الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري

عشائر البو حسين البدير في العراق
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثمكتبة الصورأحدث الصورالمنشوراتالأعضاءالتسجيلدخول

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
اهل البيت
المواضيع الأخيرة
» المحكم في أصول الفقه [ ج2
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyاليوم في 9:38 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في اصول الفقه ج3
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyاليوم في 7:41 من طرف الشيخ شوقي البديري

» المحكم في أصول الفقه [ ج4
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyاليوم في 6:55 من طرف الشيخ شوقي البديري

» الصحيفه السجاديه كامله
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyأمس في 20:49 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد [ ج ١ ]
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyأمس في 14:11 من طرف الشيخ شوقي البديري

»  مسائل من الاجتهاد والتقليد ومناصب الفقيه
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyأمس في 13:36 من طرف الشيخ شوقي البديري

» قاعدة لا ضرر ولا ضرار
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyأمس في 7:51 من طرف الشيخ شوقي البديري

» القول المبين
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:46 من طرف الشيخ شوقي البديري

» ------التقيه
طب الامام الصادق عليه السلام Emptyالثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 15:37 من طرف الشيخ شوقي البديري

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     طب الامام الصادق عليه السلام

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3301
    نقاط : 4990
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    طب الامام الصادق عليه السلام Empty
    مُساهمةموضوع: طب الامام الصادق عليه السلام   طب الامام الصادق عليه السلام Emptyالأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 13:33

    إلى من كونته الإرادة الإلهية فأحسنت إبداعه فيما كونت ، فكان مثلاً أعلى للخلق الإسلامي الرفيع.
    إلى من جعله المكون المبدع محلاّ لثقل الإمامة وناموساً من قدرته إلى ينبوع الحكمة الإلهية.
    إلى من إستقى علمه من منبع الرسالة عن آبائه الراسخين في العلم إلى من أفاض على الإنسانية شتى العلوم والمعارف ليجعلها في أرفع درجات السعادة الدنيوية والأخروية.
    إلى الإمام ( جعفر بن محمد الصادق ) عليه وعلى آبائه التحية والسلام أقدم ما يتفق ومقدوري راجياً أن ينال عنده الزلفى فيشملني بشفاعته عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلامن أتى الله بقلب سليم.
    محمد الخليلي


    مقدمة الطبعة الثالثة
    الانسان مخلوق ركب من روح وبدن ولكل من جزئيه صحة ومرض وما يحدث لكل منهما يؤثر في الآخر أما الطبيب فهو المطيب للنفوس بكلامه وأخلاقه والمعالج للروح والبدن والحافظ لصحتهما بالعقاقير والارشادات الصحية معاً بمعنى أن الطبيب الحقيقي هو طبيب الروح والبدن ذلك لأنا نرى أن كثيرأ من العوارض النفسية الروحية كالغضب والحزن والحب والفراق وأمثالها تسبب إنحراف صحة البدن كما أن إنحراف صحة البدن تغير الأخلاق وتسيء الطباع وتكدر الحواس إلى غير ذلك فاذا لم يكن الطبيب روحياً عارفاً بالإنحرافات النفسية فلا بد له أن يعالج هذه العوارض البدنية الناشئة عن عوارض الروح بالمسهلات أو المشهيات أو ما أشبه ذلك وهذا بالطبع لا يوصله إلى الدواء الناجع المفيد لأن العلاج في الحقيقة هو إزالة السبب وكذلك إذا رأى في مريض أرقاً أو قلقاً ناشئاً عن الفكر المزعج أو الخيالات الفاسدة داواه بالحبوب المهدئة والمنومة وهذا أيضاً بالطبع لا يغني ولا يشفي إذا لم يدفع السبب وهو الخيال والفكر لكن الطبيب النطاسي الحكيم الجامع للطبين والعارف بالعلاجين الروحي والبدني فانه ينظر إلى المريض من الوجهتين فمن كان محتاجاً إلى العقاقير الطبية عالجه بها ومن كان محتاجاً إلى النصح أو التسلية أو إدخال الطمأنينة والاستقرار إلى قلبه وذلك بتهوين المرض أو الاوعاد أو أمثالهما مما يراه مناسباً للوقت والمرض داواه بها وأحيانا بهما معاً.
    فمثل هذا هو الطبيب الكامل والمعول عليه في ملاحظة الجسم والروح ومعرفة طرق علاجهما وبديهي أن ذلك لا يتيسر إلا لكبار رجال الفن أو أعاظم أئمة الدين الذين اقتبسوا فنهم الروحي عن السماء وأخذوا علاجهم بالتلقين والتعليم النبوي والصحف السماوية الحكيمة. أما الاسلام فانه يرى الانسان موجوداً خلق ليعيش

    في عوالم كثيرة وكلها تحتاج إلى صحة وسلامة واطمينان ليسعد في حياته ويرغد عيشه لذلك فقد ضمن له إصلاح كل تلك النواحي بتعاليمه وإرشاداته في فروضه ومستحباته ومكروهاته ومباحاته ، كما أنه يرى أن الروح والجسم وإن كانا وجودين مستقلين لكنهما ممتزجان ومتصلان إتصالاً يجعل أي تغير يحصل في إحداهما فهو فى الآخر صحة أو مرضاً لذلك فهو يطبهما مادياً ومعنوياً ويعالجهما دنيوياً واخروياً.
    خذ مثلاً الغسل والوضوء والتيمم وانظر إلى شروطها وترتيبها لتعرف منظور الدين الاسلامي الحكيم في جعلها تطهيراً عرفياً وطبياًُ في جنب الطاعة الموجبة لاطمينان الخاطر والأمن في أداء الواجب الاخروي ومن البديهي المسلم أن أهم ما يلحظه الدين الاسلامي في العلاج والاصلاح في كل تكاليفه هو إدخال الطمأنينة والأمن إلى النفوس فانهما الحجر الأساسي في مداواة الروح والبدن.
    فالأنبياء على هذا هم الأطباء الروحيون وهم المربون الاخلاقيون إذ لم تهبط رسالة سماوية ولم يبعث نبي أو رسول إلاّ بتهذيب الأرواح وصحة النفوس وتعليم الاخلاق الفاضلة ولكن لما كان الجسم قالبا للروح وكانت لسلامته وصحته دخل كبير في صحة الروح وسلامتها كان القسم الوافر من تعاليم الانبياء لعلاج البدن ومداواة أمراضه وأدوائه.
    قال النبي (ص) : إن هذه القلوب تعمل كما تعمل الأبدان.
    وقال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب «ع» : إن للابدان حالات ست ؛ الصحة والمرض والنوم واليقضة والموت والحياة ، وكذلك الارواح فان صحتها اليقين ومرضها الترديد ونومها الغفلة ويقضتها التوجه وموتها الجهل وحياتها العلم.
    ومن هنا نعرف أن سلامة الروح وصحتها تدل على صحة الجسم لذلك قيل : العقل السليم في الجسم السليم ، وإن من أعظم دلائل صحة الروح هي سلامة الأخلاق والانصاف بمكارمها لذلك قال النبي (ص) : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

    إذن فالدين الاسلامي هو ذلك الدين السماوي الذي يكفل صحة الابدان والأرواح بالاخلاق ويعالج أمراضهما بالتعاليم والارشادات ، والنبي (ص) هو ذلك الطبيب العالمي العظيم ومنقذ الارواح والاجسام من الامراض والآلام بقرآنه وسننه. ولما ارتقى (ص) بروحه إلى الروح والريحان خلف من بعده قرآنه وعترته الذين هم مبلغوا سنته وموضحوا قانونه لذلك تجد الأئمة أوصياء النبي (ص) كلهم يعالجون الارواح والابدان ويداوون بالعقاقير وبالكلمات الحكيمة والتعاليم القيمة والارشادات النافعة.
    وقد كان الامام الصادق «ع» أكثرهم علاجاً وأشدهم إبتلاء لكثرة ما كان في عصره من الانحرافات الروحية والأدواء النفسية فكان «ع» وحده المرجع والمآل والفرد والمسؤول عن إصلاح إي إنحراف ومن أي جهة كان وهو المجيب عن كل سؤال أيا كان سائله ، حرصاً على نشر الدين وحفظا لشريعة جده سيد المرسلين وإقامة لدعائم التوحيد ودحضا لمزاعم الملحدين ورداً لأقاويل المنافقين وإصلاحا للابدان ووقاية لها من الأسقام فكان من بعض ما ورد عنه في تلك المجالات الواسعة وقليل من كثير ما عثرنا عليه من علاجاته الكثيرة ، هذا الكتيب الصغير الذي هو كأنموذج لطبه وكاشارة إلى علمه وحكمته ، فالبحر المحيط لا يستطيع أن ينفذ إلى قعره سابح وإن إجتهد ، والامام لا يمكن أن يحصر علمه مأموم وأن بالغ في إتباعه واستقراء ما يرد عنه. ولما رأيت إقبال القراء على هذا الكتيب شديداً حتى طبع مرتين وسرعان ما نفذت هاتان الطبعتان ثم طلب إلي إعادة طبعه للمرة الثالثة لازدياد طلابه أحببت أن أعلق عليه بعض التعليق الموضح وأتوسع فيه بعض التوسع طلبا للاستفادة منه والانتفاع به.
    وإلى الله العلي القدير أبتهل أن يوفقني لمرضاته ويوزعني أن أشكره فانه حميد مجيد والله من وراء القصد.
    النجف الاشرف 15 / 11 / 1383 ه‍ محمد الخليلي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
    المقدمة
    جدير بمن أراد الكتابة عن حياة الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق 7 أو أن يبحث في ناحية من نواحيها الكثيرة سواء أكانت علمية أم دينية فلسفية أم تربوية ، اخلاقية أم أدبية ، أن يرى السبيل أمامه جلياً واضحاً والمجال فيها متسعاً قريب الغاية ، ذلك لما انطوت عليه تلك النفسيه السامية من العلوم الإلهية والمعارف الجليلة الاسلامية والفلسفة العالية والأدب الجم إلى غير ذلك مما تمثلت في شخصيته الفذة من مكارم الاخلاق ومثل الفضيلة والانسانية الكاملة التي لم تقف دون بيانها براعة الكاتب او المؤرخ ، ولم يحتج أي أديب او شاعر إلى تأمل كثير أو إجهاد فكر متزايد في نظمها أو الكتابة عنها مجملاً أو مفصلاً.
    بهذه الفكرة المسلمة عندي ، وهذا الخيال الواسع لدي راقني البحث والتحدث عن شعاع من أشعة تلك الحياة الجبارة ، والكتابة عن ناحية من نواحي هذه الشخصية العظيمة ، وجذبتني تلك السهولة المتصورة إلى أن طمعت أن أكتب وأن أشبع الموضوع بحثاً فاعطيه حقه من البيان والتوضيح ، لا سيما وأن مثل هذا الموضوع هو من مهنتي ومهمتي ، أعني الكلام عن الطب وطب الامام 7.

    نعم لقد كنت أراه بحثاً واضحاً لا غموض فيه وموضوعا سهلاً يجري القلم فيه دون ما توقف كثير أو تأمل زائد ، بيد أني عندما اندفعت للكتابة وحاولت الشروع في الموضوع شعرت بخطورة الموقف. وأحسست بصعوبة البحث وأدركت عسر تناول الغاية التي كنت أتوخاها من تلك الكتابة ، لذلك فقد أصبحت بين إقدام وإحجام وترديد وتصميم ، ماسكاً باليراعة مفكراً في الطريق التي أسلكها لبلوغ المقصد ، متفحصا عن الباب الذي أفتحه للدخول في البحث وأخيرا وبعد لاي إرتأيت أن أذكر أولا نبذة قصيرة عن تاريخ الطب عند العرب في الجزيرة وإنه كيف تدرج من مهده حتى درج إلى الجزيرة العربية ثم أخذ يتربي هناك في أحضان العروبة ويترعرع في حجر الاسلام وينمو في هاتيك الربوع العامرة بالعقول السليمة والأفكار المستقيمة والفطرة المعتدلة الصافية. لأجعلها كمقدمة للبحث حتى يتسنى للقارئ أن يقف على مبلغ توسعه في عصر الإمام «ع» عن بصيرة وخبرة كامله ، ولتكون كتمهيد واف للاطلاع على كامل معرفة الإمام «ع» بهذا العلم الجليل وما أبداه من الحكم البالغة فيه دون أي تعليم أو دراسة إلا ما أخذه عن آبائه وأجداده عن النبي (ص) عن جبرائيل عن الله تعالى.
    وسوف نثبت لك فيما يلي من مباحث هذه الرسالة ذلك ـ أي الذي ذكرناه ما أردنا تقديمه فنقول :

    تاريخ الطب ومبدأ ظهوره :
    لقد تضاربت أقوال المؤرخين واختلف الحكماء والأطباء في ذكر بدأ ظهور هذا العلم الجليل وكيفية حدوثه في العالم مما أوقف الباحث موقف الحيرة والشك فلا يدري كيف يبدي الحقيقة وكيف يظهر للقارئ بمظهر الكاتب الأمين والمؤلف المنصف.
    فقد نسب البعض إكتشافه أو إختراعه أولاً إلى الكلدانيين وآخرون إلى سحرة اليمن وغيرهم إلى كهنة بابل وأكثرهم إلى قدماء اليونانيين ، قال ابن أبي أصيبعة الطبيب المؤرخ في كتابه عيون الأنباء :
    إن إختراع هذا الفن لا يجوز نسبته إلى بلد خاص أو مملكة معينة أو قوم مخصوصين إذ من الممكن وجوده عند أمة قد إنقرضت ولم يبق من آثارها شيء ثم ظهر عند قوم آخرين ثم إنحط عندهم حتى نسى ثم ظهر على أساس هؤلاء لدى غيرهم فنسب إليهم إختراعه أو إكتشافه ( إنتهى ).
    وقال غيره من المؤرخين إن الطب من جملة العلوم التي وضع أساسها الكلدان وكهنة بابل وأنهم هم أول من بحث في علاج الأمراض فكانوا يضعون مرضاهم في الازقة ومعابر الطرق حتى إذا مر بهم أحد قد أصيب بذلك الداء وشفي أعلمهم بسبب شفائة فيكتبون ذلك على ألواح يعلقونها في الهياكل ، فلذلك كان الطب عندهم من جملة أعمال الكهنة وخصائصهم ، ومن الكلدان أخذته ساير الامم القديمة ومن جملتها العرب ، ولذلك تراه متشابها عند أكثر الامم في مصر وفينيقية وآشور ثم تناولته الأمة اليونانية فأتقنوه أحكاما وإحكاما ورتبوا أبوابه وفصوله حتى جعلوه علما له إبتداء وله انتهاء ثم أخذته عنهم الفرس والروم.

    الطب عند العرب
    أما العرب الذين كانوا معاصرين لتلك الدول فقد إقتبسوا منهم بحكم المجاورة والمخالطة شيئاً من الطب أضافوه إلى ما حصلوه من الكلدان وإلى ما إستنبطوه هم أنفسهم بالفطرة والذكاء والتجارب.
    وقد ذكر التاريخ : إن أول من تعاطى الطب من العرب بعد الكهنة ، هم جماعة ممن خالط الروم والفرس في القرن السادس الميلادي وقبل ظهور الاسلام بقليل وأخذوا العلم عنهم ، وكان أشهرهم يومذاك رجل من تيم الرباب يقال له ( ابن حذيم ) (1) وهو الذي ضرب به المثل في الحذاقة والطب ، فقيل فيه : ـ أطب من ابن حذيم ـ وقد قال فيه الشاعر أوس بن حجر :
    فهل لكم فيها إليّ فانني
    بصير بما أعيى النطاسي حذيما (2)

    ثم جاء بعده الحارث بن كلدة (3) طبيب العرب الشهير المتوفى في عام 50 ه‍ وهو خريج مدرسة جنديسابور (4) المعروفة في خوزستان الفرس والشهيرة عند
    __________________
    (1) راجع ترجمته في كتابنا معجم أدباء الاطباء ج 1.
    (2) حذف لفظ ابن إعتماداً على الشهرة ولاستقامة الوزن.
    (3) راجع ترجمته في معجمنا ج 1.
    (4) جنديسابور مدينة في خوزستان في الجنوب الغربي من إيران بناها كسرى الأول سابور بن أردشير الساماني سنة 250 م فنسبت إليه ، وكان قد أسكنها سبي الروم وطائفة من جنده ، وقد إفتتحها المسلمون سنة 19 ه‍. وكانت فيها مدرسة عظيمة يدرس فيها الطب وساير العلوم المختلفة وكان القائم بتدريسها نصارى النسطور ( النسطوريون ) الذين حملوا إليها مؤلفات اليونان الطبية والفلسفية وترجموا الكتب إلى السريانية التي كانت لغة التدريس في تلك المدرسة ، وقد إشتهرت هذه ـ

    العرب ( بمعهد الطب الاسلامي ). فقد كانت العرب تعرف هذه المدرسة وتقدرها لاسيما بعد فتح الاسلام لبلاد الفرس على عهد الخليفة الثاني سنة 19 ه‍. وقد كان الحارث هذا يتعاطى الطب في الطائف بشهرة واسعة وقد أدرك الاسلام ولم يسلم وكان النبي (ص) يأمر من كانت به علة أن يأتيه ويستوصفه.
    ثم كان بعده ابن رومية الجراح التميمي ، ثم النضر بن الحارث بن كلدة الذي يعد من أقدم من أشتغل من العرب في العلوم الدخيلة من طب وغيره ، وكان النضر هذا في عصر النبي (ص) أيضاً ولكنه لما كان يجاري أبا سفيان بعداوة النبي (ص) لأنه ثقفي وبنو ثقيف حلفاء بني أمية ، أمر النبي (ص) عندما أسره المسلمون في بدر بقتله فقتل وذهب بموته علمه وطبه ، ولم يكن له مؤلف أو نقل يعلمنا بمبلغ علمه وطبه ، ثم ذهب الطب من العرب ، وخفى عندهم ردحاً من الزمن ، وذلك منذ ظهور الدعوة الاسلامية حتى شطر من الدولة الاموية ، إذ المسلمون كانوا حينذاك يعتقدون أن الاسلام يهدم ما قبله ولا ينبغي أن يتلى غير القرآن ، أو أن يدرس غير العلوم القرآنية ، فذهلوا عن ساير العلوم بما فيها الطب ، لانشغالهم بانشاء الدولة الاسلامية ونشر الدعوة المحمدية وقمع الشرك وإعلاء كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة عليها.
    ولكن لما اتسع نطاق الاسلام وعلا سلطانه وبلغ الدين الحنيف ذروته التي خضعت لها الامم وذلت لها الملوك لم يقنع المسلمون ببسط سلطانهم على شرق البسيطة وغربها دون أن يلجاؤا أبواب العلوم ، فيأخذوا من كل قطر محاسنه ويستلبوا كنوزه العلمية ، وقد كان للطب عندهم أوفر نصيب من تلك العناية وذلك الاهتمام حيث إقتبسوه أولاً ورغبوا إليه قبل ساير العلوم الدخيلة التي دخلت الجزيرة يومذاك.
    __________________
    ـ المدرسة ونبغ فيها أطباء معروفون خدموا الصناعة والعلم هم الذين أدخلوا الطب إلى العراق زمن الخليفة العباسي المنصور كما ستعرفه مفصلاً في بعض فصول هذه الرسالة.

    وقد ذكر لنا التاريخ وأخبرتنا التراجم أن أول من فطن إلى ذلك ، وأول من اشتغل في نقل الطب وساير العلوم الدخيلة الأخرى مثل الكيميا والنجوم إلى اللغة العربية بعد تلك الفترة الطويلة ، هو خالد بن يزيد بن معاوية الاموي المدعو عند العرب ( بحكيم آل مروان ) والمتوفى سنة 85 ه‍ فانه بعد أن غلبه بنو مروان على الخلافة بعد أخيه معاوية وقد كان رجلاً طموحاً ذكياً ، إنصرف إلى إكتساب العالي عن طريق العلم ولأجل ذلك فقد إستقدم جماعة من علماء الروم منهم الراهب الرومي ( موريانوس ) وطلب إليه أن يعلمه الكيميا ، ولما تعلمها أمر بنقلها إلى العربية فنقلها له رجل يدعى ( إصطفن ) فكان هذا أول نقل في الاسلام من لغة إلى لغة.
    ثم جاء من بعد إصطفن ( ماسرجويه ) فنقل كتباً كثيرة من الطب والفلسفة فكان لبني أمية بعض الآثار العلمية في الاسلام.
    ثم أصاب الطب بعد خالد فترة دامت إلى أواخر الأمويين وإلى عصر السفاح من بني العباس حتى إذا ما أفضت الخلافة إلى أخيه أبي جعفر المنصور سنة 136 ه‍ بانت طلائع وظهرت لقدومه بشائر.
    فلقد كان المنصور كلفاً بأعمال التنجيم شغوفاً بالعمل بأقوال المنجمين في خلافته وقبلها حتى لم يكن يعمل عملاُ إلا بعد إستشارة منجمه الخاص ( نوبخت ) الفارسي وأبنه ( أبي سهل ) ولقد ترجموا له كثيراً من كتب التنجيم والفلك. ثم إزدادت رغبة المنصور لطلب العلوم الدخيلة وبحكم المثل المشهور القائل ( الناس على دين ملوكها ) رغب كثير من الناس إلى طلب تلك العلوم وتوسعوا في درسها والبحث عنها وفيها حتى طلب المنصور من ملك الروم أن يبعث إليه ببعض كتب التعاليم فبعث إليه بجملة كتب شتى ومن جملتها كتاب إقليدس في الهندسة وبعض كتب الطبيعيات والمجسمة وكثير من كتب الطب ، فاهتم العرب بنقلها إلى العربية وأخذوا يتهافتون عليها تهافت الفراش ، ويردون مناهلها ورود الضمآن إلى الماء الزلال.

    وقد كان علم الطب من بين تلك العلوم أكثرها إهتماماً وعناية لديهم كما ساعدهم على هذا الأمر يومذاك أن المنصور أصيب بمرض في معدته إنقطعت من أجله شهوته للطعام ولم ينفعه العلاج بالرغم من عناية أطباء مصره وأهتمامهم في أمره فطلب إلى وزيره الربيع أن يفحص له عن طبيب حاذق يرجع إليه في علاج ما كان يجده من ألم ولما أخذ الربيع يفتش عما طلب أليه الخليفة أرشد ألى الطبيب ( جورجيس ) النصراني رئيس مارسيان أو مدرسة ( جنديسابور) وكان ماهرا حاذقا في الطب كثير التأليف والتصنيف فيه باللغة السريانية ، فبعث إليه المنصور من أحضره له بعد أن خلف ولده ( بختيشوع ) مكانه ، ولما ورد على الخليفة أكرمه ووقع عنده موقعاً حسناً لما رأى فيه من الوقار ورزانة العقل ، لا سيما وقد أبل من علته ومرضه أبلالاً سريعاً ، وشفى شفاءاً عاجلاً كاملاً بعلاجه.
    ولما أراد الرجوع إلى بلده ووطنه منعه الخليفة واغدق عليه الاموال والعطايا الوافرة طمعاً في ابقائه ، فبقى في بغداد يطب المرضى مدة طويلة ، ثم ترجم إلى العربية كثيراً من كتبه الطبية ومن كتب غيره في الطب أيضاً.
    وبهذه الحركة من ( جورجيس ) أخذ الكثير من الأطباء في بغداد ينقل أيضاً ويترجم من السريانية إلى العربية وذلك بعناية المنصور وبذله الأموال للمترجمين والناقلين لاسيما في الطب ، فاتسع نطاق الطب في بغداد وتكاثرت رواده وراجت التأليف ونبغ كثير من نطس الاطباء وشاعت عنهم المعاجز الطبية الكثيرة.
    ولما اشتهرت مساعدة المنصور وساير الامراء والمثرين من أهل بغداد بلد العلم والمال لأصحاب العلوم رغب الكثير من أطباء ( جنديسابور ) في الانتقال إلى بغداد ، وأرسل الطبيب ( جرجيس ) على ولده ( بختيشوع ) بأمر الخليفة ثم جاء ( ماسويه ) أبو يوحنا ثم أعقبة يوحنا ، وهكذا أخذت الاطباء تتقاطر وتتوارد من سائر الأقطار إلى دار السلام ، حتى أصبحت دار الخلافة ( بغداد ) في عصر المنصورـ وهو العصر الذي عاش فيه الامام الصادق «ع» ـ كعبة العلم ومقصد رواد الفضل والأدب ومقر نقلة العلوم والفنون ، وعلى الأخص الطب الذي شاع تدريسه

    وكثر المعالجون به حتى قصدهم المرضى من كل حدب وصوب للاستشفاء.
    أما أبو عبدالله الصادق 7 ، فقد كان ناديه في ذلك العصر مهوى قلوب رواد الفضل والفضيلة ، والمدرسة الكبرى لكل علم وفن وفلسفة وأدب إذ كان «ع» يلقي فيه على أصحابه وتلامذته والمنتهلين من بحر علومه من كل ما يشفي غليل القلوب الصادية ويروي النفوس المتعطشة المتشوقة إلى طلب المعارف السامية دروساً بليغة لم تكن تدركها عقول علماء ذلك الجيل لولاه ، ولم تقف على أسرارها فحول الحكماء في ذلك العصر لو لم يوضحها لهم.
    ونظرة واحدة في كتاب توحيد المفضل (1) وتأمل بسيط في بعض مناظراته الطبية مع أطباء عصره يكفيانك دليلاً على وفور علمه الغزير وكامل معرفة بهذا العلم الجليل ثم ينبئانك أن أقواله القيمة وكلماته الحكيمة في الطب لم تكشف حقيقتها ولم يدرك مغزاها أطباء عصره كما إكتشفت بعد عدة قرون ، حيث تدرج الفكر البشري مرتقياً ـ حسب نظرية النشوء والارتقاء ـ وأخذت أفكار نطس الاطباء وعقول جهابذة العلماء والحكماء تنمو بالتجارب وتتقدم بالاكتشافات حتى بلغت عصرنا الحاضر عصر النور والعلم والاختراع فادركت أسرار كلامه ووقفت على مكنون أقواله في الطب.
    وقليلاً من كثير مما ذكرته الكتب وأخبرتنا به الاحاديث الصحيحة المسندة من وصفاته الطبية ومناظراته الدالة على معرفته الكاملة في أصول الطب وفروعه.
    وإليك فيما يلي من الفصول الآتية بعض ماوصلنا إليه من كلامه «ع» :
    __________________
    (1) مجموعة محاظرات ألقاها الإمام «ع» على تلميذه المفضل في إثبات التوحيد وقد شرحناها في أربعة أجزاء.

    طب الامام 7
    تمهيد
    هبط الكتاب ( القرآن الكريم ) على صاحب الرسالة العامة محمد بن عبدالله 9 بكل ما يصلح هذه البشرية في كافة نواحيها الحيوية فلم يغادر ضغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. ولم يفرط في شيء مما تحتاجه هذه الحياة إلا عالجه ولم يهمل جانباً من جوانب إصلاحها إلا أبانه ، ملائماً لكل ظرف من ظروفها. موافقاً لكل دور من أدوار حياة الانسان في أجياله المتعاقبة وعصوره المتتالية.
    فهو إذن قانون عالمي عام وناموس إطلاحي شامل ومنهاج سماوي حكيم أرسله اللطيف الخبير بواسطة أصدق خلقه لاسعاد هذا الانسان الجاهل وتقويم ما اعوج من طباعه وانتشاله من هوة الهمجية إلى مرتفع ذروة الراحة والهناء فكان من الضروري ـ نظراً لهذه الغاية السامية ـ أن يجيء شاملاً بعنايته الاصلاحية لكل ناحية من مناحي الحياة الانسانية ، ليسير كل حي في طريقه إلى السعادة فيؤدي واجبه من الطاعة والعبادة.
    وهكذا فقد جاء القرآن الحكيم وفيه تبيان كل شيء هدى ورحمة للعالمين حاوياً من الكنوز العلمية والارشادات السماوية مالا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ممن مَنّ الله عليهم بمعرفتها وأختارهم للأطلاع عليها وخصهم دون خلقه بها فجعلهم أدلاء على الخير ومصابيح يهتدى بهم نحو سبيل الحياة السعيدة.
    ولما كانت التكاليف السماوية لم تشرع إلا لسليم العقل ، ولم يكن العقل السليم إلا في الجسم السليم كان من الحكمة واللطف الإلهي أن يلحظ القرآن هذه الناحية المهمة من الانسان أعني صحة الجسم ملاحظة خاصة ، وأن يهتم بها إهتماما

    لا يقل عن الاهتمام بالتكاليف الشرعية نفسها لتوقفها عليها.
    ولأجله فقد ذكر الكتاب المجيد كل أسس الطب ودعائم الصحة في آيه واحدة ترجع إليها خلاصة أفكار الفلاسفة والحكماء طيلة قرون عدة ، وتقف عندها تجارب العلماء والأطباء حتى هذا العصر عصر العلم والإختراع وهي قوله عز وجل : ( يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لايحب المسرفين (1) ).
    فان كافة الأطباء قد أجمعوا بعد التحقيق العلمي المستمر والتجارب المتعاقبة على أن مدار صحة الأجسام ودعامة سلامتها هو الاعتدال في الطعام ، وإن هذا الاعتدال إذا ما تعدى إلى الافراط أو الاسراف أصبح وبالأعلى البدن وفتح بابا واسعاً للفتك بالأجسام والنفوس ، وما هذا النتاج العلمي الذي يفخر به الطب في تقدمه إلا مؤدى هذه الكلمات الثلاث ـ كلوا ـ واشربوا ـ ولاتسرفوا حيث جمعت في طيها جميع أسس حفظ الصحة وخلاصة نواميسه.
    أما النبي الكريم (ص) صاحب الرسالة 9 فقد وردت عنه من التعاليم والارشادات الصحية ما تنوف حد الحصر ، وكلها أصول ترتكز عليها قواعد هذا العلم وتدعم بها أركانه مثل قوله (ص) مشيراً إلى أعظم نقطة يتطلبها علماء هذا الفن في أبحاثهم وهي ـ النظافة والرياضة العقلية والبدنية حيث يقول : بئس العبد القاذورة (2).
    كل لهو باطل إلا ثلاث : تأديبه الفرس ، ورميه عن قوسه ، وملاعبته إمرأته فانه حق (3).
    __________________
    (1) الأعرف ـ 29.
    (2) دعائم الاسلام.
    (3) الفصول المهمة للحر العاملي.

    روحوا القلوب ساعة بعد ساعة (1).
    كما كان 9 يقول وهو حديث مشهور : المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء واعط كل بدن ماعود.
    وكقوله (ص) : تداووا فما أنزل الله داء إلا أنزل معه الدواء إلا السام (2) فانه لا دواء له (3).
    وكقوله 9 : لا تكرهوا مرضاكم على الطعام فان الله يطعمهم ويسقيهم (4).
    وقوله (ص) في الحمى : اطفئوا حماكم بالماء (5).
    وكان (ص) إذا وعك دعا بماء فأدخل فيه يده (6).
    وعنه (ص) ان قوماً من الأنصار قالوا له : يا رسول الله ان لنا جاراً يشتكي بطنه ، أتأذن لنا أن نداويه ؟ قال (ص) : بماذا تداوونه ؟ قالوا : يهودي ههنا يعالج من هذه العلة ، قال (ص) : بماذا ؟ قالوا يشق بطنه فيستخرج منه شيئاً ، فكره ذلك رسول الله ولم يجبهم ، فعاودوه مرتين أو ثلاث فقال (ص) : إفعلوا ما شئتم فدعوا اليهودي فشق بطنه ونزع منه جراحاً كثيراً ثم غسل بطنه ، ثم خاطه وداواه فصح ، فاخبر النبي (ص) بذلك فقال : ان الذي خلق الأدواء جعل لها دواء ، وان خير الدواء الحجامة والفصاد والحبة السوداء (7).
    أقول : أن هذا الحديث الشريف يعطينا درسا عن قدم فكرة العمل الجراحي
    __________________
    (1) مجلة الدكتور المصرية.
    (2) الموت.
    (3) دعائم الإسلام.
    (4 ، 5) دعائم الاسلام.
    (6) متفق عليه بين الفريقين.
    (7) دعائم الإسلام.

    في العلاج وانه لا حداثة له ، وانه آخر الدواء ، الكي لا يحسن التسرع به وأن لا مانع عنه في الشرع.
    وأما صنو النبي 9 أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «ع» فينم عن إعتنائه البالغ بهذا الشأن قوله المشهور : العلم علمان : علم الابدان وعلم الاديان (1).
    وعنه «ع» بلفظ ابن شعبة في تحف العقول : العلم ثلاثة ، الفقه للاديان والطب للابدان والنحو للسان. وقوله «ع» بلفظ الكراجكي في جواهره : العلوم أربعة : الفقه للاديان والطب للابدان والنحو للسان والنجوم لمعرفة الأزمان. وله 7 كلمات قيمة في جوامع علم الأبدان كقوله : اكسروا حرارة الحمى بالبنفسج والماء البارد (3) وقوله «ع» : لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب فان القلب يموت كالزرع إذا كثر عليه الماء (3).
    وقوله لابنه الحسن 8 : يا بني ألا أعلمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب ، فقال «ع» : بلى ، قال لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ، ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه ، وجود المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء ، فاذا استعملت هذه إستغنيت عن الطب (4).
    وقوله : من أراد البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء وليؤخر العشاء ويقل غشيان النساء وليخفف الرداء (5) أقول : المراد من الرداء هو الدين.
    __________________
    (1) حديث مشهور لم نقف على مصدره.
    (2) كشف الاخطار لشمس الدين بن محمد الحسيني.
    (3) كشف الاخطار.
    (4) خصال الصدوق.
    (5) كشف الاخطار.

    وأن ألطف ما رأيت له 7 من المواقف الطيبة الكريمة ما أخرجه رجال الحديث من الفريقين وقد ذكره من إخواننا رجال أهل السنة ، أسعد بن إبراهيم الاربلي المالكي باسناده عن عمار بن ياسر وزيد بن أرقم ، قالا :
    كنا بين يدي أمير المؤمنين «ع» وإذا بزعقة عظيمة ، وكان على دكة القضاء فقال «ع» : يا عمار أئت بمن على الباب ، قال فخرجت وإذا على الباب إمرأة في قبة على جمل وهي تشتكي وتصيح ياغياث المستغيثين اليك توجهت ، وبوليك توسلت فبيض وجهي وفرج عني كربتي. قال عمار وكان حولها ألف فارس بسيوف مسلولة وقوم لها وقوم عليها. فقلت أجيبوا أميرالمؤمنين «ع» فنزلت المرأة ودخل القوم معها المسجد ، واجتمع أهل الكوفة فقام أميرالمؤمنين «ع» وقال : سلوني ما بدا لكم يا أهل الشام ، فنهض من بينهم رجل شيخ وقال : يا مولاي هذه الجارية إبنتي وقد خطبها ملوك العرب ، وقد نكست رأسي بين عشيرتي لأنها عانق حامل فاكشف هذه الغمة.
    فقال أميرالمؤنين «ع» ما تقولين يا جارية ؟ قالت يا مولاي : أما قوله أني عانق فقد صدق. وأما قوله أني حامل فوحقك يا مولاي ما علمت من نفسي خيانة قط فصعد المنبر وقال : عليّ بداية الكوفة. فجاءت أمرأة تسمى ( لبناء ) وهي قابلة أهل الكوفة ، فقال لها اضربي بينك وبين الناس حجاباً وانظري هذه الجارية أعانق حامل أم لا ؟ ففعلت ما أمرها 7 ثم خرجت وقالت : نعم يا مولاي هي عانق حامل. فقال «ع» : من منكم يقدر على قطعة ثلج في هذه الساعة ؟ فقال أبو الجارية الثلج في بلادنا كثير ولكن لا نقدر عليه ههنا ، قال عمار : فمد يده من أعلا منبره وردها وإذا فيها قطعة من الثلج يقطر الماء منها ثم قال : يا داية خذي هذه القطعة مما يلي الفرج فسترين علقة وزنها سبعمائة وخمسون درهماً ففعلت ورجعت الجارية والعلقة اليه. وكانت كما قال «ع» ثم قال لأبي الجارية خذ إبنتك فوالله ما زنت ولكن دخلت الموضع الذي فيه الماء فدخلت هذه العلقة في جوفها وهي بنت عشر

    سنين وكبرت إلى الآن في بطنها (1).
    أقول : لا غرابة في مثل هذا أي في إحضار قطعة ثلج تقطر ماء بعد ما قص علينا القرآن الكريم من قصة آصف بن برخيا وقوله لسليمان 7 لما استحضر عرش بلقيس عنده ، أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه إلى أخر الآية وشتان بين أبن برخيا ومولانا أميرالمؤمنين «ع» فان ذاك إن كان عنده علم من الكتاب فالامام «ع» كان عنده علم الكتاب كله.
    ومن لطائف ما وجدناه لأمير المؤمنين «ع» أيضاً ما رواه اليافعي في كتاب روض الرياحين ص 42 قال : مر علي بن ابي طالب كرم الله وجهه في بعض شوارع البصرة ، فاذا هو بحلقة كبيرة والناس حولها يمدون اليها الأعناق ويشخصون إليها بالأحداق ، فمضى اليهم لينظر ما سبب إجتماعهم ، فاذا فيهم شاب من أحسن الشباب نقي الثياب عليه هيبة ووقار وسكينة الأخيار وهو جالس على كرسي ، والناس يأتونه بقوارير من الماء (2) وهو ينظر في دليل المرضى (3) ويصف لكل واحد منهم ما يوافقه من أنواع الدواء ، فتقدم 7 إليه وقال : السلام عليك أيها الطبيب ورحمة الله وبركاته. هل عندك شيء من أدوية الذنوب ؟ فقد أعيى الناس دواؤها يرحمك الله ، فأطرق الطبيب برأسه إلى الأرض ولم يتكلم ، فناداه الامام «ع» ثانية فلم يتكلم ، فناداه ثالثة كذلك فرفع الطبيب رأسه بعد ما ردّ السلام وقال : او تعرف انت ادوية الذنوب بارك الله فيك ، فقال الإمام 7 نعم ، قال صف وبالله التوفيق فقال «ع» تعمد إلى بستان الايمان فتأخذ منه عروق النية وحب الندامة وورق التدبر وبذر الورع وثمر الفقه وأغصان اليقين ولب الاخلاص وقشور الاجتهاد وعروق التوكل واكمام الاعتبار وسيقان الانابة وترياق التواضع. تأخذ هذه
    __________________
    (1) بحار الانوار للعلامة المجلسي ج 14 ص 525.
    (2) المراد من الماء هنا البول من المريض.
    (3) دليل المرضى أي بولهم.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3301
    نقاط : 4990
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    طب الامام الصادق عليه السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: طب الامام الصادق عليه السلام   طب الامام الصادق عليه السلام Emptyالأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 13:35

    الادوية بقلب حاضر وفهم وافر بأنامل التصديق وكف التوفيق ثم تضعها في طبق التحقيق ثم تغسلها بماء الدموع ، ثم تضعها في قد الرجاء ثم توقد عليها بنار الشوق حتى ترغى زبد الحكمة ، ثم تفرغها في صحاف الرضا وتروّح عليها بمراوح الاستغفار ، ينعقد لك من ذلك شربة جديدة ، ثم تشربها في مكان لا يراك فيه احد الا الله تعالى فان ذلك يزيل عنك الذنوب حتى لا يبقى عليك ذنب. فأنشأ الطبيب يقول :
    يا خاطب الحوراء في خدرها
    مر فتقوى الله من مهرها

    وكن مجداً لا تكن وانياً
    جاهد النفس على برها

    إلى غير ذلك مما يدلنا على ما للدين الحنيف من العناية بالصحة ، وما لدى النبي (ص) وأوصيائه من المعرفة الإلهية والكنوز القرآنية التي اختارهم الله لمعرفتها فلقد كان النبي (ص) في حياته الشريفة هو الواسطة الكبرى بين الخالق وخلقه ولما رفعه الله اليه أبى لطفه العام وكرمه الشامل أن يترك هذا الناس بعد النبي (ص) سدى ودون أن ينصب لهم ولياً مرشداً يكشف لهم عن تلك الكنوز ويبث فيهم تلك التعاليم الصالحة المصلحة والارشادات الحكيمة ، فكان أوصياؤه وأبناؤه هم حملة تلك العلوم وأمناء الله في أرضه على مكنون علمه وغامض سره ولا غرابة فقد أخذوا ذلك عن جدهم النبي 6 عن جبرائيل «ع» عن الله تعالى.
    ولقد ظهر في الناس من تعاليمهم وارشاداتهم ما دل على كامل معرفتهم وتمام اطلاعهم على مختلف العلوم لا سيما علم الطب ، حتى جمع غير واحد من العلماء جملة من أقوالهم فألفها كتباً قيمة باسم ـ طب النبي ، وطب الائمة ، وطب الرضا إلى غيرها مما ملئت الكتب وتواترت بها الاحاديث الصحيحة ، وفي مقدمتها الرسالة الذهبية ( المذهبة ) التي ألفها الامام علي بن موسى الرضا 7 بطلب من المأمون الخليفة العباسي (1) وفيها فوائد جمة من قواعد الطب وأصول الصحة
    __________________
    (1) تذكر برمتها في بحار الأنوار ج 14.

    وقد أمر المأمون ان تكتب بالذهب ، ولذلك سميت بالذهبية أو المذهبة ولم يكن للخليفة عنها غنى برجال الفن المتصلين به نظراء ـ حنا بن ماسويه وجبرائيل ابن بختشوع وصالح بن سلهمه الهندي وغيرهم من أطباء البلاط العباسي (1).
    أما الإمام الصادق «ع» فقد كان عصره عصر ابتداء النهضة العلمية في الجزيرة حيث اتجهت الانظار نحو طلب العلوم وأقبل الناس على اكتساب المعارف وكان الوقت ملائماً والظروف مساعدة له على بث مالديه من تلكم الكنوز القرآنية الموروثة. لذلك فقد ظهر من أقواله الحكيمة وآرائه الطيبة الصائبة وأحاديثه العلمية والدينية الصحيحة ما طبق الارجاء وأنار القلوب المظلمة وهدى النفوس التائهة ، حتى قصده القاصي والداني بين مستشف بارشاداته القيمة وبين مغترف من منهله العلمي العذب النمير.
    ولأجل ذلك فقد روت عنه الرواة ، وكتبت عنه الكتب والرسائل. وتخرج عليه طائفة من العلماء والحكماء وجمهرة من جهابذة الدين وكثير من أكابر الحفاظ والمحدثين ، حتى أصبح قوله «ع» فصل الخطاب. فاذا قيل قال الصادق وقفت العلماء دون قوله واجمين ، وبما ورد عنه معترفين وله خاضعين.
    وها نحن الآن نقدم اليك ما يخص موضوعنا هذا مما ورد عنه «ع» في علم الطب خاصة ، بيد أن طلبنا للاختصار في هذه الرسالة جعلنا نكتفي بالنزر القليل من وافر علمه وجزيل فضله لعدم إمكان الإحاطة الكاملة في هذا المختصر كما أن من المستحسن أيضاً قبل الشروع في البحث أن نذكر للقارئ الكريم ما يلزم ذكره ههنا لكي لا يغفل طالب الحقيقة فيزل أو يغتر بأقوال بعض ذوي الأغراض الخسيسة فيظن ، أن الإمام أبا عبدالله الصادق «ع» أخذ هذه العلوم عمن ورد الجزيرة من علماء الأجانب فلاسفة وأطباء وغيرهم ، إذ من البديهي المسلم كما سنثبته لك أن معرفته «ع» لم تكن إلا قبساً من أشعة علم النبي صلى الله عليه
    __________________
    (1) وقد شرح هذا الكتاب وعلق عليه وحققه الدكتور صاحب زيني النجفي باسم طب الرضا في سلسلة ( ملتقى العصرين ) الصادرة في الكاظمية.

    وآله الذي أخذه عن الوحي إذ لاينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى ثم استودع ذلك لدى وصيه الذي قال 9 فيه : أنا مدينة العلم وعلي بابها (1) وأن وصيه هذا هو الذي قال : سلوني قبل أن تفقدوني ولن تسألوا بعدي مثلي (2) ، ثم استودعه علي «ع» ولديه الحسن والحسين 8 الذين قال النبي 9 فيهما (3) : هذان إمامان قاما أو قعدا ثم كان ذلك العلم الإلهي لدى الإمام السجاد ومنه لدى الباقر ثم ورثه الامام الباقر ولده الامام أبا عبدالله الصادق جعفر بن محمد 7.
    إذن فهذه العظمة العلمية في شخصية الامام الصادق «ع» لم تكن إلا سراً من أسرار الكتاب ونوراً من أنوار النبوة وفيضاً من فيوضات الإمامة لا غير ولو كانت مكتسبة لظهر من أساتذته ومعلميه ـ كما زعم الجاهلون ـ بعض ما ظهر منه مما ملأ الكتب وفاضت به الأخبار والأحاديث.
    ثم دع ما تقدم وتأمل منصفاً ثم أنظر في أقواله وتعاليمه بعين طالب الحقيقة فهل تجد لكل من ورد الجزيزة آنذاك من أطباء وفلاسفة إطلاعاً على آرائه وأقواله أو إدراكاً لما أبانه واظهره مما لم يدركه العلم في ذلك العصر ، ولم يقف العلماء على مغزاه ومرماه إلا بعد قرون متطاولة وأجيال متعاقبة ، وبعد أن مخضتهم التجارب العلمية وأرشدتهم الاكتشافات العملية إلى معرفة ذلك.
    والآن اذكر لك بعض مناظراته الطبية لاثبت صحة دعوانا في طب الامام «ع» ولتحكم بنفسك على نفسك. وإليك بعضها :
    __________________
    (1) الغدير للأميني ج 6 ص 54.
    (2) الغدير ج 6 ص 178.
    (3) حديث متفق عليه.

    [[ مناظرة الإمام «ع» مع الطبيب الهندي (1) ]]
    عن محمد بن إبراهيم الطالقاني عن الحسن بن علي العدوي عن عباد بن صهيب عن أبيه عن جده عن الربيع صاحب المنصور قال : حضر أبو عبدالله «ع» مجلس المنصور يوماً وعنده رجل من الهند يقرأ عليه كتب الطب ، فجعل أبو عبدالله «ع» ينصت لقراءته ، فلما فرغ الهندي قال له : يا أبا عبدالله ، أتريد مما معي شيئاً ؟ قال : لا فان معي خير مما معك ، قال وما هو ؟ قال «ع» أدواي الحار بالبارد والبارد بالحار والرطب باليابس واليابس بالرطب وأرد الأمر كله إلى الله عز وجل وأستعمل ما قاله رسول الله (ص) : وأعلم أن المعدة بيت الداء وأن الحمية رأس كل دواء واعط البدن ما اعتاده ، فقال الهندي : وهل الطب إلا هذا ؟ فقال الصادق «ع» أتراني من كتب الطب أخذت ؟ قال نعم ، قال «ع» : لا والله ما أخذت إلا عن الله سبحانه فاخبرني : أنا أعلم بالطب أم أنت ؟ قال الهندي بل أنا ، قال الصادق «ع» فأسألك شيئاً ، قال سل ، قال الصادق 7 أخبرني يا هندي :
    لم كان في الرأس شؤون ؟ قال لا أعلم.
    فلم جعل الشعر عليه من فوق ؟ قال لا أعلم.
    فلم خلت الجبهة من الشعر ؟ قال لا أعلم.
    قال 7 :
    فلم كان لها تخطيط وأسارير ؟ قال لا أعلم.
    فلم كان الحاجبان فوق العينين ؟ قال لا أعلم.
    فلم جعلت العينان كاللوزتين ؟ قال لا أعلم.
    فلم جعل الأنف فيما بينهما ؟ قال لا أعلم.
    فلم ثقب الأنف من اسفله ؟ قال لا أعلم.
    __________________
    (1) بحار الأنوار ج 14 ص 478 وفي كشف الأخطار ( مخطوط ).

    فلم جعلت الشفة والشارب فوق الفم ؟ قال لا أعلم.
    فلم أحد السن وعرض الضرس وطال الناب ؟ قال لا أعلم.
    فلم جعلت اللحية للرجال ؟ قال لا أعلم.
    فلم خلت الكفان من الشعر ؟ قال لا أعلم.
    فلم خلا الظفر والشعر من الحياة ؟ قال لا أعلم.
    فلم كان القلب كحب الصنوبر ؟ قال لا أعلم.
    فلم كانت الرئه قطعتان وجعلت حركتهما في موضعهما ؟ قال لا أعلم.
    فلم كانت الكبد حدباء ؟ قال لا أعلم.
    فلم كانت الكلية كحب اللوبياء ؟ قال لا أعلم.
    فلم جعل طي الركبة إلى الخلف ؟ قال لا أعلم.
    فلم تخصرت القدم ؟ قال لا أعلم.
    قال الصادق «ع» : لكني أعلم. قال الهندي : فأجب.
    قال الصادق «ع» : كان في الرأس شؤون لأن المجوف إذا كان بلا فصل اسرع إليه الصداع فاذا جعل ذا فصول [ شؤون ] كان الصداع منه أبعد.
    وجعل الشعر من فوقه ليوصل الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ، ويرد الحر والبرد عنه.
    وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين.
    وجعل فيهما التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس إلى العين قدر ما يحيطه الانسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه.
    وجعل الحاجبان من فوق العينين ليردا عليهما من النور قدر الكفاية ، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر الكفاية منه.
    وجعل الأنف بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء.
    وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ، ولو كانت

    مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل ولا وصل اليها دواء ولا خرج منها داء.
    وجعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ وتصعد فيه الروائح إلى المشام ، ولو كان في أعلاه لما نزل منه داء ولا وجد رائحة.
    وجعل الشارب والشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم لأن لا يتعفن على الانسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه.
    وجعلت اللحية للرجال ليستغني بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من الأنثى.
    وجعل السن حاداً لأن به يقع العض.
    وجعل السن عريضاً لأن به يقع الطحن والمضغ.
    وكان الناب طويلاً ليسند الأضراس والأسنان كالاسطوانة في البناء.
    وخلا الكفان من الشعر لان بهما يقع اللمس فلو كان فيهما شعر ما درى الانسان ما يقابله ويلمسه.
    وخلا الشعر والظفر من الحياة لأن طولهما سمج يقبح وقصهما حسن فلو كان فيهما حياة لألم الانسان قصهما.
    وكان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس فجعل رأسه دقيقاً ليدخل في الرئة فيتروح عنه ببردها ولئلا يشيط الدماغ بحره.
    وجعلت الرئة قطعتين ليدخل القلب بين مضاغطها فيتروح بحركتها.
    وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة وتقع جميعها عليها فتعصرها ليخرج ما فيها من بخار.
    وجعلت الكلية كحب اللوبياء لأن عليها مصب المنى نقطة بعد نقطة فلو كانت مربعة أو مدورة لأحتسبت النقطة الأولى إلى الثانية فلا يلتذ بخروجها إذا المني ينزل من فقار الظهر إلى الكلية وهي تنقبض وتنبسط وترميه أولاً فأولاً إلى المثانية كالبندقة من القوس.

    وجعل طي الركبة إلى خلف لأن الانسان يمشي إلى ما بين يديه فتعتدل الحركات ولولا ذلك لسقط في المشي.
    وجعلت القدم متخصرة لأن المشي إذا وقع على الأرض جميعه ثقل ثقل حجر الرحى.
    فقال الهندي : من أين لك هذا العلم ؟ قال 7 : أخذته عن آبائي : عن رسول الله 9 عن جبرائيل «ع» عن رب العالمين جل جلاله الذي خلق الأجساد والأرواح.
    فقال الهندي : صدقت وأنا أشهد أن لا إله ألا الله وأن محمداً رسول الله وعبده وأنك اعلم اهل زمانك ( إنتهى ).
    [[ سؤال النصراني منه عن تعداد عظام الانسان (1) ]]
    في المناقب لابن شهراشوب : عن سالم بن الضرير أن نصرانياً سأل الصادق «ع» عن أسرار الطب ، ثم سأله عن تفصيل الجسم فقال «ع» : ان الله خلق الانسان على إثنى عشر وصلاً ، وعلى مائتين وثمانية وأربعين عظماً وعلى ثلاثمائة وستين عرقاً فالعروق هي التي تسقي الجسد كله ، والعظام تمسكه واللحم يمسك العظام ، والعصب يمسك اللحم ، وجعل في يديه إثنين وثمانين عظماً في كل يد واحد وأربعين عظما منها في كفه خمسة وثلاثون عظماً وفي ساعده إثنان وفي عضده واحد وفي كتفه ثلاثة فذلك واحد وأربعون وكذلك في الأخرى ، وفي رجله ثلاثة وأربعون عظماً منها في قدمه خمسة وثلاثون عظماً وفي ساقه إثنان وفي ركبته ثلاثة وفي فخذه واحد وفي وركه إثنان وكذلك في الأخرى. وفي صلبه ثماني عشر فقارة وفي كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع وفي وقصته (2) ثمانية ، وفي رأسه ستة وثلاثون عظماً ، وفي فمه
    __________________
    (1) بحار الأنوار ج 14 ص 480.
    (2) الوقصة العنق.

    ثماني وعشرون أو إثنان وثلاثون عظماً [ سنا ].
    أقول ، المراد بالوصل هو الأعضاء العظمية المتصلة ببعضها وهي إثنا عشر. الرأس والعنق والعضدان والساعدان والفخذان والساقان وأضلاع اليمين وأضلاع اليسار.
    ولعمري أن هذا الحصر والتعداد لم يتعد عين ماذكره المشرحون والجراحون في هذا العصر لم يزيدوا ولم ينقصوا ، اللهم إلا في التسمية أو جعل الاثنين لشدة اتصالهما واحداً وبالعكس ، وهذا مما يدلنا على إطلاعه الكامل بالتشريح ونظره الثاقب في بيان تفصيل الهيكل العظمي في بدن الانسان.
    وهاك أيضاً بعض أسراره الطبية العجيبة التي لم يكتشفها علم الطب إلا بعد أن كملت العقلية البشرية ، ولم يعرفها الأطباء ذووا الأفكار الجبارة إلا بعد التجارب والتحقيق والتنقيب العلمي الكثير. فمنها :
    [[ الدورة الدموية ]]
    جاء في كتاب توحيد المفضل وهو جملة محاضرات وأمالي ألقاها الامام «ع» على تلميذه المفضل بن عمر الجعفي في إثبات التوحيد (1) من المسائل الطبية الجليلة ما لم يحلم بها الأطباء في ذلك العصر ، ولم يدركوها إلا بعد إثنى عشر قرنا عندما ظهر الاستاذ الدكتور ( هارفي ) الطبيب الشهير المعروف لدى الاطباء ( مكتشف الدورة الدموية ) ثم اكتشف ذلك الاكتشاف الذي افتخر به الغرب حتى جعله من معجزات عصر الاختراعات والذي قلب الطب ظهراً على عقب وهو في الحقيقة ولدى المتأمل المنصف اكتشاف كان قد ذكره الامام الصادق «ع» فى طي كلامه مع المفضل فلو نظرت إليه وتأملته لعلمت علم اليقين ، ان هذا المكتشف العظيم لم يأت بشيء جديد ولم يكن إلا عيالاً على ما قاله أبو عبدالله الصادق «ع» قبل عدة قرون.
    __________________
    (1) وقد شرحناه مفصلاً في أربعة أجزاء طبع منها جزأن والآخران تحت الطبع.

    وتأمل قوله حيث يقول :
    فكر يا مفضل في وصول الغذاء إلى البدن ومافيه من التدبير ، فان الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق رقاق واشجة بينهما قد جعلت كالمصفى للغذاء لكيلا يصل إلى الكبد منه شيء ـ فينكأها وذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف ، ثم أن الكبد تقبله فيستحيل فيها بلطف التدبير دما فينفذ في البدن كله في مجار مهيأة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء حتى يطرد في الأرض كلها وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مغايض أعدت لذلك فما كان منه من جنس المرة الصفراء جرى إلى المرارة ، وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال ، وما كان من جنس البلة والرطوبة جرى إلى المثانة ، فتأمل حكمة التدبير في تركيب البدن ووضع هذه الأعظاء منه مواضعها واعداد هذه الأوعية فيه لتحمل تلك الفضول ، لئلا تنشر في البدن فتسقمه وتنهكه فتبارك من أحسن التقدير وأحكم التدبير ( إنتهى ) (1).
    أقول : هكذا ورد عنه 7 وهو صريح في بيان الدورة الدموية على حسب ما وصل اليه الطب الحديث بعد مدة تناهز الاثنى عشر قرنا وهذا مضافا إلى ما لوح فيه إلى وظائف الجهاز الهضمي ، والجهاز البولي ، وإلى وظيفة المرارة والطحال والكبد والمثانة. كما أنه «ع» أشار أيضا بقوله : لئلا ينتشر في البدن فيسقمه وينهكه ـ إلى ما أثبته طب القرن العشرين من التسمم البولي الحاصل من رجوع البول من المثانة إلى الدم عندما لم يخرج منها فينتشر بواسطة الدم في جميع أعضاء البدن فيسممه ويسقمه وإلى التسمم المعدي الحاصل من تعفن الفضلات المعدية والمعوية غير المندفعة منها والتي تحدث برجوعها إلى البدن وهي متعفنة فاسدة التهابات توجب تسممه وانتهاكه فتأمل.
    __________________
    (1) توحيد المفضل.

    [[ كيفية السماع والأبصار ]]
    لقد ثبت في علم الطب الحديث وأصبح من البديهي لدى نطس الأطباء بعد التجارب والبحث العلمي في كيفية السماع : ان بين منبع الصوت والاذن السامعة توجد على الدوام مسافة ، ولأجل أن يدرك الصوت يحتاج إلى أن يكون بينهما وسط ذو مرونة وهذا الوسط المرن هو الهواء بوجه عام ، فاذا لم يكن هذا الوسط المرن بين السمع والمسموع لم يدرك الصوت ، ولذلك فلا يسمع صوت في الخلاء ( أي الموضع الخالي من الهواء ) البتة.
    كما أجمعوا أيضا : على أن المرئيات مطلقا لا ترى مالم يشع عليها ضوء خارج عنها كضوء الشمس أو نور المصباح أو نور النجوم وأشباهها ، فان هذه الأشعة المنعكسة من أي مرئى كانت تدخل في العين من القرنية الشفافة وتمر بالحدقة بالبؤبؤ ثم تسقط على الشبكية وترسم عليها صورة المرئى.
    إذن فلا سماع إلا بالهواء ولا رؤية إلا بالضياء حسب العلم الحديث ، وهذا القول الناتج بعد البحث والتنقيب من قبل علماء وفطاحل وباختبارات كثيرة طيلة أعوام وأجيال ، هو بلا ريب جاء مطابقا لقول الامام الصادق «ع» ، بل هو عين ماذكره قبل مدة غير قصيرة أي قبل ألف ومائتي سنة وذلك حيث يقول (1) :
    أنظر الآن يا مفضل إلى هذه الحواس التي خص بها الإنسان في خلقه وشرف بها على غيره ( إلى أن يقول ) فجعل الحواس خمسأ تلقى خمساً لكي لا يفوتها شيء من المحسوسات. فخلق البصر ليدرك الألوان ، فلو كانت الألوان ولم يكن بصر يدركها لم يكن فيها منفعة ، وخلق السمع ليدرك الأصوات ، فلو كانت الأصوات ولم يكن سمع يدركها لم يكن فيها أرب ، وكذلك ساير الحواس ، ثم
    __________________
    (1) توحيد المفضل.

    هذا يرجع متكافئأ فلو كان بصر ولم تكن ألوان لما كان للبصر معنى ، ولو كان سمع ولم تكن أصوات لم يكن للسمع موضع ، فانظر كيف قدر بعضها يلقى بعضاً فجعل لكل حاسة محسوساً يعمل فيه ، ولكل محسوس حاسة تدركه ، ومع ذلك فقد جعلت أشياء متوسطة بين الحواس والمحسوسات لايتم الحس إلا بها ، كمثل الضياء والهواء فانه لو لم يكن ضياء يظهر اللون للبصر لم يكن البصر يدرك اللون ولو لم يكن هواء يؤدي الصوت إلى السمع لم يكن السمع يدرك الصوت الخ.
    أقول : فتأمل وانصف وجدانك ، أهل جاء الطب الحديث بغير ما ذكره الامام «ع» للمفضل في ما أملاه عليه من محاضرته القيمة بصورة سهلة واضحة.
    وإليك نظرية علمية ثالثة ( وما أكثر نظرياته العلمية التي لو جمعت ولوحظت لكانت أسساً علمية طبية لكل مخترع مفتخر به اليوم. ولكن ... ) ذكرها الامام الصادق 7 قبل اكتشاف العلم الحديث لها في القرن التاسع عشر الميلادي وهي معرفة حصول العدوى من السقيم إلى المريض بواسطة الجراثيم المرضية كما سنذكره لك على وجه الاكمال.
    [[ العدوى والجراثيم ]]
    قال الامام جعفر بن محمد الصادق «ع» (1) : لا يكلم الرجل مجذوماً إلا أن يكون بينهما قدر ذراع وفي لفظ آخر قدر رمح.
    وهذا من أوضح الدلالات على وجود العدوى في الاسلام ، وأنها تكون بواسطة الجراثيم وقد أثبت علم الطب الحديث باكتشاف علماء ( البكتريولوجيا ) إجماعاً أن ميكروب الجذام يندر وجوده في الهواء حول المصاب أكثر من بعد مسافة متر أو متر ونصف متر وربما كان كذلك في المسلولين ، وهو قول الامام «ع» ولا غرابة في معرفة الامام بهذا وأمثاله ، بعد أن كان من الراسخين في العلم ، ومن الذين اختارهم الله تعالى لسره وأطلعهم على غامض علمه. وبعد أن ورد عن
    __________________
    (1) الوسائل ج 2 ص 208 طبع عين الدولة.

    النبي (ص) قوله : فر من المجذوم فرارك من الأسد (1). وقوله (ص) : لا تدخلوا بلداً يكون فيه الوباء (2). وقوله 9 : لا يوردن ممرض على مصح (3) إلى غيرها من الأحاديث الدالة على ذلك.
    إذن فالاسلام مثبت على هذا وجود الجراثيم المرضية وعدواها وانها موجودة في جسم المصاب ، وذلك قبل أن يكتشفها الدكتور الافرنسي ( دافين ) في سنة 1850 وقبل أن يشاهدها بمجهر الدكتور ( باستور ) في أواخر القرن التاسع عشر.
    هذا مضافاً إلى أن العقل يحكم بوجودها في الأمراض السارية المعدية وذلك لأن المرض لم يكن في الأجسام الا عرضاً وارداً عليها ، ومن المسلم أن العرض لا يمكن أن يقوم بذاته في الخارج دون أن يعرض على جسم آخر يقوم به ، فاذا قيل انتقل المرض فمعناه : أن الجسم الحامل له هو المنتقل به ، وليس المكروب إلا هذا الجسم الناقل ، ولم يرد النهي عن دخول البلد التي فيها الوباء أو الأمر بالفرار من المجذوم أو عدم ورود الممرض على المصح إلى غير ذلك إلا لغرض عدم إنتقال هذا الجسم الحامل للمرض ( الجراثيم ) من السقيم إلى السليم وليست العدوى إلا هذا.
    بقي هنا أن تنظر إلى ما أخرجه رواة الحديث من الفريقين باسناد صحيحة عن رسول الله (ص) من قوله : لا عدوى ولا طيرة (4) إلى غيره بالفاظ أخر فهو يؤل بأحد معنيين :
    الأول : إن دين الاسلام جاء بنواميس تمنع من المام أي من الأوباء الموجبة للعدوى ، فقد نهى عن أقسام الفجور المستتبعة للامراض السارية كما جاء باصول
    __________________
    (1) البحار ج 16.
    (2) مجمع البحرين في باب عدوى وفي صحيح مسلم ج 2.
    (3) صحيح مسلم ج 2.
    (4) صحيح مسلم ج 2 ص 259.

    الصحة جمعاء ، فقد نهى مثلاً عن الأكل قبل الجوع والكف قبل الشبع مما يمنع السدود وفساد الاخلاط والتخمة التي هي من أمهات الأمراض إلى غير ذلك مما يضيق به هذا المختصر ، ثم حرم الأشياء الضارة كلها ، كما أثبت الطب أضرارها وأضرار إستعمالها بعد التجارب العلمية والعملية. إذاً فمتى إلتزم المسلم بها أي بتلك الآداب والارشادات والسنن والأحكام والتعاليم فانه لا يكاد يجد لأي مرض إلماماً به مما يستتبع العدوى عدا طفايف تتكيف بها النفس من حر أو برد وأمثالهما مما لا عدوى فيها.
    وهذا المعنى يناسب نفي الذات الظاهر في الحديث.
    الثاني : أن الاسلام بنسب كلية التأثير فى الأجزاء الكونية بالمبدأ الأقدس سبحانه وتعالى ، فلا يرى المسلم المعتنق لهذا الدين الحنيف أن تلكم الأمراض تستلزم العدوى بانفسها لا محالة ( كما هو مزعمة الجاهلية ) وإنما يعتقد أن ذلك التأثير محدود من المبدأ الحق سبحانه ، وهذا هو المقصود بالطيرة وإن ما يتطير به غير مستقل بالتأثير ، ولا يكون إلا ما شاء الله ، فاذا إعتقد الانسان ذلك اكتسح عنه الاضطراب بما يتطير به لانه أمر مردد بين مقدر وغير مقدر والأول ( المقدر ) لا ندحة له والثاني ( غير المقدر ) لا يصيبه البتة وربما ينفي عنه بهذا الاعتقاد أصل التطير ، فلا يتطير بعد. ومن هنا كان (ص) يقول : ان الذي أنزل الداء أنزل الدواء (1).
    قال الطيبي (2) لا ، التي لنفي الجنس دخلت على المذكورات فنفت ذواتها وهي غير منفية ، فيوجه النفي إلى أوصافها وأحوالها التي هي مخالفة للشرع فان الصفر والعدوى والهامة موجودة ، والنفي مازعمت الجاهلية لا إثباتها فان نفي الذات لارادة الصفات أبلغ في باب الكناية ( إنتهى ).
    __________________
    (1) كشف الأخطار المخطوطة.
    (2) بكسر الطاء والياء الخفيفة ، هو الحسن بن محمد بن عبدالله المحدث المفسر المتوفى سنة 743 ه‍.

    وهناك معان أخرى للحديث ، يتأتى بها الوفاق بينه وبين مامر ، إقتصرنا على ما ذكرها روما للاختصار.
    والآن وبعد ذكرنا للجراثيم ناسب أن نذكر لك نبذة مختصره عن تاريخها وأثرها في الأجسام ، وكيفية ورود العدوى بواسطتها وحسب الطب الحديث إتماماً للفائدة وإيضاحاً للبحث.
    [[ الجراثيم ومجمل تاريخها ]]
    الجراثيم ( الميكروبات ) جمع جرثومة ( ميكروب ). ومعنى ميكروب ( الحي الدقيق ) وقد وضع هذا الاسم لهذا الحي الدقيق رجل يدعى ( سيدلوث ) سنة 1878 م. أما العلم الذي يبحث عنها وعن أنواعها وآثارها فيسمى : ( البكتريولوجيا ) وهو لفظ يوناني مأخوذ من تركيب لفظة ( بكتريا ) بمعنى العصي جمع عصا ، وذلك لأن شكل الكثير منها مستقيم كالعصا. ولفظة ( لوجيا ) بمعنى العلم ، أما المؤسس لهذا العلم فهو الاستاذ ( لويس باستور ) الأفرنسي المتولد 1822 م والمتوفى سنة 1895 م وان أشهر من نبغ فيه بعده هو الاستاذ الدكتور ( روبرت كوخ ) الألماني مكتشف ميكروب التدرن الرئوي في السل والمتولد سنة 1843 م والمتوفى سنة 1910 م.
    وغير خفي أن الذي هدي الناس إلى معرفة هذه الأحياء الدقيقة ( غير المرئية بالعين المجردة ) هو المجهر ( الميكروسكوب ) الذي اخترع في سنة 1590 م قبل تأسيس هذا العلم بمدة طويلة.
    وللجراثيم أشكال ثلاثة :
    1 ـ الشكل الباسللي أي المستطيل.
    2 ـ البروز وهي التي ترى كنقط صغار قد يلتقي بعضها ببعض فتتكون منها خيوط تسمى ( البروزالسلسلية ) وقد تجتمع مثنى وثلاث ورباع وقد تتكون

    باجتماعها على شكل الكلية ، أو على شكل عنقود فتسمى الكلليه ( بتشديد الياء ) أو العنقودية إلى غير ذلك.
    3 ـ الشكل الحلزوني وهو جراثيم مستطيلة ملتوية على نفسها كالثعبان أو كحركة الضمة ( و ) أو الشولة ( ، ) ولذلك تسمى أحياناً ( الباسيل الضمي ) وقد يكون لقسم منها أهداب في أطرافه.
    وهذه الجراثيم تنمو وتتوالد باحدى طريقتين :
    1 ـ أما بانقسامها عرضاً إلى قسمين وكل قسم منهما إلى قسمين أيضاً وهلم جرا.
    2 ـ وأما بتولد حبيبة في داخل الجرثومة تنفلق عنها ، ثم تنمو هذه الحبيبة فتكون جرثومة وهكذا بكل سرعة.
    ويحدث ضررها بنموها في السائل الذي يتربى فيه وبافرازها فيه مواد تفتك في البدن فتكا ذريعاً مهما كانت قليلة أو ضعيفة.
    أما طريق العدوى بها وبعبارة أوضح طريق دخول الجراثيم إلى الجسم فلذلك أبواب كثيرة أهمها أربعة وهي :
    1 ـ الرئتان. 2 ـ الجهازالهضمي. 3 ـ الجلد. 4 ـ الأغشية المخاطية كأعضاء التناسل والعين مثلاً ولا يلزم أن يكون سطح الجسم أو الأغشية المخاطية مجروحة لكي يدخل ذلك المكروب من الجرح ، بل قد يدخل من الأماكن ذات النسيج الرقيق من الجلد أو من مسامها ولكن الجرح يسهل الدخول.
    أما مصادر خروج الميكروب أي ألأشياء التي تحمل الجراثيم وتتصل بالبدن ثم تنقلها اليه فهي :
    1 ـ الهواء. 2 ـ الطعام. 3 ـ الشراب. 4 ـ التراب. 5 ـ ما يلامس جلد المصاب من الاجسام الخارجية كالملابس والأواني وأمثالها.
    ولقائل أن يقول : كيف توجد العدوى ونرى بالحس والوجدان أن ليس كل إنسان اتصل به ميكروب مرض معدي أصيب به ، بل كم من متعرض له

    ينجو وكم من متوق محتاط يصاب بأسرع من غيره. إذاً فما معنى العدوى ؟ وهل تلك الاصابة إلا صدفة كما إتفقت للمريض الأول ؟
    فنقول : لا لوم عليك إذا ما تصورت ذلك فانكرت العدوى لأن الظاهر كما زعمت ، ولكن قد غاب عنك أن الأطباء والعلماء قد اتفقوا بلا خلاف على أن أثر العدوى بالجراثيم المرضية وسرايتها في السليم متوقفة على شروط إذا لم تحصل فان العدوى لم يكن لها أثر البتة وهي :
    1 ـ القابلية ومعناها أن يوجد في الميكروبات ما يحصل به نماؤها مثل ضعف الكريات البيض في دم السليم التي هي بمنزلة الجنود المدافعة عن البدن والمكلفة باقتناص ما يرد إليه من الجراثيم المرضية الفتاكة وردعها عنه بكل قواها ، فاذا ضعفت هذه الكريات في الدم أصبح البدن مستعداً إلى قبول الجراثيل قابلاً لفتكها غير مدافع عن ضررها.
    2 ـ الفاعلية ومعناها أن تحصل تلك الجرثومة في بيئة أو وسط ملائمين لنموها ومساعدين لها على مكثها وتفريخها.
    3 ـ حصول الوقت الكافي لتأثيرها في البدن.
    فاذا حصلت هذه الشروط الثلاثة وحصل الناقل لها كالهواء أو الطعام أو الشراب أو غيرها حصلت العدوى وإلا فلا عدوى.
    ثم أن هناك أمراً آخر لابد من ملاحظته وذلك أن للأمراض المعدية أدواراً ثلاثة : 1 ـ دور الابتداء. 2 ـ دور التوقف. 3 ـ دور الانحطاط.
    وهي أي الأمراض منها ما يعدي في كل أدواره ومنها ما يعدي في دور الابتداء فقط ومنها ما يعدي في دور الانحطاط. إذاً فلا تحصل العدوى دائماً.
    ويتلخص من هذه المقدمة أن المرض المعدي لا تحصل منه العدوى إلا إذا كان في دوره المعدي مع حصول القابلية والفاعلية من المكروب نفسه مع حصول الوقت الكافي لنموه ومع مساعدة البيئة أو الوسط مع ضعف المناعة في بدن السليم

    ( أي ضعف الكريات البيض ) أما بغير ذلك فلا عدوى.
    قال ابن سينا : ليس كل سبب يصل إلى البدن يفعل فيه ، بل قد يحتاج مع ذلك إلى أمور ثلاثة : 1 ـ إلى قوة من قوته الفاعلة. 2 ـ وقوة من قوة البدن الاستعدادية. 3 ـ وتمكن من ملاقات أحدهما للآخر بزمان في مثله يصدر ذلك الفعل منه ، وقد تخلتف أحوال الأسباب عند موجباتها ، ربما كان السبب واحداً واقتضى في أبدان شتى أمراض شتى ، أو في أوقات شتى ، وقد يختلف فعله في الضعيف والقوي وفي شديد الحس وضعيفه.
    وهنا كان من المناسب أيضأ أن تعلم بأن للأمراض المعدية أسباباً مهيئة أخرى وهي قسمان ـ مادية ـ ومعنوية ـ وبعبارة أوضح ، ظاهرة وكامنة.
    أما الظاهرة ( المادية ) فهي مثل فساد الهواء وفساد الماء والأبخرة الرديئة المتعفنة والأماكن الرطبة وكثيرة السكان وقليلة النور وشدة الحرارة والبرودة وفساد الطعام والمستنقعات والحروب وشرب الخمور وارتكاب المعاصي إلى غير ذلك من الأمور التي تجعل الجسم مستعداً لقبول العدوى.
    وأما الكامنة ( المعنوية ) فمثل الوراثة ، والسن والجنس ، والمزاج الضعيف والجوع والتعب المفرطين ، وقد يكون منها الغضب والوهم والهم والغم والحزن والرعب والخوف والعشق وغيرها.
    فان الاحداث والاسباب النفسية كثيراً ما تؤثر في حدوث الامراض أو تطورها وبالأخير إنهاك القوى التي يجعل الجسم عرضة لكل عدوى.
    قال جالينوس : الغضب يلهب الأمزجة الصفراوية والحارة فيهيء الجسم للحميات الحادة كالحمى العفنية اللازمة ، والغم والحزن يفسدان الدم فيكونان علة للحمى التيفوئيدية ، والفزع والرعب يحدثان أحياناً رقة الدم وفقد الكريات الدموية فيكونان سبباً للتيفوس وأشباهها ( إنتهى مضمون كلامه ).
    وهذه نبذة وجيزة عن الميكروبات ذكرناها ليتضح لك جيداً ويبدو لك جلياً
    معنى قول الامام «ع» : لا يكلم الرجل مجذوماً إلا وأن يكون بينهما قدر ذراع وبلفظ آخر قدر رمح.
    فتأمل جيداً فى قوله هذا كيف أشار بكلماته القصار إلى خلاصة ما إكتشفه علم القرن العشرين بعد التاسع عشر من الأسرار العجيبة التي إفتخر بها كأنه جاء بشيء جديد في حين أن الامام الصادق «ع» قد أبان عنه قبل 14 قرناً بكل وضوح.
    [[ حديث الأهليلجة (1) ]]
    إن هذا الحديث الجليل والكتاب الشريف الذي كتبه الامام الصادق «ع» إلى تلميذه المفضل بن عمر الجعفي في إثبات التوحيد ، لحديث طويل لا يسعه هذا المختصر ، ولكنا قد إقتطفنا منه جزءاً يسيراً مما هو محل شاهدنا للاستدلال على كامل معرفته «ع» بالعقاقير ومنافعها وأضرارها وأنواعها ومنابتها وطرق إستعمالها بما لم يعرفها أطباء عصره ولم يدركها ذوو الفن من المشتغلين بها على أنه 7 كان قد ذكرها طي كلامه عن التوحيد ولم يقصد بيانها مفصلاً وهذا مما يوضح لكل منصف عارف ما لدى الإمام من العلم الكامل بهذا الفن علماً أخذه عن أجداده عن النبي 6 بالوراثة لا عن تعليم معلم أو تدريس أستاذ وإليك ما إقتطفناه منه.
    كتب المفضل بن عمر الجعفي إلى أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق «ع» يعلمه أن أقواماً ظهروا من أهل هذه الملة يجحدون بالربوبية ويجادلون على ذلك ويسأله أن يرد على قولهم ليحتج عليهم بما إدعوا به.
    فكتب أبو عبدالله «ع» إليه :
    بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد وفقنا الله وإياك لطاعته وأوجب لنا بذلك رضوانه ورحمته. وصل كتابك تذكر فيه ما ظهر في ملتنا وذلك من قوم أهل
    __________________
    (1) البحار ج 2 ص 75 ط طهران.

    الالحاد بالربوبية قد كثرت عدتهم واشتدت خصومتهم ، وتسأل أن أصنع الرد عليهم والنقض لما في أيديهم كتاباً على نحو ما رددت على غيرهم من أهل البدع والاختلاف ونحن نحمد الله على النعم السابغة والحجج البالغة والبلاء المحمود عند الخاصة والعامة ( إلى أن يقول 7 ) ولعمري ما أتى الجهال من قبل ربهم وأنهم ليرون الدلالات الواضحات والعلامات البينات في خلقهم وما يعاينون في ملكوت السماوات والأرض والصنع العجيب المتقن الدال على الصانع ، ولكنهم قوم فتحوا على أنفسهم أبواب المعاصي وسهلوا لها سبيل الشهوات ، فغلبت الأهواء على قلوبهم واستحوذ الشيطان بظلمهم عليهم ، وكذلك يطبع الله على قلوب المفسدين.
    وقد وافاني كتابك ورسمت لك كتاباً كنت نازعت فيه بعض أهل الأديان من أهل الأنكار وذلك أنه :
    كان يحضرني طبيب من بلاد الهند وكان لا يزال ينازعني في رأيه ويجادلني عن ضلالته فبينما هو يوماً يدق اهليلجه ليخلطها بدواء إحتاج إليه من أدويته إذ عرض له شيء من كلامه الذي لم يزل ينازعني فيه من إدعائه أن الدنيا لم تزل ولا تزال شجرة تنبت وأخرى تسقط ونفس تولد وأخرى تتلف ، وزعم أن إنتحال المعرفة لله تعالى دعوى لا بينة لي عليها ولا حجة لي فيها ، وأن ذلك أمر أخذه الآخر عن الأول والأصغر عن الأكبر ، وأن الأشياء المختلفة والمؤتلفة والظاهرة والباطنة إنما تعرف بالحواس الخمس. فاخبرني بم تحتج في معرفة ربك الذي تصف قدرته وربوبيته وإنما يعرف القلب الأشياء كلها بالآلات الخمس.
    إلى آخر ما يسوقه من إعتراض الطبيب وجواب الإمام «ع» من البراهين العقلية والدلائل الحسية التي أفحمته حتى جعلته يقر بالربوبية والوحدانية لله تعالى و قد أعرضنا عنها كلها عدا ما هو الشاهد لنا على إثبات ما للامام «ع» من معرفة خواص الأدوية ومنافع العقاقير ومضارها في عصر لم يدركها فيه غيره حتى الاخصائيين منهم بمعرفتها. وإليك محل الشاهد من الحديث :

    قال الامام الصادق «ع» لذلك الطبيب :
    فاعطني موثقاً إذا أنا أعطيتك من قبل هذه الاهليلجة التي بيدك وما تدعى من الطب الذي هو صناعتك وصناعة آبائك وأجدادك وما يشابهها من الأدوية لتذعنن للحق ولتنصفن من نفسك. قال : ذلك لك ، قلت : هل كان الناس على حال وهم لا يعرفون الطب ومنافعه من هذه الاهليلجة وأشباهها. قال : نعم ، قلت : فمن أين اهتدوا ؟ قال بالتجربة والمقايسة ، قلت : فكيف خطر على أوهامهم حتى هموا بتجربته ، وكيف ظنوا أنه مصلحة للاجسام وهم لا يرون فيه إلا المضرة ، وكيف عرفوا فعزموا على طلب مايعرفون مما لا تدلهم عليه الحواس ؟ قال : بالتجربة ، قلت : إخبرني عن واضع هذا الطب وواصف هذه العقاقير المتفرقة بين المشرق والمغرب هل كان بدمن أن يكون الذي وضع ذلك ودل على هذه العقاقير رجل حكيم من أهل هذه البلدان ؟ قال لابد أن يكون كذلك وأن يكون رجلاً حكيماً وضع ذلك وجمع عليه الحكماء فنظروا في ذلك وفكروا فيه بعقولهم. قلت : كأنك تريد الانصاف من نفسك والوفاء بما أعطيت من ميثاقك فاعلمني كيف عرف الحكيم ذلك ؟ وهبه عرف ما في بلاده من الدواء كالزعفران الذي بأرض فارس مثلاً. أتراه إتبع جميع نبات الأرض فذاقه شجرة شجرة حتى ظهر على جميع ذلك ، وهل يدلك عقلك على ان رجالاً حكماء قدروا على ان يتبعوا جميع بلاد فارس ونباتها شجرة شجرة حتى عرفوا ذلك بحواسهم وظهروا على تلك الشجرة التي يكون فيها خلط بعض هذه الأدوية التي لم تدرك حواسهم شيئاً منها ، وهبه أصاب تلك الشجرة بعد بحثه عنها وتتبعه جميع بلاد فارس ونباتها فكيف عرف أنه لا يكون دواء حتى يضم إليه الاهليلج من الهند والمصطكي من الروم والمسك من تبت والدارصين من الصين وخصى بيد ستر من التراك والافيون من مصر والصبر من اليمن والبورق من أرمينية وغير ذلك من أخلاط الأدوية وهي عقاقير مختلفة تكون المنفعة باجتماعها ولا تكون منفعتها في الحالات بغير إجتماع. أم كيف اهتدى لمنابت هذه

    الادوية وهي ألوان مختلفة وعقاقير متباينة في بلدان متفرقة ، فمنها عروق ومنها لحاء ومنها ورق ومنها ثمر ومنها عصير ومنها مايع ومنها صمغ ومنها دهن ومنها ما يعصر ويطبخ ومنها ما يعصر ولا يطبخ مما سمى بلغات شتى لا يصلح بعضها إلا ببعض ، ولا يصير دواء إلا باجتماعها ومنها مرائر السباع والدواب البرية والبحرية ، وأهل هذه البلدان مع ذلك متعادون مختلفون متفرقون باللغات متغالبون بالمناصبة ومتحاربون بالقتل والسبي أفترى من ذلك الحكيم نتبع هذه البلدان حتى عرف كل لغة وطاف كل وجه وتتبع هذه العقاقير مشرقاً ومغرباً آمناً صحيحاً لا يخاف ولا يمرض سليماً لا يعطب حياً لا يموت هادياً لا يضل قاصداً لا يجور حافظا لا ينسى نشيطا لا يمل حتى عرف وقت أزمنتها ومواضع منابتها مع اختلاطها واختلاف صفاتها وتباين ألوانها وتفرق أسمائها ثم وضع مثالها على شبهها وصفتها ، ثم وصف كل شجرة بنباتها وورقها وثمرها وريحها وطعمها أم هل كان لهذا الحكيم بد من أن يتتبع جميع أشجار الدنيا وبقولها وعروقها شجرة شجرة وورقة ورقة شيئاً فشيئا ؟ وهبه وقع على الشجرة التي أراد ، فكيف دلته حواسه على أنها تصلح للدواء والشجر مختلف فمنه الحلو والحامض والمر والمالح فان قلت يستوصف في هذه البلدان ويعمل بالسؤال ، وأنى له أن يسأل عما لم يعاين ولم يدركه بحواسه أم كيف يهتدي إلى من يسأله عن تلك الشجرة وهو يكلمه بغير لسانه وبغير لغته والأشياء كثيرة.
    وهبه فعل ، فكيف عرف منافعها ومضارها وتسكينها وتهييجها وباردها وحارها ومرارتها وحراقتها ولينها وشديدها. فلئن قلت بالظن فان ذلك لا يدرك ولا يعرف بالطبايع والحواس ، وإن قلت بالتجربة والشرب فلقد كان ينبغي له أن يموت في أول ما شرب وجرب تلك الأدوية بجهالته بها وقلة معرفته بمنافعها ومضارها وأكثرها السم القاتل. وان قلت بل طاف في كل بلد وأقام في كل أمة يتعلم لغاتهم ويجرب أدويتهم بقتل الأول فالاول منهم ما كان ليبلغ معرفته الدواء الواحد إلا بعد قتل قوم كثير ، فما كان أهل تلك البلدان الذين قتل منهم

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3301
    نقاط : 4990
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    طب الامام الصادق عليه السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: طب الامام الصادق عليه السلام   طب الامام الصادق عليه السلام Emptyالأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 13:36

    ما قتل بتجربته بالذين يتفادون اليه بالقتل ولا يدعونه يجاورهم. وهبه تتبع هذا كله وأكثره سم قاتل أن زيد على قدره قتل وان نقص عن قدرة بطل ، وهبه تتبع هذا كله وطاف مشارق الارض ومغاربها وطال عمره فيها بتتبعه شجرة شجرة وبقعة بقعة كيف كان له تتبع مالم يدخل في ذلك من مرارة الطير والسباع ودواب البحر هل كان بد حيث زعمت أن ذلك الحكيم تتبع عقاقير الدنيا شجرة شجرة حتى جمعها كلها فمنها ما لا يصلح ولا يكون دواء إلا بالمرار هل كان بد من أن يتتبع جميع طير الدنيا وسباعها ودوابها دابة دابة وطائراً طائراً يقتلها ويجرب مرارها كما بحث في تلك العقاقير على ما زعمت بالتجارب ، ولو كان ذلك فكيف بقيت الدواب وتناسلت وليست بمنزلة الشجرة إذا قطعت شجرة نبتت أخرى وهبه أتى على طير الدنيا كيف يصنع بما في البحر من الدواب التي كان ينبغي أن يتتبعها بحراً بحراً ودابة دابة حتى أحاط به كما أحاط بجميع عقاقير الدنيا التي بحث عنها حتى عرفها ، فانك مهما جهلت شيئاً من هذا لا تجهل أن دواب البحر كلها تحت الماء فهل يدلك العقل والحواس على أن هذا يدرك بالبحث والتجارب قال : لقد ضيعت عليّ المذاهب فما أدري بماذا أجيبك.
    فقلت سأبرهن لك بغير هذا مما هو أوضح وأبين مما اقتصصت عليك ألست تعلم أن هذه العقاقير التي منها الأدوية والمرار من الطير والسباع لا يكون دواء إلا بعد الاجتماع ؟ قال هو كذلك. قلت : فاخبرني كيف أدركت حواس هذا الحكيم الذي وضع هذه الأدوية مثاقيلها وقراريطها فانك أعلم الناس بذلك لأن صناعتك الطب ، وأنت قد تدخل في الدواء الواحد من اللون الواحد وزن أربعمائة مثقال ومن الآخر ثلاثة أو أربعة مثاقيل وقراريط فما فوق ذلك أو دونه حتى يجيء بقدر واحد معلوم إذا سقيت منه صاحب البطنة بمقدار عقد بطنه ، وإن سقيت صاحب القولنج أكثر من ذلك استطلق بطنه ، والآن فكيف أدركت حواسه على هذا ، أم كيف عرف بحواسه ان الذي يسقى لوجع الرأس لا ينحدر إلى الرجلين والانحدار أهون عليه من الصعود والذي يسقى لوجع

    القدمين لا يصعد إلى الرأس وهو أقرب منه ، وكذلك كل دواء يسقى صاحبه لكل عضو لا يأخذ إلا طريقه في العروق التي تسمى له وكل ذلك يصير الى المعدة ومنها يتفرق ، أم كيف لا يسفل منه ما صعد ولا يصعد منه ما انحدر؟ أم كيف عرفت الحواس هذا حتى علم أن الذي ينبغي للاذن لا ينفع العين وما تنفع به العين لا يغني من وجع الاذن وكذلك جميع الأعظاء يصير كل دواء منها إلى ذلك العضو الذي ينبغي له بعينه ، فكيف أدركت العقول والحواس هذا ، وهو غائب في الجوف والعروق واللحم وفوق الجلد لا يدرك بسمع ولا ببصر ولا بشم ولا بلمس ولا بذوق ؟ قال : لقد جئت بما أعرف إلا أننا نقول ان الحكيم الذي وضع هذه الأدوية وأخلاطها كان إذا سقى أحداً شيئاً من هذه الأدوية فمات شق بطنه وتتبع عروقه ونظر مجاري تلك الادوية وأتى المواضع التي تلك الأدوية فيها. قلت : فاخبرني ألست تعلم أن الدواء كله إذا وقع في العروق اختلط بالدم فصار شيئاً واحداً قال : بلى. قلت : أما تعلم أن الانسان إذا خرجت نفسه برد دمه وجمد ؟ قال بلى ، قلت : فكيف عرف ذلك الحكيم دواؤه الذي سقاه المريض بعد أن صار عبيطاً ليس بأمشاج يستدل عليه بلون فيه غير لون الدم ؟ قال : لقد حملتني على مطية صعبة ما حملت على مثلها قط ولقد جئت باشياء لا أقدر على ردها. إلى آخر الحديث الطويل.
    فيمضي الإمام «ع» في إستدلاله على إثبات الوحدانية والربوبية من طرق أخرى مفصلة يستدرجها من حديث الاهليلجة التي هي بين يدي الطبيب الهندي ونحن لا حاجة لنا بها في موضوعنا هذا والحديث كله منتشر في كتب الأخبار.
    ولقد ظهر لنا ولكل ذي إدراك وإنصاف غير مكابر مما تقدم بعض ما لدى الامام 7 من الاطلاع الواسع والمعرفة الكاملة بخواص الادوية ومنافعها ومضارها بل وكل خاصة فيها مفردة ومركبة مع معرفة منابتها وطباعها دون أن يسند ذلك إلى معلم أو طبيب أخذه منهما بل لم يعرفه كل طبيب أو عقاري في عصره

    أوليس ذلك علماً إلهامياً أو وراثياً عن سلفه الطاهرين والذين خصهم الله تعالى به دون ساير الخلق وجعلهم معدنه ومنبعه لانهم هم الراسخون في العلم وهم حاملوا أعباء إرشاده وتعاليمه الحكيمة.
    [[ وصفاته الطبية (1) ]]
    ليس الامام 7 سوى من اختاره الله بلطفه العام على العباد خلفاً عن النبي الكريم (ص) ليرجع الخلق اليه في جميع مهماتهم ، ويدع الناس نحوه في كل حادث لا يرون منه ملجأ الاّ لديه ، سواءا اكانت تلك المهمة روحية أم بدنية أم دنيوية أم أخروية ، لأنه هو الكفيل بارشادهم إلى صالح معادهم ومعاشهم لذلك فقد كانوا يردون على الإمام جعفر بن محمد الصادق 7 من كل فج وقطر ليسألوه عن مشكلة في الدين أو ملمة في الدنيا فيجدون عنده الجواب الكافي والعلاج الشافي وكثيراً ما كان الوفاد تستشفي بوصفاته النافعة وتستوصفه في كل ما يعتريها من الأسقام والأمراض وهو يجيبهم بما يجدون به الشفاء العاجل والنفع الآجل ، أجل وكيف لا يكون كذلك وهو طبيب النفوس والأرواح وهادي الأمة إلى الصلاح والإصلاح ، وها أني أذكر لك بعض وصفاته الطبية في علاج ما يسأل عنه من الأمراض ، لتعلم أنه 7 الطبيب العالم والإمام المرشد ، وإليك ذلك :
    [[ 1 ـ الصداع ]]
    عن سالم بن إبراهيم عن الديلمي عن داود الرقي قال : حضرت أبا عبدالله الصادق 7 وقد جاء خراساني حاج ، فدخل عليه وسلم وسأله عن شيء من أمر الدين ، فجعل الصادق «ع» يفسره له ، ثم قال له : يا بن رسول الله ما زلت شاكياً منذ خرجت من منزلي من وجع الرأس. فقال له «ع» : قم من
    __________________
    (1) أخذنا أغلب هذه الوصفات من الفصول المهمة للحر العاملي وتذكر برمتها في بحار الأنوار ج 14 ص 522.

    ساعتك هذه فادخل الحمام ولا تبتدأن بشيء حتى تصب على رأسك سبعة أكف ماء حار وسم الله تعالى في كل مرة فإنك لا تشتكي بعد ذلك منه أبداً ففعل ذلك وبريء من ساعته.
    أقول : لا شك أنك لم تجد قبل التأمل في الحديث أي علاقة بين الصداع وصب الماء الحار على الرأس مع البسملة ولكن إذا فكرت وتأملت علمت أن البشر مهما بلغ القمة من العلوم لم يستطع أن يعرف معرفة كاملة علل الأمور وأسباب الحوادث لأنه قد يتصور لحدوث شيء سبباً كان في الواقع غيره وقد لا يتصور له علة وهي في الحقيقة موجودة لم يدركها ، وبديهي أن عدم معرفته للسبب ليس معناه أن ليس له علة ولا سبب أو أنه لا علاقة هناك بين الشيء وسببه ، ولعلمت ثانياً أن الأسباب والعلل قسمان مادية جسمية ومعنوية روحية وأن كلاً منهما متعدد فمثلاً هذا الصداع قد يحصل عن ـ إمتلاء المعدة ـ أو سوء الهضم ـ أو الاستبراد أو الزكام ـ أو ضعف الأعصاب ـ أو إضطرابها ـ أو الضغط على الدماغ ـ أو إزعاجه بالأصوات القوية والروائح الحادة ـ أو حرارة الكبد ـ أو من ألم العين أو الأذن ـ أو من بعض الحميات أو الانفلونزا وأمثالها ، كما قد يحصل عن الهم والغم والأرق والخوف أو الفكر الكثير أو أشباهها من النفسيات.
    وهنا ليس على الطبيب المعالج إلا أن ينظر إلى السبب فيرفعه وإلى العلة فيزيلها وبهذا يرتفع ويزول المرض ( الصداع ).
    ولعل هذا المريض الخراساني الذي يشكو الصداع أدرك الإمام «ع» لصداعه سببين روحي وهو إضطراب فكر وقلق نفسي مع حدوث زكام له في الطريق أو عند أهله كانا هما علة صداعه فعالجه روحياً بذكر البسملة مع إدخال الطمأنينة عليه بأنه سيشفى حالاً ويصب الماء الحار المتعدد على الرأس لتحليل المواد الزكامية وهذا مما يصفه أكثر الأطباء للزكام الحادث من إستبراد أو إختلاف الأهوية الواردة على الدماغ وهذا ما لا يعرفه إلا الطبيب الروحي الحاذق ، كما انا

    لا يجوز أن نقيس على هذا العلاج في غير هذا المريض إلا أن نعرفه أنه مثله ولا يعرفه إلا الطبيب الروحي المادي فتأمل.
    [[ 2 ـ الزكام ]]
    شكا إليه بعض أصحابه الزكام ، فقال «ع» : صنع من صنع الله ، وجند من جنوده بعثه إلى علتك ليقلعها ، فاذا أردت قلعه فعليك بوزن دانق شونيز ونصف دانق كندس (1) يدق وينفخ في الانف ، فانه يذهب بالزكام ، وإذا أمكنك أن لا تعالجه بشيء فافعل فان فيه منافع كثيرة.
    أقول : الزكام هو إلتهاب الغشاء المخاطي الأنفي الحاصل من باشلوس فريد لندر كما عرفه الطب وهو يحصل عن البرد أو الانتقال السريع من محل حار إلى محل بارد أو من ضعف البنية أو من العدوى من شخص آخر مصاب ، وعلاماته وأعراضه هو الشعور بالبرد والقشعريرة وارتشاح الماء من المنخرين مع مادة مخاطية ودمع العينين واحمرارهما وتغير الصوت ومدتها لثلاثة أيام ( دورته ) وعلاجه ملازمة البيت والدفء التام خصوصاً في الشتاء مع تقليل الأكل وتناول الأشربة المسخنة ، وقد اعتبرته الأطباء مرضا سارياً معدياً ولكن أخيراً اكتشف بانه ليس هو بنفسه مرض بل هو حدث طبيعي بحركة الاستبراد أو غيره لرفع بعض أمراض الدماغ والرئة والجهاز التنفسي وتنقيتها من الأخلاط والبلاغم وهذا هو المراد بقول الإمام وإذا أمكنك أن لاتعالجه بشيء فافعل كما أن قوله «ع» صنع من صنع الله وجند من جنوده بعثه لعلتك ليقلعها ، إشارة إلى أنه حدث طبيعي لخدمة الأبدان فهو كجند يهجم على الامراض فيخرجها من الدماغ بالترشيح ونزول الدمع قال بعض الأطباء : مساكين اولئك الذين يقابلون هذه الخدمة الطبيعية التي تريد تطهير البدن من الفضولات بالعقاقير غافلين عن
    __________________
    (1) الشونيز هي الحبة السوداء والكندس هو صمغ اللبان.

    أن الزكام إذا عولج أعقب أمراضاً كثيرة.
    [[ 3 ـ ضعف البصر ]]
    شكا بعض أصحابه فتاة له ضعف بصرها ، فقال له «ع» : اكحلها بالمر والصبر والكافور أجزاء سواء قال ! فكحلتها فانتفعت به.
    أقول : إن ضعف البصر في مثل عمر الفتاة لم يحصل عن ضعف الاعصاب أو قلة النور وإنما يحدث غالباً عن كثرة أمراض العين من رمد أو إلتهابات أو تراخوما أو أشباه ذلك وهذه العوارض ترتفع غالباً بالصبر والمر إذا كان الضعف عن كثرة النزلات والرمد وبالكافور إذا كانت إلتهابات فاذا اجتمعت كحلاً تنفع من الجميع.
    [[ 4 ـ بياض العين ]]
    في طب الأئمة : شكا إلى أبي عبدالله «ع» رجل بياضاً في عينيه فأمره أن يأخذ فلفلاً أبيض ودار فلفل (1) من كل واحد درهمين (2) ونشادر صافي جيد (3) وزن درهم ، فيسحقها كلها ثم ينخلها ويكتحل بها في كل عين ثلاث مراود (4) وإن يصبر عليها ساعة فانه يقطع البياض وينقي لحم العين ، ويسكن الوجع باذن الله تعالى ثم يغسل عينيه بالماء ثم يتبعه بالأثمد إكتحالاً (5).
    __________________
    (1) الفلفل أبيضه وأسوده حب مدحرج صغار حريف الطعم والدار فلفل هو أول ثمر الفلفل على هيئة أكياس مليئة بحب الفلفل.
    (2) وزن طبي أقل من المثقال.
    (3) مادة قلوية ذات طعم حاد.
    (4) الميل الذي يكتحل به العين.
    (5) يسمى الكحل الأصفهاني وهو في معدنه في الجبال يتركب بالحرارة من كبريت وزئبق.

    [[ 5 ـ وجع البطن وإسهالها ]]
    وجاءه رجل فقال له : يابن رسول الله : إن إبنتي ذبلت ، وبها البطن ، فقال له «ع» : وما يمنعك من الأرز مع الشحم ، ثم علمه طريقة طبخه ففعل ذلك كما أمره فشفيت إبنته به.
    أقول : معلوم طباً أن الأرز يقبض المعدة يطبخ دون تصفية ويخلط معه الشحم دون تذويب فان السمن مطلقاً وخاصة سمن اللحوم يزيد في الأسهال ولا كذلك الشحم غير المذاب.
    [[ 6 ـ الاسهال ]]
    عن عبد الرحمن بن كثير ، قال : مرضت بالمدينة واطلق بطني ، فقال لي أبو عبدالله «ع» وأمرني أن أخذ سويق الجاورس (1) واشربه بماء الكمون ففعلت فامسك بطني.
    [[ 7 ـ قراقر البطن مع الألم ]]
    شكا ذريح قراقر في بطنه إليه «ع» فقال له : أتوجعك ؟ قال : نعم فقال له ما يمنعك من الحبة السوداء والعسل ، فاستعمله فنفعه.
    أقول : ويكون الاستعمال الحبة مع العسل هو أن تدق الحبة دقاً ناعماً ثم تمزج مع العسل جيداً ، ثم تستعمل يوميا ثلاث مرات صبحا وعصراً وليلاً قدر البندقة.
    [[ 8 ـ الرياح الموجعة ]]
    كتب جابر بن حسان إلى أبي عبدالله «ع» فقال : يابن رسول الله ، منعتني
    __________________
    (1) الجاورس هو الذرة وسويقها هو ممزوج طحينها مع التمر أو الدبس.

    ريح شابكة شبكت بين قرني إلى قدمي ، فادع الله لي. فدعا له وكتب إليه : عليك بسعوط العنبر والزئبق ، تعافى إن شاء الله. ففعل ذلك فعوفي.
    أقول : ليس المراد من الرياح الموجعة هي الرياح الهوائية التي إذا دخلت البدن اماتت ( كما زعم بعضهم ) ولكنها الغازات المتجمعة داخل البدن فهي إذا اشتدت وكثرت ولم تجد مخرجاً أوجعت بضغطها وقد توجب الورم باجتماعها ثم أقلقت بالحريق والحكة. فأمره الامام «ع» باستعمال هذا السعوط ليسبب في البدن ولا سيما في الأعصاب الدماغية هزة وارتجاجاً فتنفتح المسام وتتحرك الغازات فتخرج إلى الخارج فيستريح المريض ـ وهكذا فعل فشفي.
    [[ 9 ـ ضعف البدن ]]
    قال له رجل : اني أجد الضعف في بدني. فقال له «ع» : عليك باللبن فانه ينبت اللحم ويشد العظم ، فقال له آخر : أني أكلت لبناً فضرني. فقال له «ع» ما ضرك اللبن ولكنك أكلته مع غيره فضرك الذي أكلته معه فظننت أن ذلك من اللبن.
    أقول : المراد من اللبن هنا في قول الامام هو الحليب ، وإن الحليب غذاء كامل حاو لجميع الفيتامينات التي يحتاجها البدن ، لذلك فهو يوافق اكثر الأمزجة. ومن منافع المداومة عليه هي أن يسمن البدن ويقوي القلب والدماغ والنخاع ويفيد الباه مضافاً إلى إصلاحه الصدر وتسكينه للسعال فهو غذاء ودواء لضعف البدن لا سيما إذا كان الضعف من الحرارة أو من أثر السمومات الغذائية وعلى الأخص في دور نقاهة المرضى عموماً.
    [[ 10 ـ حمى الربع ]]
    عن عبدالله بن بسطام عن كامل عن محمد بن إبراهيم الجعفي عن أبيه ، قال :

    دخلت على أبي عبدالله الصادق «ع» فقال لي : مالي أراك شاحب الوجه ؟ قلت إن بي حمى الربع يا سيدي ، فقال 7 : أين أنت عن المبارك الطيب إسحق السكر ، ثم خذه بالماء واشربه على الريق عند الحاجة إلى الماء ، قال : ففعلت ذلك ، فما عادت الحمى بعد.
    أقول : حمى الربع هي حمى الملاريا وهي على الأغلب تحدث الشحوب والضعف العام ، وقد وصف له الإمام شرب السكر مع الماء على الريق ومراده السكر الطبيعي لا الصناعي الخالي من كل فيتامين يفيد البدن مثل سكر القصب والسكر الأحمر ومثل العسل الذي جعل الله تعالى فيه الشفاء من كثير من الأدواء كما صرح في القرآن الحكيم ، أما السكر الطبيعي فهو موجود في أكثر الفواكه كالعنب والتمر وأمثالهما مما هي معروفة بايجاد النشاط والقوة والدم الصافي ، فاذا قوى البدن قاوم الحمى حتى ترتفع ، وهكذا فعل المستوصف وشفى.
    [[ 11 ـ المبطون من الألم ]]
    عن خالد بن بخيج قال : شكوت إلى أبي عبدالله «ع» وجع بطني ، فقال لي : خذ الارز فاغسله ثم رضه وخذ منه قدر راحة ( راحة اليد ) في كل غذاء ثم قال : أطعموا المبطون خبز الارز ، فما دخل جوف مبطون شيء أنفع منه ، أما أنه يدبغ المعدة ويسل الداء سلاً.
    [[ 12 ـ الوضح والبهق ]]
    شكا رجل ذلك إلى أبي عبدالله «ع» فقال له : إدخل الحمام وخذ معك الحنا بالنورة وأطل بهما ، فانك لا تعاني بعد ذلك شيئاً ، قال فوالله ما فعلت ذلك غير مرة واحدة ، حتى عافاني الله تعالى.
    اقول : إن الوضح والبهق مرضان جلديان كالبقع البيض أو السمر منتشرة

    في الجلد دون ألم أو رطوبة ، وقد كان القدماء يعتبرونها عن أسباب داخلية فيعالجونها بالقي والاسهال وتنقية المعدة ويمنعون المصاب عن المآكل الثقيلة والحادة والحريفة ، ولعل وصف الإمام «ع» كان بمقتضى الزمان والمكان أو جهات أخرى لم ندركها وإلا فان مثل هذين المرضين العسرين في العلاج مما يستبعد مداواتهما بهذه الأدوية وهذه السرعة اللهم إلا أن يكون علاجها من ناحية روحية قدسية لا يقدم عليه إلا روحي ذو قدسية كالإمام 7.
    [[ 13 ـ البلغم الكثير ]]
    قال «ع» : خذ جزء من علك الرومي وجزء من الكندر وجزء من الصعتر وجزء من النانخواه وجزء من الشونيز ، ودق كل واحد على حدة دقاً ناعماً ثم ينخل ويعجن بالعسل ، ويؤخذ منه كل ليلة قدر البندقة ، فانه نافع إنشاء الله.
    [[ 14 ـ شدة البول ]]
    عن الفضل قال : شكوت إلى أبي عبدالله ، إني ألقي من البول شدة ، فقال «ع» : خذ من الشونيز آخر الليل فأخذت منه مراراً فعوفيت.
    [[ 15 ـ قلة الولد ]]
    شكا عمر بن حسنة الجمال إليه قلة الولد ، فقال له «ع» إستغفر الله وكل البيض والبصل. وعنه من عدم الولد فليأكل البيض وليكثر.
    أقول : لقد تقدم قولنا أن الإمام «ع» كان يعالج روحياً وجسمياً وهنا لما أمره بالإستغفار أراد أن يوجهه إلى الله تعالى باطمينان فيطلب منه الولد ثم وصف هذا العقار الذي من خواصه تحليل أرياح مجاري البول والمني وتطيرها من الرطوبات وبذلك تنشط الأعصاب فتجذب المني أكثر ولعل بذلك يحصل

    المطلوب. أما البيض فقد ذكر من خواصه زيادة مادة المني وإصلاحها.
    [[ 16 ـ ضعف الباه ]]
    في طب الأئمة : قال رجل لأبي عبدالله الصادق 7 سيدي إني أشتري الجواري وأحب أن تعلمني شيئاً أتقوى به عليهن ، فقال 7 : خذ البصل الأبيض فقطعه واقله بالزيت ، ثم خذ بيضا وانفذه في ضرف وذر عليه شيئاً من الملح ، ثم اكبه على البصل والزيت واقله وكل منه ، فقال الرجل : ففعلته ، فكنت لا أريد منهن شيئاً إلا نلته.
    إلى كثير من أمثال ذلك مما لا تسعه هذه الرسالة الوجيزة ، وقد إقتصرنا منه على هذا القليل روما للاختصار.
    ولكن من المستحسن ذكر شطر مهم من الأدواء التي جاء العلاج لها مروياً عن الإمام الصادق «ع» في طب الأئمة والبحار وغيرهما من كتب الأحاديث والأخبار وهاك نماذج تلكم الأدواء :
    1 ـ السعال 1 ـ الجروح والقروح
    2 ـ السل 2 ـ الجدري
    3 ـ وجع الحلق 3 ـ وجع البطن
    4 ـ الزكام 4 ـ البواسير
    5 ـ الأرياح 5 ـ طغيان البلغم
    6 ـ وجع المثانة والحصاة 6 ـ اليبوسة
    7 ـ أوجاع المفاصل 7 ـ وجع الظهر
    8 ـ سلس البول 8 ـ كثرة العطش
    9 ـ الاسهال 9 ـ السموم
    10 ـ عرق النسا 20 ـ الوباء


    21 ـ الجذام 32 ـ السل في العين
    22 ـ البرص 33 ـ وجع الرجلين ( الروماطيسم )
    23 ـ البهق 34 ـ ضعف الباه
    24 ـ البلة والرطوبة 35 ـ لدغة العقرب والهوام
    25 ـ الفالج 36 ـ الحمى
    26 ـ اللقوة 37 ـ وجع الاذن
    27 ـ خفقان الفؤاد 38 ـ الجنون والصرع
    28 ـ وجع الطحال والخاصرة 39 ـ علل الفم والأسنان
    29 ـ ذات الجنب 40 ـ دود البطن
    30 ـ الرمد 41 ـ الزحير ( الديزانتري )
    31 ـ الصداع 42 ـ ساير الحميات
    وانه ليجد الباحث في غضون التأليف كلمات قيمة ضافية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق «ع» في الأدوية التي وصفها في الأمراض المذكورة. وغيرها مما تنم عن تخصصه بالفن وتضلعه فيه ولو جمعت تلكم الكلم لتأتى منها كتاب حافل. وإليك جملة من تلك الأدوية (1) :
    1 ـ الحبة السوداء 7 ـ الصبر
    2 ـ البنفسج 8 ـ الكافور
    3 ـ الكمأة 9 ـ المر
    4 ـ الفلفل الأبيض 10 ـ الكاشم
    5 ـ دار فلفل 11 ـ الأرز
    6 ـ النشادر 12 ـ السماق
    __________________
    (1) بحار الانوار ج 14ص 509 ـ 534 ـ 90.


    13 ـ الكمون 36 ـ السنا
    14 ـ الجاورس ( الذرة ) 37 ـ الزبيب
    15 ـ السكر 38 ـ العناب
    16 ـ حسو اللبن 39 ـ بزر القطونا
    17 ـ أبوال اللقاح 40 ـ الحرمل
    18 ـ الكندس 41 ـ اللبان
    19 ـ العنبر 42 ـ الاشنان
    20 ـ الزئبق 43 ـ الأهليلج الأصفر
    21 ـ اهليلج الأسود 44 ـ الأهليلج الكابلي
    22 ـ البليلج 45 ـ السكر السليماني
    23 ـ الآملج 46 ـ البابونج
    24 ـ الخل 47 ـ السلق
    25 ـ الدارصين 48 ـ الكرنب
    26 ـ الزنجبيل 49 ـ الشلجم
    27 ـ الشقاقل 50 ـ القرع أو الدبا
    28 ـ الانيسون 51 ـ الفجل
    29 ـ الخولجان 52 ـ الرجلة
    30 ـ الوج 53 ـ الجرجير
    31 ـ الكراث 54 ـ الخس
    32 ـ الجوز 55 ـ الكرفس
    33 ـ الجبن 56 ـ السداب
    34 ـ دهن الشيرج 57 ـ الحزاء
    35 ـ الهندباء 58 ـ الثوم


    59 ـ البصل 64 ـ الجزر 65 ـ الحلبة
    60 ـ الباقلاء 66 ـ عود البلسان وحبه
    61 ـ الحوك 67 ـ علك الرومي
    62 ـ الباذروج 68 ـ نار مشك
    63 ـ الفرفخ 69 ـ سليخة مقشرة
    أضف إلى ذلك كله ما ورد عنه 7 في الفواكه والحبوب والألبان والأدهان والأشربة والاستشفاء بها.
    وكان أبو عبدالله «ع» لم ير باساً من العمل الجراحي وإذا إحتاج المرضى إليه فقد قيل له : الرجل يشرب الدواء ويقطع العرق وربما إنتفع به وربما قتله ، فقال «ع» ! يقطع ويشرب (1).
    وكذلك يرى الاستشفاء بالسموم أيضاً (2).
    قال إسماعيل بن الحسن المتطبب : قلت لأبي عبدالله 7 : إني رجل من العرب ولي بصر بالطب ، وطبي طب عربي ، فانا نبط الجرح ونكوي بالنار ، قال 7 : لا بأس قال : وقلت : ونسقي السموم قال «ع» : لا بأس ، قلت ربما مات ، قال : وإن مات (3).
    [[ أقواله «ع» في خواص بعض النباتات ]]
    لقد أصبح الطب الحديث ، كما تشهد به الصحف والمجلات الصحية والعلمية ، يتراجع عند بعض النطس من الأطباء إلى عصر الأعشاب والنباتات
    __________________
    (1) راجع وسائل الشيعة للحر العاملي ج 2 ص 281 ـ 312 وراجع مستدرك الوسائل للنوري ج 2 ص 99 ـ 125 وراجع البحار ج 14ص 509 ـ 869.
    (2) الكافي.
    (3) مختصر ما رواه الكافي.

    وينظر إليها نظر المقدر لمنافعها الصحية ، والمعتبر لنجاح أثرها الطبيعي في معالجة الأدواء المختلفة والأمراض الكثيرة. كما أصبحت الأطباء في مختلف الظروف والمناسبات تحث مرضاها على إستعمالها. ذلك لما وجدت فيها من بساطة الأستعمال ، ونجاح الأثر وعدم الضرر أو قلته.
    ولا عجب ، فان تقدم الفكر البشري والسعي وراء طلب الحقيقة لابد وأن يصلا بالباحث من ذوي العقول السليمة ، والافكار الصافية إلى كنه بعض ما أودع الخالق الحكيم في تلك النباتات الطبيعية من المنافع والآثار التي خلقت هي لأجلها ونبتت للاستثمار بها.
    فاذا ما غفل أولئك الفطاحل من العلماء والاطباء عن ذكر فوائدها أو ذهل المجربون عن إستعمالها في مواضعها طيلة هذه المدة المديدة فان علماء القرآن وأئمة الدين الحنيف لم يغفلوها ، بل ذكروا من فرائدها وخواصها ما ملأ الكتب ، واستفاضت بها الأحاديث الصحيحة المروية عنهم. أنظر إلى كتاب ( طب الأئمة ) و ( طب النبي «ص» ) و ( طب الرضا ) و ( كتاب كشف الأخطار) وكتاب ( البحار ) وغيرها من الكتب التي تجد فيها ما يغنيك ويغنينا عن الإطالة في هذا المقام.
    ولكي لا نخرج عن موضوعنا. وهو البحث عن طب الامام الصادق «ع» فانا نذكر لك بعض أقواله الطبية وإرشاداته الصحية في النباتات التي لم تدرك الأطباء منافعها إلا بعد ردح من الزمن. ثم نرجيء باقي أقواله الكثيرة فيها إلى مفصلات الكتب طلباً للاختصار.
    وإليك بعضها مع ذكر أقوال الاطباء المطابقة لها في هذا العصر كنموذج لها :
    [[ 1 ـ الثوم ]]
    قال الامام «ع» : تداووا بالثوم ولكن لا تخرجوا إلى المسجد (1).
    __________________
    (1) البحار ج 14.

    وقال «ع» : قال النبي ( ص) : كلوا الثوم فانه شفاء من سبعين داء (1).
    كلمة ألقاها الامام على أصحابه مرشداً لهم ، ولكن أتراهم عرفوا الأدواء التي يشفيها هذا النبات العجيب ؟ اللهم لا ، حتى كشفها اليوم علم القرن العشرين وأظهر مغزى قوله «ع» بعد ان كان مختفياً على الكثير هذه المدة.
    نشرت الصحف الافرنسية مقالاً للدكتور ( ريم ) عربته مجلة الحكمة اللبنانية تحت عنوان ( هنيئاً لمن يحب الثوم ) جاء فيه :
    يسرك أن تعلم أن علماء الطب ، قد أعادوا الآن إلى هذا النبات مكانه اللائق به في ( الفارما كوبيا ) الحديث ، وذكروأ أن العمال الذين شادوا هرم ( خوفو ) سنة 5400 ق. م كانوا يكثرون من أكل الثوم لتقوية أبدانهم ووقايهتم من الأمراض.
    وجاء في محل آخر من المجلة قوله :
    وقد أظهرت تجارب الأطباء المشهورين مثل ( سالين ) و ( بيروث ) و ( لوثر ) و ( دوبريه ) وغيرهم : إن الثوم يذيب البلورات التي تتجمع في البنية فتسبب تصلب الشرايين. ويخفض ضغط الدم في الشرايين أيضاً.
    وبالجملة فقد ثبت في الطب الحديث : أن الثوم منشط للعظلات القلبية وبهذا التنشيط تنتظم الدورة الدموية ، وهو منق فعال للدم ، وبهذا النقاء يتغلب البدن على أمراض فساد الدم مطلقاً كعسر الحيض عند النساء ، وكالشيخوخة المبكرة والبواسير والروماطيسم ، وهو مطهر للمسالك التنفسية والشعبية ، وبهذا التطهير يفيد الربو ( ضيق النفس ) ويشفي بعض أنواع السل الرئوي ، لاسيما إذا كان الثوم ممزوجاً مع اللبن ، وذلك لتأثيره على مكروب ( كوخ ) سبب السل المباشر وهو موجد للمناعة في البدن ضد كثير من الأمراض مثل الانفلونزا وحمى الضنك وغيرها وهو محسن للون البشرة ومحمر للوجه ومطهر للأمعاء من التعفنات لا سيما في الأطفال وبذلك
    __________________
    (1) نفس المصدر السابق.

    يكون واقياً من الاصابة بالتيفوئيد ومفيد للخناق ( ديفتريا ) مطلقاً ومسكناً للسعال الديكي ، إلى غير ذلك.
    وقد قيل : ان البلاد التي يكثر فيها استعمال الثوم لابد وأن تطول أعمار أهلها وأن يتمتعوا بصحة جيدة في عمرهم المديد.
    مضافاً إلى مافيه من تطهير التعفنات الداخلية والالتهابات المعوية والقروح المعدية مزمنة كانت أوحادة ، كما انه يدر الحيض والبول وينفع الحصى والديدان في الاطفال.
    هذا بعض ما وقفنا عليه مما وصل إليه الأطباء من فوائد هذا النبات النافع وقد أرجأنا معرفة باقي السبعين داءاً المشار إليها في الحديث إلى مفصلات الكتب الطبية. فانظر إلى جوامع كلم الامام «ع» الطبية وما أشار إليه ، وهو في عصر لا يمكن أن يدرك أهلوه ما أدركه أهل هذا العصر بعد حدوث الوسائل الكاشفة وبعد نمو العقل البشري بالتجارب واتساع العلوم.
    [[ 2 ـ البصل ]]
    قال أبو عبدالله «ع» : كل البصل فان له ثلاث خصال يطيب النكهة ويشد اللثة ويزيد في الماء والجماع (1).
    وقال أيضاً : البصل يطيب النكهة ويشد الظهر ويرق البشرة (1).
    وقال أيضاً : البصل يذهب بالنصب ويشد العصب ويزيد في الماء ويذهب الحمى (3).
    هذا قول الامام الصادق «ع» منذ القرن الثاني للهجرة وقبل إكتشاف
    __________________
    (1) الفصول المهمة للحر العاملي 137.
    (2) أيضاً نفس المصدر.
    (3) كشف الأخطار.

    منافعه في الطب يوم كان ولم ينظر إليه بعين الاعتبار. أما اليوم وقد أخذت التجارب تحوم حول هذه النباتات الطبيعية لتدرك ما أودع فيها من الأسرار والمنافع فقد تمكن الدكتور ( لاكوفسكي ) (1) بعد الاختبارات العديدة من تقرير فوائد البصل النيء مثل أستخراج مصل خاص منه لمكافحة داء السرطان ذلك الداء الذي مازال حتى اليوم سر من الاسرار ، والذي أتعب العلماء كثيراً في كشف ميكروبه ومعرفة أسبابه وعلله.
    قال الدكتور ( لاكوفسكي ) : ما زلنا نواصل التجارب ونأمل أن يصبح البصل النيء في المستقبل من أهم العلاجات الطبيعية لطائفة من الميكروبات.
    وقال الدكتور ( دامر ) : البصل طعام ودواء في وقت واحد ويستعمله الأطباء لاستدرار البول وأمراض الكلى وللاستسقاء ، ويفضل اكله نياً.
    وقال دكتور آخر : إن البصل يحتوي على مادة لها قيمتها الطبية في تخفيف الآلام في الانف والحلق ومجاري التنفس ، إلى غير ذلك.
    هذا ماوصل إليه الطب الحديث من منافع البصل ، والمستقبل كفيل بمعرفة باقي ما ذكره الإمام منها ، فتأمل وأنصف في حكمك على معرفته الطبية ، وأنها مستقاة من آبائه وأجداده عن الوحي لا عن مدرس أو معلم أو أستاذ.
    [[ 3 ـ الفجل ]]
    قالت الاطباء في خواص هذا النبات : إنه مفرز للبول ، منبه للمعدة على الطعام ومقولها ومنشط لعصارتها ، ومسهل للهضم ، يعالج به الرماطيسم ، وهو ملطف ومحلل للأرياح ( الغازات ) وقد يولدها فيصلحها الملح والكمون ، ومطهر للصدر ، ومشهي للطعام وشاف من السعال مسلوقاً ، ومفتت للحصى ولاسيما حصى الكبد ، ومخرج للبلغم ومسكن للبواسير.
    __________________
    (1) مجلة الحكمة البيروتية.

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3301
    نقاط : 4990
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    طب الامام الصادق عليه السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: طب الامام الصادق عليه السلام   طب الامام الصادق عليه السلام Emptyالأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 13:38

    أقول : وهو على ما فيه من المواد المعدنية النافعة يحتوي على فيتامين ( بي ـ دي ـ سي ).
    وقد قال الإمام 7 قبل إثنى عشر قرناً :
    كل الفجل فان فيه ثلاث خصال ، ورقه يطرد الرياح ولبه يسهل البول ويهضم وأصوله تقطع البلغم (1) وله فيه أقوال كثيرة بهذا المضمون.
    [[ 4 ـ الجزر ]]
    قالت الاطباء في خواصه : الجزر يحتوي على مقدار واف من السكر النباتي وهو سريع التمثل ، عسر الهضم في معد الاطفال ، عصيره يفيد اليرقان ويكون مع العسل مقوياً للباه كما أنه يفيد في علاج الأمعاء ويوصف للمصابين بضيق الصدر ، ومرض الاعصاب ، ويساعد في نمو الاجسام في سن الطفولة ، ويزيل الرمل ، ويقضي على الديدان إذا أكل غير مطبوخ ويزيد الدم وينشطه في البدن إلى غير ذلك من الخواص التى أدركها الطب اليوم ونصحت لأجلها المرضى أطباؤهم.
    وقال الامام «ع» في حديث روي عنه :
    الجزر أمان من القولنج ومفيد للبواسير ومعين على الجماع (2).
    وعنه «ع» : أكل الجزر يسخن الكليتين ويقيم الذكر (3).
    أقول : وهو يحتوي على فيتامين ( أ ـ بي ـ سي ).
    __________________
    (1) الكافي لثقة الاسلام الكليني.
    (2) الفصول المهمة.
    (3) كشف الأخطار.

    [[ 5 ـ الباذنجان ]]
    قال الأطباء في منافعه وخواصه : الباذنجان غذاء ملائم لأكثر الامراض فهو مقو للمعدة ، وملين للصلابات ، ومع الخل مدر للبول ، ومطبوخه ينفع الطحال والمرة السوداء.
    وقال الإمام «ع» :
    كلو الباذنجان فانه جيد للمرة السوداء ولا يضر الصفراء (1).
    كلوا الباذنجان فانه يذهب الداء ولا داء فيه (2).
    أقول : وإنه يضر بذوي الامراض الجلدية والحكة ويصلحه الدهن إذا قلي فيه.
    [[ 6 ـ القرع ( الدبا ) ]]
    قال الاطباء فيه : الدبا أو القرع وهو اليقطين ، مبرد ومرطب للدماغ ومفتح للسدود ومدر للبول وملين للمعدة لاسيما معدة المحرورين ، كما يفيد اليرقان والحميات الحادة ، ويستعمل كثيراً لذوي الأرق الشديد. أما الذين تعدوا منتصف العمر وانحطت قواهم وعقولهم ، فعليهم أن يكثروا من أكل القرع فان فيه مزايا خاصة لتجديد القوة والانجسة.
    وقال الامام 7 : الدبا يزيد في العقل والدماغ وهو جيد لوجع القولنج (3).
    أقول : ويقال أنه يحتوي على فيتامين ( أ ) فقط.
    هذا نموذج من ذكر خواص النباتات على رأي الإمام «ع» إقتضى الإختصار ذكر هذا القليل.
    __________________
    (1 ، 2) نفس المصدر السابق.
    (3) كشف الاخطار.

    [[ أقواله «ع» في بعض الفواكه والخضر ]]
    يؤكد العلم أن للفواكه والخضروات تأثيراً خاصاً في سير بعض الأمراض بل أكثرها لذلك ترى أكثر الاطباء ينصح بالأكثار من أكلها خصوصاً المصابين بالرئة والنقرس وأشباههما ، ومما لا شك فيه ان تأثير الثمار في الجسم البشري كسواها من أنواع الغذاء ، أعني أن ذلك تابع لتركيبها الكيمياوي ونسبة المواد الحمضية والسكرية والازوتية الموجودة فيها ، لذلك ترى أن البعض منها هاضماً والبعض الآخر مليناً وقسماً مدراً ورابعاً مقوياً إلى غير ذلك من الخواص والتأثيرات في الابدان.
    ثم ليعلم أن أهم ما يلحظه علم حفظ الصحة فيها ويأمر الاطباء من أجله مرضاهم في إرشاداتهم الصحية قبل ملاحظة خواصها ومنافعها ، هو تنظيفها وغسلها مما لصق بها من الخارج كالغبار والتراب ، وما علق بايدي الفلاحين والباعة من كل ما يحمل الجراثيم الخارجية ، فانها إذا أكلها الانسان غير مطهرة بالماء دخلت البدن وهي حاملة لتلك الجراثيم واستوطنت المعدة ، وعند ذلك يحدث ما كان يحذر منه من فتك الميكروب في الجسم ، ولأجل ذلك ترى الاطباء والمعالجين لازالوا ينصحون مرضاهم ومن استشارهم بغسل كل فاكهة قبل أكلها ويحذروهم من أكلها قبل الغسل.
    وقد أمر الإمام الصادق «ع» بذلك قبل ان يدرك الطب ذلك ، وقبل ان يلتفت اليه كل معالج او طبيب ، حيث يقول :
    إن لكل ثمرة سماً فاذا أتيتم بها فامسوها بالماء ، واغمسوها فيه (1).
    أقول : وبديهي أنه 7 لم يقصد بالسم إلا الجراثيم العالقة بها وقد شبهها بالسم لضررها.
    وإليك بعض تلك الفوا كه والخضر على سبيل المثال ، إذ لم يمكن بيان كلما ورد عنه «ع» في مثل هذا الكتيب الصغير بمستطاع ، وهي :
    __________________
    (1) طب الائمة : وكشف الأخطار وغيرهما.

    [[ 1 ـ العنب ]]
    قال الامام «ع» : العنب [ الزبيب الطائفي خ ل ] يشد العصب ويذهب النصب ويطيب النفس (1).
    وقال«ع» : شكا نبي من الانبياء إلى الله تعالى الغم ، فأمره بأكل العنب ، وفي لفظ أن نوحاً شكا إلى الله الغم فأوحى إليه أن كل العنب (2).
    وقال الاطباء : إن للعنب فعلاً ثلاثياً ، فهو مسهل المعدة ، ومنق للدم ومغذ للبدن ، وعصيره مجدد للقوى ومنبه للدورة الدموية ومفيد للتخمرات المعدية ، ونافع في مداواة الكبد والكليتين ، ويشفي من داء الحميات ، وإن المداواة به تفيد في الدسيبيسيا ( سوء الهاضمة ) والنقرس وأمراض القلب والصفراء والريح والبواسير ، ويخفف من وطأة السل والسرطان.
    وتقول علماء الطب الكيمياوي : إنه ينشط عصارة الببسين في المعدة وينفع الطحال واحتقان النخاع ، وفيه شيء من الارسنيك ( مستحضر من سم الغاز ) به يجمل الوجه والبشرة ، وعلى هذا قد يفيد المصابين بالزهري ( السفليس ) والسل والسرطان ، كما انه يحتوي على فيتامين ( أي ـ بي ـ سي ).
    أقول : فتأمل كلمات الامام 7 على اختصارها كيف تشير إلى أكثر هذه المنافع التي أدركها الاطباء ، فان شد العصب وذهاب النصب وطيب النفس ما هي إلاّ نتاج أكثرها.
    [[ 2 ـ التفاح ]]
    قال الإمام 7 : كل التفاح فانه يطفي الحرارة ويبرد الجوف
    __________________
    (1) كشف الاخطار.
    (2) الوسائل ـ 299.

    ويذهب الحمى (1).
    وقال «ع» : لو علم الناس ما في التفاح ما داووا مرضاهم إلا به إلا أنه أسرع شيء منفعة للفؤاد خاصة ، فانه يفرحه (2).
    وقال «ع» : أطعموا محموميكم التفاح ، فما شيء أنفع من التفاح (3).
    هذا ما ذكره الامام عنه في كلماته القصار الجامعة لكل ما عرفه وذكر الأطباء.
    قال الأطباء فيه : التفاح مفرح ومقو للقلب والدماغ والكبد اكلاً وشماً وهو مفيد للخفقان والربو ، ومصلح لضعف فم المعدة ، ومنبه لشهوة الطعام ومطبوخه مصلح للسعال ، وهو مخفف لأمراض الجلد وجالب للنعاس.
    أقول : ويحتوي كل 100غرام على 65 فيتامين ( أ ) و 15( بي ) و20 ( سي ).
    [[ 3 ـ الرمان ]]
    قال الإمام «ع» : اطعموا صبيانكم الرمان فانه أسرع لشبابهم (4).
    وقال «ع» : كلوا الرمان بشحمه فانه يدبغ المعدة ويزيد في الذهن (5).
    وقال الأطباء : الرمان مصف للدم ، ومولد للخلط الصالح ، ومنعظ المحرورين ومفتح للسدد ، وملين للبطن ، ومدر للبول ، ومقو للكبد ، ومفيد لليرقان والطحال وخفقان القلب والسعال الحاد ، ومصف للصوت ، ومحسن لرونق الوجه ، ويروي به البدن وينفع من الديدان.
    __________________
    (1) الوسائل ج 3 ص30.
    (2) كشف الأخطار.
    (3) الكافي للكليني.
    (4) الوسائل.
    (5) الكافي.

    أقول : تأمل في كلمة ( أسرع لشبابهم ) تجد جل هذه الخواص التي ذكرها الاطباء موجودة فيها ، لانه لايسرع شبابهم أي نموهم الكامل إلا إذا صفا الدم وتولد الخلط الصالح وقوى الكبد وازداد رونق الوجه وحصل رواء البدن ، ثم انظر أيضاً إلى كلمته «ع» يدبغ المعدة ، تجد أن المعدة إذا دبغت أي جفت رطوبتها الفضلية المرخية لأعصابها قويت على الهضم ، والغذاء إذا هضم أولد الدم النقي الصالح وإذا صلح صلحت تغذية البدن وإذا صلحت التغذية قوى البدن وحصلت المناعة والطاقة التي بها يزول كل ما ذكره الاطباء من الامراض ، فيالها من كلمة جامعة لايفهمها أهل ذلك العصر بل أدرك معانيها العلم الحديث قصداً أو بلا قصد.
    [[ 4 ـ السفرجل ]]
    لصادق «ع» : السفرجل يحسن ماء الوجه ، ويجم الفؤاد (1).
    وقال : من أكل سفرجلة على الريق طاب ماؤه وحسن ولده (2).
    وقال «ع» : أكل السفرجل قوة للقلب وذكاء للفؤاد (3).
    هكذا وصفه الإمام «ع» وهو لعمري لا يعدو أقوال الاطباء بعد التحقيق العلمي والعملي ، قال الاطباء : السفرجل يحسن الوجه ، وهو مفرح ومقو للقلب والدماغ والمعدة ، ومسرر للروح الحيواني والنفساني ، ومنعش لكثير من الاعضاء على عملها كالكلية والمثانة لذلك يدر البول ويلين المعدة ويخفف من آلامها.
    أقول : ويحتوي كل 100 غرام منه على ( 10 فيتامين ـ أ ـ ) و ( 8 فيتامين ـ ب 1 ـ ) و ( 21 فيتامين ـ ب 2 ـ ) و ( 48 فيتامين ـ سي ـ ) مضافاً إلى ما فيه من مقدار كثير من الاملاح المعدنية كالحديد والمنغنيز ، وقليل من الكلور والكالسيوم.
    __________________
    (1 ، 2 ، 3) الوسائل 301.

    [[ 5 ـ التين ]]
    قال أبو عبدالله «ع» : إن التين يذهب بالبخر ، ويشد العظم ، ويثبت الشعر ويذهب الداء ، ولا يحتاج إلى دواء (1).
    ذكر الإمام «ع» أكثر خواص هذه الفاكهة على مقدار إدراك سائليه.
    قال الاطباء : إن التين هو الثمر المحتوي على العناصر المغذية والمادة السكرية التي تفيد الجسم فائدة جلى ، فهو يحسن الهضم وينظم الافراز ويقوي الجسم وينضر الوجه وينشط العضلات ، وإذا أخذ ليلاً نظم حركات الامعاء وأكسب الجسم صحة ونشاطاً ، وبالجملة فهو لذة وغذاء وصحة ، وقيل أنه يفيد في علاج الكبد وفساد الدم ، وقد يوصف لدائي السل والسرطان.
    أقول : ويحتوي على فيتامين ( أ ـ ب ـ سي ) وعلى مواد دهنية وسكرية وحديد وكالسيوم.
    إلى غيرها مما تفصله الكتب الطبية الخاصة بالفواكه والنباتات.
    [[ 6 ـ التمر ]]
    قال الإمام «ع» وقد وضع بين يديه طبق فيه تمر : ما هذا ؟ قيل له : البرني فقال : ان فيه شفاء (1).
    وقال «ع» : ان فيه شفاء من السم ، وانه لا داء فيه ولا غائلة ، وان من أكل سبع تمرات عجوة عند منامه قتلت الديدان في بطنه (3).
    __________________
    (1) الكافي.
    (2) الكافي.
    (3) نفس المصدر السابق.

    أراد الامام «ع» أن يحث الناس على أكله بقوله : فيه شفاء ولا داء فيه ، ولا غائلة. دون أن يفصل منافعه وخواصه لكثرة ما فيه من المنافع التي لا يستغنى عنها ، ولكن العلم أظهر خواصه وصرح بها بعد البحث.
    قال الاطباء : إن في التمر فوائد طبية كثيرة ، فهو يسخن البدن ويخصبه ويولد دماً غليظاً صالحاً ، وأن نقع في الحليب نفع من ضعف الباه. ومغليه يفيد في الآفات الالتهابية ، والسعال اليابس ، والالتهابات الرئوية وتهيجات الطرق البولية. أما البسر فهو نافع في نفث الدم والإسهال وإصلاح اللثة إلى غيرها من المنافع. وقيل أنه نافع من السرطان أيضاً ذلك لما يحتوي عليه من مادة ( المنغنيزيوم ) التي لها العلاقة الوثيقة مع السرطان ، كما وقد ثبت لدى المتتبعين أن أهالي الأراضي التي تزرع التمر بكثرة تقل اصابتهم بهذا المرض. وسوف يظهر مستقبل الطب أكثر من هذه الخواص لهذا الثمر النافع الطيب حتى يظهر مغزى كلمة الامام «ع» أن فيه شفاء ولا داء فيه.
    أقول : وفيه من الفيتامينات ( بي ـ سي ) كما يحتوي على السكر والسلولوز ومواد آلبومينوئيد وأملاح معدنية ومنغنيزيوم أيضاً.
    [[ 7 ـ الخس ]]
    قال أبو عبدالله «ع» : عليكم بالخس فانه يصفي الدم (1).
    وقال الاطباء : إن الخس لغني بأنواع الفيتامينات ، وفيه كمية كبيرة من الاملاح المعدنية بشرط أن يؤكل منه ما كان عرضة للشمس أكثر ، لا ما أختبأ داخله.
    وقال الكيمياوي ( نيومان ) : الخس بوفرة غناه بالحديد يزيد كريات الدم الحمراء وبهذا تزداد حمرة الخدود والشفاه من آكليه ، وهو يهديء الأعصاب ويجلب النعاس ويولي العينين بريقاً ويزيد في لون الشعر.
    __________________
    (1) رواه الكلينى في الكافي.

    أقول : وكل هذا من تصفية الدم ونقائه فتأمل هذه الكلمة الجامعة من الامام عليه السلام. وذكروا أنه يحتوي على فيتامين ( أي ـ بي ـ سي ) كما يوجد فيه اليود والكلسيوم والفسفور ومواد سكرية وأخرى دهنية. وإذا مضغ جيداً أعان على الهضم.
    [[ 8 ـ الهندبا ]]
    عن أبي عبدالله «ع» : نعم البقلة الهندبا (1).
    وعنه أيضاً : عليك بالهندباء فانها تزيد في الماء وتحسن الولد (2).
    وعنه أيضاً : من بات وفي جوفه سبع طاقات من الهندباء أمن من القولنج ليلته (3).
    قال الاطباء : ان الهندباء تفيد في ضعف الاعصاب ، وضعف البصر ، وفساد الدم ، وانها ترد قوى الاجسام بعد الضعف والهزال ، وتنشيط القلب والكبد والكليتين ، وتنفع الرحم في تعديل مزاجه وتنقيته ، وتقضي على الحميات.
    اقول : يالله ما أبلغ كلمة الإمام «ع» وما أجمعها لجل تلك الخواص التي ذكرها الاطباء بعد تلك المدة غير القصيرة. تأمل تجد أن في كلمة ( يزيد في الماء ويحسن الولد ) خاصتين وفائدتين لم يحصلا إلا بعد تعديل مزاج الرحم وتنقيته ، وبعد أن يقوى القلب والعصب وبعد أن تعود قوى الاجسام بعد الضعف والهزال فكأنه 7 قد جمع كل تلك الآثار والمنافع بذكر نتائجها من الزيادة في الماء وتحسين الولد.
    إلى هنا نكتفي بهذا النزر القليل مما ورد عن الامام أبي عبدالله 7 من الخواص والمنافع التي ذكرها للفواكه والخضر كنموذج لبيان وفور علمه وجزيل معرفته بهذا العلم الجليل. إذلو أردنا سرد جميع ماعثرنا عليه فضلاً عما لم
    __________________
    (1 ، 2 ، 3) في البحار ج 14.

    نوفق للعثور عليه في الكتب والمجاميع لضاق بنا هذا المختصر على أن الباحث مهما يراجع كتاب الأطعمة والأشربة من فقه أهل البيت ، ويمعن النظر فيه وفيما حوى من الآداب الجمة الواردة في الاكل والشرب ، قبلهما وبعدهما وفي أثنائهما ، وما جاء من البحث في وقتهما ، وبيان أقسام المأكولات والمشروبات ومضارهما ومنافعها والتفصيل الوارد في اللحوم والحبوب والفواكه والالبان والأدهان وغيرها فانه يجد هناك علماً جماً وأبحاثاً ضافية قيمة في الطب والوقاية وحفظ الصحة مما يجعلك ويجعل الباحث مذعنا خاضعا بأن الإمام الصادق «ع» في مقدم المتخصصين بعلم الأبدان قبل علم الشرايع والاديان ويخبت (1) إلى أنه صلوات الله عليه هو الحافل بعبئه الثقيل وعنده بجدته وهو ابن بجدته (2) وبيده عقدته وهو ابن عذره (3) وهو العالم الوحيد بحقائقه ودقائقه وعنده فذاذاته وجذاذاته (4) فكما هو المصدر والمورد في العلوم الدينية كذلك تنتهي إليه تلكم الدروس العالية في علم الأبدان.
    [[ من كلماته الخالدة في الطب ]]
    إن للامام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق 7 من الكلمات الطبية الخالدة والآراء القيمة الحكيمة مالونظر بها وعمل عليها لصلحت أن تكون أسساً ثابتة عامة تقوم عليها دعائم الطب وأركان حفظ الصحة في كل عصر ومصر ولكل جيل من الأجيال ، فلعمري أنها الكلم القصار التي قصرت عن فهم كنه مراميها نطس الاطباء وفحول العلماء اللهم إلا بعد مرور العصور وتعاقب الاحوال
    __________________
    (1) يطمئن ويخضع.
    (2) يقال للعالم بالأمر والبجدة باطن الامر وحقيقته.
    (3) يقال لمن بيده الحل والعقد ، والعالم بكل جزيئات المسألة.
    (4) الفذاذات القطع الصغار تتساقط من الذهب ، والجذاذات قطع الفضة ويراد منه الاحاطة بكل جزيئات الامر ودقائقه.

    وتقدم العقل البشري وكثرة التجارب العلمية والعملية الواسعة.
    وإليك فيما يلي بعض ماعثرنا عليه من تلكم الكلم الطيب نقدمها كشاهد عدل على ما نقول :
    قال الإمام 7 : كان الطبيب يسمى المعالج ، فقال موسى بن عمران 7 : يا رب ممن الداء ؟ قال : مني ، فقال موسى : وممن الدواء قال : مني ، قال موسى : فما يصنع الناس بالمعالج ؟ قال تعالى : يطيب بذلك أنفسهم ، فسمي المعالج لذلك طبيباً (1).
    وقال «ع» إجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء (2).
    أقول : الغرض من ذلك هو إرجاع إصلاح البدن إلى الطبيعة البدنية دون أن تعارضها الادوية التي ربما أحدثت مضاعفات أخرى غير المرض.
    وقال «ع» : من ظهرت صحته على سقمه فعالج نفسه بشيء فمات فأنا إلى الله منه بريء. وفي لفظ ، فقد أعان على نفسه (3).
    أقول : قد ورد هذا المعنى في غير واحد من أحاديث أهل البيت ، والمراد سحق الأدواء بالطبيعة مهما تمكنت منه وعدم تعديل المزاج بالعلاج. قال الإمام الرضا «ع» إن معالجة البدن كتعمير الدار وإصلاحه فان قليله يفضي إلى كثيره وبعبارة أخرى ان المرض هو تخلف عن القوانين الطبيعية والدواء مما يظهر هذا التخلف والانحراف وهذان الانحرافان إذا إجتمعا على البدن أبعداه عن الصحة السريعة.
    وقال «ع» : غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق (4).
    __________________
    (1) البحار 14.
    (2) الفصول المهمة.
    (3) الفصول المهمة.
    (4) كتاب الاثنى عشرية.

    أقول : الظاهر من هذا الحديث هو الامر بالنظافة والحث على الاهتمام بها فانها من أركان الصحة والراحة وهما من النعم والرزق الذي تجلبه هذه النظافة إذ ليس الرزق هو تحصيل المال فقط كما نتصوره ، والكسح هو الكنس والفناء ساحة الدار.
    وقال 7 : اقلل من شرب الماء فانه يمد كل داء (1).
    أقول : من المسلم طباً أن إكثار شرب الماء لا سيما على الغذاء وبعضهم يقول حتى في اثناء الأكل مما يبطي الهضم في المعدة بمعنى أنه يضعف عمل إفرازات الغدد المعدية الهاضمة ، فاذا إختل الهضم أختل التغذي وإذا إختل التغذي لم يستفد البدن منه فيضعف ويصبح مستعداً لقبول أي عارض من عوارض المرض ، وهذا هو مراد الإمام «ع» بقوله : يمد كل داء.
    وقال «ع» : ينبغي للشيخ الكبير أن لاينام إلا وجوفه ممتلئ من الطعام فانه أهدأ لنومه واطيب لنكهته (2).
    اقول : من المشهور أن تقليل الطعام ليلاً عند النوم من صالح المعدة ومما يهدئ الأعصاب ويريح النائم أما الشيخ الكبير فانه لما كان لا يمكنه أن يأكل كثيراً بل لا يستطيع إلا المايعات والخفيف من الاغذية كان هذا القليل المايع يهضم عنده بمدة قليلة لذلك فهو يحتاج إلى أن يأكل هذا القليل بمدد متقاربة متعددة وعليه فاذا أكل الشيخ القليل ثم هضم في أثناء النوم وخلت معدته ظهر عليه الضعف فلا يستقر في نومته ولأجل ذلك كان عليه أن لا ينام إلا وهو ممتلئ الجوف ليهدأ نومه وتطيب نكهته.
    وقال «ع» لعنوان البصري : إياك وأن تأكل ما لا تشتهيه ، فانه يورث الحماقة والبله ، ولا تأكل إلا عند الجوع. وإذا أكلت فكل حلالاً وسم بالله واذكر حديث رسول الله (ص) : ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فاذا كان ولا بد فثلث
    __________________
    (1 ـ 2) كشف الأخطار.

    لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه (1).
    أقول : الاشتهاء هو الجوع أي طلب البدن للطعام عن حاجة ، او هو الرغبة والميل إلى الأكل ، والمراد من قوله «ع» مالا تشتهيه أي ما لا تميل إليه ولا ترغب به فان ما أكل خلاف الرغبة أورث في البدن عكس المطلوب ومنها النفرة والانقلاب والمزاج كما ينفر من الدواء البشع ، وبذلك يختل نظام البدن فلا يحصل من الغذاء ذلك الوقود اللازم وهنا تضعف الاعصاب وتضطرب وقد يسري هذا الضعف العصبي إلى الدماغ بالمداومة لأنه المنشأ للاعصاب فيحصل الخطر فيه وهو المشار إليه بقوله «ع» يورث الحماقة والبله ، وقد قال بعض الحكماء : ما أكلته وأنت تشتهيه فقد أكلته وما أكلته وأنت لا تشتهيه فقد أكلك أي أمرضك وأسقمك.
    أما قوله «ع» : فكل حلالاً وسم بالله ، فذلك لأن وسائل الصحة وسلامة الأبدان لو تأملتها تجدها غير منحصرة في الماديات فقط بل أن للمعنويات والروحيات اليد الطولى في ذلك وأهمها الاطمينان النفسي والسكون القلبي اللذان بهما تستقر النفوس وترتاح القلوب ، ولما كان الغذاء الحلال مما يرضي النفس والروح ويملأ القلب إطميناناً وسكوناً كان للقمة الحلال والتسمية التي تنهض العقيدة والايمان أهمية كبرى في نشاط البدن وإرتياحه بخلاف الحرام الذي يضطرب منه القلب ويفلق الروح ، لذلك عالج الامام «ع» أو بالأحرى حفظ الصحة بهذه الوصية الروحية وإنهاض العقيدة الساكنة.
    أما قول النبي (ص) : ما ملأ آدمي وعاء شراً إلخ. فانه أمر واضح لا يحتاج إلى شرح وهو كقوله (ص) المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء لأنها إذا ملئت ثقل عملها وإذا ثقل العمل تصاعدت الابخرة والغازات إلى الأعلى أي إلى الدماغ فوقف الفكر ، لذلك يمنع الاطباء المطالعة بعد الطعام بلا فاصلة ثم يعتري الدماغ الفتور والميل إلى النوم والدعة كما قد يحدث لممتلئ المعدة عند النوم رؤيا مخيفة
    __________________
    (1) البحار ج 1 وفي الكنى والالقاب للقمي في ترجمة البصري.

    مزعجة وموحشة وقد تحصل له خيالات فاسدة وأفكار مشوشة ، وهذا هو ما أراده الامام «ع» بقوله الحمق والبلاهة أيضاً لذلك فقد أمر النبي (ص) أن تقسم المعدة إلى ثلاثة أقسام ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للتنفس ، وعلى هذا قال بعض الأطباء إن ما تأكله لا تستفيد إلاّ من ثلثه أما الثلثان فهما من فائدة الطبيب المعالج لك بعد هذه الأكلة فتأمل وفكر.
    وقال «ع» : كل داء من التخمة إلا الحمى ، فانها ترد وروداً (1).
    أقول : لقد ثبت طباً أن الحميات مطلقاً لا تنشأ إلا عن جراثيم خاصة وميكروبات مرضية معينة قد إكتشفها العلم الحديث خلافاً لما كان يعتقده القدماء من أنها لا تحدث إلا عن فساد الأخلاط الأربعة. ولكن علماء العصرين متفقان على أن إمتلاء المعدة والتخمة من أهم ما تحدث الأدواء المختلفة والاسقام المتعددة لأن المعدة بودقة وقود البدن ومبعث الغذاء الذي به يكون قوام الجسم والروح فاذا فسدت المعدة بالتخمة ضعفاً وأصبحا قابلين لكل عارض ممرض يعتريهما روحيا كان أو بدنيا ، ولذلك قال الامام «ع» : كل داء من التخمة بخلاف الحمى التي ترد وروداً أي تعرض على البدن من الخارج لأن الجراثيم تدخل البدن من الهواء ومن الماء ومن كلما يرد إلى البدن من حاملات الميكروب.
    وقال «ع» : إن عامة هذه الارواح ( جمع ريح ) من المرة الغالبة أو الدم المحترق أو البلغم الغالب ، فليشغل الرجل بمراعاة نفسه ، قبل أن يغلب عليه شيء من هذه الطبائع فيهلكه (2).
    أقول : إن بدن الانسان مركب من جامد ونصف جامد ومايع ، فالجامد كالعظام ونصف الجامد كالغضاريف والمايعات كالأخلاط الاربعة وهي الدم والصفراء والبلغم والسوداء فالدم في العروق والصفراء في الكبد والمرارة والبلغم
    __________________
    (1) رواه البرقي في المحاسن.
    (2) البحار ج 14 ـ 546.

    في العروق اللمفاوية والسوداء وهي الذرات الجامدة المختلطة مع الدم والمحترقة تماماً ومحلها الطحال وهذا على رأي بقراط الذي يسند كل الامراض إلى فساد الاخلاط ومنها تتولد الأرواح المؤلمة ولكن الطب الحديث يقول إن الغذاء إذا إحترق أوجد حرارة في البدن وإذا نقص إحتراقه حدثت فيه رسوبات قد تنتشر في الاعضاء فتتولد منها أمراض مختلفة ، وهذا هو عين قول القتدماء مع تغيير في المصطلحات والألفاظ ولأجل لفاظ ولأجل هذا أوصى الامام 7 بأن يراعي الرجل نفسه فلا يسرف في الأكل ولا يخلط الأغذية ولا يستعمل المواد المحترقة الحادة والحريفة أو أي شيء يفسد الاخلاط فينقص الاحتراق ويحدث ما لا تحمد عقباه بتغلب أحد تلك الاخلاط الفاسدة التي إصطلح عليها هنا ( بالطبائع ) فيتولد من ذلك ما يهلك أو ينهك وما إلى ذلك.
    وقال «ع» : إن المشي للمريض نكس (1).
    أقول : وفي هذا الحديث حث وتأكيد على الراحة المطلوبة لكل مريض لاسيما الناقه وعلى هذا جرى جل أطباء هذا العصر بل كلهم.
    وقال «ع» : لو إقتصد الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم (2).
    أقول : المراد من الاقتصاد هنا هو الاعتدال في الأكل وعدم الاسراف فيه لا تقليل الأكل إلى حد يقل عن الواجب للتغذية نعم إن الشره والتنوع في الطعام يجمع المتناقضات والتضادات في أكلة واحدة أوكثرة الأكل إلى حد التخمة التي هي أم الامراض بل باب الموت المحتم فان كل ذلك خلاف الاقتصاد ليس للبدن معها إستقامة أو سلامة.
    وقال 7 : النوم راحة الجسد والنطق راحة الروح والسكوت راحة العقل (3).
    __________________
    (1) الكافي.
    (2) الفصول المهمة.
    (3) مجالس الصدوق.

    أقول : بديهي أنه إذا لم يكن نوم تستريح وتستجم به الأعضاء قواها لم يمكنها أداء وظائفها كما يرام فيضعف البدن وتسقط قواه ولكن النوم يريحه والروح التي تريد إبداء ما في النفس من مآب وما في القلب من خاطرات وما في الفكر من نتائج فلابد لها من نطق تستريح به في إبداء كلما تريد وتطلب ، أما السكوت فهو إجمام العقل وراحته لينظر إلى عواقب الامور ويرمق الحوادث عن كثب فيقيس ويستنتج ويحكم باعتدال.
    وقال «ع» : ليس فيما أصلح البدن إسراف ، إنما الإسراف فيما أتلف المال وأضر البدن (1).
    وقال «ع» : الدواء اربعة : الحجامة والطلاء والقي والحقنة (2).
    أقول : يعتقد القدماء من الأطباء أن أكثر الأمراض تحصل من فساد الأخلاط وبعبارة أخرى إذا كثفت المايعات داخل البدن ، ويقولون أيضاً أن جميع مايعات البدن تتولد من الدم ، فاذا كان الدم صافياً نقياً سليماً كانت المايعات سالمة فيكون البدن صحيحاً وإلا فيمرض ، إذن فيجب أن يصفى الدم إذا كثف لكيلا تكون كثافته سبباً لعروض الجراثيم المرضية عليها فتتولد الامراض.
    وقد إتخذوا لتصفية الدم وسائل مختلفة من جملتها الحجامة التي هي اليوم مورد الخلاف لدى أطباء هذا العصر إذ يعتبر الدم مادة الحياة وليس من الصحيح للمريض المنهك القوى أن ينقص من دمه الذي هو القوة والحياة ، ونقول أن هذه الملحوظة مقبولة معقولة في جميع الأمراض التي يصاحبها فقر الدم أو التي تنشاء عن فقر الدم ، اما في غير هذه الأمراض ولدى الأشخاص كثيري الدم أو كثيفي الدم أو ما أشبههم فان الحجامة لهم من أفيد العلاجات وهكذا إذا ملئت المعدة بالطعام الزائد أو المواد الكثيفة فان أحسن علاج لها هو القيء لإخراجه من الفم أو الحقنة لإخراجه من
    __________________
    (1) الفصول المهمة.
    (2) نفس المصدر.

    الاسفل أما إذا كانت أوجاع البدن تحت الجلد من غازات منتشرة أو مواد فاسدة فانه يعالج بالطلاء الموضعى من أدهان وأمثالها لأن تأثيرها أقرب وأسرع لذلك.
    قال «ع» الدواء أربعة كما فصلناه.
    وقال «ع» : لا تدخل الحمام إلا وفي جوفك شيء يطفيء عنك وهج المعدة وهو أقوى للبدن ، ولا تدخل وأنت ممتلئ من الطعام (1).
    أقول : يقال أن حرارة الجوف تشتد إذا حمى البدن في الحمام وعند ذلك تهيج المعدة فان كانت خالية ضعفت لخلوها كما أن ذلك يضر بها إذ كانت ممتلئة كثيراً لذلك فقد أمر الإمام «ع» أن يكون ما في المعدة معتدلاً ليقوى البدن.
    وقال 7 : الاستلقاء بعد الشبع يسمن البدن ويمرئ الطعام ويسل الداء (2).
    أقول : ذلك لأن الأعضاء إذا إستراحت وهدأت بعد الطعام عملت بوظيفتها على ما يرام فهضم الطعام كاملاً واستخرج منه الغذاء الجيد الوافي والدم الصالح ثم وزع على البدن وبالمداومة يسمن البدن ويقوى وإذا قوى كافح الداء واستله من البدن.
    قال «ع» وقيل عن الرضا «ع» لا تقربوا النساء من أول الليل صيفاً أو شتاء ، وذلك لأن المعدة والعروق تكون ممتلية ، وهو غير محمود إذ يتولد منه القولنج والفالج واللقوة والنقرس والحصاة أو تقطير البول أو الفتق أو ضعف البصر فان أردت ذلك فليكن في آخر الليل فانه أصح للبدن وأرخى للولد وأذكى للعقل في الولد. ولا تجامع إمرأة حتى تلاعبها وتكثر مداعبتها وتغمز ثديها ، فانك إذا فعلت ذلك غلبت شهوتها واجتمع ماؤها لأن ماءها يخرج من ثديها والشهوة تظهر في وجهها وعينيها ، ثم اشتهت منك مثل الذي تشتهيه منها ، ولا تجامع إمرأة إلا وهي طاهرة
    __________________
    (1) الفصول المهمة.
    (2) بحار الأنوار.

    فاذا فعلت ذلك فلا تقم قائماً ولا تجلس جالساً ولكن تميل على يمينك ، ثم إنهض للبول إذا فرغت من ساعتك فانك تأمن من الحصاة ، ثم إغتسل (1).
    أقول : إن تهيأة المرأة بهذه الطريقة التي أرشدنا إليها الامام «ع» لهي التي تحفظ حياة الطرفين لا سيما نفس المرأة. وإن عدم رعاية هذا الإرشاد أو أن يفعل كما يفعل البعض من المنع بواسطة أوبغير واسطة لمما يحدث بعض العوارض المنهكة كالحريق والحكة في المجرى ، ذلك لأن المني إذا خرج من محله ثم منع من الوصول إلى محله الآخر من المرأة بقي منها مواد وأجزاء متخلفة في المجرى فيتكون منها الحصاة ، مضافاً إلى أن شهوة المرأة لا تطفى تماماً بهذا العمل غير الطبيعي إذ لم تكتمل المقاربة فيحدث من ذلك الهستريا بأنواعها.
    وقال «ع» : إن للدم وهيجانه ثلاث علامات : البثرة في الجسد والحكة في الجلد ودبيب الدواب ( وما يتخيله الانسان كدبيب النمل في بدنه ) (2).
    وقال «ع» : الحمى تخرج في ثلاث : في العرق ، والبطن ، والقيء.
    أقول الحمى هي إفراط الحرارة الغريزية والصحة إعتدالها والضعف قلتها والموت إنعدامها. وهذه الحرارة هي الخادمة الطبيعية للبدن وهي التي توجد فيه النشاط والقوة والحركة ، لاكنها اذا صادفت مواد سامة او اجزاء معدنية فجة منتشرة في البدن أو جامدة في زاوية من زواياه ( سدة ) فإنها تشتد وتفرط لغرض اذابة تلك المواد ودفعها اصلاحاً للبدن فتكون على هذا الحمى ، وعليه فلا بد من إعانة هذه الخادمة على عملها الاصلاحي بما أمر به «ع» وأرشدنا إليه وذلك بالتعريق أو إسهال البطن أو القيء فان كلاً من هذه الثلاثة تعين على تلك السمومات.
    وقال «ع» : خير ما تداويتم به الحجامة والطلي والحمام والحقنة.
    __________________
    (1) البحار وغيره.
    (2) أيضاً البحار ج 14.

    أقول : قد مر تفصيل ذلك فلا حاجة للتكرار.
    وقال 7 : إغسلوا أيديكم قبل الطعام وبعده فانه ينفي الفقر ويزيد في العمر.
    أقول : بهذا أمر الامام الصادق «ع» أصحابه وتابعيه ، وحثهم على العمل به مشوقاً إياهم بقوله : إنه ينفي الفقر ويزيد في العمر ، وأنت جد خبير بأن نفي الفقر وأطالة العمر هما من نتاج الصحة الحاصلة من غسل اليدين قبل الطعام وبعده. وقد أثبت الطب وحكمت التجارب العلمية والعملية الكثيرة أن عدم غسلها مما توجب الامراض المختلفة التي قد ينتهي بعضها بالموت أو الفقر المحتم ، فان اليد الملوثة بجراثيم الامراض بواسطة لمس الاجسام الخارجية إذا ما لمسنا بها الطعام ولم نغسلها ثم أكلناه ملوثاً إنتقل الميكروب إلى الفم ومنه إلى المعدة ومنها إلى الكبد والقلب ثم سار في انحاء البدن. ومن البديهي أن الميكروب يفتك اين ما وجد مجالاً للفتك أو محلاً مستعداً لقبول نموه وتفريخه وبالأخير الفتك به والاضرار بجميع البدن ، فاذا مرض الانسان بواسطة هذا الميكروب المنتقل ألى البدن بواسطة اليد الملوثة فانه سوف يخسر ماله بالمداواة وعمره باستفحال ذلك المرض ، أما إذا إلتزم بغسل اليدين ولم يجعل مجالاً لدخول الميكروبات إلى جسمه إكتسب الصحة ولم يخسر ماله فينفي عنه الفقر ولا عمره إذ تطول حياته وهذا هو المقصود من قول الإمام «ع» أنه ينفي الفقر ويزيد في العمر.
    وإني إنما شرحت هذه الكلمات ولو على وجه الاجمال لأبين لك أن الإمام 7 كان يجمل في القول ويشير في أكثر كلمه القيمة إلى أفيد الخواص وأنفع ما يمكن أن يدركه السامع ، وكأنه كان يلاحظ على الدوام حال المستمع وقابلية السامع وينظر إلى القول المشهور : كلم الناس على قدر عقولهم ـ حرصاً على الفائدة وطلباً للنفع العام ، على أن كلامه كان بعيد المرمى عظيم المغزى يدركه كل عقل على حسب تقدمه وتدرجه. لذلك ترى في هذا العصر قد إكتمل العقل ، أخذ

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري
    الشيخ شوقي البديري


    عدد المساهمات : 3301
    نقاط : 4990
    تاريخ التسجيل : 17/06/2012
    العمر : 59
    الموقع : عشائر البو حسين البدير في العراق

    طب الامام الصادق عليه السلام Empty
    مُساهمةموضوع: رد: طب الامام الصادق عليه السلام   طب الامام الصادق عليه السلام Emptyالأربعاء 16 أكتوبر 2024 - 13:39

    يدرك منه ما لم تكن تدركه تلك العقول الماضية ، وهذا وأيم الله هو الكلام الملهم والعلم السماوي الذي علمهم إياه جدهم النبي الامين 9 عن جبرائيل عن الله جل جلاله.
    وما أبلغ قول القائل :
    وتابع أناساً قولهـم وحديثهم
    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

    الصادق 7 والطب الروحي
    كما أن الأجسام تمرض فتفقد صحتها إلى العلاج بما يعدل إنحرافها ويعيد إليها الصحة المفقودة. كذلك الأرواح والنفوس ، فإنها تمرض بانحرافها إلى الرذائل والصفات الذميمة ، فتحتاج عند ذلك إلى العلاج بما يقوم أودها ليرجعها سيرتها الاولى من صحة الاتصاف بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة.
    وبعبارة أوضح أن الأرواح والنفوس إذا تغلبت عليها الرذائل من الصفات وتسيطر عليها الشهوات الحيوانية والعواطف الدنيئة إنحرفت صحتها وفقدت رونقها الروحي وميزتها النفسية التي بها إمتازت عن الجسمية الكثيفة ، وعدمت شفافيتها ولطافتها التي كانت عليها حال صحتها يوم كانت سليمة.
    ولقد عالج الفلاسفة تلك الأدواء النفسية والاسقام الروحية بأنواع العلاجات منذ العصور الغابرة حتى اليوم ، ووضع علماء النفس وأساتذة التربية أحكم القوانين وأتقن النظم والقواعد لاصلاحها فلم يفلحوا ، إذ لم يجدوا لها

    علاجاً حاسماً ولم يعثروا على دواء ناجع سوى الدين السماوي الذي هبط على الانبياء والرسل ليرفع هذه الأنسانية من حضيض الرذائل والجهل الى مرتفع الفضائل والعرفان والذي جاء لاسعاد هذا الخلق كيما يعيشوا بسلام وهناء ، ولينبلج في الأرض صبح الرشاد ، فتزهو مخضرة الجوانب برياض النعيم مادام الناس يعملون بقوانينه ويتبعون سبل تعاليمه وإرشاداته. فما من طبيب أدرى بأدواء النفوس من بارئ النفوس ولا حكيم أخبر بأسقام الأرواح كالدين المرسل من الحكيم ، ولا عالم أعرف بطرق علاجها وأسباب شفائها كالشارع المقدس.
    إذن فللدين أثره الفعال في تطبيبها ، وإن له لمعاجز باهرة في إصلاحها تفوق معاجز الطب الفنية في مداواة الأجسام.
    فما أشبه الدين بالسحر ، لولا أن الدين خير كله والسحر شر كله ، وما أشبه مبلغيه ينطس الاطباء الذين عرفوا الداء والدواء فأرجعوا الأمزجة المنحرفة إلى صحتها وإعتدالها ، لولا أن الأطباء قد يخطئون والأنبياء لا يخطئون.
    وقد جاء الدين الاسلامي الحنيف بالأخلاق الفاضلة حفظاً لصحة النفوس البشرية وأمر متبعيه بالعمل عليها وقاية لأرواحهم من شرورها. كما أن النبوة الكبرى قد تكلفت بصلاح البشر وإصلاحه من ناحيتي الروح والجسد فكانت فيها حياته وسعادته وتقدمه ورقيه في عالمي الدنيا والآخرة.
    قال تعالى : إستجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ليحييكم.
    وقال جل جلاله : من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة.
    وقال تعالى : قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور.
    وقال تعالى : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين.
    هذا وقد بعث النبي الأمين 9 وهو ينادي : إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق. فعاش طيلة حياته (ص) الشريفة وهو يبذر تعاليمه الحكيمة ويغرس

    مكارم الاخلاق الاسلامية الفاضلة في نفوس الأمة ، وينير لها الطريق إلى الحياة السعيدة روحاً وجسماً حتى رفعه الله تعالى إليه ، فلم يهمل هذة الناس سدى بل خلف فيهم الثقلين : كتاب الله وعترته ، فكان القرآن المجيد كتاب الله الصامت والعترة النبوية كتابه الناطق الذي يوضح للناس ماخفي عليهم من تعاليمه الأصلاحية ويرشدهم بتوضيحه إلى ما لم يدركه سواهم من الكنوز القرآنية الخفية.
    فكانوا هم الأدلاء على الخير والهدى والمرشدين إلى طريق الحياة الحقة ، كما كانوا هم أطباء النفوس بكل ما تحتاج من العلاجات الروحية والمداواة النفسية لذلك ترى كل إمام من أولئك العترة الطاهرة كان يعالج بعد النبي 6 أدواء أهل عصره بنوع من العلاج الروحي يوافق عقولهم ويلائم مداركهم ، كطبيب يوصي مرضاه بكل عطف وحنان ورأفة حتى يوصلهم إلى ساحل الصحة والهناء.
    ولما كان عصر الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق 7 عصراً مليئاً بالأهواء المتعاكسة والآراء المختلفة والأخلاق المتفاوتة والمذاهب المتشعبة عصراً تفسخت فيه الأخلاق الاسلامية وتسممت فيه النفوس وانحرفت صحة الأرواح. كان الامام «ع» يرى نفسه بطبيعة الحال وحسب وظيفته السماوية هو الطبيب المسؤول أمام الدين عن صحتها والمتكفل بعلاجها.
    وكيف لا يرى نفسه كذلك وهو كتاب الله الناطق الذي قال النبي (ص) فيه وفي آبائه وفي القرآن : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً.
    نعم كان «ع» يرى نفسه هو المسؤول الأول عن علاج هذه الامة ومداواة أمراضها الروحية التي إنتابت نفوسها بطغيان الرذائل على الفضائل فكان «ع» يطبها بأنواع من أقواله الحكيمة ومختلف إرشاداته القيمة وتعاليمه الشافية ، حسب مداركهم وشعورهم. شأن الفيلسوف المداري والطبيب المداوي. وإليك نموذجاً من طبه الروحي ومعالجته النفسية التي أراد بها شفاء النفوس

    من أسقامها الفتاكة بالفرد والمجتمع ، مكتفين بالقليل لعدم إتساع هذا الجزء لكل ما ورد عنه «ع» في هذا الباب ، فنقول :
    [[ 1 ـ الغضب ]]
    الغضب حالة في النفس تثيرها أمور منتظرة أو غير منتظرة فتخرج العقل عن إستقامته وتصد الغضوب عن رشده وصوابه ، وتفقده سلطانه على فكره وإدراكه فيختل مزاج الذهن ، وتتهيأ الأعضاء فيها للفتك والانتقام ، ذلك لأن الدم يثور فيها فيسرع إلى القلب ثم ينتشر منه في العروق ويرتفع الى أعالي الرأس فيحمر الوجه وتنتفخ الودجان ثم يجيش في الصدر فيعبس الوجه وتنكمش الشفتان عن الأسنان وهناك تتأهب الأعضاء بسبب هذا الثوران في الدم للفتك والانتقام وقد قيل فيه :
    ولم أر في الأعداء حين إختبرتهم
    عدواً لعقل المرء أعدى من الغضب

    وأهم أسبابه الوراثة والامراض. أما الأسباب المهيئة له فكثيرة ، منها المزاج العصي والتسممات الحادثة من المآكل الحادة والمشروبات الروحية ، كما أن للمحيط والبيئة والتربية الأثر البليغ في أحداث الغضب وشدة وطأته.
    قال بعضهم : إن الأسباب المهيجة للغضب الزهو والعجب والمزاح والهزء والممارت والغدر وشدة الحرص على فضول المال والجاه ، وهي باجمعها أخلاق رديئة مذمومة. ولاخلاص منه مع بقاء هذه الاسباب إلا بازالتها إلى أضدادها.
    وللغضب عواقب كثيرة من الأمراض التي لا يستهان بها كالاصابة بالسل الرئوي وسوء الهضم وإلتهاب الأعصاب والنزيف الدموية بأنواعه ، وقيل ان الغضوب قد يصاب بحالة شبيهة بداء الكلب بحيث إذا عض أحداً أدى إلى موته وهذا مما يدل على أن في ريق الغضبان سماً زعافاً لا يؤثر على صاحبه فقط بل يؤثر على من يقع عليه.
    فالغضب داء روحي ومرض خطير يضر بصاحبه أولاً وكثيراً ما يتعداه

    إلى غيره ويوقع صاحبه في إرتكاب الجرائم من غير وعي أو إدراك.
    وكم عالج الحكماء والفلاسفة والاطباء والعلماء هذا الداء بأنواع العلاجات رجاء شفائه فلم يفلحوا ولكن الدين الإسلامي الحكيم قد عالجه باخف العلاجات وأنجعها وصده صداً بمختلف الواقيات كما في الحديث الشريف قوله (ص) :
    إذا وجد أحدكم من ذلك ( الغضب ) سيئاً فان كان قائماً فليجلس أو جالساً فليقم ، فان لم يزل بذلك فليتوضأ بالماء البارد أو يغتسل فان النار لا يطفيها إلا الماء (1).
    وقال الإمام الصادق «ع» : الغضب مفتاح كل شر (2).
    وقال «ع» : الغضب ممحقة لقلب الحكيم (3).
    وقال «ع» : من لم يملك غضبه لم يملك عقله (4).
    وقال «ع» : إذا لم تكن حليماً فتحلم. وفي حديث آخر : كفى بالحلم ناصراً (5).
    وقال «ع» : من ظهر غضبه ظهر كيده ، ومن قوي هواه ضعف حزمه (6).
    [[ 2 ـ الكذب ]]
    الكذب إنحراف النفس عن صحة الصدق والتواء الروح عن أداء وأجبها الانساني وهو مرض فردي وأجتماعي خطير إذ يحدث في صاحبه الكثير من أعراض الرذائل كالغش والنفاق والمداهنة والغدر والخيانة والرياء وخلف الوعد ونقض العهد مما كان الصدق واقياً منها وحافظاً للنفس من الوقوع فيها. على أن الكذب هو نفسه لا يليق بالانسان معتدل المزاج أن يتصف به فيكون عضوا فاسداً في مجتمعه ، يهلك نفسه ويعدي الآخرين فيمرض بمرضه.
    __________________
    (1) البحار وكشف الاخطار.
    (2 ، 3 ، 4 ، 5) الكافي.
    (6) البحار ج 14.

    وقد قال الامام «ع» فيه : لا داء أدوى من الكذب (1).
    وقال «ع» : من كثر كذبه ذهب بهاؤه (2).
    وقال «ع» : من صدق لسانه زكا عمله (3).
    وقال «ع» : إن الله خلق للشر أقفالاً ومفاتيح تلك الاقفال الشراب والكذب شر من الشراب (4).
    وقال «ع» : إياك وصحبة الكذاب ، فان الكذاب يريد أن ينفعك فيضرك ويقرب لك البعيد ، ويبعد لك القريب (5).
    [[ 3 ـ الحسد ]]
    الحسد كراهة نعمة الآخرين وحب زوالها ، وإن الحاسد لم يزل يتطلع إلى نعم الله جل جلاله على عباده فلا يهنأ له حال. وما ألطف ما وصف الحساد أبو الحسن التهامي بقوله :
    إني لأرحم حاسدي لشر ما
    ضمت صدورهم من الاوغار

    نظروا صنيع الله بي فعيونهم
    في جنة وقلوبهم في نار

    وهو داء في النفس أشد من داء البخل ، لأن البخيل يضن بماله على غيره أما الحسود فانه يضن بمال الله ونعمه على عباده ، ويتألم من وصولها إلى غيره فهو العدو بلا سبب وطالب زوال النعمة عن غيره وإن لم تصل إليه ، ولقد قال رسول الله (ص) : إن لنعم الله أعداء ، قيل له ومن هم يا رسول الله ؟ قال (ص) :
    __________________
    (1) الحلية ج 7.
    (2) الوسائل.
    (3) الكافي.
    (4) جامع السعادات.
    (5) كتاب العترة.

    الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.
    وهذا الداء النفساني لم يحدث إلا عن خبث في الروح وإنطراء النفس على الشر فاذا ما تمكن من إمريء أفسد أخلاقه ، وساقه إلى القبائح والجرائم ، وأوقع صاحبه في أشد الآلام النفسية والاسقام البدنية كما قيل :
    أفسدت نفسك بالحسد
    وهدمت أركان الجسد

    فاذا حصل في أمة أوقعها في الشقاق والنفاق ثم الدمار ، وإذا أستولى على أحد أرجع عذابه على صحابه ، لأن الحسود دائم العذاب مستمر الألم ، ولذا قال «ع» : لا يطمع لحسود في راحة القلب (1).
    وقال «ع» : ليس الحسود غنى (2).
    وقال «ع» : الحسود ذو نفس دائم وقلب هائم وحزن لازم ، وإنه لكثير الحسرات متضاعف السيئات ، دائم الغم وإن كان صحيح البدن.
    وقال «ع» : إن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب (3).
    [[ 4 ـ الكبر ]]
    الكبر في الانسان حالة تعتري النفس تدعو إلى مجاوزة الحد في إعظامها واحتقار غيرها ، وبعبارة أوضح : هو إستعظام النفس ورؤية قدرها فوق قدر الغير.
    وهو داء عضال في النفوس الواطئة يحدث عن ضيق دائرة نظر المتكبر إلى نفسه ، عندما يرى فيها فضيلة ليست عند غيره ، دون أن ينظر إلى نقصه وكمال غيره وإن لهذا الداء من العوارض المرضية النفسية ما يوقع صاحبه في كثير من الرذال المستقبحة ، كاغتراره بالظلم وعدم إحتفائه بحقوق الناس والحقد والحسد
    __________________
    (1) الخصال باب العشرة.
    (2) الحادي عشر.
    (3) الكافي في باب الحسد.

    الانقياد للحق ، وعدم قبول النصيحة وإعراضه عن الارشاد ، وغير ذلك مما يلجي تكبر المتكبر إلى إرتكابها والابتعاد عن مكارم الأخلاق. وقد أشار الامام «ع» إلى تعريفة بقوله : ما من أحد يتيه من ذلة يجدها في نفسه (1).
    وقال «ع» : لا يطمع ذو كبر في الثناء الحسن (2).
    وقال «ع» : لا جهل أضر من العجب (3).
    وقال «ع» : رأس الحزم التواضع (4).
    وقال «ع» : ثلاثة مكسبة البغضاء : العجب والنفاق والظلم (5).
    [[ 5 ـ خلف الوعد ]]
    خلف النفس حالة تتصف بها النفس الخسيسة ، وتستسيغها الروح الواطئة وهو داء نفساني إذا إبتلى به المرء حرم ثقة الناس به ، وجر إلى نفسه في مجتمعه ومحيطه الويل وفقد في أصحابه وإخوانه التعرف وللحبة ، هذا ضرره في صاحبه أما إذا ما فشا ـ خلف الوعد ـ في المجتمع كان داءاً إجتماعياً خطيراً يقف سداً دون سعادة ذلك المجتمع وإنتظام معاملاته وحصول الثقة بين أفراده.
    ومن المعلوم أن مثل هذا الداء العضال إذا ما تعلق بالنفوس الواطئة لم يجد لشفائه عقار الطبيب مجالاً ولا ذكاء الفيلسوف سبيلاً إذا لم يردعه وازع ديني أو واعظ داخلي ، يقيم أود تلك النفس الخسيسة ويرفعها إلى مستوى الانسانية الفاضلة لذلك ترى الامام 7 جاء لعلاج أمثال تلك النفوس من هذا الطريق المستقيم فقال 7 :
    __________________
    (1) الكافي باب الكبر.
    (2) الكافي في باب العشرة.
    (3) تحف العقول.
    (4) البحار ج 17.
    (5) تحف العقول.

    من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف بالوعد (1).
    وقال «ع» : ثلاثة من كن فيه فهو منافق وإن صام وإن صلى : من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان (2) إلى غير ذلك.
    [[ 6 ـ الحرص ]]
    الحرص شدة الكدح والاسراف في الطلب ، وفوقه الشره ، وكلاهما داء ينتاب الروح والنفس بسبب غلبة القوة البهيمية على العقل وإندحار العقل أمامها مغلوباً وما الحريص المصاب بهذا الداء إلا فقير كلما إزداد حرصه إزداد فقره ، لأن الفقر هو الحاجة ، والحريص والشره ما زالا محتاجين ، إذ لم يقنعا بكل ما أعطيا ولم تفتأ نفساهما تطلب الزيادة على ما في أيديهما فهما فقيران على وقد قيل : الغنى هو غنى النفس والقناعة كنز لا يفنى.
    وعلى هذا قال الامام «ع» : أغنى غنى من لم يكن للحرص أسيراً (3).
    وقال «ع» : من قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس (4).
    وقال «ع» : الحرص مفتاح التعب ومطية النصب ، وداع إلى التقحم في الذنوب والشره جامع للعيوب (5).
    وقال «ع» : حرم الحريص خصلتين. ولزمته خصلتان. حرم القناعة فأفتقد الراحة ، وحرم الرضا فافتقد اليقين (6).
    __________________
    (1) كشف الأخطار.
    (2) تحف العقول.
    (3) الكافي في باب حب الدنيا.
    (4) الكافي في القناعة.
    (5) الفصول المهمة.
    (6) خصال الصدوق باب الثاني.

    [[ 7 ـ المراء والجدل ]]
    المراء والجدل داءان مذمومان مهلكان ، وشهوتان باطنيتان يعتريان النفس مفادهما الاعتراض على الآخرين باظهار الخلل في قوله أو فعله من باب الطعن والاستحقار له طلباً للتفوق عليه بابراز الكياسة والمعرفة.
    وهما داءن خطران أقل ما يحدث منهما في النفس ، حصول التباغض والعداء والنفرة بين المتحابين ، وهذا ما يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
    ولقد عالجهما الامام الصادق «ع» بارشاداته القيمة ونصائحه الدينية إذ قال «ع» المؤمن يداري ولا يماري (1).
    وقال «ع» : الجهل في ثلاث : شدة المراء ، والكبر ، والجهل بالله (2).
    ومن حديث عنه «ع» : سبعة يفسدون أعمالهم ، سابعهم الذي لا يزال يجادل أخاه مخاصماً له (3).
    إلى هنا ننهى البحث في هذا الموضوع الوسيع الذي لو أردنا ذكر كلما ورد عن الإمام «ع» فيه لضاقت في هذه الرسالة المختصرة به وقد سلكنا فيها الاختصار الايجاز ، ولم يكن قصدنا بها إلا أن نقدم للقارئ الكريم إضمامة من تلك الرياض الزاهرة التي تزهو بتعاليم الامام العالم والمرشد الحكيم ، والمقتدي الناصح ، أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه وعلى آله الطاهرين أفضل التحية والسلام ، مرجئين التفصيل فيها إلى الكتب المفصلة.
    والآن وبعد أن ذكرنا لك شيئاً من طب الامام «ع» وهو بلا ريب غيض من فيض وقطرة من بحر علومه ومعارفه ، إرتأينا ان نذكر لك ترجمة أشهر
    __________________
    (1) البحار ج 17.
    (2) البحار ج 1.
    (3) خصال الصدق وبات السبعة.

    الاطباء في ذلك العصر ، أي عصر الامام ، وذلك لما كان لهم من الأثر في إنتشار الطب يومذاك وبالطبع إنا سنجمل تراجمهم سيراً على منهجنا في الاختصار.
    [[الأطباء في عصر الامام 7 ]]
    ليس القصد من تخصيص هذا العصر بالبحث والعناية لكونه عصر إنقراض دولة وتأسيس أخرى فحسب ، ولا لأنه مليء بالحوادث التاريخية والوقائع الحربية والتغييرات السياسية الزمنية. بل لأنه عصر النهضة العلمية في الجزيرة وربوع الرافدين بالخصوص ، وإبتداء عهد الحضارة الاسلامية ، والمعارف والعلوم العربية من طب وفلسفة وأدب وغيرها من الفنون التي أخذت منها أرقى ما وصل إليه الأولون من الأمم المتمدنة ، ثم قدمته بعد التنقيح العلمي وبعد الصقل العقلي ، لقمة سائغة مرية إلى الأجيال المتأخرة بقوالبها العربية الجذابة وبيانها الفصيح الخالي من شوائب النقص والتعسف ، والمشتمل على تلك الآراء الجبارة المطابقة للعقل والوجدان والدين والفطرة ، فقد صادفت بذرة العلوم يومذاك من مفكري العرب وفلاسفة الاسلام أطيب أرض صالحة أثمرت للأجيال المتعاقبة أشهى الثمر وأمراه فهو والحق يقال ، كان كحلقة وصل بين الثقافتين القديمة والحديثة ، وواسطة العقد بين العقلية البشرية لدى الأمم السالفة وهذا العصر الحديث.
    إذن فلا غرو إذا ما خصص هذا العصر بالبحث ، وأعطى من الأهمية والعناية ما هو جدير بهما ، سيما وقد بذر الامام أبو عبدالله 7 في نفوس أصحابه وتلاميذه والوافدين عليه من العلماء والحكماء والمفكرين ، تلك البذرة التي لم يدرك مغزاها ولم يصل إلى معرفتها إلا جهابذة هذا العصر الحديث بعد تقدم الطب والتجارب العلمية مدة قرون وقرون. وإليك تراجم أولئك الأطباء :

    [[ 1 ـ جرجيس بن جبرائيل (1) ]]
    هو جرجيس بن جبرائيل الجنديسابوري (2) كان في صدر الدولة العباسية وكانت له خبرة كاملة وإطلاع تام بصناعة الطب وإطلاع وافر بمداواة المرضى وعلاجهم وكان فاضلاً رئيساً لمدرسة جنديسابور.
    إستدعاه المنصور العباسي لمداواته من علته التي عجز أطباء بغداد عن علاجها وهي فساد معدته كما تقدم ، ولما ورد بغداد ومثل بين يديه أعجب به لحلاوة منطقه ورزانة عقله. ولما ذكر له العلة طمنه ، ثم عالجه حتى بريء بسرعة.
    بقي جرجيس عند الخليفة مدة ، ثم أراد الرجوع إلى بلده ، فلم يأذن له الخليفة وطلب إليه البقاء في بغداد ، بعد أن أغدق عليه الأموال والعطايا ، فاضطر للبقاء في بغداد يعالج المرضى. وفي هذه المدة التي كان في العاصمة ، أخذ ينقل للمنصور كتباً كثيرة في الطب إلى اللغة العربية فعظم مقامه عند الخليفة والناس ثم مرض سنة 152 ه‍ وطلب من الخليفة الرجوع إلى أهله ليرى عياله وأطفاله وليدفن في وطنه إذا مات ، فاذن له بعد أن خلف تلميذه ـ عيسى بن شهلافا ـ مكانه ، فأرسل المنصور معه خادماً خاصاً وأمره أن جرجيس إذا مات في الطريق حمله إلى أهله ليدفن عندهم كما أراد لكنه وصل إلى بلاده حياً وبقي تلميذه بخدمة الخليفة كطبيب خاص للبلاط.
    [[ 2 ـ عيسى بن شهلافا (3) ]]
    عيسى بن شهلافا الجنديسابوري تلميذ جرجيس جاء مع أستاذه إلى بغداد
    __________________
    (1) عيون الأنباء والقفطي.
    (2) وفي تاريخ الحكماء جورجيس بن بختيشوع.
    (3) القفطي ص 165.

    لعلاج المنصور ثم بقي بعده طبيباً للخليفة باشارة من أستاذه كما مر ، ولكن هذا بدأ يبسط يده بالأذية خاصة بالأساقفة والبطارقة ويطالبهم بأخذ الرشى والأموال ، وكانت فيه شرارة طبع.
    ولما خرج المنصور في بعض سفراته ، ووصل إلى نصيبين كتب عيسى هذا إلى مطران نصيبين يهدده ويتوعده إن منع عنه ما إلتمسه منه ، وكان قد إلتمس منه أن ينفذ إليه من آلات البيعة أشياء جليلة ثمينة ، وكتب في كتابه ـ أليس تعلم أن أمر الملك بيدي إن أردت أمرضته وإن أردت شفيته ، فلما وقف المطران على الكتابة إحتال في التوصل إلى الربيع وزير المنصور ، وشرح له الحال وأقرأه الكتاب ، فأوصله الربيع ألى الخليفة وأوقفه على حقيقة الأمر فأمر المنصور بأخذ جميع ما يملك عيسى وتأديبه ، ثم نفيه أقبح نفي ، وكان هذا هو ثمرة الشر وعاقبة صاحبه.
    [[ 3 ـ ابن البطريق (1) ]]
    وسماه البعض البطريق تخفيفاً. هذا الطبيب كان في أيام المنصور ، وقد أمره المنصور بنقل أشياء كثيرة من الكتب القديمة فنقلها له ، وكان نقله جيداً إلا أن نقله كان دون نقل الطبيب حنين الذي جاء بعده ، والذي كان نقله بعد هذا هو المعول عليه لدى الأطباء والحكماء. وستجد ترجمته في كتابنا ـ معجم أدباء الأطباء ـ.
    [[ 4 ـ فرات بن شحناثا (2) ]]
    طبيب يهودي فاضل كامل في وقته متقدم العهد من تلاميذ الطبيب الشهير ( تياذق ) طبيب الحجاج بن يوسف الثقفي ، وقد كان أستاذه يرفعه على ساير تلاميذه خدم في حداثته الحجاج أيضاً ، ولما كبر وشاخ صحب الأمير ـ عيسى ابن موسى العباسي ـ ولي العهد أيام المنصور ـ وكان عيسى هذا يشاوره في كل
    __________________
    (1) القفطي 169.
    (2) عيون الأنباء ص 162.

    الامور ، ويعجبه عقله وصواب رأيه فيما كان ينذر به أيام خلافة المنصور ، فكان عيسى يتذكره بعد وفاته كل ما وقع له شيء من الأمور التي ينذره بوقوعها ويقول : سقى عهدك أبا فرات ، كانك كنت شاهداً يومنا هذا.
    [[ 5 ـ موسى بن إسرائيل الكوفي (1) ]]
    هذا الرجل طبيب من أهل الكوفة ولد سنة 129هـ وتوفي سنة 222 ه‍. خدم في أواخر أيامه أبا إسحاق إبراهيم بن المهدي واختص بخدمته وتقدم عنده وله ذكر مشهور بين الأطباء. وكان قليل العلم بالطب إذا قيس بمن كان في وقته من مشاهير مشايخ المتطببين ، إلا أنه كان أملأ لمجلسه منهم لخصال إجتمعت فيه. كفصاحة اللهجة مع علم بالنجوم ومعرفة بايام الناس ورواية للأشعار.
    وكان أبو إسحاق أبراهيم يحتمله لهذه الخلال ، ولأنه طيب العشرة جداً يدخل في منادمي الملوك.
    وكان ابن إسرائيل هذا في حداثته بخدمة الأمير عيسى بن موسى العباسي وكان قد خدم معه المتطبب اليهودي فرات بن شحناثا ، وهو يروي عنه أي عن فرات حكايات كثيرة من مشاورات عيسى له وإرشاداته إياه بالآراء الصائبة.
    قال الطبيب موسى (2) : لما عقد المنصور لعيسى بن موسى على محاربة ( محمد بن عبدالله العلوي ) وسار باللواء من داره قال لفرات : ما تقول في هذا اللواء ؟ قال فرات : أقول إنه لواء الشحناء بينك وبين أهلك إلى يوم القيامة. ألا أني أرى لك نقل أهلك من الكوفة إلى أي البلدان أحببت ، فان الكوفة بلد أهلها شيعة من تحارب ، فان فللت لم يكن لمن تخلف بها من أهلك بقيا ، وإن فللث وأصبت من تتوجه إليه زاد ذلك في أضغانهم عليك ، فان سلمت منهم في حياتك لم يسلم منهم عقبك بعد وفاتك. فقال عيسى ويحك إن أمير المؤمنين غير مفارق
    __________________
    (1) القفطي 208.
    (2) عيون الانباء ج 2 ص 148.

    الكوفة فلم أنقل أهلي منها وهم بعد في داره ؟ فقال : إن الفيصل في مخرجك فان كانت الحرب لك فالخليفة مقيم بالكوفة ، وإن كانت عليك لم تكن الكوفة له بدار وسيهرب منها ويخلف حرمه فضلاً عن حرمك.
    قال موسى الطبيب : فحاول عيسى نقل عياله من الكوفة فلم يسوغ المنصور له ذلك ، ولما فتح الله على عيسى ورجع إلى الكوفة وقتل إبراهيم بن عبدالله إنتقل المنصور إلى مدينة دار السلام ، فقال له متطببه : بادر بالانتقال معه إلى مدينته التي قد أحدثها. فاستأذن المنصور بذلك فاعلمه أنه لا سبيل إليه وإنه قد دبر إستخلافه على الكوفة فاخبر عيسى فراتاً متطببه بذلك فقال له : إن إستخلافه أياك على الكوفة حل لعقدك على العهد ، لأنه لو دبر تمام الأمر لك لولاك خراسان بلد شيعتك ، فأما أن يجعلك في الكوفة بلد أعدائك وأعدائه وقد قتلت محمد بن عبدالله فوالله ما دبر فيك إلا قتلك وقتل عقبك ومن المحال أن يوليك خراسان بعد الذي ظهر منه فيك فسله توليتك الجزيرتين أو الشام ، فاخرج إلى أي الولايتين ولاك فاوطنها. فقال له عيسى : أتكره لي ولاية الكوفة وأهلها من شيعة بني هاشم وترغب لي بولاية الشام أو الجزيرتين وأهلها شيعة بني أمية ، فقال له فرات : أهل الكوفة وإن وسموا أنفسهم بالتشيع لبني هاشم فلست وأهلك من بني هاشم الذين يتشيعون لهم ، وإنما تشيعهم لبني أبي طالب ، وقد أصبحت من دمائهم ما قد أكسب أهلها بغضك وأحل لهم عند أنفسهم الاقتياد منك وتشيع الشام والجزيرتين ليس على طريق الديانة ، وإنما ذلك على طريق إحسان بني أمية لهم ، وان إنت أظهرت لهم مودة متى وليتهم وأحسنت إليهم كانوا لك شيعة ، ويدلك على ذلك محاربتهم مع عبدالله ابن علي على ما قد نال من دمائهم ، لما تألفهم وضمن لهم الاحسان إليهم ، فهم إليك لسلامتك من دمائهم أقبل.
    قال موسى الطبيب : واستعفي عيسى من ولاية العهد ، وسأل تعويضه عنها فأعلمه المنصور أن الكوفة دار الخلافة ، لا يمكن أن تخلو من خليفة أو ولي العهد

    ووعده أن يقيم في مدينة السلام سنة وفي الكوفة سنة وأنه إذا صار إلى الكوفة صار عيسى إلى مدينة السلام وأقام بها.
    قال ولما طلب أهل خراسان عقد البيعة للمهدي ، قال عيسي لفرات : يا فرات قد دعيت إلى تقديم محمد بن أميرالمؤمنين على نفسي ، فقال له : فتوقع ما أرى أن تسمع وتطيع اليوم وبعد اليوم ، قال عيسي : وما بعد اليوم ؟ قال إذا دعاك محمد إلى خلع نفسك وتسليم الخلافة إلى بعض ولده ، أن تسارع فليس عندك منعة ولا يمكنك مخالفة القوم في شيء يريدونه منك.
    قال موسى : فمات المتطبب فرات في خلافة المنصور ، ولما دعا المهدي عيسى إلى خلع نفسه من ولاية العهد وتسليم الأمر إلى الهادي قال : قاتلك الله يا فرات ، ما كان أجود رأيك وأعلمك بما تتقومه كأنك كنت شاهد يومنا هذا.
    قال موسى : ولما رأيت مافعل أبو السرايا بمنازل العباسيين في الكوفة قلت مثل ماقال عيسى في فرات.
    [[ 6 ـ خصيب المتطبب (1) ]]
    كان خصيب هذا طبيباً نصرانيا من أهل البصرة وكان مقامه بها ، ذكره ابن أبي أصيبعة في عداد الأطباء الذين كانوا في إبتداء ظهور بني العباس وكان فاضلاً في صناعة الطب جيد المعالجة.
    حدث محمد بن سلام الجمحي قال : مرض الحكم بن محمد بن قنبر المازني الشاعر بالبصرة فأتوه بخصيب ليعالجه فقال فيه :
    ولقد قلت لأهلي
    إذ أتوني بخصيب

    ليس والله خصيب
    للذي بي بطبيب

    إنما يعرف دائي
    من به مثل الذي بي

    __________________
    (1) عيون الأنباء والقفطي.

    وحدث أيضاً محمد بن سلام فقال : كان خصيب الطبيب هذا نصرانياً نبيلاً فسقى محمد بن أبي العباس السفاح شربة دواء وهو على البصرة فمرض منها وحمل إلى بغداد فمات بها فاتهم خصيب وحبس حتى مات في الحبس.
    [[ 7 ـ ابن اللجاج ]]
    قال القفطي : طبيب مذكور كان في زمن المنصور من بني العباس ، ولما حج المنصور حجته التي مات بها كان ابن اللجاج المتطبب هذا في صحبته.
    قال ابن أبي أصيبعة : قال يوسف بن إبراهيم ، حدثني إسماعيل بن أبي سهل ابن نوبخت ، ان أباه أبا سهل حدثه : إن المنصور لما حج حجته التي توفي فيها رافق ابن اللجاج المتطبب المنصور ، فكان متى نام المنصور تنادما وذات يوم سأل ابن اللجاج وقد عمل فيه النبيذ ابا سهل عما بقي من عمر المنصور ( حسب النجوم طبعاً ) فقال إسماعيل ، فعظم ذلك على والدي ، وقطع النبيذ وجعل على نفسه أن لا ينادمه ، وهجره ثلاثة أيام ، ثم إصطلحا بعد ذلك فلما جلسا على نبيذهما قال ابن اللجاج لأبي سهل سألتك عن علمك بعض الأمور فبخلت به وهجرتني ولست أبخل عليك بعلمي فاسمعه ، ثم قال : إن المنصور رجل محرور ، تزداد يبوسته في بدنه كل ما أسن ، وقد حلق رأسه بالحيرة ، وجعل مكان الشعر الذي حلقه غالية وهو في هذا الحجاز يداوم الغالية ، وما يقبل قولي في تركها ولا أحسب أنه يبلغ ( فيد ) حتى يحدث في دماغه من اليبس ما لا يكون عندي ولا عند أحد من المتطببين غيري حيلة في ترطيبه ، فليس يبلغ ( فيد ) إن بلغها إلا مريضاً ولا يبلغ مكة ( إن بلغها ) وبه حياة.
    قال إسماعيل قال لي والدي : فوالله ما بلغ المنصور ( فيد ) إلا وهو عليل وما وافى مكة إلا وهو ميت فدفن في بئر ميمون.

    الدليل
    3
    الإهداء 53
    الأدوية التي وصفها الامام «ع»
    4
    مقدمة الطبعة الثالثة 55
    العمل الجراجي والاستشفاء بالسموم
    7
    المقدمة 55
    أقواله «ع» في خواص بعض النباتات
    9
    تاريخ الطب ومبدأ ظهوره 56
    الثوم 58
    البصل 59
    الفجل
    10
    الطب عند العرب 60
    الجزر 61
    الباذنجان
    15
    طب الامام «ع» ـ تمهيد 61
    القرع ( الدبا )
    24
    مناظرة الإمام «ع»‌مع‌الطبيب‌الهندي 62
    أقواله «ع» في بعض الفواكه والخضر
    27
    سؤال‌النصراني منه عن تعداد عظام الانسان 63
    العنب 63
    التفاح
    28
    الدورة الدموية 64
    الرمان 65
    السفرجل
    30
    كيفية السماع والأبصار 66
    التين 66
    التمر
    31
    العدوى والجراثيم 67
    الخس 68
    الهندبا
    34
    الجراثيم ومجمل تاريخها 69
    من كلماته الخالدة في الطب
    38
    حديث الأهليلجة 79
    الصادق «ع» والطب الروحي
    44
    وصفاته الطبية ... الصداع 82
    الغضب 83
    الكذب
    46
    الزكام 84
    الحسد 85
    الكبر
    47
    ضعف البصر ... بياض العين 86
    خلف الوعد 87
    الحرض
    48
    وجع البطن وإسهالها ... الاسهال 88
    المراء والجدل
    48
    قراقر البطن مع الألم 89
    الأطباء في عصر الامام «ع»
    48
    الرياح الموجعة 90
    جرجيس بن جبرائيل
    49
    ضعف البدن ، حمى الربع 90
    عيسى بن شهلافا
    50
    المبطون من الألم ، الوضح والبهق 91
    ابن البطريق
    51
    البلغم الكثير ، شدة البول 91
    فرات بن شحناثا
    51
    قلة الولد 92
    موسى بن إسرائيل الكوفي
    52 ضعف الباه 94
    خصيب المتطبب
    52
    الأدواء التي علجلها الامام «ع» 95
    ابن اللجاج


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://shawki-66.roo7.biz
     
    طب الامام الصادق عليه السلام
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » موسوعة الامام علي عليه السلام
    » الامام ابو جعفر الباقر عليه السلام سيرته وتاريخ
    » الامام موسى الكاظم عليه السلام سيرة وتاريخ
    » الامام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ
    » الامام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الاموي

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الموقع ال عام لعشائر البو حسين البدير في العراق للشيخ شوقي جبارالبديري :: 30-منتدى طب الامام الصادق عليه السلام-
    انتقل الى: