والتاسع عشر فى الأنبياء : (أَئِمَّةً) (1).
وخمسة فى النمل : (أَإِلهٌ) (2).
/ فذلك أربعة وعشرون.
فهذه همزتان اجتمعتا مفتوح بعدها مكسور ، وفى مدها وتليين الثانية اختلاف ؛ إلا التي فى الشعراء ، فإنه لم يقرأ هناك على الخبر أحد ، كما قرأ فى الأعراف ، وقد يرد غير ذلك مع استفهام بعده :
فأولها فى سورة الرعد : (أَإِذا ـ أَإِنَّا) (3).
وفى بنى إسرائيل : اثنان (4).
وفى المؤمنين : واحد (5).
وفى السجدة : واحد (6).
وفى النمل : (أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) (7).
وفى العنكبوت : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ... أَإِنَّكُمْ) (
.
وفى الصافات : موضعان (9).
وفى الواقعة (10) : وفى سورة النازعات (11).
فهذه أحد عشر موضعا واثنتان وعشرون كلمة.
وأما المفتوحتان : ففى إحدى وثلاثين موضعا أولها :
فى البقرة : (أَأَنْذَرْتَهُمْ) (12).
وفيها : (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ) (13).
وقوله : (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) وقد تكرر في الآية 49 والآية 98.
__________________
(1) الأنبياء : 73.
(2) النمل : 60 ـ 64.
(3) الرعد : 5.
(4) هما قوله تعالى : (إِذا كُنَّا عِظاماً)
(5) في المؤمنين اثنان لا واحدا وهما (أَإِذا مِتْنا) (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).
(6) في السجدة اثنان لا واحدا وهما (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ).
(7) النمل : 67.
(
العنكبوت : 28 و 29.
(9) في الصافات خمسة مواضع ، الأول والثاني (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) الثالث والرابع (إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) الخامس (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ).
(10) هما (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).
(11) هما (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ) و (أَإِذا كُنَّا عِظاماً).
(12) البقرة : 6.
(13) البقرة : 140.
والثالثة فى آل عمران : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ) (1) فى قراءة ابن كثير.
والرابعة فيها : (أَأَسْلَمْتُمْ) (2).
والخامسة فيها : (أَأَقْرَرْتُمْ) (3).
السادسة فى المائدة : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) (4).
السابعة ، والثامنة ، والتاسعة : (آمَنْتُمْ) (5) فى الأعراف وطه والشعراء.
والعاشرة فى هود : (أَأَلِدُ) (6).
الحادي عشر فى يوسف : (أَأَرْبابٌ) (7).
الثاني عشر فى سبحان : (أَأَسْجُدُ) (
.
الثالث عشر فى الأنبياء : (أَأَنْتَ فَعَلْتَ) (9).
الرابع عشر فى الفرقان : (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي) (10).
والخامس عشر فى النمل (أَأَشْكُرُ) (11).
السادس عشر فى يس : (أَأَنْذَرْتَهُمْ) (12).
السابع عشر فيها : (أَأَتَّخِذُ) (13).
__________________
(1) آل عمران : 73.
(2) آل عمران : 20.
(3) آل عمران : 81.
(4) المائدة : 116.
(5) الأعراف : 23 ـ وطه : 71 ـ الشعراء : 49.
(6) هود : 72.
(7) يوسف : 39.
(
الإسراء : 61.
(9) الأنبياء : 62.
(10) الفرقان : 17.
(11) النمل : 40.
(12) يس : 10.
(13) يس : 23.
الثامن عشر فى السجدة : (ءَ أَعْجَمِيٌّ) (1).
التاسع عشر فى الزخرف : (أَآلِهَتُنا) (2).
العشرون فى الأحقاف : (أَذْهَبْتُمْ) (3).
الحادي والعشرون والثاني والثالث والرابع والعشرون فى الواقعة : (أَأَنْتُمْ) (4).
الخامس والعشرون فى المجادلة : (أَأَشْفَقْتُمْ) (5).
السادس والعشرون فى الملك : (أَأَمِنْتُمْ) (6).
السابع والعشرون فى القلم : (أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) (7).
الثامن والعشرون فى النازعات : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ) (
.
التاسع والعشرون : (ألهكم) (9).
الثلاثون : (آلذَّكَرَيْنِ) (10).
الحادي والثلاثون : (آزَرَ) (11).
وفى كل ذلك اختلاف بين القراء السبعة ؛ إلا فى قوله : (آلذَّكَرَيْنِ) (12) (آزَرَ) (13).
__________________
(1) فصلت : 44.
(2) الزخرف : 58.
(3) الأحقاف : 20 في قراءة.
(4) الواقعة : 59 و 64 و 69 و 72.
(5) المجادلة : 13.
(6) الملك : 16.
(7) القلم : 14 في قراءة : (أأن كان).
(
النازعات : 27.
(9) التكاثر : 1 في قراءة : (أألهكم).
(10) الأنعام : 143 ، 144.
(11) الأنعام : 74.
فإن السبعة اجتمعت على مد (آلذَّكَرَيْنِ) فى الموضعين و (آزَرَ) على / وزن أفعل.
وأما قوله : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) (1).
وقوله : (اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) (2).
وقوله : (آلْآنَ) (3).
فإنهم أجمعوا على مدّ هذه الأحرف ، ولم يحذفوا المد ، كى لا يشتبه الخبر بالاستفهام لو قيل : الآن ، والله أعلم.
وأما التقاؤهما من الكلمتين ، مما جاء فى التنزيل على ثلاثة أضرب ، فهما متفقتان على الفتح ، وهى فى تسعة وعشرين موضعا :
أولها فى النساء : (السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) (4).
وفيها : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) (5) وهكذا فى المائدة.
وفى الأنعام : (جاءَ أَحَدَكُمُ) (6).
وفى الأعراف : (جاءَ أَجَلُهُمْ) (7).
وفى هود : (جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) (
اثنان. (جاءَ أَمْرُنا) (9) خمسة.
__________________
(1) يونس : 59.
(2) يونس : 91.
(3) يونس : 91.
(4) النساء : 5.
(5) النساء : 43 ـ المائدة : 6.
(6) الأنعام : 61.
(7) الأعراف : 34.
(
هود : 76 و 101.
(9) هود : 40 و 58 و 66 و 82 و 94.
وفى الحجر : (جاءَ آلَ لُوطٍ) (1) وفيها : (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) (2).
وفى النحل : (جاءَ أَجَلُهُمْ) (3).
وفى الحج : (السَّماءَ أَنْ تَقَعَ) (4).
وفى المؤمنين : (جاءَ أَمْرُنا) (5) وفيها : (جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) (6).
وفى الفرقان : (مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ) (7).
وفى الأحزاب : (إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (
.
وفى الملائكة : (جاءَ أَجَلُهُمْ) (9).
وفى المؤمن : (جاءَ أَمْرُ اللهِ) (10). وفى الحديد مثله (11).
وفى المنافقين : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) (12).
وفى اقتربت الساعة : (جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ) (13).
وفى سورة محمد «عليهالسلام» : (جاءَ أَشْراطُها) (14).
وفى عبس : (شاءَ أَنْشَرَهُ) (15).
__________________
(1) الحجر : 61.
(2) الحجر : 67.
(3) النحل : 61.
(4) الحج : 65.
(5) المؤمنون : 27.
(6) المؤمنون : 99.
(7) الفرقان : 57.
(
الأحزاب : 24.
(9) فاطر : 45.
(10) غافر : 78.
(11) قوله تعالى : (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) الحديد : 14.
(12) المنافقون : 1.
(13) القمر : 41.
(14) محمد : 18.
(15) عبس : 22.
الضرب الثاني : همزتان مكسورتان من كلمتين ، وهى فى ثلاثة عشر موضعا ،
أولها فى البقرة : (هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ) (1).
وفيها على قول الزيات والأعمش : (مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ) (2).
وفى النساء : (مِنَ النِّساءِ إِلَّا) (3) موضعان.
وفى يوسف : (بِالسُّوءِ إِلَّا) (4).
وفى الأحزاب : (النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) (5). وفيها : (أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ) (6).
وفيها : (لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ) (7). (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا) (
على قول نافع عن قالون ، وأبى حاتم عن ابن كثير.
وفى النور : (الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ) (9).
وفى الشعراء : (مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ) (10).
وفى سبأ : (السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ) (11). وفيها : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ) (12).
__________________
(1) البقرة : 31.
(2) البقرة : 282.
(3) النساء : 21 و 24.
(4) يوسف : 53.
(5) الأحزاب : 32.
(6) الأحزاب : 55.
(7) الأحزاب : 50.
(
الأحزاب : 53.
(9) النور : 33.
(10) الشعراء : 187.
(11) سبأ : 9.
(12) سبأ : 40.
وفى الزخرف : (فِي السَّماءِ إِلهٌ) (1).
وفى هود : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ) (2).
وفى ص : (هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً) (3).
وفى بنى إسرائيل : (هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ) (4).
وفى السجدة : (مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) (5).
وأما المضمومتان من كلمتين ففى موضع واحد : (أَوْلِياءُ أُولئِكَ) (6).
فهذا فى المتفقين.
وأما المختلفان ، ففى التنزيل على خمسة أضرب ، مضمومة دخلت على مفتوحة مثل: (السُّفَهاءُ أَلا) (7).
و [الثاني] * : ضدها / مفتوحة على مضمومة نحو : (جاءَ أُمَّةً) (
ولا ثانى له.
الثالث : مكسورة دخلت على مفتوحة مثل : (وِعاءِ أَخِيهِ) (9).
[الرابع] (10) : ضدها : (شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ) (11).
__________________
(1) الزخرف : 84.
(2) هود : 71.
(3) ص : 15.
(4) الإسراء : 102.
(5) السجدة : 5.
(6) الأحقاف : 32.
(7) البقرة : 13.
(
المؤمنون : 44.
(9) يوسف : 76.
(10) تكملة يقتضيها السياق.
(11) البقرة : 133.
الخامس : مضمومة دخلت على مكسورة مثل : (نَشؤُا إِنَّكَ) (1) ولا ضد لها.
والضرب الأول : (السُّفَهاءُ أَلا) (2) (النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) (3) (يَشاءُ أَلَمْ تَرَ) (4) (سُوءُ أَعْمالِهِمْ) (5) (وَالْبَغْضاءُ أَبَداً) (6) (لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ) (7) (تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا) (
(الْمَلَأُ أَفْتُونِي) (9) (الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ) (10). وأيضا : (الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ) (11) (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ) (12).
الضرب الثاني : (جاءَ أُمَّةً) (13) لا ثاني له.
الثالث : (مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ) (14) (وِعاءِ أَخِيهِ) (15) موضعان (السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا) (16) (هؤُلاءِ آلِهَةً) (17) (مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) (18) (السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ) (19) (السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ) (20) (السَّماءِ أَوِ ائْتِنا) (21) (أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ)(22) (بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ) (23).
__________________
(1) هود : 87.
(2) البقرة : 13.
(3) الأحزاب : 50 ـ ولعله يريد : (النبيء أن) بالهمزة ، إذ لا شاهد في هذه القراءة.
(4) إبراهيم : 27 و 28.
(5) التوبة : 37.
(6) الممتحنة : 4.
(7) الأعراف : 100.
(
الأعراف : 155.
(9) النمل : 32.
(10) النمل : 38.
(11) يوسف : 43.
(12) فصلت : 28.
(13) المؤمنون : 44.
(14) البقرة : 282.
(15) يوسف : 76.
(16) الفرقان : 40.
(17) الأنبياء : 99.
(18) الأعراف : 50.
(19) الملك : 16.
(20) الملك : 17.
(21) الأنفال : 32.
(22) الأحزاب : 55.
(23) الأعراف : 28.
والضرب الرابع :
(شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ) (1) (وَالْبَغْضاءَ إِلى) (2) موضعان ، (شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ) (3) (شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ) (4) (وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ) (5) (إِنْ شاءَ [إِنَ]) (6) (اللهَ) (7). (أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا) (
(الدُّعاءَ إِذا) (9) ثلاثة مواضع (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) (10) (عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (11) وفى الأنبياء مثله (12) (نَبَأَ إِبْراهِيمَ) (13) (حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (14).
الضرب الخامس :
(يَشاءُ إِلى صِراطٍ) (15) (يَشاءُ إِذا قَضى) (16) (الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا)(17) (نَشؤُا إِنَّكَ) (18) (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ) (19) (السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (20) (يا زَكَرِيَّا إِنَّا) (21) (نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (22) (لِما يَشاءُ إِنَّهُ) (23) (الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ) (24) (النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ) (25) (مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ) (26) فى يونس. وفى النور : (مَنْ يَشاءُ إِلى) (27) موضعان (28)
__________________
(1) البقرة : 133. (2) المائدة : 14 و 64.
(3) الأنعام : 144.
(4) يونس : 66.
(5) يوسف : 24. (6) تكملة يقتضيها السياق.
(7) التوبة : 28. (
الكهف : 102.
(9) النمل : 80 والأنبياء : 45. (10) يوسف : 58.
(11) مريم : 2.
(12) الأنبياء : 89.
(13) الشعراء : 19.
(14) الحجرات : 9.
(15) البقرة : 142.
(16) آل عمران : 47.
(17) البقرة : 282.
(18) هود : 87.
(19) الأعراف : 188.
(20) فاطر : 43.
(21) مريم : 7 ـ يريد : (يا زكرياء إنا) إذ لا شاهد في هذا الرسم.
(22) الحج : 5.
(23) يوسف : 100.
(24) النمل : 29.
(25) الأحزاب : 45 ـ يريد : (النبيء إنا أرسلناك).
(26) يونس : 25.
(27) النور : 46.
(28) وردت الآية في الموضع الآخر من سورة النور (ما يَشاءُ إِنَّ) آية 45.
وفى الملائكة : (الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ) (1) (الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) (2).
(النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) (3) (النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (4).
فى حم عسق : (لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) (5).
وفيها : (ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ) (6).
فذلك اثنان وستون موضعا.
هذه الهمزات المختلفة ، روت القراء عن أبى عمرو تليين الثانية ، وتحقيق الأولى. وروى سيبويه عنه تليين الأولى ، وتحقيق الثانية نحو : يا زكريا زكريا وأما الهمزتان إذا التقتا وكانت كل واحدة منهما من كلمة ، فإن أهل التخفيف يخففون إحداهما ، ويستثقلون تحقيقهما لما ذكرت لك ، كما استثقل أهل / الحجاز تخفيف الواحدة ، فليس فى كلامهم أن تلتقى همزتان فتحققا ومن كلامهم تخفيف الأولى ، وتحقيق الثانية ، سمعنا ذلك من العرب.
وحدثنى هارون القارئ ، أنه سمع العرب يقولون ، وهو قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(7) و (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ) (
وهو قول أبى عمرو ، وأنشد الشاعر :
كلّ غرّاء إذا ما برزت
ترهب العين عليها والحسد (9)
انتهى كلامه.
وكان المقصود من إدخال هذا الباب الإشارة بهذا الخلاف بين سيبويه والقراء فى روايتهم عن أبى عمرو ، وكل حسن جائز فصيح.
__________________
(1) فاطر : 28.
(2) فاطر : 15.
(3) الممتحنة : 12.
(4) الطلاق : 1.
(5) الشورى : 49.
(6) الشورى : 27.
(7) محمد : 18.
(
مريم : 8.
(9) الكتاب (1 : 167).
الثامن عشر
هذا باب ما جاء في التنزيل من لفظ
من وما والّذي وكلّ وأحد ، وغير ذلك
كنى عنه مرة على التوحيد وأخرى على الجمع ، وكلاهما حسن فصيح ذكره سيبويه وغيره.
فمن ذلك قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) (1). فكنى عن «من» بالمفرد حيث قال «يقول» ثم قال : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (2) ، فحمل على المعنى وجمع.
وقال : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (3) ، فأفرد الكناية فى «أسلم» و «له» و «هو». ثم قال : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (4) فجمع.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) (5) ، فأفرده ثم جمع.
__________________
(1) البقرة : 8.
(2) البقرة : 8.
(3) البقرة : 112.
(4) البقرة : 112.
(5) الأنعام : 25.
وقال فى موضع آخر : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (1). وقال. (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) (2) فذكر «يقنت» ثم قال : (وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها) (3) فأنّث حملا على المعنى ، والقياس فى هذا أن يكنى عن لفظ ، ثم يحمل على المعنى ويثنّى ويجمع ويؤنث.
فأما إذا كنيت عنه بالجمع ، ثم تكنى عنه بالمفرد ، فإنهم قالوا : هذا لا يحسن ، وقد جاء التنزيل بخلاف ذلك.
قال : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (4). فجمع «خالدين» بعد إفراد اللفظ. ثم قال : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (5) ، فأفرد.
قال عثمان ، فى قول الفرزدق من أبيات الكتاب :
/ ورثت أبى أخلاقه عاجل القرى
وضرب عراقيب المتألي شبوبها
«عاجل القرى» بدل من «أخلاقه» جوهر عن حدث ، لأن أخلاقه بدل من أبى ـ فهو كمعين بعد جاء حينه.
ولا يلزم عوده إلى الأول ، لأنه قد جاء : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (6) ويجوز أن يكون عاجلا كالعافية. ويوضحه ما بعده من المصدر.
__________________
(1) يونس : 42.
(2) الأحزاب : 31.
(3) الأحزاب : 31.
(4) الطلاق : 11.
قال : فرق بين معيّن وعاجل فى العود إلى الأوّل بأنه بيان ، وليس فى العود إلى «من» بيان الأول.
وهو كلام ساقط بعد الجهل بقوله : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (1).
وجوّز فى «أخلاقه» أن يكون مفعولا ثانيا ، ويجوز حذف «من» أي : من أبى.
وإذا ثبت وصحّ أنه يجوز ويحسن العود إلى الإفراد بعد الجمع ، كان قوله : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) (2) ـ تذكيرا بعد التأنيث ، لأنه أنث خالصة حملا لها على معنى التأنيث ثم عاد إلى اللفظ.
وإذا كان كذلك فقول الشّماخ :
أمن دمنتين عرّس الرّكب فيهما
بعقل الرّجامى قد عفا طللاهما
أقام على ربعيهما جارتا صفا
كميتا الأعالى جونتا مصطلاهما
لا يبطل به حجة من احتج على إجازة سيبويه : «مررت برجل حسن وجهه» ، قد احتجّ بهذا البيت على جواز المسألة. وقال : «جونتا مصطلاهما» كحسنى وجههما. فقال قائلون : إن قوله : «مصطلاهما» بعودهما إلى الأعالى ، لأن الأعالى بمعنى الأعليين.
__________________
(1) الطلاق : 11.
(2) الأنعام : 139.
قيل لهم : التثنية بعد الجمع محال لا يحسن.
فقالوا : قد جاء الإفراد بعد الجمع ، والتذكير بعد التأنيث ، وإنما يبطل احتجاجهم بأنه لا يقال كميتا الأعالى جونتا مصطلى الأعالى. وإنما يقال مصطلى الأسافل.
وهذا حديث قد كتبناه فى مواضع ليس من بابة هذا الكتاب.
ومن ذلك قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ) (1) فكنى عنه بالمفرد. ثم قال : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) (2) ـ فكنى عنه بالجمع.
ومثله : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) (3). ثم قال : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(4).
وقال : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) (5). ثم قال : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) (6).
ويجوز أن يكون التقدير فى قوله : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) (7) ـ أي ، وفيما يتلى عليكم فحذف الخبر.
ومثله : (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) (
أي تماما على المحسنين ـ عن مجاهد ، كأنه قيل : تماما على المحسنين الذي هو أحدهم.
__________________
(1) البقرة : 17.
(2) البقرة : 17.
(3) الزمر : 33.
(4) الزمر : 33.
(5) الأحقاف : 17.
(6) الأحقاف : 18.
(7) الأنعام : 154.
وقيل : تماما على إحسانه ـ أي إحسان موسى بطاعته فيكون مصدرا كقوله : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) (1) أي كخوضهم.
وعلى الأول جنس كقوله : (بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (2) وقوله : (أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا) (3).
ومن ذلك قوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ) (4).
قال أبو على : القول فيما يعود من الصلة إلى الموصول ، أنه لا يخلو من أن يكون «ما» يقدرها محذوفة ، أو يكون الواو فلا يجوز أن تكون الهاء لأن الكفار يعرفون ما يتخذونه آلهة.
فإذا لم يجز ذلك علمت أن الراجع إلى الموصول ، الواو فى «يعلمون».
وإنما عاد عليه على لفظ الجمع كما قال : (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) (5) ـ فحمل على المعنى ، والضمير فى «يجعلون» للكفار ، والذي فى «يعلمون» ، يعود إلى «ما». كما قال : (وَما يَشْعُرُونَ) (6)
فهذا كقوله :
(ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ) (7). فالضمير فى «لا يستطيعون».
__________________
(1) التوبة : 69.
(2) الزمر : 35.
(3) فصلت : 29.
(4) النحل : 56.
(5) النحل : 72.
(6) النحل : 21.
(7) النحل : 73.
وقال فى موضع آخر : التقدير : ويجعلون لما لا يعلمونه إلها فحذف المفعولين.
ومن ذلك قوله : (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا) (1) يحتمل قوله : تلقف ـ أمرين :
يجوز أن يكون فى «تلقف» ضمير قوله : «ما فى يمينك» وأنث على المعنى ، لأنه فى المعنى : عصا.
ويؤكد ذلك قوله : (فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) (2)
وكذلك يكون الضمير فى قوله : (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ) (3) ويجوز أن تكون «تلقف» للمخاطب وجعله هو المتلقف ، وإن كان المتلقف فى الحقيقة العصا ـ لأنه بإلقائه كان ، فأسند التلقف إليه ، وإن كان للعصا فى الحقيقة ، كما قال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (4).
ومما حمل على المعنى : قوله (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما) (5). فالضمير فى يتعلمون يعود إلى «أحد».
وقال : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) (6) ، و «بين» لا تضاف إلى المفرد ، قال فى ثلاثة مواضع هذا اللفظ.
__________________
(1) طه : 69.
(2) الشعراء : 45.
(3) طه : 69.
(4) الأنفال : 17.
(5) البقرة : 102.
(6) البقرة : 136.
وقال : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ) (1) فجمع الضمير فى «يحاجوكم» حملا على المعنى.
وقال : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (2). فهذا على الحجازية : «أحد» اسمها ، و «حاجزين» خبر له.
ولم يبطل الفصل هنا عمل «ما» ـ لأن الفصل بالظرف كلا فصل.
وعلى التميمية : «حاجزين» نعت ل «أحد» على المعنى. و «منكم» خبره.
ومن الحمل مرة على اللفظ وأخرى على المعنى. قوله : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (3).
وقال : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ) (4) ـ ولم يقل : آتوه. ولا آتوا الرحمن. كما قال : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (5) ـ (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (6). وقال : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (7).
__________________
(1) آل عمران : 73.
(2) الحاقة : 47.
(3) مريم : 93.
(4) مريم : 95.
(5) النمل : 87.
(6) يس : 40.
(7) القصص : 88.
التاسع عشر
باب ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام
والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك
وهو باب واسع :
مرة يشاكل اللفظ باللفظ ، والمعنى بالمعنى ، وباللفظ دون المعنى ، وبالمعنى دون اللفظ.
فما جاء من ذلك :
قراءة من قرأ : (وما يخادعون إلّا أنفسهم) بالألف طابق به قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ)(1). وأراد أن يكون اللفظ المثبت هو المعنى.
ومثله : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (2) (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (3) والثاني جزاء الاستهزاء.
ومثله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) (4) والثاني جزاء وليس بعدوان.
__________________
(1) البقرة : 9.
(2) البقرة : 14.
(3) البقرة : 15.
(4) البقرة : 194.
وهذه (1) الميم مخفاة ، غير مدغمة فى الباء بتة ، وليست بمظهرة كإظهارها فى قولهم : شاة زنماء وأنملة.
لأن إدغامها هناك يتوهم / معه أنه من المضاعف بخلاف قولهم : امّحى وادّخل. لأن المثال : انفعل. وليس فى الكلام إفعل.
ومن المشاكلة أيضا : قوله : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) (2) فنصبوا «رهبانية» فى الاختيار وسعة الكلام ، بفعل مضمر ، ليطابق الفعل المصدر به الكلام.
ومثله لو وقع ابتداء اختير فيه الرفع دون النصب ، نحو : زيد ضربته.
ومثل الآية : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ) (3).
فجاء «والظالمين» منصوبا بفعل مضمر ، ليطابق «يدخل».
على تقدير : يدخل من يشاء فى رحمته ، ويعذب الظالمين.
ومثله : (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) (4). فنصبوا «كلّا» بمضمر. لأنه قد تقدم : (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) (5).
__________________
(1) في الأصل : «وهذا الميم».
(2) الحديد : 27.
(3) الإنسان : 31.
(4) الفرقان : 39.
(5) الفرقان : 36.
ومثله : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) (1) أي جازاهم.
وقوله : (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) (2).
ومثله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (3).
فهذا كله طباق على المعنى.
وروعى فى «ما يخادعون» ـ طباق اللفظ والمعنى.
ومن ذلك قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (4) أبدلوا من السين صادا لتوافق الطاء فى الإطباق لأن السين مهموسة والطاء مجهورة.
ولهذا أبدلها من أبدلها ، لتوافق الطاء فى الجهر.
ومثله : قوله : (أَنْبَأَهُمْ) (5) (فَانْبَجَسَتْ) (6) (وَإِنْ يَكُ) (7) أبدلوا من النون ميما ، لأن الميم يوافق الباء فى المخرج ، وتوافق النون فى الغنة.
فلما لم يستتب إدغام النون فى الباء لبعدها منها وأرادوا تقريب الصوت أبدلوها ميما.
__________________
(1) آل عمران : 54.
(2) التوبة : 79.
(3) الشورى : 40.
(4) فاتحة الكتاب : 5.
(5) البقرة : 33.
(6) الأعراف : 160.
(7) غافر : 28.
وقد جاء : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) (1) بالرفع والنصب.
فمن نصب نظر إلى قوله : (نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (2).
ومن رفع نظر إلى قوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ) (3) (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ) (4).
فأما قوله تعالى : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ. وَالسَّماءَ رَفَعَها) (5) فإن الاختيار كان النصب وإن كان الصدر قوله (6) : «والنّجم والشّجر» ، لأن قوله «يسجدان» فعل وفاعل.
وكان سيبويه يقول : إن قلت «زيد ضربته وعمرا كلّمته» ـ إن الاختيار فى عمرو النصب ـ لأنه معطوف على قولك : ضربته.
فثار ثاثر الزيادي وقال : إنا لو قلنا «زيد وعمرو كلمته» لم يصح هذا.
لأن قولك «عمرو كلمته» ليس فيه ضمير يعود إلى «زيد» ، فلا يصلح العطف على ما هو خبره.
__________________
(1) يس : 39.
(2) يس : 37.
(3) يس : 33.
(4) يس : 37.
(5) الرحمن : 6 ، 7.
(6) في الأصل : «وقوله».
فقال أبو سعيد : إن هذا الكلام من سيبويه ، محمول على إضمار الهاء ، والتقدير : زيد ضربته وعمرو كلمته فى داره ، أو عنده ، وأنت لو قلت : «زيد عمرو كلمته فى داره» صح وجاد.
وليس الأمر كما قال الزيادي ، ولا كما قال السيرافي ، لأن المعطوف لا يعتبر فيه وضعه موضع المعطوف عليه.
فسيبويه أضمر الفعل ، ليشاكل «ضربته» ويشاكل «يسجدان».
والإعراب : ما لم يظهر فى موضع الجملة ، لم يعتد به.
وباب المطابقة باب حسن جدا على ما حكى سيبويه : «حجر ضبّ خرب».
/ فتركوا الرفع فى خرب ، وجرّوه حرصا على المطابقة.
ومنه قراءة الحسن : (الحمد لله) (1) بضم اللام تبعا للدال ، وعكسه كسر الدال ، تبعا للام عن الحمصي.
وعليه قراءة أبى جعفر : (للملائكة اسجدوا) (2) بضم التاء تبعا للجيم.
__________________
(1) فاتحة الكتاب : 1.
(2) البقرة : 34.
وعليه ما رواه أبو حاتم فى اختياره : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (1) بكسر الحاء تبعا للقاف.
وعليه ما رواه عن يعقوب هو أو غيره : (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (2) بكسر العين تبعا لأنفسكم.
وعليه ما قرأ به أبو جعفر : (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) (3).
ومثله : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) (4) ولهذا المعنى اختص قوله فى سورة النحل: (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (5) بإدخال اللام.
وجاء فى الأخريين : «فبئس» لمجاورة قوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (6)
فأما قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ) (7).
__________________
(1) المائدة : 45.
(2) يونس : 23.
(3) القمر : 3.
(4) المائدة : 6.
(5) النحل : 29.
(6) النحل : 30.
(7) البقرة : 159.
فإن «أولئك» فى موضع الرفع بالابتداء ، فى قياس ما اختاره سيبويه ، فى قولهم : «إنّى زيد لقيت» و «إنّى أخوك رأيته». لأن الموضع لا يختص بالفعل «فأولئك» ابتداء «ويلعنهم الله» خبره ، والجملة خبر إن ، ويجوز النصب ، وليس باختيار.
وهذا بخلاف قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (1) لأنه جاء منصوبا ، دون أن يكون مرفوعا ، لأنه لو رفع ، لاحتمل أن يكون الخبر «بقدر» ويكون (خَلَقْناهُ) حرّا صفة للنكرة ، واحتمل أن يكون «خلقناه» خبرا ، والغرض تعميم «كلّ شىء» بالخلق. والتقدير : إنا خلقنا كل شىء.
فعلى هذا قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) (2).
وكذلك : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) (3).
«أولئك» مبتدأ ، و «سوف يؤتيهم» خبره والجملة خبر «الّذين».
وكذلك قوله : (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا) (4)
__________________
(1) القمر : 49.
(2) البقرة : 160.
(3) النساء : 152.
(4) النساء : 18.
الاختيار فى «أولئك» الرفع دون النصب بمضمر دل عليه «أعتدنا لهم» ، لأنه ابتداء وخبر.
والجملة خبر قوله : «ولا الّذين» إذا رفعت الذين بالابتداء.
فأما قوله : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) (1).
فالاختيار النصب فى «الموتى» / بإضمار فعل على تقدير ويبعث الموتى ليكون معطوفا على «يستجيب». فإذن الوصل أحسن من الوقف ، أعنى على «يسمعون».
وأما قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) (2) فالاختيار الرفع ، لأن الموضع موضع اسم ، لأن «أمّا» وإن كان يعنى الشرط ، حيث أقيم مقام مهما ، فإن الشرط محذوف وما بعد الفاء مقدم على الفاء من المبتدأ ، فالموضع موضع اسم ، وقرأها الحسن والأعمش «وأمّا ثمود» بالنصب بفعل مضمر ، مقدر بعده مفسر ب «هديناهم» على تقدير : وأما ثمود فهدينا.
فحذف فهدينا لاستغنائه بهديناهم ، ولا يكون (وأما هديناهم) لأن (أمّا) اسم لا يدخل الفعل.
وتقول : «إذا زيد ضربته أهنته» الاختيار الرفع عنده : خلافا للمبرد : «إن زيدا ضربته فائتنى» الاختيار النصب ـ لأن الشرط يصح فى الفعل.
__________________
(1) الأنعام : 36.
(2) فصلت : 17.
وكذلك : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ) (1). و (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) (2). (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (3). محمول على إضمار فعل.
وكذلك فى : «كنت أخاك» ، و «زيدا اشتريت له ثوبا». الاختيار النصب ـ لأن كنت يتصرف تصرف الفعل.
وكذلك «لست أخاك وزيدا أعينك عليه» لأنه من أخوات كان.
وكذلك «هذا ضارب زيد وعمرا تمربّه». الاختيار النصب ـ لأن ضاربا بمعنى يضرب.
وكذلك «ضربت زيدا وعمرا أنا ضاربه».
فأما قولهم «لقيت زيدا وأما عمرو فقد مررت به ـ فالاختيار الرفع».
وكذلك «لقيت زيدا وعمرو مررت به» ، و «لقيت زيدا فإذا عبد الله يضربه عمرو».
وأما : «حتّى نعله ألقاها» (4).
__________________
(1) النساء : 128.
(2) النساء : 176.
(3) التوبة : 6.
(4) جزء من بيت لابن مروان النحوي ، والبيت كاملا.
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله
والزاد حتى نعله ألقاها
فالرفع على الابتداء ، لأن «حتى» من حروف الابتداء ، والنصب بالعطف ، والجر بنفس «حتى».
وكذلك «قد ضربت زيدا وسوف أضرب عمرا» ـ ولم يجز التقدم فى : «قد زيدا ضربت» ، ولا «سوف عمرا أضرب» ، «هلا زيدا أتيته» ، الاختيار النصب.
لأنه تخصيص بمنزلة الاستفهام فى «أزيدا ضربته» و «هذا زيد يذهب» أقبح من «أزيد قام» لأن الألف أمّ الباب.
و «هل زيد منطلق» أحسن من «هل زيد يذهب» لأن الفعل ينبغى أن يلى هل ، و «أزيد ضربته» أحسن من «إن زيد ضربته» لأن الشرط لا يحسن معه التأويل كما يحسن مع الهمزة «أأنت عبد الله ضربته» بالحمل على الابتداء يختار الرفع فى الحمل على الابتداء ، لأن الهمزة تعتمد على معنى الهمزة ، وأبو الحسن يحمله على الفعل ، فيختار النصب.
وفى التنزيل : (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) (1).
«أزيد أخوه تضربه» بالحمل على الابتداء ، ولم يجز النصب بإجماع ، لأنه ليس لزيد فى الفعل نصب ، ولو كان يضربه كان فيه الخلاف.
«أزيدا أخاه تضربه» فى الحمل على الفعل ، لأن الفعل الواقع على أخيه ، واقع على سببه.
__________________
(1) الزمر : 19.
وقيل : لا تقول فى زيدا إلا بالرفع ـ لئلا تتعسف بالحمل على تفسير التفسير.
«زيد لم يضربه إلا هو» بالحمل على المرفوع ، دون المنصوب ، لأن فى حمله على المنصوب ، يجىء «زيد اضرب» ، فتصير الفضلة لا بد منها.
«إذا عبد الله تلقاه فأكرمه» بالنصب ، وليس مثل «نظرت فإذا زيد يضربه عمرو» لأن إذا التي للمفاجأة بالاسم أولى.
«جئت فإذا زيد ضربه عمرو» و «جئت إذا زيد ضربه عمرو».
بخلاف : «إذا زيد يضربه عمرو».
لأن «إذ» يطلب الماضي خاصة ، فإذا وقع المضارع صار بمنزلة الاسم ، فى أنها لا تطلبه.
«زيدا اضربه» بالنصب ، لأن الهمزة بالفعل أولى.
«زيدا ليقطع الله يده» بالنصب ، لأنه دعاء ، وهو بمنزلة الأمر.
«ما زيدا ضربته ولا عمرا كلمته» لأنه بالفعل أولى ، مالم يعمل فى الاسم.
قال أبو الحسن : وتقول : «أزيدا كان أبوه منطلق» منطلق فى موضع النصب ، خبر كان وهو بسبب من زيد.
وهكذا «زيد عسى أبوه أن يقوم» لأن «أن يقوم» فى موضع النصب.
وكذا فى «كاد» و «عسى» تقول :
«أزيد عسى أن يقوم أخواه» و «أزيد كاد أن يقوم أخواه» فى الشعر ، فترفع لأن سببه فى موضع رفع.
وكذلك «أخواك عسى أن يقوما» كأنك قلت : عسى قيامهما.
ولو قلت : «عسى أخواك أن يقوما» كانت فى موضع نصب.
وكذلك : زيدا ليس أخوه منطلق ـ يختار النصب فى «ليس» ضمير الحديث.
وتقول : «أخويك زيد وعمرو عسى أن يضرباهما» فتضمر فى «عسى» ويكون «أن يضرباهما» فى موضع نصب ، وتحمل / «أخويك» عليه.
ويجوز : «أخواك زيد وعمرو عسى أن يضرباهما» على أن تجعل أن تضرباهما فى موضع رفع ، ولا تضمر فى «عسى». وترفع «أخواك» لأن سببهما فى موضع رفع ، فيكون «زيد وعمرو» أحدهما معطوفا على الآخر ، وهما فى موضع الابتداء بالثاني.
و «عسى أن تضرباهما» فى موضع الجر ، والضمير الذي فى «يضرباهما» يعود إلى المبتدأين فهذا تقدير.
والتقدير الآخر : على أن ترفع الأول والثاني بالفعل ؛ لأن سببهما رفع ، وهو الضرب ، إذ الضرب متصل بضميرهما ، وضمير زيد وعمرو والضرب مرفوع بالفعل ، فترفع الأول والثاني بالفعل ، كأنك قلت : «أيرجى أخواك رجاء زيد وعمرو أن يضرباهما».
فهذا التقدير الثاني ، على قياس إعمال الفعل ، إذا عمل فى السبب أن يعمل فى الأول.
ومن المطابقة : قوله تعالى فى سورة هود : (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) (1).
فأدخل التاء فى الفعل مع الفصل لمجاورة قوله : (كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) (2). ومثله : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) (3) ، بالتاء مع الفصل ، لمجاورة قوله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ)(4).
وقال : (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ) (5) ، بالتاء كقوله : (أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا) (6) وإن كان ذلك للخطاب.
__________________
(1) هود : 94.
(2) هود : 94.
(3) إبراهيم : 50.
(4) إبراهيم : 48.
(5) يونس : 78.
(6) يونس : 78.
وقال : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ) (1) ، فترك النون فى سورة النحل ، لأن سياق الآية : (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (2) بخلاف ما فى سورة النحل ، حيث جاءت بالنون.
ومن المطابقة :
قراءة حفص عن عاصم : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ) (3) (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ) (4) بضم الميم مع كسرها فى سائر التنزيل ، ليطابق ضم القاف فى «قتلتم».
وعلى هذا قراءة أبى عمرو : (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ) (5) بالتشديد مع تخفيفه فى سائر التنزيل ، ليطابق قوله : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) (6).
كما أن ابن كثير خص الموضعين بالتشديد فى قوله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ)(7).
وقوله : (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا) (
لمجاورة قوله : (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) (9)
__________________
(1) النحل : 127.
(2) النحل : 120.
(3) آل عمران : 157.
(4) آل عمران : 158.
(5) الأنعام : 37.
(6) الأنعام : 37.
(7) الإسراء : 82.
(
الإسراء : 93.
(9) الإسراء : 106.
وخص يعقوب بالتشديد قوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) (1). لقوله : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ) (2).
وأظهر أبو عمرو الباء عند الميم فى جميع التنزيل ، نحو قوله : (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) (3).
وأدغمها / فى قوله : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) (4). فى خمسة مواضع :
فى البقرة وآل عمران وفى المائدة فى موضعين وفى سورة العنكبوت.
لموافقة : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) (5) وهو يدغم الراء فى اللام والميم فى الميم.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) (6) ، جاء منصوبا ، لأن قبله (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) (7) ـ فنصب لما ذكرنا بفعل مضمر ، ليكون مطابقا وموافقا.
وكذا (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ) (
جاء منصوبا لهذا المعنى.
وأما قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) (9).
__________________
(1) النحل : 101.
(2) النحل : 102.
(3) النساء : 81.
(4) العنكبوت : 21.
(5) العنكبوت : 21.
(6) الإسراء : 12.
(7) الإسراء : 12.
(
الإسراء : 13.
(9) النور : 41.
ففاعل «علم» الضمير على «كل» ولا يجىء على مذهب سيبويه.
وما جاء عليه التنزيل من هذا النحو ، أن يكون فاعل «علم الله» ، ولو كان كذلك لوجب أن ينصب «كل».
ألا ترى أنك تقول «يقوم زيد وزيدا أضرب غلامه» فتنصب «زيدا» لأن الذي من سببه منصوب.
وكذلك قوله : «كلّ قد علم» ولو كان فاعل «علم» اسم الله دون الضمير العائد إلى «كل» لنصب.
وكذلك قوله : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (1) ففاعل «يرفع» الضمير العائد إلى «العمل الصّالح» ، و «العمل الصّالح» مبتدأ.
ولو كان فاعل «يرفعه» اسم الله أو «الكلم» على رفع الكلم العمل لوجب نصب العمل ، لأنه معطوف على «يصعد».
وكأن المعنى (2) : والعمل الصالح يرفع الكلم الطّيّب ، فى رفعه الكلم ، أنه لا يحبط بالعمل السيّء ، ولا يرتفع إليه ، ويخلص من غير إحباط يقع عليه ، من أجل عمل سيىء. وذكّر الضمير فى يرفعه ، لأنه للكلم ، كشجرة وشجر.
__________________
(1) فاطر : 10.
(2) في الأصل : «وكان والمعنى».
ومن المطابقة :
قراءة حفص (1) فى سورة الكهف : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) (2) بضم الهاء من «أنسانيه».
لما رأى أن الهاء المتصل ب «أذكره» وهو فى صلة «أن» الذي صار بدلا من الهاء ، وفق بين الحركتين فى الهاء.
ولهذا المعنى هرب فى قوله : (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) (3) عن الكسرة فأشبعها ، كيلا يلزمه أن يتبع الهاء الميم.
ومن المطابقة والمجاورة :
قراءة ابن عامر ، فى جميع التنزيل (يا أبت) بفتح التاء تبعا للباء.
وعلى هذا حكاية سيبويه / فى : «يا طلحة لما رخّموا» ثم ردوا التاء ، فتحوها تبعا للحاء.
ومثل ذلك ما رواه أبو بشر عن ابن عامر : (ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) (4) بفتح اللام تبعا للعين.
وعن أبى حنيفة : (طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) (5) ، بضم النون تبعا للهاء.
وعن الحلواني عن ابى عامر : (أَتَعِدانِنِي) (6) ، بفتح النون تبعا للألف ، وطلبا للمطابقة.
__________________
(1) في الأصل : «قراءة حفصة».
(2) الكهف : 63.
(3) الفرقان : 69.
(4) الزمر : 21.
(5) يوسف : 37.
(6) الأحقاف : 17.
وعن أبن أبى عبلة : (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) (1) ـ بفتح التاء تبعا لفتحة النون.
وعن الأئمة السبعة فتح الميم من قوله : (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا) (2) غير نافع وابن عامر ـ وهم يعدّون النصب فى مثل ـ هذا شاذّا نحو : إن تقعد أقعد وأكرم. يختارون الجزم والرفع ، دون النصب فى وأكرم ، ومع هذا أطبقوا خمستهم على فتح الميم تبعا للام. وعلى هذا أطبقوا خمستهم على فتح الميم تبعا للام.
وأما قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (3) بنصب الميم. فيجوز أن يكون من هذا الباب فتح الميم إجماعا.
ولم يكن فتح العين فى قوله :
(أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ) (4) إجماعا ، وإنما هى قراءة ابن أبى عبلة.
وقال النحويون فى الآيتين : إن نصبهما على الصرف ، فلم كان أحدهما إجماعا ، والآخر شاذا؟ ـ وإن كانت التبعية عندك هى العلة ، فقد وجدت التبعية أيضا فى النون من قوله : «ونمنعكم».
__________________
(1) التغابن : 15.
(2) الشورى : 35.
(3) آل عمران : 142.
(4) النساء : 141.
فالجواب :
أن المستحسن من هذا إنما هو الجزم ، والنصب على الصرف ليس بمستحسن ، فجاء: (وَنَمْنَعْكُمْ) مجزوما على ما هو المختار.
وإنما عدلوا إلى الفتح فى : (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) لأن إسكان الميم هنا محال ، لما يتأتى من التقاء الساكنين ، وكان الجزم ممتنعا ، فلا بد من التحريك ، والتحريك هنا الكسر ، كما هى قراءة بعضهم : (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
والأئمة عدلوا عن الكسر إلى الفتح ، لأنها أخف مع انفتاح ما قبله.
وليس فى قوله : (وَنَمْنَعْكُمْ) ـ التقاء الساكنين فيجب التحريك.
وعن شعيب عن أبى بكر عن عاصم : (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (1) بفتح النون ، لتساوى (الْمُكْرَمِينَ) (2) من بعده ، و (تُرْجَعُونَ) (3) من قبله.
ولأن قوله (عون) بالكسر بعد الضم يصير كقولهم «زيدون».
فكما وجب فتح النون بعد الواو هنا وجب فتحه أيضا هاهنا.
ومن المطابقة :
/ حذف الجار والمجرور فى سورة الأعراف : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ)(4)
__________________
(1) يس : 25.
(2) يس : 27.
(3) يس : 22.
(4) الأعراف : 101.
ولم يقل : كذبوا به ، لما كان سياق الآية : (وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ) (1)
ولما قال : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ) (2) ـ فى سورة يونس فأثبت الهاء ـ قال فى سياقها : (بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) (3).
ومن المطابقة :
قوله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) (4) نصبه بإضمار فعل ـ لأن قبله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) (5) وكان أن تضمر وخلقنا الجان ـ أحسن وأجود.
وإذا لم تعرف أنت حيث تستبدل بأن النصب هو المختار فى قوله : «قام زيد وعمرا كلمته».
إلا قوله :
أصبحت لا أنقل السّلاح ولا
أملك رأس البعير إن نفرا
والذّئب أخشاه إن هممت به
وحدي وأخشى الرّياح والمطرا
ولا تطلب هذه الآي التي عددتها لك ، فما ذنبى من المطابقة.
__________________
(1) الأعراف : 96.
(2) يونس : 73.
(3) يونس : 74.
(4) الحجر : 27.
(5) الحجر : 26.
وقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (1)
ومن ذلك قوله : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (2) ولم يقل : من أعبد لأن قبله : (ما تَعْبُدُونَ) (3) يعنى الأصنام ـ فجاء على الازدواج والمطابقة.
* * *
إلى هنا ينتهي
القسم الأول من اعراب القرآن
من تجزئة المحقق ،
ويليه القسم الثاني وأوله :
الباب المتم العشرين
__________________
(1) الشورى : 40.
(2) الكافرون : 3 ، 5.
(3) الكافرون : 2.
فهرست القسم الأوّل
من
إعراب القرآن
مقدمة المؤلف 3 ـ 9
الباب الأول : ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل 11 ـ 40
الباب الثاني : ما جاء في التنزيل من حذف المضاف 41 ـ 94
الباب الثالث : ما جاء في التنزيل معطوفا «بالواو والفاء وثم» من غير ترتيب الثاني على الأول 95 ـ 105
الباب الرابع : ما جاء في التنزيل وقد حذف منه حرف الجر 106 ـ 130
الباب الخامس : ما جاء في التنزيل وقد زيدت فيه «لا» و «ما» وفي بعض ذلك إختلاف وفي بعض ذا اتفاق 131 ـ 140
الباب السادس : ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال 141 ـ 159
الباب السابع : ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال 160 ـ 164
الباب الثامن : ما جاء في التنزيل من إجراء «غير» في الظاهر على المعرفة 165 ـ 166
الباب التاسع : ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة بالكلمة ولا موضع لها من الاعراب 167 ـ 169
الباب العاشر : ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين 170 ـ 217
الباب الحادي عشر : ما جاء في التنزيل من الإشمام والّروم 218 ـ 250
الباب الثاني عشر : ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملا ضميرا من صاحب الحالة 251 ـ 373
الباب الثالث عشر : ما جاء في التنزيل دالا على جواز تقديم خبر المبتدأ 374 ـ 385
الباب الرابع عشر : ما جاء في التنزيل وقد حذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه 286 ـ 308
الباب الخامس عشر : ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور 309 ـ 351
الباب السادس عشر : ما جاء في التنزيل وقد حذف منه همزة الاستفهام 352 ـ 353
الباب السابع عشر : ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين 354 ـ 368
الباب الثامن عشر : ما جاء في التنزيل من لفظ «من» و «ما» و «الذي» و «كل» و «أحد» وغير ذلك 369 ـ 375
الباب التاسع عشر : ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك