عثمان لأنه كان إذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا وقالوا ما نصنع بمواعظه
وهو لا يتعظ بها وقد أحدث ما أحدث ، فلما رأى ذلك قدم الخطبتين على الصلاة.
وسألت شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضياللهعنه عما يستعمله العامة من
التهليل والتكبير على أثر الجمعة ما هو؟ فقال : رويت أن بني أمية كانوا يلعنون
أمير المؤمنين عليهالسلام بعد صلاة الجمعة ثلاث مرات ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز
نهى عن ذلك وقال للناس : التهليل والتكبير بعد الصلاة أفضل.
__________________
في الجمعة في شئ من الأصول والاخبار من العامة والخاصة بل ذكر العامة والخاصة تقديم
الخطبة على الصلاة في صلاة العيد وتوهم الصدوق في اطلاقه شموله للجمعة وغفل عن الأخبار المستفيضة
بل المتواترة في تقديم خطبة الجمعة. (م ت)
وقال الفاضل التفرشي : قوله : « أول من قدم الخطبة » لا يخفى ما فيه من الدلالة على
وجوب تقديم الصلاة على الخطبة لان فعل عثمان ليس حجة وقد دل على أنها كانت فعل عثمان
بعد الصلاة والروايات الدالة على تقديمها على الصلاة كثيرة كرواية أبى مريم عن أبي جعفر
عليهالسلام قال : « سألته عن خطبة رسول الله صلىاللهعليهوآله أقبل الصلاة أو بعد؟ فقال : قبل الصلاة
ثم يصلى » ولذا اختلف في جواز تقديم الخطبة على الزوال وقد دل مستند كل من المتخالفين
على تقديمها على الصلاة وقد يحمل كلام المؤلف ـ رحمهالله ـ على الاشتباه بين خطبة الجمعة
وخطبة العيدين فروى ما ورد في خطبتهما في خطبة الجمعة ، ويمكن التوفيق بين هذا الحديث
والأحاديث الدالة على أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقدم الخطبة على الصلاة بأن من
سبق عثمان بعد النبي صلىاللهعليهوآله كان يقدم الصلاة ثم قدم الخطبة عثمان للعلة المذكورة لا للتأسي
بالنبي صلىاللهعليهوآله. ( مراد )
أقول : قد صرح المؤلف ـ رحمهالله ـ في كتاب علل الشرايع بتأخير الخطبة عن الصلاة
وقال : ان الخطبتين في الجمعة والعيدين بعد الصلاة لأنهما بمنزلة الركعتين الأخيرتين ، ثم
قال : ان أو من قدمهما عثمان ، وكذا في العيون في الباب الثالث والثلاثين. وإنما هذا
التحريف وقع في خطبة العيد لا الجمعة. وقيل : إن ذلك شاهد لمن قال بعدم وجوب صلاة
الجمعة تعيينا بالاجماع العملي من الامامية بتركهم للجمعة وان نقلهم رواياتها كنقل روايات
الجهاد ، فان الصدوق ـ رحمهالله ـ لو كان صلى هو أو غيره من الشيعة في عصره الجمعة لما توهم
هذا التوهم.
باب
* ( الصلاة التي تصلى في كل وقت ) *
1264 ـ روى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : « أربع صلوات يصليها
الرجل في كل ساعة (1) صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها ، وصلاة ركعتي طواف
الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت هذه يصليهن الرجل في الساعات كلها ».
باب
* ( الصلاة في السفر ) *
1265 ـ روي عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا : « قلنا لأبي جعفر عليهالسلام :
ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي ، وكم هي (2)؟ فقال : إن الله عزوجل يقول :
» وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة « فصار التقصير في
السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر ، قالا : قلنا : إنما قال الله عزوجل : فليس
عليكم جناح » ولم يقل : افعلوا ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟
فقال عليهالسلام : أو ليس قد قال الله عزوجل في الصفا والمروة : « فمن حج البيت أو اعتمر
فلا جناح عليه أن يطوف بهما » (3) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لان
الله عزوجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه عليهالسلام وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه
النبي صلىاللهعليهوآله وذكره الله تعالى ذكره في كتابه. (4)
__________________
(1) وان كانت من الساعات التي يكره ابتداء الصلاة فيها كوقت طلوع الشمس
وغروبها. ( مراد )
(2) قوله : « كيف هي » أي على العزيمة أو على الرخصة. و « كم هي » أي في كم
يجب القصر ، أو كم يصير عدد الركعات.
(3) الاستشهاد لبيان أن نفى الجناح لا ينافي الوجوب إذا دل عليه دليل آخر.
(4) حاصلة أن جواز التقصير في السفر علمناه من الكتاب ووجوبه من فعل النبي صلىاللهعليهوآله
وهذا أيضا يؤيد الآيات الدالة على وجوب التأسي. ( مراد )
قالا : قلنا له فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال : إن كان قد قرأت عليه
آية التفسير وفسرت له فصلى أربعا أعاد (1) وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا
إعادة عليه ، والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث
ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلىاللهعليهوآله في السفر والحضر ثلاث ركعات (2).
وقد سافر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون
إليها بريدان (3) أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة (4).
وقد سمى (5) رسول الله صلىاللهعليهوآله قوما صاموا حين أفطر : العصاة ، قال عليهالسلام : فهم
العصاة إلى يوم القيامة (6) وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا.
1266 ـ وسأل محمد بن مسلم عليهالسلام فقال له : الرجل يريد السفر
__________________
(1) لعل ذكر قراءة الآية بطريق التمثيل فالمراد أنه ان علم وجوب التقصير فعليه
الإعادة والا فلا ، فالجاهل معذور هنا. ( سلطان )
(2) إلى هنا رواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 1 27 وفى دعائم الاسلام ج 1 ص 195
مثله إلى قوله « صنعه النبي صلىاللهعليهوآله ». وقال بعض الشراح : من قوله « والصلوات
كلها في السفر » من كلام المصنف وليس بشئ.
(3) هذا مضمون صحيحة أبي بصير حيث قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : في كم يقصر
الرجل؟ فقال : في بياض يوم أو بريدين ، قال : فان رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج إلى ذي خشب فقصر ،
فقلت فكم ذي خشب؟ فقال : بريدان » التهذيب ج 1 ص 415.
(4) لعل مرجع الضمير مسيرة يوم أي فصارت مسيرة يوم يؤخذ بها في القصر.
(5) من هنا إلى آخر الحديث مت تتمة حديث زرارة كما في الكافي ج 4 ص 127
والتهذيب ج 1 ص 413.
(6) في الكافي والتهذيب « قوما صاموا حين أفطر عصاة وقال : هم العصاة إلى يوم
القايمة ـ الخ ». وقال الفاضل التفرشي « قوله : وانا لنرعف ـ الخ » فيه اشعار بان معنى
قول النبي صلىاللهعليهوآله « فهم العصاة إلى يوم القيامة » أنهم وما توالدوا إلى يوم القيامة عصاة. أي
يتبعون آباءهم.
متى يقصر؟ قال : إذا توارى من البيوت (1) قال : قلت [ له ] : الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس؟ فقال : إذا خرجت فصل ركعتين.
1267 ـ وقد روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : « إذا خرجت من منزلك (2)
فقصر إلى أن تعود إليه ».
1268 ـ وسمعه عبد الله بن يحيى الكاهلي يقول « في التقصير في الصلاة : بريد في
بريد (3) أربعة وعشرون ميلا ، ثم قال : كان أبي عليهالسلام يقول : إن التقصير لم يوضع (3)
على البغلة السفواء والدابة الناجية ، وإنما وضع على سير القطار » (5).
ومتى كان سفر الرجل ثمانية فراسخ فالتقصير واجب عليه ، وإذا كان سفره
أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب ، وإن كان سفره أربعة
فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر (6).
__________________
(1) ظاهره أنه إذا بعد عن بيوته بحيث من كان عند بيوته لا يراه ، وقد يقيد بأن لا
يتميز كونه راكبا من كونه راجلا ( مراد ) وقال سلطان العلماء : ظاهره أنه يكفي تواريه
من البيوت ولا يلزم توارى البيوت منه. وقال المولى المجلسي : ظاهره خفاء الشخص عن
البيوت أي أهلها وحمله الأصحاب على العكس.
(2) يمكن تخصيص الخروج بما إذا وصل إلى محل الترخص وهو التواري المذكور
ويرشد إليه قوله عليهالسلام في الحديث السابق : « إذا خرجت فصل ركعتين » والمراد بعد
التواري. ( مراد )
(3) المراد منه بريدان بناء على إرادة المعنى اللغوي من لفظة « في » فإنه إذا كان
بريد داخلا في بريد يصير المجموع بريدين. ( سلطان )
(4) لما اشتهر أن البريدين مسيرة يوم أراد عليهالسلام بيان أن ذلك السير ما هو.
(5) بغلة سفواء أي خفيفة سريعة ، والدابة الناجية أي السريعة تنجو بمن ركبها ،
والقطار : الإبل ( الصحاح ) وقال المولى المجلسي : أي الإبل المقطورة ، وسيرها في اليوم
المتوسط ثمانية فراسخ غالبا.
(6) ظاهره بقاء الخيار إلى أن يرجع أو يقيم أو يمضى ثلاثون يوما. ( مراد )
1269 ـ وروى معاوية بن وهب (1) عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : « إذا دخلت
بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم ، وإن أردت المقام دون العشرة
فقصر ، وإن أقمت تقول : غدا أخرج وبعد غد ، ولم تجمع (2) على عشرة فقصر ما
بينك وبين شهر ، فإذا تم الشهر (3) فأتم الصلاة ، قال : قلت : إن دخلت بلدا أول
يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أقيم عشرا؟ فقال : قصر وأفطر ، قلت : فإن مكثت
كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله وأقصر؟ قال : نعم هذا واحد (4) إذا قصرت
أفطرت وإذا أفطرت قصرت ».
1270 ـ وقال أبو ولاد الحناط (5) قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : « إني كنت
نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة ، ثم بدا لي لا أقيم بها
فما ترى لي أتم أم أقصر؟ فقال لي : إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة واحدة
فريضة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها ، وإن كنت حين دخلتها على نيتك
في التمام (6) ولم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في
تلك الحال بالخيار ، إن شئت فانو المقام عشرا وأتم ، وإن لم تنو المقام عشرا فقصر
__________________
(1) في الطريق محمد بن علي ماجيلويه ولم يوثق صريحا وعند العلامة ـ رحمهالله ـ
صحيح. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 317 بسند صحيح.
(2) الاجماع التصميم والعزم على الامر.
(3) هذا الحكم اجماعي مقطوع به إنما كان الخلاف في الشهر أهو عددي أو هلالي ،
والأكثر على الأول. (م ت)
(4) أي هذا الذي ذكرت من حال الصوم والصلاة واحد أي هما متحدان في الحكم
وفى بعض النسخ « واحدا » بالنصب ولعله على الحالية أو كونها اسم الفعل أي خذه واحدا. ( مراد )
(5) اسمه حفص بن سالم كوفي جعفي مولى وطريق المصنف إلى عنوان أبى ولاد فيه
الهيثم بن أبي مسروق وهو فاضل ولم يوثق لكن العلامة صحح طريق المؤلف إلى ثوير بن أبي
فاختة وفيه الهيثم بن أبي مسروق. وأما طريقه إلى عنوان حفص بن سالم فصحيح.
(6) ظاهره تعليق التمام على فعل فريضة تماما في المدينة من غير اعتبار نية الإقامة
لكنه مراد بقرينة السؤال فتأمل. ( سلطان )
ما بينك وبين شهر ، فإذ مضى لك شهر فأتم الصلاة (1) ».
1271 ـ وسأل زرارة أبا جعفر عليهالسلام « عن الرجل يخرج مع القوم في سفر (2)
يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم
في حاجة فلم يقض لهم الخروج ، ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال :
تمت صلاته ولا يعيد » (3).
1272 ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « من صلى في السفر أربعا فأنا إلى الله منه
برئ » يعني : متعمدا (4).
1273 ـ وقال الصادق عليهالسلام : « المتمم في السفر كالمقصر في الحضر ».
1274 ـ وسأله أبو بصير « عن الرجل يصلي في السفر أربع ركعات ناسيا قال :
إن ذكر في ذلك اليوم فليعد ، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه » (5).
__________________
(1) يدل على أن حكم المدينة حكم ساير المدينة حكم ساير البلاد وسنذكر أخبارا على خلافه فيمكن
حمل المدينة على مطلق البلد أو يحمل الامر بالتقصير على الجواز والامر بالاتمام على
الاستحباب. (م ت)
(2) في بعض السنخ « يخرج مع قوم في السفر ».
(3) هذا الحديث صحيح وصريح في عدم إعادة صلاة المسافر إذا رجع عن قصد السفر
ولا خلاف فيه الا من الشيخ ـ رحمهالله ـ في الاستبصار استنادا إلى رواية ضعيفة السند مع
امكان حملها على الاستحباب. ( الشيخ محمد ره ) وقال المولى المجلسي : ما ورد في الإعادة
محمول على الاستحباب. أقول : المراد رواية سليمان بن حفص وقال الشيخ : يعيد مع بقاء
الوقت. راجع الاستبصار ج 1 ص 228.
(4) رواه المصنف في المقنع والهداية إلى قوله صلىاللهعليهوآله « منه برئ » وقوله « يعنى
متعمدا » من كلامه ـ ره ـ كما هو الظاهر ولعله أراد بالتعمد قصد التمام مع سماعه وجوب
القصر كما قال التفرشي ـ رحمهالله ـ.
(5) يفهم منه أنه ان ذكره في وقت الصلاة لان التذكر في اليوم حينئذ لا يكون الا
في الظهرين ووقتهما ينقضي بانقضاء اليوم فينزل ذلك الجواب منزلة ان ذكر في الوقت والا
لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لان السؤال كان شاملا للظهرين والعشاء فلو لم يشملها
1275 ـ وروى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : « أربعة يجب عليهم التمام
في السفر كانوا أو في الحضر : المكاري ، الكري ، والراعي ، والاشتقان ، لأنه عملهم » (1)
وروي « الملاح ». والاشتقان البريد.
1276 ـ وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام أنه قال : « ليس على
الملاحين في سفنهم تقصير ، ولا على المكاري والجمال ».
1277 ـ وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « المكاري إذا لم
يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار (2) وأتم صلاة الليل (3)
__________________
الجواب لم يتبين بعض المسؤول عنه ، وحمل اليوم على اليوم بليلته والإعادة على ما يشمل
القضاء حتى لو ذكر اتمام صلاة النهار بالليل أو اتمام العشاء بعد نصف الليل وجب عليه القضاء
بعيد ( مراد ) وقال الشهيد في الذكرى : لو أتم الصلاة ناسيا ففيه ثلاثة أقوال أشهرها أنه
يعيد ما دام الوقت باقيا وان خرج فلا إعادة ، القول الثاني للصدوق في المقنع : ان ذكر في
يومه أعاد وان مضى اليوم فلا إعادة. وهذا يوافق الأول في الظهرين وأما العشاء الآخرة فان
حملنا اليوم على بياض النهار فيكون حكم العشاء مهملا ، وان حملنا على ذلك بناء على الليلة
المستقبلة وجعلنا آخر وقت العشاء آخر الليل وافق القول الأول أيضا والا فلا. الثالث
الإعادة مطلقا وهو قول علي بن بابويه والشيخ في المبسوط.
(1) الكرى في بعض النسخ « المكرى » على صيغة اسم المفعول من الافعال بمعنى
المكترى ، وقال الشهيد ـ رحمهالله ـ في الذكرى : المراد بالكرى في الرواية المكترى
وقال بعض أهل اللغة : قد يقال الكرى على المكارى. والحمل على المغايرة أولى بالرواية
لتكثر الفائدة وأصالة عدم الترادف. وقال العلامة ـ رحمهالله ـ في المنتهى ج 1 ص 393
الاشتقان هو أمين البيدر ذكر أهل اللغة ، وقيل : البريد. وقال الفاضل التفرشي : قوله
« أربعة ـ الخ » ظاهره يفيد وجوب التمام ما صدق عليهم تلك الأسامي وان أقاموا في بلدهم
عشرة إذا لم تكن الإقامة للاعراض عن ذلك العمل وقد تؤيد بالتعليل. وقوله « لأنه » أي
ذكر المذكور المستلزم للسفر عملهم.
(2) حمله العلامة ـ رحمهالله ـ في المختلف على تقصير النافلة بمعنى أن يسقط عنه
نوافل النهار. وعمل به الشيخ في النهاية والمبسوط واختاره ابن البراج وابن حمزة ومنعه
ابن إدريس. ( سلطان )
(3) المراد بصلاة الليل صلاة العشاء وأكثر الأصحاب على الاتمام في النهار أيضا
للاخبار لكن هذا الخبر خاص وهو مقدم على العام لصحته. (م ت)
وعليه صوم شهر رمضان ، فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب عشرة أيام أو أكثر
وينصرف إلى منزله (1) ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر » (2).
1278 ـ وقال الصادق عليهالسلام : « الجمال والمكاري إذا جد بهما السير قصرا
فيما بين المنزلين ، وأتما في المنزلين » (3).
1279 ـ وروى عبد الله بن جعفر ، عن محمد بن جزك (4) قال : « كتبت إلى أبي
الحسن الثالث عليهالسلام أن لي جمالا ولي قوام ولست أخرج فيها إلا في طريق
__________________
(1) هذا الحديث صحيح وظاهره أن التقصير موقوف على الامرين ، ولعل قوله
« وينصرف » الواو فيه بمعنى « أو » ، وأما ما تضمنه من أن المكارى إذا لم يستقر الا خمسة
أو أقل ففيه مخالفة للمعروف بين المتأخرين من أن الخلاف منحصر في إقامة الخمسة لا
أقل منها. ( الشيخ محمد ره )
(2) قوله : « قصر في سفره » أي سفره الذي ينشئ بعد ذلك وظاهر في أن تقصيره
يتوقف على الامرين أي مقام عشرة في البلد الذي يذهب إليه وعشرة أخرى في منزله وكون
كل واحد منهما مستقلا في ذلك يحتاج إلى التأويل ولعل معنى الواو هنا اشتراك الامرين في
أن السفر الذي يقع بعدها يجب فيه التقصير. ( مراد )
(3) أي السير جعلهما باذلين لجهدهما وفى الصحاح الجد : الاجتهاد في الأمور ويمكن
أن يحمل المنزلان على ما لا ينبغي التقصير فيهما لكونهما منزلين لهما أو محلى إقامتهما وما
بينهما بلوغ المسافة كما يفهم من قوله عليهالسلام : « جد بهما السير » ، والجمال والمكاري
على من لم يثبت له حكم التمام في السفر كما إذا كان أول سفرهما ولم يعد ذلك شغلا لهما
( مراد ) وقال الشهيد ـ رحمهالله ـ في الذكرى : المراد بجد السير أن يكون مسيرهما
متصلا كالحج والاسفار التي لا يصدق عليها صنعه. وقال الكليني وتبعه الشيخ ـ رحمهماالله ـ :
ان المراد أن يجعلوا المنزلين منزلا فيقصرون في الطريق ويتمون في المنزل ، قلت :
الظاهر أنه أراد بالمنزل الذي ينتهيان إليه مسافرين لا منزلهما إذ منزلهما لا اشكال فيه
ولعله للمشقة الشديدة بذلك لخروجه عن السير المعتاد ـ انتهى. وقال بعضهم : لعل المراد
أنه إذا كانا قصدا مكانا من غير شغلهم كالزيارة وأمثالها. وفى بعض النسخ « أتما في المنزل ».
(4) هو جمال من أصحاب الهادي عليهالسلام. وفى بعض النسخ « محمد بن شرف »
مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة (1) إلى بعض المواضع فما يجب علي إذا أنا خرجت
معها أن أعمل؟أيجب التقصير في الصلاة والصوم في السفر أوالتمام؟ فوقع عليهالسلام إذا كنت
لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر إلا إلى مكة فعليك تقصير وفطور » (2).
1280 ـ وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا عبد الله عليهالسلام « عن الرجل له
الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيطوف فيها أيتم أو يقصر؟ قال : يتم » (3).
1281 ـ وروى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام قال :
« سبعة لا يقصرون في الصلاة : الجابي الذي يدور في جبايته (4) والأمير الذي يدور في
إمارته ، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ، والراعي ، والبدوي ، و
الذي يطلب مواضع القطر (5) ومنبت الشجر ، والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا
والمحارب الذي يقطع السبيل ».
1282 ـ وروى موسى بن بكر (6) عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إذا نسي
الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه
لا يزيد على ذلك ولا ينقض ، ومن نسي أربعا قضى أربعا حين يذكرها مسافرا كان
__________________
(1) عطف على « في طريق مكة ». وفى بعض النسخ « البدرة ».
(2) المراد بفطور : الافطار.
(3) محمول على عدم كون القصد بقدر المسافة وان حصل بالتردد ، أو على إقامة
ستة أشهر في هذه الضياع ( سلطان ) وقال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 231 بعد نقله :
ليس في هذا الخبر ما ينافي ما قدمناه لأنه ليس فيه ذكر مقدار المسافة التي يخرج فيها ،
وإذا لم يكن ذلك فيه احتمل أن يكون المراد به إذا كانت الضيعة قريبة إليه فلا يجب حينئذ
عليه التقصير.
(4) الجابي من يجمع الجباية وهي الخراج والزكاة. قال المولى المجلسي : ذلك مع
عدم الإقامة أو الأعم لا يما عمال الجوار.
(5) أي المطر بل هو ما يتسبب عنه وهو العشب. ( مراد )
(6) هو واقفي ولم يوثق ولم يعنونه الصدوق ـ رحمهالله ـ في المشيخة.
أو مقيما ، وإن نسي ركعتين صلى ركعتين حين يذكرها مسافرا كان أو مقيما ».
1283 ـ وقال الصادق عليهالسلام : « من الامر المذخور (1) إتمام الصلاة في أربعة
مواطن : بمكة ، والمدينة ، ومسجد الكوفة ، وحائر الحسين عليهالسلام (2) ».
قال مصنف هذا الكتاب رحمهالله : يعني بذلك أن يعزم على مقام عشرة
أيام (3) في هذه المواطن حتى يتم وتصديق ذلك :
1284 ـ ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال :
سألته عن الصلاة بمكة والمدينة يقصر أو يتم؟ قال : قصر ما لم تعزم على مقام عشرة
__________________
(1) أي المرغوب فيه لان ما يرغب فيه يذخر ولو كان المراد بيان التخيير في تلك
المواضع كما هو المشهور أمكن أن يراد بالمذخور الخفي على العوام. ( مراد )
(2) قال في الذكرى : « هل الاتمام مختص بالمساجد نفسها أو يعم البلدان؟ ظاهر أكثر
الروايات أن مكة والمدينة محل لذلك أما الكوفة فمسجدها خاصة قاله في المعتبر ، والشيخ
ظاهره الاتمام في البلدان الثلاثة ، وأما الحائر فقال ابن إدريس : فهو ما دار سور المشهد
والمسجد عليه دون سور البلد وأفتى بأن التخيير إنما هو في المساجد الثلاثة دون بلدانها.
واختاره العلامة في المختلف ، وقول الشيخ هو الظاهر من الروايات وما فيه ذكر المسجد
منها فلشرفها لا لتخصيصها ، والشيخ ابن سعيد في كتاب السفر له حكم بالتخيير في البلدان
الأربعة حتى في الحائر المقدس لورود الحديث بحرم الحسين عليهالسلام وقدره بخمسة
فراسخ وبأربعة فراسخ والكل حرم وان تفاوتت في الفضل ، وابن الجنيد والمرتضى رحمهماالله
عمما في كل المشاهد وظاهرهما نفي التقصير ولعلهما أرادا نفى تحتمه ولم نقف لهما
على مأخذ ».
(3) أي يستحب العزم على المقام ، ليتم وهذا لخصوصية هذه المواطن وبهذا يستقيم
كون ذلك من المذخور على توجيه المصنف فتأمل. ( سلطان )
وقال الفاضل التفرشي : أطلق الاتمام وأريد سببه وهو العزم على الإقامة ، ويمكن
التوفيق بين الخبرين بحمل الاتمام على ما إذا صلى في أحد المسجدين وحلم القصر على
ما إذا صلى في غير المسجدين من مواضع مكة والمدنية.
أيام (1).
1285 ـ وما رواه محمد بن خالد البرقي ، عن حمزة بن عبد الله الجعفري قال :
« أن نفرت من منى نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة ، ثم جاء خبر من المنزل (2)
فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل فلم أدر أتم أم أقصر ، وأبو الحسن عليهالسلام يؤمئذ
بمكة فأتيته فقصصت عليه القصة فقال لي : ارجع إلى التقصير » (3).
1286 ـ وروى الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ليس في السفر
جمعة ولا أضحى ولا فطر » (4).
1287 ـ وروى إسماعيل بن جابر (5) قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يدخل
علي وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي فقال : صل وأتم الصلاة ،
قلت : فيدخل علي وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج؟
قال : صل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت (6) رسول الله صلىاللهعليهوآله » (7).
1288 ـ وأما خبر حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته
__________________
(1) الجواب على المشهور من هذه الرواية أن المراد أنه لا يجب التمام علينا حتى
نعزم على الإقامة ، ويمكن الجمع بوجه آخر على القول باختصاص التخيير بالمساجد بأن المراد
هنا غير المساجد من البلدين. ( سلطان )
(2) في بعض النسخ « جاءني جيران المنزل ».
(3) لا يخفى أنه مناف لما مر في خبر أبي ولاد من قوله : « فقال إن كنت دخلت المدينة
وصليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر » ولعل قوله « فأتممت الصلاة » بمنزلة
قوله أبى ولاد « نويت متى دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة » لا أنه وقع منى
اتمام الصلاة بعد وقوع النية. ( مراد )
(4) تقدم تحت رقم 1238 بتقديم وتأخير.
(5) الطريق صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
(6) في التهذيب « فقد خالفت والله رسول الله صلىاللهعليهوآله ».
(7) يدل على أن الاعتبار بحال الأداء في الدخول والخروج. ( سلطان )
عن رجل يدخل من سفره (1) وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق قال : يصلي ركعتين وإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا » (2).
فإنه يعني به إذا كان لا يخاف فوات خروج الوقت أتم (3) وإن خاف خروج
الوقت قصر ، وتصديق ذلك :
1289 ـ في كتاب الحكم بن مسكين قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « في الرجل
يقدم من سفره في وقت صلاة ، فقال : إن كان لا يخاف خروج الوقت فليتم وإن كان
يخاف خروج الوقت فليقصر » (4).
وهذا موافق لحديث إسماعيل بن جابر (5).
1290 ـ وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهماالسلام « في الرجل
__________________
(1) في بعض النسخ « يدخل في سفره ».
(2) على نسخة « من » يكون كلا جزئي الخبر مخالفا لما سبق ، وعلى نسخة « في »
يكون المخالفة في الجزء الثاني. ( سلطان )
(3) بهذا يندفع المخالفة باعتبار الدخول في المنزل وأما باعتبار الخروج إلى السفر
فلا ، فان حديث إسماعيل دل على التقصير وحديث محمد دل على الاتمام الا أن يأول حينئذ
حديث محمد بان الاتمام عند سعة الوقت كالتقصير عند تضيقه ، ويمكن التوفيق فيهما بأن يراد
بيدخل في حديث محمد يشرق على الدخول فيكون الحال أي قوله « وهو في الطريق »
معمولا ليدخل ودخل بالتنازع وكذا يكون المراد بالخروج إلى سفره اشرافه على الخروج ( مراد )
(4) يعنى أن المسافر في الرجوع من السفر ان لم يخف خروج الوقت ان صبر حتى يدخل
أهله فليصبر وليؤخر الصلاة وليتم في أهله ، وان خاف خروج الوقت فليصل في الطريق قصرا.
(5) قال في الوافي : قيد المؤلف حديث حريز عن محمد بما إذا خاف فوات الوقت
أو لم يخف وأيده بحديث الحكم ، ثم قال حديث الحكم موافق لحديث إسماعيل بن جابر ،
وإنما يصح هذا إذا خص التقييد بالقادم من السفر دون الخارج إليه كما هو في حديث الحكم
وعلى هذا مع ما فيه لم يكن الحديثان متوافقين والأولى أن يعمل على خبر إسماعيل بن جابر
لعلو سنده ووضوح حال رجاله وتأكده بمخالفة رسول الله صلىاللهعليهوآله والحلف عليها لو لم يفعل ، قال
في المعتبر : وهذه الرواية أشهر وأظهر في العمل يعنى بها رواية إسماعيل.
يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى
يدخل إلى أهله؟ قال : بل يكون مقصرا حتى يدخل إلى أهله » (1).
1291 ـ وروى سيف التمار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال له بعض أصحابنا
كنا نقضي صلاة النهار إذا نزلنا بين المغرب والعشاء الآخرة ، فقال : لا (2) الله أعلم
بعباده حين رخص ، إنما فرض الله عزوجل على المسافر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما
شئ إلا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك » (3).
1292 ـ وسئل أبو عبد الله عليهالسلام « عن صلاة النافلة بالنهار في سفر ، فقال : لو
صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة » (4).
ولا بأس بقضاء صلاة الليل بالنهار في السفر (5).
1293 ـ و « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلي على راحلته الفريضة في يوم مطير » (6).
__________________
(1) دل بظاهره على عدم اعتبار الترخص وقال الفاضل التفرشي محمول على أن يكون
بين ما دخله من البيوت وبين أهله بعد ما يتوارى كل عن الاخر.
(2) لعل المراد قضاء النوافل أو ما يشمله قضاء الركعتين المتروكتين. ( مراد )
(3) قال المولى المجلسي ـ رحمهالله ـ يدل على سقوط النافلة في الظهرين وعدم سقوط
نافلة الليل ومنها نافلة المغرب والفجر ، وعلى جواز النافلة في السفر على الدابة كما يدل
عليه أخبار كثيرة.
(4) السائل أبو يحيى الحناط كما في التهذيب ج 1 ص 118.
(5) روى الشيخ ـ رحمهالله ـ في التهذيب باسناده عن صفوان بن يحيى قال : « سألت
الرضا عليهالسلام عن التطوع بالنهار وأنا في سفر فقال : لا ولكن تقضى صلاة الليل بالنهار وأنت
في سفر ـ الحديث » وأيضا عن ابن عمار عن الصادق عليهالسلام قال : « لا بأس بان يصلى
الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشى ، ولا بأس ان فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار
وهو يمشى ـ الخ ».
(6) رواه الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 320 في الصحيح عن جميل بن دراج عن
الصادق عليهالسلام في رواية وعن مندل بن علي العنزي في أخرى ص 319 وقد قيد
في بعض الروايات الضرورة الشديدة ففي صحيحة الحميري في التهذيب ج 1 ص 319
1294 ـ وقال إبراهيم الكرخي : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إني أقدر أن
أتوجه نحو القبلة في المحمل ، فقال : هذا الضيق (1) أمالكم في رسول الله صلىاللهعليهوآله أسوة؟ ».
1295 ـ وسأل سعد بن سعد أبا الحسن الرضا عليهالسلام « عن الرجل تكون
معه المرأة الحائض في المحمل أيصلي وهي معه؟ قال : نعم » (2).
1296 ـ وسأل سعيد بن يسار أبا عبد الله عليهالسلام « عن الرجل يصلي صلاة الليل
وهو على دابته أله يغطي وجهه وهو يصلي؟ قال : أما إذا قرأ فنعم ، وأما إذا أومأ
بوجهه للسجود فليكشفه حيث [ ما ] أومأت به الدابة » (3).
1297 ـ وسأل عبد الرحمن بن الحجاج (4) أبا عبد الله عليهالسلام « عن الرجل يصلي
النوافل في الأمطار وهو على دابته حيثما توجهت به قال : لا بأس ».
1298 ـ وسأل علي بن يقطين أبا الحسن عليهالسلام « عن الرجل يخرج في السفر
ثم يبدو في الإقامة (5) وهو في الصلاة ، قال : يتم إذا بدت له الإقامة. وعن الرجل
يشيع أخاه إلى المكان الذي يجب عليه فيه التقصير والافطار ، قال : لا بأس بذلك ».
__________________
قال : « كتبت إلى أبى الحسن على السلام : « روى ـ جعلني الله فداك ـ مواليك عن آبائك
أن رسول الله صلىاللهعليهوآله صلى الفريضة على راحلته في المحمل في يوم مطير ، ويصيبنا المطر في
محاملنا والأرض مبتلة والمطر يؤذى فهل يجوز لنا يا سيدي أن نصلى في هذه الحال
في محاملنا أو على دوابنا الفريضة إن شاء الله؟ فوقع عليهالسلام يجوز ذلك مع الضرورة
الشديدة ».
(1) أي هذه مشقة غير لازمة ، وفى التهذيب « فقال : ما هذا الضيق أما لك في
رسول الله صلىاللهعليهوآله أسوة ».
(2) يدل على عدم البأس بالمحاذاة معها إذا كانت لا تصلى.
(3) أي حيث توجهت به الدابة وإن كان على غير القبلة. والطريق ضعيف بمفضل.
(4) الطريق صحيح ، وكذا في الخبر الآتي.
(5) أي ينوى الإقامة في أثناء الصلاة التي عقدها على أنها مقصورة. ( مراد )
ولا بأس بالجمع بين الصلاتين في السفر والحضر من علة وغير علة (1).
ولا بأس بتأخير المغرب في السفر حتى يغيب الشفق (2).
ولا بأس بتأخير المغرب للمسافر إذا كان في طلب المنزل إلى ربع الليل (3).
1299 ـ وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : « أنت في وقت
المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس » (4).
ولا بأس بتعجيل العتمة في السفر قبل مغيب الشفق (5).
1300 ـ وسأل عمار الساباطي أبا عبد الله عليهالسلام « عن حد الطين الذي لا يسجد
فيه ما هو؟ قال : إذا غرقت فيه الجبهة ولم تثبت على الأرض » (6).
1301 ـ وقال معاوية بن عمار لأبي عبد الله عليهالسلام : « إن أهل مكة يتمون الصلاة
بعرفات قال : ويلهم أو ويحهم (7) وأي سفر أشد منه لا ، لا يتم » (
.
1302 ـ وقال الصادق عليهالسلام : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما نزل عليه جبرئيل
__________________
(1) الاخبار بذلك متظاهرة من طرق العامة والخاصة. (م ت)
(2) لا يبعد أن يكون إشارة إلى طريق الجمع بين المغرب والعشاء.
(3) رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان وعمر بن يزيد ، وفى بعض الأخبار إلى ثلث الليل قال
الكليني : « وروى أيضا إلى نصف الليل » الكافي ج 3 ص 432.
(4) أي إلى أن يقطع قدرها خمسة أميال وهو فرسخ وثلثا فرسخ. ( مراد )
(5) روى الشيخ ـ رحمهالله ـ في التهذيب والكليني في الكافي ج 3 ص 431 في
حديث عن الحلبي « قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : لا بأس بأن تعجل العشاء الآخرة في
السفر قبل أن يغيب الشفق ».
(6) هذا الخبر كما ترى أجنبي عن الباب ، ويناسب أبواب مكان المصلي أو باب
السجود وما يسجد عليه.
(7) الشك من الراوي ، والأولى كلمة عذاب ، والثانية كلمة رحمة. ( مراد )
(
قوله عليهالسلام « لا » أي لا ينبغي لهم الاتمام ، و « لا » الثانية ناهية أو نافية فيكون
مدخولها خبرا في معنى النهى. ( مراد )
بالتقصير ، قال له النبي صلىاللهعليهوآله : في كم ذلك؟ فقال : في بريد قال : وكم البريد؟ قال :
ما بين ظل عير إلى فيئ وعير (1) فذرعته بنو أمية ثم جزأوه على اثني عشر ميلا
__________________
(1) قال السمهودي في وفاء الوفاء : ان « عير » بفتح العين وسكون الياء جبل قرب
ذي الحليفة في جنوبي المدينة المكرمة و « وعيرة » بفتح الواو وآخرها هاء جبل في غربي
أحد وهو شمال المدينة المشرفة. ا ه. وقال استاذنا الشعراني ـ مد ظله ـ بعد نقل هذا
الكلام :
لما كان ذرع المسافة بين رأس الجبلين أو مسقط حجرهما غير ممكن اعتبر صلىاللهعليهوآله الظل وإنما
قال : « فيئ وعير » لان ظلها قبل الزوال يكون شمالا أو غربا وراء الجبل حيث لا يراه من
هو في جانب المدينة والأنسب أن يعتبر الفيئ أول ظهوره بعد الزوال لا عند الغروب إذ يصير
فيئ الجبل قريب الغروب طويلا جدا بحيث لا يشخص منتهاه ، وأما « ظل عير » فالمناسب أن يراد
به ظل وقت الزوال لان هذا الجبل في جنوبي المدينة المشرفة والجانب الشمالي منه يواجه
البلد وظله عند الزوال إلى سمت البلد ويتمكن الواقف عنده من تعيين رأس الظل والمساحة
وأما عند الطلوع فالظل طويل إلى جانب المغرب إلى غير النهاية ولا يتشخص ، وبالجملة
فالمسافة المذكورة في الحديث من الشمال إلى الجنوب بريد أربعة فراسخ ، والمدني يرى
من البلد شرفة الله تعالى ظل عير في جميع حالاته من طلوع الشمس إلى غروبها والجبل في
الجنوب الشرقي وفيئ وعير بعد الزوال فقط حين يظهر من مشرق الجبل ، وأما وعير وأحد
وثور فجميعها من الشمال فأحد معروف وثور جبل صغير غير مشهور وهو غربي أحد وعيرة
غربي ثور ولذا ورد في أحاديث العامة بين عير وثور وفى بعضها بين عير وأحد ومفاد الجميع
مع ما ورد بين عير وعير واحد.
وقال المولى المجلسي ـ رحمهالله ـ : الظاهر أنهما جبلان بالمدينة والمشهور
عاير ووعير فعلى تقدير التعدد يمكن أن يكون المراد بظل عير ظله قريبا من طلوع الشمس
ويكون قريبا من فرسخين ، وكذا فيئ وعير قريبا من الغرب ويتصلان فيكون أربعة
فراسخ ، وعلى تقدير الوحدة يكون كل واحد من ظله وفيئه فرسخين ، وفى نسخة « ما بين ظل
عير إلى وعير » لكن في الكافي كالأول « ظل عير إلى فيئ وعير » وفى نسخة منه « عاير » بدل
« عير ». انتهى.
وقال الفاضل التفرشي : يفهم من الحديث أن وعيرا أيضا جبل بالمدينة ولعله مصغر
الوعر ، والظل معروف وقد يطلق على ما يبقى من ظل الشاخص بعد تنقصه عند وصول الشمس إلى
دائرة نصف النهار ويسمى الظل الأول أيضا وهو المراد بالظل هنا وما يزيد عليه أو يحدث بعد
فكان كل ميل ألفا وخمسمائة ذراع (1) وهو أربعة فراسخ.
يعني أنه إذا كان السفر أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه
واجب ، ومتى لم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر وتصديق
ما فسرت من ذلك (2) :
1303 ـ خبر جميل بن دراج ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام
عن التقصير فقال : بريد ذاهب وبريد جائي. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أتى ذبابا (3)
__________________
انعدامه هو الظل الثاني ويسمى فيئا ولكن الفيئ يزيد شيئا فشيئا ولم يتبين من الحديث
أنه متى يعتبر ولا يبعد أن يعتبر عندما يساوى الظل ـ انتهى.
وقال الأستاذ : قوله « هو المراد هنا » صحيح على ما قلنا من معنى الحديث ، وكون جبل
عير في جهة الجنوب من المدينة المشرفة ، وأما ما ذكره من تقدير الفيئ فلم نعلم وجهه
والصحيح ما ذكرناه أولا ، ويجب أخذ كل شئ من أهله والسمهودي من أهل هذا البلد
الشريف وعالم باخباره وتاريخه ويظهر به معنى الحديث من غير تكلف.
(1) هذا وهم من الراوي وروى نحوه الكليني في الكافي ج 3 ص 432 وفيه ثلاثة
آلاف وخمسمائة ذراع ، وقال الفاضل التفرشي : المشهور أن الميل أربعة آلاف ذراع فالفرسخ
اثنا عشر ألف ذراع ، وفى الشرايع : الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة
وعشرون إصبعا تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الأرض وفسر ذلك بما يتميز
معه الفارس من الراجل وظاهر أن عمل بنى أمية وأخبارهم ليس بحجة. انتهى.
وقوله « هو أربعة فراسخ » ظاهره من تتمة الخبر والضمير راجع إلى البريد.
(2) لا يخفى أن شيئا من الاحتمالين لا يستقيم في خبر معاوية بن عمار في باب عرفات
إذ ليس في إرادة أهل مكة الرجوع من يومه من عرفات إلى مكة فلا يستقيم الاحتمال الأول
والنهى عن الاتمام مصرح فيه فلا يحتمل الخيار فلا يستقيم الاحتمال الثاني الا أن يحمل النهى
عن التمام على تعيين التمام بخصوصه ردا على توهم أهل مكة وهو بعيد ، والعلامة ـ رحمه
الله ـ في المختلف حمل الأخبار الدالة على القصر في بريد على إرادة الرجوع ليومه ، ولا
يخفى عدم استقامة هذا الحمل في خبر أهل مكة وعرفات كما عرفت فالظاهر ما اختاره ابن أبي
عقيل من عدم تقييد وجوب القصر بإرادة الرجوع ليومه بل يكفي إرادة ما دون عشرة
أيام. ( سلطان )
(3) أي روضات الذباب. وأما ذباب بكسر أوله : فجبل بالمدينة.
قصر. وذباب على بريد وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريد بن ثمانية
فراسخ. (1)
1304 ـ وسأل زكريا بن آدم (2) أبا الحسن الرضا عليهالسلام « عن التقصير في كم
يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائز فيها (3) يسير في الضياع يومين
وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن؟ فكتب : التقصير في مسيرة يوم وليلة ». (4)
1305 ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن امرأة كانت في طريق مكة فصلت ذاهبة وجائية المغرب ركعتين ركعتين فقال : ليس عليها إعادة ».
وفي رواية الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن إسحاق بن عمار عن
أبي الحسن عليهالسلام قال : « ليس عليها قضاء ». (5)
__________________
(1) إذا كان قوله « وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ الخ » داخلا في خبر زرارة يكون صريحا في
المطلوب ، ولكنه محتمل لان يكون من كلام الصدوق على أنه يمكن أن يكون المراد رجوعه
قبل العشرة كما ذكرناه سابقا (م ت) أقول : كونه من تتمة خبر زرارة ظاهر ويمكن أن
يكون خبرا برأسه والا لا يستقيم احتجاج المؤلف ـ رحمهالله ـ مع أنه أورده احتجاجا.
(2) الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
(3) أي أمره ماض فيها والمراد أنه بمنزلة وطنه. ( مراد )
(4) يدل على أنه إذا كان السفر المقصود مسيرة يوم وليلة وهو ثمانية فراسخ
كما فسر في الاخبار لا ينافيه أن يقطعه [ في يوم ] أو يومين أو ثلاثة ، ويدل على أن الضياع إذا
لم تكن له لا يتم فيها وإن كان أمره نافذا فيها على الظاهر ، ويمكن أن يكون المراد أنه لا يقصر
فيها إذا لم يكن السفر مقصودا بأن يقصد ضيعة أقل من المسافة ثم يقصد ضيعة أخرى مثلها وان
تمادى في السفر (م ت)
وقال الفاضل التفرشي : قوله « في مسير يوم وليلة » لعل المراد في مسير كل واحد
لا المجموع فالمقصود بيان اشتراك اليوم والليلة في أن التقصير في مسيرهما وذكره الليلة
لذكرها في السؤال.
(5) يدل على أن الجاهل في قصر المغرب معذور ، وهذا خلاف المشهور ، وربما
1306 ـ وفي رواية العلاء (1) عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم ، وإن صلى معهم الظهر فليجعل
الأولتين الظهر والأخيرتين العصر ».
1307 ـ وسأل إسماعيل بن الفضل (2) أبا عبد الله عليهالسلام « عن رجل يسافر من أرض
إلى أرض وإنما ينزل قراه وضيعته ، فقال : إذا نزلت (3) قراك وأرضك فأتم الصلاة ،
وإذا كنت في غير أرضك فقصر ».
قال مصنف هذا الكتاب رحمهالله : يعني بذلك إذا أراد المقام في قراه وأرضه
عشرة أيام ومتى لم يرد المقام بها عشرة أيام قصر إلا أن يكون لها به منزل يكون فيه
في السنة ستة أشهر ، فإن كان كذلك أتم متى دخلها ، وتصديق ذلك :
1308 ـ ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال :
« سألته عن الرجل يقصر في ضيعته؟ فقال : لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن
يكون له بها منزل يستوطنه ، قال : قلت له : ما الاستيطان؟ فقال : أن يكون له بها
منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها ». (4)
1309 ـ وما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليهالسلام أنه قال : « كل
__________________
يختص هذا الحكم بالمرأة (م ت) وقال الفاضل التفرشي : دل على أن الجاهل بوجوب
الاتمام في السفر إذا قصر معذور كما أن الجاهل بوجوب التقصير إذا أتم كان معذورا.
وحكم الشيخ ـ رحمهالله ـ في التهذيب ج 1 ص 320 بشذوذ هذا الخبر وقال : فمن قصر
في السفر المغرب كان عليه الإعادة.
(1) يعنى العلاء بن رزين القلاء مولى ثقيف صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان
ثقة جليل القدر وجها وطريق المصنف إليه صحيح كما في الخلاصة.
(2) الطريق مجهول ورواه الشيخ ـ رحمهالله ـ في التهذيب بسند موثق كالصحيح.
(3) في بعض النسخ « ان نزلت ».
(4) ظاهر هذا الخبر وكلام المصنف استيطان ستة أشهر في كل سنة والأصحاب اكتفوا
بمجرد تحقق ذلك ولو متفرقا والله يعلم.
منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير ».
1310 ـ وقال الصادق عليهالسلام : « في الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين
أو ثلاثة أيقصر أو يتم؟ فقال : إن خرج لقوته وقوت عياله فليقصر وليفطر وإن خرج
لطلب الفضول فلا ولا كرامة ». (1)
1311 ـ وروى أبو بصير أنه عليهالسلام قال : « ليس على صاحب الصيد تقصير ثلاثة
أيام فإذا جاوز الثلاثة لزمه » يعني الصيد للفضول. (2)
1312 ـ وروى عيص بن القاسم (3) عنه عليهالسلام أنه « سئل عن الرجل يتصيد
فقال : إن كان يدور حوله فلا يقصر (4) وإن كان تجاوز الوقت فليقصر ».
ولو أن مسافرا ممن يجب عليه التقصير مال عن طريقه إلى صيد (5) لوجب عليه
التمام لطلب الصيد ، فإن رجع من صيده إلى الطريق فعليه في رجوعه التقصير (6).
__________________
(1) « لا كرامة » أي في طلب الفضول وهو الذي لا يتعلق به غرض يتقرب به إلى
الله عزوجل سواء كان أمرا دنيويا أو أخرويا ( مراد ) أقول : الخبر مروى في التهذيب
والكافي بسند فيه ارسال ، وقال العلامة المجلسي ـ رحمهالله ـ : ظاهره يشمل صيد التجارة
ولعل الأصحاب حملوه على اللغو الذي لا فائدة فيه. وقال في القاموس الفضولي ـ بالضم ـ :
المشتغل بما لا يعنيه والخياط.
(2) أي لغير قوته وقوت عياله ، والخير حمله الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 على ما
إذا كان صيده لقوته وقوت عياله ، فأما من كان صيده للهو فلا يجوز له التقصير.
(3) هو ثقة والطريق إليه صحيح.
(4) أي وقت دورانه حول منزله ، ولعل المراد به أنه لم يصل إلى محل الترخص أو
وصل ولم يقصد مسافة التقصير ، فتجاوزه يتحقق بتحقق الامرين ( مراد ) وقال سلطان ـ
العلماء : لعله كناية عن اشتغاله بالصيد والمراد الصيد الفضول.
(5) أي لم يبلغ المسافة ، والظاهر أن المراد الصيد للقوت. (م ت)
(6) كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 بسند فيه أحمد بن محمد السياري
الضعيف عن بعض أهل العسكر قال : « خرج عن أبي الحسين عليهالسلام أن صاحب الصيد يقصر
ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر ».