(4)
كتاب الحجة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[4] كِتَابُ الْحُجَّةِ (1)
1 ـ بَابُ الِاضْطِرَارِ (2) إِلَى الْحُجَّةِ (3)
434 / 1. قَالَ (4) أَبُو جَعْفَرٍ ، مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ ، مُصَنِّفُ هذَا الْكِتَابِ رحمهالله (5) : حَدَّثَنَا (6) عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو (7) الْفُقَيْمِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :
__________________
(1) هكذا في أكثر النسخ. وفي « ب » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وهو الموفّق للتتميم. كتاب الحجّة ». وفي « ج » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه ثقتي. كتاب الحجّة ». وفي « ف » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وما توفيقي إلاّبالله العليّ العليم الحكيم ». وفي حاشية « ف » بدل « العليم الحكيم » : « العظيم ». وفي المطبوع : « كتاب الحجّة ، بسم الله الرحمن الرحيم ».
(2) « الاضطرار » : مصدر اضطرّ إلى الشيء ، أي الْجِئ إليه ؛ من الضرورة بمعنى الحاجة. انظر : الصحاح ، ج 2 ، ص 720 ( ضرر ).
(3) في شرح المازندراني في شرحه ، ج 5 ، ص 94 : « الحجّة في اللغة : الغلبة ؛ من حجّه : إذا غلبه. وشاع استعمالها في البرهان مجازاً ، أو حقيقة عرفيّة ، ثمّ شاع في عرف المتشرّعة إطلاقها على الهادي إلى الله المنصوب من قبله ».
(4) في حاشية « ج » : + « الشيخ ».
(5) في « ض » وحاشية « بس » وشرح صدر المتألّهين : « رحمة الله عليه ». وفي « ف » : + « تعالى ذكره ».
(6) في « ج ، و ، بر » : ـ « قال أبو جعفر ـ إلى ـ حدّثنا ».
(7) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس » والوافي. وفي « ألف ، بف » والمطبوع : « عمر ». والصواب ما أثبتناه كما تقدّم ذيل ح 220.
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : أَنَّهُ قَالَ لِلزِّنْدِيقِ (1) الَّذِي سَأَلَهُ : مِنْ أَيْنَ أَثْبَتَّ (2) الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ؟ قَالَ (3) : « إِنَّا لَمَّا أَثْبَتْنَا أَنَّ لَنَا خَالِقاً ، صَانِعاً ، مُتَعَالِياً عَنَّا وَعَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ ، وَكَانَ ذلِكَ الصَّانِعُ حَكِيماً مُتَعَالِياً ، لَمْ يَجُزْ (4) أَنْ يُشَاهِدَهُ خَلْقُهُ وَلَايُلَامِسُوهُ (5) ؛ فَيُبَاشِرَهُمْ وَيُبَاشِرُوهُ (6) ، وَيُحَاجَّهُمْ وَيُحَاجُّوهُ ، ثَبَتَ أَنَّ لَهُ سُفَرَاءَ فِي خَلْقِهِ يُعَبِّرُونَ (7) عَنْهُ إِلى خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ ، وَيَدُلُّونَهُمْ عَلى مَصَالِحِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ وَمَا بِهِ بَقَاؤُهُمْ وَفِي تَرْكِهِ فَنَاؤُهُمْ ، فَثَبَتَ الْآمِرُونَ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ فِي خَلْقِهِ ، وَالْمُعَبِّرُونَ (
عَنْهُ جَلَّ وَعَزَّ ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عليهمالسلام وَصَفْوَتُهُ (9) مِنْ خَلْقِهِ ، حُكَمَاءَ مُؤَدَّبِينَ (10) بِالْحِكْمَةِ (11) ، مَبْعُوثِينَ بِهَا ، غَيْرَ مُشَارِكِينَ (12) لِلنَّاسِ ـ عَلى مُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْخَلْقِ وَالتَّرْكِيبِ ـ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ ، مُؤَيَّدِينَ (13) مِنْ عِنْدِ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ بِالْحِكْمَةِ ، ثُمَّ ثَبَتَ ذلِكَ فِي كُلِّ دَهْرٍ
__________________
(1) « الزنديق » : مضى ترجمته ذيل ح 338. قال المحقّق الداماد في التعليقة ، ص 392 : « في بعض التواريخ : أنّلزرادشت كتاباً اسمه « زند » تتّبعه المجوس والملاحدة ؛ ولهذا سمّوا بالزنديق ». وانظر : المغرب ، ص 211 ( زندق ).
(2) « أثبتَّ » قرئ أيضاً على صيغة الغائب المجهول : اثبت واستبعده المجلسي. انظر : شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 95 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 257.
(3) في « بر » : « فقال ».
(4) « لم يجز » : صفة موضحة لـ « متعالياً » ، ويحتمل كونه خبراً بعد خبر لـ « كان » إذا كان قوله : « متعالياً » بمعنى تعاليهعن العبث واللغو. وليس جواباً لـ « لمّا » بل جوابها : « ثبت » وإلاّ لبطل نظم الخطاب ، ولم يكن لـ « ثبت » محلّ من الإعراب. انظر : شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 97 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 257.
(5) في حاشية « بر » والعلل : « ويلامسوه ».
(6) في « ض ، بح » : « فيباشروه ».
(7) في حاشية « ف » : « يخبرون ». و « يعبرون » إمّا مجرّد ، من العبور بمعنى المرور. أو مزيد ، من التعبير بمعنى التفسير. والأوّل أظهر. والثاني أنسب بقوله : فالمعبّرون. انظر : شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 98.
(
في حاشية « ف » : « المخبرون ».
(9) « صفوة الشيء » : خالصه. وفي الصاد الحركات الثلاث ، فإذا نزعوا « الهاء » قالوا : له صَفْو مالي ، بالفتح. انظر : الصحاح ، ج 6 ، ص 2401 ( صفو ).
(10) في حاشية « بح » : « مؤيّدين ».
(11) في « بس » : + « و ». وفي الوافي : « في الحكمة ».
(12) في حاشية « ف » : + « بها ».
(13) في « ج » وحاشية « ف ، بر » والوافي : « مؤيّدون ». وقرأ المازندراني في شرحه ، ج 5 ، ص قال : « في بعض النسخ : مؤيّدين ، والأوّل أولى ؛ لفهم الثاني من قوله : مؤدّبين ».
وَزَمَانٍ مِمَّا أَتَتْ (1) بِهِ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْبَرَاهِينِ ؛ لِكَيْلَا تَخْلُوَ (2) أَرْضُ اللهِ مِنْ حُجَّةٍ (3) يَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ (4) يَدُلُّ عَلى صِدْقِ مَقَالَتِهِ وَجَوَازِ عَدَالَتِهِ ». (5)
435 / 2. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : إِنَّ اللهَ أَجَلُّ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ بِخَلْقِهِ ، بَلِ الْخَلْقُ يُعْرَفُونَ (6) بِاللهِ ، قَالَ : « صَدَقْتَ (7) ».
قُلْتُ : إِنَّ (
مَنْ عَرَفَ أَنَّ لَهُ رَبّاً ، فَقَدْ يَنْبَغِي (9) لَهُ أَنْ يَعْرِفَ (10) أَنَّ لِذلِكَ الرَّبِّ رِضًا
__________________
101 : « مؤدّين » ، ثمّ
(1) في مرآة العقول : « في بعض النسخ : ممّا أثبت ، ولا يخفى توجيهه على الوجوه إن قرئ معلوماً أو مجهولاً ».
(2) في « ب ، ف ، بح ، بف » ومرآة العقول وشرح صدر المتألّهين : « يخلو ».
(3) في « بح » وحاشية « ف » : « حجّته ».
(4) في مرآة العقول : « علم ، بفتحتين : أى علامة ودليل. وربّما يقرأ بكسر الأوّل وسكون الثاني ».
(5) الحديث طويل ، قطّعه الكليني وأورد ذيله هنا ، وصدره في ثلاث مواضع اخرى من الكافي ( : كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح 220 ؛ وباب إطلاق القول بأنّه شيء ، ح 227 ؛ وباب الإرادة أنّها من صفات الفعل ... ، ح 306 ) وكرّر قطعة منه في كتاب التوحيد ، باب آخر وهو من الباب الأوّل ، ح 300. كما أشار إليه العلاّمة الفيض في الوافي ، ج 1 ، ص 330. وذكر الصدوق قدسسره تمام الرواية في التوحيد ، ص 243 ، ح 1 ، بسنده عن إبراهيم بن هاشم القمّي. وذكر هذه القطعة في علل الشرائع ، ص 120 ، ح 3 ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم الوافي ، ج 2 ، ص 21 ، ح 471.
(6) الأظهر كونه مجهولاً ، يعني : بل الخلق يُعرَفون بنور الله كما تعرف الذرّات بنور الشمس. ويحتمل كونه معلوماً ، يعني : بل الخلق يعرفون الله بالله ، أي بما عرّف به نفسه من الصفات. انظر : شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 103 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 262.
(7) في مرآة العقول : « وربّما يقرأ بالتشديد ؛ إذ كلامه مأخوذ منهم عليهمالسلام كما مرّ ، ولا يخفى بُعده ». وفي الكافي ، ح 231 : « رحمك الله » بدل « صدقت ».
(
في « ج » وشرح صدر المتألّهين : ـ « إنّ ».
(9) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والكافي ، ح 497. وفي المطبوع : « فينبغي ».
(10) في مرآة العقول : « فقد ينبغي لأن يعرف ». وفي هامش مرآة العقول : « كأنّه نقله بالمعنى ، أو من تصحيف الناسخ ، أو من جهة اختلاف النسخ. وقد مرّ ويأتي أيضاً نظائر هذا الاختلاف في موارد كثيرة ».
وَسَخَطاً ، وَأَنَّهُ لَايُعْرَفُ رِضَاهُ وَسَخَطُهُ إِلاَّ بِوَحْيٍ أَوْ رَسُولٍ ، فَمَنْ (1) لَمْ يَأْتِهِ الْوَحْيُ ، فَقَدْ يَنْبَغِي (2) لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الرُّسُلَ ، فَإِذَا لَقِيَهُمْ ، عَرَفَ أَنَّهُمُ الْحُجَّةُ ، وَأَنَّ لَهُمُ الطَّاعَةَ الْمُفْتَرَضَةَ (3) ؛ وَقُلْتُ (4) لِلنَّاسِ (5) : تَعْلَمُونَ (6) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم كَانَ هُوَ الْحُجَّةَ مِنَ اللهِ عَلى خَلْقِهِ؟ قَالُوا : بَلى.
قُلْتُ : فَحِينَ مَضى رَسُولُ اللهِ (7) صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مَنْ كَانَ الْحُجَّةَ عَلى خَلْقِهِ (
؟ فَقَالُوا (9) : الْقُرْآنُ ، فَنَظَرْتُ فِي الْقُرْآنِ ، فَإِذَا هُوَ يُخَاصِمُ بِهِ الْمُرْجِئُ (10) وَالْقَدَرِيُّ (11) وَالزِّنْدِيقُ (12) الَّذِي لَايُؤْمِنُ بِهِ حَتّى يَغْلِبَ الرِّجَالَ بِخُصُومَتِهِ ، فَعَرَفْتُ أَنَّ الْقُرْآنَ لَايَكُونُ حُجَّةً إِلاَّ بِقَيِّمٍ (13) ، فَمَا قَالَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ، كَانَ حَقّاً ، فَقُلْتُ لَهُمْ : مَنْ قَيِّمُ الْقُرْآنِ؟ فَقَالُوا (14) : ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ كَانَ يَعْلَمُ ، وَعُمَرُ يَعْلَمُ ، وَحُذَيْفَةُ يَعْلَمُ ، قُلْتُ : كُلَّهُ؟ قَالُوا : لَا ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَداً
__________________
(1) في حاشية « بح » : « ومن ».
(2) في الوافي والكافي ، ح 497 : « فينبغي ».
(3) في حاشية « ض ، بح » : « المفروضة ».
(4) في الوافي والكافي ، ح 497 : « فقلت ».
(5) في حاشية « ف » وفي الكافي ، ح 497 والوافي والوسائل : + « أليس ».
(6) في « بس » وحاشية « ض ، بح ، بر » : « أليس تزعمون ».
(7) في « بر ، بس ، بف » والوافي والكافي ، ح 497 : ـ « رسول الله ».
(
في الوافي والكافي ، ح 497 : ـ « على خلقه ». وفي العلل : « من بعده » بدل « على خلقه ».
(9) في « بر » والوافي والوسائل والكافي ، ح 497 : « قالوا ».
(10) هو إمّا « مُرْجِيّ » نسبة إلى « مُرْج » من المُرجية. أو « مُرْجئيٌّ » نسبة إلى « مرجِئ » ، من المرجئة. والمرجية أوالمرجئة بمعنى التأخير. وهي اسم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنّه لايضرّ مع الإيمان معصية. ولا ينفع مع الكفر طاعة. سمّوا به ؛ لاعتقادهم أنّ الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي ، أي أخّره عنهم. وقد تطلق على من أخّر أمير المؤمنين عليهالسلام عن مرتبته. انظر : النهاية ، ج 2 ، ص 206 ( رجى ) ؛ شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 104 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 263.
(11) في العلل : « والحروري ».
(12) تقدّم ترجمة الزنديق ذيل ح 338 و 434.
(13) قيّم القوم : الذي يقوّمهم ويسوس أمرهم. والمراد به هنا من يقوم بأمر القرآن ويعرف القرآن كلّه. انظر : لسانالعرب ، ج 12 ، ص 502 ( قوم ) ؛ شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 84 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 264.
(14) في الكافي ، ح 497 : « قالوا ».
يُقَالُ : إِنَّهُ (1) يَعْرِفُ ذلِكَ (2) كُلَّهُ إِلاَّ عَلِيّاً عليهالسلام ، وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ بَيْنَ الْقَوْمِ ، فَقَالَ هذَا : لَا أَدْرِي ، وَقَالَ هذَا : لَا أَدْرِي ، وَقَالَ هذَا : لَا أَدْرِي (3) ، وَقَالَ هذَا : أَنَا أَدْرِي ، فَأَشْهَدُ (4) أَنَّ عَلِيّاً عليهالسلام كَانَ قَيِّمَ الْقُرْآنِ ، وَكَانَتْ طَاعَتُهُ مُفْتَرَضَةً (5) ، وَكَانَ الْحُجَّةَ عَلَى النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَأَنَّ (6) مَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ ، فَهُوَ حَقٌّ ، فَقَالَ : « رَحِمَكَ اللهُ ». (7)
436 / 3. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ :
كَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، مِنْهُمْ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ وَمُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ وَهِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَالطَّيَّارُ ، وَجَمَاعَةٌ فِيهِمْ (
هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ شَابٌّ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « يَا هِشَامُ ، أَلَاتُخْبِرُنِي كَيْفَ صَنَعْتَ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ؟ وَكَيْفَ سَأَلْتَهُ؟ » فَقَالَ (9) هِشَامٌ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، إِنِّي أُجِلُّكَ (10) وَأَسْتَحْيِيكَ ، وَلَايَعْمَلُ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ ، فَافْعَلُوا ».
__________________
(1) في حاشية « ج » : « يقال له : إنّه ». وفي حاشية « ض » : « يقال له : يعرف ».
(2) في الكافي ، ح 497 : « يعلم القرآن ». وفي الوافي : « يعرف القرآن ».
(3) في « بس ، بف » : ـ « وقال هذا : لا أدري ».
(4) في « بر » : « وأشهد ».
(5) في « ب ، بر ، بف » وحاشية « ض » : « مفروضة ».
(6) في حاشية « ض ، بف » : « وأيّ ».
(7) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فرض طاعة الأئمّة عليهمالسلام ، ح 497 ، مع زيادة في آخره ؛ وفيه ، كتاب التوحيد ، باب أنّه لايعرف إلاّبه ، ح 231. وفي التوحيد ، ص 285 ، ح 1 ، بسنده عن الكليني ، وفيهما إلى قوله : « صدقت » هكذا : « قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : إنّي ناظرت قوماً فقلت لهم : إنّ الله ـ جلّ جلاله ـ أجلّ وأعزّ وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل العباد يُعرفون بالله ، فقال : رحمك الله ». وفي علل الشرائع ، ص 192 ، ح 1 ؛ ورجال الكشّي ، ص 420 ، ح 795 ، بسند هما عن صفوان بن يحيى ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره الوافي ، ج 2 ، ص 30 ، ح 482 ؛ الوسائل ، ج 27 ، ص 176 ، ح 33532.
(
في حاشية « ف » : « منهم ».
(9) في « ب ، ض ، بف » والوافي والأمالي والعلل وكمال الدين : « قال ».
(10) « اجِلُّكَ » : أي اعظمُك ؛ من الجلال بمعنى العظمة. انظر : النهاية ، ج 1 ، ص 287 ( جلل ).
قَالَ هِشَامٌ : بَلَغَنِي (1) مَا كَانَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَجُلُوسُهُ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَيَّ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَدَخَلْتُ الْبَصْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَأَتَيْتُ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ (2) كَبِيرَةٍ (3) فِيهَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، وَعَلَيْهِ شَمْلَةٌ سَوْدَاءُ مُتَّزِراً (4) بِهَا مِنْ صُوفٍ ، وَشَمْلَةٌ (5) مُرْتَدِياً (6) بِهَا وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ ، فَاسْتَفْرَجْتُ النَّاسَ ، فَأَفْرَجُوا لِي ثُمَّ قَعَدْتُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ عَلى رُكْبَتَيَّ.
ثُمَّ قُلْتُ : أَيُّهَا الْعَالِمُ ، إِنِّي (7) رَجُلٌ غَرِيبٌ تَأْذَنُ لِي (
فِي مَسْأَلَةٍ (9)؟ فَقَالَ لِي : نَعَمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَلَكَ عَيْنٌ؟ فَقَالَ (10) : يَا بُنَيَّ (11) ، أَيُّ شَيْءٍ هذَا مِنَ السُّؤَالِ؟ وَشَيْءٌ تَرَاهُ كَيْفَ تَسْأَلُ عَنْهُ؟! فَقُلْتُ : هكَذَا (12) مَسْأَلَتِي ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، سَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَتُكَ حَمْقَاءَ (13) ، قُلْتُ : أَجِبْنِي فِيهَا ، قَالَ (14) لِي : سَلْ.
__________________
(1) في « بح » : « قد بلغني ».
(2) « الحلقة » : هي الجماعة من الناس مستديرين ، كحلقة الباب وغيره. وحكي عن أبي عمرو : حَلَقَةٌ ، بالتحريك. انظر : النهاية ، ج 1 ، ص 426 ( حلق ).
(3) في « ب ، بر ، بف » وحاشية « ض » والوافي : « عظيمة ».
(4) يجوز فيه وما يأتي الرفع والنصب ، والنسخ أيضاً مختلفة. وقال صدر المتألّهين في شرحه ، ص 442 : « في نسخه : مؤتزر ، من الإزار ، وهو الصحيح عند ابن الأثير ، والمتّزر خطأ ؛ لأنّ الهمزة لا تدغم في التاء ». انظر : النهاية ، ج 1 ، ص 44 ( أزر ).
(5) « الشملة » : كساء يتغطّى به ويتلفّف فيه. النهاية ، ج 2 ، ص 501 ( شمل ).
(6) قوله : « مرتدياً بها » أي لابسها. يقال : ارتدى ، أي لبس الرِداء. النهاية ، ج 2 ، ص 501 ( شمل ).
(7) في حاشية « ف » والعلل وكمال الدين والأمالي : « أنا ».
(
في الأمالي والعلل وكمال الدين : + « فأسألك ».
(9) في « ف » : « مسألتي ».
(10) في « ض » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين : + « لي ».
(11) في حاشية « ف » : « أي بنيّ ».
(12) في حاشية « ف » : « هذا ».
(13) في « ض ، بر ، بس » والأمالي : « حمقاً ». ووصف « المسألة » بالحمقاء على سبيل التجوّز مبالغة في حماقة السائل. وربّما يقرأ حُمْق. والحُمْق والحُمُق : قلّة العقل وسخافة الرأي. انظر : شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 108 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 265 ؛ الصحاح ، ج 4 ، ص 1464 ( حمق ).
(14) في حاشية « ف » والعلل وكمال الدين والأمالي : + « فقال ».
قُلْتُ : أَلَكَ عَيْنٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ : أَرى بِهَا الْأَلْوَانَ وَالْأَشْخَاصَ.
قُلْتُ : فَلَكَ (1) أَنْفٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ : أَشَمُّ بِهِ الرَّائِحَةَ.
قُلْتُ : أَلَكَ (2) فَمٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ : أَذُوقُ (3) بِهِ الطَّعْمَ.
قُلْتُ : فَلَكَ (4) أُذُنٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ : أَسْمَعُ بِهَا الصَّوْتَ.
قُلْتُ : أَلَكَ قَلْبٌ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ : أُمَيِّزُ بِهِ كُلَّ مَا وَرَدَ عَلى هذِهِ الْجَوَارِحِ وَالْحَوَاسِّ.
قُلْتُ : أَوَلَيْسَ فِي هذِهِ الْجَوَارِحِ غِنًى عَنِ الْقَلْبِ؟ فَقَالَ (5) : لَا.
قُلْتُ (6) : وَكَيْفَ ذلِكَ (7) وَهِيَ صَحِيحَةٌ سَلِيمَةٌ؟! قَالَ : يَا بُنَيَّ ، إِنَّ الْجَوَارِحَ إِذَا شَكَّتْ فِي شَيْءٍ شَمَّتْهُ أَوْ رَأَتْهُ أَوْ ذَاقَتْهُ أَوْ سَمِعَتْهُ ، رَدَّتْهُ إِلَى الْقَلْبِ فَتَسْتَيْقِنُ (
الْيَقِينَ ، وَتُبْطِلُ (9) الشَّكَ.
قَالَ هِشَامٌ : فَقُلْتُ لَهُ : فَإِنَّمَا (10) أَقَامَ اللهُ الْقَلْبَ لِشَكِّ الْجَوَارِحِ؟ قَالَ : نَعَمْ.
قُلْتُ (11) : لَابُدَّ (12) مِنَ الْقَلْبِ ، وَإِلاَّ لَمْ تَسْتَيْقِنِ (13) الْجَوَارِحُ؟ قَالَ : نَعَمْ.
فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا مَرْوَانَ ، فَاللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَمْ يَتْرُكْ جَوَارِحَكَ حَتّى جَعَلَ
__________________
(1) في « ف » : « أفلك ». وفي الأمالي وكمال الدين : « ألك ».
(2) في « ف » : « أفلك ».
(3) في الأمالي والعلل : « أعرف ».
(4) في « ف » والأمالي والعلل وكمال الدين : « ألك ». وفي حاشية « ف » : « أفلك ».
(5) في « بر » والأمالي والعلل وكمال الدين : « قال ».
(6) في « بف » : « فقلت ».
(7) في « بس » وحاشية « ف » : « ذاك ».
(
هكذا في « ب ، و ، بح ، بر ، بس ، بف ». وفي حاشية « ج » : « يستبين ». وفي حاشية « بح » وشرح صدرالمتألّهين : « فيستبين ». وفي « ج ، ض » والمطبوع : « فيستيقن ». ويمكن قراءة ما في المطبوع بالنون المشدّدة.
(9) هكذا في « ب ، ف ، بح ، بر ، بس ». وفي « ج ، ض ، و » والمطبوع : « ويبطل ».
(10) في « بر » والأمالي : « إنّما ».
(11) في « بر » : « فقلت ».
(12) في « ف » : « قلت له : فلابدّ ».
(13) في « ف » : « لم يستيقن ». وفي الأمالي : « لم يستقم ».
لَهَا إِمَاماً يُصَحِّحُ لَهَا الصَّحِيحَ ، وَتَتَيَقَّنُ (1) بِهِ مَا شَكَّتْ (2) فِيهِ ، وَيَتْرُكُ هذَا الْخَلْقَ كُلَّهُمْ فِي حَيْرَتِهِمْ وَشَكِّهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ ، لَايُقِيمُ لَهُمْ إِمَاماً يَرُدُّونَ إِلَيْهِ شَكَّهُمْ وَحَيْرَتَهُمْ ، وَيُقِيمُ لَكَ إِمَاماً لِجَوَارِحِكَ تَرُدُّ إِلَيْهِ حَيْرَتَكَ وَشَكَّكَ؟
قَالَ : فَسَكَتَ ، وَلَمْ يَقُلْ لِي شَيْئاً ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ (3) لِي (4) : أَنْتَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ؟ فَقُلْتُ : لَا ، قَالَ (5) : أَمِنْ (6) جُلَسَائِهِ؟ قُلْتُ (7) : لَا (
، قَالَ : فَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ (9) : قُلْتُ : مِنْ (10) أَهْلِ الْكُوفَةِ ، قَالَ : فَأَنْتَ إِذاً هُوَ (11) ، ثُمَّ ضَمَّنِي إِلَيْهِ ، وَأَقْعَدَنِي فِي مَجْلِسِهِ ، وَزَالَ عَنْ مَجْلِسِهِ ، وَمَا نَطَقَ حَتّى قُمْتُ.
قَالَ : فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام وَقَالَ (12) : « يَا هِشَامُ ، مَنْ عَلَّمَكَ هذَا؟ » قُلْتُ : شَيْءٌ أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَأَلَّفْتُهُ (13) ، فَقَالَ : « هذَا وَاللهِ مَكْتُوبٌ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسى ». (14)
__________________
(1) هكذا في « ج ، ض ، و ، بح ، بس ، بف ». وفي « ب ، ف » والمطبوع وشرح صدر المتألّهين : « يتيقّن ».
(2) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بر ، بس ، بف ». وفي شرح صدر المتألّهين : « شككت ». وفي المطبوع : « شكّ ».
(3) في « بر » : « وقال ».
(4) في « ج ، ف ، بح ، بس ، بف » والوافي والعلل وكمال الدين : ـ « لي ».
(5) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : « فقال ». وفي حاشية « ج » : « قال لي ».
(6) في « بس » : « أفمن ».
(7) في « ض » : « فقلت ».
(
في « ف » : ـ « قال أمن جلسائه؟ قلت : لا ».
(9) في « ب ، بر ، بس » والأمالي والعلل وكمال الدين : ـ « قال ».
(10) في حاشية « ج » : « رجل من ».
(11) في « ب ، بر ، بف » والوافي والعلل : « فإذن أنت هو ». وفي حاشية « ف » : « إذن فأنت هو ».
(12) في « ف » وشرح صدر المتألّهين : « فقال ». وفي « بر » : « ثمّ قال ».
(13) في « ف » : « فألّفته ».
(14) الأمالي للصدوق ، ص 589 ، المجلس 86 ، ح 15 ؛ وعلل الشرائع ، ص 193 ، ح 2 ؛ وكمال الدين ، ص 207 ، ح 23 ، بسندها عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يونس بن يعقوب ؛ رجال الكشّي ، ص 271 ، ح 490 ، بسنده عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يونس بن يعقوب الوافي ، ج 2 ، ص 22 ، ح 480.
437 / 4. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ (1) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ :
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ صَاحِبُ كَلَامٍ وَفِقْهٍ وَفَرَائِضَ ، وَقَدْ جِئْتُ لِمُنَاظَرَةِ أَصْحَابِكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « كَلَامُكَ مِنْ كَلَامِ (2) رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَوْ مِنْ عِنْدِكَ؟ » فَقَالَ : مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ عليهالسلام وَمِنْ عِنْدِي ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « فَأَنْتَ إِذاً شَرِيكَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ » قَالَ : لَا ، قَالَ : « فَسَمِعْتَ الْوَحْيَ عَنِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يُخْبِرُكَ؟ » قَالَ : لَا ، قَالَ : « فَتَجِبُ طَاعَتُكَ كَمَا تَجِبُ طَاعَةُ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ » قَالَ : لَا (3).
فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام إِلَيَّ ، فَقَالَ : « يَا يُونُسَ بْنَ يَعْقُوبَ ، هذَا قَدْ خَصَمَ (4) نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ ». ثُمَّ قَالَ : « يَا يُونُسُ ، لَوْ كُنْتَ تُحْسِنُ (5) الْكَلَامَ كَلَّمْتَهُ ». قَالَ (6) يُونُسُ : فَيَا لَهَا مِنْ حَسْرَةٍ ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي سَمِعْتُكَ تَنْهى عَنِ الْكَلَامِ ، وَتَقُولُ : وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْكَلَامِ ؛ يَقُولُونَ : هذَا يَنْقَادُ وَهذَا لَايَنْقَادُ (7) ، وَهذَا يَنْسَاقُ وَهذَا لَايَنْسَاقُ ، وَهذَا نَعْقِلُهُ وَهذَا لَانَعْقِلُهُ (
، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « إِنَّمَا قُلْتُ : فَوَيْلٌ (9) لَهُمْ إِنْ تَرَكُوا مَا أَقُولُ ، وَذَهَبُوا إِلى مَا يُرِيدُونَ ».
ثُمَّ قَالَ لِي (10) : « اخْرُجْ إِلَى الْبَابِ ، فَانْظُرْ مَنْ تَرى مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَأَدْخِلْهُ ». قَالَ :
__________________
(1) في الإرشاد : « عن جماعة من رجاله » بدل « عمّن ذكره ».
(2) في « ف » : ـ « كلام ».
(3) في « بح ، بر ، بس » : + « قال ».
(4) في « بف » : « خصم » وفي حاشية ميرزا رفيعا : « خاصم » كلاهما بدل « قد خصم ».
(5) « تحسن » : من الإحسان بمعنى العلم والمعرفة والإتقان ، تقول : أحسنت الشيء ، أي عرفته وأتقنته. انظر : المصباح المنير ، ص 136 ( حسن ).
(6) في « ج » ومرآة العقول : « فقال ».
(7) في « ب ، ف » : « هذا لاينقاد وهذا ينقاد ». وظاهر الشروح كون الفعلين معلومين. وكذا : ينساق ولا ينساق.
(
في « ف ، بح » : « هذا يعقله وهذا لا يعقله ».
(9) في « ب » وحاشية « ض ، بف » : « ويل ».
(10) في « بس » : ـ « لي ».
فَأَدْخَلْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ الْأَحْوَلَ (1) وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ قَيْساً الْمَاصِرَ (2) وَكَانَ عِنْدِي أَحْسَنَهُمْ كَلَاماً ، وَكَانَ قَدْ تَعَلَّمَ الْكَلَامَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام.
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِنَا الْمَجْلِسُ (3) ـ وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام قَبْلَ الْحَجِّ يَسْتَقِرُّ أَيَّاماً فِي جَبَلٍ فِي طَرَفِ الْحَرَمِ فِي فَازَةٍ (4) لَهُ مَضْرُوبَةٍ ـ قَالَ : فَأَخْرَجَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام رَأْسَهُ مِنْ فَازَتِهِ (5) ، فَإِذَا هُوَ بِبَعِيرٍ يَخُبُّ (6) ، فَقَالَ : « هِشَامٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ». قَالَ (7) : فَظَنَنَّا (
أَنَّ هِشَاماً رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عَقِيلٍ كَانَ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لَهُ ، قَالَ : فَوَرَدَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ ، وَهُوَ أَوَّلَ مَا اخْتَطَّتْ لِحْيَتُهُ (9) ، وَلَيْسَ فِينَا إِلاَّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ (10) ، قَالَ : فَوَسَّعَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام وَقَالَ : « نَاصِرُنَا بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ ».
__________________
(1) في شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 118 : « الأحول ، هو محمّد بن النعمان البجلي الأحول ، أبو جعفر شاه الطاق ، ساكن طاق المحامل بالكوفة ، وقد لقّبه المخالفون بشيطان الطاق والشيعة بمؤمن الطاق ، وكان متكلّماً حاضر الجواب ، وله مع أبي حنيفة مكالمات مشهورة ». وانظر : الوافي ، ج 2 ، ص 29.
(2) هكذا في « ألف ، بس ، بف » والوافي. وفي « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر » والمطبوع : « قيس بن الماصر ». والصواب ما أثبتناه. والدليل على ذلك ـ مضافاً إلى ما قدّمناه ذيل ح 184 ـ ما يأتي في موضعين من نفس الخبر من : « ثمّ قال أبو عبدالله عليهالسلام لقيس الماصر » و « ثمّ التفت إلى قيس الماصر ».
(3) في شرح المازندراني : « إسناد الاستقرار إلى المجلس مجاز للمبالغة في الكثرة ؛ لأنّ المجلس مستقرّ ، بالكسر ».
(4) في « ف » وحاشية « ج » : « قارة ». وهي الجبل الصغير المنقطع عن الجبال. وفي حاشية « ج ، ف » : « خيمة ». و « الفازة » : مِظَلَّة تمدّ بعمود أو عمودين ، أي الخيمة. انظر : الصحاح ، ج 3 ، ص 891. القاموس المحيط ، ج 1 ، ص 717 ( فوز ).
(5) في « ف » : « قارته ».
(6) « يخبّ » من الخبب ، وهو ضرب من العَدْو ، تقول : خَبّ الفرس يَخُبُّ خبّاً وخَبَباً وخبيباً ، إذا راوح بين يديهورجليه ، أي قام على إحداهما مرّة وعلى الاخرى مرّة. انظر : الصحاح ، ج 1 ، ص 117 ( خبب ).
(7) في « ف » : « فقال ».
(
في « ب » : « فظننت ».
(9) « اختطّت لحيتُه » ، أي نبتت. يقال : اختطّ الغلام ، أي نبت عِذاره. انظر : الصحاح ، ج 3 ، ص 1123 ( خطط ).
(10) في « ب » والوافي : « منه سنّاً ».
ثُمَّ قَالَ : « يَا حُمْرَانُ ، كَلِّمِ الرَّجُلَ ». فَكَلَّمَهُ ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ (1) حُمْرَانُ.
ثُمَّ قَالَ : « يَا طَاقِيُّ ، كَلِّمْهُ ». فَكَلَّمَهُ (2) ، فَظَهَرَ (3) عَلَيْهِ الْأَحْوَلُ.
ثُمَّ قَالَ : « يَا هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ ، كَلِّمْهُ (4) ». فَتَعَارَفَا. (5)
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام لِقَيْسٍ الْمَاصِرِ : « كَلِّمْهُ ». فَكَلَّمَهُ ، فَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام يَضْحَكُ مِنْ كَلَامِهِمَا مِمَّا قَدْ أَصَابَ الشَّامِيَّ ، فَقَالَ لِلشَّامِيِّ : « كَلِّمْ هذَا الْغُلَامَ » يَعْنِي هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ لِهِشَامٍ : يَا غُلَامُ ، سَلْنِي فِي (6) إِمَامَةِ هذَا ، فَغَضِبَ هِشَامٌ حَتَّى ارْتَعَدَ (7) ، ثُمَّ قَالَ لِلشَّامِيِّ : يَا هذَا ، أَرَبُّكَ (
أَنْظَرُ (9) لِخَلْقِهِ أَمْ خَلْقُهُ لِأَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالَ الشَّامِيُّ : بَلْ رَبِّي (10) أَنْظَرُ لِخَلْقِهِ (11) ، قَالَ : فَفَعَلَ بِنَظَرِهِ لَهُمْ (12) مَا ذَا؟ قَالَ : أَقَامَ لَهُمْ حُجَّةً وَدَلِيلاً كَيْلَا يَتَشَتَّتُوا ، أَوْ (13) يَخْتَلِفُوا ، يَتَأَلَّفُهُمْ ، وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ (14) ، وَيُخْبِرُهُمْ
__________________
(1) « فظهر عليه » ، أي غلب عليه ، تقول : ظهرت على الرجل ، أي غلبته. انظر : الصحاح ، ج 2 ، ص 732 ( ظهر ).
(2) في « ض » : ـ « فكلّمه ».
(3) في « ب ، بر » : « وظهر ».
(4) في « ض » : « كلّم ».
(5) في « ج » وشرح صدر المتألّهين : « فتعارقا ». وفي « ض » وحاشية « ج ، بح » : « فتفارقا ». وفي حاشية « ض » : « فتقارنا ». وفي حاشية « بح ، بف » : « فتعاوقا ». وفي الوافي : « فتعاركا ». وقوله : « فتعارفا » ، أي تكلّما بما عرف كلّ منهما صاحبه وكلامه بلا غلبة لأحدهما على الآخر. و « فتعارقا » ، أي سال العرق من كلّ منهما من طول البحث وكثرة الكلام بينهما. و « فتعاوقا » ، أي تعوّق كلّ منهما عن الغلبة. انظر : شرح صدر المتألّهين ، ص 444 ؛ شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 119 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 271.
(6) في حاشية « ج » : « من ».
(7) « ارتعد » ، أي اضطرب. يقال : أرعده فارتعد. الصحاح ، ج 2 ، ص 475 ( رعد ).
(
في « ب » : « ربّك » بدل « أربّك ».
(9) « أنظر » ، أي أرحم وأعطف وأحفظ ؛ من النظر بمعنى الرحمة والعطف والحفظ. انظر : لسان العرب ، ج 5 ، ص 218 ( نظر ).
(10) في « بح » : + « لهم ».
(11) في « بح » : ـ « لخلقه ».
(12) في الوافي : ـ « لهم ».
(13) في « ب ، ج ، ف ، بر » : « و ».
(14) « الأوَد » : الاعوجاج. يقال : أوِدَ الشيء يأود أوَداً ، أي اعوجّ. الصحاح ، ج 2 ، ص 442 ( أود ).
بِفَرْضِ رَبِّهِمْ ، قَالَ : فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ : رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قَالَ هِشَامٌ : فَبَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مَنْ (1)؟ قَالَ : الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، قَالَ هِشَامٌ : فَهَلْ نَفَعَنَا (2) الْيَوْمَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ (3) فِي رَفْعِ الِاخْتِلَافِ عَنَّا؟ قَالَ الشَّامِيُّ : نَعَمْ ، قَالَ : فَلِمَ اخْتَلَفْنَا (4) أَنَا وَأَنْتَ ، وَصِرْتَ إِلَيْنَا مِنَ الشَّامِ فِي (5) مُخَالَفَتِنَا إِيَّاكَ؟
قَالَ (6) : فَسَكَتَ الشَّامِيُّ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام لِلشَّامِيِّ : « مَا لَكَ لَاتَتَكَلَّمُ؟ » قَالَ الشَّامِيُّ : إِنْ قُلْتُ : لَمْ نَخْتَلِفْ ، كَذَبْتُ ؛ وَإِنْ قُلْتُ : إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَرْفَعَانِ عَنَّا الِاخْتِلَافَ ، أَبْطَلْتُ (7) ؛ لِأَنَّهُمَا يَحْتَمِلَانِ الْوُجُوهَ ؛ وَإِنْ قُلْتُ : قَدِ اخْتَلَفْنَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدَّعِي الْحَقَّ ، فَلَمْ يَنْفَعْنَا إِذَنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إِلاَّ (
أَنَّ لِي عَلَيْهِ هذِهِ الْحُجَّةَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « سَلْهُ تَجِدْهُ مَلِيّاً ». (9)
فَقَالَ الشَّامِيُّ : يَا هذَا ، مَنْ أَنْظَرُ لِلْخَلْقِ؟ أَرَبُّهُمْ أَوْ أَنْفُسُهُمْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ : رَبُّهُمْ أَنْظَرُ لَهُمْ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ ، فَقَالَ الشَّامِيُّ : فَهَلْ أَقَامَ لَهُمْ مَنْ (10) يَجْمَعُ لَهُمْ (11) كَلِمَتَهُمْ ، وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ ، وَيُخْبِرُهُمْ بِحَقِّهِمْ مِنْ بَاطِلِهِمْ؟ قَالَ هِشَامٌ : فِي وَقْتِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَوِ السَّاعَةِ؟ قَالَ الشَّامِيُّ : فِي وَقْتِ رَسُولِ اللهِ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَالسَّاعَةِ مَنْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ :
__________________
(1) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين. وفي المطبوع : ـ « من ».
(2) في « بر » وحاشية « بح » : « ينفعنا ».
(3) في « بس ، بف » : ـ « الكتاب والسنّة ».
(4) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي ومرآة العقول : « اختلفت ». وفي « ض » : « اختلف ».
(5) في حاشية « ض » : « من ».
(6) في « ب » : « فقال ».
(7) « أبطلتُ » ، أي أتيتُ بالباطل. يقال : أبطل ، إذا جاء بالباطل. انظر : النهاية ، ج 1 ، ص 136 ( بطل ).
(
في شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 121 : « يجوز أن يكون « ألا » ... بفتح الهمزة وتخفيف اللام من حروف التنبيه. و « إنّ » بالكسر. وضمير « عليه » على التقديرين يعود إلى هشام ».
(9) في شرح المازندراني : « المليء ، بالهمزة : الغنيّ المقتدر ، وقد يترك الهمزة ويشدّ الياء ، أي تجده غنيّاً مقتدراً على المناظرة ». وانظر : النهاية ، ج 4 ، ص 352 ( ملأ ) ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 272.
(10) في « ف » : « الحجّة ممّن » بدل « من ».
(11) في « ب » : ـ « لهم ».
هذَا الْقَاعِدُ الَّذِي تُشَدُّ (1) إِلَيْهِ الرِّحَالُ ، وَيُخْبِرُنَا بِأَخْبَارِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (2) وِرَاثَةً عَنْ أَبٍ عَنْ جَدٍّ.
قَالَ (3) الشَّامِيُّ : فَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ ذلِكَ (4)؟ قَالَ هِشَامٌ : سَلْهُ عَمَّا بَدَا لَكَ ، قَالَ الشَّامِيُّ : قَطَعْتَ عُذْرِي فَعَلَيَّ السُّؤَالُ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « يَا شَامِيُّ ، أُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ سَفَرُكَ ، وَكَيْفَ كَانَ طَرِيقُكَ ، كَانَ كَذَا وَكَانَ (5) كَذَا ».
فَأَقْبَلَ الشَّامِيُّ يَقُولُ : صَدَقْتَ ، أَسْلَمْتُ لِلّهِ السَّاعَةَ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « بَلْ آمَنْتَ بِاللهِ السَّاعَةَ ؛ إِنَّ الْإِسْلَامَ قَبْلَ الْإِيمَانِ ، وَعَلَيْهِ يَتَوَارَثُونَ وَيَتَنَاكَحُونَ ، وَالْإِيمَانُ عَلَيْهِ يُثَابُونَ (6) ». فَقَالَ الشَّامِيُّ : صَدَقْتَ ، فَأَنَا السَّاعَةَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ، وَأَنَّكَ وَصِيُّ الْأَوْصِيَاءِ.
ثُمَّ الْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام إِلى حُمْرَانَ (7) ، فَقَالَ : « تُجْرِي الْكَلَامَ (
عَلَى الْأَثَرِ (9) فَتُصِيبُ ».
وَالْتَفَتَ إِلى هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، فَقَالَ : « تُرِيدُ الْأَثَرَ وَلَاتَعْرِفُهُ ».
__________________
(1) في « ف ، بس » وشرح المازندراني والوافي : « يشدّ ».
(2) في « ب ، ج ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي : ـ « والأرض ».
(3) في « بح » : « فقال ».
(4) في حاشية « ف » : « ذاك ».
(5) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي. وفي المطبوع : ـ « كان ».
(6) في « بر » : « تتوارثون وتتناكحون ، والإيمان عليه تثابون ».
(7) في « بر » : « الحمران ».
(
في حاشية « بس » : « بالكلام ». والباء للتعدية والفعل مجرّد.
(9) « على الأثر » أي على الأخبار المأثورة عن النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم. و « الأثر » : مصدر قولك : أثرتُ الحديث ، أي نقلته. والأثر ، اسم منه. ومنه سمّي الحديث أثراً ؛ لأنّه مأثور ، أي منقول ينقله خلف عن سلف. انظر : الصحاح ، ج 2 ، ص 574 ؛ المصباح المنير ، ص 4 ( أثر ).
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْأَحْوَلِ ، فَقَالَ : « قَيَّاسٌ رَوَّاغٌ (1) ، تَكْسِرُ بَاطِلاً بِبَاطِلٍ ، إِلاَّ أَنَّ بَاطِلَكَ أَظْهَرُ ».
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلى قَيْسٍ الْمَاصِرِ ، فَقَالَ : « تَتَكَلَّمُ ، وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ (2) مِنَ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَبْعَدُ (3) مَا يَكُونُ (4) مِنْهُ ، تَمْزُجُ الْحَقَّ مَعَ الْبَاطِلِ ، وَقَلِيلُ الْحَقِّ يَكْفِي عَنْ كَثِيرِ الْبَاطِلِ ، أَنْتَ وَالْأَحْوَلُ قَفَّازَانِ (5) حَاذِقَانِ (6) ».
قَالَ يُونُسُ : فَظَنَنْتُ ـ وَاللهِ ـ أَنَّهُ يَقُولُ لِهِشَامٍ قَرِيباً مِمَّا قَالَ لَهُمَا ، ثُمَّ قَالَ : « يَا هِشَامُ ، لَاتَكَادُ تَقَعُ ، تَلْوِي رِجْلَيْكَ (7) إِذَا هَمَمْتَ بِالْأَرْضِ طِرْتَ (
، مِثْلُكَ فَلْيُكَلِّمِ النَّاسَ ، فَاتَّقِ الزَّلَّةَ ، وَالشَّفَاعَةُ مِنْ وَرَائِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ ». (9)
__________________
(1) في « ج ، ض » : « روّاع ». وقوله : « رَوّاغ » ، أي ميّال عن الحقّ ، من الرَوْغ والرَوَغان بمعنى الميل إلى الشيء سرّاً ، وطلب الشيء بكلّ طريق. وهو في الأصل مايفعله الثعلب ، وهو أن يذهب هكذا وهكذا مكراً وخديعة. انظر : المغرب ، ص 202 ؛ لسان العرب ، ج 8 ، ص 430 ـ 431 ( روغ ).
(2) هكذا في « ف ، ض ، بح ، بر ، بف » ومرآة العقول. وفي المطبوع : « تكون ».
(3) في مرآة العقول ، ج 2 ، ص 275 : « يحتمل أن يكون « أبعد » منصوباً على الحاليّة سادّاً مسدّ الخبر ، كما فيقولهم : أخطب ما يكون الأمير قائماً ، على اختلافهم في تقدير مثله ».
(4) هكذا في « ج ، ض ، بح ، بر ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « تكون ».
(5) « قفّازان » من القفز بمعنى الوثوب ، أي وثّابان من مقام إلى آخر غير ثابتين على أمر واحد. وفي شرح صدر المتألّهين ، ص 444 : « هو من القفيز بمعنى المكيال. والمراد علم الميزان ، أي كانا حاذقين في علم الميزان ». وفي حاشية ميرزا رفيعا : « فقاران ». أي فتّاحان عن المعاني المغلقة ، مستخرجان للغوامض. انظر : الصحاح ، ج 3 ، ص 891 ( قفز ) ؛ حاشية ميرزا رفيعا ، ص 535 ؛ شرح المازندراني ، ج 5 ، ص 124 ؛ الوافي ، ج 2 ، ص 30 ؛ مرآة العقول ، ج 2 ، ص 276.
(6) في « ف » : « وحاذقان ».
(7) « تلوي رجليك » ، أي تفتله ، تقول : لويتُ الحبلَ ، أي فتلته. انظر : الصحاح ، ج 6 ، ص 2485 ( لوى ).
(
في مرآة العقول ، ج 2 ، ص 277 : « والحاصل أنّك كلّما قربتَ من الأرض وخفت الوقوع عليها لويت رجليك ـ كما هو شأن الطير عند إرادة الطيران ـ ثمّ طرت ولم تقع. والغرض أنّك لاتُغلَب من خصمك قطّ ». وفي حاشية ميرزا رفيعا ، ص 535 : « ولا يخفى ما فيه من الدلالة على كمال قوّته واقتداره في التكلّم الّذي كنى بالطيران عنه تشبيهاً له في حاله بالطائر الكامل في قوّته على الطيران ، حيث ادّعى له ما يندر تحقّقه في الطير ».
(9) الإرشاد ، ج 2 ، ص 194 ، بسنده عن الكليني ، مع اختلاف يسير. وراجع : رجال الكشّي ، ص 275 ،