،
    ولهذا صرح بعض العلماء بأن الواجبات الأصولية العقلية تجب على الصغير قبل
    بلوغه دون الفرعية . والظاهر أن ضابطة القدرة على الفهم والأخذ والإستدلال على
    وجه مقنع ، ففي كل من وجب فيه ذلك يصح ويمكن أن يجب عليه ذلك المقدار ،
    ومن لم يوجد فيه ذلك لم يجب . وقال في الدروس ، وهو لما قاله الشيخ قريب ولا
    شك أنه أحوط ، وما استدل به الشيخ مؤيد فقوله قريب .
    قال في التذكرة : غير المميز والمجنون لا يصح إسلامهما مباشرة إجماعاً ولا
    يحكم بإسلامهما إلا بالتبعية لغيره . فيريد بهما من لا قدرة له على الإستدلال ، ولا
    يفهم وجوب المعرفة ونحوه ، وجنون المجنون أخرجه عن الفهم والقدرة على
    الإستفهام والإستدلال مثل غير المميز ، وأما إذا كان لهم فهم مستقل لا يبعد اعتباره
    حينئذ وإجراء الأحكام في حقه عليه ، فتأمل .
    حكم الإنسان في مرحلة التفكير والبحث
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 133
    المبحث الثالث في أن الإنسان في زمان مهلة النظر . . . . هل هو كافر أو مؤمن ؟


    جزم السيد الشريف المرتضى رضي‌الله‌عنه بكفره ، واستشكل بعضهم . والظاهر أن محل
    النزاع في من لم يسبق منه اعتقاد ما يوجب الكفر ، فإنه في زمان طلب الحق بالنظر
    فيه مع بقاء ذلك الإعتقاد لا ريب في كفره . بل النزاع في من هو في أول مراتب
    التكليف إذا وجه نفسه للنظر في تحقيق الحق ليعتقده ولم يكن معتقداً لما يوجب
    الكفر بل هو متردد حتى يرجح عنده شيء فيعتقده . وكذا من سبق له اعتقاد ما
    يوجب الكفر رجع عنه إلى الشك بسبب نظره في تحقيق الحق ولما يترجح عنده
    الحق ، فهذان هل هما كافران في مدة النظر أم لا ؟
    أقول : ما تقدم من تعريف الكفر بأنه عدم الإيمان مما من شأنه أن يكون مؤمناً
    يقتضي الحكم بكفرهما حالة النظر ، لصدق عدم الإيمان عليهما في تلك الحالة ،
    وهذا مشكل جداً ، لأنه يقتضي الحكم بكفر كل أحد أول كمال عقله الذي هو أول
    وقت التكليف بالمعرفة ، لأنه أول وقت إمكان النظر ، إذ النظر قبله لا عبرة به ،
    ويقتضي أن يكون من أدركه الموت في تلك الحالة مخلداً في جهنم . ولا يخفى بعد
    ذلك عن حكمة الله تعالى وعدله ، ولزوم : إما تكليف ما لا يطاق إن عذبه على ترك
    الإيمان ، حيث لم يمض له وقت يمكن تحصيله فيه قبل الموت كما هو المفروض ،
    أو الظلم الصرف إن لم يقدر على ذلك ، تعالى الله عن ذلك ، إذ لم يسبق له إعتقاد ما
    يوجب الكفر كما هو المفروض أيضاً ، ليكون التعذيب عليه .
    ويلزم من ذلك القدح في صحة تعريف الكفر بذلك . اللهم إلا أن يقال : إن مثل
    هذا النوع من الكفر لا يعذب صاحبه ، لكن لا يلزم منه القدح في الإجماع على أن كل
    كافر مخلد في النار ، وليس بعيداً التزام ذلك ، وأن يكون المراد من الكافر المخلد من
    كان كفره عن اعتقاد ، فيكون الإجماع مخصوصاً بمن عدا الأول .
    إن قلت : إن لم يكن هذا الشخص من أهل النار ، يلزم أن يكون من أهل الجنة ، إذ
    لا واسطة بينهما في الآخرة على المذهب الحق ، فيلزم أن يخلد في الجنة من لا
    إيمان له أصلاً كما هو المفروض ، وهو مخالف لما انعقد عليه الإجماع من أن غير
    المؤمن لا يدخل الجنة .


    قلت : يجوز أن يكون إدخاله الجنة تفضلاً من الله تعالى كالأطفال ، ويكون
    الإجماع مخصوصاً بمن كلف الإيمان ومضت عليه مدة كان يمكنه تحصيله فيها
    فقصر .
    وأقول أيضاً : الذي يقتضيه النظر إن هذا الشخص لا يحكم عليه بكفر ولا بإيمان
    في زمان النظر حقيقة بل تبعاً كالأطفال ، فإنه لم يتحقق له التكليف التام ليخرج عن
    حكم الأطفال ، فهو باق على ذلك إلى أن يمضي عليه زمان يمكن فيه النظر الموصل
    إلى الإيمان ، لكن هذا لا يتم في من لم يسبق له كفر ، كمن هو في أول بلوغه . أما من
    سبق له اعتقاد الكفر ثم رجع عنه إلى الشك ، فيتم فيه .
    تجب المعرفة بالتفكير ولا يصح فيها التقليد
    ـ الإقتصاد للشيخ الطوسي ص 9
    الطريق إلى معرفة الأشياء أربعة لا خامس لها :
    أولها ، أن يعلم الشئ ضرورة لكونه مركوزاً في العقول ، كالعلم بأن الإثنين أكثر من
    واحد ، وأن الجسم الواحد لا يكون في مكانين في حالة واحدة ، وأن الجسمين لا
    يكونان مكان واحد في حالة واحدة ، والشئ لا يخلو من أن يكون ثابتاً أو منفياً ،
    وغير ذلك مما هو مركوز في العقول .
    والثاني ، أن يعلم من جهة الإدراك إذا أدرك وارتفع اللبس ، كالعلم بالمشاهدات
    والمدركات بسائر الحواس .
    والثالث ، أن يعلم بالأخبار كالعلم بالبلدان والوقائع وأخبار الملوك وغير ذلك .
    والرابع ، أن يعلم بالنظر والإستدلال .
    والعلم بالله تعالى ليس بحاصل من الوجه الأول ، لأن ما يعلم ضرورة لا يختلف
    العقلاء فيه بل يتفقون عليه ، ولذلك لا يختلفون في أن الواحد لا يكون أكثر من
    اثنين ، وأن الشبر لا يطابق الذراع . والعلم بالله فيه خلاف بين العقلاء فكيف يجوز أن


    يكون ضرورياً .
    وليس الإدراك أيضاً طريق العلم بمعرفة الله تعالى ، لأنه تعالى ليس بمدرك بشئ
    من الحواس على ما سنبينه فيما بعد ، ولو كان مدركاً محسوساً لأدركناه مع صحة
    حواسنا وارتفاع الموانع المعقولة .
    والخبر أيضاً لا يمكن أن يكون طريقاً إلى معرفته ، لأن الخبر الذي يوجب العلم
    هو ما كان مستنداً إلى مشاهدة وإدراك ، كالبلدان والوقائع وغير ذلك ، وقد بينا أنه
    ليس بمدرك ، والخبر الذي لا يستند إلى الإدراك لا يوجب العلم . ألا ترى أن جميع
    المسلمين يخبرون من خالفهم بصدق محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا يحصل لمخالفيهم العلم به لأن
    ذلك طريقه الدليل ، وكذلك جميع الموحدين يخبرون الملحدة بحدوث العالم فلا
    يحصل لهم العلم به لأن ذلك طريقه الدليل .
    فإذا بطل أن يكون طريق معرفته الضرورة أو المشاهدة أو الخبر ، لم يبق إلا أن
    يكون طريقة النظر .
    فإن قيل : أين أنتم عن تقليد المتقدمين ؟
    قلنا : التقليد إن أريد به قبول قول الغير من غير حجة وهو حقيقة التقليد فذلك
    قبيح في العقول ، لأن فيه إقداماً على ما لا يأمن كون ما يعتقده عند التقليد جهلاً
    لتعريه من الدليل ، والإقدام على ذلك قبيح في العقول ، ولأنه ليس في العقول أن
    تقليد الموحد أولى من تقليد الملحد إذا رفعنا النظر والبحث عن أوهامنا ولا يجوز
    أن يتساوى الحق والباطل .
    فإن قيل : نقلد المحق دون المبطل .
    قلنا : العلم بكونه محقاً لا يمكن حصوله إلا بالنظر ، لأنا إن علمناه بتقليد آخر أدى
    إلى التسلسل ، وإن علمناه بدليل فالدليل الدال على وجوب القبول منه يخرجه عن
    باب التقليد ، ولذلك لم يكن أحدنا مقلداً للنبي أو المعصوم فيما نقبله منه لقيام
    الدليل على صحة ما يقوله .


    وليس يمكن أن يقال : نقلد الأكثر ونرجع إليهم ، وذلك لأن الاكثر قد يكونون على
    ضلال بل ذلك هو المعتاد المعروف ، ألا ترى أن الفرق المبطلة بالإضافة إلى الفرق
    المحقة جزء من كل وقليل من كثير .
    ولا يمكن أن يعتبر أيضاً بالزهد والورع ، لأن مثل ذلك يتفق في المبطلين ، فلذلك
    ترى رهبان النصارى على غاية العبادة ورفض الدنيا مع أنهم على باطل فعلم بذلك
    أجمع فساد التقليد .
    فإن قيل : هذا القول يؤدي إلى تضليل أكثر الخلق وتكفيرهم ، لأن أكثر من تعنون
    من العقلاء لا يعرفون ما يقولونه ، من الفقهاء والأدباء والرؤساء والتجار وجمهور
    العوام ، ولا يهتدون إلى ما يقولونه ، وإنما يختص بذلك طائفة يسيرة من المتكلمين ،
    وجميع من خالفهم يبدعهم في ذلك ، ويؤدي إلى تكفير الصحابة والتابعين وأهل
    الأمصار ، لأنه معلوم أن أحداً من الصحابة والتابعين لم يتكلم فيما تكلم فيه
    المتكلمون ولا سمع منه حرف واحد ولا نقل عنهم شئ منه ، فكيف يقال بمذهب
    يؤدي إلى تكفير أكثر الأمة وتضليلها ، وهذا باب ينبغي أن يزهد فيه ويرغب عنه .
    قيل : هذا غلط فاحش وظن بعيد ، وسوء ظن بمن أوجب النظر المؤدي إلى
    معرفة الله ، ولسنا نريد بالنظر المناظرة والمحاجة والمخاصمة والمحاورة التي
    يتداولها المتكلمون ويجرى بينهم ، فإن جميع ذلك صناعة فيها فضيلة وإن لم تكن
    واجبة ، وإنما أوجبنا النظر الذي هو الفكر في الأدلة الموصلة إلى توحيد الله تعالى
    وعدله ومعرفة نبيه وصحة ما جاء به ، وكيف يكون ذلك منهياً عنه أو غير واجب
    والنبي عليه‌السلام لم يوجب القبول منه على أحد إلا بعد إظهار الأعلام والمعجزة من القرآن
    وغيره ، ولم يقل لأحد إنه يجب عليك القبول من غير آية ولا دلالة . وكذلك تضمن
    القرآن من أوله إلى آخره التنبيه على الأدلة ووجوب النظر ، قال الله تعالى : أَوَلَمْ
    يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ . وقال : أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى
    الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ . وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ . وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ . وَإِلَى


    الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ . وقال : وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ . وقال : قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا
    أَكْفَرَهُ . مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ . مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ . الآية . وقال : إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
    وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ . إلى قوله : إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ
    الْمِيعَادَ . وقال : فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ
    شَقًّا ، إلى قوله : مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ . وقال : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ .
    ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ . إلى قوله فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ . وقال : إِنَّ فِي
    ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ، و لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ، و لِأُولِي الْأَلْبَابِ ، و لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ،
    يعني عقل . وغير ذلك من الآيات التي تعدادها يطول .
    وكيف يحث تعالى على النظر وينبه على الأدلة وينصبها ويدعو إلى النظر فيها ،
    ومع ذلك يحرمها . إن هذا لا يتصوره إلا غبيٌّ جاهل . فأما من أومي إليه من الصحابة
    والتابعين وأهل الأعصار من الفقهاء والفضلاء والتجار والعوام ، فأول ما فيه أنه غير
    مسلم ، بل كلام الصحابة والتابعين مملو من ذلك .
    . . . وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه . وقال أمير
    المؤمنين عليه‌السلام في خطبته المعروفة : أول عبادة الله معرفته ، وأصل معرفته توحيده ،
    ونظام توحيده نفي الصفات عنه ، لشهادة العقول إن من حلته الصفات فهو مخلوق ،
    وشهادتها أنه خالق ليس بمخلوق ثم قال : بصنع الله يستدل عليه ، وبالعقول يعتقد
    معرفته ، وبالنظر يثبت حجته ، معلوم بالدلالات ، مشهور بالبينات ، إلى آخر الخطبة .
    وخطبه في هذا المعنى أكثر من أن تحصى .
    وقال الحسن عليه‌السلام : والله ما يعبد الله إلا من عرفه ، فأما من لم يعرفه فإنما يعبده
    هكذا ضلالاً ، وأشار بيده .
    وقال الصادق عليه‌السلام : وجدت علم الناس في أربع : أولها أن تعرف ربك ، والثاني أن
    تعرف ما صنع بك ، والثالث أن تعرف ما أراد منك ، والرابع أن تعرف ما يخرجك من
    دينك . . . .


    فإن قالوا : أكثر من أومأتم إليه إذا سألته عن ذلك لا يحسن الجواب عنه .
    قلنا : وذلك أيضاً لا يلزم ، لأنه لا يمتنع أن يكون عارفاً على الجملة وإن
    تعذرت عليه العبارة عما يعتقده ، فتعذر العبارة عما في النفس لا يدل على بطلان
    ذلك ولا ارتفاعه .
    ـ الرسالة السعدية للعلامة الحلي ص 3 ـ 9
    وقد حرم الله تعالى على جميع العبيد سلوك طريق التقليد ، بل أوجب البحث
    في أصول العقايد اليقينية وتحصيلها باستعمال البراهين القطعية . . . . المقدمة الثانية
    في تحريم التقليد . طلب الله تعالى من المكلف اعتقاداً جازماً يقينياً مأخوذاً من
    الحجج والأدلة ، وذلك في المسائل الأصولية ، واعتقاداً مستفاداً إما من الحجة ، أو
    من التقليد في المسائل الفروعية .
    ـ رسائل المحقق الكركي ج 1 ص 59
    يجب على كل مكلف حرّ وعبد ذكر وأنثى أن يعرف الأصول الخمسة التي هي
    أركان الإيمان ، وهي : التوحيد ، والعدل ، والنبوة ، والإمامة ، والمعاد ، بالدليل لا
    بالتقليد . ومن جهل شيئاً من ذلك لم ينتظم في سلك المؤمنين ، واستحق العقاب
    الدائم مع الكافرين .
    ـ رسائل المحقق الكركي ج 1 ص 80 وج 3 ص 173
    ويجب أمام فعلها معرفة الله تعالى ، وصفاته الثبوتية والسلبية ، وعدله وحكمته ،
    ونبوة نبينا محمد صلوات الله عليه وآله ، وإمامة الأئمة عليهم‌السلام والإقرار بكل ما جاء به
    النبي صلوات الله عليه وآله من أحوال المعاد ، بالدليل لا بالتقليد .
    قوله : بالدليل لا بالتقليد ، الدليل هو ما يلزم من العلم به العلم بشئ آخر إثباتاً أو
    نفياً . والتقليد هو الأخذ بقول الغير من غير حجة ملزمة ، مأخوذ من تقليده بالقلادة


    وجعلها عنقه كأن المقلد يجعل ما يعتقده من قول الغير من حق أو باطل قلادة في
    عنق من قلده .
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 56
    إعلم أن العلماء أطبقوا على وجوب معرفة الله تعالى بالنظر وأنها لا تحصل
    بالتقليد ، إلا من شذ منهم كعبد الله بن الحسن العنبري والحشوية والتعليمية ، حيث
    ذهبوا إلى جواز التقليد في العقائد الأصولية ، كوجود الصانع وما يجب له ويمتنع ،
    والنبوة ، والعدل وغيرها ، بل ذهب إلى وجوبه .
    لكن اختلف القائلون بوجوب المعرفة في أنه عقلي أو سمعي ، فالإمامية
    والمعتزلة على الأول والأشعرية على الثاني ، ولا غرض لنا هنا ببيان ذلك ، بل ببيان
    أصل الوجوب المتفق عليه .
    من ذلك : أن لله تعالى على عبده نعماً ظاهرة وباطنة لا تحصى ، يعلم ذلك كل
    عاقل ، ويعلم أنها ليست منه ولا من مخلوق مثله . ويعلم أيضاً أنه إذا لم يعترف
    بإنعام ذلك المنعم ولم يذعن بكونه هو المنعم لا غيره ولم يسع في تحصيل
    مرضاته ، ذمه العقلاء ، ورأوا سلب تلك النعم عنه حسناً ، وحينئذ فتحكم ضرورة
    العقل بوجوب شكر ذلك المنعم . ومن المعلوم أن شكره على وجه يليق بكمال ذاته
    يتوقف على معرفته ، وهي لا تحصل بالظنيات كالتقليد وغيره ، لاحتمال كذب
    المخبر وخطأ الإمارة ، فلا بد من النظر المفيد للعلم .
    وهذا الدليل إنما يستقيم على قاعدة الحسن والقبح ، والأشاعرة ينكرون ذلك ،
    لكنه كما يدل على وجوب المعرفة بالدليل ، يدل أيضاً على كون الوجوب عقلياً .
    واعترض أيضاً بأنه مبني على وجوب ما لا يتم الواجب المطلق الآبه ، وفيه أيضاً
    منع للأشاعرة . ومن ذلك أن الأمة اجتمعت على وجوب المعرفة ، والتقليد وما في
    حكمه لا يوجب العلم ، إذ لو أوجبه لزم اجتماع الضدين في مثل تقليد من يعتقد
    حدوث العالم ويعتقد قدمه .


    وقد اعترض على هذا بمنع الإجماع ، كيف والمخالف معروف ، بل عورض
    بوقوع الإجماع على خلافه ، وذلك لتقرير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه العوام على إيمانهم
    وهم الأكثرون في كل عصر ، مع عدم الإستفسار عن الدلائل الدالة على الصانع
    وصفاته ، مع أنهم كانوا لا يعلمونها ، وإنما كانوا مقرين باللسان ومقلدين في
    المعارف ، ولو كانت المعرفة واجبة لما جاز تقريرهم على ذلك مع الحكم بإيمانهم .
    وأجيب عن هذا : بأنهم كانوا يعلمون الأدلة إجمالاً ، كدليل الإعرابي حيث قال :
    البعرة تدل على البعير ، وأثر الأقدام على المسير ، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات
    فجاج لا تدلان على اللطيف الخبير ؟ ! فلذا أقروا ولم يسألوا عن اعتقاداتهم ، أو أنهم
    كان يقبل منهم ذلك للتمرين ، ثم يبين لهم ما يجب عليهم من المعارف بعد حين .
    ومن ذلك : الإجماع أنه لا يجوز تقليد غير المحق ، وإنما يعلم المحق من غيره
    بالنظر في أن ما يقوله حق أم لا ، وحينئذ فلا يجوز له التقليد إلا بعد النظر
    والإستدلال ، وإذا صار مستدلاً امتنع كونه مقلداً ، فامتنع التقليد في المعارف الإلۤهية .
    ونقض ذلك بلزوم مثله في الشرعيات ، فإنه لا يجوز تقليد المفتي إلا إذا كانت
    فتياه عن دليل شرعي ، فإن اكتفى في الإطلاع على ذلك بالظن وإن كان مخطئاً في
    نفس الأمر لحط ذلك عنه ، فليجز مثله في مسائل الأصول .
    وأجيب بالفرق بأن الخطأ في مسائل الأصول يقتضي الكفر بخلافه في الفروع ،
    فساغ في الثانية ما لم يسغ في الأولى .
    إحتج من أوجب التقليد في مسائل الأصول بأن العلم بأمر الله غير ممكن ، لأن
    المكلف به إن لم يكن عالماً به تعالى إمتنع أن يكون عالماً بأمره ، وحال امتناع كونه
    عالماً بأمره يمتنع كونه مأموراً من قبله ، وإلا لزم تكليف ما لا يطاق ، وإن كان عالماً به
    استحال أيضاً أمره بالعلم به لاستحالة تحصيل الحاصل .
    والجواب عن ذلك على قواعد الإمامية والمعتزلة ظاهر ، فإن وجوب النظر
    والمعرفة عندهم عقلي لا سمعي . نعم يلزم ذلك على قواعد الأشاعرة ، إذ الوجوب
    عندهم سمعي .

    أقول : ويجاب أيضاً معارضةً ، بأن هذا الدليل كما يدل على امتناع العلم
    بالمعارف الأصولية ، يدل على امتناع التقليد فيها أيضاً ، فينسد باب المعرفة بالله
    تعالى ، وكل من يرجع إليه في التقليد لا بد وأن يكون عالماً بالمسائل الأصولية ليصح
    تقليده ، ثم يجرى الدليل فيه فيقال : علم هذا الشخص بالله تعالى غير ممكن ، لأنه
    حين كلف به إن لم يكن عالماً به تعالى استحال أن يكون عالماً بأمره بالمقدمات ،
    وكل ما أجابوا به فهو جوابنا ، ولا مخلص لهم إلا أن يعترفوا بأن وجوب المعرفة
    عقلي ، فيبطل ما ادعوه من أن العلم بالله تعالى غير ممكن ، أو سمعي فكذلك .
    فإن قيل : ربما حصل العلم لبعض الناس بتصفية النفس أو إلهام إلى غير ذلك
    فيقلده الباقون .
    قلنا : هذا أيضاً يبطل قولكم أن العلم بالله تعالى غير ممكن ، نعم ما ذكروه يصلح
    أن يكون دليلاً على امتناع المعرفة بالسمع ، فيكون حجة على الأشاعرة ، لا دليلاً
    على وجوب التقليد .
    واحتجوا أيضاً بأن النهي عن النظر قد ورد في قوله تعالى : مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا
    الَّذِينَ كَفَرُوا . والنظر يفتح باب الجدال فيحرم . ولأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى الصحابة يتكلمون في
    مسألة القدر ، فنهى عن الكلام فيها وقال : إنما هلك من كان قبلكم بخوضهم هذا ،
    ولقوله عليه‌السلام : عليكم بدين العجائز ، والمراد ترك النظر ، فلو كان واجباً لم يكن منهياً عنه .
    وأجيب عن الأول : إن المراد الجدال بالباطل ، كما في قوله تعالى : وَجَادَلُوا
    بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ، لا الجدال بالحق لقوله تعالى : وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ
    أَحْسَنُ ، والأمر بذلك يدل على أن الجدال مطلقاً ليس منهياً عنه .
    وعن الثاني : بأن نهيهم عن الكلام في مسألة القدر على تقدير تسليمه لا يدل على
    النهي عن مطلق النظر ، بل عنه في مسألة القدر ، كيف وقد ورد الإنكار على تارك
    النظر في قوله تعالى : أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم مَّا خَلَقَ اللَّهُ ، وقد أثنى على فاعله في
    قوله تعالى : وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .


    على أن نهيهم عن الخوض في القدر لعله لكونه أمراً غيبياً وبحراً عميقاً ، كما
    أشار إليه علي عليه‌السلام بقوله : بحر عميق فلا تلجه . بل كان مراد النبي تفويض مثل ذلك
    إلى الله تعالى ، لأن ذلك ليس من الأصول التي يجب اعتقادها ، والبحث عنها مفصلة .
    وهاهنا جواب آخر عنهما معاً ، وهو أن النهي في الآية والحديث مع قطع النظر
    عما ذكرناه إنما يدل على النهي عن الجدال الذي لا يكون إلا عن متعدد ، بخلاف
    النظر فإنه يكون من واحد ، فهو نصب الدليل على غير المدعى .
    وعن الثالث : بالمنع من صحة نسبته إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن بعضهم ذكر أنه من
    مصنوعات سفيان الثوري ، فإنه روى أن عمر بن عبد الله المعتزلي قال : إن بين الكفر
    والإيمان منزلة بين منزلتين ، فقالت عجوز ، قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ
    كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ، فلم يجعل من عباده إلا الكافر والمؤمن ، فسمع سفيان كلامها ،
    فقال : عليكم بدين العجائز .
    على أنه لو سلم فالمراد به التفويض إلى الله تعالى في قضائه وحكمه والإنقياد له
    في أمره ونهيه .
    واحتج من جوز التقليد : بأنه لو وجب النظر في المعارف الإلۤهية لوجد من
    الصحابة ، إذ هم أولى به من غيرهم ، ولم يوجد وإلا لنقل كما نقل عنهم النظر
    والمناظرة في المسائل الفقهية ، فحيث لم ينقل لم يقع ، فلم يجب .
    وأجيب : بالتزام كونهم أولى به لكنهم نظروا ، وإلا لزم نسبتهم إلى الجهل بمعرفة الله
    تعالى ، وكون الواحد منا أفضل منهم ، وهو باطل إجماعاً ، وإذا كانوا عالمين وليس
    بالضرورة فهو بالنظر والإستدلال . وأما إنه لم ينقل النظر والمناظرة ، فلإتفاقهم على
    العقائد الحقة ، لوضوح الأمر عندهم ، حيث كانوا ينقلون عقائدهم عمن لا ينطق عن
    الهوى ، فلم يحتاجوا إلى كثرة البحث والنظر ، بخلاف الأخلاف بعدهم فإنهم لما كثرت
    شبه الضالين ، واختلفت أنظار طالبي اليقين لتفاوت أذهانهم في إصابة الحق ، احتاجوا
    إلى النظر والمناظرة ، ليدفعوا بذلك شبه المضلين ويقفوا على اليقين .

    أما المسائل الفروع ، فإنها لما كانت أموراً ظنية اجتهادية خفية ، لكثرة تعارض
    الإمارات فيها ، وقع بينهم الخلاف فيها والمناظرة والتخطئة لبعضهم من بعض ، فلذا
    نقل .
    واحتجوا أيضاً : بأن النظر مظنة الوقوع في الشبهات والتورط في الضلالات
    بخلاف التقليد فإنه أبعد عن ذلك وأقرب إلى السلامة فيكون أولى ، ولأن الأصول
    أغمض أدلة من الفروع وأخفى ، فإذا جاز التقليد في الأسهل جاز في الأصعب
    بطريق أولى ، ولأنهما سواء في التكليف بهما ، فإذا جاز في الفروع فليجز في الأصول .
    وأجيب عن الأول : بأن اعتقاد المعتقد إن كان عن تقليد ، لزم إما التسلسل ، أو
    الإنتهاء إلى من يعتقد عن نظر لانتفاء الضرورة ، فيلزم ما ذكرتم من المحذور مع زيادة
    وهي احتمال كذب المخبر ، بخلاف الناظر مع نفسه ، فإنه لا يكابر نفسه فيما أدى
    إليه نظره .
    على أنه لو اتفق الإنتهاء إلى من اتفق له العلم بغير النظر كتصفية الباطن كما ذهب
    إليه بعضهم ، أو بالإلهام ، أو بخلق العلم فيه ضرورة ، فهو إنما يكون لأفراد نادرة ،
    لأنه على خلاف العادة ، فلا يتيسر لكل أحد الوصول إليه مشافهة بل بالوسائط ،
    فيكثر احتمال الكذب ، بخلاف الناظر فإنه لا يكابر نفسه ، ولأنه أقرب إلى الوقوع
    في الصواب .
    إن قلت : ما ذكرت من الجواب إنما يدل على كون النظر أولى من التقليد ، ولا يدل
    على عدم جوازه ، فجواز التقليد باق لم يندفع ، على أن ما ذكرته من احتمال الكذب
    جار في الفروع ، فلو منع من التقليد فيها لمنع في الأصول .
    قلت : متى سلمت الأولوية وجب العمل بها ، وإلا لزم العمل بالمرجوح مع تيسر
    العمل بالراجح ، وهو باطل بالإجماع ، لا سيما في الإعتقاديات .
    وأما الجواب عن العلاوة ، فلأنه لما كان الطريق إلى العمل بالفروع إنما هو النقل
    ساغ لنا التقليد فيها ، ولم يقدح احتمال كذب المخبر ، وإلا لانسد باب العمل فيها ،



    بخلاف الإعتقادات فإن الطريق إليها بالنظر ميسر ، فاعتبر قدح الإحتمال في
    التقليد فيها .
    وأما احتمال الخطأ في النظر ، فإنه وإن أمكن إلا أنه نادر جداً بالقياس إلى الخطأ
    في النقل ، فكان النظر أرجح ، وقد بينا أن العمل بالأرجح واجب .
    وأجيب عن الثاني : أولاً بالمنع من كونها أغمض أدلة ، بل الأمر بالعكس لتوقف
    الشرعيات على العقليات عملاً وعلماً .
    وثانياً بالمنع من الملازمة ، فإن كونها أغمض أدلة لا يستلزم جواز التقليد فيها
    فضلاً عن كونه أولى ، لأن المطلوب فيها اليقين ، بخلاف الشرعيات فإن المطلوب
    فيها الظن اتفاقاً . ومن هذا ظهر الجواب عن الثالث .
    واحتجوا أيضاً : بأن هذه العلوم إنما تحصل بعد الممارسة الكثيرة والبحث
    الطويل ، وأكثر الصحابة لم يمارسوا شيئاً منها ، فكان اعتقادهم عن تقليد .
    وأجيب : بأنهم لمشاهدتهم المعجزات وقوة معارفهم بكثرة البينات من صاحب
    الوحي عليه‌السلام لم يحتاجوا في تيقن تلك المعارف إلى بحث كثير في طلب الأدلة عليها .
    أقول : ومما يبطل به مذهب القائلين بالتقليد أنه إما أن يفيد العلم أولاً ، فإن أفاده
    لزم اجتماع الضدين فيما لو قلد واحداً في قدم العالم وآخر في حدوثه ، وهو ظاهر .
    وإن لم يفده وجب ترجيح النظر عليه ، إذ من المعلوم ضرورة أن النظر الصحيح يفيد
    العلم ، فإذا ترجح النظر عليه وجب اعتباره وترك المرجوح اجماعاً .
    وأقول : مما يدل على اعتبار اليقين في الإيمان أن الأمة فيه على قولين : قول
    باعتبار اليقين فيما يتحقق به الإيمان . وقول بالإكتفاء بالتقليد أو ما في حكمه فإذا
    انتفى الثاني بما ذكرناه من الأدلة ثبت الأول .
    وأقول أيضاً مما يصلح شاهداً على ذلك قوله تعالى : قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ
    تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ، فنفى ما زعموه إيماناً ،
    وهو التصديق القولي ، بل ما سوى التصديق الجازم ، حيث لم يثبت لهم من الإيمان


    إلا ما دخل القلب . ولا ريب أن ما دخل القلب يحصل به الإطمئنان ، ولا اطمئنان في
    الظن وشبهه لتجويز النقيض معه ، فيكون الثبات والجزم معتبراً في الإيمان .
    فإن قلت : قوله تعالى حكاية عن إبراهيم : أو لم تؤمن ؟ قال بلى ، ولكن ليطمئن
    قلبي ، يدل على أن الجزم والثبات غير معتبر في الإيمان ، وإلا لما أخبر عليه‌السلام عن نفسه
    بالإيمان ، بقوله بلى مع أن قوله ( وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) يدل على أنه لم يكن مطمئناً
    فلم يكن جازماً .
    قلت : يمكن الجواب بأنه عليه‌السلام طلب العلم بطريق المشاهدة ، ليكون العلم بإحياء
    الموتى حاصلاً له من طريق الأبصار والمشاهدة ، ويكون المراد من اطمئنان قلبه عليه‌السلام
    استقراره وعدم طلبه لشئ آخر بعد المشاهدة ، مع كونه موقناً بإحياء الموتى قبل
    المشاهدة . أيضاً وليس المراد أنه لم يكن متيقناً قبل الإرائة ، فلم يكن مطمئناً ليلزم
    تحقق الإيمان مع الظن فقط .
    وأيضاً إنما طلب عليه‌السلام كيفية الإحياء ، فخوطب بالإستفهام التقريري على الإيمان
    بالكيف الذي هو نفس الإحياء ، لأن التصديق به مقدم على التصديق بالكيفية
    فأجاب عليه‌السلام بلى آمنت بقدرة الله تعالى على الإحياء ، لكني أريد الإطلاع على كيفية
    الإحياء ، ليطمئن قلبي بمعرفة تلك الكيفية الغريبة ، البديعة ، ولا ريب أن الجهل
    بمعرفة تلك الكيفية لا يضر بالإيمان ، ولا يتوقف على معرفتها . وأما سؤال الله
    سبحانه عن ذلك مع كونه عالماً بالسرائر ، فهو من قبيل خطاب المحب لحبيبه .
    إن قلت : فما الجواب أيضاً عن قوله تعالى : وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم
    مُّشْرِكُونَ ، فإنه يفهم من الآية الكريمة وصف الكافر المشرك بالإيمان حال شركه ، إذ
    الجملة الإسمية حالية ، فضلاً عن الإكتفاء بالظن وما في حكمه في الإيمان ، وهو
    ينافي اعتبار اليقين .
    قلت : لا ، فإن الآية الكريمة إنما دلت على إخباره تعالى عنهم بالإيمان بالصانع
    والتصديق بوجوده ، لكنهم لم يوحدوه في حالة تصديقهم به ، بل اعتقدوا له شريكاً



    تعالى الله عما يشركون . وحينئذ فيجوز كونهم جازمين بوجود الصانع تعالى مع
    كونهم غير موحدين ، فإن التوحيد مطلب آخر ، فكفرهم كان كذلك ، فلم يتحقق لهم
    الإيمان الشرعي بل الإيمان جزء منه ، وهو غير كاف .
    على أنه يجوز أن يكون المراد من الإيمان المنسوب إليهم في الآية الكريمة
    التصديق اللغوي ، وقد بينا سابقاً أنه أعم من الشرعي ، وليس النزاع فيه بل في
    الشرعي . ويكون المعنى والله أعلم : وما يؤمن أكثرهم بلسانه إلا وهو مشرك بقلبه ،
    أي حال إشراكه بقلبه ، نعوذ بالله من الضلالة . ونسأله حسن الهداية . هذا ما تيسر لنا
    من المقال في هذا المقام .
    ـ شرح المقاصد للتفتازاني ج 1 ص 266
    . . . . الثالث : أنا لا نسلم أن المعرفة الكاملة لا تحصل إلا بالنظر ، بل قد تحصل
    بالتعليم على ما يراه الملاحدة . . أو بقول المعصوم على ما يراه الشيعة . . . .
    المعرفة والعمل
    اشتراط كل منهما بالآخر
    ـ نهج البلاغة ج 4 ص 50
    وسئل عليه‌السلام عن الإيمان فقال : الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان .
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 32
    . . . وأنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم ، فإن رفعة الذين يعلمون ما
    عظمته أن يتواضعوا له ، وسلامة الذين يعلمون ما قدرته أن يستسلموا له .
    ـ الكافي ج 1 ص 44
    محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن ابن


    مسكان ، عن حسين الصيقل قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يقبل الله عملاً إلا
    بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل ، فمن عرف دلته المعرفة على العمل ، ومن لم يعمل فلا
    معرفة له . ألا إن الإيمان بعضه من بعض .
    ـ الكافي ج 2 ص 33 ـ 37
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد قال : حدثنا
    أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : أيها العالم أخبرني أي الأعمال
    أفضل عند الله ؟ قال : ما لا يقبل الله شيئاً إلا به ، قلت : وما هو ؟ قال : الإيمان بالله
    الذي لا إلا هو ، أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظاً ، قال : قلت ألا
    تخبرني عن الإيمان أقَوْلٌ هو وعمل أم قولٌ بلا عمل ؟ فقال : الإيمان عمل كله
    والقول بعض ذلك العمل ، بفرض من الله ، بين في كتابه ، واضح نوره ، ثابتة حجته ،
    يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه .
    قال : قلت : صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه .
    قال : الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل ، فمنه التام المنتهى تمامه ومنه
    الناقص البين نقصانه ومنه الراحج الزائد رجحانه .
    قلت : إن الإيمان ليتم وينقص ويزيد ؟
    قال : نعم .
    قلت : كيف ذلك ؟
    قال : لأن الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه
    فيها ، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها ،
    فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر
    إلا عن رأيه وأمره ، ومنها عيناه اللتان يبصر بهما ، وأذناه اللتان يسمع بهما ، ويداه
    اللتان يبطش بهما ، ورجلاه اللتان يمشي بهما ، وفرجه الذي الباه من قبله ، ولسانه
    الذي ينطق به ، ورأسه الذي فيه وجهه . فليس من هذه جارحة إلا وقد وكلت من



    الإيمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تبارك اسمه ، ينطق به الكتاب لها
    ويشهد به عليها .
    ففرض على القلب غير ما فرض على السمع ، وفرض على السمع غير ما فرض
    على العينين ، وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان ، وفرض على اللسان
    غير ما فرض على اليدين ، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين ، وفرض
    على الرجلين غير ما فرض على الفرج ، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه .
    فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم
    بأن لا إلۤه إلا الله وحده لا شريك له ، إلۤهاً واحداً ، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً ، وأن
    محمداً عبده ورسوله صلوات الله عليه وآله ، والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو
    كتاب ، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله ، وهو قول الله
    عز وجل : إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ، وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا .
    وقال : أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ .
    وقال : الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم .
    وقال : إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ
    مَن يَشَاءُ . . فذلك ما فرض الله عز وجل على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله
    وهو رأس الإيمان .
    وفرض الله على اللسان القول التعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به ، قال الله تبارك
    وتعالى : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ، وقال : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلۤهنا
    وإلۤهكم واحد ونحن له مسلمون . فهذا ما فرض الله على اللسان ، وهو عمله .
    وفرض على السمع أن يتنزه عن الإستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل
    له مما نهى الله عز وجل عنه والإصغاء إلى ما أسخط الله عز وجل ، فقال في ذلك :
    وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا
    مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ، ثم استثنى الله عز وجل موضع النسيان فقال :


    وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين . وقال : فبشر عباد
    الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا
    الألباب .
    وقال عز وجل : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ
    اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ .
    وقال : وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم .
    وقال : وإذا مروا باللغو مروا كراماً . فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان أن لا
    يصغي إلى ما لا يحل له ، وهو عمله وهو من الإيمان .
    وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه ، وأن يعرض عما نهى الله عنه
    مما لا يحل له ، وهو عمله وهو من الإيمان ، فقال تبارك وتعالى : قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
    مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ، فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء
    إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه . وقال : وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
    أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ، من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها وتحفظ فرجها من
    أن ينظر إليها .
    وقال : كل شئ في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا ، إلا هذه الآية فإنها من النظر .
    ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية أخرى فقال : وَمَا
    كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ ، يعني بالجلود :
    الفروج والأفخاذ .
    وقال : ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه
    مسؤولاً . فهذا ما فرض الله على العينين من غض البصر عما حرم الله عز وجل ، وهو
    عملهما وهو من الإيمان .
    وفرض الله على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرم الله ، وأن يبطش بهما إلى ما
    أمر الله عز وجل ، وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله



    والطهور للصلاة ، فقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
    وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ . وقال : فَإِذَا لَقِيتُمُ
    الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً
    حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا . فهذا ما فرض الله على اليدين لأن الضرب من علاجهما .
    وفرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شئ من معاصي الله ، وفرض عليهما
    المشي إلى ما يرضي الله عز وجل فقال : وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ
    الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ، وقال : وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ
    أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ، وقال فيما شهدت الأيدي والأرجل على أنفسهما
    وعلى أربابهما من تضييعهما لما أمر الله عز وجل به وفرضه عليهما : الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ
    أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ .
    فهذا أيضاً مما فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الإيمان .
    وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال : يَا أَيُّهَا
    الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . فهذه
    فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين ، وقال في موضع آخر : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ
    لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا .
    وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصلاة بها وذلك أن الله عز وجل لما
    صرف نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الكعبة عن البيت المقدس فأنزل الله عز وجل : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
    إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ، فسمى الصلاة إيماناً فمن لقي الله عز وجل
    حافظاً لجوارحه موفياً كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عز وجل عليها لقي الله
    عز وجل مستكملاً لإيمانه ، وهو من أهل الجنة . ومن خان في شئ منها أو تعدى ما
    أمر الله عز وجل فيها لقي الله عز وجل ناقص الإيمان .
    قلت : قد فهمت نقصان الإيمان وتمامه ، فمن أين جاءت زيادته .
    فقال : قول الله عز وجل : وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ


    إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ
    فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ . وقال : نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا
    بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ، ولو كان كله واحداً لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لأحد منهم
    فضل على الآخر ، ولاستوت النعم فيه ولاستوى الناس وبطل التفضيل . ولكن بتمام
    الإيمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند
    الله ، وبالنقصان دخل المفرطون النار .
    ـ الكافي ج 2 ص 553
    عنه ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام دعاء في الرزق : يا الله يا الله يا الله ، أسألك بحق من
    حقه عليك عظيم أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن ترزقني العمل بما علمتني
    من معرفة حقك ، وأن تبسط على ما حظرت من رزقك .
    ـ دعائم الإسلام ج 1 ص 52
    . . . ثم قال أبو عبد الله جعفر بن محمد صلى الله عليه : . . . . وإنما يقبل الله عز
    وجل العمل من العباد بالفرائض التي افترضها عليهم بعد معرفة من جاء بها من عنده
    ودعاهم إليه ، فأول ذلك معرفة من دعا إليه ، وهو الله الذي لا إله إلا هو وحده ،
    والإقرار بربوبيته ، ومعرفة الرسول الذي بلغ عنه ، وقبول ما جاء به ، ثم معرفة الوصي
    ثم معرفة الأئمة بعد الرسل الذين افترض الله طاعتهم في كل عصر وزمان على أهله ،
    والإيمان والتصديق بأول الرسل والأئمة وآخرهم . ثم العمل بما افترض الله عز وجل
    على العباد من الطاعات ظاهراً وباطناً ، واجتناب ما حرم الله عز وجل عليهم ظاهره
    وباطنه ، وإنما حرم الظاهر بالباطن ، والباطن بالظاهر معاً جميعاً ، والأصل والفرع ،
    فباطن الحرام حرام كظاهره ، ولا يسع تحليل أحدهما ، ولا يجوز ولا يحل إباحة
    شيء منه ، وكذلك الطاعات مفروض على العباد إقامتها ، ظاهرها وباطنها ، لا يجزي
    إقامة ظاهر منها دون باطن ولا باطن دون ظاهر ، ولا تجوز صلاة الظاهر مع ترك صلاة



    الباطن ، ولا صلاة الباطن مع ترك صلاة الظاهر . وكذلك الزكاة ، والصوم والحج
    والعمرة ، وجميع فرائض الله افترضها على عباده ، وحرماته وشعائره .
    ـ وسائل الشيعة ج 11 ص 260
    وفي عيون الأخبار بأسانيده عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام في كتابه إلى
    المأمون قال : الإيمان هو أداء الأمانة ، واجتناب جميع الكبائر ، وهو معرفة بالقلب ،
    وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان . إلى أن قال : واجتناب الكبائر وهي : قتل النفس التي
    حرم الله تعالى ، والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من
    الزحف ، وأكل مال اليتيم ظلماً ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به
    من غير ضرورة ، وأكل الربا بعد البينة ، والسحت ، والميسر وهو القمار ، والبخس في
    المكيال والميزان ، وقذف المحصنات ، والزنا ، واللواط ، واليأس من روح الله ،
    والأمن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، ومعونة الظالمين ، والركون اليهم ،
    واليمين الغموس ، وحبس الحقوق من غير عسر ، والكذب والكبر ، والإسراف
    والتبذير ، والخيانة ، والإستخفاف بالحج ، والمحاربة لأولياء الله ، والإشتغال
    بالملاهي ، والإصرار على الذنوب . ورواه ابن شعبة في ( تحف العقول ) مرسلاً نحوه .
    ـ وروت مصادر إخواننا السنة اقتران المعرفة والعمل عن علي عليه السلام ، ففي كنز
    العمال ج 1 ص 273 عن علي قال : سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الإيمان ما هو ؟ قال : معرفة
    بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان ـ أبو عمرو بن حمدان في فوائده .
    ـ وفي سنن ابن ماجة ج 1 ص 25
    حدثنا سهل بن أبي سهل ومحمد بن إسماعيل قالا ثنا عبد السلام بن صالح أبو
    الصلت الهروي ، ثنا علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ،
    عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلی الله
    عليه وسلم : الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان . قال أبو الصلت :


    لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبرأ . انتهى ورواه البيهقى في شعب الإيمان ج1 ص 47
    ورواه في كنز العمال ج 1 ص 273 ، بعدة روايات عن علي عليه‌السلام . ونحوه الجزري في أسنى
    المطالب ج 1 ص 125
    ـ وفي مروج الذهب للمسعودي ج 4 ص 171
    قال علي بن محمد بن علي بن موسى عن أبيه عن أجداده عن علي رضي‌الله‌عنه قال
    رسول الله ( ص ) : أكتب يا علي ، قلت وما أكتب ؟
    قال لي : أكتب : بسم الله الرحمن الرحيم . الإيمان ما وقرته القلوب ، وصدقته
    الأعمال ، والإسلام ما جرى به اللسان ، به المناكحة .
    ـ وفي إرشاد الساري ج 1 ص 86 ـ 87
    الإيمان قول وفعل . . وهو موافق لقول السلف اعتقاد بالقلب ونطق اللسان . وقال
    المتأخرون منهم الأشعرية ، ووافقهم ابن الراوندي من المعتزلة : هو تصديق الرسول
    ( ص ) بما علم مجيئه به . . . .
    إذا تقرر هذا فاعلم أن الايمان ( يزيد ) بالطاعة ( وينقص ) بالمعصيه كما عند
    المؤلف وغيره وأخرجه أبو نعيم . . . . بل قال به من الصحابه عمر بن الخطاب وعلي
    بن أبي طالب . . . . ومن التابعين كعب الأحبار . . . . وعمر بن عبد العزيز . . . . أما توقف
    مالك رحمه‌الله عن القول بنقصانه فخشية أن يتأول عليه موافقة الخوارج .
    أفضل الأعمال بعد معرفة العقائد
    ـ الكافي ج 2 ص 130 و 317
    محمد بن مسلم بن عبيد الله قال سئل علي بن الحسين عليهما‌السلام أي الأعمال أفضل
    عند الله ؟ قال : ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من
    بغض الدنيا فإن لذلك لشعباً كثيرة ، وللمعاصي شعب فأول ما عصي الله به الكبر ،
    معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين ، ثم الحرص وهي معصية آدم



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:46 pm

    وحواء عليهما‌السلام حين قال الله عز وجل لهما : فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ
    فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ . فأخذا ما لا حاجة بهما إليه ، فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم
    القيامة ، وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه ، ثم الحسد وهي معصية
    ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله ، فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب
    الرئاسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة ، فصرن سبع خصال
    فاجتمعن كلهن في حب الدنيا ، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك : حب الدنيا
    رأس كل خطيئة ، والدنيا دنيا آن : دنيا بلاغ ، ودنيا ملعونة . انتهى . ورواه في وسائل
    الشيعة ج 11 ص 308
    ـ الكافي ج 3 ص 264
    ـ حدثني محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن
    محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به
    العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو ؟ فقال : ما أعلم شيئاً بعد المعرفة
    أفضل من هذه الصلاة ، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى ابن مريم عليه‌السلام قال : وأوصاني
    بالصلاة والزكوة ما دمت حياً . انتهى . ورواه في وسائل الشيعة ج 1 ص 17 وج 11 ص 308
    أقل ما يجب ، وأقصى ما يمكن ، من المعرفة
    ـ الكافي ج 1 ص 91
    محمد بن أبي عبد الله رفعه ، عن عبد العزيز بن المهتدي قال : سألت الرضا عليه‌السلام
    عن التوحيد فقال : كل من قرأ قل هو الله احد وآمن بها فقد عرف التوحيد ، قلت :
    كيف يقرؤها ؟ قال : كما يقرؤها الناس وزاد فيه كذلك الله ربي ، كذلك الله ربي .
    ـ الكافي ج 1 ص 91
    أحمد بن ادريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي
    أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن اليهود سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله


    فقالوا : أنسب لنا ربك ، فلبث ثلاثاً لا يجيبهم ثم نزل : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، إلى آخرها .
    ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن الحسين ، عن ابن
    محبوب ، عن حماد بن عمرو النصيبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألت أبا عبد الله
    عن قل هو الله أحد فقال : نسبة الله إلى خلقه أحداً صمداً أزلياً صمدياً لا ظل له
    يمسكه وهو يمسك الأشياء بأظلتها ، عارف بالمجهول ، معروف عند كل جاهل ،
    فردانياً ، لا خلقه فيه ولا هو خلقه ، غير محسوس ولا محسوس ، لا تدركه الأبصار ،
    علا فقرب ودنا فبعد ، وعصي فغفر وأطيع فشكر ، لا تحويه أرضه ولا تقله سماواته ،
    حامل الأشياء بقدرته ديمومي أزلي لا ينسى ولا يلهو ولا يغلط ولا يلعب ،
    ولا لإرادته فصل وفصله جزاء وأمره واقع ، لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك ، ولم
    يكن له كفواً أحد .
    ـ دعائم الإسلام ج 1 ص 13
    وعنه صلوات الله عليه أنه قيل له : يا أمير المؤمنين ما أدنى ما يكون به العبد
    مؤمناً ، وما أدنى ما يكون به كافراً ، وما أدنى ما يكون به ضالاً ؟
    قال : أدنى ما يكون به مؤمناً أن يعرفه الله نفسه فيقر له بالطاعة ، وأن يعرفه الله
    نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقر له بالطاعة ، وأن يعرفه الله حجته في أرضه وشاهده على خلقه فيعتقد
    إمامته فيقر له بالطاعة .
    قيل : وإن جهل غير ذلك ؟ قال : نعم ولكن إذا أمر أطاع وإذا نهي انتهى .
    وأدنى ما يصير به مشركاً أن يتدين بشئ مما نهى الله عنه فيزعم أن الله أمر به ، ثم
    ينصبه ديناً ويزعم أنه يعبد الذي أمر به وهو غير الله عز وجل . وأدنى ما يكون به
    ضالاً أن لا يعرف حجة الله في أرضه وشاهده على خلقه فيأتم به .
    ـ الرسائل للشيخ الأنصاري ج 1 ص 275
    وقد ذكر العلامة في الباب الحادي عشر فيما يجب معرفته على كل مكلف ، من
    تفاصيل التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد ، أموراً لا دليل على وجوبها كذلك ، مدعياً



    أن الجاهل بها عن نظر واستدلال خارج عن ربقة الإيمان مستحق للعذاب الدائم .
    وهو في غاية الإشكال .
    نعم يمكن أن يقال : إن مقتضى عموم وجوب المعرفة ، مثل قوله تعالى : وَمَا
    خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، أي ليعرفون . وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما أعلم بعد المعرفة
    أفضل من هذه الصلوات الخمس ، بناء على أن الأفضلية من الواجب ، خصوصاً مثل
    الصلاة ، تستلزم الوجوب .
    وكذا عمومات وجوب التفقه في الدين الشامل للمعارف بقرينة استشهاد
    الإمام عليه‌السلام بها ، لوجوب النفر لمعرفة الإمام بعد موت الإمام السابق عليه‌السلام وعمومات
    طلب العلم هو وجوب معرفة الله جل ذكره ومعرفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليه‌السلام ومعرفة ما
    جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كل قادر يتمكن من تحصيل العلم ، فيجب الفحص حتى
    يحصل اليأس ، فإن حصل العلم بشئ من هذه التفاصيل اعتقد وتدين به ، وإلا توقف
    ولم يتدين بالظن لو حصل له .
    ومن هنا قد يقال : إن الإشتغال بالعلم المتكفل لمعرفة الله ومعرفة أوليائه صلوات
    الله عليهم أهم من الإشتغال بعلم المسائل العلمية بل هو المتعين ، لأن العمل يصح
    عن تقليد ، فلا يكون الإشتغال بعلمه إلا كفائياً بخلاف المعرفة .
    هذا ، ولكن الإنصاف ممن جانب الإعتساف يقتضي الإذعان بعدم التمكن من
    ذلك إلا للأوحدي من الناس ، لأن المعرفة المذكورة لا تحصل إلا بعد تحصيل قوة
    استنباط المطالب من الأخبار وقوة نظرية أخرى لئلا يأخذ بالأخبار المخالفة للبراهين
    العقلية ، ومثل هذا الشخص مجتهد في الفروع قطعاً ، فيحرم عليه التقليد . ودعوى
    جوازه له للضرورة ليس بأولى من دعوى جواز ترك الإشتغال بالمعرفة التي لا تحصل
    غالباً بالأعمال المبتنية على التقليد .
    هذا إذا لم يتعين عليه الإفتاء والمرافعة لأجل قلة المجتهدين . وأما في مثل زماننا
    فالأمر واضح .

    فلا تغتر حينئذ بمن قصر استعداده أو همته عن تحصيل مقدمات استنباط
    المطالب الإعتقادية الأصولية والعلمية عن الأدلة العقلية والنقلية ، فيتركها مبغضاً لها
    لأن الناس أعداء ما جهلوا ، ويشتغل بمعرفة صفات الرب جل ذكره وأوصاف
    حججه صلوات الله عليهم بنظر في الأخبار لا يعرف به من ألفاظها الفاعل من
    المفعول ، فضلاً عن معرفة الخاص من العام . وبنظر في المطالب العقلية لا يعرف به
    البديهيات منها ، ويشتغل في خلال ذلك بالتشنيع على حملة الشريعة العملية
    واستهزائهم بقصور الفهم وسوء النية ، فيسأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون . هذا كله
    حال وجوب المعرفة مستقلاً .
    وأما اعتبار ذلك في الإسلام أو الإيمان فلا دليل عليه ، بل يدل على خلافه
    الأخبار الكثيرة المفسرة لمعنى الإسلام والإيمان .
    ففي رواية محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه‌السلام المروية في الكافي : إن الله عز وجل
    بعث محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو بمكة عشر سنين ، ولم يمت بمكة في تلك العشر سنين
    أحد يشهد أن لا إلۤه إلا الله وأن محمداً رسول الله ، إلا أدخله الله الجنة بإقراره وهو
    إيمان التصديق .
    فإن الظاهر أن حقيقة الإيمان التي يخرج الإنسان بها عن حد الكفر الموجب
    للخلود في النار لم تتغير بعد انتشار الشريعة . نعم ظهر في الشريعة أمور صارت
    ضرورية الثبوت من النبي صلی الله عليه وسلم ، فيعتبر في الإسلام عدم إنكارها .
    لكن هذا لا يوجب التغيير ، فإن المقصود أنه لم يعتبر في الإيمان أزيد من
    التوحيد والتصديق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكونه رسولاً صادقاً فيما يبلغ . وليس المراد معرفة
    تفاصيل ذلك ، وإلا لم يكن من آمن بمكة من أهل الجنة أو كان حقيقة الإيمان بعد
    انتشار الشريعة غيرها في صدر الإسلام .
    وفي رواية سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن أدنى ما يكون به العبد مؤمناً



    أن يعرفه الله تبارك وتعالى إياه فيقر له بالطاعة ، ويعرفه نبيه فيقر له بالطاعة ، ويعرفه
    إمامه وحجته في أرضه وشاهده على خلقه فيقر له بالطاعة .
    فقلت له : يا أمير المؤمنين ! وإن جهل جميع الأشياء إلا ما وصفت قال : نعم .
    وهي صريحة في المدعى .
    وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جعلت فداك ، أخبرني عن الدين
    الذي افترضه الله تعالى على العباد ما لا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره ، ما هو ؟
    فقال : أعده علي ، فأعاد عليه ، فقال : شهادة أن لا إلۤه إلا الله وأن محمداً رسول الله ،
    وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ، وصوم شهر رمضان ،
    ثم سكت قليلاً ، ثم قال : والولاية والولاية ، مرتين ثم قال : هذا الذي فرض الله عز
    وجل على العباد ، لا يسأل الرب العباد يوم القيامة ، فيقول : ألا زدتني على ما
    افترضت عليك ، ولكن من زاد زاده الله . إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سن سنة حسنة ينبغي
    للناس الأخذ بها .
    ونحوها رواية عيسى بن السري ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : حدثني عما بنيت عليه
    دعائم الإسلام التي إذا أخذت بها زكى عملي . . . .
    وفي رواية أبي اليسع قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أخبرني عن دعائم الإسلام التي
    لا يسع أحداً التقصير عن معرفة شئ منها . . . . ( وقد أوردنا الروايتين في بحث معرفة
    الإمام )
    وفي رواية إسماعيل : قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الدين الذي لا يسع العباد
    جهله فقال : الدين واسع ، وإن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهلهم .
    فقلت : جعلت فداك أما أحدثك بديني الذي أنا عليه . فقال : بلى . قلت : أشهد
    أن لا إلۤه إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وأتولاكم
    وأبرأ من عدوكم ومن ركب رقابكم وتأمر عليكم وظلمكم حقكم . فقال : ما جهلت
    شيئاً . فقال : هو والله الذي نحن عليه . فقلت : فهل يسلم أحد لا يعرف هذا الأمر .


    قال : لا إلا المستضعفين . قلت : من هم قال : نساؤكم وأولادكم . قال : أرأيت أم أيمن !
    فإني أشهد أنها من أهل الجنة ، وما كانت تعرف ما أنتم عليه .
    فإن في قوله ( ما جهلت شيئاً ) دلالة واضحة على عدم اعتبار الزائد في أصل
    الدين . والمستفاد من الأخبار المصرحة بعدم اعتبار معرفة أزيد مما ذكر فيها في
    الدين ، وهو الظاهر أيضاً من جماعة من علمائنا الأخيار كالشهيدين في الألفية
    وشرحها ، والمحقق الثاني في الجعفرية ، وشارحها وغيرهم ، وهو أنه يكفي في
    معرفة الرب التصديق بكونه موجوداً وواجب الوجود لذاته والتصديق بصفاته
    الثبوتية الراجعة إلى صفتي العلم والقدرة ونفي الصفات الراجعة إلى الحاجة
    والحدوث ، وأنه لا يصدر منه القبيح فعلاً أو تركاً .
    والمراد بمعرفة هذه الأمور ركوزها في اعتقاد المكلف ، بحيث إذا سألته عن شئ
    مما ذكر أجاب بما هو الحق فيه ، وإن لم يعرف التعبير عنه بالعبارات المتعارفة على
    ألسنة الخواص .
    ويكفي في معرفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معرفة شخصه بالنسب المعروف المختص به ،
    والتصديق بنبوته وصدقه ، فلا يعتبر في ذلك الإعتقاد بعصمته ، أعني كونه معصوماً
    بالملكة من أول عمره إلى آخره . قال في المقاصد العلية : ويمكن اعتبار ذلك ، لأن
    الغرض المقصود من الرسالة لا يتم إلا به ، فينتفي بالفائدة التي باعتبارها وجب
    إرسال الرسل . وهو ظاهر بعض كتب العقائد المصدرة بأن من جهل ما ذكروه فيها
    فليس مؤمناً مع ذكرهم ذلك ، والأول غير بعيد عن الصواب . انتهى .
    أقول : والظاهر أن مراده ببعض كتب العقائد هو الباب الحادي عشر للعلامة قدس‌سره
    حيث ذكر تلك العبارة ، بل ظاهره دعوى إجماع العلماء عليه .
    نعم يمكن أن يقال : إن معرفة ما عدا النبوة واجبة بالإستقلال على من هو متمكن
    منه بحسب الإستعداد وعدم الموانع ، لما ذكرنا من عمومات وجوب التفقه وكون
    المعرفة أفضل من الصلوات الواجبة ، وأن الجهل بمراتب سفراء الله جل ذكره مع



    تيسر العلم بها تقصير في حقهم وتفريط في حبهم ونقص يجب بحكم العقل رفعه ،
    بل من أعظم النقائص .
    وقد أومأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ذلك حيث قال مشيراً إلى بعض العلوم الخارجة من
    العلوم الشرعية : إن ذلك علم لا يضر جهله . ثم قال : إنما العلوم ثلاثة ، آية محكمة
    وفريضة عادلة وسنة قائمة ، وما سواهن فهو فضل .
    وقد أشار إلى ذلك رئيس المحدثين في ديباجة الكافي ، حيث قسم الناس إلى
    أهل الصحة والسلامة وأهل المرض والزمانة ، وذكر وضع التكليف عن الفرقة
    الأخيرة .
    ويكفي في معرفة الأئمة صلوات الله عليهم ، معرفتهم بنسبهم المعروف
    والتصديق بأنهم أئمة يهدون بالحق ويجب الإنقياد إليهم والأخذ منهم . وفي وجوب
    الزائد على ما ذكر من عصمتهم الوجهان . وقد ورد في بعض الأخبار تفسير معرفة
    حق الإمام بمعرفة كونه إماماً مفترض الطاعة .
    ويكفي في التصديق بما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التصديق بما علم مجيؤه به متواتراً
    من أحوال المبدأ والمعاد ، كالتكليف بالعبادات والسؤال في القبر وعذابه والمعاد
    الجسماني والحساب والصراط والميزان والجنة والنار إجمالاً ، مع تأمل في اعتبار
    معرفة ما عدا المعاد الجسماني من تلك الأمور في الإيمان المقابل للكفر الموجب
    للخلود في النار ، للأخبار المتقدمة المستفيضة والسيرة المستمرة ، فإنا نعلم
    بالوجدان جهل كثير من الناس بها من أول البعثة إلى يومنا هذا . ويمكن أن يقال : إن
    المعتبر هو عدم إنكار هذه الأمور وغيرها من الضروريات ، لا وجوب الإعتقاد بها ،
    على ما يظهر من بعض الأخبار ، من أن الشاك إذا لم يكن جاحداً فليس بكافر . ففي
    رواية زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا .
    ونحوها غيرها . ويؤيدها ما عن كتاب الغيبة للشيخ قدس‌سره بإسناده عن الصادق عليه‌السلام : إن


    جماعة يقال لهم الحقية ، وهم الذين يقسمون بحق علي ولا يعرفون حقه وفضله ،
    وهم يدخلون الجنة .
    وبالجملة ، فالقول بأنه يكفي في الإيمان الإعتقاد بوجود الواجب الجامع
    للكمالات المنزه عن النقائص وبنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبإمامة الأئمة عليهم‌السلام والبراءة من
    أعدائهم ، والإعتقاد بالمعاد الجسماني الذي لا ينفك غالباً عن الإعتقادات السابقة
    غير بعيد ، بالنظر إلى الأخبار والسيرة المستمرة .
    وأما التدين بسائر الضروريات ففي اشتراطه ، أو كفاية عدم إنكارها ، أو عدم
    اشتراطه أيضاً ، فلا يضر إنكارها إلا مع العلم بكونها من الدين وجوه ، أقواها الأخير
    ثم الأوسط . وما استقربناه في ما يعتبر في الإيمان وجدته بعد ذلك في كلام محكي
    عن المحقق الورع الأردبيلي في شرح الإرشاد .
    ـ كفاية الأصول ص 329
    نعم يجب تحصيل العلم في بعض الإعتقادات لو أمكن ، من باب وجوب
    المعرفة لنفسها كمعرفة الواجب تعالى وصفاته ، أداء لشكر بعض نعمائه ، ومعرفة
    أنبيائه فإنهم وسائط نعمه وآلائه ، بل وكذا معرفة الإمام عليه‌السلام على وجه صحيح ،
    فالعقل يستقل بوجوب معرفة النبي ووصيه لذلك ، ولاحتمال الضرر في تركه .
    ولا يجب عقلاً معرفة غير ما ذكر ، إلا ما وجب شرعاً معرفته كمعرفة الإمام عليه‌السلام
    على وجه آخر غير صحيح ، أو أمر آخر مما دل الشرع على وجوب معرفته ، وما لا
    دلالة على وجوب معرفته بالخصوص ، لا من العقل ولا من النقل ، كان أصالة البراءة
    من وجوب معرفته محكمة . ولا دلالة لمثل قوله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ . .
    الآية ، ولا لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس .
    ولا لما دل على وجوب التفقه وطلب العلم من الآيات والروايات على وجوب
    معرفته بالعموم ، ضرورة أن المراد من ( ليعبدون ) هو خصوص عبادة الله ومعرفته ،
    والنبوي إنما هو بصدد بيان فضيلة الصلوات لا بيان حكم المعرفة ، فلا إطلاق فيه



    أصلاً . ومثل آية النفر ، إنما هو بصدد بيان الطريق المتوسل به إلى التفقه الواجب ، لا
    بيان ما يجب فقهه ومعرفته ، كما لا يخفى . وكذا ما دل على وجوب طلب العلم إنما
    هو بصدد الحث على طلبه لا بصدد بيان ما يجب العلم به .
    ثم إنه لا يجوز الإكتفاء بالظن فيما يجب معرفته عقلاً أو شرعاً حيث أنه ليس
    بمعرفة قطعاً ، فلا بد من تحصيل العلم لو أمكن ، ومع العجز عنه كان معذوراً إن كان
    عن قصور لغفلة أو لغموضة المطلب مع قلة الإستعداد ، كما هو المشاهد في كثير من
    النساء بل الرجال ، بخلاف ما إذا كان عن تقصير في الإجتهاد ، ولو لأجل حب طريقة
    الآباء والأجداد واتباع سيرة السلف ، فإنه كالجبلي للخلف ، وقلما عنه تخلف . ولا
    يصغى إلى ما ربما قيل : بعدم وجود القاصر فيها ، لكنه إنما يكون معذوراً غير معاقب
    على عدم معرفة الحق ، إذا لم يكن يعانده بل كان ينقاد له على إجماله لو احتمله .
    ـ حاشية السيد البروجردي على كفاية الأصول ج 2 ص 193
    فصل . إنما الثابت بمقدمات دليل الإنسداد في الأحكام هو حجية الظن فيها ، لا
    حجيته في تطبيق المأتي به في الخارج معها ، فيتبع مثلاً في وجوب صلاة الجمعة
    يومها ، لا في إتيانها ، بل لا بد من علم أو علمي بإتيانها ، كما لا يخفى . نعم ربما
    يجري نظير مقدمة الإنسداد في الأحكام في بعض الموضوعات الخارجية ، من
    انسداد باب العلم به غالباً ، واهتمام الشارع به بحيث علم بعدم الرضا بمخالفة الواقع
    بإجراء الأصول فيه مهما أمكن ، وعدم وجوب الإحتياط شرعاً أو عدم إمكانه عقلاً ،
    كما في موارد الضرر المردد أمره بين الوجوب والحرمة مثلاً ، فلا محيص عن اتباع
    الظن حينئذ أيضاً ، فافهم .
    خاتمة : يذكر فيها أمران استطراداً :
    الأول : هل الظن كما يتبع عند الإنسداد عقلاً في الفروع العملية ، المطلوب فيها
    أولاً العمل بالجوارح ، يتبع في الأصول الإعتقادية المطلوب فيها عمل الجوانح من
    الإعتقاد به وعقد القلب عليه وتحمله والإنقياد له ، أو لا . الظاهر لا ، فإن الأمر


    الإعتقادي وإن أنسد باب القطع به ، إلا أن باب الإعتقاد إجمالاً ـ بما هو واقعه
    والإنقياد له وتحمله ـ غير منسد ، بخلاف العمل بالجوارح فإنه لا يكاد يعلم مطابقته
    مع ما هو واقعه إلا بالإحتياط ، والمفروض عدم وجوبه شرعاً ، أو عدم جوازه عقلاً ،
    ولا أقرب من العمل على وفق الظن . وبالجملة : لا موجب مع إنسداد باب العلم في
    الإعتقاديات لترتيب الأعمال الجوانحية على الظن فيها ، مع إمكان ترتيبها على ما
    هو الواقع فيها ، فلا يتحمل إلا لما هو الواقع ، ولا ينقاد إلا له ، لا لما هو مظنونه ، وهذا
    بخلاف العلميات ، فإنه لا محيص عن العمل بالظن فيها مع مقدمات الإنسداد .
    نعم يجب تحصيل العلم في بعض الإعتقادات لو أمكن ، من باب وجوب
    المعرفة لنفسها ، كمعرفة الواجب تعالى وصفاته أداء لشكر بعض نعمائه ، ومعرفة
    أنبيائه ، فإنهم وسائط نعمه وآلائه ، بل وكذا معرفة الإمام عليه‌السلام على وجه صحيح ،
    فالعقل يستقل بوجوب معرفة النبي ووصيه لذلك ، ولإحتمال الضرر في تركه ، ولا
    يجب عقلاً معرفة غير ما ذكر ، إلا ما وجب شرعاً معرفته ، كمعرفة الإمام عليه‌السلام على
    وجه آخر غير صحيح ، أو أمر آخر مما دل الشرع على وجوب معرفته ، وما لا دلالة
    على وجوب معرفته بالخصوص ، لا من العقل ولا من النقل ، كان أصالة البراءة من
    وجوب معرفته محكمة .
    ولا دلالة لمثل قوله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ . . الآية ، ولا لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما
    أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس ، ولا لما دل على وجوب
    التفقه وطلب العلم من الآيات والروايات على وجوب معرفته بالعموم ، ضرورة أن
    المراد من ( ليعبدون ) هو خصوص عبادة الله ومعرفته ، والنبوي إنما هو بصدد بيان
    فضيلة الصلوات لا بيان حكم المعرفة ، فلا إطلاق فيه أصلاً ، ومثل آية النفر إنما هو
    بصدد بيان الطريق المتوسل به إلى التفقه الواجب ، لا بيان ما يجب فقهه ومعرفته
    كما لا يخفى ، وكذا ما دل على وجوب طلب العلم إنما هو بصدد الحث على طلبه ،
    لا بصدد بيان ما يجب العلم به .


    ثم إنه لا يجوز الإكتفاء بالظن فيما يجب معرفته عقلاً أو شرعاً ، حيث أنه ليس
    بمعرفة قطعاً ، فلا بد من تحصيل العلم لو أمكن ، ومع العجز عنه كان معذوراً إن كان
    عن قصور لغفلة أو لغموضة المطلب مع قلة الإستعداد ، كما هو المشاهد في كثير من
    النساء بل الرجال ، بخلاف ما إذا كان عن تقصير في الإجتهاد ، ولو لأجل حب طريقة
    الآباء والأجداد واتباع سيرة السلف ، فإنه كالجبلي ، وقلما عنه تخلف .
    والمراد من المجاهدة في قوله تعالى : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ، هو
    المجاهدة مع النفس ، بتخليتها عن الرذائل وتحليتها بالفضائل ، وهي التي كانت أكبر
    من الجهاد ، لا النظر والإجتهاد ، وإلا لأدى إلى الهداية ، مع أنه يؤدي إلى الجهالة
    والضلالة ، إلا إذا كانت هناك منه تعالى عناية ، فإنه غالباً بصدد إثبات أن ما وجد
    آباءه عليه هو الحق ، لا بصدد الحق ، فيكون مقصراً مع اجتهاده ومؤاخذ إذا أخطأ
    على قطعه واعتقاده .
    ثم لا استقلال للعقل بوجوب تحصيل الظن مع اليأس عن تحصيل العلم ، فيما
    يجب تحصيله عقلا لو أمكن ، لو لم نقل باستقلاله بعدم وجوبه بل بعدم جوازه ، لما
    أشرنا إليه من أن الأمور الإعتقادية مع عدم القطع بها أمكن الإعتقاد بما هو واقعها
    والإنقياد لها ، فلا إلجاء فيها أصلاً إلى التنزل إلى الظن فيما انسد فيه باب العلم ،
    بخلاف الفروع العملية كما لا يخفى .
    وكذلك لا دلالة من النقل على وجوبه فيما يجب معرفته مع الإمكان شرعاً ، بل
    الأدلة الدالة على النهي عن اتباع الظن ، دليل على عدم جوازه أيضاً .
    وقد انقدح من مطاوي ما ذكرنا أن القاصر يكون في الإعتقاديات للغفلة ، أو عدم
    الإستعداد للإجتهاد فيها ، لعدم وضوح الأمر فيها بمثابة لا يكون الجهل بها إلا عن
    نقص ٍ كما لا يخفى ، فيكون معذوراً عقلاً .
    ولا يصغى إلى ما ربما قيل بعدم وجود القاصر فيها ، لكنه إنما يكون معذوراً غير
    معاقب على عدم معرفة الحق ، إذا لم يكن يعانده ، بل كان ينقاد له على إجماله لو
    احتمله .


    ـ حقائق الأصول ج 2 ص 211
    قوله : فإن الأمر الإعتقادي ، يعني أن العمل على الظن في الأصول الإعتقادية
    يتوقف على تتميم مقدمات الإنسداد فيها وهو غير ممكن إذ منها عدم إمكان
    الإحتياط الموجب للدوران بين الأخذ بالطرف المظنون والموهوم ، وبقاعدة قبح
    ترجيح المرجوح يتعين الأول ، وفي المقام لا مجال للدوران المذكور لإمكان
    الإعتقاد بها إجمالاً على ما هي عليه واقعاً ، إلا أن يدعى وجوب الإعتقاد بها تفصيلاً
    حتى في حال الجهل ، فإنه حيث لا يمكن العلم بها لا بد من سلوك الظن لأنه أقرب
    إلى الواقع ، لكن لا بد من الإلتزام بالكشف إذ لو لم تكشف المقدمات عن كون الظن
    حجة شرعاً كان الإعتقاد المطابق له تشريعاً محرماً عقلاً ، فتأمل جيداً .
    إلا أن دعوى وجوب الإعتقاد تفصيلاً مطلقاً لا دليل عليها من عقل أو
    شرع فلاحظ .
    قوله : كمعرفة الواجب تعالى ، لا ريب ظاهراً في وجوب هذه المعارف وإنما
    الخلاف في وجوبها عقلاً أو شرعاً ، فالمحكي عن العدلية الأول ، وعن الأشاعرة
    الثاني ، والخلاف في ذلك منهم مبني على الخلاف في ثبوت قاعدة التحسين
    والتقبيح العقليين ، فعلى القول بها ـ كما هو مذهب الأولين ـ تكون واجبة عقلاً لأن
    شكر المنعم ودفع الخوف عن النفس واجبان وهما يتوقفان على المعرفة وما يتوقف
    عليه الواجب واجب ، وظاهر تقرير هذا الدليل كون وجوب المعرفة غيري ،
    والمصنف رحمه‌الله جعل وجوبها نفسياً بناء منه على كون المعرفة بنفسها شكراً ، فإذا كان
    الشكر واجباً عقلاً لكونه حسناً بنفسه كانت المعرفة بنفسها واجبة لا أنها مقدمة
    لواجب ، ولذا قال في تعليل وجوبها : أداء لشكر بعض . . . . الخ .
    نعم لو كان الشكر واجباً من باب وجوب دفع الضرر كان وجوبه غيرياً فيكون
    وجوب المعرفة حينئذ غيرياً ، بل لو قلنا حينئذ بأن وجوب دفع الضرر ليس عقلياً بل
    فطرياً كان وجوبها فطرياً غيرياً لا عقلياً لا نفسياً ولا غيرياً .


    والإنصاف يقتضي التأمل في وجوب الشكر لنفسه وإن كان حسناً لأن حسنه
    لا يلازم وجوبه ، نعم هو واجب من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ، فيكون
    وجوب المعرفة غيرياً لا نفسياً . وأما كونه عقلياً أو فطرياً فقد عرفت فيما سبق
    تحقيقه . فلاحظ .
    ثم إنه قد يتوهم كون وجوب المعرفة غيرياً من جهة توقف الإعتقاد عليها ، لكنه
    إنما يتم لو كان الإعتقاد واجباً تفصيلاً مطلقاً غير مشروط بالمعرفة مع توقفه على
    المعرفة ، وقد عرفت الإشكال في الأول ، كما يمكن منع الثاني لإمكان تحقق
    الإعتقاد بلا معرفة غاية الأمر أنه تشريع محرم عقلاً لكن تحريمه كذلك لا يقتضي
    وجوب المعرفة . نعم لو كان الواجب عقلاً هو الإعتقاد عن معرفة كانت واجبة لغيرها
    لكنه أول الكلام .
    قوله : فإنهم وسائط ، يعني فتكون معرفتهم أداء للشكر الواجب وكذا معرفة
    الإمام عليه‌السلام على وجه صحيح ( هامش : وهو كون الإمامة كالنبوة منصباً إلۤهياً يحتاج
    إلى تعيينه تعالى ونصبه لا أنها من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفين وهو الوجه الآخر
    منه قدس‌سره ) فالعقل يستقل بوجوب معرفة النبي ووصيه لذلك ولإحتمال الضرر في تركه
    ولا يجب عقلاً معرفة غير ما ذكر إلا ما وجب شرعاً معرفته ـ كمعرفة الإمام عليه‌السلام ـ
    على وجه آخر غير صحيح أو أمر آخر مما دل الشرع على وجوب معرفته وما لا دلالة
    على وجوب معرفته بالخصوص لا من العقل ولا من النقل كان أصالة البراءة من
    وجوب معرفته محكمة ولا دلالة لمثل قوله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ ، الآية
    ولا لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس ، ولا
    لما دل على وجوب التفقه وطلب العلم من الآيات والروايات على وجوب معرفته
    بالعموم أن المراد من : ليعبدون ، هو خصوص عبادة الله ومعرفته والنبوي إنما هو
    بصدد بيان فضيلة الصلوات لا بيان حكم المعرفة فتجب .
    قوله : وكذا معرفة الإمام عليه‌السلام ، يعني واجبة لنفسها لأن الإمامة كالنبوة من المناصب


    الإلۤهية فيكون الإمام عليه‌السلام من وسائط النعم فتجب معرفته كمعرفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا هو
    الوجه الصحيح . . . .
    ـ نهاية الأفكار ج 2 ص 188
    أما المقام الأول ، فلا ينبغي الإشكال في وجوب تحصيل معرفة الواجب تعالى
    ومعرفة ما يرجع إليه من صفات الجمال والجلال ، ككونه واحداً قادراً عالماً مريداً
    حياً غنياً لم يكن له نظير ولا شبيه ، ولم يكن بجسم ولا مرئي ولا له حيز ونحو ذلك . .
    كما لا إشكال أيضاً في كون الوجوب المزبور نفسياً ، لأن المعرفة بالمبدأ سبحانه هي
    الغاية القصوى والغرض الأصلي من خلق العباد وبعث الرسل كما ينبئ عنه قوله
    سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، حيث أن حقيقة العبودية هي
    المعرفة ولا ينافي ذلك مقدميتها لواجب آخر عقلي أو شرعي كالتدين والإنقياد
    ونحوه . ثم إن عمدة الدليل على وجوب المعرفة إنما هو حكم العقل الفطري
    واستقلاله بوجوب تحصيل المعرفة بالمبدأ تعالى على كل مكلف بمناط شكر
    المنعم باعتبار كونها من مراتب أداء شكره فيجب بحكم العقل تحصيل المعرفة به
    سبحانه ، وبما يرجع إليه من صفات الجمال والجلال ، بل ويجب أيضاً معرفة أنبيائه
    ورسله وحججه الذين هم وسائط نعمه وفيضه .
    وإلا فمع الإغماض عن هذا الحكم العقلي الفطري لا تجدي الأدلة السمعية كتاباً
    وسنة من نحو قوله سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، لعدم تمامية مثل
    هذه الإستدلالات للجاهل بهما لا إلزاماً ولا إقناعاً ، لأن دليليتهما فرع الإعتقاد بهما
    وبكلامهما ، وحينئذ فالعمدة في الدليل على الوجوب هو حكم العقل الفطري .
    نعم بعد تحصيل المعرفة بالمبدأ ووسائط نعمه بحكم العقل ، لا بأس بالاستدلال
    بالكتاب والسنة لإثبات وجوب المعرفة لما عداهما في فرض تمامية إطلاق تلك
    الأدلة من حيث متعلق المعرفة ، وإلا فبناء على عدم إطلاقها من هذه الجهة فلا مجال
    للتمسك بها أيضاً .


    ثم إنه مما ذكرنا ظهر الحال في المقام الثاني حيث أنه بعد ما وجب تحصيل
    المعرفة بالواجب تعالى وبوسائط نعمه يجب بحكم العقل الإعتقاد وعقد القلب
    والإنقياد له سبحانه لكون مثله أيضاً من مراتب أداء شكره الواجب عليه . بل الظاهر
    أن وجوب ذلك أيضاً كوجوب أصل المعرفة مطلق غير مشروط بحصول العلم من
    الخارج ، فيجب عليه حينئذ تحصيل العلم مقدمة للإنقياد الواجب .
    هذا كله بالنسبة إلى أصل وجوب المعرفة ، وأما المقدار الواجب منها فإنما هو
    المعرفة بالمبدأ جل شأنه وبوحدانيته وبما يرجع إليه من صفات الجمال والجلال ،
    وكذا معرفة أنبيائه ورسله وحججه الذين هم وسائط نعمه وفيضه ، وكذلك الحشر
    والنشر ولو بنحو الإجمال .
    وأما ما عدا ذلك كتفاصيل التوحيد وكيفية علمه وإرادته سبحانه ، وتفاصيل
    المحشر وخصوصياته ، وأن الميزان والصراط بأي كيفية ، ونحو ذلك فلا يجب
    تحصيل العلم ولا الإعتقاد بها بتلك الخصوصيات .
    نعم في فرض حصول العلم بها من الخارج يجب الإعتقاد وعقد القلب بها .
    فوجوب الإعتقاد بخصوصيات الأمور المزبورة إنما كان مشروطاً بحصول العلم بها
    من باب الإتفاق ، لا أن وجوبها مطلق حتى يجب تحصيل العلم بها من باب المقدمة .
    نعم الواجب على المكلف هو الإعتقاد الإجمالي بما هو الواقع ونفس الأمر فيعتقد
    وينقاد بتلك الأمور على ما هي عليها في الواقع ونفس الأمر .
    ومن هذا البيان ظهر الحال في المقام الثالث أيضاً ، فإن مقتضى الأصل فيما عدا
    المقدار المزبور هو عدم وجوب تحصيل المعرفة زائداً على المقدار الذي يستقل
    العقل بوجوب تحصيله ، إلا ما ثبت من الخارج وجوب الإعتقاد به من ضرورة
    ونحوه كالمعاد الجسماني .
    وأما الإستدلال على وجوب المعرفة بتفاصيل الأمور المزبورة بما ورد من الأدلة
    النقلية كتاباً وسنة كقوله سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، وعموم آية


    النفر وقوله عليه‌السلام : لا أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من الصلوات الخمس ، وقوله :
    طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، فيدفعه مضافاً إلى قضاء العادة بامتناع
    حصول المعرفة بما ذكر إلا للاوحدي من الناس ، أنه لا إطلاق لها من حيث متعلق
    المعرفة لأنها بين ما كان في مقام بيان فضيلة الصلاة والحث والترغيب إليها لا في
    مقام بيان حكم المعرفة ، وبين ما كان بصدد إثبات أصل وجوب المعرفة بالمبدأ
    ورسله وحججه لا في مقام وجوبها على الإطلاق ، حتى بالنسبة إلى التفاصيل
    المزبورة . وعليه فعند الشك لا بد من الرجوع إلى الأصل المقتضى لعدم وجوبها .
    نعم حيث قلنا بعدم وجوب تحصيل المعرفة في الزائد عن المقدار المعلوم
    فليس له إنكاره والحجد به ، إذ لا يستلزم عدم وجوب المعرفة بشئ جواز إنكاره ، بل
    ربما يكون إنكاره حراماً عليه ، بل موجباً لكفره إذا كان من الضروريات ، لما يظهر
    منهم من التسالم على كفر منكر ضروري الدين كالمعراج والمعاد الجسماني
    ونحوهما . فلا بد لمثل هذا الشخص حينئذ من الإعتقاد إجمالاً بما هو الواقع .
    شرح المواقف للجرجاني ج 8 ص 105
    . . . والجواب منع التكليف بكمال معرفته إذ هو أي التكليف بقدر وسعنا فنحن
    مكلفون بأن نعرف من صفاته ما يتوقف تصديق النبي عليه‌السلام على العلم به لا بمعرفة
    صفات أخرى . أو بأن نقول سلمنا تكليفنا بكمال معرفته لكن لا يلزم من التكليف به
    حصوله من جميع المكلفين بل ربما يعرفه معرفة كاملة بعض منهم كالأنبياء
    والكاملين من أتباعهم . . . .
    فإن قلت : مرادهم أنا مكلفون بكمال معرفة ممكنة ، وقد لا يسلمون كون معرفته
    تعالى بالكنه ممكنة .
    قلت : لو سلم فلعل له تعالى صفة لا يمكن لنا معرفتها أيضاً فلا يتجه لهم بما
    ذكروه نفي صفة غير السمع بالكلية فتأمل .
    قوله فنحن مكلفون إلى آخره . . هذا مترتب على منة التكليف بكمال المعرفة ثم



    الترتب باعتبار الأخبار نظيره الفاء في قوله تعالى : وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، أي إذا
    كان التكليف بكمال المعرفة ممنوعاً فأخبركم أنا مكلفون بكذا لا بكذا ، وحينئذ لا
    يرد أن مثل السمع والبصر والكلام داخل تحت الوسع ، فيقتضي قوله إذ هو بقدر
    وسعنا أن نكون مكلفين بمعرفته أيضاً مع أن التفريع يقتضي عدم التكليف بها ، إذ لا
    يتوقف تصديق النبي عليه‌السلام على شئ منها ، فتدبر .
    المعرفة لا تتوقف على علم الكلام
    ـ مستدرك الوسائل ج 1 ص 161
    فقه الرضا عليه‌السلام : إياك والخصومة فإنها تورث الشك وتحبط العمل ، وتردي
    صاحبها ، وعسى أن يتكلم بشئ لا يغفر له .
    ونروي : إنه كان فيما مضى قوم انتهى بهم الكلام إلى الله عز وجل فتحيروا ، فإن
    كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه .
    وأروي : تكلموا فيما دون العرش ، فإن قوماً تكلموا في الله عز وجل فتاهوا .
    وأروي عن العالم : وسألته عن شئ من الصفات فقال : لا تتجاوز ما في القرآن .
    وأروي : إنه قرئ بين يدي العالم عليه‌السلام قوله : لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ،
    فقال : إنما عنى أبصار القلوب وهي الأوهام ، فقال : لا تدرك الأوهام كيفيته ، وهو
    يدرك كل وهم ، وأما عيون البشر فلا تلحقه ، لأنه لا يحل فلا يوصف . هذا ما نحن
    عليه كلنا .
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:47 pm

    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 174
    التوحيد على ثلاثة أقسام : الأول : توحيد الذات ونفي الشريك في واجب
    الوجود .
    الثاني : بحسب الصفات هو نفي الصفة الموجودة القائمة بذاته تعالى .
    الثالث : توحيده تعالى بحسب العبودية وتخصيص العبادة له جل جلاله .

    والعمدة في الإستدلال على الأول قوله تعالى : لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ
    لَفَسَدَتَا . والدليل على الثاني والثالث قوله تعالى : وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ، وقول
    مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال
    التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي
    الصفات عنه ، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير
    الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ،
    ومن جزأه فقد جهله . صدق ولي الله عليه‌السلام . وروى محمد بن أبي عمير عن الكاظم عليه‌السلام
    حين سأله عن التوحيد ؟ فقال : يا أبا أحمد لا تجاوز في التوحيد عما ذكره الله تعالى
    في كتابه فتهلك .
    وسائر صفاته الثبوتية مذكورة في القرآن ، مصرحة بواجب الوجود ، وهو دليل
    على نفي الصفات السلبية ، لاستلزامها الإمكان المضاد للوجوب . وباقي الأصول من
    النبوة والإمامة والمعاد الجسماني مستفاد من الكتاب العزيز والسنة النبوية
    والإمامية ، بحيث لا مزيد عليها .
    فظهر أن تحصيل الإيمان لا يتوقف على تعلم علم الكلام ولا المنطق ،
    ولا غيرها من العلوم المدونة ، بل يكفي مجرد الفطرة الإنسانية على اختلاف
    مراتبها ، والتنبيهات الشرعية من الكتاب والسنة المتواترة أو الشائعة المشهورة ،
    بحيث يحصل من العلم بها العلم بالمسائل المذكورة . وكل ممكن برهان ، وكل آية
    حجة ، وكل حديث دليل ، وفهم المقصود استدلال ، وكل عاقل مستدل ، وإن لم
    يعلم الصغرى ولا الكبرى ولا التالي ولا المقدم ، بهذه العبارات والقانونات
    والإصطلاحات .
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 176
    الباب السادس ، في الكلام على تعلم علم الكلام ، واعلم أنه علم إسلامي وضعه
    المتكلمون لمعرفة الصانع وصفاته العليا ، وزعموا أن الطريق منحصر فيه وهو أقرب
    الطرق . والحق أنه أبعدها وأصعبها وأكثرها خوفاً وخطراً ، ولذلك نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن



    الغور فيه ، حيث روي أنه مر على شخصين متباحثين على مسألة ، كالقضاء والقدر ،
    فغضب صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى احمرت وجنتاه .
    وروى هارون بن موسى التلعكبري أستاد شيخنا المفيد قدس سرهما عن عبد الله
    ابن سنان قال : أردت الدخول على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي مؤمن الطاق استأذن لي
    على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت : نعم ، فدخلت عليه فاعلمته مكانه ، فقال عليه‌السلام : يا بن
    سنان لا تأذن له علي ، فإن الكلام والخصومات يفسدان النية وتمحق الدين .
    وعن عاصم بن حميد الحناط عن أبي عبيدة الحذاء قال قال لي أبو جعفر عليه‌السلام وأنا
    عنده : إياك وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم ، فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه
    وتكلفوا ما لم يؤمروا بعلمه حين تكلفوا أهل أبناء السماء . يا أبا عبيدة خالط الناس
    بأخلاقهم وزائلهم في أعمالهم ، يا أبا عبيدة إنا لا نعد الرجل فقيهاً عالماً حتى يعرف
    لحن القول ، وهو قوله تعالى : وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ .
    وعن جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : متكلموا هذه الأمة من
    شرار أمتي ومن هم منهم .
    وعنه عليه‌السلام : يهلك أهل الكلام وينجو المسلمون .
    وورد في موضع آخر : إن شر هذه الأمة المتكلمون .
    وروي أن يونس قال للصادق عليه‌السلام : جعلت فداك إني سمعت أنك تنهى عن الكلام
    تقول : ويل لأصحاب الكلام . فقال عليه‌السلام : إنما قلت ويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا
    إلى ما يقولون .
    أقول : يمكن أن يكون هذا إشارة إلى أنهم تركوا التشبيهات كما عرفت الواردة في
    القرآن والآثار النبوية والإمامية صلوات الله عليهم ، وعدلوا عنها إلى خيالاتهم
    الفاسدة وحكاياتهم الباردة ، المذكورة في الكتب الكلامية .
    قال سيد المحققين رضي الدين علي بن طاووس قدس‌سره : مثل مشائخ المعتزلة في
    تعليمهم معرفة الصانع ، كمثل شخص أراد أن يعرف غيره النار ، فقال : يا هذا


    معرفتها تحتاج إلى أسباب : أحدها الحجر ولا يوجد إلا طريق مكة . والثاني الحديد
    وصفته كذا وكذا . والثالث حراق على هذه الصفة . والرابع مكان خال عن شدة الهواء
    فأخذ المسكين في تحصيل هذه الأسباب .
    ولو قال له في أول الحال : إن هذا الجسم المضئ الذي تشاهده هو النار التي
    تطلبها لأراح واستراح .
    فمثل هذا العالم حقيق أن يقال إنه قد أضل ، ولا يقال إنه قد هدى ، أو عدل
    بالخلائق ( في معرفة الخالق ) إلى تلك الطرائق الضيقة البعيدة ، وضيق عليهم سبيل
    الحقيقة ، كما عدل من أراد تعريف النار المعلومة بالإضطرار إلى استخراجها من
    الأخبار .
    أقول : هذا حال الكلام الذي كان في أول الإسلام ، ولا شك أنه ما كان بهذه
    المثابة من البحث والخصومة ، فما ظنك بهذه المباحثات والخصومات الشائعة في
    زماننا . وليت شعري أن هؤلاء الجماعة هل لهم دليل عقلي ونقلي على وجوبه
    واستحبابه ؟ أو مجرد تقليد آبائهم وأسلافهم ، وأنهم على آثارهم لمقتدون . وأنهم
    هل يقرون بإيمان السابقين أو ينكرونه ؟ وهل يعترفون بإيمان العوام الغافلين عنه أو
    لا يعترفون ؟ فإن أقروا واعترفوا فما فائدته ؟ وإلا فكيف يعاشرونهم بالرطوبات ؟ مع
    اعتقادهم بأن عدم المعرفة بالأصول كفر والكافر نجس . وكيف يجوز الإشتغال
    بالواجب مع استلزامه ترك ما هو أوجب ؟ فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا
    يومهم الذي كانوا يوعدون .
    ويكفي الدليل الإجمالي في المعرفة
    ـ الإقتصاد للشيخ الطوسي ص 11
    فإن قيل : قد ذكرتم أنه يخرج الإنسان عن حد التقليد بعلم الجملة ، ما حد ذلك
    بينوه لنقف عليه ؟
    قلنا : أحوال الناس تختلف في ذلك : فمنهم من يكفيه الشئ اليسير ، ومنهم من



    يحتاج إلى أكثر منه بحسب ذكائه وفطنته وخاطره ، حتى يزيد بعضهم على بعض
    إلى أن يبلغ إلى حد لا يجوز له الإقتصار على علم الجملة بل يلزمه على التفصيل
    لكثرة خواطره وتواتر شبهاته . وليس يمكن حصر ذلك لشئ لا يمكن الزيادة عليه ولا
    النقصان عنه .
    فإن قيل : فعلى كل حال بينوا لذلك مثالاً على وجه التقريب .
    قلنا : أما على وجه التقريب فإنا نقول : من فكر في نفسه فعلم أنه لم يكن موجوداً
    ثم وجد نطفة ثم صار علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم جنيناً في بطن أمه ميتاً ثم صار حياً
    فبقي مدة ثم ولد صغيراً ، فتتقلب به الأحوال من صغر إلى كبر ومن طفولة إلى رجولة
    ومن عدم عقل إلى عقل كامل ثم إلى الشيخوخة وإلى الهرم ثم الموت ، وغير ذلك
    من أحواله ، عَلِمَ أن هنا من يصرفه هذا التصريف ويفعل به هذا الفعل ، لأنه يعجز
    عن فعل ذلك بنفسه ، وحال غيره من أمثاله حاله من العجز عن مثل ذلك . فعلم
    بذلك أنه لا بد من أن يكون هناك من هو قادر على ذلك مخالف له ، لأنه لو كان مثله
    لكان حكمه حكمه . ويعلم أنه لا بد أن يكون عالماً من حيث أن ذلك في غاية
    الحكمة والإتساق ، مع علمه الحاصل بأن بعض ذلك لا يصدر ممن ليس بعالم ،
    وبهذا القدر يكون عالماً بالله تعالى على الجملة .
    وهكذا إذا نظر في بذر يبذر فينبت منه أنواع الزرع والغرس ويصعد إلى منتهاه ،
    فمنه ما يصير شجراً عظيماً يخرج منه أنواع الفواكه والملاذ ، ومنه ما يصير زرعاً
    يخرج منه أنواع الأقوات ، ومنه ما يخرج منه أنواع المشمومات الطيبة الروائح ، ومنه
    ما يكون خشبه في غاية الطيب كالعود الرطب وغير ذلك ، وكالمسك الذي يخرج
    من بعض الظباء والعنبر الذي يخرج من البحر ، فيعلم بذلك أن مصرف ذلك وصانعه
    قادر عالم لتأتي ذلك وإتساقه ، ولعجزه وعجز أمثاله عن ذلك ، فيعلم بذلك أنه
    مخالف لجميع أمثاله ، فيكون عارفاً بالله على الجملة .
    وكذلك إذا نظر إلى السماء صاحية فتهب الرياح وينشأ السحاب ويصعد ولا يزال
    يتكاثف ويظهر فيه الرعد والبرق والصواعق ، ثم ينزل منه من المياه والبحار العظيمة


    التي تجري منها الأنهار العظيمة والأودية الوسيعة ، وربما كان فيه من البرد مثل
    الجبال ، كل ذلك في ساعة واحدة ثم تنقشع السماء وتبدو الكواكب وتطلع الشمس
    أو القمر كأن ما كان لم يكن من غير تراخ ولا زمان بعيد ، فيعلم ببديهة أنه لا بد أن
    يكون من صح ذلك منه قادراً عليه ممكن منه ، وأنه مخالف له ولأمثاله ، فيكون عند
    ذلك عارفاً بالله . وأمثال ذلك كثيرة لا نطول بذكره .
    فمتى عرف الإنسان هذه الجملة وفكر فيها هذا الفكر واعتقد هذا الإعتقاد ، فإن
    مضى على ذلك ولم يشعثه خاطر ولا طرقته شبهة فهو ناج متخلص .
    وأكثر من أشرتم إليه يجوز أن يكون هذه صفته ، وإن بحث عن ذلك وعن علل
    ذلك فطرقته شبهات وخطرت له خطرات وأدخل عليه قوم ملحدون ما حيره وبلبله
    فحينئذ يلزمه التفتيش ولا تكفيه هذه الجملة ، ويجب عليه أن يتكلف البحث والنظر
    على ما سنبينه ليسلم من ذلك ويحصل له العلم على التفصيل .
    ونحن نبين ذلك في الفصل الذي يلي هذا الفصل على ما وعدنا به إنشاء الله .
    فإن قيل : أصحاب الجُمَل ( بضم الجيم أي أصحاب المعرفة الإجمالية ) على ما
    ذكرتم لا يمكنهم أن يعرفوا صفات الله تعالى وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه منها
    على طريق الجملة ، وإذا لم يمكنهم ذلك لم يمكنهم أن يعلموا أن أفعاله كلها حكمة
    ولا حسن التكليف ولا النبوات ولا الشرعيات ، لأن معرفة هذه الأشياء لا يمكن إلا
    بعد معرفة الله تعالى على طريق التفصيل .
    قلنا : يمكن معرفة جميع ذلك على وجه الجملة ، لأنه إذا علم بما قدمناه من
    الأفعال ووجوب كونه قادراً عالماً ، وعلم أنه لا يجوز أن يكون قادراً بقدرة محدثة
    لأنها كانت تجب أن تكون من فعله ، وقد تقرر أن المحدث لا بد له من محدث ،
    وفاعلها يجب أن يكون قادراً أولاً ، فلولا تقدم كونه قادراً قبل ذلك لما صح منه
    تعالى فعل القدرة ، فيعلم أنه لم يكن قادراً بقدرة محدثة ، ولأجله علم أنه كذلك لأمر
    لا اختصاص له بمقدور دون مقدور ، فيعلم أنه يجب أن يكون قادراً على جميع
    الأجناس ومن كل جنس على ما لا يتناهى لفقد التخصيص .


    وكذلك إذا علم بالمحكم من أفعاله كونه عالماً علم أن ما لأجله علم ما علمه لا
    اختصاص له بمعلوم دون معلوم ، إذ المخصص هو العلم المحدث والعلم لا يقع إلا
    من عالم ، فلا بد أن يتقدم كونه عالماً لا بعلم محدث ، وما لأجله علم لا اختصاص له
    بمعلوم دون معلوم ، فيعلم أنه عالم بما لا يتناهى وبكل ما يصح أن يكون معلوماً
    لفقد الإختصاص . فيعلم أنه لا يشبه الأشياء ، لأنه لو أشبهها لكان مثلها في كونها
    محدثة ، لأن المثلين لا يكون أحدهما قديماً والآخر محدثاً . ويعلم أنه غير محتاج ،
    لأن الحاجة من صفات الأجسام ، لأنها تكون إلى جلب المنافع ودفع المضار وهما
    من صفات الأجسام ، فيعلم عند ذلك أنه غني . ويعلم أنه لا تجوز عليه الرؤية
    والإدراكات ، لأنه لا يصح أن يدرك إلا ما يكون هو أو محله في جهة ، وذلك يقتضي
    كونه جسماً أو حالاً في جسم ، وهكذا يقتضي حدوثه وقد علم أنه قديم . وإذا علم
    أنه عالم بجميع المعلومات ، وعلم كونه غنياً ، علم أن جميع أفعاله حكمة وصواب
    ولها وجه حسن وأن لم يعلمه مفصلاً ، لأن القبيح لا يفعله إلا من هو جاهل بقبحه أو
    محتاج إليه وكلاهما منتفيان عنه ، فيقطع عند ذلك على حسن جميع أفعاله من خلق
    الخلق والتكليف وفعل الآلام وخلق المؤذيات من الهوام والسباع وغير ذلك .
    ويعلم أيضاً عند ذلك صحة النبوات ، لأن النبي إذا ادعى النبوة وظهر على يده
    علم معجز يعجز عن فعله جميع المحدثين علم أنه من فعل الله ، ولولا صدقه لما
    فعله ، لأن تصديق الكذاب لا يحسن ، وقد أمن ذلك بكونه عالماً غنياً . فإذا علم
    صدق الأنبياء بذلك علم صحة ما أتوا به من الشرعيات والعبادات ، لكونهم صادقين
    على الله ، وأنه لا يتعبد الخلق إلا بما فيه مصلحتهم .
    وإذا ثبت له هذه العلوم فتشاغل بالعبادة أو بالمعيشة ولم تخطر له شبهة ولا أورد
    عليه ما يقدح فيما علمه ، ولا فكر هو في فروع ذلك ، لم يلزمه أكثر من ذلك . ومتى
    أورد عليه شبهة فإن تصورها قادحة فيما علمه يلزمه حينئذ النظر فيها حتى يحلها
    ليسلم له ما علمه ، وإن لم يتصورها قادحة ولا اعتقد أنها تؤثر فيما علمه لم يلزمه
    النظر فيها ولا التشاغل بها .

    وهذه أحوال أكثر العوام وأصحاب المعايش والمترفين ، فإنهم ليس يكادون
    يلتفتون إلى شبهة تورد عليهم ولا يقبلونها ولا يتصورونها قادحة فيما اعتقدوه ، بل
    ربما أعرضوا عنها واستغنوا عن سماعها وإيرادها وقالوا : لا تفسدوا علينا ما علمناه .
    وقد شاهدت جماعة هذه صورتهم . فبان بهذه الجملة ما أشرنا إليه من أحوال
    أصحاب الجُمَل .
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 142
    الثاني في بيان معنى الدليل الذي يكفي في حصول المعرفة المحققة للإيمان
    عند من لا يكتفي بالتقليد في المعرفة .
    إعلم أن الدليل بمعنى الدال ، وهو لغة المرشد ، وهو الناصب للدليل كالصانع ،
    فإنه نصب العالم ، دليلاً عليه ، والذاكر له كالعالم ، فإنه دال بمعنى أنه يذكرون العالم
    دليلاً على الصانع ، ويقال لما به الإرشاد كالعالم ، لأنه بالنظر فيه يحصل الإرشاد ، أي
    الإطلاع على الصانع تعالى .
    واصطلاحاً : هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري وهذا
    يشمل الإمارة ، لأنها توصل بالنظر فيها إلى الظن بمطلوب خبري ، كالنظر إلى الغيم
    الرطب في فصل الشتاء ، فإن التأمل فيه يوجب الظن بنزول المطر فيه . وقيل : إنه ما
    يمكن التوصل به إلى العلم بمطلوب خبري ، فلا يشمل الإمارة . وهذان التعريفان
    للأصوليين . وقوله : ما يمكن ، يشمل ما نظر فيه بالفعل وأوجب المطلوب وما لم
    ينظر فيه بعد ، فالعالم قبل النظر فيه دليل على وجود الصانع عند الأصوليين دون
    المنطقيين حيث عرفوه بأنه قولان فصاعداً يكون عنهما قول آخر ، وهذا يشمل
    الإمارة ، وقيل : قولان فصاعداً يلزم عنه لذاته قول آخر ، وهذا لا يشمل الإمارة .
    فالدليل عندهم إنما يصدق على القضايا المصدق بها حالة النظر فيها أي ترتيبها ،
    لأنها الحالة التي تكون فيه أو يلزم منها قول آخر . ويمكن أن يقال : على اعتبار اللزوم



    لا يصدق الدليل على المقدمات حال ترتيبها ، لأن اللزوم لا يحصل عنده بل بعده .
    اللهم إلا أن يراد باللزوم اللغوي ، أي الإستتباع .
    ثم إن الذي يكفي إعتباره في تحقق الإيمان من هذه التعاريف هو التعريف الثاني
    للأصوليين لكن بعد النظر فيما يمكن التوصل به ، لا الأول ، لأن ما يفيد الظن
    بالمعارف الأصولية غير كاف في تحقق الإيمان على المذهب الحق .
    ولا يعتبر في تحققه شئ من تعريف المنطقيين ، لأن العلم بترتيب المقدمات
    وتفصيلها على الوجه المعتبر عندهم غير لازم في حصول الإيمان ، بل اللازم من
    الدليل فيه ما تطمئن به النفس بحسب استعدادها ويسكن إليه القلب ، بحيث يكون
    ذلك ثابتاً مانعاً من تطرق الشك والشبهة إلى عقيدة المكلف ، وهذا يتفق كثيراً
    بملاحظة الدليل إجمالاً ، كما هو الواقع لأكثر الناس .
    أقول : يمكن أن يقال أن حصول العلم عن الدليل لا يكون إلا بعد ترتيب
    المقدمات على الوجه التفصيلي المعتبر في شرائط الإستدلال ، وحصوله في النفس
    وإن لم يحصل الشعور بذلك الترتيب ، إذ ليس كل ما اتصفت به النفس تشعر به ، إذ
    العلم بالعلم غير لازم .
    والحاصل أن الترتيب المذكور طبيعي لكل نفس ناطقة مركوز فيها . وهذا معنى ما
    قالوه من أن الشكل الأول بديهي الإنتاج لقربه من الطبع ، فدل على أن في الطبيعة
    ترتيباً مطبوعاً متى أشرفت عليه النفس حصل به العلم ، وحينئذ فالمعتبر في حصول
    العلم بالدليل ليس إلا ما ذكره المنطقيون . والخلاف بينهم وبين الأصوليين ليس إلا
    في التسمية ، لأنهم يطلقون الدليل على نفس المحسوس كالعالم ، وأهل المعقول لا
    يطلقونه إلا على نفس المعقول كالقضايا المرتبة ، مع أن حصول العلم بالفعل على
    الإصطلاحين يتوقف على ترتيب القضايا المعقولة ، وما نحن فيه من هذا القبيل ،
    فإن حصول الإيمان بالفعل أعني التصديق بالمعارف الإلۤهية إنما يكون بعد
    الترتيب المذكور .

    فقولهم إن الدليل الإجمالي كاف في الإيمان لا يخلو عن مسامحة ، لما بينا من أن
    الترتيب لا بد منه في النظريات ، وكأنهم أرادوا بالإجمال عدم الشعور بذلك الترتيب
    وعدم العلم بشرائط الإستدلال ، لا عدم حصول ذلك في النفس ، والثاني هو المعتبر
    في حصول العلم دون الأول . نعم الأول إنما يعتبر في المناظرات ودفع المغالطات
    ورد الشبهة وإلزام الخصوم .
    ويؤيد ما ذكرناه أنك لا تجد في مباحث الدليل وتعريفه إشارة إلى أنه قد يكون
    تفصيلياً وقد يكون إجمالياً ، وما يوجد في مباحث الإيمان من أنه يكفي فيه الدليل
    الجملي ، فقد بينا المراد منه .
    العجز عن معرفة ذات الله تعالى
    ـ الكافي ج 1 ص 92
    باب النهي عن الكلام في الكيفية :
    ـ محمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن
    رئاب ، عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : تكلموا في خلق الله ولا تتكلموا في الله
    فإن الكلام في الله لا يزداد صاحبه إلا تحيراً . وفي رواية أخرى عن حريز : تكلموا في
    كل شئ ولا تتكلموا في ذات الله .
    ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن
    الحجاج ، عن سليمان بن خالد قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الله عز وجل يقول : وَأَنَّ
    إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ، فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب ، عن محمد بن
    مسلم قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا محمد إن الناس لا يزال بهم المنطق حتى يتكلموا
    في الله ، فإذا سمعتم ذلك فقولوا : لا إلۤه إلا الله الواحد الذي ليس كمثله شئ .
    ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابه ، عن



    الحسين ابن المياح ، عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من نظر في الله كيف
    هو ؟ هلك .
    ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن عبد الحميد ،
    عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إياكم والتفكر في
    الله ، ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه .
    ـ محمد بن أبي عبد الله رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر
    لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطاه ، تريد أن تعرف بهما ملكوت
    السماوات والأرض ، إن كنت صادقاً فهذه الشمس خلق من خلق الله ، فإن قدرت
    تملأ عينيك منها فهو كما تقول .
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 67
    . . . فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمك ، وعرفك عند الحاجة مواضع طلبك
    وإرادتك . هيهات ، إن من يعجز عن صفات ذي الهيئة والأدوات فهو عن صفات
    خالقه أعجز . وَمِن تناولِه بحدود المخلوقين أبعد .
    ـ نهج البلاغة ج 2 ص 119
    ومن خطبة له عليه‌السلام في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه
    خطبة :
    ما وحده من كيفه ، ولا حقيقته أصاب من مَثَّله ، ولا إياه عني من شَبَّهه ، ولا
    صمده من أشار إليه وتوهمه .
    كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول .
    فاعلٌ لا باضطراب آلة ، مقدر لا بجول فكرة ، غني لا باستفادة ، لا تصحبه
    الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والإبتداء أزله .
    بتشعيره المشاعر عُرِفَ أن لا مُشْعِرَ له ، وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له ،
    وبمقارنته بين الأشياء عُرِفَ أن لا قرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والوضوح بالبهمة
    والجمود بالبلل . . . .


    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 158
    ومن خطبة له عليه‌السلام : الحمد لله المعروف من غير رؤية ، والخالق من غير رَوِيَّة ،
    الذي لم يزل قائماً دائماً إذ لا سماء ذات أبراج ، ولا حجب ذات أرتاج ، ولا ليل
    داج ، ولا بحر ساج ، ولا جبل ذو فجاج . . . .
    ـ نهج البلاغة ج 1 ص 164
    . . . وأشهد أن من شبهك بتباين أعضاء خلقك ، وتلاحم حقاق مفاصلهم
    المحتجبة لتدبير حكمتك ، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك ، ولم يباشر قلبه
    اليقين بأنه لا ند لك وكأنه لم يسمع تبرأ التابعين من المتبوعين إذ يقولون : تالله إن كنا
    لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين . كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم ،
    ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم ، وجزؤوك تجزئة المجسمات بخواطرهم ،
    وقدروك على الخلقة المختلفة القوى بقرائح عقولهم . . . .
    ـ الكافي ج 1 ص 137
    علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن
    علي ابن أبي حمزة ، عن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك اسمه ،
    وتعالى ذكره ، وجل ثناؤه ، سبحانه وتقدس ، وتفرد وتوحد ، ولم يزل ولا يزال ، وهو
    الأول والآخر والظاهر والباطن فلا أول لأوليته ، رفيعٌ في أعلى علوه ، شامخ الأركان ،
    رفيع البنيان عظيم السلطان ، منيف الآلاء ، سني العلياء ، الذي عجز الواصفون عن
    كنه صفته ، ولا يطيقون حمل معرفة إلۤهيته ، ولا يحدون حدوده ، لأنه بالكيفية
    لا يتناهى إليه .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن ، عن
    عبد الله ابن الحسن العلوي جميعاً ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني قال : ضمني وأبا
    الحسن عليه‌السلام الطريق في منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق ، فسمعته
    يقول : من اتقى الله يتقى ، ومن أطاع الله يطاع ، فتلطفت الوصول إليه ، فوصلت



    فسلمت عليه ، فرد علي السلام ثم قال : يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط
    المخلوق ، ومن أسخط الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق ، وإن الخالق
    لا يوصف إلا بما وصف به نفسه ، وأنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه ،
    والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والأبصار عن الإحاطة به ، جل عما وصفه
    الواصفون ، وتعالى عما ينعته الناعتون ، نأى في قربه ، وقرب في نأيه ، فهو في نأيه
    قريب ، وفي قربه بعيد ، كيَّف الكيف فلا يقال : كيف ؟ وأيَّن الأين فلا يقال : أين ؟ إذ
    هو منقطع الكيفوفية والأينونية .
    النهي عن الفضولية في معرفة الله تعالى
    ـ مستدرك الوسائل ج 12 ص 47
    محمد بن مسعود العياشي في تفسيره : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن
    محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام : إن رجلاً قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : هل تصف ربنا نزداد له حباً
    وبه معرفة ؟ فغضب وخطب الناس ، فقال فيما قال :
    عليك يا عبد الله بما دلك عليه القرآن من صفته ، وتقدمك فيه الرسول من
    معرفته ، فائتم به ، واستضئ بنور هدايته ، فإنما هي نعمة وحكمة أوتيتها ، فخذ ما
    أوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس عليك في الكتاب
    فرضه ، ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى أثره ، فكل علمه إلى الله ، ولا تقدر عظمة
    الله عليه قدر عقلك ، فتكون من الهالكين ، وأعلم يا عبد الله أن الراسخين في العلم ،
    هم الذين أغناهم الله عن الإقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب ، إقراراً بجهل
    ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا : آمنا به كل من عند ربنا ، وقد مدح
    الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً ، وسمى تركهم التعمق فيما لم
    يكلفهم البحث عن كنهه رسوخاً .


    أنواع من المعرفة والعارفين
    المعرفة الحقيقية والمعرفة الشكلية
    ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 108
    . . . عن ثابت البناني قال : كنت حاجاً وجماعة عباد البصرة مثل أيوب
    السجستاني ، وصالح المري ، وعتبة الغلام ، وحبيب الفارسي ، ومالك بن دينار ،
    فلما أن دخلنا مكة رأينا الماء ضيقاً ، وقد اشتد بالناس العطش لقلة الغيث ، ففزع إلينا
    أهل مكة والحجاج يسألوننا أن نستسقي لهم ، فأتينا الكعبة وطفنا بها ، ثم سألنا الله
    خاضعين متضرعين بها ، فمنعنا الإجابة . فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل
    وقد أكربته أحزانه وأقلقته أشجانه ، فطاف بالكعبة أشواطاً ثم أقبل علينا فقال : يا
    مالك بن دينار ويا ثابت البناني ويا صالح المري ويا عتبة الغلام ويا حبيب
    الفارسي ويا سعد ويا عمر ويا صالح الأعمى ويا رابعة ويا سعدانة ويا جعفر بن
    سليمان فقلنا : لبيك وسعديك يا فتى . فقال : أما فيكم أحد يحبه الرحمن ؟ فقلنا : يا
    فتى علينا الدعاء وعليه الإجابة ، فقال : أبعدوا عن الكعبة فلو كان فيكم أحد يحبه
    الرحمن لأجابه !
    ثم أتى الكعبة فخر ساجداً ، فسمعته يقول في سجوده : سيدي بحبك لي إلا
    سقيتهم الغيث . قال : فما استتم الكلام حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب . فقلت : يا
    فتى من أين علمت أنه يحبك ؟ قال : لو لم يحبني لم يستزرني ، فلما استزارني
    علمت أنه يحبني ، فسألته بحبه لي فأجابني . ثم ولى عنا وأنشأ يقول :
    مـن عـرف الـرب فلم تُغْنِهِ
    معرفة الرب فذاك الشقِي

    ما ضر ذو الطاعة ما نـاله
    في طاعة الله وما ذا لقِي

    ما يـصـنع العبد بغير التقى
    والعز كل العز للمتقِي



    فقلت يا أهل مكة من هذا الفتى ؟ قالوا : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
    ورواه في مستدرك الوسائل ج 6 ص 209
    تحير المتصوفة في دور العقل في المعرفة
    ـ التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي ص 63 ـ 67 ( تحقيق د ـ عبد الحليم محمود
    طبع عيسى الحلبي مصر 1960 )
    قولهم في معرفة الله تعالى :
    أجمعوا على أن الدليل على الله هو الله وحده ، وسبيل العقل عندهم سبيل
    العاقل في حاجته إلى الدليل لأنه محدث ، والمحدث لا يدل إلا على مثله . وقال
    رجل للنوري : ما الدليل على الله ؟ قال : الله . قال فما العقل ؟ قال العقل عاجز ،
    والعاجز لا يدل إلا على عاجز مثله !
    وقال ابن عطاء : العقل آلة للعبودية لا للإشراف على الربوبية . وقال غيره : العقل
    يجول حول الكون ، فإذا نظر إلى المكون ذاب . وقال أبو بكر القحطبي : من لحقته
    العقول فهوت مقهورة إلا من جهة الإثبات ، ولولا أنه تعرف إليها بالألطاف لما أدركته
    من جهة الإثبات . وأنشدونا لبعض الكبار :
    من رامه بالعقل مسترشداً
    سرحه في حيرة يلهو

    وشاب بالتلبيس أسراره
    يقول من حيرته هل هو

    وقال بعض الكبار من المشايخ : البادي من المكونات معروف بنفسه لهجوم
    العقل عليه ، والحق أعز من أن تهجم العقول عليه وإنه عرفنا نفسه أنه ربنا فقال :
    أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ ولم يقل : من أنا ؟ فتهجم العقول عليه حين بدأ معرفاً ، فلذلك انفرد
    عن العقول ، وتنزه عن التحصل غير الإثبات .
    وأجمعوا أنه لا يعرفه إلا ذو عقل ، لأن العقل آلة للعبد يعرف به ما عرف ، وهو
    بنفسه لا يعرف الله تعالى .

    وقال أبو بكر السباك : لما خلق الله العقل قال له : من أنا ؟ فسكت فكحله بنور
    الوحدانية ففتح عينيه فقال : أنت الله لا إلۤه إلا أنت . فلم يكن للعقل أن يعرف الله
    إلا الله .
    تحيرهم في الفرق بين العلم والمعرفة
    ثم اختلفوا في المعرفة نفسها : ما هي ؟ والفرق بينها وبين العلم .
    فقال الجنيد : المعرفة وجود جهلك عند قيام علمه . قيل له زدنا ، قال : هو
    العارف وهو المعروف . معناه : إنك جاهل به من حيث أنت ، وإنما عرفته من حيث
    هو . وهو كما قال سهل : المعرفة هي المعرفة بالجهل .
    وقال سهل : العلم يثبت بالمعرفة ، والعقل يثبت بالعلم ، وأما المعرفة فإنها تثبت
    بذاتها . معناه : إن الله إذا عرف عبداً نفسه فعرف الله تعالى بتعرفه إليه ، أحدث له
    بعد ذلك علماً ، فادرك العلم بالمعرفة وقام العقل فيه بالعلم الذي أحدثه فيه .
    وقال غيره : تبين الأشياء على الظاهر علم ، وتبينها على استكشاف بواطنها
    معرفة . وقال غيره : أباح العلم للعامة وخص أولياءه بالمعرفة .
    وقال أبو بكر الوراق : المعرفة معرفة الأشياء بصورها وسماتها ، والعلم علم
    الأشياء بحقائقها .
    وقال أبو سعيد الخراز : المعرفة بالله هي علم الطلب لله من قبل الوجود له ،
    والعلم بالله هو بعد الوجود ، فالعلم بالله أخفى وأدق من المعرفة بالله .
    وقال فارس : المعرفة هي المستوفية في كنه المعروف .
    وقال غيره : المعرفة هي حقر الأقدار إلا قدر الله ، وأن لا يشهد مع قدر الله قدراً .
    وقيل لذي النون : بم عرفت ربك ؟ قال : ما هممت بمعصية فذكرت جلال الله إلا
    استحييت منه . جعل معرفته بقرب الله منه دلالة المعرفة له .
    وقيل لعليان : كيف حالك مع المولى ؟ قال : ما جفوته منذ عرفته . قيل له : متى



    عرفته ؟ قال : منذ سموني مجنوناً . جعل دلالة معرفة له تعظيم قدره عنده .
    قال سهل : سبحان من لم يدرك العباد من معرفته إلا عجزاً عن معرفته .
    تصوراتهم عن العارف بالله تعالى
    ـ التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي ص 136 ـ 138
    سئل الحسن بن علي بن يزدانيار : متى يكون العارف بمشهد الحق ؟ قال : إذا بدا
    الشاهد ، وفني الشواهد ، وذهب الحواس ، واضمحل الإخلاص .
    معنى بدا الشاهد : يعني شاهد الحق ، وهو أفعاله بك مما سبق منه إليك من بره
    لك ، وإكرامه إياك بمعرفته ، وتوحيده ، والإيمان به ، تفنى رؤية ذلك منك رؤية
    أفعالك وبرك وطاعتك ، فترى كثير ما منك مستغرقاً في قليل ما منه ، وإن كان ما منه
    ليس بقليل ، وما منك ليس بكثير . وفناء الشواهد : بسقوط رؤية الخلق عنك ، بمعنى
    الضر والنفع والذم والمدح . وذهاب الحواس هو معنى قوله : فبي ينطق وبي يبصر ،
    الحديث . ومعنى اضمحل الإخلاص : أن لا يراك مخلصاً ، وما خلص من أفعالك
    خلص ، ولن يخلص أبداً إذا رأيت صفتك ، فإن أوصافك معلولة مثلك .
    سئل ذو النون عن نهاية العارف فقال : إذا كان كما كان حيث كان قبل أن يكون
    معناه : أن يشاهد الله وأفعاله دون شاهده وأفعاله .
    قال بعضهم : أعرف الخلق بالله أشدهم تحيراً فيه .
    قيل لذي النون : ما أول درجة يرقاها العارف ؟
    فقال : التحير ، ثم الإفتقار ، ثم الإتصال ، ثم التحير .
    الحيرة الأولى في أفعاله به ونعمه عنده ، فلا يرى شكره يوازي نعمه ، وهو يعلم
    أنه مطالب بشكرها ، وإن شكر كان شكره نعمة يجب عليه شكرها ، ولا يرى أفعاله
    أهلاً أن يقابله بها استحقاراً لها ، ويراها واجبة عليه ، لا يجوز له التخلف عنها .
    وقيل قام الشبلي يوماً يصلي فبقى طويلاً ثم صلى فلما انفتل عن صلاته قال : يا
    ويلاه إن صليت جحدت ، وإن لم أصل كفرت .

    أي جحدت عظم النعمة وكمال الفضل حيث قابلت ذلك بفعلي شكراً له مع
    حقارته . ثم أنشد :
    الحمد لله على أنني
    كضفدع يسكن في اليم

    إن هي فاهت ملأت فمهـا
    أو سكتت ماتت من الغم

    والحيرة الأخيرة : أن يتحير في متاهات التوحيد ، فيضل فهمه ويخنس عقله
    في عظم قدرة الله تعالى وهيبته وجلاله . وقد قيل : دون التوحيد متاهات تضل
    فيها الأفكار .
    سأل أبو السوداء بعض الكبار فقال : هل للعارف وقت ؟ قال : لا . فقال : لم ؟ قال :
    لأن الوقت فرجة تنفس عن الكربة ، والمعرفة أمواج تغط ، وترفع وتحط ، فالعارف
    وقته أسود مظلم . ثم قال :
    شرط المعارف محو الكل منك إذا
    بدا المريد بلحظ غير مطلع

    قال فارس العارف : من كان علمه حالة ، وكانت حركاته غلبة عليه .
    سئل الجنيد عن العارف فقال : لون الماء لون الإناء . يعني أنه يكون في كل حال
    بما هو أولى فتختلف أحواله ، ولذلك قيل : هو ابن وقته .
    سئل ذو النون عن العارف فقال : كان هاهنا فذهب . يعني أنك لا تراه في وقتين
    بحالة واحدة ، لأن مصرفه غيره . وأنشدونا لابن عطاء :
    ولو نطـقت في السن الدهر خبرت
    بأني في ثوب الصبابة أرفل

    وما أن لـهـا علم بقدري وموضعي
    وما ذاك موهوم لأني أنقل

    وقال سهل بن عبد الله : أول مقام في المعرفة أن يعطى العبد يقيناً في سره تسكن
    به جوارحه ، وتوكلاً في جوارحه يسلم به في دنياه ، وحياة في قلبه يفوز بها في عقباه .
    قلنا : العارف هو الذي بذل مجهوده فيما لله ، وتحقق معرفته بما من الله ، وصح
    رجوعه من الأشياء إلى الله . قال الله تعالى : تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا
    مِنَ الْحَقِّ .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:50 pm

    المؤلفة قلوبهم بالمال لكي يعرفوا
    ـ اجتهد الخليفة عمر بن الخطاب في آية المؤلفة قلوبهم فأسقط سهمهم رغم نص
    الآية عليه ، وقد خالفه في ذلك علي والأئمة من أهل البيت عليهم‌السلام وعدد من الصحابة
    لأن الآية نصت على ذلك ولا يجوز نسخها بالاجتهاد !
    ـ الكافي ج 2 ص 412
    عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن حسان ، عن موسى بن بكر ، عن
    رجل قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : ما كانت المؤلفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم ، وهم قوم
    وحدوا الله وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلوبهم وما
    جاء به فتألفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتألفهم المؤمنون بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لكي ما يعرفوا .
    ـ مجمع الفائدة والبرهان ج 4 ص 158
    الرابع : المؤلفة قلوبهم ، قال المصنف في المنتهى : أجمع علمائنا على أن من
    المشركين قوم مؤلفة يستمالون بالزكاة لمعاونة المسلمين ، ونقل في التهذيب من
    تفسير علي بن إبراهيم ، عن العالم عليه‌السلام أنه قال : والمؤلفة قلوبهم قال : هم قوم وحدوا
    الله وخلعوا عبادة من دون الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله
    فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم يعلمهم ويعرفهم كيما يعرفوا ، فجعل لهم نصيباً في
    الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا .
    راجع أيضاً : الحدائق الناضرة ج 12 ص 175 وذخيرة المعاد ص 454 ومستند الشيعة ج 2
    ص 46 وجواهر الكلام ج 15 ص 339 وفقه السيد الخوئي ج 23 ص 247 ومصباح الفقية ج 3
    ص 95 وغيرها من مصادر الحديث والفقه والتفسير .
    دعوة العدو في الجهاد إلى معرفة الله تعالى
    ـ الكافي ج 5 ص 36
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن


    عيينة ، عن الزهري قال : دخل رجال من قريش على علي بن الحسين صلوات الله
    عليهما فسألوه كيف الدعوة إلى الدين ؟ قال : تقول : بسم الله الرحمن الرحيم أدعوكم
    إلى الله عز وجل وإلى دينه ، وجماعه أمران : أحدهما معرفة الله عز وجل والآخر
    العمل برضوانه وأن معرفة الله عز وجل أن يعرف بالوحدانية والرأفة والرحمة والعزة
    والعلم والقدرة والعلو على كل شئ وأنه النافع الضار ، القاهر لكل شئ ، الذي لا
    تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، وأن محمداً عبده ورسوله ،
    وأن ما جاء به هو الحق من عند الله عز وجل ، وما سواه هو الباطل ، فإذا أجابوا ذلك
    فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين .
    عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن
    عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال
    أمير المؤمنين عليه‌السلام : لما وجهني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن قال : يا علي لا تقاتل أحداً
    حتى تدعوه إلى الإسلام ، وأيم الله لأن يهدي الله عز وجل على يديك رجلاً خير لك
    مما طلعت عليه الشمس وغربت ، ولك ولاؤه . انتهى . وروى نحو الحديث الأول في
    تهذيب الأحكام ج 6 ص 141
    معرفة أهل الآخرة بديهية لا كسبية
    ـ رسائل الشريف المرتضى ج 2 ص 131
    قال المرتضى رضي‌الله‌عنه : سألت بيان أحكام أهل الآخرة في معارفهم وأحوالهم وأنا
    ذاكر من ذلك جملة وجيزة : إعلم أن لأهل الآخرة ثلاث أحوال : حال ثواب ، وحال
    عقاب ، وحال أخرى للمحاسبة . ويعمهم في هذه الأحوال الثلاث سقوط التكليف
    عنهم ، وأن معارفهم ضرورية ، وأنهم ملجؤون إلى الإمتناع من القبيح وإن كانوا
    مختارين لأفعالهم مؤثرين لها ، وهذا هو الصحيح دون ما ذهب إليه من خالف هذه
    الجملة . . . .


    وأما الذي يدل على أن أهل الآخرة لا بد أن يكونوا عارفين بالله تعالى وأحواله ،
    فهو أن المثاب متى لم يعرفه تعالى ، لم يصح منه معرفة كون الثواب ثواباً وواصلاً إليه
    على الوجه الذي يستحقه ، وأنه دائم غير منقطع ، وإذا كانت هذه المعارف واجبة
    فما لا يتم هذه المعرفة إلا به ـ من معرفة الله تعالى وإكمال العقل وغيرهما ـ لا بد من
    حصوله .
    بحث للشيخ الطوسي في تعريف الإيمان والكفر
    ـ الإقتصاد ص 140
    الإيمان هو التصديق بالقلب ، ولا اعتبار بما يجرى على اللسان ، وكل من كان
    عارفاً بالله وبنبيه وبكل ما أوجب الله عليه معرفته مقراً بذلك مصدقاً به فهو مؤمن .
    والكفر نقيض ذلك ، وهو الجحود بالقلب دون اللسان مما أوجب الله تعالى عليه
    المعرفة به ، ويعلم بدليل شرعي أنه يستحق العقاب الدائم الكثير .
    وفي المرجئة من قال : الإيمان هو التصديق باللسان خاصة وكذلك الكفر هو
    الجحود باللسان ، والفسق هو كل ما خرج به عن طاعة الله تعالى إلى معصيته ، سواء
    كان صغيراً أو كبيراً . وفيهم من ذهب إلى أن الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان
    معا ، والكفر هو الجحود بهما .
    وفي أصحابنا من قال : الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان والعمل بالجوارح ،
    وعليه دلت كثير من الأخبار المروية عن الأئمة عليهم‌السلام .
    وقالت المعتزلة : الإيمان إسم للطاعات ، ومنهم من جعل النوافل والفرائض من
    الإيمان ، ومنهم من قال النوافل خارجة عن الإيمان . والإسلام والدين عندهم شئ
    واحد ، والفسق عندهم عبارة عن كل معصية يستحق بها العقاب ، والصغائر التي تقع
    عندهم مكفرة لا تسمى فسقاً . والكفر عندهم هو ما يستحق به عقاب عظيم ،


    وأجريت على فاعله أحكام مخصوصة ، فمرتكب الكبيرة عندهم ليس بمؤمن ولا
    كافر بل هو فاسق .
    وقالت الخوارج قريباً من قول المعتزلة إلا أنهم لا يسمون الكبائر كلها كفراً ، وفيهم
    من يسميها شركاً .
    والفضيلية منهم تسمي كل معصية كفراً صغيرة كانت أو كبيرة .
    والزيدية من كان منهم على مذهب الناصر يسمون الكبائر كفر نعمة ، والباقون
    يذهبون مذهب المعتزلة .
    والذي يدل على ما قلناه : أولاً ، هو أن الإيمان في اللغة هو التصديق ، ولا يسمون
    أفعال الجوارح إيماناً ، ولا خلاف بينهم فيه .
    ويدل عليه أيضاً قولهم : فلان يؤمن بكذا وكذا وفلان لا يؤمن بكذا . وقال تعالى :
    يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ . وقال : وما أنت بمؤمن لنا ، أي بمصدق ، وإذا كان فائدة
    هذه اللفظة في اللغة ما قلناه وجب إطلاق ذلك عليها إلا أن يمنع مانع ، ومن ادعى
    الإنتقال فعليه الدلالة ، وقد قال الله تعالى : بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ . وقال : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن
    رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ . وقال : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا . وكل ذلك يقتضي حمل هذه
    اللفظة على مقتضى اللغة . وليس إذا كان هاهنا ألفاظ منتقلة وجب أن يحكم في
    جميع الألفاظ بذلك ، وإنما ينتقل عما ينتقل بدليل يوجب ذلك . وإن كان في
    المرجئة من قال ليس هاهنا لفظ منتقل ولا يحتاج إلى ذلك .
    ولا يلزمنا أن نسمي كل مصدق مؤمنا لأنا إنما نطلق ذلك على من صدق بجميع
    ما أوجبه الله عليه . والإجماع مانع من تسمية من صدق بالجبت والطاغوت مؤمناً ،
    فمنعنا ذلك بدليل وخصصنا موجب اللغة ، وجرى ذلك مجرى تخصيص العرف
    لفظ الدابة ببهيمة مخصوصة ، وإن كان موجب اللغة يقتضي تسمية كل ما دب دابة ،
    ويكون ذلك تخصيصاً لا نقلاً . فعلى موجب هذا ، يلزم من ادعى انتقال هذه اللفظة
    إلى أفعال الجوارح أن يدل عليه .


    وليس لأحد أن يقول : إن العرف لا يعرف التصديق فيه إلا بالقول ، فكيف
    حملتموه على ما يختص القلب ؟
    قلنا : العرف يعرف بالتصديق باللسان والقلب ، لأنهم يصفون الأخرس بأنه مؤمن
    وكذلك الساكت ، ويقولون : فلان يصدق بكذا وكذا وفلان لا يصدق ، ويريدون ما
    يرجع إلى القلب ، فلم يخرج بما قلناه عن موجب اللغة .
    وإنما منعنا إطلاقه في المصدق باللسان لأنه لو جاز ذلك لوجب تسميته بالإيمان
    وإن علم جحوده بالقلب ، والإجماع مانع من ذلك .
    . . . وأما الكفر فقد قلنا إنه عند المرجئة من أفعال القلوب ، وهو جحد ما أوجب
    الله تعالى معرفته مما عليه دليل قاطع كالتوحيد والعدل والنبوة وغير ذلك ، وأما في
    اللغة فهو الستر والجحود ، وفي الشرع عبارة عما يستحق به العقاب الدائم الكثير ،
    ويلحق بفاعله أحكام شرعية كمنع التوارث والتناكح .
    والعلم بكون المعصية كفراً طريقه السمع لا مجال للعقل فيه ، لأن مقادير العقاب
    لا تعلم عقلاً ، وقد أجمعت الأمة على أن الإخلال بمعرفة الله تعالى وتوحيده
    وعدله وجحد نبوة رسله كفر ، لا يخالف فيه إلا أصحاب المعارف الذين بينا فساد
    قولهم .
    ولا فرق بين أن يكون شاكاً في هذه الأشياء أو يكون معتقداً لما يقدح في
    حصولها ، لأن الإخلال بالواجب يعم الكل .
    فعلى هذا ، المجبرة والمشبهة كفار ، وكذلك من قال بالصفات القديمة لأن
    اعتقادهم الفاسد في هذه الأشياء ينافي الإعتقاد الصحيح من المعرفة بالله تعالى
    وعدله وحكمته .
    بحث للشهيد الثاني في تعريف الإيمان والكفر
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 50
    في تعريف الإيمان لغة وشرعاً ، فاعلم أن الإيمان لغةً : التصديق ، كما نص عليه


    أهلها ، وهو إفعال من الأمن ، بمعنى سكون النفس واطمئنانها لعدم ما يوجب
    الخوف لها ، وحينئذ فكان حقيقة آمن به سكنت نفسه واطمأنت بسبب قبول قوله
    وامتثال أمره ، فتكون الباء للسببية . ويحتمل أن يكون بمعنى آمنه التكذيب
    والمخالفة ، كما ذكره بعضهم فتكون الباء فيه زائدة ، والأول أولى كما لا يخفى وأوفق
    لمعنى التصديق ، وهو يتعدى باللام كقوله تعالى : وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا ، فأمن له لوط .
    وبالباء كقوله تعالى : آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ .
    وأما التصديق : فقد قيل أنه القبول والإذعان بالقلب ، كما ذكره أهل الميزان .
    ويمكن أن يقال : معناه قبول الخبر أعم من أن يكون بالجنان أو باللسان ، ويدل
    عليه قوله تعالى : قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ، فأخبروا عن أنفسهم بالإيمان وهم من أهل
    اللسان ، مع أن الواقع منهم هو الإعتراف باللسان دون الجنان ، لنفيه عنهم بقوله
    تعالى : قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا . وإثبات الإعتراف بقوله تعالى : وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا ، الدال على
    كونه إقراراً بالشهادتين ، وقد سموه إيماناً بحسب عرفهم ، والذي نفاه الله عنهم إنما
    هو الإيمان في عرف الشرع .
    إن قلت : يحتمل أن يكون ما ادعوه من الإيمان هو الشرعي ، حيث سمعوا الشارع
    كلفهم بالإيمان ، فيكون المنفي عنهم هو ما ادعوا ثبوته لهم ، فلم يبق في الآية دلالة
    على أنهم أرادوا اللغوي .
    قلت : الظاهر أنه في ذلك الوقت لم تكن الحقائق الشرعية متقررة عندهم ،
    لبعدهم عن مدارك الشرعيات ، فلا يكون المخبر عنه إلا ما يسمونه إيماناً عندهم .
    وقوله تعالى : آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ، وقوله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَن
    يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ .
    وجه الدلالة في هذه الآيات أن الإيمان في اللغة التصديق ، وقد وقع في الإخبار
    عنهم أنهم آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم ، فيلزم صحة إطلاق التصديق على الإقرار
    باللسان وإن لم يوافقه الجنان . وعلى هذا فيكون المنفي هو الإيمان الشرعي أعني



    القلبي ، جمعاً بين صحة النفي والإثبات في هذه الآيات .
    لا يقال : هذا الإطلاق مجاز ، وإلا لزم الإشتراك ، والمجاز خير منه .
    لأنا نقول : هو من قبيل المشترك المعنوي لا اللفظي ، ومعناه قبول الخبر أعم من
    أن يكون باللسان أو بالجنان ، واستعمال اللفظ الكلي في أحد أفراد معناه باعتبار
    تحقق الكلي في ضمنه حقيقة لا مجازاً ، كما هو المقرر في بحث الألفاظ .
    فإن قلت : إن المتبادر من معنى الإيمان هو التصديق القلبي عند الإطلاق ، وأيضاً
    يصح سلب الإيمان عمن أنكر بقلبه وإن أقر بلسانه ، والأول علامة الحقيقة والثاني
    علامة المجاز .
    قلت : الجواب عن الأول أن التبادر لا يدل على أكثر من كون المتبادر هو الحقيقي
    لا المجازي ، لكن لا يدل على كون الحقيقة لغوية أو عرفية ، وحينئذ فلا يتعين أن
    اللغوي هو التصديق القلبي ، فلعله العرفي الشرعي .
    إن قلت : الأصل عدم النقل ، فيتعين اللغوي .
    قلت : لا ريب أن المعنى اللغوي الذي هو مطلق التصديق لم يبق على إطلاقه بل
    أخرج عنه إما بالتخصيص عند بعض أو النقل عند آخرين . ومما يدل على ذلك أن
    الإيمان الشرعي هو التصديق بالله وحده وصفاته وعدله ، وبنبوة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله
    وبما علم بالضرورة مجيئه به لا ما وقع فيه الخلاف وعلى هذا أكثر المسلمين . وزاد
    الإمامية التصديق بإمامة إمام الزمان ، لأنه من ضروريات مذهبهم ، أيضاً أنه مما جاء
    به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد عرفت أن الإيمان في اللغة التصديق مطلقاً ، وهذا أخص منه .
    ويؤيد ذلك قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، أخبر عنهم تعالى
    بالإيمان ، ثم أمرهم بإنشائه فلا بد أن يكون الثاني غير الأول ، وإلا لكان أمراً بتحصيل
    الحاصل . وإذا حصلت المغايرة كان الثاني المأمور به هو الشرعي ، حيث لم يكن
    حاصلاً لهم ، إذ لا محتمل غيره إلا التأكيد ، والتأسيس خير منه . وعن الثاني بالمنع
    من كون ما صح سلبه هو الإيمان اللغوي بل الشرعي ، وليس النزاع فيه .

    إن قلت : ما ذكرته معارض بما ذكره أهل الميزان في تقسيم العلم إلى التصور
    والتصديق ، من أن المراد بالتصديق الإذعان القلبي ، فيكون في اللغة كذلك لأن
    الأصل عدم النقل .
    قلت : قد بينا سابقاً أن الخروج عن هذا الأصل ولو سلم فلا دلالة في ذلك على
    حصر معنى التصديق مطلقاً في الإذعان القلبي ، بل التصديق الذي هو قسم من العلم
    وليس محل النزاع .
    على أنا نقول : لو سلمنا صحة الإطلاق مجازاً ثبت مطلوبنا أيضاً ، لانا لم ندع إلا
    أن معناه قبول الخبر مطلقاً ، ولا ريب أن الألفاظ المستعملة لغة في معنى من المعاني
    حقيقة أو مجازاً تعد من اللغة ، وهذا ظاهر .
    واما الإيمان الشرعي : فقد اختلفت في بيان حقيقته العبارات بحسب اختلاف
    الإعتبارات . وبيان ذلك : إن الإيمان شرعاً : إما أن يكون من أفعال القلوب فقط ، أو
    من أفعال الجوارح فقط أو منهما معاً . فإن كان الأول فهو التصديق بالقلب فقط ، وهو
    مذهب الأشاعرة وجمع من متقدمي الإمامية ومتأخريهم ، ومنهم المحقق
    الطوسي رحمه‌الله في فصوله ، لكن اختلفوا في معنى التصديق فقال أصحابنا : هو العلم .
    وقال الأشعرية : هو التصديق النفساني ، وعنوا به أنه عبارة عن ربط القلب على ما
    علم من أخبار المخبر ، فهو أمر كسبي يثبت باختيار المصدق ، ولذا يثاب عليه
    بخلاف العلم والمعرفة ، فإنها ربما تحصل بلا كسب ، كما في الضروريات .
    وقد ذكر حاصل ذلك بعض المحققين ، فقال : التصديق هو أن تنسب باختيارك
    الصدق للمخبر حتى لو وقع ذلك في القلب من غير اختيار لم يكن تصديقاً وإن كان
    معرفة ، وسنبين إن شاء الله تعالى [ قصور ] ذلك .
    وإن كان الثاني ، فإما أن يكون عبارة عن التلفظ بالشهادتين فقط ، وهو مذهب
    الكرامية . أو عن جميع أفعال الجوارح من الطاعات بأسرها فرضاً ونفلاً ، وهو مذهب
    الخوارج وقدماء المعتزلة والغلاة والقاضي عبد الجبار . أو عن جميعها من الواجبات



    وترك المحظورات دون النوافل ، وهو مذهب أبي علي الجبائي وابنه هاشم وأكثر
    معتزلة البصرة .
    وإن كان الثالث ، فهو إما أن يكون عبارة عن أفعال القلوب مع جميع أفعال
    الجوارح من الطاعات ، وهو قول المحدثين وجمع من السلف كابن مجاهد وغيره
    فإنهم قالوا : إن الإيمان تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان .
    وإما أن يكون عبارة عن التصديق مع كلمتي الشهادة ، ونسب إلى طائفة منهم
    أبو حنيفة .
    أو يكون عبارة عن التصديق بالقلب مع الإقرار باللسان ، وهو مذهب المحقق
    نصير الدين الطوسي رحمه‌الله في تجريده ، فهذه سبعة مذاهب ذكرت في الشرح الجديد
    للتجريد وغيره .
    واعلم أن مفهوم الإيمان على المذهب الأول يكون تخصيصاً للمعنى اللغوي ،
    وأما على المذاهب الباقية فهو منقول ، والتخصيص خير من النقل .
    وهنا بحث وهو أن القائلين بأن الإيمان عبارة عن فعل الطاعات ، كقدماء المعتزلة
    والعلاف والخوارج ، لا ريب أنهم يوجبون اعتقاد مسائل الأصول ، وحينئذ فما
    الفرق بينهم وبين القائلين بأنه عبارة عن أفعال القلوب والجوارح ؟
    ويمكن الجواب ، بأن اعتقاد المعارف شرط عند الأولين وشطر عند الآخرين . . . .
    إعلم أن المحقق الطوسي رحمه‌الله ذكر في قواعد العقائد أن أصول الإيمان عند الشيعة
    ثلاثة : التصديق بوحدانية الله تعالى في ذاته تعالى ، والعدل في أفعاله ، والتصديق
    بنبوة الأنبياء عليهم‌السلام والتصديق بإمامة الأئمة المعصومين من بعد الأنبياء عليهم‌السلام .
    وقال أهل السنة : إن الإيمان هو التصديق بالله تعالى وبكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صادقاً ،
    والتصديق بالأحكام التي يعلم يقيناً أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله حكم بها دون ما فيه اختلاف واشتباه .
    والكفر يقابل الإيمان ، والذنب يقابل العمل الصالح ، وينقسم إلى كبائر وصغائر .

    ويستحق المؤمن بالإجماع الخلود في الجنة ، ويستحق الكافر الخلود في
    العقاب . انتهى .
    وذكر في الشرح الجديد للتجريد أن الإيمان في الشرع عند الأشاعرة هو التصديق
    للرسول فيما علم مجيئه به ضرورة ، فتفصيلاً فيما علم تفصيلاً ، وإجمالاً فيما علم
    إجمالاً ، فهو في الشرع تصديق خاص . انتهى .
    فهؤلاء اتفقوا على أن حقيقة الإيمان هي التصديق فقط ، وإن اختلفوا في المقدار
    المصدق به . والكلام هاهنا في مقامين :
    الأول : في أن التصديق الذي هو الإيمان المراد به اليقين الجازم الثابت ، كما يظهر
    من كلام من حكينا عنه .
    الثاني : في أن الأعمال ليست جزء من حقيقة الإيمان الحقيقي ، بل هي جزء من
    الإيمان الكمالي . أما الدليل على الأول فآيات بينات :
    منها قوله تعالى : إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا . والإيمان حق للنص والإجماع ،
    فلا يكفي في حصوله وتحققه الظن .
    ومنها : إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ، إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ، فهذه قد
    اشتركت في التوبيخ على اتباع الظن ، والإيمان لا يوبخ من حصل له بالإجماع ، فلا
    يكون ظناً .
    ومنها قوله : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ، فنفى عنهم
    الريب ، فيكون الثابت هو اليقين .
    إن قلت : هذه الآية الكريمة لا تدل على المدعى بل على خلافه ، وهو عدم اعتبار
    اليقين في الإيمان ، وذلك أنها إنما دلت على حصر الإيمان فيما عدا الشك ، فيصدق
    الإيمان على الظن .
    قلت : الظن في معرض الريب ، لأن النقيض مجوز فيه ويقوى بأدنى تشكيك ،



    فصاحبه لا يخلو من ريب حيث أنه دائماً يجوز النقيض ، على أن الريب قد يطلق
    على ما هو أعم من الشك ، يقال : لا أرتاب في كذا . ويريد أنه منه على يقين ، وهذا
    شائع ذائع .
    ومن السنة المطهرة قوله عليه‌السلام : يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ،
    فلو لم يكن ثبات القلب شرطاً في الإيمان لما طلبه عليه‌السلام والثبات هو الجزم والمطابقة ،
    والظن لا ثبات فيه ، إذ يجوز ارتفاعه .
    وفيه ، منع كون الثبات شرطاً في تحقيق الإيمان ، ويجوز أن يكون عليه‌السلام طلبه لكونه
    الفرد الأكمل ، وهو لا نزاع فيه .
    ومن جملة الدلائل على ذلك أيضاً الإجماع ، حيث ادعى بعضهم أنه يجب
    معرفة الله تعالى التي لا يتحقق الإيمان بها إلا بالدليل إجماعاً من العلماء كافة ،
    والدليل ما أفاد العلم ، والظن لا يفيده .
    وفي صحة دعوى الإجماع بحث ، لوقوع الخلاف في جواز التقليد في المعارف
    الأصولية ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى .
    واعلم أن جميع ما ذكرناه من الأدلة لا يفيد شئ منه العلم بأن الجزم والثبات
    معتبر في التصديق الذي هو الإيمان إنما يفيد الظن باعتبارهما ، لأن الآيات قابلة
    للتأويل وغيرها كذلك ، مع كونها من الآحاد .
    ومن الآيات أيضاً قوله تعالى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّهُ . واعترض على هذا الدليل
    بأنه أخص من المدعى ، فإنه إنما يدل على اعتبار اليقين في بعض المعارف ، وهو
    التوحيد دون غيره ، والمدعى اعتبار اليقين في كل ما التصديق به شرط في تحقق
    الإيمان ، كالعدل والنبوة والمعاد وغيرها .
    وأجيب بأنه لا قائل بالفرق ، فإن كل من اعتبر اليقين اعتبره في الجميع ، ومن لم
    يعتبره لم يعتبره في شئ منها . واعلم أن ما ذكرناه على ما تقدم وارد هاهنا أيضاً .

    واعترض أيضاً بأن الآية الكريمة خطاب للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فهي إنما تدل على وجوب
    العلم عليه وحده دون غيره .
    وأجيب بأن ذلك ليس من خصوصياته صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإجماع ، وقد دل دليل وجوب
    التأسي به على وجوب اتباعه ، فيجب على باقي المكلفين تحصيل العلم بالعقائد
    الأصولية .
    وأيضاً أورد أنه إنما يفيد الوجوب لو ثبت أن الأمر للوجوب ، وفيه منع لاحتماله
    غيره ، وكذا يتوقف على كون المراد من العلم هاهنا القطعي ، وهو غير معلوم ، إذ
    يحتمل أن يراد به الظن الغالب ، وهو يحصل بالتقليد . وبالجملة فهو دليل ظني .
    وأما المقالة الثانية وهو أن الأعمال ليست جزء من الإيمان ولا نفسه فالدليل عليه
    من الكتاب العزيز ، والسنة المطهرة ، والإجماع .
    أما الكتاب ، فمنه قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، فإن العطف
    يقتضي المغايرة ، وعدم دخول المعطوف في المعطوف عليه ، فلو كان عمل
    الصالحات جزء من الإيمان أو نفسه لزم خلو العطف عن الفائدة لكونه تكراراً .
    وَرُدَّ ذلك بأن الصالحات جمع معرف يشمل الفرض والنفل ، والقائل بكون
    الطاعات جزء من الإيمان يريد بها فعل الواجبات واجتناب المحرمات ، وحينئذ
    فيصح العطف لحصول المغايرة المفيدة لعموم المعطوف ، فلم يدخل كله في
    المعطوف عليه ، نعم ذلك يصلح دليلاً على إبطال مذهب القائلين بكون المندوب
    داخلاً في حقيقة الإيمان كالخوارج .
    ومنه قوله تعالى : وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، أي حالة إيمانه ،
    فإن عمل الصالحات في حالة الإيمان يقتضي المغايرة لما أضيف إلى تلك الحالة
    وقارنه فيها ، وإلا لصار المعنى : ومن يعمل بعض الإيمان حال حصول ذلك البعض ،
    أو ومن يعمل من الإيمان حال حصوله ، وحينئذ فيلزم تقدم الشئ على نفسه
    وتحصيل الحاصل .


    إن قلت : الآية الكريمة إنما تدل على المغايرة في الجملة ، لكن لا يلزم من ذلك أن
    لا تكون الأعمال جزءاً ، فإن المعنى والله أعلم : ومن يعمل من الصالحات حال
    إيمانه ، أي تصديقه بالمعارف الإلۤهية ، وحينئذ فيجوز أن يكون الإيمان الشرعي
    بمجموع الجزئين ، أي عمل الصالحات والتصديق المذكور ، فالمغايرة إنما هي
    بين جزئي الإيمان ولا محذور فيه ، بل لا بد منه وإلا لما تحقق الكل ، بل لا بد لنفي
    ذلك من دليل .
    قلت : من المعلوم أن الإيمان قد غير عن معناه لغة ، فأما التصديق بالمعارف فقط
    فيكون تخصيصاً ، أو مع الأعمال فيكون نقلاً ، لكن الأول أولى ، لأن التخصيص خير
    من النقل .
    ووجه الإستدلال بالآية أيضاً بأن ظاهرها كون الإيمان الشرعي شرطاً لصحة
    الأعمال ، حيث جعل سعيه مقبولاً إذا وقع حال الإيمان ، فلا بد أن يكون الإيمان غير
    الأعمال ، وإلا لزم إشتراط الشئ بنفسه .
    ويرد على هذا ما ورد على الأول بعينه ، نعم اللازم هنا أن يكون أحد جزئي
    المركب شرطاً لصحة الآخر ولا محذور فيه .
    والجواب عن هذا هو الجواب عن ذلك فتأمل .
    ومنه قوله تعالى : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ، فإنه أثبت الإيمان لمن ارتكب
    بعض المعاصي ، فلو كان ترك المنهيات جزء من الإيمان لزم تحقق الإيمان وعدم
    تحققه في موضع واحد في حالة واحدة وهو محال .
    ولهم أن يجيبوا عن ذلك بمنع تحقق الإيمان حالة ارتكاب المنهي ، وكون
    تسميتهم بالمؤمنين باعتبار ما كانوا عليه وخصوصاً على مذهب المعتزلة ، فإنهم لا
    يشترطون في صدق المشتق على حقيقة بقاء المعنى المشتق منه .
    ويمكن دفعه بأن الشارع قد منع من جواز إطلاق المؤمن على من تحقق كفره
    وعكسه ، والكلام في خطاب الشارع ، فلا نسلم لهم الجواب .

    ومنه قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ، فإن أمرهم
    بالتقوى التي لا تحصل إلا بفعل الطاعات والإنزجار عن المنهيات مع وصفهم
    بالإيمان ، يدل على عدم حصول التقوى لهم ، وإلا لما أمروا بها مع حصول
    الإيمان لوصفهم به ، فلا تكون الأعمال نفس الإيمان ولا جزء منه ، وإلا لكان أمراً
    بتحصيل الحاصل .
    ويرد عليه ، جواز أن يراد من الإيمان الذي وصفوا به اللغوي ، ويكون المأمور به
    هو الشرعي وهو الطاعات ، أو جزؤه عند من يقول بالجزئية . ويجاب عنه بنحو ما
    أجيب عما أورد على الدليل الثاني ، فليتأمل .
    ومنه أيضاً الآيات الدالة على كون القلب محلاً للإيمان من دون ضميمة شئ آخر
    كقوله تعالى : أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ، أي جمعه وأثبته فيها والله أعلم . ولو
    كان الإقرار غيره من الأعمال نفس الإيمان أو جزءه ، لما كان القلب محل جمعه ، بل
    هو مع اللسان وحده ، أو مع بقية الجوارح على اختلاف الآراء .
    وقوله تعالى : وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ، ولو كان غير القلب من
    أعمال الجوارح نفس الإيمان أو جزءه ، لما جعل كله محل القلب ، كما هو ظاهر
    الآية الكريمة .
    وقوله تعالى : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ، فإن اطمئنانه بالإيمان يقتضي تعلقه كله به ،
    وإلا لكان مطمئناً ببعضه لا كله .
    أقول : يرد على الأخير أنه لا يلزم من اطمئنانه بالإيمان كونه محلاً له ، إذ من
    الجائز كونه عبارة عن الطاعات وحدها ، أو مع شئ آخر واطمئنان القلب لاطلاعه
    على حصول ذلك ، فإن القلب يطلع على الأعمال .
    ويرد على الأولين أن الإيمان المكتوب والداخل في القلب إنما هو العقائد
    الأصوليه ، ولا يدل على حصر الإيمان في ذلك ، ونحن لا نمنع ذلك بل نقول باعتبار
    ذلك في الإيمان إما على طريق الشرطية لصحته ، أو الجزئية له ، إذ من يزعم أنه



    الطاعات فقط لا بد من حصول ذلك التصديق عنده أيضاً لتصح تلك الأعمال ، غاية
    الأمر أنه شرط للإيمان أو جزؤه لا نفسه ، كما تقدمت الإشارة إليه .
    نعم هما يدلان على بطلان مذهب الكرامية ، حيث يكتفون في تحققه بلفظ
    الشهادتين من غير شئ آخر أصلاً لا شرطاً ولا جزءاً .
    قيل : وكذا آيات الطبع والختم تشعر بأن محل الإيمان القلب ، كقوله تعالى :
    اولئك الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون ، وختم على سمعه وقلبه وجعل
    على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله . وفيه ما تقدم .
    وأما السنة المطهرة ، فكقوله عليه‌السلام : يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على
    دينك ، وجه الدلالة فيه أن المراد من الدين هنا الإيمان ، لأن طلب تثبيت القلب
    عليه يدل على أنه متعلق بالإعتقاد ، وليس هناك شئ آخر غير الإيمان من الإعتقاد
    يصلح لثبات القلب عليه بحيث يسمى ديناً ، فتعين أن يكون هو الإيمان ، وحيث لم
    يطلب غيره في حصول الإيمان علم أن الإيمان يتعلق بالقلب لا بغيره .
    وكذا ما روي أن جبرئيل عليه‌السلام أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله عن الإيمان ؟ فقال : أن تؤمن
    بالله ورسوله واليوم الآخر . ومعنى ذلك : أن تصدق بالله ورسله واليوم الآخر ، فلو
    كان فعل الجوارح أو غيره من الإيمان لذكره له ، حيث سأله الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عما هو
    الإيمان المطلوب للشارع .
    وإن قيل : ظاهر الحديث فيه مناقشة ، وذلك أن الرسول عليه‌السلام سأله عن حقيقة
    الإيمان ، فكان من حق الجواب في شرح معناه أن يقال : أن تصدق بالله لا أن تؤمن
    لأن أن مع الفعل في تأويل المصدر ، فيصير حاصله الإيمان هو الإيمان بالله ، فيلزم
    منه تعريف الشئ بنفسه في الجملة ، وذلك لا يليق بنفس الأمر .
    والجواب أن المراد من قوله : أن تؤمن بالله ، أن تصدق ، وقد كان التصديق معلوماً
    له عليه‌السلام لغة ، فلم يكن تعريف الشئ بنفسه ، فهذا إنما يكون بالقياس إلى غيرهما عليهما‌السلام
    وإلا فالسائل والمسؤول غنيان عن معرفة المعاني من الألفاظ .

    وأما الإجماع ، فهو أن الأمة أجمعت على أن الإيمان شرط لسائر العبادات ،
    والشئ لا يكون شرطاً لنفسه ، فلا يكون الإيمان هو العبادات .
    أقول : على تقدير تسليم دعوى الإجماع ، فللخصوم أن يقولوا : نحن نقول بكون
    التصديق بمسائل الأصول شرطاً لصحة العبادات التي هي الإيمان ، ولا يلزمنا بذلك
    أن يكون تلك المسائل هي الإيمان ، فإن سميتموها إيماناً بالمعنى اللغوي فلا
    مشاحة فِي ذلك ، وإن قلتم بل هي الإيمان الشرعي ، فهو محل النزاع ودليلكم لا
    يدل عليه .
    وأجمعت أيضاً على أن فساد العبادات لا يوجب فساد الإيمان ، وذلك يقتضي
    كون الإيمان غير أعمال الجوارح .
    أقول : إن صح نقل الإجماع ، فلا ريب في دلالته على المدعى ، وسلامته عن
    المطاعن المتقدمة .
    هل يمكن أن يصير المؤمن كافراً
    . . . المؤمن هل يجوز أن يكفر بعد إيمانه أم لا ؟ ذهب إلى الأول جماعة من
    العلماء ، وظاهر القرآن العزيز يدل عليه في آيات كثيرة ، كقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
    ثُمَّ كَفَرُوا ، إلى غير ذلك من الآيات ، ولو كان التصديق بالمعارف الأصولية يعتبر فيه
    الجزم والثبات لما صح ذلك إذ اليقين لا يزول بالأضعف ، ولا ريب أن موجب الكفر
    أضعف مما يوجب الإيمان .
    قلت : لا ريب أن الإيمان من الكيفيات النفسانية ، إذ هو نوع من العلم على ما هو
    الحق ، فهو عرض ، وقبوله للزوال بعروض ضده أو مثله ، عند من يقول الأعراض لا
    تبقى زمانين كالأشاعرة ظاهر . وكذا على القول بأن الباقي محتاج إلى المؤثر في بقائه
    أو غير محتاج مع قطع النظر عن بقاء الأعراض زمانين ، لأن الفاعل مختار ، فيصح
    منه الإيجاد والإعدام في كل وقت . غاية الأمر أن تبديل الإيمان بالكفر لا يجوز أن



    يكون من فعل الله تعالى على ما تقتضيه قواعد العدلية ، من أن العبد له فعل ، وأن
    اللطف واجب على الله تعالى ، ولو كان التبديل منه تعالى لنافى اللطف . على أنا
    نقول : قد يستند الكفر إلى الفعل دون الإعتقاد ، فيجامع الجزم اليقين في
    المعارف الأصولية ، كما في السجود للصنم وإلقاء المصاحف في القاذورات مع كونه
    مصدقاً بالمعارف .
    إن قلت : فعلى هذا يلزم جواز اجتماع الإيمان والكفر في محل واحد وزمان واحد
    ، وهو محال ، لأن الكفر عدم الإيمان عما من شأنه أن يكون مؤمناً .
    قلت : الإيمان هو التصديق بالأصول المذكورة بشرط عدم السجود وغيره مما
    يوجب فعله الكفر بدلالة الشارع عليه ، وانتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط .
    ثانيها يلزم أن يكون الظان ولو في أحد من الأصول الخمسة كافراً وإن كان عالماً
    بالباقي ، لأن الظن من أضداد اليقين فلا يجامعه . فيلزم ( القول ) بكفر مستضعفي
    المسلمين بل كثير من عوامهم ، لعدم التصديق في الأول والثبات في الثاني ، كما
    نشاهد من تشككهم عند التشكيك ، مع أن الشارع حكم بإسلامهم وأجرى عليهم
    أحكامه . ومن هاهنا اكتفى بعض العلماء في الإيمان بالتقليد ، كما تقدمت
    الإشارة إليه .
    ويمكن الجواب عن ذلك : بأن من يشترط اليقين يلتزم الحكم بكفرهم لو علم كون
    اعتقادهم بالمعارف عن ظن ، لكن هذا الإلتزام في المستضعف في غاية البعد
    والضعف . وأما إجراء الأحكام الشرعية فإنما هو للإكتفاء بالظاهر إذ هو المدار في
    إجراء الأحكام الشرعية فهو لا ينافي كون المجرى عليه كذلك كافراً في نفس الأمر .
    وبالجملة ، فالكلام إنما هو في بيان ما يتحقق به كون المكلف مؤمناً عند الله سبحانه ،
    وأما عندنا فيكفي ما يفيد الظن حصول ذلك له ، كإقراره بالمعارف الأصولية مختاراً
    غير مستهزئ ، لتعذر العلم علينا غالباً بحصول ذلك له .
    ثالثها : أنه إذا كان الإيمان هو التصديق الجازم الثابت ، فلا يمكن الحكم بإيمان


    أحد حتى نعلم يقيناً أن تصديقه بما ذكر يقيني ، وأنى لنا بذلك ، ولا يطلع على
    الضمائر إلا خالق السرائر .
    والجواب عن هذا هو الجواب عن الثاني .
    رابعها : انتقاض حد الإيمان والكفر جمعاً ومنعاً بحالة النوم والغفلة وكذا بالصبي
    لأنه إن كان مصدقاً فهو مؤمن وإلا فكافر ، لعدم الواسطة ، مع أن الشارع لم يحكم
    عليه بشئ منهما حقيقة بل تبعاً .
    وأجيب عن الأولين بأن التصديق باق لم يزل ، والذهول والغفلة إنما هو عن
    حصوله واتصاف النفس به ، إذ العلم بالعلم وبصفات النفس غير لازم ، ولا عدمه
    ينافي حصولهما .
    على أن الشارع جعل الأمر المحقق الذي لم يطرأ عليه ما يضاده ويزيله في حكم
    الباقي ، فسمى من اتصف بالإيمان مؤمناً ، سواء كان مستشعراً بإيمان نفسه ، أو
    غافلاً عن ذلك مع اتصاف نفسه به .
    وعن الثالث بأن الكلام في الإيمان الشرعي فهو من أفراد التكليف ، فلا يوصف
    الصبي بشئ منها حقيقة ، لعدم دخوله في المكلف ، نعم يوصف تبعاً .
    هل تزول المعرفة والإيمان بإنكار الضروري ؟
    ـ نهاية الأفكار ج 2 ص 190
    وحيث انجر الكلام إلى هنا ينبغي عطف الكلام إلى بيان أن كفر منكر الضروري
    هل هو لمحض إنكاره أو أنه من جهة استتباعه لتكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتظهر الثمرة فيما
    لو كان منشأ الإنكار الإعتقاد بعدم صدور ما أنكره عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو اشتباه الأمر عليه
    فإنه على الأول يحكم عليه بالكفر ويرتب عليه آثاره بمحض إنكاره ، بخلاف الثاني
    حيث لا يحكم عليه بالكفر في الفرض المزبور .
    فنقول : إن ظاهر إطلاق كلماتهم في كفر منكر الضروري وإن كان يقتضي الوجه



    الأول ، ولكن النظر الدقيق فيها يقتضي خلافه ، وذلك لما هو المعلوم من انصراف
    إطلاق كلماتهم إلى المنكر المنتحل للإسلام المعاشر للمسلمين . ومن الواضح ظهور
    إنكار مثل هذا الشخص في تكذيبه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومع هذا الإنصراف لا مجال للأخذ
    بإطلاق كلامهم في الحكم بكفر منكر الضروري حتى مع العلم بعدم رجوع إنكاره إلى
    تكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد عدم دليل في البين على ثبوت الكفر بمحض الإنكار أمكن
    الإلتزام بعدم الكفر فيمن يحتمل في حقه الشبهة وخفاء الأمر عليه بحسب ظهور
    حاله كما فيمن هو قريب عهد بالإسلام عاش في البوادي ولم يختلط بالمسلمين
    حيث أن إنكار مثله لا يكون له ظهور في تكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبذلك يندفع ما قد
    يتوهم من اقتضاء البيان المزبور عدم الحكم بالكفر حتى في من نشأ في الإسلام
    وعاشر المسلمين مع احتمال الشبهة في حقه خصوصاً مع دعواه عدم اعتقاده
    بصدور ما أنكره عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه من الموضوعات . إذ نقول إنه كذلك لولا ظهور
    حال مثله في تكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعدم خفاء شئ عليه من أساس الدين وضرورياته ،
    حيث أن العادة قاضية بأن من عاشر المسلمين مدة مديدة من عمره لا يخفى عليه
    شئ من أساس الدين وضرورياته فضلاً عمن كان مسلماً وكان نشوؤه من صغره بين
    المسلمين ، فإنكار مثل هذا الشخص يكشف لا محالة بمقتضى ظهور حاله عن
    تكذيب النبي بحيث لو ادعى جهله بذلك أو اعتقاده بعدم صدور ما أنكره عن النبي
    لا يسمع منه بل يحكم بكفره .
    وهذا بخلاف غيره ممن كان نشوه في البوادي أو البلاد التي لا يوجد فيها المسلم
    فإن ظهور حاله ربما يكون على العكس ، ومن ذلك لا نحكم بكفره بمجرد انكاره
    لشئ من ضروريات الدين خصوصاً مع دعواه عدم علمه بكون ما أنكره صادراً عن
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    بل ولعل في جعل مدار الكفر على إنكار الضروري دلالة على ما ذكرنا من طريقية
    الإنكار للتكذيب بلحاظ بعد خفاء ما هو أساس الدين وضرورياته على المنتحل

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:52 pm

    للإسلام المعاشر مع المسلمين بخلاف غير الضروري حيث لا بعد في خفائه وإلا فلا
    فرق في استلزام الإنكار للتكذيب بين الضروري وغيره ، وحينئذ فيمكن الجمع
    بين إطلاق كلامهم في كفر منكر الضروري وبين ما هو الظاهر من طريقية الإنكار
    للتكذيب بحمل الإطلاقات على المنكر المنتحل للإسلام المعاشر مع المسلمين
    برهة من عمره .
    وقد يستدل على استتباع مجرد الإنكار للكفر بما رواه زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام
    من قوله : لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا ، ولكن يدفعه ظهور
    الرواية في الإنكار الناشي عن العناد إذ الجحد ليس إلا عبارة عن ذلك ومن المعلوم
    عدم صلاحية مثله للدلالة على ثبوت الكفر بمحض الإنكار ، ومجرد كون الإنكار
    العنادي موجباً للكفر لا يقتضي تسرية الحكم إلى مطلق الإنكار ، ومن ذلك نقول أن
    الإنكار العنادي موجب للكفر مطلقاً ولو في غير الضروري .
    هذا كله في صورة التمكن من تحصيل العلم والإعتقاد الجزمي ، ولقد عرفت
    وجوبه عليه فيما يرجع إلى الله جل شأنه وما يرجع إلى أنبيائه ورسله وحججه وأنه
    مع الإخلال به يكون معاقباً لا محالة .
    نعم يبقى الكلام حينئذ في كفره وترتيب آثاره عليه من النجاسة وغيرها مع
    الإخلال بتحصيل المعرفة ، فنقول :
    أما مع عدم إظهاره للشهادتين فلا إشكال في كفره وترتيب آثاره عليه من النجاسة
    وعدم الإرث والمناكحة . وأما مع إظهار الشهادتين ففيه إشكال ينشأ من كفاية مجرد
    إظهار الشهادتين مع عدم الإنكار في الحكم بالإسلام ، ومن عدم كفايته ولزوم
    الإعتقاد في الباطن أيضاً .
    ولكنه لا ينبغي التأمل في عدم كفايته فإن حقيقة الإسلام عبارة عن الإعتقاد
    بالواجب تعالى والتصديق بالنبي عليه‌السلام بكونه رسولاً من عند الله سبحانه وأن الإكتفاء
    بإظهار الشهادتين من جهة كونه أمارة على الإعتقاد في الباطن كما يظهر ذلك أيضاً



    من النصوص الكثيرة . ولا ينافي ذلك ما يترائى في صدر الإسلام من معاملة
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع المنافقين معاملة الإسلام بمجرد إظهارهم الشهادتين مع علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله
    بعدم كونهم مؤمنين بالله ولا مصدقين برسوله واقعاً وأن إظهارهم الشهادتين كان
    لمحض الصورة إما لأجل خوفهم من القتل وإما لبعض المصالح المنظورة لهم
    كالوصول إلى مقام الرياسة والآمال الدنيوية لما سمعوا وعلموا من الكهنة بارتقاء
    الإسلام وتفوقه على سائر المذاهب والأديان ، مع أنهم لم يؤمنوا بالله طرفة عين كما
    نطقت به الأخبار والآثار المروية عن الأئمة الأطهار . إذ نقول إن في معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    والوصي مع هؤلاء المنافقين في الصدر الأول معاملة الإسلام بمحض إظهارهم
    الشهادتين وجوها ومصالح شتى .
    منها تكثير جمعية المسلمين وازديادهم في قبال الكفار وعبدة الأوثان الموجب
    لازدياد صولة المسلمين في أنظار المشركين .
    ومنها حفظ من في أصلابهم من المؤمنين الذين يوجدون بعد ذلك .
    ومنها تعليم الأمة في الأخذ بما يقتضيه ظاهر القول بالشهادتين في الكشف عن
    الإعتقاد في الباطن ، فإنه لو فتح مثل هذا الباب في الصدر الأول لقتل كل أحد
    صاحبه لأجل ما كان بينهم من العداوة في الجاهلية بدعوى أن اعتقاده على خلاف
    ما يظهره باللسان وأن إظهار الشهادتين كان لأجل الخوف من القتل أو الطمع في
    الشركة في أخذ الغنيمه ومثله لا يزيد المسلمين وشوكتهم إلا ضعفاً كما يشهد لذلك
    الآية الشريفة : وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ، وقضية أسامة بن زيد
    في ذلك معروفة .
    ومنها غير ذلك من المصالح التي لاحظها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع علمه بكونهم حقيقة غير
    مؤمنين على ما نطق به الكتاب المبين في مواضع عديدة في قوله سبحانه : يَحْلِفُونَ
    بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ ، وقوله : وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ . . . .
    الخ . وغير ذلك من الآيات الكثيرة .

    وأين ذلك وزماننا هذا الذي قد كثر فيه المسلمون كثرة عظيمة ، وحينئذ
    فلا يمكن الإلتزام بترتيب آثار الإسلام على مجرد إظهار الشهادتين مع العلم بعدم
    كون إظهارها إلا صورياً محضاً خصوصاً مع ظهور اعتبار القول في كونه لأجل
    الحكاية والطريقية عن الإعتقاد في الباطن ، بل لا بد من ترتيب آثار الكفر عليه في
    الفرض المزبور .
    هل أن الكافر يعرف الله تعالى ؟
    ـ مسالك الأفهام ج 2 ص 75
    النية معتبرة في الكفارة لأنها عبادة تقع على وجوه مختلفة فلا يتميز المقصد منها
    بالنية لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما الأعمال بالنيات ويعتبر فيها نية القربة لقوله تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
    لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، وهذا هو القدر المتفق عليه منها . . . .
    إذا تقرر ذلك فقد فرع المصنف على اعتبار نية القربة به أنه لا يصح من الكافر
    كتابياً كان أم غيره ، محتجاً بتعذر نية القربة في حقه ، وفيه نظر ، لأنه إن أراد بنية القربة
    المتعذرة منه نية إيقاع الفعل طلباً للتقرب إلى الله بواسطة نيل الثواب أو ما جرى
    مجرى ذلك سواء حصل له ما نواه أم لا ، منعنا من تعذر نية القربة من مطلق الكافر ،
    لأن من اعترف منهم بالله تعالى وكان كفره بجحد نبوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو غيره من الأنبياء أو
    بعض شرايع الإسلام يمكن منه هذا النوع من التقرب ، وإنما يمتنع من الكافر
    المعطل الذي لا يعترف بوجود الله تعالى كالدهري وبعض عبدة الأصنام ، وإن أراد
    بها إيقاعه على وجه التقرب إلى الله تعالى بحيث يستحق بها الثواب طالبناه بدليل
    على اشتراط مثل ذلك وعارضناه بعبارة المخالف من المسلمين وعتقه فإنه لا
    يستتبع الثواب عنده مع صحة عتقه ، وفي صحة عبادات غيره بحث فُرِد في محله .
    وبالجملة فكلامهم في هذا الباب مختلف غير منقح ، لأنهم تارة يحكمون ببطلان
    عبادة الكافر مطلقاً استناداً إلى تعذر نية القربة منه ، ومقتضى ذلك إرادة المعنى



    الثاني لأن ذلك هو المتعذر منه لا الأول ، وتارة يجوزون منه بعض العبادات كالعتق
    وسيأتي تجويز جماعة من الأصحاب له منه ، مع اشتراط القربة فيه نظراً إلى ما ذكرناه
    من الوجه في الأول .
    وقد وقع الخلاف بينهم في وقفه وصدقته وعتقه المتبرع به ونحو ذلك من
    التصرفات المالية المعتبر فيها القربة ، واتفقوا على عدم صحة العبادات البدنية منه
    نظراً إلى أن المال يراعي فيه جانب المدفوع إليه ولو بفك الرقبة من الرق فيرجح فيه
    جانب القربات بخلاف العبادات البدنية ، ومن ثم ذهب بعض العامة إلى عدم
    اشتراط النية في العتق والإطعام واعتبرها في الصيام ، إلا أن هذا الإعتبار غير منضبط
    عند الأصحاب كما أشرنا إليه ، وسيأتي له في العتق زيادة بحث .
    ثم عد إلى العبارة واعلم أن قوله ذمياً كان الكافر أو حربياً أو مرتداً لا يظهر
    للتسوية بين هذه الفرق مزية ، لأن الكافر المقر بالله تعالى لا يفرق فيه بين الذمي
    والحربي ، وإن افترقا في الإقرار بالجزية فإن ذلك أمر خارج عن هذا المطلق ، وإنما
    حق التسوية بين أصناف الكفار أن يقول سواء كان مقراً بالله كالكتابي أم جاحداً له
    كالوثني ، لأن ذلك هو موضع الإشكال ومحل الخلاف .
    وأما ما قاله بعضهم من أن الكافر مطلقاً لا يعرف الله تعالى على الوجه المعتبر ولو
    عرفه لأقر بجميع رسله ودين الإسلام فهو كلام بعيد عن التحقيق جداً ، ولا ملازمة
    بين الأمرين كما لا ملازمة بين معرفة المسلم لله تعالى ومعرفة دين الحق من فرق
    الإسلام ، وكل حزب بما لديهم فرحون .
    ـ مسالك الأفهام ج 2 ص 153
    قوله : ويصح اليمين من الكافر . . إلخ . إذا حلف الكافر بالله تعالى على شئ سواء
    كان مقراً بالله كاليهودي والنصراني أو من كفر بجحد فريضة من المسلمين ، أو غير
    مقر به كالوثني ، ففي انعقاد يمينه أقوال أشهرها الأول ، وهو الذي اختاره المصنف
    والشيخ في المبسوط وأتباعه وأكثر المتأخرين لوجود المقتضي وهو حلفه بالله تعالى


    مع باقي الشرايط وانتفاء المانع إذ ليس هناك إلا كفره وهو غير مانع لتناول الأدلة
    الدالة على انعقاد اليمين له من الآيات والأخبار ، ولأن الكفار مخاطبون بفروع
    الشرايع فيدخلون تحت عموم قوله تعالى : وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ،
    وغيره .
    وقال الشيخ في الخلاف وابن ادريس لا ينعقد مطلقاً لأن شرط صحتها الحلف
    بالله والكافر لا يعرف الله ، وفي إطلاق القولين معاً منع ظاهر .
    وفصل العلامة جيداً في المختلف فقال إن كان كفره باعتبار جهله بالله وعدم
    علمه به لم ينعقد يمينه لأنه يحلف بغير الله ، ولو عبر به فعبارته لغو لعدم اعتقاده ما
    يقتضي تعظيمه بالحلف به ، وإن كان جحده باعتبار جحد نبوة أو فريضة انعقدت
    يمينه ، لوجود المقتضي وهو الحلف بالله تعالى من عارف به إلى آخر ما اعتبر .
    وتوقف فعل المحلوف عليه لو كان طاعة والتكفير على تقدير الحنث على الإسلام لا
    يمنع أصل الإنعقاد ، لأنه مشروط بشرط زايد على أصل اليمين فلا ملازمة بينهما .
    وفائدة الصحة تظهر في بقاء اليمين لو أسلم في المطلقة أو قبل خروج وقت
    الموقتة ، وفي العقاب على متعلقها لو مات على كفره ولما يفعله لا في تدارك الكفارة
    ولو سبق الحنث الإسلام ، لأنها تسقط به عنه .
    قوله : وفي صحة التكفير . . إلخ . إذا قلنا بصحة يمين الكافر على بعض الوجوه
    وحنث في يمينه وجبت عليه الكفارة مطلقاً ، ومذهب الأصحاب عدم صحتها منه
    حال الكفر لأنها من العبادات المشروطة بنية القربة ، وهي متعذرة في حقه سواء
    عرف الله أم لا ، لأن المراد من القربة ما يترتب عليه الثواب وهو منتف في حقه .
    والمصنف رحمه‌الله تردد في ذلك ووجه التردد ما ذكر ومن احتمال أن يراد بالقربة قصد
    التقرب إلى الله تعالى سواء حصل له القرب والثواب أم لا كما سبق تحقيقه في عتق
    الكافر ، ومن حيث أن بعض خصال الكفارة قد يشك في اعتبار نية القربة فيها
    كالإطعام والكسوة كما يقوله العامة فإنهم لا يعتبرون النية إلا في الصوم من خصالها



    ويجوزون الإطعام ونحوه بدونها ، ولكن مذهب الأصحاب اعتبار نية القربة في
    جميع خصالها ، وظاهرهم اختيار المعنى الأول من معاني القربة ، ومن ثم أبطلوا
    عبادات الكافر ، ومن اختار منهم صحة يمينه منع من صحة التكفير منه ما دام على
    كفره ، فما تردد المصنف رحمه‌الله فيه لا يظهر فيه خلاف معتد به .
    بحث في معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس
    ـ تفسير الميزان للطباطبائي ج 6 ص 169 وما بعدها
    في الغرر والدرر للآمدي عن علي عليه‌السلام قال : من عرف نفسه عرف ربه .
    أقول ورواه الفريقان عن النبي أيضاً وهو حديث مشهور ، وقد ذكر بعض العلماء
    أنه من تعليق المحال ، ومفاده استحالة معرفة النفس لاستحالة الإحاطة العلمية بالله
    سبحانه . ورد أولاً ، بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في رواية أخرى : أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه . وثانياً ،
    بأن الحديث في معنى عكس النقيض ، لقوله تعالى : وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ
    فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ .
    وفيه عنه عليه‌السلام : قال الكيس من عرف نفسه وأخلص أعماله .
    أقول : تقدم في البيان السابق معنى ارتباط الإخلاص وتفرعه على الإشتغال
    بمعرفة النفس .
    وفيه عنه عليه‌السلام : قال المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين .
    أقول : الظاهر أن المراد بالمعرفتين المعرفة بالآيات الأنفسية والمعرفة بالآيات
    الآفاقية ، قال تعالى : سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ،
    أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ . حم السجدة ـ 53 ، وقال تعالى : وَفِي الْأَرْضِ
    آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ . الذاريات ـ 21 .
    وكون السير الأنفسي أنفع من السير الآفاقي لعله لكون المعرفة النفسانية لا تنفك
    عادةً من إصلاح أوصافها وأعمالها بخلاف المعرفة الآفاقية ، وذلك أن كون معرفة


    الآيات نافعة إنما هو لأن معرفة الآيات بما هي آيات موصلة إلى معرفة الله سبحانه
    وأسمائه وصفاته وأفعاله ، ككونه تعالى حياً لا يعرضه موت ، وقادراً لا يشوبه ، عجز
    وعالماً لا يخالطه جهل ، وأنه تعالى هو الخالق لكل شئ ، والمالك لكل شئ ، والرب
    القائم على كل نفس بما كسبت ، خلق الخلق لا لحاجة منه إليهم بل لينعم عليهم بما
    استحقوه ، ثم يجمعهم ليوم الجمع لا ريب فيه ، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا
    ويجزي الذين احسنوا بالحسنى .
    وهذه وأمثالها معارف حقة ، إذا تناولها الإنسان وأتقنها مثلت له حقيقة حياته
    وأنها حياة مؤبدة ذات سعادة دائمة أو شقوة لازمة ، وليست بتلك المتهوسة
    المنقطعة اللاهية اللاغية .
    وهذا موقف علمي يهدي الإنسان إلى تكاليف ووظائف بالنسبة إلى ربه وبالنسبة
    إلى أبناء نوعه في الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، وهي التي نسميها بالدين ، فإن السنة
    التي يلتزمها الإنسان في حياته ولا يخلو عنها حتى البدوي والهمجي إنما يضعها
    ويلتزمها أو يأخذها ويلتزمها لنفسه من حيث أنه يقدر لنفسه نوعاً من الحياة أي نوع
    كان ، ثم يعمل بما استحسنه من السنة لإسعاد تلك الحياة ، وهذا من الوضوح بمكان .
    فالحياة التي يقدرها الإنسان لنفسه تمثل له الحوائج المناسبة لها فيهتدي بها إلى
    الأعمال التي تضمن عادة رفع تلك الحوائج فيطبق الإنسان عمله عليها ، وهو السنة
    أو الدين .
    فتلخص مما ذكرنا أن النظر في الآيات الأنفسية والآفاقية ومعرفة الله سبحانه بها
    يهتدي الإنسان إلى التمسك بالدين الحق والشريعة الإلۤهية ، من جهه تمثيل المعرفة
    المذكورة الحياة الإنسانية المؤبدة له عند ذلك ، وتعلقها بالتوحيد والمعاد والنبوة .
    وهذه الهداية إلى الإيمان والتقوى يشترك فيها الطريقان معاً ، أعني طريقي النظر
    إلى الآفاق والأنفس ، فهما نافعان جميعاً ، غير أن النظر إلى آيات النفس أنفع فإنه لا
    يخلو من العثور على ذات النفس وقواها وأدواتها الروحية والبدنية وما يعرضها من



    الإعتدال في أمرها أو طغيانها أو خمودها ، والملكات الفاضلة أو الرذيلة والأحوال
    الحسنة أو السيئة التي تقارنها .
    واشتغال الإنسان بمعرفة هذه الأمور والإذعان بما يلزمها من أمن أو خطر وسعادة
    أو شقاوة لا ينفك من أن يعرفه الداء والدواء من موقف قريب ، فيشتغل بإصلاح
    الفاسد منها والإلتزام بصحيحها ، بخلاف النظر في الآيات الآفاقية فإنه إن دعا إلى
    إصلاح النفس وتطهيرها من سفاسف الأخلاق ورذائلها وتحليتها بالفضائل الروحية ،
    لكنه ينادي لذلك من مكان بعيد ، وهو ظاهر .
    وللرواية معنى آخر أدق مستخرج من نتائج الأبحاث الحقيقية في علم النفس ،
    وهو أن النظر في الآيات الآفاقية والمعرفة الحاصلة من ذلك نظر فكري وعلم
    حصولي ، بخلاف النظر في النفس وقواها وأطوار وجودها والمعرفة المتجلية منها ،
    فإنه نظر شهودي وعلم حضوري ، والتصديق الفكري يحتاج في تحققه إلى نظم
    الأقيسة واستعمال البرهان وهو باق ما دام الإنسان متوجهاً إلى مقدماته غير ذاهل
    عنها ولا مشتغل بغيرها ، ولذلك يزول العلم بزوال الإشراف على دليله وتكثر فيه
    الشبهات ويثور فيه الإختلاف .
    وهذا بخلاف العلم النفساني بالنفس وقواها وأطوار وجودها فإنه من العيان فإذا
    اشتغل الإنسان بالنظر إلى آيات نفسه وشاهد فقرها إلى ربها وحاجتها في جميع
    أطوار وجودها وجد أمراً عجيباً ، وجد نفسه متعلقة بالعظمة والكبرياء متصلة في
    وجودها وحياتها وعلمها وقدرتها وسمعها وبصرها وإرادتها وحبها وسائر صفاتها
    وأفعالها ، بما لا يتناهى بهاءً وسناءً وجمالاً وجلالاً وكمالاً من الوجود والحياة والعلم
    والقدرة وغيرها من كل كمال .
    وشاهد ما تقدم بيانه أن النفس الإنسانية لا شأن لها إلا في نفسها ، ولا مخرج لها
    من نفسها ، ولا شغل لها إلا السير الإضطراري في مسير نفسها ، وإنها منقطعة عن كل
    شئ كانت تظن أنها مجتمعة معه مختلطة به إلا ربها ، المحيط بباطنها وظاهرها وكل


    شئ دونها ، فوجدت أنها دائماً في خلأ مع ربها وإن كانت في ملأ من الناس .
    وعند ذلك تنصرف عن كل شیء وتتوجه إلى ربها وتنسى كل شئ ، وتذكر ربها
    فلا يحجبه عنها حجاب ، ولا تستتر عنه بستر ، وهو حق المعرفة الذي قدر للانسان .
    وهذه المعرفة الأحرى بها أن تسمى بمعرفة الله بالله . . . .
    وأما المعرفة الفكرية التي يفيدها النظر في الآيات الآفاقية سواء حصلت من
    قياس أو حدس أو غير ذلك ، فإنما هي معرفة بصورة ذهنية عن صورة ذهنية ، وجل
    الإلۤه أن يحيط به ذهن أو تساوي ذاته صورة مختلقة اختلقها خلق من خلقه ، ولا
    يحيطون به علما .
    وقد روى في الإرشاد والإحتجاج على ما في البحار عن الشعبي عن أمير
    المؤمنين عليه‌السلام في كلام له : إن الله أجل من أن يحتجب عن شئ أو يحتجب عنه شئ .
    وفي التوحيد عن موسى بن جعفر عليه‌السلام في كلام له : ليس بينه وبين خلقه حجاب غير
    خلقه ، احتجب بغير حجاب محجوب ، واستتر بغير ستر مستور ، لا إلۤه إلا هو الكبير
    المتعال . وفي التوحيد مسنداً عن عبد الأعلى عن الصادق عليه‌السلام في حديث : ومن
    زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال ، فهو مشرك ، لأن الحجاب والصورة
    والمثال غيره ، وإنما هو واحد موحد ، فكيف يوحد من زعم أنه يوحده بغيره ! إنما
    عرف الله من عرفه بالله فمن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنما يعرف غيره . . الحديث .
    والأخبار المأثورة عن أئمة أهل البيت عليه‌السلام في معنى ما قدمناه كثيرة جداً لعل الله
    يوفقنا لإيرادها وشرحها في ما سيأتي إن شاء الله العزيز من تفسير سورة الأعراف .
    فقد تحصل أن النظر في آيات الأنفس أنفس وأغلى قيمةً ، وأنه هو المنتج لحقيقه
    المعرفة فحسب ، وعلى هذا فعده عليه‌السلام إياها أنفع المعرفتين لا معرفة متعينة إنما هو
    لأن العامة من الناس قاصرون عن نيلها ، وقد أطبق الكتاب والسنة وجرت السيرة
    الطاهرة النبوية وسيرة أهل بيته الطاهرين على قبول من آمن بالله عن نظر آفاقي
    وهو النظر الشائع بين المؤمنين . فالطريقان نافعان جميعاً ، لكن النفع في طريق
    النفس أتم وأغزر .


    وفي الدرر والغرر عن علي عليه‌السلام قال : العارف من عرف نفسه فاعتقها ونزهها عن
    كل ما يبعدها . أقول : أي أعتقها عن إسارة الهوى وَرِقِّية الشهوات .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : أعظم الحكمة معرفة الإنسان نفسه .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : أكثر الناس معرفة لنفسه أخوفهم لربه . أقول : وذلك لكونه
    أعلمهم بربه وأعرفهم به ، وقد قال الله سبحانه : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : أفضل العقل معرفة المرء بنفسه ، فمن عرف نفسه عقل ومن
    جهلها ضل .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : عجبت لمن ينشد ضالته وقد أضل نفسه فلا يطلبها .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : عجبت لمن يجهل نفسه كيف يعرف ربه .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه . أقول : وقد تقدم وجه
    كونها غاية المعرفة فإنها المعرفة حقيقة .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : كيف يعرف غيره من يجهل نفسه .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : كفى بالمرء معرفةً أن يعرف نفسه ، وكفى بالمرء جهلاً أن
    يجهل نفسه .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : من عرف نفسه تجرد . أقول : أي تجرد عن علائق الدنيا ، أو
    تجرد عن الناس بالإعتزال عنهم ، أو تجرد عن كل شئ بالإخلاص لله .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : من عرف نفسه جاهدها ، ومن جهل نفسه أهملها .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : من عرف نفسه جل أمره .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : من عرف نفسه كان لغيره أعرف ، ومن جهل نفسه كان
    بغيره أجهل .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كل معرفة وعلم .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : من لم يعرف نفسه بعد عن سبيل النجاة ، وخبط في
    الضلال والجهالات .

    وفيه عنه عليه‌السلام قال : معرفة النفس أنفع المعارف .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : نال الفوز الأكبر من ظفر بمعرفة النفس .
    وفيه عنه عليه‌السلام قال : لا تجهل نفسك فإن الجاهل معرفة نفسه جاهل بكل شئ .
    وفي تحف العقول عن الصادق عليه‌السلام في حديث : من زعم أنه يعرف الله بتوهم
    القلوب فهو مشرك ، ومن زعم أنه يعرف الله بالإسم دون المعنى فقد أقر بالطعن لأن
    الإسم محدث ، ومن زعم أنه يعبد الإسم والمعنى فقد جعل مع الله شريكاً ، ومن
    زعم أنه يعبد بالصفة لا بالإدراك فقد أحال على غائب ، ومن زعم أنه يضيف
    الموصوف إلى الصفة فقد صغر بالكبير ، وما قدروا الله حق قدره .
    قيل له فكيف سبيل التوحيد ؟ قال : باب البحث ممكن وطلب المخرج موجود ،
    إن معرفة عين الشاهد قبل صفته ، ومعرفة صفة الغائب قبل عينه . قيل وكيف يعرف
    عين الشاهد قبل صفته ؟ قال : تعرفه وتعلم علمه ، وتعرف نفسك به ولا تعرف
    نفسك من نفسك ، وتعلم أن ما فيه له وبه ، كما قالوا ليوسف إنك لأنت يوسف ، قال
    أنا يوسف وهذا أخي ، فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره ولا أثبتوه من أنفسهم بتوهم
    القلوب . . . . الحديث .
    أقول قد أوضحنا في ذيل قوله عليه‌السلام المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين ، الرواية الثانية
    من الباب أن الإنسان إذا اشتغل بآية نفسه وخلا بها عن غيرها انقطع إلى ربه من كل
    شئ وعقب ذلك معرفة ربه معرفة بلا توسيط وسط وعلماً بلا تسبيب سبب ، إذ
    الإنقطاع يرفع كل حجاب مضروب ، وعند ذلك يذهل الإنسان بمشاهدة ساحة
    العظمة والكبرياء عن نفسه . وأحرى بهذه المعرفة أن تسمى معرفة الله بالله . . . .
    وانكشف له عند ذلك من حقيقة نفسه أنها الفقيرة إلى الله سبحانه المملوكة له ملكاً لا
    تستقل بشئ دونه ، وهذا هو المراد بقوله عليه‌السلام : تعرف نفسك به ، ولا تعرف نفسك
    بنفسك من نفسك ، وتعلم أن ما فيه له وبه .
    وفي هذا المعنى ما رواه المسعودي في إثبات الوصية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال



    في خطبة له : فسبحانك ملأت كل شئ وباينت كل شئ ، فأنت لا يفقدك شئ وأنت
    الفعال لما تشاء . . . . إلى أن قال : سبحانك أي عين تقوم نصب بهاء نورك وترقى إلى
    نور ضياء قدرتك ، وأي فهم يفهم ما دون ذلك إلا أبصار كشفت عنها الأغطية
    وهتكت عنها الحجب العمية فرقت أرواحها على أطراف أجنحة الأرواح ، فناجوك
    في أركانك وولجوا بين أنوار بهائك ، ونظروا من مرتقى التربة إلى مستوى كبريائك ،
    فسماهم أهل الملكوت زواراً ، ودعاهم أهل الجبروت عماراً .
    وفي البحار عن إرشاد الديلمي وذكر بعد ذلك سندين لهذا الحديث وفيه : فمن
    عمل برضائي ألزمه ثلاث خصال : أعرفه شكراً لا يخالطه الجهل ، وذكراً لا يخالطه
    النسيان ، ومحبةً لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين . فإذا أحبني أحببته وأفتح
    عين قلبه إلى جلالي ولا أخفي عليه خاصة خلقي وأناجيه في ظلم الليل ونور النهار ،
    حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين ومجالسته معهم ، واسمعه كلامي وكلام ملائكتي
    وأعرفه السر الذي سترته عن خلقي ، وألبسه الحياء حتى يستحيي منه الخلق كلهم ،
    ويمشي على الأرض مغفوراً له ، واجعل قلبه واعياً وبصيراً ، ولا أخفي عليه شيئاً من
    جنة ولا نار ، وأعرفه ما يمر على الناس في القيامة من الهول والشدة ، وما أحاسب به
    الأغنياء والفقراء والجهال والعلماء ، وأنومه في قبره وأنزل عليه منكراً ونكيراً حتى
    يسألاه ، ولا يرى غم الموت وظلمة القبر واللحد وهول المطلع ، ثم أنصب له ميزانه
    وأنشر ديوانه ، ثم أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشوراً ، ثم لا أجعل بيني وبينه
    ترجماناً . فهذه صفات المحبين .
    يا أحمد إجعل همك هماً واحداً ، واجعل لسانك لساناً واحداً ، واجعل بدنك
    حياً لا يغفل أبداً ، من يغفل عني لا أبالي بأي وادٍ هلك .
    والروايات الثلاثة الأخيرة وإن لم تكن من أخبار هذا البحث المعقود على
    الإستقامة ، إلا أنا إنما أوردناها ليقضي الناقد البصير بما قدمناه من أن المعرفة
    الحقيقية لا تستوفي بالعلم الفكري حق استيفائها ، فإن الروايات تذكر أموراً من


    المواهب الإلۤهية المخصوصة بأوليائه لا ينتجها السير الفكري البتة . وهي أخبار
    مستقيمة صحيحة يشهد على صحتها الكتاب الإلۤهي على ما سنبين ذلك فيما
    سيوافيك من تفسير سورة الأعراف إن شاء الله العزيز . . . .
    وأما سائر الفرق المذهبية من الهنود كالجوكية أصحاب الأنفاس والأوهام
    وكأصحاب الروحانيات وأصحاب الحكمة وغيرهم ، فلكل طائفة منهم رياضات
    شاقة عملية لا تخلو عن العزلة وتحريم اللذائذ الشهوانية على النفس .
    وأما البوذية فبناء مذهبهم على تهذيب النفس ومخالفة هواها وتحريم لذائذها
    عليها للحصول على حقيقة المعرفة ، وقد كان هذه هي الطريقة التي سلكها بوذا نفسه
    في حياته فالمنقول أنه كان من أبناء الملوك أو الرؤساء فرفض زخارف الحياة
    وهجر أريكة العرش إلى غابة موحشة لزمها في ريعان شبابه واعتزل الناس وترك
    التمتع بمزايا الحياة وأقبل على رياضة نفسه والتفكر في أسرار الخلقة ، حتى قذفت
    المعرفة في قلبه وسنه إذ ذاك ستة وثلاثون ، وعند ذاك خرج إلى الناس فدعاهم إلى
    ترويض النفس وتحصيل المعرفة ولم يزل على ذلك قريباً من أربع وأربعين سنة على
    ما في التواريخ .
    وأما الصابئون ونعني بهم أصحاب الروحانيات فهم وإن أنكروا أمر النبوة غير أن
    لهم في طريق الوصول إلى كمال المعرفة النفسانية طرقاً لا تختلف كثيراً عن طرق
    البراهمة والبوذيين ، قالوا : على ما في الملل والنحل ، أن الواجب علينا أن نطهر
    نفوسنا عن دنس الشهوات الطبيعية ، ونهذب أخلاقنا عن علائق القوى الشهوانية
    والغضبية ، حتى يحصل مناسبه ما بيننا وبين الروحانيات ، فنسأل حاجاتنا منهم
    ونعرض أحوالنا عليهم ونصبوا في جميع أمورنا إليهم ، فيشفعون لنا إلى خالقنا
    وخالقهم ورازقنا ورازقهم .
    وهذا التطهير ليس يحصل إلا باكتسابنا ورياضتنا ، وفطامنا أنفسنا عن دنيئات
    الشهوات ، استمداداً من جهة الروحانيات ، والإستمداد هو التضرع والإبتهال



    بالدعوات وإقامة الصلوات ، وبذل الزكوات ، والصيام عن المطعومات
    والمشروبات ، وتقريب القرابين والذبائح ، وتبخير البخورات وتعزيم العزائم ،
    فيحصل لنفوسنا استعداد واستمداد من غير واسطة . انتهى .
    وهؤلاء وإن اختلفوا فيما بين أنفسهم بعض الإختلاف في العقائد العامة الراجعة
    إلى الخلق والإيجاد لكنهم متفقوا الرأي في وجوب ترويض النفس للحصول على
    كمال المعرفة وسعادة النشأة .
    وأما المانوية من الثنوية ، فاستقرار مذهبهم على كون النفس من عالم النور
    العلوي وهبوطها إلى هذه الشبكات المادية المظلمة المسماة بالأبدان ، وأن سعادتها
    وكمالها التخلص من دار الظلمة إلى ساحة النور ، إما اختياراً بالترويض النفساني وإما
    اضطراراً بالموت الطبيعي المعروف .
    وأما أهل الكتاب ونعني بهم اليهود والنصارى والمجوس ، فكتبهم المقدسة
    وهي العهد العتيق والعهد الجديد وأوستا ، مشحونة بالدعوة إلى إصلاح النفس
    وتهذيبها ومخالفة هواها . ولا تزال كتب العهدين تذكر الزهد في الدنيا والإشتغال
    بتطهير السر ، ولا يزال يتربى بينهم جم غفير من الزهاد وتاركي الدنيا ، جيلاً بعد جيل
    وخاصة النصارى فإن من سننهم المتبعة الرهبانية . وقد ذكر أمر رهبانيتهم في القرآن
    الشريف قال تعالى : ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . المائدة ـ 82
    وقال تعالى : وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ
    رِعَايَتِهَا . الحديد ـ 27 ، كما ذكر المتعبدون من اليهود في قوله : لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ
    الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ، يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
    وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَـٰئِكَ مِنَ
    الصَّالِحِينَ . آل عمران ـ 114 .
    وأما الفرق المختلفة من أصحاب الإرتياضات والأعمال النفسية كأصحاب
    السحر والسيمياء ، وأصحاب الطلسمات وتسخير الأرواح والجن وروحانيات


    الحروف والكواكب وغيرها ، وأصحاب الإحضار وتسخير النفوس ، فلكل منهم
    ارتياضات نفسية خاصة تنتج نوعاً من السلطة على أمر النفس .
    وجملة الأمر على ما يتحصل من جميع ما مر : أن الوجهة الأخيرة لجميع أرباب
    الأديان والمذاهب والأعمال هو تهذيب النفس بترك هواها والإشتغال بتطهيرها من
    شوب الأخلاق والأحوال غير المناسبة للمطلوب .
    لعلك ترجع وتقول إن الذي ثبت من سنن أرباب المذاهب والطرق وسيرهم هو
    الزهد في الدنيا وهو غير مسألة معرفة النفس أو الإشتغال بأمر النفس بالمعنى الذي
    تقدم البحث عنه . وبلفظ أوضح : الذي يندب إليه الأديان والمذاهب التي تدعو إلى
    العبودية بنحو أن يتزهد الإنسان نوع تزهد في الدنيا بإتيان الأعمال الصالحة وترك
    الهوى والآثام ورذائل الأخلاق ليتهيأ بذلك لأحسن الجزاء إما في الآخرة كما تصرح
    به الأديان النبوية كاليهودية والنصرانية والإسلام ، أو في الدنيا كما استقر عليه دين
    الوثنية ومذهب التناسخ وغيرهما ، فالمتعبد على حسب الدستور الديني يأتي بما
    ندب إليه من نوع التزهد من غير أن يخطر بباله أن هناك نفساً مجردة وأن لها نوعاً من
    المعرفة فيه سعادتها وكمال وجودها .
    وكذلك الواحد من أصحاب الرياضات على اختلاف طرقها وسننها إنما يرتاض
    بما يرتاض من مشاق الأعمال ولا همَّ له في ذلك إلا حيازة المقام الموعود فيها
    والتسلط على نتيجة العمل كنفوذ الإرادة مثلاً ، وهو في غفلة من أمر النفس المذكور
    من حين يأخذ في عمله إلى حين يختمه . على أن في هؤلاء من لا يرى في النفس إلا
    أنها أمر مادي طبيعي كالدم أو الروح البخار أو الأجزاء الأصلية ، ومن يرى أن النفس
    جسم لطيف مشاكل للبدن العنصري حال فيه وهو الحامل للحياة ، فكيف يسوغ
    القول بكون الجميع يرومون بذلك أمر معرفة النفس .
    لكنه ينبغي لك أن تتذكر ما تقدم ذكره أن الإنسان في جميع هذه المواقف التي
    يأتي فيها بأعمال تصرف النفس عن الإشتغال بالأمور الخارجية والتمتعات المتفننة



    المادية إلى نفسها ، للحصول على خواص وآثار لا توصل إليها الأسباب المادية
    والعوامل الطبيعية العادية ، لا يريد إلا الإنفصال عن العلل والأسباب الخارجية
    والإستقلال بنفسه للحصول على نتائج خاصة لا سبيل للعوامل المادية العادية إليها .
    فالمتدين المتزهد في دينه يرى أن من الواجب الإنساني أن يختار لنفسه سعادته
    الحقيقية ، وهي الحياة الطيبة الأخروية عند المنتحلين بالمعاد ، والحياة السعيدة
    الدنيوية التي تجمع له الخير وتدفع عنه الشر عند المنكرين له كالوثنية وأصحاب
    التناسخ ، ثم يرى أن الإسترسال في التمتعات الحيوانية لا تحوز له سعادته ولا تسلك
    به إلى غرضه ، فلا محيص له عن رفض الهوى وترك الإنطلاق إلى كل ما تتهوسه
    نفسه بأسبابها العادية في الجملة ، والإنجذاب إلى سبب أو اسباب فوق الأسباب
    المادية العادية بالتقرب إليه والإتصال به ، وأن هذا التقرب والإتصال إنما يتأتي
    بالخضوع له والتسليم لأمره ، وذلك أمر روحي نفساني لا ينحفظ إلا بأعمال وتروك
    بدنية وهذه هي العبادة الدينية من صلاة ونسك أو ما يرجع إلى ذلك .
    فالأعمال والمجاهدات والإرتياضات الدينية ترجع جميعاً إلى نوع من الإشتغال
    بأمر النفس ، والإنسان يرى بالفطرة أنه لا يأخذ شيئاً ولا يترك شيناً إلا لنفع نفسه ،
    وقد تقدم أن الإنسان لا يخلو ولا لحظة من لحظات وجوده من مشاهدة نفسه
    وحضور ذاته ، وأنه لا يخطئ في شعوره هذا البتة ، وإن أخطأ فإنما يخطئ في تفسيره
    بحسب الرأي النظري والبحث الفكري .
    فظهر بهذا البيان أن الأديان والمذاهب على اختلاف سننها وطرقها تروم
    الإشتغال بأمر النفس في الجملة ، سواء علم بذلك المنتحلون بها أم لم يعلموا .
    وكذلك الواحد من أصحاب الرياضات والمجاهدات وإن لم يكن منتحلاً بديلاً ولا
    مؤمناً بأمر حقيقة النفس ، لا يقصد بنوع رياضته التي يرتاض بها إلا الحصول على
    نتيجتها الموعودة له ، وليست النتيجة الموعودة مرتبطة بالأعمال والتروك التي يأتي
    بها ارتباطاً طبيعياً نظير الإرتباط الواقع بين الأسباب الطبيعية ومسبباتها ، بل هو


    ارتباط إرادي غير مادي متعلق بشعور المرتاض وإرادته المحفوظين بنوع العمل
    الذي يأتي به ، دائر بين نفس المرتاض وبين النتيجة الموعودة .
    فحقيقة الرياضة المذكورة هي تأييد النفس وتكميلها في شعورها وإرادتها للنتيجة
    المطلوبة . وإن شئت قلت : أثر الرياضة أن تحصل للنفس حالة العلم بأن المطلوب
    مقدور لها ، فإذا صحت الرياضة وتمت صارت بحيث لو أرادت المطلوب مطلقاً
    أو أرادته على شرائط خاصة ، كإحضار الروح للصبي غير المراهق في المرآة ،
    حصل المطلوب .
    وإلى هذا الباب يرجع معنى ما روي : أنه ذكر عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن بعض أصحاب
    عيسى عليه‌السلام كان يمشي على الماء فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو كان يقينه أشد من ذلك لمشى على
    الهواء ، فالحديث كما ترى يومىٔ إلى أن الأمر يدور مدار اليقين بالله سبحانه وإمحاء
    الأسباب الكونية عن الإستقلال في التأثير .
    فإلى أي مبلغ بلغ ركون الإنسان إلى القدرة المطلقة الإلۤهية انقادت له الأشياء على
    قدره ، فافهم ذلك .
    ومن أجمع القول في هذا الشأن قول الصادق عليه‌السلام : ما ضعف بدن عما قويت عليه
    النية . وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديث المتواتر : إنما الأعمال بالنيات .
    فقد تبين أن الآثار الدينية للأعمال والعبادات وكذلك آثار الرياضات
    والمجاهدات إنما تستقر الرابطة بينها وبين النفس الإنسانية بشؤونها الباطنية ،
    فالإشتغال بشئ منها اشتغال بأمر النفس . . . .
    إياك أن يشتبه عليك الأمر فتستنتج من الأبحاث السابقة أن الدين هو العرفان
    والتصوف ، أعني معرفة النفس كما توهمه بعض الباحثين من الماديين ، فقسم
    المسلك الحيوي الدائر بين الناس إلى قسمين المادية والعرفان وهو الدين . وذلك أن
    الذي يعقد عليه الدين أن للإنسان سعادة حقيقية ليس ينالها إلا بالخضوع لما فوق
    الطبيعة ، ورفض الإقتصار على التمتعات المادية .


    وقد أنتجت الأبحاث السابقة أن الأديان أيا ما كانت من حق أو باطل تستعمل
    تربية الناس وسوقهم إلى السعادة التي تعدهم إياها ، وتدعوهم إليها إصلاح
    النفس وتهذيبها إصلاحاً وتهذيباً يناسب المطلوب . وأين هذا من كون عرفان النفس
    هو الدين .
    فالدين يدعو إلى عبادة الإلۤه سبحانه من غير واسطة أو بواسطة الشفعاء والشركاء
    لأن فيها السعادة الإنسانية والحياة الطيبة التي لا بغية للإنسان دونها ، ولا ينالها
    الإنسان ولن ينالها إلا بنفس طاهرة مطهرة من ألواث التعلق بالماديات والتمتعات
    المرسلة الحيوانية ، فمست الحاجة إلى أن يدرج في أجزاء دعوته إصلاح النفس
    وتطهيرها ليستعد المنتحل به المتربي في حجره للتلبس بالخير والسعادة ولا يكون
    كمن يتناول الشئ بإحدى يديه ويدفعه بالأخرى .
    فالدين أمر وعرفان النفس أمر آخر وراءه وإن استلزم الدين العرفان نوعاً من
    الإستلزام .
    وبنظير البيان يتبين أن طرق الرياضة والمجاهدة المسلوكة لمقاصد متنوعة غريبة
    عن العادة أيضاً غير عرفان النفس وإن ارتبط البعض بالبعض نحواً من الإرتباط .
    نعم لنا أن نقضي بأمر وهو : إن عرفان النفس بأي طريق من الطرق فرض السلوك
    إليه إنما هو أمر مأخوذ من الدين ، كما أن البحث البالغ الحر يعطي أن الأديان على
    اختلافها وتشتتها إنما انشعبت هذه الإنشعابات من دين واحد عريق تدعو إليه
    الفطرة الإنسانية وهو دين التوحيد .
    فإنا إذا راجعنا فطرتنا الساذجة بالإغماض عن التعصبات الطارئة علينا بالوراثة من
    أسلافنا أو بالسراية من أمثالنا لم نرتب في أن العالم على وحدته في كثرته وارتباط
    أجزائه في عين تشتتها ، ينتهي إلى سبب واحد فوق الأسباب وهو الحق الذي يجب
    الخضوع لجانبه ، وترتيب السلوك الحيوي على حسب تدبيره وتربيته ، وهو الدين
    المبني على التوحيد .

    والتأمل العميق في جميع الأديان والنحل يعطي أنها مشتملة نوع اشتمال على
    هذا الروح الحي حتى الوثنية والثنوية ، وإنما وقع الإختلاف في تطبيق السنة الدينية
    على هذا الأصل والإصابة والخطأ فيه ، فمن قائل مثلاً أنه أقرب إلينا من حبل الوريد
    وهو معنا أينما كنا ليس لنا من دونه من ولي ولا شفيع ، فمن الواجب عبادته وحده
    من غير إشراك ، ومن قائل أن تسفل الإنسان الأرضي وخسة جوهره لا يدع له مخلصاً
    إلى الإتصال بذاك الجناب ، وأين التراب ورب الأرباب فمن الواجب أن نتقرب إلى
    بعض عباده المكرمين المتجردين عن جلباب المادة ، الطاهرين المطهرين من ألواث
    الطبيعة ، وهم روحانيات الكواكب ، أو أرباب الأنواع ، أو المقربون من الإنسان ، وما
    نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى . وإذ كانوا غائبين عن حواسنا متعالين عن جهاتنا
    كان من الواجب أن نجسدهم بالأنصاب والأصنام حتى يتم بذلك أمر التقرب
    العبادي . وعلى هذا القياس في سائر الأديان والملل ، فلا نجد في متونها إلا ما هو
    بحسب الحقيقة نحو توجيه لتوحيد الإلۤه عز اسمه .
    ومن المعلوم أن السنن الدائرة بين الناس وإن انشعبت أي انشعاب واختلفت أي
    اختلاف شديد ، فإنها تميل إلى التوحد إذا رجعنا إلى سابق عهودها القهقرى ،
    وتنتهي بالآخرة إلى دين الفطرة الساذجة الإنسانية وهو التوحيد .
    فدين التوحيد أبو الأديان وهي أبناء له صالحة أو طالحة .
    ثم إن الدين الفطري إنما يعتبر أمر عرفان النفس ليتوصل به إلى السعادة الإنسانية
    التي يدعو إليها ، وهي معرفة الإلۤه التي هي المطلوب الأخير عنده . وبعبارة أخرى :
    الدين إنما يدعو إلى عرفان النفس دعوة طريقية لا غائية ، فإن الذوق الديني لا
    يرتضي الإشتغال بأمر إلا في سبيل العبودية ، وإن الدين عند الله الإسلام ولا يرضى
    لعباده الكفر ، فكيف يرضى بعرفان النفس إذا استقل بالمطلوبية .
    ومن هنا يظهر أن العرفان ينتهي إلى أصل الدين الفطري إذ ليس هو بنفسه أمراً
    مستقلاً تدعو إليه الفطرة الإنسانية ، حتى تنتهي فروعه وأغصانه إلى أصل واحد هو
    العرفان الفطري .


    ويمكن أن يستأنس في ذلك بأمر آخر وهو : أن الإنسانية وإن اندفعت بالفطرة إلى
    الإجتماع والمدنية لإسعاد الحياة ، وأثبت النقل والبحث أن رجالاً أو أقواماً
    اجتماعيين دعوا إلى طرائق قومية أو وضعوا سنناً اجتماعية وأجروها بين أممهم
    كسنن القبائل والسنن الملوكية والديمقراطية ونحوها ، ولم يثبت بنقل أو بحث أن
    يدعو إلى عرفان النفس وتهذيب أخلاقها أحد من غير أهل الدين في طول التاريخ
    البشري .
    نعم من الممكن أن يكون بعض أصحاب هذه الطرق غير الدينية كأصحاب
    السحر والأرواح ونحوهما إنما تنبه إلى هذا النوع من عرفان النفس من غير طريق
    الدين ، لكن لا من جهة الفطرة ، إذ الفطرة لا حكم لها في ذلك كما عرفت ، بل من
    جهة مشاهدة بعض الآثار النفسانية الغريبة على سبيل الإتفاق ، فتتوق نفسه إلى
    الظفر بمنزلة نفسانية يملك بها أعمالاً عجيبة وتصرفات في الكون نادرة تستغربها
    النفوس ، فيدفعه هذا التوقان إلى البحث عنه والسلوك إليه ، ثم السلوك بعد السلوك
    يمهد السبيل إلى المطلوب ويسهل الوعر منه .
    يحكى عن كثير من صلحائنا من أهل الدين أنهم نالوا في خلال مجاهداتهم
    الدينية كرامات خارقة للعادة ، وحوادث غريبة اختصوا بها من بين أمثالهم كتمثل
    أمور لأبصارهم غائبة عن أبصار غيرهم ، ومشاهدة أشخاص أو وقائع لا يشاهدها
    حواس من دونهم من الناس ، واستجابة للدعوة وشفاء المريض الذي لا مطمع
    لنجاح المداواة فيه ، والنجاة من المخاطر والمهالك من غير طريق العادة .
    وقد يتفق نظائر ذلك لغير أهل الصلاح إذا كان ذا نية صادقة ونفس منقطعة ،
    فهؤلاء يرون ما يرون وهم على غفلة من سببه القريب ، وإنما يسندون ذلك إلى الله
    سبحانه من غير توسيط وسط .
    واستناد الأمور إليه تعالى وإن كان حقاً لا محيص عن الإعتراف به ، لكن نفي
    الأسباب المتوسطة مما لا مطمع فيه .

    وربما أحضر الروحي روح أحد من الناس في مرآة أو ماء ونحوه بالتصرف في
    نفس صبي على ما هو المتعارف ، وهو كغيره يرى أن الصبي إنما يبصره بالبصر
    الحسي ، وأن بين أبصار سائر الناظرين وبين الروح المحضر حجاباً مضروباً ، لو
    كشف عنه لكانوا مثل الصبي في الظفر بمشاهدته .
    وربما وجدوا الأرواح المحضرة أنها تكذب في أخبارها فيكون عجباً لأن عالم
    الأرواح عالم الطهارة والصفاء لا سبيل للكذب والفرية والزور إليه .
    وربما أحضروا روح إنسان حي فيستنطقونه بأسراره وضمائره وصاحب الروح
    في حالة اليقظة مشغول بأشغاله وحوائجه اليومية لا خبر عنده من أن روحه محضر
    مستنطق يبث من القول ما لا يرضى هو ببثه .
    وربما نوم الإنسان تنويماً مغناطيسياً ، ثم لقن بعمل حتى ينعم بقبوله ، فإذا أوقظ
    ومضى لشأنه أتى بالعمل الذي لقنه على الشريطة التي أريد بها وهو غافل عما
    لقنوه ، وعن إنعامه بقبوله .
    وبعض الروحيين لما شاهدوا صوراً روحية تماثل الصور الإنسانية أو صور بعض
    الحيوان ظنوا أن هذه الصور في عالم المادة وظرف الطبيعة المتغيرة ، وخاصة بعض
    من لا يرى لغير الأمر المادي وجوداً ، حتى حاول بعض هؤلاء أن يخترع أدوات
    صناعية يصطاد بها الأرواح ! كل ذلك استناداً منهم إلى فرضية افترضوها في النفس
    أنها مبدأ مادي أو خاصة لمبدأ مادي ، يفعل بالشعور والإرادة ، مع أنهم لم يحلوا
    مشكلة الحياة والشعور حتى اليوم .
    ونظير هذه الفرضية فرضية من يرى أن الروح جسم لطيف مشاكل للبدن
    العنصري في هيئاته وأشكاله ، لما وجدوا أن الإنسان يرى نفسه في المنام وهو على
    هيئته في اليقظة ، وربما يمثل لأرباب المجاهدات صور أنفسهم قبالاً خارج أبدانهم
    وهي مشاكلة للصورة البدنية مشاكلة تامة ، فحكموا أن الروح جسم لطيف حال البدن
    العنصري مادام الإنسان حياً فإذا فارق البدن كان هو الموت .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:54 pm

    وقد فاتهم أن هذه صورة إدراكية قائمة بشعور الإنسان نظيره صورته التي يدركها
    من بدنه ، ونظيره صور سائر الأشياء الخارجة المنفصلة عن بدنه ، وربما تظهر هذه
    الصورة المنفصلة لبعض أرباب المجاهدة أكثر من واحدة ، أو في هيئة غير هيئة
    نفسه ، وربما يرى نفسه عين نفس غيره من أفراد الناس ، فإذا لم يحكموا في هذه
    الصور المذكور أنها هي صورة الروح ، فجدير بهم أن لا يحكموا في الصورة الواحدة
    المشاكلة التي تتراءى لأرباب المجاهدات أنها صورة الروح .
    وحقيقة الأمر أن هؤلاء نالوا شيئاً من معارف النفس وفاتهم معرفة حقيقتها ،
    فأخطاوا في تفسير ما نالوه ، وضلوا في توجيه أمره . والحق الذي يهدي إليه البرهان
    والتجربة أن حقيقة النفس التي هي هذا الشعور المتعقل المحكي عنه بقولنا ( أنا )
    أمر مغاير في جوهره لهذه الأمور المادية كما تقدم ، وأن أقسام شعوره وأنواع إدراكاته
    من حس أو خيال أو تعقل من جهة كونها مدركات إنما هي متقررة في عالمه وظرفه
    غير الخواص الطبيعية الحاصلة في أعضاء الحس والإدراك من البدن ، فإنها أفعال
    وانفعالات مادية فاقدة في نفسها للحياة والشعور ، فهذه الأمور المشهودة الخاصة
    بالصلحاء وأرباب المجاهدات والرياضات غير خارجة عن حيطة نفوسهم ، وإنما
    الشأن في أن هذه المعلومات والمعارف كيف استقرت في النفس وأين محلها منها ،
    وأن للنفس سمة علية لجميع الحوادث والأمور المرتبطة بها ارتباطاً ما . فجميع هذه
    الأمور الغريبة المطاوعة لأهل الرياضة والمجاهدة ، إنما ترتضع من إرادتهم
    ومشيئتهم ، والإرادة ناشئة من الشعور ، فللشعور الإنساني دخل في جميع الحوادث
    المرتبطة به والأمور المماسة له .
    فمن الحري أن نقسم المشتغلين بعرفان النفس في الجملة إلى طائفتين ،
    إحداهما : المشتغلون بالإشتغال بإحراز شئ من آثار النفس الغريبة الخارجة عن
    حومة المتعارف من الأسباب والمسببات المادية كأصحاب السحر والطلسمات
    وأصحاب تسخير روحانيات الكواكب والموكلين على الأمور والجن وأرواح


    الآدميين وأصحاب الدعوات والعزائم ونحو ذلك .
    والثانية : المشتغلون بمعرفة النفس بالإنصراف عن الأمور الخارجة عنها
    والإنجذاب نحوها ، للغور فيها ومشاهدة جوهرها وشؤونها كالمتصوفة على اختلاف
    طبقاتهم ومسالكهم .
    وليس التصوف مما أبدعه المسلمون من عند أنفسهم لما ( ثبت ) أنه يوجد بين
    الأمم التي تتقدمهم في النشوء كالنصارى وغيرهم ، حتى الوثنية من البرهمانية
    والبوذية ، ففيهم من يسلك الطريقة حتى اليوم ، بل هي طريقة موروثة ورثوها من
    أسلافهم . لكن لا بمعنى الأخذ والتقليد العادي كوراثة الناس ألوان المدنية بعضهم
    من بعض ، وأمة منهم متأخرة من أمة منهم متقدمة ، كما جرى على ذلك عدة من
    الباحثين الأديان والمذاهب وذلك لما عرفت في الفصول السابقة من أن دين الفطرة
    يهدي إلى الزهد ، والزهد يرشد إلى عرفان النفس .
    فاستقرار الدين بين أمة وتمكنه من قلوبهم يعدهم ويهيؤهم لأن تنشأ بينهم طريقة
    عرفان النفس لا محالة ، ويأخذ بها بعض من تمت في حقه العوامل المقتضية لذلك .
    فمكث الحياة الدينية في أمة من الأمم برهة معتداً بها ينشئ بينهم هذه الطريقة لا
    محالة صحيحة أو فاسدة ، وإن انقطعوا عن غيرهم من الأمم الدينية كل الإنقطاع . وما
    هذا شأنه لا ينبغي أن يعد من السنن الموروثة التي يأخذها جيل عن جيل .
    ثم ينبغي أن نقسم أصحاب القسم الثاني من القسمين المتقدمين وهم أهل
    العرفان حقيقة إلى طائفتين : فطائفة ، منهم يسلكون الطريقة لنفسها فيرزقون شيئاً من
    معارفها من غير أن يتم لهم تمام المعرفة لها ، لأنهم لما كانوا لا يريدون غير النفس
    فهم في غفلة عن أمر صانعها وهو الله عز اسمه الذي هو السبب الحق الآخذ بناصية
    النفس في وجودها وآثار وجودها . وكيف يسع الإنسان تمام معرفة شئ مع الذهول
    عن معرفة أسباب وجوده وخاصة السبب الذي هو سبب كل سبب ، وهل هو إلا
    كمن يدعي معرفة السرير على جهل منه بالنجار وقدومه ومنشاره ، وغرضه في



    صنعه ، إلى غير ذلك من علل وجود السرير .
    ومن الحري بهذا النوع من معرفة النفس أن يسمى كهانة بما في ذيله من الحصول
    على شئ من علوم النفس وآثارها .
    وطائفة منهم يقصدون طريقة معرفة النفس لتكون ذريعة لهم إلى معرفة الرب
    تعالى ، وطريقتهم هذه هي التي يرتضيها الدين في الجملة وهي أن يشتغل الإنسان
    بمعرفة نفسه بما أنها آية من آيات ربه وأقرب آية ، وتكون النفس طريقاً مسلوكاً والله
    سبحانه هو الغاية التي يسلك إليها ، وأن إلى ربك المنتهى .
    وهؤلاء طوائف مختلفة ذووا مذاهب متشتتة في الأمم والنحل ، وليس لنا كثير
    خبرة بمذاهب غير المسلمين منهم وطرائقهم التي يسلكونها . وأما المسلمون
    فطرقهم فيها كثيرة ربما انهيت بحسب الأصول إلى خمس وعشرين سلسلة ، تنشعب
    من كل سلسلة منها سلاسل جزئية أخر ، وقد استندوا فيها إلا واحدة ، إلى علي عليه
    أفضل السلام .
    وهناك رجال منهم لا ينتمون إلى واحدة من هذه السلاسل ويسمون الأويسية
    نسبة إلى أويس القرني ، وهناك آخرون منهم لا يتسمون بإسم ولا يتظاهرون بشعار .
    ولهم كتب ورسائل مسفورة ترجموا فيها عن سلاسلهم وطرقهم والنواميس
    والآداب التي لهم عن رجالهم ، وضبطوا فيها المنقول من مكاشفاتهم ، وأعربوا فيها
    عن حججهم ومقاصدهم التي بنوها عليها ، من أراد الوقوف عليها فليراجعها .
    وأما البحث عن تفصيل الطرق والمسالك وتصحيح الصحيح ونقد الفاسد ، فله
    مقام آخر ، وقد تقدم في الجزء الخامس من هذا الكتاب بحث لا يخلو عن نفع في
    هذا الباب ، فهذه خلاصة ما أردنا إيراده من البحث المتعلق بمعنى معرفة النفس .
    واعلم أن عرفان النفس بغية عملية لا يحصل تمام المعرفة بها إلا من طريق
    السلوك العملي دون النظري .
    وأما علم النفس الذي دَوَّنه أرباب النظر من القدماء فليس يغني من ذلك شيئاً ،


    وكذلك فن النفس العملي الذي دونه المتأخرون حديثاً ، فإنما هو شعبة من فن
    الأخلاق على ما دونه القدماء ، والله الهادي . انتهى .
    الموقف الفقهي من الدعوة إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس
    ما ذكره صاحب الميزان رحمه‌الله من الطريقين لمعرفة الله تعالى : طريق النظر في الآفاق
    وطريق النظر في الأنفس ، مطلب شائع بين العرفانيين والمتصوفة ، والظاهر أنهم
    أخذوه من قوله تعالى ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ
    الْحَقُّ ) ولا بد هنا من تسجيل الملاحظات التالية :
    أولاً : وردت أحاديث شريفة في تفسير الآية المذكورة بأنها من علامات ظهور
    الإمام المهدي عليه‌السلام أو من الأحداث التي تظهر على يده ، وأن المقصود بالآفاق آفاق
    الأرض حيث ( تنتقض الأطراف عليهم ) أي على الجبارين قرب ظهوره عليه‌السلام . ويؤيد
    ذلك سين الإستقبال في الآية ، التي تخبر عن حدث في المستقبل ، وإلا لقال ( ولقد
    أريناهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) مثلاً . أو قال ( أولم ينظروا في الآفاق ) كما قال
    تعالى ( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) .
    ثانياً : لا شك أن النظر في ملكوت السماوات والأرض ، أي فيما يمكن للإنسان
    معرفته وفهمه وأخذ العبرة منه ، أمر محبوب شرعاً وموصل إلى معرفة الله تعالى
    وزيادة الإيمان به . قال تعالى : أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ
    اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ .
    الأعراف ـ 185 ، ولكن نفس الإنسان جزء من هذا الملكوت وواحدة من هذه الآفاق ،
    وليست طريقاً في مقابل بقية الآفاق .
    ثالثاً : لم أجد سنداً للحديث الذي ذكره ( المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين ) ومن
    البعيد أن يكون حديثاً شريفاً ، وعلى فرض صحته لا يصح تفسيره بما ذكره رحمه‌الله فإن
    المقابل لمعرفة الله بالنفس معرفة الله بالله تعالى ، أو معرفة الله بأنبيائه وأوليائه ، أو



    معرفة الله بآياته غير النفس . . فمن أين جعل رحمه الله المعرفة التي تقابل معرفة
    النفس ، معرفة الآفاق وحصره المقابلة بها . ثم إذا كانت المعرفة بالسير الآفاقي
    تشمل معرفة الله بالله تعالى وبأوليائه صلوات الله عليهم ، فكيف يصح تفضيل
    معرفته عن طريق النفس على هذه المعرفة ؟ !
    رابعاً : تقدم بحث الحد الأدنى الواجب من معرفة الله تعالى ، ولم يتعرض الفقهاء
    والمتكلمون إلى طرقه ، ولم يفضلوا بعضها على بعض . كما تقدم أن معرفة الله هي
    من صنعه تعالى في نفس الإنسان وألطافه به ، ولا صنع للإنسان فيها .
    خامساً : لا شك في صحة ما ذكره رحمه‌الله من أن تزكية النفس وتهذيبها من الرذائل
    والشهوات والتعلق بحطام الدنيا ومتاعها ، مقدمة لازمة لتحقيق هدف الدين الذي
    هو عبادة الله تعالى . قال تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) وقال تعالى
    ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ) ولكن الوارد في
    القرآن الكريم والأحاديث الشريفة هو تزكية النفس وجهاد النفس ومخالفة النفس ،
    وهي أمور عملية غير ما يطرحه المتصوفة والعرفاء من معرفة النفس ، وإن كانت
    تزكية النفس تتوقف على قدر من معرفتها .
    سادساً : لو سلمنا أن تزكية النفس ومخالفتها وجهادها هي نفس معرفة النفس
    التي طرحها المتصوفة والعرفاء ، ولكن الدعوة إلى معرفة الله تعالى وطاعته عن
    طريق معرفة النفس على إجمالها وإهمالها تتضمن مخاطر عديدة لا يمكن قبولها ،
    لأنها تتسع للضد والنقيض في الأساليب والأهداف والقدوات . . جميعاً .
    فبعض الدعوات إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس تتبنى العزلة
    والرهبانية ، وبعضها يتبنى إصلاح النفس والمجتمع والحكم . وبعضها يدعو إلى
    التقيد بأحكام الشريعة المقررة في هذا المذهب أو ذاك . . . . وبعضها يدعو إلى تقليد
    الأستاذ شيخ الطريقة أو أستاذ الأخلاق وما شابه ، دون الحاجة إلى أخذ أي مفهوم أو
    حكم شرعي من غيره !

    وبعضها يدعي أنه يتصل بالله تعالى عن طريق المعرفة فيلهم العقائد والأحكام
    الشرعية ، ولا يحتاج عند ذلك إلى شريعة ! بل ولا إلى نبوة ! !
    وبعض الدعوات تجعل قدوتها في المعرفة بعض الصحابة أو الأولياء الذين لم
    يجعلهم الله تعالى ولا رسوله قدوة . بل قد يتخذ بعضهم قدوة من العرفاء والمتصوفة
    غير المسلمين . . الى آخر ما هنالك من تعدد الأساليب والأهداف والقدوات .
    ولهذا ، فإن من المشكل جداً أن ندعو الناس إلى معرفة الله تعالى عن طريق
    معرفة النفس ، ونقول لهم اقتدوا بأستاذكم حتى يصل أحدكم إلى الله تعالى فيصير
    أستاذاً مجتهداً ! فما أيسر أن يجلس الشيطان في هذا الطريق وينحرف بالإنسان !
    سابعاً : بما أن حب الذات أقوى غرائز الإنسان على الإطلاق ، فإن دعوة العوام
    بل وأكثر المتعلمين إلى سلوك طريق العرفان والتصوف بدون تحديد الوسائل
    والأهداف والقدوة ، يجعلهم في معرض الوقوع في عبادة الذات وتعظيمها ، فيتخيل
    أحدهم أنه وصل إلى الله تعالى ، وحصل على ارتباط به ، وصار صاحب أسرار
    إلۤهية ، ويزين له الشيطان العيش في عالم من نسيج الخيال وحب الذات ، وقد تظهر
    منه ادعاءات باطلة واتجاهات منحرفة ، أعاذنا الله وجميع المؤمنين .
    لذلك فإن الإئتمام في المعرفة وتعيين وسائلها وهدفها من أول ضرورياتها ،
    فالواجب التركيز على القدوة في معرفة النفس والسلوك ، قبل الدعوة إلى
    سلوك طريقٍ لا إمام له .
    ثامناً : ما دامت معرفة النفس عند المتصوفة طريقاً الى معرفة الله تعالى ، ومعرفة
    الله تعالى طريقاً الى عبادته ، فالهدف المتفق عليه عند الجميع هو عبادة الله سبحانه .
    وهذه العبادة التي هي غاية الخلق وطريق التكامل الإنساني الوحيد ، إنما تحصل
    بإطاعته سبحانه ، وإطاعة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإطاعة أهل بيته عليهم‌السلام أولي الأمر الذين أمرنا الله
    ورسوله بإطاعتهم والإقتداء بهم . .
    ولذلك فلا بد في الدعوة إلى المعرفة والعرفان وتزكية النفس وتطهيرها وجهادها



    وغرس الفضائل فيها . . أن تتقيد بإطاعة الأحكام الشرعية كاملة ، وتتخذ من النبي
    وآله صلى الله عليه وعليهم قدوة وأئمة في المسلك والسلوك . . حتى تكون طريقاً
    صحيحاً في الحياة ، موصلة إلى رضوان الله تعالى . ولذلك أجاب أحد الفقهاء
    شخصاً سأله ما هو العرفان ، وكيف يكون الإنسان عارفاً ، فقال له : هذه الأحكام
    الشرعية التي تطبقها يومياً فتصلي وتقوم بالواجبات وتترك المحرمات هي العرفان ،
    وأنت بسلوكك هذا تمارس المعرفة .
    ومن الطبيعي أن يكون ذلك السلوك على درجات ومراتب ومقامات ، ولكنها
    تتحقق من هذا الطريق الذي سلكه النبي وآله وتلامذتهم ، لا من غيره .
    معرفة النبي والأئمة صلى الله عليه وعليهم
    يجب على كل الناس معرفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    ـ الكافي ج 1 ص 168
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العباس بن عمر الفقيمي ، عن هشام بن الحكم ،
    عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال للزنديق الذي سأله من أين أثبتت الأنبياء والرسل ؟ قال :
    أنه لما أثبتنا أن لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع
    حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه ، فيباشرهم ويباشروه ويحاجهم
    ويحاجوه ، ثبت أن له سفراء في خلقه ، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ، ويدلونهم
    على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناوهم ، فثبت الآمرون والناهون
    عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه عز وجل ، وهم الأنبياء عليهم‌السلام وصفوته من
    خلقه ، حكماء مؤدبين بالحكمة ، مبعوثين بها ، غير مشاركين للناس ـ على
    مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ـ في شئ من أحوالهم ، مؤيدين من عند الحكيم
    العليم بالحكمة ، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من


    الدلائل والبراهين ، لكيلا تخلو أرض الله من حجة ، يكون معه علم يدل على صدق
    مقالته وجواز عدالته .
    ـ دعائم الإسلام ج 1 ص 5
    فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم
    بأن الله تبارك وتعالى هو الواحد ، لا إلۤه إلا هو وحده لا شريك له إلۤهاً واحداً أحداً
    صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ، وأن محمداً عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله والإقرار بما كان من
    عند الله من نبي أو كتاب ، وذلك ما فرض على القلب من الإقرار والمعرفة .
    ـ الهداية للصدوق ص 5
    يجب أن يعتقد أن النبوة حق كما اعتقدنا أن التوحيد حق ، والأنبياء الذين بعثهم
    الله مئة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ، جاؤوا بالحق من عند الحق وأن قولهم
    قول الله وأمرهم أمر الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله ، فإنهم لم ينطقوا
    إلا عن الله تبارك وتعالى وعن وحيه . وأن سادة الأنبياء خمسة الذين عليهم دارت
    الرحى ، وهم أصحاب الشرايع وهم أولوا العزم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ،
    ومحمد صلوات الله عليهم ، وأن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله سيدهم وأفضلهم ، وأنه جاء بالحق
    وصدق المرسلين ، وأن الذين كذبوه لذائقوا العذاب الأليم ، وأن الذين آمنوا به
    وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون .
    ويجب أن يعتقد أن الله تعالى لم يخلق خلقاً أفضل من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن بعده
    الأئمة صلوات الله عليهم ، وأنهم أحب الخلق إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه ،
    وأولهم إقراراً به لما أخذ الله ميثاق النببين من الذر ، وأشهدهم على أنفسهم ألست
    بربكم قالوا بلى ، وأن الله بعث نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الذر ، وأن الله أعطى ما أعطى كل نبي
    على قدر معرفته ، ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله سبقهم إلى الإقرار به .
    ويعتقد أن الله تبارك وتعالى خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه لولاهم ما



    خلق السماء والأرض ، ولا الجنة والنار ، ولا آدم ولا حواء ولا الملائكة ، ولا شيئاً مما
    خلق ، صلوات الله عليهم أجمعين . . . .
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 144
    الثالث ، في بيان المعارف التي يحصل بها الإيمان ، وهي خمسة أصول : الأصل
    الأول ، معرفة الله تعالى وتقدس . المراد بها التصديق الجازم الثابت بأنه تعالى
    موجود أزلاً وأبداً ، واجب الوجود لذاته . . . .
    الأصل الثاني ، التصديق بعدله ، أي بأنه عادل . والتصديق بحكمته . . . .
    الأصل الثالث ، التصديق بنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وبجميع ما جاء به ، تفصيلاً فيما علم
    تفصيلاً ، وإجمالاً فيما علم إجمالاً . وليس بعيداً أن يكون التصديق الإجمالي
    بجميع ما جاء به عليه‌السلام كافياً في تحقق الإيمان ، وإن كان المكلف قادراً على العلم
    بذلك تفصيلاً يجب العلم بتفاصيل ما جاء به من الشرائع للعمل به .
    وأما تفصيل ما أخبر به من أحوال المبدأ والمعاد ، كالتكليف بالعبادات ، والسؤال
    في القبر وعذابه ، والمعاد الجسماني ، والحساب والصراط ، والجنة ، والنار ،
    والميزان ، وتطاير الكتب ، مما ثبت مجيؤه به تواتراً ، فهل التصديق بتفاصيله معتبرة
    في تحقق الإيمان ؟ صرح باعتباره جمع من العلماء . والظاهر أن التصديق به إجمالاً
    كاف ، بمعنى أن المكلف لو اعتقد حقية كل ما أخبر به عليه‌السلام بحيث كلما ثبت عنده
    جزئي منها صدق به تفصيلاً كان مؤمناً وإن لم يطلع على تفاصيل تلك الجزئيات بعد
    ، ويؤيد ذلك أن أكثر الناس في الصدر الأول لم يكونوا عالمين بهذه التفاصيل في
    الأول ، بل كانوا يطلعون عليها وقتاً فوقتاً ، مع الحكم بإيمانهم في كل وقت من حين
    التصديق بالوحدانية والرسالة ، بل هذا حال أكثر الناس في جميع الأعصار كما هو
    المشاهد ، فلو اعتبرناه لزم خروج أكثر أهل الإيمان عنه ، وهو بعيد عن حكمة العزيز
    الحكيم . نعم العلم بذلك لا ريب أنه من مكملات الإيمان . . . .


    ـ كشف الغطاء ص 4
    . . . ثم لا تجب على الأمم اللاحقة معرفة الأنبياء السابقين ، نعم ربما وجب معرفة
    أن لله أنبياء قد سبقت دعوتهم وانقرضت ملتهم على الإجمال . ويجب معرفة
    عصمته بالدليل ، ويكفي فيه أنه لو جاز عليه الخطأ والخطيئة لم يبق وثوق بإخباره
    ولا اعتماد على وعده ووعيده ، فتنتفي فائدة البعثة .
    يعرف النبي بالمعجزة والإمام بالنص والمعجزة
    ـ رسائل الشريف المرتضى ج 3 ص 18
    باب ما يجب اعتقاده في النبوة . متى علم الله سبحانه أن لنا في بعض الأفعال
    مصالح وألطافاً ، أو فيها ما هو مفسدة في الدين ، والعقل لا يدل عليها ، وجب بعثة
    الرسول لتعريفه ، ولا سبيل إلى تصديقه إلا بالمعجز . وصفة المعجز أن يكون خارقاً
    للعادة ، ومطابقاً لدعوى الرسول ومتعلقاً بها ، وأن يكون متعذراً في جنسه أو صفته
    المخصوصة على الخلق ، ويكون من فعله تعالى أو جارياً مجرى فعله تعالى ، وإذا
    وقع موقع التصديق فلا بد من دلالته على المصدق وإلا كان قبيحاً .
    . . . باب ما يجب إعتقاده في الإمامة وما يتصل به أوجب في الإمام عصمته ، لأنه
    لو لم يكن كذلك لكانت الحاجة إليه فيه ، وهذا يتناهى من الرؤساء والإنتهاء
    إلى رئيس معصوم . وواجب أن يكون أفضل من رعيته وأعلم ، لقبح تقديم المفضول
    على الفاضل فيما كان أفضل منه فيه في العقول . فإذا وجبت عصمته وجب النص
    من الله تعالى عليه وبطل اختيار الإمامة ، لأن العصمة لا طريق للأنام إلى العلم
    بمن هو عليها .
    ـ الإقتصاد للشيخ الطوسي ص 151
    ولا طريق إلى معرفة النبي إلا بالمعجز ، والمعجز في اللغة عبارة عمن جعل غيره
    عاجزاً ، مثل المقدور الذي يجعل غيره قادراً إلا أنه صار بالعرف عبارة عما



    يدل على صدق من ظهر على يده واختص به ، والمعتمد على ما في العرف دون
    مجرد اللغة .
    والمعجز يدل على ما قلناه بشروط : أولها أن يكون خارقاً للعادة ، والثاني يكون
    من فعل الله أو جارياً مجرى فعله ، والثالث أن يتعذر على الخلق جنسه أو صفته
    المخصوصة ، والرابع أن يتعلق بالمدعى على وجه التصديق لدعواه .
    . . . فعلى هذا لا يلزم أن يظهر الله على يد كل إمام معجزاً ، لأنه يجوز أن يعلم
    إمامته بنص أو طريق آخر ، ومتى فرضنا أنه لا طريق إلى معرفة إمامته إلا المعجز
    وجب إظهار ذلك عليه وجرى مجرى النبي سواء ، لأنه لا بد لنا من معرفته كما لا بد
    لنا من معرفة النبي المتحمل لمصالحنا . ولو فرضنا في نبي علمنا نبوته بالمعجز أنه
    نص على نبي آخر لأغنى ذلك عن ظهور المعجز على يد النبي الثاني ، بأن نقول :
    النبي الأول أعلمنا أنه نبي ، كما يعلم بنص إمام على إمامته ولا يحتاج إلى معجز .
    وتجب معرفة الأئمة لأن الله تعالى فرض طاعتهم
    ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 145
    الأصل الرابع : التصديق بإمامة الإثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين ، وهذا
    الأصل اعتبرته في تحقق الإيمان الطائفة المحقة الإمامية ، حتى أنه من ضروريات
    مذهبهم ، دون غيرهم من المخالفين ، فإنه عندهم من الفروع . . . .
    ـ الكافي ج 1 ص 180
    عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه ، عمن ذكره ، عن محمد
    بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنكم لا تكونون
    صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا ، أبواباً أربعة
    لا يصلح أولها إلا بآخرها . . . . إنما يتقبل الله من المتقين ، فمن اتقى الله فيما أمره لقى
    الله مؤمناً بما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا


    أنهم آمنوا ، وأشركوا من حيث لا يعلمون . إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ،
    ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى ، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله ،
    وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الإقرار
    بما أنزل من عند الله عز وجل ، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي
    أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فإنه أخبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع
    عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار . إن
    الله قد استخلص الرسل لأمره ، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره فقال : وإن
    من أمة إلا خلا فيها نذير ، تاه من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل . إن الله عز وجل
    يقول : فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ، وكيف يهتدي
    من لا يبصر ؟ وكيف يبصر من لم يتدبر ؟ إتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل
    من عند الله واتبعوا آثار الهدى ، فإنهم علامات الإمامة والتقى ، واعلموا أنه لو أنكر
    رجل عيسى ابن مريم عليه‌السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن . اقتصوا الطريق
    بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار ، تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله
    ربكم . . . .
    ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي
    جعفر عليه‌السلام قال : ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك
    وتعالى : الطاعة للإمام بعد معرفته ، ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : مَّن يُطِعِ
    الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا .
    ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء
    عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح قال : أشهد أني سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول :
    أشهد أن علياً إمام فرض الله طاعته ، وأن الحسن إمام فرض الله طاعته ، الحسين إمام
    فرض الله طاعته ، وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته ، وأن محمد بن علي
    إمام فرض الله طاعته .


    ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن
    عيسى عن الحسين بن المختار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله
    عز وجل : وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا . قال : الطاعة المفروضة .
    ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي
    الصباح الكناني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : نحن قوم فرض الله عز وجل طاعتنا ، ولنا
    صفوا المال ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله : أَمْ
    يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ .
    ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : ذكرت
    لأبي عبد الله عليه‌السلام قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة قال فقال : نعم ، هم الذين
    قال الله تعالى : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ . وهم الذين قال الله
    عز وجل : إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا .
    ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد قال : سأل رجل
    فارسي الحسن عليه‌السلام فقال : طاعتك مفترضة ؟ فقال نعم ، قال : مثل طاعة علي ابن أبي
    طالب عليه‌السلام ؟ فقال : نعم .
    ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة
    عن بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن الأئمة هل يجرون في الأمر والطاعة
    مجرى واحداً ؟ قال : نعم .
    ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن الفضيل قال : سألته عن
    أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل ، قال : أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز
    وجل طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : حبنا إيمان
    وبغضنا كفر .
    ـ محمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن فضالة بن
    أيوب ، عن أبان ، عن عبد الله بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : قلت لأبي


    جعفر عليه‌السلام : أعرض عليك ديني الذي أدين الله عز وجل به ؟ قال : فقال هات ، قال
    فقلت : أشهد أن لا إلۤه إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله والإقرار
    بما جاء به من عند الله ، وأن علياً كان إماماً فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسن
    إماماً فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسين إماماً فرض الله طاعته ، ثم كان بعده علي
    بن الحسين إماماً فرض الله طاعته حتى انتهى الأمر إليه ، ثم قلت : أنت يرحمك الله ؟
    قال : فقال : هذا دين الله ودين ملائكته .
    ـ دعائم الإسلام ج 1 ص 52
    . . . ثم قال أبو عبد الله جعفر بن محمد صلى الله عليه : . . . . وإنما يقبل الله عز
    وجل العمل من العباد بالفرائض التي افترضها عليهم بعد معرفة من جاء بها من
    عنده ، ودعاهم إليه ، فأول ذلك معرفة من دعا إليه ، وهو الله الذي لا إلۤه إلا هو وحده
    والإقرار بربوبيته ، ومعرفة الرسول الذي بلغ عنه ، وقبول ما جاء به ، ثم معرفة
    الوصي ، ثم معرفة الأئمة بعد الرسل الذين افترض الله طاعتهم في كل عصر وزمان
    على أهله ، والإيمان والتصديق بأول الرسل والأئمة وآخرهم . ثم العمل بما افترض
    الله عز وجل على العباد من الطاعات ظاهراً وباطناً ، واجتناب ما حرم الله عز وجل
    عليهم ظاهره وباطنه . . . .
    ـ الهداية للصدوق ص 6
    باب الإمامة . يجب أن يعتقد أن الإمامة حق ، كما اعتقد أن النبوة حق ، ويعتقد أن
    الله عز وجل الذي جعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نبياً هو الذي جعل الإمام إماماً ، وأن نصب الإمام
    واختياره إلى الله عز وجل ، وأن فضله منه .
    ويجب أن يعتقد أنه يلزمنا من طاعة الإمام ما يلزمنا من طاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكل
    فضل آتاه الله عز وجل نبيه فقد آتاه الإمام إلا النبوة . . . .
    باب معرفة الأئمة الذين هم حجج الله على خلقه بعد نبيه صلوات الله عليه
    وعليهم بأسمائهم .


    يجب أن يعتقد أن حجج الله عز وجل على خلقه بعد نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الأئمة الإثنا
    عشر : أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن
    الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم الرضا
    علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم
    الحجة القائم صاحب الزمان خليفة الله في أرضه ، صلوات الله عليهم أجمعين .
    ويجب أن يعتقد أنهم أولوا الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ، وأنهم الشهداء على
    الناس ، وأنهم أبواب الله والسبيل إليه والأدلاء عليه ، وأنهم عيبة علمه وتراجمة
    وحيه وأركان توحيده ، وأنهم معصومون من الخطأ والزلل ، وأنهم الذين أذهب الله
    عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وأن لهم المعجزات والدلائل ، وأنهم أمان لأهل
    الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماوات ، ومَثَلُهم في هذه الأمة كمثل سفينة نوح
    وباب حطة الله ، وأنهم عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره
    يعملون . ويجب أن يعتقد أن حبهم إيمان وبغضهم كفر ، وأن أمرهم أمر الله ونهيهم
    نهي الله ، وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله ، ووليهم ولي الله وعدوهم عدو
    الله .
    ويجب أن يعتقد أن حجة الله في أرضه وخليفته على عباده في زماننا هذا هو
    القائم المنتظر ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد
    بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام وأنه هو الذي أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله به عن
    الله عز وجل بإسمه ونسبه ، وأنه هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً
    وظلماً ، وأنه هو الذي يظهر الله عز وجل به دينه صلى‌الله‌عليه‌وآله على الدين كله ولو كره
    المشركون ، وأنه هو الذي يفتح الله عز وجل على يده مشارق الأرض ومغاربها ،
    حتى لا يبقى مكان إلا ينادى فيه بالأذان ويكون الدين كله لله ، وأنه هو المهدي الذي
    إذا خرج نزل عيسى بن مريم عليه‌السلام فصلى خلفه ، ويكون إذا صلى خلفه مصلياً خلف
    الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه خليفته .

    ويجب أن يعتقد أنه لا يجوز أن يكون القائم غيره ، بقي في غيبته ما بقي ، ولو
    بقي في غيبته عمر الدنيا لم يكن القائم غيره ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام عرفوا
    باسمه ونسبه ونصوا به وبشروا .
    ويجب أن يتبرأ إلى الله عز وجل من الأوثان الأربعة : يغوث ويعوق ونسر وهبل ،
    ومن الأنداد الأربع اللات والعزى ومناة والشعرى ، وممن عبدوهم ومن جميع
    أشياعهم وأتباعهم ، ويعتقد فيهم أنهم أعداء الله وأعداء رسوله وأنهم شر خلق الله ،
    ولا يتم الإقرار بجميع ما ذكرناه إلا بالتبري منهم .
    ـ المقنعة ص 32
    ويجب على كل مكلف أن يعرف إمام زمانه ، ويعتقد إمامته وفرض طاعته ، وأنه
    أفضل أهل عصره وسيد قومه ، وأنهم في العصمة والكمال كالأنبياء عليهم‌السلام ويعتقد أن
    كل رسول لله تعالى فهو نبي إمام ، وليس كل إمام نبياً ولا رسولاً ، وأن الأئمة بعد
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجج الله تعالى وأوليائه وخاصة أصفياء الله ، أولهم وسيدهم أمير
    المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، عليه أفضل
    السلام وبعده الحسن والحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي بن
    الحسين ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن
    علي بن موسى ، ثم علي بن محمد بن علي ، ثم الحسن بن علي بن محمد ، ثم
    الحجة القائم بالحق ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام لا إمامة
    لأحد بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غيرهم ، ولا يستحقها سواهم ، وأنهم الحجة على كافة الأنام
    كالأنبياء عليهم‌السلام وأنهم أفضل خلق الله بعد نبيه عليه وآله السلام ، والشهداء على
    رعاياهم يوم القيامة ، كما أن الأنبياء عليهم‌السلام شهداء الله على أممهم ، وأنه بمعرفتهم
    وولايتهم تقبل الأعمال ، وبعداوتهم والجهل بهم يستحق النار .
    ـ رسائل الكركي ج 2 ص 298
    مسألة : معرفة تعداد الأئمة عليهم‌السلام شرط في صحة عقد النكاح ، أم يكفي معرفتهم



    وإعتقاد إمامتهم إجمالاً من الزوجين من غير معرفة التعداد على الترتيب أو من غير
    تعداد مطلقاً ؟
    الجواب : إن كانت الزوجة عارفة فلا بد من معرفة الزوج .
    ـ العروة الوثقى ج 2 ص 318
    مسألة : استشكل بعض العلماء في جواز إعطاء الزكاة لعوام المؤمنين الذين لا
    يعرفون الله إلا بهذا اللفظ ، أو النبي أو الأئمة كلاً أو بعضاً ، شيئاً من المعارف ،
    الخمس واستقرب عدم الإجزاء ، بل ذكر بعض آخر أنه لا يكفي معرفة الأئمة
    بأسمائهم بل لا بد في كل واحد أن يعرف أنه من هو وابن من ، فيشترط تعيينه
    وتمييزه عن غيره ، وأن يعرف الترتيب في خلافتهم ، ولو لم يعلم أنه هل يعرف ما
    يلزم معرفته أم لا يعتبر الفحص عن حاله ، ولا يكفي الإقرار الإجمالي بأني مسلم
    مؤمن واثني عشري . وما ذكروه مشكل جداً ، بل الأقوى كفاية الإقرار الإجمالي وإن
    لم يعرف أسماؤهم أيضاً فضلاً عن أسماء آبائهم والترتيب في خلافتهم .
    وتجب معرفتهم لأن الله تعالى فرض مودتهم
    ـ الغدير للأميني ج 2 ص 324
    أخرج القاضي عياض في الشفاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : معرفة آل محمد براءة من
    النار ، وحب آل محمد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمد أمان من العذاب .
    ويوجد في الصواعق ص 139 ، والإتحاف ص 15 ، ورشفة الصادي ص 459 .
    ـ الغدير ج 2 ص 307
    أخرج الحافظ أبو عبد الله الملا في سيرته أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله جعل
    أجري عليكم المودة في أهل بيتي ، وإني سائلكم غداً عنهم . ورواه محب الدين
    الطبري في الذخائر ص 25 وابن حجر في الصواعق ص 102 و 136 والسمهودي في
    جواهر العقدين .

    قال جابر بن عبد الله : جاء أعرابي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يا محمد أعرض
    على الإسلام .
    فقال : تشهد أن لا إلۤه إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله .
    قال : تسألني عليه أجراً قال : لا ، إلا المودة في القربى .
    قال : قرابتي أو قرابتك !
    قال : قرابتي .
    قال : هات أبايعك ، فعلى من لا يحبك ولا يحب قرابتك لعنة الله .
    فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : آمين .
    أخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية ص 31 من طريق الحافظ أبي نعيم ، عن
    محمد بن أحمد بن مخلد ، عن الحافظ ابن أبي شيبة بإسناده .
    وأخرج الحافظ الطبري ، وابن عساكر ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل
    لقواعد التفضيل ، بعدة طرق عن أبي أمامة الباهلي ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله
    خلق الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقني من شجرة واحدة ، فأنا أصلها وعلي فرعها
    وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمرها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن
    زاغ عنها هوى ، ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف
    عام ، ثم لم يدرك محبتنا ، أكبه الله على منخريه في النار . ثم تلا : قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ
    أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ .
    ـ الغدير ج 1 ص 242
    شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 ، رواه في تذكرته
    ص 19 قال : ذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي صلی الله عليه وسلم
    لما قال ذلك ( يعني حديث الولاية ) طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار فبلغ
    ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة له فأناخها على باب المسجد ، ثم
    عقلها وجاء فدخل في المسجد فجثا بين يدي رسول الله صلی الله عليه وسلم فقال :



    يا محمد إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إلۤه إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك ، وإنك
    أمرتنا أن نصلي خمس صلوات في اليوم والليلة ونصوم رمضان ونحج البيت ونزكي
    أموالنا فقبلنا منك ذلك ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته
    على الناس وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه . فهذا شئ منك أو من الله ؟ !
    فقال رسول الله صلی الله عليه وسلم وقد احمرت عيناه : والله الذي لا إلۤه إلا هو
    ما هو إلا من الله .
    فولى الحرث وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأرسل من السماء علينا
    حجارة أو ائتنا بعذاب أليم ! قال : فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر
    فوقع على هامته فخرج من دبره ومات ، وأنزل الله تعالى : سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ .
    الآيات . . . .
    شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي المتوفى 977 ( المترجم ص 135 ) قال :
    في تفسيره السراج المنير 4 ص 364 : اختلف في هذا الداعي فقال ابن عباس : هو
    النضر بن الحرث ، وقيل : هو الحرث بن النعمان . . . . انتهى .
    ملاحظة : لا ينافي هذا الحديث نزول الآية في مكة ، لأن ما وقع في المدينة يكون
    تأويلها ، فيكون المعنى أن الحرث الفهري هو السائل بالعذاب الذي أخبر عنه الله
    تعالى قبل ذلك ، أو يكون مصداقاً للسائلين بالعذاب .
    على أنه لا مانع من القول بنزول جبرئيل مرة أخرى بالآية مؤكداً حادثة تأويلها ، بل لا
    مانع من نزول الآية مرتين .
    ـ الشفا للقاضي عياض جزء 2 ص 47
    فصل . ومن توقيره صلی الله عليه وسلم وبره بر آله وذريته وأمهات المؤمنين
    أزواجه كما حض عليه صلی الله عليه وسلم وسلكه السلف الصالح رضي الله عنهم ،
    قال الله تعالى : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ، الآية . وقال تعالى :
    وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ .

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:57 pm

    أخبرنا الشيخ أبو محمد بن أحمد العدل من كتابه وكتبت من أصله ، حدثنا أبو
    الحسن المقري الفرغاني ، حدثتني أم القاسم بنت الشيخ أبي بكر الخفاف ، قالت
    حدثني أبي حدثنا خاتم هو ابن عقيل ، حدثنا يحيى هو ابن اسماعيل ، حدثنا يحيى
    هو الحمائي ، حدثنا وكيع ، عن أبيه ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن
    زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : أنشدكم الله أهل بيتي ،
    ثلاثاً . قلنا لزيد : من أهل بيته ؟ قال آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس .
    وقال صلی الله عليه وسلم : إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا : كتاب الله
    وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما .
    وقال صلی الله عليه وسلم : معرفة آل محمد صلی الله عليه وسلم براءة من النار ،
    وحب آل محمد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمد أمان من العذاب .
    قال بعض العلماء : معرفتهم هي معرفة مكانهم من النبي صلی الله عليه وسلم
    وإذا عرفهم بذلك ، عرف وجوب حقهم وحرمتهم بسببه . انتهى .
    ونلاحظ أن القاضي عياضاً قد بتر حديث الغدير الذي يرويه مسلم وغيره ، فلم
    يرو إلا جزءً من آخره ، ثم فسر معرفة آل محمد بأنها معرفة نسبهم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو
    معرفة معزته لهم ، مدعياً أن الإنسان يستحق براءة من النار ! ! وهذا من عجائب
    الفتاوى التي تجعل الجنة مشروطة بمعرفة نسب آل النبي صلى الله عليه وعليهم ! أما
    اتِّباعهم وإطاعتهم ، وموالاة من وليهم ومعاداة عدوهم فلا يجب منه شئ . . !
    وقد تعرض السيد شرف الدين لهذا الحديث في المراجعات ص 82 وقال
    في هامشه :
    أورده القاضي عياض في الفصل الذي عقده لبيان أن من توقيره وبره صلى‌الله‌عليه‌وآله بر آله
    وذريته ، من كتاب الشفا في أول ص 40 من قسمه الثاني طبع الآستانة سنة 1328 ،
    وأنت تعلم أن ليس المراد من معرفتهم هنا مجرد معرفة أسمائهم وأشخاصهم
    وكونهم أرحام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن أبا جهل وأبا لهب ليعرفان ذلك كله ، وإنما المراد



    معرفة أنهم أولوا الأمر بعد رسول الله على حد قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات ولم يعرف إمام
    زمانه مات ميتة جاهلية . انتهى .
    ومن الطريف أن القاضي عياضاً روى بعد هذا الحديث أحاديث أخرى تفسر
    معرفة أهل البيت عليهم‌السلام بخلاف ما فسرها ، قال :
    وعن عمر بن أبي سلمة لما نزلت : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
    البيت ، الآية ـ وذلك في بيت أم سلمة ـ دعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم
    بكساء وعلي خلف ظهره ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس
    وطهرهم تطهيرا .
    وعن سعد بن أبي وقاص لما نزلت آية المباهلة دعا النبي صلی الله عليه وسلم
    علياً وحسناً وحسيناً وفاطمة وقال : اللهم هؤلاء أهلي .
    وقال النبي صلی الله عليه وسلم في علي : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال
    من والاه وعاد من عاداه . وقال فيه : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق . . . .
    وقال أبو بكر رضي‌الله‌عنه : إرقبوا محمداً في أهل بيته . انتهى !
    وتجب معرفتهم لأن الله تعالى فرض الصلاة عليهم
    ـ رسائل الشريف المرتضى ج 2 ص 249
    الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة . بسم الله الرحمن الرحيم . قال رضي‌الله‌عنه : مما يدل
    أيضاً على تقديمهم عليهم‌السلام وتعظيمهم على البشر أن الله تعالى دلنا على أن المعرفة بهم
    كالمعرفة به تعالى في أنها إيمان وإسلام ، وإن الجهل والشك فيهم كالجهل به والشك
    فيه في أنه كفر وخروج من الإيمان ، وهذه منزلة ليس لأحد من البشر إلا لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله
    وبعده لأمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمة من ولده على جماعتهم السلام . لأن المعرفة بنبوة
    الأنبياء المتقدمين من آدم إلى عيسى عليهم‌السلام أجمعين غير واجبة علينا ولا تعلق لها
    بشئ من تكاليفنا ، ولولا أن القرآن ورد بنبوة من سمي فيه من الأنبياء المتقدمين


    فعرفناهم تصديقاً للقرآن وإلا فلا وجه لوجوب معرفتهم علينا ، ولا تعلق لها بشئ من
    أحوال تكليفنا .
    وبقي علينا أن ندل على أن الأمر على ما ادعيناه .
    والذي يدل على أن المعرفة بإمامة من ذكرناه عليهم‌السلام من جملة الإيمان وأن الإخلال
    بها كفر ورجوع عن الإيمان ، إجماع الشيعة الإمامية على ذلك فإنهم لا يختلفون فيه ،
    وإجماعهم حجة بدلالة أن قول الحجة المعصوم الذي قد دلت العقول على وجوده
    في كل زمان في جملتهم وفي زمرتهم ، وقد دللنا على هذه الطريقة في مواضع كثيرة
    من كتبنا واستوفيناها في جواب التبانيات خاصة ، وفي كتاب نصرة ما انفردت به
    الشيعة الإمامية من المسائل الفقهية ، فإن هذا الكتاب مبني على صحة هذا الأصل .
    ويمكن أن يستدل على وجوب المعرفة بهم عليهم‌السلام بإجماع الأمة ، مضافاً إلى ما
    بيناه من إجماع الإمامية وذلك أن جميع أصحاب الشافعي يذهبون إلى أن الصلاة
    على نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله في التشهد الأخير فرض واجب وركن من أركان الصلاة من أخل به فلا
    صلاة له ، وأكثرهم يقول : إن الصلاة في هذا التشهد على آل النبي عليهم الصلوات
    في الوجوب واللزوم ووقوف أجزاء الصلاة عليها كالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والباقون
    منهم يذهبون إلى أن الصلاة على الآل مستحبة وليست بواجبة .
    فعلى القول الأول لا بد لكل من وجبت عليه الصلاة من معرفتهم من حيث كان
    واجباً عليه الصلاة عليهم ، فإن الصلاة عليهم فرع على المعرفة بهم ، ومن ذهب إلى
    أن ذلك مستحب فهو من جملة العبادة وإن كان مسنوناً مستحباً والتعبد به يقتضي
    التعبد بما لا يتم إلا به من المعرفة . ومن عدا أصحاب الشافعي لا ينكرون أن الصلاة
    على النبي وآله في التشهد مستحبة ، وأي شبهة تبقى مع هذا في أنهم عليهم‌السلام أفضل
    الناس وإجلالهم وذكرهم واجب في الصلاة .
    وعند أكثر الأمة من الشيعة الإمامية وجمهور أصحاب الشافعي أن الصلاة تبطل
    بتركه وهل مثل هذه الفضيلة لمخلوق سواهم أو تتعداهم ؟


    ومما يمكن الإستدلال به على ذلك أن الله تعالى قد ألهم جميع القلوب وغرس
    في كل النفوس تعظيم شأنهم وإجلال قدرهم على تباين مذاهبهم واختلاف دياناتهم
    ونحلهم ، وما اجتمع هؤلاء المختلفون المتباينون مع تشتت الأهواء وتشعب الآراء
    على شئ كإجماعهم على تعظيم من ذكرناه وإكبارهم ، إنهم يزورون قبورهم
    ويقصدون من شاحط البلاد وشاطئها مشاهدهم ومدافنهم والمواضع التي وسمت
    بصلاتهم فيها وحلولهم بها ، وينفقون في ذلك الأموال ويستنفدون الأحوال ، فقد
    أخبرني من لا أحصيه كثرة أن أهل نيسابور ومن والاها من تلك البلدان يخرجون في
    كل سنة إلى طوس لزيارة الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليهما
    بالجمال الكثيرة والأهبة التي لا توجد مثلها إلا للحج إلى بيت الله . وهذا مع
    المعروف من انحراف أهل خراسان عن هذه الجهة وازورارهم عن هذا الشعب .
    وما تسخير هذه القلوب القاسية وعطف هذه الأمم البائنة إلا كالخارق للعادات
    والخارج عن الأمور المألوفات ، وإلا فما الحامل للمخالفين لهذه النحلة المنحازين
    عن هذه الجملة على أن يراوحوا هذه المشاهد ويغادوها ويستنزلوا عندها من الله
    تعالى الأرزاق ويستفتحوا الأغلال ويطلبوا ببركاتها الحاجات ويستدفعوا البليات ،
    والأحوال الظاهرة كلها لا توجب ذلك ولا تقتضيه ولا تستدعيه وإلا فعلوا ذلك فيمن
    يعتقدونهم ، وأكثرهم يعتقدون إمامته وفرض طاعته ، وأنه في الديانة موافق لهم غير
    مخالف ومساعد غير معاند .
    ومن المحال أن يكونوا فعلوا ذلك لداع من دواعي الدنيا ، فإن الدنيا عند غير هذه
    الطائفة موجودة وعندها هي مفقودة ، ولا لتقية واستصلاح ، فإن التقية هي فيهم لا
    منهم ولا خوف من جهتهم ولا سلطان لهم ، وكل خوف إنما هو عليهم فلم يبق إلا
    داعي الدين ، وذلك هو الأمر الغريب العجيب الذي لا ينفذ في مثله إلا مشية الله
    وقدرة القهار التي تذلل الصعاب ، وتقود بأزمتها الرقاب .
    وليس لمن جهل هذه المزية أو تجاهلها وتعامى عنها وهو يبصرها أن يقول : إن


    العلة في تعظيم غير فرق الشيعة لهؤلاء القوم ليست ما عظمتموه وفخمتموه وادعيتم
    خرقه للعادة وخروجه من الطبيعة ، بل هي لأن هؤلاء القوم من عترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكل
    من عظم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا بد من أن يكون لعترته وأهل بيته معظماً مكرماً ، وإذا انضاف
    إلى القرابة الزهد وهجر الدنيا والعفة والعلم زاد الإجلال والإكرام لزيادة أسبابهما .
    والجواب عن هذه الشبهة الضعيفة : أنه شارك أئمتنا عليهم‌السلام في حسبهم ونسبهم
    وقراباتهم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غيرهم ، وكانت لكثير منهم عبادات ظاهرة وزهادة في الدنيا
    بادية ، وسمات جميلة وصفات حسنة ، من ولد أبيهم عليه وآله السلام ، ومن ولد
    العباس رضوان الله عليه ، فما رأينا من الإجماع على تعظيمهم وزيارة مدافنهم
    والإستشفاع بهم في الأغراض ، والإستدفاع بمكانهم للأعراض والأمراض ، وما
    وجدنا مشاهداً معايناً في هذا الشراك ، وإلا فمن ذا الذي أجمع على فرط إعظامه
    وإجلاله من سائر صنوف العترة في هذه الحالة يجري مجرى الباقر والصادق
    والكاظم والرضا صلوات الله عليهم أجمعين ، لأن من عدا من ذكرناه من صلحاء
    العترة وزهادها ممن يعظمه فريق من الأمة ويعرض عنه فريق ، ومن عظمه منهم
    وقدمه لا ينتهي في الإجلال والإعظام إلى الغاية التي ينتهي إليها من ذكرناه .
    ولولا أن تفصيل هذه الجملة ملحوظ معلوم لفصلناها على طول ذلك ولأسمينا
    من كنينا عنه ونظرنا بين كل معظم مقدم من العترة ليعلم أن الذي ذكرناه هو الحق
    الواضح ، وما عداه هو الباطل الماضح .
    وبعد فمعلوم ضرورة أن الباقر والصادق ومن وليهما من الأئمة صلوات الله عليهم
    أجمعين كانوا في الديانة والإعتقاد وما يفتون من حلال وحرام على خلاف ما يذهب
    إليه مخالفوا الإمامية ، وإن ظهر شك في ذلك كله فلا شك ولا شبهة على منصف في
    أنهم لم يكونوا على مذهب الفرقة المختلفة المجتمعة على تعظيمهم والتقرب إلى
    الله تعالى بهم .
    وكيف يعترض ريب فيما ذكرناه ، ومعلوم ضرورة أن شيوخ الإمامية وسلفهم في



    تلك الأزمان كانوا بطانة للصادق والكاظم والباقر عليهم‌السلام وملازمين لهم ومتمسكين بهم ،
    ومظهرين أن كل شيء يعتقدونه وينتحلونه ويصححونه أو يبطنونه فعنهم تلقوه ومنهم
    أخذوه ، فلو لم يكونوا عنهم بذلك راضين وعليه مقرين لأبوا عليهم نسبة تلك
    المذاهب إليهم وهم منها بريئون خليون ، ولنفوا ما بينهم من مواصلة ومجالسة
    وملازمة وموالاة ومصافاة ومدح وإطراء وثناء ، ولأبدلوه بالذم واللوم والبراءة
    والعداوة ، فلو لم يكونوا عليهم‌السلام لهذه المذاهب معتقدين وبها راضين لبان لنا واتضح ،
    ولو لم يكن إلا هذه الدلالة لكفت وأغنت . وكيف يطيب قلب عاقل أو يسوغ في
    الدين لأحد أن يعظم في الدين من هو على خلاف ما يعتقد أنه الحق وما سواه
    باطل ، ثم ينتهي في التعظيمات والكرامات إلى أبعد الغايات وأقصى النهايات ،
    وهل جرت بمثل هذا عادة أو مضت عليه سنة ؟
    أو لا يرون أن الإمامية لا تلتفت إلى من خالفها من العترة وحاد عن جادتها في
    الديانة ومحجتها في الولاية ، ولا تسمح له بشئ من المدح والتعظيم فضلاً عن غايته
    وأقصى نهايته ، بل تتبرأ منه وتعاديه وتجريه في جميع الأحكام مجري من لا نسب
    له ولا حسب له ولا قرابة ولا علقة . وهذا يوقظ على أن الله خرق في هذه العصابة
    العادات وقلب الجبلات ، ليبين من عظيم منزلتهم وشريف مرتبتهم . وهذه فضيلة
    تزيد على الفضائل وتربى على جميع الخصائص والمناقب ، وكفى بها برهاناً لائحاً
    وميزاناً راجحاً ، والحمد لله رب العالمين . انتهى .
    ملاحظة : نعرف قوة استدلال الشريف الرضي قدس الله نفسه عندما نلاحظ أن
    نيشابور كانت مركزاً للعلماء والمذاهب المخالفة لأهل البيت عليهم‌السلام فمنها أئمة
    الحديث وأساتيذ أصحاب الصحاح والشخصيات العلمية السنية . بل كانت الى
    القرن السادس العاصمة العلمية للسنة ، ومع ذلك كانت تخرج كلها لزيارة قبر الإمام
    الرضا عليهم‌السلام في طوس ، كل سنة بقوافل كقوافل الحج ! ! ولا يتسع المقام للتفصيل .


    ـ الغدير للأميني ج 2 ص 303
    في المقام أخبار كثيرة وكلمات ضافية توجد في طيات كتب الفقه والتفسير
    والحديث . ذكر ابن حجر في الصواعق ص 87 قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
    عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . وروى جملة من الأخبار
    الصحيحة الواردة فيها وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قرن الصلاة على آله بالصلاة عليه لما سئل عن
    كيفية الصلاة والسلام عليه ، ثم قال : وهذا دليل ظاهر على أن الأمر بالصلاة على أهل
    بيته وبقية آله مراد من هذه الآية ، وإلا لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقب
    نزولها ، ولم يجابوا بما ذكر ، فلما أجيبوا به دل على أن الصلاة عليهم من جملة
    المأمور به ، وأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أقامهم في ذلك مقام نفسه ، لأن القصد من الصلاة عليه مزيد
    تعظيمه ومنه تعظيمهم ، ومن ثم لما دخل من مر في الكساء قال : اللهم إنهم مني وأنا
    منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليَّ وعليهم . وقضية استجابة هذا
    الدعاء : أن الله صلى عليهم معه ، فحينئذ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه .
    ويروى : لا تصلوا علي الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون
    اللهم صل على محمد وتمسكون ، بل قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد .
    ثم نقل للإمام الشافعي قوله :
    يا أهـل بيت رسول الله حبكم
    فرض من الله في القرآن أنزله

    كفـاكـم مـن عظيم القـدر أنكم
    من لم يصل عليكم لا صلاة له

    فقال : فيحتمل لا صلاة له صحيحة ، فيكون موافقاً لقوله بوجوب الصلاة على
    الآل ، ويحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه .
    وقال في هامش الغدير : نسبهما إلى الامام الشافعي الزرقاني في شرح المواهب
    ج 7 ص 7 وجمع آخرون .
    وقال ابن حجر في ص 139 من الصواعق : أخرج الدارقطني والبيهقي حديث :
    من صلى صلاة ولم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه . وكأن هذا الحديث



    هو مستند قول الشافعي رضي‌الله‌عنه : إن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة كالصلاة
    عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله لكنه ضعيف ، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه : قولوا اللهم صل
    على محمد وعلى آل محمد ، والأمر للوجوب حقيقة على الأصح .
    وقال الرازي في تفسيره ج 7 ص 391 : إن الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك
    جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة ، وقوله : اللهم صلِّ على محمد وآل
    محمد وارحم محمداً وآل محمد ، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل
    ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب .
    وقال : أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله ساووه في خمسة أشياء : في الصلاة عليه وعليهم في
    التشهد . وفي السلام . والطهارة . وفي تحريم الصدقة . وفي المحبة .
    وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى : قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ
    فِي الْقُرْبَىٰ ، كفى شرفاً لآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفخراً ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم
    في كل صلاة .
    وروى محب الدين الطبري في الذخاير ص 19 عن جابر رضي‌الله‌عنه أنه كان يقول : لو صليت
    صلاة لم أصل فيها على محمد وعلى آل محمد ، ما رأيت أنها تقبل .
    وأخرج القاضي عياض في الشفا عن ابن مسعود مرفوعاً : من صلى صلاة لم يصل
    عليَّ فيها وعلى أهل بيتي ، لم تقبل منه .
    وللقاضي الخفاجي الحنفي في شرح الشفا 3 ص 500 ـ 505 فوائد جمة حول المسألة
    وذكر مختصر ما صنفه الإمام الخيصري في المسألة سماه : زهر الرياض في رد ما
    شنعه القاضي عياض .
    وصور الصلوات المأثورة على النبي وآله مذكورة في ( شفاء السقام ) لتقي الدين
    السبكي ص 181 ـ 187 ، وأورد جملة منها الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10
    ص163 وأول لفظ ذكره عن بريدة قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك ،
    فكيف نصلي عليك ؟ قال قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على


    محمد وآل محمد ، كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . انتهى .
    وقد روت مصادر إخواننا السنة هذا الحديث وصححته ، ولكنهم لا يعملون به إلا
    في صلاتهم ، فتراهم غالباً يصلون على النبي وحده في غير صلاتهم ، حتى في
    أدعيتهم ، مع أنهم رووا أن الدعاء لا يقبل ولا يصعد إلى الله تعالى إذا لم يصل معه
    على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورووا أن النبي علمهم كيفية الصلاة عليه ، فكأن استجابة أدعيتهم
    ليست مهمة عندهم !
    ولا يسع المجال لإيراد الأحاديث الكثيرة في فضل الصلاة على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله
    وأحكامها وكيفيتها التي يسمونها الصلاة الإبراهيمية ، وهي جديرة ببحث مفصل ،
    وقد ألف فيها عدد من القدماء رسائل مستقلة .
    وقد روى أحاديث الصلاة الإبراهيمية الإمام مالك في كتاب الموطأ ج 1 ص 165 وكتاب
    المسند ص 349 وكتاب الأم ج 1 ص 140 والبخاري في صحيحه ج 4 ص 118 ـ 119 وج 6
    ص 27 وج 7 ص 156 ـ 157 ومسلم ج 2 ص 16 ـ 17 وابن ماجة ج 1 ص 293 وأبو داود
    ج 1 ص 221 ـ 222 والترمذي ج 5 ص 38 والنسائي ج 3 ص 45 ـ 50 وأحمد ج 4
    ص 118 ـ 119 وص 244 وج 5 ص 353 وص 424 والدارمي ج 1 ص 165 وص 309
    والحاكم ج 1 ص 268 ـ 270 والبيهقي في سننه ج 2 ص 146 ـ 153 وص 378 ـ 379
    والهيثمي في مجمع الزوائد ج 2 ص 144 ـ 145 والهندي في كنز العمال ج 2 ص 266 ـ
    283 وج 5 وأورد السيوطي عدداً كبيراً من أحاديثها في الدر المنثور ج 5 ص 215 ـ 220 ،
    وغيره من المفسرين ، والفقهاء كالنووي في المجموع ج 3 ص 466 وابن قدامة في المغني
    ج1 ص 580 وابن حزم في المحلى ج 3 ص 272 . . . . ولا نطيل بذكر كلماتهم .
    ـ الشفا للقاضي عياض جزء 2 ص 64
    . . . في الحديث : لا صلاة لمن لم يصل علي ، قال ابن القصار معناه كاملة أو لمن
    لم يصل علي مرة في عمره . وضعف أهل الحديث كلهم رواية هذا الحديث .
    وفي حديث أبي جعفر عن ابن مسعود عن النبي صلی الله عليه وسلم : من صلى



    صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه . قال الدارقطني : الصواب أنه
    من قول أبي جعفر محمد بن الحسين : لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي صلی
    الله عليه وسلم ولا على أهل بيته لرأيت أنها لا تتم . . . .
    فقال النبي صلی الله عليه وسلم : عجل هذا ، ثم دعاه فقال له ولغيره : إذا صلى
    أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلی الله عليه وسلم ثم
    ليدع بعد بما شاء ، ويروى من غير هذا السيد بتمجيد الله وهو أصح .
    وعن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال : الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض فلا
    يصعد إلى الله منه شئ حتى يصلي على النبي صلی الله عليه وسلم .
    ـ وقال الأردبيلي في زبدة البيان ص 84
    التاسعة : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
    تَسْلِيمًا . . . .
    قال في الكشاف : الصلاة عليه واجبة ، وقد اختلفوا في حال وجوبها ، فمنهم من
    أوجبها كلما جرى ذكره ، وفي الحديث من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار
    فأبعده الله . . . . ومنهم من قال : تجب في كل مجلس مرة ، وإن تكرر ذكره ، كما قيل
    في آية السجدة ، وتسميت العاطس وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره ، ومنهم من
    أوجبها في العمر مرة وكذا قال في إظهار الشهادتين مرة ، والذي يقتضيه الإحتياط
    الصلاة عليه عند كل ذكر ، لما ورد من الأخبار . انتهى .
    والأخبار من طرقنا أيضاً مثل الأول موجودة مع صحة بعضها ، ولا شك أن
    احتياط الكشاف أحوط ، واختار في كنز العرفان الوجوب كلما ذكر وقال إنه اختيار
    الكشاف . . . . ثم قال في الكشاف : فإن قلت : فما تقول في الصلاة على غيره صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    قلت : القياس يقتضي جواز الصلاة على كل مؤمن ، لقوله تعالى : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي
    عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ ، وقوله : وصل عليهم إن صلوتك سكن لهم ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم
    صل على آل أبي أوفى ، ولكن للعلماء تفصيلاً في ذلك ، وهو أنها إن كان على سبيل


    التبع كقولك صلى الله على النبي وآله ، فلا كلام فيها ، وأما إذا أفرد غيره من أهل
    البيت بالصلاة كما يفرد هو ، فمكروه لأن ذلك صار شعاراً لذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولأنه
    يؤدي إلى الإتهام بالرفض ! ( راجع تفسير الكشاف ج 2 ص 549 )
    ولا يخفى ما فيه فإن ما ذكره برهان لا قياس ، وإن البرهان من العقل والنقل كتاباً
    وسنة كما نقله ، ومثله قوله تعالى : وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا
    لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ، فإنها تدل على أن
    صلوات الله على من يقول هذا بعد المصيبة ، ولا شك في صدوره كذلك عن أهل
    البيت بل غيرهم أيضاً . فإذا ثبت لهم الصلاة من الله فيجوز القول بذلك لهم ، وهو
    ظاهر اقتضى جوازه مطلقاً ، بل الإنفراد بخصوصه فلا مجال للتفصيل . . . . وإنما صار
    ذلك شعار الرافضة لأنهم فعلوا ذلك ، وتركه غيرهم بغير وجه ، وإلا فهو مقتضى
    البرهان ، ومع ذلك لا يستلزم كونه شعاراً لهم ، ومتداولاً بينهم تركه ، وإلا يلزم ترك
    العبادات كذلك فإنها شعارهم .
    وبالجملة لا ينبغي منع ما يقتضي العقل والنقل جوازه بل استحبابه وكونه عبادة ،
    بسبب أن جماعة من المسلمين يفعلون هذه السنة والعبادة ، فإن ذلك تعصب وعناد
    محض ، وليس فيه تقرب إلى الله تعالى وطلب لمرضاته وعمل لله تعالى وهو ظاهر ،
    ولا يناسب من العلماء العمل إلا لله .
    ولهم أمثال ذلك كثيرة ، مثل ما ورد في تسنيم القبور أن المستحب هو التسطيح ،
    ولكن هو شعار للرافضة فالتسنيم خير منه ، وكذلك في التختم باليمين وغير ذلك ،
    ومنه ذكر ( على ) بعد قوله صلى الله عليه وعلى آله ، وترك الآل معه صلی الله عليه
    وسلم مع أنه مرغوب بغير نزاع ، وإنما النزاع كان في الإفراد ، فإنهم يتركون الآل معه
    ويقولون صلى الله عليه !
    والعجب أنهم يتركون الآل وفي حديث كعب حيث يقولون سأله عن كيفية
    الصلاة عليه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على



    إبراهيم وآل إبراهيم . . إلخ . فتأمل .
    ـ وقال ابن أبي جمهور الإحسائي عن الصلاة البتراء في كتابه غوالي اللئالي ج 2 ص40 :
    وبمعناه ما رواه الإمام السخاوي الشافعي في القول البديع في الصلاة على الحبيب
    الشفيع في الباب الأول ، في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولفظ الحديث :
    ويروى عنه صلی الله عليه وسلم مما لم أقف على إسناده : لا تصلوا عليَّ الصلاة
    البتيرا ، قالوا وما الصلاة البتيرا يا رسول الله ؟ قال : تقولوا : اللهم صل على محمد
    وتمسكون ، بل قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد . أخرجه أبو سعد في
    شرف المصطفى . انتهى .
    ملاحظة : كان أكثر علماء السنة في القرون الماضية يصلون على النبي في كتبهم
    بصيغة ( صلی الله عليه وآله ) ونلاحظ ذلك بوضوح في مخطوطات كتبهم التي وصلت
    إلينا سالمة ولم تمسها يد المحرفين والنواصب . ويظهر أن حذف الصلاة على آل النبي
    صلی الله عليه وآله انتشر مع موجة التعصب العثماني الأخيرة ضد الشيعة . وقد ورث
    هذه الموجة وأفرط فيها الوهابيون و ( المحققون ) والناشرون الذين أطعموهم من
    سحت أموالهم ، فمدوا أيديهم إلى كتب التراث وخانوا مؤلفيها فحذفوا منها وحرفوا كثيراً
    من المواضع ، ومن ذلك عبارة صلی الله عليه وآله ووضعوا بدلها صلی الله عليه وسلم .
    والحمد لله أنه بقي في المحققين والناشرين أفراد أمناء وأصحاب ضمائر
    مستقيمة أثبتوا الصلاة على آل النبي كما وردت في مخطوطات المؤلفين مثل
    مستدرك الحاكم . كما بقيت النسخ المخطوطة ومصوراتها وستبقى شاهدة على
    نواصب التحقيق والنشر .
    كما ينبغي الإشارة إلى أن المسلمين الأوائل فهموا معنى التسليم في قوله تعالى :
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، بأنه التسليم لأمر النبي وليس السلام
    عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه لم يقل وسلموا سلاماً . ولذا نجد أن الصلاة عليه استعملت مجردة في
    القرون الأولى بدون ( وسلم ) وإن كان الدعاء بتسليم الله عليه من نوع الدعاء بالصلاة


    عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم تسليماً كثيراً ، ولكني أظن أنهم بعد أن حذفوا كلمة ( وآله ) التي
    كانت سائدة عند الجميع قروناً طويلة وجدوا خلأً فملؤوه بكلمة ( وسلم ) . وهذا
    موضوع مهم ، يحتاج الى بحث واسع موثق .
    وتجب معرفتهم لأنهم أهل الذكر الذين أمرنا الله بسؤالهم
    ـ بصائر الدرجات ص 37 ـ 41
    حدثنا العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن عمرو بن يزيد ، قال قال أبو
    جعفر عليه‌السلام : وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ، قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته
    أهل الذكر وهم المسؤولون .
    حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينه ، عن بريد ، عن معاوية
    قال أبو جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ،
    قال : إنما عنانا بها ، نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون . . . .
    حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن أبي عثمان ،
    عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن
    كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، قال هم آل محمد ، فذكرنا له حديث الكلبي أنه قال : هي في أهل
    الكتاب ، قال فلعنه وكذبه .
    حدثنا السندي بن محمد ، عن علا ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال
    قلت له إن من عندنا يزعمون أن قول الله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا
    تَعْلَمُونَ ، أنهم اليهود والنصارى ، قال : إذاً يدعونهم إلى دينهم ، ثم أشار بيده إلى
    صدره فقال : نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون .
    حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن
    إسماعيل بن جابر وعبد الكريم ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام
    في قول الله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، قال : كتاب الله الذكر ،



    وأهله آل محمد الذين أمر الله بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال . وسمى الله القرآن
    ذكراً فقال : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ .
    ـ روضة الواعظين ص 203
    وقال الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، قال نحن أهل
    الذكر . قال أبو زرعة : صدق محمد بن علي ، ولعمري إن أبا جعفر لمن أكبر العلماء .
    ـ العمدة ص 303
    ومنها قوله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ . وهذا أيضاً غاية في الأمر
    باتباعه ، لموضع الأمر بسؤاله ، وبجعله تعالى أهل الذكر ، والذكر هو القرآن ، وهو
    أهله بنص كتاب الله تعالى ، فوجب اتباعه واتباع ذريته ، لموضع الأمر بسؤالهم .
    ـ نهج الحق ص 210
    الثالثة والثمانون : روى الحافظ ، محمد بن موسى الشيرازي من علماء الجمهور ،
    واستخرجه من التفاسير الإثني عشر ، عن ابن عباس في قوله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ
    الذِّكْرِ ، قال : هم محمد ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين . هم أهل الذكر ،
    والعلم ، والعقل ، والبيان ، وهم أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف
    الملائكة ، والله ما سمي المؤمن مؤمناً إلا كرامة لأمير المؤمنين . ورواه سفيان الثوري
    عن السدي عن الحارث .
    ـ أمان الأمة ص 196
    وأخرج الثعلبي في تفسيره الكبير في تفسير قوله تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن
    كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، عن جابر قال : قال علي بن أبي طالب : نحن أهل الذكر . وأخرجه
    الطبري في تفسيره . وأخرج الحسكاني في ذلك روايات غيرها .
    ـ الخطط السياسية لتوحيد الأمة ص 97
    وما يؤكد أنهم أولو الأمر وأهل الذكر : أن الهداية لا تدرك بعد النبي إلا بالقرآن


    وبهم معاً ، وأن الضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالقرآن وبهم معاً ، فهم أحد الثقلين
    بالنص ، وإن كنت في شك من ذلك فارجع مشكوراً إلى صحيح الترمذي ج 5 ص 328
    حديث 3874 ، وجامع الأصول لابن الأثير ج 1 ص 187 حديث 65 ، والمعجم الكبير
    للطبراني ص 137 ، ومشكاة المصابيح ج 2 ص 258 ، وإحياء الميت للسيوطي بهامش
    الإتحاف ص 114 ، والفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 503 وج 3 ص 385 والصواعق المحرقة
    لابن حجر ص 147 و 226 ، والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 135 ، ومقتل الحسين
    للخوارزمي ج 1 ص 104 ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 194 ، وخصائص النسائي
    ص 21 ، ومجمع الزوائد للهيثمي ج 5 ص 195 . ولولا الرغبة بالإختصار لذكرت لك 192
    مرجعاً .
    ـ الخطط السياسية لتوحيد الأمة ص 266
    فإذا ذكر ذاكر أن الله تعالى قد أذهب الرجس عن أهل البيت وطهرهم تطهيراً ،
    جاءك الجواب سريعاً ، إن أهل البيت هم نساء النبي وحدهن ، ومنهم من يتبرع
    بالمباهلة إذا كان أهل البيت غير نساء النبي !
    وإذا قيل إن النبي لا يسأل أجراً إلا المودة في القربى ، قيل : كل قريش قرابة
    النبي ، بل كل العالم أقارب النبي ، وهو جد التقي ولو كان عبداً حبشياً !
    وإذا قيل : هم أهل الذكر . قيل لك : إن العلماء هم أهل الذكر ، وهم ورثة الأنبياء !
    وباختصار فلا تجد نصاً في القرآن الكريم يتعلق بأهل البيت الكرام أو ببني
    هاشم ، إلا وقد حضرت له البطون ومن والاها عشرات التفسيرات والتأويلات
    لإخراجه عن معناه الخاص بأهل البيت الكرام ! ولا تجد فضلاً اختص به أهل البيت
    الكرام إلا وقد أوجدت بطون قريش لرجالاتها فضلاً يعادله عن طريق التفسير
    والتأويل ! ومع سيطرة البطون وإشرافها على وسائل الأعلام ، وهيمنتها على الدولة
    الإسلامية خلطت كافة الأوراق ، حتى إذا أخرجت يدك لم تكد تراها .


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 8:59 pm

    ـ معالم الفتن لسعيد أيوب ج 1 ص 123
    والخلاصة : إن الروايات التي فسرت الآية بينت أن الذكر رسول الله وأن عترته
    أهله . وروي في قوله عز وجل : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ، إن الآية مكية
    وعلى هذا فالمراد بقوله : أهلك ، بحسب وقت النزول خديجة زوج النبي صلی الله
    عليه وسلم وعلي بن أبي طالب ، وكان من أهله وفي بيته أو هما وبعض بنات النبي
    صلی الله عليه وسلم . وعلى هذا فإن القول بأن أهله جميع متبعيه من أمته غير سديد
    . . . . وروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ظل يأمر أهله بالصلاة في مكة والمدينة حتى فارق الدنيا .
    وفي الدر المنثور أخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في
    شعب الإيمان بسند صحيح عن عبد الله بن سلام قال : كان النبي صلی الله عليه وسلم
    إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة وتلا : وأمر أهلك بالصلاة ، وروي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله
    كان يجئ إلى باب علي وفاطمة ثمانية أشهر ، وفي رواية تسعة أشهر ويقول : الصلاة
    رحمكم الله . إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا . . . .
    وتجب معرفتهم لأن الأعمال لا تقبل إلا بولايتهم
    ـ الكافي ج 1 ص 183
    ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن
    رزين عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كل من دان الله عز وجل
    بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، وهو ضال متحير والله
    شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها ، فهجمت ذاهبة وجائية
    يومها ، فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها ، فحنت إليها واغترت بها ،
    فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها ،
    فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت
    بها فصاح بها الراعي : الحقي براعيك ، وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك


    وقطيعك ، فهجمت ذعرة متحيرة تائهة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها ،
    فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها ، وكذلك والله يا محمد من أصبح من
    هذه الأمة لا إمام له من الله عز وجل . انتهى . ونحوه في المحاسن ص 92 ، وتفسير
    العياشي ج 2 ص 252
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 250
    حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن يحيى بن
    علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن صباح المدايني ، عن المفضل بن عمر ، أن
    أبا عبد الله عليه‌السلام كتب إليه كتاباً فيه : إن الله تعالى لم يبعث نبياً قط يدعو إلى معرفة الله
    ليس معها طاعة في أمر ولا نهي ، وإنما يقبل الله من العباد العمل بالفرايض التي
    فرضها الله على حدودها ، مع معرفة من دعا إليه . ومن أطاع وحرم الحرام ظاهره
    وباطنه وصلى وصام وحج واعتمر وعظم حرمات الله كلها ولم يدع منها شيئاً ،
    وعمل بالبر كله ومكارم الأخلاق كلها وتجنب سيئها .
    ومن زعم أنه يحل الحلال ويحرم الحرام بغير معرفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يحل لله حلالاً
    ولم يحرم له حراماً ، وإن من صلى وزكى وحج واعتمر وفعل ( البر ) كله بغير معرفة
    من افترض الله عليه طاعته ، فلم يفعل شيئاً من ذلك ، لم يصل ولم يصم ولم يزك ولم
    يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهر ولم يحرم لله ، وليس له صلاة وإن ركع وإن
    سجد ، ولا له زكاة ولا حج ، وإنما ذلك كله يكون بمعرفة رجل مَنَّ الله تعالى
    على خلقته بطاعته وأمر بالأخذ عنه ، فمن عرفه وأخذ عنه أطاع الله .
    ومن زعم أن ذلك إنما هي المعرفة وأنه إذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب
    وأشرك ، وإنما قيل إعرف واعمل ما شئت من الخير فإنه لا يقبل منك ذلك بغير
    معرفة ، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة قل أو كثر ، فإنه مقبول منك .
    انتهى . ورواه في وسائل الشيعة ج 1 ص 95



    ـ وسائل الشيعة ج 1 ص 90
    وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعن عبد الله بن الصلت جميعاً ، عن حماد بن
    عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ( في حديث ) قال :
    ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمان الطاعة للإمام بعد معرفته ،
    أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره ، وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ، ولم
    يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله
    حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان . ورواه البرقي في المحاسن عن عبد الله بن
    الصلت بالإسناد .
    ـ وعن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن
    علي بن عقبة ، عن أبيه عقبة بن خالد ، عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ( في حديث )
    قال : إن أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، وباب الكعبة وذاك حطيم إسماعيل
    ووالله لو أن عبداً صف قدميه في ذلك المكان ، وقام الليل مصلياً حتى يجيئه النهار ،
    وصام النهار حتى يجيئه الليل ، ولم يعرف حقنا وحرمتنا أهل البيت لم يقبل الله منه
    شيئاً أبداً .
    ـ علي بن إبراهيم في تفسيره ، عن أحمد بن علي ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن
    السندي بن محمد ، عن أبان ، عن الحارث ، عن عمرو ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله
    تعالى : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ ، قال : ألا ترى كيف
    اشترط ولم تنفعه التوبة والإيمان والعمل الصالح حتى اهتدى ؟ والله لو جهد أن
    يعمل ما قبل منه حتى يهتدي ، قال : قلت : إلى من جعلني الله فداك ؟ قال : إلينا .
    أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جداً .
    ـ مستدرك الوسائل ج 1 ص 149 ـ 155
    وعن سلام بن سعيد المخزومي عن يونس بن حباب عن علي بن الحسين عليه‌السلام


    قال قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل
    إبراهيم وآل عمران فرحوا واستبشروا ، وإذا ذكر عندهم آل محمد اشمأزت قلوبهم !
    والذي نفس محمد بيده لو أن عبداً جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبياً ما قبل الله ذلك
    منه حتى يلقى الله بولايتي وولاية أهل بيتي !
    ورواه ابن الشيخ الطوسي في أماليه ، عن أبيه ، عن المفيد ، عن علي بن خالد
    المراغي ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن إسماعيل بن محمد المزني ، عن سلام
    بن أبي عمرة ، عن سعد بن سعيد ، مثله .
    ( وقال في هامشه : كتاب سلام بن ابي عمرة ص 117 ، أمالي الطوسي ج 1
    ص 140 باختلاف يسير وعنه في بحار الأنوار ج 27 ص 172 ح 15 ) .
    ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن ، عن خلاد المقري ، عن قيس بن
    الربيع ، عن ليث بن سليمان ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحسين بن علي عليه‌السلام قال قال
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إلزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله وهو يودنا أهل البيت دخل
    الجنة بشفاعتنا . والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعلمه إلا بمعرفة حقنا .
    ( وقال في هامشه : المحاسن ص 61 ح 105 ، أمالي المفيد ص 43 ح 2 باختلاف
    يسير . أمالي المفيد ص 13 ح 1 ، عنه في بحار الأنوار ج 75 ص 101 ح 7 )
    ـ وعن أبيه ، عن أبي منصور السكري ، عن جده علي بن عمر عن العباس بن
    يوسف الشكلي ، عن عبيد الله بن هشام ، عن محمد بن مصعب ، عن الهيثم بن
    حماد عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، قال رجعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قافلين من
    تبوك فقال لي في بعض الطريق ألقوا لي الأحلاس والأقتاب ففعلوا ، فصعد رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال معاشر : الناس ما لي إذا ذكر آل
    ابراهيم تهللت وجوهكم ، وإذا ذكر آل محمد كأنما يفقأ في وجوهكم حب الرمان ،
    فوالذي بعثني بالحق نبياً لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجئ
    بولاية علي بن أبي طالب أكبه الله عز وجل في النار .


    ( وقال في هامشه : أمالي الطوسي ج 1 ص 314 باختلاف يسير ، عنه في بحار الأنوار
    ج 27 ص 171 ح 12 . الأحلاس : واحدة حلس بكسر فسكون كحمل وأحمال : كساء
    يوضع على ظهر البعير تحت القتب ـ لسان العرب ج 6 ص 54 ، مجمع البحرين ج 4
    ص 63 حلس ، والأقتاب : جمع قتب وهو بالتحريك : رحل البعير ـ لسان العرب
    ج 1 ص 660 ، مجمع البحرين ج 2 ص 139 قتب ) .
    ـ الغدير للأميني ج 2 ص 301
    ـ عن ابن عباس في حديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أن رجلاً صفن بين الركن والمقام
    فصلى وصام ثم لقي الله وهو مبغض لأهل بيت محمد ، دخل النار . أخرجه الحاكم
    في المستدرك 3 ص 149 وصححه ، والذهبي في تلخيصه .
    ـ وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق أبي ليلى ، عن الإمام السبط الشهيد ، عن
    جده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : إلزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله عز وجل وهو
    يودنا دخل الجنة بشفاعتنا ، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا . و
    ذكره الهيثمي في المجمع 9 ص 172 ، وابن حجر في الصواعق ، ومحمد سليمان
    محفوظ في أعجب ما رأيت 1 ص 8 . والنبهاني في الشرف المؤبد ص 96
    والحضرمي في رشفة الصادي ص 43 .
    ـ وأخرج الحافظ السمان في أماليه بإسناده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أن عبداً عبد الله
    سبعة آلاف سنة و ( هو ) عمر الدنيا ثم أتى الله عز وجل يبغض علي بن أبي طالب
    جاحداً لحقه ناكثاً لولايته ، لأتعس الله خيره وجدع أنفه . وذكره القرشي في شمس
    الأخبار ص 40 .
    ـ وأخرج الخوارزمي في المناقب ص 39 عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لعلي : يا علي لو
    أن عبداً عبد الله عز وجل مثل ما قام نوح في قومه وكان له مثل أحد ذهباً فأنفقه في
    سبيل الله ، ومد في عمره حتى حج ألف عام على قدميه ، ثم قتل بين الصفا والمروة


    مظلوماً ، ثم لم يوالك يا علي ، لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها .
    ـ عن أم سلمة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : يا أم سلمة أتعرفينه ؟ قلت : نعم هذا
    علي بن أبي طالب . قال : صدقت ، سجيته سجيتي ودمه دمي وهو عيبة علمي ،
    فاسمعي واشهدي لو أن عبداً من عباد الله عز وجل عبد الله ألف عام بين الركن
    والمقام ثم لقي الله عز وجل مبغضاً لعلي بن أبي طالب وعترتي ، أكبه الله تعالى على
    منخره يوم القيامة في نار جهنم .
    أخرجه الحافظ الكنجي بإسناده من طريق الحافظ أبي الفضل السلامي ثم قال :
    هذا حديث سنده مشهور عند أهل النقل .
    ـ وأخرج ابن عساكر في تاريخه مسنداً عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في
    حديث : يا علي لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا ، وصلوا حتى يكونوا
    كالأوتار ، ثم أبغضوك لأكبهم الله في النار .
    وذكره الكنجي في الكفاية ص 179 ، وأخرجه الفقيه ابن المغازلي في المناقب ،
    ونقله عنه القرشي في شمس الأخبار ص 33 ورواه شيخ الإسلام الحمويني في
    الفرايد في الباب الأول . وهناك أخبار كثيرة تضاهي هذه في ولاء أمير المؤمنين
    وعترته لا يسعنا ذكرها . . .
    ـ قال الشيخ أبوبكر بن شهاب السقاف ، وهو شيخ محمد بن عقيل الحضرمي
    صاحب النصائح الكافية :
    حب آل البيت قربَهْ
    وهو أمسى الحب رتبَهْ

    ذنب من والاهم
    يغسله مزن المحبَّهْ

    والذي يبغضهم لا
    يسكن الإيمان قلبَهْ

    علمه والنسك رجسٌ
    عسلٌ في ضَرْعِ كلبَهْ

    لعن الله عدو الآل
    إبليس وحزبَهْ




    وتجب معرفتهم لأنهم محال معرفة الله تعالى
    ـ الكافي ج 4 ص 578
    محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن هارون بن مسلم ، عن علي بن حسان
    ، عن الرضا عليه‌السلام قال : سئل أبي ، عن إتيان قبر الحسين عليه‌السلام فقال : صلوا في المساجد
    حوله ويجزي في المواضع كلها أن تقول : السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام
    على أمناء الله وأحبائه ، السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله
    ، السلام على مساكن ذكر الله ، السلام على مظهري أمر الله ونهيه ، السلام على الدعاة
    إلى الله ، السلام على المستقرين في مرضات الله ، السلام على الممحصين في طاعة
    الله ، السلام على الأدلاء على الله ، السلام على الذين من والاهم فقد وال الله ومن
    عاداهم فقد عادى الله ومن عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله ومن
    اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله . انتهى . ورواه في من
    لا يحضره الفقيه ج 2 ص 608
    ـ من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 609
    . . . السلام على أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى وأعلام التقى ، وذوی النهى ،
    وأولى الحجى ، وكهف الورى ، وورثة الأنبياء ، والمثل الأعلى ، والدعوة الحسنى ،
    وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى ، ورحمة الله وبركاته ، السلام على
    محال معرفة الله ، ومساكن بركة الله ، ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله ، وحملة
    كتاب الله ، وأوصياء نبي الله ، وذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورحمة الله وبركاته . . . .
    ـ المزار ص 176
    باب زيارة جامعة لسائر الأئمة عليهم‌السلام وتجزؤك في جميع المشاهد على ساكنيها
    السلام أن تقول : السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على أمناء الله وأحبائه ،
    السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله ، السلام على معادن


    حكمة الله ، السلام على مساكن ذكر الله ، السلام على عباد الله المكرمين الذين لا
    يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون . . . .
    وتجب معرفتهم لأنها طريق معرفة الله تعالى
    ـ الكافي ج 1 ص 180
    الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء قال : حدثنا
    محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : إنما يعبد الله من يعرف
    الله ، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالاً . قلت : جعلت فداك فما معرفة
    الله ؟ قال : تصديق الله عز وجل وتصديق رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وموالاة علي عليه‌السلام والإئتمام به
    وبأئمة الهدى عليهم‌السلام والبراءة إلى الله عز وجل من عدوهم ، وهكذا يعرف الله عز وجل .
    ـ علل الشرائع ج 1 ص 9
    حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن
    الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن عبد الكريم بن عبد الله ، عن سلمة ابن عطا ، عن
    أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خرج الحسين بن علي عليهما‌السلام على أصحابه فقال أيها الناس : إن
    الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوا استغنوا بعبادته
    عن عبادة من سواه .
    فقال له رجل : يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله ؟ قال معرفة أهل كل
    زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته ؟
    قال مصنف هذا الكتاب يعني ذلك : أن يعلم أهل كل زمان أن الله هو الذي لا
    يخليهم في كل زمان عن إمام معصوم ، فمن عبد رباً لم يقم لهم الحجة فإنما عبد غير
    الله عز وجل .
    وتجب معرفتهم لحديث : من مات ولم يعرف إمام زمانه
    هذا الحديث بصيغه المتعددة متواتر في مصادرنا ومصادر إخواننا السنة ، ولكن



    المهم معرفة صيغته الأصلية وظروفه التي قاله فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه نص على الوصية
    بنظام الإمامة من بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    لذلك نورد صِيَغَه وتطبيقاته على مذهب أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم على مذاهب
    إخواننا السنة ، لكي نستكشف منها أصل الحديث . وقد أوردنا عدداً من
    صيغه ومصادره في ( معجم أحاديث الإمام المهدي عليه‌السلام ) ونضيف إليها هنا ما عثرنا
    عليه مجدداً .
    صيغ الحديث في مصادر مذهب أهل البيت
    المجموعة الأولى : في وجوب معرفة الإمام من أهل البيت عليهم‌السلام
    ـ روى البرقي في المحاسن ج 1 ص 153 :
    عنه ( أحمد بن أبي عبد الله البرقي ) عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى
    الحلبي ، عن بشير الدهان قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وهو
    لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، ثم قال : فعليكم بالطاعة ، قد رأيتم أصحاب علي ،
    وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته ، لنا كرائم القرآن ، ونحن أقوام افترض الله
    طاعتنا ، ولنا الأنفال ولنا صفو المال .
    ـ وروى في ص 154 : عنه ( أحمد بن عبد الله البرقي ) عن أبيه ، عن النضر ، عن
    يحيى الحلبي ، عن حسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات ليس له إمام مات ميتة جاهلية ، فقال : نعم ، لو أن الناس تبعوا علي
    بن الحسين عليهما‌السلام وتركوا عبد الملك بن مروان اهتدوا ، فقلنا من مات لا يعرف إمامه
    مات ميتة جاهلية ميتة كفر ؟ فقال : لا ، ميتة ضلال .
    ـ وفي تفسير العياشي : ج 2 ص 303 ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام
    قال : لا تترك الأرض بغير إمام يحل حلال الله ويحرم حرامه ، وهو قول الله : يوم ندعو


    كل أناس بإمامهم ، ثم قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية .
    فمدوا أعناقهم ، وفتحوا أعينهم ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ليست الجاهلية الجهلاء .
    ـ وروى الكليني في الكافي ج 1 ص 376
    الحسين بن محمد ، عن معلي بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد
    بن عائذ ، عن أبي أذينة ، عن الفضيل بن يسار قال : إبتدأنا أبو عبد الله عليه‌السلام يوماً وقال :
    قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية . فقلت : قال ذلك
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : إي والله قد قال . قلت : فكل من مات وليس له إمام فميتته
    ميتة جاهلية ؟ قال : نعم .
    ـ وفيها : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء قال : حدثني
    عبد الكريم بن عمرو ، عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ، قال قلت ميتة كفر ؟ قال : ميتة
    ضلال ، قلت : فمن مات اليوم وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ؟ فقال : نعم .
    ـ وفي ص 377 : أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن
    الفضيل ، عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :
    من مات لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية ؟ قال : نعم ، قلت : جاهلية جهلاء
    جاهلية لا يعرف امامه ؟ قال : جاهلية كفر ونفاق وضلال .
    ـ وفي ص 378 : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ،
    قال : حدثنا حماد ، عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول العامة رسول الله
    صلى‌الله‌عليه‌وآله قال فقال : الحق والله . . . . الحديث ـ كما في روايته الثانية بتفاوت .
    ـ وفي ج 1 ص 371 : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان
    عن محمد بن مروان ، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من
    مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ، ومن مات وهو عارف لإمامه لم يضره تقدم
    هذا أو تأخر . ومن مات وهو عارف لإمامه كان كمن هو مع القائم في فسطاطه .


    ـ وفي ج 1 ص 390 : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن
    سنان ، عن ابن مسكان عن سدير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إني تركت مواليك
    مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال : فقال : وما أنت وذاك ، إنما كلف الناس ثلاثة :
    معرفة الأئمة ، والتسليم لهم فيما ورد عليهم ، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه .
    ـ وفي ج 8 ص 146 : يحيى الحلبي ، عن بشير الكناسي قال : سمعت أبا
    عبد الله عليه‌السلام يقول : وصلتم وقطع الناس ، وأحببتم وأبغض الناس ، وعرفتم وأنكر
    الناس ، وهو الحق ، إن الله اتخذ محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عبداً قبل أن يتخذه نبياً وإن علياً عليه‌السلام كان
    عبداً ناصحاً لله عز وجل فنصحه وأحب الله عز وجل فأحبه ، إن حقنا في كتاب الله
    بين ، لنا صفو الأموال ولنا الأنفال وإنا قوم فرض الله عز وجل طاعتنا وإنكم تأتمون
    بمن لا يعذر الناس بجهالته ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس له إمام مات ميتة
    جاهلية ، عليكم بالطاعة فقد رأيتم أصحاب علي عليه‌السلام .
    ـ الغيبة للنعماني ص 127 ـ 130 : كما في المحاسن ، بسند آخر ، عن معاوية بن
    وهب . . . .
    ـ رجال الكشي ص 424 : قريباً من رواية الكافي الخامسة .
    ـ كمال الدين ج 2 ص 413 : عن سليم بن قيس الهلالي أنه سمع من سلمان ومن
    أبي ذر ومن المقداد حديثاً عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من مات . . وليس له إمام مات
    ميتة جاهلية ، ثم عرضه على جابر وابن عباس فقالا : صدقوا وبروا ، وقد شهدنا ذلك
    وسمعناه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن سلمان قال : يا رسول الله إنك قلت من مات وليس له
    إمام مات ميتة جاهلية ، من هذا الإمام ؟ قال : من أوصيائي يا سلمان ، فمن مات من
    أمتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة جاهلية ، فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، وإن
    جهله ولم يعاده ولم يوال له عدواً فهو جاهل وليس بمشرك . انتهى . ومثله في الإمامة
    والتبصرة ص 33
    ـ ثواب الأعمال ص 205 : قريباً من رواية الكافي الخامسة .

    ـ عيون أخبار الرضا ج 2 ص 58 : عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من
    مات وليس له إمام من ولدي مات ميتة جاهلية ، ويؤخذ بما عمل في الجاهلية
    والإسلام .
    ـ الإختصاص ص 268 : عن عمر بن يزيد ، عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال سمعته
    يقول : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ، إمام حي يعرفه ، فقلت : لم أسمع أباك
    يذكر هذا يعني إماماً حياً فقال : قد والله قال ذاك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وقال رسول
    الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس له إمام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية .
    ـ رسائل المفيد ص 384 : كما في المحاسن ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : خبر صحيح يشهد
    به إجماع أهل الآثار ويقوي منار صريح القرآن حيث يقول جل اسمه : يوم ندعو كل
    أناس بإمامهم ، فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلاً .
    ـ دعائم الإسلام ج 1 ص 27 : وعنه ( الإمام الصادق عليه‌السلام ) أنه قال في قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله
    : من مات لا يعرف إمام دهره مات ميتة جاهلية ، فقال : إماماً حياً . قيل له : لم نسمع
    حياً ، قال : قد قال والله ذلك ، يعني رسول الله .
    وعنه عليه‌السلام أنه قال في قول الله عز وجل يوم ندعو كل أناس بإمامهم ، فقال : بمن
    كانوا يأتمون به في الدنيا ، يدعى عليٌّ بالقرن الذي كان فيه ، والحسن بالقرن الذي
    كان فيه ، والحسين بالقرن الذي كان فيه ، وعدد الأئمة ، ثم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :
    من مات لا يعرف إمام دهره مات ميتة جاهلية . انتهى . ورواه في مناقب آل أبي طالب
    ج 1 ص 212 وج 2 ص 246 وج 3 ص 18 وص 413 ، بعدة روايات . ورواه الحر العاملي في
    وسائل الشيعة ج 13 ص 352
    ـ وروى نحوه في ج 18 ص 565 وفي ج 11 ص 491 وقال : ورواه علي بن عيسى في
    كشف الغمة نقلاً عن الطبرسي في إعلام الورى . وفي كنز الفوائد ص 151 : بسند آخر ،
    عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ـ كما في رواية العيون . وفي تلخيص الشافي ج



    4 ص 132 : كما في رسائل المفيد ، مرسلاً . وفي إثبات الهداة ج 1 ص 87 : عن روايات
    الكافي . وفي غاية المرام ص 266 ـ عن رواية الكافي الخامسة بتفاوت يسير . وفي ص
    273 ـ عن رواية العياشي الثانية . وفي تفسير البرهان ج 1 ص 382 ـ عن رواية الكافي
    الخامسة . وفي ص 386 ـ عن رواية العياشي الأولى . وفي ج 2 ص 430 ـ عن رواية
    العياشي الثانية . وفي تفسير نور الثقلين ج 1 ص 503 ـ عن روايتي الكافي السادسة
    والخامسة . وفي بحار الأنوار ج 8 ص 12 ـ عن رواية العياشي الثانية . وفي ج 23 ص 76
    ـ عن رواية المحاسن الأولى . وفي ص 81 ـ عن رواية العيون . وفي ص 92 ـ عن كنز
    الكراجكي بتفاوت يسير . وفي ص 78 ـ عن النعماني . وفي ص 85 ـ عن ثواب
    الأعمال . وفي ص 88 ـ عن كمال الدين . وفي ص 89 ـ عن رجال الكشي . وفي ص 92
    ـ عن الإختصاص . وفي ج 68 ص 337 ـ عن رواية الكافي السادسة . وفي ص 387 ـ
    عن رواية العياشي الأولى ، وفيه ( عيسى بن السري ، بدل يحيى بن السري ) .
    المجموعة الثانية : في أن معرفتهم وولايتهم من دعائم الإسلام
    ـ روى الكليني في الكافي ج 2 ص 19
    محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى بن
    السري اليسع قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحد
    التقصير عن معرفة شئ منها ، الذي من قصر عن معرفة شئ منها فسد دينه ولم يقبل
    الله منه عمله ، ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ، ولم يضق به مما
    هو فيه لجهل شئ من الأمور جهله ؟
    فقال : شهادة أن لا إلۤه إلا الله ، والإيمان بأن محمداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والإقرار بما
    جاء به من عند الله ، وحق في الأموال الزكاة ، والولاية التي أمر الله عز وجل بها ولاية
    آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله . قال : فقلت له : هل في الولاية فضل يعرف لمن أخذ به ؟
    قال : نعم قال الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي


    الْأَمْرِ مِنكُمْ . وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية . وكان
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان علياً عليه‌السلام وقال الآخرون : كان معاوية ، ثم كان الحسن عليه‌السلام ثم كان
    الحسين عليه‌السلام وقال الآخرون : يزيد بن معاوية وحسين بن علي ، ولا سواء ولا سواء .
    قال : ثم سكت ثم قال : أزيدك ؟ فقال له حكم الأعور : نعم جعلت فداك قال : ثم
    كان علي بن الحسين ثم كان محمد بن علي أبو جعفر وكانت الشيعة قبل أن يكون
    أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح
    لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من
    بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس ، وهكذا يكون الأمر ، والأرض لا تكون إلا بإمام ،
    ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، وأحوج ما تكون إلى ما أنت عليه إذا
    بلغت نفسك هذه ، وأهوى بيده إلى حلقه ، وانقطعت عنك الدنيا تقول : لقد كنت
    على أمر حسن . انتهى . ومثله في تفسير العياشي ج 1 ص 252
    ـ وفي الكافي ج 2 ص 21 علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن
    حماد بن عثمان ، عن عيسى بن السرى قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام . . . . كما في رواية
    العياشي الأولى ، وزاد فيه : وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا
    قال وأهوى بيده إلى صدره ، يقول حينئذ : لقد كنت على أمر حسن . انتهى . ونحوه
    في المحاسن ص 92 ونحوه في وسائل الشيعة ج 20 ص 287 عن النجاشي 209 وخلاصة
    الرجال ص 60 والشيخ ص 257 والفهرست ص 143 وجامع الرواة ج ص 651 والكشي ص
    136 .
    ـ وفي رجال الكشي ص 424 : جعفر بن أحمد ، عن صفوان ، عن أبي اليسع قال
    قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام حدثني عن دعائم الإسلام التي بني عليها ولا يسع أحداً من
    الناس تقصير عن شئ منها . . . . كما في رواية الكافي الثانية بتفاوت . وفي ثواب
    الأعمال ص 205 ـ كما في رواية الكافي الأخيرة . وفي تفسير الصافي ج 1 ص 463 ـ عن
    رواية الكافي الثانية . وفي تفسير البرهان ج 1 ص 383 ـ عن رواية الكافي الثانية ،



    بتفاوت يسير . وفي بحار الأنوار ج 23 ص 289 ب 4 ح 35 ـ عن رواية الكافي الثانية .
    وفي تفسير نور الثقلين ج 1 ص 503 ـ عن رواية الكافي الثانية . وفي تنقيح المقال ص 360
    ـ عن الكشي .
    المجموعة الثالثة : في أن الإمام من أهل البيت قد يغيب
    ـ روى الصدوق في كمال الدين ج 2 ص 409
    حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي‌الله‌عنه قال : حدثني أبو علي بن همام قال :
    سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول : سمعت أبي يقول سئل أبو
    محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم‌السلام : إن الأرض
    لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة ، وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه
    مات ميتة جاهلية ، فقال : إن هذا حق كما أن النهار حق ، فقيل له : يا ابن رسول الله
    فمن الحجة والإمام بعدك ؟ فقال : إبني محمد هو الإمام والحجة بعدي ، من مات
    ولم يعرفه مات ميتة جاهلية ، أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ، ويهلك فيها
    المبطلون ، ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق
    فوق رأسه بنجف الكوفة .
    ـ وفي كفاية الأثر ص 292 : أخبرنا أبو المفضل رحمه‌الله قال : حدثني أبو همام قال :
    سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول : ـ كما في كمال الدين .
    ـ وفي إعلام الورى ص 415 و442 ـ كما في كمال الدين بتفاوت يسير عن الإمام
    الباقر . وفي كشف الغمة ج 3 ص 318 ـ عن إعلام الورى ، بتفاوت يسير . وفي إثبات الهداة
    ج 3 ص 482 ـ عن كمال الدين ، وقال : ورواه علي بن محمد الخزاز في كتاب الكفاية
    . وفي وسائل الشيعة ج 11 ص 491 ـ أوله ، عن إعلام الورى . وفي حلية الأبرار ج 2 ص
    552 ـ كما في كمال الدين ، عن ابن بابويه . وفي بحار الأنوار ج 58 ص 160 ـ عن كمال
    الدين ، وأشار إلى مثله عن كفاية الأثر . وفي منتخب الأثر ص 226 ـ عن كفاية الأثر .

    كما توجد في مصادرنا أحاديث أخرى عديدة ، يمكن أن تصل إلى مجموعات أخرى :
    ـ كالذي رواه في الكافي ج 1 ص 397
    علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، عن فضل الأعور ،
    عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنا زمان أبي جعفر عليه‌السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي
    لها ، فلقينا سالم بن أبي حفصة فقال لي : يا أبا عبيدة من إمامك ؟ فقلت أئمتي آل
    محمد فقال : هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من مات
    وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية ؟ فقلت : بلى لعمري ، ولقد كان قبل ذلك بثلاث
    أو نحوها دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فرزق الله المعرفة فقلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن
    سالماً قال لي كذا وكذا ، قال فقال : يا أبا عبيدة أنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من
    بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه ، يا أبا عبيدة إنه لم
    يمنع ما أعطى داود أن أعطى سليمان ، ثم قال : يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل
    محمد عليه‌السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة . انتهى . وروى مثله في بصائر
    الدرجات ص 259 ، ونحوه في ص 509 وص 510
    ـ والذي رواه في أعلام الدين ص 459
    وسأله أبو بصير عن قول الله تعالى : وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ، ما
    عنى بذلك ؟ فقال : معرفة الإمام واجتناب الكبائر ، ومن مات وليس في رقبته بيعة
    لإمام مات ميتة جاهلية ، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم ، فمن مات وهو عارف
    بالإمامة لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر ، فكان كمن هو مع القائم في فسطاطه . قال :
    ثم مكث هنيئة ثم قال : لا بل كمن قاتل معه ، ثم قال : لا بل والله كمن استشهد مع
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . انتهى . ورواه في بحار الأنوار ج 27 ص 126 ـ عن أعلام الدين .
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 9:01 pm

    تفسير الحديث في مذهب أهل البيت عليهم‌السلام
    في هذا الحديث الشريف عناصر ومفاهيم عديدة ، نذكر أهمها :


    المفهوم الأول : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلغ الأمة نظام الإمامة من بعده ، وأنه الطريق الوحيد
    لضمان عدم الوقوع في الجاهلية . وأن الله تعالى جعل الإمام ركناً عملياً من أركان
    الإسلام مثل الصلاة والزكاة والحج ، وجعل طاعته فريضة على كل مسلم .
    ـ روى في الإمامة والتبصرة ص 63
    سعد ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إسماعيل بن
    جعفر : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله عن الأئمة عليهم‌السلام
    فسماهم حتى انتهى إلى ابنه ، ثم قال : والأمر هكذا يكون ، والأرض لا تصلح إلا
    بإمام ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية . ثلاث مرات .
    المفهوم الثاني : أن الأئمة الذين قصدهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هم الأئمة من ذريته عليهم‌السلام فقد
    أخبره الله تعالى أنهم سيكونون في الأمة في كل عصر مع القرآن لا يفترقان حتى يردا
    عليه الحوض ، كما ورد في حديث الثقلين الذي صح عند الجميع .
    بل روت مصادرنا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نص في هذا الحديث على أن الأئمة من ذريته
    ففي مستدرك الوسائل ج 18 ص 176 قال :
    أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد ، عن محمد بن أحمد بن شاذان القمي عن
    أحمد بن محمد بن عبيد الله بن عياش ، عن محمد بن عمر ، عن الحسن بن عبد الله
    بن محمد بن العباس الرازي ، عن أبيه ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه ، عن
    أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس له إمام من ولدي ، مات
    ميتة جاهلية ، يؤخذ بما عمل في الجاهلية والإسلام . انتهى . ورواه في تفسير نور
    الثقلين ج 1 ص 503 وص 540 وج 2 ص 282 وج 3 ص 194 وج 4 ص 240 وتفسير كنز
    الدقائق ج 2 ص 595 ، وغيرها .
    وقد روى جميع المسلمين شهادات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حق علي والحسن
    والحسين عليهم‌السلام وروى الشيعة شهاداته وشهادات علي والحسنين في حق بقية
    الأئمة عليهم‌السلام ومن ذلك :

    ـ ما رواه البرقي في المحاسن ص 155 : عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن
    بشير العطار ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يوم ندعو كل أناس بإمامهم ، ثم قال : قال
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنى إمامكم ، وكم من إمام يجئ يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه ،
    نحن ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمنا فاطمة عليها‌السلام وما آتى الله أحداً من المرسلين شيئاً إلا وقد
    آتاه محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله كما آتى المرسلين من قبله ، ثم تلا : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ
    وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً .
    وروى الطبرسي في أعلام الدين ص 459 : عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه‌السلام في
    قول الله تعالى : وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ، ما عنى بذلك ؟ فقال :
    معرفة الإمام واجتناب الكبائر ، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام مات ميتة
    جاهلية ، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم .
    المفهوم الثالث : أن هذا الحديث الثابت المتواتر ، يؤيد نفي أهل البيت وشيعتهم
    للروايات القائلة بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوص بشئ في أمر الخلافة ، لأنه يدل على أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله
    قد أرسى نظام الإمامة وعين أشخاصه من ذريته ، كما أمره الله تعالى ، وهو في هذا
    الحديث يوجه الأمة إلى ضرورة معرفة الإمام في كل عصر ، فإن تعبير ( لا يعرف إمام
    زمانه ) يدل على أن مشكلة وجود الإمام في كل زمان محلولة في الإسلام بتكفل الله
    تعالى ببقاء ذرية نبيه إلى يوم القيامة واختياره إماماً منهم في كل عصر ، وإنما هي
    مشكلة المسلمين في أن يعرفوا إمام زمانهم ويبايعوه !
    والمتأمل في الحديث الشريف يرى أن اختيار الله تعالى محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله للنبوة
    واختيار آله من بعده للإمامة ، منسجم مع سنة الله تعالى في الأنبياء السابقين
    وذرياتهم ، وبالتالي فالحديث بعيد كل البعد عن عالم اختيار الناس لأنفسهم بعد
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعيدٌ عن منطق تقسيم الأمر بين بني هاشم الذين كانت لهم النبوة ، وبين
    قبائل قريش الذين ينبغي أن تكون لهم الخلافة مناوبةً أو مغالبةً كما قالوا . . . . إلى
    آخر المنطق القرشي القبلي الذي ظهر في مرض النبي ويوم وفاته ، وانتصر في



    السقيفة في فترة انشغال أهل البيت بجنازة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ! وسيطر على الحكم في
    تاريخنا الإسلامي إلى أن انتهى على يد العثمانيين بأسوأ نهاية !
    المفهوم الرابع : أن المسلم في كل عصر لا يتم إسلامه حتى يبايع الإمام من ذرية
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يعتقد به ويعترف بما له من حق الطاعة بأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    فالذي لا يعرف الإمام يكون فيه نوع من الجهل والجاهلية ، وإن مات على ذلك مات
    على نوع من الجاهلية .
    المفهوم الخامس : أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم هم امتحان الأمة بعد
    نبيها ، فهم ميزان الإسلام والجاهلية ، وهم ميزان الإيمان والنفاق ، وهم ميزان الوفاء
    للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإطاعته بعد رحيله أو عصيانه . وقد وردت أحاديث كثيرة في مصادر
    الطرفين تنص على هذه المفاهيم الإسلامية وتؤكدها وتؤيدها .
    من ذلك ما روته مصادر الطرفين وصححه علماء الحديث ، من أن بغض علي عليه‌السلام
    علامة على النفاق وعدم الإيمان بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    ـ فقد روى أحمد في مسنده ج 1 ص 95 وص 128 وص 292 عن زر بن حبيش عن
    علي رضي‌الله‌عنه قال عهد إليَّ النبي صلی الله عليه وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك
    إلا منافق . ورواه الترمذي في سننه ج 5 ص 306 ، وقال الترمذي في سننه ج 5 ص 298 :
    حدثنا قتيبة أخبرنا جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد
    الخدري قال : إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي
    طالب . هذا حديث غريب . وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي ، وقد روى هذا
    عن الأعمش عن أبي صالح عن سعيد .
    ـ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 132
    وعن جابر بن عبد الله قال : والله ما كنا نعرف منافقينا على عهد رسول الله صلی
    الله عليه وسلم إلا ببغضهم علياً . رواه الطبراني في الأوسط والبزار بنحوه ، إلا أنه قال
    ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار ، بأسانيد كلها ضعيفة ( . . . . ) .

    وعن ابن عباس قال : نظر رسول الله صلی الله عليه وسلم إلى علي فقال : لا يحبك
    إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ، من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني ،
    وحبيبي حبيب الله وبغيضي بغيض الله ، ويل لمن أبغضك بعدي . رواه الطبراني في
    الأوسط ورجاله ثقات إلا أن في ترجمة أبي الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري أن
    معمراً كان له ابن أخ رافضي فأدخل هذا الحديث في كتبه ، وكان معمر مهيباً لا
    يراجع وسمعه عبد الرزاق . وعن عمران بن الحصين أن رسول الله صلی الله عليه
    وسلم قال لعلي : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق . رواه الطبراني في
    الأوسط ، وفيه محمد بن كثير الكوفي حرق أحمد حديثه وضعفه الجمهور ووثقه ابن
    معين ، وعثمان بن هشام لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ( . . . . ) .
    ـ وروى في كنز العمال ج 13 ص 106
    عن أبي ذر قال : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلی الله عليه وسلم
    إلا بثلاث : بتكذيبهم الله ورسوله ، والتخلف عن الصلاة وببغضهم علي بن أبي
    طالب . خط ، في المتفق .
    ـ وروى الحاكم في المستدرك ج 3 ص 128
    . . . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي فقال : يا علي أنت
    سيد في الدنيا ، سيد في الآخرة ، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله ، وعدوك
    عدوي وعدوي عدو الله ، والويل لمن أبغضك بعدي . صحيح على شرط الشيخين ،
    وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة ، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح .
    ـ وروى الحاكم في ج 3 ص 135
    . . . سمعت عمار بن ياسر رضي‌الله‌عنه يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي : يا علي
    طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك . هذا حديث
    صحيح الإسناد ولم يخرجاه .


    ـ وروى الحاكم في ج 3 ص 142 ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبر علياً بأن الأمة ستغدر به من
    بعده ! فقال : عن حيان الأسدي سمعت علياً يقول قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الأمة
    ستغدر بك بعدي ، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي . من أحبك أحبني
    ومن أبغضك أبغضني ، وإن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه . صحيح .
    انتهى .
    بل روى الشيعة والسنة إخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن مبغض علي عليه‌السلام ( يموت ميتة جاهلية )
    فقد روى الصدوق في علل الشرائع ج 1 ص 157 :
    حدثني الحسين بن يحيى بن ضريس ، عن معاوية بن صالح بن ضريس البجلي
    قال : حدثنا أبو عوانة قال : حدثنا محمد بن يزيد وهشام الزراعي قال : حدثني
    عبد الله بن ميمون الطهوي قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال بينا أنا مع
    النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في نخيل المدينة وهو يطلب علياً عليه‌السلام إذا انتهى إلى حايط فاطلع فيه فنظر
    إلى علي وهو يعمل في الأرض وقد اغْبَارَّ ، فقال : ما ألوم الناس أن يكنوك أبا تراب ،
    فلقد رأيت علياً تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ألا أرضيك
    يا علي ؟ قال : نعم يا رسول الله ، فأخذ بيده فقال : أنت أخي ووزيري وخليفتي في
    أهلي تقضي ديني وتبرئ ذمتي ، من أحبك في حياة مني فقد قضى له بالجنة ، ومن
    أحبك في حياة منك بعدي ختم الله له بالأمن والإيمان ، ومن أحبك بعدك ولم يرك
    ختم الله له بالأمن والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر ، ومن مات وهو يبغضك يا علي
    مات ميتة جاهلية يحاسبه الله عز وجل بما عمل في الإسلام . وروى نحوه في ص 144 ،
    وروى نحوه المغربي في شرح الأخبار ج 1 ص 113 ، وقال في ص 157 : وبآخر عن علي
    صلوات الله عليه ، أنه قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله أمرني أن أدنيك فلا
    أقصيك ، وأن أعلمك فلا أجفوك ، وحق علي أطيع ربي عز وجل ، وحق عليك أن
    تعي . يا علي من مات وهو يحبك كتب الله له بالأمن والأمان ما طلعت شمس وما
    غربت ، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة الجاهلية وحوسب بعمله في الإسلام .


    انتهى . وروى في ج 2 ص 47 : يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة
    جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام . يا علي أنت معي في الجنة . انتهى . وروى
    نحوه في مستدرك الوسائل ج 18 ص 181 وص 187 وص 182 وفيه ( من مات لا يعرف
    إمام دهره . . )
    ـ وروى محمد بن سليمان في مناقب أمير المؤمنين ج 1 ص 320 ، وروى نحوه في ج 2
    ص 486 فقال :
    محمد بن منصور عن أبي هشام الرفاعي محمد بن يزيد ، عن عبد الله بن ميمون
    الطهوي ، عن ليث عن مجاهد : عن ابن عمر قال : بينا أنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في نخل
    بالمدينة وهو يطلب علياً إذ انتهى إلى حائط فاطلع فيه فنظر إلى علي وهو يعمل في
    الأرض وقد أغبار فقال له : ما ألوم الناس أن يكنوك بأبي تراب . قال ابن عمر : فلقد
    رأيت علياً تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أرضيك يا
    علي ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي ، تقضي
    ديني وتبرئ ذمتي . من أحبك في حياة مني فقد قضى نحبه ، ومن أحبك في حياة
    منك بعدي فقد ختم الله له بالأمن والإيمان ، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له
    بالأمن والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر . ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة
    جاهلية يهودياً أو نصرانياً ، ويحاسبه الله بما عمل في الإسلام . ثم قال ابن عمر : لقد
    سماه الله في أكثر من ثلاثين آية سماه فيها كلها مؤمناً .
    وقال في هامشه : هذا الحديث ـ أو قريب منه سند ومتناً ـ رواه الحافظ الطبراني
    في الحديث : 100 أو ما حوله من مسند عبد الله بن عمر من كتاب المعجم الكبير :
    ج 3 من المخطوطة الورق 20 / ب .
    ـ ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 121 ، وتوقف في صحته ، قال : رواه
    الطبراني وفيه من لم أعرفه . وقال عن رواية أخرى له : رواه أبو يعلى وفيه زكريا
    الإصبهاني وهو ضعيف . وقال عن رواية ثالثة له في ج 9 ص 111 : رواه الطبراني في



    الكبير والأوسط وفيه حامد بن آدم المروزي وهو كذاب . وقال عن رواية رابعة له :
    رواه الطبراني في الأوسط وفيه أشعث ابن عم الحسن بن صالح وهو ضعيف ولم
    أعرفه . انتهى . وقد رأيت تضعيفه للأحاديث المتقدمة التي صححها الحاكم على
    شرط الشيخين وعلى شرطه !
    ـ ولكن الهندي رواه ووثقه ، قال في كنز العمال ج 11 ص 610 وج 13 ص 159 :
    عن علي قال : طلبني رسول الله صلی الله عليه وسلم فوجدني في جدول نائماً
    فقال : قم ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب ، قال فرآني كأني وجدت في نفسي من
    ذلك : قم والله لأرضينك ! أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل عن سنتي وتبرئ ذمتي ، من
    مات في عهدي فهو كنز الله ، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه ، ومن مات بحبك
    بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت ، ومن مات
    يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الإسلام . ع ، قال البوصيري : رواته
    ثقات . انتهى .
    المفهوم السادس : أن معنى ( مات ميتة جاهلية ) يتفاوت حسب حالة الشخص
    فقد روى في الكافي ج 1 ص 377 . . . . عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي
    عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ؟ قال :
    نعم ، قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه ؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال .
    ونحوه في المحاسن ص 155 ونحوه في الإمامة والتبصرة 82 عن الإمام الباقر عليه‌السلام وفي
    رواية منها ( مات ميتة جاهلية كفر وشرك وضلال ) .
    ـ وروى الصدوق في كمال الدين ج 2 ص 413 : عن سليم بن قيس الهلالي . . . . عن
    رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية . . . . وإن سلمان قال :
    يا رسول الله إنك قلت من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ، من هذا الإمام ؟ قال :
    من أوصيائي يا سلمان ، فمن مات من أمتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة
    جاهلية ، فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدواً فهو


    جاهل وليس بمشرك . انتهى . ونحوه في ص 668 .
    وهذا الحكم النبوي غير عجيب ، وإن بدا شديداً ، لأن الجميع رووا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله من
    أبغض أهل البيت عليهم‌السلام أو نصب لهم العداوة فهو كافر . ولا يتسع المجال لاستعراض
    حكم الناصبي والنواصب في مصادر فقه الطرفين . ولذلك فإن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مات ميتة
    جاهلية ، وقوله في هذا الحديث : فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، منسجم مع آية
    المودة في القربى ، وما رواه الجميع في تفسيرها . أما إذا كان موقف المسلم الجهل
    بأهل البيت عليهم‌السلام بدون موقف عدائي منهم . . فلا يكون ناصبياً . وفي الحديث الذي
    وثقه البوصيري دلالة مهمة على أن محب علي عليه‌السلام يموت على الإسلام ولا يحاسب
    بما عمل في الإسلام ، وأن مبغضه يموت على جاهلية ويحاسب بما عمل في
    الجاهلية وفي الإسلام ! ! فيكون علي عليه السلام ميزاناً لجميع الأمة مع رسول الله
    صلی الله عليه وآله .
    تفسير الشيعة الزيدية للحديث
    ـ مسند زيد بن علي ص 361
    حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي ( ع م ) قال : من مات وليس له
    إمام مات ميتة جاهلية إذا كان الإمام عدلاً براً تقياً .
    ـ الأحكام في الحلال والحرام ج 2 ص 466
    تقريب القول فيما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من مات لا يعرف إمامه مات
    ميتة جاهلية .
    قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : إذا كان في عصر هذا الإنسان إمام قائم
    زكي ، تقي ، علم ، نقي ، فلم يعرفه ولم ينصره وتركه وخذله ومات على ذلك مات
    ميتة جاهلية ، فإذا لم يكن إمام ظاهر معروف باسمه مفهوم بقيامه ، فالإمام الرسول
    والقرآن وأمير المؤمنين ، وممن كان على سيرته وفي صفته من ولده .


    فتجب معرفة ما ذكرنا على جميع الأنام إذا لم يعلم في الأرض في ذلك العصر
    إمام ، ويجب عليهم أن يعلموا أن هذا الأمر في ولد رسول الله صلى الله عليه وعلى
    آله وسلم خاصاً دون غيرهم ، وأنه لا يعدم في كل عصر حجة لله يظهر منهم إمام يأمر
    بالمعروف وينهى عن المنكر ، فإذا علم كلما ذكرنا وكان الأمر عنده على ما شرحنا ثم
    مات فقد نجا من الميتة الجاهلية ومات على الميتة الملية ، ومن جهل ذلك ولم يقل
    به ولم يعتقده فقد خرج من الميتة الملية ومات على الميتة الجاهلية . هذا تفسير
    الحديث ومعناه .
    الفرق بين صيغ الحديث في مصادرنا ومصادر إخواننا
    روت مصادر إخواننا السنة هذا الحديث بشكل واسع وصيغ متعددة ، وفي
    بعضها لفظة : إمام كما في مصادرنا ، وفي أكثر صيغه حلت محلها لفظة : أمير . وقد
    خلت صيغه عندهم تقريباً من مادة معرفة الإمام وحلت محلها بيعة الإمام أو الأمير .
    ونلاحظ وجود عناصر جديدة في رواياتهم ، منها أن يكون ذلك الإمام إمام
    جماعة ، والمقصود به الذي يستطيع أن يسيطر على أكثرية الناس في منطقته ،
    مهما كان أسلوبه في السيطرة ، فهو في مصطلح إخواننا إمام جماعة ، ومن يعارضه
    إمام فرقة .
    ومنها ، حرمة نكث بيعته والخروج عليه .
    ومنها ، أنه لا يشترط فيه أي شروط إلا أن يكون من قبائل قريش ، ويسيطر على
    أكثرية الناس في بلده ، أو أكثرية الأمة . .
    ومنها ، أنه لا يجوز لغير قريش أن تتصدى لحكم المسلمين أو تطمع فيه ، كما أن
    الصراع القبلي بين قبائل قريش على الخلافة حرام . . . . إلى آخر الإضافات التي
    تعكس الخلاف الدموي على الخلافة ومحاولة فرقائه بإسناد مواقفهم بتطوير هذا
    الحديث وغيره ! كما روت مصادر إخواننا تطبيقات الصحابة والتابعين لهذا


    الحديث ، خاصة عبد الله بن عمر ، وأبي سعيد الخدري .
    والسبب في سعة روايته عندهم أن أصل الحديث كان مشهوراً ، وكانت السلطة
    تحتاج إليه ـ بشرط تحريفه ومصادرته ـ ليكون شعاراً لإثبات شرعيتها ثم لتحريم
    الخروج عليها ، ولذلك كثر توظيفه لمصلحة الحاكم حتى لو كان في أول أمره خارجاً
    على الشرعية وتسلط على المسلمين بالقهر والغلبة ، فقد استشهد بهذا الحديث
    معاوية بن أبي سفيان ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 218 : عن معاوية قال :
    قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية . وفي رواية
    من مات وليس من عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . انتهى .
    ولكن مهما كانت الفروقات في صيغ الحديث ، ففيه عنصران ثابتان عند
    الطرفين ، وهما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تحدث عن نظام الحكم من بعده . وأنه تحدث عن
    الإمام ونظام الإمامة ولم يتحدث عن نظام الخلافة .
    وهذه الحقيقة رأس خيط في الإعتقاد بأن الله تعالى قد اختار نوع نظام الحكم
    للأمة بعد نبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله ووضع له آلية ، وأن هذا الحديث إحدى مفردات هذه الآلية التي
    وصلت إلينا باتفاق جميع الأطراف !
    ومن السهل أن نتعقل معنى الحديث أو صيغة الحكم الإسلامي على مذهب أهل
    البيت عليهم‌السلام وأن الله تعالى اختار ذرية نبيه للإمامة من بعده ، وضَمِن بقدرته استمرار
    وجود إمام منهم في كل عصر ، وكلف الأمة بمعرفته وبيعته ، وجعل خاتمهم الإمام
    المهدي الموعود عليه‌السلام الذي يظهر سبحانه على يده دينه على الدين كله ، ويملأ به
    الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، على حد تعبير جده المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    وأما على مذهب إخواننا السنة فمن المشكل أن يتعقل الإنسان أن مشروع الله
    تعالى لخاتم الأديان هو نظام الخلافة الذي بدأ يوم وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في السقيفة ،
    وامتد في تاريخ الأمة صراعات متصلة على الخلافة وأمواجاً من الإنقسامات
    والدماء ، حتى انتهى بسقوط الخلافة العثمانية ، واستسلام الأمة استسلاماً ذليلاً
    لأعدائها الغربيين ! !



    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 9:03 pm

    روايات إخواننا التي وردت فيها لفظة إمام
    ـ روى أحمد في مسنده ج 4 ص 96
    عن عاصم عن أبي صالح ، عن معاوية ، قال قال رسول الله صلی الله عليه وسلم :
    من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية .
    ـ وروى الطيالسي في مسنده ص 1259
    حدثنا أبو داود قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر
    قال : سمعت رسول الله صلی الله عليه وسلم يقول : من مات بغير إمام مات ميتة
    جاهلية ، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له .
    ـ وروى ابن حبان في صحيحه ج 7 ص 49
    عن معاوية ، قال : قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : من مات وليس له مات ميتة
    جاهلية . وقال ابن حبان : قوله صلی الله عليه وسلم : مات ميتة الجاهلية معناه : من مات
    ولم يعتقد أن له إماماً يدعو الناس إلى طاعة الله حتى يكون قوام الإسلام به عند
    الحوادث والنوازل ، مقتنعاً في الإنقياد على من ليس نعته ما وصفنا ، مات ميتة جاهلية .
    ـ وروى الطبراني في معجمه الكبير ج 10 ص 350
    حدثنا الحسن بن جرير الصوري ، ثنا أبو الجماهر ، ثنا خليد بن دعلج ، عن
    قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلی الله عليه
    وسلم : من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، ومن
    مات ليس عليه إمام فميتته جاهلية ، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصبة أو
    ينصر عصبة فقتلته جاهلية .
    ـ وروى الحاكم في المستدرك ج 1 ص 117
    . . من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه .
    وقال : من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية .


    ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 218 ـ 219
    عن معاوية قال : قال رسول الله صلی الله عليه وسلم من مات بغير إمام مات ميتة
    جاهلية . وفي رواية من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . رواه الطبراني
    وإسنادهما ضعيف . انتهى . ولكنه مال الى تصحيحه في ج 5 ص 225
    وعن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : ألا إن الجنة لا تحل
    لعاص ، ومن لقي الله ناكثاً بيعته لقيه وهو أجذم ، ومن خرج من الجماعة قيد شبر
    متعمداً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، ومن مات ليس لإمام جماعة عليه طاعة
    مات ميتة جاهلية . رواه الطبراني وفيه عمرو بن واقد وهو متروك .
    وعن أبي الدرداء قال قام فينا رسول الله صلی الله عليه وسلم فقال : ألا إن الجنة لا
    تحل لعاص ، من لقي الله وهو ناكث بيعته يوم القيامة لقيه وهو أجذم ، ومن خرج من
    الطاعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، ومن أصبح ليس لأمير جماعة عليه
    طاعة بعثه الله يوم القيامة من ميتة جاهلية ، ولو أعذر عبد أسنه الناس يوم القيامة .
    رواه الطبراني وعمر بن رويبة وهو متروك .
    ـ وروى النووي في المجموع ج 19 ص 190
    حديث مسلم الآتي وقال : وأخرجه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر بمعنى
    حديث نافع ، وأخرجه الحاكم عن ابن عمر بلفظ : من خرج من الجماعة فقد خلع
    ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه ، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن ميتته
    ميتة جاهلية . وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ : من خرج من الطاعة وفارق
    الجماعة فميتته جاهلية . انتهى . ورواه البيهقي في سننه ج 8 ص 156
    ـ وروى في كنز العمال ج 1 ص 103 : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية . حم ،
    طب ، عن معاوية .
    ـ وروى في كنز العمال ج 1 ص 207 ـ 208
    من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقه الإسلام من عنقه حتى يراجعه .



    ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية . ك ، عن ابن عمر .
    من فارق المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، ومن مات ليس
    عليه إمام فميتته ميتة الجاهلية ، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصيبة أو ينصر
    عصيبة فقتلته جاهلية . طب .
    من فارق جماعة المسلمين شبراً أخرج من عنقه ربقة الإسلام ، والمخالفين
    بألويتهم يتناولونها يوم القيامة من وراء ظهورهم ، ومن مات من غير إمام جماعة مات
    ميتة جاهلية . ك ، عن ابن عمر .
    ـ وفي كنز العمال أيضاً ج 6 ص 65
    من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا
    حجة له . ط ، حل ، عن ابن عمر .
    رواياتهم التي فيها لفظ طاعة
    ـ روى ابن أبي شيبة في مصنفه ج 15 ص 38
    حدثنا علي بن حفص ، عن شريك ، عن عاصم ، عن عبد الله بن عامر ، عن أبيه
    قال : قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : من مات ولا طاعة عليه مات ميتة جاهلية ،
    ومن خلعها بعد عقده إياها فلا حجة له .
    ـ وروى أحمد في مسنده ج 3 ص 446
    عن عبد الله بن عامر ، يعني ابن ربيعة عن أبيه قال قال رسول الله صلی الله عليه
    وسلم : من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية ، فإن خلعها من بعد عقدها
    في عنقه لقي الله تبارك وتعالى وليست له حجة . وقال قال الحسن : بعد عقده إياها
    في عنقه .
    ـ وروى البخاري في تاريخه ج 6 ص 445 ، أوله ، كما في ابن أبي شيبة .
    ـ ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 223 وقال : رواه أحمد ، وأبو يعلي ،
    والبزار ، والطبراني . وروى نحوه في ج 2 ص 252 . . وغيرهم . . . . وغيرهم .


    رواياتهم التي توجب طاعة الحاكم الجائر
    وهي كثيرة جداً في مصادر إخواننا ، وقد وصل فيها التحذير إلى حد اعتبار الثائر
    على الحاكم الجائر خارجاً عن الإسلام ، باغياً ، واجب القتل ، مهدور الدم ، يموت
    موتة جاهلية وأنه كافر مخلد في النار ، لكنه إذا انتصر صار حاكماً شرعياً واجب
    الطاعة ، وصار الخارج عليه ملعوناً كما كان هو ملعوناً قبل ساعة . . وهكذا تصنع
    السياسة ومخالفة الرسول ! !
    ـ روى مسلم في صحيحه ج 6 ص 21
    عن أبي هريرة عن النبي صلی الله عليه وسلم أنه قال : من خرج من الطاعة وفارق
    الجماعة فمات مات ميتة جاهلية .
    ـ وروى مسلم في ج 6 ص 22
    عن الحسن بن الربيع ، عن حماد قال : من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر
    عليه ، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة
    جاهلية . . . . انتهى . وروى نحوه ابن ماجة ج 2 ص 1302
    ـ وروى الحاكم في المستدرك ج 1 ص 118
    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من فارق الجماعة فمات ، مات موتة
    جاهلية . انتهى . وروى نحوه أحمد في مسنده ج 2 ص 93 وص 123 وص 154 وص 296
    وص 306 وص 488 وج 3 ص 445 و 446
    ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 218
    وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيليكم بعدي ولاة ،
    فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم . انتهى . والنسائي ج 7 ص 123
    والدارمي ج 2 ص 241 والبيهقي في سننه ج 8 ص 157 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 1
    ص 324 وج 6 ص 286 وكنز العمال ج 3 ص 509 وج 6 ص 52 وابن حزم في المحلى ج 9
    ص 359 . . وغيرهم . . وغيرهم . .



    مدرسة البخاري في تفسير هذا الحديث
    لعل أكثر هذا الروايات صراحة في التأكيد على حرمة الخروج على الحاكم ، تلك
    التي تحذر المسلمين من موتة الجاهلية إذا هم لم يطيعوه ويتحملوا منه مهما كانت
    أعماله مكروهة ، وقد اقتصر البخاري في صحيحه على هذه الروايات فلم يرو شيئاً
    في التحذير من ميتة الجاهلية غيرها ! ولأن إطاعة الحاكم عنده ولو كان جائراً هي
    الضمان الوحيد لعدم رجوع المسلم إلى الجاهلية ، قال في صحيحه ج 8 ص 87 :
    . . . . عن أبي رجاء عن ابن عباس عن النبي صلی الله وسلم قال : من كره من أميره
    شيئاً فليصبر ، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية . ورواه أيضاً في
    نفس الصفحة بعدة روايات . ورواه أيضاً في ج 8 ص 105 ورواه مسلم في صحيحه ج 6
    ص 21 والبيهقي في سننه ج 8 ص 156 ـ 157 وج 10 ص 234 وأحمد في مسنده ج 1 ص
    297 وص 310 ونحوه في ج 2 ص 70 وص 93 وص 123 وص 445 وفي ج 3 ص 446
    ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 219 اعلاناً من الله ورسوله ببراءة ذمة
    المسلمين عند الله تعالى في طاعتهم لحكام الجور ، قال :
    عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلی الله عليه وسلم قال : أطيعوا
    أمراءكم مهما كان ، فإن أمروكم بشئ مما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون
    بطاعتهم ، وأن أمروكم بشئ مما لم آتكم به فإنه عليهم وأنتم منه براء ، ذلكم بأنكم
    إذا لقيتم الله قلتم ربنا لا ظلم فيقول لا ظلم ، فتقولون ربنا أرسلت إلينا رسلاً فأطعناهم
    بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك ، وأمرت علينا أمراء فأطعناهم
    بإذنك ، فيقول صدقهم هو عليهم وأنتم منه براء . رواه الطبراني وفيه إسحق بن
    إبراهيم بن زبريق وثقه أبو حاتم وضعفه النسائي ، وبقية رجاله ثقات . انتهى .
    والفرية الكبرى في هذا الحديث أن الحاكم الجائر قد استخلفه الله تعالى على
    عباده وأمرهم بطاعته مهما عصى الله تعالى ( واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم
    بإذنك ) بل ادعى واضع الحديث أن ذلك يشمل عمال الحاكم وموظفيه أيضاً


    ( وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك ) !
    ومن العجيب أن مخالفي أهل البيت عليهم‌السلام يستكثرون أن يكون الله عز وجل اختار
    لهذه الأمة اثني عشر إماماً بعد نبيها من ذريته ، وقد صحت رواياته عند الطرفين ، ولا
    يستكثرون ما في مصادرهم وعقائدهم من الإفتراء على الله تعالى بأنه اختار كل
    الحكام والطغاة والمفسدين في الأرض بل والكفار المستعمرين أئمة وحكاماً وأمر
    المسلمين بطاعتهم ! !
    عبد الله بن عمر يطبق تفسير إخواننا للحديث
    من أبرز من روي عنه حديث الميتة الجاهلية عبد الله بن عمر ، وقد اقترنت روايته
    بقصة عبد الله مع الحديث وتطبيقاته له في حياته التي امتدت إلى زمن الحجاج
    الثقفي وخلافة عبد الملك بن مروان ، وقد ذكرت مصادر الحديث والتاريخ والفقه أن
    عبد الله بن عمر كان يعارض كل تحرك ضد الحاكم مهما فسق وطغى بحجة هذا
    الحديث ، لأن المهم برأيه أن يكون في عنق المسلم بيعة لأحد ، أي أحد ، وأن لا
    ينام على فراشه ليلة إلا والبيعة في عنقه ، حتى لا يموت موتة جاهلية ! !
    ـ روى مسلم صحيحه ج 6 ص 22
    عن زيد بن محمد عن نافع قال : جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين
    كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال : إطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة ،
    فقال : إني لم آتك لأجلس ، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلی الله عليه
    وسلم يقوله ، سمعت رسول الله صلی الله عليه وسلم يقول : من خلع يداً من طاعة
    لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية .
    ـ وروى ابن سعد في الطبقات ج 5 ص 144
    عن أمية بن محمد بن عبد الله بن مطيع ، أن عبد الله بن مطيع أراد أن يفر من
    المدينة ليالي فتنة يزيد بن معاوية ، فسمع بذلك عبد الله بن عمر فخرج إليه حتى



    جاءه قال : أين تريد يا بن عم ؟ فقال : لا أعطيهم طاعة أبداً ، فقال : يا بن عم ، لا تفعل
    فإني أشهد أني سمعت رسول الله صلی الله عليه وسلم يقول : من مات ولا بيعة عليه
    مات ميتة جاهلية . انتهى . وروى نحوه أحمد في مسنده ج 3 ص 1478 ـ 1479 : عن
    عبد الله بن عمر . وروى نحوه الحاكم في المستدرك ج 1 ص 77 وقال : هذا حديث
    صحيح على شرط الشيخين . وقد حدث به الحجاج بن محمد أيضاً عن الليث ولم
    يخرجاه . ورواه الطبراني الأوسط ج 1 ص 175 ـ كما في ابن سعد . . ورواه غيرهم . .
    وعبد الله بن مطيع الذي ذهب إليه عبد الله بن عمر لينصحه بالتسليم هو الذي
    اختاره أهل المدينة أميراً عليهم عندما ثاروا على ظلم بني أمية وطردوهم من
    المدينة ، فأرسل يزيد جيشاً من الشام لغزو مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وجرت بين أهلها
    بقيادة ابن مطيع وبين جيش يزيد معركة الحرة المشهورة التي استشهد فيها مئات
    ممن بقي من الأنصار والمهاجرين ، واستباح على أثرها جيش يزيد المدينة ، وعاث
    فيها فساداً وتعدياً على الحرمات والأعراض ، وأخذوا البيعة من أهلها وختموهم في
    أعناقهم على أنهم عبيد أقنان ليزيد !
    قال الذهبي في تاريخ الإسلام ج 6 ص 314 : وعن إسحاق بن يزيد قال : رأيت أنساً رضي‌الله‌عنه
    مختوماً في عنقه ، ختمه الحجاج ، أراد أن يذله بذلك . . . . وقال عمر بن عبد العزيز :
    لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم . . . . وقال عاصم بن أبي النجود ما بقيت
    لله حرمة إلا وقد انتهكها الحجاج ! انتهى .
    ولا بد أن يكون هذا الختم في زمن الحجاج ختماً آخر ختمه بنو أمية في أعناق
    أهل المدينة ! !
    ـ وقال الذهبي في ج 5 ص 274
    جمع ابن عمر بنيه وأهله ، وقال : أما بعد فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله
    ورسوله وإني سمعت رسول الله صلی الله عليه وسلم يقول : إن الغادر ينصب له لواء
    يوم القيامه يقال هذه غدرة فلان . . . . فلا يخلعن منكم أحد يزيد .


    ـ وقال الشاطبي في الإعتصام 2 ص 128 ـ 29
    عن نافع قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع بن عمر حشده وولده
    وقال : إني سمعت رسول الله يقول : لينصب لكل غادر لواء يوم القيامة . وإنا قد بايعنا
    هذا الرجل وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا تابع في هذا الأمر ، إلا كانت الفيصل
    بيني وبينه .
    قال ابن العربي : وقد قال ابن الخياط إن بيعة عبد الله ليزيد كانت كرهاً ، وأين يزيد
    من ابن عمر ؟ ولكن رأى بدينه وعلمه التسليم لأمر الله والفرار عن التعرض لفتنة فيها
    من ذهاب الأموال والأنفس ما لا يخفى .
    ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 6 ص 22
    . . . ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . . . . في هذا دليل على
    مذهب عبد الله بن عمر كمذهب الأكثرين في منع القيام على الإمام وخلعه إذا
    حدث فسقه .
    ـ وقال الشاطبي في الإعتصام ج 2 ص 128
    قيل ليحيى بن يحيى : البيعة مكروهة ؟ قال لا ، قيل له : فإن كانوا أئمة جور ؟
    فقال : قد بايع ابن عمر لعبد الملك بن مروان ، وبالسيف أخذ الملك !
    ـ وقال ابن حزم في المحلى ج 1 ص 45 ـ 46
    مسألة . . . . ومن بات ليلة وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . . . . عن عبد الله
    بن عمر قال قال رسول الله صلی الله عليه وسلم : من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم
    القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية .
    ـ وقال ابن باز في فتاويه ج 4 ص 303
    في صحيح البخاري : أن عبد الله بن عمر كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف
    الثقفي وكذا أنس بن مالك وكان الحجاج فاسقاً ظالماً . انتهى .


    ـ ولكن النووي ادعى أن بيعة ابن عمر لعبد الملك كانت أيضاً خوفاً وتقية من بني أمية ، قال
    في شرح مسلم 8 جزء 16 ص 98 :
    . . . قوله رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة فجعلت قريش تمر عليه
    والناس حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه فقال : السلام عليك أبا حبيب . فيه
    استحباب السلام على الميت في قبره وغيره وتكرير السلام ثلاثاً . وفيه منقبة لابن
    عمر لقوله الحق في الملأ وعدم اكتراثه بالحجاج ، لأنه يعلم أنه يبلغه مقامه عليه
    وقوله وثناؤه عليه ، فلم يمنعه ذلك أن يقول الحق ويشهد لابن الزبير بما يعلمه فيه
    من الخير وبطلان ما أشاع عنه الحجاج من قوله إنه عدو الله وظالم . . ومذهب أهل
    الحق أن ابن الزبير كان مظلوماً وأن الحجاج ورفقته كانوا خوارج عليه .
    وامتنع عبد الله بن عمر عن بيعة عليٍّ ، ثم ندم
    ـ قال المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 361
    وقعد عن بيعة علي جماعة عثمانية لم يروا إلا الخروج عن الأمر ، منهم سعد بن
    أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، وبايع ( عبد الله بن عمر ) يزيد بعد ذلك ، والحجاج
    لعبد الملك بن مروان .
    ـ وقال ابن الأثير في أسد الغابة ج 2 ص 229 ـ 228
    ولم يقاتل في شئ من الفتن ولم يشهد مع علي شيئاً من حروبه حين أشكلت
    عليه ، ثم كان بعد ذلك يندم على ترك القتال معه . أخبرنا القاضي أبو غانم محمد بن
    هبة الله ابن محمد بن أبي جرادة . . . . حدثنا عبد الله بن حبيب أخبرني أبي قال قال
    ابن عمر حين حضره الموت : ما أجد في نفسي من الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة
    الباغية ، أخرجه أبو عمر ، وزاد فيه مع علي .
    ـ وقال ابن عبد البر في الإستيعاب ج 1 ص ـ 77
    وصح عن عبد الله بن عمر من وجوه أنه قال : ما آسى على شئ كما آسى أني لم


    أقاتل الفئه الباغية مع علي رضي‌الله‌عنه . ونحوه في ج 3 ص 953
    ورووا أن ندمه على عدم إطاعة علي كان شديداً إلى حد أنه كاد أن يثور في وجه
    معاوية . فقد روى البخاري في صحيحه ج 3 جزء 5 ص 48 : قال خطب معاوية فقال : من
    كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه ، فلنحن أحق به منه ومن أبيه ! قال
    حبيب بن مسلمة : فهلا أجبته ؟ قال عبد الله : هممت أن أقول : أحق بهذا الأمر منك
    من قاتلك وأباك على الإسلام ، فخشيت أقول كلمة تفرق بين الجمع ! وجاء في تاريخ
    الإسلام للذهبي ج 3 ص 553 وج 5 ص 463 : قال ابن عمر : فحللت حبوتي وهممت أن
    أقول : أحق به من قاتلك وأباك على الإسلام !
    ثم كانت علاقاته حسنة مع بني أمية ومع الثائرين عليهم
    ـ روى البخاري في الأدب المفرد ص 299
    عن عبد الله بن دينار أن عبد الله ابن عمر كتب إلى عبد الملك ابن مروان يبايعه
    فكتب إليه . . فإني أحمد إليك الله الذي لا إلۤه إلا هو ، وأقر لك بالسمع والطاعة .
    ـ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ج 8 ص 195
    عن عمير بن هاني قال : وجهني عبد الملك بكتاب إلى الحجاج وهو محاصر ابن
    الزبير ، وقد نصب المنجنيق يرمي على البيت ، فرأيت ابن عمر إذا أقيمت الصلاة
    صلى مع الحجاج ، وإذا حضر ابن الزبير المسجد صلى معه .
    ـ وقال ابن أبي شيبة في المصنف ج 4 ص 340
    عن مغيرة عن رجل أنه رأى ابن عمر صلى خلف ابن الزبير بمنى ركعتين ، قال :
    ورأيته صلى خلف الحجاج أربعاً !
    ـ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ج 5 ص 60
    وكان المختار محسناً إلى ابن عمر يبعث إليه بالجوائز والعطايا لأنه كان زوج أخت
    المختار . . وكان ( المختار ) غلاماً يعرف بالإنقطاع إلى بني هاشم ثم خرج في آخر



    خلافة معاوية إلى البصرة فأقام بها يظهر ذكر الحسين ، فأخبر بذلك عبيد الله بن زياد
    فأخذه وجلده مائة وبعث به إلى الطائف . . . . ثم أن عبد الله بن عمر كتب فيه إلى
    يزيد لما بكت صفية أخت المختار على زوجها ابن عمر . . . . فكتب يزيد إلى عبيد
    الله فأخرجه . . . . فأتى الحجاز واجتمع بابن الزبير فحضه على أن يبايع الناس .
    ـ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ج 5 ص 462 : إن المختار بن أبي عبيدة كان يرسل إلى
    ابن عمر المال فيقبله .
    وروت مصادر الشيعة احتياطاً غريباً له في تطبيق الحديث
    ـ قال الطبري الشيعي في كتابه المسترشد ص 16
    عبد الله بن عمر الذي قعد عن بيعة علي عليه‌السلام ثم مضى إلى الحجاج فطرقه ليلاً
    فقال : هات يدك لأبايعك لأمير المؤمنين عبد الملك فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله
    يقول : من مات وليس عليه إمام فميتته جاهلية ، حتى أنكرها عليه الحجاج مع
    كفره وعتوه .
    وروى ذلك المحدث القمي في الكنى والألقاب ، وفيه : فأخرج الحجاج رجله
    وقال : خذ رجلي فإن يدي مشغولة ، فقال ابن عمر : أتستهزئ مني ؟ ! قال الحجاج :
    يا أحمق بني عدي ما بايعت علياً وتقول اليوم : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات
    ميتة جاهلية ! أو ما كان عليٌّ إمام زمانك ؟ ! والله ما جئت إليَّ لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بل
    جئت مخافة تلك الشجرة التي صلب عليها ابن الزبير . انتهى .
    ولم يزد أحد على ابن عمر في تطبيق الحديث إلا أبو سعيد الخدري
    ـ مجمع الزوائد ج 5 ص 219
    وعن بشر بن حرب أن ابن عمر أتى أبا سعيد فقال : يا أبا سعيد ألم أخبر أنك
    بايعت أميرين قبل أن تجتمع الناس على أمير واحد ؟ قال نعم بايعت ابن الزبير ،


    فجاء أهل الشام فساقوني إلى حبيش بن دلجة فبايعته ! فقال ابن عمر : إياها
    كنت أخاف . ؟ !
    قال أبو سعيد : يا أبا عبد الرحمن ألم تسمع أن رسول الله صلی الله عليه وسلم
    قال : من استطاع أن لا ينام يوماً ولا يصبح صباحاً ولا يمسی مساء إلا وعليه أمير ؟
    قال نعم ، ولكني أكره أن أبايع أميرين من قبل أن يجتمع الناس على أمير واحد .
    انتهى . وقال الهيثمي : رواه أحمد ، وبشر بن حرب ضعيف .
    تحير إخواننا السنة في هذا الحديث قديماً وحديثاً
    لا مشكلة عندنا نحن الشيعة بسبب هذا الحديث بل هو منسجم مع مذهبنا ، وهو
    من أدلتنا على نظام الإمامة في الإسلام وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد بلغه إلى الأمة ، وقد ثبت
    عندنا بأدلة قاطعة أن الله تعالى جعل إمامة هذه الأمة في ذرية نبيها ، وكفاها مؤونة
    اختيار الحاكم وأخطار الصراع على الحكم ، لو أنها أطاعت . أما إذا أعرضت الأمة
    عنهم ومشت خلف آخرين فالمشكلة مشكلتها ، ولا يتغير من أمر الله تعالى شئ ، ولا
    تبطل إمامة الأئمة الذين اختارهم الله تعالى .
    أما طريق معرفة الإمام فهي النص عليه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو من الإمام السابق ، كما أنه
    يعرف بما يجريه الله تعالى على يده من المعجزات والدلالات لإثبات إمامته ،
    وسيأتي ذلك في بحث الإمامة إن شاء الله تعالى .
    ولكن هذا الحديث ، سبب مشكلة لا تنحل عند إخواننا السنة ، مهما تكن صيغه
    التي رووه بها ، لأنه يوجب عليهم معرفة الإمام في كل عصر أو بيعته ، وإلا فإنهم
    يموتون موتة جاهلية على غير الإسلام !
    فلا مخرج للسني من الموتة الجاهلية ، إلا بأحد أمور أربعة : بأن يصير شيعياً ، أو
    يبايع إماماً قرشياً جامع الشروط ، أو يلتزم بأن الإمام الشرعي في الإسلام كل من
    تسلط على المسلمين ولو بالحديد والنار ، فتجب بيعته وطاعته مهما عصى الله



    تعالى ، أو يكون على مذهب حركة التكفير والهجرة ! ومن لم يفعل ذلك ومات ،
    فموتته جاهلية ! !
    ـ قال الشهيد الثاني في رسائله ج 2 ص 150
    واعلم أن من مشاهير الأحاديث بين العامة والخاصة وقد أوردها العامة في كتب
    أصولهم وفروعهم أن : من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية ، فنحن
    والحمد لله نعرف إمام زماننا في كل وقت ، ولم يمت أحد من الإمامية ميتة جاهلية ،
    بخلاف غيرنا من أهل الخلاف فإنهم لو سئلوا عن إمام زمانهم لسكتوا ولم يجدوا إلى
    الجواب سبيلاً ، وتشتت كلمتهم في ذلك ، فقائل بأن إمامهم القرآن العزيز ، وهؤلاء
    يحتج عليهم بأن القرآن العزيز قد نطق بأن الإمام والمطاع غيره ، حيث قال الله تعالى :
    أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ .
    على أنه لو سلم لهم ذلك لزمهم اجتماع إمامين في زمان واحد ، وهو باطل
    بالإجماع منا ومنهم ، كما صرحوا به في كتب أصولهم ، وذلك لأن القرآن العزيز منذ
    رحلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الدنيا ، وقد حكموا بإمامة الأربعة الخلفاء في وقت وجود القرآن
    العزيز ، فيلزم ما ذكرناه .
    وقائل إن الأمويين والعباسيين كانوا أئمة بعد الخلفاء الأربعة الماضين ، ثم
    استشكل هذا القائل الأمر بعد هؤلاء المذكورين ، فهو أيضاً ممن لا يعرف إمام زمانه .
    فإن قالوا : إن الآية الكريمة دلت على أن كل ذي أمر تجب طاعته ، وأولوا الأمر
    من الملوك موجودون في كل زمان ، فيكون الإمام أو من يقوم مقامه متحققاً .
    قلنا لهم ، أولاً : إنكم أجمعتم على عدم جواز تعدد الإمام في عصر واحد ، فمن
    يكون منهم إماماً ؟ ولا يمكنهم الجواب باختيار واحد لأنا نجد الأمة مختلفة
    باختلافهم ، فإن أهل كل مملكة يطيعون مليكهم مع اختلاف أولئك الملوك ، فيلزم
    اجتماع الأمة على الخطأ ، وهو عدم نصب إمام مطاع في الكل وهو باطل ، لأن الأمة


    معصومة بالإجماع منهم ، ومنا بدخول المعصوم عندنا .
    ولا يرد مثل ذلك علينا ، لأن الإمامة عندنا بنص الله تعالى ورسوله ، وقد وقعا ، لا
    بنصب ( أهل ) الشريعة ، والإمام عندنا موجود في كل زمان ، وإنما غاب عنا خوفاً أو
    لحكمة مخفية ، وبركاته وآثاره لم تنقطع عن شيعته في وقت من الأوقات وإن لم
    يشاهده أكثرهم ، فإن الغرض من الإمامة الأول لا الثاني .
    وثانياً ، بأن ما ذكرتم من الملوك ظلمة جائرون لا يقومون بصلاح الشريعة في
    الدنيا فضلاً عن الدين ، وقد قال تعالى عز من قائل : لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ، أي لا
    تنال الظالمين ولايتي ، والإمامة من أعظم الولايات . انتهى .
    معرفة الإمام هي الحكمة
    ـ الكافي ج 1 ص 182
    علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي
    بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا
    كَثِيرًا ، فقال : طاعة الله ومعرفة الإمام .
    ـ الكافي ج 2 ص 284
    يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول :
    ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً . قال : معرفة الإمام ، واجتناب الكبائر التي
    أوجب الله عليها النار . انتهى . ورواه في مستدرك الوسائل ج 11 ص 354
    لا يمكن للناس معرفة الإمام المعصوم ليختاروه
    ـ الكافي ج 1 ص 201
    ( عن الإمام الرضا عليه‌السلام من حديث طويل ) : الإمام واحد دهره ، لا يدانيه أحد ،
    ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ، ولا له مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل كله من



    غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب . فمن ذا الذي يبلغ
    معرفة الإمام أو يمكنه اختياره ، هيهات هيهات ضلت العقول وتاهت الحلوم ،
    وحارت الألباب وخسئت العيون ، وتصاغرت العظماء ، وتحيرت الحكماء ،
    وتقاصرت الحلماء ، وحصرت الخطباء ، وجهلت الألباء ، وكلت الشعراء ، وعجزت
    الأدباء ، وعييت البلغاء ، عن وصف شأن من شأنه ، أو فضيلة من فضائله ، وأقرت
    بالعجز والتقصير .
    وكيف يوصف بكله ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شئ من أمره ، أو يوجد من يقوم
    مقامه ويغني غناه ، لا كيف وأني ؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين ووصف
    الواصفين ، فأين الإختيار من هذا ؟ وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟ !
    أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كذبتهم والله أنفسهم . . . .
    معنى : إعرف الإمام ثم اعمل ما شئت
    ـ وسائل الشيعة ج 1 ص 88
    محمد بن علي بن الحسين ، في معاني الأخبار عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ،
    عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن فضيل بن
    عثمان ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عما روى عن أبيه : إذا عرفت فاعمل ما شئت ،
    وأنهم يستحلون بعد ذلك كل محرم ، فقال : ما لهم لعنهم الله ؟ إنما قال أبي عليه‌السلام : إذا
    عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك .
    ـ دعائم الإسلام ج 1 ص 52
    وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام أن رجلاً من أصحابه ذكر له عن بعض من
    مرق من شيعته واستحل المحارم ممن كان يعد من شيعته ، وقال : إنهم يقولون الدين
    المعرفة ، فإذا عرفت الإمام فاعمل ما شئت ، فقال أبو عبد الله جعفر بن محمد : إنا لله
    وإنا إليه راجعون ، تأمَّل الكفرة ما لا يعلمون ، وإنما قيل إعرف الإمام واعمل ما شئت


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3294
    نقاط : 4981
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    العقائد الاسلاميه ج1 Empty
    مُساهمةموضوع: رد: العقائد الاسلاميه ج1   العقائد الاسلاميه ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 18, 2024 9:05 pm

    من الطاعة فإنها مقبولة منك ، لأنه لا يقبل الله عز وجل عملاً بغير معرفة . ولو أن
    الرجل عمل أعمال البر كلها وصام دهره وقام ليله ، وأنفق ماله في سبيل الله ، وعمل
    بجميع طاعات الله عمره كله ، ولم يعرف نبيه الذي جاء بتلك الفرائض ثم معرفة
    وصيه والأئمة من بعده .
    ـ مستدرك الوسائل ج 1 ص 174
    وعنه عليه‌السلام أن رجلاً من أصحابه ذكر له عن بعض من مرق من شيعته واستحل المحارم
    وأنهم يقولون إنما الدين المعرفة فإذا عرفت الإمام فاعمل ما شئت ! فقال أبو عبد الله عليه‌السلام :
    إنا لله وإنا إليه راجعون ، تأول الكفرة ما لا يعلمون ، وإنما قيل إعرف واعمل ما شئت من
    الطاعة فإنه مقبول منك ، لأنه لا يقبل الله عملاً من عامل بغير معرفة . لو أن رجلاً عمل
    أعمال البر كلها وصام دهره وقام ليله وأنفق ماله في سبيل الله وعمل بجميع طاعة الله
    عمره كله ولم يعرف نبيه الذي جاء بتلك الفرائض فيؤمن به ويصدقه ، وإمام عصره الذي
    افترض الله طاعته فيطيعه ، لم ينفعه الله بشيء من عمله ، قال الله عز وجل في مثل هؤلاء :
    وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا .
    بعلي عرف المؤمنون بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله
    ـ أمالي المفيد ص 213
    حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال : حدثني أبي قال : حدثني محمد
    بن يحيى العطار قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن
    هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، عن
    آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي أنت مني وأنا منك : وليك وليي
    ووليي ولي الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله .
    يا علي أنا حرب لمن حاربك ، وسلم لمن سالمك .
    يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها .


    يا علي أنت قسيم الجنة والنار ، لا يدخل الجنة إلا من عرفك وعرفته ، ولا يدخل
    النار إلا من أنكرك وأنكرته .
    يا علي أنت والأئمة من ولدك على الأعراف يوم القيامة تعرف المجرمين
    بسيماهم ، والمؤمنين بعلاماتهم .
    يا علي لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي . انتهى . وقد تقدم أن المؤمنين
    والمنافقين كانوا يُعْرَفون حتى في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بموقفهم النفسي من علي عليه‌السلام .
    معرفة الآخرة والمعاد والحساب
    ـ رسائل الشهيد الثاني ص 145
    الأصل الخامس ، المعاد الجسماني . اتفق المسلمون قاطبة على إثباته ، وذهب
    الفلاسفة إلى نفيه وقالوا بالروحاني . والمراد من الأول إعادة البدن بعد فنائه ما كان
    عليه قبله . . . . لنفع دائم أو ضرر دائم ، أو منقطع يتعلقان به ، وذهب جمع من
    الأشاعرة إلى أن المراد منه هو إعادة مثل البدن لا هو نفسه ، وهو ضعيف لما سيأتي .
    واعلم أن العقل لا يستقل بإثبات المعاد البدني كاستقلاله بإثبات الصانع تعالى
    ووحدته ، بل إنما ثبت على وجه يقطع العقل بوقوعه بمعونة السمع .
    ـ كشف الغطاء ص 5
    والمقدار الواجب بعد معرفة أصل المعاد ، معرفة الحساب وترتب الثواب
    والعقاب . ولا يجب المعرفة على التحقيق التي لا يصلها إلا صاحب النظر الدقيق
    كالعلم بأن الأبدان هل تعود بذواتها أو إنما يعود ما يماثلها بهيئاتها ، وإن الأرواح هل
    تعدم كالأجساد أو تبقى مستمرة حتى تتصل بالأبدان عند المعاد ، وأن المعاد هل
    يختص بالإنسان أو يجري على كافة ضروب الحيوان ، وأن عودها بحكم الله دفعي
    أو تدريجي .
    وحيث لزمه معرفة الجنان وتصور النيران ، لا يلزم معرفة وجودهما الآن ولا العلم


    بأنهما في السماء أو في الأرض أو يختلفان .
    وكذا حيث يجب معرفة الميزان ، لا يجب عليه معرفة أنها ميزان معنوية أو لها
    كفتان ، ولا يلزم معرفة أن الصراط جسم دقيق أو هو عبارة عن الإستقامة المعنوية
    على خلاف التحقيق .
    والغرض أنه لا يشترط في تحقق الإسلام معرفة أنهما من الأجسام وإن كانت
    الجسمية هي الأوفق بالإعتبار ، وربما وجب القول بها عملاً بظاهر الأخبار .
    ولا تجب معرفة أن الأعمال هل تعود إلى الأجرام وهل ترجع بعد المعنوية
    إلى صور الأجسام ، ولا يلزم معرفة عدد الجنان والنيران وإدراك كنه حقيقة
    الحور والولدان .
    وحيث لزم العلم بشفاعة خاتم الأنبياء لا يلزم معرفة مقدار تأثيرها في حق
    الأشقياء .
    وحيث يلزم معرفة الحوض لا يجب عليه توصيفه ولا تحديده وتعريفه ، ولا يلزم
    معرفة ضروب العذاب وكيفية ما يلقاه العصاة من أنواع النكال والعقاب . انتهى .
    ونكتفي هنا بهذه السطور عن معرفة الآخرة والمعاد ، وستأتي مسائله في محالها إن
    شاء الله تعالى .
    تم المجلد الأول من كتاب العقائد الإسلامية
    ويليه المجلد الثاني إن شاء الله تعالى ، وأوله بحث الرؤية .
     







    فهرس أهم المصادر
    1 ـ القرآن الكريم
    2 ـ نهج البلاغة ـ كلام الإمام علي عليه‌السلام ـ شرح الشيخ محمد عبده ـ دار المعرفة ـ بيروت
    3 ـ الصحيفة السجادية ـ أدعية الإمام زين العابدين عليه‌السلام ـ مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ قم
    حرف الألف
    4 ـ أبو هريرة ـ السيد شرف الدين ـ توفي 1377 ـ طبعة أنصاريان ـ قم
    5 ـ شيخ المضيرة أبو هريرة الدوسي ـ الشيخ محمود أبو رية ـ دار المعارف بمصر ـ الطبعة الثالثة
    6 ـ الإتقان في علوم القرآن ـ السيوطي ـ توفي 911 ـ طبعة مصر ـ تحقيق أبو الفضل إبراهيم
    7 ـ إثبات الهداة ـ الحر العاملي ـ توفي 1062 ـ طبعة قم
    8 ـ الأحاديث القدسية من الصحاح ـ المجلس الأعلى المصري ـ القاهرة 1389 ـ ليس فيه
    اسم مؤلف
    9 ـ الإحتجاج ـ الشيخ الطبرسي ـ توفي 548 ـ طبعة النجف الأشرف ـ العراق
    10 ـ الأحكام في الحلال والحرام ـ الإمام يحيى بن الحسين بن قاسم ـ توفي 298 ـ الناشر
    غمضان ـ صنعاء 1400
    11 ـ أخبار مكة ـ محمد بن عبد الله الأزرقي ـ توفي 223 ـ قم ـ مصورة عن طبعة دار الأندلس ـ لبنان
    12 ـ الإختصاص للشيخ المفيد ـ توفي 413 ـ جماعة المدرسين بقم ـ 1406
    13 ـ اختلاف الحديث ـ الإمام الشافعي ـ توفي 204 ـ دار الفكر ـ بيروت
    14 ـ اختيار معرفة الرجال ـ رجال الكشي ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ تحقيق السيد مهدي
    الرجائي ـ مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ 1404


    15 ـ الأدب المفرد ـ البخاري ـ توفي 256 ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ تحقيق الشيخ خالد بن
    عبد الرحمن ـ الطبعة الأولى 1416
    16 ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري وبهامشه صحيح مسلم بشرح النووي ـ شهاب الدين
    أحمد بن محمد القسطلاني ـ توفي 923 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت
    17 ـ الإرشاد ـ الشيخ المفيد ـ توفي 413 ـ المنشورات العلمية الإسلامية ـ طهران
    18 ـ الإستبصار ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران
    19 ـ الإستيعاب لابن عبد البر ـ توفي 463 ـ دار الجيل ـ بيروت ـ تحقيق علي محمد البجاوي ـ
    الطبعة الأولى 1412
    20 ـ الأسماء والصفات ـ البيهقي ـ توفي 458 ـ تحقيق محمد زاهد الكوثري ـ دار إحياء التراث
    العربي ـ مصور عن الطبعة المصرية
    21 ـ أسد الغابة ـ ابن الأثير ـ توفي سنة 630 ـ تحقيق : محمد البنا ومحمد عاشور ومحمد
    فايد ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت
    22 ـ الإعتصام ـ الشاطبي ـ دار المعرفة ـ بيروت
    23 ـ الإعتقادات ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ تحقيق غلام رضا المازندراني ـ المطبعة
    العلمية ـ قم 1412
    24 ـ أعلام الدين في صفات المؤمنين ـ الحسن الديلمي ـ القرن الثامن ـ الطبعة الأولى 1408 ـ
    مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ـ قم
    25 ـ إعلام الورى ـ الشيخ الطبرسي ـ توفي 548 ـ دار الكتب الإسلامية ـ تهران ـ قدم له السيد
    محمد مهدي الخرسان ـ الطبعة الثالثة
    26 ـ الأصول الستة عشر ـ عدة مؤلفين من رواة الشيعة القدماء ـ دار البشرى ـ قم
    27 ـ أضواء على السنة المحمدية ـ محمود أبو رية ـ توفي 1392 ـ طبعة مصر
    28 ـ الإقتصاد ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ تحقيق الشيخ حسن سعيد ـ الناشر مكتبة جامع
    چهلستون ـ 1400 ـ مطبعة الخيام ـ قم
    29 ـ إكمال الكمال ـ ابن ماكولا ـ توفي 475 ـ دار الكتاب الإسلامي ـ القاهرة

    30 ـ أمالي المفيد ـ الشيخ المفيد قدس‌سره ـ توفي 413 ـ تحقيق الحسين استاد ولي ـ علي أكبر غفاري ـ
    نشر جماعة المدرسين ـ قم 1403
    31 ـ أمالي المرتضى ـ توفي 436 ـ تحقيق السيد محمد بدر الدين النعساني الحلبي ـ الناشر
    مكتبة المرعشي النجفي ـ قم 1403
    32 ـ الإمامة والتبصرة ـ ابن بابويه القمي ـ توفي 329 ـ تحقيق مدرسة الإمام المهدي ـ الطبعة
    الأولى ـ 1404
    33 ـ كتاب الأم ـ الإمام الشافعي ـ توفي 204 ـ دار الفكر ـ بيروت
    34 ـ أمان الامة ـ آية الله الصافي ـ معاصر ـ طبعة قم
    35 ـ الإنتصار ـ الشريف المرتضى ـ توفي 436 ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف
    36 ـ الأنساب ـ عبد الكريم السمعاني ـ توفي 562 ـ دار الجنان ـ بيروت
    37 ـ الإيضاح ـ الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري ـ توفي 260 ـ جماعة طهران ـ تحقيق الأرموي
    38 ـ الإيمان ـ ابن تيمية ـ توفي 728 ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ الطبعة الثانية 1392
    حرف الباء
    39 ـ بحار الأنوار ـ العلامة المجلسي ـ توفي 1111 ـ مؤسسة الوفاء ـ بيروت
    40 ـ البداية والنهاية ـ ابن كثير الدمشقي ـ توفي 774 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    41 ـ بدائع الفوائد ـ ابن قيم الجوزية ـ توفي 751 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت
    42 ـ البرهان في علوم القرآن ـ الزركشي ـ توفي 974 ـ طبعة بيروت
    43 ـ بصائر الدرجات ـ الحسن الصفار القمي ـ توفي 290 ـ شركة طباعة الكتاب ـ قم
    44 ـ البعث والنشور للبيهقي ـ توفي 458 ـ مركز الخدمات والأبحاث الثقافية ـ بيروت ـ تحقيق
    الشيخ عامر أحمد حيدر
    45 ـ بحوث في الملل والنحل ـ الشيخ جعفر السبحاني ـ طبعة جماعة المدرسين بقم ـ الطبعة
    الخامسة 1416
    حرف التاء
    46 ـ تاريخ الإسلام ـ الدكتور حسن إبراهيم ـ دار الأندلس ـ بيروت ـ الطبعة السابعة 1964


    47 ـ تاريخ الإسلام ـ الذهبي ـ توفي 748 ـ تحقيق عمر عبد السلام تدمري ـ دار الكتاب
    العربي ـ بيروت ـ الطبعة الثانية 1411
    48 ـ تاريخ بغداد ـ الخطيب البغدادي ـ توفي 463 ـ المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة
    49 ـ تاريخ جرجان ـ السهمي ـ توفي 427 ـ دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الهند 1387 ـ
    الطبعة الثانية
    50 ـ التاريخ الكبير ـ محمد بن إسماعيل البخاري ـ توفي 256 ـ المكتبة الإسلامية ـ محمد
    أزدمير ـ ديار بكر ـ تركيا
    51 ـ تاريخ ابن خياط ـ خليفة بن خياط العصفري ـ توفي 854 ـ دار الفكر ـ بيروت
    52 ـ تاريخ ابن خلدون ـ عبد الرحمن بن خلدون ـ توفي 808 ـ احياء التراث العربي بيروت
    ومؤسسة الأعلمي بيروت ـ 1391 ـ 1971 م
    53 ـ تاريخ ابن عساكر ـ محمد بن مكرم ـ توفي 711 ـ دار الفكر ـ دمشق
    54 ـ تاريخ بغداد ـ الخطيب البغدادي ـ توفي 463 ـ المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة
    55 ـ تاريخ الطبري ـ محمد بن جرير الطبري ـ توفي 310 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    56 ـ تاريخ القرآن الكريم ـ محمد طاهر الكردي ـ معاصر ـ مطبعة الفتح ـ جدة
    57 ـ تاريخ المدينة المنورة ـ عمر بن شبه النميري ـ توفي 262 ـ دار الفكر ـ قم ـ عن طبعة جدة
    58 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية ـ الشيخ محمد أبو زهرة توفي 1415 ـ دار الفكر ومطبعة المدني ـ مصر
    59 ـ تاريخ اليعقوبي ـ أحمد بن واضح اليعقوبي ـ توفي 284 ـ دار صادر ـ بيروت
    60 ـ مجلة تراثنا ـ مجلة فصلية متخصصة ـ مؤسسة آل البيت للتراث ـ قم
    61 ـ تذكرة الحفاظ ـ شمس الدين الذهبي ـ توفي 748 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    62 ـ تذكرة الخواص ـ سبط الجوزي الحنفي ـ توفي 654 ـ طبعة قم
    63 ـ تذكرة الفقهاء ـ العلامة الحلي ـ توفي 726 ـ طبعة حجرية ـ المكتبة المرتضوية قم
    64 ـ تحف العقول ـ ابن شعبة الحراني ـ من أعلام القرن الرابع ـ طبعة جماعة المدرسين بقم ـ
    الطبعة الثانية 1404
    65 ـ التحفة السنية ـ الفيض الكاشاني ، الجزائري ـ توفي 1150 ـ مخطوط مكتبة ملي ـ تهران

    66 ـ التحفة اللطيفة ـ السخاوي ـ توفي 902 ـ دار الكتب العلمية ـ لبنان ـ الطبعة الأولى 1414
    67 ـ الترغيب والترهيب ـ المنذري ـ توفي 656 ـ دار الفكر ـ لبنان 1408 ـ 1988 م
    68 ـ التسهيل إلى علوم التنزيل ـ ابن جزي ـ توفي 741 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    69 ـ تعجيل المنفعة ـ ابن حجر العسقلاني ـ توفي 582 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت
    70 ـ التعرف لمذهب أهل التصوف ـ الكلاباذي ـ تحقيق د . عبد الحليم محمود ـ طبعة عيسى
    الحلبي مصر 1960
    71 ـ التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه‌السلام ـ توفي 255 ـ تحقيق مدرسة الإمام المهدي ـ قم ـ
    الطبعة الأولى 1409
    72 ـ تفسير البيضاوي ـ البيضاوي ـ طبعة دار صادر بيروت
    73 ـ تفسير البيان ـ السيد الخوئي ـ توفي 1413 ـ دار الزهراء ـ بيروت
    74 ـ تفسير التبيان ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    75 ـ تفسير الصنعاني ـ عبد الرزاق الصنعاني ـ توفي 211 ـ دار المعرفة بيروت ـ الطبعة الأولى 1411
    76 ـ تفسير الطبري ـ محمد بن جرير الطبري ـ توفي 310 ـ دار المعرفة بيروت ـ عن طبعة
    بولاق ـ مصر
    77 ـ تفسير العياشي ـ محمد بن عياش السلمي ـ توفي 310 ـ المكتبة العلمية ـ طهران
    78 ـ تفسير الفخر الرازي ـ الفخر الرازي ـ طبعة مصورة ـ مكتب الإعلام الإسلامي ـ طهران
    79 ـ تفسير فرات ـ فرات بن إبراهيم الكوفي ـ توفي 300 ـ تحقيق محمد الكاظم ـ الطبعة الأولى
    1410 ـ 1990 م
    80 ـ تفسير القمي ـ علي بن إبراهيم القمي ـ توفي 329 ـ طبعة النجف ـ العراق
    81 ـ التفسير الكبير ـ بن تيمية توفي 728 ـ دار الكتب العلمية ـ لبنان ـ الطبعة الأولى 1408
    82 ـ تفسير كنز الدقائق ـ الشيخ محمد القمي المشهدي ـ طبعة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
    طهران ـ الطبعة الأولى 1411
    83 ـ تفسير الكشاف ـ جاد الله الزمخشري ـ توفي 528 ـ منشورات البلاغة ـ قم ـ مصورة عن
    الطبعة المصرية ـ 1307


    84 ـ تفسير المراغي ـ المراغي ـ توفي 1370 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    85 ـ تفسير المنار ـ الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا ـ توفي 1354 ـ دار المعرفة ـ بيروت
    86 ـ تفسير الميزان ـ السيد محمد حسين الطباطبائي ـ منشورات مؤسسة الأعلمي ـ بيروت
    87 ـ تفسير النسائي ـ النسائي صاحب السنن ـ توفي 303 ـ مؤسسة الكتب الثقافية ـ بيروت ـ
    الطبعة الأولى 1410
    88 ـ تفسير نور الثقلين ـ الشيخ الحويزي ـ توفي 1112 ـ مؤسسة اسماعيليان ـ قم
    89 ـ تهذيب الأحكام ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران
    90 ـ تهذيب التهذيب ـ ابن حجر العسقلاني ـ توفي 582 ـ دار الفكر ـ بيروت
    91 ـ تهذيب الكمال ـ يوسف المزي ـ توفي 742 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت
    92 ـ التوحيد ـ ابن خزيمة ـ طبعة مكتبة الكليات الأزهرية بمصر ـ تحقيق الشيخ محمد الهراس
    93 ـ التوحيد ـ الشيخ الصدوق ـ تحقيق السيد هاشم الحسيني الطهراني ـ جماعة المدرسين بقم ـ
    الطبعة الرابعة 1415
    94 ـ توضيح المشتبه ـ ابن ناصر القيسي الدمشقي ـ توفي 842 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ
    تحقيق محمد نعيم العرقسوسي
    حرف الثاء
    95 ـ ثواب الأعمال ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ قدم له السيد محمد مهدي الخرسان ـ مصور
    عن طبعة النجف ـ منشورات الرضي بقم ـ الطبعة الثانية ـ 1368
    حرف الجيم
    96 ـ جواهر الكلام ـ الشيخ محمد حسن النجفي ـ توفي 1266 ـ دار الكتب الإسلامية ـ الطبعة
    الثانية ـ طهران 1365
    97 ـ الجرح والتعديل ـ عبد الرحمن الرازي ـ توفي 256 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    98 ـ الجواهر الحسان ـ الثعالبي ـ توفي 875 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    99 ـ الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى ـ ابن التركماني ـ توفي 745 ـ دار الفكر ـ بيروت


    حرف الحاء
    100 ـ حاشية البروجردي على كفاية الأصول ـ توفي 1383 ـ تقرير الشيخ بهاء الدين الحجتي ـ
    مؤسسة أنصاريان بقم ـ الطبعة الأولى ـ 1412
    101 ـ الحدائق الناضرة ـ المحقق البحراني ـ توفي 1186 ـ جماعة المدرسين بقم
    102 ـ حقائق الأصول ـ شرح كفاية الأصول ـ السيد محسن الحكيم ـ توفي 1391 ـ طبعة مكتبة
    السيد المرعشي بقم
    103 ـ حلية الأبرار ـ السيد هاشم البحراني ـ توفي 1107 ـ طبعة دار المعارف الإسلامية ـ قم
    104 ـ الحيوان ـ الجاحظ ـ توفي 255 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت . تحقيق وشرح عبد السلام
    محمد هارون
    105 ـ حياة الحيوان الكبرى ـ الدميري ـ توفي 808 ـ البابي الحلبي وأولاده بمصر
    حرف الخاء
    106 ـ خزانة الأدب ـ ياقوت الحموي ـ دار القاموس الحديث ـ بيروت
    107 ـ الخطط السياسية لتوحيد الأمة ـ أحمد حسين يعقوب ـ معاصر ـ طبعة دار القرآن ـ قم ـ 1416
    108 ـ الخصال ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ طبعة جماعة المدرسين بقم
    109 ـ الخلاف ـ الشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ دار الكتب العلمية ـ النجف
    حرف الدال
    110 ـ الدرجات الرفيعة ـ السيد علي خان ـ توفي 1120 ـ مكتبة بصيرتي ـ قم
    111 ـ الدر المنثور ـ جلال الدين السيوطي ـ توفي 911 ـ دار الفكر ـ بيروت
    112 ـ دعائم الإسلام ـ القاضي النعمان المغربي ـ توفي 363 ـ دار المعارف ـ مصر
    113 ـ دلائل النبوة ـ البيهقي ـ توفي 458 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    حرف الذال
    114 ـ ذخيرة المعاد ـ المحقق السبزواري ـ توفي 1090 ـ مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام قم ـ طبعة قديمة




    حرف الراء
    115 ـ رحلة ابن بطوطة ـ ابن بطوطة ـ دار التراث ـ بيروت ـ 1388 ـ 1968 م
    116 ـ الرسالة التدمرية ـ ابن تيمية ـ توفي 728 ـ طبعة المكتب الإسلامي ـ بيروت
    117 ـ الرسائل العشر ـ للشيخ الطوسي ـ توفي 460 ـ تحقيق واعظ زاده الخراساني ـ طبعة جماعة
    المدرسين بقم ـ 1404
    118 ـ الرسالة السعدية ـ العلامة الحلي ـ توفي 726 ـ تحقيق عبد الحسين البقال ـ مكتبة المرعشي
    النجفي بقم ـ الطبعة الأولى ـ 1410
    119 ـ رسائل المرتضى ـ الشريف المرتضى ـ توفي 436 ـ تحقيق السيد مهدي رجائي ـ دار القرآن
    بقم ـ 1405
    120 ـ رسائل المحقق الكركي ـ المحقق الكركي ـ توفي 940 ـ تحقيق الشيخ محمد الحسون ـ
    مكتبة السيد المرعشي 1409 وجماعة المدرسين بقم 1412
    121 ـ الرسائل ـ الشيخ الأنصاري ـ توفي 1281 ـ طبعة المؤتمر المئوي للشيخ الأعظم الأنصاري ـ
    الطبعة الأولى 1414
    122 ـ الرواشح السماوية ـ المحقق الداماد ـ توفي 1041 ـ طبعة قديمة ـ ايران
    123 ـ روضة الواعظين ـ الفتال النيسابوري ـ توفي 508 ـ منشورات الرضي ـ قم
    124 ـ الروض الأنف ـ السهيلي ـ توفي 581 ـ دار الفكر ـ بيروت ـ تحقيق عبد الرؤوف سعد 1409
    1989 م
    125 ـ رياض الصالحين ـ النووي ـ توفي 671 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ تحقيق رضوان
    محمد رضوان
    حرف الزاي
    126 ـ زاد المعاد ـ ابن قيم الجوزية ـ دار الفكر ـ بيروت ـ تحقيق الشيخ عبد القادر عرفان
    العشا حسونة
    حرف السين
    127 ـ سنن أبي داود ـ سليمان بن الأشعث السجستاني ـ توفي 275 ـ دار الفكر ـ بيروت

    128 ـ سنن ابن ماجة ـ محمد بن يزيد القزويني ـ توفي 275 ـ دار الفكر ـ بيروت
    129 ـ سنن سعيد بن منصور ـ الإمام الحافظ سعيد بن منصور بن شعبة المكي ـ توفي 227
    دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي
    130 ـ سنن الترمذي ـ محمد بن عيسى الترمذي ـ توفي 279 ـ دار الفكر ـ بيروت
    131 ـ سنن الدارمي ـ عبد الله بن بهرام الدارمي ـ توفي 255 ـ مطبعة الإعتدال ـ دمشق
    132 ـ سنن النسائی ـ أحمد بن شعيب النسائي ـ توفي 203 ـ دار الفكر ـ بيروت
    133 ـ السنن الكبرى ـ أحمد بن الحسين البيهقي ـ توفي 458 ـ دار الفكر ـ بيروت
    134 ـ سير أعلام النبلاء ـ شمس الدين الذهبي ـ توفي 748 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت
    135 ـ سيرة ابن هشام ـ ابن هشام الحميري ـ توفي 218 ـ مطبعة صبيح ـ مصر
    136 ـ السيرة النبوية ـ ابن كثير الدمشقي ـ توفي 74 ـ دار المعرفة ـ بيروت
    137 ـ السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل ( ابن القيم ) ـ السبكي الكبير ـ تحقيق محمد زاهد
    الكوثري ـ طبعة مصر
    حرف الشين
    138 ـ الشافي ـ الشريف المرتضى ـ توفي 436 ـ طبعة مؤسسة الصادق ـ تهران
    139 ـ شرح الأخبار ـ القاضي المغربي ـ توفي 263 ـ طبعة قم
    140 ـ شرح الأسماء الحسنى ـ الملا هادي السبزواري ـ توفي 1300 ـ طبعة قديمة
    141 ـ شرح المقاصد ـ التفتازاني ـ توفي 793 ـ طبعة الشريف الرضي بقم مصورة ـ تحقيق
    د . عبد الرحمن عميرة
    142 ـ شرح المواقف ـ الجرجاني ـ توفي 812 ـ طبعة الشريف الرضي بقم ـ مصورة عن الطبعة
    الأولى بمطبعة السعادة بمصر 1325
    143 ـ شرح مسلم للنووي ـ توفي 676 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ لبنان 1407
    144 ـ شعب الإيمان ـ البيهقي ـ توفي 458 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الأولى 1410
    تحقيق أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول



    حرف الصاد
    145 ـ الصحاح ـ الجوهري ـ توفي 393 ـ دار العلم للملايين ـ بيروت
    146 ـ صحيح البخاري ـ محمد بن إسماعيل البخاري ـ توفي 256 ـ دار الفكر ـ بيروت
    147 ـ صحيح مسلم ـ مسلم ابن الحجاج النيسابوري ـ توفي 261 ـ دار الفكر ـ بيروت
    148 ـ الصحيح في شرح العقيدة الطحاوية ـ حسن السقاف ـ دار الإمام النووي ـ الأردن ـ الطبعة
    الأولى 1416
    149 ـ صفة الصفوة ـ ابن الجوزي ـ توفي 597 ـ تحقيق عبد الرحمن اللاذقي وحياة شيحا ـ الطبعة
    الأولى ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ 1415
    حرف الطاء
    150 ـ الطبقات ـ ابن سعد ـ توفي 230 ـ طبعة ليدن 1322
    151 ـ طبقات الشافعية الكبرى ـ عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي ـ توفي 771 ـ
    احياء الكتاب العربية ـ القاهرة ـ تحقيق عبد الفتاح الحلو
    حرف العين
    152 ـ عارضة الأحوذي شرح الترمذي ـ ابن العربي المالكي ـ توفي 543 ـ احياء التراث العربي ـ
    بيروت ـ الطبعة الأولى 1415 ـ 1995 م
    153 ـ كتاب العبور إلى الرجاء البابا يوحنا بولس الثاني ـ ترجمة جريدة السفير البيروتية بمناسبة
    زيارته لبنان
    154 ـ العروة الوثقى ـ السيد محمد كاظم اليزدي ـ طبعة قم
    155 ـ العقد الفريد ـ ابن عبد ربه الأندلسي ـ توفي 328 ـ دار مكتبة الهلال ـ بيروت
    156 ـ علل الشرائع ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ مكتبة الداوري ـ قم
    157 ـ العهد القديم والعهد الجديد ـ طبعة مجمع الكنائس الشرقية ـ بيروت
    158 ـ كتاب العين ـ الخليل الفراهيدي ـ توفي 175 ـ طبعة ايران عن طبعة مؤسسة دار الهجرة
    159 ـ عيون أخبار الرضا ـ الصدوق ـ توفي سنة 381 ـ منشورات الأعلمي طهران ـ 1390


    حرف الغين
    160 ـ غاية المرام ـ السيد هاشم البحراني ـ توفي 1114 ـ طبعة قديمة ـ ايران
    161 ـ الغدير ـ الشيخ عبد الحسين الأميني ـ 1390 ـ مؤسسة الأعلمي بيروت ـ الطبعة الأولى 1414
    162 ـ كتاب الغيبة ـ محمد بن إبراهيم النعماني ـ توفي 380 ـ مكتبة الصدوق طهران ـ
    تحقيق الغفاري
    163 ـ غوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية ـ ابن أبي جمهور الإحسائي ـ تحقيق الشيخ
    مجتبى العراقي ـ الطبعة الأولى 1404 ـ قم
    حرف الفاء
    164 ـ فتاوى الشيخ الألباني ـ جمع عكاشة عبد المناف الطيبي ـ مكتبة التراث الإسلامي ـ القاهرة
    165 ـ فتاوى ابن باز ـ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن باز ـ الإدارة العامة للطبع والترجمة ـ
    الرياض ـ الطبعة الثانية 1411
    166 ـ فتاوى الوهابيين ـ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ـ جمع وترتيب : أحمد بن
    عبد الرزاق الدويش ـ الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ـ
    الرياض ـ 1411
    167 ـ فتح الباري في شرح البخاري لابن حجر ـ توفي 852 ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت
    الطبعة الرابعة 1408 ـ 1988 م
    168 ـ فتوح البلدان ـ أحمد بن يحيى البلاذري ـ توفي 375 ـ مكتبة النهضة المصرية ـ مصر
    169 ـ فتح العزيز ـ عبد الكريم الرافعي ـ بهامش مجموع النووي
    170 ـ فتح القدير ـ الشوكاني ـ توفي 1250 ـ دار المعرفة ـ بيروت 1416
    171 ـ فتح الملك العلي ـ ابن الصديق المغربي ـ توفي 1380 مكتبة أمير المؤمنين ـ اصفهان
    172 ـ فردوس الأخبار ـ ابن شيرويه الديلمي ـ توفي 509 ـ دار الكتاب العربي ـ لبنان
    173 ـ الفرق بين الفرق ـ عبد القاهر البغدادي . 429 ـ دار المعرفة بيروت
    174 ـ الفصل في الملل ـ ابن حزم ـ توفي 456 ـ المطبعة الأدبية ـ مصر ـ 1317
    175 ـ الفصول المهمة ـ السيد شرف الدين ـ توفي 1377 ـ الطبعة السابعة ـ دار الزهراء ـ بيروت



    حرف القاف
    176 ـ قاموس الكتاب المقدس ـ مجمع الكنائس الشرقية ـ مكتبة المشعل ـ بيروت بإشراف رابطة
    الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط ـ الطبعة السادسة 1981
    حرف الكاف
    17 ـ الكامل في التاريخ ـ ابن الأثير ـ توفي 630 ـ إحياء التراث العربي ـ بيروت
    178 ـ الكافي ـ محمد بن يعقوب الكليني ـ توفي 329 ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران
    179 ـ جامع كرامات الأولياء ـ يوسف بن إسماعيل النبهاني ـ توفي 1350 ـ البابي الحلبي ـ
    الطبعة الأولى 1962 م 1381
    180 ـ كشف الرموز ـ الفاضل الآبي ـ توفي 690 ـ جماعة المدرسين ـ قم
    181 ـ كشف الإرتياب ـ السيد الأمين العاملي ـ دار الكتاب الإسلامي ـ بيروت 1410
    182 ـ كشف الغطاء ـ الشيخ جعفر الجناجي ـ توفي 1228 ـ طبعة قديمة ـ اصفهان ـ ايران
    183 ـ كشف الغمة ـ الأربلي ـ توفي 693 ـ طبعة العراق النجف ـ 1384
    184 ـ كشف المراد ـ العلامة الحلي المتوفى سنة 726 ـ طبعة جماعة المدرسين بقم ـ الطبعة
    السادسة سنة 1416 هـ
    185 ـ كمال الدين ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ طبعة جماعة المدرسين ـ قم
    186 ـ كنز العمال ـ المتقي الهندي ـ توفي 975 ـ مؤسسة الرسالة ـ السعودية
    حرف اللام
    187 ـ لسان الميزان ـ ابن حجر العسقلاني ـ توفي 582 ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت
    188 ـ لمع الأدلة ـ الجويني ـ توفي 478 ـ المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر
    حرف الميم
    189 ـ مباحث في علوم القرآن ـ الدكتور صبحي الصالح ـ توفي 1980 ـ دار العلم للملايين ـ
    بيروت

    190 ـ المبسوط ـ شمس الدين السرخسي ـ توفي 483 ـ دار المعرفة ـ بيروت
    191 ـ كتاب المجروحين ـ محمد بن حبان التميمي ـ توفي 354 ـ طبعة الباز ـ مكة المكرمة
    192 ـ مجمع البحرين ـ الشيخ الطريحي ـ توفي 1085 ـ مكتب نشر الثقافة الإسلامية ـ طهران
    193 ـ مجمع الزوائد ـ نور الدين الهيثمي ـ توفي 807 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    194 ـ مجمع الفائدة والبرهان ـ المحقق الأردبيلي ـ توفي 993 تحقيق الشيخ علي اشتهاردي
    وغيره ـ طبعة جماعة المدرسين بقم
    195 ـ المجموع ـ محيي الدين بن شرف النووي ـ توفي 676 ـ دار الفكر ـ بيروت
    196 ـ مجموعة الرسائل ـ آية الله الصافي ـ طبعة دار القرآن بقم
    197 ـ محاضرات الأدباء ـ الراغب الإصفهاني ـ توفي 425 ـ دار مكتبة الحياة ـ بيروت
    198 ـ المحلى ـ ابن حزم الأندلسي ـ توفي 456 ـ دار الفكر ـ بيروت
    199 ـ مختصر تاريخ دمشق ـ ابن منظور ـ توفي 711 ـ دار الفكر ـ دمشق ـ اختصرته وحققته
    سكينة الشهابي
    200 ـ مختصر العقيدة ـ الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري ـ معاصر ـ طبعة اليمن
    201 ـ المدونة الكبرى ـ الإمام مالك بن أنس ـ توفي 179 ـ طبعة إحياء التراث العربي ـ عن طبعة
    مطبعة السعادة بمصر
    202 ـ مذاهب التفسير الإسلامي ـ جولد تسيهر ـ مستشرق يهودي ـ مكتبة الخانجي بمصر ومكتبة
    المثنى ببغداد ـ 1374
    203 ـ المراجعات ـ السيد شرف الدين ـ توفي 1377 ـ الجمعية الإسلامية ـ بيروت
    204 ـ مروج الذهب ـ المسعودي ـ علي بن الحسين المسعودي توفي 346 ـ دار الفكر ـ بيروت ـ
    تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد
    205 ـ مسائل علي بن جعفر ـ علي بن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام ـ تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ
    الناشر المؤتمر العالمي للامام الرضا عليه‌السلام 1409
    206 ـ مسالك الافهام ـ الشهيد الثاني ـ توفي 966 ـ طبعة قديمة ـ دار الهدى ـ قم
    207 ـ مستدرك الحاكم ـ الحاكم النيسابوري ـ توفي 405 ـ دار المعرفة ـ بيروت


    208 ـ مستدرك الوسائل ـ المحقق النوري ـ توفي 1320 ـ مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ قم
    209 ـ المستطرف في كل فمن مستظرف ـ أبو الفتح الأبشيهي ـ توفي 850 وبهامشه ثمرات
    الأوراق في المحاضرات الحموي ـ دار الفكر ـ بيروت
    210 ـ المسترشد ـ محمد بن جرير الطبري ( الشيعي ) ـ توفي 400 ـ طبعة قم
    211 ـ مستند العروة ـ السيد الخوئي ـ توفي 1413 ـ المطبعة العلمية ـ قم
    212 ـ مستند الشيعة ـ المحقق النراقي ـ توفي 1245 ـ طبعة قديمة ـ ايران
    213 ـ المسند ـ الإمام أحمد بن حنبل ـ توفي 241 ـ دار صادر ـ بيروت
    214 ـ مسند الإمام زيد بن علي ـ جمعه عبد العزيز بن اسحاق البغدادي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت
    215 ـ مصابيح السنة ـ البغوي ـ توفي 516 ـ الطبعة الأولى ـ دار المعرفة ـ بيروت
    216 ـ مصباح الفقيه ـ آقا رضا الهمداني ـ توفي 1323 ـ طبعة حجرية ـ مكتبة مصطفوی ـ قم
    217 ـ مصباح المتهجد ـ الشيخ الطوسي قدس‌سره ـ توفي 460 ـ طبعة قديمة ـ ايران
    218 ـ المصباح ـ الشيخ ابراهيم الكفعمي ـ توفي 905 ـ طبعة قديمة ـ ايران
    219 ـ المصنف ـ ابن أبي شيبة ـ توفي 235 ـ دار الفكر ـ لبنان
    220 ـ مصنف عبد الرزاق ـ عبد الرزاق الصنعاني ـ توفي 211 ـ من منشورات المجلس العلمي ـ بغداد
    221 ـ المطالب العالية ـ الفخر الرازي ـ توفي 606 ـ تحقيق أحمد حجازي السقا ـ دار الكتاب
    العربي ـ بيروت ـ الطبعة الأولى 1407
    222 ـ مع الخطيب في خطوطه العريضة ـ الشيخ لطف الله الصافي ـ معاصر ـ طبعة قم
    223 ـ معالم التنزيل ـ الفراء البغوي ـ توفي 516 ـ دار المعرفة ـ لبنان
    224 ـ معالم السنن شرح سنن أبي داود ـ أحمد بن محمد الخطابي البستي ـ توفي 388
    دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ تحقيق عبد السلام عبد الشافي محمد
    225 ـ معالم الفتن ـ سعيد أيوب ـ توفي 1418 ـ طبعة دار الإعتصام ـ مصر
    226 ـ معاني الأخبار ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ جماعة
    المدرسين بقم
    227 ـ معجم الأدباء ـ ياقوت الحموي ـ توفي 626 ـ إحياء التراث العربي ـ لبنان

    228 ـ معجم البلدان ـ ياقوت الحموي ـ توفي 626 ـ إحياء الثراث العربي ـ بيروت
    229 ـ معجم ما استعجم ـ عبد الله الأندلسي ـ توفي 487 ـ عالم الكتب ـ بيروت
    230 ـ المعجم الكبير ـ الطبراني ـ توفي سنة 360 ـ احياء التراث العربي ـ بيروت
    1406 ـ 1985 م ـ الطبعة الثانية تحقيق عبد المجيد السلفي
    231 ـ المعتبر ـ المحقق الحلي ـ توفي 676 ـ مؤسسة سيد الشهداء ـ قم
    232 ـ المغني ـ عبد الله بن قدامه ـ توفي 620 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت
    233 ـ مفردات غريب القرآن ـ الراغب الإصفهاني ـ توفى 502 ـ طبعة طهران ـ عن طبعة مصر
    234 ـ من لا يحضره الفقيه ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ طبعة جماعة المدرسين بقم
    235 ـ المكاسب ـ الشيخ الأنصاري ـ توفي 1281 ـ مكتبة العلامة ـ طبعة قديمة
    236 ـ مقارنة الأديان ـ الدكتور أحمد شلبي ـ طبعة مكتبة النهضة بمصر
    237 ـ مقالات الإسلاميين ـ الأشعري ـ توفي 324 تحقيق هلموت ريتر ـ الطبعة الثالثة 1400 ـ
    1980 م ـ دار النشر : فرانز شتاينر بفيسبادن ـ المانيا
    238 ـ المقنعة ـ الشيخ المفيد ـ توفي 413 ـ طبعة جماعة المدرسين بقم ـ 1410
    239 ـ الملل والنحل ـ ابن أبي بكر الشهرستاني المتوفى سنة 548 ـ طبعة عيسى البابي الحلبي
    القاهرة 1968 ـ تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل ـ أيضاً بهامش الفصل لابن حزم
    240 ـ مناقب آل أبي طالب ـ ابن شهر آشوب ـ توفي 588
    241 ـ مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ محمد بن سليمان الكوفي ـ توفي نحو 270
    242 ـ المواعظ والإعتبار ـ المقريزي ـ توفي 845 ـ مؤسسة الحلبي وشركاء للنشر والتوزيع ـ القاهرة
    243 ـ الموطأ ـ الإمام مالك بن أنس ـ توفي 179 ـ إحياء التراب العربي ـ بيروت
    244 ـ ميزان الإعتدال ـ شمس الدين الذهبي ـ توفي 748 ـ دار المعرفة ـ بيروت
    حرف النون
    245 ـ نهاية الإرب ـ أحمد بن عبد الوهاب النويري ـ توفي 733 ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي
    المصرية


    246 ـ نهاية الأفكار ـ آقا ضياء العراقي ـ 1361 ـ طبعة النجف
    247 ـ النهاية ـ ابن الأثير ـ تحقيق محمد الطناجي ـ تصوير مؤسسة اسماعيليان ـ قم
    248 ـ نفح الطيب ـ أحمد بن محمد المقري التلمساني ـ توفي 1041 ـ دار الفكر ـ بيروت ـ
    تحقيق يوسف الشيخ محمد البقاعي
    249 ـ نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة ـ القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي ـ توفي 384
    250 ـ نهج الحق ـ العلامة الحلي ـ توفي 726 ـ دار الهجرة بقم ـ تحقيق الأرموي
    حرف الهاء
    251 ـ الهداية ـ الشيخ الصدوق ـ توفي 381 ـ تحقيق الشيخ محمد الخراساني ـ المكتبة
    الإسلامية طهران ـ 1377
    حرف الواو
    252 ـ وسائل الشيعة ـ الحر العاملي ـ توفي 1114 ـ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث بقم ، وطبعة
    إحياء التراث العربي ـ بيروت
     





    فهرس موضوعات كتاب العقائد الإسلامية
    المجلد الأول
    الباب الأول : الفطرة والمعرفة
    الفصل الأول : فطرة السماوات والأرض
    آيات فطرة السماوات والكون 13
    انفطار الكون عند القيامة 14
    تكاد السماوات تتفطر من عظمة الله 15
    تكاد السماوات تتفطر من الإفتراء على الله 15
    فطرة الله التي فطر الناس عليها 15
    الفطرة الأولى والفطرة الثانية 16
    فطرة الناس على معرفة الله تعالى وتوحيده 16
    الفطرة حالة استعداد لا تعني الإجبار وسلب الإختيار 18
    الفطرة والميثاق وعالم الذر 26
    تذكير الأنبياء بميثاق الفطرة 30
    كل مولود يولد على الفطرة 32
    وكل الحيوانات فطرت على معرفة الله تعالى 37
    التوجه الفطري إلى الله تعالى 37
    رأي صاحب تفسير الميزان في عالم الذر والميثاق 38


    عوالم وجـود الإنسان 63
    من روايات عالم الأشباح 64
    من روايات عالم الأظلة 70
    من روايات عالم طينة الخلق 79
    من آيات وروايات عالم الملكوت 83
    من آيات وروايات عالم الخزائن 87
    الفطرة بمعنى الولادة في الإسلام 93
    قولهم بأن من ولد في الإسلام فهو من أهل الجنة 94
    الفطرة والنبوة والشرائع الإلۤهية 95
    معنى الفطرة والصبغة 98
    دور الفطرة في المعرفة والثقافة والحضارة 105
    بحث في دور الفطرة والنبوة في الحياة الإنسانية 106
    أمور ورد أنها من الفطرة 113
    أمور ورد أنها تضر بالفطرة 115
    تقوية الفطرة وتضعيفها وإساءة استعمالها 116
    قدوات البشرية في فطرتهم المستقيمة 122
    آدم عليه‌السلام فطرة الله تعالى 122
    إبراهيم عليه‌السلام إمام الإستقامة على الفطرة 123
    نبينا رائد العارفين ورائد سعادتنا 127
    خط الفطرة لم ينقطع من ذرية إبراهيم 131
    عمار علم الثابتين على الفطرة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 134
    علي عليه‌السلام إمام الثابتين على الفطرة 136
    ولاية علي عليه‌السلام علامة على صحة الفطرة وطيب المولد 144


    الفصل الثاني : وجوب المعرفة والنظر
    وجوب معرفة الله تعالى ومنشؤها
    وجوب معرفة الله تعالى وأنها أساس الدين 149
    معرفة الله تعالى وتوحيده نصف الدين 151
    لا تتحقق العبادة إلا بالمعرفة 152
    فضل معرفة الله تعالى
    الحث على مجالسة أهل المعرفة 153
    فضل من مات على المعرفة 154
    نعمة معرفة حمد الله وشكره 154
    نعمة معرفة كرم الله وآلائه 154
    معرفة الله لا تكون إلا بالله ومن الله 155
    لا يفوز الإنسان بالمعرفة إلا بإذن الله تعالى 156
    الهداية والإضلال من الله تعالى لكن الإضلال باستحقاق العبد 156
    دعاء طلب المعرفة من الله تعالى 158
    وسائل معرفة الله
    أداة معرفة الله تعالى : العقل 159
    لا يحاسب الله الناس إلا على قدر معرفتهم وما بين لهم 163
    من أسباب المعرفة وآثارها
    ما يورث المعرفة 166
    ما تورثه المعرفة 166
    ما يفسد المعرفة ويطفيء نورها 166
    خطر ضلال الأمم بعد المعرفة
    كان نبينا يخاف على أمته الضلال بعد المعرفة 167


    وضع المعرفة في بني اسرائيل بعد موسى 167
    إتهامهم نبيهم موسى بأنه لم يعرف الله تعالى 169
    بولس يصف فساد الناس في عصره وبعدهم عن المعرفة 170
    متى اخترع المسيحيون التثليث بعد التوحيد 171
    متى تجب المعرفة على الإنسان
    في أي سن يجب التفكير والمعرفة 173
    حكم الإنسان في مرحلة التفكير والبحث 176
    تجب المعرفة بالتفكير ولا يصح فيها التقليد 178
    المعرفة والعمل
    اشتراط كل منهما بالآخر 190
    أفضل الأعمال بعد معرفة العقائد 197
    أقل ما يجب ، وأقصى ما يمكن من المعرفة 198
    لا تتوقف المعرفة على علم الكلام 214
    يكفي الدليل الإجمالي في المعرفة 217
    العجز عن معرفة ذات الله تعالى 223
    النهي عن الفضولية في معرفة الله تعالى 226
    أنواع من المعرفة والعارفين
    المعرفة الحقيقية والمعرفة الشكلية 227
    تحير المتصوفة في دور العقل في المعرفة 228
    تحيرهم في الفرق بين العلم والمعرفة 229
    تصوراتهم عن العارف بالله تعالى 230
    المؤلفة قلوبهم بالمال لكي يعرفوا 232
    دعوة العدو في الجهاد إلى معرفة الله تعالى 232

    معرفة أهل الآخرة بديهية لا كسبية 233
    بحث للشيخ الطوسي في تعريف الإيمان والكفر 234
    بحث للشهيد الثاني في تعريف الإيمان والكفر 236
    هل يمكن أن يصير المؤمن كافراً 247
    هل تزول المعرفة والإيمان بإنكار الضروري ؟ 249
    هل أن الكافر يعرف الله تعالى ؟ 253
    بحث في معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس 256
    الموقف الفقهي من الدعوة إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس 275
    معرفة النبي والأئمة صلى الله عليه وعليهم
    يجب على كل الناس معرفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 278
    يعرف النبي بالمعجزة والإمام بالنص والمعجزة 281
    وتجب معرفة الأئمة لأن الله تعالى فرض طاعتهم 282
    وتجب معرفتهم لأن الله تعالى فرض مودتهم 288
    وتجب معرفتهم لأن الله تعالى فرض الصلاة عليهم 292
    وتجب معرفتهم لأنهم أهل الذكر الذين أمرنا الله بسؤالهم 303
    وتجب معرفتهم لأن الأعمال لا تقبل إلا بولايتهم 306
    وتجب معرفتهم لأنهم محال معرفة الله تعالى 312
    وتجب معرفتهم لأنها طريق معرفة الله تعالى 313
    وتجب معرفتهم لحديث : من مات ولم يعرف إمام زمانه 313
    صيغ الحديث في مصادر مذهب أهل البيت عليهم‌السلام 314
    تفسير الحديث في مذهب أهل البيت عليهم‌السلام 321
    تفسير الشيعة الزيدية للحديث 329
    الفرق بين صيغ الحديث في مصادرنا ومصادر إخواننا 330


    روايات إخواننا التي ورد فيها لفظ إمام 332
    رواياتهم التي فيها لفظ طاعة 334
    رواياتهم التي توجب طاعة الحاكم الجائر 335
    مدرسة البخاري في تفسير هذا الحديث 336
    عبد الله بن عمر يطبق تفسير إخواننا للحديث 337
    وامتنع عبد الله بن عمر عن بيعة عليٍّ ، ثم ندم 340
    ثم كانت علاقاته حسنة مع بني أمية ومع الثائرين عليهم 341
    وروت مصادر الشيعة احتياطاً غريباً له في تطبيق الحديث 342
    ولم يزد أحد على عبد الله في تطبيق الحديث إلا أبو سعيد الخدري 342
    تحير إخواننا السنة في هذا الحديث قديماً وحديثاً 343
    معرفة الإمام هي الحكمة 345
    لا يمكن للناس معرفة الإمام المعصوم ليختاروه 345
    معنى : إعرف الإمام ثم اعمل ما شئت 346
    بعلي عرف المؤمنون بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 347
    معرفة الآخرة والمعاد والحساب 348
    تم الفهرس ، وبه تم المجلد الأول من كتاب
    العقائد الإسلامية ، ويليه المجلد الثاني إن شاء الله تعالى
     
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    العقائد الاسلاميه ج1
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » العقائد الاسلاميه ج3
    » العقائد الاسلاميه ج2
    » العقائد الاسلاميه ج4

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 47-منتدى العقائد والكلام-
    انتقل الى: